المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ حرف الخاء

⦗ص: 430⦘

‌ حرف الخاء

ص: 430

3873 -

(خاب عبد وخسر) أي حرم وهلك (لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمة للبشر){فويل للقاسية قلوبهم}

(الدولابي) بضم الدال وآخره موحدة تحتية موحدة نسبة إلى دولاب بفتح الدال قال الإمام السمعاني لكن الناس يضمونها نسبة إلى قرية بالري وهو محمد بن أحمد بن سعد الوراق والأنصاري عالم عامل بالحديث حسن التصرف روى عن العطاردي وغيره وعنه الطبراني وابن حبان (في) كتاب (الكنى) والألقاب (وأبو نعيم) الأصبهاني صاحب الحلية (في) كتاب (المعرفة) وكذا الديلمي (وابن عساكر) في التاريخ كلهم (عن عمرو بن حبيب) بن عبد شمس قال الذهبي: ويقال له عمرو بن سمرة له صحبة

ص: 430

3874 -

(خالد بن الوليد سيف من سيوف الله)

(البغوي عن عبد الله بن جعفر)

ص: 430

3875 -

(خالد بن الوليد) بن المغيرة الذي قيل له: احذر السم لا تسقيكه الأعاجم قال: ائتوني به فأخذه فاقتحمه وقال: بسم الله فلم يضره (سيف من سيوف الله سله الله على المشركين) وفي رواية بدل سله إلخ صبه الله على الكفار وفي رواية على المشركين

(ابن عساكر) في التاريخ من حديث أبي العجفاء السلمي (عن عمر) بن الخطاب قيل لعمر: لو عهدت قال: لو أدركت أبا عبيدة لقلت سمعت عبدك وخليلك يقول: لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ولو أدركت خالد بن الوليد ثم وليته ثم قدمت على ربي لقلت سمعت عبدك وخليلك يقول: خالد سيف الله إلخ وفيه الوليد بن شجاع قال أبو حاتم: لا يحتج به ورواه أبو يعلى في الطبراني والديلمي عند خالد

ص: 430

3876 -

(خالد سيف من سيوف الله ونعم فتى العشيرة)

(حم) من حديث عبد الملك بن عمير (عن أبي عبيدة) بن الجراح قال عبد الملك: استعمل عمر أبا عبيدة على الشام وعزل خالد فقال خالدا بعث عليكم أمين هذه الأمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الهيثمي: رجاله رجاله الصحيح إلا أن عبد الملك بن عمير لم يدرك أبا عبيدة ولا عمر

ص: 430

3877 -

(خالد بن الوليد سيف الله وسيف رسوله وحمزة) بن عبد المطلب (أسد الله وأسد رسوله وأبو عبيدة بن الجراح أمين الله وأمين رسوله وحذيفة بن اليمان من أصفياء الرحمن وعبد الرحمن بن عوف من تجار الرحمن عز وجل لأن قصده بالتجارة إنما كان بالتعاون على عمارة الدنيا مع سائر خلق الله وحمل سلع الأقطار وبضائعها من أرض إلى أرض لنفع الخلق وعمارة الكون فيكون عمله لله إضافته إليه

(فر عن ابن عباس) وفيه أحمد بن عمران قال البخاري: يتكلمون فيه

ص: 430

⦗ص: 431⦘

3878 - (خالفوا المشركين) في زيهم (أحفوا الشوارب) من الإحفاء وأصله الاستقصاء في الكلام ثم استعير في الاستقصاء في أخذ الشارب والمراد أحفوا ما طال عن الشفة فالمختار أنه يقص حتى يبدو طرف الشفة ولا يستأصله (وأوفروا اللحى) بالضم والكسر اتركوها لتكثر وتغزر ولا تتعرضوا لها قال ابن تيمية: هذه الجملة الثانية بدل من الأولى فإن الأبدال تقع في الجمل كما تقع في المفردات كقوله {يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم}

(ق عن ابن عمر) بن الخطاب

ص: 431

3879 -

(خالفوا اليهود) زاد ابن حبان في روايته والنصارى أي وصلوا في نعالكم وخفافكم (فإنهم لا يصلون في نعالهم) فصلوا أنتم فيها إذا كانت طاهرة غير متنجسة وأخذ بظاهره بعض السلف قال: من تنجس نعله إذا دلكه على الأرض طهر وجاز الصلاة فيه وهو قول قديم للشافعي والجديد خلافه (ولا خفافهم) وكان من شرع موسى نزع النعال في الصلاة {اخلع نعليك} وكان الموجب للنزع أنهما من جلد حمار ميت فالتزمه اليهود فلذا أمر بمخالفة اليهود فيه قال العراقي: وحكمة الصلاة في النعلين مخالفة أهل الكتاب كما تقرر وخشية أن يتأذى أحد بنعليه إذا خلعهما مع ما في لبسهما من حفظهما من سارق أو دابة تنجس نعله قال: وقد نزعت نعلي مرة فأخذه كلب فعبث به ونجسه ثم هذا كله إذا لم يعلم فيها نجاسة قال ابن بطال: هذا محمول على ما لو يكن فيها نجس ثم هي من الرخص كما قال القشيري لا من المندوب لأن ذلك لا يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة وهو وإن كان من ملابس الزينة لكن من ملامسة الأرض الذي يكثر فيه الخبث قد تقصر به عن هذه الرتبة وإذا تعارضت رعاية التحسين وإزالة الخبث قدمت الثانية لأنها من دفع المفاسد والأخرى من جلب المصالح إلا أن يرد دليل بإلحاقه بما يتجمل به فيرجع إليه فيترك هذا النظر اه. وقال ابن حجر: وهذا الحديث دليل يرجع إليه فيكون ندب ذلك من جملة المخالفة المذكورة وورد في كون الصلاة من النعال من الزينة المأمور بأخذها في الآية حديث ضعيف أورده ابن عدي وابن مردويه والعقيلي من حديث أنس

(د ك هق عن شداد بن أوس) صححه الحاكم وأقره الذهبي ولم يضعفه أبو داود وقال الزين العراقي في شرح الترمذي: إسناده حسن

ص: 431

3880 -

(خدر الوجه) أي ضعفه واسترخاؤه (من النبيذ) أي من شربه (تتناثر منه) أي من شربه (الحسنات) فلا يبقى لشاربه حسنة وفي رواية خدر الوجه من السكر يهدر الحسنات ذكرها في الميزان من حديث أنس وهذا لو صح لكان صريحا في تحريمه

(البغوي) في المعجم (وابن قانع) في المعجم (عد طب عن شيبة بن أبي كثير الأشجعي) قال الذهبي: وفيه الواقدي كذبه أحمد وابن المدني وغيرها وقال الهيثمي بعد عزوه للطبراني: فيه الواقدي وهو ضعيف جدا وقد وثق

ص: 431

3881 -

(خدمتك) بكسر الكاف خطابا لمؤنث (زوجك صدقة) قاله للمرأة التي قالت ليس لي مال فأتصدق إلا أن أخرج من بيت زوجي فأعين الناس على حوائجهم وفيه إشعار بأن خدمة الزوج من تعاطي نحو طبخ وعجن وكنس وغيرها لا تجب

(فر عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه مسلم بن محمد الطائفي وضعفه أحمد ووثقه غيره

ص: 431

3882 -

(خديجة) بنت خويلد القرشية الأزدية ذات الشرف الظاهر والحسب الفاخر أفضل أمهات المؤمنين قال الحافظ العراقي: على الصحيح المختار وذكر نحوه ابن العماد وسبقهما السبكي كيف وهي (سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله وبمحمد) أي وبما جاء به محمد عن الله سبحانه فهي أول من آمن به من النساء مطلقا وأرسل الله إليها السلام مع جبريل قال ابن القيم: وهذه خصوصية لا تعرف لامرأة غيرها وقد استدل بهذا الحديث على أن خديجة أفضل من عائشة

(ك)

⦗ص: 432⦘

في فضائل الصحابة (عن حذيفة) بن اليمان

ص: 431

3883 -

(خديجة) بنت خويلد زوجة المصطفى وهي أول من آمن به من هذه الأمة (خير نساء عالمها) زاد في رواية (ومريم) بنت عمران أم عيسى عليه السلام (خير نساء عالمها وفاطمة) بنت محمد صلى الله عليه وسلم سميت به لأن الله فطمها عن النار (خير نساء عالمها) قال بعضهم: الكناية الأولى راجعة إلى هذه الأمة والثانية إلى الأمة التي فيها مريم والثالثة إلى هذه الأمة أيضا اه وليس بجيد وسيأتي عن قرب له مزيد تقرير

(الحارث) ابن أبي أسامة في مسنده (عن عروة) بن الزبير (مرسلا) قالوا: وهو مرسل صحيح قال في الفتح: كانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة وماتت على الصحيح بعد البعثة بعشر سنين في رمضان وقيل بثمان وقيل بسبع فأقامت مع المصطفى صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة على الصحيح وموتها قبل الهجرة بثلاث سنين وقد صدقت النبي صلى الله عليه وسلم في أول وهلة وتقدم من ثباتها في الأمر ما يدل على قوة يقينها ووفور عقلها وصحة عزمها لا جرم كانت أفضل نسائه على الأرجح إلى هنا كلامه قال: وقد جاء ما بين المراد صريحا فروى البزار والطبراني عن عمار بن ياسر رفعه لقد فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين قال: وهو حديث حسن الإسناد

ص: 432

3884 -

(خذل عنا) يا حذيفة أمر من التخذيل وهو هنا حمل الأعداء على الفشل وترك القتال (فإن الحرب خدعة) بفتح الخاء وشد الدال بضبط المصنف قاله لما اشتد الحصار على المسلمين بالخندق وتمالأت عليهم الطوائف واشتد الخوف وأتاهم العدو من فوقهم ومن أسفل منهم

(الشيرازي في) كتاب (الألقاب) والكنى (عن نعيم) بن مسعود بن عامر (الأشجعي) صحابي مشهور ورواه عنه أيضا أبو نعيم والديلمي وكأن المصنف ذهل عنه وإلا لما أبعد النجعة

ص: 432

3885 -

(خذ الأمر بالتدبير) أي التفكر فيه وجلب مصالحه ودرء مفاسده والنظر في عواقبه وعبر بالأخذ الذي هو بمعنى القهر والغلبة إشارة إلى طلب قهر شهوة نفسه في ما فيه الحزم والرشد (فإن رأيت في عاقبته خيرا فامض) أي افعله (وإن خفت) من فعله (غيا) أي شرا من خسران عاقبته وضلالها (فأمسك) أي كف عن فعله قال الطيبي: الخوف هنا بمعنى الظن كما في {إلا أن يخافا إلا يقيما حدود الله} ويجوز كونه بمعنى العلم واليقين لأن من خاف شيئا احترز منه وهذا أنسب بالمقام لأنه وقع في مقابلة رأيت وهو بمعنى العلم وهما نتيجتا الفكر والتدبير

(عب عد هب) وكذا أبو نعيم والبغوي والديلمي من حديث أبان بن أبي عياش (عن أنس) قال: قال رجل: يا رسول الله أوصني فذكره ظاهر صنيع المصنف أن مخرجيه سكتوا عليه والأمر بخلافه بل تعقبه البيهقي بما نصه أبان بن عياش ضعيف في الرواية اه قال الذهبي في الضعفاء: قال أحمد تركوا حديثه وفي الميزان عن بعضهم أنه يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق هذا الحديث فيما أنكر عليه

ص: 432

3886 -

(خذ الحب من الحب) أي في الزكاة ومفهومه أن ما سوى الحب ونحوه لا زكاة فيه كورق سدر وأنه لا زكاة

⦗ص: 433⦘

في الأزهار كزعفران وعصفر وقطن لأنه غير حب ولا في معناه (والشاة من الغنم) إذا بلغت أربعين (والبعير من الإبل) إذا بلغت خمسا وعشرين فأكثر (والبقرة من البقر) إذا كانت ثلاثين فصاعدا والمراد أن الزكاة من جنس المأخوذ منه هذا هو الأصل وقد يعدل عنه لموجب

(د هـ ك) كلهم من حديث عطاء بن يسار (عن معاذ) بن جبل قال الحاكم على شرطهما إن صح سماع عطاء عن معاذ وقال البزار: لا نعلم أنه سمع منه

ص: 432

3887 -

(خذ عليك ثوبك) أيها العريان أي ألبسه (ولا تمشوا عراة) عم الخطاب بعد ما خص ليفيد أن الحكم عام لا يختص بواحد دون آخر فيحرم المشي عريانا أي بحيث يراه من يحرم نظره لعورته أما مشيه خاليا أو لعجزه عن السترة بأنواعها ومراتبها المبينة في الفروع فجائز للحاجة فإن كان غيرها فخلاف صحح الشافعية التحريم

(د عن المسور بن مخرمة) بن نوفل الزهري قال: حملت حجرا ثقيلا أمشي فسقط ثوبي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره

ص: 433

3888 -

(خذ حقك في عفاف) أي عف في أخذه عن الحرام بسوء المطالبة والقول السيء (واف أو غير واف) أي سواء وفى لك حقك أو أعطاك بعضه لا تفحش عليه في القول قال في الفردوس: وهذا قاله لرجل مر به وهو يتقاضى رجلا وقد ألح عليه وأخرج العسكري عن الأصمعي قال: أتى أعرابي قوما فقال لهم: هل لكم في الحق أو فيما هو خير من الحق قالوا: وما خير من الحق قال: التفضل والتغافل أفضل من أخذ الحق كله وهذا الحديث قد عد من الأمثال قال الراغب: والأخذ حوز الشيء وتحصيله

(هـ ك) وصححه (عن أبي هريرة) قال الحافظ الزين العراقي: إسناده حسن (طب عن جرير) بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحب الحق خذ إلخ قال الهيثمي: وفيه داود بن عبد الجبار وهو متروك

ص: 433

3889 -

(خذوا القرآن) أي تعلموه (من أربعة) اثنان من المهاجرين واثنان من الأنصار (من ابن مسعود و) من (أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وسالم مولى) امرأة (أبي حذيفة) بن عتبة الأنصارية وكان أبو حذيفة تبناه لما تزوج بها فنسب إليه أمر بالأخذ عنهم لكونهم تفرغوا لأخذ القرآن مشافهة من النبي صلى الله عليه وسلم بإتقان وضبط ولا يلزم منه أن لا يكون أحد في ذلك الوقت شاركهم في حفظه وقد قتل في بئر معونة سبعون رجلا من الصحابة كان يقال لهم القراء وقول الكرماني أراد الإعلام بما يكون بعده أن الأربعة ينفردون بذلك رد بأن الذين مهدوا في تجريد القرآن بعد العصر النبوي أضعاف المذكورين وقد قتل سالم في وقعة اليمامة ومات معاذ في خلافة عمر وأبي وابن مسعود في خلافة عثمان وتأخر زيد بن ثابت وإليه انتهت الرياسة في القراءة وعاش بعدهم دهرا

(ت ك) في المناقب (عن ابن عمرو) بن العاص قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي ورواه البزار عن ابن مسعود قال الهيثمي: ورجاله ثقات وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو غفلة فقد خرجه البخاري في صحيحه ولفظه خذ القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب اه بنصه

ص: 433

3890 -

(خذوا من العمل) في رواية الأعمال (ما تطيقون) أي خذوا من الأوراد ما تطيقون الدوام عليه (فإن الله لا يمل) أي لا يعرض عنكم إعراض الملوك عن الشيء أو لا يقطع الثواب والرحمة عنكم ما بقي لكم نشاط الطاعة

⦗ص: 434⦘

أو لا يترك فضله عنكم حتى تتركوا سؤاله ذكر بهذه العبارة للازدواج نحو {نسوا الله فنسيهم} وإلا فالملال فتور يعرض للنفس من كثرة مزاولة شيء فيورث الكلال في الفعل وهو محال عليه تعالى (حتى تملوا) بفتح الأول والثاني أي تقطعوا أعمالكم

(ق عن عائشة) ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحولاء بنت ثويت لا تنام الليل فذكره وثويت بضم المثناة الفوقية وفتح الواو وهو قطعة من حديث

ص: 433

3891 -

(خذوا من العبادة ما تطيقون) المداومة عليه بلا ضرر (فإن الله لا يسأم حتى تسأموا) قال القاضي: السآمة فتور في النفس من كثرة مزوالة شيء فيوجب الكلال في الفعل والإعراض عنه وهو وأمثاله إنما يصدق في حق من يعتريه التغير والانكسار أما من ينزه عنه فيستحيل تصور هذا المعنى في حقه بل إذا أسند إليه شيء من ذلك يجب أن يؤول ويحمل على منتهاه وغاية منتهاه كإسناد الرحمة والغضب والحياء إليه سبحانه فمعنى الحديث اعملوا بحسب وسعكم وطاقتكم فإن الله لا يعرض عنكم إعراض الملوك ولا ينقص ثواب أعمالكم ما بقي لكم نشاط وأريحية فإذا سئمتم فاقعدوا فإنكم إذا مللتم من العبادة وأتيتم بها على سآمة وكلال كان معاملة الله معكم معاملة الملول عنكم والداعي إلى هذا التجوز قصد الازدواج وله في القرآن نظائر جمة {يخادعون الله وهو خادعهم} {فيسخرون منهم سخر الله منهم} {نسوا الله فنسيهم} إلى غير ذلك

(طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي: فيه بشر بن نمير ضعيف ورواه مسلم من حديث عائشة بلفظ خذوا من العمل ما تطيقون فوالله لا يسأم الله حتى تسأموا

ص: 434

3892 -

(خذوا عني) أي خذوا الحكم في حد الزنا عني ذكره القاضي وقال القرطبي: أي افهموا عني تفسير السبيل المذكور في قوله تعالى {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فامسكوهن في البيوت} الآية واعملوا به وذلك أن مقتضى الآية أن من زنى حبس في بيته حتى يموت وبه قال ابن عباس في النساء وابن عمر فيهما فكان هو حد الزنا لأن به يحصل الإيلام والعقوبة بأن يمنع من التصرف والنكاح حتى يموت فذلك حده غير أن ذلك الحكم كان ممدودا إلى غاية وهو أن يبين الله لهن سبيلا غير الحبس فلما بلغ وقت بيانه المعلوم عند الله لنبيه فبلغه لأصحابه فقال خذوا عني وعدى الأخذ بعن دون من الذي هو الأصل لأنه لما كان الأمر صادرا عنه أعطاه معناه أو لأنه أعطى فعل الأخذ معنى الرواية أي ارووا حكم الزنا عني وهذا خرج مخرج التنبيه والتأكيد إذ هو لم يبعث إلا لتؤخذ عنه (خذوا عني) قال الطيبي: تكرير خذوا يدل على ظهور أمر كان خفي شأنه واهتم به (قد جعل الله لهن) أي للنساء الزواني على حد {حتى توارت بالحجاب} (سبيلا) أي خلاصا عن إمساكهن في البيوت المأمور به في سورة النور يعني جعل لهن طريقا يخلصن بها من الحبس فيها (البكر بالبكر (1)) بكسر الباء في الأصل من لم تؤطأ والمراد هنا من لم تزوج من الرجال والنساء كذا في المحرر (جلد مئة) أي ضربة مئة ضربة (ونفي سنة) عن البلد الذي وقع الزنا فيها (والثيب بالثيب) في الأصل من تزوج ودخل من ذكر أو أنثى والمراد هنا المحصن يعني إذا زنا بكر ببكر وثيب بثيب فحذف ذلك اختصارا لدلالة السياق عليه (جلد مئة والرجم) بالحجارة إلى أن يموت فرجم المحصن واجب بإجماع المسلمين قال القرطبي: ولا التفات لإنكار الخوارج والنظام إما لكونهم غير مسلمين عند من يكفرهم وإما لأنهم لا يعتد بخلافهم وأخذ الظاهرية بظاهر هذا الخبر وأوجبوا الجمع بين الجلد والرجم واقتصروا على الرجم

⦗ص: 435⦘

لأن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر على رجم ماعز فهو ناسخ وللرجم شروط أخرى ودلائل أخرى مبينة في الفروع وفيه حجة للشافعي في وجوب نفي المرأة وقال مالك: لا تنفى خوف الفساد فيخص عموم التغريب بالمصلحة وقال أبو حنيفة: لا نفي مطلقا لأن نص الكتاب الجلد والتغريب زيادة عليه والزيادة على النص نسخ فيلزم نسخ القرآن بخبر الواحد ورد بما هو مبسوط في الفروع

(حم م 4) في الحدود كلهم (عن عبادة بن الصامت) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك وتربد له وجهه فأنزل عليه فلقى ذلك ثم سرى عنه فقال خذوا عني إلخ ولم يخرج البخاري عن عبادة شيئا

(1) وقوله صلى الله عليه وسلم البكر بالبكر إلخ على سبيل الاشتراط بل حد البكر الجلد والتغريب سواء زنى بكر أم ثيب وحد الثيب الرجم سواء زنا بثيب أم ببكر

ص: 434

3893 -

(خذوا العطاء) من السلطان أي الشيء المعطى من جهته (ما كان) أي في الزمن الذي يكون (عطاء) أي عطاء الملوك فيه يكون عطاء لله لا لغرض دنيوي فيه فساد وفي رواية ما دام عطاء (فإذا تجاحفت) بفتح الجيم وحاء وفاء مخففات قال الزمخشري: من الإجحاف ويقال الجحف الضرب بالسيف والمجاحفة المزاحفة يقال تجاحف القوم في القتال إذا تناول بعضهم بعضا بالسيوف (قريش) أي قبيلة قريش (بينها الملك) يعني تقاتلوا عليه وقال كل منهم أنا أحق بالخلافة (وصار العطاء) الذي يعطيه الملك منهم (رشا عن دينكم) أي مجاوزا لدين أحدكم مباعدا له بأن يعطي العطاء حملا لكم على ما لا يحل لكم شرعا (فدعوه) أي اتركوا أخذه لأن أخذه حينئذ يحمل على اقتحام الحرام فأفاد أن عطاء السلطان إذا لم يكن كذلك يحل أخذه وشرط قوم تيقن حل المأخوذ واكتفى آخرون بعدم تيقن حرمته وهذا الحديث رواه الطبراني عن معاذ وزاد فيه ولستم بتاركيه يمنعكم الفقر والحاجة

(تخ د عن ذي الزوائد) صحابي جهني سكن المدينة فيل اسمه يعيش روى عنه ابن أبي ليلى وحكى ابن ماكولا عن بعضهم أنه البراء بن عازب

ص: 435

3894 -

(خذوا على أيدي سفهائكم) أي امنعوا المبذرين الذين يصرفون المال فيما لا ينبغي ولا دراية لهم بحسن التصرف فيه لضعف رأيهم ونقص حظهم من حكمة الدنيا يقال أخذت على يدي فلان إذا منعته مما يريد فعله كأنك تمسك بيده والخطاب للأولياء وظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل تمامه عند مخرجه الطبراني قبل أن يهلكوا وتهلكوا

(طب) وكذا البيهقي في الشعب (عن النعمان بن بشير) ورواه عنه أيضا أبو الشيخ [ابن حبان] والديلمي

ص: 435

3895 -

(خذوا جنتكم) بضم الجيم وقايتكم قالوا: من عدو حضر؟ قال: خذوا جنتكم (من النار) أي وقايتكم من نار جهنم ومنه قيل للترس جنة ومجنة لأن صاحبه يتستر به قالوا: يا رسول الله كيف نفعل قال: (قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) فإنهن يعني ثواب هذه الكلمات (يأتين يوم القيامة مقدمات) لقائلهن (ومعقبات ومجنبات وهن الباقيات الصالحات) المشار إليهن في القرآن سميت معقبات لأنها عادت مرة بعد أخرى وكل من عمل عملا ثم عاد إليه فقد عقب وقيل المعقب من كل شيء ما خلف لعقب ما قبله كذا في مسند الفردوس

(ن ك) في الدعاء (عن أبي هريرة) قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي

ص: 435

3896 -

(خذوا) في لعبكم (يا بني أرفدة) بفتح فسكون وفاء مكسورة وقد تفتح لقب للحبشة أو اسم جنس لهم أو اسم جدهم

⦗ص: 436⦘

الأكبر أو معناه يا بني الإماء (حتى تعلم اليهود والنصارى) الذين يشددون (أن في ديننا) أيها المسلمون (فسحة) قاله يوم عيد للحبشة وقد رآهم يرقصون ويلعبون بالدرق والحراب وفيه رخصة في النظر إلى اللعب أي إذا لم يكن ثم أوتار ولا مزمار واستدل به قوم من الصوفية على جواز الرقص وسماع آلة اللهو قال ابن حجر: وطعن فيه الجمهور باختلاف القصدين فإن لعب الحبشة بحرابهم كان للتمرين على الحرب فلا يحتج به للرقص في اللهو

(أبو عبيد في الغريب) أي في كتابه الذي ألفه في غريب الحديث (والخرائطي في) كتابه (اعتلال القلوب) كلاهما (عن الشعبي) بفتح المعجمة وسكون المهملة نسبة إلى شعب بطن من همدان واسمه عامر بن شراحيل من كبار التابعين وفقهائهم (مرسلا) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يقف عليه مسندا وإلا لما عدل لرواية إرساله وأنه لم يخرجه أحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو ذهول فقد خرجه أبو نعيم والديلمي من حديث الشعبي قالت: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذين يدركلون بالمدينة فقام عليهم وكنت أنظر فيما بين أذنيه وهو يقول خذوا إلخ قال فجعلوا يقولون أبو القاسم الطيب أبو القاسم الطيب فجاء عمر فانذعروا قال في الميزان: هذا الحديث منكر وله إسناد آخر واه

ص: 435

3897 -

(خذوا) في وضوئكم (للرأس ماء جديدا) يعني لمسحه كذا في الفردوس فمسحه ببل غسل اليدين لا يكفي لاستعماله

(طب) وكذا الديلمي (عن جارية) بفتح الجيم وكسر الراء وفتح المثناة التحتية (بن ظفر) بفتح المعجمة والفاء الحنفي اليمامي أبو عران نزيل الكوفة قال الهيثمي: فيه دهشم بن قفران ضعفه جمع وذكره ابن حبان في الثقات

ص: 436

3898 -

(خذوا من) شعر (عرض لحاكم) ما طال منه (وأعفوا طولها) أي اتركوه فلا تأخذوا منه شيئا ندبا فيهما وهذا مر وسيأتي موضحا

(أبو عبد الله) محمد (بن مخلد) بفتح الميم واللام ابن حفص العطار (الدوري) بضم الدال المهملة وسكون الواو وكسر الراء نسبة إلى محلة ببغداد سمع الدورقي والزبير بن بكار وعنه الدارقطني والآجري والجعاني ثقة ثبت (في جرئه) الحديثي (عن عائشة) ورواه الديلمي في الفردوس عنها وبيض لسنده

ص: 436

3899 -

(خذي) أيتها المرأة التي سألت عن الاغتسال من الحيض واسمها أسماء بنت شكل أو أسماء بنت يزيد بن السكن (فرصة) بكسر الفاء قطعة من نحو قطن مطببة (من مسك) بكسر الميم الطيب المعروف وروي بالفتح كما يأتي وهو من فرصت الشيء إذا قطعته وفيه حذف مبين عند مسلم حيث قال: تأخذ من إحداكن ماءها وسدرها فتتطهر فتحسن الطهور ثم تصب عليها الماء ثم تأخذ فرصة قال المصنف: وبه سقط سؤال كيف يكون أخذ الفرصة بيانا للاغتسال (فتطهري) أي تنظفي بأن تتبعي (بها) أثر دم نحو الحيض بأن تجعليه في نحو صوفة وتدخليه فرجك وكذا ما أصابه الدم من بدنها على ما عليه المحاملي أخذا من عموم الخبر والجمهور اقتصروا على الفرج وما تقرر من أن المراد هنا المسك بالكسر المعروف هذا هو المشهور المعروف ووراءه أقوال منه أن المراد المسك بالفتح وهو الجلد قال عياض: وهو رواية الأكثر ومنها ما في الفائق أن المراد قطعة ممسكة وهو الخلقة التي أمسكت كثيرا كأنه أراد أن لا يستعمل الجديد للارتفاق به لكن يؤيد هذا ما في رواية مسلم خذي فرصة ممسكة

(ق ن) في الطهارة (عن عائشة) ورواه الطيالسي وأبو يعلى والحلواني وغيرهم

ص: 436

3900 -

(خذي) يا هند التي قالت إن زوجها أبا سفيان والد معاوية شحيح لا يعطيها ما يكفيها وولدها إلا ما أخذت منه وهو

⦗ص: 437⦘

لا يعلم (من ماله) أي لا حرج عليك أن تأخذي منه كما في رواية فالأمر كما قال القرطبي للإباحة (بالمعروف) أي من غير تقتير ولا إسراف بل بالعدل قال القرطبي: وهذه الإباحة وإن كانت مطلقة لفظا مقيدة فكأنه إن صح أو ثبت ما ذكرت فخذي (ما يكفيك) أي قدر كفايتك عرفا (ويكفي بنيك) منه كذلك لأنك الكافلة لأمورهم وأحالها على الصرف فيما ليس فيه تحديد شرعي والباء في بالمعروف يجوز تعلقها بخذي ويكفيك وهذا إفتاء لا حكم لعدم استيفاء شروطه قال العلائي: وإذا صدر من النبي صلى الله عليه وسلم قول حمل على أغلب تصرفاته وهو الإفتاء ما لم يقم دليل على خلافه وفيه أن نفقة الزوجة والأبناء على الآباء لا الأمهات وأن القول للزوجة في النفقة وأن نفقتها مقدرة بالكفاية والشافعي على خلافه وأن للأم طلب ذلك عند الحاكم وأن لها ولاية نفقة ولدها ولو في حياة الأب قال الرافعي: وهو وجه والظاهر خلافه وأن من له حق عند من يمنعه منه له أخذه بغير علمه ولو من غير جنسه وأن المظلوم له أن يتظلم إلى المفتي فيقول قد ظلمني أبي أو زوجي فكيف طريقي في الخلاص وأنه لا يلزمه أن يقول ما قولك في إنسان ظلمه أبوه أو زوجته لهذا الخبر فإنها ذكرت الظلم والشح لها ولولدها وعينت أبا سفيان لكن عدم التعيين أولى وليس بواجب ذكره الغزالي وأن المرأة لا يجوز لها أن تأخذ من مال زوجها شيئا وإن قل فإنه قال بالمعروف فمنعها أن تأخذ من ماله شيئا إلا القدر الذي يجب لها ولولدها

(ق د ن هـ عن عائشة) وله عندهما ألفاظ

ص: 436

3901 -

(خرجت من نكاح غير سفاح) بالكسر: زنا قيل لما رمى بمائه حيث لا ينفع أشبه المسفوح قال بعض المحققين: أراد بالسفاح ما لم يوافق شريعة

(ابن سعد) في الطبقات (عن عائشة) قال الذهبي: فيه الواقدي هالك

ص: 437

3902 -

(خرجت من لدن آدم من نكاح غير سفاح) أي متولد من نكاح لا زنا فيه والمراد عقد معتبر في دين بل روى البيهقي مرفوعا ما ولدني من سفاح الجاهلية شيء ما ولدني إلا نكاح الإسلام يعني الموافق للطريقة الإسلامية وقضية الخبر أن لا سفاح في آبائه مطلقا لكن استظهر بعض المحققين أن المراد طهارة سلسلته فقط ويشهد له ما في المواهب مرفوعا لم يلتق أبواي على السفاح

(ابن سعد) في الطبقات (عن ابن عباس)

ص: 437

3903 -

(خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء) أبدى بعضهم هنا إشكالا قويا وهو أن أئمة التاريخ ذكروا أن كنانة بن خزيمة تزوج برة زوجة أبيه فولدت نضرا أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم وأجيب بأن نضرا إنما هو من ريحانة وباستثناء ذلك وبأنه كان نكاحا قبل الإسلام وكلها إقناعية ولا دلالة في قوله تعالى {إلا ما قد سلف} على الجواز كما وهم الدلجي فإنه استثناء من الفعل لا الحرمة وبأن الجاحظ نقل عن أبي عثمان أن كنانة لم يولد له من زوجة أبيه برة بل من بنت أختها واسمها برة أيضا فغلظ كثير لموافقة الاسم والقرابة (العدني) بفتح العين والدال المهملتين وآخره نون نسبة إلى عدن مدينة باليمن وهو محمد بن يحيى بن أبي عمر ساكن مكة

(عد طس عن علي) أمير المؤمنين قال الهيثمي: فيه محمد بن جعفر بن محمد صحح له الحاكم في مستدركه وقد تكلم فيه وبقية رجاله ثقات

ص: 437

3904 -

(خرجت) من حجرتي (وأنا أريد) أي والحال أني أريد (أن أخبركم بلية القدر) أي أخبركم بليلة القدر هي

⦗ص: 438⦘

الفلانية وهي بسكون الدال مرادف القدر بفتحها سميت له لما تكتب الملائكة فيها من الأقدار ولم يعبر بمفتوح الدال لأن المراد تفصيل ما جرى به القضاء مجردا من تلك واختلف في تعيين ليلتها على أكثر من أربعين قولا (فتلاحى) تنازع وتخاصم وتشاتم (رجلان) من المسلمين كذا هو في البخاري وهما كعب بن مالك وابن أبي حدرة بحاء مفتوحة ودال مهملة مكسورة الأسلمي كان على عبد الله دين لكعب وطلبه فتنازعا ورفعا أصواتهما بالمسجد (فاختلجت مني) أي من قلبي ونسيت تعيينها بالاشتغال بالمتخاصمين قال عياض: دل به على ذم المخاصمة وأنها سبب للعقوبة لكن ليست المخاصمة في طلب الحق مذمومة مطلقا بل لوقوعها في المسجد وهو محل الذكر لا اللغو (فاطلبوها) أي اطلبوا وقوعها لا معرفتها واستنبط منه السبكي ندب كتمها لمن رآها ووجه الدلالة أنه تعالى قدر لنبيه أنه لا يخبر بها والخبر كله فيما قدره فيسن اتباعه في ذلك (في العشر الأواخر) من رمضان (في تاسعة تبقى) أي في ليلة يبقى بعدها تسع ليال وهي ليلة إحدى وعشرين (أو سابعة تبقى) وهي ليلة ثلاث وعشرين (أو خامسة تبقى) وهي ليلة خمس وعشرين واستفيد التقييد بالعشرين وبرمضان من أحاديث أخرى مصرحة به قال الطيبي: قوله في تاسعة بدل من قوله في العشر الأواخر وتبقى صفة لما قبله من العدد قال جمع من شراح البخاري وغيره: وإنما يصح معناه ويوافق ليلة القدر وترا من الليالي على ما ذكره في الأحاديث إذا كان الشهر ناقصا فإن كان كاملا فلا يكون إلا في شفع لأن الباقي بعدها ثمان فتكون التاسعة الباقية ليلة ثنتين وعشرين والسابعة الباقية بعد ست ليلة أربع وعشرين والخامسة الباقية بعد أربع ليال ليلة السادس وعشرين وهذا على طريقة العرب في التاريخ إذا جاوزوا نصف الشهر فإنهم إنما يؤرخون بالباقي منه لا الماضي وفيه ذم الملاحاة سيما بالمسجد وذم فاعلها وأن ليلة القدر غير معينة قال في المطامح: ومن أعجب الأقوال المنكرة قول أبي حنيفة أنها رفعت تمسكا بظاهر الخبر وإنما القصد رفع تعيينها لا وجودها بدليل قوله اطلبوها والتماس المرتفع محال

(الطيالسي) أبو داود (عن عبادة) بضم العين وخفة الموحدة (ابن الصامت) وهو بنحوه في البخاري ولفظه عن عبادة بن الصامت قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحا رجلان من المسلمين فقال: خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحا فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة وفي رواية أيضا عن ابن عباس مرفوعا التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى

ص: 437

3905 -

(خرج رجل ممن كان قبلكم) قيل هو قارون وقيل الهيرن (في حلة له يختال فيها) من الاحتيال وهو التكبر في المشي ولا يكون إلا مع سحب الإزار ونحوه فكأن المختال تخيل فضيلة في نفسه على غيره فاختال متكبرا بها في مشيه على غيره (فأمر الله الأرض فأخذته) أي ابتلعته (فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة) أي يغوص في الأرض ويضطرب ويتحرك في نزوله فيها وهذا تحذير من الخيلاء وترهيب من التكبر

(ت عن ابن عمرو) بن العاص

ص: 438

3906 -

(خرج نبي من الأنبياء) في رواية أحمد أنه سليمان (بالناس يستسقون الله تعالى) أي يطلبون منه السقيا (فإذا هو بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء فقال ارجعوا) أيها الناس (فقد استجيب لكم من أجل هذه النملة) في رواية من أجل شأن النملة وفي رواية ارجعوا فقد كفيتم بعيركم زاد ابن ماجه في روايته ولولا البهائم لم تمطروا واستدل به على

⦗ص: 439⦘

ندب إخراج الدواب في الاستسقاء

(ك) في الاستسقاء (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الديلمي وغيره قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي

ص: 438

3907 -

(خروج الآيات بعضها) أي أشراط الساعة بعضها (على أثر بعض يتتابعن كما تتابع الخرز في النظام) يعني لا يفصل بينهن فاصل طويل عرفا

(طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن أحمد بن حنبل وداود الزهراوي وهما اثنان اه

ص: 439

3908 -

(خروج الإمام) الذي هو الخطيب (يوم الجمعة للصلاة) يعني صعوده للمنبر (يقطع الصلاة) أي يمنع الإحرام بصلاة لا سبب لها متقدم ولا مقارن (وكلامه يقطع الكلام) أي وشروعه في الخطبة يمنع الكلام يعني النطق بغير ذكر ودعاء يعني أنه يكره من ابتدائه فيها إلى إتمامه إياها تنزيها عند الشافعية وتحريما عند غيرهم وبه استدل الصاحبان على ذهابهما إلى جواز الكلام إلى خروج الإمام مخالفين لإمامهما في قوله خروج الإمام قاطع للصلاة والكلام

(هق عن أبي هريرة) قال ابن حجر: ورواه مالك في الموطأ عن الزهري والشافعي من وجه آخر عنه وروي عن أبي هريرة مرفوعا قال البيهقي: وهو خطأ والصواب من قول الزهري وفي الباب ابن عمر مرفوعا اه

ص: 439

3909 -

(خشية الله رأس كل حكمة) لأنها الدافعة لأمن مكر الله والاغترار الذي لا تنال الحكمة مع وجودهما (والورع سيد العمل) ومن لم يذق مذاق الخوف ويطالع أهواله بقلبه فباب الحكمة دونه مرتج ومن ثم كان الأنبياء أوفر حظا منه من غيرهم ومطالعتهم لأهوال الآخرة بقلوبهم أكثر ولهذا قيل إن إبراهيم عليه السلام كان يخفق قلبه في صدره حتى تسمع قعقعة عظامه من نحو ميل من شدة خوفه قال الحرالي والخشية وجل نفس العالم مما يستعظمه

(القضاعي) في مسند الشهاب (عن أنس) ورواه عنه الديلمي من هذا الوجه باللفظ المزبور وزاد ومن لم يكن له ورع يحجزه عن معصية الله إذا خلا بها لم يعبأ الله بسائر عمله شيئا

ص: 439

3910 -

(خص البلاء بمن عرف الناس) لفظ رواية الديلمي خص بالبلاء من عرفه الناس وفي رواية خص بالبلاء من عرف الناس أو عرفه الناس قال شيخنا العارف الشعراوي: فالأصل مبتلى بنفسه والثاني مبتلى بالناس وذلك لأن معرفتهم والتعرف إليهم وبهم توجب مراعاتهم وحفظهم والتحفظ منهم بحسب قلتهم وكثرتهم فالشخص مبتلى بمعارفه دينا ودنيا {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} (وعاش فيهم من لم يعرفهم) أي عاش مع ربه وحفظ دينه بتركهم وفيه حجة لمن فضل العزلة وترك التعرف إيثارا للسلامة. قال الغزالي: عن ابن عيينة رأيت سفيان الثوري في النوم كأنه في الجنة يطير من شجرة إلى شجرة يقول {لمثل هذا فليعمل العاملون} فقلت: أوصني قال: أقل من معرفة الناس. وقال الفضيل: هذا زمان احفظ لسانك واخف مكانك وعالج قلبك وخذ ما تعرف ودع ما تنكر وقال الطائي: صم عن الدنيا واجعل فطرك الآخرة وفر من الناس فرارك من الأسد وقال أبو عبيد: ما رأيت حكيما قط إلا قال لي عقب كلامه: إن أحببت أن لا تعرف فأنت من الله على بال

(القضاعي) في مسند الشهاب (عن محمد بن علي) بن أبي طالب الهاشمي أبي القاسم بن الحنفية (مرسلا) ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه غير الإرسال وأنه لا يوجد مسندا وإلا لما عدل للمرسل بخلافه أما أولا فلأن جمعا منهم السخاوي ضعفوه فقالوا: ضعيف مع إرساله وأما ثانيا فلأن الديلمي وابن لال والحلواني

⦗ص: 440⦘

خرجوه مسندا من حديث عمر بن الخطاب فاقتصار المصنف على ذلك غير صواب

ص: 439

3911 -

(خصاء أمتي الصيام والقيام) قاله لعثمان بن مظعون وقد قال: تحدثني بأن أختصي وأن أترهب في رؤوس الجبال فنهاه عن الرهبانية وأرشده إلى ما يقوم مقامها في حصول الثواب بل هو أعظم منها فيه وأيسر وهو الصيام والقيام في الصلاة يعني التهجد في الليل فإن الصوم يضعف الشهوة ويكسرها والصلاة تذبل النفس وتكسب النور وبذلك ينكسر باعث الشهوة فتذل النفس وتنقاد إلى ربها

(حم طب عن ابن عمر) بن العاص. قال الزين العراقي: إسناده جيد وقال تلميذه الهيثمي: رجاله ثقات وفي بعضهم كلام

ص: 440

3912 -

(خصال) جمع خصلة وهي الخلة أو الشعبة مأخوذة من خصل الشجر ما تدلى من أطرافه ومن المجاز خصلة حسنة كذا في الأساس (لا تنبغي في المسجد) أي لا ينبغي فعلها فيه (لا يتخذ طريقا ولا يشهر فيه سلاح ولا ينبض فيه بقوس) أي لا يؤثر فيه القوس يقال أبيض القوس بنون وضاد معجمتين إذا حرك وترها لترن (ولا ينشر فيه نبل ولا يمر فيه) ببناء يمر للمفعول (بلحم نيء) بكسر النون وهمزة بعد الياء ممدودة وهو الذي لم يطبخ وقيل لم ينضج (ولا يضرب فيه حد ولا يقتص فيه من أحد ولا يتخذ سوقا)

(هـ) من حديث زيد بن جبيرة عن داود بن الحصين عن نافع عن (ابن عمر) بن الخطاب وزيد بن جبيرة قال في الميزان: قال البخاري: متروك وأبو حاتم: لا يكتب حديثه وابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه وساق من مناكيره هذا الخبر وداود: حدث عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات ومن ثم قال ابن الجوزي: لا يصح وقال المنذري: ضعيف

ص: 440

3913 -

(خصال ست ما من مسلم يموت في واحدة منهن) أي حال تلبسه بفعلها (إلا كان ضامنا على الله أن يدخله الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير عذاب (رجل خرج مجاهدا) للكفار لإعلاء كلمة الله (فإن مات في وجهه) يعني في سفره لذلك (كان ضامنا على الله) كرره لمزيد التأكد (ورجل تبع جنازة فإن مات في وجهه كان ضامنا على الله عز وجل ورجل) يعني إنسان ولو أنثى فذكر الرجل هنا غالبي (توضأ) الوضوء الشرعي (فأحسن الوضوء) بأن أتى به موفر الشروط والأركان والآداب (ثم خرج إلى المسجد لصلاة) أي إلى أية صلاة كانت في أي مسجد كان (فإن مات في وجهه) أي في حال خروجه لذلك (كان ضامنا على الله) كرره للتأكيد أيضا (ورجل) جالس (في بيته) أي في محل سكنه بيتا أو غيره (لا يغتاب المسلمين) يعني لا يذكر أحدا منهم في غيبته بما يكرهه (ولا يجر إليه سخطا) أي لا يتسبب في إيصال ما يسخطه أي يبغضه أو يؤذيه (ولا تبعة) أي ولا يجر تبعة أي شيئا يتبع به (فإن مات في وجهه) أي حال جلوسه وهو على تلك الحالة (كان ضامنا على الله) كرره للتأكيد أيضا والقصد الحث على

⦗ص: 441⦘

فعل هذه الخصال وتجنب نقائضها

(طس عن عائشة) قال الهيثمي: فيه عيسى بن عبد الرحمن بن أبي فروة وهو متروك

ص: 440

3914 -

(خصلتان لا يجتمعان في منافق حسن سميت) أي حسن هيئة ومنظر في الدين قال القاضي: السمت في الأصل الطريق ثم استعير لهدى أهل الخير يقال ما أحسن سمته أي هديه (ولا فقه في الدين) عطفه على السمت مع كونه مثبتا لكونه في سياق النفي قال في الإحياء: ما أراد بالحديث الفقه الذي ظننته وأدنى درجات الفقيه أن يعلم أن الآخرة خير من الدنيا وقال التوربشتي: حقيقة الفقه في الدين ما وقع في القلب ثم ظهر على اللسان فأفاد العلم وأورث التقوى وأما ما يتدارس المغرورون فبمعزل عن الرتبة العظمى لتعلق الفقه بلسانه دون قلبه وقال الطيبي: قوله خصلتان لا يجتمعان ليس المراد به أن واحدة منهما قد تحصل في المنافق دون الأخرى بل هو تحريض للمؤمن على اتصافه بهما معا وتجنب أضدادهما فإن المنافق من يكون عاريا منهما وهو من باب التغليظ قال بعضهم: السمت الحسن هيئة أهل الخير وقال بعضهم: مراده بالفقه في الدين العلم بالدنيا في باطنه فالمنافق قد يقصد سمت الدين من غير فقه في باطنه وقد يحصل الإنسان علم الدين ويغلبه هواه فيخرج عن سمت الصالحين فإذا اجتمع الظاهر والباطن انتفى النفاق لا يستوي سره وعلنه

(ت) في العلم (عن أبي هريرة) وقال: غريب لا نعرفه من حديث عوف عن خلف بن أيوب العامري ولا أدري كيف هو انتهى وقال الذهبي: تفرد به خلف وقد ضعفه ابن معين وقال السخاوي: سنده ضعيف

ص: 441

3914 -

(خصلتان لا يجتمعان في مؤمن) أي كامل الإيمان فلا يرد أن كثيرا من الموحدين موجودتان فيه (البخل وسوء الخلق) أو المراد بلوغ النهاية فيهما بحيث لا ينفك عنهما ولا ينفكان عنه فمن فيه بعض ذا وبعض ذا وينفك عنه أحيانا فبمعزل عن ذلك والفضل للمتقدم إذ كثيرا ما يطلق المؤمن في التنزيل ويراد المؤمن حقا الذي ارتقى إلى أعلا درجات الإيمان <تنبيه> قال الطيبي: خصلتان لا يجتمعان مبتدأ موصوف والخبر محذوف أي فيما أحدثكم به خصلتان كقوله {سورة أنزلناها وفرضناها} أي فيما أوحينا إليك والبخل وسوء الخلق خبر مبتدأ محذوف والجملة مبنية ويجوز أن يكون خبرا والبخل وسوء الخلق مبتدأ قال: وأفرد البخل عن سوء الخلق وهو بعضه وجعله معطوفا عليه يدل على أنه أسوؤها وأبشعها لأن البخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس

(خد ت) في البر (عن أبي سعيد) قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث صدقة بن موسى انتهى قال الذهبي: وصدقة ضعيف ضعفه ابن معين وغيره وقال المنذري: ضعيف

ص: 441

3916 -

(خصلتان لا يحافظ عليهما) أي على فعلهما على الدوام (عبد مسلم إلا دخل الجنة) مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب (ألا) حرف تنبيه يؤكد به الجملة (وهما يسير ومن يعمل بهما قليل: يسبح الله تعالى في دبر كل صلاة) من المكتوبات وذلك بأن يقول سبحان الله (عشرا) من المرات (وبحمده) بأن يقول الحمد لله (عشرا) من المرات (ويكبره) بأن يقول الله أكبر (عشرا) من المرات (فذلك) أي هذه العشرات (خمسون ومئة) يعني في اليوم والليلة (باللسان وألف وخمس مئة في الميزان) أي يوم القيامة لأن الحسنة بعشر أمثالها (ويكبر أربعا وثلاثين إذا أخذ مضجعه ويحمده ثلاثا وثلاثين ويسبح ثلاثا وثلاثين فتلك مئة باللسان وألف في الميزان)

⦗ص: 442⦘

وذلك لأن عدد الكلمات المحصاة خلف كل صلاة ثلاثون وعدد الصلوات خمس في اليوم والليلة فإذا ضرب أحدهما في الآخر بلغ هذا العدد (فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمس مئة سيئة) يعني إذا أتى بهؤلاء الكلمات خلف الصلوات وعند الاضطجاع حصل الألف وخمس مئة حسنة فيعفى عنه بعدد كل حسنة سيئة فأيكم يأتي كل يوم وليلة بذلك يعني يصير مغفورا له ذكره المظهر قال الطيبي: والفاء في فأيكم جواب شرط محذوف وفي الاستفهام نوع إنكار يعني إذا تقرر ما ذكرت فأيكم يأتي بألفين وخمس مئة سيئة حتى تكون مكفرة لها فما بالكم لا تأتون بها

(حم خد 4 عن عمرو) ابن العاص قال الترمذي: حسن صحيح وقال في الأذكار: وإسناده صحيح إلا أن فيه عطاء بن السائب وفيه خلف سببه اختلاط وقد أشار أبو أيوب السجستاني إلى صحة حديثه هذا

ص: 441

3917 -

(خصلتان معلقان في أعناق المؤذنين للمسلمين صيامهم وصلاتهم) شبه حالة المؤذنين وإناطة الخصلتين للمؤمنين بهم بحال أسير في عنقه ربقة الرق لا يخلصه منها إلا لمن أو الفداء ذكره الطيبي

(هـ عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن حجر: فيه مروان بن سالم الجزري وهو ضعيف ورواه الشافعي مرسلا قال الدارقطني: والمرسل هو الصحيح

ص: 442

3918 -

(خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا ومن لم يكونا فيه لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا من نظر في دينه إلى من هو فوقه) في الدين (فاقتدى به ونظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله على ما فضله به عليه كتبه شاكرا صابرا ومن نظر في دينه إلى من هو دونه ونظر في دنياه إلى من هو فوقه فأسف) أي حزن وتلهف (على ما فاته منه لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا) قال الطيبي: هذا حديث جامع لأنواع الخير لأن الإنسان إذا رأى من فضل عليه في الدنيا طلبت نفسه مثل ذلك واحتقر ما عنده من نعم الله وحرص على الازدياد ليلحق بذلك أو يقاربه وإن نظر في أمور الدنيا إلى من هو دونه ظهرت له نعمة الله وشكرها وتواضع وفعل الخير

(ت) في الزهد (عن ابن عمرو) بن العاص وفيه المثنى بن صباح ضعفه ابن معين وقال النسائي: متروك

ص: 442

3919 -

(خصلتان لا يحل منعهما الماء والنار) وذكر في رواية الطبراني معهما الملح وعلل ذلك في رواية للطبراني أيضا فإن الله تعالى جعلهما متاعا للمقوين وقوة للمستضعفين

(البزار) في مسنده (طص) كلاهما (عن أنس) قال أبو حاتم: هذا حديث منكر وأقره عليه الذهبي والحافظ ابن حجر وقال الهيثمي: فيه الحسن بن أبي جعفر وهو ضعيف وفيه توثيق لين

ص: 442

3920 -

(خطوتان) تثنية خطوة بالضم وهو ما بين القدمين في المشي وبالفتح المرة (إحداهما أحب الخطأ) بالضم (إلى الله

⦗ص: 443⦘

تعالى) بمعنى أنه يثيب صاحبها ويرضى عنه (والأخرى أبغض الخطا إلى الله تعالى) يعني أنه يعاقب صاحبها ولا يرضى عنه (فأما التي يحبها فرجل نظر إلى خلل في الصف) أي في صف من صفوف الصلاة (فسده) أي سدد ذلك الخلل بوقوفه فيه (وأما التي يبغض فإذا أراد الرجل أن يقوم مد رجله اليمنى ووضع يده عليها وأثبت اليسرى ثم قام)

(ك هق عن معاذ) بن جبل قال الذهبي في المهذب: قلت هذا منقطع

ص: 442

3921 -

(خفف) مبني لما لم يسم فاعله أي سهل (على داود) النبي عليه السلام (القرآن) أي القراءة أو المقروء والمراد هنا الزبور أو التوراة سمي قرآنا نظرا للمعنى اللغوي باعتبار الجمع وقيل إنما قال القرآن لأنه قصد به إعجازه من طريق القراءة وهذا كان من معجزاته وقال بعضهم: قرآن كل نبي يطلق على كتابه الذي أوحى إليه. وقال في التنقيح: القرآن الأول بمعنى القراءة والثاني الزبور ثم بين هذه الجملة بقوله (فكان يأمر بداوبه) في رواية بدابته ولا تعارض لأن المراد بالأفراد الجنس لا التوحيد وزمن إسراج الدواب أطول إلا أن يكون لكل دابة سائق (فتسرج) كذا هو بالفاء في خط المصنف وفي رواية تسرج بدونها وعليه هو بالرفع استئنافا كأنه قيل بماذا فقيل السرج أو النصب بإضمار أن على حد تسمع بالمعيدي (فيقرأ القرآن) الزبور أو التوراة (من قبل أن تسرج دوابه) أي من قبل الفراغ من إسراجها وقد دل الحديث على أنه سبحانه يطوي الزمان لمن شاء من عباده كما يطوي لهم المكان وذلك لا يدرك إلا بفيض سبحاني قال القسطلاني: قال لي البرهان ابن أبي شريف إن أبا طاهر المقدسي وهو من معاصريه كان يقرأ في اليوم والليلة خمسة عشر ختمة ولما كان قد يهم من كون له دواب وخدم تسرجها أنه كان على زي ملوك الدنيا في السعة في المطعم نبه به على أنه مع الاتساع إنما كان يأكل من عمل يده تحريا للحلال فقال: (ولا يأكل) أي ومع ذلك يتقلل من الدنيا ولا يأكل (إلا من عمل يده) من ثمن ما كان يعمله وهو نسج الدروع فكان يبيعها ويأكل من ثمنها لأن عمل اليد أطيب المكاسب وخص داود لأن اقتصاره في أكله على عمل يده لم يكن لحاجة لأنه كان ملكا مفخما وإنما تحرى الأفضل

(حم خ) في أحاديث الأنبياء (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا أحمد

ص: 443

3922 -

(خففوا بطونكم وظهوركم لقيام الصلاة) أي قللوا الأكل ليسهل عليكم القيام إلى التهجد في الليل فإن من كثر أكله كثر نومه فقلة الأكل ممدوحة شرعا وطبا وكثرته مذمومة شرعا وطبعا وقلة الأكل أصل لكل خير ولو لم يكن إلا تنوير الباطن وإفاضة النور على الجوارح لكفى ونقل عن المعلم الأول أرسطو أنه قال يا أبناء الحكمة لا تتخذوا بطونكم قبورا للحيوانات ومعادن للجيف فإن ذلك يفضي بكم إلى التلف

(حل عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا الديلمي

ص: 443

3923 -

(خلقت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما) إذا استمسكتم بهما (كتاب الله) القرآن (وسنتي) أمي طريقتي وهدايتي (ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض) الكوثر يوم القيامة وقد تقدم تقريره فيما فيه بلاغ

(أبو بكر الشافعي في الغيلانيات

⦗ص: 444⦘

عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الدارقطني باللفظ المزبور وفيه كما قال الفرياني صالح بن موسى ضعفوه وعنه داود بن عمر الضبي قال أبو حاتم: منكر الحديث

ص: 443

3924 -

(خلقان) تثنية خلق بالضم وهو الطبع والسجية (يحبهما الله) أي يرضاهما ويثيب عليهما ثوابا جزيلا (وخلقان يبغضهما الله) أي ينهى عنهما ويعاقب عليهما (فأما اللذان يحبهما الله فالسخاء) بالمد الجود والكرم (والسماحة) أي الإعطاء بطيب نفس وفي رواية للديلمي الشجاعة بدل السماحة (وأما اللذان يبغضهما الله فسوء الخلق والبخل) وهما مما يقرب إلى النار ويقود إليها كما في عدة أخبار (وإذا أراد الله بعبد خيرا) أي عظيما جدا كما يفيده التنكير (استعمله على قضاء حوائج الناس) أي ثم ألهمه القيام بحقها والوفاء بما استعمل عليه فمن وفقه الله لذلك فقد أنعم عليه بنعم جليلة يلزمه الشكر عليها وذلك علامة حسن الخاتمة لكن الأمر كله على النية والعمل لوجه الله تعالى لا الغرض ولا لعرض وإلا انعكس الحال فاعلم ذلك فإنه لا بد منه

(هب) وكذا أبو نعيم والديلمي (عن ابن عمرو) بن العاص ورواه الأصفهاني وغيره

ص: 444

3925 -

(خلق الله الخلق) أي قدرهم والخلق التقدير وهو الأصل مصدر (فكتب آجالهم وأرزقهم){فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} ومن رام منهم فوق ما فرض له من الرزق فقد كد نفسه وأتعب جسمه ولم يأت إلا ما قدر له

(خط عن أبي هريرة) وفيه عبد الرحمن بن عبد العزيز قال الذهبي في الضعفاء: مضطرب الحديث وبشر بن المفضل مجهول

ص: 444

3926 -

(خلق الله جنة عدن) قيل اسم لجنة من الجنات وقال ابن القيم: الصحيح أنها اسم لها كلها فكلها جنات عدن قال الله تعالى {جنات عدن} والاشتقاق يدل على أن جميعها جنات عدن فإنه من الإقامة والدوام يقال عدن أقام (غرس أشجارها بيده) أي بصفة خاصة وعناية تامة فإن الشخص لا يضع يده في أمر إلا إذا كان له به عناية شديدة فأطلق اللازم وهو اليد وأراد الملزوم وهو العناية مجازا لأن اليد بمعنى الجارحة محال على الله وذلك تفضيل لها على غيرها فاصطفاها لنفسه وخصها بالقرب من عرشه قال بعضهم: فهي سيدة الجنان وهو سبحانه وتعالى يختص من كل نوع أمثله وأفضله كما اختار من الملائكة جبريل ومن البشر محمدا ومن البلاد مكة ومن الأشهر المحرم ومن الليالي ليلة القدر ومن الأيام الجمعة ومن الليل أوسطه ومن الدعاء أوقات الصلوات وقوله أعني ابن القيم ومن السماوات العليا جرى فيه على عقيدته الزائغة من القول بالجهة والرجل يصرح بذلك ولا يكنى وينعق به ولا يشير ومن جملة عبارته: الله على العرش والكرسي موضع قدميه وفي موضع هو على العرش فوق السماء السابعة وفي آخر جنة عدن مسكنه الذي يسكن فيه لا يكون معه أحد إلا الأنبياء والشهداء والصديقون اه وما ذكره آخرا نقيض لما صححه أولا من أنها اسم لجملة الجنان لا لواحدة منها إذ كيف يكون اسما لجميعها ولا يسكنها إلا من ذكر فأين يكون عامة الناس (فقال لها) أي الله تعالى (تكلمي فقالت قد أفلح المؤمنون) أي فازوا وظفروا زاد في رواية طوبى لهم منزل

⦗ص: 445⦘

الملوك وهذا الكلام يحتمل كونه بلسان الحال ولا مانع من كونه بلسان المقال فإن الذي خلق النطق في لسان الإنسان قادر على أن يخلقه في أي شيء أراد

(ك) في التفسير (عن أنس) وقال: صحيح وتعقبه الذهبي فقال: بل ضعيف انتهى وفي الميزان باطل

ص: 444

3927 -

(خلق الله آدم من تراب) في رواية من طين (الجابية وعجنه بماء الجنة) قال القاضي: قد اشتهر أن آدم قد خلق من طين وأنه كان ملقى ببطن عمان وهو من أودية عرفات وظاهر هذا الحديث وصريح غيره أنه خلق في الجنة ووفق بأن طينته خمرت في الأرض وألقيت فيها حتى استعدت لقبول الصورة الإنسانية فحملت إلى الجنة فصورت ونفخ فيه الروح فيها

(الحكيم) الترمذي (عد عن أبي هريرة) وفيه إسماعيل بن رافع قال في الميزان: قال الدارقطني وغيره: متروك الحديث وقال ابن عدي: أحاديثه كلها فيها نظر ثم ساق هذا الخبر

ص: 445

3928 -

(خلق الله آدم على صورته) أي على صورة آدم التي كان عليها من مبدأ فطرته إلى موته لم تتفاوت قامته ولم تتغير هيئته بخلاف بنيه فإن كلا منهم يكون نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما وأعصابا عارية ثم مكسوة لحما ثم حيوانا مجننا لا يأكل ولا يشرب ثم يكون مولودا رضيعا ثم طفلا مترعرعا ثم مراهقا ثم شابا ثم كهلا ثم شيخا أو خلقه على صورة حال يختص به لا يشاركه أنواع أخر من المخلوقات فإنه يوصف مرة بالعلم وأخرى بالجهل وتارة بالغواية والعصيان وطورا بالهداية والاستغفار ولحظة يقرن بالشيطان في استحقاق اسم العصيان والإخراج من الجنان ولحظة يتسم بسمة الاجتباء ويتوج بتاج الخلافة والاصطفاء وبرهة يستعمل بتدبير الأرضين وساعة يصعد بروحه إلى عليين وطورا يشارك البهائم في مطعمه ومنكحه وطورا يسابق الكروبيين في ذكره وفكره وتسبيحه وتهليله وقيل الضمير لله تعالى بقرينه رواية خلق آدم على صورة الرحمن (1) والمعنى خلق آدم على صورة اجتباها وجعلها من جميع مخلوقاته إذ ما من موجود إلا وله مثال في صورته ولذلك قيل الإنسان عالم صغير. <تنبيه> قال ابن عربي: لما وصل الوقت المعين في علمه تعالى لإيجاد هذا الخليفة الذي يهدي الله المملكة بوجوده وذلك بعد أن مضى من عمر الدنيا سبعة عشر ألف سنة أمر بعض ملائكته أن يأتيه بقبضةة من كل أجناس تربة الأرض فأتاه بها فأخذها سبحانه وخمرها بيده حتى تغير ريحها وهو المسنون وهو ذلك الجزء الهوائي الذي في الإنسان وجعل جسده محلا للأشقياء والسعداء من ذريته وجمع في طينته الأضداد بحكم المجاورة وأنشأه على الحركة المستقيمة وذلك في دولة السنبلة وجعله ذا جهات ست فوق وهو ما يلي رأسه وتحت وهو ما يلي رجليه ويمين وهو ما يلي جانبه الأقوى وشمال وهو ما يلي جانبه الأضعف وأمام وهو ما يلي الوجه وخلف وهو ما يلي الفضاء وصوره وعدله وسواه ثم نفخ فيه روحه المضاف إليه فسرى في أجزائه أربعة أركان الأخلاط إذ كانت الصفراء عن الركن الناري والسوداء عن التراب والدم عن الهواء وهو قوله مسنون والبلغم من الماء الذي عجن به التراب فصار طينا ثم أحدث فيه القوة الجاذبة التي بها تجذب الأغذية ثم الماسكة وبها يمسك الحيوان ما يتغذى به ثم الهاضمة وبها يهضم الغذاء ثم الدافعة وبها يهضم الفضلات عن نفسه من عرق وبخار

⦗ص: 446⦘

وريح وبراز وأما سريان الأبخرة وتقسم الدم في العروق وفي الكبد فبالقوة الجاذبة لا الدافعة ثم أحدث فيه القوة الغاذية والمنمية والحاسة والخيالية والوهمية والحافظة والذاكرة وهذا كله في الإنسان بما هو حيوان لا بما هو إنسان فقط إلا أن هذه القوى الأربع قوة الخيال والوهم والحفظ والذكر في الإنسان أقوى ثم خصت بالقوة المصورة المفكرة والعاقلة وجعل هذه القوى آلات للنفس الناطقة ليصل بها إلى جميع منافعها وجعله دارا لهذه القوى فتبارك الله أحسن الخالقين ثم ما سمى نفسه باسم من الأسماء إلا وجعل للإنسان من التخلق به حظا منه يظهر به في العالم على قدر ما يليق به ولذلك تأول بعضهم قوله في الخبر خلق الله آدم على صورته على هذا المعنى والحديث خرج مخرج الزجر والتهويل لوروده عقب قوله لا تقولوا قبح الله وجهك فإن الله خلق آدم على صورته أي صورة هذا الوجه المقبح ذكره القاضي. (وطوله ستون ذراعا) بذراع نفسه أو بالذراع المتعارف يومئذ للمخاطبين أو بالذراع المعروف عندنا ورجح الأول بأن حسن الخلق يقتضي اعتدال الأعضاء وتناسبها ومن قصرت ذراعه عن ربع قامته أو طالت خرج عن الاعتدال ومن قامته ستون ذراعا بذراع نفسه فذراعه سدس من عشر قامته فيخرج عن الاعتدال وزاد أحمد في روايته بعد ما ذكر في سبعة أذرع عرضا ولم ينتقل أطورا كذريته (ثم قال له اذهب فسلم على أولئك النفر) فيه إشعار بأنهم كانوا على بعد ولا حجة فيه لمن أوجب ابتداء السلام لأنها واقعة حال لا عموم لها (وهم نفر من الملائكة جلوس) قال ابن حجر: لم أقف على تعيينهم (فاستمع) في رواية فاسمع (ما يحيونك) بمهملة من التحية وفي رواية بجيم من الجواب (فإنها تحيتك وتحية ذريتك) من جهة الشرع أو أراد بالذرية بعضهم وهم المسلمون (فذهب فقال السلام عليكم) يحتمل أنه تعالى علمه كيفية ذلك نصا وكونه فهمه من قوله له سلم وكونه ألهمه ذلك (فقالوا السلام عليك ورحمة الله) وهذا أول مشروعية السلام وتخصيصه لأنه فتح باب المودة وتأليف لقلوب الأخوان المؤدي إلى استكمال الإيمان كما في خبر مسلم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم واستأنس بهذا من أجاز حذف الواو في الرد ووجهه أن المسلم عليه مأمور بمثل تحية المسلم عدلا وأحسن منها فضلا فإذا رد بالمثل أتى بالعدل (فزادوه) الضمير لآدم والزيادة تتعدى إلى مفعولين ومفعوله الثاني قوله (ورحمة الله) وفيه مشروعية زيادة الرد واتفقوا على وجوب الرد لأن السلام الآمان فإذا ابتدأ به المسلم فلم يحيه أوهم الشر قال القرطبي: وقد دل هذا الخبر على تأكد السلام وأنه من الشرائع القديمة الذي كلف بها آدم ثم لم تنسخ في شريعة اه لكن في خبر ما حسدتكم اليهود إلخ يدل على أنه من خصوصياتنا (فكل من يدخل الجنة) من بني آدم يدخلها وهو (على صورة آدم) أي على صفته في الحسن والجمال والطول ولا يدخلها على صورة نفسه من نحو سواد وعاهة وهو يدل على عفة البعض من نحو سواد ينتفي عند دخولها (في طوله ستون ذراعا) بذراع نفسه أو بقدر الذراع المتعارف يومئذ عند المخاطبين أو بذراع الشرع المعروف الآن على ما تقرر فيما قبله وروى ابن أبي الدنيا عن أنس مرفوعا يدخل أهل الجنة على طول آدم ستين ذراعا بذراع الملك على حسن يوسف وعلى ميلاد عيسى ثلاث وثلاثين اه وقال ابن حجر: وروى عبد الرزاق أن آدم لما هبط كانت رجلاه في الأرض ورأسه في السماء فحطه الله إلى ستين ذراعا فظاهره أنه كان مفرط الطول في ابتداء فطرته وظاهر هذا الحديث أنه خلق ابتداء على طول ستين ذراعا وهو المعتمد (فلم تزل الخلق تنقص بعده) في الجمال والطول (حتى الآن) فانتهى التناقص إلى هذه الأمة واستقر الأمر على ذلك فإذا دخل الجنة عادوا إلى ما كان آدم عليه من الكمال والجمال وامتداد القامة وحسن الهامة وفي مثير الغرام في زيارة القدس والشام أن آدم كان أمرد وإنما حدثت اللحية لولده وكان أجمل البرية

<تنبيه> قال السمهودي ما ذكر من الصفات من طول آدم وغيره ثابت لكل من دخل الجنة كما

⦗ص: 447⦘

تقرر فيشمل من مات صغيرا بل جاء ما يقتضي ثبوت جميع ذلك للسقط فروى البيهقي بسند حسن عن المقداد ما من أحد يموت سقطا ولا هرما وأنحاء الناس فيما بين ذلك إلا بعث ابن ثلاث وثلاثين فإن كان من أهل الجنة كان على مسحة آدم وصورة يوسف وقلب أيوب ومن كان من أهل النار عظم كالجبال والآن بالنصب ظرف يعني حتى وصل النقصان إلى الوقت الذي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيه الحديث قيل هذا مقدم في الترتيب على قوله فكل من يدخل الجنة إلخ <تنبيه> قال ابن حجر: يشكل على هذا ما يوجد الآن من آثار الأمم السابقة كديار ثمود فإن مساكنهم تدل على أن قاماتهم لم تكن مفرطة الطول على حسب ما يقتضيه الترتيب المار وعهدهم قديم والزمن الذي بينهم وبين آدم دون ما بينهم وبين أولاد هذه الأمة ولم يظهر لي إلى الآن ما يزيل هذا الإشكال

(حم ق عن أبي هريرة) ورواه عنه الطبراني وغيره

(1) والمراد بالصورة الصفة والمعنى أن الله خلقه على صفته من العلم والحياة والسمع والبصر وغير ذلك وإن كانت صفات الله لا يشبهها شيء

ص: 445

3929 -

(خلق الله) أي قدر (مئة رحمة) ورحمته إرادة الأنعام أوفعل الإكرام (فوضع) منها (رحمة واحدة بين خلقه) أي بين جميع مخلوقاته من أنس وجن وحيوان وغيرها (يتراحمون بها) أي يرحم بعضهم بعضا بها حتى أن الدواب ترحم أولادها فترفع حافرها مخافة أن يصيبه فيؤلمه (وخبأ عنده مئة إلا واحدة) إلى يوم القيامة فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة الواسعة لم ييأس من الجنة كما مر ذلك مبسوطا

(م ت عن أبي هريرة)

ص: 447

3930 -

(خلق الله التربة) يعني الأرض والترب والتراب والتربة واحد لكنهم يطلقون التربة على التأنيث ذكره ابن الأثير (يوم السبت) قال الحرالي: أصل السبت القطع للعمل ونحوه اه وفيه رد زعم اليهود أنه أبتدأ في خلق العالم يوم الأحد وفرغ يوم الجمعة واستراح السبت قالوا: ونحن نستريح فيه كما استراح الرب وهذا من جملة غباوتهم وجهلهم إذ التعب لا يتصور إلا على حادث {إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} (وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء) لا ينافيه رواية مسلم وخلق التقوي أي ما يقوم به المعاش يوم الثلاثاء لأن كلاهما خلق فيه (وخلق النور) بالراء ولا ينافيه رواية النون أي الحوت لأن كلاهما خلق فيه (يوم الأربعاء) مثلث الباء كما سبق وما تقرر من أن المراد بالمكروه الشر هو الظاهر الملائم للسياق بقرينة قوله وخلق النور يوم الأربعاء والنور خير ذكره ابن الأثير وإنما سمى الشر مكروها لأنه ضد المحبوب (وبث فيها) قال الحرالي: من البث وهو تفرقه آحاد متكثرة في جهات مختلفة (الدواب) من الدبيب وهو الحركة بالنفس (يوم الخميس وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل) استدل به في المجموع للمذهب الصحيح أن أول الأسبوع السبت وعليه أكثر أصحاب الشافعي بل في الروض الأنف لم يقل بأن أوله الأحد إلا ابن جرير وإنما خلقها في هذه الأيام ولم يخلقها في لحظة وهو قادر عليه تعليما لخلقه الرفق والتثبيت <تنبيه> سئل شيخ الإسلام زكريا هل خلق الله السماوات والأرض في الأسبوع الذي خلق فيه آدم أم قبله وهل عمر الأرض قبل خلقه أم لا فأجاب بما نصه ظاهر الأحاديث أن الله خلق السماوات والأرض في الأسبوع الذي خلق فيه آدم فقد روى أنه خلق الأرض يوم السبت والجبال يوم الأحد والشجر يوم الاثنين والظلمة يوم الثلاثاء والنور يوم الأربعاء والدواب يوم الخميس وخلق فيه السماوات إلى ثلاث ساعات بقيت من يوم الجمعة فخلق في الساعة الأولى الآفات والآجال والثانية الأرزاق والثالثة آدم وأما الأرض فعمرها قبل آدم الجن ومنهم إبليس اه بنصه

(حم م) وكذا النسائي

⦗ص: 448⦘

(عن أبي هريرة) قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فذكره قال الزركشي: أخرجه مسلم وهو من غرائبه وقد تكلم فيه ابن المديني والبخاري وغيرهما من الحفاظ وجعلوه من كلام كعب الأحبار وأن أبا هريرة إنما سمعه منه لكن اشتبه على بعض الرواة فجعله مرفوعا وقد حرر ذلك البيهقي ذكره ابن كثير في تفسيره وقال بعضهم: هذا الحديث في متنه غرابة شديدة فمن ذلك أنه ليس فيه ذكر خلق السماوات وفيه ذكر خلق الأرض وما فيها من سبعة أيام وهذا خلاف القرآن لأن الأربعة خلقت في أربعة أيام ثم خلقت السماوات في يومين

ص: 447

3931 -

(خلق الله عز وجل الجن ثلاثة أصناف صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض) أي على صورتها ومن ثم ندب إنذارها قبل قتلها (وصنف كالريح في الهواء) وهذان الصنفان لا حساب ولا عقاب عليهما كما يشير إليه قوله (وصنف عليهم الحساب والعقاب) أي مكلفون ولهم وعليهم فيما كلفوا ما يستحقونه (وخلق الله الإنس ثلاثة أصناف صنف كالبهائم) زاد الديلمي في روايته هنا قال الله تعالى {لهم قلوب لا يفقهون بها} الآية (وصنف أجسادهم أجساد بني آدم وأروحهم أرواح الشياطين) أي مثلها في الخبث والشر (وصنف في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله) يعني في ظل عرشه فلا يصبهم وهج الحر في ذلك الموقف الأعظم حين يصيب الناس ويلجمهم العرق إلجاما قال الغزالي: قال وهب: بلغنا أن إبليس تمثل ليحيى بن زكريا فقال: أخبرني عن بني آدم قال: هم عندنا ثلاثة أصناف أما صنف منهم فأشد الأصناف علينا نقبل عليه حتى نعنته ونتمكن منه ثم يفزع إلى الاستغفار والتوبة فيفسد علينا كل شيء أدركنا منه ثم نعود إليه فيعود فلا نحن نيأس منه ولا نحن ندرك منه حاجتنا فنحن منه في عناء والصنف الآخر في أيدينا بمنزلة الكرة في أيدي صبيانكم نتلقفهم كيف شئنا والصنف الثالث مثلك معصومون لا نقدر منهم على شيء

(الحكيم) الترمذي في النوادر (وابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (مكايد الشيطان وأبو الشيخ [ابن حبان] في) كتاب (العظمة وابن مردويه) في تفسيره وكذا الديلمي كلهم (عن أبي الدرداء) وفيه يزيد بن سنان الزهاوي قال في الميزان: ضعفه ابن معين وغيره وتركه النسائي ثم ساق له مناكير هذا منها

ص: 448

3932 -

(خلق الله آدم فضرب كتفه اليمنى فأخرج ذرية بيضاء كأنهم اللبن ثم ضرب كتفه اليسرى فخرج ذرية سوداء كأنهم الحمم قال هؤلاء في الجنة) واستعملهم بالطاعة (ولا أبالي وهؤلاء في النار) واستعملهم بالمعاصي (ولا أبالي) فمن سبقت له السعادة قيض الله له من الأسباب ما يخرجه من الظلمات إلى النور ومن غلبت عليه الشقوة سلط عليه الشياطين فأخرجته من نور الفطرة إلى ظلمات الكفر والحيرة فهو الهادي والمضل يضل من يشاء ويحكم ما يريد لا راد لحكمه ولا معقب لقضائه فتعالى الله الملك {لا يسأل عما يفعل}

(ابن عساكر) في التاريخ (عن أبي الدرداء) وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو ذهول عجيب فقد خرجه عن

⦗ص: 449⦘

أبي الدرداء أحمد والطبراني والبزار وغيرهم قال الهيثمي: ورجاله ثقات انتهى. فعدول المصنف لابن عساكر مع وجود هؤلاء قصور أو تقصير

ص: 448

3933 -

(خلق الله يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمنا وخلق فرعون في بطن أمه كافرا) قال الذهبي: وكذلك جميع من خلقه فليس للرسل أثر في سعادة أحد كما أنه ليس لإبليس أثر في شقاوة أحد لتمييز أهل القبضتين عند الحق قبل بعثة الرسل لا يزيدون ولا ينقصون اه ومذهب أهل الحق أن الإيمان لا ينفع عند الغرغرة ولا عند معاينة عذاب الاستئصال وأخذ علماء الأمة الذين عليهم المعول من ذلك إجماعهم على موت فرعون على كفره وأنه لم ينفعه قوله حين أدركه الغرق {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} وأما ما صرح به القاضي عبد الصمد الحنفي من أهل القرن الخامس أن مذهب الصوفية أن الإيمان ينتفع به ولو كان بعد معاينة العذاب فلا التفات له لمحالفته لما حكى عليه الإجماع وكذا ما جزم به في الفتوحات من صحة الإيمان عند الاضطرار وأن فرعون مؤمن فلا التفات لذلك وإن كنا نعتقد جلالة قائله فإن العصمة ليست إلا للأنبياء وفيه رد لقول بعض الفرق إن الكفر والإيمان مكتسبان للعبد غير مخلوقين ولقول البعض الكفر مخلوق دون الإيمان <تنبيه> قال الغزالي: من هنا يأتي الشيطان الإنسان فيقول لا حاجة لك إلى العمل لأنك إن خلقت سعيدا لم يضرك قلة العمل أو شقيا لم ينفعك فعله فإن عصم الله العبد رده بأن يقول له إنما أنا عبد الله وعلى العبد امتثال العبودية والرب أعلم بربوبيته يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد ولأنه ينفعني العمل كيف كنت لأني إن كنت سعيدا احتجت إليه لزيادة الثواب أو شقيا فكذلك كي لا ألوم نفسي على أن الله لا يعاقبني على الطاعة بكل حال كيف ووعده الحق وقد وعد على الطاعة الثواب

(عد طب) وكذا الديلمي (عن ابن مسعود) قال الهيثمي: إسناده جيد انتهى وأورده الذهبي في الميزان في ترجمة محمد بن سليم العبدي من حديثه عن النسائي وغيره أنه غير قوي وعن آخرين أنه ثقة

ص: 449

3934 -

(خلق الله الحور العين من الزعفران) وفي رواية ذكرها الثعلبي في تفسيره أنهن خلقن من تسبيح الملائكة وفي رواية أخرى من المسك وقد يجمع بخلق بعض من زعفران وبعض من تسبيح وبعض من مسك وفي شرح البخاري لابن الملقن عن ابن عباس خلقت الحور من أصابع رجليها إلى ركبتيها من الزعفران ومن ركبتيها إلى ثدييها من المسك الأذفر ومن ثدييها إلى عنقها من العنبر الأشهب ومن عنقها إلى نهاية رأسها من الكافور الأبيض قال ابن القيم: هن المنشئات في الجنة لسن مولودات بين الآباء والأمهات وإذا كانت هذه الخلقة الآدمية التي هي أحسن الصور ومادتها من تراب فما الظن بصورة خلقت من مادة زعفران الجنة

(طب عن أبي أمامة) ورواه عنه الديلمي أيضا

ص: 449

3935 -

(خلق الله الإنسان والحية سواء إن رآها أفزعته وإن لدغته أوجعته فاقتلوها حيث وجدتموها) قاله حين سئل عن قتل الحيات

(الطيالسي) ثم الديلمي (عن ابن عباس) قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الحية فقاله ورواه عنه أيضا الطبراني في الأوسط قال الهيثمي: وفيه جابر غير منسوب والظاهر أنه الجعفي وقد ضعفوه

ص: 449

⦗ص: 450⦘

3936 - (خلقت الملائكة من نور وخلق الجان) أبو الجن أو إبليس (من مارج من نار) أي من نار مختلطة بهواء مشتعل والمرج الاختلاط فهو من عنصرين هواء ونار كما أن آدم من عنصرين تراب وماء عجن به فحدث له اسم الطين كما حدث للجن اسم المارج (وخلق آدم مما وصف لكم) ببناء وصف للمفعول أي بما وصفه الله لكم في مواضع من كتابه ففي بعضها أنه خلقه من ماء وفي بعضها من تراب وفي بعضها من المركب منهما وهو الطين وفي بعضها من تراب وفي بعضها من صلصال وهو طين ضربته الشمس والريح حتى صار كالفخار قال الغزالي: قد اجتمع في الفخار والنار والطين والطين طبعه السكون والنار طبعها الحركة فلا يتصور نار مشعلة تسكن بل لا تزال تتحرك بطبعها وقد كلف المخلوق من النار أن يطمئن من حركته ساجدا لما خلق من طين فأبى واستكبر أن يسجد لآدم فلا مطمع في سجوده لأولاده <تنبيه> قال ابن عربي: قال مما وصف لكم ولم يقل كما قال فيما قبله طلبا للاختصار فإنه أوتي جوامع الكلم وهذا منها إذ الملائكة لم يختلف أصل خلقتها ولا الجان وأما الإنسان فاختلف خلقه على أربعة أنواع فخلق آدم لا يشبه خلق حواء وخلق حواء لا يشبه خلق آدم وخلق عيسى لا يشبه خلق الكل فأحال على ما وصل إلينا من تفصيل خلق الإنسان ولما كان خلق الجان من نار كان فيه طلب القهر والاستكبار فإن النار أرفع الأركان مكانا ولها سلطان على الإحالة فلذلك قال {أنا خير منه} وما علم أن سلطان الماء الذي خلق منه آدم أقوى منه فإنه يذهبه والتراب أثبت منه ليرده ويبسه فلآدم القوة والثبوت لغلبة دينك الركنين عليه وإن كان فيه الآخران لكن ليس لهما ذلك السلطان وأعطى آدم التواضع للطينة فإن تكبر فلعارض بقلبه لما فيه من النارية كما يقبل اختلاف الصور في خياله وأحواله من الهوائية وأعطى الجان التكبر للنارية فإن تواضع فلعارض لما فيه من الترابية كما يقبل الثبات على الإغواء إن كان شيطانا وعلى الطاعة إن لم يكن ففيهم الطائع والعاصي ولهم التشكل في أي صورة شاؤوا وفيهم التناسل كما مر وكان وجودهم بالقوس وهو ناري هكذا ذكر الوالد حفظه الله تعالى فكان بين خلق الجان وخلق آدم ستون ألف سنة والتوالد في الجن باق إلى اليوم كما فينا فالملائكة أرواح منفوخة في أنوار والجان أرواح منفوخة في رياح والأناس أرواح منفوخة في أشباح ويقال لم يفصل عن الجني الأول أنثى كما فصلت حواء بل خلق له فرج في نفسه فنكح بعضه بعضا فأتى بذكران وإناث ثم نكح بعضها بعضا فكان خلقه خنثى ولما غلبت على الجن عنصر الهواء والنار كان غذاؤهم ما يحمله له الهواء مما في العظام من الدسم وصفته اجتماع بعضهم ببعض في النكاح مثل ما تبصر الدخان الخارج من الأتون ومن فرن الفخار يدخل بعضه في بعض فيلتذ كل منهما بذلك التداخل ويكون ما يلقونه كلقاح النخلة بمجرد الرائحة كغذائهم

(حم م) في آخر الصحيح (عن عائشة) ولم يخرجه البخاري

ص: 450

3937 -

(خلقت النخلة والرمان والعنب من فضل طينة آدم) فبينها وبين بني آدم قرابة وتشابه معنوي وفي الحديث المار أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من فضلة طينة أبيكم آدم

(ابن عساكر) في التاريخ (عن أبي سعيد) الخدري قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مم خلقت النخلة فذكره وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر من ابن عساكر ولا أقدم مع أن الديلمي خرجه عن أبي سعيد أيضا لكن سنده مطعون فيه

ص: 450

3938 -

(خلل) ندبا صرف الأمر عن الوجوب لأخبار أخر (أصابع يديك ورجليك) في الوضوء والغسل فإيصال الماء إلى ما بين الأصابع واجب والتخليل سنة ويحصل التخليل بأي كيفية كانت والأفضل كيفية مبينة في الفروع

(حم

⦗ص: 451⦘

عن ابن عباس) قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء من أمر الصلاة فقال له خلل إلخ. قال الهيثمي: فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد ضعيف

ص: 450

3939 -

(خللوا) ندبا والصارف عن الوجوب أخبار أخر (بين أصابعكم) أي أصابع يديكم ورجليكم إذا تطهرتم (لا) يعني لئلا (يخللها الله يوم القيامة بالنار) يعني حافظوا على التخليل واحذروا تفريطكم فيه فإن من أهمله يخلله الله يوم القيامة بنار جهنم قال الكمال: مؤدى التركيب أي تركيب هذا الخبر أن التخليل يراد لعدم التخلل وهو لا يستلزم أن عدم التخليل يستلزم تخلل النار إلا لو كان علته مساوية وهو منتف وإلا كان التخليل واجبا بعد اعتقادهم حجية الحديث لكن المعدود في السنن التخليل بعد العلم بوصول الماء إلى ما بينهما وهو غير واجب وحينئذ فليس هو مقرونا بالوعيد بتقدير الترك فلا حاجة إلى ضمه في السؤال القائل خللوا يفيد الوجوب فكيف وهو مقرون بالوعيد ثم تكلف الجواب بأنه مصروف عنه بحديث الأعرابي وحديث حكاية وضوئه عليه السلام إذ ليس فيهما التخليل والوعيد مصروف إلى ما لو لم يصل الماء بين الأصابع

(قط عن أبي هريرة) قال الحافظ ابن حجر: إسناده واه جدا وتبعه السخاوي وقال ابن الهمام: حديث ضعيف بيحيى بن ميمون التمار

ص: 451

3940 -

(خللوا بين أصابعكم) أي أصابع أيديكم وأرجلكم (لا يخلل الله بينهما بالنار ويل للأعقاب من النار) أي شدة هلكة لأعقاب أرجلكم من عذاب نار جهنم

(قط عن عائشة) قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ويخلل بين أصابعه ويدلك عقيبه ويقول خللوا أصابعكم لا يخلل الله بينهما بالنار ويل للأعقاب من النار هذا لفظ الدارقطني من رواية عمر بن قيس ثم قال أعني الدارقطني: ضعيف لضعف قيس ويحيى بن ميمون وقال ابن حجر: سنده ضعيف جدا اه ورواه الطبراني والديلمي من حديث ابن مسعود ثم قال الديلمي: وفي الباب أبو هريرة اه فكان ينبغي للمصنف استيعاب مخرجيه إشارة لاكتسابه بعض القوة

ص: 451

3941 -

(خللوا لحاكم) في الوضوء والغسل بالكيفية المعروفة (وقصوا أظفاركم) من اليدين والرجلين إذا طالت (فإن الشيطان) إبليس ويحتمل أن أل فيه للجنس (يجري ما بين اللحم والظفر) فإنه يحب الأنتان والأقذار وما يجتمع تحت الظفر من الوسخ يحبه فيسكن إليه ومن فوائد التخليل إيصال الماء إلى الشعر والبشر ومباشرة البشرة والشعر باليد ليحصل تعميمه بالماء وتأنيس البشرة لئلا يصيبها بالصب ما تتأذى به والأمر للندب نعم إن توقف إيصال الماء على التخليل وإزالة الظفر وجب

(خط في) كتاب (الجامع وابن عساكر) في تاريخه (عن جابر) بن عبد الله

ص: 451

3942 -

(خليلي من هذه الأمة أويس) بن عامر أو عمرو (القرني) بفتح القاف والراء نسبة لقبيلة من مراد من اليمن ووهم الجوهري في قوله قرن الميقات وهو راهب هذه الأمة لم يره النبي صلى الله عليه وسلم وإنما دل على فضله قتل مع علي بصفين وقيل مات على أبي قبيس وقيل بدمشق وذكروا في موته قصصا تشبه المعجزات وفي الميزان عن مالك أنه أنكره. وقال ابن حبان: كان بعض أصحابنا ينكرونه

(ابن سعد) في الطبقات (عن رجل) من التابعين (مرسلا) غير مسند

ص: 451

3943 -

(خمروا) غطوا وكل ما سترك من شيء فهو خمر (الآنية) جمع قلة كأدمة جمع أديم ذكره الزمخشري (وأكئوا)

⦗ص: 452⦘

بكسر الكاف: شدوا (الأسقية) أي أفواهها بنحو خيط (وأجيفوا) بحيم وفاء أغلقوا (الأبواب) أي أبواب دوركم (واكفتوا) بهمزة وصل بكسر الفاء (صبيانكم) أي ضموهم إليكم والمراد أولادكم ذكورا وإناثا (عند المساء) أي الغروب وما بين العشاءين فامنعوهم من الحركة وأدخلوهم البيوت (فإن للجن) بعد الغروب (انتشارا وخطفة) بالتحريك جمع خاطف وهو أن يأخذ الشيء بسرعة والخطفة الأخذ بسرعة (وأطفئوا) بهمزة قطع وسكون المهملة وكسر الفاء بعدها همزة مضمومة (المصابيح عند الرقاد) أي عند إرادة النوم (فإن الفويسقة) بالتصغير الفأرة (ربما اجترت الفتيلة) من المصباح بجيم ساكنة وفوقية وراء مشددة مفتوحتين (فأحرقت أهل البيت) وهم لا يشعرون وهذا يفيد أنه لو أمن جرها كما لو كان في قنديل لا يطلب إطفاءه عند النوم وقد سبق ما فيه والأوامر في هذا الباب وأمثاله إرشادية وتنقلب ندبية بفعلها بقصد الامتثال

(خ عن جابر) كلام المصنف كالصريح في أن ذا مما تفرد به البخاري عن صاحبه وهو غفلة فقط عزاه الديلمي وغيره لهما معا

ص: 451

3944 -

(خمروا وجوه موتاكم) يعني المحرمين فإنه قال ذلك في المحرم يموت (ولا تشبهوا) بحذف إحدى التاءين للتخفيف (باليهود) في رواية بدله بأهل الكتاب فإنهم لا يغطون وجوه من مات منهم والخمار ثوب تغطي به المرأة رأسها والجمع خمر مثل كتاب وكتب واختمرت المرأة وتخمرت لبست الخمار

(طب) من حديث عطاء (عن ابن عباس) قال الهيثمي: رجاله ثقات

ص: 452

3945 -

(خمس) من الخصال (بخمس) أي مقابلة بها (ما نقض قوم العهد) أي ما عاهدوا الله عليه أو ما عاهدوا عليه قوما آخرين (إلا سلط عليهم عدوهم) جزاء بما اجترحوه من نقض العهد المأمور بالوفاء به (وما حكموا بغير ما أنزل الله) في كتابه القرآن عن عمد أو جهل (إلا فشا فيهم الفقر ولا ظهرت فيهم الفاحشة) يعني الزنا ولم ينكروا على فاعله (إلا فشا فيهم الموت) كما وقع في قصة بني إسرائيل (ولا طففوا المكيال إلا منعوا) بضم الميم (النبات) يعني البركة فيه (وأخذوا بالسنين) قال في الفردوس: يقال لعام المجاعة والقحط سنة وجمعها سنون (ولا منعوا الزكاة) أي إعطاءها إلى مستحقيها (إلا حبس عنهم الفطر) أي المطر

(طب عن ابن عباس) ظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا لأحد من الستة وهو ذهول فقط خرجه ابن ماجه باللفظ المزبور عن ابن عباس كما بينه الديلمي وغيره

ص: 452

3946 -

(خمس صلوات) قال الطيبي: مبتدأ وقوله (افترضهن الله عز وجل صفة صلوات والجملة الشرطية بعده خبر وهي قوله (من أحسن وضوءهن) أي أتى به كاملا بسننه وآدابه (وصلاهن لوقتهن) أي لأوقاتهن المعلومة ولعله المراد في أول أوقاتهن (وأتم ركوعهن وسجودهن) أي أتى بهما تامين بأن اطمأن فيهما ووفى حقهما من الأذكار الواردة (وخشوعهن) بقلبه وجوارحه (كان له على الله) تفضلا وتكرما (عهد أن يغفر له) إما جملة محذوفة مبتدأ أو صفة عهد وإما بدل من عهد وهو الأمان والعهد الميثاق وعهد الله واقع لا محالة {إن الله لا يخلف الميعاد} قال الطيبي: وقوله أن يغفر له على حذف

⦗ص: 453⦘

الياء فإن العهد في معنى الوعد كما يقال وعد بكذا (ومن لم يفعل) ذلك على الوجه المذكور (فليس له على الله عهد إن شاء غفر له) ما ترك من الصلوات وعفى عنه فضلا (وإن شاء عذبه) عدلا قال القاضي: شبه وعد الله بإثابة المؤمن على عمله بالعهد الموثوق به الذي لا يخلف ووكل أمر التارك إلى مشيئته تجويز للعفو وأنه لا يجب على الله شيء ومن ديدن الكرام محافظة الوعد والمسامحة في الوعيد

(د هق عن عبادة بن الصامت) واللفظ لأبي داود وظاهر صنيع المؤلف أن أبا داود تفرد به من بين الستة وليس كذلك بل قد عزاه الصدر المناوي وغيره للترمذي والنسائي أيضا

ص: 452

3947 -

(خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن) قال الباجي: احترز عن السهو وقال ابن عبد البر: تضييعها أن لا يقيم حدودها (كان له عند الله عهد أن يدخل الجنة) أي مع السابقين أو من غير تقديم عذاب (ومن لم يأت بهن) على الوجه المطلوب شرعا (فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه) عدلا (وإن شاء أدخله الجنة) برحمة فضلا فعلم من هذا وما قبله وبعده أن تارك الصلاة لا يكفر وأنه لا يتحتم عذابه بل هو تحت المشيئة

(مالك حم د ن هـ حب ك عن عبادة بن الصامت) قال الزين العراقي: وصححه ابن عبد البر

ص: 453

3948 -

(خمس صلوات) واجبات في اليوم والليلة (من حافظ عليهن) أي على فعلهن (كانت له نورا) في قبره وحشره (وبرهانا) تخاصم وتحاجج عنه (ونجاة) من العذاب (يوم القيامة ومن لم يحافظ عليهن) أي على أدائهن بالشروط والأركان (لم يكن له نور يوم القيامة) حين يسعى نور المؤمنين بين أيديهم ومن خلفهم (ولا برهان ولا نجاة) من العذاب (وكان يوم القيامة مع فرعون وقارون وهامان وأبي بن خلف) الجمحي الذي آذى الله ورسوله وبالغ في ذلك حتى قتله الله بيد رسوله يوم أحد ولم يقتل بيده قط أحد غيره وفي ذكره مع هؤلاء إشعار بأنه أشقى هذه الأمة وأشدها عذابا مطلقا ويؤيده خبر أشقى الناس من قتل نبيا أو قتله نبي

(ابن نصر عن ابن عمرو) بن العاص

ص: 453

3949 -

(خمس فواسق) قال النووي: روي بالإضافة وبالتنوين قال الطيبي: إن روي منونا وفواسق مرفوعا يكون مبتدأ موصوفا (تقتلن) خبره وإن روي منصوبا يكون خمس صفة محذوف وفواسق معترضة نصبا على الذم قال الزمخشري: أصل الفسق الخروج عن الاستقامة والجور وقيل للعاصي فاسق لذلك وسميت هذه الحيوانات فواسق على الاستعارة لخبثهن وخروجهن عن الحرمة وقال غيره: سميت فواسق لخروجها بالإيذاء والإفساد عن طريق معظم الدواب (في الحل والحرم) لا حرمة لهن بحال والحرم بفتح الحاء والراء حرم مكة أو بضمها جمع حرام من قبيل {وأنتم حرم} والمراد المواضع المحرمة وعليه اقتصر في المشارق قال النووي: والفتح أظهر (الحية) المراد بها هنا ما يشمل الثعبان (والغراب

⦗ص: 454⦘

الأبقع) الذي في ظهره أو بطنه بياض وأخذ بهذا القيد قوم ورجح جمع الإطلاق لأن روايته أصح (والفأرة) بهمزة ساكتة وتسهل (والكلب العقور) من أبنية المبالغة أي الجارح المفترس كأسد وذئب ونمر سماه كلبا لاشتراكهما في السبعية ونظيره قوله في دعائه على عتبة اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فافترسه أسد وقيل أراد الكلب المعروف (والحديا) بضم الحاء وفتح الدال وشد الياء مقصور بضبط المصنف فهو تصغير الحدأة وأحد الحدأ الطائر المعروف قال ابن العربي: أمر بالفتل وعلل بالفسق فيتعدى الحكم إلى كل من وجدت فيه العلة ونبه بالخمسة على خمسة أنواع من الفسق فنبه بالغراب على ما يجانسه من سباع الطير وكذا بالحدأة ويزيد الغراب بحل سفرة المسافر ونقب جريه وبالحية على كل ما يلسع والعقرب كذلك والحية تلسع وتفترس والعقرب يلسع ولا يفترس وبالفأرة على ما يجانسها من هوام المنازل المؤذية وبالكلب العقور على كل مفترس ومعنى فسقهن خروجهن عن حد الكف إلى الأذية

(م ن هـ عن عائشة)

ص: 453

3950 -

(خمس) من الحيوانات (قتلهن حلال في الحرم) فالحل أولى (الحية والعقرب والحدأة والفأرة والكلب العقور) فيباح بل يجب قتلهن في أي محل كان ولو في جوف الكعبة لأن ما كان ممنوعا منه ثم جاز وجب قال النووي: اتفق العلماء على أنه يجوز للمحرم قتلهن ثم اختلف فيما يكون في معناهن فقال الشافعي: المعنى في جواز قتلهن كونهن مؤذيات فكل مؤذ للمحرم قتله وما لا فلا. ويجوز أن يقتل في الحرم كل من وجب عليه قتل بقود أو رجم أو محاربة ويجوز إقامة الحدود فيه

(د عن أبي هريرة)

ص: 454

3951 -

(خمس كلها فاسقة) قال أبو البقاء: كذا وقع في هذه الرواية بالتاء ووجهه أنه محمول على المعنى فإن المعنى كل منهن فاسقة ويجوز أن يكون ألحق التاء للمبالغة كقولهم رجل نسابة وخليفة ولو حمل على اللفظ لقال كلهن فاسق كما قال الله تعالى {وكلهم آتيه يوم القيامة فردا} انتهى (يقتلهن المحرم) حال إحرامه ولا يؤزر بل يؤجر (ويقتلهن في الحرم) ولو في المسجد (الفأرة والعقرب والحية والكلب العقور والغراب) سمي به لسواده ومنه {وغرابيب سود} وهما لفظتان بمعنى واحد والعرب تتشاءم به ولذلك اشتقوا منه الغربة والاغتراب وغراب البين هو الأبقع قال صاحب المجالسة: سمي غراب البين لأنه بان من نوح لما وجهه إلى الماء فذهب ولم يرجع وقال ابن قتيبة: سمي فاسقا لتخلفه عن نوح حين أرسله ليأتيه بخبر أرض فترك أمره وسقط على جيفة وظاهر تقييده في هذه الأخبار الكلب بكونه عقورا أن غيره محترم يمتنع قتله وهو المصحح عند الشافعية وعندهم قول مرجوج بجواز قتل غير العقور أيضا للأمر بقتل الكلاب

(حم عن ابن عباس) قال الهيثمي: وفيه ليث بن أبي سليم فهو ثقة لكنه مدلس

ص: 454

3952 -

(خمس ليال لا ترد فيهن الدعوة) من أحد دعى بدعاء سائغ متوفر الشروط والأركان والآداب (أول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان وليلة الجمعة وليلة الفطر) أي ليلة عيد الفطر (وليلة النحر) أي عيد الأضحى فيسن قيام هؤلاء الليالي والتضرع والابتهال فيها وقد كان السلف يواظبون عليه روى الخطيب في غنية الملتمس أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي بن أرطاة عليك بأربع ليال في السنة فإن الله تعالى يفرغ فيهن الرحمة ثم سردها

(ابن عساكر) في تاريخه

⦗ص: 455⦘

(عن أبي أمامة) ورواه عنه أيضا الديلمي في الفردوس فما أوهمه صنيع المصنف من كونه لم يخرجه أحد ممن وضع لهم الرموز غير سديد ورواه البيهقي من حديث ابن عمر وكذا ابن ناصر والعسكري قال ابن حجر: وطرقه كلها معلولة

ص: 454

3953 -

(خمس من الفطرة) وفي رواية الفطرة خمس وهي بكسر الفاء مقولة بالاشتراك بمعنى الخلق والجبلة والسنة وهي المرادة هنا كما مر أي خمس من السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع حتى صارت كأنها أمر جبلوا عليه والحصر في الخمسة غير حقيقي بدليل رواية عشر وأكثر بل مجازي بطريق المبالغة في الحث على الخمس لأنها أهم وآكد وإن كان غيرها من الفطرة فالمراد حصر الأكمل ويحتمل أنه أعلم بالخمس ثم زيد (الختان) بالكسر اسم لفعل الختان وسمى به المحل وهي الجلدة التي تقطع فختان الرجل هو الحرف المستدير على أسفل الحشفة وهو الذي تترتب الأحكام على تغييبه في الفرج وختان المرآة قطع جلدة كعرف الديك فوق الفرج قال الشافعي: وهو واجب دون بقية الخمس ولا مانع من أن يراد بالفطرة القدر المشترك الذي يجمع الوجوب والندب وهو الطلب المؤكد كما مر (والاستحداد) وفي رواية بدله حلق العانة قال في المنار: وهو أوسع من الاستحداد فإنه يصدق على التنور ولا يصدق عليه الاستحداد فإنه الحلق بالحديد وذكر الحلق غالبي والمطلوب الإزالة (وقص الشارب) الشعر النابت على الشفة العليا ولا بأس بترك سباليه عند الغزالي لكن نوزع وتحصل السنة بقصه بنفسه وهو أولى وبقص غيره له (وتقليم الأظفار) تفعيل من القلم القطع والمراد إزالة ما يزيد على ما يلابس رأس الأصبع من الظفر لأن الوسخ يجتمع فيه قال ابن العربي: وقص الأظفار سنة إجماعا ولا نعلم قائلا بوجوبه لذاته لكن إن منع الوسخ وصول الماء للبشرة وجبت إزالته للطهارة وشمل العموم أصابع اليدين والرجلين فلو اقتصر على بعضها مع استوائها في الحاجة لم يحصل المقصود بل هو كالمشي في نعل واحدة وشمل الأصبع الزائدة واليد الزائدة بناء على أن الفرد النادر يدخل في العموم ذكره ابن دقيق العيد وتتأدى السنة بقصه بنفسه وهو أولى وبقص غيره إذ لا هتك حرمة ولا خرم مروءة سيما من يعسر عليه قص يمناه ذكره العراقي (ونتف الإبط) لأنه محل الريح الكريه المجتمع بالعرق فيتلبد ويهيج فشرع نتفه ليضعف ويحصل أصل السنة بحلقه والنتف أفضل فإن الحلق يهيج الشعر

(حم ق عن أبي هريرة) وفي الباب غيره

ص: 455

3954 -

(خمس من الدواب كلهن فاسق) سميت به لخروجها بالإيذاء والإفساد عن طريق معظم الدواب أو لتحريم أكلها قال الله تعالى {ذلكم فسق} بعد ما ذكر ما حرم أكله (يقتلن) وفي رواية يقتلهن بالهاء أي المرء وقوله فاسق صفة لكل مذكر ويقتلن فيه ضمير راجع لمعنى كل وهو جمع وهو تأكيد لخمس كذا في التنقيح وتعقبه في المصابيح بأن صوابه أن يقال خمس مبتدأ وسوغ الابتداء به مع كونه نكرة وصفة ومن الدواب في محل رفع على أنه صفة أخرى لخمس وقوله ليقتلن جملة فعلية في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو خمس (في الحرم: الغراب) وهو ينقر ظهر البعير وينزع عينه (والحدأة) كعنبة مقصورة وهي أخس الطير تخطف أطعمة الناس (والعقرب) واحدة العقارب والأنثى عقربة (والفأرة) بهمزة ساكنة والمراد فأرة البيت وهي الفويسقة (والكلب العقور) قال ابن الأثير: الكلب العقور كل سبع يعقر أي يجرح ويقتل كأسد وذئب ونمر سماها كلبا لاشتراكها في السبعية والعقور من أبنية المبالغة الجارح وهو

⦗ص: 456⦘

معروف

(ق ت ن عن عائشة)

ص: 455

3955 -

(خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح) أي حرج (الغراب والحدأة) بكسر الحاء مهموزة (والعقرب والفأرة والكلب العقور) علله الشافعي بأنهن مما لا يؤكل وما لا يؤكل ولا تولد من مأكول وغيره إذا قتله المحرم لا فدية عليه وعلله مالك بأنهن مؤذيات وكل مؤذ يجوز للمحرم قتله وما لا فلا. وقال البيضاوي: إنما سميت هذه الحيوانات فواسق لخبلهن تشبيها بالفساق وقيل لخروجهن من الحرمة في الحل والحرم وقيل لحرمتهن وخصت بالحكم لأنها مؤذيات مفسدات تكثر في المساكن والعمران ويعسر دفعها والتحرز منها فإن منها ما هو كالمنتهز للفرصة إذا تمكن من إضرار بادر إليه وإذا أحس بطلب أو دفع فر منه بطيران أو اختفى في نفق ومنها ما هو صائل يتغلب لا ينزجر بالخسء كالكلب العقور وهو كلها يعدى على الإنسان ويصول عليه ويعفره أي يجرحه من العقور وهو الجرح وقاس عليه الشافعي كل سبع ضار أو صائل وقيل إنه يعم بلفظه كل سبع عقور ويدل عليه دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم على عتبة اللهم سلط عليه كلبا من كلابك ففرسه الأسد والغراب الأبقع الذي فيه سواد أو بياض لأنه أكثر ضررا وأسرع فسادا

(مالك) في المؤطأ (ق حم د ن هـ عن ابن عمر) بن الخطاب

ص: 456

3956 -

(خمس) من الخصال (من حق المسلم على) أخيه (المسلم رد التحية) يعني السلام (وإجابة الدعوة) لوليمة عرس أو غيرها وجوبا في الأولى وندبا في غيرها (وشهود الجنازة) أي حضور الصلاة عليها وفعلها واتباعها إلى الدفن أفضل (وعيادة المريض) أي زيارته في مرضه (وتشميت العاطس إذا حمد الله) بأن يقول له يرحمك الله فإن لم يحمد لم يشمته لتقصيره

(هـ عن أبي هريرة)

ص: 456

3957 -

(خمس من الإيمان) أي من خصال الإيمان (من لم يكن فيه شيء منهن فلا إيمان له) إيمانا كاملا (التسليم لأمر الله) فيما أمر به (والرضا بقضاء الله) فيما قدره (والتفويض إلى الله والتوكل على الله والصبر عند الصدمة الأولى) وهي حالة فجأة المصيبة وابتداء وقوعها وزاد الطبراني في روايته: ولم يطعم امرؤ حقيقة الإسلام حتى يأمنه الناس على دمائهم وأموالهم

(البزار) في مسنده من حديث سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال أعني مخرجه البزار عقبه عليه سعيد بن سنان أي وهو ضعيف ورواه الطبراني من هذا الوجه. قال الهيثمي: وفيه سعيد بن سنان لا يحتج به

ص: 456

3958 -

(خمس من سنن المرسلين) أي من شأنهم وفعلهم (الحياء) الذي هو خجل الروح من كل عمل لا يحسن في الملأ الأعلى وذلك لأنه يطهر الروح من أسباب النفس (والحلم) الذي هو سعة الصدر وانشراحه لورود النور عليه (والحجامة) لأن للدم حرارة وقوة وهو غالب على قلوب المرسلين فيغلي من ذلك دماؤهم فإذا لم تنقص أضرت (والسواك) لأن الفم طريق الوحي ومحل لنجوى الملك فإهماله تضييع لحرمة الوحي (والتعطر) لأنه ليس للملائكة

⦗ص: 457⦘

حظ مما للبشر إلا الريح الطيب وهم يكثرون مخالطة الرسل فيكون الطيب بمنزلة قراهم

(تخ والحكيم) الترمذي في النوادر (والبزار) في المسند (والبغوي) في المعجم (طب وأبو نعيم) الأصبهاني (في) كتاب (المعرفة هب) كلهم (عن حصين) مصغر حصن بكسر الحاء وسكون الصاد المهملتين بن عبد الله (الخطمي) بفتح المعجمة جد مليح بن عبد الله ثم قال البيهقي عقب تخريجه: هذا ذكره البخاري في التاريخ عن عبد الرحمن بن أبي فديك ومحمد بن إسماعيل عن عمر بن محمد الأسلمي فعمر يتفرد به إلى هنا كلامه وعمر هذا أورده الذهبي في الضعفاء وقال: هو من المجاهيل اه وقال الحافظ العراقي: سنده ضعيف وللترمذي وحسنه من حديث أبي أيوب أربع فأسقط الحلم والحجامة وزاد النكاح

ص: 456

3959 -

(خمس من سنن المرسلين) الظاهر أنه أراد في هذا وما قبله بهم ما يشمل الأنبياء (الحياء والحلم والحجامة والتعطر والنكاح) لأن النور إذا امتلأ الصدر منه ففاض في العروق التذت النفس وثارت الشهوة وريح الشهوة إذا قوي فإنما يقوى من القلب والنفس والرسل قد أعطوا من فضل تلك القوى ما يفوق غيرهم

(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه إسماعيل بن شيبة قال الذهبي: واه وذكر له هذا الحديث وغيره اه ورواه عنه أحمد أيضا لكنه قال السواك بدل النكاح

ص: 457

3960 -

(خمس) من الخصال (من فعل واحدة منهن كان ضامنا على الله) أن يدخله الجنة ويعيذه من النار (من عاد مريضا) أي زاره في مرضه (أو خرج مع جنازة) للصلاة عليها (أو خرج غازيا) لتكون كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا (أو دخل على إمامه) يعني الإمام الأعظم (يريد تعزيزه وتوقيره أو قعد في بيته) يعني اعتزل الناس في بيته أو غيره (فسلم الناس منه) أي من أذاه (وسلم من الناس) أي من أذاهم

(حم طب عن معاذ) بن جبل. قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة وفيه مقال مشهور وبقية رجاله ثقات

ص: 457

3961 -

(خمس من قبض) أي مات (في شيء منهن فهو شهيد: المقتول في سبيل الله) أي في قتال الكفار لإعلاء كلمة الله (شهيد) في أحكام الدنيا والآخرة (والغريق في سبيل الله شهيد) من شهداء الآخرة (والمبطون) أي الميت بوجع البطن وبالإسهال (في سبيل الله شهيد) من شهداء الآخرة (والمطعون) أي الميت بالطعن الذي هو وخز الجن أو فساد في الهوى على ما مر (في سبيل الله شهيد) من شهداء الآخرة (والنفساء) أي التي تموت عقب ولادتها بسبب الولادة (في سبيل الله شهيدة) من شهداء الآخرة

(ن عن عقبة بن عامر) الجهني

ص: 457

3962 -

(خمس من عملهن في يوم) أي يوم كان (كتبه الله) أي قدر أو أمر الملائكة أن تكتب أنه من (أهل الجنة) وهذا علامة على حسن الخاتمة وبشرى له بذلك (من صام يوم الجمعة) صوم تطوع (وراح إلى الجمعة) أي إلى محلها

⦗ص: 458⦘

لصلاتها (وعاد مريضا) ولو أجنبيا (وشهد جنازة) أي حضرها وصلى عليها (وأعتق رقبة) لوجه الله تعالى أي خلصها من الرق

(ع حب عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي: رجاله ثقات

ص: 457

3963 -

(خمس لا يعلمهن إلا الله) على وجه الإحاطة والشمول كليا وجزيئا فلا ينافيه اطلاع الله بعض خواصه على كثير من المغيبات حتى من هذه الخمس لأنها جزئيات معدودة وإنكار المعتزلة لذلك مكابرة (إن الله عنده علم الساعة) أي تعيين وقت قيامها (وينزل) بالتخفيف والتشديد (الغيث) أي يعلم نزوله في زمانه (ويعلم ما في الأرحام) من ذكر وأنثى وشقي وسعيد (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا) من خير وشر جعل لنا الدراية التي فيها معنى الجبلة ولجنابه تقدس العلم تفرقه بين العلمين وأفاد أن ما هو بجبلتنا لا نعرف عاقبته فكيف بغيره (وما تدري نفس بأي أرض تموت) خص المكان ليعرف الزمان من باب أولى لأن الأول في وسعنا بخلاف الثاني وتخصيص الخمسة لسؤالهم عنها

(حم والروياني) في مسنده عن (بريدة) قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح اه وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين مع أن البخاري خرجه في الاستسقاء بلفظ مفاتيح الغيب خمس {إن الله عنده علم الساعة} إلخ

ص: 458

3964 -

(خمس ليس لهن كفارة: الشرك بالله) يعني الكفر به وخص الشرك به لغلبته حالتئذ (وقتل النفس) أي المعصومة (بغير حق وبهت المؤمن) أي قوله عليه ما لم يفعله حتى حيره في أمره وأدهشه يقال بهته كمنعه بهتا وبهتانا قال: عليه ما لم يفعل والبهتة الباطل الذي يتحير من بطلانه والكذب كالبهت بالضم ومقتضى تخصيص المؤمن أن الذمي ليس كذلك ويحتمل إلحاقه به وعليه إنما خص به المؤمن لأن بهته أشد (والفرار من الزحف) حيث لم يجز الفرار (ويمين صابرة يقتطع بها مالا) لغيره (بغير حق)

(حم وأبو الشيخ [ابن حبان] في التوبيخ) كلاهما (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الديلمي

ص: 458

3965 -

(خمس من قواصم) كذا في خط المصنف وكتب على الحاشية أن في رواية هن من قواصم (الظهر) أي كسره يقال قصمه يقصمه كسره وأبانه أو كسره وإن لم يبينه فانقصم وتقصم (عقوق الوالدين) أو أحدهما وإن علا (والمرأة يأتمنها زوجها) على نفسها أو ماله (تخونه) بالزنى أو السحاق والتصرف في ماله بغير إذنه (والإمام) أي الأعظم (يطيعه الناس ويعصي الله عز وجل ورجل وعد) رجلا (من نفسه خيرا) أي أن يفعل معه خيرا (فأخلف) ما وعد (واعتراض المرء في أنساب الناس) وفي رواية بدله ووقيعة المرء في أنساب الناس وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته كما في الفردوس وغيره وكلكم لآدم وحواء اه

(هب عن أبي هريرة) وفيه الحارث بن النعمان أورده الذهبي في الضعفاء وقال أبو حاتم غير قوي ورواه عنه أيضا الديلمي

ص: 458

⦗ص: 459⦘

3966 - (خمس من العبادة قلة الطعم) أي الأكل والشرب قال الحرالي: جعل الله فضول المطعم والمشرب في الدنيا سبب لقسوة القلب وإبطاء الجوارح عن الطاعة والصمم عن سماع الموعظة (والعقود في المساجد) لانتظار الصلاة أو للاعتكاف أو لنحو علم أو قرآن (والنظر إلى الكعبة) أي مشاهدة البيت ولو من وراء الستور (والنظر إلى المصحف) أي القراءة فيه نظرا فإنها أفضل من القراءة من ظهر قلب فإن القارئ في المصحف يستعمل لسانه وعينه فهو في عبادتين والقارئ من حفظه يقتصر على اللسان وفي نسخة النظر إلى المصحف أي فيه أو إلى ما فيه (والنظر إلى وجه العالم) العامل بعلمه والمراد العلم الشرعي قال في الفردوس: ويروى النظر إلى وجه الوالدين دون النظر إلى الكعبة

(فر عن أبي هريرة) وفيه سليمان بن الربيع النهدي قال الذهبي: تركه الدارقطني

ص: 459

3967 -

(خمس من أوتيهن لم يعذر على ترك عمل الآخرة زوجة صالحة) أي دينة تعفه (وبنون أبرار) بآبائهم أي غير عاقين (وحسن مخالطة الناس) أي وملكة يقتدر بها على مخالطة الناس بحسن خلق وما ذكر من أن الرواية مخالطة الناس هو ما في نسخ كثيرة وهو الظاهر ووقفت على نسخة المصنف فرأيت فيها بخطه مخالطة النساء والظاهر أنه سبق قلم (ومعيشة في بلده) بنحو تجارة أو صناعة من غير تنقل في الأسفار (وحب آل محمد) صلى الله عليه وسلم فإن حبهم سبب موصل إلى الله والدار الآخرة ومن ثم قرنهم بالقرآن في الأخبار الماضية <تنبيه> قال الحرالي: سلسلة أهل الطريق تنتهي من كل وجهه من جهة المشايخ والمريدين إلى أهل البيت فجهات طرق المشايخ ترجع عامتها إلى تاج العارفين أي القاسم الجنيد وبداية أبي القاسم أخذها من خاله السري والسري ائتم بمعروف وكان معروف مولى علي بن موسى الرضي وعن آبائه فرجع الكل إلى علي {أولئك حزب الله}

(فر عن زيد بن أرقم) ورواه عنه أيضا أبو نعيم ومن طريقه وعنه أورده الديلمي مصرحا فكان عزوه إليه أولى

ص: 459

3968 -

(خمس يعجل الله لصاحبها العقوبة) في الدار (البغي) أي التعدي على الناس (والغدر) للناس (وعقوق الوالدين) أي الأصليين المسلمين أو أحدهما (وقطيعة الرحم) أي القرابة بنحو صد أو هجر بلا موجب (ومعروف لا يشكر) ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله تعالى

(ابن لال) في المكارم (عن زيد بن ثابت) ورواه عنه أيضا الديلمي وغيره

ص: 459

3969 -

(خمس خصال يفطرن الصائم وينقضن الوضوء: الكذب والغيبة والنميمة والنظر بشهوة) إلى حليلة (1) أو غيرها (واليمين الكاذبة) قال حجة الإسلام: بين به أن الصوم أي المقبول المثاب عليه في الآخرة الثواب الكامل ليس هو ترك الطعام والشراب والوقاع فرب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع بل تمام الصيام أن يكف

⦗ص: 460⦘

الجوارح عما كره الله: فيحفظ اللسان عن النطق ويحفظ العين عن النظر إلى المكاره والأذن عن الاستماع إلى المحرم فإن المستمع شريك القائل وهو أحد المغتابين وكذا يكف جميع الجوارح كما يكف البطن والفرج فإذا عرفت معنى الصوم الحقيقي فاستكثر منه ما استطعت فإنه أساس العبادة ومفتاح القربات

(الأزدي) أبو الفتح (في) كتاب (الضعفاء) والمتروكين عن عيسى بن سليمان ورأف داود عن داود بن رشيد عن بقية عن محمد بن حجاج عن جابان عن أنس كذا أورده في ترجمة محمد بن الحجاج الحمصي وقال: لا يكتب حديثه وقال أبو العباس البناني في كتاب الحافل: والإسناد كله مقارب قال الحافظ العراقي: وقد رواه عن بقية أيضا سعيد بن عنبسة أحد من رمي بالكذب وقال ابن الجوزي: هذا موضوع من سعيد إلى أنس كلهم مطعون فيه (فر عن أنس) قال الحافظ العراقي: قال أبو حاتم هذا كذاب انتهى. وذلك لأن فيه سعيد بن عنبسة وقد قال الذهبي في الضعفاء: كذبه ابن معين وغيره عن بقية وحاله معلوم وجابان قال الذهبي: ليس بمعروف وفي اللسان عن ذيل الميزان: جابان قال الأزدي متروك الحديث ثم أورد له هذا الخبر

(1) [قول المناوي " إلى حليلة " فيه نظر إذ كيف يحرم المؤمن من الثواب بمجرد النظر بشهوة إلى حليلته وهي معه في بيته عرضة أن يراها بأحوال مختلفة ولم يفرض الشرع عليها أن تحتجب منه؟ ومعلوم أن النظر إلى الزوجة الجميلة قد تنتج عنه الشهوة: ورد في إحدى الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي جامع أهله في رمضان: ما حملك على هذا؟ فأجاب: رأيت خلخالها في ضوء القمر

وانظر إلى الخصال الأخرى المذكورة في الحديث كيف أنها كلها محرمة على الصائم وغيره: الكذب والغيبة والنميمة واليمين الكاذبة فيتضح لك أن ما يقرن بها يلزم أن يكون مثلها: محرم على المفطر والصائم أي أن النظر بشهوة إلى ما لا يحل يذهب ثواب الصيام. وكيف يذهب ثواب الصائم بما لم يأت فيه نهي من الشارع؟

والله أعلم. عرفان الرباط دار الحديث]

ص: 459

3970 -

(خمس دعوات يستجاب لهن دعوة المظلوم حتى) أي إلى أن (ينتصر) أي ينتقم ممن ظلمه بالقول أو الفعل (ودعوة الحاج) حجا مبرورا (حتى يصدر) أي يرجع إلى أهله (ودعوة الغازي) لإعلاء كلمة الله ابتغاء رضاه لا طلبا للغنيمة (حتى يقفل) أي يعود من غزوه إلى وطنه (ودعوة المريض) أي مرضا لم يعص به فيما يظهر (حتى يبرأ) من علته (ودعوة الأخ لأخيه) في الإسلام وإن لم يكن أخاه في النسب (بظهر الغيب) قال الطيبي: حتى في للقرائن الأربع بمعنى إلى كقولك سرت حتى تغيب الشمس لأن ما بعد حتى غير داخل فيما قبلها فدعوة المظلوم مستجابة إلى أن ينتصر وكذا الباقي فإن قلت: هذا يوهم أن دعاء هؤلاء الأربع لا يستجاب بعد ذلك وكذا دعاء الغائب إلى أن يحضر قلت: نعم لكن الأسباب مختلفة فيكون سبب الإجابة حينئذ أمر آخر غير المذكورة (وأسرع هذه الدعوات) أي أقربها إجابة (دعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب) لما فيها من الإخلاص وعدم الشوب بالرياء ونحوه

(هب عن ابن عباس) وفيه زيد العمي قال الذهبي: ضعيف متماسك ورواه عنه أيضا الحاكم ومن طريقه أورده البيهقي مصرحا فكان عزوه إليه أولى

ص: 460

3971 -

(خمس من العبادة النظر إلى المصحف) للقراءة فيه (والنظر إلى الكعبة والنظر إلى الوالدين) أي الأصلين مع الاجتماع أو الافتراق (والنظر في زمزم) أي بئر زمزم أو إلى مائها (وهي) أي زمزم (تحط الخطايا) أي يكون النظر إلى ذلك مكفرا للذنوب (والنظر في وجه العالم) العامل بما علم والمراد العلم الشرعي قال الحرالي: ويقصد الناظر التقرب إلى الله برؤيته فإن في التقرب إلى الله برؤية العلماء الأعيان وعباد الرحمن سر من أسرار العيان

(قط ن عن) كذا في نسخة المصنف بخطه وبيض للصحابي

ص: 460

3972 -

(خيار المؤمنين القانع) بما رزقه الله تعالى (وشرارهم الطامع) في الدنيا لفقره إلى الأسباب فيسترق قلبه الأطماع وتصير الخلق عليه كالأسباب لأن الطمع فيها يضاعف الهم ويطيل الحزن وينسي المعاد ومن قنع استراح فالطمع في الدنيا هو الذي عمر النار بأهلها والزهد هو الذي عمر الجنة بأهلها القانع هو الراضي عن الله بما قسم له من قليل الرزق ظاهرا

⦗ص: 461⦘

وباطنا وإنما كان خيارهم لما تضمنته القناعة من مكارم أخلاق الإيمان وهو الغني بما قسم له ومن الرضى وهو باب الله الأكبر وهو أشرف مقامات الإيمان ومن الزهد عن فضول الدنيا ومن التعفف عن تعلق الهمة قال الحرالي: والطمع يشرب القلب الحرص ويختم عليه بطابع حب الدنيا وحب الدنيا مفتاح كل شر وسبب إحباط كل خير

(القضاعي) في مسند الشهاب (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الديلمي

ص: 460

3973 -

(خيار أمتي في كل قرن خمس مئة) أي خمس مئة إنسان (والأبدال أربعون) رجلا كما سبق (فلا الخمس مئة ينقصون) بل قد يزيدون (ولا الأربعون) ينقصون (بل كلما مات رجل) منهم (أبدل الله من الخمس مئة مكانه) رجلا آخر (وأدخل في الأربعين مكانه) ولهذا سموا بالأبدال وظاهره أن البدل لا يكون إلا من أولئك لا من غيرهم لكن في مطارحات الصوفية ما يقتضي خلافه قالوا: يا رسول الله دلنا عن أعمالهم فقال (يعفون عمن ظلمهم) كما حكى أن ابن أدهم سأله جندي عن العمران فدله على المقابر فضربه فقال اللهم إني أعلم أنك تؤجرني وتؤزره فلا تؤجرني ولا تؤزره (ويحسنون إلى من أساء إليهم) أي يقابلونه على إساءته بالإحسان (ويتواسون فيما آتاهم الله) فلا يتأشر أحد منهم على أحد فمن اجتمعت فيه هذه الخصال دل على أنه من الأبدال

(حل) من حديث سعيد بن عبدوس عن عبد الله بن هارون الصوري عن الأوزاعي عن الزهري عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا الطبراني ومن طريقه وعنه رواه أبو نعيم فلو عزاه المؤلف له لكان أحسن وسعيد بن عبدوس وعبد الله بن هارون الصوري عن الأوزاعي وعنه سعيد بن عبدوس لا يعرفان والخبر كذب في أخلاق الأبدال كذا قال ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه ووافقه عليها المؤلف [أي السيوطي] في مختصر الموضوعات فأقره ولم يتعقبه

[فالظاهر أن إشارة التحسين في نسخة الجامع الصغير من خطأ بعض النساخ وليست للسيوطي. دار الحديث]

ص: 461

3974 -

(خيار أمتي الذين يشهدون أن لا إله) أي لا معبود بحق (إلا الله) الواحد الواجب الوجود (وأني) محمدا (رسول الله) إلى كافة الثقلين (الذين إذا أحسنوا استبشروا) بتوفيق الله لهم إلى الحسنات وهدايتهم إليها (وإذا أساؤوا) أي فعلوا سوءا (استغفروا) الله تعالى منه يعني تابوا توبة صحيحة وسبق في خبر أن الاستغفار باللسان توبة الكذابين (وشرار أمتي الذين ولدوا في النعيم وغذوا به وإنما نهمتهم ألوان الطعام والثياب) أي الحرص على تحصيل أصناف الطعام النفيسة والتهالك على الالتذاذ بها وعلى لبس الملابس الفاخرة (ويتشدقون في الكلام) أي يتوسعون فيه من غير احتياط واحتراز وأراد بالمتشدق المستهزئ بالناس يلوي شدقه عليهم وبهم <تنبيه> قال الحرالي: المقصود بقوله وأشرار أمتي إلخ أن على المرء أن يتناول من الدنيا ما يتناوله على أنه من يدر به أخذا منها بمقدم أطراف أصابعه أكلا بمقدم أسنانه أكل فصم لا أكل خصم فإن من تضلع من طعامها وشرابها وتزين بملابسها ومراكبها وتقلب في مبانيها وزخارفها فليس من الله في شيء إلا من اغترف غرفة بيده فيأخذ لنفسه بالحاجة لا بالشهوة ولا بالمطاولة ومن أخذ بالمطاولة شيئا منها قامت قيامته وحانت ساعته الخاصة به

(حل عن عروة) بضم أوله (ابن رويم) بالراء مصغرا (مرسلا) هو اللخمي الأزدي له مقاطيع قال ابن حجر: صدوق يرسل كثيرا وفي موته أقوال

ص: 461

⦗ص: 462⦘

3975 - (خيار أمتي علماؤها) العالمون بالعلوم الشرعية العاملون بها قال تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس} والعلماء منهم خيار الخيار {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} وشرف العلوم على حسب شرف المعلوم حتى ينتهي إلى العلم بالله كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم أنا أعلمكم بالله (وخيار علمائها رحماؤها) أي الذين يرحمون الناس منهم فإن أبعد القلوب من الله القلب القاسي وفي رواية بدل رحماؤها حلماؤها والحليم الذي لا يستفزه الغضب ولا عجلة الطبع وعزة العلم فالحلم جمال العلم (ألا) حرف تنبيه (وإن الله تعالى ليغفر للعالم) العامل (أربعين ذنبا قبل أن يغفر للجاهل) أي غير المعذور في جهله (ذنبا واحدا) إكراما للعلم وأهله والظاهر أن المراد بالأربعين التكثير لكن ربما صدر عنه أنهم أناطوا إرادة التكثير بالسبعين وما قبلها من المنازل (ألا وإن العالم الرحيم) بخلق الله تعالى (يجيء يوم القيامة وإن نوره) أي والحال أن نوره (قد أضاء) له (يمشي فيه ما بين المشرق والمغرب) إضاءة قوية (كما يضيء الكوكب الدري) في السماء وهذا فيه إبانة لعظيم العلم وفضل أهله

(حل خط) القضاعي عن ابن عمر قال شارحه غريب جدا عن عبد الله بن محمد بن جعفر عن زكريا الساجى عن سهل بن بحر عن محمد بن إسحاق السلمي عن ابن المبارك عن الثوري عن أبي الزناد عن أبي حازم عن أبي هريرة (خط) من هذا الطريق (عن أبي هريرة) ثم قال أبو نعيم غريب لم نكتبه إلا من هذا الوجه وقال الخطيب: حديث منكر ومحمد بن إسحاق السلمي أحد الغرباء المجهولين وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: أنكره الخطيب وكأنه لم يتهم به إلا السلمي وقال في الميزان: هذا خبر باطل والسلمي فيه جهالة اه وحكى عنهم المؤلف وأقره لكنه قال: له طريق آخر عن ابن عمر وهي ما أشار إليها هنا بقوله (القضاعي) في مسند الشهاب عن محمد بن إسماعيل الفرغاني عن الحاكم عن أبي الحسن الأزهري عن أحمد عن خالد القرشي (عن ابن عمر) بن الخطاب والخبر باطل اه وحكاه المؤلف في مختصر الموضوعات وسكت عليه فلم يتعقبه

ص: 462

3976 -

(خيار أمتي الذين إذا رؤوا) أي إذا نظر إليهم الناس (ذكر الله) برؤيتهم يعني أن رؤيتهم مذكرة بالله تعالى وبذكره لما يعلوهم من البهاء والإشراق وحسن الهيئة وحسن السمت (وشرار أمتي المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الباغون البرآء العنت) في النهاية العنت المشقة والفساد والهلاك والإثم والغلط والزنا والحديث يحتمل كلها والبرآء جمع برئ وهو العنت منصوبان مفعولان للباغون وبغيت الشيء طلبته

(حم عن عبد الرحمن بن غنيم) بضم المعجمة وسكون النون قال الهيثمي: فيه شهر بن حوشب وثق وضعف وبقية رجاله رجال الصحيح وقال المنذري: فيه شهر وبقية أسانيده يحتج بهم في الصحيح (طب عن عبادة بن الصامت) قال الهيثمي: فيه يزيد بن ربيعة وهو متروك قال المنذري وحديث عبد الرحمن أصح ويقال له صحبة

ص: 462

3977 -

(خيار أمتي أحداؤهم) في رواية أحداؤها جمع حديد كشديد وأشد أي أنشطها وأسرعها إلى الخير مأخوذ من حد السيف فالمراد بالحدة هنا الصلابة في الدين والقصد إلى الخير والغضب لله كما مر بعضهم يرويه بالجيم من الجد ضد الهزل اه وهو غير سديد إذ لا ملاءمة بينه وبين قوله (الذين إذا غضبوا رجعوا) أعلم أن أمته هم المؤمنون بعزة الإيمان {فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين}

⦗ص: 463⦘

فحدتهم تنشأ عن عزة الإيمان حمية للدين لأن الحكم إذا نيط بوصف صار علة فيه نحو {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} فخيار أمة الإيمان من تزايدت حدته عن تزايد قوة الإيمان لا عن كبر وهوى وسرعة رجوعهم من سكينة الإيمان فهو حدة تنشأ عن قوة إيمانه وغيرته كما كانت حدة موسى حتى روي أنه كان إذا غضب اشتعلت قلنسوته نارا ولهذا لما قيل لأبي منصور لولا حدة فيك قال ما يسرني بحدتي كذا وكذا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال قال الفاكهي: يشتبه على كثير من الناس الحدة بسوء الخلق والفارق المميز ما ختم به هذا الحديث وهو قوله الذين إذا غضبوا رجعوا فالرجوع والصفاء هو الفارق وصاحب الخلق السوء يحقد وصاحبها لا يحقد والغالب أن صاحبها لا يغضب إلا لله

(طس) وكذا الديلمي والبيهقي (عن علي) أمير المؤمنين قال الهيثمي: فيه نعيم بن سالم بن قنبر وهو كذاب اه وفي الضعفاء للذهبي: قال ابن حبان يضع الحديث

ص: 462

3978 -

(خيار أمتي أولها وآخرها نهج أعوج) النهج الطريق المستقيم فلما وصفه بأعوج صار الطريق غير مستقيم ويوضحه حتى تقيم به الملة العوجاء يعني ملة إبراهيم الذي غيرتها العرب عن استقامتها وهذا التقدير بناء على أن قوله نهج بالنون وهو ما عليه شارحون لكن جعله آخرون شيح بمثلثة أولى والشيح الوسط وما بين الكاهل إلى الظهر أي ليسوا من خيارهم ولا من رذائلهم بل من أوسطهم كذا ذكره الديلمي (ليسوا مني ولست منهم) قال الزمخشري: معنى قولهم هو مني أي بعضي والغرض الدلالة على شدة الاتصال وتمازج الأهواء واتحاد المذاهب ومنه فمن تبعني فإنه مني وقوله ليسوا مني نفي لهذه البعضية من الجانبين

(طب) وكذا الديلمي (عن عبد الله بن السعدي) بفتح المهملة وسكون المهملة صحابي مات في خلافة عثمان قال الهيثمي: فيه يزيد بن ربيعة وهو متروك

ص: 463

3979 -

(خيار أمتي من دعا إلى الله تعالى) أي إلى توحيده وطاعته ورضاه (وحبب عباده إليه (1)) بهدايتهم إلى الزهد والإعراض عن الدنيا والرغبة عن عدم متاعها والسلوك إليه لكن مع عدم قصده بذلك الشهرة وحب إقبال الناس عليه للخبر المار احذروا الشهرة الخفية العالم يحب أن يجلس إليه

(ابن النجار) في تاريخه (عن أبي هريرة)

(1) بأن يأمرهم بالطاعة حتى يطيعوه فيحبهم لأن المعلم يسلك بالطالب طريق المصطفى صلى الله عليه وسلم والإقتداء به ومن اقتدى به أحبه الله {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} وأحب ربه لما يلوح في قلبه من أنوار الطاعة وجمال التوحيد

ص: 463

3980 -

(خيار أئمتكم) أي أمرائكم (الذين تحبونهم ويحبونكم) بأن يكونوا عدولا فإن التحابب من الجانبين أن يكون ممدوحا عند استعمالهم للعدو كما سبق تقريره (وتصلون عليهم ويصلون عليكم) أي يدعون لكم وتدعون لهم يعني تحبونهم ما دمتم أحياء ويحبونكم ما داموا أحياء فإذا جاء الموت ترحم بعضكم على بعض وذكر البعض بخير قال الأبي: يعني بالمحبة الدينية الذي سببها اتباع الحق من الإمام والرعية (وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم) قال الماوردي: هذا صحيح فإن الإمام إذا كان ذا خير أحبهم وأحبوه وإذا كان ذا شر أبغضهم وأبغضوه وأصل ذلك أن خشية الله تبعث على طاعته في خلقه وطاعته فيهم تبعثهم على محبته فلذلك كانت محبته دليلا على خيره

⦗ص: 464⦘

وبغضهم له دليلا على شره وقلة مراقبته اه وظاهر كلام المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته كما في مسلم قالوا: يا رسول الله فتنابزهم عند ذلك قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة إلا من ولى عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي به من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة اه

(م) في المغازي (عن عوف بن مالك) ولم يخرج البخاري عن عوف

ص: 463

3981 -

(خيار ولد آدم خمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وخيرهم محمد) وهم أولو العزم وأفضلهم بعد محمد إبراهيم نقل بعضهم الإجماع عليه وفي الصحيح خير البرية إبراهيم خص منه النبي صلى الله عليه وسلم فبقي على عمومه فيه قال المصنف في النهاية: ولم أقف على نقل أيهم أفضل وينقدح تفضيل موسى أي لاختصاصه بالكلام فعيسى فنوح اه وفاته أن الفخر الرازي حكى الإجماع على تقديم موسى وعيسى على نوح فإنه قال في أسرار التنزيل: لا نزاع في أن أفضل الأنبياء والرسل هؤلاء الأربعة محمد وإبراهيم وموسى وعيسى اه بلفظه

(ابن عساكر) في التاريخ (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا البزار باللفظ المزبور قال الهيثمي بعد ما عزاه له: ورجاله رجال الصحيح اه. فإغفال المصنف له واقتصاره على ابن عساكر غير جيد

ص: 464

3982 -

(خياركم) أي من خياركم (من تعلم القرآن وعلمه) قال في شرح المشكاة: لا بد من تقييد التعليم والتعلم بالإخلاص وإطلاقه شامل لما لو علمه بأجره وفيه خلاف مشهور معروف

(هـ عن سعد) بن أبي وقاص ورواه الطبراني عن أبي أمامة قال الهيثمي: وفيه عنده علي بن أبي طالب البزار ضعفه ابن معين

ص: 464

3983 -

(خياركم من قرأ القرآن وأقرأه) قال أبو عبد الرحمن السلمي فذاك الذي أقعدني مقعدي هذا وكان يعلم القرآن

(ابن الضريس وابن مردويه عن ابن مسعود)

ص: 464

3984 -

(خياركم أحاسنكم أخلاقا) فعليكم بحسن الخلق جمع أحسن بوزن أفعل وهي إن قرنت بمن كانت للمذكر والمؤنث والاثنين والجمع بلفظ واحد وإلا عرفت وذكرت وأنثت وجمعت وإن أضيفت جاز الأمران كما هنا والأخلاق جمع خلق وهو أوصاف الإنسان التي يعامل بها غيره وتنقسم إلى محمود ومذموم فالمحمود صفة الأنبياء والأولياء كالصبر عند المكاره والحلم عند الجفاء وتحمل الأذى والإحسان والتودد للناس والرحمة والشفقة واللطف في المحاولة والتثبت في الأمور وتجنب المفاسد والشرور والمذموم نقيضه زاد الترمذي في رواية وأطولكم أعمارا والقصد بهذا الحديث الحث على حسن الخلق ولين الجانب قال يوسف بن أسباط: علامة حسن الخلق عشرة أشياء: قلة الخلاف وحسن الإنصاف وترك طلب العثرات وتحسين ما يبدو من السيئات والتماس المعذرة واحتمال الأذى والرجوع بالملامة على نفسه والتفرد بمعرفة عيوب نفسه دون عيوب غيره وطلاقة الوجه ولطف الكلام

(حم ق ت عن ابن عمرو) بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بخياركم؟ فذكره وفي الباب عبادة وغيره

ص: 464

3985 -

(خياركم أحاسنكم أخلاقا) فمن كان حسن الخلق فيه أكثر كان خيره أكثر (الموطؤون أكنافا) بصيغة اسم المفعول من التوطئة وهي التمهيد والتذليل وفراش وطيء لا يؤذي جنب النائم والأكناف الجوانب أراد الذين جوانبهم وطيئة

⦗ص: 465⦘

يتمكن فيها من يصاحبهم ولا يتأذى وهو أحسن البلاغة (وشراركم الثرثارون) أي الذين يكثرون الكلام تكلفا وتشدقا والثرثرة كثرة الكلام وترديده (المتفيهقون) أي الذين يتوسعون في الكلام ويفتحون به أفواههم ويتفصحون فيه (المتشدقون) الذين يتكلمون بأشداقهم ويتمقعرون في مخاطبتهم <تنبيه> قال في المفصل: أفعل التفضيل يضاف إلى ما يضاف إليه أي يقول هو أفضل الرجلين وأفضل القوم وأفضل رجل وهما أفضل رجلين وهو أفضل رجل وله معنيان: أحدهما: أن يراد أنه زائد على المضاف إليهم في الخصلة التي هو وهم فيها شركاء. الثاني: أن يؤخذ مطلقا له الزيادة فيها إطلاقا ثم يضاف لا للتفضيل على المضاف إليهم بل لمجرد التخصيص نحو الناقص والأشج أعدلا بني مروان أي عادلا بني مروان فلك على الأول توحيده في التثنية والجمع وأن لا تؤنثه وعلى الثاني ليس لك إلا أن تؤنثه وتجمعه وتثنيه قال: وقد اجتمع الوجهان في حديث أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطؤون أكنافا وأبغضكم إلى وأبعدكم مني أساوئكم أخلاقا وقال ابن الحاجب في أمالي المفصل: قولهم أكرم الناس يلزم أن يكون جميع الناس كرماء في قصد المتكلم وهو باطل وكذا قوله عليه السلام ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني إلخ فإنه يلزم أن يكون المخاطبون شركاء في أصل ما أضيف إليهم من المحبة والبغض مع أنهم لم يشركوا والجواب أن معنى قوله أحبكم أحب المحبوبين منكم وكذا أقربكم وأبغضكم وأبعدكم ويجوز تقدير مضاف محذوف أي أحب محبوبيكم وقال ابن يعيش: الوجهان جواز المطابقة وتركها ورد في حديث أحبكم وأقربكم وأبغضكم وأبعدكم وجمع أحاسنكم وأساوئكم

(هب عن ابن عباس)

ص: 464

3986 -

(خياركم الذين) أي القوم الذين (إذا رؤوا ذكر الله بهم) أي برؤيتهم لما علاهم من البهاء والمهابة (وشراركم المشاؤون بالنميمة) وهي نقل حديث بعض القوم لبعض للإفساد (المفرقون بين الأحبة) بما يسعون به بينهم من الفتن (الباغون البراء العنت) زاد الشيخ في روايته في التوبيخ يحشرهم الله في وجوه الكلاب اه. أوحي إلى موسى أن في بلدك ساعيا أي بالنميمة ولست أمطرك وهو في أرضك قال: يا رب دلني عليه أخرجه قال: يا موسى اكره النميمة وانه فأقبح بخصلة تفضي إلى حبس قطر السماء عن العالم

(هب عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه ابن لهيعة وابن عجلان وفيهما كلام سبق وخرجه الحاكم أيضا فكان عزوه إليه أولى

ص: 465

3987 -

(خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام) أي من كان مختارا منكم بمكارم الأخلاق في الجاهلية فهو مختار في الإسلام (إذا فقهوا) قال في الرياض: بضم القاف على المشهور وحكى كسرها أي عملوا بأحكام الشرع أو صاروا فقهاء بأن مارسوا الفقه وتعاطوه حتى صار لهم به ملكة ونعم ما قال الأحنف كل عز لم يوطأ بعلم فإلى ذل ما يصير وقال الشاعر:

إن السري إذا سرى فبنفسه. . . وابن السري إذا ما سرى أسراهما

فأرشد إلى أنه لا خيار إلا بالفضل والتقوى فمن اتفق له ذلك مع أصل حميد شريف الأعراق كملت فضيلته وسما على غيره ثم القسمة كما قال ابن حجر رباعية فإن الأفضل من جمع بين الشرف في الجاهلية والشرف في الإسلام ثم أرفعهم رتبة من أضاف لذلك التفقه في الدين ويقابل ذلك من كان مشروفا في الجاهلية واستمر مشروفا في الإسلام فهذا أدنى المراتب وأرفع منه شرف في الإسلام وفقه ولم يكن شريفا في الجاهلية والشرف في الجاهلية بحسب الآباء وكرم الأصل وفي الإسلام بالعلم والحكمة فالأول موروث والثاني كسبي. قال الطيبي: فإن قيل: ما فائدة التقييد بقوله إذا فقهوا لأن من أسلم وكان شريفا في الجاهلية خير ممن ليس له شرف فيها سواء فقه أو لا؟ قلنا: ليس كذلك فإن الإيمان يرفع التفاوت المعتبر في الجاهلية فإذا علا الرجل بالعلم والحكمة استجلب النسب

⦗ص: 466⦘

الأصلي فيجمع شرف النسب مع شرف الحسب وفهم منه أن الوضيع المسلم المتحلي بالعلم أرفع منزلة من المسلم الشريف العاطل فمعناه أن من اجتمع له خصال شرف زمن الجاهلية من شرف الآباء ومكارم الأخلاق وصنائع المعروف مع شرف الإسلام والتفقه فيه فهو الأحق بهذا الاسم ذكره القرطبي

(خ عن أبي هريرة) قال: قيل: يا رسول الله من أكرم الناس قال: أتقاهم قالوا: ليس عن هذا نسألك قال: فيوسف نبي الله ابن نبي الله قالوا: ليس عن هذا نسألك قال: فعن معادن العرب تسألوني ثم ذكره وهذا الحديث رواه مسلم أيضا وعزاه في الفردوس إلى مسلم أيضا

ص: 465

3988 -

(خياركم ألينكم مناكب في الصلاة) أي ألزمكم للسكينة والوقار والخشوع والخضوع فيها فلا يلتفت ولا يحاشر منكبه منكب صاحبه ولا يمتنع لضيق المكان على مريد الدخول في الصف لسد الخلل بمعنى أن فاعل ذلك من خيار المؤمنين لا أنه خيارهم إذ قد لا يوجد المنكب فيمن غيره أفضل نفسا ودينا وإنما هو كلام عربي يطلق على الحال والوقت وعلى إلحاق الشيء المفضل بالأعمال الفاضلة ذكره الإمام البيهقي قال ابن الهمام: وبهذا يعلم جهل من يستمسك عند دخول داخل بجنبه في الصف ويظن أن فسحه له رياء بسبب أنه يتحرك لأجله بل ذلك إعانة على إدراك الفضيلة وإقامة لسد الفرجات المأمور بها في الصف

(د) في الصلاة (هق) كلاهما (عن ابن عباس) سكت عليه أبو داود ورده عبد الحق بأن فيه عمارة بن ثوبان ليس بالقوي وقال ابن القطان: فيه مجهولان

ص: 466

3989 -

(خياركم أحاسنكم) وفي رواية أحسنكم (قضاء للدين) بفتح الدال بأن يرد أكثر مما عليه بحق بغير شرط ولا يمطل رب الدين ولا يسوف به مع القدرة ويقضيه جملة لا مفرقا قال الكرماني: خياركم يحتمل كونه مفردا بمعنى المختار وكونه جمعا فإن قلت: أحسن كيف يكون خبرا له لأنه مفرد؟ قلت: أفعل التفضيل المقصود به الزيادة جائز فيه الإفراد والمطابقة لمن هو له وهذا قاله حين استقرض ورد خيرا مما أخذ وذلك من مكارم أخلاقه وليس هو من قرض جر نفعا للمقرض لأن المنهى عنه ما شرط في عقد القرض كشرط رد صحيح عن مكسر أو رده بزيادة في الكم أو الوصف فلو فعل ذلك بلا شرط كما هنا جاز بل ندب عند الشافعي وقال المالكية: الزيادة في العد منهية والخبر يرده هذا كله إن اقترض لنفسه فإن اقترض لجهة وقف أو محجور لم يجز له رد زائدة والخير والخيار يرجع إلى النفع فخيار الناس من أنفع الناس للناس فإن قلت: هذا خير من هذا فمعناه أنفع لنفسه أو لغيره وأشرف المنفعة ما تعلق بالخلق لأن الحسنة المتعدية أفضل من القاصرة وحسن المعاملة في الاقتضاء والقضاء يدل على فضل فاعل ذلك في نفسه وحسن خلقه بما ظهر من قطع علاقة قلبه بالمال الذي هو معنى الدنيا

(ت ن عن أبي هريرة) قال: استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد خيرا منه ثم ذكره وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يتعرض الشيخان ولا أحدهما لتخريجه وهو ذهول عجيب فقد عزاه هو في الدرر اليهما معا باللفظ المزبور وقال الحافظ العراقي: متفق عليه

ص: 466

3990 -

(خياركم خيركم لأهله) أي حلائله وبنيه وأقاربه يعني هو من خياركم كما يقال خير الأشياء كذا ولا يراد تفضيله في نفسه على جميع الأشياء لكن على أنه خيرها في حال دون حال ولو واحد دون آخر كما قد يتضرر واحد بكلام في غير محله فيقول ما شيء أفضل من السكوت إلى حيث لا يحتاج إلى الكلام ثم قد يتضرر بالسكوت مرة فيقول ما شيء أفضل من الكلام ويقال فلان أعقل الناس وأفضلهم ويراد من أعقلهم ذكره الحليمي

(طب عن أبي كبشة) الأنماري سعيد بن عمر أو عمر بن سعيد أو عامر بن سعد صحابي نزل الشام وروى عن أبي بكر

ص: 466

⦗ص: 467⦘

3991 - (خياركم خياركم لنسائهم) وفي رواية لابن خزيمة وابن عساكر لنسائي فأوصى ابن عوف لهم بحديقة بأربع مئة ألف وأخرج البيهقي عن ابن عيينة شكى إبراهيم إلى ربه ما يلقى من رداءة خلق سارة فأوحى الله إليه ألبسها على ما كان فيها ما لم تجد عليها خزية في دينها

(هـ عن ابن عمرو) بن العاص ورواه عنه أيضا الديلمي

ص: 467

3992 -

(خياركم أطولكم أعمارا وأحسنكم أعمالا) لأن المرء كلما طال عمره وحسن عمله يغتنم من الطاعات ويراعي الأوقات فيتزود منها للآخرة ويكثر من الأعمال الموجبة للسعادة الأبدية

(ك عن جابر) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بخياركم قالوا بلى فذكره

ص: 467

3993 -

(خياركم أطولكم أعمارا) أي في الإسلام مع أنه صرح به في رواية للطبراني مع ظهوره (وأحسنكم أخلاقا) قال الطيبي: هذا إشارة إلى ما قاله في جواب من سأله أي الناس خير؟ فذكره وقوله أحسنكم أخلاقا كقوله وحسن عمله في إرادة الجمع بين طول العمر وحسن الخلق قال لقمان لابنه: يا بني اتخذ طاعة الله تجارة تأتيك الأرباح من غير بضاعة <فائدة> قالوا: طريق تحصيل الأخلاق الحميدة كثرة الذكر وصحبة المرشد الكامل ثم التخلق على ثلاثة أقسام إنساني وملكي ورحمني ولا يصل أحد إلى الأولى حتى يخرج من الخلق الحيواني والشيطاني والنفساني ولحسن الخلق فوائد منها محبة الله لصاحبه فأعظم بها من خصلة تتضمن كل كمال وكل الصيد في جوف الفرا ومحبة المصطفى صلى الله عليه وسلم وإيذانه بأن الله أراد به خيرا وأذابت خطيئته كما تذيب الشمس الجليد والزيادة في عمره وإظلال الله له تحت عرشه وإسكانه حظيرة القدس وإدنائه من جواره وبلوغه درجة الصائم القائم وتحريمه على النار هكذا جاء مفرقا في عدة أخبار

(حم والبزار) في مسنده (عن أبي هريرة) قال الهيثمي: ابن إسحاق مدلس

ص: 467

3994 -

(خياركم الذين إذا سافروا قصروا الصلاة وأفطروا) احتج به الرافعي الشافعي على أن القصر أفضل من الإتمام أي إذا زاد السفر على مرحلتين

(الشافعي) في مسنده (والبيهقي في) كتاب (المعرفة عن سعيد بن المسيب مرسلا) ورواه إسماعيل القاضي في كتاب الأحكام عن عروة بن رويم مرسلا ووصله أبو حاتم في العلل عن جابر يرفعه بلفظ خياركم من قصر الصلاة في السفر وأفطر

ص: 467

3995 -

(خياركم من ذكركم بالله رؤيته وزاد في علمكم منطقه ورغبكم في الأخرة عمله) هذه كلمة نبوية وافق فيها نبينا عيسى عليهما السلام. قال ابن عيينة: قيل لعيسى: يا روح الله من نجالس؟ قال: من يزيد في علمك منطقه ويذكركم الله تعالى رؤيته ويرغبكم في الآخرة عمله. أخرجه العسكري قال الحكيم: أما الذي يذكرك بالله رؤيته فهم الذين عليهم من الله سمات ظاهرة قد علاهم بها نور الجلال وهيبة الكبرياء وأنس الوقار فإذا نظر الناظر إليه ذكر الله لما يرى من آثار الملكوت عليه فهذه صفة الأولياء فالقلب معدن هذه الأشياء ومستقر النور وشرب الوجه من ماء القلب فإذا كان على القلب نور سلطان الوعد والوعيد تأدى إلى الوجه ذلك النور فإذا وقع بصرك عليه ذكرك البر والتقوى ووقع عليك

⦗ص: 468⦘

منه مهابة الصلاح والعلم وذكرك الصدق والحق فوقع عليك مهابة الاستقامة وإذا كان نور سلطان الله على وجه تأدى ذكرك عظمة جلاله وجماله وإذا كان على القلب نوره وهو نور الأنوار نهتك رؤيته عن النقائص فشأن القلب أن يسقي عروق الوجه وبشرته من ماء الحياة الذي يرطب به ويتأدى إلى الوجه منه ما فيه لا غير ذلك فكل نور من هذه الأنوار كان في قلب فشرب وجهه منه فإذا سر القلب برضى الله عن العبد وبما يشرق به صدره عن وجهه نضرة وسرورا وأما رؤية العالم فتزيد في منطقه لأنه عن الله ينطق فالناطق صنفان صنف ينطق بالعلم عن الصحف حفظا وعن أفواه الرجال تلفقا والآخر ينطق عن الله تلقيا فالذي ينطق عن الصحف والأفواه إنما يلج آذانهم عريان بلا كسوة لأنه لم يخرج من قلب نوراني بل من قلب دنس وصدر مظلم مغشوش إيمانه يحب الرئاسة والعز والشح على الحطام ونفسه قد استولت على قلب ينازع الله في ردائه والذي ينطق عن الله إنما يلج آذان السامعين بالكسوة التي تخرق كل حجاب وهو نور الله خرج من قلب مشحون بالنور وصدره مشرق به فيخرق قلوب المخلطين من رين الذنوب وظلمة الشهوات وحب الدنيا لخلعه إلى نور التوحيد فأثاره كجمرة وصلتها النفخة والتهبت نارا فأضاء البيت وأما قوله يزيدكم في العلم منطقه فإنه إذا نطق نطق بآلاء الله وصنعه فهذا أصل العلم والعلم الذي في أيدي العامة فرع هذا وآلاء الله ما أبدى من وحدانيته وفردانيته كالجلال والعظمة والهيبة والكبرياء والبهاء والسلطان والعز والوقار على قلوب الأولياء وأما قوله يرغبكم في الآخرة عمله فلأن على عمله نورا وعلى أركانه خشوعا وعلى تصرفه فيها صدق العبودية مع بهاء ووقار وطلاوة وحلاوة فإذا رآه الرائي تقاصر إليه عمله ونفسه وأما علماء الدنيا فليس لأعمالهم ذلك النور والبهاء لأنهم على الرغبة والرهبة لأنه رغب في الجنة والوعد والوعيد نصب عينه فيستعين بذلك على نفسه حتى يقمعها وأما أهل اليقين فإذا عرض لهم نارت قلوبهم من الشوق إليه والحب له فعاملوه على بشر وطيب نفس فإذا عرض لهم دينة عرقت جباههم حياء منه فشتان ما بين عبدين أحدهما بعمل لمولاه ولولا خوفه من وعيده وحرمان وعده ما عمل وآخر يعمل لمولاه تذللا وتخشعا ومحبة له وإلقاء نفسه بين يديه وشغفا به لا يستويان

(الحكيم) الترمذي (عن ابن عمرو) بن العاص قال: قيل: يا رسول الله من نجالس؟ فذكره ورواه العسكري من حديث ابن عباس

ص: 467

3996 -

(خياركم كل مفتن تواب) بمثناة فوقية مشددة أي ممتحنا يمتحنه الله تعالى بالذنب ثم يتوب ثم يعود ثم يتوب. قال بعض العارفين: أخبر أن خيار أمته لن يعروا من الزلل وأن علمهم بالله تعالى لا يدعهم حتى يرجعوا إليه بالتوبة والإنابة وقال بعضهم: رب ذنب يكون للمؤمن أنفع من كثير من الطاعات من وجله وإنابته ومن ذلك يكون توابا وهو الملازم للتوبة فيصير من الخيار المحبوبين {إن الله يحب التوابين} وقال في المفهم: معناه الذي يتكرر منه الذنب والتوبة فكلما وقع في الذنب عاد إلى التوبة لا من قال أستغفر الله بلسانه وقلبه مصر على تلك المعصية فهذا الذي استغفاره يحوج للاستغفار وقال الغزالي: الشر معجون بطينة الآدمي قلما ينفك عنه وإنما غاية سعيه أن يغلب خيره شره قال الحرالي: وما توسوس به النفوس وتوحي به الشياطين للمذنبين أنه لا ينبغي أن يتوب حتى يعلم أنه لا يعود في الذنب فذلك من مكايد الشيطان وهوى النفس بل ينبغي أن يبادر بالتوبة ولو عاد ما عاد وذلك الذي يحبه الله من ولد آدم ليكسر الذنب عجبهم وتمحو التوبة ذنبهم

(هب) وكذا الديلمي (عن علي) أمير المؤمنين قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف اه وذلك لأن فيه ضعيفا ومجهولا هو النعمان بن سعد قال الذهبي في الضعفاء: مجهول

ص: 468

3997 -

(خير الإدام اللحم وهو سيد الإدام) أخرج البيهقي في الشعب عن علي: اللحم من اللحم فمن لم يأكل اللحم أربعين

⦗ص: 469⦘

يوما ساء خلقه والإدام ما يؤدم به أي يصلح مائعا كان أو جامدا وجمعه أدم مثل كتاب وكتب ويسكن للتخفيف فيعامل معاملة المفرد

(هب عن أنس) وفيه هشام بن سلمان ضعفه جمع عن يزيد الرقاشي وسبق أنه متروك

ص: 468

3998 -

(خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه) الصاحب يقع على الأدنى والأعلى والمساوي في صحبة دين أو دنيا سفرا أو حضرا فخيرهم عند الله منزلة وثوابا فيما اصطحبا أكثرهما نفعا لصاحبه وإن كان الآخر قد يفضله في خصائص أخر (وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره) فكل من كان أكثر خيرا لصاحبه أو جاره فهو الأفضل عند الله تعالى وفي إفهامه أن شرهم عند الله شرهم لصاحبه أو جاره وبه صرح في عدة أخبار قال الحرالي: ويبنى على ذلك أنه ينبغي أن يخدم من يصحبه ومن شيخ عليه تلمذة له فإن كان ذلك بحق لم يخطىء وإن كان بهرجا تزيف في أيسر مدة فإن المزخرف من القول والفعل في أيسر زمان يتبهرج

(حم ت) في البر (ك) في الحج (عن ابن عمرو) بن العاص قال الترمذي: حسن غريب وقال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي

ص: 469

3999 -

(خير الأصحاب صاحب إذا ذكرت الله أعانك) على ذكره يعني ذكره معك فحرك همتك (وإذا نسيت) أن تذكره (ذكرك) بالتشديد أي ذكرك بأن تذكر الله وذلك بأن يقول لك بلسانه اذكر الله أو يذكره بحضرتك

(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في كتاب الإخوان عن الحسن مرسلا) وهو البصري

ص: 469

4000 -

(خير الأضحية الكبش الأقرن) ما له قرنان حسنان أو معتدلان وتمسك بهذا مالك في ذهابه إلى أن التضحية بالغنم أفضل من الإبل والبقر وخالفه الشافعي وأبو حنيفة كالجمهور وتأولوه على تفضيل الكبش على مساويه من الإبل والبقر فإن البدنة أو البقرة تجزئ عن سبعة فالمراد تفضيل الكبش على سبع واحدة منهما أو تفضيل سبع من الغنم على بدنة أو بقرة ذكره أبو زرعة (وخير الكفن الحلة) واحدة الحلل برود اليمن فإن قلت: ذا يشعر بأن البياض غير مقصود إذ برود اليمن غير بيض مع أنه نص على أن أفضله البياض قلت: الظاهر أن هذا إشارة إلى أن تعدد الكفن مطلوب فإن الحلة لا تكون إلا من ثوبين فإنه قال خير الكفن كونه من ثوبين فصاعدا ثم رأيت ابن العربي قال: خير الكفن الحلة يعني بالحلة ثوبين كما ورد في الصحيح في المحرم الذي وقصته ناقته كفنوه في ثوبين وهو أقله وأكثره ثلاثة اه. وقوله وهو أقله أي أدنى الكمال وإلا ففيه إشكال

(ت هـ عن أبي أمامة) الباهلي (د هـ ك) في الأضحية (عن عبادة بن الصامت) قال الترمذي: غريب وفيه عفير يضعف في الحديث وقال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي في التلخيص لكنه قال في المهذب: فيه أبو حاتم بن أبي نصر مجهول

ص: 469

4001 -

(خير الأعمال الصلاة في أول وقتها) أي لأول وقتها وهنا توجيهات سبقت فتذكر

(ك) من حديث يعقوب بن الوليد الأزدي المدني عن عبيد الله عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب وتعقبه الذهبي فقال: قلت يعقوب كذاب اه ورواه الدارقطني باللفظ المزبور عن ابن عمر من هذا الوجه فقال الغرياني في مختصره: فيه يعقوب بن الوليد قال أحمد: كان

⦗ص: 470⦘

من الكذابين الكبار يضع الحديث ولابن حبان نحوه

ص: 469

4002 -

(خير البقاع المساجد) لأنها محل فيوض الرحمة وإدرار النعمة (وشر البقاع الأسواق) قرن المساجد بالأسواق مع أن غيرها قد يكون شرا منها ليبين أن الديني يدفعه الأمر الدنيوي فكأنه قيل خير البقاع مخلصة لذكر الله مسلمة من الشوائب الدنيوية فالجواب من أسلوب الحكيم فإنه سئل أي البقاع خير فأجاب به وبضده وسبق أن هذا من وصف المحل بما يقع فيه <تنبيه> هذا الحديث فيه قصة عند الطبراني في الأوسط عن أنس مرفوعا ولفظه قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل: أي البقاع خير لك قال: لا أدري قال: فسل ربك عز وجل فبكى جبريل وقال: أولنا أن نشاء إلا إذا شاء ثم عرج إلى السماء ثم أتى فقال: خير البقاع بيوت الله قال: فأي البقاع أشر فعرج إلى السماء ثم أتاه فقال: شر البقاع الأسواق تفرد به عبيد بن واقد في إحدى الطريقين عن عمارة وعبيد ضعيف وفي رجال الطريق الأخرى زياد النميري وهو ضعيف لكن للحديث شواهد يتقوى بها كما أفاده الحافظ ابن حجر في تخريج المختصر

(طب ك عن ابن عمر) بن الخطاب وكذا رواه الطبراني عن جبير بن مطعم قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم أي البقاع خير فذكره قال الهيثمي: وفيه عطاء بن السائب ثقة لكنه اختلط آخرا وبقية رجاله موثقون وقال ابن حجر في تخريج المختصر: حسن وأخرجه أيضا ابن حبان ووقع عنده في أوله السؤال والجواب بلا أدري وكذا عند الحاكم وأصل الحديث عند مسلم من رواية أبي هريرة بغير قصة بلفظ أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها كما تقدم

ص: 470

4003 -

(خير التابعين أويس) بن عامر أو عمرو القرني لا ينافيه قول أحمد بن حنبل أفضل التابعين ابن المسيب ولا قول غيره أفضلهم علقمة الأسود ولا قول آخرين أفضلهم أبو عثمان النهدي لأن مرادهم كما قال النووي في التهذيب أفضلهم في علوم ظاهر الشرع وأما أويس فأرفعهم درجة وأعظهم ثوابا عند الله تعالى وقد سبق عن مالك أنه أنكر وجوده قال في الإصابة: إلا أن شهرته وشهرة أخباره لا يسع أحدا أن يشك فيه اه قال ابن الجوزي: وقصة اجتماعه بعمر باطلة قال المصنف: وعندي في وضعها وقفة

(ك) في الفضائل (عن علي) أمير المؤمنين وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد عزاه الديلمي وغيره لمسلم بأزيد فائدة من هذا ولفظه خير التابعين رجل من قرن يقال له أويس القرني وله والدة وكان بيده بياض فدعا الله فأذهبه عنه إلا موضع الدرهم من سرته اه. وفي مسلم أيضا أن خير التابعين رجل يقال له أويس وكان له والدة وكان به بياض فمروه فليستغفر لكم

ص: 470

4004 -

(خير الخيل الأدهم) أي الأسود والدهمة السواد ويقلل فرس أدهم إذا اشتدت زرقته حتى ذهب البياض منه فإن زاد حتى اشتد السواد فهو جون

(الأقرح) بقاف وحاء مهملة ما في وجهه قرحة بالضم وهي ما دون الغرة وأما القارح فهي الذي في السنة الخامسة (الأرثم) براء وثاء مثلثة من الرثم بفتح فسكون بياض في جحفلة الفرس العليا أي شفته وفي النهاية هو الذي أنفه أبيض وشفته العليا (المحجل ثلاث) الذي في ثلاث من قوائمه بياض (مطلق اليمين) أي مطلقا ليس فيها تحجيل بل خالية من البياض مع وجوده في بقية القوائم (فإن لم يكن أدهم فكميت) بضم الكاف أي لونه بين سواد وحمرة قال سيبويه: سألت الخليل عنه فقال الأصفر فإنه بين سواد وحمرة كأنه لم يخلص واحد منهما فأرادوا بالتصغير أنه منهما قريب والفرق بينه وبين الأشقر بالعرف والذنب فإن كان أحمر فأشقر أو أسود

⦗ص: 471⦘

(على هذه الشية) بكسر الشين وفتح التحتية أي على هذا اللون والصفة يكون إعداد الخيل للجهاد وغيره من سبل الخير ولا ينافي تفضيله الدهمة هنا تفضيله الشقرة في الحديث الآتي لاختلاف جهة التفضيل لأنه فضل الدهم لكونها خيرا وفضل الشقر لكونها أيمن فيجوز أن يكون الخير في هذه واليمن في هذه أو لأن أحد الحديثين خرج على سبب فلا يدل على التفضيل المطلق أو لأنه إنما فضل دهمة صحبها وصف الأقرح الأرثم فيكون خبرا لجملة الثلاثة أوصاف ويكون اليمن مع وجود الشقرة الوصفين الآخرين زاد يمينه وحاز قصب السبق في الفضل

(حم ت) في الجهاد (هـ ك عن أبي قتادة) قال الترمذي: غريب على شرطهما وأقره الذهبي

ص: 470

4005 -

(خير الدعاء يوم عرفة) الإضافة فيه يجوز كونها بمعنى اللام أي دعاء خص به ذلك اليوم ذكره الطيبي وسماه دعاء مع كونه ثناء لأنه لما شارك الذكر الدعاء في كونه جالبا للثواب ووصلة لحصول المطلوب صار كأنه منه (وخير ما قلت) قال الطيبي: أي ما دعوت فهو بيان له (أنا والنبيون من قبلي) الظاهر أنه أراد بهم ما يشمل المرسلين (لا إله) أي لا معبود في الوجود بحق (إلا الله) الواجب الوجود لذاته (وحده) تأكيد لتوحيد الذات والصفات فهو رد على الكرامية والجهمية القائلين بحدوث الصفات ذكره البيهقي (لا شريك له) تأكيد لتوحيد الأفعال ففيه رد على المعتزلة (له الملك) قال السهيلي: هذا أخذ في إثبات ما له بعد نفي ما لا يجوز عليه (وله الحمد) قدم الملك عليه لأنه ملك فحمد في مملكته ثم ختم بقوله (وهو على كل شيء قدير) ليتم معنى الحمد إذ لا يحمد المنعم حقيقة حتى يعلم أنه لو شاء لم ينعم وإن كان قادرا على المنع وكان جائزا أن يمنع وأن يجود فلما كان جائزا له الوجهان جميعا ثم فعل الإنعام واستحق الحمد على الكمال لا كما تقول المعتزلة يجب عليه إصلاح الخليفة <تنبيه> قال الشلوبين في حديث أفضل ما قلت إلخ هذا مما فيه الخبر نفس المبتدأ في المعنى فلم تحتج الجملة إلى ضمير وقال ابن مالك في شرح التسهيل من الإخبار عن مفرد بجملة اتحدت به معنى قوله عليه السلام أفضل ما قلت إلخ

(ت) في الدعوات (عن ابن عمرو) بن العاص وقال: غريب وفيه حماد بن حميد ليس بالقوي عندهم انتهى فعزو المصنف الحديث له وحذفه من كلامه ما عقبه به من بيان علنه غير جيد قال ابن العربي: ليس في دعاء عرفة حديث يعول عليه إلا هذا وما ذكروا من المغفرة فيه والفضل لأهله أحاديث لا تساوي سماعها

ص: 471

4006 -

(خير الدعاء الاستغفار) المصحوب بالتوبة لأنه إذا استغفر بلسانه وهو مصر بقلبه فاستغفاره ذلك ذنب يوجب الاستغفار وتسمى توبة الكذابين. قيل لبعض الكاملين: أيما أفضل التسبيح أو التكبير أو الاستغفار فقال: الثوب الوسخ أحوج إلى الصابون منه إلى البخور

(ك في تاريخه عن علي) أمير المؤمنين

ص: 471

4007 -

(خير الدواء القرآن) أي خير الرقية ما كان بشيء من القرآن {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} فهو دواء للقلوب والأبدان والأرواح وإذا كان لبعض الكلام خواص ومنافع فما بالك بكلام رب العالمين الذي فضله كفضل الله على خلقه وفيه آيات مخصوصة يعرفها الخواص لإزالة الأمراض والأعراض وقد ألف القوم في ذلك تآليف وممن اعتنى بإفراد ذلك الغزالي والبوني وغيرهما

(هـ عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه الديلمي أيضا وضعفه الدميري

ص: 471

4008 -

(خير الدواء الحجامة والفصادة) أي لمن لاق به ذلك وناسب حاله مرضا وسنا وقطرا وزمنا وغير ذلك

(أبو نعيم في الطب) النبوي (عن علي) أمير المؤمنين

ص: 471

⦗ص: 472⦘

4009 - (خير الذكر الخفي (1)) وفي رواية المخفي أي ما أخفاه الذاكر وستره عن الناس بحيث لا يطلع عليه إلا الله فمن أخفى ذكره عن الأغيار والرسوم أخفى الله ثوابه عن المعارف والفهوم فالذاكرون الله أقسام منهم من يذكره بقلبه فهؤلاء غاروا على أذكاره فغار على أوصافهم فهم خباياه في غيبه وأسراره في خلقه وآخر ذكر ربه في أزله حيث لا فهوم ولا رسوم ولا علم ولا معلوم وأخذ الحنفية من الخبر ندب الإسرار بتكبير العيد وما ذكر في معنى الذكر هو ما ذكروا لكن قال الحربي: عندي أنه الشهرة وانتشار خبر الرجل لأن سعد بن أبي وقاص نهى ابنه عما أراده عليه ودعاه إليه من الظهور وطلب الخلافة بهذا الحديث (وخير الرزق ما يكفي) أي ما يقنع به ويرضى على الوجه المطلوب شرعا وإلا فلا يملأ عين ابن آدم إلا التراب وأخرج الخطيب عن المحاسبي في تفسير خير الرزق ما يكفي أنه قوت يوم بيوم ولا يهتم لرزق غد وتأمل جمعه هنا بين رزق القلب واليدين ورزق الدنيا والآخرة وإخباره بأن خير الرزق ما لم يتجاوز الحد فيكفي من الذكر إخفاوه فإن زاد على الإخفاء خيف على صاحبه الرياء والتكبر به على الغافلين وكذا رزق البدن إذا زاد على الكفاية خيف عليه الطغيان والتكاثر وهذا الحديث قد عد من الحكم والأمثال

(حم هب حب) من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبينة (عن سعيد) بن مالك أو ابن أبي وقاص قال العلائي والهيثمي: ابن عبد الرحمن وثقه ابن حبان وضعفه ابن معين وبقية رجاله رجال الصحيح

(1) فهو أفضل من الجهر وفي أحاديث أخر يفيد أن الجهر أفضل وجمع بأن الإخفاء أفضل حيث خاف الرياء وتأذى به نحو مصل والجهر أفضل حيث أمن ذلك وهذا الحديث له تتمة وهي وخير العبادة أخفاها

ص: 472

4010 -

(خير الرجال رجال الأنصار) لنصرتهم للدين وجودهم بالأنفس والأموال طاعة لله ورسوله (وخير الطعام الثريد) لسهولة أكله وكثرة منافعه كما مر. (تتمة) قال ابن تيمية: الأنصار والمهاجرون اسمان شرعيان جاء بهما الكتاب والسنة وسماهما الله بهما كما سماها بالمسلمين من قبل

(فرعن جابر) ورواه عنه أيضا أبو نعيم ومن طريقه وعنه أورده الديلمي مصرحا فلو عزاه للأصل كان أولى

ص: 472

4011 -

(خير الرزق ما كان يوما بيوم كفافا) أي بقدر كفاية العبد فلا يعوزه ما يضره ولا يفضل عنه ما يطغيه ويلهيه لأن ذلك هو الاقتصاد المحمود وحكم الكفاف يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال فرب من يعتاد الأكل كل أسبوع مرة فكفافه تلك المرة ورب من يأكل في يومين مرة أو مرتين وكفافه ذلك لأنه إن ترك ضره وضعف عن العبادة ومنهم من تكثر عياله فكفافه ما يقوم بهم على الوجه اللائق فقدر الكفاف غير معين ولا محدود

(عد فر عن أنس) وفيه مبارك بن فضالة أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ضعفه أحمد والنسائي

ص: 472

4012 -

(خير الرزق الكفاف) وهو ما كف عن الناس أي أغنى عنهم وهو ما يكف الإنسان عن الجوع وعن السؤال لأن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى قال الحرالي: من كان رضاه من الدنيا سد جوعته وستر عورته لم يكن عليه خوف ولا حزن في الدنيا ولا في الآخرة سواء جعله الله فقيرا أو غنيا أو ذا كفاف إذا اطمأن قلبه على الرضى ببلغتها والمراد بالرزق في هذا وما قبله الحلال

(حم في الزهد عن زياد بن جبير) بضم الجيم وفتح الموحدة ابن حية ضد الميتة الثقفي البصري (مرسلا)

⦗ص: 473⦘

قال في الكاشف: ثقة وفي التقريب: ثقة يرسل كثيرا

ص: 472

4013 -

(خير الزاد التقوى) كما نطقت به النصوص القرآنية (وخير ما ألقي في القلب اليقين) وهو العلم الذي يوصل صاحبه إلى حل الضروريات ولا يتمارى في صحتها وثبوتها وإذا وصلت حقيقة هذا العلم إلى القلب وباشرته لم يلهه عن موجبه وترتب عليه أثره فإن مجرد العلم بقبح الشيء وسوء عاقبته قد لا يكفي في تركه فإذا صار له علم اليقين كان اقتضاء هذا العلم لتركه أشد فإذا صار عين اليقين كان تخلف موجبه عنه من أندر شيء ذكره ابن الأثير وقال الحكيم: سمي يقينا لاستقراره في القلب وهو النور فإذا استقره دام وإذا دام صارت النفس بصيرة فاطمأنت فتخلص القلب من أشغاله وإذا أقذف النور في القلب زالت الظلمات الراكدة في صدره فانكشف الغطاء فعاين الملكوت بقلبه. قال في الحكم: لو أشرق نور اليقين لرأيت الآخرة أقرب من أن يرحل إليها ولرأيت محاسن الدنيا قد ظهرت كفة الفناء عليها

(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (الثواب عن ابن عباس) ورواه عنه الديلمي أيضا

ص: 473

4014 -

(خير السودان أربعة) من الرجال (لقمان) بن باعوراء ابن أخت أيوب أو ابن خالته قيل عاش ألف سنة وأدرك داود وأخذ عنه وكان يفتي قبل داود فلما بعث قطع فقيل له فقال: ألا أكتفي إذا كفيت والأكثر على أنه حكيم لا نبي (وبلال) المؤذن الذي عذب في الله ما لم يعذبه أحد وهو يقول أحد أحد (والنجاشي) ملك الحبشة (ومهجع) مولى عمر يقال إنه من أهل اليمن أصابه سبي فمن عليه عمر وهو من المهاجرين الأولين وهو أول من استشهد يوم بدر ذكره أبو سعد وغيره

(ابن عساكر) في تاريخه (عن الأوزاعي معضلا) هو عبد الرحمن

ص: 473

4015 -

(خير السودان ثلاثة لقمان وبلال ومهجع) زاد الحاكم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعرف هذا أي وإنما المعروف مولى عمر كما تقرر وفي المحلى أنه لا يكمل حسن الحور العين في الجنة إلا بسواد بلال يتفرق سواده شامة في خدودهن ولقمان قيل إنه عبد حبشي وقد اختلف في نبوته والمشهور أنه حكيم لا نبي

(ك) عن إسماعيل بن محمد بن الفضل عن جده عن الحكم عن الهقل بن زياد (عن الأوزاعي بن عمار) الهمداني (عن واثلة) عن أبي بن الأسقع يرفعه قال الحاكم: صحيح

ص: 473

4016 -

(خير الشراب في الدنيا والآخرة الماء) الذي به حياة كل شيء من حيوان ونبات ومن خواصه أنه لا يحصل الري بغيره مطلقا وهو أحد العناصر الأربعة التي هي أركان العالم

(أبو نعيم في الطب) النبوي (عن بريدة) بن الحصيب الأسلمي

ص: 473

4017 -

(خير الشهادة ما شهد بها صاحبها قبل أن يسألها) بالبناء للمجهول أي قبل أن يطلبها منه الحاكم وهذا محمول على شهادة الحسبة كما مر ويجيء وأما حمل الزركشي كالطحاوي له على الشهادة على المغيب من أحوال الناس يشهد على قوم أنهم من أهل الجنة بغير دليل كما يصنع أهل الأهواء فرده الدماميني بأن الذم ورد في الشهادة بدون استشهاد والشهادة على المغيب مذمومة مطلقا هبها باستشهاد أو دونه

(طب عن زيد بن خالد) الجهني ورواه أيضا باللفظ المزبور أحمد وكأن المصنف أغفله سهوا وإلا فهو بالعزو إليه أحق من الطبراني

ص: 473

⦗ص: 474⦘

4018 - (خير الشهود من أدى شهادته) عند الحاكم (قبل أن يسألها) قد سمعت أنه حمل على ما فيه حق مؤكد لله وحمل أيضا على ما إذا لم يعلم من صاحب الحق أن له شاهدا فيعلمه بشهادته فيصل إلى حقه والفضل للمتقدم

(هـ عن زيد بن خالد) الجهني

ص: 474

4019 -

(خير الصحابة أربعة) لأن أحدهم لو مرض أمكنه جعل واحد وصيا والآخرين شهيدين والثلاثة لا يبقى منهم غير واحد ولأن الأربعة أبعد أوائل الأعداد من الآفة وأقربها إلى التمام ألا ترى أن الشيء الذي يحمله الدعائم أربعة وذا القوائم الأربع إذا زال أحدها قام على ثلاثة ولم يكد يثبت وما له ثلاث قوائم إذا زال أحدها سقط وإنما كانت الأربعة أبعد من الآفة لأنهم لو كانوا ثلاثة ربما تناجى اثنان دون واحد وهو منهي عنه والأربعة إذا تناجى اثنان يبقى اثنان وقيل تخصيص الأربعة لموافقة الحكمة في بناء الأمور على أربعة والأربعين فإن قواعد البناء أربعة وبناء الكعبة على أربعة والأشهر الحرم أربعة وخلفاء النبوة أربعة وميقات موسى أربعون والأبدال أربعون (وخير السرايا أربع مئة) لأنها الدرجة الثالثة من درجات الأعداد ودرجة المئين وهي في القوة فوق العشرات كما أن العشرة فوق الفذ فدرجة السرية أرفع من درجة الطليعة التي هي أربعون وقد زادها في رواية العسكري بين الأربعة والأربع مئة والسرية القطعة من الجيش سميت به لأنها تسري بالليل فعيلة بمعنى فاعلة (وخير الجيوش أربعة آلاف) لأنه أحوج إلى القوة من السرية والجيش هو الرابع من الرفقة والألف في الدرجة الرابعة من الأعداد فأقوى الأعداد وأرفعها درجة أربعة آلاف يرشد إليه ما قيل في تفسير {وجعلت له مالا ممدودا} قيل أربعة آلاف والشيء الممدود أقوى مما لا مدد له فيمكن كون معنى خير السرايا أربع مئة وخير الجيوش أربعة آلاف لقوتهما في أنفسهما وما زاد على هذا العدد فهو فضل لأنه فوق التمام (ولا تهزم) في رواية لن تؤتى (اثنا عشر ألفا من قلة) لأن ذلك في حد الكثرة من أقوى الأعداد فلن تؤتى من قلة كعدد حنين كانوا كذلك فلم تغن عنهم كثرتهم لإعجابهم بها فإنه فتح مكة في عشرة آلاف وتوجه لحنين بزيادة ألفين فأتوا من جهة الإعجاب قال الحرالي: جعل الله الأربع أصلا لمخلوقاته {ومن كل شيء خلقنا زوجين} فجعل الأوقات من أربع {وقدر فيها أقواتها في أربعة} وجعل الأركان الذي خلق منها صور المخلوقات أربعا وجعل الأقطار أربعا وجعل الأعمار أربعا والمربعات في أصول الخلق كثيرة تتبعها العلماء واطلع عليها الحكماء

(د ت ك عن ابن عباس) قال الترمذي: حسن غريب ولم يصححه لأنه يروى مسندا ومرسلا ومعضلا قال ابن القطان: لكن هذا ليس بعلة فالأقرب صحته

ص: 474

4020 -

(خير الصداق أيسره) أي أقله لدلالته على يمن المرأة وبركتها ولهذا كان عمر ينهى عن المغالاة في المهر ويقول: ما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا زوج بناته بأكثر من ثنتي عشرة أوقية فلو كانت مكرمة لكان أحقكم بها اه ومراده أن ذا هو الأكثر

(ك هق) في الصداق (عن عقبة بن عامر) الجهني قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: أترضى أن أزوجك فلانة قال: نعم وقال للمرأة: أترضين قالت: نعم فزوج ولم يفرض صداقا ولم يعطها شيئا وكان ممن شهد خيبر فأوصى لها بسهمه عند الموت فباعته بمئة ألف فذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي

ص: 474

4021 -

(خير الصدقة) أي أفضلها (ما كان عن ظهر غنى) وفي رواية للبخاري (على ظهر غنى) أي ما وقع من غير محتاج إلى

⦗ص: 475⦘

ما يتصدق به لنفسه وممونه ولفظ الظهر مقحم تمكينا للكلام فهو كقولهم هو راكب متن السلامة ونحوه من الألفاظ التي يعبر بها عن التمكن عن الشيء والاستعلاء عليه أو ما ثبت عندها غنى لصاحبها يستظهر به على مصالحه لأن من لم يكن كذلك يندم غالبا ونكر غنى للتفخيم ولا ينافيه خبر أفضل الصدقة جهد المقل لأن الفضيلة تتفاوت بحسب الأشخاص وقوة التوكل. قال النووي: مذهبنا أن التصدق بجميع المال مستحب لمن لا دين عليه ولا له عيال لا يصبرون ويكون هو بصير على الإضاقة والفقر فإن لم يجمع هذه الشروط فهو مكروه (وابدأ) قالوا بالهمز وتركه (بمن تعول) أي بمن تلزم نفقته والمعنى أفضل الصدقة ما أخرجه من ماله بعد استيفاء قدر كفاية عياله وزاد في رواية البيهقي عن أبي هريرة قال: ومن أعول قال: امرأتك تقول أطعمني وإلا فارقني خادمك يقول أطعمني وإلا فبعني ولدك يقول إلى من تكلني

(خ) في الزكاة (د ن) في الزكاة (عن أبي هريرة) ولم يخرج له مسلم إلا قوله ابدأ بمن تعول

ص: 474

4022 -

(خير الصدقة ما أبقت غنى) أي ما بقيت لك بعد إخراجها كفاية لك ولعيالك واستغناء كقوله تعالى {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو} أو ما أجزلت فأغنيت به المعطي عن المسألة كقول عمر إذا أعطيتم فأغنوا وأنث الضمير الراجع إلى الموصول في قوله ما أبقت ذهابا إلى معناه لأنه في معنى الصدقة ذكره الزمخشري واقتصر بعضهم على الثاني فقال: معنى ما أبقت غنى ما حصل به للسائل غنى عن سؤال كمن أراد أن يتصدق بألف فلو أعطاه لمئة لم يظهر عليهم الغنى بخلاف إعطائه لواحد (واليد العليا خير من اليد السفلى وأبدأ بمن تعول) أراد بالعلو علو الفضائل وكثرة الثواب قال عياض: والعليا الآخذة والسفلى المانعة وقال الكرماني: العليا الآخذة والسفلى المنفقة لأن عادة الكرماء بسط الكف ليأخذه الفقير منها فيد الأخذ أعلى والمعطي يفيد الفقير وهي فانية والفقير يفيده الآخرة وهي خير وأبقى ورد بأن نص حديث البخاري أن العليا هي المنفقة والسفلى هي السائل فهذا نص يرفع تعسف من تأوله لأجل حديث إن الصدقة تقع بكف الرحمن ولاقتضائه أن العليا يد السائلة وهذا جهل فإن المعطي هي يد الله بالعطاء ولهذا قال ابن حجر: الأحاديث متظافرة على أن اليد العليا المعطية والسفلى السائلة قال: وهو المعتمد وقول الجمهور وفيه وما قبله حث على الإنفاق في وجوه الطاعة وتفضيل الغني مع القيام بحقوقه على الفقر لأن الإعطاء إنما يكون مع الغنى وكراهة السؤال والتنفير عنه حيث لا ضرورة

(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه الحسن بن أبي جعفر الحفري وفيه كلام اه لكن ورد بمعناه في البخاري ولفظه اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول وخير الصدقة عن ظهر غنى

ص: 475

4023 -

(خير الصدقة المنيحة) بالكسر في الأصل هي أن يعطيه نحو شاة لينتفع بها بنحو لبنها أو صوفها ويرده (تغدو بأجر وتروح بأجر) أي يأخذها مصاحبة لحصول الثواب للمعطي ويردها عليه مصاحبة للثواب أيضا

(حم عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه عبيد الله بن صبيحة ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه كلاما وبقية رجاله ثقات

ص: 475

4024 -

(خير العيادة أخفها) لأن المريض قد تبدو له الحاجة فيستحي من جلسائه وهذا بناء على أن العيادة بمثناة تحتية وروي بباء موحدة وعليه فإنما طلب تخفيفها لئلا يغلب الملل فيوقع في الخلل قال الغزالي: خير الأمور أدومها وإن قل ومثال القليل الدائم كقطرات من الماء تتقاطر على الأرض على التوالي فهي تحدث فيها خضرا لا محالة ولو وقعت

⦗ص: 476⦘

على حجر والكثير المتفرق كماء صب دفعة واحدة لا يتبين له أثر وروى الحكيم عن نافع قال: مطرنا ليلة مطرا شديدا في ليلة مظلمة فقال ابن عمر: انظر هل في الطواف أحد فوجدت ابن الزبير يطوف ويصلي فلما سجد طف السيل على رأسه فأخبرت ابن عمر فقال: هذه عبادة مقتول

(القضاعي) في مسند الشهاب (عن عثمان) بن عفان قال الحافظ أبو الفضل ابن حجر العسقلاني: يروى بالموحدة وبالمثناة التحتية واقتصاره على عزو ذلك لابن حجر يؤذن بأنه لم يره لغيره من المتقدمين مع أنه مسطور في كتاب مشهور وهو الفردوس فقال فيه بعد ما قدم رواية العبادة بالباء الموحدة ما نصه: وفي رواية خير العبادة أخفها أي قياما من عند المريض

ص: 475

4025 -

(خير العمل أن تفارق الدنيا) يعني تموت (ولسانك) أي والحال أن لسانك (رطب من ذكر الله) هذا مسوق للحث على لزوم الذكر ولو باللسان مع عزوب القلب وأنه خير من السكوت ولذلك قال تلميذ لابي عثمان البناني في بعض الأحيان يجري بالذكر لساني وقلبي غافل فقال: اشكر الله أن أستعمل جارحة منك في خير وعودك الذكر ومن عجز عن الإخلاص بالقلب فترك تعويد اللسان بالذكر فقد أسعف الشيطان فتدلى بحبل غروره فتمت بينهما المشاكلة والموافقة ولهذا قال التاج ابن عطاء الله: لا تترك الذكر مع عدم الحضور فعسى أن ينقلك منه إلى ذكر مع الحضور ومنه إلى ذكر مع غيبة عما سوى المذكور وما ذلك على الله بعزيز

(حل عن عبد الله بن بسر) بضم الموحدة وسكون المهملة

ص: 476

4026 -

(خير الغذاء) بالمد ككتاب ما يتغذى به (بواكره) جمع باكورة وهو أول الفاكهة ونحوها ويحتمل أن المراد ما يؤكل في البكرة وهي أول النهار (وأطيبه أوله) تتمته عند مخرجه وأنفعه كذا في الفردوس

(فر) من جهة عتبان ابن مالك عن عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن أبي زكريا اليمامي (عن أنس) وعتبان أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال أبو حاتم غير قوي وعنبسة متروك متهم ورواه أبو نعيم أيضا وعنه أورده الديلمي مصرحا بعزوه إلى الأصل فلو عزاه المؤلف إليه كان أولى

ص: 476

4027 -

(خير الكسب كسب يد العامل إذا نصح) في عمله بأن عمل عمل إتقان وإحسان متجنبا للغش وافيا بحق الصنعة غير ملتفت إلى مقدار الأجر وبذلك يحصل الخير والبركة وبنقيضه الشر والوبال وفيه أن عمل اليد بالاحتراف أفضل من التجارة والزراعة وقد مر أنه الذي عليه النووي

(حم) وكذا الديلمي والبيهقي وابن خزيمة وجمع كلهم (عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي: إسناده حسن وقال تلميذه الهيثمي: رجاله ثقات

ص: 476

4028 -

(خير الكلام أربع لا يضرك) في حيازة فضلهن وثوابهن (بأيهن بدأت سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) فإنهن الباقيات الصالحات

(ابن النجار) في تاريخ بغداد (فر) كلاهما (عن أبي هريرة) قال الديلمي: وفي الباب أبو ذر وسمرة بن جندب

ص: 476

4029 -

(خير المجالس أوسعها) بالنسبة لأهلها ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان والبلدان لأنه أروح للجالس وأمكن في تصرفه من قيامه وقعوده والسير في أداء ما يستحق من التوسعة والإكرام

(حم خد د ك

⦗ص: 477⦘

هب) من حديث عبد الرحمن بن أبي عمرة (عن أبي سعيد) الخدري قال عبد الرحمن: أوذن أبو سعيد في قومه فلم يأت حتى أخذ الناس مجالسهم فلما جاء قام له رجل من مجلسه فجلس أبو سعيد ناحية ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره وفيه سهل بن عمار العتكي النيسابوري قال الذهبي في الضعفاء: كذبه الحاكم أي في تاريخه وقال في اللسان: صحح له الحاكم في المستدرك وتعقبه في تلخيصه بالتناقض لكن غزى النووي في رياضه الحديث لأبي داود باللفظ المزبور عن أبي سعيد المذكور وقال: إسناده صحيح على شرط البخاري (البزار) في مسنده (ك هب) كلاهما (عن أنس) بن مالك وفيه مصعب بن ثابت أورده في الضعفاء وقال: ضعفوا حديثه قال الهيثمي: وبقية رجاله ثقات

ص: 476

4030 -

(خير الماء الشبم) بشين معجمة فموحدة مكسورة البارد أو بسين مهملة فنون مكسورة العالي على وجه الأرض أو الجاري المرتفع ذكره الزمخشري وقال ابن قتيبة مخرج الحديث: روي بشين معجمة وموحدة وأنا أحسبه بسين مهملة ونون قال: وهذا أولى بكلام جرير الآتي فإنه شبيه بما ذكره عن مائهم ولم يذكر أن ماءهم بارد (وخير المال الغنم) لأن فيها البركة (وخير المراعي الأراك) السواك المعروف (والسلم) هو شجر واحدته سلمة وظاهر صنيع المصنف أن ذا الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه والسلم إذا أخلف كان لحينا وإذا سقط كان درينا وإذا أكل كان لبينا اه بنصه قال الديلمي: قوله إذا أخلف يريد أخلف المرعى إذا قدم وقوله لبينا أي مدرا للبن اه

(ابن قتيبة في) كتاب (غريب الحديث) وكذا العسكري (عن ابن عباس) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جرير إني أحذر الدنيا وحلاوتها رضاعها ومرارة خطابها يا جرير أين تنزلون قال: في أكناف دبيشة بين سلم وأراك وسهل ودكداك (1) شتاؤنا ربيع وماؤنا يميع لا يقاوم مائحها (2) ولا يعزب شارفها ولا يحبس صائحها فقال له نبي الله: أما إن خير المال إلخ وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وإلا لما أبعد النجعة وهو ذهول فقد خرجه الديلمي في مسند الفردوس عن أبي هريرة المذكور باللفظ المزبور

(1) الدكداك ما تلبد من الرمل بالأرض ولم يرتفع كثيرا

(2)

المائح الذي ينزل في الركية إذا قل ماؤها فيملأ الدلو بيده

ص: 477

4031 -

(خير المسلمين من سلم المسلمون) ذكرهم خرج مخرج الغالب لأن محافظة المسلم على كف الأذى عن أخيه المسلم أشد تاكيدا ولأن الكفار بصدد أن يقاتلوا وإن كان فيهم من يجب الكف عنه وجمع المذكر للتغليب فإن المسلمات يدخلن فيه (من لسانه ويده) خص اللسان لأنه المعبر عما في النفس واليد لأن أكثر الأفعال بها والحديث عام بالنسبة إلى اللسان دون اليد لأنه يمكنه القول في الماضين والموجودين والحادثين بعد بخلاف اليد نعم يمكن أن تشارك اللسان في ذلك بالكتابة وإن أثرها في ذلك لعظيم وعبر باللسان دون القول ليشمل ما لو أخرج لسانه استهزاء وذكر اليد دون غيرها من الجوارح لتدخل المعنوية كالاستيلاء على حق الغير عدوانا وفيه من أنواع البديع جناس الاشتقاق وعموم هذا الحديث ونحوه منزل على إرادة شرط وهو إلا بحق وفي حديث البخاري المار أفضل المسلمين قال الكرماني: وهما من باب التفضيل لأن الفضل بمعنى كثرة الثواب في مقابلة القلة والخير بمعنى النفع في مقابلة الشر لكن الأول في الكمية والثاني في الكيفية

(م) في باب الإيمان (عن ابن عمرو) بن العاص قال: إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المسلمين خير فذكره

ص: 477

⦗ص: 478⦘

4032 - (خير الناس أقرؤهم) للقرآن لأن القرآن كلام الله وصفة من صفات ذاته فالأخص بكلام الله بعد مشاهدات السر ومقامات القلوب في خير الناس (وأفقهم في دين الله) لأن الفقه في الدين صناعة المصطفى صلى الله عليه وسلم الموروثة عنه والعلماء ورثة الأنبياء قال في بحر الفوائد: وهم الفقهاء والعلماء بالإطلاق هم الفقهاء والعلماء بسائر العلوم علماء على التقييد إلى علمهم والوارث يرث المال لا الجاه فمقام القارىء مقام الوصي عن الميت ومقام الفقيه مقام الوارث والوصي يقوم مقام الميت نفسه دون الوارث والوصي يقدم على الوارث فلذا قدم القارئ (واتقاهم لله وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر) لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيهما قيام نظام النواميس الدينية فينبغي لمن يقوم بهذه الوظيفة أن ينظر نظرا خالصا ويتأمل في العواقب وما يترتب على الأمر والنهي فقد تكون المفسدة المترتبة عليهما أشد من المفسدة المرتبة على تركهما كمن يتعاطى المنكر بجواره ويخيفه ولا يكثر فعله خوفا أن يبلغه فإذا نهاه فقد أزعجه من جواره فكأنه يقول له افعل ما شئت بعد أن لا أراك فينتقل إلى محل بين فساق يأمن فيه فيتجاهر حكي عن العياض أنه زاره بعض الأعاظم فسمع بجواره صوت عود فأعظم ذلك وذكره له ظانا أنه يجهله فقال: هذا جاري منذ سنين وأعرف منه وأعظم منه ولم أنكر عليه قط فإنه يترك كثيرا من المعاصي خوفا أن تبلغني ولو أعلمته تحول فسكن محلا لا يحتشم فيه أحد فيكون إغراء مني له على إكثار المعصية والتجاهر بها (وأوصلهم للرحم) أي القرابة

(حم طب هب عن درة) بضم الدال المهملة وشد الراء (بنت) عم المصطفى صلى الله عليه وسلم (أبي لهب) من المهاجرات قالت: قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر فقال: أي الناس خير فذكره قال الهيثمي: رجال أحمد ثقات وفي بعض كلام لا يضر

ص: 478

4033 -

(خير الناس) أهل (قرني) أي عصري من الاقتران في الأمر الذي يجمعهم يعني أصحابي أو من رآني ومن كان حيا في عهدي ومدتهم من البعث نحو مئة وعشرين سنة قال الزمخشري: والقرن الأمة من الناس سميت قرنا لتقدمها على التي بعدها (ثم الذين يلونهم) أي يقربون منهم وهم التابعون وهم من مئة إلى تسعين (ثم الذين يلونهم) أتباع التابعين وهم إلى حدود العشرين ومائتين ثم ظهرت البدع وأطلقت المعتزلة ألسنتها ورفعت الفلاسفة رؤوسها وامتحن أهل العلم بالقول بخلق القرآن ولم يزل الأمر في نقص إلى الآن (ثم يجيء أقوام) جمع قوم (تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته) أي في حالين لا في حالة واحدة لأنه دور. قال البيضاوي كالكرماني: هم قوم حراص على الشهادة مشغوفون بترويجها يحلفون على ما يشهدون به تارة يحدثون قبل أن يشهدوا وتارة يعكسون واحتج به من رد شهادة من حلف معها والجمهور على خلافه وقضية الحديث أن كلا من القرون الثلاثة أفضل مما بعده لكن هل الأفضلية بالنظر للأفراد أو المجموع؟ خلاف كما يأتي

(حم ق ت عن ابن مسعود) ورواه عنه النسائي في الشروط وابن ماجه في الأحكام فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد الترمذي به من بين الأربعة غير جيد بل قال المصنف: يشبه أن الحديث متواتر

ص: 478

4034 -

(خير الناس القرن الذي أنا فيه ثم الثاني ثم الثالث) إنما كان قرنه خير الناس لأنهم آمنوا به حين كفر الناس وصدقوه حين كذبوه ونصروه حين خذلوه وجاهدوا وآووا. قال الكشاف: كل أهل عصر قرن لمن بعدهم لأنهم يتقدمونهم

(م عن عائشة) رضي الله عنها

ص: 478

⦗ص: 479⦘

4035 - (خير الناس قرني ثم الثاني ثم الثالث ثم يجيء قوم لا خير فيهم) وفي بعض الروايات والقرن الرابع لا يعبأ الله بهم شيئا قال بعض الشراح: وقضيته أن الصحابة أفضل من التابعين وأن التابعين أفضل من أتباعهم وهكذا لكن أفضلية بالنسبة إلى المجموع أو الأفراد؟ قولان ذهب ابن عبد البر إلى الأول والجمهور إلى الثاني. قال ابن حجر: والذي يظهر أن من قاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم أو في زمنه بأمره وأنفق شيئا من ماله بسببه لا يعدله في الفضل أحد بعده كائنا من كان وأما من لم يقع له ذلك فهو محل بحث ومن وقف على سير أهل القرن الأول علم أن شأوهم لا يلحق. قال الحسن البصري: التابعي الكبير المجمع على جلالته وإمامته لقد أدركنا أقواما أي وهم الصحابة أهل القرن الأول كنا في جنبهم لصوصا وقال: أدركنا الناس وهم ينامون مع نسائهم على وسادة واحدة عشرين سنة يبكون حتى تبتل الوسادة من دموعهم لا يشعر عيالهم بذلك وقال: ذهبت المعارف وبقيت المناكير ومن بقي اليوم من المسلمين فهو مغموم وكان كثيرا ما ينشد:

ليس من مات فاستراح بميت. . . إنما الميت ميت الأحياء

وقال الربيع بن خيثم: لو رآنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لقالوا هؤلاء لا يؤمنون بيوم الحساب

(طب عن ابن مسعود)

ص: 479

4036 -

(خير الناس قرني الذين أنا فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم والآخرون) أي من بعدهم (أراذل) الأرذل من كل شيء الرديء منه ورأيت في نسخ من الفتح ثم الآخرون أردى بدل ما ذكر هو تحريف أم لا والقرن بفتح فسكون الحيل من الناس قيل ثمانون سنة وقيل سبعون. قال الزجاج: الذي عندي أن القرن أهل كل مدة كان فيها نبي أو طبقة من أهل العلم سواء قلت السنون أو كثرت

(طب ك) من طريق إدريس عن أبيه يزيد الأودي (عن جعدة) بفتح الجيم وسكون المهملة (ابن هبيرة) المخزومي أو الأشجعي صحابي صغير له رواية على ما ذكره الذهبي وهو ابن أم هانئ. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح إلا أن الأودي لم يسمعه من جعدة وقال في الإصابة: ذكر ابن أبي حاتم أن أباه حدث بهذا الحديث في ترجمة جعدة المخزومي في الوجدان وقال: إن جعدة تابعي وقال في الفتح: رجاله ثقات إلا أن جعدة مختلف في صحبته

ص: 479

4037 -

(خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) قال الخواص: كان لأهل القرن الأول كمال الإيمان ولأهل الثاني كمال العلم ولأهل الثالث كمال العمل ثم تغيرت الأحوال والمواسم في أكثر الناس (ثم يأتي من بعدهم قوم يتسمنون) أي يحرصون على لذيذ المطاعم وينهمكون في التمتع بلذاتها حتى تسمن أبدانهم (ويحبون السمن) كذا هو في نسخة المصنف بخطه وفي رواية السمانة بفتح السين أي السمن ويتوسعون في المأكل ويترفهون في نعيمها حتى يسمنوا أو المراد الذكر بما ليس فيهم أو ادعاء الشرف أو جمع المال وقال ابن العربي: إنما ذم حب السمن لأن المؤمن حسبه لقيمات يقمن صلبه وموالاة الشبع والرفاهية مكروه فأما محبة السمن فهي مكروهة في النفس محبوبة في الغير كالزوجة والأمة اه (يعطون الشهادة قبل أن يسألوها)(1) بالبناء للمجهول بضبط المصنف أي يشهدون بها قبل طلبها منهم حرصا عليها وفيه ذم لتلك الشهادة ولا ينافيه خبر: خير الشهود لما سبق وأفاد أن المبادر لا تقبل شهادته

⦗ص: 480⦘

أي في غير الحسبة وعليه الشافعي وخالفه جمع وأولوا الخبر. قال ابن حجر: واستدل بهذه الأحاديث على تعديل أهل القرون الثلاثة وإن تفاوتت منازلهم في الفضل وهذا محمول على الغالب الأكثر فقد وجد بعد الصحابة من القرنين من وجدت فيه الصفات المذمومة لكن بقلة بخلاف من بعد القرون الثلاثة فإنه كثير

(ت ك عن عمران ابن حصين) تصغير حصن

(1)[يشهدون بها قبل طلبها منهم حرصا عليها (وسبب الحرص فيما إذا كان أحدهم يشهد زورا للوصول إلى شيء يتوقعه من حطام الدنيا كما ورد في شرح الحديث 2795. دار الحديث]

ص: 479

4038 -

(خير الناس من طال عمره وحسن عمله) لأن من شأن المرء الازدياد والترقي من مقام إلى مقام حتى ينتهي إلى مقام القرب فلا ينبغي للمؤمن المتزود للآخرة الساعي في ازدياد العمل الصالح أن يطلب قطعه عن مطلوبه بتمني الموت

(حم ت عن عبد الله بن بسر)

ص: 480

4048 -

(خير الناس من طال عمره وحسن عمله) لأن من كثر خيره كلما امتد عمره كثر أجره وضوعفت درجاته ففي الحياة زيادة الأجور بزيادة الأعمال ولو لم يكن إلا الاستمرار على الإيمان فأي شيء أعظم منه وليس لك أن تقول قد يسلب الإيمان لأنا نقول إن سبق له في علم الله خاتمة السوء فلا بد من وقوع ذلك طال عمره أم قصر فزيادة عمره زيادة في حسناته ورفع في درجاته كثرت أو قلت كما حرره المحقق أبو وزعة (وشر الناس من طال عمره وساء عمله) سبق أن الأوقات والساعات كرأس المال للتاجر فينبغي الاتجار فيما يربح فيه وكلما كان رأس المال كثيرا كان الربح أكثر فمن مضى لطيبه فاز وأفلح ومن أضاع رأس ماله فقد خسر خسرانا مبينا قال المناوي: وهذان قسمان من أربعة طرفان بينهما واسطة لأنه إما طويل العمر أو قصيره ثم هو حسن العمل أو سيئه فطويل العمر حسن العمل وطويل العمر سيء العمل طرفان شرهما الثاني وقصير العمر سيء العمل واسطتان خيرهما الأول

(حم ت) في الزهد (ك) في الجنائز (عن أبي بكرة) قال الترمذي: حسن صحيح وقال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي وقال الهيثمي: إسناد أحمد جيد

ص: 480

4040 -

(خير الناس خيرهم قضاء) أي للدين كما سبق. قال بعض العارفين: فإذا كان لأحد عندك دين وقضيته فأحسن القضاء وزده في الكيل والوزن وأرجح تكن بذلك من خيار العباد وهو الكرم الخفي اللاحق بصدقة السر فإن المعطي له لا يشعر بأنه صدقة سر في علانية ويورث ذلك هبة وودا في نفس المقضي له وتخفي نعمتك عليه في ذلك ففي حسن القضاء فوائد جمة

(هـ عن عرباض بن سارية) وقضية صنيع المصنف أن ابن ماجه تفرد به عن الستة وإلا لما أفرده بالعزو وهو ذهول فقد رواه الجماعة كلهم إلا البخاري عن أي رافع قال: استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا فجاءته إبل الصدقة فأمرني أن أقضي الرجل بكره فقال: لا آخذ إلا جملا رباعيا قال: أعطه إياه فإن خير الناس أحسنهم قضاء. انتهى بلفظه

ص: 480

4041 -

(خير الناس أحسنهم خلقا) مع الخلق بالبشر والتودد والشفقة والحلم عنهم والصبر عليهم وترك التكبر والاستطالة ومجانبة الغلظة والغضب والحقد والحسد وأصل ذلك غريزي وكماله مكتسب كما سبق

(طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: فيه من لم يوثق في رجال الكتب

ص: 480

⦗ص: 481⦘

4042 - (خير الناس في الفتن) جمع فتنة أي فساد ذات البين وغيرها (رجل آخذ بعنان فرسه خلف أعداء الله) الكفار (يخيفهم ويخيفونه ورجل معتزل) عن الفتنة (في بادية يؤدي حق الله الذي عليه) أي من الزكاة في ماشيته وزرعه وغير ذلك من الحقوق اللازمة قال النووي: فيه فضل العزلة في أيام الفتن إلا أن يكون له قوة على إزالة الفتن فيلزمه السعي في إزالتها عينا وكفاية <تنبيه> وجد تحت وسادة حجة الإسلام:

ما في اختلاط الناس خير ولا. . . ذو الجهل بالأشياء كالعالم

يالائمى في تركهم جاهلا. . . عذرى منقوش على خاتمي

فوجدوا نقش خاتمه: وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين انتهى. وأنشدوا:

أخص الناس بالإيمان عبد. . . خفيف الحاذ مسكنه القفار

له في الليل حظ من صلاة. . . ومن صوم إذا طلع النهار

وقوت النفس يأيته كفافا. . . وكان له على ذاك اصطبار

وفيه عفة وبه خمول. . . إليه بالأصابع لا يشار

فذلك قد نجا من كل شر. . . ولم تمسه يوم البعث نار

(ك) في الفتن (عن ابن عباس طب عن أم مالك النهرية) صحابية لها حديث قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي قال الديلمي: وفي الباب ابن عباس وأبو سعيد وأم بشر وغيرهم

ص: 481

4034 -

(خير الناس مؤمن فقير يعطي جهده) أي مقدوره يعني يتصدق بما أمكنه تمسك به من فضل الفقر على الغنى ولا دليل فيه لأنه تضمن تفضيل فقير يتصدق من جهده فمعه فقر الصابرين وغنى الشاكرين فجمع بين موجبي التفضيل

(فر عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف جدا

ص: 481

4044 -

(خير الناس أنفعهم للناس) بالإحسان إليهم بماله وجاهه فإنهم عباد فإنهم عباد الله وأحبهم إليه وأنفعهم لعياله أي أشرفهم عنده أكثرهم نفعا للناس بنعمة يسديها أو نقمة يزويها عنهم دينا أو دنيا ومنافع الدين أشرف قدرا وأبقى نفعا قال بعضهم: هذا يفيد أن الإمام العادل خير الناس أي بعد الأنبياء لأن الأمور التي يعم نفعها ويعظم وقعها لا يقوم بها غيره وبه نفع العباد والبلاد وهو القائم بخلافة النبوة في إصلاح الخلق ودعائهم إلى الحق وإقامة دينهم وتقويم أودهم ولولاه لم يكن علم ولا عمل

(القضاعي) في مسند الشهاب (عن جابر) وفيه عمرو بن أبي بكر السكسكي الرملي قال في الميزان: واه وقال ابن عدي: له مناكير وابن حبان: يروي عن الثقات الطامات ثم أورد له أخبار هذا منها

ص: 481

4045 -

(خير النساء التي تسره) يعني زوجها (إذا نظر) لأن ذات الجمال عنده عون له على عفته ودينه وكانت امرأة زكريا في غاية الجمال مع رفضه للدنيا وكونه نجارا فسئل فذكر أن عذر العفة هذا وهو معصوم فكيف بنا؟ (وتطيعه) في أمره (إذا أمرها) بشيء موافق للشرع (ولا تخالفه في نفسها) بأن لا تمنع نفسها منه عند إرادته الاستمتاع بها (ولا مالها

⦗ص: 482⦘

بما يكره) بأن تساعده على أموره ومحابه ما لم يكن مأثما فإن حسن العشرة ترك هواها لهواه وإذا كانت كذلك كانت عونا له على حسن العشرة وزوال العسرة وإقامة الحقوق

(حم ن ك) في النكاح (عن أبي هريرة) قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي

ص: 481

4046 -

(خير النساء من تسرك إذا أبصرت) أي نظرت إليها (وتطيعك إذا أمرت) ها بشيء (وتحفظ غيبتك) فيما يجب حفظه (في نفسها ومالك) ومن فاز بهذه فقد وقع على أعظم متاع الدنيا وعنها قال في التنزيل: {قانتات حافظات للغيب} قال داود عليه السلام: مثل المرأة الصالحة لبعلها كالملك المتوج بالتاج المخوص بالذهب كلما رآها قرت بها عيناه ومثل المرأة السوء لبعلها كالحمل الثقيل على الشيخ الكبير ومن حفظها لغيبته أن لا تفشو سره فإن سر الزوج قلما سلم من حكاية ما يقع له لزوجته لأنها قعيدته وخليلته

(طب عن عبد الله بن سلام) بالتخفيف الإسرائيلي الصحابي المشهور قال الهيثمي: فيه زريك بن أبي زريك لم أعرفه وبقية رجاله ثقات وظاهر صنيع المصنف أن هذا مما لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه وهو وهم فقد خرجه ابن ماجه بخلف لفظي يسير مع الاتحاد في المعنى ولفظه خير النساء إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها

ص: 482

4047 -

(خير النكاح أيسره) أي أقله مؤونة وأسهله إجابة للخطبة بمعنى أن ذلك يكون مما أذن فيه وعلامة الإذن التيسير ويستدل بذلك على يمن المرأة وعدم شؤمها لأن النكاح مندوب إليه جملة ويجب في حالة فينبغي الدخول فيه بيسر وخفة مؤونة لأنه ألفة بين الزوجين فيقصد منه الخفة فإذا تيسر عمت بركته ومن يسره خفة صداقها وترك المغالاة فيه وكذا جميع متعلقات النكاح من وليمة ونحوها

(د عن عقبة بن عامر) الجهني ورواه عنه الديلمي أيضا

ص: 482

4048 -

(خير أبواب البر) بالكسر أي وجوهه وأنواعه (الصدقة) لتعدي نفعها ولأنها تطفئ غضب الرب كما في الخبر

(قط في الأفراد طب) وكذا الديلمي (عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه من لم أعرفه

ص: 482

4049 -

(خير إخوتي علي) بن أبي طالب (وخير أعمامي حمزة) بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله وهذه منقبة عظيمة لهما

(فر عن عابس) بمهملة وموحدة مكسورة ومهملة (ابن ربيعة) بالراء مولى حويطب بن عبد العزي قيل من السابقين ممن عذب في الله وفيه عباد بن يعقوب شيخ البخاري أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن حبان رافضي داعية وعمرو بن ثابت قال الذهبي: تركوه

ص: 482

4050 -

(خير أسمائكم عبد الله وعبد الرحمن والحارث) وأفضلها الأولان لأنه لم يقع في القرآن إضافة عبد إلى اسم من أسمائه غيرهما ولأنهما أصول الأسماء الحسنى وأصدقها الثالث وقد سبق توجيهه غير مرة

(طب) عن خيثمة بن عبد الرحمن بن سبرة عن أبيه (أبي سبرة) بفتح المهملة وسكون الموحدة عبد الرحمن قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح لكن ظاهر الرواية الإرسال

ص: 482

⦗ص: 483⦘

4051 - (خير أمراء السرايا) جمع سرية (زيد بن حارثة) مولى المصطفى صلى الله عليه وسلم وحبه (أقسمهم بالسوية) بين أهل الفيء والغنيمة (وأعدلهم في الرعية) أي فيمن جعله راعيا عليهم وفيه جواز السجع إذا كان بغير تكلف كهذا والسرية قطعة من الجيش فعيلة بمعنى فاعلة تسري في خفية

(ك) في المناقب (عن جبير بن مطعم) وتعقبه الذهبي

ص: 483

4052 -

(خير أمتي) أمة الإجابة (بعدي) أي بعد وفاتي (أبو بكر) الصديق أول الخلفاء (وعمر) الفاروق الذي فرق الله به بين الحق والباطل وفتح الله به البلاد وفيه إشعار بأحقيتهما بالخلافة بعده وتقديمهما على غيرهما وأفضلهما أبو بكر اتفاقا

(ابن عساكر) في التاريخ (عن علي) أمير المؤمنين (والزبير) بن العوام (معا) زاده دفعا لتوهم أن الواو بمعنى أو

ص: 483

4053 -

(خير أمتي القرن الذي بعثت) أي أرسلت إلى الخلق (فيه ثم الذين يلونه ثم الذين يلونه ثم يخلق قوم يحبون السمانة يشهدون أن يستشهدوا) وقد مر تقريره غير مرة قال بعضهم: قرن الإنسان جيله الذي هو فيه وهو كل طبقة مقترنين في وقت سمي قرنا لأنه يقرن أمة بأمة وعالما بعالم مصدر قرنت جعل اسما للوقت أو لأهله وفي مقداره أقوال ثلاث مرت

(م عن أبي هريرة)

ص: 483

4054 -

(خير أمتي) أمة الإجابة (الذين لم يعطوا) أي كثيرا (فيبطروا ولم يمنعوا) القوت (فيسألوا) الناس بل كان رزقهم كفافا لا يزيد عن الكفاية ولا ينقص

(ابن شاهين عن الجذع) الأنصاري هو ثعلبة بن زيد قال الذهبي: وصوابه بمهملة

ص: 483

4055 -

(خير أمتي الذين إذا أساؤوا) أي فعلوا سيئة (استغفروا) الله منها أي طلبوا منه غفرها أي سترها ومحوها (وإذا أحسنوا) أي فعلوا حسنة (استبشروا){فرحين بما آتاهم الله من فضله} (وإذا سافروا) سفرا يبيح القصر (قصروا) الصلاة الرباعية بأن يصلوها ركعتين (وأفطروا) إن كان السفر في رمضان

(طس) وكذا الديلمي (عن جابر) قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة وهو ضعيف

ص: 483

4056 -

(خير أمتي أولها وآخرها وفي أوسطها) يكون (الكدر) زاد الحكيم في روايته ولن يخزي الله أمة أنا أولها والمسيح آخرها قال الحكيم: فالميزان لسانه في وسطه وباستواء الطرفين والكفتين يستوي اللسان ويقوم الوزن فجعلت أوائل هذه الأمة وأواخرها يهدون بالحق وبه يعدلون فهذا الوسط الأعوج ينجو بهاتين الكفتين المستقيمتين

(الحكيم) الترمذي (عن أبي الدرداء)

ص: 483

⦗ص: 484⦘

4057 - (خير أهل المشرق عبد القيس) القبيلة المشهورة ظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بكماله وليس كذلك بل تمامه عند مخرجه الطبراني أسلم الناس كرما وأسلموا طائعين اه

(طب) وكذا البزار (عن ابن عباس) قال الهيثمي: وفيه عندهما وهب بن يحيى بن زمام ولم أعرفهم وبقية رجاله ثقات

ص: 484

4058 -

(خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم) أي لا أب له ذكرا أو أنثى (يحسن إليه) بالبناء للمفعول أي بالقول أو الفعل أو بهما لأن ذلك البيت حوى الرحمة والشفقة والنيابة عن الله في الإيواء والشفقة وإكرامه تعهد أموره والرفق به (وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه) بالبناء للمجهول أي بقول أو فعل كما تقرر (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا) أي متقاربين فيها اقترانا مثل اقتران هاتين الأصبعين قال الطيبي: وهذا عام في كل يتيم قريبا أو غيره

(خد هـ) في الأدب (حل) كلهم (عن أبي هريرة) والمنذري وقال المناوي: رجال ابن ماجه موثقون وقال العراقي: فيه ضعف

ص: 484

4059 -

(خير بيوتكم بيت فيه يتيم مكرم) بنحو تلطف وشفقة وإكرام وإنفاق وتأديب وحسن مطعم وتعليم وغير ذلك واليتيم صغير مات أبوه وإن كان له أم كما مر

(عن حل عن عمر) بن الخطاب فضية صنيع المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من الستة وهو ذهول فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المزبور من حديث أبي هريرة وعنه أورده في الفردوس ثم إن فيه إبراهيم الصيني قال الدارقطني وغيره: متروك

ص: 484

4060 -

(خير تمركم) وفي نسخة ثمراتكم (البرني يذهب الداء ولا داء فيه) أي فهو خير من غيره من الأنواع وإن كان التمر كله خيرا قال ابن الأثير: وهو ضرب من التمر أكبر من الصيحاني يضرب إلى السواد وهو مما غرسه النبي صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة بالمدينة قال: وأنواع تمر المدينة كثيرة استقصيناها فبلغت مئة وبضعا وثلاثين نوعا وزاد ولا داء فيه لأن الشيء قد يكون نافعا من وجه ضارا من آخر

(الروياني) في مسنده (عد هب والضياء) المقدسي (عن بريدة) وفيه أبو بكر الأعين ضعفه ابن معين وغيره وعتبة بن عبد الله قال فيه بعضهم: مجهول وقال ابن حبان: ينفرد بالمناكير عن المشاهير وهذا أورده ابن الجوزي في الموضوعات لكن تعقبه المؤلف بأن الضياء أيضا خرجه في المختارة ولم يتعقبه الحافظ ابن حجر في أطرافه هذا قصارى ما رد به عليه ولا يخفى ما فيه (عق طس وأبو نعيم وابن السني في) كتاب (الطب) النبوي كلهم من طريق واحدة (عن أنس) بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفد عبد القيس فذكره قال مخرجه العقيلي: لا يعرف إلا بعثمان بن عبد الله العبدي وهو مجهول وحديثه غير محفوظ انتهى. وأقول: فيه أيضا عبيد بن واقد ضعفه أبو حاتم وأورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين (ك) من الطريق المذكور (عن أنس) بن مالك وقال: صحيح فتعقبه الذهبي في تلخيصه فقال: عثمان لا يعرف والحديث منكر (طس ك وأبو نعيم) في الطب (عن أبي سعيد) الخدري ثم قال الحاكم: أخرجناه شاهدا يعني لحديث أنس الذي قبله وفيه من هو مجهول وخالد بن رباح أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قدري وقال ابن عدي: لا بأس به قال المؤلف: وطريق حديث بريدة هو أمثل طرقه قال الهيثمي بعد عزوه للطبراني: فيه سعيد بن سويد وهو ضعيف

ص: 484

⦗ص: 485⦘

4061 - (خير ثيابكم البياض) أي الأبيض إلى الغاية (فألبسوها أحياءكم) فإنها أطهر وأطيب كما جاء هكذا في خبر (وكفنوا فيها موتاكم) أي من مات منكم أيها المسلمون وأخذ علماء الشافعية من هذا الخبر أن أفضل ألوان الثياب البياض ثم ما صبغ غزله قبل نسجه كالبرد لا ما صبغ منسوجا بل يكره لبسه كما نبه عليه البندنيجي وغيره ولم يلبسه المصطفى وليس البرود كما في خبر البيهقي الآتي في حرف الكاف أنه كان له برد يلبسه في العيدين والجمعة والكلام في غير المزعفر والمعصفر (تتمة) روى الترمذي عن عائشة أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن ورقة فقالت له خديجة: إنه كان صدقك وإنه مات قبل أن تظهر فقال: رأيته في المنام وعليه ثياب بيض ولو كان من أهل النار لكان عليه لباس غير ذلك اه بنصه

(قط في) كتاب (الأفراد عن أنس) ورواه الحاكم باللفظ المزبور عن عباس وصححه ابن القطان قال ابن حجر: ورواه أصحاب السنن عن أبي داود والحاكم أيضا من حديث سمرة واختلف في وصله وإرساله انتهى فعدول المصنف للدارقطني تقصير

ص: 485

4062 -

(خير ثيابكم البياض فكفنوا فيها موتاكم وألبسوها أحياءكم) هذا خطاب لعموم الخلق لقوله ثيابكم ولم يقل ثيابنا فهو خير الثياب لأنها لم يمسها صبغ يحتاج إلى مؤونة ولم يؤمن فيها نجاسة ولأن البياض لا يكاد يخفي أثر يلحقه فيظهر ولأن الألوان تعين على الكبر والمفاخرة ولأن البياض أعم وأيسر وجودا لكن لما تغالى أبناء الدنيا في تصفيقه وتصقيله تركه قوم من المتزهدين فلبسوا الأسود ونحوه لذلك ولخفة مؤونة غسله ولهذا لم يتوخ المصطفى صلى الله عليه وسلم لبس البياض بل كان يلبس ما اتفق من أخضر وأحمر وأبيض وغيره ذكره البغدادي (وخير أكحالكم الإثمد) قال الطيبي: عطف على قوله البسوا وإنما أبرز الأول في صورة الأمر اهتماما بشأنه وأنه سنة مؤكدة وأخبر عن الثاني إيذانا بأنه من خير دأب الناس وعادتهم وجمع بينهما لمناسبة الزينة يتزين بها المتزينون من الصلحاء وعلل الاكتحال بالإثمد بقوله (ينبت الشعر) أي شعر الأهداب (ويجلو البصر) بتجفيفه للرطوبات الفاسدة ودفعه للمواد الرديئة وأما توسطه ذكر الكفن بينهما فكالاستطرد

(هـ طب ك عن ابن عباس) قال الديلمي: وفي الباب ابن عمر

ص: 485

4063 -

(خير جلسائكم من ذكركم الله) بتشديد الكاف (رؤيته) لما علاه من النور والبهاء (وزاد في علمكم منطقه) لكونه حسن النية مخلص الطوية عاملا بعلمه قاصدا بالتعليم وجه ربه (وذكركم الآخرة عمله) الصالح فإن الرجل إذا نظر إلى رجلين من أهل الله تعالى تذكر الآخرة وعمل لما بعد الموت فالنظر إلى العلماء العاملين والأولياء الصادقين ترياق نافع ينظر الرجل إلى عمل أحدهم فيستشف ببصيرته حسن استعداده واستحقاقه لمواهب الله فيقع في قلبه محبته وينظر إليه نظر محبة عن بصيرة فيسعى خلفه ويقتدي به في أعماله فيصير من المفلحين الفائزين ومن ثم حثوا على مجالسة الصالحين وهم القوم لا يشقى بهم جليسهم

(عبد بن حميد والحكيم) الترمذي (عن ابن عباس) قضية صنيعه أنه لا يوجد مخرجا لأشهر من هذين والأمر بخلافه بل رواه أبو يعلى باللفظ المزبور عن ابن عباس المذكور قال الهيثمي: وفيه مبارك بن سنان وثقا وبقية رجاله رجال الصحيح

ص: 485

⦗ص: 486⦘

4064 - (خير خصال الصائم السواك) تمسك به من ذهب إلى عدم كراهته بل ندبه بعد الزوال قال: ومن ادعى التقييد أو التخصيص فعليه البيان

(هق) من حديث مجالد عن الشعبي عن مسروق (عن عائشة) ثم قال: مجالد وعاصم ليسا بقويين ورواه الدارقطني من هذا الوجه ثم قال: فمجالد غيره أثبت منه

ص: 486

4065 -

(خير ديار) في رواية دور (الأنصار) جمع دار والمراد بها هنا القبائل أي خير قبائلها وبطونها من قبيل ذكر المحل وإرادة الحال أو خيريتها بحسب خيرية أهلها وإنما كنى عن البطون بالدور لأن كل واحدة من البطون كانت لها محلة يسكنها والمحلة تسمى دارا (بنو النجار) بفتح النون وجيم مشددة تيم بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج سمي النجار لأنه اختتن بقدوم النجار أو لأنه ضرب رجلا فنجره وبنو النجار أخوال جد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلهم مزية على غيرهم قالوا: تفضيلهم على قدر مآثرهم وسبقهم إلى الإسلام

(ت عن جابر) اقتصار المصنف على الترمذي يوهم أنه ليس في الصحيحين ولا أحدهما وهو ذهول بل هو فيهما بزيادة وسياقه: خير دور الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد أشهل ثم بنو عبد الحارث ثم بنو ساعدة وفي كل دور الأنصار خير. اه

ص: 486

4066 -

(خير ديار) أي منازل (الأنصار) قال القاضي: يريد بالدور البطون فإن الدار يعبر بها عن المحلة وبالمحلة عن أهلها وإن أراد بهذا ظاهره فقوله بنو النجار ثم بنو عبد الأشهل على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ويكون خيريتها بحسب خيرية أهلها وما يجري ويوجد فيها من الطاعات (بنو عبد الأشهل) بفتح فسكون وظاهره يعارض ما قبله والأفضلية في بني النجار على بابها وفي هنا بمعنى من بدليل خبر الشيخين خير دور الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد الأشهل وأما روايتها بالعكس فقد اختلف على أبي سلمة فيها وأما رواية تقدم بني النجار فسالمة عندهما من الاختلاف

(ت عن جابر) بن عبد الله ورواه أيضا مسلم في صحيحه في المناقب من حديث أسيد بزيادة ولفظه خير دور الأنصار دار بني النجار ودار بني عبد الأشهل ودار بني الحارث بني الخزرج ودار بني ساعدة والله لو كنت مؤثرا بها أحدا لآثرت عشيرتي اه

ص: 486

4067 -

(خير دينكم أيسره) أي الذي لا مشقة فيه والدين كله كذلك إذ لا مشقة فيه ولا إصر كالذي كان من قبل لكن بعضه أيسر من بعض فأمر بعدم التعمق فيه فإنه لن يغالبه أحد إلا غلبه وقد جاءت الأنبياء السابقة بتكاليف وآصار بعضها أغلظ من بعض

(حم خد طب عن محجن) بكسر أوله وسكون المهملة وفتح الجيم (ابن الأدرع) الاسلمي (طب عن عمران بن حصين) وقال: تفرد به إسماعيل بن يزيد (طس عد والضياء) المقدسي في المختارة (عن أنس) قال الزين العراقي: سنده جيد

ص: 486

4068 -

(خير دينكم أيسره) في رواية اليسر (وخير) لفظ رواية ابن عبد البر وأفضل (العبادة الفقه) قال الماوردي: يشير أنه لا سبيل إلى معرفة جميع العلوم فيجب صرف الاهتمام إلى معرفة أهمها والعناية بخيرها وأفضلها وهو علم الفقه لأن الناس بمعرفته يرشدون وبجهلهم يضلون إذ العلم يبعث على فعل العبادة وفضلها والعبادة مع خلق فاعلها عما يصححها ويبطلها وقد لا تكون عبادة

(ابن عبد البر في) كتاب (العلم عن أنس) ورواه أيضا أبو الشيخ [ابن حبان] والديلمي قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف

ص: 486

⦗ص: 487⦘

4069 - (خير دينكم الورع) لأن الورع دائم المراقبة للحق مستديم الحذر أن يمزج باطلا بحق كما قال الحبر كان عمر كالطير الحذر والمراقبة توزن بالمشاهدة ودوام الحذر يعقب النجاة والظفر

(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (الثواب) ثواب الأعمال (عن سعد) بن أبي وقاص ورواه الديلمي أيضا

ص: 487

4070 -

(خير سحوركم التمر) يعني التسحر به أفضل من التسحر بغيره لما فيه من الفضائل والمنافع ويظهر أن الرطب عند وجوده مقدم عليه وإنما خص التمر لوجوده في جميع العام

(عد عن جابر) بن عبد الله

ص: 487

4071 -

(خير شبابكم من تشبه بكهولكم) يعني تشبه من الشباب بالكهول في سيرتهم لا في صورتهم فيغلب عليه وقار العلم وسكينة الحلم ونزاهة التقوى عن مداني الأمور وكف نقصه عن عجلة الطبع وأخلاق السوء والتصابي واللهو فيكون في الدنيا في رعاية الله وفي القيامة في ظله (وشر كهولكم من تشبه بشبابكم) أي في العجلة وقلة الثبات والصبر عن الشهوات بلا عقل ولا ورع يحجزه ولا حلم يسكنه متشبها بالشباب وللشباب شعبة من الجنون والقصد بالحديث حث الشباب على اكتساب الحلم والثبات وزجر الكهول عن الخفة والطيش وأن الخضاب بالسواد منهي عنه قال الغزالي: المراد بالتشبيه بالشيوخ في الوقار لا في تبيض الشعر فإنه مكروه لما فيه من إظهار علو السن توصلا إلى التصدر والتوقير قال ابن أبي ليلى: يعجبني أن أرى قفا الشباب أحسبه شيخا وأبغض أن أرى قفا الشيخ أحسبه شابا فإذا هو شيخ وأخذ الماوردي من الحديث أنه ينبغي للطالب الاقتداء بأشياخه في رضي أخلاقهم والتشبه بهم في جميع أفعالهم ليصير لها إلفا وعليها ناشئا ولما خالفها مجانبا

(ع طب عن وائلة) بن الأسقع قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفهم (هب عن أنس) وفيه كما قال الهيثمي الحسن بن أبي جعفر وهو ضعيف (عن ابن عباس) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه بل قال: تفرد به بحر بن كثير السقا اه وبحر قال في الكاشف: تركوه وفي الضعفاء: اتفقوا على تركه (عد عن ابن مسعود) قال الحافظ العراقي: إسناده ضعيف وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح

ص: 487

4072 -

(خير صفوف الرجال أولها) لاختصاصه بكمال الأوصاف كالضبط عن الإمام والتبليغ عنه (1) ونحو ذلك (وشرها آخرها) لاتصاله بأول صفوف النساء فهو شرها من جهة قربهن والمراد أن الأول أكثرها أجرا والآخر أقلها ثوابا وأبعدها عن مطلوب الشرع (وخير صفوف النساء آخرها) لبعده عن مخالطة الرجال وقربهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك (وشرها أولها) لكونها بعكس ذلك قال النووي: وهذا على عمومه إن صلين مع الرجال فإن تميزن فهن كالرجال خيرها أولها وشرها آخرها قال الطيبي: والخير والشر في صفي الرجال والنساء للتفضيل لئلا يلزم من نسبة الخير إلى أحد الصفين شركة الآخر فيه ومن نسبة الشر إلى أحدهما شركة الآخر فيه فيتناقض ونسبة الشر إلى الصف الأخير وصفوف الصلاة كلها خير إشارة إلى أن تأخر الرجل عن مقام القرب مع تمكنه منه هضم لحقه وتسفيه لرأيه فلا يبعد أن يسمى شرا قال المتنبي:

⦗ص: 488⦘

ولم أر في عيوب الناس شيئا. . . كنقص القادرين على التمام

واعلم أن الصف الممدوح الذي يلي الإمام سواء جاء به صاحبه متقدما أو متاخرا وسواء تخلله نحو مقصورة ومنبر وعمود أم لا هذا هو الأصح عند الشافعية

(م عد) في الصلاة (عن أبي هريرة طب عن أبي أمامة وعن ابن عباس) ولم يخرجه البخاري

(1) قوله والتبليغ عنه: أي عند الحاجة وينبغي أن يكون موقف المبلغ عند منتهى صوت الإمام ليسمع من لم يسمعه من المأمومين

ص: 487

4073 -

(خير صلاة النساء) حتى للفرائض (في قعر بيوتهن) قال البيهقي: فيد دلالة على أن الأمر بعدم منعهن أمر ندب وهو قول عامة العلماء وقعر بيوتهن وسطها وما تقعر منها أي سفل وأحيط من جوانبها بدليل قوله في الخبر الآتي أفضل صلاة المرأة في أشد بيتها ظلمة

(طب عن أم سلمة) قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة وفيه كلام معروف

ص: 488

4074 -

(خير طعامكم الخبز) أي خبز البر ويليه خبز الشعير وكان أكثر خبزهم منه (وخير فاكهتكم العنب) ظاهره أنه أفضل من التمر وفي بعض الأخبار ما يصرح بخلافه

(فر عن عائشة) كتب الحافظ ابن حجر على حاشية الفردوس بخطه: هذا السند مختلط اه. كذا رأيته بخطه وأقول: فيه الحسن بن شبل أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال: كان ببخارى معاصرا للبخاري كذبه سهل بن شادويه الحافظ وغيره اه وخرجه ابن عدي أيضا عنها مرفوعا بلفظ عليكم بالمرازمة أكل الخبز مع العنب وخير الطعام الخبز ثم قال أعني ابن عدي: هذا موضوع والبلاء فيه من عمرو بن خالد الأسدي وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وأقره عليه المؤلف في مختصرها

ص: 488

4075 -

(خير طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه) كالمسك والعنبر والعود (وخير طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه) كالزعفران ونحوه لأن ذلك هو اللائق بحال الفريقين

(عق عن أبي موسى) الأشعري وضعفه

ص: 488

4076 -

(خير لهو المؤمن السباحة) أي العوم (وخير لهو المرأة الغزل) أي لمن يليق بها ذلك منهن أما نحو بنات الملوك فقد يقال إن لهوها يكون بالاشتغال في نحو التطريز أو التكليل وهذا الخبر وإن كنا سنقرر ضعفه فله شواهد منها خبر ابن حبان عن عائشة مرفوعا لا تسكنوهن الغرف ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن المغزل وسورة النور ورواه الحاكم عنها أيضا وقال: صحيح الإسناد وخرجه البيهقي في الشعب عن الحاكم ثم خرجه بإسناد آخر بنحوه وقال: هو بهذا الإسناد منكر قال المؤلف: فعلم منه أنه بغير هذا الإسناد غير منكر وبه رد على ابن الجوزي دعواه وضعفه نعم قال الحافظ ابن حجر في الأطراف بعد قول الحاكم صحيح بل عبد الوهاب أحد رواته متروك وقضية صنيع المصنف أن مخرجه ابن عدي لم يخرج الحديث إلا هكذا والذي وقفت عليه من كلامه أنه ساقه عن ابن عباس مرفوعا بما نصه لا تعلموا نساءكم الكتابة ولا تسكنوهن الغرف وقال خير لهو المؤمن السباحة وخير لهو المرأة المغزل اه بنصه

(عد) عن جعفر بن سهل عن جعفر بن نصر عن حفص بن غياث عن ليث عن مجاهد (عن ابن عباس) ثم قال مخرجه ابن عدي في الكامل جعفر بن نصر حدث عن الثقات بالبواطيل اه ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه وأقره عليه المصنف في مختصر الموضوعات في الميزان في ترجمة جعفر بن نصر إنه متهم بالكذب وهو أبو ميمون العنبري ذكره صاحب الكامل فقال: حدث عن الثقات بالبواطيل ثم ساق له أحاديث هذا منها

ص: 488

⦗ص: 489⦘

4077 - (خير ماء) بالمد (على وجه الأرض ماء) ببئر (زمزم فيه طعام من الطعم) كذا في نسخة المصنف بخطه وفي رواية طعام طعم بالإضافة والضم أي طعام إشباع أو طعام شبع من إضافة الشيء إلى صفته والطعم بالضم الطعام (وشفاء من السقم) كذا في خطه وفي رواية شفاء سقم بالإضافة أي شفاء من الأمراض إذا شرب بنية صالحة رحمنية (1) وفيه تقوية لمن ذهب إلى تفضيله على ماء الكوثر قال المصنف في الساجعة: وبها أي ببئر زمزم تجتمع أرواح الموتى ممن أسلم (وشر ماء) بالمد (على وجه الأرض ماء) بالمد (بوادي برهوت) أي ماء بئر بوادي برهوت بفتح الباء والبئر بئر عميقة بحضرموت لا يمكن نزول قعرها وقد تضم الباء وتسكن الراء وهي المشار إليها بآية {وبئر معطلة} (بقية حضرموت كرجل الجراد من الهوام تصبح تتدفق وتمسي لا بلال لها) قال الزمخشري: برهوت بئر بحضرموت يقال إن بها أرواح الكفار واسم للبلد التي فيها هذا البئر أو واد باليمن اه في الفردوس عن الأصمعي عن رجل من أهل برهوت أنهم يجدون الريح المنتن الفظيع منها ثم يمكثون حينا فيأتيهم الخبر بأن عظيما من الكفار مات فيرون أن الريح منه وفيه أنه يكره استعمال هذا الماء في الطهارة وغيرها وبه قال جمع شافعية <تنبيه> أخذ بعضهم من قوله خير ماء على وجه الأرض أن ماء زمزم أفضل من الماء النابع من أصابع المصطفى صلى الله عليه وسلم وأجيب بأن مراده الماء الموجود حال قوله ذلك والماء النابع من الأصابع لم يكن موجودا حينئذ بل وجد بعد وأنت خبير بأنه إنما يتجه إن ثبتت هذه البعدية بتأخر التاريخ لما هو مقرر في الناسخ والمنسوخ وأتى بذلك

(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: رجاله ثقات وصححه ابن حبان وقال ابن حجر: رواته موثوقون وفي بعضهم مقال لكنه قوي في المتابعات وقد جاء عن ابن عباس من وجه آخر موقوفا

(1) وفي قصة أبي ذر أنه لما دخل مكة أقام بها شهرا لا يتناول غير مائها وقال: دخلتها وأنا أعجف فما خرجت إلا ولبطني عكن من السمن

ص: 489

4078 -

(خير ما أعطي الناس) وفي رواية الرجل وفي رواية الإنسان (خلق حسن) بالضم قال بعض العارفين: ضابط حسن الخلق أن يعاشر من ساء خلقه عشرة يظن الشيء الخلق أنه أحسن الناس خلقا وقيل حسن الخلق كف الأذى وبذل الندى وقيل لا يؤذى ولا يتأذى وجملة ما قال الله {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض الجاهلين} وهو أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك

(حم ن هـ ك) في الطب (عن أسامة بن شريك) الثعلبي بمثلثة ومهملة صحابي تفرد بالرواية عنه زياد بن علاقة على الصحيح قال: قالوا: يا رسول الله فما خير ما أعطي الناس فذكره قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال في المهذب: إسناده قوي ولم يخرجوه وقال الحافظ العراقي: إسناد ابن ماجه صحيح وقال المنذري: قال الحاكم على شرطهما ولم يخرجاه لأن أسامة ليس له راو سوى واحد كذا قال وليس بصواب فقد روى عنه زياد بن علاقة وابن الأقمر وغيرهما

ص: 489

4079 -

(خير ما أعطي الرجل المؤمن خلق حسن وشر ما أعطي الرجل قلب سوء في صورة حسنة) ومن كان كذلك فعليه

⦗ص: 490⦘

أن يجاهد نفسه ليحسن خلقه ويزكو طبعه ويلزم نفسه الصبر على ملازمة ذلك ففي خبر الخير عادة والشر لجاجة والعادة مشقة من العود إلى الشيء مرة بعد أخرى حتى يسهل عليه فعل الخير والصلاح والعاقل من جاهد نفسه {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}

(ش عن رجل من جهينة) الظاهر أنه صحابي

ص: 489

4080 -

(خير ما) أي دواء (تداويتم به الحجامة) قال ابن القيم: أشار إلى أهل الحجاز والبلاد الحارة لأن دماءهم رقيقة تميل إلى ظاهر البدن بجذب الحرارة لسطح الجلد ومسام أبدانهم واسعة ففي الفصد لهم خطر فالحجامة أولى وأخذ منه أن الخطاب أيضا لغير الشيوخ لقلة الحرارة في أبدانهم وقد خرج الطبراني بسند قال ابن حجر حسن عن ابن سيرين إذا بلغ الرجل أربعين سنة لم يحتجم أي لأنه يصير ثم في نقص وانحلال من قوى بدنه فيزيده وهنا بإخراج الدم ومحله حيث لم تتعين حاجته إليه ولم يعتده

(حم طب ك عن سمرة) بن جندب

ص: 490

4081 -

(خير ما تداويتم به الحجامة) سيما في البلاد الحارة (والقسط البحري) وهو الأبيض فإنه يقطع البلغم وينفع الكبد والمعدة وحمى الربع والورد والسموم وغيرها وفي رواية بدل البحري الهندي وهو الأسود وهو يقرب منه لكن أيبس ولا تعارض لأنه وصف لكل ما يلائمه فحيث وصف الهندي كان الاحتجاج في المعالجة إلى دواء شديد الحرارة وحيث وصف البحري كان دون ذلك في الحرارة لأن الهندي أشد حرارة وقد ذكر الأطباء من منافع القسط أنه يدر الطمث والبول ويقتل دود الأمعاء ويدفع السم وحمى الربع والورد ويسخن المعدة ويحرك الباءة ويذهب الكلف (ولا تعذبوا صبيانكم بالغمز من العذرة) بضم المهملة وسكون المعجمة وجع في الحلق يعترى الصبيان غالبا وقيل قرحة تخرج بين الأذن والحلق سميت به لأنها تخرج عند طلوع العذراء كوكب تحت الشعرى وطلوعها يكون في الحر والمعنى عالجوا العذرة بالقسط ولا تعذبوهم بالغمز وذلك أن مادة العذرة دم يغلب عليه بلغم وفي القسط تخفيف للرطوبة والأدوية الحارة قد تنفع في الأمراض الحارة بالعرض

(حم ن عن أنس) ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يتعرض أحد الشيخين لتخريجه وهو كذلك من حيث اللفظ أما هو في المعنى ففي الصحيحين معا

ص: 490

4082 -

(خير ما تداويتم به الحجم والفصد) والحجامة لمن قواه متخلخلة ومسام بدنه ضيقة والفصد لغيره

(أبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (عن علي) أمير المؤمنين

ص: 490

4083 -

(خير ما) أي مسجد (ركبت إليه الرواحل) جمع راحلة (مسجدي هذا) المسجد النبوي المدني (والبيت العتيق) أي ومسجد البيت العتيق وهو الحرم والواو لا تقتضي ترتيبا فخير ما ركبت إليه الرواحل الحرم المكي ويليه المدني

(ع حب عن جابر) ورواه عنه أحمد بلفظ خير ما ركبت إليه الرواحل مسجد إبراهيم ومسجدي. قال الهيثمي: وسنده حسن

ص: 490

4084 -

(خير ما يخلف الإنسان بعده) أي بعد موته (ثلاث) من الأشياء (ولد صالح) أي مسلم (يدعو له) بالغفران والنجاة

⦗ص: 491⦘

من النيران ودخول الجنان (وصدقة تجري) بعد موته (يبلغه أجرها) كوقف (وعلم) شرعي (ينتفع به من بعده) كتصنيف كتاب ينتفع به من بعد موته بنحو إفراء أو إفتاء أو عالم يخلفه من طلبته فينفع الناس

(هـ حب عن أبي قتادة) قال المنذري بعد ما عزاه لابن ماجه: إسناده صحيح وظاهر صنيع المصنف أن ابن ماجه تفرد بإخراجه عن الستة وهو ذهول فقد عزاه ابن حجر إلى مسلم وعبارته بعد ما عزا خبر إذا مات ابن آدم إلى مسلم ما نصه وله وللنسائي وابن ماجه وابن حبان من طريق أبي قتادة خير ما يخلف الرجل بعده إلى آخر ما هنا

ص: 490

4085 -

(خير ما يموت عليه العبد أن يكون قافلا) أي راجعا (من حج) بعد فراغ أعماله (أو مفطرا من رمضان) يحتمل أن المراد عقب إفطاره في يوم منه أي عند الغروب ويحتمل أن المراد عقب فراغ رمضان عند استهلال شوال

(فر عن جابر) وفيه أبو جناب الكلبي أورده الذهبي في الضعفاء وضعفه النسائي والدارقطني ورواه عنه أيضا الطبراني وعنه ومن طريقه أورده الديلمي مصرحا فلو عزاه المصنف للأصل لكان أولى

ص: 491

4086 -

(خير مال المرء مهرة مأمورة) أي كثيرة النتاج يقال أمرهم الله فأمروا أي كثروا وبه استدل على أنه لو حلف لا مال له وله خيل حنث وقال أبو حنيفة لا (أو سكة مأبورة) أي طريقة مصطفة من النخل مؤبرة ومنه قيل للزقاق سكة والتأبير تلقيح النخل

(حم طب عن سويد بن هبيرة) بن عبد الحارث الديلمي نزيل البصرة قال أبو حاتم: له صحبة قال الهيثمي: رجال أحمد ثقات

ص: 491

4087 -

(خير مساجد النساء قعر بيوتهن) فالصلاة لهن فيها أفضل منها في المسجد حتى المكتوبة وذلك لطلب زيادة الستر في حقهن

(حم هق) وكذا أبو يعلى والديلمي (عن أم سلمة) قال في المهذب: إسناده صويلح اه. وقال الديلمي: صحيح وهو زلل من حديث ابن لهيعة عن دراج

ص: 491

4088 -

(خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران) الصديقة بنص القرآن وقدمها إشارة إلى تقديمها في الفضل بل قيل بنبوتها (وخديجة بنت خويلد) زوجة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أول من آمن من هذه الأمة مطلقا (وفاطمة بنت محمد) صلى الله عليه وعلى آله وسلم خير الأنبياء (وآسية امرأة فرعون) التي نطق التنزيل بالثناء عليها والمراد جميع نساء الأرض فيحمل على أن كلا منهن خير نساء الأرض في عصرها وأما التفضيل بينهن فمسكوت عنه

(حم طب عن أنس) ورواه عنه الديلمي أيضا

ص: 491

4089 -

(خير نسائها) أي خير نساء الدنيا في زمنها فالضمير عائد على غير مذكور يفسره الحال والمشاهدة (مريم بنت عمران) وليس المراد أن مريم خير نسائها إذ يصير كقولهم يوسف أحسن إخوته وقد صرحوا بمنعه لأن أفضل التفضيل إذا أضيف وقصد به الزيارة على من أضيف له يشترط أن يكون منهم كزيد أفضل الناس فإن لم يكن منهم لم يجز كما في يوسف أحسن إخوته لخروجه عنهم بإضافتهم إليه. ذكره الزمخشري والنووي وغيرهما (وخير نسائها) أي هذه الأمة (خديجة بنت خويلد) وقال القاضي البيضاوي: قيل الكناية الأولى راجعة إلى الأمة التي فيها مريم والثانية

⦗ص: 492⦘

إلى هذه الأمة وروى وكيع الذي هو أحد رواة الحديث أنه أشار إلى السماء والأرض يعني هما خير العالم الذي فوق الأرض وتحت السماء كل منهما في زمانه ووحد الضمير لأنه أراد جملة طبقات السماء وأقطار الأرض وأن مريم خير من صعد بروحه إلى السماء وخديجة خير نسائهن على وجه الأرض والحديث وارد في أيام حياتها اه. وفي المطامح الضمير حيث ذكر مريم عائد على السماء ومع خديجة على الأرض دليله ما رواه وكيع وابن النمير وأبو أسامة وأشار وكيع من بينهم بأصبعه إلى السماء عند ذكر مريم وإلى الأرض عند ذكر خديجة وزيادة العدل مقبولة والمعنى فيه أنهما خير نساء بين السماء والأرض اه. وزاد في خبر فقالت له عائشة: ما ترى من عجوز حمراء الشدقين هلكت في الدهر قد أبدلك الله خيرا منها فغضب وقال: ما أبدلني خيرا منها آمنت بي حين كذبني الناس ورزقت الولد منها وحرمته من غيرها كذا في المطامح

(ق ت عن علي) أمير المؤمنين وفي الباب ابن جعفر وغيره

ص: 491

4090 -

(خير نساء ركبن الإبل) كناية عن نساء العرب وخرج به مريم فإنها لم تركب بعيرا قط على أن الحديث مسوق للترغيب في نكاح العربيات فلا تعرض فيه لمن انقضى زمنهن (صالح) بالإفراد عند الأكثر وفي رواية صلاح بضم أوله وشد اللام بصيغة الجمع (نساء العالمين) وفي رواية نساء قريش بدون لفظ صالح والمطلق محمول على المقيد فالمحكوم له بالخيرية الصالحات منهن لا على العموم والمراد هنا إصلاح الدين وحسن معاشرة الزوج ونحو ذلك (أحناه) بسكون المهملة بعدها نون من الحنو بمعنى الشفقة والعطف وهذا استئناف جواب عمن قال: ما سبب كونهن خيرا فقال: أحناه (على ولد) أي أكثره شفقة وعطفا ومن ذلك عدم التزوج على الولد (في) حال (صغره) ويتمه والقياس أحناهن لكنه ذكر الضمير باعتبار اللفظ والجنس والشخص أو الإنسان وكذا يقال في قوله الآتي وأرعاه وفي رواية على ولدها وهو أوجه وفي رواية لمسلم على يتيم وفي أخرى على طفل والتقييد باليتيم والصغر إما على بابه وإما من ذكر بعض أفراد العموم وكذا قوله (وأرعاه) من الرعاية الحفظ والرفق (على زوج) لها أي أحفظ وأرفق وأصون لماله بالأمانة فيه والصيانة له وترك التبذير في الإنفاق (في ذات يده) أي في ماله المضاف إليه وهو كناية عن البضع الذي يملك الانتفاع به يعني هذا أشد حفظا لفروجهن على أزواجهن وفيه إيماء إلى أن النسب له تأثير في الأخلاق وبيان شرف قريش وأن الشفقة والحنو على الأولاد مطلوبة مرغوبة وحث على نكاح الأشراف سيما القرشيات وأخذ منه اعتبار الكفاءة بالنسب <تنبيه> قال قاسم بن ثابت في الدلائل ذات يده وذات بيننا ونحوه صفة لمحذوف مؤنث كأنه يعني الحال التي هي بينهم والمراد بذات يده ماله وكسبه وأما قولهم لقيته ذات يوم فالمراد لقاؤه أول مرة

(حم ق عن أبي هريرة) وسببه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أم هانئ فاعتذرت بكبر سنها وأنها أم عيال فرفقت بالنبي صلى الله عليه وسلم أن لا يتأذى بمسنة ولا بمخالطة أولادها فذكره قال الحافظ العراقي: فينبغي ذكر هذا في أسباب الحديث

ص: 492

4091 -

(خير نساء أمتي أصبحهن وجها وأقلهن مهرا) وفي رواية وجوها ومهورا وذلك لأن صباحة الوجه يحصل بها العفة وهي خير الأمور وقلة المهر دال على خيرية المرأة ويمنها وبركتها

(عد عن عائشة) قضية صنيع المصنف أن ابن عدي خرجه وأقره والأمر بخلافه فإنه أورده في ترجمة الحسين بن المبارك الطبراني وقال إنه متهم ذكره في اللسان

ص: 492

4092 -

(خير نسائكم الولود الودود) أي المتحببة إلى زوجها (المواسية المواتية) أي الموافقة للزوج (إذا اتقين الله) أي

⦗ص: 493⦘

خفنه وأطعنه في فعل المأمور وتجنب المنهي (وشر نسائكم المتبرجات) أي المظهرات زينتهن للأجانب وهو مذموم لغير الزوج (المتخيلات) أي المعجبات المتكبرات والخيلاء بالضم العجب والتكبر (وهن المنافقات) أي يشبههن (لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم) الأبيض الجناحين أو الرجلين أراد قلة من يدخل الجنة منهن لأن هذا الوصف في الغراب عزيز

(هق عن ابن أبي أذينة الصدفي) بفتح الصاد والدال المهملتين وآخره فاء نسبة إلى الصدف بكسر الدال قبيلة من حمير نزلت مصر (مرسلا وعن سليمان بن يسار) ضد اليمين الهلالي أبي أيوب مولى ميمونة أم المؤمنين فقيه عابد زاهد حجة (مرسلا) قال الحافظ العراقي: قال البيهقي: روي بإسناد صحيح عن سعيد بن يسار مرسلا

ص: 492

4093 -

(خير نسائكم العفيفة) أي التي تكف عن الحرام (الغلمة) أي التي شهوتها هائجة لكن ليس ذلك محمودا مطلقا كما بينه بقوله (عفيفة في فرجها) عن الأجانب (غلمة على زوجها) قال بعضهم: خرجت ليلة فإذا بجارية كفلقة قمر فراودتها فقالت: أما لك زاجر من عقل إن لم يكن لك ناه من دين قلت: ما يرانا إلا الكواكب قالت: فأين مكوكبها

(فر عن أنس) وفيه عبد الملك بن محمد الصغاني قال ابن حبان: لا يجوز أن يحتج به عن زيد بن هبيرة قال الذهبي: تركوه ورواه ابن لال ومن طريقه أورده الديلمي مصرحا فلو عزاه المصنف للأصل لكان أصوب

ص: 493

4094 -

(خير هذه الأمة أولها) يعني القرن الذي أنا فيه كما في الرواية الأخرى (وآخرها) ثم بين وجه ذلك بقوله (أولها فيهم رسول الله){الذي أرسله بالهدى ودين الحق} (وآخرها فيهم عيسى ابن مريم) روح الله وكلمته (وبين ذلك نهج أعوج ليس منك ولست منهم) والنهج هنا البهر بالضم وهو شر الوادي وانقطاع النفس من الأعياء كذا في القاموس كغيره والأعوج ضد المستقيم والمراد هنا اعوجاج أحوالهم

(حل عن عروة بن رويم مرسلا)

ص: 493

4095 -

(خير يوم طلعت فيه) في رواية عليه (الشمس) قال القرطبي: خير وشر يستعملان للمفاضلة ولغيرها فإذا كانت للمفاضلة فأصلهما أخير وأشر على وزن أفعل وهي هنا للمفاضلة غير أنها مضافة لنكرة موصوفه (يوم الجمعة) وذلك لأن (فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة) قال القاضي: بين الصبح وطلوع الشمس واختصاصه بوقوع ذلك فيه يدل على تمييزه بالخيرية لأن خروج آدم فيه من الجنة سبب لوجود الذرية الذين منهم الأنبياء والأولياء وسبب للخلافة في الأرض وإنزال الكتب وقيام الساعة سبب تعجيل جزاء الأخيار وإظهار شرفهم فزعم أن وقوع هذه القضايا فيه لا يدل على فضله في حيز المنع قال القاضي: وقد عظم الله هذا اليوم ففرض على عباده أن يجتمعوا فيه ويعظموا فيه خالقهم بالطاعة لكن لم يبينه لهم بل أمرهم بأن يستخرجوه بأفكارهم وواجب على كل قبيل اتباع ما أدى إليه اجتهاده صوابا أو خطأ كما في المسائل الاجتهادية فقالت اليهود هو يوم السبت لأنه يوم فراغ وقطع عمل فإن الله فرغ من السماء والأرض فيه فينبغي انقطاعنا عن العمل فيه والتعبد

⦗ص: 494⦘

وزعمت النصارى أنه الأحد لأنه يوم بدء الخلق الموجب للشكر والتعبد ووفق الله هذه الأمة للإصابة فعينوه الجمعة لأن الله خلق الإنسان للعبادة وكان خلقه يومها فالعبادة فيه أولى لأنه تعالى أوجد في سائر الأيام ما ينفع الإنسان وفي الجمعة أوجد نفس الإنسان والشكر على نعمة الوجود وروى ابن أبي حاتم عن السدي أنه تعالى فرض الجمعة على اليهود فقالوا يا موسى إن الله لم يخلق يوم السبت شيئا فاجعله لنا فجعل عليهم وذكر الأبي أن في بعض الآثار أن موسى عين لهم الجمعة وأخبرهم بفضله فناظروه بأن السبت أفضل فأوحى إليه دعهم وما اختاروا

(حم م ت) في باب الجمعة (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري

ص: 493

4096 -

(خير يوم طلعت فيه) الذي وقفت عليه في أصول صحيحة عليه (الشمس يوم الجمعة) يعني من أيام الأسبوع وأما أيام السنة فخيرها يوم عرفة (فيه خلق آدم وفيه أهبط) من الجنة للخلافة في الأرض لا للطرد بل لتكثير النسل وبث عباد الله فيها وإظهار العبادة التي خلقوا لأجلها وما أقيمت السماوات والأرض إلا لأجلها وذلك لا يثبت إلا بخروجه فيها فكان أحرى بالفضل من استمراره فيها فإخراجه منها يعد فضيلة لآدم خلافا لما وقع لعياض (وفيه تيب عليه) بالبناء للمفعول والفاعل معلوم (وفيه قبض) أي توفي وفيه ينقضي أجل الدنيا (وتقوم الساعة) أي يوم القيامة وفيه يحاسب الله الخلق ويدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قال ابن العربي: كان خروج آدم سببا لهذا النسل العظيم الذي منه الأنبياء ولم يخرج منها طردا بل لقضاء أوطار ويعود إليها وقيام الساعة سبب تعجيل جزاء الأصناف الثلاثة الأنبياء والصديقين والأولياء وغيرهم وإظهاركم أماتهم وقال القاضي: فيه بيان لفضله إذ لا شك أن خلق آدم فيه يوجب له شرفا ومزية وكذا قبضه فيه فإنه سبب لوصوله إلى جناب القدس والخلاص من البليات وكذا النفخة وهي نفخ الصور فإنها مبدأ قيام الساعة ومقدمات النشأة الثانية وأسباب توصل أرباب الكمال إلى ما أعد لهم من النعيم المقيم ومن ثم كان (ما على) وجه (الأرض من دابة إلا وهي تصبح يوم الجمعة مصيخة) بسين وصاد أي مصغية منتظرة لقيامها فيه وروى مسيخة بإبدال الصاد سينا (حتى تطلع الشمس شفقا) أي خوفا وفزعا (من) قيام (الساعة) فإنه اليوم الذي يطوى فيه العالم ويخرب الدنيا وتنبعث فيه الناس إلى منازلهم من الجنة والنار والساعة اسم علم ليوم القيامة سميت به لقربها ووصفها بالقيام لأنها اليوم ساكنة وإذا أراد الله إيجادها اتصفت بالحركة وقوله حتى تطلع الشمس يدل على أنها إذا طلعت عرفت الدواب أنه ليس ذلك اليوم قال الطيبي: وجه إصاخة كل دابة وهي لا تعقل أن الله يلهمها ذلك ولا عجب عند قدرة الله وحكمة الإخفاء عن الثقلين أنهم لو كوشفوا بذلك اختلت قاعدة الابتلاء والتكليف وحق القول عليهم ووجه آخر أنه تعالى يظهر يوم الجمعة من عظائم الأمور وجلائل الشؤون ما تكاد الأرض تميد بها فتبقى كل دابة ذاهلة دهشة كأنها مسيخة لمرعب الذي يداخلها إشفاقا منها لقيام الساعة (إلا ابن آدم وفيه ساعة) أي خفية (لا يصادفها عبد مؤمن وهو في الصلاة) في رواية وهو يصلي أي يدعو (يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه) زاد أحمد ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم قال الشافعية: ويسن الإكثار من الدعاء يومها رجاء مصادفتها وفي تعيينها بضعة وأربعون قولا كما في ليلة القدر قال البيهقي: فكان النبي يعلمها بعينها ثم أنسيها كما أنسي ليلة القدر قال ابن حجر: وهذا رواه ابن خزيمة عن أبي سعيد صريحا

(مالك) في المؤطأ. <تنبيه> استدل بالحديث على مزية الوقوف بعرفة يوم الجمعة على غيره من الأيام ومن ثم كان وقوف المصطفى في حجة الوداع والله إنما يختار لرسوله الأفضل ولأن الأعمال تشرف بشرف الأزمنة كالأمكنة ويوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع قال

⦗ص: 495⦘

ابن حجر: وأما ما ذكره رزين في جامعه مرفوعا خير يوم طلعت فيه الشمس يوم عرفة وافق يوم جمعة وهو أفضل من سبعين حجة في غيرها فحديث لا أعرف حاله لأنه لم يذكر صحابيه ولا من خرجه بل أدرجه في حديث الموطأ وليس في الموطآت فإن كان له أصل احتمل أن يراد بالسبعين التحديد أو المبالغة وعلى كل فتثبت المزية بذلك (حم 3) في باب الجمعة (حب ك) كلهم (عن أبي هريرة) قال الترمذي: صحيح وقال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي

ص: 494

4097 -

(خير يوم تحتجمون فيه سبع عشرة) من الشهر (وتسع عشرة) منه (وإحدى وعشرين) منه قال أبو البقاء: خير أصلها أفعل وهي تضاف إلى ما هي بعض له وتقديره خير أيام قالوا: حد هنا في معنى الجمع وقوله سبع عشرة وما بعده جعل مؤنثا والظاهر يعطي أن يكون مذكرا لأنه خبر عن يوم والوجه في تأنيثه أنه حمله على الليل لأن التاريخ به يقع واليوم تبع له ولهذا قال إحدى على معنى الليلة وفيه وجه ثالث أنه يريد باليوم الوقت ليلا كان أو نهارا كما يقال يوم بدر ويوم الجمل ثم أنت على أصل التاريخ وقوله وإحدى وعشرين هو في هذه الرواية بالنصب والجيد أن يكون مرفوعا إلى هنا كلامه (وما مررت بملأ) أي جماعة (من الملائكة ليلة أسري بي) إلى السماء (إلا قالوا عليك بالحجامة يا محمد) أي الزمها وأمر أمتك بها كما في خبر آخر وذلك دلالة على عظيم فضلها وبركة نفعها وإعانتها على الترقي في الملكوت الأعلى كما سيجيء بسطه في حرف الميم

(حم ك عن ابن عباس) قال ابن الجوزي: قال يحيى بن عباد بن منصور أي أحد رجاله ليس بشيء وقال ابن الجنيد: هو متروك وقال النسائي: ضعيف وكان بغير

ص: 495

4098 -

(خير ما تداويتم به اللدود) بالفتح ما يسقاه المريض من الأدوية في أحد شقي فمه (والسعوط) بالفتح ما يصب في الأنف من الدواء (والحجامة والمشي) بميم مفتوحة وشين مكسورة وشد الياء الدواء المسهل لأنه يحمل شاربه على المشي للخيلاء

(ت) في الطب (وابن السني وأبو نعيم) كلاهما (في الطب) النبوي (عن ابن عباس) وقال الترمذي: حسن غريب ورواه عنه ابن ماجه أيضا فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد الترمذي به من بين الستة غير صواب

ص: 495

4099 -

(خير الدواء اللدود والسعوط والمشي والحجامة والعلق) بفتح العين واللام بضبط المصنف دويبة حمراء تكون في الماء تعلق بالبدن وتمص الدم وهي من أدوية الحلق والأورام الدموية لمصها الدم الغالب على الإنسان وفيه كالذي قبله مشروعية الطب الذي جملته حفظ الصحة ودفع السقم فإنه لما سبق في علم الله أنه لا يخلص الصحة ولا السقم للناس دائما وخلق في الأرض ما لو استعملوه أشفى مست الحاجة إلى معرفة الضار والنافع وحقيقته واحتيج مع ذلك إلى معرفة الأدواء والعلل وأسبابها وأعراضها وطرق استعمالها لتكون السلامة وتعود الصحة

(أبو نعيم) في الطب النبوي (عن الشعبي مرسلا)

ص: 495

4100 -

(خيركم) أي من خيركم (خيركم لأهله) أي لعياله وأقاربه قال ابن الأثير: هو إشارة إلى صلة الرحم والحث عليها بل قال القفال: يقال خير الأشياء كذا ولا يراد به أنه خير من جميع الوجوه في جميع الأحوال والأشخاص بل في حال

⦗ص: 496⦘

دون حال أو نحوه (وأنا خيركم لأهلي) فأنا خيركم مطلقا وكان أحسن الناس عشرة لهم حتى أنه كان يرسل بنات الأنصار لعائشة يلعبن معها وكانت إذا وهبت شيئا لا محذور فيه تابعها عليه وإذا شربت شرب من موضع فمها ويقبلها وهو صائم وأراها الحبشة وهم يلعبون في المسجد وهي متكئة على منكبه وسابقها في السفر مرتين فسبقها وسبقته ثم قال هذه بتلك وتدافعا في خروجهما من المنزل مرة وفي الصحيح أن نساءه كن يراجعنه الحديث وتهجره الواحدة منهن يوما إلى الليل ودفعته إحداهن في صدره فزجرتها أمها فقال لها: دعيها فإنهن يصنعن أكثر من ذلك كذا في الإحياء وجرى بينه وبين عائشة كلام حتى أدخل بينهما أبا بكر حكما كما في خبر الطبراني وقالت له عائشة مرة في كلام غضبت عنده وأنت الذي تزعم أنك نبي الله؟ فتبسم كما في خبر أبي يعلى وأبي الشيخ عنها

(ت) في المناقب (عن عائشة هـ عن ابن عباس طب عن معاوية) وصححه الترمذي وظاهر كلام المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه بل بقيته عند الترمذي كما في الفردوس وغيره وإذا مات صاحبكم فدعوه ولا تقعوا فيه

ص: 495

4101 -

(خيركم خيركم للنساء) ولهذا كان على الغاية القصوى من حسن الخلق معهن وكان يداعبهن ويباسطهن قال ابن القيم: وربما مد يده لإحداهن بحضرة باقيهن ولعله كناية عن تقبيلهن والاستمتاع بما فوق الثياب لا عن وطئها فحاشا جنابه الشريف فإنه حرام كما بينه بعض الشافعية وبفرض عدم الحرمة ففيه قلة مروءة وخرم حشمة لا يليق هو أشد حياء من العذراء في خدرها

(ك) في البر (عن ابن عباس) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي

ص: 496

4102 -

(خيركم) يعني من خياركم وأفاضلكم من كان معظم بره لأهله كما يقال فلان أعقل الناس أي من أعقلهم فلا يصير بذلك خير الناس مطلقا والأهل قد يخص الزوجة وأولادها وقد يطلق على جملة الأقارب فهم أولى من الأجانب (خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) أي برا ونفعا لهم دينا ودينا أي فتابعوني ما آمركم بشيء إلا وأنا أفعله (ما أكرم النساء إلا كريم وما) وفي نسخة ولا (أهانهن إلا لئيم) ومن ثم كان يعتني بهن ويهتم بتفقد أحوالهن فكان إذا صلى العصر دار على نسائه فدنا منهن واستقرأ أحوالهن فإذا جاء الليل انقلب إلى صاحبه النوبة وكان إذا شربت عائشة من الإناء أخذه فوضع فمه على موضع فمها وشرب وإذا تعرقت عرقا وهو العظم الذي عليه اللحم أخذه فوضع فمه على موضع فمها رواه مسلم ولما أراد أن يحمل صفية بنت حيي على بعير نصب لها فخذه لتضع رجلها عليه فلوت ساقها عليه وفي تذكرة ابن عراق عن الإمام مالك يجب على الرجل أن يتجنب إلى أهل داره حتى يكون أحب الناس إليهم وذكر نحوه يوسف الصدفي المالكي

(ابن عساكر) في التاريخ (عن علي) أمير المؤمنين

ص: 496

4103 -

(خيركم من أطعم الطعام) للإخوان والجيران والفقراء والمساكين لأن فيه قوام الأبدان وحياة كل حيوان (ورد السلام) على من سلم عليه ورده واجب وأما الإطعام فإن كان لمضطر فواجب وإلا فمندوب وهذا قاله لمن قال له أي الإسلام خير قال الخطابي: دل صرف الجواب عن جملة خصال الإسلام وأعماله أي ما يجب من حقوق الآدميين فجعل خير أفعالها في المثوبة إطعام الطعام الذي به قوام الأبدان وخير أقوالها رد السلام الذي به تحصل الألفة بين أهل الإسلام فقد اشتمل الحديث على نوعي المكارم لأنها إما مالية والإطعام إشارة إليها وإما بدنية والسلام إشارة إليها وفيه حث على الجود والسخاء

(ع ك عن صهيب) ورواه أيضا أحمد باللفظ المزبور وكأنه أغفله ذهولا لما سبق أن الحديث إذا كان في مسند أحمد لا يعدل عنه لمن دونه

ص: 496

⦗ص: 497⦘

4104 - (خيركم خيركم قضاء) للدين بأن يؤدي أحسن مما اقترض مثلا ويزيد في الإعطاء على ما فيه ذمته من غير مطل ولا تسويف عند القدرة

(ن عن العرباض) بن سارية

ص: 497

4105 -

(خيركم خيركم لأهلي من بعدي) أي خيركم أيها الصحب خيركم لأهلي زوجاتي وأقاربي وعيالي من بعد وفاتي وقد قبل أكثر الصحابة وصيته فقابلوهم بالإكرام والاحترام وعمل البعض بضد ذلك فآذوهم وأهانوهم

(ك عن أبي هريرة) ورواه أيضا أبو يعلى وأبو نعيم والديلمي ورجاله ثقات ولكن شذ راويه بقوله لأهلي والكل إنما قالوه لأهله ذكره ابن أبي خيثمة

ص: 497

4106 -

(خيركم قرني) المراد خير قرونكم فحذف لدلالة الكلام عليه ورعاية لقوله (ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) فإن قلت كان القياس يلونكم ثم الذين يلونكم فالجواب أن الأول التفات والثاني على الأصل (ثم يكون بعدهم) أي بعد الثلاث (قوم) فاعل يكون قال جمع: لفظ قوم يختص بالرجال (يخونون ولا يؤتمنون ويشهدون ولا يستشهدون) صفة قوم وهذا موافق لخبر شر الشهود من شهد قبل أن يستشهد وقيل المراد شهادة الزور وقيل يحلفون كذبا ولا يستحلفون (وينذرون) بكسر المعجمة وضمها (ولا يوفون) بنذرهم (ويظهر فيهم السمن) يعني يحبون التوسع في المأكل والمشرب وهي أسباب السمن أو يتعاطون التسمين أو يتكثرون بما ليس فيهم ويدعون ما ليس لهم من الشرف وظاهر الخبر أن صحبه أفضل من جميع من جاء بعدهم وعليه كثير لكن ذهب جمع منهم ابن عبد البر إلى أنه يمكن أن يكون فيمن بعدهم أفضل من بعضهم للخبر الحسن بل قيل الصحيح الآتي مثل أمتي مثل المطر لا يدرى آخره خير أم أوله وانتصر للأول بما لا يخلو عن تكلف وفي الأخذ بإطلاقه صوبة ويبعد كل البعد القطع بأفضلية أعرابي جلف لم يحصل له إلا مجرد الرؤية ولم يخالط علماء الصحابة على مثل الأئمة الأربعة والسفيانين وأضرابهم

(ق) في الفضائل وغيرها (3) في النذر (عن عمران بن حصين)

ص: 497

4107 -

(خيركم في المائتين) الذي وقفت عليه في أصول صحيحة بعد المائتين (كل خفيف الحاذ) بحاء مهملة وذال معجمة خفيفة قال المؤلف وغيره: ومن جعل باللام والجيم والدال فقد صحف أصله طريقة المتن أي ما يقع عليه اللبد من ظهر الفرس أي خفيف الظهر من العيال أو المال قيل: يا رسول الله وما خفيف الحاذ قال: (الذي لا أهل له ولا ولد) ضربه مثلا لقلة ماله وعياله ومن زعم نسخه لم يصب لأن النسخ خاص بالطلب ولا يدخل للخبر ولا منافاة بينه وبين خبر تناكحوا تناسلوا لأن الأمر بالنكاح عام لكل أحد بشروط وهذا الخبر فيمن لم تتوفر فيه الشروط وخاف من النكاح التورط فيما يخاف منه على دينه بسبب طلب المعيشة وبذلك حصل الجمع بين الحديثين وزعم النسخ جهل بقواعد الأصول

(ع) والديلمي وكذا الخطيب كلهم (عن حذيفة) بن اليمان وفيه رواد بن الجراح قال الدارقطني: متروك قال في الميزان: وهذا الحديث مما يغلط فيه اه وسبقه البيهقي فخرجه في الشعب فقال: تفرد به رواد عن سفيان وقال ابن الجوزي: قال الدارقطني: تفرد به رواد وهو ضعيف وقد أدخله البخاري في الضعفاء وقال: اختلط لا يكاد يقوم حديثه وقال أحمد: حديثه من المناكير وقال الخليل: ضعفه الحفاظ وغلطوه فيه وفي معناه أخبار كلها واهية وقال الذهبي في الضعفاء: رواد قال الدارقطني

⦗ص: 498⦘

ضعيف ووثقه ابن معين وقال: له حديث واحد منكر عن سفيان خيركم في المائتين كل خفيف الحاذ اه بلفظه وقال الحافظ العراقي: طرقه كلها ضعيفة وقال الزركشي: غير محفوظ والحمل فيه على رواد

ص: 497

4108 -

(خيركم خيركم لنسائه ولبناته) فيه دلالة على حسن المعاشرة مع الأهل والأولاد سيما البنات واحتمال الأذى منهن والصبر على سوء أخلاقهن وضعف عقولهن والعطف عليهن <تنبيه> ينبغي للزوج إكرام الزوجة بما يناسب من موجبات المحبة والألفة كإكرام مثواها وإجادة ملبوسها على الوجه اللائق ومشورتها في الجزئيات إيهاما أنه اتخذها كاتمة أسراره وتخليتها في المنزل لتهتم بخدمته قال حاتم الأصم: إني في البيت كدابة مربوطة إن قدم إلي شيء أكلت وإلا أمسكت ويراعى إكرام أقاربها ودفع الغيرة عنها بإشغال خاطرها بأمور المنزل ولا يؤثر الغير عليها وإن كان خيرا منها فإن الغيرة والحسد في طينة النساء مع نقصان العقل فإذا لم يدفع عنها أذى إلى قبائح والرجل في المنزل كالقلب في البدن فكما لا يكون قلب واحد متبعا لحياة بدنين لا يكون لرجل تدبير منزلين على الوجه الأكمل ولا تغتر بما وقع لأفراد فالنادر لا نقص به ويتحرز عن إظهار إفراط محبتها وعن مشاورتها في الكليات ولا يطلعها على أسرارها فإنها وإن كتمتها حالا تظهرها عند ظهور الغيرة ويجنبها الملاهي والنظر إلى الأجانب واستمتاع حكايات الرجال ومجالسة نساء يعلمن هذه الأعمال سيما في العجائز وقد صنف الطبراني والنوقاني في معاشرة الأهل مؤلفات

(هب عن أبي هريرة)

ص: 498

4109 -

(خيركم خيركم للمماليك) أي لمماليككم وكذا مماليك غيركم بأن تنظروا إلى من يكلف عبده على الدوام ما لا يطيقه فتعاونوه أو لمن يجيع عبده فتطعموه ونحو ذلك <تنبيه> الخدم كأعضاء البدن للإنسان ولولاهم لباشر أشغاله بنفسه فلينظر في حال كل واحد فيصلحه ويسلك معه طريق الرفق والمداراة ويعين له وقت الاستراحة ويتفقد أحواله ويعامله بمقتضى الحال فمن احتاج إلى العطف عطف عليه أو إلى الأدب أدبه بقول أو فعل أو بهما بقدر المصلحة ويتلطف بهم لطفا معتدلا ولا يبالغ في عقابهم ويجتنب الوجه والمقاتل ويتغافل عن خفي ذنوبهم ولا يعاقب على ذلك أول مرة بل يهدد ويزجر ومن عرف عدم صلاحه فارقه سريعا لئلا يفسد غيره ويخص كل واحد بشغل يلائمه ولا يختار أحدا للخدمة إلا بعد إمعان النظر والتجربة ويجتنب أصحاب صور مشوهة وتخطيطات متفاوتة فإن للخلق تابع للخلق وليس وراء الخلق الذميم إلا الخلق الذميم ونحو أعرج وأقرع وأبرص وكل ذي علة والمفرط جمالا دفعا للتهمة ويريبه ويزوجه إذا بلغ ويعتقه إذا كبر

(فر عن عبد الرحمن بن عوف) وفيه محمد بن إسماعيل بن أبي فديك أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ثقة مشهور وقال ابن سعد: ليس بحجة عن عبد الملك بن زيد ضعيف عن مصعب بن مصعب وقال ابن أبي حاتم: ضعفوه ذكره كله الذهبي

ص: 498

4110 -

(خيركم المدافع عن عشيرته) في المهمات في حضورهم وغيبتهم ويرد عنهم من ظلمهم في مال أو عرض أو بدن ويكون الدفع بالأخف فالأخف (ما لم يأثم) أي ما لم يظلم الدافع في دفعه بأن تعدى الحد الواجب في الدفع كأن يتحامل على المدفوع لنحو عصيبة أو ضغينة قال في الإتحاف: الخيرية هنا باعتبار إضافي وما ذاك إلا أن من المدافعين من يدافع عن نفسه ومن يدافع عن أصدقائه ومن يدافع عن عشيرته وخير هؤلاء المدافع عن عشيرته وقوله ما لم يأثم زجر عن المبالغة في المدافعة حتى ينتهي المدافع إلى الإثم ونص عليه وإن كان معلوما ليكون مستحضرا في الذهن إذ الحمية قد تذهل عنه

(د) في الأدب (عن سراقة) بضم المهملة وفتح الراء وبالقاف (ابن مالك) بن جعشم بضم الجيم وسكون المهملة الكناني

⦗ص: 499⦘

بنونين الندي قال له المصطفى صلى الله عليه وسلم كيف بك إذا لبست سواري كسرى فلبسهما زمن عمر وفيه أيوب بن سويد بن مسعود الحميري ضعفه ابن معين وغيره

ص: 498

4111 -

(خيركم من تعلم القرآن وعلمه) أي خير المتعلمين والمعلمين من كان تعلمه وتعليمه في القرآن لا في غيره إذ خير الكلام كلام الله فكذا خير الناس بعد النبيين من اشتغل به أو المراد خير المتعلمين من يعلم غيره لا من يقتصر على نفسه أو المراد خيرية خاصة من هذه الجهة أي جهة حصول التعليم بعد العلم والذي يعلم غيره يحصل له النفع المتعدي بخلاف من يعمل فقط ولذلك استظهروا رواية الواو على أو لاقتضائها إثبات الخيرية لمن فعل أحد الأمرين ولا شك أن الجامع بينهما مكمل لنفسه ولغيره فهو الأفضل. وقال بعض المحققين: والذي يسبق للفهم من تعلم القرآن حفظه وتعلم فقهه فالخيار من جمعهما. قال الطيبي: ولا بد من تقييد التعلم والتعليم بالإخلاص فمن أخلصهما وتخلق بهما دخل في زمرة الأنبياء

(خ ت) عن علي في فضائل القرآن (هـ د ت) في السنة (عن عثمان) بن عفان رضي الله عنه

ص: 499

4112 -

(خيركم من لم يترك آخرته لدنياه ولا دنياه لآخرته ولم يكن كلا على الناس) أي ثقيلا عليهم فإن الدنيا جارية مجرى الجناح المبلغ إلى الآخرة والآلة المسهلة إلى الوصول إليها ولهذا قال لقمان لابنه: خذ من الدنيا بلاغك وأبق فضول كسبك إلى آخرتك ولا ترفض الدنيا كل الرفض فتكون عيالا وعلى أعناق الرجال محمولا وليس فيه ذم التوكل لأنه قطع النظر عن الأسباب لا تركها بالكلية فدفع الضرر المتوقع أو الواقع لا يناقض التوكل بل يجب كالهرب من نحو جدار ساقط وإساغة لقمة بالماء

(خط) من حديث نعيم بن سالم وكذا الديلمي (عن أنس) قال ابن الجوزي: حديث لا يصح. قال ابن حبان: نعيم يضع على أنس

ص: 499

4113 -

(خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره) وإنما يرجى خير من عرف بفعل الخير وشهرته به ومن غلب خيره أمنت القلوب من شره ومتى قوي الإيمان في قلب عبد رجى خيره وأمن شره ومتى ضعف قل خيره وغلب شره. قال الطيبي: التقسيم العقلي يقتضي أربعة أقسام ذكر هنا قسمين ترغيبا وترهيبا وترك القسمين الباقيين إذ لا ترغيب ولا ترهيب

(ع عن أنس) بن مالك (حم ت عن أبي هريرة) قال الهيثمي: رواه أحمد بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح

ص: 499

4114 -

(خيركم أزهدكم في الدنيا) لدناءتها وفنائها (وأرغبكم في الآخرة) لشرفها وبقائها فالعاقل من نزه نفسه عن الدنيا وأوضارها وجعلها خادمة له وأجمل في الطلب وسعى في التخلص فإنه إذا أعرض عنها أتته راغمة خادمة والذي يصل إليه منها وهو يقبل عليها هو الذي يصل إليه وهو معرض عنها وأنا أضرب لك مثلا رجل صرف وجهه للشمس فرجع ظله خلفه فقصد نحو الشمس فاتبعه ظله ولم يلحقه ولا نال منه إلا ما حصل تحت قدميه فهل الإنسان إن أقبل بوجهه على ظله واستدبر الشمس وجرى ليلحق ظله فلا هو ملحق للظل وقد فاته حظه من الشمس وهم الذين قال الله فيهم {ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا} وما لحق من الظل إلا ما تحت قدميه وهو الحاصل له في استدباره الشمس من

⦗ص: 500⦘

الظل فأنت ذلك الرجل والشمس وجود الحق والظل الدنيا وما حصل تحت قدميك القوت الذي لا بد منه

(هب عن الحسن مرسلا) وهو البصري

ص: 499

4115 -

(خيركم إسلاما أحاسنكم أخلاقا إذا فقهوا) أي فهموا عن الله أوامره ونواهيه وسلكوا مناهج الكتاب والسنة وفي رواية لأبي يعلى بسند حسن كما قاله الهيثمي بدل فقهوا إذا سددوا

(خد عن أبي هريرة) وسنده حسن

ص: 500

4116 -

(خيركن أطولكن يدا) الخطاب لزوجاته ومراده طول اليد بالصدقة لا الطول الحسي وكان أكثرهن صدقة زينب كما سبق قضيته أنها أفضل زوجاته ومر حكاية الاتفاق على أن أفضلهن خديجة والأكثر على أن عائشة بعدها

(ع عن أبي برزة) بفتح الموحدة التحتية وسكون الراء وفتح الزاي قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة فقال يوما: خيركن أطولكن يدا فقامت كل واحدة تضع يدها على الجدار فقال: لست أعني هذا ولكن أصنعكن لمعروف قال الهيثمي: إسناده حسن

ص: 500

4117 -

(خيرهن) يعني النساء (أيسرهن صداقا) بمعنى أن يسره دال على خيرية المرأة ويمنها وبركتها فيكون ذلك من قبيل الفأل الحسن

(طب عن ابن عباس) رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما جابر الجعفي وفي الآخر رجاء بن الحارث وهما ضعيفان وبقية رجاله ثقات ذكره الهيثمي وقال في اللسان: رجاء بن الحارث قال البخاري: حديثه لبس بالقائم وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه ثم أورد له هذا الخبر

ص: 500

4118 -

(خير سليمان بين المال والملك) الذي هو التلبس بشرف الدنيا والاستئثار بخيرها (والعلم) أي بالله تعالى وبأحكامه (فاختار العلم) عليهما (فأعطى المال والملك) مع العلم (لاختياره العلم) والعلم هو الملك الحقيقي لأن الملوك مملوكون لما ملكوا والعلماء ممكنون فيما إليه وجهوا لا يصدهم عن تكملة أمر الدين وإصلاح أمر الآخرة صاد ولا يردهم عنه راد فلما لم يرتض سليمان الملك أورثه الله عنه الأمانة ورفعة الولاية والاستيلاء على محاب القلوب فاسترعى له قلوب العالمين بما استرعى الملوك بعض خواص المستخدمين روي أن معسكره كان مئة فرسخ في مئة خمسة وعشرين للجن ومثلها للإنس ومثلها للطير ومثلها للوحش وكان له ألف بيت من قوارير فيها ثلاث مئة منكوحة وسبع مئة سرية وبساط من ذهب وإبريسم بوضع عليه كرسيه وهو من ذهب وحوله ست مئة ألف كرسي فيقعد على الذهب والعلماء على الفضة وحولهم الناس وحولهم الجن وتظلهم الطير وترفع الصبا البساط فيسير به مسيرة شهر في لحظة

(ابن عساكر فر عن ابن عباس) وذكره ابن عبد البر معلقا

ص: 500

4119 -

(خيرت) بالبناء للمفعول والفاعل هو الله أي خيرني الله (بين الشفاعة) في عصاة المؤمنين (وبين أن يدخل شطر أمتي الجنة) بغير شفاعة (فاخترت الشفاعة لأنها أعم وأكفى) إذ بها يدخلها كلهم ولو بعد دخول من مات مؤمنا النار (أترونها) استفهام إنكاري بمعنى النفي أي لا تظنون الشفاعة التي اخترتها (للمؤمنين المنقين لا ولكنها للمذنبين المتلوثين الخطائين) قال بعض شراح الشفاء: والمنقين بنون وقاف مفتوحتين مع تشديد القاف جمع منقى أي مطهر معنى وحسا من

⦗ص: 501⦘

التنقية <تنبيه> قال القاضي: إن قلت: ما ذكر يستدعي أن لا يدخل أحد من العصاة النار قلت: اللازم منه عموم العفو وهؤلاء يستلزم عدم دخول النار لجواز أن يعفو عن بعضهم بعد الدخول وقبل استيفاء العذاب هذا وليس بحتم أن يدخل النار أحد من الأمة بل العفو عن الجميع بموجب وعده حيث قال {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وبقوله {إن الله يغفر الذنوب جميعا} اه. وقد أخذ بعضهم من هذا الخبر أنه يكره أن يسأل الله أن يرزقه شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لكونها لخاصة المذنبين ومنعه عياض بأنها قد تكون لتخفيف الحساب ورفع الدرجات

(حم عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا الطبراني قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير النعمان بن قراد وهو ثقة (هـ عن أبي موسى) الأشعري قال المنذري بعد ما عزاه لأحمد والطبراني: إسناده جيد

ص: 500