الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3771 -
(حياتي خير لكم تحدثون) بضم المثناة الفوقية أوله بخط المصنف (ويحدث) بضم الياء وفتح الدال بخطه (لكم فإذا أنا مت كانت وفاتي خيرا لكم تعرض علي أعمالكم فإذا رأيت خيرا حمدت الله وإن رأيت) فيها (شرا استغفرت لكم) أي طلبت لكم مغفرة الصغائر وتخفيف عقوبات الكبائر ومن فوائد الموت أيضا عرض الملائكة صلاة من صلى عليه والتوجه في آن واحد إلى ما لا يحصى من أمور الأمة ولم يثبت ذلك في الحياة ومن فوائده أيضا الإثابة بالحزن بموته وتسهيل كل مصيبة بمصيبته والاعتبار به والرحمة الناشئة من اختلاف الأئمة وارتفاع التشديد في التوقير ونحو ذلك
(ابن سعد) في الطبقات (عن بكر بن عبد الله) المزني بضم الميم وفتح الزاي وكسر النون (مرسلا) أرسل عن ابن عباس وغيره قال الذهبي: ثقة إمام وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره موصولا وهو ذهول فقد رواه البزار من حديث ابن مسعود قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح انتهى فأعجب له من قصور من يدعي الإجتهاد المطلق. [انتهى كلام المناوي وحمله الشديد هنا بنية حسنة: ليبين أن دعوى الاجتهاد المطلق يجب ألا يستهان بشأنها. وله أجر حسن نيته. والحق أن ادعاء السيوطي للاجتهاد المطلق مختلف فيه حيث ذكر الإمام الشعراني في مقدمة كشف الغمة أن ذلك كان ادعاء الاجتهاد المطلق ضمن المذهب الشافعي؟ ؟
هذا وإن وجدت بعض المبالغة عند المناوي في تتبع أسانيد السيوطي وما نقص منها غير أنه قال في شرح الحديث 6179: " ولا يقدح عدم الاطلاع على مخرجه في جلالة المؤلف - أي السيوطي - لأنه ليس من شرط الحافظ إحاطته بمخرج كل حديث في الدنيا ". ففي كلام الإمام المناوي هذا غاية الإنصاف والإقرار العادل بجلالة السيوطي والتأكيد على عدم اشتراط إحاطة الحافظ بجميع مخرجي الأحاديث
هذا بالإضافة إلى أن السيوطي لم يشترط ذلك على نفسه
وقليل في الأمة الإسلامية من قام بمثل عمله في جمع الأحاديث ولا يشترط كما مر ذكر جميع أسانيد الأحاديث في جوامعه والتي تبلغ أكثر من ستة وأربعين ألف حديث
فعلينا الأخذ بعلوم السلف والحذو على منهاجهم فيها مع الإعراض عما شجر بينهم وعدم تقليدهم فيه التقليد الأعمى بعد تفهم أسباب ذلك ونياتهم الحسنة المحمودة فيه فلا نقع فيما يقع فيه البعض وللأسف من التجرؤ على أكابر علماء الأمة. والواقع أن الله قد من على هذه الأمة بأمثال السيوطي والمناوي حيث قل وجود المصنفات ذات النفع المماثل للجامع الصغير هذا وشرحه للمناوي. فنسأله سبحانه وتعالى أن يجزيهم خير الجزاء وينفعنا النفع الخالص بعلومهم آمين. دار الحديث]
فصل في المحلى بأل من هذا الحرف [أي حرف الحاء]
3772 -
(الحائض والنفساء إذا أتتا على الوقت) الذي يصح فيه الإحرام بنسك (تغتسلان) غسل الإحرام بنيته حال الحيض أو النفاس مع أن الغسل لا يبيح لهما شيئا حرمه الحيضان بل يفعلانه تشبها بالمتعبدين رجاء مشاركتهم في نيل المثوبة (وتحرمان) بضم التاء والإحرام الدخول في النسك (وتقضيان) أي تؤديان (المناسك) أي أعمال الحج والعمرة (كلها) حال الحيض والنفاس (غير الطواف) أي إلا الطواف (بالبيت) فرضا أو نفلا وإلا ركعتي الطواف والإحرام فإن ذلك لا يصح مع الدم كما هو مبين في الفروع
(حم د عن ابن عباس)
3773 -
(الحاج الشعث) مصدر الأشعث وهو المغبر الرأس (التفل) بمثناة فوقية وكسر الفاء أي الذي ترك استعمال الطيب من التفل وهو الريح الكريه من تفل الشيء من فيه رماه متكرها له يعني من هذه صفته فهو الحاج حقيقته الحج المقبول
⦗ص: 402⦘
فاللائق به كونه أشعث أغبر رث الهيئة غير متزين ولا مائل إلى أسباب التفاخر والتكاثر فيكتب من المتكبرين المترهفين ويخرج من حزب الصالحين
(ت) وكذا ابن ماجه خلافا لما يوهمه إفراد المصنف للترمذي بالعزو (عن ابن عمر) بن الخطاب وكذا رواه عنه أحمد قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح
3774 -
(الحاج الراكب له بكل خف يضعه بعيره حسنة) يعني بكل خطوة تخطوها دابته التي يركبها وإنما خص البعير لأن الحاج غالبا إنما يكون عليه وهذا ترغيب عظيم في الحج وبيان لجزيل النوال فيه وظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الديلمي والماشي له بكل خطوة يخطوها سبعون حسنة انتهى فاقتصاره على بعضه من سوء التصرف وهذا صريح في تفضيل الحج ماشيا وصحح الشافعية مقابله لأدلة أخرى
(فر عن ابن عباس) وفيه عبد الله بن محمد بن ربيعة قال الذهبي: ضعفه ابن عدي ومحمد بن مسلم الطائفي ضعفه أحمد ووثقه غيره
3775 -
(الحاج في ضمان الله مقبلا) أي حجه ذاهبا إليه (ومدبرا) أي راجعا إلى وطنه يعني هو في حفظه في حال الذهاب والإياب جميعا وقضية تصرف المصنف أن ذا هو الحديث بكماله بل هو ذهول بل تمامه عند مخرجه الديلمي فإن أصابه في سفره تعب أو نصب غفر الله عز وجل له بذلك سيئاته وكان له بكل قدم يرفعه ألف درجة في الجنة وبكل قطرة تصبيه من مطر أجر شهيد اه بلفظه فاقتصاره على بعضه بلا موجب تقصير
(فر عن أبي أمامة) الباهلي
3776 -
(الحاج والغازي وفد الله) عز وجل والوفد القوم يجتمعون ويردون البلاد ويقصدون الكبراء للاسترفاد (إن دعوه) أي سألوه شيئا (أجابوه) أي أعطاهم سؤلهم (وإن استغفروه) أي طلبوا منه غفر ذنوبهم أي سترها (غفر لهم) حتى الكبائر في الحج وهذا إذا راعوا ما عليهم من الشروط والآداب التي منها كما قال الحرالي استطابة الزاد والاعتماد على رب العباد والرفق بالرفيق والظهير وتحسين الأخلاق والإنفاق في الهدي والإعلان بالتلبية وتتبع الأركان على ما تقتضيه الأحكام وإقامة الشعائر على معلوم السنة لا على معهود العادة وغير ذلك
(هـ عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الديلمي قال: وفي الباب ابن عمر وغيره
3777 -
(الحاج والمعتمر والغازي في سبيل الله) لإعلاء كلمة الله (والمجمع) أي مقيم الجمعة (في ضمان الله دعاهم) إلى طاعته (فأجابوه وسألوه فأعطاهم) إما سألوه ما عينه وإما ما هو خير منه وهو أعلم بما يصلح به عباده
(الشيرازي في) كتاب (الألقاب عن جابر) بن عبد الله
3778 -
(الحافي أحق بصدر الطريق من المنتعل) قال في الفردوس: الحافي الذي لا خف في رجليه ولا نعل انتهى: أي فهو أحق بصدر الطريق لأنه أسهل عليه
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة ويحيى بن عثمان بن صالح وحديثهما حسن وفيهما ضعف
3779 -
(الحباب) بالضم والتخفيف (شيطان) أي هو اسم شيطان من الشياطين قال الزمخشري: اشترك الشيطان والحية في
⦗ص: 403⦘
اسم الحباب كما اشتركا في الشيطان والحبان وابن فترة
(ابن سعد) في الطبقات (عن عروة) بن الزبير العالم المتقن الثقة (وعن الشعبي) عامر بن شراحيل (وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) الأنصاري قاضي المدينة وأميرها (مرسلا) ظاهره أنه لم يقف عليه مسندا وهو قصور فقد رواه الطبراني من حديث خيثمة بن عبد الرحمن عن أبيه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال لأبي: هذا ابنك قال: نعم قال: ما اسمه قال: الحباب قال: لا تسمه الحباب فإن الحباب شيطان
3780 -
(الحبة السوداء فيها شفاء من كل داء إلا الموت) قيل: هذا من العام المراد به الخاص والمراد كل داء يحدث من الرطوبة والبرودة والبلغم لأنها حارة يابسة
(أبو نعيم في الطب) النبوي (عن بريدة) بن الحصيب ورواه الطبراني عن أسامة بن زيد قال الهيثمي: ورجاله ثقات
3781 -
(الحجامة في الرأس هي المغيثة) أي تسمى المغيثة من الأمراض والأدواء (أمرني بها جبريل حين أكلت طعام اليهودية) يعني الشاة التي سمتها له زينب اليهودية بخبير وقالت: إن كان نبيا لم يضره وإلا استرحنا منه قيل: قتلها وقيل: لا. وجمع: بأنه عفى عنها من حق نفسه فلما مات بعض صحبه من أكله منها قتلها به والحجامة إخراج الدم من صفحة القفا لا بالفصد ورد في حديث أن الملائكة أمرت المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يأمر بالحجامة قال التوربشتي: ووجه مبالغة الملائكة فيها سوى ما عرفوا فيها من المنفعة التي تعود إلى الأبدان أن الدم مركب من القوى النفسانية الحائلة بين العبد وبين الترقي إلى ملكوت السماوات والوصول إلى الكشوف الروحانية وبغلبته يزداد جماح النفس وصلابتها فإذا نزف الدم أورثها ذلك خضوعا وخمودا ولينا ورقة وبذلك تنقطع الأدخنة الناشئة من النفس الأمارة وتنحسم مادتها فتزداد البصيرة نورا إلى نورها
(ابن سعد) في الطبقات (عن أنس) بن مالك
3782 -
(الحجامة في الرأس يوم الثلاثاء لسبع عشرة) تمضي (من الشهر) أي شهر كان (دواء لداء سنة) أي لما يحدث في تلك السنة من الأمراض وفي خبر احتجموا يوم الثلاثاء فإنه اليوم الذي صرف فيه عن أيوب البلاء ونص الأطباء على أن الحجامة في وسط الشهر أولى وبعد وسطه وبالجملة في الربع الثالث من أرباع الشهر لأن الدم حينئذ يكون في نهاية التزايد بخلافه في أوله وآخره
(ابن سعد) في الطبقات والديلمي (طب عد) من حديث زهير بن عباد عن سلام الطويل عن زيد العمي عن معاوية بن قرة (عن معقل بن يسار) قال الهيثمي عقب عزوه للطبراني: فيه زيد بن أبي الحواري العمي وهو ضعيف وقد وثقه الدارقطني وبقية رجاله رجال الصحيح اه. وقال ابن جرير: هذا عندنا خبر واه لا يثبت في الدين بمثله حجة ولا نعلمه يصح لكن روي من كلام بعض السلف وقال ابن الجوزي: موضوع وسلام وشيخه متروكان. وقال الذهبي في الضعفاء: سلام الطويل تركوه باتفاق وزيد العمي ضعيف متماسك
3783 -
(الحجامة في الرأس) تنفع (من الجنون والجذام والبرص والأضراس) أي وجعها (والنعاس) أي تذهبه أو تخففه وإطلاق الرأس هنا قد ورد تقييده في خبر آخر بغير نقرة الرأس فإن الحجامة فيها تورث النسيان كما في الفردوس عن أنس
⦗ص: 404⦘
مرفوعا
(عق عن ابن عباس طب وابن السني في الطب) أي النبوي (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: فيه مسلمة ابن سالم الجهيني ويقال مسلم بن سالم وهو ضعيف وفيه عند الطبراني إسماعيل بن شبيب أو ابن شيبة الطائفي قال في الميزان واه وأورد له مما أنكر عليه هذا الحديث وقال: قال النسائي منكر الحديث وفي اللسان عن ابن عدي أحاديثه غير محفوظة
3784 -
(الحجامة في الرأس شفاء من سبع) أي من سبعة أدواء (إذا ما نوى صاحبها) بها الاستشفاء بنية صالحة صادقة (من الجنون والصداع والجذام والبرص والنعاس ووجع الضرس وظلمة يجدها في عينه) قال الأطباء: الحجامة في وسط الرأس نافعة جدا قال ابن حجر: وقد ثبت أن المصطفى صلى الله عليه وسلم فعلها وورد أنه احتجم في الأخدعين والكاهل خرجه الترمذي وحسنه وأبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه وذكر الأطباء أن الحجامة على الأخدعين شفاء من أمراض الرأس والوجه والأذنين والعينين والأسنان والأنف والحلق وتنوب عن فصد القيفال والحجامة تحت الذقن تنفع من وجع الأسنان والوجه والحلقوم وتنقي الرأس وعلى ظهر القدم تنوب عن فصد الصافن وتنفع من قروح الفخذين والساقين وانقطاع الطمث وحكة الأنثيين وعلى أسفل الصدر تنفع دماميل الفخذ وجربه وبثوره والنقرس والبواسير وداء الفيل وحكة الظهر ومحل ذلك كله إذا كان عن دم هائج وصادف وقت الاحتياج والحجامة على المقعدة تنفع الأمعاء وفساد الحيض
(طب وأبو نعيم) في الطب وكذا ابن عدي (عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه عمر بن رباح العبدي وهو متروك وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح وقال في الفتح: حديث ضعيف وعمر بن رباح أحد رواته متروك رماه الفلاس وغيره بالكذب
3785 -
(الحجامة على الريق) أي قبل الفطر (أمثل وفيها شفاء وبركة) أي زيادة في الخير (وتزيد في الحفظ وفي العقل فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس) لفظ رواية الحاكم بعد قوله وبركة وهي تزيد في العقل وتزيد الحافظ حفظا فمن كان محتجما فليحتجم يوم الخميس (واجتنبوا الحجامة يوم الجمعة والسبت والأحد واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب نبيه (من البلاء) الذي ابتلاه به قال الطيبي: ظاهره يخالف الحديث المار أن يوم الثلاثاء يوم الدم وفيه ساعة لا يرقأ ولعله أراد به يوما مخصوصا وهو سابع عشر الشهر كما في حديث معقل المذكور (واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء فإنه اليوم الذي ابتلى فيه أيوب) أي كان ابتداء إبلائه فيه (وما يبدو جذام ولا برص إلا في يوم الأربعاء أو في ليلة الأربعاء) في الموجز من فوائد الحجامة تنقية العضو وقلة استفراغ جوهر الروح وهي على الساقين تقارب العضد وتدر الطمث وتصفي الدم وعلى القفا لنحو رمد وبخر قلاع وصداع خاصية ما كان في مقدم الرأس لكنها تورث النسيان قال ابن القيم: وتكره على الشبع لأنها تورث أمراضا
(ك) في الطب (وابن السني وأبو نعيم) معا في الطب النبوي (عن ابن عمر) بن الخطاب ولم يصححه الحاكم وقال الذهبي: فيه عطاف وثقه أحمد وغيره وقال أبو حاتم: ليس بذلك
⦗ص: 405⦘
انتهى وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: لا يصح من جمع طرقه
3786 -
(الحجامة تنفع من كل داء) من أدواء البدن (ألا) بالتخفيف حرف تنبيه (فاحتجموا) أمر إرشاد لمن لاق بحاله ومرضه وقطره الحجامة قالوا خاطب بالحجامة أهل الحجاز ومن في معناهم من ذوي البلاد الحارة فإن دماءهم رقيقة تميل إلى ظاهر البدن بجذب الحرارة الخارجة بها إلى سطح البدن
(فر عن أبي هريرة) وفيه محمد بن حمدان قال الذهبي في الذيل: قال أبو أحمد الحاكم: رأيتهم يكذبونه
3787 -
(الحجامة يوم الأحد شفاء) من الأمراض وتخصيص يوم الأحد لسر علمه الشارع
(فر عن جابر بن عبد الملك ابن حبيب في الطب النبوي عن عبد الكريم) بن الحارث (الحضرمي) بفتح المهملة وسكون المعجمة وفتح الراء نسبة إلى حضرموت من أقصى بلاد اليمن (معضلا) هو المصري العامد واعلم أن الديلمي خرج الحديث في الفردوس من حديث جابر مرفوعا فاقتصار المصنف على رواية إعضاله تقصير أو قصور ثم إن فيه المنكدر بن محمد قال الذهبي: اختلف قول أحمد وابن معين فيه وقد وثق
3788 -
(الحجامة تكره) تنزيها كراهة إرشادية لا شرعية (في أول الهلال ولا يرجى نفعها حتى ينقص الهلال) لأن الأخلاط في أول الشهر لا تكون تحركت وهاجت وفي وسطه تكون هائجة تابعة في مزيدها لتزايد النور في جرم القمر
(ابن حبيب) في الطب النبوي (عن عبد الكريم الحضرمي معضلا)
3789 -
(الحجاج والعمار) أي المعتمرون قال الزمخشري: لم يجئ فيما أعلم عمر بمعنى اعتمر لكن عمر الله إذا عبده فيحتمل أن يكون العمار جمع عامر من عمر بمعنى اعتمر وإن لم نسمعه ولعل غيرنا سمعه وأن يكون مما استعمل منه في بعض التصاريف دون بعض كما قيل يذر ويدع (وفد الله دعاؤهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم) ساء لهم وهذا في حج مبرور وعمرة كذلك كما مر التنبيه عليه قال الزمخشري: والوفد الذين يقصدون الأمراء لزيارة واسترقاد وغير ذلك
(البزار) في المسند (عن جابر) ابن عبد الله قال الهيثمي: رجاله ثقات
3790 -
(الحجاج والعمار وفد الله يعطيهم ما سألوه ويستجيب لهم ما دعوا ويخلف عليهم ما أنفقوا) في الحج والعمرة (الدرهم) الواحد (ألف ألف) درهم لأن الحج أخو الجهاد في المشقة والنزوح عن الوطن والأجر على قدر النصب ومن ثم سماه النبي صلى الله عليه وسلم أحد الجهادين وضم إليه العمرة التي هي الحج الأصغر لمشاركتها في إظهار فخاره وإعلاء مناره
(هب) من حديث ثمامة البصرى عن ثابت (عن أنس) ثم قال: أعني البيهقي ثمامة غير قوي اه فحذف المصنف لذلك من كلامه غير صواب وثمامة هذا قال أبو حاتم: منكر الحديث وفيه أيضا محمد بن عبد الله بن سليمان أورده الذهبي في الضعفاء وقال ابن منده مجهول
⦗ص: 406⦘
3791 - (الحجاج والعمار وفد الله إن سألوا أعطوا) بالبناء للمجهول أي أعطاهم الله (وإن دعوا أجابهم) إلى ما طلبوه (وإن أنفقوا) المال (أخلف لهم) ما أنفقوه (والذي نفس أبي القاسم بيده) أي بقدرته وتصرفه (ما كبر مكبر) في حج أو عمرة (على نشز) بنون وشين معجمة وزاي أي ارتفع على رابية في سفره (ولا أهل مهل على شرف) بالتحريك أي محل عال (من الأشراف) أي من الأماكن العالية (ألا أهل ما بين يديه) أي أمامه وعن يمينه وشماله ومدر وغيرهما (وكبر) كل ذلك ويستمر ذلك كذلك (حتى تنقطع به منقطع التراب) في المصباح منقطع الشيء بصيغة اسم مفعول حيث ينتهي طرفه كمنقطع الوادي والرمل والطريق والمنقطع بالكسر الشيء بنفسه فهو اسم عين والمفتوح اسم معنى
(هب عن ابن عمرو) بن العاص وفيه بكر بن بكار أورده الذهبي في الضعفاء وقال النسائي: غير ثقة ومحمد أبي حميد قال الذهبي: ضعفوه
3792 -
(الحج) قال الحرالي: وهو حشر الخلائق من الأقطار للوقوف بين يدي الغفار في خاتمة منيتهم ومشارفة وفاتهم لتكون لهم آمنة من حشر ما بعد مماتهم فكمل به بناء الدين وفرض في آخر سني الهجرة اه (سبيل الله تضعف فيه النفقة بسبع مئة ضعف) فيه إعلام بفضيلة النفقة في الحج الأكبر والأصغر يلحق به وهو العمرة وبيان عظيم فضله كيف وقد جعلت مواقفه أعلاما على الساعة والحج آية الحشر وأهل الحشر {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه}
(سمويه عن أنس) ورواه عنه أيضا الطبراني والديلمي بلفظ الحج من الجهاد ونفقته تضاعف سبع مئة ضعف
3793 -
(الحج المبرور) أي المقابل بالبر ومعناه المقبول وهو الذي لا يخلطه شيء من الإثم ومن علامة القبول أنه برجع خيرا مما كان ولا يعاود والمعاصي (ليس له جزاء إلا الجنة) أي إلا الحكم له بدخول الجنة فلا يقتصر لصاحبه من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه بل لا بد أن يدخلها أي مع السابقين أو بغير عذاب وإلا فكل مؤمن يدخلها وإن لم يحج
(طب عن ابن عباس حم عن جابر) قال الهيثمي: فيه محمد بن ثابت وهو ضعيف اه وقضية تصرف المصنف أن ذا لا يوجد في أحد الصحيحين وإلا لما ساغ له العدول عنه وهو ذهول فقد رواه الشيخان باللفظ المزبور وزادا عقبه والعمرة إلى العمرة تكفر ما بينهما اه بلفظه
3794 -
(الحج عرفة) مبتدأ وخبر على تقدير مضاف من الجانبين أي معظمه أو ملاكه الوقوف بها لفوت الحج بفوته ذكره البيضاوي وقال الطيبي: تعريفه للجنس وخبره معرفة فيفيد الحصر نحو {ذلك الكتاب} (من جاء قبل طلوع الفجر من ليلة الجمع) أي ليلة المزدلفة وهي ليلة العيد سميت ليلة جمع لأنه يجمع صلواتها (فقد أدرك الحج) أي من أدرك الوقوف ليلة النحر قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج لأن وقت الوقوف بعرفة من زوال يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر وبه قال عامة العلماء وقال مالك: من فاته الوقوف نهاره فاته الحج (أيام منى ثلاثة) هي الأيام المعدودات وأيام التشريق ورمي الجمار وهي الثلاثة بعد النحر (فمن تعجل) النفر (في يومين) أي اليومين الأولين (فلا إثم عليه) في تعجيله وسقط
⦗ص: 407⦘
عنه مبيت الليلة الثالثة ورمى اليوم الثالث وتعجل جاء لازما ومتعديا (ومن تأخر) عن النفر في الثاني من التشريق إلى الثالث حتى نفر فيه (فلا إثم عليه) في تأخيره بل هو أفضل والتخيير هنا وقع بين الفاضل والأفضل
(حم 4 ك) كلهم في الحج (هق) كلهم (عن عبد الرحمن بن يعمر) بفتح المثناة التحتية وسكون المهملة وفتح الميم الديلي بكسر الدال المهملة وسكون التحتية صحابي نزل الكوفة قال: إن ناسا من أهل نجد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فسألوه فأمر مناديا فنادى الحج عرفة ولم يضعفه أبو داود
3795 -
(الحج والعمرة فريضتان) رواه الحاكم في رواية على الناس كلهم إلا أهل مكة فإن عمرتهم طوافهم (لا يضرك بأيهما بدأت) أي بالحج أو بالعمرة واعلم بأنه قد قام إجماع الأمة على ما نطق به هذا الحديث من فريضة الحج وذلك لأن الاستطاعة صفة موجودة بالمطيع وهي القدرة فكل من قدر على الوصول بحوله وقوته اللذين خلقهما الله له في ذاته فهو قادر مستطيع ومن لم يقدر على ذلك بحوله وقوته لكن يقدر بحيلته وهي تحصيل الأسباب بالمال ففيه خلاف بين الأئمة والجمهور على اللزوم لأنه مطيق بوجه من الإطاقة اعتبره الشرع وجعله بمنزلة القدرة القائمة بالذات في عبادات الشرع كلها من الطهارة في الصلاة وسننها فكذا الحج وأما العمرة فأخذ أحمد والشافعي بقضية هذا الحديث فأوجباها وقال أبو حنيفة ومالك: لا تجب
(ك) وكذا الدارقطني (عن زيد بن ثابت) قال ابن حجر: سنده ضعيف والمحفوظ عن زيد بن ثابت موقوف أخرجه البيهقي بسند صحيح اه. (فر) في الحج (عن جابر) وقال: الصحيح موقوف وقال الذهبي في التنقيح: هذا الحديث إسناده ساقط
3796 -
(الحج جهاد كل ضعيف) لأن الجهاد تحمل الآلام بالبدن والمال وبذل الروح والحج تحمل الآلام بالبدن وبعض المال دون الروح فهو جهاد أضعف من الجهاد في سبيل الله فمن ضعف عن الجهاد لعذر فالحج له جهاد
(هـ) وكذا أحمد والقضاعي من حديث أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عن أم سلمة) قال السخاوي: ورجاله ثقات يحتج بهم في الصحيح لكن لا يعرف لأبي جعفر من أم سلمة اه وبما ذكره صرح الترمذي فإنه أورده في العلل عن أم سلمة اه. ثم ذكر أنه سأل عنه البخاري فقال: إنه مرسل لأنه من حديث محمد بن علي عن أم سلمة وهو لم يدركها اه
3797 -
(الحج جهاد) كتب المصنف على الحاشية في رواية فريضة (والعمرة تطوع) تمسك به من لم يوجب العمرة وقال: هي مندوبة والشافعي كالجمهور علي الوجوب لأدلة أخرى
(هـ عن طلحة بن عبيد الله طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: وفيه محمد بن الفضل بن عطية وهو كذاب وقال الذهبي في المهذب: متروك وفي المطامح: فيه ماهان ضعيف وقال ابن حبان وابن حجر خرجه ابن ماجه عن طلحة وهو ضعيف والبيهقي عن ابن عباس وقال: لا يصح من ذلك شيء
3798 -
(الحج قبل التزويج) كذا هو بخط المصنف وفي نسخ التزوج بدون الياء ولا أصل له في نسخته أي هو مقدم عليه لاحتمال أن يشغله التزوج عنه وذهب ذاهبون إلى أن الأولى تقديم التزوج على الحج ليكون فكرة مجتمعا تمسكا بأدلة أخرى وكأنهم لم يبالوا بهذا الحديث لشدة ضعفه إن سلم عدم وضعه ولهذا قال ابن المنير عند قول البخاري باب من أحب أن يتزوج قبل الغزو ما نصه يستفاد منه الرد على العامة في تقديمهم الحج على الزواج ظنا منهم أن
⦗ص: 408⦘
التعفف إنما يتأكد بعد الحج بل الأولى أن يتعفف ثم يحج هذه عبارته وحكاه عنه ابن حجر وأقره ولو كان في الحديث نوع تماسك لما ساغ لهما التعبير بهذه العبارة
(فر عن أبي هريرة) وفيه غياث بن إبراهيم قال الذهبي: تركوه وميسرة ابن عبد ربه قال الذهبي: كذاب مشهور
3799 -
(الحجر الأسود) ويسمى الركن الأسود وهو ركن الكعبة الذي في الباب من جانب الشرق وارتفاعه من الأرض الآن ذراعان وثلث ذراع على ما ذكره الأزرقي وبينه وبين المقام ثمانية وعشرون ذراعا (من الجنة) حقيقة أو بمعنى أنه لما له من الشرف واليمن يشارك جواهر الجنة فكأنه منها قال القاضي: لعل هذا الحديث جار مجرى التمثيل والمبالغة في تعظيم شأن الحجر وتفظيع أمر الخطايا والمعنى أن الحجر لما فيه من الشرف والكرامة وما فيه من اليمن والبركة يشارك جواهر الجنة فكأنه نزل منها وأن خطايا بني آدم تكاد تؤثر في الجماد فتجعل المبيض منها مسودا فكيف بقلوبهم أو من حيث أنه مكفر للخطايا محاء للذنوب كأنه من الجنة ومن كثرة تحمله أوزار بني آدم كان ذا بياض شديد فسودته الخطايا هذا وإن احتمال إرادة الظاهر غير مدفوع عقلا ولا سمعا واله أعلم بالحقائق قال المظهر: وفي الحديث فوائد منها امتحان إيمان الرجل فإن كان كاملا يقبل هذا فلا يتردد وضعيف الإيمان يتردد والكافر ينكر ومنها التخويف فكان الرجل إذا علم أن الذنوب تسود الحجر يحترز منه لئلا يسود بدنه بشؤمه ومنها التحريض على التوبة ومنها الترغيب في مسح الحجر لتنقل الذنوب إليه قال ابن العربي: هذا لا يؤمن به إلا من كان سنيا والقدرية تنكره من وجهين أحدهما أن الجنة بعد لم تخلق الثاني أنه زاد في عدة أخبار أن الخطايا تسوده وهي لا تسود ولا تبيض حقيقة ولا توليدا وقد أقمنا الأدلة الواضحة على أن الجنة مخلوقة الآن وأن تعلق السواد بالأبيض والبياض في الأسود غير مستنكر في القدرة
(حم عن أنس) بن مالك (ن عن ابن عباس)
3800 -
(الحجر الأسود من حجارة الجنة) يحتمل ما تقرر من الحقيقة أو المجاز ويحتمل أيضا أن معناه بعد خراب هذا العالم ينقل إلى الجنة فيكون فيها تشريفا له. <فائدة> في تذكره المقريزي عن ابن جبير أن ارتفاع الكعبة بين الركن اليماني والحجر الأسود سبع وعشرون ذراعا وسائر الجوانب ثمان وعشرون بسبب انصباب السطح إلى الميزاب وارتفاع الباب من الأرض أحد عشر شبرا ونصفا وغلظ الحائط الذي ينطوي عليه الباب خمسة أشبار وقام البيت على ثلاثة أعمدة بين كل عمودين أربع خطا ومن الركن الذي فيه الحجر الأسود إلى الركن اليماني أربعة وخمسون شبرا ومن اليماني إلى الشامي ثمانية وأربعون شبرا ودور الحجر من الركن إلى الركن أربعون خطوة وهي مئة وعشرون شبرا ومن جدار البيت وسط صحن الحجر إلى جدار الحجر أربعون شبرا وعمق بئر زمزم أحد عشر قامة وعمق الماء سبع قامات ودور البئر أربعون شبرا وارتفاع سور البئر أربعة أشبار ونصف وفي الحجر الأسود على يمين المستلم له نقطة بيضاء صغيرة مشرقة تلوح كأنها خال في تلك الصفحة وفي هذه الشامة البيضاء أثران النظر إليهما يجلو البصر اه
(سمويه عن أنس) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وإلا لما أبعد النجعة وهو عجيب فقد خرجه البيهقي في الشعب باللفظ المزبور عن أنس وكذا الطبراني في الأوسط والبزار والسند ضعيف
3801 -
(الحجر الأسود من الجنة وكان أشد بياضا من الثلج حتى سودته خطايا أهل الشرك) حقيقة أو مجازا للمبالغة في التعظيم وأن خطايا بني آدم تكاد تؤثر في الجماد فتجعل المبيض مسودا ولأنه من حيث كونه مكفرا للخطايا كأنه منها ومن كثرة
⦗ص: 409⦘
تحمله لأوزارنا كأنه ذو بياض فسودته الذنوب قال الطبري: وفي بقائه أسود عبرة لمن تبصر فإن الخطايا إذا أثرت في الحجر ففي القلب أشد وروى الجنيد في فضائل مكة بسند ضعيف عن ابن عباس إنما غيره بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة
(حم عد هب عن ابن عباس)
3802 -
(الحجر الأسود من حجارة الجنة وما في الأرض من الجنة غيره وكان أبيض كالماء) أي في صفائه وإلا فهو لا لون له على الأصح (ولولا ما مسه من رجس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا برئ) فيه التحريض على التوبة والتحذير من شؤم الذنوب والترغيب في مس الحجر لينالوا بركته فتنتقل ذنوبهم من أبدانهم إليه ذكره القاضي <تنبيه> في الروض عن الزبير بن بكار حكمة كون الخطايا سودته دون غيره من حجارة الكعبة وأستارها إلى العهد الذي أخذه الله على ذرية بني آدم أن لا يشركوا به كتبه في صك وألقمه الحجر الأسود كما ورد في رواية فالعهد الذي فيه هي الفطرة التي فطر الناس عليها من التوحيد وكل مولود يولد على ذلك الميثاق حتى يسود قلبه بالشرك لما حال عن العهد فصار ابن آدم محلا لذلك العهد والحجر محلا لما كتب فيه العهد فتناسب فاسود قلب ابن آدم من الخطايا بعد ما ولد عليه من ذلك العهد واسود الحجر بعد بياضه وكانت الخطايا سبب في ذلك
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: وفيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام كثير
3803 -
(الحجر الأسود ياقوتة بيضاء من ياقوت الجنة وإنما سودته خطايا المشركين يبعث يوم القيامة مثل أحد) في المقدار (يشهد لمن استلمه وقبله من أهل الدنيا) قال المظهر: لما كان الياقوت من أشرف الأحجار كان بعد ما بين ياقوت هذه الدار الفانية وياقوت الجنة أكثر ما بين الياقوت وغيره من الأحجار أعلمنا أنه من ياقوت الجنة ليعلم أن المناسبة الواقعة بينه وبين أجزاء الأرض في الشرف والخاصية كما بين ياقوت الجنة وسائر الأحجار. وقال الطيبي: هذا ليس بتشبيه ولا استعارة بل من قبيل القلم أحد اللسانين فمن في من ياقوت بيانية والياقوت نوعان متعارف وغيره وذا من غير المتعارف ولذلك أثبت له ما ليس للمتعارف. <تنبيه> في البخاري أن عمر قبل الحجر وقال: إني أعلم أنك لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك فقيل: إنما قال ذلك لأنه لم يبلغه هذا الخبر ونحوه وقال الطبري: إنما قاله لأن الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأوثان فخاف أن يطن الجاهل أن استلامه تعظيم للأحجار كما كانوا يفعلونه في الجاهلية فأعلمهم بأن استلامه إنما هو اتباع وأنه لا يضر ولا ينفع بذاته بل بأمر الله
(ابن خزيمة عن ابن عباس)
3804 -
(الحجر يمين الله في الأرض يصافح به عباده) أي هو بمنزلة يمينه ومصافحته فمن قبله وصافحه فكأنما صافح الله وقبل يمينه
(خط وابن عساكر) في تاريخ دمشق (عن جابر) قال ابن الجوزي: حديث لا يصح فيه إسحاق بن بشير كذبه ابن أبي شيبة وغيره وقال الدارقطني: هو في عداد من يضع وقال ابن العربي: هذا حديث باطل فلا يلتفت إليه
3805 -
(الحجر يمين الله) أي يمنه وبركته أو من باب الاستعارة التمثيلية إذ من قصد ملكا أم بابه (فمن مسحه فقد بايع
⦗ص: 410⦘
الله) أي صار بمنزلة من بايعه كما تقرر واعلم أن هذا الحديث لم أر الديلمي ذكره بهذا السياق بل لفظه الحجر يمين الله فمن مسح يده على الحجر فقد بايع الله عز وجل أن لا يعصيه
(فر عن أنس) وفيه علي ابن عمر العسكري أورده الذهبي في الضعفاء وقال: صدوق ضعفه البرقاني والعلاء بن سلمة الرواس قال الذهبي: متهم بالوضع (الأزرقي) في تاريخ مكة (عن عكرمة) مولى ابن عباس موقوفا
3806 -
(الحجر الأسود نزل به ملك من السماء) هذا يبعد إرادة المجاز ويقرب الحقيقة (تتمة) قال المصنف في الساجعة الحجر الأسود بتقبيله تبيض الوجوه ويسعد من يؤمه ويرجوه هو يمين الله في بلاده يصافح بها من أمه من عباده عنده تنسكب العبرات وتذهب الحسرات
طف واستلم ركنا لأشرف منزل. . . واخضع وذل تفز بكل مؤمل
(الأزرقي) في تاريخ مكة (عن أبي) بن كعب
3807 -
(الحدة تعتري خيار أمتي) أي تمسهم وتعرض لهم النشاط والسرعة في الأمر والمراد هنا الصلابة في الدين
(طب) وكذا أبو يعلى والديلمي (عن ابن عباس) أورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: لا يصح وفيه آفات سلام الطويل متروك والفضل بن عطية والبلاء فيه منه
3808 -
(الحدة تعتري حملة القرآن) وفي رواية للديلمي جماع القرآن (لعزة القرآن في أجوافهم) فيحملهم ذلك على المبادرة بالحدة قهرا فينبغي للواحد منهم الاستقامة في نفسه وكفها عن التعزز بسطوة القرآن لأن العزة للرب الأعلى لا للعبد الأدنى ذكره الحرالي
(عد عن معاذ) بن جبل وفيه وهب بن وهب بن كثير قال في الميزان: قال ابن معين يكذب وقال أحمد: يضع ثم سرد له أخبارا أختمها بهذا ثم قال: وهذه أحاديث مكذوبة
3809 -
(الحدة لا تكون إلا في صالحي أمتي) أي خيارهم والمراد أمة الإجابة وذا غالبي بشاهد المشاهدة (وأبرارها ثم تفيء) أي ترجع يقال إذا رجع يعني فلا تجاوزهم إلى غيرهم
[وقد يعني: ثم تخف هذه الحدة كما ورد في الحديث 3977: " خيار أمتي أحداؤهم الذين إذا غضبوا رجعوا ". وانظر شرح الحديث 3808، والله أعلم. دار الحديث]
(فر) من حديث بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي (عن أنس) وبشر هذا قال الذهبي: قال الدارقطني متروك
3810 -
(الحديث عني ما تعرفون) أي الذي تعرفونه بأن تلين له قلوبكم وأبشاركم كما يفسره الخبر السابق والمراد إذا حدث عني بحديث فإن عرفته قلوبكم فهو حديثي الحق وإلا فلا
(فر عن علي) أمير المؤمنين وفيه صالح بن كيسان أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ثقة رمي بالقدر ولم يصح عنه ورواه أيضا الطبراني في الأوسط وقال الهيثمي: وفيه روح ابن صلاح وثقه ابن حبان والحاكم وضعفه ابن عدي وبقية رجاله ثقات
3811 -
(الحرائر صلاح البيت والإماء فساد البيت) لأن الإماء مبتذلات خارجات غالبا والحرة إذا تعودت ملازمة
⦗ص: 411⦘
الخدر لا يقوم بإصلاح شأن الرجل وإقامة ناموس نظامه إلا هي قال الشاعر:
إذا لم يكن في منزل المرء حرة. . . تدبره ضاعت عليه مصالحه
(فر عن أبي هريرة) قال السخاوي وغيره: وفيه متروك
3812 -
(الحرب خدعة)(1) بفتح فسكون أو فضم أي هي خدعة واحدة من تيسرت له حق له الظفر وبضم فسكون أي هي خداعة للمرء بما تخيل إليه وتمنيه فإذا لابسها وجد الأمر بخلاف ما تخيله وبضم ففتح كهمزة ولمزة صيغة مبالغة وبفتحتين جمع خادع وبكسر فسكون أي تخدع أهلها أو هي محل الخداع وموضعه ومظنته قال النووي: وأفصح اللغات فيها فتح الخاء وسكون الدال وهي لغة النبي قيل: والتاء للدلالة على الوحدة أو الخداع إن كان من المسلمين فكأنه حضهم على ذلك ولو مرة واحدة أو الكفار فكأنه حذرهم من مكرهم ولو وقع مرة فلا ينبغي التهاون بهم لما ينشأ عنه من المفسدة وقال العسكري: أراد بالحديث أن المماكرة في الحرب أنفع من الطعن والضرب والمثل السائر إذا لم تغلب فاخلب أي اخدع وهذا قاله في غزوة الخندق لما بعث نعيم بن مسعود مخذلا بين قريش وغطفان واليهود ذكره الواقدي وتكون بالتورية واليمين وإخلاف الوعد قال النووي: اتفقوا على حل خداع الكفار في الحرب كيف كان حيث لا نقض عهد ولا أمان فينبغي قدح الفكر وإعمال الرأي في الحرب حسب الاستطاعة فإنه فيها أنفع من الشجاعة وهذا الحديث قد عد من الحكم والأمثال قال الحرالي: والحرب مدافعة بشر عن اتساع المدافع بما يطلب منه الخروج فلا يسمح به ويدافع عنه بأشد مستطاع
(حم ق د ت) في الجهاد (عن جابر) بن عبد الله (ق عن أبي هريرة حم عن أنس) بن مالك (د عن كعب) بن مالك الأنصاري (هـ عن ابن عباس وعن عائشة) قالت: إن نعيم بن مسعود قال: يا نبي اله إني أسلمت ولم أعلم قومي بإسلامي فمرني بما شئت فقال: إنما أنت فينا كرجل واحد فخادع إن شئت فإنما الحرب خدعة (البزار) في مسنده (عن الحسين بن علي طب عن الحسين) بن علي (وعن زيد بن ثابت وعبد الله بن سلام وعوف بن مالك) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما أراد سفرا أو غزوة إلا وارى بغيرها قال: وكان يقول الحرب خدعة (وعن نعيم بن مسعود) الأشجعي (وعن النواس بن سمعان) الكلابي الصحابي (ابن عساكر عن خالد بن الوليد) وهو متواتر
(1) بفتح الخاء وضمها مع سكون الدال وبضمها مع فتح الدال والأول أفصح وأصل الخدع إظهار أمر وإضمار خلافه يعني الحرب الكامل إنما هو المخادعة لا المواجهة وحصول الظفر مع المخادعة بغير حظر وفيه التحريض على أخذ الحذر في الحرب والندب إلى خداع الكفار إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يجوز قال ابن العربي: الخداع في الحرب يقع بالتعويض وبالكمين ونحو ذلك وفي الحديث الإشارة إلى استعمال الرأي في الحرب بل الاحتياج إليه آكد من الشجاعة ولهذا وقع الاقتصار على ما يشير إليه بهذا الحديث وهو كقوله الحج عرفة
3813 -
(الحرير ثياب من لا خلاق له) أي من لا حظ له ولا نصيب في الآخرة والخلاق النصيب الوافر والمراد الرجال العقلاء
(طب عن ابن عمر) ورواه عنه الديلمي ثم قال: وفي الباب حفصة وأبو هريرة
⦗ص: 412⦘
3814 - (الحريص) هو (الذي يطلب المكسبة من غير حلها) فمن طلبها من وجه حل لا يسمى حريصا بل حازما عاقلا فإن الله خص الإنسان بالقوى الثلاث ليسعى في المكاسب فإن فضيلة القوة الشهوية تطالبه بالمكاسب التي تنميه وفضيلة القوة الغضبية تطالبه بالمجاهدات التي تحميه وفضيلة القوة الفكرية تطالبه بالعلوم التي تهديه فحقه أن يتأمل قوته فيسعى بحسبها فإذا كانت قوته لاكتساب المال واكتسبه من وجه حل لا يسمى حريصا بل هو محمود على ذلك إذ الفراغ يبطل الهيئات الإنسانية وكل هيئة بل كل عضو ترك واستعماله يبطل كالعين إذا غمضت واليد إذا عطلت ولذلك وضعت الرياضة في كل شيء ولما جعل الله للإنسان قوة التحريك لم يجعل له رزقا إلا بسعي منه لئلا تتعطل فائدة ما جعل له من قوة التحرك وقد أفاد هذا الخبر أن الاعتبار في تناول الدنيا والاستكثار منها والاستقلال والزهد فيها والرغبة ليس بتناول القليل بل بتناولها من حيث ما يجب ووضعها كما يجب قال علي كرم الله وجهه: لو أخذ رجل جميع ما في الأرض وأراد به وجه الله سمى زاهدا ولو ترك جميع ما فيها ولم يرد بتركه وجه الله لم يسم زاهدا ولا كان لله في ذلك عابدا فليكن أخذك ما تأخذه وتركك ما تتركه لله لا لغيره
(طب عن واثلة بن الأسقع)
3815 -
(الحزم) قال الزمخشري: هو ضبط الأمر واتقانه والحذر من قوته وقال الطيبي: ضبط الإنسان أموره وأخذه بالتقية (سوء الظن) بمن يخاف شره يعني لا تثقوا بكل أحد فإنه أسلم والحزم والحزامة جودة الرأي في الحذر قالوا: وذوي الحجى والنهى يرجح جانب الحزم في كل شيء لأن من وقع حول الحمى يوشك أن يقع فيه وعليه معظم أساس قاعدة العارفين في معاملتهم للنفس الأمارة ومعظم مكائد الحروب قال الطيبي: ولو لم يكن للحازم سوى قوله تعالى {من خشي الرحمن بالغيب} لكفى يعني بلغ من حزمه أنه يخاف من هو واسع الرحمة جدا فكيف خشيته من وصف بالقهارية
(أبو الشيخ [ابن حبان] في الثواب عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه الديلمي أيضا (القضاعي) في مسند الشهاب (عن عبد الرحمن بن عائد) بمثناة تحتية ومعجمة قال العامري في شرحه: صحيح وأقول: فيه علي بن الحسن بن بندار قال الذهبي في ذيل الضعفاء: اتهمه ابن طاهر أي بالوضع وبقية وقد مر ضعفه والوليد بن كامل قال في الميزان: ضعفه أبو حاتم والأزدي وقال البخاري: عنده عجائب وساق هذا الحديث منها. <تنبيه> قد نظم بعضهم معنى هذا الحديث فقال:
لا تترك الحزم في شيء تحاذره. . . فإن سلمت فما في الحزم من بأس
العجز ذل وما في الحزم من ضرر. . . وأحزم الحزم سوء الظن بالناس
وقال بعضهم:
ولقد بلوت الناس في أحوالهم. . . وحككت إبرين القلوب بميلق
فرأيت غشا في البواطن كامنا. . . وظواهرا تبدو بحسن تملق
فقبضت كفي من تمني خيرهم. . . ودعوت ربي بعدها لا نلتق
وقال بعضهم:
ولقد بلوت الناس أطلب منهم. . . أخا ثقة عند اشتداد الشدائد
فلم أر فيما جاءني غير شامت. . . ولم أر فيما سرني غير حاسد
ولبعضهم:
وقد كان حسن الظن بعض مذاهبي. . . فأدبني هذا الزمان وأهله
وقال الخرائطي:
احذر صديقك لا عدوك إنما. . . جمهور سرك عند كل صديق
وقيل لمعاوية: ما بلغ من عقلك قال: ما وثقت بأحد قط
3816 -
(الحسب المال والكرم التقوى) أي الشيء الذي يكون فيه الإنسان عظيم القدر عند الناس هو المال والذي يكون به عظيما عند
⦗ص: 413⦘
الله هو التقوى والتفاخر بالآباء ليس واحدا منهما فلا فائدة له أو المراد أن الغني يعظم ما لا يعظم الحسيب فكأنه لا حسب إلا المال وأن الكريم هو المتقي لا من يجود بماله ويخاطر بنفسه ليعد جوادا شجاعا وقيل: أصل الكرم كثرة الخير فلما كان المتقي كثير الخير كثير العوائد والفوائد في الدنيا وله الدرجات العلى في العقبى كان أعم الناس كرما فكأنه لا كرم إلا التقوى {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وقال الزمخشري: الحسب ما يعد مآثره ومآثر آبائه فالمراد أن الفقير ذا الحسب لا يوقر ولا يحتفل به ومن حسب له إذا أثرى جل في العيون اه. وقال العامري في شرح الشهاب: أشار بالخبر إلى أن الحسب الذي يفتخر به أبناء الدنيا اليوم المال فقصد ذمهم بذلك حيث أعرضوا عن الأحساب الخفية ومكارم الأخلاق الدينية ألا ترى أنه أعقبه بقوله والكرم التقوى والتقوى تشمل المكارم الدينية والشيم المرضية التي فيها شرف الدارين <تنبيه> قال الراغب: المال إذا اعتبر بكونه أحد أسباب الحياة الدنيوية فهو عظيم الخطر وإذا اعتبر سائر المقتنيات فهو صغير الخطر إذ هو أحسن المقتنيات فالمال من الخيرات المتوسطة لأنه كما يكون سببا للخير قد يكون سببا للشر لكن لما كان غالبا يوجب كرامة أصحابه وتعظيم أربابه حتى صدق القائل:
الناس أعداء لكل مدقع. . . صفر اليدين وأخوة للمكثر
وحتى قيل: رأيت ذا المال مهيبا وأستصوب قول طلحة في دعائه: اللهم ارزقني مجدا ومالا ولا يصلح المجد إلا بالمال ولا المال إلا بالمجد ونظمه المتنبي فقال:
فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله. . . ولا مال في الدنيا لمن قل مجده
(حم ت) في التفسير (هـ) في الزهد (ك) في النكاح (عن سمرة) بن جندب وقال الترمذي: صحيح اه. وقال الحاكم: على شرط البخاري وأقره الذهبي لكن قيل: إنه من حديث الحسن عن سمرة وقد تكلموا في سماعه منه
3817 -
(الحسد) أي المذموم وهو تسخط قضاء الله والاعتراض عليه (يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب) لأنه اعتراض على الله فيما لا عذر للعبد فيه لأنه لا يضره نعمة الله على عبده والله لا يعبث ولا يضع الشيء بغير محله فكأنه نسب ربه للجهل والسفة ومن لم يرض بقضائه فليطلب ربا سواه والحاسد معاقب في الدنيا بالغيظ الدائم والآخرة بإحباط الحسنات ومن ثم كان من الكبائر قال القاضي: تمسك به من يرى إحباط الطاعات بالمعاصي كالمعتزلة وأجيب بأن المعنى أن الحسد يذهب حسناته ويتلفها عليه بأن يحمله على أن يفعل بالمحسود من إتلاف مال وهتك عرض وقصد نفس ما يقتضي صرف تلك الحسنات بأسرها في عرضه وقال الطيبي: الأكل هنا استعارة لعدم القبول وأن حسناته مردودة عليه وليست بثابتة في ديوان عمله الصالح حتى يحبط واستثنى الحسد في نعمتي كافر وفاجر يستعين بها على فتنة أو فساد (والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار والصلاة نور المؤمن) أي ثوابها يكون نورا للمصلي في ظلمة القبر أو على الصراط أو فيهما (والصيام جنة من النار) بضم الجيم أي وقاية من نار جهنم فلا يدخل صاحبه النار إلا تحلة القسم ولعل المراد الإيمان الكامل
(هـ عن أنس) قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف وقال البخاري: لا يصح لكنه في تاريخ بغداد بسند حسن اه
3818 -
(الحسد في اثنتين) يعني الحسد الذي لا يضر صاحبه ليس إلا في خصلتين أو طريقتين أي في شأنهما أحدهما (رجل آتاه الله القرآن) أي حفظه وفهمه (فقام به) أي بتلاوته في الصلاة والعمل بما فيه (وأحل حلاله وحرم حرامه) بأن فعل الحلال وتجنب الحرام (ورجل آتاه الله مالا) أي حلالا كما يفيده السياق (فوصل به أقرباءه ورحمه) عطف
⦗ص: 414⦘
خاص على عام (وعمل بطاعة الله) كأن تصدق منه وأطعم الجائع وكسى العاري وأعان الغازي وغير ذلك من وجوه القرب (تمنى أن يكون مثله) من غير تمني زوال نعمة ذلك عنه فالحسد حقيقي ومجازي فالحقيقي تمني زوال نعمة الغير والمجازي تمني مثلها ويسمى غبطة وهو مباح في دنيوي مندوب في أخروي وخص هذين لشدة اعتنائه بهما كأنه قال لا غبطة أكمل ولا أفضل منها فيهما قال العلائي: وبينهما نوع تلازم لأن المرء مجبول على حب المال وحبه للرياسة والجاه بالعلم أشد فالنفس تدعوه لكثرة المال وعدم إنفاقه خوف الفقر وللتصنع بالعلم المأخوذ من القرآن ليتقدم على غيره فإذا وفق لقهر نفسه ببذل المال في القرب والقيام بحق العلم فجدير بأن يغيظ ويتمنى مثل حاله
(ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عمرو) بن العاص وفيه روح ابن صلاح ضعفه ابن عدي وقواه غيره وخرجه الجماعة كلهم بتفاوت قليل ولفظهم لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آتاه الليل والنهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه آتاه الليل والنهار
3819 -
(الحسد) أي المذموم وهو تمني زوال نعمة الغير (يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل) قال الغزالي: الحسد هو المفسد للطاعات الباعث على الخطيئات وهو الداء العضال الذي ابتلي به كثير من العلماء فضلا عن العامة حتى أهلكهم وأوردهم النار وحسبك أن الله أمر بالاستعاذة من شر الحاسد فقال: {ومن شر حاسد إذا حسد} كما أمر بالاستعاذة من شر الشيطان فانظر كم له من شر وفتنة حتى أنزله منزلة الشيطان والساحر وينشأ عن الحسد إفساد الطاعات وفعل المعاصي والشرور والتعب والهم بلا فائدة وعمى القلب حتى لا يكاد يفهم حكما من أحكام الله والحرمان والخذلان فلا يكاد يظفر بمراد نفس دائم وعقل هائم وغم لازم اه وزعم بعضهم أنه لا حيلة للمحسود في إزالة حسد الحاسد فإن سعى فيه ضاع سعيه كما قال:
كل العداوة قد ترجى إزالتها. . . إلا عداوة من عادك في الحسد
ويكفي في قبح الحسد كما في الإحياء أنه أول ذنب عصى الله به لأن إبليس لم يحمله على ترك السجود إلا الحسد كما أن قابيل لم يحمله على قتل هابيل إلا الحسد وقد عم وقوعه وطم قال في المنهاج: ولا حيلة في دفعه حتى أعرف بعض الناس بذل جهده في استجلاب دواعي التآلف وأسباب كف التنكر مع شخص من أقرانه فلم يجد ولم يفد <تنبيه> قالوا: كلما عظمت النعمة على العبد كثرت حساده وعظمت الشماتة فيه وأقول كما قال شيخنا الشعراوي من أعظم نعم الله علي أن حكمي بين الحسدة كبهلوان يمشي علي الحبل بقبقاب وجميع الأعداء والحساد والمتعصبين من أهل مصر واقفون تحتي ينتظرون لي زلفة لأنزل إلى الأرض متقطعا فما تغيب الشمس علي أو تطلع كل يوم وأنا لم أقع في شيء يشمتون بي فيه وما في عيني قطرة وهو من نتائج الحقد والحقد من نتائج الغضب فهو فرع الغضب والغضب أصل أصله وله أسباب وعلامات وعلاج وهو من أمراض القلب فمن لم يرزق قلبا سليما منه فعليه بمعالجته ليزول ولعلاجه أدوية مبينة في كتب القوم كالإحياء والمنهاج
(فر عن معاوية بن حيدة) وفيه فحيس بن تيم قال الذهبي في الضعفاء: مجهول وقال العقبلي: لا يتابع على حديثه عن بهز بن حكم وفيه لين
3820 -
(الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) قال ابن الحاجب: الإضافة للتوضيح باعتبار بيان العام بالخاص فليس ذكر الشباب وقع ضائعا وفي فتاوى بعضهم: أراد أنهما سيدا كل من مات شابا ودخل الجنة فإنهما ماتا وهما شيخان ولا يقال وقع الخطاب حين كان شابين لأن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهما دون ثمان سنين فلا يسميان شابين
⦗ص: 415⦘
ومر لذلك مزيد
(حم ت) في المناقب (عن أبي سعيد) الخدري (طب عن عمرو عن علي) وما ذكر أنه عن عمرو عن علي هو ما في خط المصنف فما في بعض النسخ عن ابن علي لا يصح (عن جابر) بن عبد الله (وعن أبي هريرة طس عن أسامة بن زيد وعن البراء) بن عازب (عد عن ابن مسعود) قال الترمذي: حسن صحيح قال المصنف: وهذا متواترا
3821 -
(الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما) علي أمير المؤمنين (خير منهما) أي أفضل كما يصرح به لفظ رواية الطبراني أفضل منهما وكان أبو بكر وعمر يعظمانهما غاية التعظيم وكان عمر يحبهما ويقدمهما على أولاده في العطاء
(هـ ك) في فضائل أهل البيت من حديث معلى بن عبد الرحمن عن أبي ذئب عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الذهبي: ومعلى متروك (طب عن قرة) بضم القاف بن إياس بكسر الهمزة وفتح التحتية وبالمهملة ابن هلال المزني قال الهيثمي: وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وبقية رجاله رجال الصحيح (وعن مالك بن الحويرث) مصغر الحارث الليثي له وفادة وصحبة ورواية قال الهيثمي: وفيه عمران بن أبان ومالك بن الحسن ضعيفان وقد وثقا (ك) في فضائل أهل البيت (عن أبي سعيد) قال الحاكم: صحيح وتعقبه الذهبي بأن فيه الحكم بن عبد الرحمن فيه لين
3822 -
(الحسن والحسين سيدا أهل الجنة إلا ابني الخالة عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران)
(حم ع حب طب ك عن أبي سعيد)
3823 -
(الحسن مني والحسين من علي) قال الديلمي: معناه أن الحسن يشبهني والحسين يشبه عليا اه وكان الغالب على الحسن الحلم والإنابة وعلى الحسين الجراءة وشدة البأس كعلي فالشبه معنوي وقيل: صوري
(حم وابن عساكر) في التاريخ (عن المقدام) بكسر الميم (بن معدي يكرب) بن عمرو بن يزيد الكندي نزيل حمص قال الحافظ العراقي: وسنده جيد وقال غيره: فيه بقية صدوق لكن له مناكير وغرائب وعجائب
3824 -
(الحسن والحسين شنفا العرش) بشين معجمة ونون (وليسا بمعلقين) قال الديلمي: يعني بمنزلة الشنفين من الوجه والشنف القرط المعلق في الوجه أي الأذن والمراد أحدهما عن يمين العرش والآخر عن يساره وما ذكر من أن الرواية شنفا بشين معجمة هو ما في نسخ وهو الموجود في مسند الفردوس وغيره لكن اطلعت علي نسخة المصنف بخطه فرأيته كتبها بالسين المهملة
(طس عن عقبة بن عامر) قال الهيثمي: فيه حميد بن علي وهو ضعيف
3825 -
(الحق أصل في الجنة والباطل أصل في النار) وكل أصل منهما يتبعه فروعه من الناس
(تخ عن عمر) بن الخطاب
3826 -
(الحق بعدي مع عمر) أي القول الصادق الثابت الذي لا يعتريه الباطل يكون مع عمر (حيث كان) وفي رواية يدور
⦗ص: 416⦘
معه حيثما دار وهذه منقبة عظيمة لعمر
(الحكيم) الترمذي (عن الفضل بن عباس) ابن عم المصطفى صلى الله عليه وسلم ورديفه بعرفة مات بطاعون عمواس ثم إن فيه القاسم بن يزيد قال في الميزان عن العقيلي: حديث منكر ثم ساق له مما أنكر عليه
3827 -
(الحكمة) التي هي كما قال القاضي البيضاوي: استعمال النفس الإنسانية باقتباس النظريات وكسب الملكة التامة للأفعال الفاضلة بقدر الطاقة البشرية قيل: وفيه قصور لعدم شموله لحكمة الله فالأولى أن يقال العلم بالأشياء على ما هي والعمل كما ينبغي وقال ابن دريد: كل كلمة وعظتك أو زجرتك أو دعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبيح فهي حكمة (تزيد الشريف شرفا) أي رفعة وعلو قدر {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} فعلى المرء ولو شريفا أن يحرص على الفائدة حتى ممن دونه بمراحل قال علي كرم الله وجهه: خذ الحكمة أنى تأتك فإن الكلمة منها تكون في صدر المنافق فتتلجلج حتى تسكن إلى صاحبها قال الزمخشري: أي تتحرك وتفلق في صدره حتى يسمعها المؤمن فيأخذها وحينئذ تأنس أنس الشكل إلى الشكل فالحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها (وترفع العبد المملوك حتى تجلسه مجالس الملوك) قال الغزالي: نبه على غمرتها في الدنيا ومعلوم أن الآخرة خير وأبقى قال ابن أبي الجعد: اشتراني مولاي بثلاث مئة درهم فأعتقني فقلت: بأي حرفة أحترف فاحترفت بالعلم فما تمت لي سنة حتى أتاني أمير المدينة زائرا فلم آذن له انتهى وشاهده في القرآن فإن الهدهد مع حقارته أجاب سليمان مع علو رتبته بصولة العلم بقوله {أحطت بما لم تحط به} غير مكترث بتهديده <تنبيه> قال بعضهم: الحكمة حياة النفوس وزراعة الخير في القلوب ومثيرة الحظ وحاضرة الغبطة وجامعة السرور ولا يخبو نورها ولا يكبو زنادها الحكمة حلية العقل وميزان العدل ولسان الإيمان وعين البيان وروضة الآداب ومزيل الهموم عن النفوس وأمن الخائفين وأنس المستوحشين ومتجر الراغبين وحظ الدنيا والآخرة وسلامة العاجل والآجل
(عد حل) من حديث عمرو بن حمزة عن صالح عن الحسن (عن أنس) ثم قال مخرجه أبو نعيم غريب تفرد به عمرو بن حمزة عن صالح انتهى وقال العراقي: سنده ضعيف وقال العسكري: ليس هذا من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بل من كلام الحسن وأنس
3828 -
(الحكمة عشرة أجزاء تسعة منها في العزلة وواحدة في الصمت) أخذ منه أنه ينبغي للطالب تجنب العشرة سيما لغير الجنس خصوصا لمن كثر لعبه وقلت فكرته فإنه من أعظم القواطع والطباع سراقة وآفة العشرة ضياع العمر بلا فائدة أو ذهاب المال والعرض وكذا الدين إن كانت لغير أهله قال الفضيل: إذا رأيت أسدا فلا يهولنك وإذا رأيت آدميا ففر. وقال: تباعد عن القراء فإن أحبوك مدحوك بما ليس فيك وإن غضبوا شهدوا عليك بما ليس فيك وقبل منهم. <تنبيه> قال النووي: في الحكمة أقوال كثيرة مضطربة اقتصر كل من قابلها على بعض صفاتها وقد صفا لنا منها أنها عبارة عن العلم المتصف بالأحكام المشتمل على المعرفة بالله المصحوب بنفاذ البصيرة وتهذيب النفس والأخلاق وتحقيق الحق والعمل به والصد عن اتباع الهوى والباطل والحكيم من له ذلك
(عد وابن لال) في التاريخ (عن أبي هريرة) قال الذهبي في الزهد: إسناده واه
3829 -
(الحلف حنث أو ندم) لأنه إما أن يحنث فيأثم لكذب اليمين أو يندم على منعه نفسه مما كان له فعله وقوله لا فعلت
⦗ص: 417⦘
ولأفعلن نوع تأل على الله فربما أكذبه بحنث أو عذب قلبه بندم فحق المسلم أن يتحاشى من الحلف فإن اضطر سلك سبيل التعريض وإن بدر منه سهو يتبعه بالاستثناء وقيل: العاقل إذا تكلم أتبع كلامه ندما والأحمق إذا تكلم أتبع كلامه حلفا وعلامة الكاذب جودة بيمينه بغير مستحلف كما قال بعضهم:
وفي اليمين على ما أنت واعده. . . ما دل أنك في الميعاد متهم
(تخ ك) في الإيمان (عن ابن عمر) بن الخطاب رواه البيهقي قال في المهذب: وفيه ضعف
3830 -
(الحلف) أي اليمين الكاذبة على البيع وفي رواية مسلم اليمين قال الزركشي: وهو أوضح وفي رواية أحمد اليمين الكاذبة وهي أصرح (منفقة) مفعلة من نفق البيع راج البيع راج ضد كسد أي مزيدة (للسلعة) بكسر البضاعة أي رواج لها (ممحقة) مفعلة من المحق أي مذهبة (للبركة) يعني مظنة لمحقها أي نقصها أو ذهابها وحكى عياض ضم أوله وكسر الحاء بصيغة اسم الفاعل قال الزركشي: لكن الرواية بفتح أولهما وسكون ثانيهما مفعلة من المحق وأسند الفعل إلى الحلف إسنادا مجازيا لأنه سبب لرواج السلعة ونفاقها وقوله الحلف مبتدأ خبره منفقة وممحقة خبر بعد خبر وصح الأخبار بهما مع أنه مذكر وهما مؤنثان بأنها أما بتأويل الحلف باليمين أو أن لها للمبالغة لا للتأنيث واعلم أن المصطفى صلى الله عليه وسلم ذكر هذا الحديث كالتفسير لآية {يمحق الله الربا} لأن الربا الزيادة فيقال كيف يجتمع المحق والزيادة فبين بالحديث أن اليمين مزيدة في الثمن ممحقة للبركة منه والبركة أمر زائد على العدد وقوله تعالى {يمحق الله الربا} أي يمحق البركة منه وإن بقى عدده كما كان. قال الراغب: فحق المسلم أن يتحاشى من الاستعانة باليمين في الحق وأن يتحقق قدر المقسم به ويعلم أن الأغراض الدنيوية أخس من أن يفزع فيها إلى الحلف بالله فإنه إذا قال والله إنه لكذا تقديره إن ذلك حق كما أن وجود الله حق وهذا الكلام يتحاشى منه من في قلبه حبة خردل من تعظيم الله {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا}
(ق) في البيع (د ن عن أبي هريرة) واللفظ للبخاري ولفظ مسلم ممحقة للربح
3831 -
(الحليم) أي الذي يضبط النفس عند هيجان الغضب (سيد في الدنيا سيد في الآخرة) الذي وقفت عليه في أصول صحيحة قديمة من تاريخ الخطيب رشيد بدل سيد وذلك لأنه سبحانه أثنى على من هذه صفته في عدة مواضع من التنزيل وقد ارتقى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام الغاية التي لا ترتقى لكن إنما يكون الحلم محمودا إذا لم يجر إلى محذور شرعي أو عقلي روى البغوي في معجمه وابن عبد البر في استيعابه والبزار في مسنده أن النابغة الجعدي أنشد بحضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم قصيدته المشهورة حتى وصل إلى قوله:
ولا خير في حلم إذا لم يكن له. . . بوادر تحمى صفوه أن يكدرا
فقال: أحسنت يا أبا ليلى لا يفضض الله فاك
(خط) في ترجمة محمد بن سعيد البزوري (عن أنس) وفيه قبيصة ابن حريث قال البخاري: في حديثه نظر والربيع بن صبيح أورده الذهبي في الضعفاء ويزيد الرقاشي تركوه ومن ثم قال ابن الجوزي: حديث لا يصح
3832 -
(الحمد لله رب العالمين) أي السورة المفتتحة بالتحميد ولذلك سميت الفاتحة ذكره السيد (هي السبع المثاني) سميت به لأنها تثنى في كل ركعة أي تعاد أو لأنها يثنى بها على الله أو غير ذلك (الذي أوتيته والقرآن العظيم) زيادة
⦗ص: 418⦘
على الفاتحة
(خ د عن أبي سعيد بن المعلى) بضم الميم وفتح المهملة وشد اللام المفتوحة وقيل الحرث قال ابن عبد البر: الأصح الحارث بن نفيع بن المعلى الأنصاري الزرقي
3833 -
(الحمد لله رب العالمين) أي سورتها هي (أم القرآن) لتضمنها لجميع علومه كما سميت مكة أم القرى (وأم الكتاب) فيه رد على من كره تسميتها بذلك كالحسن (والسبع المثاني) قال الزمخشري: المثاني هي السبع كما قيل السبع هي المثاني سميت مثاني لأنها تثنى أي تكرر في قومات الصلاة اه
(د ت عن أبي هريرة)
3834 -
(الحمد لله دفن) في رواية موت (البنات من المكرمات) لآبائهن وعلى وفقه قيل: خير البنات من بات في القبر قبل أن يصبح في المهد وأنشدوا:
القبر أخفى سترة للبنات. . . ودفنها يروى من المكرمات
أما ترى الله تعالى اسمه. . . قد وضع النعش بجنب البنات
وقيل: موت الحرة خير من المعرة
(طب عن ابن عباس) قال: لما عزي النبي صلى الله عليه وسلم بابنته رقية ذكره قال الهيثمي: وفيه عثمان بن عطاء الخراساني وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وتبعه المؤلف في مختصره ساكتا عليه قال ابن الجوزي: وسمعت شيخنا الأنماطي الحافظ يحلف بالله ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا شيئا قط. وقال الخليلي في الإرشاد: رواه بعض الكذابين من حديث جابر وإنما يروى عن عطاء الخراساني عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وعطاء متروك
3835 -
(الحمد) لله (رأس الشكر) لأن الحمد باللسان وحده والشكر به وبالقلب والجوارح فهو إحدى شعبه ورأس الشيء بعضه فهو من هذا القبيل بعضه وجعل رأسه لأن ذكر النعمة باللسان والثناء على موليها أشيع لها وأدل على مكانها لخفاء الاعتقاد وما في عمل الجوارح من الاحتمال يخالف عمل اللسان وهو النطق الذي يفصح عن الكل كذا في الكشاف وفي الفائق الشكر مقابلة النعمة قولا وعملا ونية وذلك أن يثني على المنعم بلسانه ويدئب نفسه في طاعته ويعتقد أنه ولي نعمته وأما الحمد فالوصف بالجميل على المحمود وهو شعبة واحدة من شعب الشكر وكأنه رأسه لأن فيه إظهار النعمة والنداء عليها (ما شكر الله عبد لا يحمده) لأن الإنسان إذا لم يئن على المنعم بما يدل على تعظيمه لم يظهر منه شكر وإن اعتقد وعمل فلم يعد شاكرا لكون حقيقة الشكر إظهار النعمة كما أن كفرانها إخفاؤها والاعتقاد خفي وعمل الجوارح محتمل بخلاف النطق ذكره السيد
(عب هب عن ابن عمرو) بن العاص قال المصنف في شرح التقريب: رواه الخطابي في غريبه والديلمي في الفردوس بسند رجاله ثقات لكنه منقطع وفي حاشية القاضي منقطع بين قتادة وابن عمرو
3836 -
(الحمد) لله (على النعمة أمان لزوالها) ومن لم يحمده عليها فقد عرضها للزوال وقلما نفرت فعادت وقال بعض العارفين: ما زال شيء عن قوم أشد من نعمة لا يستطيعون ردها وإنما ثبتت النعمة بشكر المنعم عليه للمنعم وفي الحكم: من لم يشكر النعمة فقد تعرض لزوالها ومن شكرها فقد قيدها بعقالها وقال الغزالي: والشكر قيد النعم به تدوم وتبقى وبتركه تزول وتتحول قال الله تعالى {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} وقال {فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف} وقال {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم} وقال {لئن شكرتم لأزيدنكم} فالسيد الحكيم إذا رأى العبد قام بحق نعمته يمن عليه بأخرى
⦗ص: 419⦘
ويراه أهلا لها وإلا فيقطع عنه ذلك قال إمام الحرمين: وشدائد الدنيا مما يلزم العبد الشكر عليها لأن تلك الشدائد نعم بالحقيقة لأنها تعرضه لمنافع عظيمة ومثوبات جزيلة
(فرعن عمر) بن الخطاب
3837 -
(الحمرة من زينة الشيطان) يعني أنه يخيل بها ويدعو لها ويحبها لا أنه يلبسها ولا أنه يتزين بها ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المعصفر للرجال وأعلم أنها زينة الشيطان والتختم بالحديد وأعلم أنه حلية أهل النار أي أنه لهم مكان الحلية سلاسل وأغلال وإلا فأهل النار لا حلى لهم ذكره ابن قتيبة ولذلك تعلق بهذا من ذهب إلى تحريم لبس الأحمر وللسلف فيه سبعة أقوال: الأول: الجواز مطلقا الثاني: المنع الثالث: يحرم المشبع بالحمرة ويحل ما صبغه خفيف الرابع: يكره لبس الأحمر لقصد الزينة والشهرة ويجوز في البيوت الخامس: يجوز لبس ما صبغ غزله ثم نسج دون ما صبغ بعد نسجه السادس: يحرم ما صبغ بالعصفر دون غيره السابع: يحرم ما صبغ كله لا ما فيه لون غير أحمر
(عب عن الحسن مرسلا) هو البصري وخرجه عنه أيضا ابن أبي شيبة قال في الفتح: ووصله ابن السكن
3838 -
(الحمى من فيح) وفي رواية من فوح وفي أخرى من فور (جهنم) أي من شدة حرها يعني من شدة حر الطبيعة وهو يشبه نار جهنم في كونها معذبة ومذيبة الجسد والمراد أنها أنموذج ودقيقة اشتقت من جهنم يستدل بها على العباد عليها ويعتبروا بها كما أظهر الفرح واللذة ليدل على نعيم الجنة (فابردوها) بصيغة الجمع مع وصل الهمزة على الأصح في الرواية وروى قطعها مفتوحة مع كسر الراء حكاه عياض لكن قال الجوهري: هي لغة رديئة وقال أبو البقاء: الصواب وصل الهمزة وضم الراء والماضي برد وهو متعد يقال برد الماء حرارة جوفى وقال القرطبي: صوابه بوصل الألف وأخطأ من زعم قطعها (بالماء) أي أسكنوا حرارتها بالماء البارد بأن تغسلوا أطراف المحموم منه وتسقوه إياه ليقع به التبرد لأن الماء البارد رطب ينساغ بسهولة فيصل بلطافته إلى أماكن العلة فيدفع حرارتها من غير حاجة إلى معاونة الطبيعة قلا تشتغل بذلك عن مقاومة العلة كما بينه بعض الأطباء والمنكر عندهم إنما هو استحمامه بالماء البارد ولا دلالة في الحديث عليه وبذلك يعرف أنه لا حاجة إلى ما تكلفه البعض من جعل اللام في الحمى للجنس وإعادة ضمير ابردوها على الحمى المغبة المندرجة تحت الجنس وبهذا التقرير عرف أن تشكيك بعض الضالين هنا بأن غسل المحموم مهلك وأن بعضهم فعله فهلك أو كاد لجمعه المسام وخنقه البخار وعكسه الحرارة لداخل البدن جهل نشأ عن عدم فهم كلام النبوة
(حم خ عن ابن عباس حم ق ن هـ عن ابن عمر بن الخطاب ق ت هـ عن عائشة حم ق ت ن هـ عن رافع بن خديج ق ت هـ عن أسماء بنت أبي بكر الصديق)
3839 -
(الحمى كير من جهنم) أي حقيقة أرسلت منها إلى الدنيا نذيرا للجاحدين وبشيرا للمقربين أنها كفارة لذنوبهم أو حرها شبيه بحر كير جهنم (فما أصاب المؤمن منها كان حظه من النار) أي نصيبه من الحتم المقضي في قوله سبحانه {وإن منكم إلا واردها} أو نصيبه مما اقترف من الذنوب قال الطيبي: وهو الظاهر أي الأول خلاف الظاهر لما يجيء عن ابن القيم قال المصنف: أنزل الله في الحمى أول الزمان ليذل بها الأسد ثم جعلها في الأرض لتصلح من بدن الإنسان ما فسد
(حم) وكذا الطبراني والبيهقي في الشعب (عن أبي أمامة) قال المنذري: إسناد أحمد لابأس به وقال الهيثمي: فيه أبو الحسين الفلسطيني ولم أر له راويا غير محمد بن مطرف
⦗ص: 420⦘
3840 - (الحمى كير من) كير (جهنم) قال بعضهم: فيه أن جهنم خلقت ورد لمن قال ستخلق (فنحوها عنكم بالماء البارد) بأن تصبوا قليلا منه في طوق المحموم أو بأن تغسلوا أطرافه وكيفما كان فيراعى ما يليق بالحال نوعا وزمنا وسببا وشخصا وكيفية والطبيب ينزل الأدوية الكلية على الأمراض الجزئية قال المصنف: قد تواتر الأمر بإبرادها بالماء وأصح كيفياته أن يرش بين الصدر والجنب (تتمة) خرج الترمذي من حديث ثوبان مرفوعا إذا أصاب أحدكم الحمى وهي قطعة من النار فليطفها عنه بالماء يستنقع في نهر جار ويستقبل جريته وليقل بسم الله اشف عبدك وصدق رسولك بعد صلاة الصبح قبل الشمس ولينغمس فيه ثلاث غمسات ثلاثة أيام فإن لم يبرأ فخمس وإلا فسبع وإلا فتسع فإنه لا تكاد تجاوز تسعا بإذن الله تعالى قال الترمذي: غريب قال الزين العراقي: عملت بهذا الحديث فانغمست في بحر النيل فبرئت منها قال ولده: ولم يحم بعدها ولا في مرض موته
(هـ عن أبي هريرة)
3841 -
(الحمى كير من جهنم وهي تصيب المؤمن من النار) أي نار جهنم فإذا ذاق لهيبها في الدنيا لا يذوق لهب جهنم في الأخرى قال الزين العراقي: إنما جعلت حظه من النار لما فيها من الحر والبرد المغير للجسم وهذه صفة جهنم فهي تكفر الذنوب فتمنعه دخول النار قال المصنف: هي طهور من الذنوب وتذكرة للمؤمن بنار جهنم كي يتوب لها منافع بدنية ومآثر سنية فإنها تنقي البدن وتنقي عنه العفن رب سقم أزلي ومرض عولج منه زمانا وهو ممتلئ فلما طرأت عليه أبرأته فإذا هو منجلي وربما صحت الأجساد بالعلل وذكروا أنها تفتح كثيرا من السدد وتنضح من الأخلاط والمواد ما فسد وتنفع من الفالج واللوقة والتشنج الامتلائي والرمد
(طب عن أبي ريحانة) شمعون قال الهيثمي كالمنذري: فيه شهربن حوشب وفيه كلام معروف قال ابن طاهر إسناده: فيه جماعة ضعفاء
3842 -
(الحمى حظ أمتي) أي أمة الإجابة (من جهنم) قال ابن القيم: ليس المراد أنها هي نفس الورود المذكور في القرآن لأن سياقه يأتي حمله على الحمى قطعا بل إنه تعالى وعد عباده كلهم بورودهم النار فالحمى للمؤمن تكفر خطاياه فيسهل عليه الورود فينجو منها سريعا
(طس عن أنس) قال الهيثمي: فيه عيسى بن ميمون ضعفه جمع وقال ابن الفلاس: صدوق كثير الخطأ والوهم متروك الحديث
3843 -
(الحمى تحت الخطايا) أي تفتتها (كما تحت الشجرة ورقها) شبه حال الحمى وإصابتها للجسد ثم محو السيئات عنه سريعا بحالة الشجرة وهبوب الرياح الخريفية وتناثر الأوراق منها سريعا وتجردها عنها سريعا فهو تشبيه تمثيلي لانتزاع الأمور المتوهمة في المشبه به فوجه التشبيه أن الإزالة الكلية على سبيل السرعة لا الكمال والنقصان لأن إزالة الذنوب عن سبب الإنسان كماله وإزالة الأوراق عن الشجر سبب نقصه
(ابن قانع) في المعجم (عن أسد) بلفظ الحيوان المفترس هو ابن كرز بن عامر بن عبيد الله القشيري جد خالد أمير العراق قال الذهبي: له صحبة
3844 -
(الحمى رائد الموت) أي رسوله الذي يتقدمه كما يتقدم الرائد قومه فهي مشعرة بقدومه فيستعد صاحبها له بالمبادرة إلى التوبة والخروج من المظالم والاستغفار والصبر واعداد الزهد وهذا المعنى لا ينافيه عدم استلزام كل حمى للموت لأن الأمراض كلها من حيث هي مقدمات للموت ومنذرات به وإن أفضت إلى سلامة جعلها الله تذكرة لابن آدم
⦗ص: 421⦘
يتذكر بها الموت وقد خرج أبو نعيم عن مجاهد ما من مرض يمرضه العبد إلا رسول ملك الموت عنده حتى إذا كان آخر مرض يمرضه أتاه ملك الموت فقال: أتاك رسول بعد رسول فلم تعبأ به وقد أتاك رسول يقطع أثرك من الدنيا فوضح أن الأمراض كلها رسل للموت بمعنى أنها مقدمات ومنذرات به إلى أن يجيء في وقته المقدر فليس شيء من الأمراض موجبا للموت بذاته (وسجن الله في الأرض) هذا قد تولى النبي شرحه في الحديث بعده ولا عطر بعد عروس وهذا الحديث قد صار من الأمثال وكان الحسن البصري يدخله في قصصه ويقول: قال صلى الله عليه وسلم الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فالمؤمن يتزود والكافر يتمتع والله إن أصبح مؤمن فيها إلا حزينا وكيف لا يحزن من جاءه عن الله عز وجل أنه وارد جهنم ولم يأته أنه صادر عنها
(ابن السني وأبو نعيم) كلاهما (في) كتاب (الطب) النبوي (عن أنس) وكذا رواه القضاعي في الشهاب ورواه العسكري وزاد بيان السبب فقال: لما افتتح المصطفى صلى الله عليه وسلم خيبر وكانت مخضرة من الفواكه فوقع الناس فيها فأخذتهم الحمى فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس الحمى رائد الموت وسجن الله تعالى في الأرض وقطعة من النار
3845 -
(الحمى رائد الموت وهي سجن الله في الأرض للمؤمن يحبس به عبده إذا شاء ثم يرسله إذا شاء ففتروها بالماء) قال الزمخشري: الرائد رسول القوم الذي يرتاد لهم مساقط العشب والكلأ فشبه به الحمى كأنها مقدمة الموت وطليعة لشدة أمرها تقول العرب الحمى أخت الحمام
(هناد في) كتاب (الزهد وابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشى (في) كتاب (المرض والكفارات هب عن الحسن مرسلا) وهو البصري
3846 -
(الحمى حظ كل مؤمن من النار) أي أنها تكفر ما يوجب النار ذكره المؤلف أي هي سوط الجزاء الذي أهل الدنيا بأجمعهم مضربون به ومنهل التهجم الذي أجمعهم واردونه من حيث لا يشعر به أكثرهم انتهى
(البزار) في مسنده (عن عائشة) قال المنذري: إسناده حسن وقال الهيثمي: فيه عثمان بن مخلدة ولم أجد من ذكره
3847 -
(الحمى حظ المؤمن من النار يوم القيامة) أي أنها تسهل عليه الورود حتى لا يشعر به أصلا <فائدة> قال المصنف: مما ينفع تعليقه للحمى السمك الرعد وعظمة جناح الديك اليمنى والطويل العنق من الجراد وورد أن من كانت له حمى يوم كتب له براءة من النار وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وستر عليه الستار
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (عن عثمان) بن عفان ورواه عنه أيضا العقيلي في الضعفاء باللفظ المزبور ولهذا الحديث طرق متعددة متكثرة لا تخفى على من له أدنى ممارسة للحديث ومن العجائب قول ابن العربي في شرح الترمذي قد قال بعض الغافلين إن الحمى حظ المؤمن من النار وهو مستثنى من هذا قال: وهذا غفلة عظيمة لا بد لكل أحد من الصراط فتلفح النار قوما وتقف دون آخرين والكل وارد عليها إلى هنا كلامه
3848 -
(الحمى حظ كل مؤمن من النار) لأن المؤمن لا ينفك عن ذنب فتعجل عقوبته لطفا به ليلقى ربه طيبا كما قال: {الذين تتوفاهم الملائكة طيبين} (وحمى ليلة تكفر سنة مجرمة) بضم الميم وفتح الجيم وشد الراء يقال سنة مجرمة بالجيم أي تامة كذا في مسند الفردوس وذلك لأنها تهد قوة سنة فقد قال بعض الأطباء: من حم يوما لم تعاوده قوته إلى سنة فجعلت مثوبته على قدر رزيته وقيل: لأن للإنسان ثلاث مئة وستين مفصلا وهي تدخل في الكل فيكفر عنه
⦗ص: 422⦘
فكل مفصل ذنوب يوم وقيل: لأنها تؤثر في البدن تأثيرا لا يزول بالكلية إلا إلى سنة وكان أبو هريرة يقول: أحب الأوجاع إلي الحمى لأنها تعطي كل مفصل حقه من الأجر بسبب عموم الوجع قال العراقي: وقد أفاد هذا الخبر وما أشبهه كالخبر المار في إذا مرض العبد ثلاثة أيام أن المرض صالح لتكفير الذنوب فيكفر الله به ما يشاء منها ويكون كثرة التكفير وقلته باعتبار شدة المرض وخفته
(القضاعي) في مسند الشهاب وكذا الديلمي (عن ابن مسعود) وأعله ابن طاهر بالحسن بن صالح وقال: تركه يحيى القطان وابن مهدي فقول شارحه العامري إنه صحيح خطأ صريح
3849 -
(الحمى شهادة) أي الميت بها يموت شهيدا ولما نظر جماعة من السلف ما ورد فيها عن طائفة من الصحابة بملازمة الحمى لهم إلى توفيها وممن دعى بذلك سعد بن معاذ وكذا أبي دعى على نفسه أن لا يفارقه الوعك حتى يموت ولا يشغله عن حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صلاة جماعة فما مس رجل جلده بعدها إلا وجد حرها حتى مات وقد قال بعض من اقتقى آثارهم وتدثر بدثارهم:
زارت ممحصة الذنوب لصبها. . . أهلا بها من زائر ومودع
وقالت وقد عزمت على ترحالها. . . ماذا تريد فقلت أن لا تقلعي
(فر عن أنس) وفيه الوليد بن محمد الموقري قال الذهبي في الضعفاء: كذبه يحيى انتهى ورواه عنه الخطيب أيضا في التاريخ
3850 -
(الحمام (1) حرام على نساء أمتي) أي دخولها لغير عذر شرعي كحيض ونفاس وبهذا أخذ بعض العلماء وذهب الأكثر إلى أن دخولها لهن مكروه تنزيها نزلوا الحديث على ما إذا كان فيه كشف عورات أو غيره من المنكرات
(ك) في الأدب (عن عائشة) دخل عليها نسوة فقالت: من أنتن؟ قلن: من حمص. قالت: صواحب الحمامات؟ قلن: نعم. قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . فذكرته قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي
(1)[هو الحمام في السوق وذلك إذا كان فيه كشف عورات أو غيره من المنكرات. دار الحديث]
2851 -
(الحواميم) أي السور التي أولها حم (ديباج القرآن) أي زينته وفي القاموس الديباج النقش وهو فارسي معرب فيقال بكسر الدار وقد تفتح
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) الأصبهاني (في) كتاب (الثواب) أي ثواب الأعمال (عن أنس) بن مالك (ك عن ابن مسعود موقوفا)
3852 -
(الحواميم روضة من رياض الجنة) يعني السور التي أولها حم لها شأن وفضل يوصل إلى روضة من رياض الجنة قال الزمخشري: وفيه حديث ابن مسعود إذا وقعت في آل حم فكأني وقعت في روضات دمثات فنبه المصطفى صلى الله عليه وسلم على أن ذكرها لشرف منزلتها وفخامة شأنها عند الله مما يستظهر به على استنزال رحمة الله تعالى الوصلة إلى الحلول بدار رضوانه ومن زعم أن حم اسم من أسماء الله ففيه نظر لأن أسماءه تقدست ما منها شيء إلا وهو صفة مقصودة مفصحة عن ثناء وتحميد وحم ليس إلا حرفين من حروف المعجم فلا معنى تحته يصلح لكونه بتلك المثابة
(ابن مردويه) في التفسير (عن سمرة) بن جندب ورواه عنه أيضا الديلمي فما أوهمه عدول المصنف لابن مردويه من أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز عجيب
3853 -
(الحواميم) أي سورها (سبع وأبواب جهنم تجيء كل حم منها) يوم القيامة (نقف على كل باب من هذه الأبواب
⦗ص: 423⦘
تقول اللهم لا تدخل هذا الباب من كان يؤمن بي ويقرأ بي) بباء موحدة بخط المصنف في الدنيا أي تقول ذلك على وجه الشفاعة فيه فيشفعهما الله تعالى في كل من آمن بها وكان يقرؤها في الدنيا والتعبير بكان يشعر بأن ذلك إنما هو لمن دوام على قراءتها
(هب عن الخليل بن مرة) بضو الميم وشد الراء (مرسلا) هو الضبي نزيل الكوفة قال أبو حاتم: غير قوي مات سنة 160
3854 -
(الحور العين خلقن) أي خلقهن الله في الجنة (من الزعفران) أي من زعفران الجنة فإذا أراد الإنسان أن يتخيل حسنهن ينظر إلى أحسن صورة في الدنيا رآها أو سمع بها ثم ينظر مم خلقت ومعلوم أنها من طين أسود يؤطأ بالارجل فما الظن بمن خلق من زعفران الجنة لكن نساء الدنيا إذا دخلنها كن أفضل منهن كما جاء مصرحا به في خبر الطبراني <فائدة> في فتاوى المؤلف الحديثية أن الحور والولدان والزبانية لا يموتون وهم ممن استثنى الله في قوله {إلا من شاء الله} وأما الملائكة فيموتون بالنص والإجماع ويتولى قبض أرواحهم ملك الموت ويموت ملك الموت بلا ملك الموت
(ابن مردويه) في تفسيره (خط) في التاريخ (عن أنس) وفيه الحارث بن خليفة قال الذهبي في الذيل: مجهول وقال ابن القيم: وقفه أشبه بالصواب
3855 -
(الحور العين خلقن من تسبيح الملائكة) فكل تسبيحة يسبحها ملك تصير حوراء وقد لا يعارض هذا ما قبله بأن يقال بعضهن خلق من تسبيح الملائكة وبعضهن خلق من الزعفران
(ابن مردويه عن عائشة)
3856 -
(الحلال) ضد الحرام لغة وشرعا (بين) أي ظاهر واضح لا يخفى حله وهو ما نص الله أو رسوله وأجمع المسلمون على تحليله بعينه أو جنسه ومنه ما لم يرد فيه منع في أظهر الأقوال (والحرام بين) واضح لا يخفى حرمته وهو ما نص أو أجمع على تحريمه بعينه أو جنسه أو على أن فيه عقوبة أو وعيدا ثم التحريم إما لمفسدة أو مضرة خفية كالزني ومذكي المجوس وإما لمفسدة أو مضرة واضحة كالسم والخمر وتفصيله لا يحتمله المقام (وبينهما) أي الحلال والحرام الواضحين (أمور) أي شؤون وأحوال (مشتبهات) بغيرها لكونها غير واضحة الحل والحرمة لتجاذب الأدلة وتنازع المعاني والأسباب فبعضها يعضده دليل التحريم والبعض بالعكس ولا مرجح لأحدهما إلا خفاء ومن المشتبه معاملة من في ماله حرام فالورع تركه وإن حل وقال الغزالي: إن كان أكثر ماله الحرام حرمت ثم الحصر في الثلاثة صحيح لأنه إن صح نص أو إجماع على الفعل فالحلال أو على المنع جزما فالحرام أو سكت أو تعارض فيه نصان ولا مرجح فالمشتبه (لا يعلمها كثير من الناس) أي من حيث الحل والحرمة لخفاء نص أو عدم صراحة أو تعارض نصين وإنما يؤخذ من عموم أو مفهوم أو قياس أو استصحاب أو لاحتمال الأمر فيه الوجوب والندب والنهي والكراهة والحرمة أو لغير ذلك إنما يعلمه قليل من الناس وهم الراسخون فان تردد الراسخ في شيء لم يرد فيه نص ولا إجماع اجتهد بدليل شرعي فيصير مثله وقد يكون دليل غير خال من الاحتمال فيكون الورع تركه كما قال (فمن اتقى) من التقوى وهي لغة جعل النفس في وقاية مما يخاف وشرعا حفظ النفس عن الآثام وما يجر إليها وهي عند الصوفية التبري مما سوى الله وعدل إلى التقى عن ترك المرادف له ليفيد أن تركها إنما يعتد به في استبراء في الدين والعرض إن خلا عن نحو رياء (المشبهات) بميم أوله بخط المصنف أي اجتنبها ووضع الظاهر موضع المضمر تفخيما لشأن اجتناب الشبهات والشبهة ما يخيل للناظر أنه حجة وليس كذلك وأريد هنا ما سبق في تعريف الشبهة (فقد أستبرأ) بالهمز وقد يخفف أي طلب البراءة
⦗ص: 424⦘
(لدينه) من الدم الشرعي (وعرضه) بصونه عن الوقيعة فيه بترك الورع الذي أمر به فهو هنا الحسب وقيل النفس لأنها الذي يتوجه إليها المدح والذم وعطف العرض على الدين ليفيد أن طلب براءته منظور إليه كالدين (ومن وقع في المشبهات) بميم بخطه أيضا يعني فعلها وتعودها (وقع في الحرام) أي يوشك أن يقع فيه لأنه حام حول حريمه وقال وقع دون يوشك أن يقع كما قال في المشبه به الآتي لأن من تعاطى المشبهات صادف الحرام وإن لم يتعمده إما لإثمه بسبب تقصيره في التحري أو لاعتياده التساهل وتجرئه على شبهة بعد أخرى إلى أن يقع في الحرام أو تحقيقا لمداناة الوقوع كما يقال من اتبع هواه هلك وسره أن حمى الملوك محسوسة يحترز عنها كل بصير وحمى الله لا يدركه إلا ذو البصائر ولما كان فيه نوع خفاء ضرب المثل بالمحسوس بقوله (كراع) أصله الحافظ بغيره ومنه قيل للوالي راعي والعامة رعية وللزوج راع ثم خص عرفا بحافظ الحيوان كما هنا (يرعى حول الحمى) أي المحمى وهو المحذور على غير مالكه (يوشك) بكسر الشين يسرع (أن يواقعه) أي تأكل ماشيته منه فيعاقب شبه آخذ الشهوات بالراعي والمحارم بالحمى والشبهات بما حوله ثم أكد التحذير من حيث المعنى بقوله (ألا) حرف افتتاح قصد به أمر السامع بالإصغاء لعظم موقع ما بعده (وإن لكل ملك) من ملوك العرب (حمى) يحميه عن الناس ويتوعد من قرب منه بأشد العقوبات (ألا وإن حمى الله) تعالى وهو ملك الملوك (في أرضه محارمه) أي المحارم التي حرمها وأريد به هنا ما يشمل المنهيات وترك المأمور ومن دخل حمى الله بارتكاب شيء منها استحق العقاب ومن قاربه يوشك الوقوع فيه فالمحافظ لدينه لا يقرب مما يقرب إلا الخطيئة والقصد إقامة البرهان على تجنب الشبهات وأنه إذا كان حمى الملك يحترز منه خوف عقابه فحمى الحق أولى لكون عذابه أشق ولما كان التورع يميل القلب إلى الصلاح وعدمه إلى الفجور أردف ذلك بقوله (ألا وإن في الجسد) أي البدن (مضغة) قطعة لحم بقدر ما يمضغ لكنها وإن صغرت حجما عظمت قدرا ومن ثم كانت (إذا صلحت) بفتح اللام انشرحت بالهداية (صلح الجسد كله) أي استعملت الجوارح في الطاعات لأنها متنوعة له وهي وإن صغرت صورة كبرت رتبة (وإذا فسدت) أي أظلمت بالضلالة (فسد الجسد كله) باستعمالها في المنكرات (ألا وهي القلب) سمي به لأنه محل الخواطر المختلفة الحاملة على الانقلاب أو لأنه خالص البدن وخالص كل شيء قلبه أو لأنه وضع الجسد مقلوبا وذلك مبدأ الحركات البدنية والإرادات النفسانية فإن صدرت عنه إرادة صالحة تحرك البدن حركة صالحة أو إرادة فاسدة تحرك حركة فاسدة فهو ملك والأعضاء رعيته وهي تصلح بصلاح الملك وتفسد بفساده وأوقع هذا عقب قوله الحلال بين إشعارا بأن أكل الحلال ينوره ويصلحه والشبه تقسيه وللحديث فوائد جمة أفردت بالتآليف
(ق 4 عن النعمان بن بشير) قال ابن العربي: وقد جعلوا هذا الحديث ثلث الإسلام وربعه وأكثروا في التقسيمات وأكثرها تحكمان تحمل الزيادة والنقص وبالجملة فالمعاني مشتركة ولو قيل إنه نصف الإسلام لكان له وجه من الكلام ولو قال قائل إنه جملة الدين لما عدم وجها لكن هذه المعاني مدخلة لمتعاطيها في المتكلفين قال بعض شراح مسلم: هذا الحديث عليه نور النبوة عظيم الموقع من الشريعة
3857 -
(الحلال بين) أي جلي الحل (والحرام بين) لا تخفى حرمته بالأدلة الظاهرة أو البين من كل منهما ما استقر الشرع على تحليله أو تحريمه كحل لحم الأنعام وتحريم لحم الخنزير قال الغزالي: يظن الجاهل أن الحلال مفقود وأن السبيل
⦗ص: 425⦘
للوصول إليه مسدود حتى لم يبق من الطيب إلا الماء والحشيش النابت في الموات وما عداه فقد أحالته الأيدي العادية وأفسدته المعاملة الفاسدة وليس كذلك بل قال المصطفى صلى الله عليه وسلم الحلال بين ولا تزال هذه الثلاثة وإنما الذي فقد العلم بالحلال وبكيفية الوصول إليه اه وقال القاضي: معنى الحديث أنه تعالى مهد لكل منهما أصلا يتمكن الناظر المتأمل فيه من استخراج أحكام ما يعن له من الجزئيات وتعرف أحوالها لكن قد يتفق في الجزئيات ما يقع فيه الاشتباه لوقوعه بين الأصلين ومشاركته لأفراد كل منهما من وجه فينبغي أن لا يجترئ المكلف على تعاطيه بل يتوقف حيث ما يتأمل فيه فيظهر له أنه من أي القبيلين فإن اجتهد ولم يظهر له أثر الرجحان بل رجع طرف الذهن عن إدراكه حسيرا تركه في حيز التعارض أسيرا وأعرض عما يريبه إلى ما لا يريبه استبراء لدينه أن يختل بالوقوع في المحارم وصيانة لعرضه أن يتهم بعدم المبالاة بالمعاصي والبعد عن الورع كما أشار إليه بقوله (فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك) فما اطمأن إليه القلب فهو بالحلال أشبه وما نفر عنه فهو بالحرام أشبه قال الحكيم: هذا عند المحققين الموصوفين بطهارة القلوب ونور اليقين فأولئك هم أهل هذه الرتبة أما العوام والعلماء الذين غذوا بالحرام فلا التفات إلى ما تطمئن إليه قلوبهم المحجبة بحجب الظلمات <تنبيه> روى الحافظ العراقي عن الإمام أحمد بن حنبل أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث حديث الأعمال بالنيات وحديث من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وحديث الحلال بين والحرام بين وقد مر ذلك ونظمه الزين العراقي:
أصول الإسلام ثلاث إنما. . . الأعمال بالنيات وهي القصد
كذا الحلال بين وكل ما. . . ليس عليه أمرنا فرد
(طص عن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي في موضع: إسناده حسن وقال في موضع آخر: فيه أحمد بن شبيب قال الأزدي: منكر الحديث وتعقبه الذهبي بأن أبا حاتم وثقه
3858 -
(الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه) فلم ينص على حله ولا حرمته نصا جليا ولا نصا خفيا (فهو مما عفى عنه) أي فيحل تناوله وهذا قاله لما سئل عن الجبن والسمن والفراء قال الحافظ الزين العراقي: فيه حجة للقائلين بأن الأصل في الأشياء قبل ورود الشرع الإباحة حتى يتبين التحريم أو الوجوب وهي قاعدة من قواعد الأصول لا يكتفى بهذا الحديث الضعيف في إثباتها <تنبيه> قال ابن العربي: القرآن هو الأصل فإن كانت دلالته خفية نظر في الجلي من السنة فإن كانت الدلالة منها خفية نظر فيما اتفق عليه الصحب فإن اختلفوا رجح فإن لم يوجد عمل بما يشبه نص الكتاب ثم السنة ثم الاتفاق ثم الراجح (تنبيه آخر) قال القونوي: الحل ممن لوازم الطهارة والحرمة تتبع النجاسة وكل من الحلال والحرام ينقسم ثلاثة أقسام كانقسام الطهارة والنجاسة فالحلال التام الطاهر كل ما لا ضرر فيه من حيث مزاجه بالنسبة للإنسان ولا يتعلق به حق لأحد يستلزم توجه نفسه إليه فإن لتوجهات النفوس إلى الأشياء على هذا الوجه خواص رديئة تسري في بدن الإنسان المباشر لذلك الشيء دون حق له فيه أكلا كان أو لبسا أو مسكنا أو غيرها وكلها نجاسات معنوية الثاني ما يستعمل من الأكل والشرب ونحوهما يكون سليما من تعلقات أحكام النفوس وخواصها غير أنه لا يخلو في نفسه من حيث مزاجه ومن حيث روحانيته من خواص رديئة لا يلائم أكثر الناس فأمثال هذه ليست في مقام الحل التام وكذا في الملابس إذا فصلت وخيطت في وقت رديء اتصل بها خواص رديئة وكذا ما ورد في الحديث من شؤم المرأة والدار والفرس وشهد بصحته التجارب فإن لها في بواطن أكثر الناس بل وفي ظواهرهم خواص مضرة تتعدى من المباشر إلى نفسه وأخلاقه وصفته فتحدث نسبتها للقلوب والأرواح تلويثات هي من قسم النجاسات المعنوية وقد نبهت الشريعة على كراهيتها دون الحكم عليها بالحرمة
⦗ص: 426⦘
الثالث وهو الطاهر صورة النجس معنى من حيث إنه حرام كطعام وشراب ومسكن ومشموم ونحوها وإذا علمت ذلك فاعلم أن لأحكام الحل والحرمة والنجاسة والطهارة امتزاجات على أنحاء وغلبة ومغلوبية بحسب قوة بعض الأحكام ورجحانها لقوة الكمال أو الكثرة أو هما معا على غيرهما من الأحكام التي تقع معها الممازجة وهذا هو القسم المشترك فإنه لا بد من الامتزاجات من حصول هيئات متعلقة بها متوحدة الكثرة لمزاج متحد والحكم يترتب على تلك الامتزاجات بحسب الغلبة والمغلوبية وتعقل المساواة بين قوى تلك الخواص وأحكامها والقرب من المساواة هو مرتبة المكروه والمتشابه المشار إليه في هذه الأحاديث فندب الشارع إلى التورع في هذا القسم تحرزا من حذر متوقع
(ت هـ ك) في الأطعمة (عن سلمان) قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم عن السمن والجبن والفراء فذكره قال الترمذي في العلل: سألت عنه محمدا يعني البخاري فقال ما أراه محفوظا وقال الذهبي: فيه سيف بن هارون البرجمي ضعفه جمع وقال الدارقطني: متروك
3859 -
(الحياء) بالمد وسيق تعريفه وأنه غريزي أصلا واكتسابي كمالا (من الإيمان) أي من أسباب أصل الإيمان وأخلاق أهله تمنع من الفواحش وتحمل على البر والخير كما يمنع الإنسان صاحبه من ذلك فعلم أن أول الحياء وأولاه الحياء من الله وهو أن لا يراك حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك وكماله إنما ينشأ عن المعرفة ودوام المراقبة
(م ت عن ابن عمر) بن الخطاب قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يعظ أخاه في الحياء أي في تركه فقال دعه ثم ذكره وكلام المصنف كالصريح في أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو ذهول فقد عزاه هو في الدرر إلى الشيخين معا من حديث ابن عمر وعزاه لهما أيضا في الأحاديث المتواترة وذكر أنه متواتر
3860 -
(الحياء والإيمان مقرونان لا يفترقان إلا جميعا) قال الطيبي: فيه رائحة التجريد حيث جرد من الإيمان شعبة منه وجعلها قرينا له على سبيل الاستعارة كأنهما رضيعا لبان ثدي أي تقاسما أن لا يفترقا
(طس عن أبي موسى) الأشعري وقال: تفرد به محمد بن عبيدة القرشي وهو ضعيف
3861 -
(الحياء والإيمان قرنا جميعا فإذا رفع أحدهما) من إنسان (رفع الآخر) منه أي معظمه أو كماله <تنبيه> قال الراغب: الحياء انقباض النفس عن القبائح وهو من خصائص الإنسان وأول ما يظهر من قوة الفهم في الصبيان وجعل في الإنسان ليرتدع عما تنزع إليه الشهوة من القبائح فلا يكون كالبهيمة وهو مركب من جبن وعفة ولذلك لا يكون المستحي فاسقا ولا الفاسق مستحيا لتنافي اجتماع العفة والفسق وقلما يكون الشجاع مستحيا والمستحي شجاعا لتنافي اجتماع الجبن والشجاعة ولعزة وجود ذلك يجمع الشعراء بين المدح بالشجاعة والمدح بالحياء كقوله:
كريم يغض الطرف فضل حيائه. . . ويدنو وأطراف الرماح دواني
وأما الخجل فحيرة النفس لفرط الحياء ويحمد في النساء والصبيان ويذم باتفاق في الرجال والوقاحة مذمومة بكل لسان وهي انسلاخ من الإنسانية وحقيقتها لجاج النفس في تعاطي القبيح واشتقاقه من حافر وقاح أي صلب ولهذه المناسبة قال الشاعر:
يا ليت لي من جلد وجهك رقعة. . . فأقد منها حافرا للأشهب
وما أصدق قول الآخر:
صلابة الوجه لم تغلب على أحد. . . إلا تكمل فيه الشر فاجتمعا
(حل ك) في الإيمان (هب) كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي وقال الحافظ العراقي: حديث صحيح غريب إلا أنه قد اختلف على جرير بن حازم في رفعه ووقفه
⦗ص: 427⦘
3862 - (الحياء هو الدين كله) لأن مبدأه ومنتهاه يفضيان إلى ترك القبيح وترك القبيح خير لا محالة فكان لا يأتي إلا بخير ولأن من استحيا من الخلق قل شره وكثر خيره وغلب عليه السخاء والسماح الموصلان إلى ديار الأفراح وأشفق أن يرى أحد في دينه خللا أو في عمله زللا فمن ثم كان فيه كمال الدين لمصير من هو شعاره من المتقين
(طب عن قرة) ابن إياس قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكر عنده الحياء فقالوا: الحياء من الدين فقال: بل هو الدين كله وضعفه المنذري ولم يبين وبينه الهيثمي فقال: فيه عبد الحميد بن سوار وهو ضعيف
3863 -
(الحياء خير كله) لأن مبدأه انكسار يلحق الإنسان مخافة نسبته إلى القبيح ونهايته ترك القبيح وكلاهما خير ومن ثمراته مشهد النعمة والإحسان فإن الكريم لا يقابل بالإساءة من أحسن إليه وإنما يفعله اللئيم فيمنعه مشهد إحسانه إليه ونعمته عليه من عصيانه حياء منه أن يكون خيره وإنعامه نازلا عليه ومخالفته صاعدة إليه فملك ينزل بهذا وملك يعرج بهذا فأقبح به من مقابلة
(م د) من الإيمان (عن عمران بن الحصين) ورواه عنه أيضا أبو داود وفي الباب أنس وغيره
3864 -
(الحياء لا يأتي إلا بخير) لأن من استحيا من الناس أن يروه يأتي بقبيح دعاه ذلك إلى أن يكون حياؤه من ربه أشد فلا يضيع فريضة ولا يرتكب خطيئة. قال ابن عربي: الحياء أن لا يفعل الإنسان ما يخجله إذا عرف منه أنه فعله والمؤمن يعلم بأن الله يرى كل ما يفعله فيلزمه الحياء منه لعلمه بذلك وبأنه لا بد أن يقرره يوم القيامة على ما عمله فيخجل فيؤديه إلى ترك ما يخجل منه وذلك هو الحياء فمن ثم لا يأتي إلا بخير انتهى لا يقال صاحب الحياء قد يستحي أن يواجه بالحق من يعظمه فيترك أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وقد يحمله الحياء على إخلاله ببعض الحقوق كما هو معروف عادة لأنا نقول هذا ليس بحياء حقيقة بل عجز ومهانة وخور وإنما يطلق عليه أهل العرف حياء مجازا وحقيقة الحياء خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق الغير وقال بعض الحكماء: من كسى الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه
(ق عن عمران بن الحصين) ورواه عنه أيضا أحمد وغيره
3865 -
(الحياء من الإيمان) قال الزمخشري: جعل كالبعض منه لمناسبته له في أنه يمنع من المعاصي كما يمنع الإيمان وقال ابن الأثير: جعل الحياء وهو غريزة من الإيمان وهو اكتساب لأن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي وإن لم يكن له نقية فصار كالإيمان الذي يقطع بينهما وبينه وجعله بعضه لأن الإيمان ينقسم إلى اتئمار بما أمر الله وانتهاء عما نهى عنه فإذا حصل الانتهاء بالحياء كان أخص الإيمان (والإيمان في الجنة) أي يوصل إليها (والبذاء) بذال معجمة ومد الفحش في القول (من الجفاء) بالمد أي الطرد والإعراض وترك الصلة والبر (والجفاء في النار) يوضحه قوله في خير آخر وهل يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم <تنبيه> سئل بعضهم: هل يكون الحياء من الإيمان مقيد أو مطلق فقال: مقيد بترك الحياء في المذموم شرعا وإلا فعدمه مطلوب في النصح والأمر والنهي الشرعي فتركه في هذه الأشياء من النعوت الإلهية {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا} {والله لا يستحيي من الحق} وأنشدوا:
إن الحياء من الإيمان جاء به. . . لفظ النبي وخير كله فيه
فليتصف كل من يرعى مشاهده. . . وليس يعرف هذا غير منتبه
مستيقظ غير نوام ولا كسل. . . مراقب قلبه لدى تقلبه
إن الحياء من أسماء الإله وقد. . . جاء التخلق بالأسماء فاحظ به
⦗ص: 428⦘
وأنشدوا في مدح ترك الحياء في المشروع:
ترك الحياء تحقق وتخلق. . . جاءت به الآيات في القرآن
فإذا فهمت الأمر يا هذا فكن. . . مثل اللسان بقية الميزان
(ت ك هب عن أبي هريرة خد هـ ك هب عن أبي بكرة طب هب عن عمران بن الحصين) قال الهيثمي في موضع: رجاله رجال الصحيح وأعاده في آخر وقال: فيه محمد بن موسى بن أبي نعيم وثقه أبو حاتم وكذبه جمع وبقية رجاله رجال الصحيح وأطلق الذهبي في الكبائر أنه صحيح
3866 -
(الحياء والعي) أي سكون اللسان تحرزا عن الوقوع في البهتان لاعي القلب ولاعي العمل ولاعي اللسان لخلل (شعبتان من) شعب (الإيمان) أي أثران من آثاره بمعنى أن المؤمن يحمله الإيمان على الحياء فيترك القبائح حياء من الله ويمنعه من الاجتراء على الكلام شفقا من عثر اللسان والوقيعة في البهتان (والبذاء) هو ضد الحياء وقيل فحش الكلام (والبيان) أي فصاحة اللسان والمراد به هنا ما يكون فيه إثم من الفصاحة كهجو أو مدح بغير حق (شعبتان من النفاق) بمعنى أنهما خصلتان منشأهما النفاق والبيان المذكور هو التعمق في النطق والتفاصح وإظهار التقدم فيه على الغير تيها وعجبا كما تقرر قال القاضي: لما كان الإيمان باعثا على الحياء والتحفظ في الكلام والاحتياط فيه عد من الإيمان وما يخالفهما من النفاق وعليه فالمراد بالعي ما يكون بسبب التأمل في المقال والتحرز عن الوبال لا لخلل في اللسان والبيان ما يكون بسببه الاجتراء وعدم المبالاة بالطغيان والتحرز عن الزور والبهتان وقال الطيبي: إنما قوبل العي في الكلام مطلقا بالبيان الذي هو التعمق في النطق والتفاصح وإظهار التقدم فيه على الناس مبالغة لذم البيان وأن هذه القضية غير مضرة بالإيمان مضرة ذلك البيان
(حم ت ك عن أبي أمامة) قال الترمذي: حسن وقال الحافظ العراقي في أماليه: حديث حسن وقال الذهبي: صحيح
3867 -
(الحياء والإيمان في قرن) أي مجموعهما في حبل أو قرن والقرن ضفيرة الشعر والجمع قرون يعني هما كشيء واحد (فإذا سلب أحدهما تبعه الآخر) لأن من نزع منه الحياء ركب كل فاحشة وقارن كل قبيح ولا يحجزه عن ذلك دين إذا لم تستح فاصنع ما شئت والمراد الحياء الشرعي الذي يقع على وجه الإجلال والاحترام للأكابر وهو محمود وأما ما يقع سببا لترك أمر شرعي فهو مذموم وهو المراد بقول مجاهد لا يتعلم العلم مستحي وهو بسكون الحاء ولا في كلامه نافية لا ناهية ولهذا كانت ميم يتعلم مضمومة كأنه أراد تحريض المتعلمين وقول مجاهد هذا وصله أبو نعيم في الحلية قال ابن حجر في المختصر: وهو إسناد صحيح على شرط البخاري
(طس عن ابن عباس) قال الهيثمي وغيره: فيه يوسف بن خالد السمني كذاب خبيث انتهى فكان ينبغي للمصنف حذفه
3868 -
(الحياء زينة) لأنه من فعل الروح والروح سماوي وعمل أهل السماء يشبه بعضه بعضا في العبودية والنفس شهواني أرضي ميال إلى شهوة ثم أخرى وهكذا لا يهدي ولا يستقر فأعمالنا مختلفة فمرة عبودية ومرة ربوبية ومرة عجز ومرة
⦗ص: 429⦘
اقتدار فإذا ريضت النفس وذللت وأدبت وكان السلطان والغلبة للروح جاء الحياء وهو خجل الروح عن كل ما لا يصلح في السماء وذلك يزين الجوارح الظاهرة والباطنة ومنه الوقار والحلم والأناة (والتقى كرم) لأن الكرم ما انقاد وذل ومن ثم سميت شجرة العنب كرما لأنها تمد فأينما مدت امتدت ولذلك شبه بها قلب المؤمن في الخير فإذا ولج النور في القلب ترطب ولان فتلين النفس ويذهب يبسها لأن حر الشهوة قد طغى بالنور الوارد على القلب فانقاد فاتقى (وخير المراكب الصبر) لأن الصبر ثبات العبد بين الرب لأحكامه ما أحب منها وما كره فهو خير مركب ركب به إليه وهو مركب الوفاء بالعهد خلق الله الدنيا ممرا إلى الآخرة والمجتازون يأخذون الزاد ويمرون أولا بالقبور ثم يخرجون إلى ربهم وجعل بابه الذي يدخلون عليه منه أمر باب وأهواله ليطهرهم من الدنس فبلغوه طاهرين فيمكن لهم في دار القدس فمن الوفاء بعهده أن يلتفت إلى شيء غير الزاد (وانتظار الفرج من الله عز وجل عبادة) لأن فيه قطع العلائق والأسباب إلى الله وتعلق به وشخوص الأمل إليه وتبرأ من الحول والقوة فهذا خالص الإيمان
(الحكيم) الترمذي (عن جابر) بن عبد الله
3869 -
(الحياء من الإيمان) لأن الحياء أول ما يظهر في الإنسان من أمارة العقل والإيمان آخر مرتبة العقل ومحال حصول آخر مرتبة العقل لمن لم يحصل له المرتبة الأولى فبالواجب كان من لا حياء له ولا إيمان له ذكره الراغب (وأحيا أمتي عثمان) بن عفان فهو أكمل إيمانا قال ابن القيم: الحياء مشتق من الحياة والغيث يسمى حيا بالقصر لأن به حياة الأرض والنبات والحيوان وبهذا الحياء حياة الدنيا والآخرة فمن لا حياء فيه ميت في الدنيا شقي في الآخرة وبين قلة الحياء وعدم الغيرة تناسب فكل يستدعي الآخر ويطلبه حثيثا ومن استحيا من الله عند معصيته استحيا من عقوبته عند لقائه ومن لم يستحي من معصيته لم يستحي من عقوبته
(ابن عساكر) في التاريخ (عن أبي هريرة) ذكره في ترجمة عثمان
3870 -
(الحياء عشرة أجزاء فتسعة في النساء وواحد في الرجال) ظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الديلمي نفسه ولولا ذلك ما قوى الرجال على النساء اه. بلفظه أي فلولا ما ألقى الله عليهن من مزيد الحياء لم يصبرن عن طلب الجماع من الرجال طرفة عين
(فر عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه الحسن بن قتيبة الخزاعي قال الذهبي: قال الدارقطني متروك ورواه عنه أيضا أبو نعيم ومن طريقه وعنه خرجه الديلمي مصرحا فلو عزاه المصنف إليه لكان أجود
3871 -
(الحيات مسخ الجن) أي أصلهن من مسخ الجن الذين مسخوا (كما مسخت القردة والخنازير من بني إسرائيل) الظاهر أن المراد بعض الحيات لا كلها بدليل ما ذكر في أخبار أخر
(طب وأبو الشيخ [ابن حبان] في) كتاب (العظمة) كلاهما (عن ابن عباس) قال الهيثمي: رجاله يعني الطبراني رجال الصحيح
3872 -
(الحية فاسقة والعقرب فاسقة والفأرة فاسقة والغراب فاسق) أي غير غراب الزرع. قضية كلام المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه ولعله ذهول بل بقيته عند مخرجه ابن ماجه والكلب الأسود البهيم شيطان اه وهذه هي الفواسق الخمس التي يحل قتلها في الحل والحرم
(هـ عن عائشة) ورواه عنها أيضا الديلمي وغيره