الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
⦗ص: 418⦘
5824 - (الغيرة) بفتح الغين المعجمة وسكون التحتية بعدها راء مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص وأشد ما تكون ما بين الزوجين (من الإيمان) لأنها وإن تمازج فيها داعي الطبع وحق النفس بكونها مما يجدها المؤمن والكافر لكنها بالمؤمن أحق وهي له أوجب لأن فيها حفظ الرسوم الشرعية ذكره في المطامح (والبذاء من النفاق) كذا وقفت عليه في نسخ بالباء الموحدة لكن الذي أورده في النهاية المذاء بميم مكسورة يعني قيادة الرجل على أهله بأن يدخل الرجال عليهم ثم يخليهم يماذي بعضهم بعضا يقال أمذى الرجل وماذى إذا قاد على أهله وقيل هو المذاء بالفتح ثم وقفت على مسند البزار فرأيته بالميم وفيه تتمته وهي كما قال قلت: ما المذاء قال: الذي لا يغار اه. بنصه كأنه من اللين والرخاوة من أمذيت الشراب إذا أكثرت مزاجه فذهبت شدته وحدته ويروى المذال باللام وهو أن يقلق الرجل عن فراشه الذي يضاجع عليه حليلته ويتحول عنه ليفترشه غيره والماذل الذي يطيب نفسه عن الشيء يتركه ويسترخي عنه <تنبيه> قال الراغب: الغيرة ثوران الغضب حماية على الحرم وأكثر ما يراعى في النساء وجعل الله القوة الإنسانية سببا لصيانة المياه وحفظا للإنسان ولذلك قيل كل أمة وضعت الغيرة في رجالها وضعت الصيانة في نسائها وقد يستعمل ذلك في صيانة كل ما يلزم صيانته من السياسات الثلاث سياسة الرجل نفسه وسياسة الملك مدينته ولذلك قيل ليست الغيرة ذب الرجل عن امرأته بل ذبه عن كل مختص به وقال بعضهم: الغيرة إذا كانت في ميزان الاقتصاد حمدت بأن لا يتغافل عن مبادئ الأمور التي تخشى غوائلها ولا يبالغ في إساءة الظن وتجسيس البواطن وقال ابن عربي: كن غيورا لله واحذر من الغيرة الطبيعية الحيوانية أن تستفزك وتلبس عليك نفسك بها والميزان أن الذي يغار لله إنما يغار لانتهاك محارمه على نفسه وعلى غيره فكما يغار على أمه أو حليلته أن يزني بها أحد يغار على أم غيره وحليلته أن يزني هو بها فمن زنى وادعى الغيرة في الدين أو المروءة فهو كاذب فلا يكون غيرته من الإيمان بل من الكفران ومن يكره شيئا لنفسه ولا يكرهه لغيره فليس بذي غيرة إيمانية وقال بعضهم: معنى الحديث أن الغيرة أساسها الإيمان لكن تكون الغيرة لله لا عليه وهي التي وقعت للشبلي لما أذن وقال أشهد أن لا إله إلا الله وعزتك لولا أمرتني بذكر محمد ما ذكرته معك ولعل هذا صدر منه قبل أن يعرف الله معرفة العارفين فإنه غار على الحق وذلك غير لائق إذ الحق رب كل مخلوق فلا يمكن اختصاصه به وحده فالغيرة المحمودة لا تكون إلا لله أو به أو لأجله لا عليه
(تتمة) ورد في حديث أن فتى جاء إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي في الزنا. فزجره أصحابه وهموا أن يبطشوا به فكفهم وقال: ادن فدنا منه فقال: يا هذا أتحب أن يزني أحد بأمك؟ قال: لا. قال: فالناس لا يحبون أن تزني بأمهاتهم قال: أتحب أن يزني أحد بامرأتك؟ قال: لا. قال: فالناس لا يحبون أن يزنى بزوجاتهم فقال الرجل: تبت إلى الله تعالى
(البزار) في مسنده (هب) كلاهما (عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه قال البزار: تفرد به أبو مرحوم وهو عبد الرحيم ابن كروم قال أبو حاتم: مجهول وقال الهيثمي: فيه أبو مرحوم وثقه النسائي وضعفه ابن معين وبقية رجاله رجال الصحيح
5825 -
(الغيلان سحرة الجن) قالوا: خلقها خلق إنسان ورجلاها رجلا حمار ورأى الغول جمع من الصحابة منهم عمر رضي الله عنه حين سافر إلى الشام قبل الإسلام وضربه بسيفه
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (مكائد الشيطان عن عبد الله بن عبيد بن عمير) بالتصغير (مرسلا) هو الليثي أبو الهاشم المكي عن ابن عباس وخلق وثقه أبو حاتم وغيره
حرف الفاء
5826 -
(فاتحة الكتاب) سميت فاتحة لأنها فتح بها القرآن وفاتحة الشيء أوله. قال المولى الخسروي: والكتاب كالقرآن
⦗ص: 419⦘
يطلق على الجزء والكل والمراد هنا الأول فمعنى فاتحة الكتاب أوله ثم صار علما بالغلبة على سورة الحمد وقد تطلق عليها الفاتحة وحدها فإما علم آخر بالغلبة أيضا واللام لازمة آو اختصار لعدم الإلباس واللام كالعوض عن المضاف إليه (شفاء من السم) قال الطيبي: ولعمري أنها كذلك لمن تدبر وتفكر وجرب. قال ابن القيم: إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع فما الظن بكلام رب العالمين ثم بالفاتحة التي لم ينزل في القرآن ولا غيره مثلها لتضمنها جميع معاني الكتاب فقد اشتملت على ذكر أصول أسمائه تعالى ومجامعها وإثبات المعاد وذكر التوحيد والافتقار إلى الرب في طلب الإعانة والهداية منه وذكر أفضل الدعاء وهو طلب الهداية إلى الصراط المستقيم المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته بفعل ما أمر به وتجنب ما نهى عنه والاستقامة عليه وتضمنها ذكر أوصاف الخلائق وقسمتهم إلى منعم عليه لمعرفته بالحق والعمل به ومغضوب عليه لعدوله عن الحق بعد معرفته وضال لجهله به مع ما تضمنته من إثبات القدر والشرع والأسماء والمعاد والتوبة وتزكية النفس وإصلاح القلب والرد على جميع أهل البدع وحقيق بسورة هذا شأنها أن تشفي من السم ومن غيره
(ص هب عن أبي سعيد) الخدري (أبو الشيخ [ابن حبان] ) بن حبان (في) كتاب (الثواب عن أبي هريرة وأبي سعيد معا) ورواه عنه أيضا أبو نعيم والديلمي
5827 -
(فاتحة الكتاب) قال العصام: سميت به لأن الله يفتح بها الكتاب على القارئ إذ فيها الدعاء بالهداية إلى الصراط المستقيم الذي لأجله نزل الكتاب الكريم وبه يعرف وجه التسمية بسورة الكنز والكافية والوافية والشافية وأم الكتاب ولأمر ما صارت أول الكتاب اه. (شفاء من كل داء) من أدواء الجهل والمعاصي والأمراض الظاهرة لما حوته من إخلاص العبودية والثناء على الله وتفويض الأمر إليه والاستعانة به والتوكل عليه وسؤاله مجامع النعم كلها وهي الهداية التي تجلب النعم وتدفع النقم وذلك من أعظم الأدوية الشافية الكافية قيل ومحل الرقية منها {إياك نعبد وإياك نستعين} لما فيهما من عموم التفويض والتوكل والالتجاء والاستعانة والافتقار والطلب والجمع من أعلى الغايات وهي عبادة الرب وحده وأشرف الوسائل ومن الاستعانة به على عبادته ما ليس في غيرها
(هب عن عبد الملك بن عمير مرسلا) هو الكوفي رأى عليا وسمع جريرا قال أبو حاتم: صالح الحديث ليس بالحافظ ثم إن فيه محمد بن منده الأصبهاني قال الذهبي: قال ابن أبي حاتم: لم يكن بصدوق
5828 -
(فاتحة الكتاب تعدل ثلثي القرآن) لاشتمالها على أكثر مقاصد القرآن من الحكمة العملية والنظرية باعتبار ما هو دعاء منها فالمشير إلى الحكمة العملية {الصراط المستقيم} والمشير إلى الحكمة النظرية ذكر السعداء وضدهم
<فائدة> قال ابن عربي: إذا قرأت الفاتحة فصل باسم الله الرحمن الرحيم بالحمد لله في نفس واحد من غير قطع فإني أقول بالله العظيم لقد حدثني أبو الحسن علي بن أبي الفتح الكفاري الطبيب بمدينة الموصل سنة أحد وست مئة وقال بالله العظيم لقد سمعت المبارك ابن أحمد المقرئ النيسابوري يقول بالله العظيم لقد سمعت من لفظ أبي بكر الفضل بن محمد الكاتب الهروي وقال بالله العظيم لقد حدثنا أبو بكر بن محمد الشاشي الشافعي من لفظه وقال بالله العظيم لقد حدثني عبد الله المعروف بأبي نصر السرخسي وقال بالله العظيم لقد حدثنا محمد بن الفضل وقال بالله العظيم لقد حدثنا محمد بن علي بن يحيى الوراق الفقيه وقال بالله العظيم لقد حدثني محمد بن الحسن العلوي الزاهد وقال بالله العظيم لقد حدثني موسى بن عيسى وقال بالله العظيم لقد حدثني أبو بكر الراجعي وقال بالله العظيم لقد حدثني عمار بن موسى البرمكي وقال
⦗ص: 420⦘
بالله العظيم لقد حدثني أنس بن مالك وقال بالله العظيم لقد حدثني محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم وقال بالله العظيم لقد حدثني جبريل وقال بالله العظيم لقد حدثني إسرافيل وقال قال الله تعالى يا إسرافيل بعزتي وجلالي وجودي وكرمي من قرأ بسم الله الرحمن الرحيم متصلة بفاتحة الكتاب مرة واحدة: أشهد على أني قد غفرت له وقبلت منه الحسنات وتجاوزت عنه السيئات ولا أحرق لسانه في النار وأجيره من عذاب القبر وعذاب النار والفزع الأكبر ويلقاني قبل الأنبياء والأولياء أجمعين
(عبد بن حميد في تفسيره عن ابن عباس)
5829 -
(فاتحة الكتاب أنزلت من كنز تحت العرش) لأن الله جمع نبأه العظيم فيها وكنزها تحت العرش ليظهرها في الختم عند تمام أمر الخلق وظهور بادئ الحمد بمحمد صلى الله عليه وسلم لأنه سبحانه وتعالى يختم بما به بدأ ولم يظهرها قبل ذلك لأن ظهورها يذهب وهل الخلق ويمحو كفرهم. ذكره الحرالي
(ابن راهويه عن علي) أمير المؤمنين
5830 -
(فاتحة الكتاب وآية الكرسي لا يقرؤهما عبد في دار فيصيبهم في ذلك اليوم عين إنس أو جن) وفي كتاب الثواب لأبي الشيخ عن عطاء إذا أردت حاجة فاقرأ بفاتحة الكتاب حتى تختمها تقضى إن شاء الله تعالى <تنبيه> قال حجة الإسلام: ورد في خبر إن آية الكرسي السيد والفاتحة وسر التخصيص أن جامع الأفضل ويسمى فاضلا والذي يجمع أنواعا أكثر يسمى أفضل فنون الفضل هو الزيادة والأفضل هو الأزيد وأما السؤد فعبارة عن رسوخ معنى الشرف الذي يقتضي الاستتباع ويأبى التبعية والفاتحة تتضمن التنبيه عن معان كثيرة ومعارف مختلفة فكانت أفضل وآية الكرسي تشتمل على المعرفة العظمى التي هي المتبوعة المقصودة التي يتبعها سائر المعارف واسم السيد بها أليق
(فر عن عمران بن حصين)
5831 -
(فاتحة القرآن تجزئ) أي تقضى وتنوب (ما لا يجزئ شيء من القرآن) قال القاضي: فيه وجوب القراءة في الصلاة فقال أحمد ومالك إنها سنة وأوجبها الباقون ثم اختلفوا في الواجب فقال الشافعي تتعين الفاتحة ولا يقوم غيرها مقامها لهذا الحديث ونحوه وقال أبو حنيفة يجب آية من القرآن أية آية منه (ولو أن فاتحة الكتاب جعلت في كفة الميزان وجعل القرآن في الكفة الأخرى لفضلت فاتحة الكتاب على القرآن سبع مرات) لاحتوائها على ما فيه من الوعد والوعيد والأوامر والنواهي وزيادتها بأسرار محجبة بين الأستار
<فائدة> قال ابن عربي: خدمت فاطمة بنت المثنى وكانت تقول أعطاني الله فاتحة الكتاب تخدمني فما شغلتني وكانت إذا قرأتها تنشئها في القراءة صورة مجسدة في الهواء الخارج من فيها بحروف الفاتحة حتى تقوم صورة مكملة فتقول يا فاتحة افعلي كذا وكذا فيكون كما قالت وأنا أعجب ممن عنده الفاتحة كيف يحتاج إلى غيرها وجاءتها امرأة تشتكي غيبة زوجها فقرأت الفاتحة ثم قالت يا فاتحة الكتاب تروحي إلى بلد كذا تأتي بزوجها فلم يلبث سوى مسافة الطريق
(فر عن أبي الدرداء) ورواه عنه أبو نعيم أيضا وعنه تلقاه الديلمي
5832 -
(فارس نطحة أو نطحتان ثم لا فارس بعد هذا أبدا) يريد إلى أن فارس تقاتل المسلمين مرة أو مرتين ثم يبطل ملكها
⦗ص: 421⦘
ويزول فحذف الفعل لبيان معناه (والروم ذات القرون) جمع قرن (كلما هلك قرن خلفه قرن أهل صبر وأهله لآخر الدهر هم أصحابكم ما دام في العيش خير)
(الحارث) بن أبي أسامة (عن) عبد الله (ابن محيريز) بمهملة وراء وآخره زاي مصغرا هو ابن جنادة بن وهب الجمحي المكي ثقة عابد من الطبقة الثالثة
5833 -
(فاطمة) ابنته (بضعة) بفتح أوله وحكى ضمه وكسره وسكون المعجمة والأشهر الفتح أي جزء (مني) كقطعة لحم مني (فمن أغضبها) بفعل لا يرضيها فقد (أغضبني) استدل به السهيلي على أن من سها كفر لأنه يغضبه وأنها أفضل من الشيخين قال ابن حجر: وفيه نظر قال الشريف السمهودي: ومعلوم أن أولادها بضعة منها فيكونون بواسطتها بضعة منه ومن ثم لما رأت أم الفضل في النوم أن بضعة منه وضعت في حجرها أولها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تلد فاطمة غلاما فيوضع في حجرها فولدت الحسن فوضع في حجرها فكل من يشاهد الآن من ذريتها بضعة من تلك البضعة وإن تعددت الوسائط ومن تأمل ذلك انبعث من قلبه داعي الإجلال لهم وتجنب بغضهم على أي حال كانوا عليه اه. قال ابن حجر: وفيه تحريم أذى من يتأذى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بتأذيه فكل من وقع منه في حق فاطمة شيء فتأذت به فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتأذى به بشهادة هذا الخبر ولا شيء أعظم من إدخال الأذى عليها من قبل ولدها ولهذا عرف بالاستقراء معاجلة من تعاطى ذلك بالعقوبة في الدنيا {ولعذاب الآخرة أشد} اه
(خ) في المناقب (عن المسور) بن مخرمة
5834 -
(فاطمة بضعة) بفتح الباء على المشهور وفي رواية مضغة بميم مضمومة وبغين معجمة ذكره ابن حجر (مني يقبضني ما يقبضها) أي أكره ما تكرهه وانجمع مما تنجمع منه (ويبسطني ما يبسطها) أي يسرني ما يسرها (وإن الأنساب) كلها (تنقطع يوم القيامة){فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} (غير نسبي وسببي) النسب بالولادة والسبب بالزواج أصله من السبب وهو الحبل الذي يتوصل به إلى الماء ثم استعير لكل ما يوصل لأي شيء (وصهري) الفرق بينه وبين النسب أن النسب راجع لولادة قريبة لجهة الآباء والصهر من خلطة تشبه القرابة يحدثها التزويج
<تنبيه> قال المحب الطبري في كتاب ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: في هذه الأخبار تحريم نكاح علي على فاطمة في حياتها حتى تأذن ويدل على ذلك قوله تعالى {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله} اه وقال غيره: أخذ من هذه الأخبار حرمة التزوج على بناته وممن جزم به الشيخ أبو علي السخي في شرح التلخيص فقال: يحرم التزويج على بنات النبي صلى الله عليه وسلم قال المؤلف: ولعله يريد من ينسب إليه بالنبوة ويكون هذا دليله وقال ابن حجر في الفتح: لا يبعد أن يعد من خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم أن لا يتزوج على بناته ويحتمل أن يكون ذلك خاصا بفاطمة لأنها كانت أصيبت بأمها ثم بأخواتها واحدة فواحدة فلم يبق ممن تأنس به ممن يخفف عنها أمر الغيرة أحد
(حم ك عنه) أي عن المسور
5835 -
(فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم) وفي رواية لأحمد والطبراني إلا ما كان من مريم (بنت عمران) فعلم أنها أفضل من عائشة لكونها بضعة منه وخالف فيه بعضهم قال السبكي الذي نختاره وندين الله به أن فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة ولم يخف عنا الخلاف في ذلك ولكن إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل إلى هنا كلامه قال الشيخ شهاب الدين ابن
⦗ص: 422⦘
حجر: ولوضوح ما قاله السبكي تبعه عليه المحققون قال: فأفضلهن فاطمة فخديجة فعائشة وظاهر الأحاديث أفضليتها على أخواتها لكونه خصها بالبضعة منه دونهن ولتجرعها ألم فقده دونهن لموتهن في حياته بخلاف أمهن فإنها شاركتهن في ألم فقدها نعم ينبغي أن يلحق بها أخواتها في تفضلهن أيضا على أمهن بل نظر بعض الأئمة إلى ما فيهن من البضعة ففضلهن من هذه الحية أنه حصل لهن بها شرف عظيم فهو كتفضيل المصحف على كتب العلم وبه يعلم أن التفضيل لا ينحصر في زيادة الثواب إلى هنا كلام الشهاب. قال في المطامح: والتحقيق أن الفضيلة رتبة ذاتية فعائشة لها الفضيلة الرتبية لأنها رفيقته في الجنة وهو أعلى الخلق درجة فيها وفاطمة فضيلتها بالذات والاتصال وكذا سائر أولاده قال: وقد زل قدم البعض فقال إن فاطمة إنما شرفت بالمهدي الذي يخرج منها وهذا كفر لا غبار عليه وسمعت بعض شيوخنا يحكيه عن السهيلي عفا الله عنه وقد كفر وامتحن من أجلها فإنما قال ذلك من قلة الدين والاجتراء على الهوى والباطل اه. وقد اجترأ عفا الله عنه على السهيلي ونسب إليه ما لم يقله فإنه لم يقل إنها شرفت بالمهدي كما زعمه بل قال إن ذلك من جملة سؤددها وشتان ما بين التعبير وعبارة السهيلي في روضه عند كلامه على خبر إنها سيدة نساء أهل الجنة ما نصه قد دخل في هذا الحديث أمها وأخواتها وقد تكلم الناس في المعنى الذي سادت به غيرها دون أخواتها وأمها لأنهن متن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكن في صحيفته ومات سيد العالمين في حياتها فكان رزؤه في صحيفتها ومميزاتها وقد روى البزار عن عائشة أنه عليه الصلاة والسلام قال لها هي خير بناتي لأنها أصيبت بي ومن سؤددها أيضا أن المهدي المبشر به في آخر الزمان من ذريتها مخصوصة بذلك كله هذه عبارة بحروفها وليس فيها أنها إنما شرفت بالمهدي كما عزى إليه والتعصب يضيع العجائب وفي الفتاوى الظهيرية للحنفية أن فاطمة لم تحض قط ولما ولدت طهرت من نفاسها بعد ساعة لئلا تفوتها صلاة قال: ولذلك سميت بالزهراء وقد ذكره من صحبنا المحب الطبري في ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى وأورد فيه حديثين أنها حوراء آدمية طاهرة مطهرة لا تحيض ولا يرى لها دم في طمث ولا ولادة وفي الدلائل للبيهقي أن المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وضع يده على صدرها ورفع عنها الجوع فما جاعت بعد وفي مسند أحمد وغيره أنها لما احتضرت غسلت نفسها وأوصت أن لا يكشفها أحد فدفنها علي بغسلها ذلك وذكر العلم العراقي أن فاطمة وأخاها إبراهيم أفضل من الخلفاء الأربعة بالاتفاق
(تتمة) قال ابن حجر في الفتح: أقوى ما استدل به على تقديم فاطمة على غيرها من نساء عصرها ومن بعدهن خبر إن فاطمة سيدة نساء العالمين إلا مريم وأنها رزئت بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيرها من بناته فإنهن متن في حياته فكن في صحيفته ومات في حياتها فكان في صحيفتها قال: وكنت أقول ذلك استنباطا إلى أن وجدته منصوصا في تفسيره الطبري عن فاطمة أنه ناجاها فبكت ثم ناجاها فضحكت فذكر الحديث في معارضة جبريل له القرآن مرتين وأنه قال: أحسب أني ميت في عامي هذا وأنه لم ترزأ امرأة من نساء العالمين مثل ما رزئت فلا تكوني دون امرأة منهن صبرا فبكت فقال: أنت سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم فضحكت
(ك) في فضائل أهل البيت (عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي ورواه أيضا عنه أحمد والطبراني قال ابن حجر: وإسناده حسن وإذا ثبت ففيه حجة لمن قال امرأة فرعون ليست بنبية
5836 -
(فاطمة أحب إلي منك) يا علي بن أبي طالب (وأنت أعز علي منها) وقوله (قاله لعلي) مدرج للبيان من الصحابي أو من المصنف
(طس عن أبي هريرة) قال: قال علي يا رسول الله أيما أحب إليك أنا أم فاطمة؟ فذكره قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح
5837 -
(فتح) بالبناء للمفعول وفي رواية للبخاري فتح الله (اليوم) نصب على الظرفية (من ردم يأجوج ومأجوج) من سدهم الذي بناه ذو القرنين (مثل) بالرفع مفعول ناب عن فاعله (هذه) أي الحلقة القصيرة
⦗ص: 423⦘
(وعقد بيده تسعين) بأن جعل طرف سبابته اليمنى في أصل الإبهام وضمها محكما بحيث انطوت عقدة إبهامها حتى صارت كالحية المطوقة واختلف في العاقد ورجح بعضهم أن العقد مدرج وليس من الحديث وإنما الرواة عبروا عن الإشارة مثل هذه بذلك والمراد بالتمثيل التقريب لا التحديد وقد قيل إنهم يحفرون في كل يوم حتى لا يبقى بينهم وبين أن يخرقوه إلا قليلا فيقولون غدا نأتي فيأتون إليه فيجدونه عاد كما كان فإذا جاء الوقت قالوا: عند المساء غدا إن شاء الله فإذا أتوا ونقبوه خرجوا <تنبيه> قال ابن العربي: الإشارة المذكورة تدل على أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يعلم عدد الحساب وليس فيه ما يعارض حديث إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب فإن هذا إنما جاء لبيان صورة معينة قال ابن حجر: والأولى أن يقال أراد بنفي الحساب ما يتعاناه أهل صناعته من الجمع والضرب والتكعيب وغير ذلك وأما عقد الحساب فاصطلاح تواضعه العرب بينهم استغناء به عن اللفظ وأكثر استعمالهم له عند المساومة سترا عمن حضر فشبه المصطفى صلى الله عليه وسلم قدر ما فتح بصفة معروفة بينهم
(حم ق عن أبي هريرة) وخرجاه أيضا عن زينب بنت جحش قالت: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من النوم محمرا وجهه يقول لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم إلخ
5838 -
(فتح الله بابا للتوبة من المغرب عرضه مسيرة سبعين عاما لا يغلق حتى تطلع الشمس من نحوه) أي من جهته ومر شرح ذلك مفصلا بما منه أن المراد بالسبعين التكثير لا التحديد فلا تغفل
(تخ عن صفوان بن عسال) المرادي صحابي له اثنا عشرة غزوة
5839 -
(فتنة الرجل) أي ضلاله ومعصيته أو ما يعرض له من الشر ويدخل عليه من المكروه (في أهله) مما يعرض له معهم من نحو هم وحزن أو شغله بهم عن كثير من الخير وتفريطه فيما يلزمه من القيام بحقهم وتأديبهم وتعليمهم (وماله) بأن يأخذه من غير حله ويصرفه في غير حله ووجهه أو بأن يشغله لفرط محبته له عن كثير من الخيرات (و) فتنته في (نفسه) بالركون إلى شهواتها ونحو ذلك (و) فتنته في (ولده) بفرط محبته والشغل به عن المطلوبات الشرعية (و) في (جاره) بنحو حسد وفخر ومزاحمة في حق وإهمال في تعهد ونبه بالأربع على ما سواها (يكفرها) أي الفتنة المتصلة بما ذكر (الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) لأن الحسنات يذهبن السيئات ونبه به على ما عداها فنبه بالصلاة والصوم على العبادة الفعلية وبالصدقة على المالية وبالأمر والنهي على القولية وهي أصول المكفرات والمراد الصغائر فقط لخبر الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر يحتمل أن يكون كل واحد من الصلاة وما بعدها يكفر المذكورات كلها لا كل واحد منهما وأن يكون من الكفر والشرك بأن تكفر الصلاة فتنة الأهل وهكذا إلخ وخص الرجل لأنه غالبا صاحب الحكم في داره وأهله وإلا فالنساء شقائق الرجال في الحكم
(ق ت هـ عن حذيفة) بن اليمان سببه أن عمر قال: أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفتنة فقال حذيفة: أنا أحفظه كما قال قال: إنك عليه لجريء فكيف قال قال: فتنة الرجل إلخ قال: ليس هذه أريد ولكني أريد التي تموج كموج البحر قال: قلت ليس عليك فيها بأس بينك وبينها باب مغلق قال فيكسر الباب أو يفتح قال: قلت لا بل يكسر قال: فإنه إذا كسر لم يغلق أبدا قال: قلت أجل فهبنا أن نسأله من الباب فقلنا لمسروق: سله فسأله فقال: عمر قال: قلنا يعلم عمر من يعني قال: نعم كما كان دون غد ليلته وذلك أني أحدثه حديثا ليس بالأغاليط انتهى
⦗ص: 424⦘
5840 - (فتنة القبر في) أي فتنة القبر تكون في السؤال عن النبوة المحمدية فمن أجاب حين يسأل بأنه عبد الله ورسوله وأنه آمن به وصدقه نجا ومن تلعثم أو قال سمعت الناس يقولون شيئا فقلته عذب (فإذا سئلتم عني) في القبر (فلا تشكوا) أي لا تأتوا بالجواب على الشك والتردد بل اجزموا بذلك لتحصل لكم النجاة
(ك عن عائشة)
5841 -
(فجرت أربعة أنهار من الجنة الفرات والنيل وسيحان وجيحان) وهما غير سيحون وجيحون فإنه لم يرد أنهما من الجنة إلا في خبر ضعيف رواه الواحدي وأما سيحان وجيحان ففي مسلم ولا يكره استعمال مياه هذه الأربعة في الحدث والخبث. وإن كانت من الجنة لأن المنع منها تضييق والفرات نهر عظيم مشهور يخرج من آخر حدود الروم ثم يمر بأطراف الشام ثم بالكوفة ثم بالحلة ثم يلتقي مع دجلة
(حم عن أبي هريرة) ورواه ابن منيع والحارث والديلمي رمز المصنف لصحته
5842 -
(فجور المرأة الفاجرة) أي المنبعثة في المعاصي (كفجور ألف) رجل (فاجر) في الإثم أو في الفساد والإضرار بالناس (وبر المرأة) أي عملها في وجوه الخير وتحليها بصنوف الديانات (كعمل سبعين صديقا) أي يضاعف لها ثواب عملها حتى يبلغ ثواب عمل سبعين صديقا
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) بن حبان (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أبو نعيم والديلمي
5843 -
(فخذ المرء المسلم من عورته) لأن ما بين السرة والركبة عورة وهذا منه
(طب عن جرهد) ورواه الحاكم والديلمي عن ابن عباس بلفظ فخذ الرجل عورة
5844 -
(فراش للرجل وفراش لامرأته) قال الطيبي: فراش مبتدأ مخصصه محذوف يدل عليه قوله (والثالث للضيف) أي فراش واحد كاف للرجل وهكذا (والرابع للشيطان) لأنه زائد على الحاجة وسرف واتخاذه مماثل لعرض الدنيا وزخارفها فهو للمباهاة والاختيال والكبر وذلك مذموم وكل مذموم يضاف إلى الشيطان لأنه يرتضيه ويحث عليه فكأنه له أو هو على ظاهره وأن الشيطان يبيت عليه ويقيل وفيه جواز اتخاذ الإنسان من الفرش والآلات ما يحتاجه ويترفه به قال القرطبي: وهذا الحديث إنما جاء مبينا لعائشة ما يجوز للإنسان أن يتوسع فيه ويترفه به من الفرش لا أن الأفضل أن يكون له فراش يختص به ولامرأته فراش فقد كان المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليس له إلا فراش واحد في بيت عائشة وكان عنده فراشا ينامان عليه ويجلسان عليه نهارا وأما فراش الضيف فيتعين للمضيف إعداده لأنه من إكرامه والقيام بحقه ولأنه لا يتأتى له شرط الاضطجاع ولا النوم معه وأهله على فراش واحد ومقصود الحديث أن الرجل إذا أراد أن يتوسع في الفرش فغايته ثلاث والرابع لا يحتاجه فهو سرف وفقه الحديث ترك الإكثار من الآلات والأشياء المباحة والترفه بها وأن يقتصر على حاجته ونسبة الرابع للشيطان ذم له لكنه لا يدل على التحريم فكذا الفرش قيل وفيه أنه لا يلزمه المبيت مع زوجته بفراش ورد بأن النوم معها وإن لم يجب لكن علم من أدلة أخرى أنه أولى حيث لا عذر لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم
(حم م) في اللباس (د ن عن جابر) بن عبد الله ولم يخرجه البخاري
5845 -
⦗ص: 425⦘
(فرج) بالفاء للمفعول لتعظيم الفاعل أي فتح بمعنى شق (سقف) لفظ رواية البخاري عن سقف (بيتي) أضافه إليه لسكناه به وكان ملك أم هانئ فلذلك أضيف إليها في رواية باعتبار ملك البقعة ولا يعارضه رواية أنه كان بالحطيم لأنه فرج به من البيت إلى الحطيم وحكمة التعبير بالانفراج أن الملك انصب عليه من السماء انصبابة واحدة وفيه أيضا تمهيد بما وقع من شق صدره فكأن الملك أراه بانفراج السقف والتئامه كيفية ما سيفعل به لطفا به وتثبيتا له كذا قرره ابن حجر وفيه نظر لما أن الشق كان وقع من قبل أيضا (وأنا بمكة) جملة حالية دفع به توهم أنه كان بغيرها (فنزل جبريل) فانطلق به من البيت إلى الحجر ومنه كان الإسراء فلا يعارضه رواية إن الإسراء كان من المسجد ودخل من السقف لا الباب لكونه أوقع صدقا في القلب وأبلغ في المفاجأة وتنبيها على وقوع الطلب بغير موعد (ففرج) بفتح الفاء والراء والجيم أي شق (صدري) ما بين النحر إلى اللبة كما في رواية وقد شق صدره وهو صغير في بني سعد لينشأ على أكمل الأحوال ثم عند التكليف وهو ابن نحو اثني عشر لئلا يلتبس بشيء مما يعاب على الرجال ثم عند البعث ليتلقى ما يلقى إليه بقلب قوي ثم عند إرادة العروج وهو الذي الكلام فيه ليتأهب للمناجاة وهل شق صدره من خصائصه؟ خلاف (ثم غسله) ليصفو ويزداد قابلية لإدراك ما عجز القلب عن معرفته وكان غسله (بماء زمزم) لكون أصله من الجنة فيقوى على مشاهدة الملكوت الأعلى ومن خواصه أنه يقوي القلب ويسكن الروع وأخذ منه البلقيني أنه أفضل من الكوثر (ثم جاء) أي جبريل (بطست) بفتح أو كسر فسكون السين مهملة والمعجمة لغة لم يقف عليها من جعلها من لحن العامة وخصه دون بقية الأواني لأنه آلة الغسل عرفا وكان (من ذهب) لأنه أعلى أواني الجنة ولسرور القلب برؤيته وصفرته {صفراء فاقع لونها تسر الناظرين} ولأن الطبائع الأربع فيه على السواء ولأنه أثقل الأشياء فهو موافق لثقل الوحي ولأن الأرض وكذا النار لا تأكله ولا تغيره كالقرآن وهذا قبل تحريم الذهب لأنه إنما حرم بالمدينة مع أنه فعل الملائكة ولا يلزم كونهم مثلنا في تحريم استعمال النقد كذا قالوه قال ابن جماعة: وأحسن منه أن يقال هذه من آنية الجنة فلا يحرم استعمالها لأنها خلقت للإباحة مطلقا (ممتلئ) صفة لطست وذكره على معنى الإناء لا على الطست لأنها مؤنثة (حكمة) أي علما تاما بالأشياء أو فقها أو قضاء أو عدلا (وإيمانا) تصديقا أو كمالا استعد به لخلافة الحق فالعطف يقرب من التأكيد والتتميم والملء مجاز عن عدم سعته لشيء آخر أو عن شدة الكثرة (فأفرغها) أي الطست والمراد ما فيها وجعل الضمير للحكمة ضعفه النووي بأنه يصير إفراغ الإيمان مسكوتا عنه (في صدري) صبها في قلبي (ثم أطبقه) غطاه وجعله مطبقا وختم عليه حتى لا يجد عدوه إليه سبيلا (ثم أخذ) جبريل (بيدي) أي أقامني وانطلق (فعرج) بالفتح أي جبريل (بي) أي صعد وفي رواية به على الالتفات (إلى السماء الدنيا) أي القربى منا وهي التي تلينا وننظرها ويقال لها الرفيع وفي خبر أحمد إنها موج مكفوف ولم يذكر الإسراء إلى بيت المقدس إما اختصارا من الراوي أو لأن هذه قصة أخرى ليس فيها إسراء بناء على تعدد المعراج (فلما جئنا إلى السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء الدنيا افتح) أي بابها وهذا يفيد أنه كان مغلقا وحكمته إظهار أنه لم يفتح إلا له بخلاف ما لو وجده مفتوحا وفيه دليل على أن المعراج كان ببدنه وإلا لما استفتح (قال) الخازن (من هذا) الذي قال افتح (قال هذا جبريل) ولم يقل أنا لأن قائلها يقع في العنا (قال هل معك أحد قال نعم معي محمد) فيه إشارة إلى أنه إنما استفتح لكونه مع إنسان ولو انفرد لما طلب الفتح وإلى أن السماء محروسة لا يدخلها أحد
⦗ص: 426⦘
إلا بإذن (قال فأرسل إليه) أي هل أرسل إليه للعروج رسولا والقول بأن معناه هل صار رسولا غير ظاهر لأن أمر نبوته ظاهر لا يخفى على الملائكة (قال نعم ففتح فلما) أي فتح لنا (فلما علونا السماء الدنيا فإذا) للمفاجأة وكذا أخواتها (رجل عن يمينه أسودة) قال الزمخشري: جمع سواد وهو الشخص والمراد هنا جماعة من بني آدم (وعن يساره أسودة) أشخاص أيضا (فإذا نظر قبل يمينه ضحك) سرورا وفرحا (وإذا نظر قبل شماله بكى) حزنا وغما (فقال) أي فسلمت عليه فقال (مرحبا) أي لقيت رحبا وسعة فاستأنس ولا تستوحش كلمة تقال لتؤنس القادم قال التوربشتي: مر وسلم على الأنبياء وإن كان أفضلهم لأنهم كانوا غائبين عنه وكان في حكم القائم وهم في حكم القعود والقائم يسلم على القاعد (بالنبي الصالح والابن الصالح) اقتصر هو ومن يجيء على الصلاح لأنه صفة تشمل كمال الخير ولذا كررها كل منهم عند كل صفة والصالح القائم بما لزمه من حقوق الحق والخلق ونص على نبوته افتخارا به وخاطبوه بها لا بالرسالة مع كونها أشرف لأن معه جبريل وهو موصوف بالرسالة فلو قيل مرحبا بالرسول ربما التبس (قلت يا جبريل من هذا قال هذا آدم) أبو البشر (وهذه الأسودة التي عن يمينه وشماله نسم بنيه) أي أرواحهم والنسم بفتح النون والسين مهملة جمع نسمة بفتحها وروي بشين معجمة والأول أصح (فأهل اليمين أهل الجنة والأسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى) ولا يلزم من ذلك أن تكون أرواح الكفار في السماء لأن الجنة في جهته عن يمينه والنار في شماله فالرائي في السماء والمرئي في غيرها (ثم عرج بي جبريل حتى أتى السماء الثانية فقال لخازنها افتح فقال خازنها مثل ما قال خازن السماء الدنيا ففتح فلما مررت بإدريس) فيها (قال) لي (مرحبا) قال القاضي: من رحب رحبا بالضم إذا وسع وهو من المفاعيل المنصوبة لعامل مضمر لازم إضماره والمعنى أتيت رحبا وسعة (بالنبي الصالح والأخ الصالح) ذكر الأخ تلطفا وتواضعا إذ الأنبياء إخوة والمسلمون إخوة ولم يقل الابن لأنه ليس من ذريته (قلت) لجبريل (من هذا) المرحب (قال هذا إدريس) النبي وقضيته أن إدريس في الثانية وليس مرادا إذ ثم لترتيب الأخبار لا للواقع وكذا يقال في ذكر موسى قبل عيسى على أن هذه الرواية شاذة مخالفة للروايات الصحيحة (ثم مررت بموسى فقال مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح فقلت من هذا قال هذا موسى ثم مررت بعيسى فقال مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح قلت من هذا قال هذا عيسى ابن مريم) ثم هنا للترتيب الإخباري لا الزماني إلا إن قيل بتعدد المعراج إذ الروايات متفقة على أن المرور بعيسى قبل موسى (ثم مررت بإبراهيم) الخليل (فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح فقلت من هذا قال هذا إبراهيم) الخليل ورؤيته كل نبي في السماء يدل على تفاوت رتبهم
⦗ص: 427⦘
وعبوره على جميعهم يدل على أنه أعلاهم رتبة والمرئي أرواحهم لا أجسادهم إلا عيسى فشخصه (ثم عرج بي حتى ظهرت) أي ارتفعت (بمستوى) بفتح الواو موضع مشرف يستوي عليه وهو المصعد (أسمع فيه صريف الأقلام) بفتح الصاد المهملة صريرها على اللوح حال كتابتها في تصاريف الأقدار (ففرض الله عز وجل على أمتي) أي وعلي وهذا بمعنى أوجب فسقط ما قيل النسخ لا يدخل الأخبار (خمسين صلاة) في رواية في كل يوم وليلة قيل كانت كل صلاة ركعتين (فرجعت بذلك حتى مررت على موسى) في رواية ونعم الصاحب كان صاحبكم (فقال موسى ماذا فرض ربك على أمتك قلت فرض عليهم خمسين صلاة قال موسى فراجع ربك) في رواية فارجع إلى ربك أي إلى المحل الذي ناجيته فيه واعتنى موسى بذلك دون غيره لأنه لما قال يا رب اجعلني من أمة محمد لما رأى كرامتهم على ربهم اعتنى بهم كما يعتني بالقوم من هو منهم (فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجعت ربي فوضع شطرها) يعني نصفها فقد حققت رواية ثابتة أن التخفيف كان خمسا خمسا وهي زيادة معتمدة فتحمل بقية الروايات عليها (فرجعت إلى موسى فأخبرته) بذلك (فقال راجع ربك) أي إلى محل المناجاة (فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجعت ربي فقال هن خمس) عددا (وهي خمسون) ثوابا (لا يبدل القول لدي فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك فقلت قد استحيت من ربي) تقديره حتى استحيت فلا أرجع فإن رجعت كنت غير راض ولا مسلم ولكني أرضى وأسلم أمري وأمرهم إلى الله تفرس من كون التخفيف وقع خمسا أنه لو سأل التخفيف بعد كان سائلا في رفعها مع ما فهم من الالتزام في الأخير بقوله هي خمس إلخ (ثم انطلق بي) أي جبريل ولم يقل عرج إشعارا بأنه لا عروج من السابعة (حتى انتهى إلى سدرة المنتهى) أي إلى حيث تنتهي إليه أعمال العباد أو نفوس السائحين في الملأ الأعلى فيجتمعون فيه اجتماع الناس في أنديتهم أو إليه ينتهي علم الخلائق من الملائكة والرسل وأرباب النظر والاعتبار وما ورائه غيب لا يطلع عليه غيره تعالى ذكره كله القاضي. وقال غيره: سدرة المنتهى شجرة نبق في السماء السابعة عن يمين العرش من عجائب المخلوقات وبدائع المصنوعات ينتهي إليها علم الخلائق لا يتعداها نبي مرسل ولا ملك مقرب ولا يعارض ذا أنها في السادسة إذ أن المراد أن أصلها وأسها فيها وأغصانها وفروعها في السابعة (ففيها ألوان لا أدري ما هي) في رواية فلا يستطيع أحد أن ينعتها من حسنها (ثم أدخلت الجنة) أي والنار أيضا كما في رواية صحيحة لم يذكرها هنا اختصارا وزاد في الرواية وهي جنة المأوى ودار الإقامة. قال ابن العربي: وهي خارجة عن أقطار السماوات والأرض. وقال ابن عبد السلام: فيه أن سدرة المنتهى ليست في الجنة (فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ) بفتح الجيم فنون وكسر الموحدة جمع جنبذ بضم أوله وثالثه ما ارتفع واستدار كالقبة فارسي معرب ووقع في صحيح البخاري حبائل اللؤلؤ (وإذا ترابها المسك) وفيه عدم فرضية ما زاد على الخمس كالوتر وجواز النسخ في الإنشاءات قبل الفعل وأن الجنة موجودة والترحيب عند اللقاء والاستشفاع والمراجعة والحياء من تكثير الحوائج وأن الجنة في السماء وأن للسماء أبوابا وحفظة وأن النبي صلى الله عليه وسلم من نسل إبراهيم ومدح الإنسان في وجهه عند الأمن من نحو عجب وغير
⦗ص: 428⦘
ذلك مما أفرد بالتأليف
(ق عن أبي ذر) بتشديد الراء (إلا قوله ثم عرج بي حتى ظهرت بمستوى أسمع فيه صريف الأقلام فإنه عن ابن عباس وأبي حبة البدري) الأنصاري وهو بحاء مهملة مفتوحة وباء موحدة وذكره القابسي بمثناة تحتية وغلط وقال الواقدي: بالنون واسمه مالك بن عمرو بن ثابت قال: وليس ممن شهد بدرا أحد يكنى بأبي حبة بالباء وإنما أبو حنة من غزية من بني النجار قتل باليمامة ولم يشهد بدرا والأول قاله عبد الله بن عمارة الأنصاري قال الزركشي: وهو أعلم الأنصار
5846 -
(فرخ الزنا) بخاء معجمة بضبط المصنف وفي بعض النسخ فرج بالجيم وهو تصحيف (لا يدخل الجنة) مطلقا إن استحل أو مع السابقين الأولين إن لم يستحل وذلك لأنه يتعذر عليه اكتساب الفضائل الحسنة ويتيسر له رذائل الأخلاق. ذكره الطيبي وهذا وعيد شديد وتحذير عظيم على الإصرار عليه لئلا يكون قد باع أبكارا عربا أترابا كأنهن الياقوت والمرجان بقذرات مسافحات أو متخذات أخدان وحورا مقصورات في الخيام بعاهرات مسبيات بين الأنام
<تنبيه> قال ابن الجوزي: هذا الحديث ونحوه أحاديث مخالفة للأصول وأعظمها قوله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} اه. قال الرافعي في تاريخ قزوين: رأيت بخط الإمام الطالفاني سألني بعض الفقهاء في المدرسة النظامية ببغداد في سنة ست وسبعين وخمس مئة عما ورد في خبر إن ولد الزنا لا يدخل الجنة وهناك جمع من الفقهاء فقال بعضهم: هذا لا يصح {ولا تزر وازرة وزر أخرى} وذكر أن بعضهم قال في معناه: إنه إذا عمل عمل أصليه وارتكب الفاحشة لا يدخلها وزيفه بأن هذا لا يختص بولد الزنا ثم فتح الله علي جوابا شافيا لا أدري هل سبقت له أم لا؟ فقلت: معناه لا يدخل الجنة بعمل أصليه بخلاف ولد الرشد فإنه إذا مات طفلا وأبواه مؤمنان ألحق بهما وبلغ درجتهما بصلاحهما على ما قال تعالى {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان} وولد الزنا لا يدخل بعمل أصليه أما الزاني فنسبه منقطع وأما الزانية فشؤم زناها وإن صلحت يمنع وصول بركة صلاحها إليه اه. بنصه
(عد) عن حمزة بن داود الثقفي عن محمد بن زنبور عن عبد العزيز بن أبي حازم عن سهيل عن أبي صالح السمان عن أبيه (عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي: موضوع اه. وسهيل بن صالح السمان قال يحيى: حديثه ليس بحجة وقال أبو حاتم: يكتب ولا يحتج به
5847 -
(فرغ الله عز وجل إلى كل عبد) أي انتهى تقديره في الأزل من تلك الأمور إلى تدبير الأمر بإبدائها أو إلى بمعنى اللام (من خمس) متعلق بفرغ (من أجله) أي عمره (ورزقه وأثره) بفتح المثلثة هي أثر مشيه في الأرض لقوله تعالى {ونكتب ما قدموا وآثارهم} (ومضجعه) بفتح الجيم يعني سكونه وحركته ومحل موته ومدفنه ومن ثم جمع بينهما ليشمل جميع أحواله من الحركات والسكنات (وشقي) هو (أو سعيد) فالسعادة أو الشقاوة من الكليات التي لا تقبل التغيير قال أبو البقاء: وشقي أم سعيد لا يجوز فيه إلا الرفع على تقدير وهو ولو جر عطفا على ما قبله لم يجز لأنه لو قلت فرغ من شقي أم سعيد لم يكن له معنى اه. وقال الغزالي: معنى الفراغ من ذلك أنه سبحانه لما قسم العباد قسمين وقدر لكل قسم ما ذكر وقدر أحدهما على اليقين أن يكون من أهل الجنة والآخر من أهل النار وعينهم تعيينا لا يقبل التغيير والتبديل فقد فرغ من أمرهم {فريق في الجنة وفريق في السعير} والرزق لا يزيد بالطلب ولا ينقص بتركه فإنه مكتوب في اللوح المحفوظ مقدر مؤقت ولا تبديل لحكم الله ولا تغير لقسمته وكتابته لكن ما في اللوح قسمان قسم مكتوب مطلقا وقسم معلق
⦗ص: 429⦘
بفعل العبد (تتمة) قال ابن عطاء الله: سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار أرح نفسك من التدبير فما قام به غيرك عنك لا تقم به لنفسك
(حم طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي: أحد إسنادي أحمد رجاله ثقات اه. ومن ثم رمز المصنف لصحته
5848 -
(فرغ إلى ابن آدم من أربع) لا ينافيه قوله فيما قبل خمس لأن مفهوم العدد غير معتبر أو لأن واحدة من هذه الأربع في طيها الخامسة أو لأنه أعلم بالقليل ثم بالكثير (الخلق) بسكون اللام (والخلق) بضمها المار في الخبر أيضا إن الله قسم الأخلاق كما قسم الأرزاق وأسلفنا الكلام فيه (والرزق والأجل) أي انتهى تقدير هذه الأربعة والفراغ منها تمثيل بفراغ العامل من عمله والكاتب من كتابته كما في خبر جفت الأقلام وطويت الصحف يريد ما ليس في اللوح المحفوظ من المقادير والكائنات (تتمة) قال في الحكم: ما ترك من الجهل شيئا من أراد أن يحدث في الوقت غير ما أظهره الله فيه وقال ابن عربي: قد كملت النشأة واجتمعت أطراف الدائرة
(طس عن ابن مسعود) قال الهيثمي: فيه عيسى بن المسيب البجلي وهو ضعيف عند الجمهور ووثقه الدارقطني في سننه وضعفه في غيرهما
5849 -
(فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس) أي الفارق بيننا أنا نعتم على القلانس وهو يكتفون بالعمائم ذكره الطيبي فالمسلمون يلبسون القلنسوة وفوقها العمامة فأما لبس القلنسوة وحدها فزي المشركين وأما لبسها على غير قلنسوة فهو غير لائق لأنها تنحل لاسيما عند الوضوء وبالقلنسوة تشد الرأس وتحسن هيئة العمامة ذكره ابن العربي قال: والعمامة سنة المرسلين وعادة الأنبياء والسادة وقد صح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة فدل على أنها كانت عادة أمر باجتنابها حال الإحرام وشرع كشف الرأس إجلالا لذي الجلال وسننها أن يكون على قدر الحاجة فلا يعظمها زهوا فإنما كانت عمائم السلف لفتين أو ثلاثا انتهى. قال ابن تيمية: وهذا بين أن مفارقة المسلم المشرك في اللباس مطلوبة للشارع إذ الفرق بالاعتقاد والعمل بدون العمامة حاصل فلولا أنه مطلوب أيضا لم يكن فيه فائدة
(د ت) في اللباس من حديث أبي الحسن العسقلاني عن أبي جعفر بن محمد بن ركانة (عن) أبيه عن (ركانة) بضم الراء وتخفيف الكاف ابن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف المطلبي صحابي من مسلمة الفتح له حديث واحد وهو هذا قال أعني الترمذي: غريب وليس إسناده بالقائم ولا يعرف العسقلاني ولا ابن ركانة وفي الميزان محمد بن ركانة عن أبيه لم يصح حديثه انفرد به أبو الحسن شيخ لا يدري من هو متنه فرق بيننا إلى آخر ما هنا
5850 -
(فسطاط المسلمين) بضم الفاء وكسرها وبالطاء والتاء مكان الطاء المدينة التي يجمع فيها الناس وأبنية السفر دون السرادق وأبنية من نحو شعر والمراد هنا الأول (يوم الملحمة) هي الحرب ومحل القتال أو القتال نفسه (الكبرى بأرض يقال لها الغوطة) اسم للبساتين والمياه التي حول دمشق وهي غوطتها (فيها مدينة يقال لها دمشق خير منازل المسلمين يومئذ) أي يوم وقوع الملحمة وأصل الغوطة كل موضع كثير الماء والشجر
(حم عن أبي الدرداء) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة والأمر بخلافه فقد خرجه أبو داود باللفظ المذكور قال الديلمي: وفي الباب أبو هريرة ومعاذ
⦗ص: 430⦘
5851 - (فصل) بصاد مهملة ساكنة بمعنى فاصل أو فارق أو مميز (ما بين) النكاح (الحلال والحرام ضرب الدف) بالضم وبفتح معروف (والصوت في النكاح) المراد إعلان النكاح واضطراب الأصوات فيه والذكر في الناس وبعض الناس يذهب به إلى السماع يعني السماع المتعارف بين الناس الآن وهو خطأ والمعنى أن الفرق بين النكاح الجائز وغيره الإعلان والإشهار والنهي عن الضرب بالدف بفرض صحته محله في غير ذلك وفي الحديث عموم يقتضي طلب ضرب الدف فيه حتى للرجال ولعله مراد كما قاله الحافظ ابن حجر فإن الأحاديث القوية فيها الإذن للنساء فلا يلحق بهن الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن
(حم ت ن هـ ك) كلهم في النكاح (عن محمد بن حاطب) بن الحارث الجمحي له صحبة ورواية حسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي
5852 -
(فصل) بالصاد المهملة قال التوربشتي: ومن الناس من يقوله بالمعجمة وهو تصحيف (ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب) أي فرق ما بينهما (أكلة السحر) قال النووي: المشهور وضبط الجمهور أنه بفتح الهمزة مصدر للمرة من الأكل وضبطه المغاربة بالضم وقال عياض: روي يالفتح والضم فبالضم بمعنى اللقمة وبالفتح الأكل مرة واحدة قال: وهو الأشبه هنا لأن الثواب في الفعل لا في الطعام قال الحافظ العراقي: ولو قيل الأشبه هنا الضم لم يبعد لأن الفضل يحصل بلقمة ولا يتوقف على زيادة انتهى. والقصد بهذا الحديث الحث على السحور والإعلام بأن هذا من الدين وذلك لأن الله أباح لنا إلى الفجر ما حرم عليهم من نحو أكل وجماع بعد النوم فمخالفتنا إياهم تقع موقع الشكر لتلك النعمة التي خصصنا بها قال ابن تيمية: وفيه دليل على أن الفصل بين العبادتين أمر مقصود للشارع قال مالك: ولذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون ترك العمل يوم الجمعة لئلا يصنعوا فيه كما فعل اليهود والنصارى في السبت والأحد
(حم م 4) كلهم في الصوم (عن عمرو بن العاص) ولم يخرجه البخاري
5853 -
(فصل ما بين لذة المرأة ولذة الرجل كأثر المخيط في الطين إلا أن الله يسترهن بالحياء) قال الزمخشري: اللذة في الأصل لذا فعلي فقلب أحد حرفي التضعيف حرف لين والمراد هنا لذة الجماع والمراد أن شهوة الرجل بالنسبة إلى شهوة المرأة شيء قليل جدا يكاد يكون لا أثر له في جنب عظم شهوة المرأة ولولا أن الله سترهن بالحياء لافتضحن وظهر ذلك عليهن والمراد جنس الرجال وجنس النساء لا كل فرد
(طس عن ابن عمرو ابن العاص) قال الهيثمي: فيه أحمد بن علي بن شوذب لم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات قال ابن القيم: هذا لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وإسناده مظلم لا يحتج بمثله
5854 -
(فضل) بضاد معجمة (الجمعة) أي صلاتها (في رمضان كفضل رمضان على الشهور) أي كفضل صومه على سائر الشهور ويحتمل أن المراد أن يوم الجمعة الذي هو من أيام رمضان أفضل من غيره من كل يوم جمعة كما أن شهر رمضان أفضل من جميع شهور السنة
(فر عن جابر) وفيه هارون بن زياد قال الذهبي: قال أبو حاتم: له حديث باطل وقال ابن حبان: كان ممن يضع وعمر بن موسى الرجيبي قال الذهبي: قال ابن عدي: يضع الحديث
⦗ص: 431⦘
5855 - (فضل الدار القريبة من المسجد على الدار الشاسعة) أي البعيدة (كفضل الغازي على القاعد) أضاف الفضل للدار والمراد أهلها على حد {واسأل القرية} وفيه فضل السكنى بقرب المسجد لسهولة المشي إلى الجماعة ويعارضه الحديث المار أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى وجمع بحمل ما هنا على الإمام ومن تعطل الجماعة القريبة بغيبته وذاك على من عدا ذلك لكثرة الخطا فيه المتضمنة لكثرة الثواب كما مر ولما أراد الساكنون بمنى التحول قرب المسجد نزل {ونكتب ما قدموا وآثارهم} فأمسكوا
(حم عن حذيفة) بن اليمان ورواه عنه أبو الشيخ [ابن حبان] والديلمي ورمز المصنف لحسنه وفيه ابن لهيعة
5856 -
(فضل الشاب العابد الذي تعبد) بمثناة فوقية بخط المصنف (في) حال (صباه) ومظنة صبوته (على الشيخ الذي تعبد) بمثناة فوقية بضبطه (بعد ما كبرت سنة كفضل) الأنبياء (المرسلين على سائر الناس) لأنه لما قهر نفسه بكفها عن لذاتها وقاسى تجرع مرارة مخالفة الهوى استحق التفضل على الشيخ الذي فقدت فيه دواعي الشهوة وصار يملك أدبه لكن هذا من قبيل المبالغة والترغيب في لزوم العبادة للشاب
(أبو محمد التكريتي في) كتاب (معرفة النفس فر كلاهما عن أنس) بن مالك وفيه عمر بن شبيب قال الذهبي: ضعفه الدارقطني وقال أبو زرعة: واه اه
5857 -
(فضل الصلاة بالسواك على الصلاة بغير سواك سبعين ضعفا) وفي رواية سبعين صلاة قال أبو البقاء: كذا وقع في هذه الرواية سبعين والصواب سبعون والتقدير فضل سبعين لأنه خبر فضل الأول وقال الطيبي: سبعين مفعول مطلق أو ظرف أي تفضل مقدار سبعين ويجوز أن يكون الأصل بسبعين فحذفت الباء وبقي عملها ولفظ رواية الحاكم فضل الصلاة التي يستاك لها على التي لا يستاك لها سبعين ضعفا
(حم ك) في الطهارة (عن عائشة) قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي في التلخيص لكنه ضعفه لأن مداره على ابن إسحاق ومعاوية بن يحيى الصدفي ويحيى قال الدارقطني: ضعيف ورواه أبو نعيم وابن حبان في الضعفاء من طرق أخرى قال ابن معين: حديث باطل لا يصح له إسناد قال ابن حجر: وأسانيده كلها معلولة
5858 -
(فضل العالم على العابد) أي فضل هذه الحقيقة على هذه الحقيقة أو هو من باب ركب القوم دوابهم (كفضلي على أمتي) قال الحجة: أراد العلماء بالله قال علي كرم الله وجهه: لقد سبق إلى الجنة أقوام ما كانوا بأكثر الناس صلاة ولا صياما ولا حجا ولكنهم عقلوا عن الله مواعظه فوجلت منه قلوبهم واطمأنت إليه نفوسهم وقال شيخ الطريقين السهروردي: الإشارة بهذا الحديث إلى العلم بالله لا إلى علم البيع والشراء والطلاق والعتاق وقد يكون العبد عالما بالله ذا يقين وليس عنده علم من فروض الكفايات وقد كانت الصحابة أعلم من التابعين بحقائق اليقين ودقائق المعرفة وقد كان علماء التابعين فيهم من هو أقوم بعلم الفتوى والأحكام من بعض الصحابة <تنبيه> قال ابن عربي: علم الكلام مع شرفه لا يحتاج إليه أكثر الناس بل رجل واحد يكفي منه في البلد بخلاف العلماء بفروع الدين فإن الناس يحتاجون إلى الكثرة من علماء الشريعة ولو مات الإنسان وهو لا يعلم اصطلاح القائلين بعلم النظر كالجوهر والعرض والجسم
⦗ص: 432⦘
والجسماني والروح والروحاني لم يسأله الله عن ذلك فإنما يسأل الناس عما وجب عليهم من التكليف بالفروع ونحوها
(الحارث) بن أبي أسامة (عن أبي سعيد) الخدري أورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: لا يصح فيه سلام طويل قال الدارقطني وغيره: متروك
5859 -
(فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم) أي نسبة شرف العالم إلى شرف العابد كنسبة شرف الرسول إلى أدنى شرف الصحابة فإن المخاطبين بقوله أدناكم الصحب وقد شبهوا بالنجوم في حديث أصحابي كالنجوم وهذا التشبيه ينبه على أنه لا بد للعالم من العبادة وللعابد من العلم لأن تشبيههما بالمصطفى وبالعلم يستدعي المشاركة فيما فضلوا به من العلم والعمل كيف لا والعلم مقدمة للعمل وصحة العمل متوقفة على العلم؟ ذكره الطيبي. وقال الذهبي: إنما كان العالم أفضل لأن العالم إذا لم يكن عابدا فعلمه وبال عليه وأما العابد بغير فقه فمع نقصه هو أفضل بكثير من فقيه بلا تعبد كفقيه همته في الشغل بالرئاسة اه. وقال ابن العربي: للفظ العلم إطلاقات متباينة ينشأ عنها اختلاف الحد والحكم أيضا كلفظ العالم والعلماء وللالتباس الواقع في لفظ العلم غلط كثير من الناس في معنى خبر فضل العالم على العابد فحملوه على الفقيه بالمعنى المتعارف الآن وأن يكون ذلك والتقابل بين العالم والعابد في الحديث ينافي الاشتراك في صفة العلم التي بها التقابل كما هو الظاهر إذ لا عابد بدون علم الفقه في الجملة وأوضح من هذه الحجة الاتفاق على أن العبادة أفضل من العلم العملي المتعلق بها فيقتضي فضل العابد على العالم والحديث مصرح بخلافه ومن الواضح أن التفضيل ههنا إنما هو بحسب الوصف العنواني فافهم. على أن التوجيهات قليلة هنا كثيرة لكن بتعسف فلا يلتفت إليها عند المحصلين والتحقيق في ذلك ما قاله حجة الإسلام ونصه ثم العلم المقدم على العمل لا يخلو إما أن يكون هو العلم بكيفية العمل وهو علم الفقه وعلم كيفية العبادات وإما أن يكون علما سواه وباطل أن يكون الأول هو المراد لوجهين أحدهما أن فضل العالم على العابد والعابد هو الذي له علم العبادات فإن كان جاهلا فهو عابث فاسق والثاني أن العلم بالعمل لا يكون أشرف من العمل لأن العلم العملي يراد للعمل وما يراد لغيره يستحيل أن يكون أشرف منه إلى هنا كلامه ودعواه الاتفاق غير جيد لتصريحهم بأن التخلي لتعلم الفقه الذي منه العلم المتعلق بالعبادة أفضل من الاشتغال بالنفل الذي هو من العبادة فهو كما ترى ينادي برد هذا الاتفاق (إن الله عز وجل وملائكته وأهل السماوات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير) أي يستغفرون لهم طالبين لتخليهم عما لا ينبغي ولا يبق بهم من الأوضار والأدناس لأن بركة علمهم وعملهم وإرشادهم وفتواهم سبب لانتظام أحوال العالم وذكر النملة والحوت بعد ذكر الثقلين والملائكة تتميم لجميع أنواع الحيوان على طريقة الرحمن الرحيم وخص النملة والحوت بالذكر للدلالة على إنزال المطر وحصول الخير والخصب ببركتهم كما قال بهم تنصرون وبهم ترزقون حتى أن الحوت الذي لا يفتقر إلى العلماء افتقار غيره لكونه في جوف الماء يعيش أبدا ببركتهم ذكره القاضي وقال الطيبي: قوله إن الله وملائكته جملة مستأنفة لبيان التفاوت العظيم بين العالم والعابد وأن نفع العابد مقصور على نفسه ونفع العالم متجاوز إلى الخلائق حتى النملة وعطف أهل السماوات على الملائكة تخصيص بحملة العرش وسكان أمكنة خارجة عن السماوات والأرض من الملائكة المقربين كما ثبت في النصوص وفي يصلون تغليب للعقلاء على غيرهم واشتراك فإن الصلاة من الله رحمة ومن الملائكة استغفار ومن الغير دعاء وطلب وذكر النملة وتخصيصها مشعر بأن صلاتها بحصول البركة النازلة من السماء فإن دأب النملة القنية وادخارها القوت في جحرها ثم التدرج منها إلى الحيتان وإعادة كلمة الغاية للترقي والصلاة من الله بمعنى الرحمة ومن الملائكة بمعنى الاستغفار المعبر به في الرواية الأخرى ولا رتبة فوق رتبة من تشتغل الملائكة وجميع المخلوقات بالاستغفار والدعاء له إلى القيامة
⦗ص: 433⦘
ولهذا كان ثوابه لا ينقطع بموته وأنه ليتنافس في دعوة رجل صالح فكيف بدعاء الملأ الأعلى وأما إلهام الحيوانات الاستغفار له فقيل لأنها خلقت لمصالح العباد ومنافعهم والعلماء هم المبينون ما يحل منها وما يحرم ويوصون بالإحسان إليها ودفع الضر عنها حتى بإحسان القتلة والنهي عن المثلة فاستغفارهم له شكر لذلك النعمة وذلك في حق البشر آكد لأن احتياجهم إلى العلم أشد وعود فوائده عليهم أتم
(ت) في العلم (عن أبي أمامة) الباهلي قال: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان أحدهما عابد والآخر عالم فذكره قال الترمذي: غريب وفي نسخة حسن صحيح. قال الصدر المناوي: وفيه الوليد بن جميل لينه أبو زرعة
5860 -
(فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب) قال البيضاوي: العبادة كمال ونور لازم ذات العابد لا يتخطاه فشابه نور الكواكب والعلم كمال يوجب للعالم في نفسه شرفا وفضلا ويتعدى منه إلى غيره فيستفيض نوره وكماله ويكمل بواسطته لكنه كمال ليس للعالم في ذاته بل نوره يتلقاه من المصطفى صلى الله عليه وسلم فلذلك شبه بالقمر ولا نظن أن العالم المفضل عار عن العمل ولا العابد عن العلم بل إن علم ذلك غالب على عمله وعمل هذا غالب على علمه ولذلك جعل العلماء ورثة الأنبياء والمراد بالفضل كثرة ثواب ما يعطيه الله للعبد في الآخرة من درجات الجنة ولذاتها ومأكلها ومشربها ونعيمها الجسماني أو ما يمنح من مقامات القرب ولذة النظر إليه وسماع كلامه ولذة المعارف الإلهية الحاصلة عند كشف الغطاء ونحو ذلك قال ابن الملقي: فيه أن نور العلم يزيد على نور العبادة كما مثله بالقمر بالنسبة لباقي الكواكب <تنبيه> قال ابن عربي: العالم أشرف من صاحب الحال فإن صاحب الحال حكمه كالمجنون لا يكتب له ولا عليه والعالم يكتب له وعليه فصاحب العلم أتم من صاحب الحال فالحال في الدنيا نقص وفي الآخرة تمام والعلم هنا تمام وفي الآخرة تمام <تنبيه> المراد في هذه الأخبار بالعالم من صرف زمنه للتعليم وللإفتاء والتصنيف ونحو ذلك وبالعابد من انقطع للعبادة تاركا ذلك وإن كان عالما
(حل عن معاذ) بن جبل قضية تصرف المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة وليس كذلك بل رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه
5861 -
(فضل العالم على العابد سبعين) فيه ما تقرر في حديث فضل الصلاة بسواك إلخ (درجة) أي منزلة عالية في الجنة وليس هو تمثيل للرفعة المعنوية كما قيل (ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض) وذلك لأن الشيطان يضع البدعة للناس فيبصرها العالم فينهى عنها والعابد يقبل على عبادته لا يتوجه لها ولا يعرفها هكذا ورد تعليله في نص حديث عند الديلمي في الفردوس
(ع عن عبد الرحمن بن عوف) قال الهيثمي: فيه الخليل بن مرة قال البخاري: منكر الحديث وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه وليس بمتروك
5862 -
(فضل المؤمن العالم على المؤمن العابد سبعون درجة) زاد في رواية ما بين كل درجتين حضر الفرس السريع المضمر مئة عام وزاد لفظ المؤمن إشارة إلى أن الكلام في عالم كامل الإيمان عامل بعلمه وفي عابد كامل الإيمان عارف بالفروض العينية وإلا فهو غير عابد
(ابن عبد البر) في العلم (عن ابن عباس) قال الحافظ العراقي: في سنده ضعف وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر من ابن عبد البر وهو غفلة فقد خرجه ابن عدي عن أبي هريرة
5863 -
(فضل العالم على غيره) من كل عابد وإمام وغير ذلك فهو أعم مما قبله (كفضل النبي على أمته) لأن الشيطان
⦗ص: 434⦘
يبدع البدعة للناس فيبصرها العالم فينهى عنها والعابد مقبل على عبادته قاصر على نفع نفسه
(خط عن أنس) بن مالك
5864 -
(فضل العلم أحب إلي) وفي رواية الطبراني بدل أحب إلي خير (من فضل العبادة) أي نفل العلم أفضل من نفل العمل كما أن فرض العلم أفضل من فرض العمل وفضل العلم ما زاد على المفترض وقال السهروردي: الإشارة بهذا العلم ليس إلى علم البيع والشراء والطلاق والعتاق بل إلى العلم بالله وقوة اليقين وقد يكون العبد عالما بالله وليس عنده علم من فروض الكفايات وقد كانت الصحابة رضي الله تعالى عنهم أعلم من علماء التابعين رحمهم الله بحقائق اليقين ودقائق المعرفة وفي علماء التابعين من هو أقوم بعلم الفتوى من بعض الصحابة لأن فضل العلم يحكم العبادة ويصححها ويخلصها ويصفيها قال حجة الإسلام: العلم أشرف جوهرا من العبادة مع العمل به وإلا كان علمه هباء منثورا إذ العلم بمنزلة الشجرة والعبادة بمنزلة الثمر فالشرف للشجرة لكونها الأصل لكن الانتفاع بثمرتها فلا بد للعبد من أن يكون له من كلا الأمرين حظ ونصيب ولهذا قال الحسن: اطلبوا العلم طلبا لا يضر العبادة واطلبوا العبادة طلبا لا يضر بالعلم (وخير دينكم الورع)
(البزار) في مسنده (طس ك عن حذيفة) بن اليمان قال المنذري: وإسناده لا بأس به وقال في موضع آخر: حسن (ك عن سعد) بن أبي وقاص ورواه الترمذي في العلل عن حذيفة ثم ذكر أنه سأل عنه البخاري فلم يعده محفوظا اه. وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: لا يصح والمتهم بوضعه عبد الله بن عبد القدوس
5865 -
(فضل القرآن) في رواية فضل كلام الله (على سائر الكلام كفضل الرحمن) تعالى وفي رواية للترمذي كفضل الله وعبر هنا بالرحمن مشاكلة لقوله تعالى {الرحمن علم القرآن} (على سائر خلقه) لأن بلاغة البيان تعلو إلى قدر علو المبين والكلام على قدر المتكلم فعلو بيان الله على بيان خلقه بقدر علوه على خلقه فبيان كل مبين على قدر إحاطة علمه فإذا أبان الإنسان عن الكائن أبان بقدر ما يدرك منه وهو لا يحيط به علمه فلا يصل إلى غاية البلاغة في بيانه وإذا أنبأ عن الماضي فيقدر ما بقي من ناقص علمه لما لزم الإنسان من النسيان وإذا أراد أن ينبئ عن الآتي أعوزه البيان كله إلا بقدره فبيانه في الكائن ناقص وفي الماضي أنقص وبيانه في الآتي ساقط {بل يريد الإنسان ليفجر أمامه} وبيان الحق سبحانه وتعالى عن الكائن بالغ إلى غاية ما أحاط به علمه {قل إنما العلم عند الله} وعن المنقطع كونه بحسب إحاطته بالكائن وسبحانه من النسيان {لا يضل ربي ولا ينسى} وعن الآتي فيما هو الحق الواقع {فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين} والمبين الحق لا يوهم بيانه إيهام لنسبة النقص لبيانه والإنسان يتهم نفسه في البيان ويخاف من نسبة العي إليه فيضعف مفهوم بيانه ومفهوم بيان القرآن أضعاف أضعاف إفصاحه ذكره الحرالي
(ع في معجمه هب عن أبي هريرة) وفيه أشعث الحرالي قال الذهبي: ثقة وشهر بن حوشب أورده أعني الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن عدي لا يحتج به وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة وهو ذهول فقد خرجه الترمذي بلفظ: فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه لكن عذر المصنف أنه وقع في ذيل حديث فلم ينبه له ولفظه بتمامه يقول الرب عز وجل من شغله القرآن عن ذكري وعن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه. قال ابن حجر في الفتح: ورجاله ثقات إلا عطية العوفي ففيه ضعيف وخرجه ابن عدي من رواية شهر بن حوشب عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه وفيه عمر بن سعيد الأشج وهو ضعيف وخرجه ابن الضريس من وجه آخر عن شهر بن حوشب مرسلا ورجاله لا بأس بهم وخرجه ابن حميد
⦗ص: 435⦘
الحماني في مسنده من حديث عمر بن الخطاب وفيه صفوان بن أبي الصهب مختلف فيه وخرجه ابن الضريس أيضا عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان رفعه خيركم من تعلم القرآن وعلمه ثم قال: وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه قال ابن حجر: أشار البخاري في خلق الأفعال إلى أنه لا يصح مرفوعا
5866 -
(فضل الماشي خلف الجنازة على فضل الماشي أمامها كفضل المكتوبة على التطوع) وبهذا أخذ الحنفية فقالوا: الأفضل للمشيع أن يمشي خلفها وذهب الشافعية إلى أن الأفضل للمشيع المشي أمامها وإن ركب لأنه شفيع وحق الشفيع أن يتقدم واستظهر على ذلك بأحاديث أخرى
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه الديلمي أيضا
5867 -
(فضل الوقت الأول على الآخر) وفي رواية فضل الصلاة أول الوقت على آخره (كفضل الآخرة على الدنيا) فأعظم به من فضل فيتأكد الحث على المبادرة
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) في الثواب وكذا الديلمي (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف
5868 -
(فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره) من المساجد (مئة ألف صلاة وفي مسجدي ألف صلاة وفي مسجد بيت المقدس خمس مئة صلاة) كما سبق موضحا
(هب عن أبي الدرداء) وفيه سعيد بن سالم يعني القداح ليس بذاك عن سعيد بن بشير قال الذهبي: شبه المجهول
5869 -
(فضل صلاة الجماعة على صلاة الرجل وحده خمس وعشرون درجة) قال الزركشي: كذا وقع في الصحيحين خمس بحذف الموحدة في أوله والهاء من آخره قال: وخفض خمس على تقدير الباء كقول الشاعر:
أشارت كليب بالأكف الأصابع. . . أي إلى كليب وأما حذف الهاء فعلى تأويل الجزء بالدرجة (وفضل صلاة التطوع في البيت على فعلها في المسجد كفضل صلاة الجماعة على صلاة المنفرد
(ابن السكن عن ضمرة بن حبيب) الزهري الحمصي وثقه ابن معين (عن أبيه) حبيب
5870 -
(فضل صلاة الجماعة على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر) قيل هم الحفظة وقيل غيرهم وأيد بأن الحفظة لم ينقل أنهم يفارقونه ولا أن حفظة الليل غير حفظة النهار وبأنهم لو كانوا الحفظة لم يقع الاكتفاء في السؤال منهم عن حالة الترك دون غيرها في قوله كيف تركتم عبادي ثم المراد باجتماعهم أنهم يشهدون الصلاة في جماعة أو هو أعم قال ابن بطال: وقوله وتجتمع إلخ إشارة إلى أن الدرجتين الزائدتين
⦗ص: 436⦘
على خمس وعشرين يؤخذ من ذلك
(ق عن أبي هريرة)
5871 -
(فضل صلاة الرجل) والمرأة أولى وفي رواية فضل صلاة التطوع (في بيته على صلاته حيث يراه الناس كفضل المكتوبة على النافلة) وهذا في النفل وأما الفرض فصلاته في المسجد أفضل وإن رآه الناس بدليل خبر أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة
(طب عن صهيب بن النعمان) رمز المصنف لحسنه قال الذهبي في الصحابة: له حديث رواه عنه هلال بن يساف في الطبراني تفرد به قيس بن الربيع اه. وقال الهيثمي: فيه محمد بن مصعب الفرفسائي ضعفه ابن معين وغيره ووثقه أحمد
5872 -
(فضل صلاة الليل على النهار كفضل صدقة السر على صدقة العلانية) يؤخذ من القياس أن من أراد الاقتداء به وتعليم غيره فصلاة النهار في حقه بذلك القصد أفضل ولم أر من ذهب إليه
(ابن المبارك) في الزهد (طب حل عن ابن مسعود) قال الهيثمي: رجاله ثقات اه. وخرجه البيهقي باللفظ المذكور وصحح وقفه
5873 -
(فضل غازي البحر على غازي البر كفضل غاز البر على القاعد في أهله وماله)
(طب عن أبي الدرداء) وإسناده حسن
5874 -
(فضل غازي البحر على غازي البر كعشر غزوات في البر) لما في ركوب البحر من الخطر والغرور والمشقة
(طب عن أبي الدرداء) وإسناده حسن
5875 -
(فضل حملة القرآن على الذي لم يحمله كفضل الخالق على المخلوق) فأفهم الناس من وهبه الله فهما في كلامه ووعيا في كتابه ففي علمه يندرج كل علم من أصناف العلوم ففيه تفصيل كل شيء قال الحكيم: وهذا فيمن حمل القرآن فأقامه على ما أنزل من ربه وعمل بأمره ونهيه ووعده ووعيده فإذا مر في تلاوته بذكر الجنة حن إليها وعمل عليها للقائه في داره والنظر إليه وإذا مر بذكر النار التي هي سجنه أشفى صدره من أعدائه لما أعد لهم وإذا مر بذكر القرون فرأى نصرة الأولياء ونقمة الأعداء فرح بنصرة الأولياء وشمت بنقمة الأعداء وإذا مر بضرب الأمثال صار قلبه مرآة قد عاينت ما وصف له فكأنه مشاهده بقلبه فزاده إيمانا مع إيمانه وإذا مر بحججه الدامغة للباطل قوي بها وازدادت بصيرته وإذا مر باللطائف وعلائم الرقة والرحمة ازداد علما بالله وبمنازل العباد منه وإذا مر بمحض التوحيد والفردية لهى عن كل ما سواه وانفرد به تعلقا بفرديته فمن هذا شأنه فهو المراد هنا وأما ذو التخليط الذي إنما يقرؤه مع كدورة النفس وضيقها وتعسرها وتكدرها ونفسه شهوانية ثقيلة في ائتماره بطيئة عن المسارعة إلى الخيرات متحملة أثقال التكليف ملجمة بالوحيد ولولاه لركضت به نفسه في ميادين الحائرين فأجنبي من هذا المقام
(فر عن ابن عباس) وفيه محمد بن تميم الغرياني قال الذهبي: قال ابن حبان كان يضع الحديث والحكم بن أبان قال ابن المبارك: ارم به ورواه ابن لال وعنه أورده الديلمي فكان عزوه إلى الأصل أولى
5876 -
(فضل الثريد على الطعام كفضل عائشة على النساء) ضرب المثل بالثريد لأنه أفضل طعامهم ولأنه ركب من خبز
⦗ص: 437⦘
ولحم ومرقة ولا نظير له في الأطعمة ثم إنه جامع بين الغداء واللذة والقوة وسهولة التناول وقلة المؤونة في المضغ وسرعة المرور في الحلقوم فخص المثل به إيذانا بأنها جمعت مع حسن الخلق حسن الخلق وحسن الحديث وحلاوة المنطق وفصاحة اللهجة وجودة القريحة ورزانة الرأي ورصانة العقل والتحبب للبعل ومن ثم عقلت منه ما لم يعقل غيرها من نسائه وروت عنه ما لم يرو مثلها من الرجال إلا قليلا قال ابن القيم: الثريد وإن كان مركبا فإنه مركب من خبز ولحم فالخبز أفضل الأقوات واللحم سيد الإدام فإذا اجتمعا لم يكن بعدهما غاية وفي أفضلهما خلاف والصواب أن الحاجة للخبز أعم واللحم أفضل وهو أشبه بجوهر البدن من كل ما عداه
(هـ عن أنس) بن مالك ورواه عنه الديلمي أيضا
5877 -
(فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرأه ظاهرا) أي عن ظهر قلب (كفضل الفريضة على النافلة) فالقراءة نظرا في المصحف أفضل لأنها تجمع القراءة والنظر وهو عبادة أخرى نعم إن زاد خشوعه بها حفظا فينبغي كما في المجموع تفضيله لأن المدار على الخشوع ما أمكن إذ هو روح العبادة وأسها
(أبو عبيدة في فضائله) أي القرآن (عن بعض الصحابة) وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير وليس كذلك بل رواه أبو نعيم والطبراني والديلمي وفيه بقية
5878 -
(فضل الله قريشا) أي قبيلة قريش (بسبع خصال لم يعطها أحد قبلها ولا يعطاها أحد بعدهم: فضل الله قريشا أني منهم وأن النبوة فيهم وأن الحجابة فيهم) هي سدانة الكعبة وتولي حفظها لمن بيده مفتاحها كانت أولا في بني عبد الدار ثم صارت في بني شيبة بتقرير المصطفى صلى الله عليه وسلم (وأن السقاية فيهم) وكان يليها العباس جاهلية وإسلاما وأقرها النبي صلى الله عليه وسلم له فهي لآل العباس أبدا قالوا: فلا يجوز لأحد نزعها منهم ما بقي من ذريته أحد قال في المجمل: السقاية المحل الذي يتخذ فيه الشراب في الموسم كان يشتري الزبيب فينبذ في ماء زمزم ويسقي الناس (ونصرهم على الفيل وعبدوا الله سبع سنين) أي من أسلم منهم (لا يعبده غيرهم) في تلك المدة وهي ابتداء البعثة (وأنزل الله فيهم سورة من القرآن لم يذكر فيها أحد غيرهم) وهي سورة (لإيلاف قريش)
(تخ طب ك) في التفسير من حديث يعقوب بن محمود الزهري عن إبراهيم بن محمد بن ثابت عن عثمان بن أبي عتيق عن سعيد بن عمرو عن أبيه عن جدته أم هانئ (والبيهقي في الخلافيات عن أم هانئ) أخت علي أمير المؤمنين قال الحاكم: صحيح فرده الذهبي بأن يعقوب ضعيف وإبراهيم صاحب مناكير هذا أنكرها فالصحة من أين؟ وقال الهيثمي: فيه من لم أعرفهم
5879 -
(فضل الله قريشا بسبع خصال فضلهم بأنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبد الله إلا قريش) الظاهر أن المراد لا يعبده عبادة صحيحة إلا هم ليخرج أهل الكتابين فإنهم كانوا موجودين حينئذ يعبدون في الديورات والصوامع لكنها عبادة فاسدة (وفضلهم بأنه نصرهم يوم الفيل وهم مشركون) أي والحال أنهم عبدة أوثان (وفضلهم بأنه نزلت فيه سورة من القرآن لم يدخل فيها أحد من العالمين وهي لإيلاف قريش وفضلهم بأن فيهم النبوة والخلافة) أي الإمامة العظمى
⦗ص: 438⦘
لا يجوز أن يليها إلا قريش (والحجابة والسقاية)
(طس عن الزبير) بن العوام قال الهيثمي: فيه مضعفون
5880 -
(فضلت على الأنبياء بست) وفي الحديث الآتي بخمس قال التوربشتي: وليس باختلاف تضاد بل اختلاف زمان وقع فيه حديث الخمس متقدما وذلك أنه أعطيها فحدث به ثم زيد فأخبر به ولا يعارضه لا تفضلوني لأن هذا إخبار عن الأمر الواقع لا أمر بالتفضيل وقد قيل إن الاختصاص بالمجموع لا بالجميع لأن نوحا هو آدم الأصغر ولم يبق على وجه الأرض بعد الغرق إلا من كان معه وعيسى كان سياحا في الأرض يصلي حيث أدركته الصلاة (أعطيت جوامع الكلم) أي جمع المعاني الكثيرة في ألفاظ يسيرة وقيل إيجاز الكلام في إشباع من المعنى فالكلمة القليلة الحروف منها تتضمن كثيرا من المعاني وأنواعا من الكلام (ونصرت بالرعب) يقذف في قلوب أعدائي فيخذلهم (وأحلت لي الغنائم) جمع غنيمة (وجعلت لي الأرض طهورا) بفتح الطاء (ومسجدا وأرسلت إلى الخلق كافة) أي أرسلت إرسالة محيطة بهم لأنها إذا شملتهم كفتهم أن يخرج منها أحد منهم ولا يعارضه أن نوحا بعد خروجه من الفلك كان مبعوثا للكل لأن ذلك إنما كان لانحصار الخلق فيمن كان معه حيئنذ والمصطفى صلى الله عليه وسلم عموم رسالته في أصل بعثته فلا ملجئ إلى تأويل المطامح وغيرها للخبر بأن المراد مجموع الخمس لا جميعها نعم مال ابن دقيق العيد إلى أن بعثة الأنبياء بالنسبة للتوحيد عامة (وختم بي النبيون) أي أغلق باب الوحي وقطع طريق الرسالة وسد وجعل استغناء الناس عن الرسل وإظهار الدعوة بعد تصحيح الحجة وتكميل الدين أو أما باب الإلهام فلا ينسد وهو مدد يعين النفوس الكاملة فلا ينقطع لدوام الضرورة وحاجة الشريعة إلى تأكيد وتذكير وكما أن الناس استغنوا عن الرسالة والدعوة احتاجوا إلى التنبيه والتذكير لاستغراقهم في الوسواس وانهماكهم في الشهوات واللذات فالله تعالى أغلق باب الوحي بحكمة وتجديد وفتح الإلهام برحمته لطفا منه بعباده فعلم أنه ليس بعده نبي وعيسى إنما ينزل بتقرير شرعه قال الزين العراقي: وكذا الخضر وإلياس بناء على ثباتهما وبقائهما إلى الآن فكل منهما تابع لأحكام هذه الملة
(م ت عن أبي هريرة) ورواه أبو يعلى وغيره
5881 -
(فضلت على الأنبياء بخمس) من الخصال (بعثت إلى الناس كافة وذخرت شفاعتي لأمتي) قال في المطامح: قد استفاضت أخبار الشفاعة في الشريعة وصارت في حيز التواتر (ونصرت بالرعب شهرا أمامي وشهرا خلفي وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي) تمسك بظاهره وما قبله وما بعده أبو حنيفة ومالك على جواز التيمم بجميع أجزاء الأرض من حجر ورمل وحصباء قالوا فكما يجوز الصلاة عليها يجوز التيمم بها وخصه الشافعي وأحمد بالتراب تمسكا بخبر مسلم وجعلت تربتها لنا طهورا فحمل الإطلاق على التقييد: وقول القرطبي هو ذهول رد بأنه هو الذهول وذلك مبسوط في الأصول
(طب عن السائب بن يزيد) قال الهيثمي: وفيه إسحاق بن عبد الله ابن أبي فروة وهو متروك
⦗ص: 439⦘
5882 - (فضلت بأربع جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أتى الصلاة فلم يجد ما يصلي عليه وجد الأرض مسجدا وطهورا وأرسلت إلى الناس كافة ونصرت بالرعب من مسيرة شهرين يسير بين يدي وأحلت لي الغنائم) قال الطيبي: لا منافاة بين فيما سبق ست وخمس وهنا أربع لأن ذكر الأعداد لا يدل على الحصر وقد يكون أعلم في وقت بأربع ثم بأكثر قال الزين العراقي: ويحصل بما في مجموع الأخبار إحدى عشرة خصلة وهي إعطاؤه جوامع الكلم ونصرته بالرعب وإحلال الغنائم وجعل الأرض طهورا ومسجدا وإرساله إلى الكافة وختم الأنبياء به وجعل صفوف أمته كصفوف الملائكة وإعطاؤه الشفاعة وتسميته أحمد وجعل أمته خير الأمم وإيتاؤه خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش
(هق عن أبي أمامة) ورواه عنه بنحوه الطبراني وغيره
5883 -
(فضلت بأربع جعلت أنا وأمتي في الصلاة كما تصف الملائكة) قال الزين العراقي: المراد به التراص وإتمام الصفوف الأول فالأول في الصلاة فهو من خصائص هذه الأمة وكانت الأمم السابقة يصلون منفردين وكل واحد على حدة (وجعل الصعيد لي وضوءا وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأحلت لي الغنائم) فيه رد لقول ابن يزيد يحتمل أن المراد به الاصطفاف في الجهاد وفيه مشروعية تعديد نعم الله وإلقاء العلم قبل السؤال وأن الأصل في الأرض والطهارة وأن صحة الصلاة لا تختص بالمسجد المبني وأما حديث لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد فضعيف كما يأتي واستدل به صاحب المبسوط من الحنفية على إظهار كرامة الآدمي لأنه خلق من ماء وتراب وقد ثبت أن كلا منهما طهور
(طب عن أبي الدرداء)
5884 -
(فضلت على الناس بأربع) خصها باعتبار ما فيها من النهاية التي لا ينتهي إليها أحد غيره لا باعتبار مجرد الوصف (بالسخاء) أي الجود فإنه كان أجود من الريح المرسلة (والشجاعة) هي كما سبق خلق غضبي بين إفراط يسمى تهورا وتفريط يسمى جبنا (وكثرة الجماع) لكمال قوته وصحة ذكورته (وشدة البطش) فيما ينبغي على ما ينبغي وقدم السخاء لجموم منافعه وثني بالشجاعة لأنه نبي الجهاد {يا أيها النبي جاهد الكفار} وثلث بالجماع لما سبق أن قوته عليه معجزة وربع بشدة البطش لأنه من لوازم القوة وساغ له مدح نفسه لأنه مأمون الخطأ ولذا جاز له الحكم لنفسه
(طس والإسماعيلي) في معجمه كلاهما من طريق واحدة (عن أنس) قال الهيثمي: إسناد الطبراني رجاله موثقون اه وغره قول شيخه العراقي: رجاله ثقات لكن في الميزان: إنه خبر منكر رواه الطبراني عن محمد بن هارون عن العباس بن الوليد عن مروان بن محمد عن سعيد بن بشر بن قتادة عن أنس ومروان بن محمد هو الدمشقي
⦗ص: 440⦘
الطاطري كان مرجئا وفيه خلاف قال في اللسان: لا ذنب فيه لهذا الرجل والظاهر أن الضعف من قبيل سعد بن بشير اه. ومن ثم قال ابن الجوزي: حديث لا يصح
5885 -
(فضلت على آدم بخصلتين كان شيطاني كافرا فأعانني الله عليه حتى أسلم وكن أزواجي عونا لي) على طاعة ربي (وكان شيطان آدم كافرا) ولم يسلم (وكانت زوجته عونا على خطيئته) فإنها حملته على أن أكل من الشجرة فأهبطا من الجنة وقد فضل عليه بخصال أخرى ومفهوم العدد ليس بحجة عند الجمهور
(البيهقي في الدلائل عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه محمد بن الوليد البقلانسي قال في الميزان: عن ابن عدي يضع وعن أبي عروبة كذاب قال: ومن أباطيله هذا الخبر وقال الحافظ العراقي: ضعيف لضعف محمد بن الوليد
5886 -
(فضلت سورة الحج على القرآن بسجدتين) فسجدات التلاوة أربع عشرة منها سجدتا سورة الحج وغيرها من السور ليس فيها إلا سجدة واحدة وهذا نص صريح ناص على ما ذهب إليه الشافعي من أن في الحج سجدتين وقال أبو حنيفة: فيها سجدة واحدة فسجدات التلاوة أربع عشرة بالاتفاق بين المذهبين لكن الشافعي يجعل في الحج ثنتين ولا سجود في " ص " والحنفي يثبت سجدة " ص " وينفي سجدة من سجدتي الحج
(د في مراسيله هق عن خالد بن سعدان مرسلا) قال أبو داود: وقد أسند هذا ولا يصح وقال ابن حجر: كأنه يشير إلى حديث عقبة وهو ما ذكره بقوله:
5887 -
(فضلت سورة الحج بأن فيها سجدتين) وأما خبر ابن عباس لم يسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة فناف وضعيف على أن الترك إنما ينافي الوجوب لا الندب (ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما) أي السورة قال التوربشتي: كذا وجدنا في نسخ المصابيح يقرأها بإعادة الضمير إلى السورة وهو غلط والصواب فلا يقرأهما بإعادة الضمير إلى السجدتين كما في أبي داود والترمذي ووجه النهي عن قراءتهما أن السجدة شرعت في حق التالي بتلاوته والآيتان بها من حق التلاوة وتمامها فإن كانت بصدد التضييع فالأولى به تركها لأنها إما أن تكون واجبة فيأثم بتركها أو سنة فيلام بالتهاون بها
(حم ت) وكذا أبو داود وكأن المصنف ذهل عنه (طب ك عن عقبة بن عامر) قال: قلت يا رسول الله فضلت سورة الحج بأن فيها سجدتان قال: نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما قال الطيبي: وهمزة الاستفهام مضمرة في قوله فضلت بدلالة قوله نعم في الجواب قال الحاكم: صحت الرواية في هذا من قول عمر وطائفة وقال الترمذي: إسناده ليس بقوي قال المناوي: وذلك لأن فيه ابن لهيعة وشرح ابن هاعان ولا يحتج بحديثهما كما قال المنذري وعجب سكوت الحاكم عليه وأعجب منه سكوت الذهبي وقال ابن حجر: فيه ابن لهيعة وهو ضعيف
5888 -
(فضلت المرأة على الرجل بتسعة وتسعين جزءا من اللذة) أي لذة الجماع (ولكن الله ألقى عليهن الحياء) فهو
⦗ص: 441⦘
الذي منعهن من إظهار تلك اللذة والاستكثار من نيلها والحرص على تحصيلها
(هب عن أبي هريرة) وفيه داود مولى أبي مكمل قال في الميزان: قال البخاري منكر الحديث ثم ساق له هذا الخبر انتهى. وأقول: فيه أيضا ابن لهيعة وأسامة بن زيد الليثي أورده الذهبي في الضعفاء وقال: فيه لين ورواه الطبراني والديلمي عن ابن عمر
5889 -
(فضلنا على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء وأعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش لم يعطها نبي قبلي) قال الطيبي: هذه الخصال من بعض خصائص هذه الأمة المرحومة ثنتان منها لرفع الحرج ووضع الإصر كما قال تعالى {ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا} وواحدة إشارة إلى رفع الدرجات في المناجاة بين يدي بارئهم صافين صفوف الملائكة المقربين كما قال {وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون} وقال الخطابي: إنما جاء على مذهب الامتنان على هذه الأمة فإنه رخص لهم في الطهور بالأرض والصلاة عليها في بقاعها وكانت الأمم لا يصلون إلا في كنائسهم وبيعهم وقال الأشرفي: فيه أن الصلاة بالتيمم لا تجوز عند القدرة على الماء وقال البغوي: خص التراب بالذكر لكونه طهورا
(حم م ن عن حذيفة) بن اليمان
5890 -
(فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة) أي العار والمشقة الحاصلان للنفس من كشف العيوب في الدنيا ونشرها بين الناس بقصد الاستحلال والتنصل منها أهون من كتمانها وبقائها على رؤوس الناس ملطخا بها حتى تنشر وتشهر في الموقف الأعظم على رؤوس الأشهاد يوم التناد وهذا قاله للملاعنة لما أرادت تلتعن فعلى من ابتلى بأمر فيه خيانة أو تطفيف أو توجه حق عليه في نفس أو مال أن لا يمتنع من أداء الحق خوف العار والفضيحة
(طب) وكذا الأوسط (عن الفضل) بن عباس وفيه القاسم بن يزيد قال في الميزان عن العقيلي: حديث منكر ثم ساق من مناكيره هذا الخبر وقال العراقي: هذا الحديث منكر وقال تلميذه الهيثمي: فيه مجهولون ورواه أبو يعلى بإسناد أصح من هذا إذ غايته أن فيه عطاء بن سليم مختلف فيه وبقية رجاله كما قال الهيثمي: ثقات فلو عزاه المصنف إليه لكان أولى
5891 -
(فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون وعرفة يوم تعرفون) وقد مر ويأتي
(الشافعي) في مسنده (هق عن عطاء مرسلا) قال ابن حجر: ورواه الترمذي واستغربه وصححه الدارقطني عن عائشة تدفعه وصوب وقفه
5892 -
(فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون وكل عرفة موقف وكل منى منحر وكل فجاج مكة منحر وكل جمع موقف) قال الخطابي: معناه أن الخطأ موضوع عن الناس فيما سبيله الاجتهاد فلو اجتهد قوم فلم يروا الهلال إلا بعد ثلاثين فأتموا ثم ثبت أن الشهر تسع وعشرون فصومهم وفطرهم ماض وكذا إذا أخطأوا يوم عرفة أجزاهم ولا قضاء تخفيفا
⦗ص: 442⦘
من الله ورفقا بهم
(د هق) من حديث محمد بن المنكدر (عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته قال البزار: ومحمد لم يسمع من أبي هريرة
5893 -
(فعل المعروف يقي مصارع السوء) قال العامري: المعروف هنا يعود إلى مكارم الأخلاق مع الخلق كالبر والمواساة بالمال والتعهد في مهمات الأحوال كسد خلة وإغاثة ملهوف وتفريج مكروب وإنقاذ محترم من محذور فيجازيه الله من جنس فعله بأن يقيه مثلها أو يقيه مصارع السوء عند الموت
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في) كتاب فضل (قضاء الحوائج) للناس (عن أبي سعيد) الخدري والقضاعي في الشهاب
5894 -
(فقدت) بضم الفاء وكسر القاف مبنيا للمفعول (أمة) بالرفع نائب الفاعل جماعة أو طائفة (من بني إسرائيل لا يدري) بالبناء للمفعول (ما فعلت وإني لأراها) بضم الهمزة لأظنها ظنا مؤكدا يقرب من الرؤية البصرية (إلا الفأر) بإسكان الهمزة زاد مسلم في روايته مسخ وآية ذلك ما ذكره بقوله (ألا ترونها إذا وضع لها ألبان الإبل لم تشرب) لأن لحوم الإبل وألبانها حرمت على بني إسرائيل (وإذا وضع لها ألبان الشاه) أي الغنم (شربت) لأنها حلال لهم كلحمها وذلك دليل على المسخ قال القرطبي: هذا قاله ظنا وحدثا قبل أن يوحى إليه أن الله لم يجعل لمسخ نسلا فلما أوحى إليه به زال عنه التخوف وعلم أن الفأر ليس من نسل ما مسخ ويحرم أكل الفأر لا لكونه مسخ بل لأن المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم استخبثه كما استخبث الوزغ وأمر بقتله وسماه فويسقا
(حم ق عن أبي هريرة)
5895 -
(فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بخمس مئة عام) وفي رواية للترمذي أيضا عن جابر مرفوعا وحسنه يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الأغنياء بأربعين خريفا وفي مسلم عن ابن عمرو مرفوعا فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفا قال القرطبي: اختلاف هذه الأخبار يدل على أن الفقراء مختلفون في الحال وكذا الأغنياء ويرتفع الخلاف بأن يرد المطلق إلى المقيد في روايتي الترمذي ويكون المعنى فقراء المسلمين المهاجرين والجمع بينهما وبين خبر مسلم أن سباق الفقراء من المهاجرين يسبقون سباق الأغنياء منهم بأربعين خريفا وغير سباق الأغنياء بخمس مئة عام
(ت عن أبي سعيد) الخدري وحسنه وتبعه المؤلف فرمز لحسنه
5896 -
(فقيه) في رواية الفقيه (واحد أشد على الشيطان من ألف عابد) لأن الشيطان كلما فتح بابا على الناس من الهوى وزين الشهوات في قلوبهم بين الفقيه العارف مكايده ومكامن غوائله فيسد ذلك الباب ويرده خائبا خاسرا والعابد ربما اشتغل بالعبادة وهو في حبائل الشيطان ولا يدري قال الغزالي: والمراد بالفقه هنا علم طريق الآخرة ومعرفة دقائق آفات النفوس ومفسدات الأعمال وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة واستيلاء الخوف على القلب لا تفريعات الطلاق واللعان والسلم والإجارة فإن التجرد له على الدوام يقسي القلب وينزع الخشية منه كما يشاهد من المتجردين فيه انتهى. وقال الذهبي: هذا الحديث لو صح نص في الفقيه الذي تبصر في العلم ورقى إلى الاجتهاد وعمل بعلمه لا كفقيه اشتغل بمحض الدنيا
(ت) في العلم (هـ) في السنة (عن ابن عباس) قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من
⦗ص: 443⦘
هذا الوجه وأورده ابن الجوزي في العلل وقال: لا يصح والمتهم به روح بن جناح قال أبو حاتم: يروي عن الثقات ما لم يسمعه من ليس متجرا في صناعة الحديث شهد له بالوضع انتهى. وقال الحافظ العراقي: ضعيف جدا
5897 -
(فكرة ساعة) أي صرف الذهن لحظة من العبد في تدبير تقصيره وتفريطه في حقوق الحق ووعده وعيده وحضوره بين يديه ومحاسبته له ووزن أعماله وخوف خسرانه وجوازه على الصراط وشدة وحدته وغير ذلك من أهوال القيامة (خير من عبادة ستين سنة) مع عزوبة البال عن التفكير بهذه الأهوال لأنه إذا تفكر في ذلك قوي خوفه واجتمع همه وصارت الآخرة نصب عينيه فأوقع العبادة بفراغ قلب من الشواغل الدنيوية ونشاط وجد وتشمير ومن قل تفكره قسى قلبه وتفرق شمله وتتابعت عليه الغفلة فهو وإن تعبد فقلبه هائج بأشغال الدنيا متكل على عقله غير معتمد على ربه لا يتأثر بقوارع التخويف ولا ينزجر بزواجر التذكير قال الحرالي: لا خير في عبادة إلا بتفكر كما أن الباني لا بد أن يفكر في بنيانه كما قال الحكيم أول الفكرة آخر العمل وأول العمل آخر الفكرة كذلك من حق أعمال الإيمان أن لا تقع إلا بفكرة في إصلاح أوائلها السابقة وأواخرها اللاحقة وقال بعضهم: إن العبادة تنقسم إلى ظاهرة بالأركان وباطنة بالقلب والجنان وعادة الباطن أفضل وأخلص وأصفى ولأسلم والفكر أتمها لحصول القلب في عالم الغيب وخروجه عن عالم الشهادة والحس وعظم الفكر بحسب المتفكر فيه فمنهم من تفكر في المصنوعات استدلالا على صانعها ومنهم من تفكر في الجنة والنار كأنه يعاينها ومنهم من تفكر في عظمة الله ومشاهدته
(تتمة) قال الغزالي: عن وهب كان فيمن قبلكم رجل عبد الله سبعين سنة صائما قائما فسأل الله حاجة فلم تقض فأقبل على نفسه وقال: من قبلك أتيت لو كان عندك خير قضيت حاجتك فأنزل الله ملكا فقال: ساعتك التي ازدريت فيها نفسك خير من عبادتك التي مضت
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (العظمة) من حديث عثمان بن عبد الله القرشي عن إسحاق بن نجيح الملطي عن عطاء الخراساني عن أبي هريرة أورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال: فيه عثمان بن عبد الله القرشي عن إسحاق الملطي كذابان فأحدهما وضعه وتعقبه المؤلف بأن العراقي اقتصر في تخريج الأحياء على ضعفه وله شاهد
5898 -
(فكوا) خلصوا والفكاك بفتح الفاء وتكسر التخليص (العاني) بمهملة ونون أي أعتقوا الأسير من أيدي العدو بمال أو غيره كالرقيق قال ابن الأثير: العاني الأسير وكل من ذل واستكان وخضع فقد عنا قال ابن بطال: فكاك الأسير فرض كفاية وبه قال الجمهور وقال ابن راهويه: من بيت المال وروي عن مالك وقال أحمد: يفادي بالرؤوس أو بالمال أو بالمبادلة (وأجيبوا الداعي) أي إلى نحو وليمة أو معاونة (وأطعموا الجائع) ندبا إن لم يصل لحالة الاضطرار ووجوبا إن وصل قال ابن حجر: وأخذ من الأمر بإطعام الجائع جواز الشبع لأنه ما دام قبل الشبع فصفة الجوع قائمة به والأمر بإطعامه مستمر (وعودوا المريض) ندبا مؤكدا إن كان مسلما وإلا فجوازا وإن كان نحو قريب أو جار أو رجي إسلامه قال في المطامح: هذه مصلحة كلية ومواساة عامة لا يقوم نظام الدنيا والآخرة إلا بها وقال ابن الأثير: المقصرون الذين وجب حقهم على غيرهم منحصرون في هذه الأقسام صريحا أو كناية عند إمعان النظر
(حم خ عن أبي موسى) الأشعري ورواه عنه الحارث وغيره
5899 -
(فلق البحر لبني إسرائيل) فدخلوا فيه لما تبعهم فرعون وجنوده (يوم عاشوراء) اليوم العاشر من المحرم فمن ثم
⦗ص: 444⦘
صاموه شكرا لله على نجاتهم وهلاك عدوهم
(ع وابن مردويه) في التفسير (عن أنس) قال ابن القطان: فيه ضعيفان وقال الهيثمي: فيه يزيد الرقاشي وفيه كلام كثير
5900 -
(فمن أعدى الأول) قاله لمن استشهد على العدوى بإعداء البعير الأجرب للإبل وهو من الأجوبة المسكتة البرهانية التي لا يمكن دفعها إذ لو جلبت الأدواء بعضها لزم فقد الداء الأول لفقد الجالب فقطع التسلسل وأحال على حقيقة التوحيد الكامل الذي لا معدل له فهو جواب في غاية الرشاقة والبلاغة قال ابن العربي: وهذا أصل عظيم في تكذيب القدرية وأصل حدث العالم ووجوب دخول الأولية له ودليل على صحة القياس في الأصول وأما خبر لا يورد ممرض على المصح فهو نهي عن إدخال التوهم المحظور على العامة باعتقاد وقوع العدوى عليهم بدخول البعير الأجرب فيهم قال القرطبي: هذه الشبهة وقعت للطبائعيين ثم للمعتزلة فقال الطبائعيون بتأثير الأشياء بعضها في بعض وإيجادها إياها ويسمون المؤثر طبيعة وقال المعتزلة به في أفعال العباد وقالوا قدرتهم مؤثرة فيها الإيجاد مستقلون بها واستدل كل بالمشاهدة الحسية وهو غلط سببه التباس إدراك العقد وفيه جواز مشافهة من وقعت له شبهة في اعتقاده بذكر البرهان العقلي إن كان السائل أهلا لفهمه وإلا خوطب بما يحتمله عقله من الإقناعيات
(ق د ت عن أبي هريرة) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوة ولا طيرة فقال أعرابي: يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيجيء البعير الأجرب فيدخل فيها فيجربها؟ فذكره
5901 -
(فناء أمتي بالطعن والطاعون) قالوا الطعن قد عرفناه فما الطاعون قال (وخز أعدائكم من الجن وفي كل شهادة) وفي الخبر المار اللهم اجعل فناء أمتي بالطعن والطاعون وقيل معناه أن غالب فنائهم بالفتن التي تسفك الدماء وبالوباء ولا يشكل بأن أكثر الأمة يموت بغيرهما لأن معنى الخبر الدعاء كما تقرر وقد استجيب في البعض أو أراد بالأمة طائفة مخصوصة كصحبه أو الخيار وقد مر ذلك موضحا في اللهم
(حم طب) كلاهما من رواية زياد بن علاقة عن رجل (عن أبي موسى) الأشعري (طس عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحافظ العراقي: سنده جيد وقال الهيثمي: رواه أحمد بأسانيد ورجال بعضها ثقات اه. وقال ابن حجر: رجاله ثقات إلا المبهم
5902 -
(فهلا) تزوجت جارية (بكرا) يا جابر بن عبد الله الذي أخبر بأنه تزوج ثيبا قال في المفتاح: وهلا يطلب بها حصول النسبة ولهذا امتنع هل عندك عمرو أم بشر بالاتصال دون الانقطاع فقوله فهلا بكرا أي فهلا تزوجت بكرا ثم علله بقوله (تلاعبها وتلاعبك) اللعب المعروف وقيل هم من اللعاب وهو الريق ويؤيد الأول قوله (وتضاحكها وتضاحكك) وذلك ينشأ عن الألفة التامة فإن الثيب قد تكون معلقة القلب بالزوج الأول فلم يكن لها محبة كاملة بخلاف البكر ذكره الطيبي فأفاد ندب تزويج البكر وملاعبة الرجل امرأته وملاطفتها ومضاحكتها وحسن العشرة وغير ذلك
(حم ق د ن هـ) في النكاح (عن جابر) قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتزوجت بعد أبيك؟ قلت: نعم. قال: بكرا أم ثيبا قلت: ثيبا فذكره
5903 -
(فهلا بكرا تعضها وتعضك) فيدوم بذلك الائتلاف والموافقة ويبتعد وقوع الطلاق الذي هو أبغض الحلال عند الله
⦗ص: 445⦘
نعم الثيب أولى لعاجز عن الاقتضاض ولمن عنده عيال يحتاج لكاملة تقوم عليهن كما اعتذر به جابر للنبي صلى الله عليه وسلم في الخبر السابق واستصوبه منه قيل فيه رد لقول الأطباء أن جماع الثيب أنفع وأحفظ للصحة وأن جماع البكر لا ينفع بل يضر وهذا كما ترى غير مستقيم لأن مراد الأطباء بكراهة نكاح البكر كراهة وطئها في فم الفرج مع بقاء بكارتها بخلاف الثيب ذكره الطيبي
(طب) من حديث الربيع بن كعب بن عجرة (عن) أبيه (كعب بن عجرة) ولم أجد من ترجم الربيع وبقية رجاله ثقات وفي بعضهم ضعف وقد وثقهم ابن حبان
5904 -
(فوا لهم) بضم الفاء وألف التثنية أمر لحذيفة وابنه بالوفاء للمشركين بما عاهدوهما عليه حين أخذوهما وأخذوا عليهم أن لا يقاتلوهم يوم بدر فاعتذرا للنبي صلى الله عليه وسلم فقبل عذرهما وأمرهما بالوفاء (ونستعين الله عليهم) أي على قتالهم أي فإنما النصر من عند الله لا بكثرة عدد ولا عدد وقد أعانه الله تعالى وكانت واقعة أعز الله بها الإسلام وأهله
(حم عن حذيفة) بن اليمان
5905 -
(في الإبل صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البر صدقته) قال ابن دقيق العيد: الذي رأيته في نسخة من المستدرك في هذا الحديث البر بضم الموحدة وبراء مهملة اه. قال ابن حجر: والدارقطني رواه بزاي معجمة لكن طريقه ضعيفة (ومن رفع دنانير أو دراهم أو تبرا أو فضة لا يعدها لغريم ولا ينفقها في سبيل الله فهو كنز يكوى به يوم القيامة){والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم}
(ش حم ك) في الزكاة (هق) كلهم (عن أبي ذر) قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي في التلخيص وقال في المهذب: إسناده جيد ولم يخرجوه وقال ابن حجر في تخريج الرافعي: إسناده لا بأس به وقال في تخريج المختصر: حديث غريب رواته ثقات لكنه معلول قال الترمذي: سألت محمدا يعني البخاري عنه فقال لم يسمع ابن جريج من عمران بن أبي أنس
5906 -
(في الإبل فرع وفي الغنم فرع ويعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم) كان الرجل في الجاهلية إذا تمت إبله مئة نحر بكرا لصنمه وهو الفرع وكان المسلمون يفعلونه في صدر الإسلام ثم نسخ كذا في النهاية
(طب) وكذا أبو نعيم والديلمي (عن يزيد بن عبد الملك المزني عن أبيه) قال الهيثمي: رجاله ثقات وقد رواه ابن ماجه بنحوه
5907 -
(في الأسنان خمس خمس من الإبل) أي في الواجب لمن قلع له ذلك في كل سن خمس من الإبل
(د ن عن ابن عمرو) بن العاص
5908 -
(في الأصابع عشر عشر) يعني في الواجب لمن قطع له ذلك في كل إصبع عشر من الإبل. قال ابن جرير: وحكمه بذلك دليل على أن المدار هنا على الاسم دون المنفعة وقد أوضحه في خبر آخر بقوله الإبهام والخنصر سواء ولا شك أن في الإبهام من المنافع والجمال ما ليس في الخنصر إذ معظم عمل الآدمي في نحو كتابة وعلاج كل صناعة إنما هو
⦗ص: 446⦘
بالإبهام والتي يليها وليس للخنصر من الجمال شيء وعلى منوال ذلك دية جميع الأضراس والأنياب سواء
(حم د ن) وكذا ابن ماجه وابن حبان (عن ابن عمرو) بن العاص قال الحافظ ابن حجر في تخريج المختصر: حديث حسن
5909 -
(في الأنف الدية إذا استوعى) كذا هو بخط المصنف بالعين والظاهر أنه سبق قلم وأنه بالفاء (جدعة مئة من الإبل وفي اليد خمسون وفي الآمة ثلث النفس وفي الجائفة ثلث النفس) هي الطبقة التي تنفذ إلى الجوف يقال جفته إذا أصبت جوفه واجفته الطعنة وجفته بها والمراد بالجوف هنا كل ما له قوة محيلة كبطن ودماغ (وفي المنقلة خمس عشرة) أي ما ينقل العظم عن موضعه (وفي الموضحة خمس وفي السن خمس وفي كل أصبع مما هنالك عشر عشر)
(هق عن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه ورواه عنه أيضا باللفظ المذكور البزار قال الهيثمي: وفيه محمد بن أبي ليلى سيء الحفظ وبقية رجاله ثقات
5910 -
(في الإنسان ستون وثلاث مئة مفصل) وفي رواية ست مئة وستون قالوا: وهي غلط (فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منها صدقة) قالوا: ومن يطيق ذلك؟ قال: (النخاعة) أي البزقة التي تخرج من أصل الفم مما يلي أصل النخاع والنخامة البزقة التي تخرج من أصل الحلق من مخرج الخاء المعجمة (في المسجد يدفنها والشيء تنحيه عن الطريق فإن لم تقدر) للشكر لأنها لم تشرع جابرة لغيرها بخلاف الرواتب (فركعتا الضحى تجزئ عنك) وخصت الضحى بذلك لتمحضها
(حم) في الأدب (حب عن بريدة) بن الحصيب قال المناوي: فيه علي بن الحسين بن واقد ضعفه أبو حاتم وقواه غيره
5911 -
(في الإنسان ثلاثة) من الخصال (الطيرة) بكسر ففتح التشاؤم بالشين يعني قلما يخلو الإنسان من طيرة (والظن) يعني الشك العارض (والحسد فمخرجه من الطيرة أن لا يرجع) بل يتوكل على الله ويمشي لوجهه حسن الظن بربه واثقا بجميل صنعه (ومخرجه من الظن أن لا يتحقق) ما خطر في قلبه ويحكم به (ومخرجه من الحسد أن لا يبغي) على المحسود والمؤمنون متفاوتون في أحوالهم فمنهم الضعيف إيمانه والقوي والعالي والداني فوصف المتوسطين منهم بقوله ومخرجه من الحسد إلخ وهذا الحسد المذموم الذي يتعين مجاهدة النفس عنه وكذا إذا أساء ظنه بأخيه طالبته نفسه بأن يقول فيه سوءا فيجاهدها وكذا الطيرة تمنع عن المضي فيجاهد نفسه وأما من علت رتبته فإنه وإن اشتمل على هذه الخصال لا تذم منه لأنها تكون في أسباب الدين لا الدنيا بأن يحسده في فضيلة فيتمناها كما يشير إليه خبر لا حسد إلا في اثنتين
(هب عن أبي هريرة)
5912 -
(في البطخ) ويقال البطيخ (عشر خصال هو طعام وشراب وريحان وفاكهة وأشنان) أي يغسل به الأيدي
⦗ص: 447⦘
كما يغسل بالأشنان (ويغسل البطن) في رواية المشاة (ويكثر ماء الظهر) بمعنى المني (ويزيد في الجماع ويقطع الأبردة وينقي البشرة) إذا دلك فيه ظاهر الجسد في الحمام وفيه جواز غسل الأيدي بالبطيخ ويحتاج إلى تأويل ومن خصاله أيضا أنه يدر البول ويصفي البشرة إذا دلك به أو ببذره مدقوقا وإذا جفف كان أجلى وإذا ضمد بلحمه أورام العين سكن وجعها وإذا وضع قشره على يوافيخ الصبيان نفع أورام أدمغتهم ولا ينبغي أكله إلا بين طعامين لسرعة استحالته
(الرافعي) إمام الدين عبد الكريم القزويني (فر عن ابن عباس) مرفوعا (أبو عمرو النوقاني) بفتح النون وسكون الواو وفتح القاف وبعد الألف نون نسبة إلى نوقان إحدى مدينتي طوس نسب إليها جماعة من العلماء (في كتاب البطيخ عنه موقوفا) قال بعضهم: لا يصح في البطيخ شيء
5913 -
(في التلبينة شفاء من كل داء) كما مر توجيهه غير مرة حساء من نخالة ولبن وعسل أو من نخالة فقط وأنها تشد قلب الحزين كما في القاموس وغيره
(الحارث) بن أبي أسامة (عن أنس) بن مالك ورواه عنه الديلمي أيضا
5914 -
(في الجمعة) أي في يومها (ساعة) أي لحظة لطيفة (لا يوافقها) أي لا يصادفها (عبد) مسلم (يستغفر الله) أي يطلب منه الغفران: الستر لذنوبه (إلا غفر له) وفيها أكثر من أربعين قولا أرجحها ثلاثة: الأول أنها تنتقل كليلة القدر ورجحه المحب الطبري تبعا للحجة الثاني أنها آخر ساعة من النهار واختاره أحمد ونقله العلائي عن الشافعي الثالث ما بين قعود الإمام على المنبر إلى انقضاء الصلاة وصححه النووي قال ابن حجر: وما عدا الثلاثة ضعيف أو موقوف استند قائله إلى اجتهاد دون توقيف قال عياض: وليس معنى هذه الأقوال أن كله وقت لها بل أنها في أثناء ذلك الوقت لقوله في رواية وأشار بيده يقللها وفائدة إبهامها بعث الدواعي على الإكثار فيها من الصلاة والدعاء ولو بينت لاتكل الناس عليها وتركوا ما عداها فالعجب مع ذلك ممن يجتهد في طلب تحديدها واستشكل ما اقتضاه الخبر من حصول الإجابة لكل داع مع اختلاف الزمن باختلاف البلاد والمطالع وساعة الإجابة متعلقة بالأوقات وأجيب باحتمال كونها متعلقة بفعل كل مصل كما في نظيره في ساعة الكراهة وفيه فضل يوم الجمعة لاختصاصه بساعة الإجابة وفضل الدعاء فيه وندب الإكثار منه وبقاء الإجمال بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم وغير ذلك
(ابن السني عن أبي هريرة) ورواه مسلم بلفظ إن في يوم الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه قال وهي ساعة خفيفة
5915 -
(في الجنة مئة درجة) سبق أنه لا تعارض بينه وبين الأخبار الدالة على زيادة درجتها على المئة لخبر إن قارئ القرآن يصعد بكل آية معه درجة حتى يقرأ آخر شيء معه لأن تلك المئة درجات كبار وكل درجة منها تتضمن درجات صغارا (ما بين كل درجتين مئة عام) وفي رواية خمس مئة وفي أخرى أزيد وأنقص ولا تناقض لاختلاف السير والسرعة والبطء والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك تقريبا للأفهام أو خطابا لكل مؤمن بما يليق به من المقام
(ت عن أبي هريرة) وحسنه ورمز المصنف لحسنه
5916 -
(في الجنة ثمانية أبواب فيها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون) مجازاة لهم على ما كان يصيبهم من العطش
⦗ص: 448⦘
في صيامهم قال الحكيم الترمذي: وسائر الأبواب مقسومة على أعمال البر باب الصلاة باب الزكاة باب الجهاد باب الصدقة باب الحج باب العمرة باب الكاظمين الغيظ باب الراضين باب من لا حساب عليه باب الضحى باب الفرح باب الذاكرين باب الصابرين والظاهر أن الأبواب الأصول ثمانية وما زاد عليها كالخوخ المعهودة ثم إنه لم يقل يسمى باب الريانين لأن أل فيه للجنس والعموم مع المبالغة فهو أبين منه وأبلغ ولأن باب فعلان لم ينقل فيه جمع السلامة فقلما يقال في سكران سكرانين ذكره السهيلي
(خ عن سهل بن سعد) الساعدي وفي الباب غيره أيضا
5917 -
(في الجنة باب يدعى الريان) مشتق من الري وهو مناسب لحال الصائمين (يدعى له الصائمون فمن كان من الصائمين دخله ومن دخله لا يظمأ أبدا) قال السهيلي: لم يقل باب الري لأنه لو قاله دل على أن الري مختص بالباب فما بعده ولم يدل على ري قبله وأما الريان ففيه إشعار بأنه لا يدخله إلا ريان بحيث لم يصبه من حر الموقف ما أصاب الناس من الظمأ
(ت هـ عنه)
5918 -
(في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلا في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمن) أي يجامعهم المؤمن فالطواف هنا كناية على المجامعة وفي رواية الشيخين الخيمة درة طولها في السماء ستون ميلا وفي البخاري طولها ثلاثون ميلا قال ابن القيم: وهذه الخيام غير الغرف والقصور بل هي خيام في البساتين وعلى شط الأنهار وروى ابن أبي الدنيا عن أبي الحواري ينشأ خلق حور العين إنشاءا فإذا تكامل خلقهن ضربت عليهن الخيام
(حم م ت عن أبي موسى) الأشعري
5919 -
(في الجنة مئة درجة) المراد بالمئة التكثير وبالدرجة المرقاة (ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض) هذا التفاوت يجوز كونه صوريا وكونه معنويا ويكون المراد بالدرجة المرتبة فالأقرب إليه سبحانه يكون أرفع درجة ممن دونه (والفردوس أعلاها درجة) والأعلى أبعد من الخلل من الأدنى والأطراف (ومنها تفجر) أي تتفجر (أنهار الجنة الأربعة) نهر الماء ونهر اللبن ونهر الخمر ونهر العسل فهي أربعة باختلاف الأنواع لا باعتبار تعداد الأنهار إذ كل نوع له أنهار لا نهر (ومن فوقها يكون العرش) أي عرش الرحمن (فإذا سألتموا الله) الجنة (فاسألوه الفردوس) لأنه فضلها وأعلاها قال ابن القيم: لما كان العرش أقرب إلى الفردوس مما دونه مما الجنان بحيث لا جنة فوقه دون العرش كان سقفا له دون ما تحته من الجنان ولعظم سعة الجنة وغاية ارتفاعها كان الصعود من أدناها إلى أعلاها بالتدريج درجة فوق درجة كما يقال للقارئ اقرأ وارق
(حم ت ك عن عبادة بن الصامت) قال المناوي: هذا الحديث لم أقف عليه في الصحيحين ولا أحدهما
⦗ص: 449⦘
5920 - (في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت) قال الطيبي: ما هنا موصولة أو موصوفة وعين وقعت في سياق النفي فأفاد الاستغراق والمعنى ما رأت العيون كلهن ولا عين واحدة منهن فيحتمل نفي الرؤية والعين أو نفي الرؤية فحسب والمراد عيون البشر وآذانهم كما مر (ولا خطر على قلب بشر) من باب قوله تعالى {يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم} أي لا قلب ولا خطور فجعل انتفاء الصفة دليلا على انتفاء الذات أي إذا لم تحصل ثمرة القلب وهو الإخطار فلا قلب وخص البشر هنا دون القرينتين قبله لأنهم هم الذين ينتفعون بما أعد لهم ويهتمون به بخلاف الملائكة
(البزار) في مسنده (طس) كلاهما (عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي: رجال البزار رجال الصحيح وقال المنذري: رواه البزار والطبراني بإسناد صحيح
5921 -
(في الحبة) في رواية لمسلم إن في الحبة (السوداء) وهي الشونيز كما في صحيح مسلم (شفاء من كل داء) بالمد (إلا السام) والسام الموت ولابن ماجه إلا أن يكون الموت وأخرج العسكري عن الأصمعي قال: عنى المصطفى صلى الله عليه وسلم به أي السام الموت. ولم يسمع قبله ولا سمعته في شعر ولا في كلام جاهلي اه. وأخرج عن ابن الأعرابي قال: لم يسمع في كلام الجاهلية في شعر إنما هو إسلامي قال: وهذا عجيب ولم يأت في شيء جاهلي وفيه أن الموت داء من جملة الأدواء والشونيز كثير المنافع وقوله من كل داء من قبيل {تدمر كل شيء بأمر ربها} أي كل شيء يقبل التدمير وفي رواية لمسلم ما من داء إلا في الحبة السوداء منه شفاء إلا السام قال الخطابي: هذا من العموم الذي أريد به الخصوص ولا يجمع في طبع شيء من النبات كالشجر جميع القوى التي تقابل الطبائع كلها في معالجة الأدواء على اختلافها وتباين طبائعها وإنما أراد أنه شفاء من كل داء يحدث من كل ورطوبة وبرودة وبلغم لأنه حار يابس فيشفي ما يقابله لأن الدواء بالمضاد والفداء بالمشاكل <تنبيه> قال بعض العارفين: جرت عادة المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يحيل على الأدوية المفردة كالسناء والحبة السوداء لأنها جامعة وذرات حرف واحد ولا يحيل على مركبات الأدوية كما يضعه الأطباء لأنه صاحب جوامع التكلم <فائدة> رأيت بخط الحافظ شيخ الإسلام الولي العراقي ما نصه: قال ابن ناصر: لم يصح عن المصطفى صلى الله عليه سلم شيء فيما يروى في ذكر الحبوب إلا حديث الحبة السوداء وحده وفي رواية لمسلم ما من داء إلا في الحبة السوداء منه شفاء إلا السام
(حم ق) كلهم في الطب (عن أبي هريرة) ولفظ ابن ماجه عليكم بالحبة السوداء إلخ
5922 -
(في الحجم شفاء) لاستفراغه أعظم الأخلاط وهو الدم وهو في البلاد الحارة أنجح من الفصد قال الموفق البغدادي: الحجامة نتقي سطح البدن أكثر من الفصد والفصد لأعماق البدن والحجامة للصبيان في البلاد الحارة أولى من الفصد وآمن غائلة وقد يغني عن كثير من الأدوية ولهذا وردت الأحاديث بذكره دون الفصد لأن العرب ما كانت تعرف إلا الحجامة غالبا وقال ابن القيم: التحقيق أن الحجامة والفصد مختلفان اختلاف الأزمان والمكان والمزاج فالحجامة في الزمان الحار والمكان الحار أولى والفصد بعكسه ولهذا كان الحجم أنفع للصبيان
(سمويه حل والضياء) المقدسي (عن عبد الله بن سرجس) ورواه مسلم من حديث جابر بلفظ إن في الحجم شفاء وقد تقدم
5923 -
(في الخيل السائمة في كل فرس دينار) يغارضه خبر عفوت عن الخيل والرقيق وخبر ليس في الخيل والرقيق
⦗ص: 450⦘
زكاة وخبر ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة
(قط هق عن جابر) قضية تصرف المصنف أن مخرجه خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل قال الدارقطني عقبه: تفرد به فورك بن الخضرم عن جعفر بن محمد وهو ضعيف جدا ومن دونه ضعفاء وقال الذهبي في التنقيح: إسناده مظلم وفيه فورك بن الخضرم اه. وفي الميزان عن الدارقطني فورك ضعيف جدا ثم أورد من مناكيره هذا الخبر وقال ابن حجر: سنده ضعيف جدا وقال الهيثمي: فيه ليث بن حماد وفورك كلاهما ضعيف
5924 -
(في الخيل وأبوالها وأرواثها كف من مسك الجنة) أي مقدار قبضة والأولى في مثل هذا أن يفوض فهمه إلى الشارع وتترك التعسفات في توجيهه
(ابن أبي عاصم في الجهاد عن عريب) بفتح المهملة وكسر الراء (المليكي) بضم ففتح بضبط المصنف شامي قال البخاري: يقال له صحبة قال الذهبي: له حديث من وجه ضعيف انتهى وأشار به إلى هذا الحديث
5925 -
(في الذباب في أحد جناحيه) قيل وهو الأيسر (داء) أي سم كما جاء هكذا في رواية (وفي الآخر شفاء فإذا وقع في الإناء) أي الذي فيه مائع كعسل (فارسبوه) أي اغمسوه يقال رسب الشيء رسوبا ثقل وصار إلى أسفل وفيه أن الماء القليل لا ينجس بوقوع ما لا نفس له سائلة فيه لأن الشارع لا يأمر بغمس ما ينجس الماء إذا مات فيه لأنه إفساد واعتراضه بأنه لا يلزم من غمسه موته فقد يغمسه برفق وبأن الحديث غير مسوق لبيان النجاسة والطهارة بل لقصد بيان التداوي من ضرر الذباب أجيب بأنه وإن كان كذلك لكن لا يمنع أن يستنبط منه حكم (فيذهب شقاؤه بدائه)
(ابن النجار) في التاريخ (عن علي) ورواه أحمد والنسائي عن أبي سعيد بلفظ أحد جناحي الذباب سم والآخر شفاء فإذا وقع في الطعام فامقلوه فيه فإنه يدس السم ويؤخر الشفاء
5926 -
(في الركاز) الذي هو من دفين الجاهلية في الأرض (الخمس) بضمتين وقد تسكن الميم وإنما كان فيه الخمس لا نصف عشره لسهولة أخذه ولأنه مال كافر فنزل واجده منزلة الغانم فله أربعة أخماسه
(هـ عن ابن عباس طب عن أبي ثعلبة) الخشني (طس عن جابر وعن ابن مسعود) قال الهيثمي: فيه يزيد بن سنان وفيه كلام
5927 -
(في الركاز) بكسر الراء وتخفيف الكاف (الخمس) مذهب الأئمة الأربعة أن فيه الخمس لكن شرط الشافعي النصاب والنقدين لا الحول <تنبيه> عدوا من خصائص هذه الأمة أنه أبيح لهم الكنز إذا أدوا زكاته
(أبو بكر بن أبي داود في جزء من حديثه عن ابن عمر) بن الخطاب
5928 -
(في السماء ملكان أحدهما يأمر بالشدة والآخر باللين وكلاهما مصيب أحدهما جبريل والآخر ميكائيل ونبيان أحدهما يأمر باللين والآخر بالشدة وكل) منهما (مصيب إبراهيم ونوح) إبراهيم باللين ونوح بالشدة (ولي صاحبان
⦗ص: 451⦘
أحدهما يأمر باللين والآخر بالشدة أبو بكر وعمر) بن الخطاب فأبو بكر يشبه ميكائيل وإبراهيم وعمر يشبه جبريل ونوحا
(طب وابن عساكر) في التاريخ وكذا الديلمي (عن أم سلمة) قال الهيثمي: رجال الطبراني ثقات
5929 -
(في السمع مئة من الإبل) إذا جنى إنسان على إنسان مسلم معصوم فأبطل سمعه فعليه دية كاملة وهي مئة من الإبل (وفي العقل مئة من الإبل) كذلك
(هق من معاذ) بن جبل
5930 -
(في السواك عشر خصال) فاضلة (يطيب الفم) أي يذهب برائحته الكريهة ويكسبه ريحا طيبة (ويشد اللثة) أي لحم الأسنان (ويجلو البصر ويذهب البلغم ويذهب الحفر) بفتح الحاء والفاء بضبط المصنف داء يصيب الأسنان (ويوافق السنة) أي الطريقة المحمدية (ويفرح الملائكة) لأنهم يحبون الريح الطيبة (ويرضي الرب) لما في فعله من الثواب (ويزيد في الحسنات) لأن فعله منها (ويصحح المعدة) أي ما لم يبالغ فيه جدا
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (الثواب وأبو نعيم في) كتاب فضل (السواك) من طريق الخليل بن مرة وفيه كما قال الولي العراقي: ضعف عن ابن أبي رباح (عن ابن عباس) وهذا الحديث خرجه الدارقطني في سننه عن ابن عباس من هذا الوجه لكن ترتيبه يخالف ما هنا ولفظه في السواك عشر خصال مرضاة للرب ومسخطة للشيطان ومفرحة للملائكة جيد للثة ويذهب بالحفر ويجلو البصر ويطيب الفم ويقل البلغم وهو من السنة ويزيد في الحسنات اه ثم قال أعني الدارقطني معلى بن ميمون أحد رجاله ضعيف متروك وروى أبو نعيم من طريق إسماعيل بن عباس عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء عليكم بالسواك فلا تغفلوه وأديموه فإن فيه أربعة وعشرين خصلة أفضلها وأعلاها درجة أنه يرضي الرحمن ومن أرضى الرحمن فإنه يحل الجنان. الثانية أنه يصيب السنة. الثالثة أنه تضاعف صلاته سبعا وعشرين ضعفا. الرابعة أنه يورث السعة والغنى. الخامسة يطيب النكهة. السادسة يشد اللثة. السابعة يذهب الصداع ويسكن عروق رأسه فلا يضرب عليه عرق ساكن ولا يسكن عليه عرق ضارب. الثامنة يذهب عنه وجع الضرس. التاسعة تصافحه الملائكة لما ترى من النور على وجهه. العاشرة تنقي أسنانه حتى تبرق. الحادي عشر تشيعه الملائكة إذا خرج إلى مسجده لصلاته. الثانية عشر تستغفر له حملة العرش عند رفع أعماله. الثالث عشر يفتح له أبواب الجنة. الرابعة عشر يقال هذا مقتد بالأنبياء يقفو آثارهم ويلتمس هديهم. الخامسة عشر يكتب له أجر من تسوك من يومه ذلك في كل يوم. السادسة عشر تغلق عنه أبواب الجحيم. السابعة عشر تستغفر له الأنبياء والرسل. الثامنة عشر لا يخرج من الدنيا إلا طاهرا مطهرا. التاسعة عشر لا يعاين ملك الموت عند قبض روحه إلا في الصورة التي يقبض فيها الأنبياء. العشرون لا يخرج من الدنيا حتى يسقى من الرحيق المختوم. الحادية والعشرون يوسع عليه قبره وتكلمه الأرض من محبته وتقول كنت أحب نغمتك على ظهري فلأتسعن عليك. الثانية والعشرون يصير قبره عليه أوسع من مد البصر. الثالثة والعشرون يقطع الله عنه كل داء ويعقبه كل صحة. الرابعة والعشرون يكسى إذا كسي الأنبياء ويكرم إذا كرموا ويدخل الجنة معهم بغير حساب. قال العراقي: خالد بن معدان لم يسمع من أبي الدرداء والحديث في متنه نكارة وهو موقوف
⦗ص: 452⦘
5931 - (في الضبع) إذا صاده المحرم (كبش) هو فحل الضأن في أي سن كان والأنثى نعجة وواجب الضبع على قول الأكثر نعجة لا كبش
(هـ عن جابر) قال البيهقي: حديث جيد تقوم به الحجة ورواه بمعناه أصحاب السنن الأربعة
5932 -
(في الضبع كبش وفي الظبي) الغزال والأنثى ظبية (شاة) هي الواحدة من الغنم تقع على الذكر والأنثى من ضأن أو معز (وفي الأرنب) اسم جنس يقع على الذكر والأنثى (عناق) أنثى المعز إذا قويت ما لم تبلغ سنة وفي الروضة أنثى المعز من حين تولد حتى ترعى (وفي اليربوع) حيوان معروف كلون الغزال (جفرة) أنثى المعز إذا بلغت أربعة أشهر وفصلت عن أمها والذكر جفر سمي به لأنه جفر جنباه أي عظما
(هق) وكذا الدارقطني كلاهما من حديث أبي الزبير (عن جابر) بن عبد الله (عد هق عن عمر) بن الخطاب قال عبد الحق: رواه الثقات الأثبات عن عمر من قوله
5933 -
(في العسل في كل عشرة أزق زق) جمع قلة لزق وهو السقاء الذي زق جلده أي سلخ من قبل رأسه وبه أخذ أبو حنيفة وأحمد والشافعي في القديم فأوجبوا فيه العشر وفي الجديد لا زكاة فيه وهو مذهب مالك لأنه ليس بقوت ولم يصح فيه خبر
(ت هـ) في الزكاة (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الترمذي: لا يصح وفيه صدقة السمين ضعيف وقد خولف وقال النسائي حديث منكر وقال البخاري: ليس في زكاة العسل شيء يصح اه. وتعقبه مغلطاي بصحة حديث فيه في مسند الشافعي وغيره اه. وبالجملة فحديث الترمذي هذا جزم الحافظ ابن حجر وغيره ليضعفه
5934 -
(في الغلام) أي المولود الذكر (عقيقة) وهو ما يذبح عند حلق شعره (فأهريقوا) عنه (دما) أي اذبحوا عنه شاتين ويجزئ واحدة (وأميطوا عنه الأذى) نجسا أو طاهرا فيحلق شعر رأسه يوم السابع ويتصدق بزنته ذهبا فإن عسر ففضة أما الأنثى فيعق عنها بشاة واحدة
(ن عن سلمان بن عامر) الضبي صحابي مشهور
5935 -
(في الكبد الحارة أجر) يعني في سقي كل ذي روح من الحيوان أجر والمراد المحترم
(هب عن سراقة) بضم المهملة وخفة الراء (ابن مالك) بن جشم المدلجي
5936 -
(في اللبن صدقة) أي زكاة ولم أر من أخذ بقضية هذا الخبر فأوجبها فيه ويمكن تنزيله على زكاة التجارة وقد يحمل على صدقة التطوع ويكون الطلب ندبا <فائدة> سئل جدي الشرف المناوي هل اللبن أفضل من العسل أم عكسه؟ فأجاب بأن الذي يظهر أن اللبن أفضل من العسل (الروياني) في مسنده (عن أبي ذر) ورواه عنه أيضا الخلال والديلمي
5937 -
(في اللسان الدية إذا منع الكلام وفي الذكر الدية إذا قطعت الحشفة وفي الشفتين الدية)
(عد هق عن ابن عمرو) ابن العاص
⦗ص: 453⦘
5938 - (في المؤمن) أي الغير الكامل الإيمان (ثلاث خصال الطيرة والظن) أي السيء (والحسد) فقلما ينفك عنها (فمخرجه من الطيرة أن لا يرجع) عن مقصده بل يعزم ويتوكل على ربه (ومخرجه من الظن أن لا يحقق ومخرجه من الحسد أن لا يبغي) على المحسود وقد مر معناه غير مرة
(ابن صصري في أماليه فر عن أبي هريرة)
5939 -
(في المنافق ثلاث خصال إذ حدث كذب) أي أخبر بخلاف الواقع (وإذا وعد أخلف) بأن لا يفي به (وإذا ائتمن خان) في أمانته أي تصرف فيها على خلاف الشرع ونقض ما ائتمن عليه ولم يؤده كما هو وقد مر ذلك أول الكتاب موضحا
(البزار) وكذا الطبراني في الأوسط (عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي: فيه يوسف بن الخطاب مجهول
5940 -
(في المواضح) جمع موضحة وهي التي ترفع اللحم عن العظم وتوضحه أي تظهر بياضه (خمس خمس من الإبل) إن كان في رأس أو وجه وإلا ففيها الحكومة عند الشافعي وتمام الحديث والأصابع كلها سواء عشر عشر من الإبل قال القاضي: وأمثال هذه التقديرات تعبد محض لا طريق إلى معرفته إلا التوقيف
(حم 4 عن ابن عمرو) بن العاص
5941 -
(في أحد جناحي) في خط المصنف جناح بدون الياء ولعله سبق قلم (الذباب سم والآخر شفاء فإذا وقع في الطعام) أي المائع (فأملقوه) أي اغمسوه (فيه فإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء) والأمر للندب
(هـ عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه
5942 -
(في الوضوء إسراف) أي مجاوزة للحد في قدر الماء (وفي كل شيء من العبادات وغيرها) إسراف بحسبه وهو مذموم
(ص عن يحيى بن أبي عمرو السيباني) بفتح السين المهملة وسكون المثناة التحتية بعدها موحدة أبو زرعة الحمصي قال الذهبي وغيره: ثقة وروايته عن الصحابة مرسلة فلذا قال (مرسلا)
5943 -
(في أبوال الإبل وألبانها شفاء للذرية بطونهم) قال الزمخشري: الذرب فساد المعدة وقال ابن الأثير: الذرب بالتحريك داء يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام ويفسد فيها فلا تمسكه وقد احتج بهذا الحديث من قال بطهارته من مأكول اللحم أما من الإبل فبنص الحديث وأما من غيرها فبالقياس وهو قول مالك وأحمد وطائفة من السلف ووافقهم من الشافعية ابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان والاصطخري والروياني وذهب الشافعي كالجمهور إلى نجاسة كل بول وروث من مأكول أو غيره وردوا الأول بأنه للتداوي بدليل قوله شفاء وهو جائز كتناوله لعطش وميتة
⦗ص: 454⦘
لجوع وأما حديث إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها فأراد بالحرام ما أخذ قليله بسبب أخذ كثيره أو أنه في المسكر أو المراد نفي الشفاء الحاصل بالحرام والشفاء ليس فيه بل الشافي هو الله فإن قيل فلا وجه لتخصيص الحرام قلنا تخصيص أحد النوعين بالذكر لا يدل على نفي الآخر بخلاف الصفة سيما إذا وقع السؤال لذلك النوع أو خص للزجر
(ابن السني وأبو نعيم) معا (في الطب) النبوي وابن المنذر (عن ابن عباس) ورواه الحارث والديلمي وفيه ابن لهيعة وغيره
5944 -
(في أصحابي) الذين ينسبون إلى صحبتي وفي رواية في أمتي وهو أوضح في المراد (اثني عشر منافقا) هم الذين جاؤوا متلثمين وقد قصدوا قوله ليلة العقبة مرجعه من تبوك حتى أخذ مع عمار وحذيفة طريق الثنية والقوم ببطن الوادي فحماه الله وأعلمه بأسمائهم (فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة) زاد في رواية ولا يجدون ريحها (حتى يلج الجمل في سم الخياط)
(حم م عن حذيفة)
5945 -
(في أمتي خسف ومسخ وقذف) بالحجارة من جهة السماء استشكل هذا الحديث ابن مردويه عن جابر مرفوعا دعوت الله أن يرفع عن أمتي أربعا فرفع عنهم شيئين وأبى أن يرفع عنهم اثنين دعوت الله أن يرفع عنهم الرجم من السماء والخسف من الأرض وأن لا يلبسهم شيعا ولا يذيق بعضهم بأس بعض فرفع عنهم الخسف والرجم وأبى أن يرفع الآخرين وأجيب أن الإجابة مقيدة بزمن مخصوص وهو وجود الصحابة والقرون الفاضلة وأما بعد فيجوز وقوعه وبأن المراد أن لا يقع لجمعهم بل لأفراد منهم غير مقيد بزمن <تنبيه> من الغريب قول ابن العربي الممسوخ حيوانا مأكولا لا يحرم أكله لأن كونه آدميا قد زال حكمه ولم يبق له أثر أصلا وقال الحافظ ابن حجر: وحل أكل الآدمي إذا مسخ حيوانا مأكولا لم أره في كتب فقهائنا
(ك) في الفتن من حديث الحسن بن عمرو الفقي عن أبي الزبير (عن ابن عمرو) بن العاص قال الحاكم: على شرط مسلم إن كان أبو الزبير سمع من ابن عمرو قال ابن حجر: والمسخ قد ورد في روايات كثيرة وفي أسانيدها مقال غالبا لكن يدل مجموعها على أن لذلك أصلا
5946 -
(في أمتي) أي سيظهر في أمتي (كذابون) صيغة مبالغة من الكذب وهو الخبر الغير المطابق للواقع ولا يعارضه الإخبار بإفشاء الكذب من القرن الرابع لأن المراد الزيادة على الكذب كما دلت عليه صيغة المبالغة وفي رواية كلهم يكذب على الله ورسوله (ودجالون) أي مكارون منسوبون من الدجل وهو التلبيس مبالغون في الكذب وأفردهم عن الأولين باعتبار ما قام بهم من المبالغة في الزيادة فيه تنبيها على أنهم النهاية التي لا شيء بعدها في هذا المبلغ وظاهر هذا أن الدجال إذا جمع أريد به علم الجنس وإذا أفرد فهو علم شخص (سبعة وعشرون منهم أربع نسوة وإني خاتم النبيين لا نبي بعدي) وعيسى إذا نزل إنما يحكم بشرعه
(حم طب) وكذا الديلمي (والضياء) المقدسي (عن حذيفة) قال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد والطبراني والبزار رجال البزار رجال الصحيح وقضيته أن رجال ذينك ليسوا كذلك فلو عزاه المصنف للبزار لكان أحسن
5947 -
(في بيض النعام يصيبه المحرم) أي يتلفه (ثمنه) أي يضمن قشره بقيمته لأنه ينتفع به
(هـ عن أبي هريرة) ورواه
⦗ص: 455⦘
عنه أيضا الطبراني والديلمي
5948 -
(في بيضة نعام) يتلفها المحرم (صيام يوم أو إطعام مسكين) مدا من طعام وبهذا أخذ الأئمة ومذهب الشافعي أن في بيض النعام ولو مذرا القيمة
(هق) وكذا الدارقطني (عن أبي هريرة) قال الذهبي: هذا حديث منكر اه. ورواه الدارقطني أيضا عن عائشة بلفظ في بعض نعام كسره رجل محرم صيام يوم لكل بيضة قال عبد الحق: هذا لا يسند من وجه صحيح
5949 -
(في ثقيف) اسم قبيلة (كذاب) قيل هو المختار بن عبيد الذي زعم أن جبريل يأتيه بالوحي (ومبير) أي مهلك وتنوينه للتعظيم هو الحجاج لم يكن في الإهلاك أحد مثله قبل قتل مئة وعشرين ألفا صبرا سوى ما قتل في حروبه وفيه إخبار عن المغيات وقد وقع فهو من المعجزات
(ت) في المناقب (عن ابن عمر) بن الخطاب (طب عن سلامة بنت الحسن) رمز المصنف لصحته وليس كما قال ففيه من طريق الترمذي عبد الله بن عصم قال ابن حبان: منكر الحديث وخبر الطبراني أعله الهيثمي بأن فيه نسوة مساتير
5950 -
(في ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة) ما له سنة كاملة سمي به لأنه يتبع أمه أو لأن قرنه يتبع أذنه (وفي أربعين من البقر مسنة) وتسمى ثنية وهي ما لها سنتان كاملتان سميت مسنة لكمال أسنانها
(ت هـ عن ابن مسعود) رمز المصنف لحسنه
5951 -
(في جهنم واد وفي الوادي بئر يقال له هبهب) قال ابن الأثير: الهبهب السريع وهبهب السراب إذا ترقرق (حق على الله أن يسكنها كل جبار) أي متمرد على الله عات متكبر قال القاضي: سمي بذلك إما للمعانه من شدة اضطراب النار فيه والهابه من هبهب الشراب إذا لمع أو لسرعة اتقاد ناره بالعصاة واشتعالها فيهم من الهبهب الذي هو السرعة أو لشدة أجيج النار فيه من الهباب وهو الصياح. قال الغزالي: أودية جهنم عدد أودية الدنيا وشهواتها وقد تضمن هذا الحديث ما يقصم الظهر جزعا ويبكي القلوب ألما والعيون دما من ظلمة الفؤاد من ظلم العباد وقسوة القلب والفؤاد <تنبيه> سميت جهنم لأنها كريهة المظهر والجهام السحاب الذي هرق ماؤه والغيث رحمة فلما أنزل الله الغيث من السحاب أطلق عليه اسم الجهام لزوال الرحمة الذي هو الغيث فكذا الرحمة أزالها الله من جهنم فكانت كريهة المنظر والمخبر
(ك) في الرقاق (عن أبي موسى) الأشعري قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي ورده عليهما الزين العراقي بأن فيه أزهر بن وسنان ضعفه ابن معين وابن حبان وأورد له في الضعفاء هذا الحديث اه. فكما أن الحاكم لم يصب في تصحيحه لم يصبه ابن الجوزي في حكمه عليه بالوضع بل هو ضعيف
5952 -
(في خمس من الإبل شاه) وفي عشر شاتان وفي خمس عشر ثلاث شياه (وفي عشرين أربع شياه وفي خمس وعشرين ابنة مخاض) زاد في رواية أنثى وهي التي تم لها سنة سميت لأن أمها تكون حاملا والمخاض الحوامل من النوق لا واحد لها من لفظها ويقال لواحدتها خلفة وإنما أضيفت إلى المخاض والواحدة لا تكون بنت نوق لأن أمها تكون من نوق حوامل وضعت حملها معهن في سنة وهي تتبعهن ووصفها بأنثى تأكيدا كما قال سبحانه {نعجة واحدة}
⦗ص: 456⦘
وفائدة التأكيد أن لا يتوهم متوهم أن البنت هنا والابن في ابن لبون كالبنت في بنت طلق والابن في ابن آوى وابن داية يشترك فيها الذكر والأنثى (إلى خمس وثلاثين فإن زادت واحدة ففيها ابنة لبون إلى خمس وأربعين فإن زادت واحدة ففيها حقة إلى ستين فإن زادت واحدة ففيها جذعة) وهي التي تمت أربع سنين ودخلت في الخامسة (إلى خمس وسبعين فإن زادت واحدة ففيها ابنتا لبون إلى تسعين فإن زادت واحدة ففيها حقتان إلى عشرين ومئة فإن كانت الإبل أكثر من ذلك ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون) دليل على استقرار الحساب بعد ما جاوز العدد المذكور وهو مذهب الجمهور. وقال أبو حنيفة والثوري يستأنف الحساب بإيجاب الشياه ثم بنت مخاض ثم بنت لبون على الترتيب السابق (فإذا كانت إحدى وعشرين ومئة ففيها ثلاث بنات لبون حتى تبلغ تسعا وعشرين ومئة فإذا كانت ثلاثين ومئة ففيها بنتا لبون وحقة حتى تبلغ تسعا وثلاثين ومئة فإذا كانت أربعين ومئة ففيها حقتان وبنت لبون حتى تبلغ تسعا وأربعين ومئة فإذا كانت خمسين ومئة ففيها ثلاث حقاق حتى تبلغ تسعا وخمسين ومئة فإذا كانت ستين ومئة ففيها أربع بنات لبون حتى تبلغ تسعا وستين ومئة فإذا كانت سبعين ومئة ففيها ثلاث بنات لبون وحقة حتى تبلغ تسعا وسبعين ومئة فإذا كانت ثمانين ومئة ففيها حقتان وابنتا لبون حتى تبلغ تسعا وثمانين ومئة فإذا كانت تسعين ومئة ففيها ثلاث حقاق وبنت لبون حتى تبلغ تسعا وتسعين ومئة فإذا كانت مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون أي السنين وجدت أخذت وفي سائمة الغنم أي راعيتها لا لمعلوفة (في كل أربعين شاة شاة إلى عشرين ومئة فإن زادت واحدة فشاتان إلى المائتين فإن زادت على المائتين) واحدة (ففيها ثلاث إلى ثلاث مئة فإن كانت الغنم أكثر من ذلك ففي كل مئة شاة شاة ليس فيها شيء حتى تبلغ
⦗ص: 457⦘
المئة ولا يفرق) بضم أوله وفتح ثالثه مشددا (بين مجتمع) بكسر الميم الثانية (ولا يجمع) بضم أوله وفتح ثالثه أي لا يجمع المالك والمصدق (بين متفرق) بتقديم التاء على الفاء (مخافة) وفي رواية للبخاري خشية (الصدقة) أي مخافة المالك كثرة الصدقة والساعي قلتها وفيه أن الخلطة تجمع مال الخليطين كواحد لكن بشروط مبينة في الفروع (وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان) ما متضمنة معنى الشرط أي مهما كان من خليطين أي مخلوطين أو خالطين فإنهما أي الخليطين بالمعنى الثاني أو مالكيهما بالمعنى الأول ولا مانع من ذلك إذ فعيل تأتي بمعنى مفعول وبمعنى فاعل ويجوز جمعها باعتبارين فيكون خليط بمعنى مخلوط بالنسبة للمال وبمعنى خالط بالنسبة للمالك ومعنى يتراجعان أن من أخرج منهما زكاتهما من ماله رجع على الآخر بقدر نسبة ماله إلى جملة المال وقوله (بالسوية) أراد به النسبة (ولا يؤخذ في الصدقة هرمة) بكسر الراء أي كبيرة السن (ولا ذات عوار) بفتح العين المعيبة بما يرد به في البيع (من الغنم ولا تيس الغنم) أي فحل المعز (إلا أن يشاء المصدق) بتخفيف الصاد أي الساعي وبتشديدها أي المالك والاستثناء إما من التيس لأنه قد يزيد على خيار الغنم في القيمة لطلب الفحولة أو من الكل إذ أداؤه أنفع للمستحقين فالمنع في المذكورات موضعه إذا كانت ماشيته كلها كذلك والغرض كما قال الحطابي أن لا يأخذ الساعي شرار الأموال كما لا يأخذ كرائمها فلا يجحف بالمالك ولا يزري بالمستحقين
(حم عد ك عن ابن عمر) بن الخطاب
5953 -
(في دية الخطأ عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون بني مخاض)
(د عن ابن مسعود)
5954 -
(في طعام العرس مثقال من ريح الجنة) الله أعلم بما أراد نبيه
(الحارث) بن أبي أسامة (عن عمر) بن الخطاب ورواه عنه الديلمي أيضا
5955 -
(في عجوة العالية) العجوة تمر بضرب إلى سواد والعالية الحوائط والقرى التي في الجهة العليا للمدينة مما يلي نجد (أول البكرة) بضم فسكون نصب على الظرفية (على ريق النفس) أي بزاق الإنسان نفسه (شفاء من كل سحر أو سم) لخاصية فيه أو لدعاء النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم له أو لغير ذلك وهل تناوله أول الليل كتناوله أول النهار حتى يندفع عنه ضرر السحر والسم إلى الصباح احتمالان وظاهر الإطلاق المواظبة على ذلك قال الخطابي: كون العجوة ينفع من السحر والسم إنما هو ببركة دعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم لتمر المدينة لا لخاصية في التمر وقال ابن التين: يحتمل أن المراد نخل خاص لا يعرف الآن أو هو خاص بزمنه
(حم عن عائشة) ورواه عنها الديلمي أيضا
5956 -
(في كتاب الله) القرآن (ثمان آيات للعين: الفاتحة وآية الكرسي) لفظ رواية الديلمي كما رأيته في نسخة قديمة مصححة بخط الحافظ ابن حجر في كتاب الله عز وجل ثمان آيات للعين لا يقرؤها عبد في دار فتصيبهم في ذلك اليوم عين إنس أو جن فاتحة الكتاب سبع آيات وآية الكرسي اه بنصه
(فر عن عمران بن حصين) ورواه عنه الميداني أيضا
⦗ص: 458⦘
5957 - (في كل إشارة في الصلاة عشر حسنات) الظاهر أن المراد بالإشارة فيه الإشارة بالمسبحة في التشهد عند قوله لا إله إلا الله
(المؤمل) بوزن محمد بالهمزة (بن إهاب) بكسر أوله وبموحدة الربعي العجلي أبو عبد الرحمن الكوفي نزيل الرملة أصله من كرمان قال في التقريب كأصله: صدوق له أوهام (في جزئه عن عقبة بن عامر) الجهني ورواه الطبراني بلفظ يكتب بكل إشارة يشيرها الرجل في صلاته بيده بكل أصبع حسنة أو درجة قال البيهقي: وسنده حسن
5958 -
(في كل) أي في إرواء كل (ذات كبد) بفتح فكسر أو فسكون أو كسر فسكون وفي ظرفية أو سببية كما في خبر في النفس مئة من الإبل (حرى) فعلى من الحر وهو تأنيث حران وهما للمبالغة وأنثها لأن الكبد مؤنث سماعي. قال القرطبي: عنى به حرارة الحياة أو حرارة العطش وفي رواية كل كبد رطبة أي حية يعني بها رطوبة الحياة (أجر) عام مخصوص بحيوان محترم وهو ما لم يؤمر بقتله ونبه بالسقي على جميع وجوه الإحسان من الإطعام قال القرطبي: وفيه أن الإحسان إلى الحيوان مما يغفر الذنوب وتعظم به الأجور ولا يناقضه الأمر بقتل بعضه أو إباحته فإنه إنما أمر به لمصلحة راجحة ومع ذلك فقد أمرنا بإحسان القتلة
(حم هـ عن سراقة بن مالك حم عن ابن عمرو) بن العاص وسببه كما في مسند أبي يعلى قيل يا رسول الله الضوال ترد علينا هل لنا أجر أن نسقيها قال: نعم ثم ذكره وقضية اقتصار المصنف على ابن ماجه من بين الستة أنه تفرد به وهو ذهول فقد خرجه الشيخان معا والبخاري في بدء الخلق وفي باب الآبار وعند أبي هريرة في لفظ في كل ذات كبد رطبة أجر ومسلم في الحيوان عنه كمثل معناه وعذر المصنف أنه في ذيل حديث المومسة التي سقت الكلب فلم يتفطن له
5959 -
(في كل ركعة تسليمة) بعد التشهد لمن شاء وذلك في النفل
(هـ عن أبي سعيد) الخدري ورواه الديلمي أيضا
5960 -
(في كل ركعتين التحية) فيه حجة لأحمد في وجوب التشهد الأول كالأخير وقال مالك وأبو حنيفة سنتان والشافعي الأول سنة والأخير واجب
(م عن عائشة) قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير وكان يقرأ في كل ركعتين التحية
5961 -
(في كل ركعتين تشهد وتسليم على المرسلين وعلى من تبعهم من عباد الله الصالحين) وهم القائمون بما عليهم من حقوق الله وحقوق عباده وفيه أن الأفضل للمتنفل أن يتشهد في كل ركعتين ويسلم لا في كل ركعة
(طب عن أم سلمة)
5962 -
(في كل قرن من أمتي سابقون) قال الحكيم: هم البدلاء الصديقون الذين بهم يدفع البلاء عن وجه الأرض ويرزقون وذلك لأن النبوة ختمت بالمصطفى صلى الله عليه وسلم ولم يبق إلا الولاية فكان من الصحب من المقربين قليل ومن بعدهم في كل قرن قليل اه وفي شرح الحكم أن المراد بالسابق الداعي إلى الله المبعوث على رأس كل قرن للتجديد
(الحكيم) الترمذي (عن أنس) ورواه أبو نعيم والديلمي عن ابن عباس فما أوهمه عدول المصنف للحكيم من أنه لا يوجد لأحد من المشاهير الذي وضع لهم الرموز غير جيد
⦗ص: 459⦘
5963 - (في ليلة النصف من شعبان يغفر الله لأهل الأرض إلا لمشرك أو مشاحن) أي مخاصم واستثنى في رواية أخرى جماعة أخرى قد مر ذلك
(هب عن كثير بن مرة) ضد حلوة (الحضرمي) بفتح الحاء والراء (مرسلا) هو الحمصي قال ابن سعد: تابعي ثقة والنسائي: لا بأس به قال في التقريب كأصله: ووهم من عده الصحابة
5964 -
(في ليلة النصف من شعبان يوحي الله إلى ملك الموت بقبض كل نفس) أي من الآدميين وغيرهم (يريد قبضها) أي موتها (في تلك السنة) كلها والظاهر أن المراد غير شهداء البحر الذين هو يتولى قبض أرواحهم
(الدينوري) أبو بكر أحمد بن مروان المالكي (في) كتاب (المجالسة) تأليفه وهو في عدة أسفار نسبة إلى دينور بفتح الدال المهملة وسكون المثناة تحت وفتح النون والواو وآخره راء بلدة من بلاد الجبل عند قرمسين ينسب إليها جمع من العلماء والصلحاء (عن راشد بن سعد مرسلا) هو الحمصي شهد صفين قال الذهبي: ثقة مات سنة ثلاث عشرة ومئة
5965 -
(في مسجد الخيف قبر سبعين نبيا) في رواية قبر سبعون نبيا ببناء قبر للمفعول
(طب عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا البزار وقال الهيثمي: ورجاله ثقات
5966 -
(في هذا مرة وفي هذا مرة يعني القرآن والشعر) يشير به إلى أنه ينبغي للطالب عند وقوف ذهنه لترويحه بنحو شعر أو حكايات فإن الفكر إذا أغلق ذهل عن تصور المعنى وذلك لا يسلم منه أحد ولا يقدر إنسان على مكابدة ذهنه على الفهم وغلبة قلبه على التصور لأن القلب مع الإكراه أشد نفورا وأبعد قبولا وفي أثر إن القلب إذا أكره عمي ولكن يعمل على رفع ما طرأ عليه بترويحه بشعر أو نحوه من الأدب ليستجيب له القلب مطيعا قال:
وليس بمغن في المودة شافع. . . إذا لم يكن بين الضلوع شفيع
وقال الحكماء: إن لهذه القلوب تنافرا كتنافر الوحش فألفوها بالاقتصاد في التعليم والتوسط في التقديم ليحسن طاعتها ويدوم نشاطها وهذا يسمى عندهم بالتحميض وكان ابن عباس يقول لأصحابه إذا داموا في الدرس أحمضوا أي ميلوا إلى الفاكهة وهاتوا من أشعاركم فإن النفس تمل كما تمل الأبدان وفي صحف إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام على العبد أن يكون له ثلاث ساعات ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يخلي فيها بين نفسه ولذاته فيما يحل ويباح
(ابن الأنباري في) كتاب (الوقف) والابتداء (عن أبي بكرة)
5967 -
(في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف في أهل القدر) بالتحريك قال الطيبي: قوله في أهل القدر بدل بعض من قوله هذه الأمة بإعادة العامل وانتصابه على الحال والعامل فعل محذوف دل عليه قرينة الحال
(ت هـ عن ابن عمر) ابن الخطاب رمز المصنف لصحته
5968 -
(في هذه الأمة خسف) لبعض المدن والقرى (ومسخ) أي تحول صورة بعض الآدميين إلى صورة بعض الحيوانات وغيرهم (وقذف) رمي بالحجارة من جهة السماء (إذا ظهرت القيان والمعازف
⦗ص: 460⦘
وشربت الخمور) وقد مر تأويله
(ت عن عمران بن حصين) قال المنذري: خرجه الترمذي من رواية عبد العزيز بن عبد القدوس وقد وثق وقال: حديث غريب وقد روي عن الأعمش عن عبد الرحمن بن سابط وقد رمز المصنف لحسنه