المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

4971 - (الشيخ يضعف جسمه وقلبه شاب على حب اثنتين) - فيض القدير - جـ ٤

[عبد الرؤوف المناوي]

الفصل: 4971 - (الشيخ يضعف جسمه وقلبه شاب على حب اثنتين)

4971 -

(الشيخ يضعف جسمه وقلبه شاب على حب اثنتين) أي كان وما زال على حب اثنين فالمراد استمراره على ذلك ودوامه عليه وأن حبه لهما لا ينقطع بشيخوخته (طول الحياة وحب المال) خبران لمبتدأ محذوف ويجوز النصب على البدلية من اثنتين وفيه ذم الأمل والحرص على جمع المال وذلك يقتضي فضل الصدقة للغني والتعفف للفقير وإن الإرادة في القلب لا في قلب عين الأعضاء كما ظن قال الحافظ العراقي: والحديث غير متضح المعنى اه وأحسن ما وجه به ما تقرر

(عبد الغني بن سعد في) كتاب (الإيضاح عن أبي هريرة) ورواه عن أحمد بلفظ الشيخ على حب اثنين طول الحياة وكثرة المال

ص: 186

4972 -

(الشيطان يلتقم قلب ابن آدم) مشتق من القلب الذي هو المصدر لفرط تقلبه (فإذا ذكر الله خنس عنده) أي انقبض وتأخر (وإذا نسي الله التقم قلبه) وذلك لأن الشيطان سيال يجري من ابن آدم مجرى الدم وسيلانه كالهواء في القدح فإن أردت إخلاء القدح عن الهواء من غير أن تشغله بشيء فقد طمعت في غير مطمع بل بقدر ما يخلو من الماء يدخل الهوى فكذا القلب المشغول بذكر الله يخلو عن جولان الشيطان ولو غفل عنه ولو لحظة فلا قرين له إلا الشيطان {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا} فعبر في الحديث عن هاتين الحالتين بالالتقام والخنوس على طريق ضرب المثل للتفهيم قال حجة الإسلام: والتطارد الذي بين ذكر الله ووسوسة الشيطان كالتطارد بين النور والظلمة وبين الليل والنهار ولتطاردهما. قال تعالى {استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله}

(الحكيم) الترمذي (عن أنس) رمز المصنف لحسنه وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأشهر من الحكيم ممن وضع لهم الرموز مع أنه خرجه أيضا أبو نعيم والديلمي

ص: 186

4973 -

(الشيطان يهم بالواحد والاثنين فإذا كانوا ثلاثة لم يهم بهم) قال في الفردوس: يعني في السفر وقال غيره: أراد بالواحد المنفرد برأيه وأخذ منه أن تقليد الأكثر أولى من تقليد الأكبر ويؤيده خبر عليكم بالسواد الأعظم من شذ شذ إلى النار <فائدة> سئل شيخ الإسلام زكريا: هل للكرام الكاتبين وللشيطان الإطلاع على ما يخطر في القلب أم لا؟ فأجاب: لهم الإطلاع على ما يخطر بالقلب بإطلاع الله تعالى

(البزار) في مسنده (عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ضعيف اه. وأعله ابن القطان بعبد العزيز الأصم وقال: لا يعرف فالحديث لا يصح وفي الميزان عبد العزيز الأصم فيه جهالة ثم أورد له هذا الخبر

ص: 186

‌حرف الصاد

ص: 186

4974 -

⦗ص: 187⦘

(صائم رمضان في السفر كالمفطر في الحضر)(1) من حيث تساويهما في الإباء عن الرخصة في السفر وعن العزيمة في الحضر فهو حث على فعل الرخصة فالفطر لمن سفره ثلاثة أيام أفضل من الصوم عند الشافعي وأخذ بظاهره أبو حنيفة فأوجب الفطر فيه. (2)

(هـ عن عبد الرحمن بن عوف) مرفوعا (ن عنه موقوفا) رمز المصنف لحسنه قال ابن حجر: وأخرجه البزار ورجح وقفه وكذا جزم ابن عدي بوقفه وبين علته اه

(1) بلا عذر في حصول الإثم فإن لم يتضرر فصومه أفضل وإن تضرر ضررا يؤدي إلى الهلاك ففطره أفضل وإذا أصبح صائما ثم سافر لا يجوز له الفطر أي بلا تضرر وصورة المسألة أن يفارق سور البلد والعمران بعد الفجر فإن فارق قبله جاز له الفطر ولو نوى الصيام بالليل ثم سافر ولم يعلم أسافر قبل الفجر أم بعده فليس له أن يفطر لأن الشك لا يبيح الرخص

(2)

[وفي مثل هذا يتبين تمسك أبي حنيفة بالحديث دون الرأي ويتبين أن من وصفه بتقديم الرأي على النص فهو إما جاهل بدليله وإما متعصب متهور. وأقوال أبي حنيفة التي أخذ فيها بالحديث وترك الرأي والقياس تفوق الحصر ويدرك كثرتها كل من أنصف في البحث أو درس مذهبه. دار الحديث.]

ص: 187

4975 -

(صاحب الدابة أحق بصدرها) فلا يركب غيره معه عليها إلا رديفا إلا أن يؤثره فلا يأبى الكرامة قال ابن العربي: إنما كان الرجل أحق بصدر دابته لأنه شرف والشرف حق المالك ولأنه يصرفها في المشي حيث شاء وعلى أي وجه أراد من إسراع وإبطاء وطول وقصر بخلاف غير المالك

(حب عن بريدة) بن الحصيب (حم طب عن قيس بن سعد) بن عبادة قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعنا له غسلا فاغتسل فأتيناه بملحفة ورسية فاشتمل بها فكأني أنظر إلى أثر الورس على عكنه ثم أتيناه بحمار ليركب فذكره قال الهيثمي: فيه ابن أبي ليلى سيء الحفظ (وعن حبيب) ضد العدو (بن مسلمة) بفتح الميم واللام بن مالك القرشي الفهري المكي نزيل الشام ويسمى حبيب الرومي لكثرة دخوله عليهم مجاهدا مختلف في صحبته قال حبيب: أتى قيس في الفتنة الأولى وهو على فرس فأخر عن السرج وقال: اركب فقلت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول صاحب إلخ قال: لست أجهل ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن أخشى عليك قال الهيثمي: رجال أحمد ثقات (حم عن عمر) بن الخطاب قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صاحب الدابة أحق بصدرها قال الهيثمي: رجاله ثقات (طب عن عصمة) بكسر المهملة الأولى وسكون الثانية (بن مالك الخطمي) بفتح الخاء المعجمة وسكون المهملة نسبة إلى بني خطمة بطن من الأنصار قال: زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي بقباء فلما أراد أن يرجع جئناه بحمار فركب قلنا: يا رسول الله هذا الغلام يأتي معك يرد الدابة فذكره فرده وهو هلاج لا يساير قال الهيثمي: فيه الفضل بن المختار ضعيف (وعن عروة بن مغيث الأنصاري) قال الهيثمي: مختلف في صحبته وعده البخاري تابعيا وهو الصحيح (طس عن علي) أمير المؤمنين (البزار) في مسنده (عن أبي هريرة) وضعفه (أبو نعيم عن فاطمة الزهراء) قال الهيثمي: فيه الحكم بن عبد الله الأيلي وهو متروك

ص: 187

4976 -

(صاحب الدابة أحق بصدرها) أي بالركوب عليه (إلا من أذن) له بالبناء للفاعل فإن الحق له لا يعدوه ويصح بناؤه للمفعول ويكون المعنى إلا أجنبيا أذن له من صاحبها في ذلك فلا يكون صاحبها أحق لجعله الحق لغيره.

⦗ص: 188⦘

(ابن عساكر) في التاريخ (عن بشير) الأنصاري

ص: 187

4977 -

(صاحب الدين مأسور) أي مأخوذ (بدينه في قبره) يعني محبوس فيه عن مقامه الكريم بسببه (يشكو إلى الله) ما يلقاه في قبره من (الوحدة) أي لا يرى أحدا يقضي عنه ويخلصه ذكره القاضي. قال التوربشتي: والمأسور من يشد بالإيسار أي القيد وكانوا يشدونه به فسمي كل من أخذ أسيرا وإن لم يشد وقال في الفردوس: المأسور المحبوس وزاد في رواية حتى يوفى عنه

(طس وابن النجار) وكذا الديلمي (عن البراء) بن عازب ورواه عنه أيضا البغوي في شرح السنة قال الهيثمي بعد عزوه للطبراني: فيه مبارك بن فضالة وثقه عفان وابن حبان وضعفه جمع

ص: 188

4978 -

(صاحب الدين مغلول في قبره) أي مشدود يداه إلى عنقه بجامعة (لا يفكه) من ذلك الغل (إلا قضاء دينه) والظاهر أن المراد به دين أمكنه قضاءه في حياته ولم يقضه

(فر عن أبي سعيد) الخدري وفيه أحمد بن يزيد أبو العوام قال الذهبي في الذيل: مجهول

ص: 188

4979 -

(صاحب السنة) أي المتمسك بها الجاري عليها (إن عمل خيرا قبل منه وإن خلط) فعمل عملا صالحا وآخر سيئا (غفر له) ما عمله من الذنوب ببركة استمساكه بالسنة وقيل: أراد بصاحب السنة المحدث وعليه يدل كلام الخطيب

(خط في المؤتلف) والمختلف (عن ابن عمر) بن الخطاب

ص: 188

4980 -

(صاحب الشيء) ولفظ رواية أبي يعلى المتاع (أحق بشيئه أن يحمله) لأنه أعون على التواضع وأنفى للكبر وهذا قاله لأبي هريرة وقد دخل أي النبي صلى الله عليه وسلم السوق فاشترى سراويل فأراد أبو هريرة أن يحمله فذكره ثم بين أن ذلك ما لم يكن عذر بقوله (إلا أن يكون ضعيفا) ضعفا خلقيا أو لمرض (يعجز) معه (عنه فيعينه عليه أخوه المسلم) وبيان الأحقية في هذا أن لكل من المتصاحبين حقا على الآخر فعلى أبي هريرة له حق الخدمة فطلب الوفاء بها فأجابه بما معناه وإن كان لك حق طلب الحمل أداء للخدمة لكن أنا أحق لكوني صاحبه وإنما منعه مع أن في خدمته غاية الشرف والتواضع لأنه مشرع فبين كل فعل في محله تشريعا ألا ترى قوله أحق أن يحمله وإنما عبر بأن والفعل المتأول بالمصدر ولم يقل من أول وهلة أحق بحمله لما في التعبير بصورته من زيادة معنى التأكيد

(طس) وكذا أبو يعلى (وابن عساكر) في التاريخ (عن أبي هريرة) قال: دخلت يوما السوق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس إلى القزازين فاشترى سراويل بأربعة دراهم وكان لأهل السوق وزان يزن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: زن وأرجح فقال الوزان: هذه كلمة ما سمعتها من أحد قال أبو هريرة: فقلت كفى بك من الوهن والجفاء أن لا تعرف نبيك فطرح الميزان ووثب إلى يده يريد تقبيلها فجذب يده وقال: هذا إنما تفعله الأعاجم بملوكها ولست بملك إنما أنا رجل منكم فوزن وأرجح قال أبو هريرة: فذهبت أحمله عنه فذكره قال أبو هريرة: فقلت يا رسول الله إنك لتلبس السراويل قال: نعم في السفر والحضر وبالليل والنهار فإني أمرت بالستر فلم أر شيئا أستر منه هذا سياقه عند الطبراني وأبي يعلى وبذلك تبين صحة جزمه في الهدى بأنه لبسها فقول الشمني في حاشية الشفاء كبعض المتأخرين من الحفاظ إن ما فيه سبق قلم زلل

⦗ص: 189⦘

فاحش سببه قصور النظر قال الحافظ الزين العراقي وابن حجر: سنده ضعيف وقال السخاوي: ضعيف جدا بل بالغ ابن الجوزي فحكم بوضعه وقال: فيه يوسف بن زياد عن عبد الرحمن الأفريقي ولم يروه عنه غيره ورده المؤلف بأنه لم ينفرد به يوسف فقد خرجه البيهقي في الشعب والأدب من طريق حفص بن عبد الرحمن ويرد بأن عبد الرحمن قال ابن حبان يروي الموضوعات عن الثقات فهو كاف في الحكم بوضعه

ص: 188

4981 -

(صاحب الصف وصاحب الجمعة) أي الملازم على الصلاة في الصف الأول وعلى صلاة الجمعة في الأجر سواء (1)(لا يفضل هذا على هذا ولا هذا على هذا) بل هما متعادلان في حيازة الثواب ومقداره ويحتمل في الحيازة دون المقدار

(أبو نصر القزويني في مشيخته عن ثوبان) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) لأن صلاة الجمعة فرض عين بشروط والصلاة في الصف الأول سنة وكل من الصفين له فضل فتعادلا وهو من باب الترغيب في الصف الأول ويحتمل أنه للترغيب في صلاة الجمعة وأن حضورها كحضور الصف في الجهاد

ص: 189

4982 -

(صاحب العلم) الشرعي العامل به المعلمه لغيره لوجه الله تعالى (يستغفر له كل شيء حتى الحوت في البحر) فيا لها من مرتبة ما أسناها ومنزلة ما أرفعها وأعلاها يكون المرء مشتغلا بأمر دنياه وصحف حسناته متزايدة وأعمال الخير مهداة إليه من حيث لا يحتسب وهذا سر قوله " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " ولولا العلماء الذين يتلقون العلم ويعلمونه الناس ويبينون الحلال من الحرام جيلا بعد جيل لهلكت الناس والدواب والأنعام حتى حيتان البحر وضاع الدين واضمحل العدل فحق لهم أن يستغفروا له

(ع عن أنس) بن مالك

ص: 189

4983 -

(صاحب الصور) إسرافيل (واضع الصور على فيه منذ خلقه ينتظر متى يؤمر أن ينفخ فيه فينفخ) وذلك لأن إسرافيل واضع فاه على القرن كهيئة البوق ودارة رأسه كعرض السماء والأرض وهو شاخص بصره نحو العرش ينتظر متى يؤمر فينفخ النفخة الأولى فإذا نفخ صعق من في السماوات والأرض إلا من شاء الله ثم ينفخ الثانية بعد أربعين سنة (1)

(خط) في ترجمة عبد الصمد البزار (عن البراء) بن عازب وفيه عبد الصمد بن نعمان أورده الذهبي في الذيل وقال الدارقطني: غير قوي وعبد الأعلى بن أبي المشاور أورده في الضعفاء وقال: تركه أبو داود والنسائي

(1) وهذا لا ينافي نزوله إلى الأرض واجتماعه بالمصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأن المراد به أنه واضع فمه عليه ما لم يؤمر بخدمة أخرى

ص: 189

4984 -

(صاحب اليمين) أي الملك المتكفل بكتابة ما يكون من جند باعث الدين هو كاتب اليمين (أمير على صاحب الشمال) أي الملك الموكل بما ينشأ عن جند باعث الشهوة المضاد لباعث الدين قال الغزالي: وهذان الملكان وكلا بالآدمي عند كمال شخصه بمقاربة البلوغ أحدهما وهو ذو اليمين يهديه والآخر يقويه على رد جند باعث الشهوة فيتميز بمعونتهما عن البهائم ورتبة الملك الهادي أعلى من رتبة الملك المقوى فلذلك كان أميرا عليه وللعبد أطوار في الغفلة والفكر والاسترسال والمجاهدة فهو

⦗ص: 190⦘

بالغفلة معرض عن صاحب اليمين ومسيء إليه فيكتب أغراضا سيئة وبالفكر يقبل هو عليه ليستفيد منه الهداية وهو بذلك محسن فيكتب له بذلك حسنة وبالاسترسال معرض عن صاحب الشمال تارك للاستمداد منه وهو بذلك مسيء إليه فيكتب عليه بذلك سيئة وبالمجاهدة مستمد منه فيكتب له حسنة وإنما يكتب هذه الحسنات والسيئات بإثباتهما فلذلك سميا كراما كاتبين أما الكرام فلانتفاع العبد بهما ولأن الملائكة كلهم بررة وأما الكاتبين فلإثباتهما الحسنات والسيئات بالكتابة (فإذا عمل العبد) أي البالغ العاقل أما الصبي أو المجنون فلا يكتبان عليه شيئا كما قال الغزالي (حسنة كتبها بعشر أمثالها وإذا عمل سيئة فأراد صاحب الشمال أن يكتبها قال له صاحب اليمين أمسك فيمسك) عن كتابتها (ست ساعات) يحتمل الفلكية ويحتمل الزمانية (1)(فإن استغفر الله منها) أي طلب منه أن يغفرها وتاب منها توبة صحيحة (لم يكتب عليه شيئا) فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له (وإن لم يستغفر الله كتب عليه سيئة واحدة) ظاهر كلام الغزالي أن هذه الكتابة خارجة عن نمط كتابة الدنيا حيث قال: وإنما يكتبان في صحائف مطوية في سر القلب ومطوية عن سر القلب حتى لا تطلع في هذا العالم فإنهما وكتابتهما وخطهما وصحائفهما وجملة ما يتعلق بهما من عالم الغيب والملكوت لا من عالم الشهادة وشيء من عالم الملكوت لا يدرك في هذا العالم انتهى وقال في موضوع آخر: أكثر الخلق يعجزون عن قراءة الأسطر الإلهية المكتوبة على صفحات الوجود بخط إلهي لا حرف فيه ولا صوت وذلك إنما يدرك بعين البصيرة لا بعين البصر <تنبيه> ذكر الغزالي أيضا أن الكرام الكاتبين لا يطلعون على أسرار القلب إنما يطلعون على الأعمال الظاهرة

(طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي: رجاله وثقوا انتهى واعلم أن للطبراني هنا ثلاث روايات إحداها مرت في حرف الهمزة وهذه الثانية وهما جيدتان وله طريق ثالثة فيها جعفر بن الزبير وهو كذاب كما بسطه الحافظ الهيثمي

(1)[الساعة " الفلكية " مقدار الساعة المعروفة في عصرنا و " الزمانية " كقولك " برهة " من الزمن. والله أعلم. دار الحديث]

ص: 189

4985 -

(صالح المؤمنين أبو بكر وعمر) أي هما أعلى المؤمنين صفة وأعلاهم قدرا والظاهر أن صالحا هنا واحد أريد به التثنية قال في الكشاف في تفسير {وصالح المؤمنين} : هو واحد أريد به الجمع كقوله لا يفعل هذا الصالح من الناس تريد الجنس وكقوله لا ينفعه إلا من صلح منهم ويجوز أن يكون أصله صالحو المؤمنين بالواو فكتب بغير واو على اللفظ لأن لفظ الجمع والواحد واحد فيه كما جاءت أشياء في المصحف متبوع فيها حكم اللفظ دون وضع الخط انتهى قال أعني الكشاف: والصلاح من أبلغ صفات المؤمنين وهو متمني أنبياء الله قال تعالى حكاية عن سليمان {وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين} وقال في إبراهيم {وإنه في الآخرة لمن الصالحين}

(طب) وابن مردويه في تفسيره وكذا الخطيب في التاريخ (عن ابن مسعود) قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى {وصالح المؤمنين} من هم؟ فذكره

ص: 190

4986 -

(صام نوح) عبد الله (الدهر) كله (إلا يوم) عيد (الفطر ويوم) عيد (لأضحى) فإنه لم يصمهما لعدم قبول وقتهما للصوم (وصام داود) النبي (نصف الدهر) كان يصوم يوما ويفطر يوما على الدوام (وصام إبراهيم) خليل الله (ثلاثة أيام من كل شهر) قيل: البيض وقيل: من أوله (صام الدهر وأفطر الدهر) لأن الحسنة بعشر أمثالها فالثلاثة بثلاثين وهي عدة أيام الشهر وفيه أن تحريم يوم الفطر ويوم الأضحى ليس من خصوصياتنا وهذا فيما كانوا يصومون تطوعا أما الواجب فمسكوت عنه هنا وفي أثر عن مجاهد إن الله كتب رمضان على من كان قبلكم

(طب هب عن ابن عمرو) بن العاص رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي: صيام نوح ورواه ابن ماجه وصيام داود في الصحيح وهذا الخبر فيه أبو فارس ولم أعرفه وأقول فيه أيضا ابن لهيعة

ص: 190

⦗ص: 191⦘

4987 - (صبيحة ليلة القدر) أي الحكم الفصل سميت به لعظم قدرها (تطلع الشمس لا شعاع لها) بضم الشين ما يرى من ضوئها عند غروبها مثل الحبال والقضبان مقبلة عليك إذا نظرتها وانتشار ضوئها (كأنها طست حتى ترتفع) الشمس كرمح في رأي العين

(حم م 3 عن أبي) بن كعب

ص: 191

4988 -

(صدق الله فصدقه) قاله في رجل جاهد حتى قتل يعني أنه تعالى وصف المجاهدين بالذين قاتلوا لوجهه صابرين محتسبين فتحرى هذا الرجل بفعله وقاتل صابرا محتسبا فإنه صدق الله تعالى {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} وهذا القول كناية عن تناهي رفعة منزلته

(طب عن شداد بن الهاد) الليثي واسم أبيه أسامة قيل له الهاد لأنه كان يوقد النار ليلا لمن يسلك الطريق من الأضياف وشداد صحابي شهد الحديبية وما بعدها وفيه قصة طويلة

ص: 191

4989 -

(صدقة) أي القصر صدقة (تصدق الله بها عليكم) وليس بعزيمة (فاقبلوا بصدقته) واقصروا في السفر وفيه أن القصر رخصة لا عزيمة فإن الواجب لا يسمى صدقة ويدل له آية {ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} وذهب الحنفية إلى أنه عزيمة لقول عائشة فرضت الصلاة ركعتين ثم هاجر النبي ففرضت أربعا وأجاب الأول بأن هذا من قول عائشة غير مرفوع وبأنها لم تشهد زمان فرض الصلاة ذكره الخطابي واعترض قال ابن حجر: والذي يظهر وبه يجمع بين الأدلة أن الصلوات فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلا المغرب ثم زيدت بعد الهجرة إلا الصبح ثم بعد أن استقر فرض الرباعية خفف منها في السفر بالآية المذكورة صدقة علينا قال الشارح: والباء في بصدقته زائدة ولم أرها في شيء من الكتب الستة اه. ولعلها سبق قلم من المؤلف وللحديث قصة وهو أن يعلى بن أمية قال لعمر بن الخطاب قال الله عز وجل: {ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم} الآية (1) وقد أمن الناس فقال: عجبت بما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقة إلخ هذا يدفع قول البعض المراد بالصدقة الفطر في الصيام سفرا نعم هو يؤخذ منه قياسا وفيه تعظيم شأن المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث أطلق ما قيد الله ووسع على عباد الله ونسب فعله إليه لأنه خيرة الله من خلقه

(ق 4 عن عمر) بن الخطاب ظاهره أن الكل رووه وليس كذلك بل عزوه للبخاري غلط أو ذهول فقد قال الصدر المناوي وغيره: رواه الجماعة كلهم إلا البخاري ومن ثم اقتصر الحافظ ابن حجر في تاريخ المختصر وغيره على عزو الحديث لمسلم وأبي داود والنسائي والترمذي

(1) والمراد بالفتنة الاغتيال والغلبة والقتال والتعريض بما يكره وليست المخافة شرطا لجواز القصر لهذا الحديث وللإجماع على جوازه مع الأمن وإنما ذكر الخوف في الآية لأن غالب أسفارهم يومئذ كانت مخوفة لكثرة العدو بأرضهم وفيه إشعار بأن القصر ليس واجبا لا في السفر ولا في الخوف لأنه لا يقال في الواجب لا جناح في فعله وفي الحديث جواز تصدق الله علينا واللهم تصدق علينا بكذا خلافا لمن كره أن يقال ذلك وقال لأن المتصدق يرجو الثواب

ص: 191

4990 -

(صدقة الفطر) أي من رمضان فأضيفت الصدقة للفطر لكونها تجب بالفطر منه أو مأخوذة من الفطر التي هي الخلقة المرادة بقوله تعالى {فطرة الله التي فطر الناس عليها} (صاع تمر) وهو خمسة أرطال وثلث بالبغدادي عند مالك والشافعي

⦗ص: 192⦘

وأحمد (أو صاع شعير) أو ليست للتخيير بل لبيان الأنواع التي يخرج منها وذكرا لأنهما الغالب في قوت أهل المدينة (عن كل رأس أو صاع بر أو قمح) قال الزمخشري: القمح البر سمي به لأنه أرفع الحبوب من قامحت الناقة إذا رفعت رأسها وأقمح الرجل إقماحا إذا شمخ بأنفه (بين اثنين) أخذ بظاهره أبو حنيفة تبعا لفعل معاوية في أجزاء نصف صاع حنطة وخالفه الثلاثة فأوجبوا صاعا من أي جنس كان وأجابوا بأن معاوية فعله باجتهاد وخالفه من هو أطول صحبة وأعلم بأحوال النبي منه أبو سعيد فقال: لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد النبي صاع تمر أو بر أو شعير أو أقط فقيل له: أو مدي قمح فقال: لا تلك قسمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها رواه ابن خزيمة (صغير) ولو يتيما خلافا لأبي الحسن وزفر (أو كبير حر أو عبد) ظاهره أن العبد يخرج عن نفسه وهو مذهب داود ويرده خبر ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر فإنه يقتضي أنها على سيده دونه وقال البيضاوي: جعل وجوب زكاة الفطر على السيد كالوجوب على العبد مجازا إذ ليس هو أهلا لأن يكلف بالواجبات (ذكرا أو أنثى) أو خنثى أخذ بظاهره أبو حنيفة فأوجبها على المزوجة وأوجبها الثلاثة على الزوج (غني أو فقير أما غنيكم فيزكيه الله وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطاه) فيه أنه لا يعتبر لوجوب صدقة الفطر ملك نصاب وقال أبو حنيفة يعتبر ولا زكاة على من لا يفضل على منزل وخادم يحتاجهما ويليقان به وعن قوته وقوت ممونه ليلة العيد ويومه ما يخرجه فيها وامرأة غنية لها زوج معسر وهي مطيعة له

(حم د عن عبد الله بن ثعلبة) قال ابن قدامة: تفرد النعمان بن راشد وهو كما قال البخاري يتهم كثيرا وهو صدوق في الأصل وقال: ههنا ذكرت لأحمد حديث بن ثعلبة هذا فقال: ليس صحيح إنما هو عن الزهري مرسل قلت: من قبل هذا قال: من قبل من النعمان بن راشد فليس بقوي اه وقال ابن عبد البر: ليس دون الزهري من يقوم به حجة

ص: 191

4991 -

(صدقة الفطر على) أي عن (كل إنسان مدان من دقيق أو قمح ومن الشعير صاع ومن الحلو زبيب أو تمر صاع صاع) اختلف في أي جنس تجب منه الفطرة فمذهب الشافعي: أن جنسها كل ما يجب فيه العشر وقال المالكية: جنسها المفتات في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقال الحنفية والحنابلة: يخير بين هذه الخمسة وما في معناها

(طس عن جابر) قال الهيثمي: فيه الليث بن حماد ضعيف

ص: 192

4992 -

(صدقة الفطر صاع من تمر أو صاع من شعير أو مدان من حنطة عن كل صغير وكبير وحر وعبد) وروي بالواو وباء والمعنى سواء إلا أن الواو أدخل في إثبات المعنى المطلوب لأن الواجب على كل واحد من المذكورين لا على أحدهم دون الآخر وقد ترد أو بمعنى الواو على حد {ولا تطع منهم آثما أو كفورا} وتمسك بهذا الخبر أبو حنيفة في اكتفائه بأقل من صاع بر وخالفه الباقون وضعفوا الخبر

(قط عن ابن عمر) بن الخطاب قال الغرياني في مختصر الدارقطني: فيه بقية وتقدم الكلام فيه عن داود بن الزبرقان ضعفوه كلهم وقال في مقارب قال أحمد كيحيى: ليس بشيء

ص: 192

4993 -

(صدقة الفطر عن كل صغير وكبير ذكر وأنثى يهودي أو نصراني حر أو مملوك) مدبرا كان أو أم ولد أو معلق

⦗ص: 193⦘

العتق بصفة ولو آبقا مغصوبا مؤجرا مرهونا يؤديها سيده عنه (نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير) وفيه أن الفطر تجب على الإنسان عن غيره وقال داود: عليه فطرته فقط وقوله نصف صاع منصوب بفعل مقدر نحو أعني أو على أنه معمول لتعلق الجار والمجرور المحذوف أو حال وقوله أو صاعا معطوف عليه في الأحوال كلها

(قط عن ابن عباس) ثم قال مخرجه الدارقطني: تفرد به سلام الطويل وهو متروك وقال الذهبي في التنقيح: خبر واه اه وبه يعرف أن عزو المصنف الحديث لمخرجه وسكوته عما عقبه به من بيان علته كما هو دأبه في هذا الكتاب غير صواب

ص: 192

4994 -

(صدقة ذي الرحم) أي القرابة (على ذي الرحم صدقة وصلة) ففيها أجران بخلاف الصدقة على الأجنبي ففيها أجر واحد وفيه التصريح بأن العمل قد يجمع ثواب عملين لتحصيل مقصودهما به فلعامله سائر ما ورد في ثوابهما بفضل الله ومنته

(طس عن سلمان بن عامر) بن أويس الضبي بفتح المعجمة وكسر الموحدة صحابي سكن البصرة قال مسلم: ليس في الصحب ضبي غيره واعترض. رمز المصنف لصحته وهو خطأ لذهوله عن قول الحافظ الهيثمي وغيره فيه غالب بن فزان وهو ضعيف

ص: 193

4995 -

(صدقة السر تطفئ غضب الرب) يمكن حمل إطفاء الغضب على المنع من إنزال المكروه في الدنيا ووخامة العاقبة في العقبى من إطلاق السبب على المسبب كأنه نفى الغضب وأراد الحياة الطيبة في الدنيا والجزاء الحسن في العقبى قال ابن عربي: وهو الموفق عبده لما تصدق به فهو المطفئ غضبه بما وفق عبده اه. قال بعضهم: المعنى المقصود في هذا الموضع الحث على إخفاء الصدقة وفي مسند أحمد قال ابن حجر: سند حسن رفعه أن الملائكة قالت: يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال قال: نعم الحديد قالت: فهل شيء أشد من الحديد قال: نعم النار قالت: فهل شيء أشد من النار قال: نعم الماء قالت: فهل شيء أشد من الماء قال: نعم الريح قالت: فهل شيء أشد من الريح قال: نعم ابن آدم يتصدق بيمينه فيخفيه عن شماله

(طص عن عبد الله بن جعفر) بن أبي طالب (والعسكري) بفتح العين وسكون السين المهملتين وفتح الكاف نسبة إلى عسكر مكرم مدينة من كور الأهواز يقال لها بالعجمية كشكر وهو أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد صاحب التصانيف الحسنة أحد أئمة الأدب وذوي الأخبار والنوادر (في السرائر عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي: فيه من طرق الطبراني أصرم بن حوشب وهو ضعيف وظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد عزاه هو نفسه للترمذي من حديث أنس

ص: 193

4996 -

(صدقة المرء المسلم تزيد في العمر وتمنع ميتة السوء) بكسر الميم وفتح السين أصله موتة قلبت الواو ياء وهي الحالة التي يكون عليها الإنسان من الموت وأراد بميتة السوء ما لا تحمد عاقبته ولا تؤمن غائلته من الحالات التي يكون عليها الإنسان عند الموت فالفقر المدقع والوصب الموجع وموت الفجاءة والغرق والحرق ونحوها ذكره التوربشتي وقال الحكيم وتبعه جمع: هي ما تعوذ منه المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم في دعائه وقال الطيبي: هي سوء الخاتمة ووخامة العاقبة (ويذهب الله بها الفخر والكبر) لا ينافي زيادتها في العمر {وما يعمر من معمر} لأنه من تسمية الشيء بما يؤول إليه

⦗ص: 194⦘

أي وما يعمر من أحد ألا ترى أنه يرجع الضمير في قوله ولا ينقص من عمره إليه والنقصان من عمر المعمر محال وهو من التسامح في العبارة فقد يفهم السامع هذا بحسب الجليل من النظر وقضية النظر الدقيق أن المعمر الذي قدر له العمر الطويل يجوز أن يبلغ حد ذلك العمر (1) وأن لا يزيد عمره على الأول وينقص على الثاني ومع ذلك لا يلزم التغير في التقدير لأن المقدر على كل شخص الأنفاس المعدودة لا الأيام المحدودة والأعوام الممدودة وما قدر من الأنفاس يزيد وينقص بالصحة والحضور والمرض والتعب ذكره ابن الكمال أخذا من الكشاف وغيره <تنبيه> مما ورد أنه يزيد في العمر إسباغ الوضوء فقد روى ابن عدي عن أنس مرفوعا أسبغ الوضوء يزد في عمرك

(أبو بكر بن مقسم في جزئه عن عمرو بن عوف) الأنصاري البدري قضية صنيع المصنف أن ذلك لم يخرجه أحد من المشاهير والأمر بخلافه بل خرجه الطبراني والديلمي عن عمرو المذكور باللفظ المزبور من هذا الوجه

(1) قال كعب الأحبار حين حضرت عمر الوفاة والله لو دعا ربه أن يؤخر أجله لأخره قيل له إن الله عز وجل يقول {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} فقال هذا إذا حضر الأجل وما قبل ذلك فيجوز أن يزاد أو ينقص وقرأ هذه الآية {إن ذلك على الله يسير}

ص: 193

4997 -

(صغاركم) أيها المؤمنون وفي رواية صغاركم (دعاميص الجنة) أي صغار أهلها وهو بفتح الدال جمع دعموص بضمها الصغير وأصله دويه صغيرة يضرب لونها إلى سواد تكون في الغدران لا تفارقها شبه الطفل بها في الجنة لصغره وسرعة حركته وكثرة دخوله وخروجه وقيل هي سمكة صغيرة كثيرة الاضطراب في الماء فاستعيرت هنا للطفل يعني هم سياحون في الجنة دخالون في منازلها لا يمنعون كما لا يمنع صبيان الدنيا الدخول على الحرم وقيل الدعموص اسم للرجل الزوار للملوك الكثير الدخول عليهم والخروج ولا يتوقف على إذن ولا يبالي أين يذهب من ديارهم شبه طفل الجنة به لكثرة ذهابه في الجنة حيث شاء لا يمنع من أي مكان منها (يتلقى أحدهم أباه فيأخذ بثوبه فلا ينتهي حتى يدخله الله وأباه الجنة) فيه أن أطفال المسلمين في الجنة وهو إجماع من يعتد به ولا عبرة بخلاف المجبرة ولا حجة لهم في خبر الشقي من شقي في بطن أمه لأنه عام مخصوص بل الجمهور على أن أطفال الكفار فيها

(حم خد م) من حديث أبي حسان (عن أبي هريرة) قال أبو حسان: قلت لأبي هريرة إنه قد مات لي ابنان فما أنت محدثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث تطيب به أنفسنا عن موتانا قال نعم ثم ذكره

ص: 194

4998 -

(صغروا الخبز وأكثروا عدده يبارك لكم فيه) هذا الحديث ستعرف حاله على الأثر قال ابن حجر: وقد تتبعت هل كانت أقراص خبز المصطفى صلى الله عليه وسلم صغارا أو كبارا فلم أر في ذلك شيئا بعد التفتيش إلا هذا الحديث وما أشبهه مما لا يحتج به

(الأزدي في) كتاب (الضعفاء) والمتروكين (والإسماعيلي في معجمه) من هذا الوجه الذي خرجه منه الأزدي كما في اللسان (عن عائشة) وقضية صنيع المصنف أن الأزدي خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه ففي اللسان في ترجمة جابر بن سليم قال الأزدي: منكر الحديث لا يكتب حديثه ثم روى هذا الخبر وقال: وهذا خبر منكر لا شك فيه اه. قال في اللسان: ولعل الأخذ فيه ممن دون جابر فإن ابن أحمد نقل عن أبيه أنه ثقة قال: والخبر منكر لا يشك فيه ورواه عن عائشة أيضا الديلمي قال ابن حجر في التخريج: والخبر واه بحيث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات وقال: المتهم به جابر هذا اه وتعقب المؤلف ابن الجوزي في الحكم بوضعه بأن له شاهدا وهو الخبر الآتي فرقوا خبزكم يبارك لكم فيه اه ومن البين عند أئمة هذا الفن أن الشاهد لا ينجع في الموضوع وممن

⦗ص: 195⦘

ذكره عنهم المؤلف وغيره ومما حكموا بوضعه من أحاديث الخبز ما رواه ابن رزين عن ابن عباس مرفوعا: ما استخف قوم بحق الخبز إلا ابتلاهم الله بالجوع

ص: 194

4999 -

(صفتي) أي في الكتب السابقة (أحمد المتوكل) على الله حق توكله والصفة هي التوكل وأما أحمد فهو اسم له كما نطق به التنزيل فذكره أولا توطئة للوصف وكان سيد المتوكلين ولذلك لم يحترف ولم يكن له حارس (ليس بلفظ) بفاء وظاء معجمة أي سيء الخلق (ولا غليظ) أي سيء الخلق شديده (يجزي بالحسنة الحسنة ولا يكافئ بالسيئة مولده بمكة ومهاجره طيبة) هو اسم المدينة النبوية (وأمته الحمادون يأتزرون على أنصافهم ويوضؤن أطرافهم أناجيلهم) جمع إنجيل وهو الكتاب الذي يتلى محفوظة (في صدورهم) يعني كتبهم محفوظة في قلوبهم ويقال الإنجيل كل كتاب مكتوب وافر السطور كذا في الفردوس (يصفون للصلاة كما يصفون للقتال قربانهم الذي يتقربون به إلى ربهم دماؤهم رهبان بالليل ليوث بالنهار) فيه أن الوضوء من خصائصهم لكن الذي عليه الشافعي أن الخاص الكيفية المخصوصة أو الغرة والتحجيل لأدلة أخرى

(طب) وكذا الديلمي (عن ابن مسعود) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي: فيه من لم أعرفهم

ص: 195

5000 -

(صفوة الله من أرضه الشام وفيها صفوته من خلقه وعباده) عطف تفسير ويحتمل أنه بضم العين وشدة الموحدة جمع عابد فيكون من عطف الخاص على العام (وليدخلن) أكد باللام إشارة إلى تحقق وقوعه (الجنة من أمتي ثلاث حثيات) من حثياته تعالى لقوله في الحديث فحثى بيديه وتقدم معناه (لا حساب عليهم ولا عذاب) السياق يقتضي أن المراد من أهل الشام والصفوة هو الخاص المختار

(طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي: فيه عبد العزيز بن عبيد الله الحمصي وهو ضعيف

ص: 195

5001 -

(صلة الرحم) أي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول إليه فتارة يكون بالمال وتارة بالخدمة وتارة بالزيارة (وحسن الخلق وحسن الجوار) بكسر الجيم وضمها وعليه اقتصر في المصباح (يعمرن الديار) أي البلاد قال في الكشاف: تسمى البلاد الديار لأنه يدار فيها أي يتصرف يقال ديار بكر لبلادهم وتقول العرب الذين من حوالي مكة نحن من عرب الديار يريدون من عرب البلد (ويزدن في الأعمار) كناية عن البركة في العمر بالتوفيق إلى الطاعة وعمارة وقته بما ينفعه في آخرته أو الزيادة بالنسبة إلى علم الملك الموكل بالعمر قال ابن الكمال: في تخصيص حسن الجوار بالذكر من جملة ما ينتظمه حسن الخلق نوع تفضيل له على سائر أفراده والظاهر من سياق الكلام أن ذلك الفضل من جهة قوة التأثير في الأمرين المذكورين وينبغي للبليغ أن يراعي هذه القاعدة في مواقع التخصيص بعد

⦗ص: 196⦘

التعميم

(حم هب عن عائشة) رمز المصنف لحسنه وهو كما قال فقد قال الحافظ في الفتح: رواه أحمد بسند رجاله ثقات اه وإعلال العلاء له بأن فيه محمد بن عبد الله العرزمي ضعفوه يكاد يكون غير صواب فقد وقفت على إسناد أحمد والبيهقي فلم أره فيهما فلينظر

ص: 195

5002 -

(صلة الرحم) أي القرابة وإن بعدت (تزيد في العمر وصدقة السر تطفئ غضب الرب) استدل به الرافعي على أن صدقة السر أفضل من العلانية قال ابن حجر: وأولى منه خبر سبعة يظلهم الله وفيه ورجل تصدق بصدقة فأخفاها قال في الإتحاف: ذكر مع الصلة صدقة السر للمناسبة التامة المؤذنة بمزيد فضل فالصلة بأنها تزيد في العمر سواء كانت سرا أو جهرا بخلاف إطفاء الغضب فإنه لا يكون إلا بالصدقة سرا ثم إخفائها فالصلة أفضل فإنها نوع من الصدقة فيجتمع فيها حينئذ الأمران الزيادة في العمر وإطفاء الغضب ولما كان الغضب عندنا ينشأ من غليان الدم ناسب أن يعبر عنه بالإطفاء وإن كان ذلك من المحال في حقه تعالى وتقدس فالمراد غايته من أنه لا يصل أثره ولا يبقى مع الصلة منه شيء كما لا يبقى من حرارة النار بعد الإطفاء ما يؤذي

(القضاعي) في مسند الشهاب (عن ابن مسعود) رمز المصنف لحسنه وليس بجيد فقد قال ابن حجر: فيه من لا يعرف

ص: 196

5003 -

(صلة القرابة مثراة) بفتح فسكون مفعلة من الثرى أي الكثرة (في المال) أي زيادة فيه (محبة في الأهل منسأة في الأجل) أي مظنة لتأخيره وتطويله والنسأ التأخير يقال نسأت الشيء نسئا إذا أخرته قال الزمخشري: معناه أن الله يبقي أثر واصل الرحم في الدنيا طويلا فلا يضمحل سريعا كما يضمحل أثر قاطع الرحم والصلة قدر زائد على الحقوق المتعلقة بالعموم كتفقد حالهم وتعهدهم بنحو نفقة وكسوة وبشاشة وغيرها فهي أنواع بعضها واجب وبعضها مندوب وأدناها ترك المهاجرة <تنبيه> قال بعضهم: الصلة نوع من التوحيد لأن الألفة اجتماع والاجتماع اتحاد والقطيعة افتراق والافتراق كثرة والكثرة ضد التوحيد فلذلك قطع الله قاطع الرحم لأن الله واحد لا يصل إلا واحدا متصفا بالتوحيد

(طس عن عمرو) قال في التقريب: صوابه عمر (بن سهل) الأنصاري رمز لحسنه. قال الذهبي: سمع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صلة الرحم إن صح ذلك اه. قال الهيثمي فيه من لم أعرفهم اه. وقضية صنيع المصنف أن هذا لا يوجد مخرجا في أحد دواوين الإسلام الستة والأمر بخلافه فقد عزاه الحافظ في الفتح إلى الترمذي عن أبي هريرة بلفظ صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر هكذا ذكره

ص: 196

5004 -

(صل من قطعك) بأن تفعل معه ما تعد به واصلا فإن انتهى فذاك وإلا فالإثم عليه (وأحسن إلى من أساء إليك) ومن ثم قال الحكماء: كن للوداد حافظا وإن لم تجد محافظا وللخل واصلا وإن لم يكن مواصلا وقال الغزالي: رأيت في الإنجيل قال عيسى ابن مريم لقد قيل لكم من قبل إن السن بالسن والأنف بالأنف والآن أقول لكم لا تقاوموا الشر بالشر بل من ضرب خدك اليمين فحول إليه اليسار ومن أخذ رداءك فأعطه إزارك ومن سخرك معه ميلا فسر معه ميلين وكل ذلك أمر بالصبر على الأذى (1)(وقل الحق ولو على نفسك) فإنك إذا فعلت ذلك انقلب عدوك المشاق مثل الولي الحميم مصافاة لك وما يلقى هذه الخليقة التي هي مقابلة القطع بالوصل والإساءة بالإحسان إلا أهل الصبر وإلا رجل خير وفق لحظ عظيم من الخير {وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} قال

⦗ص: 197⦘

في الإتحاف: هذا الحديث تعليم بمعالم الأخلاق التي يسبق بها مع السباق

(ابن النجار) في تاريخ بغداد (عن علي) أمير المؤمنين. قال ابن حجر: ورويناه في جزء لابن شاذان عن أبي عمرو بن السماك من حديث علي بن الحسين عن جده علي بن أبي طالب قال: ضممت إلي سلاح النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت في قائم سيفه رقعة فيها صل من قطعك إلخ قال ابن الرقعة في المطلب: ليس فيه شيء إلا الانقطاع. قال ابن حجر: وفيه نظر لأن في سنده الحسين بن زيد بن علي ضعفه ابن المديني وغيره

(1) قال الشهاب في شرح الشفاء: قال بعض الحكماء لا يحملنك سب الجهول لك وجرأة السفيه عليك على الإجابة عليه بل حلم يفني صبرك خير من سفه يشفي صدرك

ص: 196

5005 -

(صلوا قراباتكم) بأن يفعل أحدكم معهم ما يعد به واصلا (ولا تجاوروهم) في المساكن (فإن الجوار يورث الضغائن بينكم) أي الحقد والعداوة جمع ضغينة وهي الحقد والعداوة والبغضاء قال في الإتحاف: ويتجه حمله على من توهم منه ذلك فإن غلب على الظن السلامة من ذلك لم تكره مجاورته وإن غلب على الظن وقوع ذلك كرهت فإن كل ذي نعمة محسود فإذا اطلع القريب على قريبه وقد زاد الله عليه في الرزق وشاهد ذلك غدوا وعشيا قوي حسده (1) <تنبيه> قال الراغب: المعاداة قد تكون بسبب الفضيلة أو الرذيلة كمعاداة الجاهل للعالم وقد تكون بسبب تجاذب نفع دنيوي كالتجاذب في رئاسة أو جاه أو مال وقد تكون بسبب لحمة ومجاورة مورثة للحسد كمعاداة بني الأعمام بعضهم لبعض وذلك في كثير من الناس كالطبيعي وقال رجل لآخر: إني أحبك. قال: علمت ذلك. قال: من أين؟ قال: لأنك لست بشريك ولا نسيب ولا جار ولا قريب وأكثر المعاداة تتولد من شيء من ذلك

(عق) وكذا أبو نعيم والديلمي (عن أبي موسى) الأشعري. ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه العقيلي خرجه ساكتا عليه وهو تلبيس فاحش فإنه أورده في ترجمة سعيد بن أبي بكر بن أبي موسى من حديث داود المحبر عن عبد الله بن عبد الجبار عن سعيد هذا عن أبيه عن جده مرفوعا ثم قال أعني العقيلي: حديث منكر وسعيد حديثه غير محفوظ ولا يعرف هذا الحديث إلا به وليس له أصل والراوي عنه مجهول انتهى وفي الميزان حديث منكر والآفة ممن بعد سعيد وداود ضعيف ولهذا حكم ابن الجوزي على الحديث بالوضع

(1)[وليس الحسد السبب الوحيد في زيادة الضغائن حيث أن للمسلم على المسلم وللجار على الجار وللرحم على الرحم واجبات عديدة حددها الشرع. فمن جاور قرابته كان عليه القيام بتلك الحقوق مجتمعة فإذا قصر تولدت الضغائن لا محالة حيث أن الحكمة في أكثر تلك الحقوق هي قوام المجتمع السليم ومهما كثر تقصيره كثرت الضغائن. دار الحديث]

ص: 197

5006 -

(صلت الملائكة على آدم) لما مات (فكبرت عليه أربعا) من التكبيرات (وقالت) مخاطبة لبني آدم (هذه سنتكم يا بني آدم) أي طريقتكم الواجب عليكم فعلها لمن مات منكم أبد الآبدين وفيه أن الصلاة على الجنازة ليست من خصوصيات هذه الأمة (1)

(هق عن أبي) بن كعب رمز المصنف لصحته وهو هفوة فقد تعقبه الذهبي في المهذب بأن فيه عثمان بن سعد وفيه لين

(1) قال الزيادي: يمكن حمل القول بالخصوصية على كيفية مخصوصة مشتملة على قراءة الفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والقول بعدم الخصوصية على غيرها

ص: 197

5007 -

(صل صلاة مودع) أي مودع لهواه مودع لعمره وسائر إلى مولاه (كأنك تراه) عيانا (فإن كنت لا تراه فإنه يراك وايأس مما في أيدي الناس تعش غنيا) وفي رواية الطبراني وايأس مما في أيدي الناس تكن غنيا (وإياك وما يعتذر منه) أي احذر أن تفعله بحال وقد سبق تقريره

(أبو محمد) عبد الله بن عطاء (الإبراهيمي) نسبة إلى جده الهروي الواعظ روى عنه الديلمي وغيره (في كتاب الصلاة وابن النجار) في تاريخ بغداد (عن ابن عمر) بن الخطاب قال: قال رجل: يا رسول الله حدثني بحديث واجعله موجزا فذكره وقضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من

⦗ص: 198⦘

المشاهير الذين رمز لهم مع أن الطبراني خرجه في الأوسط عن ابن عمر قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفه

ص: 197

5008 -

(صل) يا عمران بن حصين الذي ذكر لنا أن به بواسير حال كونك (قائما) أي صلي الفرض قائما (فإن لم تستطع) القيام بل لحقك به مشقة شديدة أو خوف زيادة مرض أو هلاك أو عرق أو دوران رأس راكب السفينة (فقاعدا) أي فصل حال كونك قاعدا كيف شئت والافتراش أفضل (فإن لم تستطع) القعود للمشقة المذكورة (فعلى) أي فصل على (جنب) وجوبا مستقبل القبلة بوجهك وعلى الأيمن أفضل ويكره على الأيسر بلا عذر قال البيضاوي وغيره: هذا حجة للشافعي وأحمد أن المريض يصلي مضطجعا على جنبه الأيمن مستقبلا بمقادم بدنه ورد على أبي حنيفة حيث قال لا يصلي على جنب بل مستلقيا ليكون سجوده وركوعه للقبلة فلو أتمها على جنب لكان لغيرها وتأويله الحديث بأنه خطاب لعمران وكان مرضه بواسير وهي تمنع الاستلقاء يدفعه زيادة للنسائي في حديث عمران هذا فإن لم تستطع فمستلقيا لا يكلف الله نفسا إلا وسعها واستدل به الحنفية والمالكية على أنه لا يلزم من عجز عن الاستلقاء الانتقال إلى حالة أخرى كالإيماء بالرأس فالطرف وأوجبه الشافعية لخبر إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم <فائدة> قال ابن المنير: اتفق لبعض شيوخنا فرع غريب يكثر وقوعه وهو أن يعجز المريض عن التذكر ويقدر على الفعل فألهمه الله أن اتخذ من يلقنه فكان يقول أحرم بالصلاة قل الله أكبر إقرأ الفاتحة إركع وهكذا يلقنه وهو يفعل ما يقول وفيه وجوب القيام على القادر في الفرض فإن عجز وجب القعود فإن عجز فالاضطجاع

(حم خ) في صلاة المسافر (4) في الصلاة (عن عمران بن حصين) ولم يخرجه مسلم قال ابن حجر: واستدركه الحاكم فوهم

ص: 198

5009 -

(صل قائما) يا من سألنا كيف أصلي في السفينة (إلا أن تخاف الغرق) أي إلا إن خفت من دوران الرأس والسقوط في البحر لو وقفت فإنه يجوز لك في الفرض القعود للضرورة (ك) وكذا الديلمي (عن ابن عمر) بن الخطاب قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في السفينة فذكره قال الحاكم: على شرط مسلم وهو شاذ بمرة وقال البيهقي: حديث حسن وأقره عليه العراقي ورواه الدارقطني من حديث ابن عمر هذا وقال: فيه بشر بن قاني ضعيف ومن حديث جعفر وقال: فيه رجل مجهول ومن حديث ابن عباس وقال: فيه حسين بن علوان متروك

ص: 198

5010 -

(صل بصلاة أضعف القوم) أي اسلك سبيل التخفيف في أفعال الصلاة وأقوالها على قدر صلاة أضعف القوم والمراد بالضعيف هنا ما يشمل المريض وضعيف الخلقة (1) واتخذ مؤذنا محتسبا (ولا تتخذ مؤذنا يأخذ على أذانه أجرا) من بيت المال ولا من غيره وتمسك به أبو حنيفة لمذهبه أنه لا يجوز أخذ الأجرة على الأذان وحمله الشافعي على الندب

(طب عن المغيرة) بن شعبة قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلني إمام قومي فذكره قال الهيثمي: فيه سعد القطيعي ولم أر من ذكره وقال ابن حجر: أخرجه البخاري في تاريخه من حديث المغيرة المذكور ولابن عدي نحوه

(1)[ومثله في صلاة الجمعة لذلك فإن السنة تقصيرها مطلقا. انظر الحديث 2294 وشرحه: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة. . . دار الحديث]

ص: 198

5011 -

(صل بالشمس وضحاها ونحوها من السور) القصار أي إن صليت بقوم غير راضين بالتطويل أو تعلق بعينهم حق

(حم عن بريدة) بن الحصيب رمز المصنف لحسنه

ص: 198

5012 -

(صل الصبح) وجوبا معلوما من الدين بالضرورة (والضحى) ندبا وقول جمع من السلف " لا تندب " مؤول (1) (فإنها

⦗ص: 199⦘

صلاة الأوابين) أي الرجاعين إلى الله تعالى

(زاهر بن طاهر في سداسياته عن أنس) بن مالك رمز المصنف لصحته

(1) [وكيف لا يؤول قولهم والحديث صحيح ودلالته واضحة وأشذ ما حصل في زماننا ظهور قوم بلغ من جهلهم التجرؤ على انتقاد من صلى صلاة الضحى فليتنبه

وورد كذلك الحديث الصحيح التالي في صلاة الضحى فليراجع شرحه: 5072: صلاة الأوابين حين ترمض الفصال

دار الحديث]

ص: 198

5013 -

(صلوا أيها الناس في بيوتكم) أي النفل الذي لا تشرع جماعته (فإن أفضل الصلاة صلاة المرء) أي الرجل يعني جنسه (في بيته) ولو كان المسجد فاضلا (إلا) الصلوات الخمس (المكتوبة) أي أو ما شرع فيه جماعة كعيد وتراويح فإن فعلها بالمسجد أفضل وأخذ بظاهر الخبر مالك ففضل التراويح بالبيت عليها بالمسجد وأجيب بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قاله خوف أن يفرض عليهم وبعد موته أمن ذلك

(خ عن زيد بن ثابت) الأنصاري كاتب الوحي قال: اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرة في رمضان فصلى فيها ليالي فصلى بصلاته ناس من أصحابه فلما علم بهم خرج إليهم فقال: قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم: صلوا إلخ

(1)[فعلم منه أن جمع عمر الناس لصلاة التراويح إنما كان لتلك السنة التي عهدها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحيث أن عدم استمرار النبي فيها كان خوفا من أن تفرض فقد أمن عمر رضي الله عنه من ذلك بسبب انقطاع الوحي. فعمله سنة سنها للمسلمين اتباعا لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما قال فيها " نعمت البدعة " إما تواضعا وإما تجاوزا في اللغة. أما المتهورين الذين يحاولون النيل منه فأين فهمهم من فهمه وأين تقواهم من تقواه. وما أشد مناسبة قول بعضهم: يا ناطح الجبل ليثلمه خف على الرأس لا تخف على الجبل. دار الحديث]

ص: 199

5014 -

(صلوا في بيوتكم) النفل الذي لا تسن جماعته (ولا تتخذوها قبورا) بترككم الصلاة فيها كالميت في قبره لا يصلي شبه المحل الخالي منها بالقبر والغافل عنها بالميت أو لا تجعلوا بيوتكم موطنا للنوم بلا صلاة فإن النوم أخو الموت وقد سبق

(ت ن عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لحسنه ورواه عنه أيضا أحمد وابن منيع والديلمي

ص: 199

5015 -

(صلوا في بيوتكم ولا تتركوا النوافل فيها) سميت نوافل لأنها زائدة على الفرض والأمر للندب بدليل خبر هل علي غيرها قال: لا إلا أن تطوع

(قط في الأفراد عن أنس وجابر) بن عبد الله ورواه عنه الديلمي

ص: 199

5016 -

(صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا) أي لا تخلوها عن الصلاة فيها شبه المكان الخالي عن العبادة بالقبور والغافل عنها بالميت ثم أطلق القبر على مقره ومعناه النهي عن الدفن في البيوت وإنما دفن المصطفى صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة مخافة اتخاذ قبره مسجدا ذكره القاضي (ولا تتخذوا بيتي عيدا) أي لا تتخذوا قبري مظهر عيد ومعناه النهي عن الاجتماع لزيارته اجتماعهم للعيد إما لدفع المشقة أو كراهة أن يتجاوز واحد التعظيم وقيل العيد ما يعاد إليه أي لا تجعلوا قبري عيدا تعودون إليه متى أردتم أن تصلوا علي وظاهره ينهى عن المعاودة والمراد المنع عما يوجبه وهو ظنهم أن دعاء الغائب لا يصل إليه ويؤيده قوله (وصلوا علي وسلموا فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم) أي لا تتكلفوا المعاودة إلي فقد استغنيتم بالصلاة علي لأن النفوس القدسية إذا تجردت عن العلائق البدنية عرجت واتصلت بالملأ الأعلى ولم يبق لها حجاب فترى الكل كالمشاهد بنفسها أو بإخبار الملك لها وفيه سر يطلع عليه من يسر له. ذكره القاضي <تنبيه> قولهم فيما سلف معناه النهي عن الاجتماع إلخ يؤخذ منه أن اجتماع العامة في بعض أضرحة الأولياء في يوم أو شهر مخصوص من السنة ويقولون هذا يوم مولد الشيخ ويأكلون ويشربون وربما يرقصون منهي عنه شرعا وعلى ولي الشرع ردعهم على ذلك وإنكاره عليهم وإبطاله

(ع والضياء) في المختارة (عن الحسن بن علي) قال الهيثمي: فيه عبد الله بن نافع وهو ضعيف

ص: 199

5017 -

(صلوا) إن شئتم فالأمر للإباحة (في مرابض الغنم) مأواها ومقرها جمع مربض بفتح الميم وكسر الباء الموحدة

⦗ص: 200⦘

وآخره ضاد معجمة وفي رواية بدل مرابض مرابد بدال مهملة وهي المواضع التي تحبس فيها (ولا تصلوا في أعطان الإبل) جمع عطن بالتحريك والفارق أن الإبل خلقت من الشياطين أو أنها كثيرة الشر أو شديدة النفار فقد تقطع الصلاة أو تشوش قلب المصلي فتذهب خشوعه بخلاف الغنم والمعاطن المواضع التي تجر إليها الإبل الشاربة ليشرب غيرها أو هي مبركها حول الماء لتعاد إلى الشرب مرة أخرى وعزي الأول للشافعي والثاني هو ما في النهاية وعليه قال ابن حجر: التعبير بالمعاطن أخص منه بالمواضع لأن المعاطن مواضع إقامتها عند الماء خاصة وقد ذهب بعضهم إلى تخصيص النهي في مأواها مطلقا وقول الطحاوي انتصارا لمذهبه النظر يقتضي عدم الفرق بين الإبل والغنم والصلاة وغيرها وبمخالفته الأخبار الصحيحة المصرحة بالتفرقة وألحق ابن المنذر وتبعه المحب الطبري البقر بالغنم وعورض بما في حديث ابن عمر وعند أحمد إلحاقها بالإبل صريحا وهل يلحق بالإبل ما هو مثلها في النفور كالأفيلة قال الزين العراقي: إن قلنا إن العلة النفور فنعم أو أنها خلقت من الشياطين فلا

(ت) في الصلاة (عن أبي هريرة) وقال: حسن صحيح ومن ثم رمز المصنف لحسنه وخرجه ابن حبان أيضا

ص: 199

5018 -

(صلوا في مرابض الغنم) أي أماكنها وفي حديث في البخاري أنه كان يحب الصلاة حيث أدركته أي حيث دخل وقتها سواء كان في مرابض الغنم أو غيرها وبين في حديث آخر أن ذلك كان قبل أن يبنى المسجد ثم بعد بنائه صار لا يحب الصلاة في غيره إلا لضرورة (ولا تصلوا في أعطان الإبل) وفي رواية بدل أعطان مبارك وفي أخرى مناخ بضم الميم قال ابن حزم: كل عطن مبرك ولا عكس لأن المعطن المحل الذي تناخ فيه عند ورود الماء والمبرك أعم لأنه المتخذ له في كل حال (فإنها خلقت الشياطين) زاد في رواية ألا ترى أنها إذا نفرت كيف تشمخ بأنفها؟ قال القاضي: المرابض جمع مربض وهي مأوى الغنم والأعطان المبارك والفارق أن الإبل كثيرة الشراد شديدة النفار فلا يأمن المصلي في أعطانها أن تنفر وتقطع الصلاة وتشوش قلبه فتمنعه من الخشوع فيها ولا كذلك من يصلي في مرابض الغنم واستشكل التعليل بكونها خلقت من الشياطين بما ثبت أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يصلي النافلة على بعيره وفرق بعضهم بين الواحد وكونها مجتمعة بما طبعت عليه من النفار المفضي إلى تشويش القلب بخلاف الصلاة على المركوب منها أو إلى جهة واحدة معقول ثم إن النهي في هذه الأحاديث للتنزيه عند الشافعي كالجمهور فتكره الصلاة في العطن وتصح حيث كان بينه وبين النجاسة حائل وللتحريم عند أحمد ولا تصح عنده الصلاة في العطن بحال والأمر بالصلاة في مرابض الغنم للإباحة لا للوجوب ولا للندب وإنما ذكر دفعا لتوهم أنها كالإبل وأن العلة النجاسة

(هـ عن عبد الله بن مغفل) قال مغلطاي: حديث صحيح متصل ومن ثم أشار المصنف لصحته

ص: 200

5019 -

(صلوا في مرابض الغنم ولا توضأوا من ألبانها) أي من شرب ألبانها فإنها لا تنقض الوضوء كأكل لحمها (ولا تصلوا في معاطن الإبل وتوضأوا من ألبانها) أي من شربها فإنها ناقضة للوضوء كأكل لحمها وبهذا قال أحمد واختاره من الشافعية النووي من حيث الدليل قال: لحديثين صحيحين ليس عنهما جواب شاف لكن المنقول عندهم عدم النقض وأجابوا عن ذلك بما فيه طول يطلب من الفروع قال ابن بطال: في هذه الأحاديث حجة على الشافعي في قوله بنجاسة أبوال الغنم لأن مرابض الغنم لا تسلم من ذلك ورد بأن الأصل الطهارة وعدم السلامة منها غالبا وإذا تعارض الأصل

⦗ص: 201⦘

والغالب قدم الأصل <تنبيه> زعم ابن حزم أن أحاديث النهي عن الصلاة في أعطان الإبل متواترة تواترا يوجب العلم. قال الحافظ الزين العراقي: ولم يرد التواتر الأصولي بل الشهرة والاستفاضة

(طب عن أسيد) بضم الهمزة (ابن حضير) بضم المهملة وفتح المعجمة الأشهلي النقيب الكبير الشأن ذي المناقب والكرامات رمز المصنف لصحته وليس كما قال فقد قال الحافظ الهيثمي: فيه الحجاج بن أرطاة وفيه مقال

ص: 200

5020 -

(صلوا في مراح الغنم) زاد في رواية للطبراني فإنها بركة من الرحمن (وامسحوا رغامها) بغين مهملة أي امسحوا التراب عنها وروي بمعجمة أي ما سال من أنفها إصلاحا لشأنها ورعاية لها (فإنها من دواب الجنة) قال ابن القيم: بين به وبما قبله أن سنة الصلاة حيث كانت وفي أي مكان اتفق سوى ما ينهى عنه من العطن والمقبرة والحمام ونحوها فأين هذا الهدي من فعل من لا يصلي إلا على سجادة تفرش فوق الحصير ويوضع عليها المنديل

(عد هق عن أبي هريرة) قال البيهقي: روي مرفوعا وموقوفا وهو أصح

ص: 201

5021 -

(صلوا في نعالكم) إن شئتم فإن الصلاة فيها جائزة حيث لا نجاسة فيها غير معفوة وأخذ جمع حنابلة منه أن الصلاة فيها سنة. هبه كان يمشي فيها في الشوارع أو لا لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه كانوا يمشون بهما في طريق المدينة ثم يصلون فيها (ولا تشبهوا باليهود) فإنهم لا يصلون في نعالهم وذلك أنه لما قيل لموسى يوم الوفادة اخلع نعليك وكانا من جلد حمار غير ذكي فأمر بخلعهما لذلك ولكي ينال بركة الوادي المقدس بإصابة قدميه فأخذوا هذا منها فأخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن أخذهم وفعله على غير صحة وإن كان الأصل حقا

(طب عن شداد بن أوس) رمز المصنف لصحته وليس كما ظن ففيه يعلى بن شداد قال في الميزان: توقف بعضهم في الاحتجاج بخبره وهو صلوا إلى آخر ما هنا ويعلى شيخ مشهور محله الصدق اه. وقال ابن القطان: يعلى لم أر فيه تعديلا ولا تجريحا

ص: 201

5022 -

(صلوا) جوازا (خلف كل بر) بفتح الموحدة صفة مشبهة وهو مقابل قوله (وفاجر) أي فاسق فإن الصلاة خلفه صحيحة عند أبي حنيفة والشافعي لكنها مكروهة لعدم اهتمامه بأمر دينه وقد يخل ببعض الواجبات (وصلوا) وجوبا صلاة الجنازة (على كل) ميت مسلم غير شهيد (بر وفاجر) فإن فجوره لا يخرجه من الإيمان (وجاهدوا) وجوبا على الكفاية (مع كل بر وفاجر) أي مع كل إمام وأمير عادل أو جائر عدل أو فاسق هذا ما عليه أهل السنة والجماعة ووراء ذلك مذاهب باطلة وعقائد فاسدة

(هق عن أبي هريرة) سكت عليه فأوهم سلامته من العلل وليس كذلك فقد قال الذهبي في المهذب: فيه انقطاع وجزم ابن حجر بانقطاعه قال: وله طريق أخرى عند ابن حبان في الضعفاء من حديث عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة عن هشام عن أبي صالح عنه وعبد الله متروك ورواه الدارقطني وغيره من طرق كلها واهية جدا قال العقيلي: ليس لهذا المتن إسناد يثبت والبيهقي كلها ضعيفة والحاكم هذا حديث منكر

ص: 201

5023 -

(صلوا ركعتي الضحى) ندبا (بسورتيهما والشمس وضحاها والضحى) بدل مما قبله أو عطف بيان وهذا بيان للأفضل فلو قرأ بعد الفاتحة غير السورتين المذكورتين كفى في حصول السنة

(هب فر عن عقبة بن عامر) وفيه مجاشع بن عمرو قال الذهبي في الضعفاء: قال ابن حبان: يضع الحديث عن ابن لهيعة وهو ضعيف

ص: 201

⦗ص: 202⦘

5024 - (صلوا صلاة المغرب مع سقوط الشمس) أي عقب تمام غروب القرص (بادروا بها طلوع النجم) أي ظهوره للناظرين لضيق وقتها

(طب) من حديث أحمد بن يزيد بن أبي حبيب عن رجل (عن أبي أيوب) قال الهيثمي: وبقية رجاله ثقات اه وبه يعرف ما في رمز المصنف لصحته

ص: 202

5025 -

(صلوا قبل المغرب ركعتين صلوا قبل المغرب ركعتين) كرره لمزيد التأكيد وقال في الثالثة (لمن شاء) كراهة أن يتخذها الناس واجبة قال القاضي: ما كان ظاهر الأمر يقتضي الوجوب وكان مراده الندب خير المكلف وعلق الأمر على المشيئة مخافة أن يحمل اللفظ على ظاهره سيما وقد أكد الأمر بتكراره ثلاثا وقد تطلق السنة ويراد بها الفريضة كقولهم الختان من السنة اه وفيه مشروعية ركعتين قبل المغرب وهما سنة على الصحيح أو الصواب كما في المجموع وهما من الرواتب غير المؤكدة ومثلهما ركعتان قبل العشاء لخبر بين كل أذانين صلاة أي أذان وإقامة

(حم د عن عبد الله المزني) ظاهره أنه لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد خرجه البخاري في الصلاة عن ابن معقل وخرجه في الاعتصام أيضا

ص: 202

5026 -

(صلوا من الليل ولو أربعا) من الركعات (صلوا) منه (ولو ركعتين ما من أهل بيت تعرف لهم صلاة من الليل إلا ناداهم مناد يا أهل البيت قوموا لصلاتكم) الظاهر أن المنادي من الملائكة وهذا مسوق لبيان تأكد التهجد وأن أقله ركعتان ولا يلزم من نداء المنادي بذلك سماعنا له وقد أعلمنا به الشارع وكفى به

(ابن نصر هب عن الحسن مرسلا)

ص: 202

5027 -

(صلوا على أطفالكم) جمع طفل وهو الصبي يقع على الذكر والأنثى وكذا الجماعة (فإنهم من أفراطكم) أي فإنهم سابقوكم يهيئون لكم مصالحكم في الآخرة ولا فرق في هذا المعنى بين موته في حياة أبويه أو بعدهما وإضافة الأطفال إليهم إيماء بأن الكلام في أطفال المسلمين وكذا يقال في قوله الآتي موتاكم

(هـ) من حديث البختري بن عبيد عن أبيه (عن أبي هريرة) قال الذهبي: والبختري ضعيف وأبوه مجهول وقال الدميري: هذا من منكراته وقال ابن حجر في موضع: هو ضعيف متروك وفي آخر: هو ضعيف جدا وقال في تخريج الهداية: سنده ضعيف قال: وقد ثبت أن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى على ولده إبراهيم أخرجه ابن ماجه عن ابن عباس وأحمد عن البزار وإسناده ضعيف قال: وروى أبو يعلى وابن سعد عن أنس أنه صلى على ابنه إبراهيم وكبر عليه أربعا وللبزار عن أبي سعيد مثله وفي مراسيل أبي داود مثله ويعارضه ما روى أبو داود أيضا وأحمد والبزار عن عائشة أنه لم يصل عليه

ص: 202

5028 -

(صلوا على كل ميت) مسلم غير شهيد ولو فاسقا ومبتدعا (وجاهدوا) الكفار (مع كل أمير) ولو جائرا فاسقا وأخذ من هذا الخبر وما قبله وما بعده وجوب الصلاة على الميت لكنه على الكفاية لأن ما هو الفرض وهو قضاء حقه يحصل بالبعض وفيه أن قاتل نفسه كغيره في وجوب الصلاة عليه وأما خبر مسلم أن المصطفى صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 203⦘

لم يصل على الذي قتل نفسه فأجاب عنه ابن حبان بأنه منسوخ والجمهور بأنه للزجر عن مثل فعله

(هـ عن وائلة) بن الأسقع ورواه عنه الديلمي أيضا

ص: 202

5029 -

(صلوا على موتاكم بالليل والنهار) لفظ رواية ابن ماجه آناء الليل وأطراف النهار أربعا وهكذا نقله عنه في الفردوس وزاد الطبراني في الأوسط عن جابر أيضا الصغير والكبير والدني والأمير أربعا تفرد به عمرو بن هاشم البيروتي عن ابن لهيعة

(هـ عن جابر) قال الذهبي: فيه ابن لهيعة

ص: 203

5030 -

(صلوا على من قال لا إله إلا الله) أي مع محمد رسول الله وإن كان من أهل الأهواء والكبائر والبدع حيث لم يكفر ببدعته وذلك لأنه لم يفصل ولا خصص بل عم بقوله من وهي نكرة تعم فأفهم به أن الصلاة على أهل التوحيد سواء كان توحيدهم عن نظر أو تقليد (وصلوا وراء) وفي رواية خلف (من قال لا إله إلا الله) مع ذلك ولو فاسقا ومبتدعا لم يكفر ببدعته وقد صلى ابن عمر خلف الحجاج وكفى به فاسقا هذا مذهب الشافعي ومنعها مالك خلف فاسق بلا تأويل

(طب) من طريق مجاهد (حل عن ابن عمر) بن الخطاب قال الذهبي في التنقيح: فيه عثمان بن عبد الرحمن واه. ومحمد بن الفضل بن عطية متروك وقال في المهذب: أحاديث الصلاة على من قال لا إله إلا الله واهية وأورد له ابن الجوزي طرقا كثيرة وقال: كلها غير صحيحة وقال الهيثمي: فيه محمد بن الفضل بن عطية وهو كذاب وقال ابن حجر: فيه محمد بن الفضل متروك ورواه ابن عدي عن ابن عمر أيضا من طريق آخر وفيه عثمان بن عبد الله العثماني يضع ورواه الدارقطني من طريق عثمان بن عبد الرحمن عن عطاء عن ابن عمر وعثمان كذبه ابن معين وغيره ومن حديث نافع عنه وفيه خالد بن إسماعيل عن العمري وخالد متروك اه. وقال الغرياني في اختصاره للدارقطني: هذا حديث له خمس طرق ضعفها ابن الجوزي في العلل ففي الأول عثمان الوقاص قال يحيى: كان يكذب وتركه الدارقطني وقال البخاري: ليس بشيء وفي الثاني محمد بن العيسى بالياء كذبه يحيى وفي الثلث وهب بن وهب يضع الحديث وفي الرابع عثمان بن عبد الله كذلك قاله ابن حبان وابن عدي وفي الخامس أبو الوليد المخزومي خالد بن إسماعيل قال ابن عدي: وضاع

ص: 203

5031 -

(صلوا علي فإن صلاتكم علي زكاة لكم) لأن الصلاة عليه مشتملة على ذكر الله وتعظيم رسوله والاشتغال بأداء حقه عن مقاصد نفسه وإيثاره بالدعاء له على نفسه <تنبيه> قال البارزي في الخصائص: من خواصه أنه ليس في القرآن ولا غيره صلاة من الله على غيره فهي خصيصة اختصه الله بها دون سائر الأنبياء. قال الحليمي: والمقصود بالصلاة عليه التقرب إلى الله بامتثال أمره وقضاء حق الواسطة الكريمة وقال ابن عبد السلام: ليست صلاتنا عليه شفاعة له فإن مثلنا لا يشفع له لكن الله أمرنا بمكافأة من أحسن إلينا وفائدة الصلاة ترجع إلى المصلى عليه. قال ابن حجر: ويتأكد الصلاة عليه في مواضع ورد فيها أخبار صحيحة خاصة أكثرها بأسانيد جياد عقب إجابة المؤذن وأول الدعاء وأوسطه وآخره وفي أوله آكد وفي آخر القنوت وفي أثناء تكبيرات العيد وعند دخول المسجد والخروج منه وعند الاجتماع والتفرق وعند السفر والقدوم منه والقيام لصلاة الليل وختم القرآن وعند الهم والدرب والتوبة وقراءة الحديث وتبليغ العلم والذكر ونسيان الشيء وورد أيضا في أحاديث ضعيفة عند استلام الحجر وطنين الأذن والتلبية وعقب الوضوء وعند الذبح والعطاس وورد المنع منها عندهما أيضا

(ش وابن مردويه) في تفسيره (عن أبي هريرة) ظاهره أنه لم يره مخرجا لأعلى ولا أحق بالعزو إليه من ابن مردويه وهو عجيب فقد خرجه الإمام أحمد

⦗ص: 204⦘

وأخرجه أيضا أبو الشيخ [ابن حبان] وابن أبي عاصم والحرث وفي سنده ضعف لكنه يقوى بتعدد طرقه فربما صار حسنا لذلك

ص: 203

5032 -

(صلوا علي صلى الله عليكم) قال حجة الإسلام: وجه استدعائه في هذا الخبر وما قبله الصلاة عليه من أمته أن الأدعية مؤثرة في استدرار فضل الله ورحمته سيما في الجمع الكبير كالجمعة والجماعة وعرفة فإن الهمم إذا اجتمعت وانصرفت إلى طلب ما في الإمكان وجوده فاض ما في الإمكان من الفيض الحق بوسائطه إلى روحانيات المترشحين لتدبير العالم السفلي المقتضي لبعدهم ولأنه يرتاح لذلك كما قال إني أباهي بكم الأمم ولأن ذلك شفقة على أمته بتحريضهم على ما هو قربة لهم

(عد عن ابن عمر) بن الخطاب (وأبي هريرة) معا وأخرجه النميري أيضا

ص: 204

5033 -

(صلوا علي) وجوبا في صلاتكم بعد التشهد بأن تقولوا اللهم صلي على محمد (واجتهدوا في الدعاء) بما جاز من خيري الدنيا والآخرة (وقولوا) إن أردتم الأكمل (اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد) حامد لأفعال خلقه بإثابتهم عليها أو محمود بأقوالهم وأفعالهم (مجيد) أي ماجد وهو الكامل شرفا وكرما

(حم ن وابن سعد) في الطبقات (وسمويه والبغوي والباوردي وابن قانع) الثلاثة في معجم الصحابة وكذا أبو نعيم وابن منده وابن عبد البر وعبد الله بن أحمد (طب) كلهم (عن زيد بن خارجة) الأنصاري الخزرجي الحارثي قال ابن الأثير: وزيد هذا هو الذي تكلم بعد الموت على الصحيح فتكلم بكلام حفظ في أبي بكر وعمر ثم مات ثانيا رمز المصنف لصحته وليس كما قال ففيه عيسى بن يونس قال في اللسان كأصله: قال الدارقطني: مجهول وعثمان بن حكيم قال الذهبي في الذيل: قال ابن معين: مجهول وخالد بن سلمة قال في الضعفاء: مرجيء يبغض عليا

ص: 204

5034 -

(صلوا على أنبياء الله ورسله) من عطف الأخص على الأعم وفيه تصريح بالأمر بالصلاة عليهم وقوله (فإن الله بعثهم كما بعثني) وارد مورد التعليل لما قبله وحكمة مشروعية الصلاة عليهم أنهم لما بذلوا أعراضهم فيه لأعدائه فنالوا منهم وسبوهم أعاضهم الله الصلاة عليهم وجعل لهم أطيب الثناء في السماء والأرض وأخلصهم بخالصة ذكرى الدار فالصلاة عليهم مندوبة لا واجبة بخلاف الصلاة على نبينا إذ لم ينقل أن الأمم السابقة كان يجب عليهم الصلاة على أنبيائهم كذا بحثه القسطلاني <تنبيه> قال في الروض: وأصل الصلاة انحناء وانعطاف من الصلوين وهما عرقان في الظهر ثم قالوا صلوا عليه أي انحنوا له رحمة له ثم سموا الرحمة حنوا وصلاة إذا أرادوا المبالغة فيها فقولكم صلى الله عليه أرق وأبلغ من رحمة في الحنو والعطف والصلاة أصلها في المحسوسات ثم عبر بها عن هذا المعنى مبالغة ومنه قيل صليت على الميت أي دعوت له دعاء من يحنو عليه ويعطف إليه ولذلك لا تكون الصلاة بمعنى الدعاء على الإطلاق لا تقول صليت على العدو: أي دعوت عليه إنما يقال صليت عليه في الحنو والرحمة لأنها في الأصل انعطاف فمن أجل ذلك عديت في اللفظ بعلى فتقول صليت عليه أي حنوت عليه ولا تقول في الدعاء إلا دعوت له فتعدى الفعل باللام إلا أن تريد الشر والدعاء على العدو فهذا فرق ما بين الصلاة والدعاء وأهل اللغة أطلقوا ولا بد من التقييد

(ابن أبي عمر هب عن أبي هريرة) قال ابن حجر: وسنده واه (خط) في ترجمة الحسن التميمي المؤدب (عن أنس) وفيه عنده علي بن أحمد البصري قال الذهبي في الضعفاء: لا يعرف حديثه كذاب

ص: 204

⦗ص: 205⦘

5035 - (صلوا على النبيين) والمرسلين (إذا ذكرتموني فإنهم قد بعثوا كما بعثت) ولولاهم لهلكت بواطن الخلق بزلازل الشكوك وعذاب الحيرة فبهم ثبت اليقين واستراحت البواطن والقلوب عما حل بقلب كل مبعود محجوب وفيه وفيما قبله مشروعية الصلاة على الأنبياء استقلالا وألحق بهم الملائكة لمشاركتهم لهم في العصمة قال ابن حجر: وقد ثبت عن ابن عباس اختصاص ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم أخرجه ابن أبي شيبة عنه قال: ما أعلم الصلاة تنبغي على أحد من أحد إلا النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال أعني ابن حجر: وهذا سند صحيح وحكى القول به عن مالك وجدت بخط بعض شيوخ مذهب مالك لا يجوز أن يصلى إلا على محمد وهذا غير معروف عند مالك أما الصلاة على المؤمنين استقلالا فقالت طائفة: لا يجوز وقالت طائفة: يكره وهي رواية عن أحمد وقال النووي: خلاف الأولى

(الشاشي وابن عساكر) في تاريخه (عن وائل بن حجر) بضم المهملة وسكون الجيم بن سعد بن مسروق الحضرمي صحابي جليل ورواه أيضا إسماعيل القاضي وفيه عبد الملك الرفاشي قال في الكاشف: صدوق يخطئ وموسى بن عبيد ضعفوه ومحمد بن ثابت يجهل ورواه الطبراني عن ابن عباس رفعه بلفظ إذا صليتم علي فصلوا على أنبياء الله فإن الله بعثهم كما بعثني قال ابن حجر: وسنده ضعيف

ص: 205

5036 -

(صلي) بالكسر يا عائشة (في الحجر) بكسر الحاء وسكون الجيم (إن أردت دخول البيت) أي الكعبة (فإنما هو قطعة من البيت ولكن قومك استقصروه حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت) لقلة النفقة فمن لم يتيسر له دخول البيت فليصل فيه فإنه منه والحجر ما بين الركنين الشاميين عليه جدار قصير بينه وبين كل من الركنين فسحة كانت زربية لغنم إسماعيل صلوات الله على نبينا وعليه. وروي أنه دفن فيه كما سيأتي ويسمى الحطيم على ما ذكره جمع لكن الأشهر أن الحطيم ما بين الحجر الأسود ومقام إبراهيم وهو أفضل محل بالمسجد بعد الكعبة وحجرها

(حم ت عن عائشة) قالت: كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأدخلني الحجر فذكره قال الترمذي: حسن صحيح ومن رمز المصنف لصحته

ص: 205

5037 -

(صم) يا أسامة (شوالا) فإن صوم الأشهر الحرم التي تداوم عليها كثيرا مشق عليك فلم يزل يصوم شوالا حتى مات قال ابن رجب: هذا نص في تفضيل شوال على الأشهر الحرم وذلك لأنه يلي رمضان من بعده كما يليه شعبان من قبله وشعبان أفضل من الأشهر الحرم لصوم النبي صلى الله عليه وسلم له دون شوال فإذا كان صوم شوال أفضل من الحرم فصوم شعبان أولى فظهر أن أفضل التطوع ما كان بقرب رمضان قبله وبعده وذلك ملحق بصوم رمضان ومنزلته منه منزلة الرواتب من الفرائض

(هـ عن أسامة) بن زيد رمز المصنف لصحته

ص: 205

5038 -

(صم رمضان والذي يليه) أي شوالا ما عدا يوم الفطر (وكل) يوم (أربعاء وخميس) من كل جمعة (فإذا أنت قد صمت الدهر) قال الطيبي: الفاء جواب شرط محذوف أي إنك لو فعلت ما قلت لك فأنت قد صمت الدهر وإذا

⦗ص: 206⦘

جواب جيء تأكيدا للربط وقال الحافظ العراقي: فيه كراهة صيام الدهر أو أنه خلاف الأولى وفيه استحباب صيام شوال وفيه إطلاق اسم الكل والمراد البعض لامتناع صوم يوم الفطر واستحباب صوم الأربعاء والخميس واستحباب المداومة على ذلك من قوله وكل أربعاء وفيه تضعيف الأعمال من قوله فإذا أنت قد صمت الدهر قال: وقد وقع في روايتنا من سنن أبي داود في هذا الحديث فإذا أنت بالتنوين وفيه إثبات الضدين باعتبار حالين لأنه أثبت له الصيام والفطر في الأيام التي أفطرها وهذا مثل ماروي عن أبي هريرة أنه دعي إلى الطعام فقال للرسول عليه الصلاة والسلام: إني صائم ثم جاء فأكل فقيل له في ذلك فقال: إني صمت ثلاثة أيام من الشهر فإني صائم في فضل الله مفطر في ضيافة الله فأثبت له الوصفين أحدهما باعتبار الأجر والآخر باعتبار مباشرة الفطر

(هب عن مسلم) بن عبيد الله (القرشي) ويقال عبيد الله بن مسلم قال: سئلت أو سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام الدهر فذكره رمز المصنف لصحته وظاهر تصرفه أنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وإنه لشيء عجاب فقد رواه أبو داود والنسائي والترمذي باللفظ المزبور كلهم في الصوم من حديث مسلم المذكور وقال: غريب ولم يضعفه أبو داود

ص: 205

5039 -

(صمت الصائم) أي سكوته عن النطق (تسبيح) أي يثاب عليه كما يثاب على التسبيح (ونومه عبادة) مأجور عليها (ودعاؤه مستجاب) أي عند الفطر (وعمله) من صلاة وصدقة وغيرهما (مضاعف) أي يكون له مثل ثواب ذلك العمل من الفطر مرتين أو أكثر {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء} قال ابن الرفعة: وفيه دليل على مشروعية الصمت للصائم فهو رد على قول التنبيه: يكره له صمت يوم إلى الليل اه ونازعه الحافظ ابن حجر لأن الحديث مساق في أن أفعال الصائم كلها محبوبة إلا أن الصمت بخصوصه مطلوب فالحديث لا يفيد المقصد وفي البحر للروياني: جرت عادة الناس بترك الكلام في رمضان ولا أصل له في شرعنا بل في شرع من قبلنا

(أبو زكريا بن منده في أماليه فر عن ابن عمر) بن الخطاب رفعه وفيه شيبان بن فروخ قال أبو حاتم: يرى القدر اضطر إليه الناس بآخره والربيع بن بدر وهو ساقط قال الذهبي: قال الدارقطني وغيره: متروك وقال ابن حجر في الفتح: في إسناده الربيع بن بدر وهو ساقط

ص: 206

5040 -

(صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة) هذا تنويه عظيم بفضل المعروف وأهله. قال علي كرم الله وجهه: لا يزهدك في المعروف كفر من كفر فقد يشكره الشاكر أضعاف جحود الكافر قال الماوردي: فينبغي لمن قدر على ابتداء المعروف أن يعجله حذرا من قوته ويبادر به خيفة عجزه ويعتقد أنه من فرص زمانه وغنائم إمكانه ولا يمهله ثقة بالقدرة عليه فكم من واثق بقدرة فاتت فأعقبت ندما ومعول على مكنة زالت فأورثت خجلا ولو فطن لنوائب دهره وتحفظ من عواقب فكره لكانت مغارمه مدحورة ومغانمه محبورة وقيل: من أضاع الفرصة عن وقتها فليكن على ثقة من فوتها

(ك عن أنس) ثم قال الحاكم: هذا الحديث لم أكتبه إلا عن الصفار محمد وابنه من المصريين لم نعرفهما بجرح وآخر الحديث روى عن المنكدر عن أبيه عن جابر اه. قال الذهبي: وبهذا ونحوه انحطت رتبة هذا المصنف المسمى بالصحيح

ص: 206

5041 -

(صنائع المعروف تقي مصارع السوء والصدقة خفيا) في رواية وصدقة السر (تطفئ غضب الرب) والسر ما لم يطلع

⦗ص: 207⦘

عليه إلا الحق تعالى وذلك لأن إسراره دليل على إخلاصه لمشاهدة ربه وهي درجة الإحسان وفي القرآن {إن رحمة الله قريب من المحسنين} فبنور الإخلاص ورحمة الإحسان أطفأ نار الغضب (وصلة الرحم) بالتعهد والمراعاة والمواساة ونحو ذلك (زيادة في العمر وكل معروف) فعلته مع كبير أو صغير (صدقة وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة وأول من يدخل الجنة) يوم القيامة (أهل المعروف) قالوا: وهذا من جوامع الكلم قال الماوردي: وللمعروف شروط لا يتم إلا بها ولا يكمل إلا معها فمنها ستره عن إذاعته وإخفاؤه عن إشاعته قال بعض الحكماء: إذا اصطنعت المعروف فاستره وإذا اصطنع إليك فانشره لما جبلت عليه النفوس من إظهار ما أخفى وإعلان ما كتم ومن شروطه تصغيره عن أن تراه مستكبرا وتقليله عن أن يكون عنده مستكثرا لئلا يصير مذلا بطرا أو مستطيلا أشرا قال العباس: لا يتم المعروف إلا بثلاث خصال تعجيله وتصغيره وستره ومنها مجانبة الامتنان به وترك الإعجاب بفعله لما فيه من إسقاط الشكر وإحباط الأجر ومنها أن لا يحتقر منه شيئا وإن كان قليلا نزرا إذا كان الكثير معوزا وكنت عنه عاجزا

(طس عن أم سلمة) قال الهيثمي: فيه عبد الله بن الوليد ضعيف

ص: 206

5042 -

(صنفان) أي نوعان (من أمتي) أمة الإجابة ولفظ رواية ابن ماجه من هذه الأمة (ليس لهما في الإسلام نصيب) أي حظ كامل أو وافر (المرجئة)(1) بالهمز وبدونه وهم الجبرية القائلون بأن العبد لا يضره ذنب وأنه لا فعل له البتة وإضافة الفعل إليه بمنزلة إضافته إلى الجماد (والقدرية) بالتحريك المنكرون للقدر القائلون بأن أفعال العباد مخلوقة بقدرهم ودواعيهم لا يتعلق بها بخصوصها قدرة الله. قال ابن العربي: عقب الحديث وهذا صحيح لأن القدرية أبطلت الشريعة. وقال النوربشتي: سميت المجبرة مرجئة لأنهم يؤخرون أمر الله ويرتكبون الكبائر ذاهبين إلى الإفراط كما ذهبت القدرية إلى التفريط وكلا الفريقين على شفا جرف هار والقدرية إنما نسبوا إلى القدر وهو ما يقدره الله بزعمهم أن كل عبد خالق فعله من كفر ومعصية ونفوا أن ذلك بتقديره الله وربما تمسك بهذا الحديث ونحوه من يكفر الفريقين. قال: والصواب عدم تكفير أهل الأهواء المتأولين لأنهم لم يقصدوا اختيار الكفر بل بذلوا وسعهم في إصابة الحق فلم يحصل لهم غير ما زعموه فهم كالمجتهد المخطئ هذا الذي عليه محققو علماء الأمة فيجري قوله لا نصيب لهم مجرى الاتساع في بيان سوء حظهم وقلة نصيبهم من الإسلام كقولك البخيل ليس له من ماله نصيب أو يحمل على من أتاه من البيان ما ينقطع العذر دونه فأفضت به العصبية إلى تكذيب ما ورد فيه من النصوص أو على تكفير من خالفه فمن كفرنا كفرناه

(تخ ت هـ عن ابن عباس) قال الترمذي: غريب قال الذهبي: هو من حديث ابن نزار عن ابن حبان عن عكرمة عن ابن عباس ونزار تكلم فيه ابن حبان وابنه ضعيف

⦗ص: 208⦘

وقد تابعه غيره من الضعفاء (هـ عن جابر) بن عبد الله لكن بلفظ أهل الإرجاء وأهل القدر وفيه نزار المذكور (خط) في ترجمة محمد بن الصباح (عن ابن عمر) بن الخطاب (طس عن أبي سعيد) رمز المصنف لحسنه وقضية صنيع المصنف أن الخطيب خرجه وسكت عليه وليس كذلك فإنه عقبه بما نصه: هذا حديث منكر من هذا الوجه جدا كالموضوع وإنما يرويه علي بن نزار شيخ ضعيف واهي الحديث عن ابن عباس إلى هنا كلامه. وقال غيره: فيه إبراهيم بن زيد الأسلمي قال في اللسان عن الدارقطني: متروك الحديث وعن ابن حبان منكر الحديث جدا يروى عن مالك لا أصل له وقال أبو نعيم: يحدث عن مالك وابن لهيعة بالموضوعات اه قال العلائي: والحق أنه ضعيف لا موضوع

(1) قال في النهاية: المرجئة فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة سموا مرجئة لاعتقادهم أن الله تعالى أرجأ تعذيبهم على المعاصي أي أخره عنهم والمرجئة تهمز ولا تهمز وكلاهما بمعنى التأخير

ص: 207

5043 -

(صنفان) أي نوعان (من أمتي لا) وفي رواية لن (تنالهما شفاعتي إمام) أي سلطان (ظلوم) أي كثير الظلم للرعية (غشوم) أي جاف غليظ قاسي القلب ذو عنف وشدة (وكل غال) في الدين (مارق) منه زاد مخرجه الطبراني في رواية تشهد عليهم وتتبرأ منهم وأخذ الذهبي من هذا الوعيد أن الظلم والغلو من الكبائر فعدهما منها

(طب عن أبي هريرة) قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجال الكبير ثقات ورواه عنه الديلمي أيضا قال: وفي الباب معقل بن يسار

ص: 208

5044 -

(صنفان من أمتي لا تنالهم شفاعتي يوم القيامة المرجئة) بالهمز دونه: القائلون بالجبر الصرف المنكرون للتكليف من الإرجاء وهو التأخير سموا به لأنهم أخروا أمر الله ولم يعتبروه وقيل: هم الذين يقولون الإيمان قول بلا عمل فيؤخرون العمل عن القول قال الطيبي: وهذا غلط منهم لأنا وجدنا أكثر أهل الملل والنحل ذكروا أن المرجئة هم الجبرية القائلون إن إضافة الفعل إلى العبد كإضافته إلى الجماد فالجبرية خلاف القدرية وبعض القدرية ألحقوا هذا النبز بالسلف ظلما وعدوانا وسميت المرجئة مجبرة لأنهم يؤخرون أمر الله ويرتكبون الكبائر وهم يذهبون في ذلك إلى الإفراط كما تذهب القدرية إلى التفريط وكلاهما على شفا جرف هار ولهذا قال (والقدرية) نسبوا إلى القدر لأن بدعتهم نشأت من القول بالقدر وزاد الجوزقاني في روايته قيل فمن المرجئة قال قوم يكونون في آخر الزمان إذا سئلوا عن الإيمان يقولون نحن مؤمنون إن شاء الله تعالى وهؤلاء الضلال يزعمون أن القدرية هم الذين يثبتون القدر والجواب أنا لم نثبت هذا من طريق القياس حتى تقابلونا بدعواكم هذه بل أخذناه من نصوص صحيحة كقوله {إنا كل شيء خلقناه بقدر}

(حل عن أنس) بن مالك (طس عن وائلة) بن الأسقع قال الهيثمي: وفيه محمد بن محصن متروك (وعن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي: وفيه يحيى بن كثير السقاء وهو متروك وأورده ابن الجوزي في الموضوعات

ص: 208

5045 -

(صنفان من أهل النار) أي نار جهنم (لم أرهما) أي لم يوجدا في عصري لطهارة ذلك العصر بل حدثا (بعد) بالبناء على الضم أي حدثا بعد ذلك العصر (قوم) أي أحدهما قوم (معهم) أي في أيديهم (سياط) جمع سوط (كأذناب البقر) تسمى في ديار العرب بالمقارع جمع مقرعة وهي جلد طرفها مشدود عرضها كالأصبع (يضربون بها الناس) ممن اتهم بنحو سرقة ليصدق في إخباره بما سرق ويتضمن ذلك أن ذينك الصنفين سيوجدان وكذلك كان فإنه

⦗ص: 209⦘

خلف بعد الصدر الأول قوم يلازمون السياط التي لا يجوز الضرب بها في الحدود قصدا لتعذيب الناس وهم أعوان والي الشرطة المعروفون بالجلادين فإذا أمروا بالضرب تعدوا المشروع في الصفة والمقدار وربما أفضى بهم الهوى وما جبلوا عليه من المظالم إلى إهلاك المضروب أو تعظيم عذابه وقد ضاهى أعوان الوالي جماعة من الناس سيما في شأن الأرقاء وربما فعل ذلك في عصرنا بعض من ينسب إلى العلم. قال القرطبي: وبالجملة هم سخط الله عاقب الله بهم شرار خلقه غالبا نعوذ بالله من سخطه وقيل: المراد بهم في الخبر الطوافون على أبواب الظلمة ومعهم المقارع يطردون بها الناس (ونساء) أي وثانيهما نساء (كاسيات) في الحقيقة (عاريات) في المعنى لأنهن يلبسن ثيابا رقاقا يصف البشرة أو كاسيات من لباس الزينة عاريات من لباس التقوى أو كاسيات من نعم الله عاريات من شكرها أو كاسيات من الثياب عاريات من فعل الخير أو يسترن بعض بدنهن ويكشفن بعضه إظهارا للجمال (1) ولا بعد كما قال القرطبي في إرادة القدر المشترك بينها إذ كل منها عرف وإنما يختلفان بالإضافة (مائلات) بالهمز من الميل أي زائغات عن الطاعة (2) وقول بعضهم الرواية مائلات بمثلثة أي منتصبات خطأ فيه القرطبي كابن دحية (مميلات) يعلمن غيرهن الدخول في مثل فعلهن أو مائلات متبخترات في مشيتهن مميلات أكتافهن وأكفالهن أو مائلات يتمشطن المشطة الميلاء مشطة البغايا مميلات يرغبن غيرهن في تلك المشطة ويفعلنها بهن أو مائلات للرجال مميلات قلوبهم إلى الفساد بهم بما يبدين من زينتهن وما ذكر هنا من تقديم مائلات هو ما في كثير من الروايات لكن في مسلم تقديم مميلات قال القرطبي: كذا جاء في الروايات وحق مائلات أن يتقدم لأن ميلهن في أنفسهن متقدم الوجود على إمالتهن وصح ذلك لأن الصفات المجتمعة لا يلزم ترتبها ألا ترى أنها تعطف بالواو وهي جامعة لا مرتبة (رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة) أي يعظمن رؤوسهن بالخمر والعمائم (3) التي يلففنها على رؤوسهن حتى تشبه أسنمة الإبل (4)(لا يدخلن الجنة) مع الفائزين السابقين أو مطلقا إن استحللن ذلك وذا من معجزاته فقد كان ذلك سيما في نساء علماء زماننا فإنهن لم يزلن في ازدياد من تعظيم رؤوسهن حتى صارت كالعمائم وكلما فعلن ذلك تأسى بهن نساء البلد فيزدن نساء العلماء لئلا يساووهن فخرا وكبرا (ولا يجدن ريحها) أي الجنة (وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) كناية عن خمس مئة عام أي يوجد من مسيرة خمس مئة عام كما جاء مفسرا في رواية أخرى

(حم م) في صفة الجنة (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري

(1)[ولا يمنع قصد جميع المعاني هنا وفيما بعده حيث يناسب ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث 1166 وغيره: أعطيت جوامع الكلم واختصر لي الكلام اختصارا. دار الحديث]

(2)

[أو مائلات حقيقة من التمايل كما هو الحال في عصرنا. دار الحديث]

(3)

[أو بأزياء الشعر التي ظهرت في قرننا. دار الحديث]

(4)

[أسنمة الإبل: أي القمم على ظهورها. وهذا حكمه حكم التجمل العادي فالمقصود هنا اللاتي يبدين ذلك لمن لا يحل له رؤيته أما إذا لم يرتكب من تجمل المرأة محظور فهو مباح أو سنة بحسب الظروف. دار الحديث]

ص: 208

5046 -

(صنفان من أمتي لا يردان على الحوض ولا يدخلان الجنة: القدرية والمرجئة) قد علمت تأويله فيما تقرر فيما قبله

(طس عن أنس) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير موسى بن هارون القروي وهو ثقة

ص: 209

5047 -

(صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس العلماء والأمراء) فبصلاحهما صلاح الناس وبفسادهما فساد الناس فالعالم يقتدي الناس به في أفعاله وأقواله إن خيرا فخير وإن شرا فشر والأمير يحمل الناس على ما يصلحهم أو يفسدهم ولا يمكن مخالفته

(حل) وكذا الديلمي (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا ابن عبد البر. قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف

ص: 209

⦗ص: 210⦘

5048 - (صوت أبي طلحة) زيد بن سهل الأسود الأنصاري الخزرجي البخاري العقبي البدري (في الجيش خير من ألف رجل) إنما قال في الجيش ليشعر بأن غلظة الصوت في غير المعارك غير محمود لقوله سبحانه {واغضض من صوتك} قال في الفردوس: كان أبو طلحة إذا كان في الجيش جثى بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ونشر كنانته ويقول نفسي لنفسك الفداء ووجهي لوجهك الوقاء رواه ابن منيع انتهى

(سمويه عن أنس) رمز المصنف لحسنه ورواه عنه أيضا الديلمي وابن منيع وغيرهما

ص: 210

5049 -

(صوت الديك وضربه بجناحيه ركوعه وسجوده) أي أن ذلك بمنزلة الصلاة في حقه وتمامه ثم تلي أي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} الآية

(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في كتاب العظمة عن أبي هريرة ابن مردويه) في التفسير (عن عائشة) رواه عنها أيضا أبو نعيم والديلمي

ص: 210

5050 -

(صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة مزمار عند نعمة) هو الآلة التي يرمز بها بكسر الميم قال الشارح: والمراد هنا الغناء لا القصبة التي يرمز بها كما دل عليه كلام كثير من الشراح (ورنة) أي صيحة (عند مصيبة) قال القشيري: مفهوم الخطاب يقتضي إباحة غير هذا في غير هذه الأحوال وإلا لبطل التخصيص انتهى وعاكسه القرطبي كابن تيمية فقالا: بل فيه دلالة على تحريم الغناء فإن المزمار هو نفس صوت الإنسان يسمى مزمارا كما في قوله لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود انتهى وأقول: هذا التقرير كله بناء على أن قوله نغمة بغين معجمة وهو مسلم إن ساعدته الرواية فإن لم يرد في تعيينه رواية فالظاهر أنه بعين مهملة وهو الملائم للسياق بدليل قرنه بالمصيبة

(البزار) في مسنده (والضياء) في المختارة (عن أنس) قال المنذري: رواته ثقات وقال الهيثمي: رجاله ثقات

ص: 210

5051 -

(صوم أول يوم من رجب كفارة ثلاث سنين والثاني كفارة سنتين والثالث كفارة سنة ثم كل يوم شهرا) أي صوم كل يوم من أيامه الباقية بعد الثلاث يكفر شهرا <تنبيه> قال الحرالي: الصوم الثبات على تماسك عما من شأن الشيء أن يتصرف فيه ويكون شأنه كالشمس في وسط السماء يقال صامت الشمس إذا لم يظهر لها حركة لصعود ولا نزول التي هي من شأنها وصامت الخيل إذا لم تزل غير مركوضة ولا مركوبة فتماسك المرء عما من شأنه فعله من حفظ بدنه بالتغذي ولنسله بالنكاح وخوضه في زور القول وسوء الفعل هو صومه وفي الصوم خلاء من الطعام وانصراف عن حال الأنعام وانقطاع شهوة الفرج وتمامه الإعراض عن أشغال الدنيا والتوجه إلى الله والعكوف في بيته ليحصل بذلك ينبوع الحكمة من القلب

(أبو محمد الخلال في فضائل رجب عن ابن عباس) حديث ضعيف جدا قال ابن الصلاح وغيره: لم يثبت في صوم رجب نهي ولا ندب وأصل الصوم مندوب في رجب وغيره وقال ابن رجب: لم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه. قال المصنف: وأمثل ما ورد في صومه

⦗ص: 211⦘

خبر البيهقي في الشعب في الجنة قصر لصوام رجب

ص: 210

5052 -

(صوم ثلاثة أيام من كل شهر ورمضان إلى رمضان صوم الدهر وإفطاره) أي بمنزلة صومه وإفطاره كما مر توجيهه وتمسك به من قال بعدم كراهة صوم الدهر كله وبخبر " صم رمضان والذي يليه وكل أربعاء وخميس فإذن قد صمت الدهر " وقوله " من أفطر العيدين وأيام التشريق ما صام الدهر " ورد أن ذلك كله مجازات لحقيقة واحدة صوم الأيام كلها إلا ما حرم الشرع

(حم م) في الصوم (عن أبي قتادة) ولم يخرجه البخاري

ص: 211

5053 -

(صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر)

(حم هق عن أبي هريرة)

ص: 211

5054 -

(صوم شهر الصبر) هو رمضان لما فيه من الصبر على الإمساك عن المفطرات (وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وحر الصدر) محركا غشيه أو حقده أو غيظه أو نفاقه بحيث لا يبقى فيه رين أو العداوة أو أشد الغضب قال بعضهم: وإنما شرع الصوم كسرا لشهوات النفوس وقطعا لأسباب الاسترقاق والتعبد للأشياء فإنهم لو داموا على أغراضهم لاستعبدتهم الأشياء وقطعتهم عن الله والصوم بقطع أسباب التعبد لغيره ويورث الحرية من الرق للمشتبهات لأن المراد من الحرية أن يملك الأشياء ولا تملكه لأنه خليفة الله في ملكه فإذا ملكته فقد قلب الحكمة وصير الفاضل مفضولا والأعلى أسفل {أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين} والهوى إله معبود والصوم يورث قطع أسباب التعبد لغيره. <فائدة> قال القونوي في شرح التعرف: من خصائص هذه الأمة شهر رمضان وأن الشياطين تصفد فيه وأن الجنة تزين فيه وأن خلوف فم الصائم أطيب من ريح المسك وتستغفر له الملائكة حتى يفطر ويغفر له في آخر ليلة منه

(البزار) في مسنده (عن علي) أمير المؤمنين (وعن ابن عباس) ترجمان القرآن (البغوي) في المعجم (والباوردي طب عن النمر بن تولب) بمثناة ثم موحدة العكلى صحابي له حديث قال في التقريب: وهو غير النمر بن تولب الشاعر المشهور على الصحيح وقال الذهبي: يقال له وفادة رمز المصنف لصحته وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأعلى من هؤلاء ولا أحق بالعزو مع أن أحمد خرجه في المسند باللفظ المزبور قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح وكذا رجال البزار وأما طريق الطبراني ففيه مجهول فإنه قال: حدثنا رجل من عكل

ص: 211

5055 -

(صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية) يعني التي هو فيها (ومستقبلة) أي التي بعده يعني يكفر ذنوب صائمه في السنتين والمراد الصغائر فإن قيل: كيف يكفر ذنوب السنة التي بعده؟ قيل: يكفرها الصوم السابق كما يكفر ما قبله (وصوم عاشوراء) بالمد فاعولاء (يكفر سنة ماضية) لأن يوم عرفة سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ويوم عاشوراء سنة موسى فجعل سنة نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم تضاعف على سنة موسى في الأجر

(حم م د عن أبي قتادة الأنصاري)

ص: 211

5056 -

(صوم يوم التروية كفارة سنة وصوم يوم عرفة كفارة سنتين) على ما تقرر <فائدة> ذكر القونوي في شرح التعرف

⦗ص: 212⦘

أن نبينا صلى الله عليه وسلم خص بيوم عرفة وبجعل صومه كفارة سنتين لأنه سنته وصوم عاشوراء كفارة سنة لأنه سنة موسى

(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (الثواب) على الأعمال (وابن النجار) في تاريخه (عن ابن عباس)

ص: 211

5057 -

(صوم يوم عرفة) لغير حاج ومسافر (كفارة السنة الماضية والسنة المستقبلة) وآخر الأولى سلخ ذي الحجة وأول الثانية أول المحرم الذي يلي ذلك حملا لخطاب الشارع على عرفة في السنة وهو ما ذكروا لمكفر الصغائر الواقعة في السنتين فإن لم يكن له صغائر رفعت درجته أو وقي اقترافها أو استكثارها وقول مجلى تخصيص الصغائر تحكم ردوه وإن سبقه إلى مثله ابن المنذر بأنه إجماع أهل السنة وكذا يقال فيما ورد في الحج وغيره لذلك المستند لتصريح الأحاديث بذلك في كثير من الأعمال المكفرة بأنه يشترط في تكفيرها اجتناب الكبائر وحديث تكفير الحج للتبعات ضعيف عند الحفاظ أما الحاج فيسن له فطره وكذا المسافر لأدلة أخرى

(طس) من رواية الحجاج بن أرطاة عن عطية (عن أبي سعيد) الخدري قال الزين العراقي: ورواه سليم الرازي في الترغيب والترهيب من رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن عياض بن عبد الله بن سعد عن أبي سعيد وأبو فروة ضعيف وقد رواه ابن ماجه من هذا الوجه فقال: عن أبي سعيد الخدري عن قتادة بن النعمان

ص: 212

5058 -

(صومكم) أيها الأمة المحمدية (يوم تصومون وأضحاكم يوم تضحون) وفي رواية للدارقطني الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون أخذ منه الحنفية أن المنفرد برؤية الهلال إذا رده الحاكم لا يلزمه الصوم فإن أفطر بجماع فلا كفارة عليه وحمله الباقون على من لم يره جمعا بين الأخبار وأشار بإضافته الصوم والأضحى إلى هذه الأمة إلى أنه من خصائصهم على الأمم السالفة وقد صرح بذلك جمع كما مر ويجيء

(هق عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وهو مزيف فقد قال الذهبي في المهذب: فيه الواقدي الواهي وقال في الميزان: عن أحمد هو كذاب يقلب الأخبار وعن ابن المديني يضع ثم ساق له هذا الخبر قال أعني الذهبي: ورواه الدارقطني هكذا من طريقين ثم قال: فيهما الواقدي ضعيف ورواه الترمذي من طريق آخر غريب

ص: 212

5059 -

(صوما) خطابا لعائشة وحفصة زوجتيه (فإن الصيام جنة) أي وقاية (من النار) لصاحبه لأنه يقيه ما يؤذيه من الشهوات (ومن بوائق الدهر) أي غوائله وشروره ودواهيه وفي إشارته لمح إلى ما يعان به الصائم من سد أبواب النيران وفتح أبواب الجنان وتصفيد الشيطان. كل ذلك بما يضيق من مجاري الشيطان من الدم الذي ينقصه الصوم فكان فيه مفتاح الهدى كله وإذا كان هدى للناس كان للذين آمنوا أهدى

(ابن النجار) في تاريخه (عن أبي مليكة) أبو مليكة في الصحابة بلوي وقرشي وتيمي وكندي فكان ينبغي تمييزه وقضية تصرف المصنف أنه لم يخرجه أحمد من الستة وليس كذلك بل رواه النسائي عن عائشة وابن عباس قال عبد الحق: وفيه خطاب ابن القاسم عن حصين قال النسائي: حديثه منكر

ص: 212

5060 -

(صوموا تصحوا) قال الحرالي: فيه إشعار بأن الصائم يناله من الخير في جسمه وصحته ورزقه حظ وافر مع عظم الأجر في الآخرة ففيه صحة للبدن والعقل بالتهيئة للتدبر والفهم وانكسار النفس إلى رتبة المؤمنين والترقي إلى رتبة المحسنين وللمؤمن غذاء في صومه من بركة ربه بحكم يقينه فيما لا يصل إليه من لم يصل إلى محله فعلى قدر ما يستمد

⦗ص: 213⦘

بواطن الناس من ظواهرهم يستمد ظاهر المؤمن من باطنه حتى يقوى في أعضائه بمدد نور باطنه كما ظهر ذلك في أهل الولاية والديانة وفي الصوم غذاء للقلب كما يغذي الطعام الجسم ولذلك أجمع مجربة أعمال الديانة من الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه على أن مفتاح الهدى والصحة الجوع لأن الأعضاء إذا وهنت لله نور الله القلب وصفى النفس وقوي الجسم ليظهر من أمر الإيمان بقلب العادة جديد عادة هي لأوليائه أجل في القوى من عادته في الدنيا لعامة خلقه

(ابن السني وأبو نعيم) معا (في) كتاب (الطب) النبوي (عن أبي هريرة) قال الزين العراقي: كلاهما سنده ضعيف

ص: 212

5061 -

(صوموا الشهر) يعني أوله والعرب تسمي الهلال الشهر تقول رأيت الشهر أي الهلال (وسرره) بفتحات أي آخره كما صوبه الخطابي وغيره وجرى عليه النووي فقال: سرار الشهر بالفتح وبالكسر وكذا سرره آخر ليلة يستتر الهلال بنور الشمس وقال البيضاوي: سر الشهر وسرره آخره سمي به لاستسرار القمر فيه وحمل على أنه صلى الله عليه وسلم علم أن المخاطب نذر صومه واعتاد صيام سرر الشهر فأمره بالقضاء بعد عيد الفطر وخص النهي بخبر لا تقدموا شهر رمضان بصيام يوم أو يومين ممن يبتدئ به من غير إيجاب ولا اعتياد توفيقا بينهما وقيل: المراد به البيض فإن سر الشيء وسطه وجوفه ومنه السرة وأيد بندب صيام أيام البيض ولم يرد في صوم آخر الشهر ندب ويرد بأنه قد ورد ندب صوم الأيام السود وهو آخر أيام الشهر

(د عن معاوية) بن أبي سفيان ورواه عنه الديلمي أيضا

ص: 213

5062 -

(صوموا أيام البيض) أي أيام الليالي البيض (ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة هن كنز الدهر) ولهذا كان بعض الوجهاء من الصحابة يقول أنا صائم ثم يرى يأكل في وقته فيقال له في ذلك فيقول صمت ثلاثة أيام من هذا الشهر فأنا صائم في فضل الله مفطر في ضيافة الله

(أبو ذر الهروي في جزئه من حديثه عن قتادة بن ملحان) بكسر الميم وسكون اللام بعدها مهملة القيسي بن ثعلبة الذي مسح المصطفى صلى الله عليه وسلم رأسه ووجهه

ص: 213

5063 -

(صوموا من وضح إلى وضح) بمعجمة فمهملة محركتين أي من الهلال إلى الهلال قال أو زيد: الوضح الهلال وهو في الأصل للبياض ذكره الزمخشري ومن قال صوموا من الضوء إلى الضوء فقد أبعد وخالف ظاهر السياق كما ذكره ابن الأثير ومن زعم أن معناه من الفجر إلى الغروب فقد وهم وما علم أن تتمة الحديث عند مخرجه فإن خفي عليكم فأتموا العدة ثلاثين يوما

(طب) وكذا الخطيب (عن والد أبي المليح) قال الهيثمي: فيه عبد الله بن سالم ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله موثقون

ص: 213

5064 -

(صوموا) أي انووا الصيام وبيتوا على ذلك أو صوموا إذا دخل وقت الصيام وهو من فجر الغد (لرؤيته) يعني الهلال وإن لم يسبق ذكره لدلالة السياق عليه (1) واللام للوقت أو بمعنى بعد أي لوقت رؤيته أو بعد رؤيته (وأفطروا)

⦗ص: 214⦘

بقطع الهمزة (لرؤيته) يعني رؤية بعض المسلمين لا كلهم بل يكفي جميع الناس رؤية عدل واحد للصوم لا للفطر عند الشافعي (فإن غم عليكم) بالبناء للمفعول أي غطي الهلال بغيم من غممت الشيء غطيته وفيه ضمير يعود على الهلال ويجوز إسناده للجار والمجرور يعني إن كنتم مغموما عليكم وترك ذكر الهلال للاستغناء عنه (فأكملوا) أي أتموا من الإكمال وهو بلوغ الشيء إلى غاية حدوده في قدر أو عد حسا أو معنى ذكره الحرالي (شعبان) أي عدد أيامه (ثلاثين) التي لا يمكن زيادة الشهر عليها قال ابن القيم وغيره: لا يناقضه خبر فإن غم عليكم فاقدروا له قدره فإن القدر هو الحساب المقدر والمراد به إكمال عدة الشهر الذي غم وقال النووي: معناه قدروا له تمام العدد ثلاثين وزاد في رواية يوما بعد ثلاثين وفي إفهامه منع من تمادي الصوم ليلا الذي هو الوصال الذي يشعر بصحة رفع رتبة الصوم أي صوم الشهر الذي هو دورة القمر بقطع الفطر في ليلة وهو مذهب الشافعي وزعم أن ذا رخصة على الضعيف لا عزيمة على الصائم لا دليل عليه وأخذ ابن سريج من أئمة الشافعية من قوله هنا فأكملوا ومن قوله في خبر آخر فاقدروا بأنه يجوز الصوم بحساب النجوم للمنجم قال: فاقدروا للخواص وأكملوا للعوام لأن القمر يعرف وقوعه بعد الشمس بالحساب ورد بالمنع لأن الشرع علق الحكم بالرؤية فلا يقوم الحساب مقامه ولأنه إنما يعرف بالحساب موضعه من الارتفاع والانخفاض وأنه إنما يتم بالرؤية وسيره كل برج في أرجح من يومين وأقل من ثلاثة فلا ينضبط بطؤه وسرعته ولأنه يوجب تفاوت المكلفين في القدر والإكمال وأنه بعيد ولأنه لو جاز أو سن تعلمه على من يقوم بهم الحجة لأنه احتياط في العبادة كما أمرنا بإحصاء هلال شعبان لرمضان أو محمول على ما ذكر أو منسوخ بقوله فأكملوا وهو أولى من عكسه لكونه أثبت وأصرح وأخص

(ق ن) في الصوم (عن أبي هريرة ن عن ابن عباس طب عن البراء) بألفاظ متقاربة واللفظ للبخاري

(1) قال النووي: المراد رؤية بعض المسلمين ولا يشترط رؤية كل إنسان بل يكفي جميع الناس رؤية عدلين وكذا عدل على الأصح هذا في الصوم وأما في الفطر فلا يجوز شهادة عدل واحد عند جميع العلماء إلا أبا ثور فجوزه بعدل

ص: 213

5065 -

(صوموا لرؤيته) قال الطيبي: اللام للوقت كما في قوله تعالى {أقم الصلاة لدلوك الشمس} أي وقت دلوكها (وأفطروا لرؤيته وانسكوا لها فإن غم عليكم) بضم المعجمة أي حال بينكم وبين الهلال غيم (فأتموا الثلاثين) إذ الأصل بقاء الشهر (فإن شهد شاهدان مسلمان) برؤية الهلال لرمضان وشوال (فصوموا وأفطروا) تمسك به من لم يوجب الصيام إلا بشاهدين قال الزمخشري: في غم ضمير للهلال أي إن غطي بغيم أو بغيره من غممت الشيء إذا غطيته ويجوز كونه مسندا إلى الظرف أي فإن كنتم مغموما عليكم فصوموا وترك ذكر الهلال للاستغناء عنه كما تقول دفع إلى زيد إذا استغنى عن ذكر المدفوع <تنبيه> أخذ أحمد من الحديث أن شهادة الشاهد في الصحو لا تقبل بل يكمل العدد فإن غم يدل على وجود الغيم بمطلع الهلال ولقوله في الرواية الأخرى فاقدروا له قدره فإن قوله فاقدروا يدل على التضييق ولا يجوز حمله على قدر رمضان لأنه كامل فحمله عليه نسخ ولا على التدبير والتأمل لأنه لم يجيء له إلا مشدد العين ولا يجوز حمله على قوله إنا أمة أمية الشهر هكذا وهكذا وعقد الإبهام في الثالثة يعني تسعة وعشرين ثم قال الشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني ثلاثين يعني أن الشهر تام والشهر ناقص وقال الشهران لا ينقصان ورد الأول بأن المراد من غم ستر لون الهلال وسرعة دخوله في الشعاع أو الشك في العدد فإنه يقدر حينئذ ولا يلزم كون الضمير عائد إلى الهلال إذ المراد قدر رمضان وذلك باستكمال شعبان لقوله فأكملوا عدة شعبان ثلاثين لأنه ناقص وقدره يستلزم جعله ثمانية وعشرين ولا قائل به ونسخ فأكملوا الأصل عدمه والثاني بالمنع لوجوب حمله على قدر رمضان أنه بإكمال شعبان وإلا لزم كونه ثمانية وعشرين والثالث بالمنع لأنه جاء للتقدير والتدبر والتأمل والمثبت أولى والشهادة على العدم مردودة والرابع يحمل على إنا أمة أمية لأنه ناقص بيانا والخامس بأنه يدل

⦗ص: 215⦘

على أن أحدهما ينقص أو يحمل على الغالب لأنه صلى الله عليه وسلم صام تسعة وعشرين أو على النواب أو إذا رأى قبل الإكمال والسادس بأنه حيث لا نص ثم دليلنا خير فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين

(حم ن عن رجال من الصحابة)

ص: 214

5066 -

(صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) ولو بشهادة شاهد في صحو عند الشافعية (فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا عدة شعبان) ثلاثين (ولا تستقبلوا الشهر استقبالا ولا تصلوا رمضان بيوم من شعبان) قال الحرالي: تأسيس رمضان على العدد ملجأ يرجع إليه عند إغماء الشهر فصار لهذه الأمة العدد في الصوم بمنزلة التيمم في الطهور يرجعون إليه عند ضرورة فقد هلال الرؤية كما يرجعون إلى الصعيد عند فقد الماء وقال ابن تيمية: أجمع المسلمون إلا من شذ من المتأخرين المخالفين المسبوقين بالإجماع على أن مواقيت الصوم والفطر والنسك إنما تقام الرؤية عند إمكانها لا بالكتاب والحساب الذي يسلكه الأعاجم من روم وفرس وهند وقبط وأهل كتاب وقد قيل إن أهل الكتاب أمروا بالرؤية لكنهم بدلوا

(حم ن هق عن ابن عباس)

ص: 215

5067 -

(صوموا يوم عاشوراء) فإن فضيلته عظيمة وحرمته قديمة (يوم كانت الأنبياء تصومه) فصوموه. قال ابن رجب: صامه نوح وموسى وغيرهما وقد كان أهل الكتاب يصومونه وكذا أهل الجاهلية فإن قريشا كانت تصومه ومن أعجب ما ورد أنه كان يصومه الوحش والهوام فقد أخرج الخطيب في التاريخ مرفوعا أن الصرد والطير صام عاشوراء قال ابن رجب: سنده غريب وقد روي ذلك عن أبي هريرة اه وروي عن الخليفة القادر بالله أنه كان يبعث الخبز للنمل كل يوم فنأكله إلا يوم عاشوراء

(ش عن أبي هريرة) رمز لصحته

ص: 215

5068 -

(صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود صوموا قبله يوما وبعده يوما) اتفقوا على ندب صومه. قال النووي: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه بمكة فلما هاجروا وجد اليهود يصومونه فصامه بوحي أو اجتهاد لا بإخبارهم وقال ابن رجب: ويتحصل من الأخبار أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم أربع حالات كان يصومه بمكة ولا يأمر بصومه فلما قدم المدينة وجد أهل الكتاب يصومونه ويعظمونه وكان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر فيه فصامه وأمر به وأكد فلما فرض رمضان ترك التأكيد ثم عزم في آخر عمره أن يضم إليه يوما آخر مخالفة لأهل الكتاب ولم يكن فرضا قط على الأرجح

(حم هق عن ابن عباس) رمز المصنف لصحته وهو غفول عن قول الحافظ الهيثمي وغيره: فيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام كثير اه وفيه أيضا داود بن علي الهاشمي قال في الميزان: ليس بحجة ثم ساق له هذا الخبر

ص: 215

5069 -

(صوموا وأوفروا أشعاركم) أي أبقوها لتطول ولا تزيلوها (فإنها مجفرة) بفتح الميم والفاء بينهما جيم ساكنة بضبط المصنف أي مقطعة للنكاح ونقص للماء يقال جفر الفحل إذا أكثر الضراب وعدل عنه وتركه وانقطع ولا ينافيه الأمر بندب التزوج والجماع لإعفاف الزوجة وطلب الولد وسن إزالة شعر الإبط والعانة وما يأتي أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يتنور لأن ما هنا في أعزب لا يندب له النكاح لكونه فاقد الأهبة وقد غلبت شهوته فيندب له كسر شهوته بالصوم وتوفير الشعر حذار من الوقوع في الزنا. (1)

(د في مراسيله عن الحسن مرسلا) هو البصري

(1)[ولا يخفى أن إطالة الشعر للشباب تقليدا للأجانب والكفار هو غير ما ذكر في هذا الحديث فالناقد بصير لا يخفى عليه هاجس ضمير وإنما الأعمال بالنيات ومن تشبه بقوم كان منهم. دار الحديث]

ص: 215

⦗ص: 216⦘

5070 - (صومي عن أختك) ما لزمها من صوم رمضان وماتت ولم تقضه ففيه أن للقريب أن يصوم عن قريبه الميت ولو بلا إذن أما الحي فلا يصام عنه

(الطيالسي) أبو داود (عن ابن عباس) رمز المصنف لصحته

ص: 216

5071 -

(صلاة الأبرار)(1) لفظ هذه الرواية كما حكاه المؤلف في مختصر الموضوعات وكذا غيره صلاة الأوابين وصلاة الأبرار (ركعتان إذا دخلت بيتك وركعتان إذا خرجت) من بيتك أي من محل إقامتك بيتا أو غيره فهاتان الركعتان سنة للدخول والخروج (2)

(ابن المبارك ص) عن الوليد بن مسلم الأوزاعي (عن عثمان بن أبي سودة مرسلا) هو المقدسي تابعي قال الأوزاعي: أدرك عبادة وهو مولاه وفي التقريب: ثقة

(1) جمع بر كأرباب وفي لباب التفسير للكرماني جمع بار وهم المؤمنون الصادقون في إيمانهم المخلصون المطيعون لربهم قال الحسن: هم الذين لا يؤذون الذر وقيل: هم الذين صدقوا فيما وعدوا والبر الصدق وقيل: هم المؤمنون المحسنون بالإخلاص والبر الإحسان

(2)

أي كلما دخل وكلما خرج ويحتمل تخصيصه بإرادة السفر والرجوع منه

ص: 216

5072 -

(صلاة الأوابين) بالتشديد أي الرجاعين إلى الله بالتوبة والإخلاص في الطاعة وترك متابعة الهوى (حين ترمض) بفتح التاء والميم وفي رواية لمسلم إذا رمضت (الفصال) أي حين تصيبها الرمضاء فتحرق أخفافها لشدة الحر فإن الضحى إذا ارتفع في الصيف يشتد حر الرمضاء فتحرق أخفاف الفصال لمماستها وإنما أضاف الصلاة في هذا الوقت إلى الأوابين لأن النفس تركن فيه إلى الدعة والاستراحة فصرفها إلى الطاعة والاشتغال فيه بالصلاة رجوع من مراد النفس إلى مرضاة الرب ذكره القاضي. وقال ابن الأثير: المراد صلاة الضحى عند الارتفاع واشتداد الحر واستدل به على فضل تأخير الضحى إلى شدة الحر

(حم م عن زيد بن أرقم) قال القاسم الشيباني: رأى زيد بن الأرقم قوما يصلون من الضحى فقال: أما لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكره وفي رواية له أيضا خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أهل قباء وهم يصلون فذكره (عبد) بغير إضافة (بن حميد وسمويه عن عبد الله بن أبي أوفى) ولم يخرجه البخاري

ص: 216

5073 -

(صلاة الجالس على النصف من صلاة القائم) أي أجر صلاة النفل من قعود مع القدرة على القيام نصف أجر صلاته من قيام وصلاة النائم أي المضطجع على النصف من صلاة القاعد ومحله في القادر وفي غير نبينا صلى الله عليه وسلم إذ من خصائصه أن تطوعه غير قائم كهو قائما لأنه مأمون الكسل

(حم م عن عائشة) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح انتهى وقضية تصرف المصنف أن هذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه ولا كذلك بل هو في البخاري بلفظ صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم ومن ثم اتجه رمز المصنف لصحته

ص: 216

5074 -

(صلاة الجماعة) هم العدد من الناس يجتمعون يقع على الذكور والإناث أي الصلاة فيها (تفضل) بفتح أوله

⦗ص: 217⦘

وسكون الفاء وضم الضاد (صلاة الفذ) بفتح الفاء وشد الذال المعجمة الفرد أي تزيد على صلاة المنفرد (بسبع وعشرين درجة) أي مرتبة والمعنى أن صلاة الواحد في جماعة يزيد ثوابها على ثواب صلاته وحده سبعا وعشرين ضعفا وقيل: المعنى إن صلاة الجماعة بمثابة سبع وعشرين صلاة وعلى الأول كأن الصلاتين انتهتا إلى مرتبة من النواب فوقفت صلاة الفذ عندها وتجاوزتها صلاة الجماعة بسبع وعشرين ضعفا قال الرافعي: وعبر بدرجة دون نحو جزء أو نصيب لإرادته أن الثواب من جهة العلة والارتفاع وأن تلك فوق هذه بكذا كذا درجة نعم ورد التعبير بالجزء في رواية ثم إن سر التقييد بالعدد لا يوقف عليه إلا بنور النبوة والاحتمالات في هذا المقام كثيرة منها أن الفروض خمسة فأريد التكثر عليها بتضعيفها بعدد نفسها فيها ولا ينافيه اختلاف العدد في ذكر الروايات لأن القليل لا ينفي الكثير ومفهوم العدد غير معتبر حيث لا قرينة أو أنه أعلم بالقليل ثم بالكثير ومثل ذلك لا يتوقف على معرفة التاريخ لأن الفضائل لا تنسخ أو هو مختلف باختلاف الصلوات أو المصلين هيئة وخشوعا وكثرة جماعة وشرف بقعة وغيرها أو أن الأعلى للصلاة الجهرية والأقل للسرية لنقصها عنها باعتبار استماع قراءة الإمام والتأمين لتأمينه أو أن الأكثر لمن أدرك الصلاة كلها في جماعة والأقل لمن أدرك بعضها وكيفما كان فيه حث على الصلاة في الجماعة المشروعة وهي فرض كفاية في المكتوبة على الأصح

(مالك حم ق) في الصلاة (ت ن هـ عن ابن عمر)

ص: 216

5075 -

(صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ) قال القاضي: الفذ الفرد وأول سهام القداح فذ وشاة منفذة تلد واحدا واحدا فإذا اعتادت ذلك سميت منفاذا (بخمس وعشرين درجة) أفاد أن الجماعة غير شرط في صحة صلاة الفذ لما في صيغة أفضل من اقتضاء الاشتراك والتفاضل والباطل لا فضيلة فيه وأن أقل الجمع اثنان وحمل المنفرد على غير المعذور منع بأن قوله صلاة الفذ صيغة عموم فيشمل المصلي منفردا لعذر أو غيره. قال ابن سراقة: من خصائصنا الجماعة والجمعة وصلاة الليل والعيدين والكسوفين والاستسقاء والوتر وصلاة الضحى

(حم خ هـ عن أبي سعيد)

ص: 217

5076 -

(صلاة الجماعة تعدل خمسا وعشرين من صلاة الفذ) لأن عظم الجمع واجتماع الهمم وتساعد القلوب أسباب نصبها الله مقتضية لحصول الخير ونزول غيث الرحمة كما أن نصب سائر الأسباب مفضية إلى مسبباتها. قال القاضي: والحديث دليل على أن الجماعة غير شرط للصلاة وإلا لم تكن صلاة الفذ ذات درجة حتى تفضل عليها صلاة الجماعة بدرجات والتمسك به على عدم وجوبها ضعيف إذ لا يلزم من عدم اشتراطها عدم وجوبها ولا من جعلها سببا لإحراز الفضل الوجوب فإن غير الواجب أيضا يوجب الفضل اه. <تنبيه> قال ابن حجر: جاء عن بعض الصحب قصر التضعيف إلى خمس وعشرين على التجميع في المسجد العام قال: وهو الراجح في نظري

(م عن أبي هريرة)

ص: 217

5077 -

(صلاة الرجل) ومثله المرأة حيث شرع لها الخروج إلى الجماعة لأن وصف الرجولية بالنسبة لثواب الأعمال معتبر شرعا وأل فيه ليست لتعريف الماهية المعلوم من حيث المعنى (في جماعة) في رواية في الجماعة (تزيد) في رواية البخاري تضعف أي تزاد (على صلاته في بيته وصلاته في سوقه) منفردا (خمسا) وفي رواية بضعا (وعشرين درجة) وفي رواية بدله ضعفا وأخرى جزءا وفي رواية خمس وعشرين قال الزركشي: كذا وقع في الصحيحين بخفض خمس بتقدير الباء وأصله بخمس قال الطيبي: صلاة الرجل مبتدأ والمضاف محذوف أي ثواب صلاته والضمير في تزيد راجع إليه وفي تخصيص ذكر السوق والبيت إشعار بأن مضاعفة الثواب على غيرها من الأماكن التي لم يلزمه لزومها لم تكن أكثر مضاعفة منهما اه. وقضية الحديث أن الصلاة بالمسجد جماعة تزيد على بيته وسوقه جماعة وفرادى. قال ابن دقيق العيد:

⦗ص: 218⦘

والذي يظهر أن المراد بمقابل الجماعة في المسجد الصلاة في غيره منفردا لكنه خرج مخرج الغالب في أن من لم يحضر الجماعة في المسجد صلى منفردا قال: وبه يرتفع استشكال تسوية الصلاة في البيت والسوق وقال ابن حجر: لا يلزم من حمل الحديث على ظاهره التسوية إذ لا يلزم من استوائهما في المفضولية عن المسجد كون أحدهما أفضل من الآخر وكذا لا يلزم كون الصلاة جماعة في بيت أو سوق لا فضل فيها على الصلاة منفردا بل الظاهر أن التضعيف المذكور يختص بالجماعة في مسجد والصلاة بالبيت مطلقا أولى منها بالسوق لأن الأسواق محل الشياطين والصلاة جماعة ببيت أو سوق أفضل من الانفراد (وذلك) أي التضعيف المذكور سببه (أن أحدكم) وفي رواية أحدهم (إذا توضأ) فالأمور المذكورة علة للتضعيف وسبب له وإذا كان كذلك فما ترتب على متعدد لا يوجد بوجود بعضه إلا إذا دل دليل على إلغاء ما ليس معتبرا أو مقصودا لذاته (فأحسن الوضوء) بأن أتى بواجباته ومندوباته (ثم أتى المسجد) في رواية للبخاري ثم خرج إلى المسجد وظاهره عدم التقييد بالفورية فلا يضر التراخي ولو لعذر (لا يريد إلا الصلاة) أي إلا قصد الصلاة المكتوبة في جماعة وظاهره ونصه اشتراط أن يخرج لها لا لغيرها فلو خرج لها ولعبادة كعيادة لم ينل الفضل المذكور وهو كمن حج لنسك ونحو تجارة وفيه كلام معروف وإسناد الفعل للصلاة وجعلها هي المخرجة كأنه لفرط محافظته لها ورجائه ثوابها (لم يخط) بفتح الياء وضم الطاء (خطوة) بضم أوله وتفتح قال في الصحاح: بالضم ما بين القدمين وبالفتح المرة الواحدة وجزم اليعمري بأنها هنا بالفتح وقال القرطبي: هي في رواية مسلم بالضم (إلا رفعه الله بها) بالخطوة (درجة) أي منزلة عالية في الجنة (وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد فإذا دخل المسجد كان في صلاة) أي في حكمها فهو مجاز إذ الصلاة لا تكون ظرفا له حقيقة فكيف بمن في حكمه كذا قرره بعضهم وليس تقريره بمرضي وإنما الوجه ما سلكه الحافظ ابن حجر من قوله في صلاة أي في ثواب صلاة لا في حكمها لحل الكلام وغيره مما منع في الصلاة له (ما كانت) وفي رواية للبخاري ما دامت (الصلاة تحبسه) أي تمنعه من الخروج من المسجد (وتصلي الملائكة) الحفظة فقط أو هم وغيرهم (عليه) أي تستغفر له (ما دام في مجلسه) ما مصدرية ظرفية أي مدة دوام جلوسه في المحل (الذي يصلي فيه) أي المكان الذي أوقع فيه الصلاة من المسجد قال ابن حجر: ولعله للغالب فلو قام لبقعة أخرى منه ناويا انتظار الصلاة كان كذلك قال: ويؤخذ من قوله الذي صلى فيه أن ذلك مقيد بمن صلى ثم انتظر صلاة أخرى وتتقيد الصلاة الأولى بكونها مجزئة (يقولون اللهم اغفر له) جملة مبينة لقوله تصلي عليه وهو أفخم من لو قيل ابتداء لا تزال الملائكة تقول اللهم صل عليه للإبهام والتبيين (اللهم ارحمه) طلبت له الرحمة من الله بعد طلب الغفران لأن صلاة الملائكة على الآدمي استغفار له (اللهم تب عليه) أي وفقه للتوبة وتقبلها منه وهذا موافق لقوله {ويستغفرون لمن في الأرض} قيل: وسره أنهم يطلعون على أفعال الآدميين وما فيها من المعصية والخلل في الطاعة فإن فرض أن فيهم من حفظ عوض من المغفرة بمقابلها من الثواب ويستمر هذا شأنه (ما لم يؤذ فيه) أحدا من الخلق بيد أو لسان فإنه كالحديث المعنوي ومن ثم اتبعه بالحدث الظاهري فقال: (أو يحدث فيه) بالتخفيف من الحدث قال التوربشتي: وأخطأ من شدد قال ابن بطال: المراد بالحدث حدث الفرج لكن يؤخذ منه أن تجنب حدث اليد واللسان بالأولى لأنهما أشد إيذاء وفي رواية للشيخين بدل قوله لا يريد إلا الصلاة لا ينهزه إلا الصلاة أي لا يخرجه وينهضه

⦗ص: 219⦘

إلا إياها واستنبط منه أفضلية الصلاة على سائر العبادات وصالحي البشر على الملائكة <تنبيه> قال في الفتح: هذا الحديث قد تمسك به من ذهب إلى عدم وجوب الجماعة وأنها سنة فقط لاقتضائه ثبوت صحة ما في البيت إلى الصحة والفضيلة بلا جماعة وجوابه أنه لا يستلزم أكثر من ثبوت صحة ما في البيت والسوق في الجملة بلا جماعة ولا ريب فيه إذا فاتت الجماعة فالمعنى صلاة الجمعة أفضل من صلاته في بيته فيما يصح فيه ولو كان مقتضاه الصحة مطلقا بلا جماعة لم يدل على ندبها لجواز أن الجماعة ليست من أفعال الصلاة فيكون تركها مؤثما لا مفسدا

(حم ق د هـ عن أبي هريرة) قضية صنيع المصنف أن كلا منهم روى الحديث كله هكذا وليس كذلك بل قوله اللهم تب عليه ليس عند الشيخين بل هو لابن ماجه كما ذكره القسطلاني

ص: 217

5078 -

(صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده خمسا وعشرين درجة فإذا صلاها بأرض فلاة) أي في جماعة كما يشير إليه السياق (فأتم وضوءها وركوعها وسجودها بلغت صلاته خمسين درجة) قال ابن حجر: كأن سره أن الجماعة لا تتأكد في حق المسافر لوجود المشقة قال أبو زرعة: هو حجة على مالك في ذهابه إلى أنه لا فضل لجماعة على جماعة وتعلقه بأنه جعل في الخبر السابق الجماعات كلها بخمس أو سبع وعشرين فاقتضى تساوي الجماعات لا ينهض لأن أقل ما تحصل به الجماعة محصل للتضعيف ولا مانع من تضعيف آخر من نحو كثرة جماعة أو شرف بقعة أو نحوه

(عبد بن حميد ع حب ك عن أبي سعيد)

ص: 219

5079 -

(صلاة الرجل في بيته بصلاة وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة وصلاته في المسجد الذي يجمع (1) فيه الناس) أي الجمعة (بخمس مئة صلاة وصلاته في المسجد الأقصى بخمسة آلاف صلاة وصلاته في مسجدي بخمسين ألف صلاة وصلاته في المسجد الحرام بمئة ألف صلاة) قال ابن حجر: أخذ منه بعض الصحب قصر التضعيف إلى خمس وعشرين على التجميع في المسجد العام الذي يصلي فيه القبائل ومذهب الشافعي كما في المجموع أن من صلى في عشرة فله خمس أو سبع وعشرون درجة وكذلك من صلى مع اثنين لكن صلاة الأول أكمل

(هـ) من حديث زريق الألهاني (عن أنس) قال ابن الجوزي: حديث لا يصح قال ابن حبان: زريق ينفرد بالأشياء التي لا تشبه حديث الأثبات لا يحتج بما تفرد به وقال ابن حجر: سنده ضعيف

(1) بضم أوله وشدة الميم مكسورة أي يقيمون الجمعة وفي نسخ حذف الناس وضبط بفتح الميم وهو أوضح أي تقام فيه الجمعة

ص: 219

5080 -

(صلاة الرجل) القادر النفل (قاعدا نصف الصلاة) أي له نصف ثواب الصلاة قائما إن قدر فالصلاة صحيحة والأجر ناقص أما العاجز فصلاته قاعدا كهي قائما وأما الفرض فلا يصح من قعود مع القدرة (ولكني لست كأحد منكم) أي ممن لا عذر له ولفظ حديث مسلم عن ابن عمر حدثت أنه صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل قاعدا نصف صلاة

⦗ص: 220⦘

القائم فأتيته فوجدته يصلي جالسا فوضعت يدي على رأسه فقال: مالك فقلت: حدثت يا رسول الله صلى الله عليك وسلم أنك قلت صلاة الرجل قاعدا على النصف من صلاة القائم وأنت تصلي قاعدا فقال: أجل ولكني لست كأحد منكم اه فاختصره المؤلف على ما ترى قال الزين العراقي وتبعه المؤلف وابن حجر: وهذا مبني على أن المتكلم داخل في عموم خطابه وهو الصحيح وقد عد الشافعية من خصائصه هذه المسألة ولم يبين كيفية القعود ويؤخذ من إطلاقه جوازه على أي صفة شاء المصلي وهو قضية كلام الشافعي وقد اختلف في الأفضل فعن الأئمة الثلاثة يصلي متربعا وقيل مفترشا وصححه الرافعي وقيل متوركا

(م د ن عن ابن عمرو) بن العاص

ص: 219

5081 -

(صلاة الرجل) النفل (قائما أفضل من صلاته قاعدا وصلاته) إياه (قاعدا على النصف من صلاته قائما وصلاته نائما) بالنون اسم فاعل من النوم والمراد به الاضطجاع كما فسره به البخاري وأحمد بن خالد الذهبي فزعم ابن بطال أن نائما غلط وأن الرواية بإيماء على أنه جارا ومجرور هو الغلط (على النصف من صلاته قاعدا) قال ابن عبد البر وابن بطال: الجمهور لا يجيزون النفل مضطجعا فإن أجازه أحد مع القدرة فهو حجة له وإلا فالحديث غلط أو منسوخ وقال الخطابي: لا أحفظ عن أحد أنه أجاز النفل نائما كقاعدا اه. قال الزين العراقي: وهو مردود فقد حكى عياض في الإكمال ثلاثة أقوال وقال ابن حجر: هو مردود فقد حكى الترمذي عن الحسين جواز النفل مضطجعا وهو الأصح عند الشافعية لكن يلزم القادر الإتيان بالركوع والسجود حقيقة ولا يجزئه الإيماء بهما قال الولي العراقي: ومن زعم الغلط أو التصحيف فهو الذي غلط وصحف وإنما ألجأه إلى ذلك حمل قوله نائما على النوم الحقيقي الذي أمر المصلي إذا وجده بقطع الصلاة وليس ذلك بمراد هنا إنما المراد الاضطجاع كما تقرر ثم إن محل ما ذكر في الحديث في غير المعذور أما من شق عليه القيام فصلى قاعدا فأجره كالقائم فلو تحامل هذا المعذور وتكلف القيام كان أفضل

(حم د عن عمران بن الحصين) رمز لصحته

ص: 220

5082 -

(صلاة الرجل تطوعا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسا وعشرين) لأن النفل شرع للتقرب إلى الله إخلاصا لوجهه فكلما كان أخفى كان أبعد عن الرياء ونظر الخلق وأما الفرائض فشرعت لإشادة الدين وإظهار شعاره فهي جديرة بأن تقام على رؤوس الأشهاد فذكر الرجل غالبي فلا مفهوم له فالمرأة كذلك والنساء شقائق الرجال

(ع عن صهيب) الرومي

ص: 220

5083 -

(صلاة الضحى صلاة الأوابين) أي الرجاعين إلى الله بالتوبة جمع أواب وهو كثير الرجوع أو المسبح أو المطيع

(فر عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا باللفظ المذكور البيهقي في الشعب

ص: 220

5084 -

(صلاة القاعد نصف) أجر (صلاة القائم) ولفظ رواية أحمد صلاة الجالس على النصف من صلاة القائم هذا في حق القادر وفي حق غير المصطفى صلى الله عليه وسلم كما تقرر أما هو فصلاته قاعدا كصلاته قائما لأنه مأمون الكسل

(حم ن هـ عن أنس) بن مالك قال: قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة وهي محمة فحم الناس فدخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المسجد والناس يصلون من قعود فقال: صلاة القاعد إلخ قال ابن حجر في الفتح: رجال أحمد ثقات

⦗ص: 221⦘

وقال شيخه الحافظ العراقي في شرح الترمذي: إسناد ابن ماجه جيد لكن اختلف فيه على حبيب بن أبي ثابت وقال في موضع آخر: حديث ابن عمرو صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم صحيح روي من غير وجه عنه

(هـ عن ابن عمرو) بن العاص (طب عن ابن عمرو عن عبد الله بن السائب) قال الهيثمي: وفيه عبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف (وعن المطلب) بفتح الطاء المشددة (ابن أبي وداعة) الحارث بن حبرة بمهملة ثم موحدة ابن سعيد مصغرا من مسلمة الفتح قال الهيثمي: وفيه صالح بن أبي خضر ضعفه الجمهور

ص: 220

5085 -

(صلاة الليل) أي النافلة (مثنى مثنى) بلا تنوين لأنه غير منصرف للعدل والوصف وكرره للتأكيد لأنه في معنى اثنين اثنين أربع مرات والمعنى يسلم في كل ركعتين كما فسره ابن عمر وتمسك بمفهومه الحنفية على أنه نفل النهار أربع ومنعه الأئمة الثلاثة بأن الليل لقب لا مفهوم له عند الأكثر وسيجيء تحقيقه فيما بعده (فإذا خشي أحدكم الصبح) أي فوت صلاته (صلى ركعة واحدة توتر له) تلك الركعة الواحدة (ما قد صلى) فيه أن أقل الوتر ركعة وأنها مفصولة بالتسليم عما قبلها وبه قال الأئمة الثلاثة خلافا للحنفية وأن وقت الوتر يخرج بطلوع الفجر وهو مذهب الجمهور ومشهور مذهب مالك إنما يخرج بالفجر وقته الاختياري ويبقى الضروري إلى صلاة الصبح

(مالك حم ق 4 عن ابن عمر) بن الخطاب

ص: 221

5086 -

(صلاة الليل) مبتدأة (مثنى مثنى) خبره فمحلهما رفع (فإذا خفت الصبح) أي وصول وقته (فأوتر بواحدة) وبثلاث أكمل (فإن الله وتر يحب الوتر) أي يرضاه ويثيب عليه

(ابن نصر طب عن ابن عمر) بن الخطاب

ص: 221

5087 -

(صلاة الليل والنهار مثنى مثنى) أي اثنين اثنين ومقتضى هذا اللفظ حصر المبتدأ في الخبر لأنه حاكم على العام أعني صلاة الليل والنهار وليس بمراد وإلا لزم كون كل نفل لا يكون إلا ركعتين شرعا والإجماع قد قام على جواز الأربع ليلا ونهارا على كراهة الواحدة والثلاث في غير الوتر وإذا انتفى كون المراد أن الصلاة لا يباح إلا ثنتين لزم كون الحكم بالخبر المذكور أعني مثنى أما في حق الفضيلة بالنسبة إلى الأربعة أو في حق الإباحة بالنسبة إلى الفرد وترجيح أحدهما إنما يكون بمرجح وفعل المصطفى صلى الله عليه وسلم ورد على كلا النحويين وكفى مرجحا ما في مسلم أن ابن عمر سئل: ما مثنى مثنى قال: تسلم في كل ركعتين وهو أعلم بما سمعه وشاهده من المصطفى صلى الله عليه وسلم وهذا ما وعدنا به فيما قبل

(حم 4 عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: حديث صحيح رواته كلهم ثقات وقول الدارقطني ذكر النهار مزيد على الروايات فهو وهم من البارقي ممنوع لأنه ثقة احتج به مسلم وزيادة الثقة مقبولة

ص: 221

5088 -

(صلاة الليل مثنى مثنى وجوف الليل) سدسه الخامس (أحق به) كذا بخط المصنف وفي نسخ أجوبة دعوة ولا أصل لها في خطه لكنها رواية قالوا: يعني بذلك الإجابة وقيل: الرواية أوجبه

(ابن نصر طب عن عمرو بن عنبسة) بموحدة ومهملتين مفتوحتين ابن عامر بن خالد السلمي أبو نجيح صحابي مشهور أسلم قديما وهاجر بعد أحد ورواه عنه الإمام أحمد أيضا قال الهيثمي: وفيه أبو بكر بن أبي مريم ضعيف

ص: 221

⦗ص: 222⦘

5089 - (صلاة الليل مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل)(1) استدل به على منع التطوع بركعة فردة في غير الوتر وهو محكي عن مالك ومذهب الشافعي جوازه قياسا على الوتر لخبر الصلاة خير موضوع فمن شاء استقل ومن شاء أكثر وفيه رد على أبي حنيفة في منعه الوتر بركعة واحدة

(طب عن ابن عباس) رمز المصنف لصحته قال الهيثمي: فيه ليث بن سليم وهو ثقة لكنه مدلس

(1) أي أقله ركعة ووقته بين صلاة العشاء والفجر لكن تأخيره إلى آخر الليل أفضل لمن وثق باستيقاظه

ص: 222

5090 -

(صلاة الليل مثنى مثنى) قال العراقي: يحتمل أن المراد يسلم من كل ركعتين وأن المراد يتشهد في كل ركعتين وإن جمع ركعات بتسليم ويكون قوله عقبه (وتشهد في كل ركعتين) تفسيرا لمعنى مثنى مثنى وقال غيره: صلاة الليل مبتدأ ومثنى خبره ومثنى الثاني تأكيد وتشهد في كل ركعتين خبر بعد خبر كالبيان لمثنى أي ذات تشهد إلخ وكذا المعطوف وقوله وتشهد بالواو على ما وقفت عليه في خط المؤلف فإسقاطها في بعض النسخ من تصرف النساخ لكنه رواية (وتبأس) قال الخطابي: معناه إظهار البؤس والفاقة وقال المديني: البؤس والخضوع والفاقة والفقر (وتمسكن) قال الخطابي: من المسكنة وقيل معناه السكون والوقار والميم زائدة وقال العراقي: هو وتبأس مضارع حذف منه إحدى التاءين (وتقنع) هكذا هو بخط المصنف (بيديك) قال الحسني في شرح الترمذي: ومعناه رفع اليدين في الدعاء وفي رواية وتضع يديك وهو عطف على محذوف إذا فرغت منها فسلم ثم ارفع يديك فوضع الخبر موضع الطلب وقال العراقي: يحتمل أن مراده الرفع في القنوت (وتقول اللهم اغفر لي) ذنوبي (فمن لم يفعل ذلك فهو خداج) أي ذا خداج أي نقصان أو وضع المصدر موضع المفعول مبالغة كقوله وإنما هي إقبال وإدبار وهذا قد احتج به الطحاوي على عدم فرضية قراءة الفاتحة في الصلاة قال: قالوا هنا المراد نفي الكمال لا الإجزاء فكذلك قال في خبر كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج والنقص لا يستلزم البطلان وأجيب بأن النقص من الصلاة على قسمين نقص يستلزم البطلان وهو النقص من الفرائض وهو النقص حقيقة ونقص من النوافل لا يستلزم البطلان أطلق عليه النقص إطلاقا مجازيا من باب التشبيه من حيث هو مشبه للنقص الآخر في الظاهر والحمل على الحقيقي أولى منه على المجازي وقال الحسني: تضمن رفع اليدين في الدعاء والدعاء بالمغفرة وهو الذي اتصل به قوله فمن لم يفعل ذلك فهو خداج فالضمير في فهو ليس عائدا على الصلاة بل على من فاته ما ذكر من رفع اليدين والدعاء بالمغفرة

(حم د ت هـ) في الصلاة (عن المطلب بن أبي وداعة) رمز المصنف لحسنه قال الصدر المناوي: فيه عبد الله بن نافع بن أبي العمياء قال البخاري: لا يصح حديثه وقال الحسني: فيه اضطراب وإعلال

ص: 222

5091 -

(صلاة المرأة في بيتها) وهي الموضع المهيأ للنوم (أفضل من صلاتها في حجرتها) وهي بالضم كل محل حجر عليه بالحجارة (وصلاتها في مخدعها) بضم الميم وتفتح وتكسر خزانتها التي في أقصى بيتها قال في الفتح: ووجه كون صلاتها في الأخفى أفضل تحقق الأمن فيه من الفتنة ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج والزينة (أفضل من صلاتها في بيتها) وقال البيهقي: فيه دلالة على أن الأمر بأن لا يمنعن أمر ندب وهو قول عامة العلماء وفيه دليل لمذهب الحنفية أن الجماعة تكره لجماعة النساء كراهة تحريم قالوا: من المعلوم

⦗ص: 223⦘

أن المخدع لا يسع الجماعة

(د عن ابن مسعود ك عن أم سلمة) سكت عليه أبو داود والمنذري

ص: 222

5092 -

(صلاة المرأة وحدها تفضل على صلاتها في الجمع) أي جمع الرجال (بخمس وعشرين درجة) سبق معناه

(فر عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه بقية بن الوليد ورواه أيضا أبو نعيم ومن طريقه تلقاه الديلمي مصرحا فلو عزاه المصنف إلى الأصل لكان أولى

ص: 223

5093 -

(صلاة المسافر) سفرا طويلا وهو ثمانية وأربعون ميلا هاشمية ذهابا وهي مرحلتان سير الأثقال (ركعتان) إذا كانت الصلاة رباعية مكتوبة مؤداة أو فائتة السفر (حتى يؤوب) أي يرجع (إلى أهله أو يموت) في سفره (1) وفيه جواز قصر الرباعية في السفر إلى ركعتين ولو في الخوف وعن ابن عباس جوازه في الخوف إلى ركعة والجمهور على الأول وتأولوا خبر مسلم عن ابن عباس فرضت الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة على أن المراد ركعة مع الإمام وينفرد بالأخرى كما هو المشروع فيها وأخذ الحنفية بظاهر هذا الخبر ونحوه فأوجبوا القصر

(خط) في ترجمة عفيف الموصلي (عن عمر) بن الخطاب وفيه بقية وقد سبق وخالد بن عثمان العثماني قال الذهبي: قال ابن حبان: بطل الاحتجاج به وظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من الستة وهو ذهول فقد عزاه في الفردوس وغيره إلى النسائي

(1) أو يقيم إقامة تمنع الترخص

ص: 223

5094 -

(صلاة المسافر بمنى وغيرها ركعتان)(1) أخذ منه بعض المجتهدين أنه لا يسن له صلاة السنن لأن الشارع لما أسقط شطر الفرض عنه تخفيفا عليه للسفر فمن المحال أن يطلب منه غيره لكن الأصح عند الشافعية والحنفية أن شرعيتها مشترك بين المسافر والمقيم ولا ضرر على المسافر فيه إذ يمكنه أداؤها راكبا وماشيا

(أبو أمية) محمد بن إبراهيم بن مسلم (الطرسوسي) البغدادي أكثر المقام بطرسوس فنسب إليها (في مسنده عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لحسنه

(1) إقامته بها لا تمنع حكم السفر

ص: 223

5095 -

(صلاة المغرب وتر) أي وتر صلاة (النهار) تمامه كما في الميزان فأوتروا صلاة الليل أي فكما جعلت آخر صلاتكم بالنهار وترا فاجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا وأضيفت إلى النهار لوقوعها عقبه فهي نهارية حكما وإن كانت ليلية حقيقية قال ابن المنير: إنما شرع لها التسمية بالمغرب لأنه اسم يشعر بمسماها وبابتداء وقتها ولا يكره تسميتها العشاء الأولى كما يقال العشاء الآخرة للعشاء

(ش عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه ورواه عنه أيضا أحمد بلفظ صلاة المغرب أوترت النهار فأوتروا صلاة الليل قال الحافظ العراقي: والحديث سنده صحيح اه وحينئذ فاقتصار المصنف على الإشارة لحسنه تقصير

ص: 223

5096 -

(صلاة الهجير) أي الصلاة المفعولة بعد الزوال قبل الظهر كما يشير إليه تفسير الراوي المبين في الطبراني وغيره (من) الذي رأيته في نسخ الطبراني مثل بدل من (صلاة الليل) في الفضل والثواب لمشقتها كصلاة الليل

(ابن نصر طب

⦗ص: 224⦘

عن عبد الرحمن بن عوف) قال الهيثمي: رجاله موثقون اه. ومن ثم رمز المصنف لحسنه

ص: 223

5097 -

(صلاة الوسطى صلاة العصر (1)) أي الصلاة الفضلى هي العصر من قولهم للأفضل أوسط وذلك لأن تسميتها بالعصر مدحة من حيث إن العصر خلاصة الزمان كما أن عصارات الأشياء خلاصاتها {ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون} فعصر اليوم هو خلاصة لسلامته من وهج الحارة وغسق الليل ولتوسط الأحوال والأبدان بين حاجتي الغداء والعشاء التي هي مشغلتهم لحاجة الغداء ولتصادم ملائكة الليل والنهار فيها

(حم ت) في الصلاة وقال الترمذي: حسن صحيح (عن سمرة) بن جندب (ش ت حب عن ابن مسعود ش عن الحسن مرسلا) هو البصري (هق عن أبي هريرة البزار) في مسنده (عن ابن عباس الطيالسي) أبو داود (عن علي) أمير المؤمنين قال الهيثمي: رجاله موثقون

(1) وقيل المغرب وقيل العشاء وقيل الصبح وقيل الصلوات الخمس وقيل واحدة من الخمس غير معينة وقيل صلاة الجمعة وقيل الظهر في الأيام والجمعة يوم الجمعة وقيل الصبح والعشاء معا وقيل الصبح والعصر وقيل صلاة الجماعة وقيل صلاة الوتر وقيل صلاة الخوف وقيل صلاة عيد الفطر وقيل صلاة عيد النحر وقيل صلاة الضحى وقيل صلاة الليل وقيل الصبح أو العصر على التردد وقيل بالتوقف وللمؤلف في ذلك تأليف مستقل ذكر فيه هذه الأقوال وأدلتها

ص: 224

5098 -

(صلاة الوسطى أول صلاة تأتيك بعد صلاة الفجر) وهو الظهر لأنها وسط النهار فكانت أشق الصلاة عليهم فكانت أفضل وذهب إلى هذا جمع منهم المصنف فرجح أنها الظهر مع اعترافه بخروجه عن مذهب الشافعي واستشهد له بخبر ابن جرير الصلاة الوسطى بصلاة الظهر وقيل هي الصبح لأنها بين صلاتي الليل والنهار والواقعة في حد المشترك بينهما وقيل المغرب لأنها المتوسطة بالعدد ووتر النهار وقيل العشاء لأنها بين جهريتين واقعتين طرفي النهار

(عبد بن حميد في تفسيره) للقرآن (عن مكحول) الشامي (مرسلا)

ص: 224

5099 -

(صلاة أحدكم) في رواية صلاة المرء (في بيته) أي في محل سكنه (أفضل من صلاته في مسجدي هذا) قال الطيبي: هذا تتميم ومبالغة لطلب الإخفاء فإنها بمسجده تعدل ألفا في غيره سوى المسجد الحرام وجزم بقضية هذه الرواية في المجموع فقال: صلاة النفل في البيت أفضل منها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضية العلة أن الحرم المكي مثله (إلا المكتوبة) يعني المكتوبات الخمس قال ابن حجر: يحتمل كون المراد بالمكتوبة ما تشرع له الجماعة قال ابن رسلان: وفيه نظر فإن الإسنوي استثنى من النفل الصلوات المشهودة كالعيد ويستثنى أيضا التراويح. قال المحب للطبري: فيه دلالة ظاهرة على أن النافلة في البيت تضاعف تضعيفا يزيد على الألف لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم فضلها على الصلاة في مسجده والصلاة فيه بألف صلاة وهل يطرد هذا التضعيف في نافلة بيوت مكة على مسجدها؟ فيه احتمالان أحدهما نعم لعموم التفضيل في الأحاديث والتقييد بمسجده للمبالغة في التفضيل لا لنفي الحكم عما سواه وإن كان أفضل منه وخص مسجده بالذكر لأن المخاطب من أهله والمراد حثهم على تنفلهم في بيوتهم دونه أو لأنهم يرون فضله على ما سواه والثاني أن يكون التقييد لنفي الحكم عن مسجد مكة لزيادة التضعيف فيه على مسجد المدينة عند من يرى ذلك

⦗ص: 225⦘

فكأنه قال مسجدي هذا فما دونه في الفضل لا ما زاد عليه والأول أظهر ولا يتبادر إلى الفهم سواه

(د عن زيد بن ثابت) الأنصاري (وابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الترمذي: حسن وسكت عليه أبو داود والمنذري رمز المصنف لصحته وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه من الستة غير أبي داود وليس كذلك فقد رواه الترمذي والنسائي

ص: 224

5100 -

(صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك) الظاهر أن السبعين للتكثير وأن المراد أن الصلاة بسواك أفضل منها بدونه بكثير قال ابن عبد البر: فضل السواك مجمع عليه والصلاة بعد السواك أفضل منها قبله بلا خلاف وقال عياض والقرطبي: لا خلاف أنه مشروع للصلاة مستحب لها ويتأكد للصبح والظهر ونقل عن الحنفية كراهة السواك عند القيام للصلاة وأن محله عند الوضوء لاشتراكهما في إزالة الأوساخ وحمل بعض من انتحل مذهبهم للصلاة في الحديث على صلاة التيمم أو من لم يجد ماء ولا ترابا حتى لا يخلو المصلي عن سواك إن لم يكن عند الوضوء فعند الصلاة وذكر بعضهم أن المالكية لم يستحبوه لها قال ابن دقيق العيد: وسر ندب السواك بها أنا مأمورون أن نكون في حال التقرب إلى الله تعالى في حالة كمال ونظافة إظهارا لشرف العبادة قال: وقيل إنه لأمر يتعلق بالملك وهو أنه يضع فاه على فم القارئ فيتأذى بالريح الكريهة فيتأكد السواك لها لذلك وقد أخرج البزار عن علي مرفوعا إن العبد إذا تسوك ثم قام يصلي قام الملك خلفه فيستمع لقراءته فيدنو منه حتى يضع فاه إلى فيه فما يخرج من فيه شيء إلا صار في جوف الملك فطهروا أفواهكم للقرآن. قال الولي العراقي: رجاله رجال الصحيح ومقتضى الحديث أنه لا فرق بين صلاته منفردا أو في جماعة في مسجد أو بيته

(ابن زنجويه) في كتاب الترغيب في فضائل الأعمال (عن عائشة) ظاهر حاله أنه لم يره مخرجا لأعلى ولا أشهر ولا أحق بالعزو من ابن زنجويه وهو عجب فقد خرجه الإمام أحمد والحاكم في مستدركه وصححه وابن خزيمة والبيهقي وضعفه كلهم عن عائشة باللفظ المذكور وتعقبه النووي كابن الصلاح بأنه من رواية ابن إسحاق وهو تقصير بالعنعنة فاقتصاره على ابن زنجويه تقصير

ص: 225

5101 -

(صلاة تطوع أو فريضة بعمامة تعدل خمسا وعشرين صلاة بلا عمامة وجمعة بعمامة تعدل سبعين جمعة بلا عمامة) والظاهر أن المراد ما يسمى عمامة عرفا فلو صلى بقلنسوة ونحوها لا يكون مصليا بعمامة وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن مالك قال: لا ينبغي أن تترك العمائم ولقد اعتممت وما في وجهي شعرة <تنبيه> في المناهج: السنة أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي الجمعة إلا بعمامة حتى ذكر التقي بن فهد أنه كان إذا لم يجدها وصل خرقا بعضها ببعض ثم اعتم بها

(ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عمر) بن الخطاب وعزاه ابن حجر إلى الديلمي عن ابن عمر أيضا ثم قال: إنه موضوع ونقله عنه السخاوي وارتضاه قال في اللسان: أخرج ابن النجار عن مهدي بن ميمون دخلت على سالم بن عبد الله بن عمر وهو يعتم فقال: يا أبا أيوب ألا أحدثك بحديث؟ قلت: بلى. قال: دخلت على ابن عمر فقال لي: يا بني أحب العمامة. يا بني اعتم تحلم وتكرم وتوقر ولا يراك الشيطان إلا ولى هاربا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره وفيه مجاهيل

ص: 225

5102 -

(صلاة رجلين يؤم أحدهما صاحبه أزكى عند الله من صلاة أربعة تترى وصلاة أربعة يؤمهم أحدهم أزكى عند الله من صلاة ثمانية تترى وصلاة ثمانية يؤمهم أحدهم أزكى عند الله من صلاة مئة تترى) بفتح المثناة الفوقية

⦗ص: 226⦘

وسكون الثانية وفتح الراء مقصورا: أي متفرقين غير مجتمعين والتاء الأولى منقلبة عن واو وهو من المواترة لا التواتر كما وهم (1)

(طب هق عن قباث) بفتح القاف بضبط المصنف (ابن أشيم) بن عامر الكناني الليثي شهد بدرا مشركا قال الهيثمي: رجال الطبراني موثقون والمصنف رمز لصحته فإن كان بالنظر لطريق الطبراني فمسلم أو من طريق البيهقي فممنوع فقد قال الذهبي في المهذب: إسناده وسط وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأعلى من هذين مع أن الإمام البخاري خرجه في تاريخه

(1) قال في النهاية: والتواتر أن يجيء الشيء بعد الشيء بزمان. وتصرف تترى ولا تصرف فمن لم يصرفه جعل الألف للتأنيث كفضلي ومن صرفه لم يجعله للتأنيث. وقال في المصباح: والمواترة المتابعة ولا تكون المواترة بين الأشياء إلا إذا وقعت بينها فترة وإلا فهي مداركة ومواصلة وأصل تترى وترى من الوتر وهو الفرد قال تعالى {ثم أرسلنا رسلنا تترى} أي واحدا بعد واحد ومن نونها جعل الفاء للإلحاق

ص: 225

5103 -

(صلاة في إثر صلاة) أي صلاة تتبع صلاة وتتصل بها فرضا أو غيره (لا لغو بينهما كتاب في عليين) أي عمل مكتوب تصعد به الملائكة المقربون إلى عليين لكرامة المؤمن وعمله الصالح وعليون اسم لديوان الملائكة الحفظة يرفع إليه أعمال الصلحاء وقال الطيبي: معناه مداومة الصلاة من غير شوب بما ينافيها لا مزيد عليها ولا عمل أعلى منها فكنى بذلك عنه وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه ولا كذلك بل هو قطعة من حديث وسياقه عند مخرجه أبي داود من خرج من بيته متطهرا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم ومن خرج إلى تسبيح الضحى (1) لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر وصلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين انتهى

(د عن أبي أمامة) وفيه عبد الوهاب بن محمد الفارسي قال في الميزان: رمي بالاعتزال وكان يصحف في الإسناد والمتن وصحف هنا قوله كتاب في عليين كنار في غلس

(1) قوله إلى تسبيح الضحى أي إلى صلاته سميت الصلاة بذلك لما فيها من تسبيح الله وتنزيهه قال تعالى {فلولا أنه كان من المسبحين} أي المصلين وفيه أن صلاة الضحى في المسجد أفضل وقوله لا ينصبه بضم أوله وكسر ثالثه أي لا يزعجه وقوله إلا إياه أي تسبيح الضحى من النوادر ما حكوا أن بعضهم صحف هذا الحديث فقال: كنار في غلس فقيل له: ما معنى غلس فقال: لأنها فيه أشد ضوءا

ص: 226

5104 -

(صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام) أي فإنها فيه أفضل منها في مسجدي لأن التقدير فإن الصلاة في مسجدي تفضله بدليل خبر أحمد وغيره صلاة في المسجد الحرام أفضل من ألف صلاة في مسجدي قال الحرالي: سمي حراما لحرمته حيث لم يوطأ قط إلا بإذن الله ولم يدخله أحد قط إلا دخول ذلة فكان حراما على من يدخله دخول متكبر أو متبختر قالوا: وهذا التضعيف فيما يرجع إلى الثواب ولا يتعدى إلى الأجزاء على الفوائت فلو كان عليه صلاتان فصلى بمسجد مكة أو المدينة واحدة لم يجز عنهما قال النووي: وهذه

⦗ص: 227⦘

الفضيلة مختصة بنفس مسجده دون ما زيد بعده

(حم ق ت ن هـ عن أبي هريرة حم م ن هـ عن ابن عمر) بن الخطاب (م عن ميمونة) أم المؤمنين (حم عن جبير بن مطعم وعن سعد) بن أبي وقاص (وعن الأرقم) بن أبي الأرقم قال ابن عبد البر في التمهيد: حديث ثابت

ص: 226

5105 -

(صلاة في مسجدي هذا) مسجد المدينة (أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد لأن المسجد الحرام) أي الممنوع من التعرض له بسوء وقتال فيه (فإني آخر الأنبياء وإن مسجدي آخر المساجد) هذه العبارة تحتها احتمال المساواة كما أشرنا إليه في حل الحديث السابق لكن الأدلة قامت على فضل حرم مكة على غيره لأنه أول بيت وضع للناس وعبر باسم الإشارة إشارة إلى أن التضعيف خاص بمسجده إلا بما زيد فيه بخلاف مسجد مكة فإنه يعم <تنبيه> عدوا من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن مسجده أفضل المساجد وبلده أفضل البلاد ومرادهم أفضل المساجد بعد مسجد مكة

(م ن عن أبي هريرة) قال ابن عبد البر: روي عن أبي هريرة من طرق ثابتة صحاح متواترة قال العراقي: لم يرد التواتر الذي ذكره أهل الأصول بل الشهرة

ص: 227

5106 -

(صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة فيما سواه) ظاهره أنه لا فرق في التضعيف بين الفرض والنفل وبه قال صحبنا قال النووي: وتخصيص الطحاوي وغيره بالفرض خلاف إطلاق الأخبار قال العراقي: فيكون النفل بالمسجد مضاعفا بما ذكر ويكون فعله في البيت أفضل لعموم خبر أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة

(حم هـ عن جابر) قال الحافظ الزين العراقي: إسناده جيد وقال ولده الولي: يقع في بعض نسخ ابن ماجه من مئة صلاة بدون ألف والمعتمد الأول

ص: 227

5107 -

(صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمئة صلاة) استدل به الجمهور بالتقرير المتقدم على تفضيل مكة على المدينة لأن الأمكنة تشرف بفضل العبادة فيها على غيرها مما يكون العبادة به مرجوحة وهو مذهب الثلاثة وعكس مالك على المشهور بين صحبه لكن قال ابن عبد البر: روى عنه ما يدل على أن مكة أفضل

(حم حب) وكذا الطبراني والبزار كلهم (عن) عبد الله (بن الزبير) قال الزين العراقي في شرح الترمذي: رجاله رجال الصحيح وقال الهيثمي: رجال أحمد والطبراني رجال الصحيح

ص: 227

5108 -

(صلاة في مسجدي هذا كألف صلاة فيما سواه إلا المسجد وصيام شهر رمضان بالمدينة كصيام ألف

⦗ص: 228⦘

شهر فيما سواها وصلاة الجمعة بالمدينة كألف جمعة فيما سواها) قال حجة الإسلام: وكذا كل عمل بالمدينة بمئة ألف قال: وبعد المدينة الأرض المقدسة فإن سائر الأعمال فيها الواحد بخمس مئة

(هب عن ابن عمر) بن الخطاب ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه سكت عليه والأمر بخلافه فإنه عقبه بالقدح في سنده فقال: هذا إسناد ضعيف بمرة انتهى بلفظه فحذف المصنف له من سوء الصنيع

ص: 227

5109 -

(صلاة في المسجد الحرام مئة ألف صلاة وصلاة في مسجدي ألف صلاة وفي بيت المقدس خمس مئة صلاة) تمسك بهذا الحديث من فضل مكة على المدينة قالوا: إذ لا معنى للتفضيل بين مكة والمدينة إلا أن ثواب العمل في إحداهما أكثر من ثواب العمل في الأخرى وأجاب من فضل المدينة بأن أسباب التفضيل لا تنحصر في مزيد المضاعفة والصلوات الخمس بمنى للتوجه إلى عرفة أفضل منهما مسجد مكة وإن انتفت عنها المضاعفة ومذهب الشافعية شمول المضاعفة للنفل مع تفضيله بالمنزل إذ غايته أن للمفضول مزية ليست للفاضل

(هب عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه ورواه الطبراني عن أبي الدرداء وابن عبد البر عن البزار قال الهيثمي: وسنده حسن

ص: 228

5110 -

(صلاتان لا يصلى) البناء للمجهول (بعدهما) أي بعد فعلهما (الصبح حتى تطلع الشمس والعصر حتى تغرب الشمس) فيحرم صلاة لا سبب لها متقدم ولا مقارن ولا تنعقد على الأصح عند الشافعية

(حم حب عن سعد) بن أبي وقاص. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح

ص: 228

5111 -

(صلاتكن) أيتها النسوة (في بيوتكن أفضل من صلاتكن في حجركن) جمع حجرة (وصلاتكن في حجركن أفضل من صلاتكن في دوركن وصلاتكن في دوركن أفضل من صلاتكن في مسجد الجماعة) لأن النساء أعظم حبائل الشيطان وأوثق مصائده فإذا خرجن نصبهن شبكة يصيد بها الرجال فيغريهم ليوقعهم في الزنا فأمرن بعدم الخروج حسما لمادة إغوائه وإفساده وفيه حجة لمن كره لهن شهود الجمعة والجماعة وهو مذهب أهل الكوفة وأبو حنيفة بل عم متأخرو أصحابه المنع للعجائز والشواب في الصلوات كلها لغلبة الفساد في سائر الأوقات كما في فتح القدير ومذهب الشافعي كراهته لشابة أو ذات هيئة لا عجوز في بذلة ومع ذلك بيتها خير لها

(حم طب هق) من حديث عبد الحميد بن المنذري الساعدي عن أبيه (عن) جدته (أم حميد) الأنصارية امرأة أبي حميد الساعدي قالت: يا رسول الله إنا نحب الصلاة يعني معك فتمنعنا أزواجنا فذكره قال الهيثمي: وفيه ابن لهيعة وفيه كلام مشهور وقال ابن حجر: عبد الحميد بيض له أبو يعلى وجدته أم حميد الأنصارية قال الذهبي: لها حديث في كتاب ابن أبي عاصم وليس في الصحابيات أم حميد غيرها ولم يخرج لها أحد من الأئمة

ص: 228

⦗ص: 229⦘

5112 - (صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين) إذ بهما يصير العبد شاكرا لله خالصا له متواضعأ مفوضا مسلما فيتولى ويتولاه الله (ويهلك) الذي وقفت عليه في أصول صحيحة وهلاك وهو الملائم لقوله صلاح (آخرها بالبخل والأمل) وذلك لا يظهر إلا من فقد اليقين ساء ظنهم بربهم فبخلوا وتلذذوا بشهوات الدنيا فحثوا أنفسهم بطول الأمل {وما يعدهم الشيطان إلا غرورا} والمراد غلبة البخل والأمل في آخر الزمان يكون من الأسباب المؤدية للهلاك بكثرة الجمع والحرص وحب الاستئثار بالمال المؤدي إلى الفتن والحروب والقتل وغير ذلك ذكره بعضهم. وقال الطيبي: أراد باليقين تيقن أن الله هو الرزاق المتكفل للأرزاق {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} فمن تيقن هذه في الدنيا لم يبخل لأن البخيل إنما يمسك المال لطول الأمل وعدم التيقن. قال الأصمعي: تلوت على أعرابي {والذاريات} فلما بلغت {وفي السماء رزقكم} قال: حسبك وقام إلى ناقته فنحرها ووزعها على من أقبل وأدبر وعمد إلى سيفه فكسره وولى فلقيته بالطواف قد نحل جسمه واصفر لونه فسلم علي واستقرأني السورة فلما بلغت {وفي السماء رزقكم} صاح وقال: قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم غير هذا فقرأت {فورب السماء والأرض إنه لحق} فصاح وقال: سبحان الله من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف؟ قالها ثلاثا فخرجت معها روحه. قال الحكماء: الجاهل يعتمد على الأمل والعاقل يعتمد على العمل وقال بعضهم: الأمل كالسراب غر من رآه وخاب من رجاه قيل: إن قصر الأمل حقيقة الزهد وليس كذلك بل هو سبب لأن من قصر أمله زهد ويتولد من طول الأمل الكسل عن الطاعة والتسويف بالتوبة والرغبة في الدنيا ونسيان الآخرة وقسوة القلب لأن رقته وصفاء نمائه يقع بتذكر الموت والقبر والثواب والعقاب وأحوال القيامة ومن قصر أمله قل همه وتنور قلبه لأنه إذا استحضر الموت اجتهد في الطاعة ورضي بما قل. وقال ابن الجوزي: الأمل مذموم إلا للعلماء فلولاه ما صنفوا

(طس هب عن ابن عمرو) ابن العاص قال الهيثمي: فيه عصمة بن المتوكل ضعفه غير واحد ووثقه ابن حبان وقال المنذري: إسناده محتمل للتحسين ومتنه غريب

ص: 229

5113 -

(صياح المولود) أي تصويته (حين يقع) أي يسقط من بطن أمه (نزغة) أي إصابة بما يؤذيه (من الشيطان) يريد بها إيذاءه وإفساده فإن النزغ هو الدخول في أمر لإفساده والشيطان إنما يبتغي بطعنه إفساد ما ولد المولود عليه من الفطرة قال القرطبي: الرواية الصحيحة بنون وزاي ساكنة وغين معجمة من النزغ وهو الوسوسة والإغواء بالفساد ووقع لبعض الرواة فزعة بفاء وعين مهملة من الفزع

(م) في الأنبياء (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري

ص: 229

5114 -

(صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر وهي أيام البيض) أي أيام الليالي البيض سميت بيضا لأن القمر يطلع من أولها لآخرها (صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة) وحكمة صومها أنه لما عم النور ليلها ناسب أن تعم العبادة نهارها أو لأن الكسوف يكون فيها غالبا وقد أمرنا بفعل القرب عنده <تنبيه> قال الطيبي: الصوم إمساك المكلف بالنية من الخيط الأبيض إلى الخيط الأسود عن تناول الأطيبين والاستمناء وهو وصف سلبي وإطلاق العمل عليه تجوز

(ن ع هب عن جرير) بن عبد الله

ص: 229

5115 -

(صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر وإفطاره) قيل: هي البيض. وقيل: غيرها. وقد سرد الحافظ العراقي فيه

⦗ص: 230⦘

عشرة أقوال

(حم حب عن قرة بن إياس) قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح

ص: 229

5116 -

(صيام حسن صيام ثلاثة أيام من الشهر) ومن زاد زادت حريته وكماله ما لم يخرج إلى ضرر بالنفس إلى العقل بل الكمال المحض في حق المكلف أن يملك الأشياء ولا تملكه ويسترقها بالخلاف ولا تسترقه فيصوم وقتا ويتناول الشهوات ويضعها في أماكنها وقتا

(حم ن طب عن عثمان بن أبي العاص) ورواه عنه أيضا الطبراني والبيهقي والديلمي

ص: 230

5117 -

(صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بعده بشهرين فذلك) يعني رمضان وستة أيام بعده (صيام السنة) لأن الحسنة بعشر أمثالها فأخرجه مخرج الشبيه للمبالغة

(حم ن حب عن ثوبان)

ص: 230

5118 -

(صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله) أي أرجو منه قال ابن الأثير: الاحتساب على الله البدار إلى طلب الأجر وتحصيله باستعمال أنواع البر قال الطيبي: وكان القياس أرجو من الله فوضع محله أحتسب وعداه بعلى التي للوجوب على سبيل الوعد مبالغة في تحقق حصوله (أن يكفر السنة التي قبله) يعني يكفر الصغائر أي المكتسبة فيها (والسنة التي بعده) بمعنى أنه تعالى يحفظه أن يذنب فيها أو يعطي من الثواب ما يكون كفارة لذنوبها أو يكفرها حقيقة ولو وقع فيها ويكون المكفر مقدما على المكفر قال صاحب العدة: وذا لا يوجد شيء مثله في شيء من العبادات (وصيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) قيل: لم يتعرضوا لتوجيه قوله أحتسب ولم يجزم بتكفيرها كما جزم في خبر الصلوات الخمس مكفرات وقد يقال وعد الله رسوله أن يكفر ذنوب صائم عرفة مدة طويلة قبله وبعده وصائم عاشوراء مدة قبله فمعناه أرجو على عدة أن يكفر هذا المقدار والمراد فيه وفيما قبله تكفير الصغائر لا الكبائر كما مر ويأتي له نظائر

(ت هـ حب عن أبي قتادة) ظاهره أنه لم يخرجه من الأربعة إلا هذان وليس كذلك بل خرجه الجماعة جميعا إلا البخاري وعجب للمصنف كيف خفي عليه حديث ثابت في مسلم

ص: 230

5119 -

(صيام يوم عرفة كصيام ألف يوم) ليس فيها يوم عرفة وفيه قصة عند مخرجه البيهقي وفيها قول عائشة يوم عرفة يوم يعرف الإمام ويوم الأضحى يوم يضحي الإمام كذا في إحدى طريقي البيهقي في الشعب وفيه ندب صوم يوم عرفة أي لغير الحاج لما يأتي من النهي عنه

(حب عن عائشة) وفيه سليمان بن أحمد الواسطي قال الذهبي: ضعفوه والوليد بن مسلم أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ثقة مدلس سيما في شيوخ الأوزاعي وسليمان بن موسى قال البخاري: عنده مناكير وقال النسائي: ليس بقوي ودلهم بن صالح ضعفه ابن معين

ص: 230

5120 -

(صيام يوم السبت لا لك ولا عليك) أي لا لك فيه مزيد ثواب ولا عليك فيه ملام ولا عتاب وسيأتي في حديث النهي عن صومه وحده نعم إن وافق ذلك سنة مؤكدة كما إذا كان يوم عرفة أو عاشوراء فيتأكد صومه

(حم عن امرأة) قال أحمد عن حميد الأعرج قال حدثتني جدتي أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتغدى وذلك يوم السبت فقال: تعالي فكلي قالت: إني صائمة قال: أصمت أمس؟ قالت: لا فذكره. قال الهيثمي: وفيه ابن لهيعة

ص: 230