المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ ‌حرف الكاف

‌حرف الكاف

ص: 541

6197 -

(كاتم العلم) أي عن أهله (يلعنه كل شيء حتى الحوت في البحر والطير في السماء) لما سبق أن العلم يتعدى نفعه إليهما فإنه آمر بالإحسان إليهما حتى بإحسان القتلة فكتمه يضر بهما وبغيرهما من الحيوانات وقد تظافرت النصوص القرآنية على ذم كاتم العلم {إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار} {وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم} فوصف المغضوب عليهم بأنهم يكتمون العلم تارة بخلا به وتارة اعتياضا عن إظهاره بالدنيا وتارة خوفا أن يحتج عليهم بما أظهروه منه وهذا قد يبتلى به طوائف من المنتسبين للعلم فإنه تارة يكتمونه بخلا به وتارة كراهة أن ينال غيرهم من الفضل والتقدم والوجاهة ما نالوه وتارة اعتياضا برئاسة أو مال فيخاف من إظهاره انتقاص رتبته وتارة يكون قد خالف غيره في مسألة أو اعتزى إلى طائفة قد خولفت في مسألة فيكتم من العلم ما فيه حجة لمخالفه وإن لم يتيقن أن مخالفه مبطل وذلك كله مذموم وفاعله مطرود من منازل الأبرار ومقامات الأخيار مستوجب للعنة في هذه الدار ودار القرار

(ابن الجوزي في) كتاب (العلل) المتناهية في الأخبار الواهية (عن أبي سعيد) الخدري وقضية صنيع المصنف أن ابن الجوزي سكت عليه والأمر بخلافه فإن تعقبه بقوله: حديث لا يصح فيه يحيى بن العلاء قال أحمد: كذاب يضع

ص: 541

6198 -

(كاد الحليم أن يكون نبيا) أي قرب من درجة النبوة وكاد من أفعال المقاربة وضعت لمقاربة الخبر من الوجود لعروض سببه لكن لم يكن لفقد شرط أو عروض مانع. قال العسكري: كذا يرويه المحدثون ولا تكاد العرب تجمع بين كاد وأن وبهذا نزل القرآن. (لطيفة) قد ألغز أبو العلاء المصري في لفظة كاد فقال:

أنحوي هذا العصر ما هي لفظة. . . جرت في لساني جرهم وثمود

إذ ما نفت والله أعلم أثبتت. . . وإن أثبتت قامت مقام جحود

وقال الشهاب الحجازي: فلم أجد أحدا أجاب فقلت

لقد كاد هذا اللغز يصدئ فكرتي. . . وما كدت أشفى غلتي بورود

وهذا جواب يرتضيه ذوو النهى. . . وممتنع عن فهم كل بليد

وهذا الجواب لغز أيضا فأوضحه بعضهم بقوله:

أشار الحجازي الإمام الذي حوى. . . علو ما زكت من طارف وتليد

إلى كاد إفصاحا لذي الفضل والنهى. . . وأبهم إبعادا لكل بليد

(خط) في ترجمة محمد البزدوي (عن أنس) وفيه يزيد الرقاشي متروك والربيع بن صبح ضعفه ابن معين وغيره ومن ثم أورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: لا يصح

ص: 541

⦗ص: 542⦘

6199 - (كاد الفقر) أي الفقر مع الاضطرار إلى ما لا بد منه كما ذكره الغزالي (أن يكون كفرا) أي قارب أن يوقع في الكفر لأنه يحمل على حسد الأغنياء والحسد يأكل الحسنات وعلى التذلل لهم بما يدنس به عرضه ويلثم به دينه وعلى عدم الرضا بالقضاء وتسخط الرزق وذلك إن لم يكن كفرا فهو جار إليه ولذلك استعاذ المصطفى صلى الله عليه وسلم من الفقر وقال سفيان الثوري: لأن أجمع عندي أربعين ألف دينار حتى أموت عنها أحب إلي من فقر يوم وذلي في سؤال الناس قال: ووالله ما أدري ماذا يقع مني لو ابتليت ببلية من فقر أو مرض فلعلي أكفر ولا أشعر فلذلك قال: كاد الفقر أن يكون كفرا لأنه يحمل المرء على ركوب كل صعب وذلول وربما يؤديه إلى الاعتراض على الله والتصرف في ملكه كما فعل ابن الراوندي في قوله:

كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه. . . وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا

هذا الذي ترك الأوهام حائرة. . . وصير العالم التحرير زنديقا

والفقر نعمة من نعم الله إلى الإنابة والالتجاء إليه والطلب منه وهو حلية الأنبياء ورتبة الأولياء وزي الصلحاء ومن ثم ورد خبر: إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين فهو نعمة جليلة بيد أنه مؤلم شديد التحمل <تنبيه> قال الغزالي: هذا الحديث ثناء على المال ولا تقف على وجه الجمع بين المدح والذم إلا بأن تعرف حكمة المال ومقصوده وإفادته وغوائله حتى ينكشف لك أنه خير من وجه شر من وجوه وليس بخير محض ولا بشر محض بل هو سبب للأمرين معا يمدح مرة ويذم مرة والبصير المميز يدرك أن المحمود منه غير المذموم (وكاد الحسد أن يكون سابق القدر) أي كاد الحسد في قلب الحاسد أن يغلب على العلم بالقدر فلا يرى أن النعمة التي حسد عليها أنها صارت إليه بقدر الله وقضائه كما أنها لا تزول إلا بقضائه وقدره وغرض الحاسد زوال نعمة المحسود ولو تحقق القدر لم يحسده واستسلم وعلم أن الكل بقدر <تنبيه> قال ابن الأنباري في الانتصاف: لا يستعمل أن مع كاد في اختيار ولذلك لم يأت في القرآن ولا في كلام فصيح فأما حديث كاد الفقر أن يكون كفرا فإن صح فزيادة أن من كلام الراوي لا من كلام الرسول لأنه أفصح من نطق بالضاد وقال النووي: إثبات أن مع كاد جائز لكنه قليل وقال ابن مالك: وقوع خبر كاد مقرونا بأن قد خفي على أكثر النحاة وقوعه والصحيح جوازه لكنه قليل ولذلك لم يقع في القرآن لكن عدم وقوعه فيه لا يمنع من استعماله قياسا

(حل) من حديث المسيب بن واضح عن يوسف بن أسباط عن سفيان عن حجاج بن قرافصة عن يزيد الرقاشي (عن أنس) ويزيد الرقاشي قال في الميزان: تالف وحجاج قال أبو زرعة: ليس بقوي ورواه عنه أيضا البيهقي في الشعب وفيه يزيد المذكور ورواه الطبراني من وجه آخر بلفظ كاد الحسد أن يسبق القدر وكادت الحاجة أن تكون كفرا قال الحافظ العراقي: وفيه ضعف وقال السخاوي: طرقه كلها ضعيفة قال الزركشي: لكن يشهد له ما خرجه النسائي وابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد مرفوعا اللهم إني أعوذ بك من الفقر والكفر فقال رجل ويعتدلان قال نعم

ص: 542

6200 -

(كادت النميمة) أي قارب نقل الحديث من قوم لقوم على وجه الإفساد (أن تكون سحرا) أي خداعا ومكرا أو صرفا للشيء عن وجهه وإخراجا للباطل في صورة الحق فلما كادت النميمة أن تجذب السامع إلى بغض المنقول عنه ويوقع بينه وبين الشرور شبهت بالسحر الحقيقي

(ابن لال) في المكارم (عن أنس) وفيه الكديمي وقد مر غير مرة ضعفه والمعلى بن الفضل قال الذهبي في الضعفاء: له مناكير ويزيد الرقاشي قد تكرر أنه متروك

ص: 542

6201 -

(كافل اليتيم) أي المربي له أو القائم بأمره من نحو نفقة وكسوة وتأديب وغير ذلك (له) كقريبه (أو لغيره)

⦗ص: 543⦘

كالأجنبي (أنا وهو كهاتين) وأشار بالسبابة والوسطى (في الجنة) مصاحبا له فيها وقد تطابقت الشرائع والأديان على الحث على الإحسان إلى اليتيم وحق على من سمع هذا الحديث العمل به ليكون رفيق المصطفى صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة أفضل من ذلك وفيه إشارة إلى أن بين درجة النبي صلى الله عليه وسلم وكافل اليتيم قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى من كلام داود عليه السلام كن لليتيم كالأب الرحيم واعلم أنك كما تزرع تحصد رواه الطبراني وكذا البخاري في الأدب المفرد

(عن أبي هريرة) ورواه البخاري بدون قوله ولغيره اه والتقديم والتأخير مع اتحاد المعنى لا أثر له ورواه الطبراني بزيادة قيل حسن لا بد منه. ولفظه كافل اليتيم أو لغيره إذا اتقى معي في الجنة كهاتين قال الهيثمي: رجاله ثقات والمراد اتقى في التصرف لليتيم

ص: 542

6202 -

(كان أول من أضاف الضيف) أي أول الناس تضيفا (إبراهيم) الخليل قال في النهر: وهو الأب الحادي والثلاثون لنبينا عليه الصلاة والسلام وهو أول من اختتن قال ابن المسيب: وأول من قص شاربه وأول من رأى الشيب والضيف مجازا باعتبار ما يؤول إليه وفي رواية كان يسمى أبا الضيفان كان يمشي الميل والميلين في طلب من يتغذى معه قيل دعا من يأكل معه فحضر فقال له قل بسم الله قال لا أدري ما الله فهبط جبريل فقال يا خليل الله إن الله يطعمه منذ خلقه وهو كافر فبخلت أنت عليه بلقمة وفي الكشاف كان لا يتغذى إلا مع ضيف فلم يجده يوما فإذا هو بفوج من الملائكة بصورة البشر فدعاهم فخيلوا له أن بهم جذاما فقال الآن وجبت مؤاكلتكم شكرا لله على أن عافاني

(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (قرى الضيف عن أبي هريرة)

ص: 543

6203 -

(كان على موسى) بن عمران (يوم كلمه ربه كساء صوف وجبة صوف وكمة صوف) بضم الكاف وتشديد الميم أو بكسر الكاف قلنسوة صغيرة أو مدورة (وسراويل صوف) قال ابن العربي: إنما جعل ثيابه كلها صوفا لأنه كان بمحل لم يتيسر له فيه سواه فأخذ باليسر وترك التكليف والعسر وكان من الاتفاق الحسن أن آتاه الله تلك الفضيلة وهو على تلك اللبسة التي لم يتكلفها وقال الزين العراقي: يحتمل كونه مقصودا للتواضع وترك التنعم أو لعدم وجود ما هو أرفع ويحتمل أنه اتفاقي لا عن قصد بل كان يلبس كل ما يجد كما كان نبينا يفعل (وكانت نعلاه من جلد حمار ميت) يحتمل أنها كانت مدبوغة فذكر في الحديث أصلها وترك ذكر الدباغ للعلم به وجرى العادة بدباغها قبل لبسها ويحتمل أن شرعه استعمالها بدون دباغ ولكونها من جلد ميت في الجملة قيل له {اخلع نعليك إنك بالواد المقدس} أي طأ الأرض بقدميك لتصيب قدميك بركة هذا الوادي الذي من الله به عليك فأخذ اليهود منه لزوم خلع النعلين في الصلاة وليس الأخذ صحيحا كما سبق قال ابن عربي: قد أمر بخلع نعليه التي جمعت ثلاثة أشياء الجلد وهو ظاهر الأمر أي لا تقف مع الظاهر في كل الأحوال الثاني البلادة فإنها منسوبة إلى الحمار الثالث كونه ميتا غير ذكي والموت الجهل وإذا كنت لا تعقل ما تقول ولا ما يقال لك كنت ميت والمناجي لا بد أن يكون بصفة من يعقل ما يقول وما يقال له فيكون حي القلب فطنا بمواقع الكلام غواصا على المعاني التي يقصدها من يناجيه واعلم أن هذا الحديث قد وقع فيه في بعض الروايات زيادة منكرة بشعة قال الحافظ ابن حجر: وقفت لابن بطة على أمر استعظمته واقشعر جلدي منه أخرج ابن الجوزي في الموضوعات الحديث عن ابن مسعود باللفظ المذكور زاد في آخره فقال: من ذا العبراني الذي يكلمني من الشجرة قال: أنا الله قال ابن الجوزي: هذا لا يصح وكلام الله لا يشبه كلام المخلوق والمتهم به حميد الأعرج قال ابن حجر: كلا والله إن حميدا بريء من هذه الزيادة المنكرة وما أدرى ما أقول في ابن بطة بعد هذا

(ت) من حديث حميد بن علي الأعرج عن عبد الله بن الحارث (عن

⦗ص: 544⦘

ابن مسعود) ثم قال الترمذي: سألت البخاري عنه فقال حميد هذا منكر الحديث اه. وذكر مثله في المستدرك ثم قال: هذا أصل كبير في التصوف وعده في الميزان من مناكير الأعرج لكن شاهده خبر أبي أمامة عليكم بلباس الصوف تجدوا حلاوة الإيمان في قلوبكم قال الذهبي: ساقه من طريق ضعيف وسقط نصف السند من النسخة اه وبه عرف أنه لا اتجاه لجعل ابن الجوزي له في الموضوعات لكن قال الزين العراقي: هو حديث غير صحيح وقال المنذري: صححه الحاكم ظانا أن حميدا الأعرج هو ابن قيس المكي وإنما هو ابن علي وقيل ابن عمار أحد المتروكين

ص: 543

6204 -

(كان داود) نبي الله (أعبد) وفي رواية من أعبد (البشر) أي أكثرهم عبادة في زمانه أو مطلقا والمراد أشكرهم قال تعالى {اعملوا آل داود شكرا} أي بالغ في شكري وابذل وسعك فيه قيل جزأ ساعات الليل والنهار على أهله فما من ساعة إلا وإنسان منهم قائم يصلي

(ت ك) في التفسير من حديث فضيل عن محمد بن سعيد الأنصاري عن عبد الله بن يزيد الدمشقي عن أبي إدريس الخولاني (عن أبي الدرداء) قال الحاكم: صحيح فرده الذهبي بأن عبد الله هذا قال أحمد: أحاديثه موضوعة اه وأفاد الهيثمي أن البزار رواه بإسناد حسن وبه يعرف أن المصنف لم يصب حيث آثر الرواية التي فيها الكذب على الرواية الحسنة بل قال في جواهر العقدين: إن الحديث في صحيح مسلم

ص: 544

6205 -

(كان أيوب) النبي عليه السلام (أحلم الناس) أي أكثرهم حلما والحلم سعة الأخلاق (وأصبر الناس) أي أكثرهم صبرا على السقم وصفة الحليم تحمل أثقال الأمر والنهي بالرضى وسعة الصدر (وأكظمهم للغيظ) لأن الله شرح صدره فاتسع لتحمل مساوئ الخلق ومن ثم لما سئل حكيم عن الحلم قال: هو تطييب الأمور في الصدور وسئل علي: ما العلم؟ قال: خشية الرب واعتزال الخلق قيل: فما الحلم قال: كظم الغيظ وملاك النفس

(الحكيم) الترمذي (عن ابن أبزى) الذي وقفت عليه في كتب الحكيم ابن أبزى بفتح الهمزة وسكون الموحدة ثم زاي مقصور الخزاعي صحابي صغير

ص: 544

6206 -

(كان الناس يعودون داود) أي يزورونه (يظنون أن به مرضا وما به شيء إلا شدة الخوف) وفي رواية للحكيم بدله الفرق (من الله تعالى) زاد أبو نعيم في رواية والحياء هذا لفظه وذلك لما غلب على قلبه من الهيبة الجلالية عاين القلب سلطانا عظيما فلم يتمالك لأنه لزمه الوجل حتى كاد يغلق كبده فظهرت العبرة على جوارحه الظاهرة قال يزيد الرقاشي: خرج داود في أربعين ألفا يعظهم ويخوفهم فمات منهم ثلاثون ألفا ورجع في عشرة آلاف وكان له جاريتان اتخذهما حتى إذا جاءه الخوف وسقط فاضطرب قعدتا على رجليه وصدره مخافة أن تتفرق مفاصله فيموت

(ابن عساكر) في ترجمة داود وكذا أبو نعيم والديلمي باللفظ المزبور ولعل المؤلف لم يستحضر كلا منهما عن (ابن عمر) بن الخطاب وفيه عندهما محمد بن عبد الرحمن بن غزوان قال الذهبي: قال ابن حبان يضع وقال ابن عدي متهم بالوضع ورواه عنه أيضا أبو نعيم والديلمي فاقتصار المصنف على ابن عساكر غير سديدة لإيهامه

ص: 544

6207 -

(كان زكريا) بالمد والقصر والشد والتخفيف اسم أعجمي (نجارا) فيه إشارة إلى أن كل أحد لا ينبغي له أن يتكبر

⦗ص: 545⦘

عن كسب يده لأن نبي الله مع علو درجته اختار هذه الحرفة وفيه أن التجارة لا تسقط المروءة وأنها فاضلة لا دناءة فيها فالاحتراف بها لا ينقص من مناصب أهل الفضائل

(حم م) في المناقب (هـ عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا ابن ماجه ولم يخرجه البخاري قال القرطبي: بل الحرف والصنائع غير الدينية زيادة في فضل أهل الفضل لحصول مزيد التواضع والاستغناء عن الغير وكسب الحلال الخالي عن المنة قال: وقد كان كثير من الأنبياء يزاولون الأعمال فآدم الزراعة ونوح التجارة وداود الحدادة وموسى الكتابة كان يكتب التوراة بيده وكل منهم قد رعى الغنم

ص: 544

6208 -

(كان نبي من الأنبياء) إدريس أو دانيال أو خالد بن سنان (يخط) كانت العرب تأخذ خشبة وتخط خطوطا كثيرة على عجل كي لا يلحقها العدد وتمحو خطين خطين وإن بقي زوج فهو علامة النجاح أو فرد فعلامة الخيبة والعرب تسميه الأشحم ذكره الزمخشري. وقال القاضي: قوله يخط أي يضرب خطوطا كخطوط الرمل فيعرف الأحوال بالفراسة بتوسط تلك الخطوط (فمن وافق خطه) أي من وافق خطه خطه في الصورة والحالة وهي قوة الخاطر في الفراسة وكماله في العلم والورع الموجبين لها (فذاك) الذي تجدون إصابته أو فذاك الذي يصيب ذكره القاضي قال: والمشهور خطه بالنصب فيكون الفاعل مضمرا وروي بالرفع فيكون المفعول به محذوفا قال الحكيم: والخط علم عظيم خص به أهله وقيل المراد به الزجر عنه والنهي عن تعاطيه لأن خط ذلك النبي عليه السلام كان معجزة وعلما لنبوته وقد انقطعت نبوته ولم يقل فذلك الخط حرام دفعا لتوهم أن خط ذلك النبي عليه السلام حرام وقال النووي: الصحيح أن معناه أن من وافق خطه فهو مباح له لكن لا طريق لنا إلى العلم باليقين بالموافقة فلا يباح والقصد أنه لا يباح إلا بيقين الموافقة وليس لنا بها يقين اه فقال ابن الأثير: قال ابن عباس الحزر ما يخطه الحازر وهي بمهملة وزاي معجمة أي يحرز الأشياء ويقدرها بظنه وهو علم قد تركه الناس يأتي صاحب الحاجة إليه فيعطيه حلوانا فيقول اقعد حتى أخط وبين يديه غلام بيده منديل فيأتي أيضا رخوة فيخط فيها خطوطا بالعلة ليلا يلحقها العدد ثم يمحوها على مهل خطين خطين وغلامه يقول العيان بن عيان أسرع البيان فإن بقي خطان فعلامة النجح وإلا فالخيبة وهو علم معروف فيه تصانيف

(حم م) في الصلاة (د ن عن معاوية بن الحكم) بفتح الحاء والكاف السلمي قال: قلت يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله بالإسلام إلى أن قال ومنا رجال يخطون فذكره ولم يخرجه البخاري ولا خرج عن معاوية

ص: 545

6209 -

(كان رجل يداين الناس) أي يجعلهم مديونين له وفي رواية رجل لم يعمل خيرا قط وكان يداين الناس (فكان يقول لفتاه) أي غلامه كما صرح به في رواية أخرى (إذا أتيت معسرا) وهو من لم يجد وفاء (فتجاوز عنه) بنحو إنظار وحسن تقاض والتجاوز التسامح في التقاضي وقبول ما فيه نقص يسير (لعل الله) أي عسى الله (أن يتجاوز عنا) قال الطيبي: أراد القائل نفسه لكن جمع الضمير إرادة أن يتجاوز عمن فعل هذا الفعل ليدخل فيه دخولا أوليا ولهذا ندب للداعي أن يعم في الدعاء (فلقي الله) أي رحمته في القبر أو القيامة (فتجاوز عنه) أي غفر له ذنوبه ولم يؤاخذه بها لحسن ظنه ورجائه أنه يعفو عنه مع إفلاسه من الطاعات وأفاد بفضل إنظار المعسر والوضع عنه ولو لما قل وأنه مكفر وفضل المسامحة في الاقتضاء وعدم احتقار فعل الخير وإن قل فلعلها تكون سببا للرحمة والمغفرة

(حم ق ن) في البيع (عن أبي هريرة)

ص: 545

⦗ص: 546⦘

6210 - (كان هذا الأمر) أي الخلافة (في حمير) بكسر المهملة وسكون الميم وفتح المثناة تحت قبيلة بواد من اليمن (فنزعه الله منهم) ببعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم (وجعله في قريش وسيعود إليهم) في آخر الزمان بعد نزعه من قريش

(حم طب عن ذي مخبر) بكسر أوله وسكون المعجمة وفتح الميم ويقال ذو مخبر بموحدة بدل الميمين أخي النجاشي صحابي خدم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم قال الهيثمي: رجالهما ثقات اه ومن ثم رمز المصنف لحسنه لكن قال ابن الجوزي: هذا حديث منكر وإسماعيل بن عياش أحد رجاله ضعفوه وبقية مدلس يروي عن الضعفاء

ص: 546

6211 -

(كان الحجر الأسود أشد بياضا من الثلج حتى سودته خطايا بني آدم) وليس من لازم تسويدها له أن تبيضه طاعات مؤمنيهم كما زعمه بعض الضالين ونسب للجاحظ فقد تكون من فوائد بقائه مسودا أن يأتي سواده شهيدا على الكفار يوم القيامة <فائدة> في أمالي ابن دريد عن الحبر أن آدم أهبط ومعه الحجر الأسود وكان أشد بياضا من الثلج فوضعه على أبي قبيس فكان يضيء بالليل كأنه القمر فحيث بلغ ضوءه كان من الحرم اه

(طب عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه

ص: 546

6212 -

(كان على الطريق غصن شجرة يؤذي الناس فأماطها رجل فأدخل الجنة) بسبب إماطتها

(هـ عن أبي هريرة) ورواه أحمد وأبو يعلى عن أنس ورمز المصنف لحسنه

ص: 546

6213 -

(كبر كبر) أي ليلي الكلام أو يبدأ بالكلام الأكبر وسببه أن عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود انطلقا إلى خيبر وهي يومئذ صلح فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلا فدفنه ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذهب عبد الرحمن يتكلم وهو أحدث القوم فقال فذكره

(حم ق د عن سهل بن أبي حثمة) بفتح الحاء المهملة ومثلثة ساكنة (حم عن رافع بن خديج) ورواه عنه أيضا الترمذي وابن ماجه في الديات والنسائي في القضاء فما أوهمه المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا أولئك غير صواب

ص: 546

6214 -

(كبرت الملائكة على آدم) أربعا في الصلاة عليه زاد الحاكم في روايته وكبر أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم أربعا وكبر عمر على أبي بكر وكبر صهيب على عمر أربعا وكبر الحسن على علي أربعا وكبر الحسين على الحسن أربعا اه. وهذا كما ترى صريح في رد قول الفاكهي أن الصلاة على الجنائز من خصائص هذه الأمة

(ك) عن مبارك بن فضالة عن الحسن (عن أنس) بن مالك (حل عن ابن عباس) قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي بأن مبارك ليس بحجة

ص: 546

6215 -

(كبرت خيانة) أنثه باعتبار التمييز وهو فاعل معنى (أن تحدث أخاك حديثا) في الدين وإن لم يكن أخاك من النسب (هو لك به مصدق وأنت له به كاذب) لأنه ائتمنك فيما تحدثه به فإن كذبته فقد خنت أمانته وخنت أمانة

⦗ص: 547⦘

الإيمان فيما أوجب من نصيحة الإخوان {والله لا يحب الخائنين} قال الطيبي: أخاك فاعل كبرت وأنث الفعل له باعتبار المعنى لأنه نفس الخيانة وفيه معنى التعجب كما في {كبر مقتا عند الله} والمراد خيانة عظيمة منك إذا حدثت أخاك المسلم بحديث وهو يعتمد عليك اعتمادا على أنك مسلم لا تكذب فيصدقك والحال أنك كاذب قال النووي: والتورية والتعريض إطلاق لفظ هو ظاهر في معنى ويريد معنى آخر يتناوله اللفظ لكنه خلاف ظاهره وهو ضرب من التغرير والخداع فإن دعت إليه مصلحة شرعية راجحة على خداع المخاطب أو حاجة لا مندوحة عنها إلا به فلا بأس وإلا كره فإن توصل به إلى أخذ باطل أو دفع حق حرم عليه وعليه ينزل هذا الخبر ونحوه

(خد د) في الأدب (عن سفيان بن أسيد) بفتح الهمزة وإسناده كما قال النووي في الأذكار: فيه ضعف لكن لم يضعفه أبو داود فاقتضى كونه حسنا عنده قال البغوي: ولا أعلم لسفيان غير هذا الحديث وقال المنذري: رواه أبو داود من رواية بقية بن الوليد (حم طب) وكذا ابن عدي (عن النواس) بن سمعان قال المنذري: رواه أحمد عن شيخه عمر بن هارون وفيه خلف وبقية رجاله ثقات وقال الهيثمي: فيه شيخ الإمام أحمد عمر بن هارون ضعيف وبقية رجاله ثقات وقال شيخه العراقي: في حديث سفيان ضعفه ابن عدي وحديث النواس سنده جيد

ص: 546

6216 -

(كبر) أي شق وعظم (مقتا عند الله الأكل من غير جوع) فإنه مذموم شرعا وطبا مورث لأمراض كثيرة وكثيرا ما يفضي إلى الموت فهو كفر لنعمة الحياة (والنوم من غير سهر والضحك من غير عجب) لأنه يقسي القلب وينسي ذكر الرب (وصوت الرنة) أي الصياح (عند المصيبة) أي عند حدوثها (والمزمار عند النعمة)

(فر عن ابن عمرو) بن العاص وفيه عبد الله بن أبان قال الذهبي: قال ابن عدي مجهول منكر الحديث وعمرو بن بكر السكسكي قال ابن عدي: منكر الحديث

ص: 547

6217 -

(كبروا على موتاكم بالليل والنهار أربع تكبيرات) أي كبروا في الصلاة على الجنازة أربع تكبيرات سواء صليتم على موتاكم ليلا أو نهارا

(حم عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه

ص: 547

6218 -

(كبري الله) يا أم هانئ التي قالت يا رسول الله دلني على عمل فإني ضعفت وكبرت وبدنت (مئة مرة) أي قولي (الله أكبر مئة مرة واحمدي الله مئة مرة) أي قولي الحمد لله مئة مرة (وسبحي الله مئة مرة) أي قولي (سبحان الله مئة مرة فإن ذلك خير من مئة فرس ملجم مسرج في سبيل الله) أي فإن ثواب هذه الكلمات أعظم من ثواب إعداد تلك الخيول للجهاد (وخير من مئة بدنة) أي وثوابها أعظم من ثواب مئة بدنة تنحر ويفرق لحمها على المساكين (وخير من مئة رقبة) أي وثوابها أعظم من ثواب عتق مئة رقبة لله تعالى وزاد الحاكم في رواية متقبلة وقول لا إله إلا الله لا تترك ذنبا ولا يشبهها عمل اه

(هـ عن أم هانئ) قالت: يا رسول الله دلني على عمل فإني قد ضعفت وكبرت وبدنت فذكره رمز المصنف لحسنه ورواه الحاكم عن زكريا بن منظور عن محمد بن عقبة عن أم هانئ وصححه وتعقبه الذهبي بأن زكريا ضعفوه وسقط من بين محمد وأم هانئ اه وسند ابن ماجه محرر

ص: 547

6219 -

(كتاب الله القصاص) برفعهما على الابتداء والخبر وحذف مضاف أي حكمة القصاص والإشارة إلى نحو قوله

⦗ص: 548⦘

{فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه} الآية وقوله {وإن عاقيتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} الآية وقوله {والجروح قصاص} وكذا قوله {وكتبنا عليهم فيها} إلى قوله {السن بالسن} إن قلنا إنا متعبدون بشرع من قبلنا إن لم يرد ناسخ ويجوز بنصب الأول على الإغراء أي عليكم كتاب الله والزموا كتاب الله ورفع الثاني على حذف الخبر أي القصاص أوجب أو مستحق والقصاص قتل النفس القاتلة بالنفس المقتولة من غير مجاوزة ولا عدوان

(حم ق د ن هـ عن أنس) بألفاظ متقاربة والمعنى متفق وهذا قاله في قصة كسر الربيع ثنية الأنصارية

ص: 547

6220 -

(كتاب الله) أي القرآن (هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض) أي هو الوصلة التي يوثق عليها فيستمسك بها من أراد الرقي والعروج إلى معارج القدس وجوار الحق كأنه قيل ما السبب الموصل إلى الله الذي في السماء سلطانه فقال: هو التمسك بالقرآن والسبب في أصل اللغة هو الحبل

(ش وابن جرير) الطبري (عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه

ص: 548

6221 -

(كتب الله مقادير الخلائق) أي أجرى القلم على اللوح أو غيره بتحصيل مقاديرها على وفق ما تعلق به وإرادته وليس المراد هنا أصل التقدير لأنه أزلي لا ابتداء له (قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة) معناه طول الأمد وتكثير ما بين الخلق والتقدير من المدد لا التحديد إذ لم يكن قبل السماوات والأرض سنة ولا شهر فلا تدافع بينه وبين خبر الألفين المار قال البيضاوي: أو تقديره ببرهة من الدهر الذي يوم فيه كألف سنة مما تعدون أو من الزمان نفسه قال: فإن قلت كيف يحمل على الزمان وهو على المشهور مقدار حركة الفلك الذي لم يخلق حينئذ قلت فيه كلام وإن سلم فمن زعم ذلك قال بأنه مقدار الفلك الأعظم الذي هو عرش الرحمن وكان موجودا حينئذ بدليل قوله فيما بعده {وكان عرشه على الماء} (وعرشه على الماء) أي قبل خلق السماوات قال بعض أهل التحقيق: ذلك الماء هو العلم قال بعضهم: وفيه صراحة بأن أول المخلوقات العرش والماه والله أعلم بأيهما سبق الآخر ومن وهم أن هذا الخبر يدل على أن أولها العرش فحسب فقد وهم ثم أن ما ذكر من الأولية يعارضه خبر الترمذي أول ما خلق القلم فقال له اكتب فجرى بما هو كائن إلى الأبد وادعى بعضهم أن أول ما خلق الله الماء ثم أوجد منه سائر الأجرام تارة بالتلطيف وأخرى بالتكثيف <تنبيه> قال التونسي: في قوله {وكان عرشه على الماء} بيان استحالة الجهة في حقه تعالى لأن استقرار العرش على الماء فعلم بأنه لما خرقت العادة باستقرار هذا الجرم العظيم الذي هو أعظم الأجرام على الماء الذي ليس من عادة مثله بل ولا عادة أقل منه من الأجرام الراتبة أن يستقر على الماء علم أن الاستواء عليه ليس استواء استقرار وتمكن

(م) في الإيمان بالقدر (عن ابن عمرو) بن العاص ورواه عنه أيضا الترمذي وغيره ولم يخرجه البخاري

ص: 548

6222 -

(كتب ربكم على نفسه بيده قبل أن يخلق الخلق رحمتي سبقت غضبي) هذا على وزان {كتب ربكم على نفسه الرحمة} أي أوجب وعدا أن يرحمهم قطعا بخلاف ما يترتب على مقتضى الغضب من العقاب فإن الله عفو كريم يتجاوز عنه بفضله والمراد بالسيف القاطع بوقوعها ذكره الطيبي وقال القاضي: التزمها تفضلا وإحسانا والمراد بالرحمة ما يعم الدارين قال: والله تعالى غفور رحيم بالذات معاقب بالعرض كثير الرحمة مبالغ فيها قليل العقوبة مسامح فيها اه. وقال التفتازاني: الكتابة باليد تصوير وتمثيل لإثباته وتقديره

(هـ عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه

ص: 548

⦗ص: 549⦘

6223 - (كتب علي الأضحى) أي التضحي (ولم يكتب عليكم) أيها الأمة (وأمرت بصلاة الضحى) أي بفعلها في كل يوم في وقتها المعروف (ولم تؤمروا بها) أي أمر إيجاب بل أمر ندب وهذا من أدلة الجمهور على عدم وجوب التضحية علينا وأوجبها الحنفية على المقيم القادر

(حم طب) وكذا أبو يعلى (عن ابن عباس) قال الذهبي: فيه جابر الجعفي ضعيف جدا بل كذاب رافضي خبيث وقال ابن حجر في التخريج: حديث ضعيف من جميع طرقه وصححه الحاكم فذهل اه. لكن قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح اه

ص: 549

6224 -

(كتب على ابن آدم) أي قضى عليه وأثبت في اللوح المحفوظ وقيل خلق له إرادة وعدة من الحواس وغيرها والأول هو المناسب لمعاني هذا الباب (نصيبه من الزنا) أي مقدماته من التمني والتخطي لأجله والتكلم فيه طلبا أو حكاية أو استماعا ونحوها (مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطا والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه) أي بالإتيان بما هو المقصود من ذلك أو بالترك أو بالكف عنه ولما كانت المقدمات من حيث كونها طلائع وأمارات تؤذن بوقوع ما هي وسيلة إليه تشابه المواعيد والأخبار عن الأمور المتوقعة سمى ترتب المقصود عليها الذي هو كالمدلول لها وعدم ترتبه صدقا وكذبا

(هـ عن أبي هريرة) ورواه البخاري مختصرا

ص: 549

6225 -

(كثرة الحج والعمرة تمنع العلة) التي هي الفقر والمسكنة يعني أنهما سببان للغنى بخاصية فيهما علمها الشارع

(المحاملي) أبو الحسن بن إبراهيم (في أماليه) عن أم سلمة وفيه عبد الله بن شبيب المكي قال الذهبي في الضعفاء: متهم ذو مناكير وفليح بن سليمان قال النسائي وابن معين: ليس بقوي وخالد بن إلياس قال الذهبي: منكر وليس بالساقط

ص: 549

6226 -

(كخ كخ) بفتح الكاف وكسرها وسكون المعجمة مثقلا ومخففا وبكسرها منونة وغير منونة فهي ست لغات وهي كلمة ردع للطفل عن تناول شيء مستقذر قال الزمخشري: وتقال عند التقذر من الشيء أيضا قال:. . . وعاد وصل الغانيات كخا. . . اه. وهي من أسماء الأفعال على ما في التسهيل ومن أسماء الأصوات على ما في حواشيه الهشامية عربية أو معربة وهذه قالها للحسن وقد أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فزجره وقال (ارم بها) وفي رواية اطرحها وفي أخرى ألقها ولا تعارض فإنه كلمه أولا بهذا فلما تمادى قال كخ إشارة إلى استقذار ذلك ويحتمل عكسه (أما) بهمزة الاستفهام وفي رواية بحذفها وهي مرادة (شعرت) بالفتح فطنت يعني أخفي علي فطنتك (أنا) آل محمد صلى الله عليه وسلم (لا نأكل الصدقة) بالتعريف وفي رواية بدونه أي لحرمتها علينا وظاهره يعم النفل لكن السياق خصها بالفرض لأنه الذي يحرم على آله وفيه أن الطفل يجنب الحرام لينشأ عليه ويتمرن وحل تمكينه من اللعب بما لا يملكه حيث لا ضرر ومخاطبة من لا يميز لقصد إسماع المميز إعلاما بالنهي وأخذ منه ندب مخاطبة نحو العجمي بما يفهمه من لغته

(ق عن أبي هريرة)

ص: 549

⦗ص: 550⦘

6227 - (كذب النسابون) قال في الكشاف: يعني أنهم يدعون علم الأنساب وقد نفى الله علمها عن العباد (قال الله تعالى {وقرونا بين ذلك كثيرا} ) يعني هم من الكثرة بحيث لا يعلم عددهم إلا الله قال ابن دحية: أجمع العلماء والإجماع حجة على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا انتسب لا يجاوز عدنان

(ابن سعد) في الطبقات (وابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عباس)

ص: 550

6228 -

(كرامة) وفي رواية إكرام (الكتاب ختمه) زاد القضاعي في روايته وذلك قوله تعالى {إني ألقي إلي كتاب كريم} قيل في تفسيره وصفته بالكرم لكونه مختوما قال العامري: الكرم هنا التكريم للكتاب ويرجع إلى السر المودع فيه وقد يسمى المكتوب كتابا ومآل التكريم يعود إلى المكتوب فيه بصيانة سره بالختم ولما أراد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الكتاب إلى ملوك العجم قيل له لا يقبلون كتابا إلا عليه خاتم فاصطنعه وعن ابن المقنع: من كتب إلى أخيه كتابا ولم يختمه فقد استخف به

(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: وفيه محمد بن مروان السدي الصغير وهو متروك ورواه من هذا الوجه القضاعي والثعلبي والواحدي قال ابن ظاهر: وافقه عندهم محمد بن مروان وهو متروك الحديث وقال العامري: هو جلي حسن

ص: 550

6229 -

(كرم المرء دينه) أي به يشرف ويكرم ظاهرا وباطنا قولا وفعلا وفي رواية للعسكري كرم الرجل تقواه والكرم كثرة الخير والمنفعة لا ما في العرف من الاتفاق والبذل شرفا وفخرا (ومروءته عقله) لأن به يتميز عن الحيوان وبه يعقل نفسه عن كل خلق دنيء ويكفها عن شهواتها الرديئة وطباعها الدنيئة ويؤدي إلى كل ذي حق حقه من حق الحق والخلق فليس المراد بالمروءة ما في عرفكم من جمال الحال والاتساع في المال بذلا وإظهارا فليس كل عاقل يكون له مال يتوسع فيه بذلا وعطاء بل قال الحكماء: المروءة نوعان أحدهما البذل والعطاء والآخر كف الهمة عن الأسباب الدنيئة وهو أتم وأعلا (وحسبه خلقه) بالضم أي ليس شرفه بشرف آبائه بل بشرف أخلاقه وليس كرمه بكثرة ماله بل بمحاسن أخلاقه وقال الأزهري: أراد أن الحسب يحصل للرجل بكرم أخلاقه وإن لم يكن له نسب وإذا كان حسيب الآباء فهو أكرم له. قال العلائي: وحاصل المروءة راجعة إلى مكارم الأخلاق لكنها إذا كانت غريزة تسمى مروءة وقيل المروءة إنصاف من دونك والسمو إلى من فوقك والجزاء مما أوتي إليك من خير أو شر

<تنبيه> قد أخذ أبو العتاهية معنى هذا الحديث فنظمه فقال:

كرم الفتى التقوى وقوته. . . محض اليقين ودينه حسبه

والأرض طينته وكل نبي. . . حوافيها واحد نسبه

(حم ك) في النكاح (هق) من وجهين وضعفهما (عن أبي هريرة) قال الحاكم: على شرط مسلم ورده الذهبي بأن فيه مسلما الزنجي ضعيف وقال البخاري: منكر الحديث وقال الرازي: لا يحتج به

ص: 550

6230 -

(كسب الإماء حرام) أي بالزنا أو الغناء كما يفسره خبر أبي يعلى والديلمي كسب المغنيات والنوات حرام

(الضياء) المقدسي في المختارة (عن أنس) بن مالك قال ابن حجر: وصححه ابن حبان وفي الباب غيره

ص: 550

6231 -

(كسر عظم الميت ككسره حيا)

(حم د هـ عن عائشة)

ص: 550

6232 -

(كسر عظم الميت) المسلم المحترم (ككسر عظم الحي في الإثم) لأنه محترم بعد موته كاحترامه حال حياته قال

⦗ص: 551⦘

ابن حجر في الفتح: يستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته

(هـ عن أم سلمة) وقع في الإمام أن مسلما رواه ورد عليه

ص: 550

6233 -

(كفى بالدهر) وفي رواية بالموت (واعظا) كفى بتقلبه بأهله مرققا ملينا للقلوب مبينا لقرب حلول الحمام لكل إنسان والسعيد من اتعظ بغيره (وبالموت مفرقا) بشد الراء وكسرها قال الحرالي: الواعظ إهزاز النفس بوعود الجزاء وهذا قد عده العسكري من الحكم والأمثال

(ابن السني في عمل يوم وليلة) وكذا العسكري (عن أنس) قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن جاري يؤذيني فقال: اصبر على أذاه وكف عنه أذاك فما لبثت إلا يسيرا إذ جاءه فقال: مات فذكره هذا من بليغ حكمة المصطفى صلى الله عليه وسلم ووجيزها لأنه لما علم أن أسباب العظات كثيرة من العبر والآيات وطوارق الآفات وسوء عواقب الغفلات ومفارقة الدنيا وما بعد الممات قال: في عظة الموت كفاية عن جميع ذلك لأن الموت ينزعه عن جميع محبوباته في الدنيا ومخوفاته إما إلى الجنة وإما إلى ما يكرهه وذلك يوجب المنع من الركون إلى الدنيا والاستعداد إلى الآخرة وترك الغفلة

ص: 551

6234 -

(كفى بالسلامة داء) لأن دوام سلامة العبد في نفسه وأهله من المصائب تورثه البطر والعجب والكبر وتحبب إليه الدنيا لما يألفه من الشهوات وحب الدنيا رأس كل خطيئة والتمتع بالشهوات المباحات يحجب القلوب عن الآخرة وكل ذلك يسقم الدين ويكدر الإيمان ويخرج إلى الطغيان {إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى} لكن هذا لا ينافي طلب العافية المأمور به في عدة أحاديث لأن المطلوب عافية سليمة العاقبة مما ذكر

(فر عن ابن عباس) وفيه عمران القطان قال الذهبي: ضعفه يحيى والنسائي قال الديلمي: وفي الباب أنس

ص: 551

6235 -

(كفى بالسيف شاهدا) قاله لما بلغه أن سعد بن عبادة لما نزل قوله تعالى {والمحصنات من النساء} الآية. قال: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف ولم أمهله لآتي بأربعة شهداء وأخذ بقضيته أحمد فقال: لو أقام بينة أنه وجده مع امرأته فقتله هدر وإن لم يأت بأربعة شهداء وأوجب الشافعي القود لكن قال له فيما بينه وبين الله قتله ثم إن ما ذكر من أن لفظ الحديث شاهدا هو ما وقفت عليه في نسخ الكتاب لكن ذكر ابن الأثير أن الرواية كفى بالسيف أراد أن يقول شاهدا فأمسك ثم قال: لولا أن يتابع فيه الغيران والسكران وجواب لولا محذوف أراد لولا تهافت الغيران والسكران في القتل لتممت على جعله شاهدا وحكمت إلى هنا كلامه

(هـ عن سلمة بن المحبق) وفيه الفضل بن دلهم قال في الكاشف: قال أبو داود وغيره: ليس بقوي

ص: 551

6236 -

(كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما يسمع) يعني لو لم يكن للرجل إثما إلا تحدثه بكل ما يسمعه من غير بينة أنه صدق أم كذب يكفيه من الإثم لأنه إذا تحدث بكل ما يسمعه لم يخلص من الكذب إذ جميع ما يسمع ليس بصدق بل بعضه كذب فعليه أن يبحث ولا يتحدث إلا بما ظن صدقه فإن ظن كذبه حرم وإن شك وقد أسنده لقائله وبين حاله برئ من عهدته وإلا امتنع أيضا ومحل ذلك ما إذا لم يترتب عليه لحوق ضرر وإلا حرم وإن كان صدقا بل إن تعين الكذب طريقا لدفع ذلك وجب

(د ك عن أبي هريرة)

ص: 551

⦗ص: 552⦘

6237 - (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت) أي من يلزم قوته قال الزمخشري: قاته يقوته إذا أطعمه قوتا ورجل مقوت ومقيت وأقات عليه أقاته فهو مقيت إذا حافظ عليه وهيمن ومنه {وكان الله على كل شيء مقيتا} وحذف الجار والمجرور من الصلاة هنا نظير حذفهما في الصفة من قوله تقدس {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا} إلى هنا كلامه وهذا صريح في وجوب نفقة من يقوت لتعليقه الإثم على تركه لكن إنما يتصور ذلك في موسر لا معسر فعلى القادر السعي على عياله لئلا يضيعهم فمع الخوف على ضياعهم هو مضطر إلى الطلب لهم لكن لا يطلب لهم إلا قدر الكفاية لأن الدنيا بغيضة لله وسؤال أوساخ الناس قروح وخموش يوم القيامة قال الحرالي: والضيعة هو التقريظ فيما له غناء وثمرة إلى أن لا يكون له غناء ولا ثمرة

(حم د ك) في الزكاة (هق عن ابن عمرو) بن العاص صححه الحاكم وأقره الذهبي وقال في الرياض: إسناده صحيح ورواه عنه أيضا النسائي وهو عند مسلم بلفظ: كفى بالمرء إثما أن يحبس عن من يملكه قوته وسببه كما في البيهقي: أن ابن عمرو كان ببيت المقدس فأتاه مولى له فقال: أقيم هنا رمضان؟ قال: هل تركت لأهلك ما يقوتهم؟ قال: لا. قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره

ص: 552

6238 -

(كفى بالمرء سعادة أن يوثق به في أمر دينه ودنياه) لأنه إنما يوثق به ويعتمد عليه فيما يخبر عنه عن أمر الدين والدنيا إذا استمرت أحواله من الخلق على الأمانة والعدل والصيانة فثقة المؤمنين به نوع شهادة له بالصدق والوفاء فيسعد بشهادتهم فإنهم شهداء الله في الأرض

(ابن النجار) في التاريخ (عن أنس) بن مالك ورواه القضاعي في الشهاب وقال شارحه العامري: حسن غريب

ص: 552

6239 -

(كفى بالمرء شرا أن يتسخط ما قرب إليه) أي ما قرب له المضيف من الضيافة فإن التكلف للضيف منهي عنه فإذا قدم له ما حضر فسخط فقد باء بشر عظيم لأنه ارتكب المنهي

(ابن أبي الدنيا في) كتاب (قرى الضيف) بكسر القاف (وأبو الحسن بن بشران في أماليه عن جابر) وفيه يحيى بن يعقوب القاضي. قال في الميزان: قال أبو حاتم محله الصدق وقال البخاري: منكر الحديث ثم ساق له هذا الخبر

ص: 552

6240 -

(كفى بالمرء علما أن يخشى الله) إنما يخشى الله من عباده العلماء (وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بنفسه) لجمعه بين العجب والكبر والاغترار بالله. قال الغزالي: وهذه الآفة قلما ينفك عنها العلماء والعباد. قال: ومن اعتقد جزما أنه فوق أحد من عباد الله فقد أحبط بجهله جميع عمله فإن الجهل أفحش المعاصي وأعظم شيء يبعد العبد عن الله وحكمه لنفسه بأنه خير من غيره جهل محض وأمن من مكر الله {ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون} وفي الفردوس من حديث أنس: كان حكيمان يلتقيان فيعظ أحدهما صاحبه فالتقيا فقال أحدهما لصاحبه: عظني وأوجز وأجمع فإني لا أقدر أن أقف عليك من العبادة فقال: احذر أن يراك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك

(هب عن مسروق مرسلا)

ص: 552