المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

4306 - (الدين) بفتح الدال (هم بالليل) فإن المديون إذا - فيض القدير - جـ ٣

[عبد الرؤوف المناوي]

الفصل: 4306 - (الدين) بفتح الدال (هم بالليل) فإن المديون إذا

4306 -

(الدين) بفتح الدال (هم بالليل) فإن المديون إذا خلى بنفسه وتذكر أنه إذا أصبح طولب وضيق عليه ولم يجد للخلاص حيلة لم يزل طول ليله في غم وهم حتى حال النوم بأن يرى أحلاما منكدة من تلك الجهة (ومذلة بالنهار) لا سيما إذا كان خصمه ألد سيء التقاضي فهو البلاء الأكبر والموت الأحمر والقصد بهذه الأخبار الإعلام بأن الدين مكروه لما فيه من تعريض النفس للمذلة فإن دعت إليه ضرورة فلا كراهة بل قد يجب ولا لوم على فاعله وأما بالنسبة إلى معطيه فمندوب لأنه من الإعانة على الخير

(فر عن عائشة) ثم قال أعني الديلمي: وفي الباب أنس وغيره

ص: 557

4307 -

(الدين) بالفتح (ينقص من الدين) بكسرها أي يذهب منه فإنه ربما جر إلى التسخط بالقضاء أو إلى الاحتيال بتحصيل شيء من غير حله ليرضي به رب الدين أو نحو ذلك كله حط من الديانة (و) من (الحسب) بالتحريك أي أنه مزر به وهذا وما قبله مسوق للتنفير من الاستدانة والزجر عن مفارقة ما يؤدي إليها

(فر عن عائشة) وفيه الحكم ابن عبد الله الأيلي قال الذهبي في الضعفاء: متروك متهم بالوضع ورواه عنها أيضا أبو الشيخ [ابن حبان] ومن طريقه وعنه أورده الديلمي مصرحا فلو عزاه المصنف للأصل لكان أولى

ص: 557

4308 -

(الدين) بالفتح (قبل الوصية) أي يجب تقديم وفائه على تنفيذها (وليس لوارث وصية) إلا أن يجيز الورثة والوصية لغة من وصلت الشيء وصلته سميت به لأنه وصل خير دنياه بخير عقباه وإذا أريد بها ما يخرج من الثلث وهي المراد هنا والمبوب لها في الفقه فعرفت بأنها عقد يوجب حقا في ثلث عاقده يلزم بموته

(هق) من حديث يحيى بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق عن عاصم بن حمزة (عن علي) أمير المؤمنين قال الذهبي في المهذب: ويحيى ضعيف اه وأخرجه الدارقطني عن علي يرفعه وفيه عاصم لينه ابن عدي عن شبيب بن شعبة ثقة له غرائب وشيخه يحيى بن أبي أنيسة تالف ذكره الغرياني وغيره وأخرجه الحارث بن أبي أسامة من حديث ابن عمر بمثله قال ابن حجر: وسنده ضعيف

ص: 557

‌حرف الذال

ص: 557

4309 -

(ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا) أي قنع بالله ربا واكتفى به ولم يطلب غيره (وبالإسلام دينا) بأن لم يسع في غير طريقه قال الطيبي: ولا يخلو إما أن يراد بالإسلام الانقياد كما في حديث جبريل أو مجموع ما يعبر بالدين عنه في خبر بني الإسلام على خمس ويؤيد الثاني اقترانه بالدين لأن الدين جامع بالاتفاق وعلى التقديرين هو عطف على قوله بالله ربا عطف عام على خاص وكذا قوله (وبمحمد رسولا) بأن لم يسلك إلا ما يوافق شرعه ومن كان هذا نعته فقد وصلت حلاوة الإيمان إلى قلبه وذاق طعمه شبه الأمر الحاصل الوجداني من

⦗ص: 558⦘

الرضا بالأمور المذكورة بمطعوم يستلذ به ثم ذكر المشبه به وأراد المشبه ورشح بقوله ذاق فإن قيل: الرضى بالثالث مستلزم للأولين فلم ذكرها؟ قلنا: التصريح بأن الرضا بكل منهما مقصود قال الراغب: والذوق وجود الطعم في الفم وأصله فيما يقل تناوله وإذا كثر يقال له الأكل واستعمل في القرآن بمعنى وجود الإصابة إما في الرحمة نحو {ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة} وإما في العذاب نحو {ليذوقوا العذاب} وقال غيره: الذوق ضرب مثلا لما ينالونه عند المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الخير

(حم م ت) في الإيمان (عن العباس بن عبد المطلب) ولم يخرجه البخاري

ص: 557

4310 -

(ذاكر الله في الغافلين بمنزلة الصابر في الفارين) شبه الذاكر الذي يذكر الله بين جماعة ولم يذكروا بمجاهد يقاتل الكفار بعد فرار أصحابه منهم فالذاكر قاهر لجند الشيطان وهازم له والغافل مقهور. وقال ابن عربي: عليك بذكر الله بين الغافلين عن الله بحيث لا يعلم بك فتلك خلوة العارف بربه وهو كالمصلي بين النيام

(طب) وكذا في الأوسط (عن ابن مسعود) قال الهيثمي بعد ما عزاه لهما: رجال الأوسط وثقوا وقضيته أن رجال الكبير لم يوثقوا فلو عزاه المصنف للأوسط لكان أحسن

ص: 558

4311 -

(ذاكر الله في الغافلين مثل الذي يقاتل عن الفارين) لأن أهل الغفلة قد تعلقت قلوبهم بالأسباب فاتخذوها دولا فصارت عليهم فتنة فإذا ذكر الله بينهم كان فيه ردا عليهم غيبتهم وجفرهم وسوء صنيعهم وإعراضهم عن الذكر فكان ذاكر الله فيهم كحامي الفئة المنهزمة فهو يطفئ ثائرة غضب الله على من أعرض عن ذكره {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض} ومن ثمة شرع لداخل السوق الذي هو محل الغفلة الذكر المشهور ورتب عليه ذلك الجزاء العظيم الذي لم يقع مثله في حديث صحيح إلا قليلا (وذاكر الله في الغافلين) كرره ليناط به في كل مرة ما لم ينط به أولا ذكره الطيبي (كالمصباح في البيت المظلم) شبه الذاكر بالسراج الذي يستضئ به أهل البيت ويهتدون به إلى المصالح ويحترزون بضوئه من الهوام (وذاكر الله في الغافلين كمثل الشجرة الخضراء في وسط الشجر الذي قد تحات من الصريد الضريب)(1) أي تتساقط من شدة البرد والضريب الصقيع ويروى من الجليد شبه الذاكر بالغصن الأخضر الذي يعد للإثمار والغافل باليابس الذي يهيأ للإحراق ذكره القاضي. قال الحكيم: فكذلك أهل الغفلة أصابهم حريق الشهوات فذهبت ثمار القلوب وهي طاعة الأركان فالذاكر قلبه رطب بذكره فلم يضره قحط ولا برد وأما أهل الغفلة كأهل الأسواق فالحرص فيهم كامن وكلما ازداد الواحد منهم طلبا ازداد حرصا فأقبل العدو فنصب كرسيه في وسط أسواقهم وركز رايته وبث جنوده فحملهم على الغفلة فأضاعوا الصلاة ومنعوا الحقوق فأهل الغفلة على خطر عظيم من نزول العذاب والذاكر ببينهم يرد غضب الله فيدفع بالذاكر عن الغافل وبالمصلي عمن لا يصلي (وذاكر الله في الغافلين يعرفه الله مقعده من الجنة) أي في الدنيا بأن يكشف له عنه فيراه أو يرى له أو في القبر (وذاكر الله في الغافلين يغفر الله له بعدد كل فصيح وأعجمي) فالفصيح بنو آدم والأعجمي البهائم هكذا ذكره متصلا مخرجه أبو نعيم فما أدري أهو من تتمة الحديث أو من تفسيره الراوي شبه الذاكر بشجرة خضراء لها منظر بين الأشجار سقياها من فيض العطوف الغفار فهي رطبة بذكره لينة بفضله وأهل الغفلة بأشجار جفت فسقط ورقها ويبست أغصانها لأن حريق الشهوة أصابهم

⦗ص: 559⦘

فذهبت ثمار القلوب وهي طاعة الأركان وذهبت طلاوة الوجوه وسمتها وسكون النفوس وهديها فلم يبق ثمر ولا ورق وما بقي من أثمر فمر أو حلو لا طعم له كدر اللون عاقبته التخمة فهي أشجار بهذه الصفة

(حل) وكذا البيهقي في الشعب (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف أي وذلك لأن فيه عمران بن مسلم القصير قال في الميزان: قال البخاري منكر الحديث ثم أورد له هذا الخبر

(1)[كلمة " الضريب " لم ترد في متن الجامع الصغير ولا في الفتح الكبير للنبهاني. دار الحديث]

ص: 558

4312 -

(ذاكر الله) شهر (رمضان مغفور له) من الله وسكت عن الفاعل للعلم به (وسائل الله فيه) شيئا من الخير في الدين أو الدنيا (لا يخيب) بفتح أوله أو ضمه وإنما قال ذاكر الله في رمضان ولم يقل ذاكر الله وهو صائم ليبين شمول الحكم لليل

(طس هب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: فيه هلال بن عبد الرحمن وهو ضعيف وقال الذهبي في الضعفاء: منكر الحديث وأقول: فيه أيضا عبد الله بن علي بن جدعان قال الدارقطني: لا يزال عندي فيه لين وقال الذهبي في الضعفاء: قال أحمد ويحيى: ليس بشيء وأبو زرعة: غير قوي

ص: 559

4313 -

(ذاكر الله خاليا) أي في محل خال لا يطلع عليه فيه إلا الله والحفظة (كمبارزة إلى الكفار من بين الصفوف خاليا) أي ليس معه أحد فذكر الله في الخلوات يعدل في الثواب جوده بنفسه في القتال في الفلوات وهذا التنويه عظيم بفضل الذكر ومن ثمة كانت جميع العبادات تزول يوم القيامة إلا الذكر قال الإمام الرازي: جميع التكاليف الظاهرة من صلاة أو غيرها تزول في عالم القيامة إلا الذكر والتوحيد لدلالة القرآن على مواظبتهم على الحمد والمواظبة عليه مواظبة عليهما قال الغزالي: قال بعض المكاشفين: ظهر لي الملك فسألني أن أملي عليه شيئا من ذكري الخفي عن مشاهدتي من التوحيد وقال: ما نكتب لك عملا ونحن نحب أن نصعد لك بعمل تتقرب به إلى الله فقلت: ألستما تكتبان الفرائض قالا: بلى قلت: فيكفيكما ذلك قال الغزالي: وذا إشارة إلى أن الكاتبين لا يطلعان على أسرار القلب إنما يطلعان على الأعمال الظاهرة

(الشيرازي في) كتاب (الألقاب عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا الديلمي لكن بيض له ولده

ص: 559

4314 -

(ذبح الرجل أن تزكيه في وجهه) أي تزكيته في وجهه بمنزلة الذبح له إذا جعل ذلك المادح وسيلة إلى طلب شيء منه فإنه تلجئه شدة الحياء إلى الإجابة كرها فيتألم لذلك تألما يكاد أن يضاهي تألم المذبوح

(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب فضل (الصمت) أي السكوت (عن إبراهيم) بن يزيد (التيمي) هو إما بفتح المثناة الفوقية وفتح المثناة التحتية نسبة إلى تيم بالتحريك بطن من غافق أو بفتح الفوقية وسكون التحتية نسبة إلى قبيلة تيمة بالسكون وهو الزاهد العابد (مرسلا) أرسل عن عائشة وغيرها

ص: 559

4315 -

(ذبيحة المسلم حلال ذكر اسم الله) عند الذبح (أو لم يذكر إنه إن ذكر لم يذكر إلا اسم الله) احتج به من ذهب إلى عدم وجوب التسمية على الذبيحة وهم الجمهور فقالوا: هي سنة لا واجبة والمذبوح حلال سواء تركها سهوا أو عمدا وفرق أحمد بين العامد والناسي ومال إليه الغزالي في الإحياء حيث قال: في مراتب الشبهات المرتبة الأولى ما يتأكد الاستحباب في التورع عنه وهو ما يقوى فيه دليل المخالف فمنه التورع عن أكل متروك التسمية فإن الآية أي وهي {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} ظاهرة في الإيجاب والأخبار متواترة بالأمر بها لكن لما صح قول المصطفى صلى الله عليه وسلم المؤمن يذبح على اسم الله سمى أو لم يسم يحتمل كونه عاما موجبا لصرف الأية والأخبار عن

⦗ص: 560⦘

ظاهر الأمر ويحتمل تخصيصه بالناسي والثاني أولى إلى هنا كلامه. وهذا الحديث الذي حكم بصحته بالغ النووي في إنكاره وقال: هو مجمع على ضعفه قال: وقد خرجه البيهقي من حديث أبي هريرة وقال: منكر لا يحتج به

(د في مراسيله عن الصلت) بفتح المهملة وسكون اللام وآخره مثناة السدوسي مولى سويد بن منجون (مرسلا) قال عبد الحق: هو مع إرساله ضعيف قال ابن القطان: وعليه إن الصلت لا يعرف حاله قال ابن حجر في التخريج: رواه البيهقي من حديث ابن عباس موصولا وفي سنده ضعف وأعله ابن الجوزي بمغفل بن عبد الله فزعم أنه مجهول فأخطأ لكن قال البيهقي: الأصح وقفه على ابن عساكر وقال في الفتح: الصلت ذكره ابن حبان في الثقات وهو مرسل جيد أما كونه يبلغ درجة الصحة فلا

ص: 559

4316 -

(ذبوا) أي امنعوا وادفعوا (عن أعراضكم) بفتح الهمزة (بأموالكم) تمامه عند مخرجه الخطيب قالوا: يا رسول الله كيف نذب بأموالنا عن أعراضنا قال: تعطون الشاعر ومن تخافون لسانه اه بلفظه

(خط عن أبي هريرة ابن لال) أبو بكر (عن عائشة) ورواه عنها الديلمي أيضا

ص: 560

4317 -

(ذراري المسلمين) أي أطفالهم من الذر بمعنى التفريق لأن الله فرقهم في الأرض أو من الذرء بمعنى الخلق (يوم القيامة تحت العرش) أي في ظله يوم لا ظل إلا ظله (شافع) أي كل منهم شافع عند الله فيمن أذن له (ومشفع) أي مقبول الشفاعة غير مردودها (من لم يبلغ اثنتي عشرة سنة) بدل مما قبله أو خبر مبتدأ محذوف تقديره وهم قال تعالى {كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين} قال علي وابن عمر رضي الله عنهم: هم أطفال المسلمين قال المصنف: ثم إذا دخلوا الجنة كانوا مع أرفع الأبوين مكانا وخير الوالدين فضلا وإحسانا (ومن بلغ ثلاث عشرة سنة فعليه وله) أى فعليه وزر ما فعل بعد البلوغ من المعاصي وله أجر ما فعل من الطاعات وظاهره أن التكليف منوط ببلوغ هذا السن لكن مذهب الشافعية أن البلوغ وجريان القلم إما بالاحتلام أو ببلوغ خمس عشرة سنة

(أبو بكر) الشافعي (في الغيلانيات وابن عساكر) في التاريخ (عن أبي أمامة) ورواه عنه أيضا أبو نعيم والديلمي فما أوهمه عدول المصنف لذينك من أنه لا يوجد لأحد من المشاهير غير سديد ثم إن فيه ركن الشامي قال في الميزان: وهاه ابن المبارك وقال النسائي والدارقطني: متروك ثم ساق هذا الخبر وفي اللسان عن الحاكم أنه يروي أحاديث موضوعة

ص: 560

4218 -

(ذراري المسلمين) أي أرواح أطفالهم (في عصافير خضر) تعلق (في شجر الجنة يكفلهم أبوهم إبراهيم) الخليل عليه السلام وفي رواية وسارة امرأته قال المصنف: وروى ابن أبي الدنيا عن ابن مسعود وهو كمرفوع السند أن أطفال المسلمين ملوك في الجنة أما ذراري الكفار ففيهم ثلاثة أقوال قال النووي وهو قول الأكثر: إنهم في النار إذ الغالب أن ولد اليهودي يتهود وولد النصراني يتنصر وولد المسلم يسلم لما غلب على الطبائع من التقليد والحرص على المألوف والميل إلى متابعة الآباء وتعظيم شأنهم وترويج آدابهم فحكمنا بإسلام ولد المسلم وترقبنا خلاصه وسحبنا كفر الكافر على ولده وخفنا عليه بناء على هذا الأمر الظاهر وإن احتمل غيره كما يتوقع الخلاص للصالح المذعن ويخاف على الفاسق المتمرد إن جاز عكسه. الثاني: أنهم في الجنة وصححه النووي لخبر إبراهيم حين رآه في الجنة وحوله أولاد الناس وأما حديث البخاري الله أعلم بما كانوا عاملين فلا تصريح فيه بأنهم في النار الثالث: الوقف ورجحه البيضاوي فقال: الثواب والعقاب ليسا بالأعمال وإلا لزم كون الذراري لا في الجنة ولا في النار بل موجبهما اللطف الرباني والخذلان الإلهي المقدر لهم في الأزل فالواجب في حقهم الوقف فمنهم من سبق القضاء بأنه سعيد حتى لو عاش

⦗ص: 561⦘

عمل بعمل أهل الجنة ومنهم بالعكس اه

(ص عن مكحول مرسلا)

ص: 560

4319 -

(ذراري المسلمين) في الجنة كما في رواية أحمد (يكفلهم إبراهيم) الخليل زاد في الرواية المارة حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة ومر أن الأرواح تتفاوت في المقر أعظم تفاوت بحسب مقاماتها ومراتبها قال المصنف: ورد في حديث أن في الجنة شجرة من خير الشجر لها ضروع كضروع البقر فمن مات من الصبيان الذين يرضعون رضعوا منها قال: وروى ابن أبي حاتم عن خالد أن السقط يكون في نهر من أنهار الجنة يتقلب فيه حتى يوم القيامة

(أبو بكر ابن أبي داود) كتاب (البعث عن أبي هريرة) قضية صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا لأشهر ولا أعلى ممن عزاه إليه وإلا لما أبعد النجعة واقتصر عليه وهو تقصير فقد رواه الإمام أحمد باللفظ المزبور ورواه الحاكم والديلمي وابن عساكر

ص: 561

4320 -

(ذروة الإسلام) أي أعلاه (أربع خصال الصبر للحكم) أي حبس النفس على كريه يتحمله أو لذيذ يفارقه انقيادا لقضاء الله (والرضا بالقدر) بالتحريك أي بما قدره الله في الأزل بأن يترك الاختيار وتطمئن نفسه على الواقع به لا يلتمس تقدما ولا تأخرا ولا يستزيد مزيدا ولا يستبدل حالا (والإخلاص للتوكل) أي إفراد الحق سبحانه في التوكل عليه وتفويض سائر أموره إليه والاستسلام للرب أي الانقياد إليه في أحكامه من الأوامر والنواهي وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أبي نعيم ولولا ثلاث خصال صلح الناس شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه

(حل عن أبي الدرداء) ورواه عنه أيضا الديلمي

ص: 561

4321 -

(ذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله) بقصد إعلاء كلمة الله والذروة من كل شيء أعلاه وسنام الشيء أعلاه فالجمع بينهما هنا للمبالغة (لا يناله إلا أفضلهم) يعني أفضل المسلمين المدلول عليه بلفظ الإسلام فإن جاد بنفسه لله فهو أفضلهم بلا نزاع

(طب عن أبي أمامة) رمز المصنف لصحته وهو غير صواب فقد أعله الهيثمي بأن فيه علي بن يزيد وهو ضعيف اه فالحسن فضلا عن الصحة من أين؟

ص: 561

4322 -

(ذر الناس يعملون) ولا تطمعهم في ترك العمل والاعتماد على مجرد الرجاء (فإن الجنة مئة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض) ودخول الجنة وإن كان إنما هو بالفضل لا بالعمل فرفع الدرجات فيها بالأعمال (والفردوس) أي وجنة الفردوس (أعلاها درجة وأوسطها وفوقها عرش الرحمن) فهو سقفها (ومنها تفجر أنهار الجنة فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس) قال ابن القيم: أنزه الموجودات وأظهرها وأنورها وأعلاها ذاتا وقدرا عرش الرحمن وكل ما قرب إلى العرش كان أنور وأرهز فلذا كان الفردوس أعلا الجنان وأفضلها

(حم ت عن معاذ) بن جبل

ص: 561

4323 -

(ذروا الحسناء العقيم) أي التي لا تلد (وعليكم بالسوداء الولود) كان القياس مقابلة الحسناء بالقبيحة لكن لما كان السواد مستقبحا عند أكثر الناس قابله به وزاد أبو يعلى في روايته فإني مكاثر بكم الأمم حتى بالسقط يظل محنطئا

⦗ص: 562⦘

بباب الجنة فقال له: ادخل الجنة فيقول: حتى يدخل والدي معي

(عد) وكذا الموصلي والديلمي (عن ابن مسعود) وفيه حسان بن الأزرق ضعفه الدارقطني وغيره وأورد له ابن عدي ثمانية عشر حديثا مناكير وعد هذا منها ونقله عنه في الميزان وقال في اللسان: قال ابن عدي: لا يتابع عليها والضعف على الحديث بين اه. وبه يعرف أن سكوت المصنف على عزوه لابن عدي وحذفه من كلامه إعلاله غير صواب

ص: 561

4324 -

(ذروا العارفين المحدثين) بفتح الدال اسم مفعول جمع محدث بالفتح أي ملهم وهو من ألقى في نفسه شيء على وجه الإلهام والمكاشفة من الملأ الأعلى (من أمتي لا تنزلوهم الجنة ولا النار) أي لا تحكموا لهم بإحدى الدارين (حتى يكون الله هو الذي يقضي فيهم يوم القيامة) يظهر أن المراد بهم المجاذيب ونحوهم الذين يبدو منهم ما ظاهره يخالف الشرع فلا يتعرض لهم بشيء ويسلم أمرهم إلى الله

(خط) من حديث أيوب بن سويد عن سفيان عن خالد عن عبد الله بن مسور عن محمد بن الحنفية (عن) أبيه (علي) أمير المؤمنين وأيوب قال الذهبي في الكاشف: ضعفه أحمد وغيره وابن المسور قال في الميزان: غير ثقة وقال أحمد وغيره: أحاديثه موضوعة وقال النسائي والدارقطني: متروك ثم أورد له مما أنكر عليه هذا الخبر

ص: 562

4325 -

(ذروني) أي اتركوني من السؤال (ما تركتكم) أي مدة تركي إياكم من الأمر بالشيء والنهي عنه فلا تتعرضوا لي بكثرة البحث عما لا يعينكم في دينكم مهما أنا تارككم لا أقول لكم شيئا فقد يوافق ذلك إلزاما وتشديدا وخذوا بظاهر ما أمرتكم ولا تستكشفوا كما فعل أهل الكتاب ولا تكثروا من الاستقصاء فيما هو مبين بوجه ظاهر وإن صلح لغيره لإمكان أن يكثر الجواب المرتب عليه فيضاهي قصة بقرة بني إسرائيل شددوا فشدد عليهم فخاف وقوع ذلك بأمته ومن ثمة علله بقوله (فإنما هلك من كان قبلكم) من أمم الأنبياء (بكثرة سؤالهم) إياهم عما لا يعنيهم (واختلافهم) بالضم لأنه أبلغ في ذم الاختلاف إذ لا تقييد حينئذ بكثرة السؤال بخلاف ما لو جر هذا ما جرى عليه بعض الشارحين وقال بعضهم: واختلاف عطف على الكثرة لا على السؤال لأن الاختلاف على الأنبياء حرام قل أو كثر وأثر تركتكم على ذرتكم ماضي ذروني لأن العرب لم تستعمله إلا في الشعر اغتناء عنه بترك كودع ماضي يدع (على أنبيائهم) فإنهم استوجبوا بذلك اللعن والمسخ وغير ذلك من البلايا والمحن وكثرة السؤال لتفرق القلوب ووهن الدين ومشعر بالعنت وأكثره مما ألبس فتنة أو شرب وأعقب عقوبة فلا ملجأ لما قيل إن النهي يخص زمن النبي صلى الله عليه وسلم من خوف تحريم أو إيجاب يشق لا يقال السؤال مأمور به بنص {فاسألوا أهل الذكر} فكيف يكون مأمورا منهيا لأنا نقول إنما هو مأمور فيما يأذن المعلم في السؤال عنه والحاصل أن من الناس من فرط فسد باب المسائل حتى قل فهمه وعلمه ومنهم من أفرط فتوسع حتى أكثر الخصومة والجدل بقصد المغالية وصرف وجوه الناس إليه حتى تفرقت القلوب وانشحنت بالبغضاء ومنهم من اقتصد فبحث عن معاني الكتاب والسنة والحلال والحرام والرقائق ونحوها مما فيه صفاء القلوب والإخلاص لعلام الغيوب وهذا القسم محبوب مطلوب والأولان مذمومان وبذلك عرف أن ما فعله العلماء من التأصيل والتفريع والتمهيد والتقرير في التأليفات مطلوب مندوب بل ربما كان واجبا شكر الله سعيهم قال ابن حجر: وكان ينبغي تلخيص ما يكثر وقوعه مجردا عما ينذر سيما في المختصرات ليسهل تناوله (فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه) وجوبا في الواجب وندبا في المندوب (ما استطعتم) أي أطقتم لأن فعله هو إخراجه من العدم إلى الوجود وذلك

⦗ص: 563⦘

يتوقف على شرائط وأسباب كالقدرة على الفعل ونحوها وبعضه لا يستطاع وبعضه له فلا جرم يسقط التكليف بما لا يستطاع إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وبدلالة الموافقة له يخص عموم {وما آتاكم الرسول فخذوه} ويؤخذ منه كما قال النووي في الأذكار: ينبغي لمن بلغه شيء من فضائل الأعمال أن يعمل به ولو مرة ليكون من أهله ولا يتركه مطلقا بل يأتي بما تيسر منه لهذا الخبر (وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه) أي دائما على كل تقدير ما دام منهيا عنه حتما في الحرام وندبا في المكروه إذ لا يتمثل مقتضى النهي إلا يترك جميع جزئياته وإلا صدق عليه أنه عاص أو مخالف وهذا موافق لآية {فاتقوا الله ما استطعتم} وأما {اتقوا الله حق تقاته} فقيل نسخ وقيل تلك مفسرة لهذه. قال النووي: هذا الحديث من جوامع الكلم وقواعد الإسلام ويدخل فيه كثير من الأحكام كالصلاة لمن عجز عن ركن أو شرط فيأتي بمقدوره وكذا الوضوء وستر العورة وحفظ بعض الفاتحة وإخراج بعض زكاة الفطر لمن لم يقدر على الكل والإمساك في رمضان لمفطر بعذر قدر في أثناء النهار إلى غير ذلك

(حم م ن هـ عن أبي هريرة) قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وليس كذلك بل رواه البخاري في الاعتصام عن أبي هريرة قال المناوي: وألفاظهما متقاربة

ص: 562

4326 -

(ذكاة الجنين) بالرفع مبتدأ والخبر قوله (ذكاة أمه) أي ذكاة أمه ذكاة له لأنه جزء منها وذكاتها ذكاة لجميع أجزائها وروي بالنصب على الظرفية كجنت طلوع الشمس أي وقت طلوعها يعني ذكاته حاصلة وقت ذكاة أمه. قال الخطابي وغيره: ورواية الرفع هي المحفوظة وأيا ما كان فالمراد الجنين الميت بأن خرج ميتا أو به حركة مذبوح على ما ذهب إليه الشافعي ويؤيده ما جاء في بعض طرق الحديث من قول السائل: يا رسول الله إنا ننحر الإبل ونذبح البقر والشاة فنجد في بطنها الجنين فنلقيه أو نأكله فقال: كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه فسؤاله إنما هو عن الميت لأنه محل الشك بخلاف الحي الممكن الذبح فيكون الجواب عن الميت ليطابق السؤال ومن البعيد تأويل أبي حنيفة بأن المعنى على التشبيه أي مثل ذكاتها أو كذكاتها فيكون المراد الحي لحرمة الميت عنده ووجه بعده ما فيه من التقدير المستغنى عنه ومن ثمة وافق صاحباه الشافعي قال ابن المنذر: لم يرو عن أحد من الصحابة والعلماء أن الجنين لا يؤكل إلا باستئناف ذكاته إلا عن أبي حنيفة

(د ك عن جابر) بن عبد الله (حم د ت) وحسنه (هـ حب قط عن أبي سعيد) الخدري (ك عن أبي أيوب وعن أبي هريرة طب عن أبي أمامة وأبي الدرداء وعن كعب بن مالك) قال الغزالي: صح صحة لا يتطرق احتمال إلى منته وإلى ضعف في سنده وهو فيه متابع لإمامه فإنه ذكره في الأساليب وقال الحاكم: صحيح الإسناد. قال الزين العراقي: وليس كذلك قال عبد الحق: لا يحتج بأسانيده كلها اه قال ابن حجر: الحق أن فيها ما تنتهض به الحجة اه قال العراقي: ورواه الطبراني في الأوسط بسند جيد اه. فكان ينبغي للمصنف عدم إغفاله فإنه ليس فيما ذكره مثله بل الكل معلول أما حديث جابر ففيه عبد الله بن أبي زياد القداح عن أبي الزبير القداح ضعيف وحديث أبي سعيد من طريق مجاهد عن أبي الوداك عنه قال ابن حزم: حديث واه فإن مجاهدا ضعيف وكذا أبو الوداك وقال ابن القطان: لا يحتج بأسانيده يفيده إلا أن الحجة تقوم بمجموع طرفة كما بينه ابن حجر أتم بيان وأقام عليه البرهان على أن في الباب أيضا أبو أمامة وأبو الدرداء وأبو هريرة وعلي وابن مسعود وأبو أيوب والبزار وابن عمر وابن عباس وكعب وغيرهم ولما نظر إلى ذلك ابن حبان أقدم وصححه وتبعه القشيري وغيره

ص: 563

4327 -

(ذكاة الجنين إذا أشعر) أي نبت له الشعر وأدرك بالحاسة (ذكاة أمه) أي تذكية أمه مغنية عن تذكيته إذا خرج

⦗ص: 564⦘

بعد إشعاره (ولكنه يذبح) أي ندبا كما يفيده السياق (حتى ينصاب ما فيه من الدم) فذبحه ليس إلا لإنقائه من الدم لا يكون الحل متوقفا عليه وهذه التفرقة لم يأخذ بقضيتها الشافعية والحنفية معا بل الشافعية يقولون: إن ذكاة أمه مغنية عن ذكاته مطلقا والحنفية لا مطلقا وهذا يعارضه حديث الدارقطني عن ابن عمر مرفوعا ذكاة الجنين ذكاة أمه أشعر أو لم يشعر وفيه مبارك بن مجاهد مضعف

(ك) في الأطعمة (عن ابن عمر) وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف وكأنه ذهول فقد خرجه أبو داود باللفظ المزبور من حديث جابر

ص: 563

4328 -

(ذكاة) جلود (الميتة دباغها) أي اندباغها بما ينزع الفضول فالاندباغ يقوم مقام الذكاة في الطهارة كما بينه رواية ذكاة الأديم دباغه

(ن عن عائشة) قال الديلمي: وفي الباب ابن عباس وغيره ورواه الدارقطني من عدة طرق بألفاظ مختلفة ثم قال: أسانيدها صحاح

ص: 564

4329 -

(ذكاة كل مسك دباغه) بما ينزع فضوله وهذا نجس الجلد بالموت فخرج جلد المغلظ فإنه لا يطهر بالدباغ والمسك بفتح الميم وسكون السين الجلد والجمع مسوك كفلس وفلوس

(ك) في الأطعمة (عن عبد الله بن الحريث) مصغر حرث بمثلثة قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي

ص: 564

4330 -

(ذكر الله شفاء القلوب) مما يلحقها من ظلمة الذنوب ويدنسها من درن الغفلة ولهذا كان المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أكمل الناس ذكرا بل كان كلامه كله في ذكر الله وما والاه أمره ونهيه وتشريعه وإخباره عن أسماء الرب وصفاته وأحكامه وأفعاله ووعده ووعيده وتمجيده وتسبيحه وتحميده ورغبته ورهبته ذكرا منه بلسانه وصمته وذكر منه بقلبه في كل أحيانه <تنبيه> قال الراغب: ذكر الله تارة يكون لعظمته فيتولد منه الهيبة والإجلال وتارة لقدرته فيتولد منه الخوف والحزن وتارة لفضله ورحمته فيتولد منه الرجاء وتارة لنعمته فيتولد منه العز فحق المؤمن أن لا ينفك أبدا عن ذكره على أحد هذه الوجوه

(فر عن أنس) بن مالك

ص: 564

4331 -

(ذكر الأنبياء من العبادة وذكر الصالحين) أي القائمين بما وجب عليهم من حقوق الحق والخلق (كفارة) للذنوب (وذكر الموت صدقة) أي يؤجر عليه كما يؤجر على الصدقة (وذكر القبر) أي أحواله وأهواله (يقربكم من الجنة) لأن ذلك من أعظم المواعظ وأشد الزواجر عن المعاصي وأبعث على فعل الطاعات ولا يقرب إلى الجنة إلا ذلك وظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الديلمي وذكر النار من الجهاد وذكر القيامة يباعدكم من النار وأفضل العبادة ترك الحيل ورأس مال العالم ترك التكبر وثمر الجنة ترك الحسد والندامة من الذنوب التوبة الصادقة اه فاقتصار المصنف على هذه القطعة غير جيد

(فر عن معاذ) بن جبل وفيه محمد بن محمد الأشعث قال الذهبي: اتهمه ابن عدي أي بالوضع وكذبه الدارقطني والوليد بن مسلم ثقة مدلس ومحمد بن راشد قال النسائي ليس بالقوي

ص: 564

⦗ص: 565⦘

4332 - (ذكر علي) بن أبي طالب (عبادة) أي عبادة الله التي يثيب عليها والمراد ذكره بالترضي عنه أو بذكر مناقبه وفضائله أو بنقل كلامه وتقرير مواعظه وأذكاره وأحكامه أو برواية الحديث عنه أو نحو ذلك

(فرعن عائشة) وفيه الحسن بن صابر قال الذهبي: قال ابن حبان منكر الحديث

ص: 565

4333 -

(ذكرت) بصيغة الفاعل (وأنا في الصلاة تبرا) بكسر فسكون الذهب لم يصف ولم يضرب (عندنا فكرهت أن يبيت عندنا فأمرت بقسمته) قبل المساء وفي رواية فقسمته وفيه أن التفكر في الصلاة فيما لا يتعلق بها لا يفسدها ولا ينقص كمالها وأن إنشاء العزم في أثنائها على ما يجوز لا يضر وإطلاق الفعل على الأمر وحل الاستنابة مع التمكن من المباشرة

(حم خ عن عتبة) بضم المهملة وسكون الفوقية (بن الحارث) بمثلثة بن عامر بن نوفل النوفلي المكي من مسلمة الفتح

ص: 565

4334 -

(ذمة المسلمين واحدة) أي هي كشيء واحد لا تختلف باختلاف المراتب ولا يجوز نفضها بتفرد العاقد بها. قال القاضي: والذمة العهد سمي به لأنه يذم متعاطيه على إضاعته وقال غيره: الذمة ما يذم على إضاعته من عهد أو أمان ومنه سمي المعاهد ذميا (فإذا جارت عليهم جائرة) أي إذا أجار واحد من المسلمين - شريف أو وضيع - كافرا أي أعطاه ذمته (فلا تخفروها) بخاء معجمة وراء وهو بضم التاء وكسر الفاء أصوب من فتح التاء وضم الفاء أي لا تنقضوا عهده وأمانه بل امضوا وإن كان عبدا أو ضعيفا أو أنثى (فإن لكل غادر لواء) زاد في رواية عند استه (يعرف به يوم القيامة) والمراد النهي عن نقضها وأن من نقض ذمة غيره فكأنه نقض ذمة نفسه

(ك عن عائشة) ورواه عنه أبو يعلى باللفظ المزبور قال الهيثمي: وفيه محمد بن سعد وثقه ابن حبان وضعفه أبو زرعة وبقية رجاله رجال الصحيح

ص: 565

4335 -

(ذنب العالم واحد وذنب الجاهل ذنبان) وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه وهو ذهول بل بقيته عند مخرجه الديلمي قيل: ولم يا رسول الله قال: العالم يعذب على ركوبه الذنب والجاهل بعذب على ركوبه الذنب وترك العلم اه بلفظه فاقتصار المصنف على أوله وتركه ما هو بيان وشرح له من سوء التصرف وهذا قد يعارضه الحديث الآتي ويل لمن لا يعلم ولو شاء الله لعلمه واحد من الويل وويل لمن يعلم ولا يعمل سبع من الويل

(فر عن ابن عباس) وفيه جويبر بن سعيد قال الذهبي: قال الدارقطني وغيره متروك

ص: 565

4336 -

(ذنب لا يغفر) أي الذنب الذي هو الجرم بحسب المغفرة على ثلاثة أقسام الأول ذنب لا يغفره الله تعالى بمعنى أنه تعالى حكم بأنه لا يدخل صاحبه الجنة بل يخلده في النار (و) الثاني (ذنب لا يترك) بضم أوله أي لا يهمله الله ولا يضيعه عملا بقضية ما أوجبه على نفسه وأمر به عباده إقامة من ناموس العدل (و) الثالث (ذنب يغفر) بالبناء للمفعول أي يرجى

⦗ص: 566⦘

أن يغفره الله تعالى بالاستغفار والتوبة وقد يغفره بدون ذلك أيضا على مذهب أهل الحق (فأما الذنب الذي لا يغفر فالشرك بالله) ومصداقه {إن الله لا يغفر أن يشرك به} (وأما الذي يغفر فذنب العبد) الذي (بينه وبين الله عز وجل من حقوق الله تعالى أي فالعفو يسارع إليه والتكفير يتطرق له لأنه حق أكرم الأكرمين (وأما الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا) فأكثر ما يدخل الموحدين النار مظالم العباد فديوان العباد هو الديوان الذي لا يترك أي لا يهمل فهذا القسم يحتاج إلى التراد إما في الدنيا بالاستحلال أو رد العين وإما في الآخرة برد ثواب الظالم إليه أو أنه تعالى يرضي المظلوم بفضله وكرمه ولطفه كما في حديث عرفة

(طب) وكذا في الصغير (عن سلمان) الفارسي قال الهيثمي: فيه يزيد بن سفيان بن عبد الله بن رواحة ضعيف تكلم فيه ابن حبان وغيره وبقية رجاله ثقات وفي الميزان يزيد بن سفيان له نسخة منكرة تكلم فيها ابن حبان ومن مناكبره هذا الخبر وساقه كما هنا وبه يعرف وهم المصنف في رمزه لصحته

ص: 565

4337 -

(ذنب يغفر وذنب لا يغفر وذنب يجازى به فأما الذنب الذي لا يغفر فالشرك بالله){إن الله لا يغفر أن يشرك به} (وأما الذنب الذي يغفر فعملك) الذي (بينك وبين ربك) أي مالكك (وأما الذنب الذي يجازى به فظلمك أخاك) أي في الإسلام فإن الله سبحانه لا يظلم مثقال ذرة وفي بعض الآثار إن العبد ليوقف بين يدي الله وله من الحسنات أمثال الجبال ولو سلمت له لكان من أهل الجنة فيقوم أصحاب المظالم ويكون قد سب هذا وأخذ مال هذا وضرب هذا فينقص من حسناته فتقول الملائكة ربنا فنيت حسناته وبقي مطالبون فيقال ألقوا من سيئاتهم على سيئاته وصكوا به صكا في النار

(طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه طلحة بن عمرو وهو متروك

ص: 566

4338 -

(ذهاب البصر) أي العمى إذا طرأ على الإنسان (مغفرة للذنوب) التي كان عملها ظاهره يتناول الكبائر (وذهاب السمع) أي الصمم إذا عرض للمرء (مغفرة للذنوب) كذلك (وما نقص من الجسد) كقطع يد أو رجل (فعلى قدر ذلك) أي بحسبه وقياسه

(عد خط) وأبو نعيم كلهم جميعا من طريق داود بن الزبرقان عن مطر الوراق عن هارون بن عنترة عن عبد الله بن السائب عن زاذان (عن ابن مسعود) قضية صنيع المصنف أن مخرجه سكت عليه والأمر بخلافه بل تعقبه ابن عدي بقوله: هذا منكر المتن والإسناد وهارون بن عنترة لا يحتج به وداود بن الزبرقان ليس بشيء اه ولهذا حكم ابن الجوزي بوضعه وتبعه على ذلك المؤلف في مختصر الموضوعات

ص: 566

4339 -

(ذهب المفطرون اليوم) أي يوم كان الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فصام قوم فلم يصنعوا شيئا لعجزهم عن العمل وأفطر قوم فبعثوا الركاب وعالجوا فبشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم ذهبوا (بالأجر) أي الوافر قال الطيبي: فيه من المبالغة ما فيه أي أنهم مضوا واستصحبوا معهم الأجر ولم يتركوا لغيرهم منه شيئا اه. وهو أجر ما فعلوه من خدمة الصائمين بضرب الأبنية والسقى وغير ذلك لما حصل منهم النفع المتعدي ومثل أجر الصوام لتعاطيهم أشغالهم وأشغال الصوام وأما الصائمون فحصل لهم أجر الصوم التام ولم يحصل لهم من الأجر ما حصل للمفطرين وليس المراد نقص أجر الصوام بل أن المفطرين أجرهم أعظم لقيامهم بوظائف الوقت فاللام للعهد ويحتمل

⦗ص: 567⦘

كونها للجنس وتفيد المبالغة بأن يبلغ أجرهم مبلغا ينغمر فيه أجر الصوام فيجعل كأن الأجر كله للمفطر كما يقال زيد الشجاع وفيه أن الفطر في السفر أولى

(حم ق ن) في الصوم (عن أنس) بن مالك

ص: 566

4340 -

(ذهبت النبوة) اللام للعهد والمراد نبوته (وبقيت المبشرات) بكسر الشين المعجمة جمع مبشرة وهي البشرى وفسرها في الخبر الآتي بأنها الرؤيا الصالحة قيل وللآدمي روحان فإذا نام خرجت روح فأتت الحميم والصديق والبعيد والقريب فما كان منها في ملكوت السماوات فهي الصادقة وما في الهواء فأضغاث قال ابن التين: معنى الحديث أن الوحي انقطع بموت المصطفى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ولم يبق ما يعلم منه ما سيكون إلا الرؤيا ويرد عليه الإلهام فإن فيه إخبارا بما سيكون وهو للأنبياء بالنسبة للوحي كالرؤيا وتقع لغير الأنبياء وقد أخبر كثير من الأنبياء والأولياء عن أمور فكانت كذلك وجوابه أن الإلهام نادر وخاص فلا يرد

(هـ عن أم كرز) بضم الكاف وسكون الراء بعدها زاي الكعبة ورواه عنها أحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان والبزار وقال: لا نعلمه يروى عنها إلا من هذا الوجه ورواه البخاري في تاريخه الأوسط باللفظ المزبور عن أبي الطفيل مرفوعا

ص: 567

4341 -

(ذهبت النبوة فلا نبوة من بعدي) أي بعد وفاتي (إلا المبشرات الرؤيا الصالحة) يدل مما قبله أو خبر مبتدأ محذوف أي وهي الرؤيا الصالحة (يراها الرجل) يعني الإنسان ذكر الرجل وصف طردي (أو ترى) بالبناء للمفعول أي يراها غيره من الناس له قال الحافظ في الفتح: ظاهر الاستثناء مع ما تقدم ويجيء من أن الرؤيا جزء من النبوة أن الرؤيا نبوة وهو غير مراد لأن جزء الشيء لا يستلزم ثبوت وصفه له كمن قال أشهد أن لا إله إلا الله رافعا بها صوته لا يسمى مؤذنا ولا يقال إنه أذن وإن كان جزءا من الأذان وكل من قرأ قائما لا يسمى مصليا وإن كانت القراءة جزءا من الصلاة ثم أن الرؤيا الصالحة وإن اختصت غالبا بأهل الصلاح لكن قد يقع لغيرهم قال علماء التعبير: إذا رأى كافر أو فاسق رؤيا صالحة كانت بشرى بهدايته أو توبته أو إنذار من بقائه على حاله وقد يرى ما يدل على الرضى بما هو فيه ابتلاء وغرورا ومكرا نعوذ بالله

(طب عن حذيفة) بضم المهملة الأولى (بن أسيد) بفتح الهمزة الغفاري صحابي من أصحاب الشجرة ورواه عنه أيضا البزار باللفظ المزبور قال الهيثمي: رجال الطبراني رجال الصحيح ومن ثمة رمز المصنف لصحته

ص: 567

4342 -

(ذهبت العزى) بضم المهملة وشدة الزاي المفتوحة (فلا عزى بعد اليوم) أراد به الصنم الذي كانوا يعبدونه ويسمونه بهذا الاسم فأرسل إلى كسره فكسر حتى صار رضاضا فلما أخبر بذلك ذكره فأفاد بذلك أن هذه الأمة محفوظة من عبادة الأصنام إلى يوم القيامة

(ابن عساكر) في التاريخ (عن قتادة) بن دعامة (مرسلا)

ص: 567

4343 -

(ذو الدرهمين أشد حسابا من ذي الدرهم وذو الدينارين أشد حسابا من الدينار) ولهذا أدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمس مئة عام قال الغزالي: وما من شيء في الدنيا يتخلف عنك عند الموت إلا وهو حسرة عليك بعده فإن شئت فاستكثر وإن شئت فاستقل فإن استكثرت فلست مستكثرا من حسرة وإن استقللت فلست تخفف إلا عن ظهرك وما أعطي عبد من الدنيا إلا قيل له: خذه على ثلاثة أثلاث شغل وهم وطول حساب

(ك في تاريخه) تاريخ نيسابور

⦗ص: 568⦘

(عن أبي هريرة) مرفوعا (هب عن أبي ذر موقوفا (1))

(1) أي لم يرفعه للنبي صلى الله عليه وسلم قال العراقي في ألفيته:

وسم بالموقوف ما قصرته. . . بصاحب وصلت أو قطعته

وبعض أهل الفقه سماه الأثر. . . وإن تقف بغيره قيد تبر

ص: 567

4344 -

(ذو السلطان وذو العلم أحق بشرف المجلس) ممن سواهما من الرعايا والمراد العلم الشرعي وما كان آلة له والحديث بظاهره يتناول ما إذا كان السلطان جائرا والعالم فاسقا لا سيما إن خيف من تأخيره فتنة وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يعظم أكابر كفار قريش ويكرمهم ويصدرهم في المجالس يتألفهم بذلك

(فر عن أبي هريرة) وفيه يعقوب بن حميد قال الذهبي: ضعفه أبو حاتم وغير واحد وما ترك وفيه رجل مجهول ورواه عنه أيضا أبو نعيم ومن طريقه وعنه أورده الديلمي مصرحا فلو عزاه المصنف للأصل لكان أولى

ص: 568

4345 -

(ذو الوجهين في الدنيا) قال النووي: وهو الذي يأتي كل طائفة بما تحب فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها وصنيعه خداع ليطلع على أحوال الطائفتين وقال ابن العربي: الوجه هنا بمعنى القصد (يأتي يوم القيامة) أي يجاء به إلى الموقف (وله وجهان من نار) جزاء له على إفساده وتشهيرا له في ذلك الموقف الأعظم بين كافة الخلائق فإن ذلك أصل من أصول النفاق يكون مع قوم وفي حال على صفة ومع آخرين بخلافهما والمؤمن ليس إلا على حالة واحدة في الحق لا يخاف في الله لومة لائم إلا إن كان ثمة ما يوجب مداراة لنحو اتقاء شر أو تأليف أو إصلاح بين الناس كإتيانه كلا بجميل يعتذر لكل عن الآخر فإنه حسن مرغوب فيه وبما تقرر عرف أنه لا تدافع بين هذا وبين قول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيمن استأذن عليه بئس أخو العشيرة فلما دخل ألان له القول وقول علي: إنا لنبش في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم

(طس عن سعد) بن أبي وقاص رمز المصنف لحسنه وهو خطأ فقد جزم المنذري بضعفه وقال الهيثمي وغيره: فيه خالد بن يزيد العمري وهو كذاب

ص: 568

4346 -

(ذيل المرأة شبر) أي ينبغي أن تجره على الأرض شبرا زيادة في الستر المطلوب لها وهذا قاله أولا ثم استزدته فزادهن شبرا آخر فصار ذراعا وقال: لا تزدن عليه وقال الزين العراقي: فالأولى لهن الاقتصار على الشبر ولهن الزيادة إلى ذراع فقط وهذا كما أنه مدح الإزار في حق الرجل إلى نصف الساق ثم نفى الحرج فيما بعد ذلك إلى الكعبين فينبغي أن تكون المرأة كذلك ليس لها الاقتصار على ما رخص فيه أولا ولها أن تستكمل الرخصة في الذراع اه

(هق عن أم سلمة) قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم كم تجر المرأة من ذيلها قال: شبرا قالت: إذن ينكشف عنها قال: فذراع لا تزيد عليه (د عن ابن عمر) بن الخطاب قال: رخص (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمهات المؤمنين شبرا ثم استزدنه فزادهن شبرا رمز المصنف لصحته

(1) (حيث قال ابن عمر " رخص رسول الله " وحيث أن الأصل كان النهي عن جر الذيل فيتضح أن هذا الحديث أتى لتبيين الرخصة في تطويل الذيل وليس لتبيين المقدار الواجب منه - أي الطول الذي يحرم التقصير عنه فليتنبه. دار الحديث]

ص: 568

4347 -

(ذيلك) بالكسر خطاب لمؤنث والخطاب مع فاطمة أو أم سلمة (ذراع) أي بذراع اليد وهو شبران فلا يزاد على ذلك لحصول المقصود من زيادة الستر به قال الزين العراقي: وهل أول الذراع من الحد الممنوع منه الرجال وهو من الكعبين أو من الحد المندوب وهو نصف الساق أو من أول ما يمس الأرض؟ الظاهر الثالث

(هـ عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الديلمي وغيره وقد رمز المصنف لحسنه

ص: 568