المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في المحلى بأل من هذا الحرف [أي حرف الدال] - فيض القدير - جـ ٣

[عبد الرؤوف المناوي]

الفصل: ‌فصل في المحلى بأل من هذا الحرف [أي حرف الدال]

4243 -

(دينار أنفقته في سبيل الله) أي في موطن الغزو (ودينار أنفقته في رقبة) أي في إعتاقها (ودينار تصدقت به على مسكين) المراد به ما يشمل الفقير لأنهما إذا افترقا اجتمعا وإذا اجتمعا افترقا (ودينار أنفقته على أهلك) يعني على مؤونة من تلزمك مؤونته (أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك) قال القاضي: قوله دينار مبتدأ وأنفقته في سبيل الله صفته والجملة أعني أعظمها أجرا إلخ خبرية والنفقة على الأهل أعم من كون نفقتهم واجبة أو مندوبة فهي أكثر الكل ثوابا واستدل به على أن فرض العين أفضل من الكفاية لأن النفقة على الأهل التي هي فرض عين أفضل من النفقة في سبيل الله وهو الجراد الذي هو فرض كفاية

(م) في الزكاة (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري

ص: 536

‌فصل في المحلى بأل من هذا الحرف [أي حرف الدال]

ص: 536

4244 -

(الدار حرم فمن دخل عيك حرمك فاقتله) إن لم يندفع إلا بالقتل قال البيهقي: إن صح فإنما أراد به أنه يأمره بالخروج فإن لم يخرج فله ضربه وإن أتى الضرب على نفسه

(حم طب عن عبادة بن الصامت) رمز المصنف لصحته وهو زلل فقد أعله الهيثمي بأن فيه عندهما محمد بن كثير السلمي وهو ضعيف فالحسن فضلا عن الصحة من أين. وقال الذهبي في المهذب: فيه محمد بن كثير السلمي واه قال ويروى بإسناد آخر ضعيف انتهى. وأورده في الميزان في ترجمة محمد بن كثير وقال الدارقطني وغيره: ضعيف وابن المديني ذاهب الحديث

ص: 536

4245 -

(الداعي والمؤمن) على الدعاء أي القائل آمين (في الأجر شريكان) يعني كل منهما له من الأجر مثل ما للآخر (والقارئ والمستمع) للقراءة أي قاصد السماع (في الأجر شريكان) حيث استويا في الإخلاص وحسن النية وغير ذلك من المقاصد والوسائل وظاهر الحديث أن السامع ليس كالمستمع (والعالم والمتعلم في الأجر شريكان)

(فر عن ابن عباس) وفيه إسماعيل الشامي قال الذهبي: ممن يضع الحديث قال الدارقطني: وجوبير بن سعيد وقال الدارقطني وغيره: متروك

ص: 536

4246 -

(الدال على الخير كفاعله) فإن حصل ذلك الخير فله مثل ثوابه وإلا فله ثواب دلالته قال القرطبي: ذهب بعض الأئمة إلى أن المثل المذكور إنما هو بغير تضعيف لأن فعل الخير لم يفعله الدال وليس كما قال بل ظاهر اللفظ المساواة ويمكن أن يصار إلى ذلك لأن الأجر على الأعمال إنما هو بفضل الله يهب لمن يشاء على أي فعل شاء وقد جاء في الشرع كثير وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته والدال على الشر كفاعله أي لإعانته عليه فله كفعله من الإثم وإن لم يحصل بمباشرته

(البزار) في مسنده وكذا القضاعي (عن ابن مسعود) إنما قال عبد الحق البزار عن أنس ثم رأيت المصنف في الدرر قال: البزار عن أنس فما هنا سهو (طب عن سهل بن سعد) وقال: لم يرو عن

⦗ص: 537⦘

سهل إلا بهذا الإسناد وعن أبي مسعود وفيه من طريقه كما قال في المنار زياد النهري ضعفه ابن معين وقال أبو حاتم: لا يحتج به ومن طريق الطبراني عمران بن محمد بن سعيد لم يسمع من أبي حازم قال الهيثمي: فيه من لم أعرف وقال العراقي: في إسناده ضعيف جدا

ص: 536

4247 -

(الدال على الخير كفاعله) قال الأبي: ظاهر الحديث المساواة وقاعدة أن الثواب على قدر المشقة يقتضي خلافه إذ مشقة من أنفق عشرة دراهم ليس كمن دل ويدل عليه أن من دل إنسانا على قتل آخر يعذر ولا يقتص منه (والله يحب إغاثة اللهفان) أي الملهوف المكروب

(حم ع والضياء) المقدسي (عن بريدة) بن الحصيب (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب فضل (قضاء الحوائج) للناس (عن أنس) قال المنذري: فيه زياد النهري ضعيف وقد وثق وله شواهد قال الهيثمي: فيه زياد النهري وثقه ابن حبان وقال: يخطئ وابن عدي وضعفه جمع وبقية رجاله ثقات

ص: 537

4248 -

(الدباء) بضم الدال وشد الموحدة وبالضم أشهر: القرع (تكبر الدماغ وتزيد في العقل) لخاصية فيه علمها ولذلك كان يحبه كما ورد في عدة أحاديث وفي الغيلانيات عن عائشة مرفوعا أنه يشد قلب الحزين

(فر عن أنس) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من أكل الدباء فقلنا: يا رسول الله إنك لتحبها فذكره وفيه نصر بن حماد قال النسائي وغيره: ليس بثقة ويحيى بن العلاء قال الذهبي في الضعفاء: قال أحمد كذاب يضع الحديث ومحمد بن عبد الله الحبطي لينه ابن حبان

ص: 537

4249 -

(الدجال) فعال بفتح وتشديد من الدجل وهو التغطية أو غيرها وفي الفتح عن شيخه صاحب القاموس أنه اجتمع له من الأقوال في سبب تسمية المسيح خمسون قولا (عينه خضراء) كالزجاجة هذا هو تمام الحديث ولعل المؤلف ذهل عنه قال ابن حجر: وهذا يوافق رواية كأنها كوكب دري المراد بوصفها بالكوكب شدة إيفادها قال: وتشبيهها بالزجاجة أو بالكوكب الدري لا ينافي تشبيهها بالعنبة الطافية في رواية وبالنخاعة في الحائط المجصص في أخرى فإن كثيرا ممن يحدث في عينه النتوء يبقى معه الإدراك فيكون من هذا القبيل والدجال آدمي يخرج آخر الزمان يبتلي الله عباده به ويقدره على أشياء تدهش العقول وتحير الألباب يغتر بها الرعاع ويثبت الله من سبقت له السعادة وخالف في خروجه شذوذ من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة وما زعموه ترده الأخبار المفيدة للقطع <تنبيه> قال ابن العربي: شأن الدجال في ذاته عظيم والأحاديث الواردة فيه أعظم وقد انتهى الخذلان بمن لا توفيق عنده إلى أن قال إنه باطل

(تخ عن أبي) بن كعب ورواه عنه أيضا أحمد والطبراني بلفظ الدجال إحدى عينيه كأنها زجاجة خضراء قال الهيثمي: ورجاله ثقات

ص: 537

4250 -

(الدجال) قال البسطامي: وهو رجل قصير كهل براق الثنايا (ممسوح العين) أي موضع إحدى عينيه ممسوح مثل جبهته ليس فيه أثر عين وفي رواية اليمنى وفي أخرى اليسرى ولا تعارض لأن أحدهما طافية لا ضوء فيها والأخرى ناتئة كحبة عنب (مكتوب بين عينيه كافر) وفي رواية ك ف ر (يقرؤه كل مسلم) والكتابة مجاز عن حدوثه وشقاوته بدليل رواية كل مؤمن كاتب وغير كاتب ولو كانت حقيقة لقرأها الكافر أيضا أو هي حقيقة بأن يخلق الله الإدراك في بصر المؤمن بحيث يراه وإن لم يعرف الكتابة ولا يراها الكافر

⦗ص: 538⦘

وإن عرفها كما يرى المؤمن الأدلة ببصيرته وإن لم يراها الكافر وذلك زمان خرق العادات وهذا أرجح عند النووي (تتمة) قال البسطامي: الدجال مهدي اليهود ينتظرونه كما ينتظر المؤمنون المهدي ونقل عن كعب الأحبار أنه رجل طويل عريض الصدر مطموس يدعي الربوبية معه جبل من خبز وجبل من أجناس الفواكه وأرباب الملاهي جميعا يضربون بين يديه بالطبول والعيدان والمعازف والنايات فلا يسمعه أحد إلا تبعه إلا من عصمة الله قال: ومن أمارات خروجه تهب ريح كريح قوم عاد ويسمعون صيحة عظيمة وذلك عند ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكثرة الزنا وسفك الدماء وركون العلماء إلى الظلمة والتردد إلى أبواب الملوك ويخرج من ناحية المشرق من قرية تسمى دسر أبادين ومدينة الهوازن ومدينة أصبهان ويخرج على حمار وهو يتناول السحاب بيده ويخوض البحر إلى كعبيه ويستظل في أذن حماره خلق كثير ويمكث في الأرض أربعين يوما ثم تطلع الشمس يوما حمراء ويوما صفراء ويوما سوداء ثم يصل المهدي وعسكره إلى الدجال فيلقاه فيقتل من أصحابه ثلاثين ألفا فينهزم الدجال ثم يهبط عيسى إلى الأرض وهو متعمم بعمامة خضراء متقلد بسيف راكب على فرسه وبيده حربة فيأتي إليه فيطعنه بها فيقتله إلى هنا كلامه نقلا عن كعب الأحبار

(م عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا أبو يعلى وغيره

ص: 537

4251 -

(الدجال أعور العين اليسرى) وفي رواية أعور عين اليسرى من إضافة الموصوف إلى صفته وفي رواية للبخاري أعور العين اليمنى والله سبحانه منزه عن العور وعن كل آفة فإذا ادعى الربوبية وليس عليهم بأشياء ليست في البشر فإنه لا يقدر على إزالة العور الذي يسجل عليه بالبشرية ذكره الزمخشري وما ذكر من أنه أعور اليسرى لا يعارضه ما ذكر من أنه أعور اليمنى لأنهما معيبتان إحداهما طافية لا ضوء فيها والأخرى ناتئة كحبة عنب (1)(جفال الشعر)

⦗ص: 539⦘

بضم الجيم وتخفيف الفاء أي كثير وإذا خرج يخرج (معه جنة ونار فناره جنة وجنته نار) أي من أدخله الدجال ناره بتكذبيه إياه تكون تلك النار سببا لدخوله الجنة في الآخرة ومن أدخله جنته بتصديقه إياه تكون تلك الجنة سببا لدخوله النار في الآخرة وزاد في رواية بعد قوله وجنته نار فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ فواتح الكهف فتكون عليه بردا وسلاما وفي رواية وأنه يجيء معه مثل الجنة والنار فالتي يقول إنها الجنة هي النار وفي رواية معه صورة الجنة خضراء يجري فيها الماء وصورة النار سوداء تدخن وقيل هذا يرجع إلى اختلاف المرئي بالنسبة إلى الرائي أو يكون الدجال ساحرا فيجعل الشيء بصورة عكسه وقيل غير ذلك

(حم م هـ عن حذيفة) بن اليمان قال الديلمي: وفي الباب ابن عمر وغيره

(1) ورد في صفته أنه هجان بكسر أوله وتخفيف الجيم أي أبيض أقمر أي شديد البياض ضخم فيلماني بفتح الفاء وسكون التحتانية أي عظيم الجثة كأن رأسه أغضان شجرة أي شعر رأسه كثير متفرق قائم ومن صفاته تنام عيناه ولا ينام قلبه له حمار أهلب أي كثير الهلب: الشعر الغليظ ما بين أذنيه أربعون ذراعا يضع خطوه عند منتهى طرفه وعن أمير المؤمنين علي أن طول الدجال أربعون ذراعا بالأذرع الأولى تحته حمار أقمر أي شديد البياض طول كل أذن من أذنيه ثلاثون ذراعا ما بين حافر حماره إلى الحافر الآخر مسيرة يوم وليلة تطوى له الأرض منهلا منهلا يتناول السحاب بيمينه ويسبق الشمس إلى مغيبها يخوض البحر إلى كعبيه وعن كعب الأحبار قال: يتوجه الدجال فينزل عند باب دمشق الشرقي أي ابتداءا قبل خروجه ثم يلتمس فلا يقدر عليه ثم يرى عند المياه التي عند نهر الكسوة ثم يطلب فلا يدرى أين توجه ثم يظهر بالمشرق فيعطي الحلافة ثم يظهر السحر ثم يدعي النبوة فيتفرق الناس عنه أي المسلمون فيأتي النهر فيأمره أن يسيل فيسيل ثم يأمره أن ييبس فييبس ويبعث الله له شياطين فيقولون استعن بنا على ما تريد فيقول نعم اذهبوا إلى الناس فقولوا أنا ربهم فيبثهم في الأفاق ويخرج في خفة من الدين وإدبار من العلم فلا يبقى أحد يحاجه في أكثر الأرض ويذهل الناس عن ذكره وإن أكثر ما يتبعه الأعراب والنساء حتى أن الرجل ليرد أمه وبنته وأخته وعمته فيوثقها رباطا مخافة أن تخرج إليه وأنه يأتي فيقول لأعرابي: أريت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك فيقول: نعم فيتمثل له شيطان على صورة أبيه وآخر على صورة أمه فيقولان له: يا بني اتبعه فإنه ربك فيتبعه ومن ثم قال حذيفة: لو خرج الدجال في زمانكم لرمته الصبيان بالخزف ولكنه يخرج في نقص من العلم وخفة من الدين والمراد بالأعراب كل بعيد من العلماء ساكن في البادية والجبال سواء كان من الأعراب الأتراك أو الأكراد أو غير ذلك لأنهم لا يميزون بين الحق والباطل وأكثر النفوس مائلة إلى تصديق الخوارق

ص: 538

4252 -

(الدجال لا يولد له) أي بعد خروجه أو مطلقا (ولا يدخل المدينة) النبوية (ولا مكة) فإن الملائكة تقوم على أنقابهما تطرده عن الدخول تشريفا للبلدين فينزل بقربهما فيخرج له من في قلبه مرض وألحق البسطامي بمكة والمدينة بيت المقدس فجزم بأنه لا يدخله أيضا وفي رواية لمسلم أنه يهودي وأنه لا يولد له وأنه لا يدخل مكة ولا المدينة <تنبيه> عدوا من خصائص نبينا أنه بين له في أمر الدجال ما لم يبين لأحد

(حم عن أبي سعيد) الخدري

ص: 539

4253 -

(الدجال يخرج من أرض) يعني بلد (بالمشرق) أي بجهة المشرق (يقال لها خراسان) بلد كبير مشهور قال البسطامي: هو موضع الفتن ويكون خروجه إذا غلا السعر ونقص القطر قال ابن حجر: أما خروجه من قبل المشرق فجزم ثم جاء في هذه الرواية أنه يخرج من خراسان وفي أخرى أنه يخرج من أصبهان أخرجه مسلم وأما الذي يدعيه فإنه يخرج أولا فيدعي الإيمان والصلاح ثم يدعي النبوة ثم يدعي الإلهية كما أخرجه الطبراني فإن قلت ينافي خروجه من خراسان أو أصبهان ما أخرجه أبو نعيم من طريق كعب الأحبار أن الدجال تلده أمه بقوص من أرض مصر قلت كلا لاحتمال أن يولد فيها ثم يرحل إلى المشرق وينشأ فيه ثم يخرج (يتبعه أقوام) من الأتراك واليهود كذا ذكره البسطامي (كأن وجوههم المجان) واحدها مجن وهو الترس سمي به لأنه يستر المستجن به أي يغطيه (المطرقة) بضم الميم وتشديد الراء المفتوحة أي الأتراس التي ألبست العقب شيئا فوق شيء ذكره الزمخشري شبه وجوه أتباعه بالمجان في غلظها وعرضها وفظاظتها <تنبيه> قال البسطامي في كتاب الجفر الأكبر: قال أبو بكر الصديق يخرج الدجال فيما بين العراق وخراسان ويخرج معه أصحاب العقد ويتبعه خمسة عشر ألفا من نسائهم ويخرج من أصبهان وحدها سبعون ألف طيلسان كلهم يهود ويمر الدجال بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ومعه جنة ونار فناره جنة وجنته نار فجنته خضراء وناره دخان ومعه جبل من خبز وهو جبل البصرة الذي يقال له سنام ومعه منهل من ماء فمن آمن به أطعمه وسقاه وإلا قتله وقال أنا ربكم

(ت ك) كلاهما في الفتن (عن أبي بكر الصديق) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال: حسن غريب ورواه ابن ماجه أيضا

ص: 539

4254 -

(الدجال تلده أمه وهي منبوذة في قبرها فإذا ولدته حملت النساء بالخطائين) وفي رواية لأبي نعيم والديلمي الدجال تلده أمه وهي مقبورة في قبرها قال الديلمي: وذلك أن أمه حملت به فوضعت جلدة مصمتة فقالت القوابل: هذه سلعة فقالت: بل مقبور فيها ولد كان ينقر في بطني فثقبوها فاستهل صارخا <تنبيه> قال عياض: في هذه الأحاديث حجة لأهل

⦗ص: 540⦘

السنة في صحة وجود الدجال وأنه رجل معين يبتلي الله به عباده ويقدره على أشياء كإحياء الميت الذي يقتله وظهور الخصب والأنهار والجنة والنار وإيناع كنوز الأرض له وأمره السماء فتمطر والأرض فتنبت وغير ذلك ثم يبطل أمره ويقتله عيسى وقد خالف فيه بعض الخوارج والمعتزلة والجهمية فأنكروا وجوده ورد الأحاديث الصحيحة

(طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه عثمان بن عبد الرحمن الجهمي. قال البخاري مجهول اه. وفي الميزان: قال أبو حاتم: لا يحتج به وقال ابن عدي: منكر الحديث ثم ساق في ترجمته أحاديث منكرة أولها هذا

ص: 539

4255 -

(الدعاء هو العبادة) قال الطيبي: أتى بضمير الفصل والخبر المعرف باللام ليدل على الحصر وأن العبادة ليست غير الدعاء وقال غيره: المعنى من هو أعظم العبادة فهو كخبر الحج عرفة أي ركنه الأكبر وذلك لدلالته على أن فاعله يقبل بوجهه إلى الله معرضا عما سواه ولأنه مأمور به وفعل المأمور به عبادة وسماه عبادة ليخضع الداعي ويظهر ذلته ومسكنته وافتقاره إذ العبادة ذل وخضوع ومسكنة قال الحكيم: كانت الأمم الماضية ترفع حوائجها إلى الأنبياء فيرفعونها إلى الله فلما جاءت هذه الأمة أذن لهم في دعائه لكرامتها عليه

(حم ش خد 4 حب ك) كلهم (عن النعمان بن بشير) قال الترمذي: حسن صحيح وقال الحاكم: صحيح (ع عن البراء) قال النووي: أسانيده صحيحة

ص: 540

4256 -

(الدعاء مخ العبادة) أي خالصها لأن الداعي إنما يدعو الله عند انقطاع أمله مما سواه وذلك حقيقة التوحيد والإخلاص ولا عبادة فوقها فكان مخها بهذا الاعتبار وأيضا لما فيه من إظهار الافتقار والتبرىء من الحول والقوة وهو سمت العبودية واستشعار ذلة البشرية ومتضمن للثناء على الله وإضافة الكرم والجود إليه وبقية الحديث ثم قرأ {وقال ربكم أدعوني أستجب لكم} قال القاضي: إنما حكم بأن الدعاء هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة من حيث إنه يدل على أن فاعله مقبل بوجهه إلى الله معرض عما سواه لا يرجو ولا يخاف إلا منه استدل عليه بالآية فغنها تدل على أنه أمر مأمور به إذا أتى به المكلف قبل منه لا محالة وترتب عليه المقصود ترتب الجزاء على الشرط والمسبب على السبب وما كان كذلك كان أتم العبادة وأكملها اه قال الراغب: والعبودية إظهار التذلل والعبادة أبلغ منها لأنها غاية التذلل ولا يستحقها إلا من له غاية الأفعال. قال الطيبي: ويمكن حمل العبادة على المعنى اللغوي أي الدعاء ليس إلا إظهار غاية التذلل والافتقار والاستكانة قال تعالى {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد} الجملتان واردتان على الحصر وما شرعت العبادة إلا للخضوع للبارئ والافتقار إليه

(ت) في الدعوات (عن أنس) وقال: غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة

ص: 540

4257 -

(الدعاء مفتاح الرحمة والوضوء مفتاح الصلاة والصلاة مفتاح الجنة) أي مبيحة لدخولها لأن أبوابها مغلقة ولا يفتحها إلا الطاعة والصلاة أعظمها

(فر عن ابن عباس) بإسناد ضعيف

ص: 540

4258 -

(الدعاء سلاح المؤمن) يعني أنه يدافع البلاء ويعالجه كما يدافع عدوه بالسلاح وللدعاء مع البلاء ثلاث مقامات أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه أو يكون أضعف منه فيقوى عليه البلاء فيصاب به العبد لكنه قد يخففه أو يتقاومان فيمنع كل منهما صاحبه فبين المصطفى صلى الله عليه وسلم بتنزيله الدعاء منزلة السلاح أن السلاح بضارب به لا بحده فقط فمتى كان السلاح تاما لا آفة به والساعد قوي والمانع مفقود حصلت به النكاية في العدو ومتى تخلف واحد من الثلاثة تخلف التأثير فإذا كان الدعاء في نفسه غير صالح والداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه أو كان ثمة مانع من الإجابة لم يحصل التأثير (وعماد

⦗ص: 541⦘

الدين ونور السماوات والأرض) أصل الحديث إلا أدلكم على ما ينجيكم من عدوكم ويدر لكم أرزاقكم تدعون لله في ليلكم ونهاركم فإن الدعاء سلاح المؤمن إلى آخر ما ذكره وفيه رد لقول بعض الصوفية إن الدعاء قدح في التوكل ولقول البعض المدعو به إن كان قدر فهو واقع لا محالة دعى أو لا وإلا لم يقع وإن دعى ووجه الدفع أن المقدر قدر بأسباب منها الدعاء فلم يقدر مجردا عن سببه بل بسببه فإن وجد السبب وقع وإلا فلا

(ع ك) في الدعاء (عن علي) ابن أبي طالب وصححه وأقره الذهبي في التلخيص لكنه عزاه له في الميزان وقال: إن فيه انقطاعا وقال الهيثمي في طريق أبو يعلى محمد بن الحسن بن أبي يزيد وهو متروك

ص: 540

4259 -

(الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة) قال ابن القيم: هذا مشروط بما إذا كان للداعي نفس فعالة وهمة مؤثرة فيكون حينئذ من أقوى الأسباب في دفع النوازل والمكاره وحصول المآرب والمطالب لكن قد يتخلف أثره عنه إما لضعف في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه الله لما فيه من العدوان وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء فيكون كالقوس الرخو فإن السهم يخرج منه بضعف وإما لحصول مانع من الإجابة كأكل حرام وظلم ورين ذنوب واستيلاء غفلة وسهو ولهو فيبطل قوته أو يضعفها

(حم د ت حب عن أنس) حسنه الترمذي وضعفه ابن عدي وابن القطان ومغلطاي لكن قال الحافظ العراقي: رواه النسائي في اليوم والليلة بإسناد آخر جيد وابن حبان والحاكم وصححه

ص: 541

4260 -

(الدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب فادعوا) بعد أن تجمعوا شروط الدعاء التي منها حضور القلب وجمعه بكليته على المطلوب والخشوع والانكسار والتذلل والخضوع والاستقبال وغيرها وتقديم التوبة والاستغفار والخروج من المظالم والطهارة وغير ذلك وكثيرا ما يقع أن يرى إنسان إنسانا يدعو في وقت فيجاب فيظن أن السر في ذلك الوقت وفي اللفظ فيأخذه مجردا عن تلك الأمور التي قارنته من الداعي وهو كما لو استعمل الرجل دواء نافعا في وقت وحال واستعداد فنفعه فظن غيره أن استعماله بمجرده كاف فغلط

(ع هـ عن أنس) قال الهيثمي: فيه يزيد الرقاشي مختلف في الاحتجاج به

ص: 541

4261 -

(الدعاء مستجاب ما بين النداء) يعني ما بين النداء بالصلاة والأذان (والإقامة) كما بينته الرواية السابقة ويجيء فيه ما تقرر وقد ورد في أحاديث أخرى أن الدعاء يستجاب في مواطن أخرى منها في ليلتي العيد وليلة القدر وليلة النصف من شعبان وأول ليلة من رجب وعند نزول المطر والتقاء الصفين في الجهاد وفي جوف الليل الآخر وعند فطر الصائم ورؤية الكعبة وأوقات الاضطرار وحال السفر والمرض وعند المحتضر وصياح الديك وختم القرآن وفي مجالس الذكر ومجامع المسلمين وفي السجود ودبر المكتوبة وعند الزوال إلى مقدار أربع ركعات وبين صلاة الظهر والعصر من يوم الأربعاء وعند القشعريرة وفي الطواف وعند الملتزم وتحت الميزاب وفي الكعبة وعند زمزم وعلى الصفا والمروة وفي عرفة والمسعى وخلف المقام والمزدلفة ومنى والجمرات وغير ذلك

(ك عن أنس) بن مالك

ص: 541

4262 -

(الدعاء يرد القضاء) يعني يهونه وييسر الأمر فيه ويرزق بسببه الداعي بالقضاء حتى يعده نعمة ذكره القاضي وأصله قول التوربشتي القضاء الأمر المقدر وفي تأويله وجهان: الأول: أن يراد بالقضاء ما يخافه العبد من نزول

⦗ص: 542⦘

المكروه فإذا وفق للدعاء دفع الله عنه فيكون تسميته بالقضاء مجازا ويوضحه المصطفى صلى الله عليه وسلم في الرقية هي من قدر الله فقد أمر الله بالدعاء والتداوي مع علم الخلق بأن المقدور كائن الثاني: أن يراد به الحقيقة فيكون معنى رد الدعاء القضاء تهوينه حتى يكون القضاء النازل كأنه لم ينزل (وإن البر) بالكسر (يزيد في الرزق) أي في قدره أو في حصول البركة فيه (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) تمامه عند العسكري والضياء المقدسي وغيرهما ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين} <تنبيه> قال الغزالي: قيل لإبراهيم بن أدهم: ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا وقد قال الله تعالى {ادعوني أستجب لكم} قال: لأن قلوبكم ميتة قيل: وما الذي أماتها قال: ثمان خصال عرفتم حق الله فلم تقوموا به وقرأتم القرآن فلم تعملوا بحدوده وقلتم نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركتم سنته وقلتم نخشى الموت فلم تستعدوا له وقد قال تعالى {إن الشيطان لكم عدو} فواطأتموه على المعاصي وقلتم نخاف النار فأرهقتم أبدانكم فيها وقلتم نحب الجنة ولم تعملوا لها وإذا قمتم من فرشكم رميتم بعيوبكم وراء ظهوركم وقدمتم عيوب الناس أمامكم فأسخطتم ربكم فكيف يستجيب لكم

(ك) في المناقب عن علي بن قرين عن سعيد بن راشد عن الخليل بن مرة عن الأعرج عن مجاهد (عن ثوبان) قال الذهبي: قال ابن قرين كذاب وسعيد واه وشيخه ضعفه ابن معين اه فكان يجب حذفه من الكتاب

ص: 541

4263 -

(الدعاء جند من أجناد الله مجند يرد القضاء بعد أن يبرم) أي يحكم بأن يسهله من حيث تضمنه للصبر على القضاء والرضى به والرجوع إلى الله فكأنه رده قال الغزالي: من القضاء رد البلاء بالدعاء فالدعاء سبب لرد البلاء ووجود الرحمة كما أن الترس سبب لدفع السلاح والماء سبب لخروج النبات وليس شرط الاعتراف بالقضاء ألا يحمل السلاح قال الله تعالى {وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم}

(حكاية) قال التوربشتي: رأى العارف الكيلاني في اللوح المحفوظ أن تلميذا له لا بد أن يزني بسبعين امرأة فقال: يا رب اجعلها في النوم فكان كذلك

(ابن عساكر) في التاريخ (عن نمير) تصغير نمر (ابن أوس) الأشعري قاضي دمشق تابعي ثقة قال في التقريب: وهم من عده في الصحابة (مرسلا) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مسندا لأحد وإلا لما عدل لرواية إرساله وهو ذهول فقد رواه أبو الشيخ [ابن حبان] ثم الديلمي من حديث أبي موسى الأشعري

ص: 542

4264 -

(الدعاء ينفع مما نزل) من المصائب والمكاره أي يسهل تحمل ما نزل من البلاء فيصبره أو يرضيه حتى أنه لا يكون متمنيا خلافه (ومما لم ينزل) منها بأن يصرف ذلك عنه أو يمده قبل النزول بتأييد إلهي من عنده حتى لا يعبأ به إذا نزل (فعليكم عباد الله) بحذف حرف النداء (بالدعاء) قال الطيبي: الفاء جزاء شرط محذوف يعني إذا رزق بالدعاء الصبر والتحمل بالقضاء النازل ويرد به القضاء غير النازل فالزموا عباد الله الدعاء وحافظوا عليه وخص عباد الله بالذكر تحريضا على الدعاء وإشارة إلى أن الدعاء هو العبادة فالزموا واجتهدوا وألحوا فيه وداوموا عليه لأن به يحاز الثواب ويحصل ما هو الصواب وكفى به شرفا أن تدعوه فيجيبك ويختار لك ما هو الأصلح في العاجل والآجل وخص عباد الله بالذكر زيادة في الحث وإيماء إلى أن الدعاء هو العبادة

(ك) في الدعاء ومن حديث عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي عن موسى عن عقبة عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب وصححه وتعقبه الذهبي بأن عبد الرحمن واه اه وقال ابن حجر: سنده لين ومع ذلك صححه الحاكم

ص: 542

⦗ص: 543⦘

4265 - (الدعاء يرد البلاء) إذ لولا إرادة الله تعالى رد ذلك البلاء المدعو برفعه لما فتح له باب الدعاء قال الله تعالى {إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم} <فائدة> في تذكر المقريزي بسنده عن السهيلي أنه أنشد أبياتا وقال: إنه ما سأل الله سبحانه بها أحد إلا أعطاه إياها وهي هذه الأبيات:

يا من يرى ما في الضمير ويسمع. . . أنت المعد لكل ما يتوقع

يا من يرجى للشدائد كلها. . . يا من إليه المشتكى والمفزع

يا من خزائن رزقه في قول كن. . . امنن فإن الخير عندك أجمع

ما لي سوى فقري إليك وسيلة. . . فبالافتقار إليك فقري أدفع

ما لي سوى قرعي لبابك حيلة. . . فلئن رددت فأي باب أقرع

ومن الذي أدعو وأهتف باسمه. . . إن كان فضلك عن فقيرك يمنع

حاشا لمجدك أن تقنط عاصيا. . . الفضل أجزل والمواهب أوسع

(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (الثواب) وكذا الديلمي (عن أبي هريرة) وفي الباب عن غيره أيضا

ص: 543

4266 -

(الدعاء محجوب عن الله حتى يصلي على محمد وأهل بيته) جرد من نفسه إنسانا فخاطبه وهو هو والمعنى لا يرفع الدعاء إلى الله حتى يستصحبه الصلاة معه بمعنى أن الصلاة عليه هي الوسيلة إلى الإجابة قال الحليمي: وإنما شرعت الصلاة عليه في الدعاء لأنه علمنا الدعاء بأركانه فبقي بعض حقه اعتدادا بالنعمة

(أبو الشيخ [ابن حبان] ) في الثواب (عن علي) أمير المؤمنين ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن البيهقي خرجه في الشعب بالفظ المزبور عن علي مرفوعا وموقوفا بل رواه الترمذي عن ابن عمر بلفظ إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض ولا يصعد منه شيء حتى يصلى على محمد إلخ

ص: 543

4267 -

(الدم مقدار الدرهم يغسل) وجوبا (وتعاد منه الصلاة)(1) وهذا الحديث فيه حجة على أبي حنيفة في قوله الاستنجاء مستحب لا واجب وهو إحدى الروايتين عن مالك

(خط) في ترجمة صالح الترمذي عن جعفر بن محمد الشرطي عن أحمد بن جعفر الخلال عن صالح بن محمد الترمذي عن القاسم بن عباد الترمذي عن أبي عامر عن نوح بن أبي مريم عن يزيد الهاشمي عن الزهري عن أبي سلمة (عن أبي هريرة) وصالح أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن حبان: لا يحل كتب حديثه ونوح بن أبي مريم قال أعني الذهبي: تركوه وقال الحاكم: وضع نوح هذا الحديث في فضائل القرآن وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال: نوح كذاب وأقره عليه المؤلف في مختصر الموضوعات

(1) أي إذا صلى وعلى بدنه أو ملبوسه قدر درهم منه وجب قضاء الصلاة وهذا في دم الأجنبي فإنه يعفى عن قليله فقط وهو ما دون الدرهم وبهذا أخذ بعض المجتهدين وأناط الشافعية القلة والكثرة بالعرف

ص: 543

4268 -

(الدنانير والدراهم خواتيم الله في أرضه من جاء بخاتم مولاه قضيت حاجته) يعني أن الدنانير والدراهم إحدى المسخرات لبني آدم قال الله تعالى {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض} فإذا وصل إليك منافع المسخرة جاءت المنفعة فمن طلب المسخرة لإقامة خدمة الله فليس بآثم بل غانم ومن آخذها لنيل شهوة وبلوغ لذة ونهمة فقد ضيع

⦗ص: 544⦘

الخدمة وباء بالمذمة وبذلك تبين أنه لا تدافع بين هذا وبين الحديث المار إن هذا الدينار والدرهم قد أهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم فمن سلك السبيل الأول فليسا مهلكيه ومن سلك الثاني أهلكاه <تنبيه> قال الغزالي: من نعم الله خلق الدراهم والدنانير وبهما قوام الدنيا وهما حجران لا نفع عينهما لكن يضطر الخلق إليهما لأن كل إنسان يحتاج إلى مطعم وملبس وسائر حوائجه وقد يعجز عما يحتاج ويملك ما يستغني عنه فاحتيج إليهما في المعاوضات ومعرفة قيم الأشياء فخلقهما الله حاكمين متوسطين بين سائر الأموال لتقدير الأموال بهما فخلق كالحكم العدل وليتوسل بهما إلى جميع الأشياء لأنهما عزيزان في أنفسهما ولا غرض في عينهما ونسبتهما إلى سائر الأموال واحدة فمن ملكها فكأنه ملك كل شيء لا كمن يملك نحو ثوب فإنه لا يملك إلا ثوبا فلو احتاج لنحو طعام لم يرض صاحبه بالثوب فاحتيج لشيء هو في صورته كأنه ليس بشيء وهو في معناه كأنه كل الأشياء وكما أن المرآة لا لون لها وتحكي كل لون فالنقد لا غرض فيه وهو وسيلة لكل غرض كالحرف لا معنى له في نفسه وتظهر به المعاني في غيره

(طس) من حديث ابن عيينة وابن أبي فديك عن محمد بن عمرو عن ابن أبي لبينة عن أبيه (عن أبي هريرة) وقال: لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد قال الهيثمي: وفيه أحمد بن محمد بن مالك بن أنس وهو ضعيف وقال الذهبي: حديث ضعيف

ص: 543

4269 -

(الدنيا) قيل سميت الدنيا دنيا لدنوها ودناءتها (حرام على أهل الآخرة) أي ممنوعة عنهم (والآخرة حرام على أهل الدنيا) لأن المتقنع في معاش الدنيا يمكنه التوسع في عمل الآخرة والمتوسع في متاع الدنيا لا يمكنه التوسع في عمل الآخرة لما بينهما من التضاد فهما ضرتان قال الشافعي: من ادعى أنه جمع بين حب الدنيا وحب خالقها في قلبه فقد كذب. وقال الراغب: كما أن من المحال أن يظفر سالك طريق المشرق بما لا يوجد إلا في المغرب وعكسه فكذا من المحال أن يظفر سالك طريق معارف الدنيا بمعارف طريق الآخرة ولا يكاد الجمع بين معرفة طريق الآخرة على التحقيق والتصديق إلا من رشحه الله لتعذيب الناس في أمر معاشهم ومعادهم جميعا كالأنبياء وبعض الحكماء (والدنيا والآخرة حرام على أهل الله) لأن جنات عامة المؤمنين جنات المكاسب وجنة كمل العارفين جنات المواهب فأهل الموهبة اتقوا الله حق تقاته لا خوفا من ناره ولا طمعا في جنته فصارت جنتهم النظر إلى وجهه الأقدس ونارهم الحجاب عن جماله الأنفس فحجابهم عن رؤيته هو العذاب الأليم وعدم الحجاب هو جنات النعيم ومن ثمة قال البسطامي: إن في الجنة رجالا لو حجب الله عنهم طرفة عين لاستغاثوا من الجنة كما يستغيث أهل النار من النار فقد استبان بذلك أن الدنيا والآخرة حرام عليهم معا وقال النصر أبادي: إذا بدا لك شيء من بوادي الحق فلا تلتفت معها إلى جنة ولا إلى نار فإذا رجعت من تلك الحال فعظم ما عظم الله

(فر عن ابن عباس) وفيه جبلة بن سليمان أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن معين ليس بثقة

ص: 544

4270 -

(الدنيا حلوة) أي مشتهاة مونقة تعجب الناظرين فمن استكثر منها أهلكته كالبهيمة إذا أكثرت من رعي الزرع الأخضر أهلكها ففي تشبيه الدنيا بالخضرة التي ترعاها الأنعام إشارة إلى أن المستكثر منها كالبهائم فغلى العاقل القنع بما تدعو الحاجة منها وتجنب الإفراط والتفريط في تناولها فإنه مهلك وهذا الحديث رواه مسلم بزيادة ولفظه الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء اه بنصه والاستخلاف إقامة الغير مقام النفس أي جعل الله الدنيا مزينة لكم وابتلاء لكم فينظر هل تتصرفون فيها بغير ما يرضاه؟ وقوله فاتقوا أي احذروا من الاغترار بما فيها فإنه في وشيك الزوال واحذروا النساء

⦗ص: 545⦘

وقبول قولهن فإنهن ناقصات عقل وقوله أول فتنة بني إسرائيل هي أن رجلا اسمه عائيل طلب من ابن أخيه أو ابن عمه أن يزوجه بنته فأبى فقتله لينكحها وقيل لينكح زوجته وهو الذي نزلت فيه آية البقرة <تنبيه> هل الدنيا ما على الأرض إلى قيام الساعة أو كل موجود قبل الحشر أو ما أدرك حسا والآخرة ما أدرك عقلا أو ما فيه شهوة للنفس؟ رجح النووي الثاني وبعض المحققين ما قبل الآخر

(طب عن ميمونة) بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين ماتت بعد الخمسين وعزاه المصنف نفسه في الأحاديث المتواترة إلى الشيخين معا ولفظهما الدنيا خضرة حلوة وذكر أنه متواتر

ص: 544

4271 -

(الدنيا حلوة رطبة) في وصفها بالخضرة وتشبيهها بالخضروات مع ما مر إشارة إلى سرعة زوالها وفنائها وأنها غرارة تفتن الناس بحسنها وطرواتها ونضارتها قال بعض العارفين: من جرعته الدنيا حلاوتها جرعته الآخرة مرارتها بتجافيه عنها

(فر عن سعد) بن أبي وقاص وفيه مصعب بن سعيد أورده الذهبي في الضعفاء وقال: خرجه ابن عدي ورواه عنه الحاكم أيضا ومن طريقه وعنه أورده الديلمي مصرحا فلو عزاه إليه لكان أولى

ص: 545

4272 -

(الدنيا حلوة خضرة) إنباء عن طيب المذاق والمخبر وحسن المرأى والمنظر (فمن أخذها بحقه بورك له فيها) أي انتفع بما يأخذه في الدنيا بالتنمية وفي الآخرة بأجر النفقة (ورب متخوض) أي مسارع ومنهمك (فيما اشتهت نفسه) منها (ليس له يوم القيامة إلا النار) يريد أن للدنيا ظاهرا وباطنا فظاهرها ما يعرفه الجهال من التمتع بزخارفها والتنعم بملاذها وإليه أشار قوله سبحانه {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا} وحقيقتها أنها مجاز إلى الآخرة يتزود منها إليها بالطاعة والعمل الصالح ولهذا قال لقمان لابنه: خذ من الدنيا بلاغك وأنفق فضول كسبك لآخرتك ولا ترفض كل الرفض فتكون عيالا وعلى أعناق الرجال كلا

(طب عن ابن عمرو) بن العاص قال المنذري: رواته ثقات وقال الهيثمي: رجاله ثقات

ص: 545

4273 -

(الدنيا حلوة خضرة) أي روضة خضراء أو شجرة ناعمة غضة مستحلاة الطعم (من اكتسب فيها مالا من حله وأنفقه في حقه أثابه الله عليه) في الآخرة (وأورده جنته) أي أد \ خله إياها (ومن اكتسب فيها مالا من غير حله وأنفقه في غير حقه أحله الله دار الهوان ورب متخوض في مال الله ورسوله له النار يوم القيامة) فالدنيا لا تذم لذاتها فإنها مزرعة الآخرة فمن أخذ منها مراعيا للقوانين الشرعية أعانته على آخرته ومن ثمة قيل: لا تركن إلى الدنيا فإنها لا تبقي على أحد ولا تتركها فإن الآخرة لا تنال إلا بها

(هب عن ابن عمر) بن الخطاب

ص: 545

4274 -

(الدنيا دار من لا دار له) قال الطيبي: لما كان القصد الأول من الدار الإقامة مع عيش هنيء أبدي والدنيا بخلافه لم تستحق أن تسمى دارا فمن داره الدنيا فلا دار له {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون} قال عيسى: من ذا الذي يبني على الموج دارا تلكم الدار فلا تتخذوها قرارا (ومال من لا مال له) لأن القصد من المال الإنفاق

⦗ص: 546⦘

في وجوه القرب فمن أتلفه في شهواته واستيفاء لذاته فحقيق بأن يقال لا مال له {وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} ولذلك قدم الظرف على عامله في قوله (ولها يجمع من لا عقل له) لغفلته عما يهمه في الآخرة ويراد منه في الدنيا والعاقل إنما يجمع للدار الآخرة {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} قال الحكيم: لا بد لبناء هذا الوجود أن تنهدم دعائمه وأن تسلب كرائمه فالعاقل من كان بما هو أبقى أفرح منه بما هو أفنى وأنشد ابن أبي الدنيا:

يا فرقة الأحباب لا بد لي منك. . . ويا دار دنيا إنني راحل عنك

ويا قصر الأيام ما لي وللمنى. . . ويا سكرات الموت ما لي وللضحك

وما لي لا أبكي لنفسي بعبرة. . . إذا كنت لا أبكي لنفسي فمن يبكي

ألا أي حي ليس بالموت موقنا. . . وأي يقين منه أشبه بالشك

(حم هب عن عائشة هب عن ابن مسعود موقوفا) قال المنذري والحافظ العراقي: إسناده جيد وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح غير دويل وهو ثقة

ص: 545

4275 -

(الدنيا) أي الحياة الدنيا (سجن المؤمن) بالنسبة لما أعد له في الآخرة من النعيم المقيم (وجنة الكافر) بالنسبة لما أمامه من عذاب الجحيم وعما قريب يحصل في السجن المستدام نسأل الله السلام يوم القيامة وقيل المؤمن صرف نفسه عن لذاتها فكأنه في السجن لمنع الملاذ عنه والكافر سرحها في الشهوات فهي له كالجنة قال السهروردي: والسجن والخروج منه يتعاقبان على قلب المؤمن عاى توالي الساعات ومرور الأوقات لأن النفس كلما ظهرت صفاتها أظلم الوقت على القلب حتى ضاق وانكمد وهل السجن إلا تضييق وحجر من الخروج؟ فكلما هم القلب بالتبري عن مشائم الأهواء الدنيوية والتخلص عن قيود الشهوات العاجلة تشهيا إلى الآجلة وتنزها في فضاء الملكوت ومشاهدة للجمال الأزلي حجزه الشيطان المردود من هذا الباب المطرود بالاحتجاب فتدلى بحبل النفس الأمارة إليه فكدر صفو العيش عليه وحال بينه وبين محبوب طبعه وهذا من أعظم السجون وأضيقها فإن من حيل بينه وبين محبوبه ضاقت عليه الأرض بما رحبت وضاقت عليه نفسه (تتمة) ذكروا أن الحافظ ابن حجر لما كان قاضي القضاة مر يوما بالسوق في موكب عظيم وهيئة جميلة فهجم عليه يهودي يبيع الزيت الحار وأثوابه ملطخة بالزيت وهو في غاية الرثاثة والشناعة فقبض على لجام بغلته وقال: يا شيخ الإسلام تزعم أن نبيكم قال الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فأي سجن أنت فيه وأي جنة أنا فيها فقال: أنا بالنسبة لما أعد الله لي في الآخرة من النعيم كأني الآن في السجن وأنت بالنسبة لما أعد لك في الآخرة من العذاب الأليم كأنك في جنة فأسلم اليهودي

(حم م) في الرقائق (ت هـ) في الزهد (عن أبي هريرة طب ك عن سلمان) ورواه عنه العسكري في الأمثال بأبسط من هذا وزاد بيان السبب فأخرج عن عامر بن عطية قال: رأيت سلمان أكره على طعام فقال: حسبي أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أطول الناس جوعا يوم القيامة أكثرهم شبعا في الدنيا يا سلمان إنما الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر (البزار عن ابن عمر) بن الخطاب زاد ابن المبارك في رواية عن ابن عمر وإنما مثل المؤمن حين تخرج نفسه كمثل رجل كان في سجن فأخرج منه فجعل يتقلب في الأرض ويتفسح فيها

ص: 546

4276 -

(الدنيا سجن المؤمن) لأنه ممنوع من شهواتها المحرمة فكأنه في سجن والكافر عكسه فكأنه في جنة (وسنته)

⦗ص: 547⦘

بفتح أوله (فإذا فارق الدنيا) بالموت (فارق السجن والسنة) بفتح السين المهملة القحط والجدب هكذا ضبطه الزركشي في اللآلئ وتبعه المؤلف في شرح الصدور قال بعض العارفين: الدنيا سجن للمؤمن إن شعر به وضيق فيه على نفسه طلبت السراج منه إلى الآخرة فليسعد ومن لم يشعر بأنها سجن فوسع فيها على نفسه طلبت البقاء فيها وليست بباقية فيشقى. ولما مات داود الطائي سمعت الهتفة تقول أطلق داود من السجن وقال بعض الصوفية: حق ملك الموت أن نحييه بالسلام فإنه سبب في خلاصنا من عالم الكون والفساد فحقه عظيم وشكره لازم وحكي أن قوما من الأوائل كانوا يعظمون زحلا بالتقديس ويقولون لا يعين على الحياة العرضية بل هو سبب إنقاذنا من الدنيا الدنية

(حم طب) حل (ك عن ابن عمرو) بن العاص ولم يصححه الحاكم بل سكت قال الهيثمي: ورجال أحمد رجال الصحيح غير عبد الله بن جنادة وهو ثقة

ص: 546

4277 -

(الدنيا) كلها كذا هو عند الديلمي وكأنه سقط من قلم المصنف سهوا (سبعة أيام من أيام الآخرة) تمامه عند مخرجه الديلمي وذلك قوله عز وجل {وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} وما أورده ابن جرير الطبري في مقدمة تاريخه عن ابن عباس من قوله الدنيا جمعة من جمع الآخرة كل يوم ألف سنة فغير ثابت وبتقدير صحته فالأخبار الثابتة في الصحيحين كما قال الحافظ ابن حجر تقتضي كون مدة هذه الأمة نحو الربع أو الخمس من اليوم لما ثبت في حديث ابن عمر إنما أجلكم فيمن مضى قبلكم كما بين صلاة العصر وغروب الشمس قال: فإذا ضم هذا إلى قول ابن عباس زاد على الألف زيادة كثيرة والحق أن ذلك لا يعلم حقيقته إلا الله تعالى اه. وقال العارف ابن عربي: قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن صاحت أمتي فلها يوم وإن فسدت فلها نصف يوم واليوم رباني فإن أيام الرب كل يوم ألف سنة مما يعد بخلاف أيام الله فإنها أكبر فكان من أيام الرب وصلاح الأمة بنظرها إليه عليه الصلاة والسلام وفسادها بإعراضه فوجدنا البسملة تتضمن ألف معنى لا يحصل إلا بعد انقضاء حول ولا بد من حصول هذه المعاني التي تضمنتها لأنه ما ظهر إلا ليعطي معناه فلا بد من كمال ألف سنة لهذه الأمة وهي في أول دورة الميزان ومدتها ستة آلاف سنة روحانية محققة

(فر) من حديث العلاء بن زيدك (عن أنس) قال الذهبي في الضعفاء: قال ابن المديني: العلاء بن زيدك يضع الحديث اه وفي الميزان: إنه تالف يضع وقال البخاري: إنه منكر الحديث وساق له مناكير هذا منها وقال ابن حبان: يروى عن أنس نسخة موضوعة. وقال السخاوي: إسناده غير ثابت

ص: 547

4278 -

(الدنيا سبعة آلاف سنة) أي عمرها ذلك بعدد النجوم السيارة لكل واحد ألف سنة قال الحرالي: الألف كمال العدد بكمال ثالث رتبة والسنة آخر تمام دورة الشمس وتمام اثنتي عشرة دورة القمر (أنا) وفي رواية وأنا بالواو (في آخرها ألفا) فإذا تمت السبعة فذلك وقت تقرض العالم وطي الدنيا وقد أكثر الناس الخوض في ذلك فأخذ البعض بما صرح به هذا الخبر المعلول وبالغ العارف البسطامي فادعى في كتابه مفتاح الجفر اتفاق وجوه الملل عليه فقال: اتفق أهل الملل الأربع المسلمون والنصارى والصابئة واليهود على أن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة وقال: قال علي كرم الله وجهه: الباقي إلى خراب الدنيا ألف سنة وفي التوراة كذلك وفي التوراة الدنيا جمعة من جمع الآخرة وهي سبعة آلاف سنة وإن الله يبعث في كل ألف سنة نبيا بمعجزات واضحة وبراهين قاطعة لرفع أعلام دينه القويم وظهور صراطه المستقيم فكان في الألف الأولى آدم وفي الثانية إدريس وفي الثالثة نوح وفي الرابعة إبراهيم وفي الخامسة موسى وفي السادسة عيسى وفي السابعة محمد التي ختمت به النبوة وتمت به الآلاف فالألف الأولى لزحل والثانية

⦗ص: 548⦘

للمشتري والثالثة للمريخ والرابعة للشمس والخامسة للزهرة والسادسة لعطارد والسابعة للقمر فالمتدلي على ألف آدم حرف الألف وعلى ألف إدريس حرف الباء وعلى ألف نوح حرف الجيم وعلى ألف إبراهيم حرف الدال وعلى ألف موسى حرف الهاء وعلى ألف عيسى حرف الواو وعلى ألف محمد حرف الزاي وذهب البعض إلى أن عمر الدنيا اثنا عشر ألف سنة بعدد البروج لكل برج ألف وقال البعض: ثلاث مئة وستون ألف سنة بعدد درجات الفلك وذكر الهند له حسابا طويلا جعلوا في آخره اجتماع الكواكب في آخر نقطة من الحوت فتعود كما كانت حين تحركت من أول نقطة من الحمل وما بقي من أيام العالم عندهم في هذا الحساب أكثر مما مضى وما ذكر إنما هو ظن والظن لا يغني من الحق شيئا ويتوجه على كل قول من الأقوال الثلاثة أن هذا الحكم وإن كان ملائما لوضع الأفلاك والكواكب فيجوز إذا مرت بعد الآلاف أن يحدث قطع كالإنسان الذي يمكن بقاؤه لكل طبيعة من الطبائع الأربع التي فيه مدة من المدد والألفية مرت به قسمة بعضها انقطع عمره فلم يبلغ قسمة ما بقي منها فكذا يجوز مثله على عمر العالم والكواكب مختلفة الأحوال مختلفة القوى متفاوتة الأجرام فما الدليل على أن الذي يصيب كل كوكب أو كل برج ألف لا أقل ولا أكثر؟ فيتعين تفويض مدته إلى الله كما جاء به القرآن قال مغلطاي: وهذا الحديث لا مسكة فيه فقد ذكر ابن الأثير في منال الطلب أن ألفاظه مصنوعة ملفقة وهو متداول بين رواة الحديث وأئمته وذكر بعض الحفاظ أنه موضوع ولما ذكره أبو الفرج في العلل وصف بعض رواته بالوضع وقال الذهبي: قد جاءت النصوص في فناء هذه الدار وأهلها ونسف الجبال وذلك تواتره قطعي لا محيد عنه ولا يعلم متى ذلك إلا الله فمن زعم أنه يعلمه بحساب أو بشيء من علم الحرف أو بكشف أو بنحو ذلك فهو ضال مضل

(طب والبيهقي في الدلائل) وكذا ابن لال والديلمي (عن الضحاك بن زمل) الجهني تبع المصنف في تسميته الضحاك الطبراني ووافق الطبراني أبو نعيم قال ابن الأثير: أراهما ذهبا غير مذهب ولعلهما حفظا اسم الضحاك بن زمل فظناه ذاك والضحاك من أتباع التابعين قال ابن المديني: أما ابن زمل هذا فلا أعلمه تسمى في شيء من الروايات قال مغلطاي: وذكر العسكري وابن منده وابن حبان اسمه عبد الله ولما ذكر ابن حبان زملا في الصحابة قال: يقال له صحبة غير أني لا أعتمد على إسناد خبره وقال في الروض الأنف: هذا الحديث وإن كان ضعيفا فقد روي موقوفا على ابن عباس من طرق صحاح وتعضده آثار اه. وقال ابن حجر: هذا الحديث إنما هو عن ابن زمل وسنده ضعيف جدا وأخرجه ابن السبكي في الصحابة وقال: إسناده مجهول وقال ابن الأثير: ألفاظه مصنوعة وأورده ابن الجوزي في الموضوعات

ص: 547

4279 -

(الدنيا كلها متاع) هي مع دناءتها إلى فناء وإنما خلق ما فيها لأن يستمتع به مع حقارته أمدا قليلا ثم ينقضي والمتاع ما ليس له بقاء قال في الكشاف: شبه الدنيا بالمتاع الذي يدلس به على المستام ويغر حتى يشتريه ثم يتبين له فساده ورداءته وقال الحرالي: وعبر بلفظ المتاع إفهاما لخستها لكونه من أسماء الجيفة التي إنما هي مثال المضطر على شعوره برفضه عن قرب من مرتجي الفناء عنها وأصل المتاع انتفاع ممتد من قولهم ماتع أي مرتفع طويل قال في الكشاف: هو من متع النهار إذا طال ولهذا يستعمل في امتداد مشارق الأرض للزوال ومنه متاع المسافر والتمتع بالنساء ولهذا غلب استعماله في معرض التحقير سيما في القرآن (وخير متاعها المرأة الصالحة) قال الطيبي: المتاع من التمتع بالشيء وهو الانتفاع به وكل ما ينتفع به من عروض الدنيا متاع والظاهر أن المصطفى صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن الاستمتاعات الدنيوية كلها حقيرة ولا يؤبه بها وذلك أنه تعالى لما ذكر أصنافها وملاذها في آية {زين للناس حب الشهوات} أتبعه بقوله {ذلك متاع الحياة الدنيا} ثم قال بعده {والله عنده حسن المآب} اه قال الحرالي: فيه ايماء إلى أنها أطيب حلال في الدنيا أي لأنه سبحانه زين الدنيا بسبعة أشياء ذكرها بقوله {زين للناس} الآية وتلك السبعة هي ملاذها وغاية آمال طلابها وأعمها زينة وأعظمها شهوة النساء لأنها تحفظ زوجها عن الحرام وتعينه على القيام بالأمور الدنيوية والدينية وكل لذة أعانت على لذات الآخرة فهي محبوبة مرضية لله فصاحبها

⦗ص: 549⦘

يلتذ بها من جهة تنعمه وقرة عينه بها ومن وجهة إيصالها له إلى مرضاة ربه وإيصاله إلى لذة أكمل منها قال الطيبي: وقيد بالصالحة إيذانا بأنها شر المتاع لو لم تكن صالحة وقال الأكمل: المراد بالصالحة النقية المصلحة لحال زوجها في بيته المطيعة لأمره

(حم م ن) في النكاح (عن ابن عمرو) بن العاص ولم يخرجه البخاري

ص: 548

4280 -

(الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان منها لله عز وجل يمكن أن يكون المراد بلعنها ملاذ شهواتها وجمع حطامها وما زين من حب النساء والبنين وقناطير الذهب والفضة وحب البقاء بها فيكون قوله ملعونة متروكة مبعدة متروك ما فيها واللعن للترك وقد يراد أنها متروكة للأنبياء والأصفياء كما في خبر لهم الدنيا ولنا الآخرة

(حل والضياء) المقدسي (عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه

ص: 549

4281 -

(الدنيا ملعونة) لأنها غرت النفوس بزهرتها ولذاتها وإمالتها عن العبودية إلى الهوى حتى سلكت غير طريق الهدى (ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه) أي ما يحبه الله في الدنيا والموالاة المحبة بين اثنين وقد تكون من واحد وهو المراد هنا: يعني ملعون ما في الدنيا إلا ذكر الله وما أحبه الله مما يجري في الدنيا وما سواه ملعون وقال الأشرفي: المراد بما يوالي ذكر الله طاعته واتباع أمره وتجنب نهيه لأن ذكر الله يقتضي ذلك (وعالما أو متعلما) أي هي وما فيها مبعد عن الله تعالى إلا العلم النافع الدال على الله فهذا هو المقصود ومنها قوله عالما أو متعلما بالنصب عطفا على ذكر الله لأنه مستثنى من موجب وروي بالرفع أيضا قال الطيبي: والنصب ظاهر والرفع على التأويل كأنه قيل الدنيا مذمومة لا يحمد مما فيها إلا ذكر الله وعالم ومتعلم وكان حق الظاهر أن يكتفي بقوله وما والاه لاحتوائه على جميع الخيرات والفاضلات ومستحسنات الشرع لكنه خصص بعد التعميم دلالة على فضل العالم والمتعلم وتفخيما لشأنهما صريحا وايذانا بأن جميع الناس سواهما همج وتنبيها على أن المعنى بالعالم والمتعلم العلماء بالله الجامعون بين العلم والعمل فيخرج الجهلاء وعلم لم يعمل بعلمه ومن يعمل عمل الفضول وما لا يتعلق بالدين وفيه أن ذكر الله أفضل الأعمال ورأس كل عبادة والحديث من كنوز الحكم وجوامع الكلم لدلالته بالمنطوق على جميع الخلال الحميدة وبالمفهوم على رذائلها القبيحة <تنبيه> قال ابن عطاء الله: تحقيرك للدنيا وأنت مقبل عليها زور وبهتان وتعظميك لله مع وجود إعراضك عنه من أمارات الخذلان كيف ترجو أن يكون لك قدر عنده وقد استعبدك ما ليس له قدر عنده لو اشتغلت بالباقيات عنه ما كان ذلك عذر لك عنده هذا إن اشتغلت بباق يبقى فكيف إذا اشتغلت بفان يفنى. <تنبيه> قال الحكيم: الدنيا هي هذه الدار التي دورت أرضها تدويرا بجبل قاف وأحيط عليها بالجبل وتلك دار أخرى وهي الآخرة وهذه أولى وسميت دنيا لأنها أدنيت إليك والآخرة تعقبها فسميت عاقبة والعاقبة للمتقين وفي هذه الدار زينة وحياة فزينة هذه أصلها من تلك لكن نبتت ونشأت من أرض هي ذهبها وفضتها وجواهرها وأصل الشهوة من الفرج وأصل اللذة من الذهن وأصل القالب من التراب والحياة مسكنها في الروح والروح مسكنه في الدماغ وهو منبث في جميع الجسد وأصله معلق في عرق القلب وهو نياطه والنفس مسكنها في البطن وهي منبثة في جميع البدن وأصلها مشدود بذلك العرق والشهوات في النفس واللذة منها وعملها في الذهن ففيه الزينة والحياة التي في النفس تستعمل هذا القالب فما كان إلى العين خرج إلى العين وما كان من السمع خرج للسمع وما من النطق خرج للسان وما كان من عمل اليد أو الرجل خرج إليهما وما من عمل الفرج خرج إليه وما من عمل البطن خرج إليه فمخرج أعمال الجوارح السبع من الفرح الذي في القلب ومن الزينة والحياة التي في النفس وإذا حزن القلب ذلت النفس وانطلقت نار الشهوة وتعطلت الجوارح عن العمل وإذا فرح هاجت النفس وصارت قوية طرية وأثارت نار الشهوة واستعملت الجوارح فكل نار تستعمل الجارحة التي بحيالها فالفرح رأس أعمال الجوارح والعبد مغلوبه فإذا حيي القلب بفرح شيء من زينة تزيى بذلك النور الذي في قلبه فيصير ذلك الفرح لله ونطق بالحمد لله وأضمر على الطاعة والشكر ثم ينتشر سلطان ذلك الفرح من صدره في جميع جوارحه فيذهب كسله ويقوى عزمه وتطيب نفسه ويصير حامدا شاكرا وإن هاج الفرح بتلك الزينة من قلبه وكان قلبه محجوبا

⦗ص: 550⦘

عند الله وصدره مظلما بغيوم الهوى ودخان الشهوة ورين الذنوب لم يبصر بعين فؤاده صنع الله في تلك الزينة فيصير الفرح للنفس والفرح بالدنيا فيظهر الفساد من الجوارح وتخرج السيئات من الجسد كل سيئة من معدنها من قلة الرحمة والمبالاة وظهرت الفظاظة واليبس والغلظة والقسوة ومداني الأخلاق حتى صارت الجوارح إلى الغش والمكر والخديعة وسوء النيات والمقاصد حتى خرج إلى الفرعنة والتجبر وكل على قدره يتنعمون بنعم الله ويتلذذون بتلك اللذات فرحا وأشرا وبطرا فبان أن الأمر كله أصله من الفرح فمن أمكنه صرفه إلى الله في كل عمل تنور قلبه وإلا وقع في الوبال فإن صرف ذلك لله لم يزد لربه إلا خشوعا وخضوعا وحياء فحمده ودعاه ذلك إلى شكره بجميع جوارحه وإقامة فرائضه ومن لم يمكنه ذلك سباه فرحه فصار سبيا من سبايا النفس وإذا نالت النفس الفرح كان كرجل متغلب وجد كنزا ففرقه في الغوغاء حتى صاروا أعوانه فخرج بتلك القوة على حاكم البلد فسجنه فإن تداركه الإمام الأعظم بمدد فقد نصره وإلا ذهبت الإمرة فهذا شأن القلب مع النفس {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا} ففرح الدنيا هلاك الدين والقلب وفرح الفضل والرحمة يوصل إلى الله فإذا رأى من عبد إقباله على هذه الدنيا الدنية والشهوات الردية أعرض عنه فاستولى عليه الشيطان فجعل همه دنياه ونهمته شهوات نفسه وطلب العلو فيها حتى يضاد أقضية ربه وتدبيره وقطع بها عمره فخسر الدنيا والآخرة وإذا رأى إقباله على ربه هيأ له تدبيرا ينال به سعادة الدارين فجميع ما في الدنيا متاع وإنما صارت مذمومة ملعونة لأنها غرت النفوس بنعيمها وزهرتها ولذتها قلما ذاقت النفس طعم النعيم اشتهت ومالت عن العبودية إلى هواها وقد جعل الله هذه الأشياء مسخرة يأخذ منها للحاجة لا لقضاء الشهوة واللعن إنما وقع على ما غرك من الدنيا لا على نعيمها ولذتها فإن الأنبياء قد نالته فذلك الذي استثناه المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله إلا ذكر الله إلخ

(هـ عن أبي هريرة طس عن أبي مسعود) قال الطبراني: لم يروه عن ثوبان عن عبدة إلا أبو المطرف المغيرة بن مطرف قال الهيثمي: ولم أر من ذكره

ص: 549

4282 -

(الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر أو ذكرا لله) فإن هذه الأمور وإن كانت فيها ليست منها بل هي من أعمال الآخرة الموصلة إلى النعيم المقيم قال الحكيم: فكل شيء أريد به وجه الله من الأمور والأعمال فهو مستثنى من اللعنة فإنه قد أوى إلى ذكر الله والكفار والشياطين وكل أمر أو عمل لم يرد به وجه الله فهو ملعون فهذه الأرض صارت سببا لمعاصي العباد بما عليها فبعدت عن ربها بذلك لأنها ملهية للعباد عنه وكل شيء بعد البعد عن ربه فالبركة منزوعة منه

(البزار) في مسنده (عن ابن مسعود) رمز المصنف لصحته وليس كما زعم فقد قال الهيثمي: فيه المغيرة بن مطرف ولم أعرفه وبقية رجاله وثقوا

ص: 550

4283 -

(الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله تعالى) قد أعلم بهذا الحديث والأربعة قبله أن الدنيا مذمومة مبغوضة إليه تعالى إلا ما تعلق منها بدرء مفسدة أو جلب مصلحة فالمرأة الصالحة يندفع بها مفسدة الوقوع في الزنا والأمر بالمعروف جماع جلب المصالح والذكر جماع العبادة ومنشور الولاية ومفتاح السعادة والكل يبتغى به وجه الله تعالى وفيه وفيما قبله حجة لمن فضل الفقر على الغنى قالوا: لأن الله لعنها ومقتها وأبغضها إلا ما كان له فيها ومن أحب ما لعنه الله وأبغضه فقد تعرض للعنه وغضبه

(طب عن أبي الدرداء) رمز المصنف لصحته وهو غير جيد فقد قال الهيثمي: فيه خراش بن المهاجر ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات لكن قال المنذري: إسناده لا بأس به

ص: 550

4284 -

⦗ص: 551⦘

(الدنيا لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد) فإنه سبحانه حمى من أحبه واصطفاه عنها لئلا يتدنس بها ومنحها أعداءه ليشغلهم بها ويصرف وجوههم عنه ويطردهم عن بابه ويعمي قلوبهم ويصم أسماعهم {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} قال ابن عطاء الله: إنما لم يرض الدنيا لهم وجعل الدار الآخرة محلا لجزائهم لأن هذه الدار لا تسع ما يريد أن يعطيهم ولأنه أجل أقدارهم أن يجازيهم في دار لا بقاء لها

(أبو عبد الرحمن السلمي) الصوفي (في) كتاب (الزهد عن عائشة) ورواه عنها أيضا الديلمي من طريقين

ص: 551

4285 -

(الدنيا لا تصفو لمؤمن كيف) تصفو له (وهي سجنه وبلاؤه) قال ابن عطاء الله: إنما جعلها الله محلا للأغيار ومعدنا لوجود البلاء والأكدار تزهيدا لك فيها فأذاقنك من ذواقها الأكدار فمن عرف ذلك ثم ركن فما هو إلا أسفه لخلق وأقلهم عقلا آثر الخيال على الحقيقة والمنام على اليقظة والظل الزائل على النعيم الدائم وباع حياة الأبد في أرغد عيش بحياة عن ظل زائل وحال حائل. " إن اللبيب بمثلها لا يخدع ". فحق على كل عاقل يعلم أن الدنيا جمة المصائب كدرة المشارب تشمر للبرية أصناف البلية فيها مع كل لقمة غصة ومع كل جرعة شرقة فهي عدوة محبوبة كما قال أبو النواس:

إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت. . . له عن عدو في ثياب صديق

وكما روى عن الحسن ما مثلنا مع الدنيا إلا كما قال كثير عزة

أسيىء بنا أو أحسني لا ملومة. . . لدنيا ولا مقلبة إن تقلت

فما أحد فيها إلا وفي كل حال غرض لأسهم ثلاثة: سهم بلية وسهم رزية وسهم منية

كما قيل:

تناضله الآفاق من كل جانب. . . فتخطئه يوما ويوما تصبيه

وقال حكيم: أسباب الحزن فقد محبوب أو فوت مطلوب ولا يسلم منهما إنسان لأن الثبات والدوام معدومان في عالم الكون والفساد فمن أحب أن يعيش هو وأهله وأحبابه فهو غافل وقال الحكماء: من قال لغيره صانك الله من نوب الأيام وصروف الزمان فإنه يدعو عليه بالموت فالإنسان لا ينفك من ذلك إلا بخروجه من دار الكون والفساد. (تتمة) قال ابن عطاء الله: لا تستغرب وقوع الأكدار ما دمت في هذه الدار فإنها ما أبرزت إلا ما هو مستحق وصفها وواجب نعتها وإنما جعلها محلا للأغيار ومعدنا لوجود الأكدار تزهيدا لك فيها علم أنك لا تقبل النصح المجرد فذوقك من ذواقها ما يسهل عليك وجود فراقها. (لطيفة) في تذكرة المقريزي في ترجمة العلائي أن من شعره:

ومن رام في الدنيا حياة خلية. . . من الهم والأكدار رام محالا

فهاتيك دعوى قد تركت دليلها. . . على كل أبناء الزمان محالا

وقال الجنيد: لست أتبشع ما يرد علي من العالم في هذه الدار لأني قد أصلت أصلا وهو أن ما في الدنيا كله شر فمن حكمه أن يتلقاني بكل ما أكره فإن تلقاني بما أحب فهو فضل والأصل هو الأول اه قال بعض العارفين: فينبغي للإنسان أن يصحب الناس على النقص ويعاملهم بالكمال فإن ظهر الكمال فهو فضل وإلا فالأصل هو الأول

(ابن لال عن عائشة) ورواه عنها أيضا الديلمي وذكر أن الحاكم خرجه

ص: 551

4286 -

(الدهن يذهب بالبؤس والكسوة) أي تحسينها (تظهر الغنى والإحسان إلى الخادم) في المأكل وحسن الهيئة والملبس (مما يكبت الله به العدو) أي يحزنه قال في الفردوس: البؤس الفقر وكبت العدو أي صرعه وأذله ويقال أحزنه والمكبوت الحزين

(ابن السني وأبو نعيم) معا (في) كتاب (الطب) النبوي (عن طلحة) بن عبيد الله ورواه الطبراني والديلمي عن عائشة

ص: 551

⦗ص: 552⦘

4287 - (الدواء من القدر وقد ينفع) في إزالة الداء أو تخفيفه (بإذن الله) الذي لا ينفع شيء ولا يضر إلا بإذنه وهذا قاله لما سئل هل ينفع الدواء من القدر؟ فهو الذي قدر الداء والدواء

(طب وأبو نعيم) في الطب (عن ابن عباس) رمز لحسنه وليس كما قال فقد قال الهيثمي بعد عزوه للطبراني: فيه صالح بن بشير المري وهو ضعيف

ص: 552

4288 -

(الدواء من القدر وهو ينفع) أي ينفع الله به (من شاء) نفعه من خلقه (بما شاء) من الأدوية فربما يكون دواء لشخص لا يكون دواء لآخر مع اتحاد العلة فالشافي في الحقيقة هو الله والأدوية أسباب وهذا قاله وقد سئل هل ينفع الدواء من القدر

(ابن السني) في الطب (عن ابن عباس) ورواه عنه الديلمي أيضا

ص: 552

4289 -

(الدواوين) جمع ديوان بكسر الدال وقد تفتح فارسي معرب قال ابن العربي: هو الدفتر قال في المغرب الديوان الجريدة من دون الكتب إذا جمعها لأنها قطعة من القراطيس مجموعة قال الطيبي: والمراد هنا صحائف الأعمال (ثلاثة فديوان لا يغفر الله منه شيئا وديوان لا يعبأ الله به شيئا) يقال ما عبأت به إذا لم أبال به وأصله من العبب أي الثقل كأنه قال ما أرى له وزنا ولا قدرا قال تعالى {ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم} (وديوان لا يشرك الله منه شيئا) بل يعمل فيه بقضية العدل بين أهله (فأما الديوان الذي لا يغفر الله منه شيئا فالإشراك بالله) قال تعالى {ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة} (وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئا فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه من صوم يوم) مفروض (تركه أو صلاة) مفروضة (تركها فإن الله يغفر ذلك) لمن فرط منه (إن شاء) أن يغفره (ويتجاوز) عنه فإنه حق كريم وشأن الكريم المسامحة (وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئا فمظالم العباد) بعضهم بعضا (بينهم القصاص لا محالة) أي لا بد أن يطالب بها القصاص من بعضهم لبعض قال الطيبي: إنما قال في القرينة الأولى لا يغفر الله ليدل على أن الشرك لا يغفر أصلا وفي الثالثة لا يترك ليؤذن بأن حق الغير لا يهمل قطعا إما بأن يقتص من خصمه أو يرضيه الله عنه وفي الثانية لا يعبأ ليشعر بأن حقه تعالى مبني على المساهلة فيترك كرما وجودا ولطفا

(حم ك) في الفتن من حديث صدقة بن أبي موسى عن أبي عمران الجوني عن يزيد بن بابنوس (عن عائشة) قال الحاكم: صحيح فرده الذهبي بأن صدقة ضعفوه وابن بابنوس فيه جهالة وقال الهيثمي: في سند أحمد صدقة بن أبي موسى ضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات

ص: 552

4290 -

(الديك الأبيض صديقي) لأنه أقرب الحيوانات صوتا إلى الذاكرين الله وهو يحفظ غالب أوقات الصلاة ويوقظ لها فهو لإعانته على ما يوصل إلى الرحمة والبركة كالصديق لمن هو أقرب إلى الرحمة فتدبر وما ذكر من أن اللفظ صديقي هو ما في خط المصنف ولعله سبق قلم من رواية أخرى فإن الذي وقفت عليه بخط الحافظ ابن حجر وغيره تبعا لابن الأثير معزوا لتخريج ابن قانع إنما هو خليلي بدل صديقي ولم يحكوا سواه

(ابن قانع) في معجم الصحابة من طريق هارون بن نجيل عن جابر بن مالك (عن أيوب) بوزن أحمد وآخره موحدة ذكر ابن حجر (بن عتبة) صحابي

⦗ص: 553⦘

قال ابن الأثير: قال أحمد حديث منكر لا يصح إسناده وفي الإصابة ذكره الدارقطني في المؤتلف وقال: لا يصح سنده وفي التجريد جزما هذا حديث منكر وفي اللسان عن ذيل الميزان جابر بن مالك عن أيوب بن عتبة إن الديك الأبيض إلخ وعنه هارون بن نجيل آفته أحدهما فإن رجال إسناده كلهم معروفون غيرهما قال الدارقطني في المؤتلف والمختلف: لا يصح إسناده وابن ما كولا لا يثبت إلى هنا كلامه

ص: 552

4291 -

(الديك الأبيض صديقي وصديق صديقي وعدو وعدو الله) تمامه كما ذكره المؤلف في الموضوعات كابن الجوزي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيته معه في البيت اه وله أسماء كثيرة وكثرتها تدل على شرف المسمى غالبا فمنها الزاووق وقال الزمخشري: الزواقي الديكة لأنهم يسمرون فتثقل عليهم زقاوها لانقطاع السمر عنهم بإبتلاج الفجر

(أبو بكر البرقي) بفتح الموحدة التحتية وسكون الراء نسبة إلى برفة بلد بالمغرب خرج منها جمع كثير من العلماء في كل فن من حديث ابن أبي السري عن محمد بن حمير عن محمد بن مهاجر عن عبد الله بن عبد العزيز القرشي (عن أبي زيد الأنصاري) واسمه عمرو بن أحطب صحابي مشهور بكنيته ومحمد بن حمير وضاع وشيخه ليسس بشيء بل كذبه بعضهم ولهذا أورده ابن الجوزي في الموضوع وتبعه على ذلك المؤلف في مختصره فسلمه ولم يتعقبه فأعجب له كيف أورده هنا

ص: 553

4292 -

(الديك) بكسر الدال (الأبيض صديقي وصديق صديقي وعدو عدوي) يوافقه خبر أبي نعيم لا تسبوا الديك فإنه صديقي وأنا صديقه وعدوه عدوي والذي بعثني بالحق لو يعلم بنو آدم ما في صوته لاشتروا لحمه وريشه بالذهب والفضة وإنه ليطرد مدى صوته من الجن اه

(الحارث) بن أبي أسامة في مسنده (عن عائشة وعن أنس) بن مالك معا

ص: 553

4293 -

(الديك الأبيض صديقي وعدو عدو الله يحرس دار صاحبه وسبع دور) أي يحرس دار صاحبه وأهل سبعة دور حول داره أن يصيبهم مكروه أو سوء وللديك خصوصية ليست لغيره من معرفة الوقت الليلي فإنه يقسط صوته فيه تقسيطا لا يكاد يتفاوت ويتوالى صياحه قبل الفجر وبعده فلا يكاد يخطئ طال الليل أم قصر ومن ثمة أفتى بعض الشافعية باعتماد الديك المتجرب في الوقت

(البغوي) في المعجم من حديث أبي روح البلدي عن أبي شهاب عن طلحة بن يزيد عن الأخوص (عن خالد بن معدان) مرفوعا أورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال: مقطوع وطلحة متروك وتعقبه المؤلف بأن ابن حجر قال: لم يبين لي الحكم على متنه بالوضع وإنما رواته ضعفاء

ص: 553

4294 -

(الديك الأبيض الأفرق حبيبي وحبيب حبيبي جبريل) أمين الوحي (يحرس بيته) أي المحل الذي هو فيه من بيت أو غيره (وستة عشر بيتا من جيرانه) الملاصقين له من الجهات الأربع كما بينه في قوله (أربعة عن اليمين) أي عن يمين البيت الذي هو فيه (وأربعة عن الشمال وأربعة من قدام وأربعة من خلف) زاد أبو نعيم في روايته وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يبيته معه في البيت

(عق وأبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (العظمة) كلاهما (عن أنس) قال في الميزان: عن ابن أبي حاتم حديث منكر وتبعه المصنف في الدرر فقال: هو منكر وظاهر كلامه هنا أن مخرجه

⦗ص: 554⦘

العقيلي خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه بل قال في ترجمة أحمد بن محمد البزي: هو منكر الحديث يوصل الأحاديث ثم ساق مما أنكروه عليه هذا الخبر وقال ابن أبي حاتم: روى حديثا منكرا ثم أورد له هذا وقال أبوه أبو حاتم ضعيف الحديث سمعت منه ولا أحدث عنه وفيه أيضا الربيع بن صبيح أورده الذهبي وغيره في الضعفاء وأورده ابن الجوزي في الموضوعات فقال: موضوع الربيع ضعيف والبزي منكر الحديث وتبعه المؤلف على ذلك في مختصرها ولم يذكر إلا كلام ابن حجر السابق

ص: 553

4295 -

(الديك يؤذن بالصلاة) أي يعلم بدخول وقتها فيجوز الاعتماد عليه (من اتخذ ديكا أبيض حفظ من ثلاثة: من شر كل شيطان وساحر وكاهن) قال الجاحظ: زعم أهل التجربة أن ذابح الديك الأفرق لم يزل ينكب في ماله. قال الداودي: يتعلم من الديك خمس خصال: حسن الصوت والقيام في السحر والغيرة والسخاء وكثرة الجماع

(هب عن ابن عمر) بن الخطاب قال مخرجه البيهقي: هذا إسناد مرسل وهو به أشبه

ص: 554

4296 -

(الديك الأبيض صديقي وصديق صديقي وعدو عدوي يحرس دار صاحبه وتسع دور حولها) قد أفرد الحافظ أبو نعيم أخبار الديك بتأليف وقد ذكر بعض المجربين أنه ما ذبح في دار إلا وأصاب أهله نكبة

(الحارث) ابن أبي أسامة في مسنده (عن أبي يزيد الأنصاري) قال الخطيب: ولا يصح وقال السخاوي: أخبار الديك كلها فيها ركة ولا رونق لها اه

ص: 554

4297 -

(الدينار بالدينار لا فضل بينهما والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما) أشار إلى أن الربا يحرم في الذهب والفضة إلا الفلوس وإن راجت لعلة الثمينة الغالبة فالربويات بعلة واحدة إن اتحد جنسها كبيع الفضة بالفضة والذهب بالذهب يحرم فيهما التفاضل وكذا النساء والتفرق قبل التقابض وبيان ذلك موضح في كتب الفروع

(م ن عن أبي هريرة)

ص: 554

4298 -

(الدينار كنز والدرهم كنز والقيراط كنز) أي إذا لم تخرج زكاته فهو كنز وإن كان على وجه الأرض لم يدفن فيدخل في قوله تعالى {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم} بخلاف ما لو أديت زكاته فإن حكمه ليس حكم المكنوز وإن دفن في الأرض فلا يشمله الوعيد

(ابن مردويه) في تفسيره (عن أبي هريرة) بإسناد ضعيف ورواه في الفردوس وبيض لسنده

ص: 554

4299 -

(الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم وصاع حنطة بصاع حنطة وصاع شعير بصاع شعير وصاع ملح بصاع ملح لا فضل بين شيء من ذلك) زاد في رواية فمن زاد أو استزاد فقد أربى وفي أخرى فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا

⦗ص: 555⦘

كيف شئتم إذا كان يدا بيد أي مقايضة

(طب ك) في البيع (عن أبي أسيد الساعدي) بفتح الهمزة مالك بن ربيعة قال راويه عن أبي أشيد سمعته وابن عباس يفتي الدينار بالدينارين فقال له أبو أسيد وأغلظ فقال ابن عباس: ما كنت أظن أن أحدا يعرف قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول في مثل هذا فقال له أسيد: أشهد لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره فقال ابن عباس: إنما هذا شيء كنت أقوله برأيي ولم أسمع فيه شيئا اه. قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني: إسناده حسن

ص: 554

4300 -

(الدينار بالدينار لا فضل بينهما والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما فمن كانت له حاجة بورق) بتثليث الراء والكسر أفصح أي فضة (فليصطرفها بذهب ومن كانت له حاجة بذهب فليصطرفها بالورق) لفظ الحاكم في الموضعين ليصرفها والباقي سواء (والصرف ها وها) بالمد والقصر بمعنى خذ وهات فيشترط التقابض في الصرف بالمجلس

(هـ ك عن علي) أمير المؤمنين وفيه العباس بن عثمان بن شافع جد الإمام الشافعي عن عمر بن محمد بن الحنفية. قال في الميزان: لم أر عنه راويا سوى ولده محمد أيضا ورواه عنه أيضا الحاكم وقال: صحيح غريب وأقره الذهبي

ص: 555

4301 -

(الدين) بكسر الدال (يسر) أي الإسلام ذو يسر أي مبني على التسهيل والتخفيف وهو بمعناه (ولن يغالب) في رواية ولن يشاد قال في مختصر الفتح: وسمي الدين يسرا مبالغة بالنسبة للأديان قبله لأنه تعالى رفع عن أهله الإصر الذي كان على من قبلهم ومن أوضح الأمثلة له أن توبتهم كانت بقتل أنفسهم (1) وتوبة هذه الأمة بالإقلاع والعزم والندم (الدين) أي لا يقاويه (أحد إلا غلبه) يعني لا يتعمق فيه أحد وترك الرفق ويأخذ بالعنف إلا غلبه الدين وعجز المتعمق وانقطع قال ابن حجر: الدين منصوب على المفعولية وأضمر الفاعل للعلم به وحكى في المطالع أن أكثر الروايات برفع لا دين على أن يغالب أو يشاد بالبناء للمفعول وعارضه النووي بأن أكثر الروايات بالنصب وجمع بينهما بأنه بالنسبة إلى روايات المغاربة والمشارقة قال ابن المنير: فيه علم من أعلام النبوة فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع وليس المراد من أخذ بالأكمل في العبادة لأنه من الأمور المجموعة بل منع الإفراط المؤدي إلى الملال والمبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل أو إخراج الفرض عن وقته كمن بات يصلي الليل كله ويغالب النوم إلى أن غلبه النوم آخر الليل فنام عن صلاة الصبح في جماعة أو إلى خروج الوقت المختار أو إلى طلوع الشمس

(هب عن أبي هريرة) ورواه البخاري بلفظ إن الدين إلخ

(1) ومنها قطع الأعضاء الخاطئة وقرض النجاسة عن الثوب بالمقراض وتعين القصاص في القتل وتحريم أخذ الدية وترك العمل في السبت وأن صلاتهم لا تجوز إلا في كنائسهم وغير ذلك من التشديدات شبهت بالأغلال التي تجمع اليد إلى العنق أي في قوله تعالى {ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم}

ص: 555

4302 -

(الدين النصيحة) أي عماده وقوامه النصيحة على وزان الحج عرفة فبولغ في النصيحة حتى جعل الدين كله إياها وبقية الحديث كما في صحيح مسلم قالوا: لمن يا رسول الله قال: لله وكتابه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم قال بعضهم: هذا الحديث ربع الإسلام أي أحد أحاديث أربعة يدور عليها وقال النووي: بل المدار عليه وحده ولما نظر السلف

⦗ص: 556⦘

إلى ذلك جعلوا النصيحة أعظم وصاياهم قال بعض العارفين: أوصيك بالنصح نصح الكلب لأهله فإنهم يجيعونه ويطردونه ويأبى إلا أن يحوطهم ويحفظهم وظاهر الخبر وجوب النصح وإن علم أنه لا يفيد في المنصوح ومن قبل النصيحة أمن الفضيحة ومن أبى فلا يلومن إلا نفسه <تنبيه> قال بعض العارفين: النصاح الخيط والمنصحة الأبرة والناصح الخائط والخائط هو الذي يؤلف أجزاء الثوب حتى يصير قميصا أو نحوه فينتفع به بتأليفه إياه وما ألفه إلا لنصحه والناصح في دين الله هو الذي يؤلف بين عباد الله وبين ما فيه سعادتهم عند الله وبين خلقه وقال القاضي: الدين في الأصل الطاعة والجزاء والمراد به الشريعة أطلق عليها لما فيها من الطاعة والانقياد

(تخ عن ثوبان) مولى النبي صلى الله عليه وسلم (البزار) في مسنده (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح وقضية صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد الشيخين وهو ذهول فقد عزاه هو نفسه في الدرر إلى مسلم من حديث تميم الداري وعزاه ابن حجر إلى مسلم وأبي داود وأحمد موصولا وإلى البخاري معلقا وعزاه النووي في الأذكار إلى مسلم

ص: 555

4303 -

(الدين) بفتح الدال (شين الدين) بكسر الدال أي يعيبه قال الحرالي: الدين في الأمر الظاهر معاملة على تأخير كما أن الدين بالكسر فيما بين العبد وبين الله معاملة على تأخير وفي شرح الشهاب لما جمع الدين محاسن الإسلام ظاهرا وجمال الإيمان باطنا نهى عن شين هذا الجمال بالدين وذلك لشغل القلب بهمه وقضائه والتذلل للغريم عند لقائه وتحمل منته إلى تأخير أدائه وربما يعد بالوفاء فيخلف أو يحدث الغريم بسببه فيكذب أو يحلف فيحنث أو يموت فيرتهن به

(أبو نعيم في) كتاب (المعرفة عن مالك بن يخامر) بضم التحتية والمعجمة وكسر الميم الحمصي السكسكي قال الذهبي: يقال له صحبة اه وقال أبو نعيم: لم تثبت وفيه عبد الله بن شبيب الربعى قال في الميزان: أخباري علامة لكنه واه وقال الحاكم: ذاهب الحديث وبالغ فضلك فقال: يحل ضرب عنقه وقال ابن حبان: يقلب الأخبار ثم ساق له هذا الخبر (القضاعي) في مسند الشهاب (عنه) أي عن مالك المذكور (عن معاذ) بن جبل وفيه إسماعيل بن عياش أورده الذهبي في الضعفاء وقال: مختلف فيه وليس بالقوي لكن قال العامري في شرحه: حسن

ص: 556

4304 -

(الدين) بفتح الدال المشددة (راية الله في الأرض) أي التي وضعها فيها لإذلال من شاء إذلاله (فإذا أراد أن يذل عبدا) بين خلقه (وضعها في عنقه) وذلك بإيقاعه الاستدانة ويترتب عليها الذل والهوان ولهذا تكرر في عدة أحاديث استعاذة المصطفى صلى الله عليه وسلم منه فإن قيل إذا كان الدين كذلك فكيف استدان المصطفى صلى الله عليه وسلم قيل إنما تداين في ضرورة ولا خلاف في عدم ذمه للضرورة فإن قيل لا ضرورة لأن الله خيره أن يكون بطحاء مكة له ذهبا أجيب بأنه خيره فاختار الإقلال والقنع وما عدل عنه زهدا فيه لا يرجع إليه فالضرورة لازمة قال ابن العربي: والدين عبارة عن كل معنى يثبت في ذمة الغير للغير في الذمة مؤجل أو حال

(ك) في البيع من حديث بشر بن عبيد الدريسي عن حماد عن أيوب عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم: على شرط مسلم ورده الذهبي فقال: بشر واه فالصحة من أين؟

ص: 556

4305 -

(الدين دينان) بفتح الدالين (فمن مات وهو) أي والحال أنه (ينوي قضاءه) أي وفاءه لصاحبه متى تمكن (فأنا وليه) أي أقضيه عنه مما يفيء الله به من نحو غنيمة (ومن مات ولا ينوي قضاءه فذلك) أي المدين الذي لم ينو الوفاء (هو الذي يؤخذ من حسناته) يوم القيامة فيعطي لرب الدين فإنه (ليس يومئذ) أي يوم الحساب (دينار ولا درهم) يوفي به فإن لم تف به حسناته أخذ من سيئات خصمه فألقيت عليه ثم طرح في النار كما جاء في خبر أما من

⦗ص: 557⦘

كانت نيته الوفاء متى تمكن فلا يتمكن فلم يؤخذ من حسناته لعدم تقصيره

(طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: فيه محمد بن عبد الرحمن السلماني وهو ضعيف ورواه عنه أيضا الديلمي رمز المصنف لحسنه

ص: 556