الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4787 -
(سيوقد المسلمون من قسى يأجوج ومأجوج) بوزن طالوت وجالوت (ونشابهم وأترستهم سبع سنين) في الكشاف: هما اسمان أعجميان بدليل منع الصرف وهما من ولد يافث وقيل: يأجوج من الترك ومأجوج من الجيل قال ابن العربي: وهما أمتان مضرتان مفسدتان كافرتان من نسل يافث بن نوح وخروجهما بعد عيسى والقول بأنهم خلقوا من مني آدم المختلط بالتراب وليسوا من حواء غريب جدا لا دليل عليه وإنما يحكيه بعض أهل الكتاب وفي التيجان أن أمة منهم آمنوا فتركهم ذو القرنين لما بنوا السد بأرمينية فسموا لذلك الترك والديلم
(هـ عن النواس) بن سمعان
فصل في المحلى بأل من هذا الحرف. [أي حرف السين]
4788 -
(السائحون هم الصائمون) قيل للصائم سائح لأن الذي يسيح في الأرض متعبدا يسيح ولا زاد له فحين يجد يطعم والصائم يمضي نهاره ولا يطعم شيئا فشبه به وأصله من السيح وهو الماء الجاري الذي ينبسط ويمضي إلى غير حد ولا منتهى ذكره في الفردوس
(ك عن أبي هريرة) ورواه عنه ابن منده وأبو الشيخ [ابن حبان] والديلمي وغيرهم
4789 -
(السائمة) أي الراعية العاملة وفي رواية السائبة (جبار) أي هدر لا زكاة فيها (والمعدن جبار) أي ما استخرج من نحو لؤلؤ وياقوت هدر لا شيء فيه (وفي الركاز الخمس) وهو ما دفنه جاهلي في موات مطلقا
(حم عن جابر) قال الهيثمي: فيه مجالد بن سعيد وقد اختلط
4790 -
(السابق والمقتصد يدخلان الجنة بغير حساب والظالم لنفسه يحاسب حسابا يسيرا ثم يدخل الجنة) قاله تفسيرا لقوله تعالى {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات}
(ك) في التفسير عن الأعمش عن رجل (عن أبي الدرداء) سمعه منه جرير الضبي هكذا ورواه عنه الطبراني أيضا قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح
4791 -
(الساعي على الأرملة) براء مهملة التي لا زوج لها (والمسكين) أي الكاسب لهما العامل لمؤونتهما (كالمجاهد في سبيل الله) لإعلاء كلمة الله (أو) كذا بالشك في كثير من الروايات وفي بعضها بالواو (القائم الليل) في العبادة ويجوز في الليل الحركات الثلاث كما في قولهم الحسن الوجه (الصائم النهار) لا يفتر ولا يضعف وأل في المجاهد والقائم معرفة ولذلك جاء في بعض الروايات وصف كل منهما بجملة فعلية بعده وهو كالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر كقوله: ولقد أمر على اللئيم يسبني. ذكره الأشرف ومعنى الساعي الذي يذهب ويجيء في تحصيل ما ينفع الأرملة والمسكين
(حم ق) في الأدب (ت)
⦗ص: 135⦘
في البر (ن) في الزكاة (هـ) في التجارة (عن أبي هريرة)
4792 -
(السباع) بسين مهملة مكسورة ثم باء موحدة على الأشهر وقيل بشين معجمة ذكره المنذري كابن الأثير أي المفاخرة بالجماع هكذا فسره ابن لهيعة أحد رواته (حرام) لما فيه من هتك الأسرار وفضيحة المرأة وهو أن يتساب اثنان فيرمي كل صاحبه بما يسوؤه أو المراد جلود السباع حرام
(حم ع هق عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد وأبي يعلى: فيه دراج وثقه ابن معين وضعفه وغيره اه وقال غيره: فيه أحمد بن عيسى المصري أورده الذهبي في الضعفاء وقال: كان ابن معين يكذبه وهو ثقة اه وبالخلاف تنحط درجة السند عن الصحة فرمز المصنف لصحته فيه ما فيه
4793 -
(السباق أربعة: أنا سابق العرب وصهيب سابق الروم وسلمان سابق الفرس وبلال سابق الحبشة) تمسك بهذا من فضل العجم على العرب فقالوا: فضيلة المسلم سبقه إلى الإسلام وقد ثبت منها للعجم ما لم يثبت للعرب فإن قلتم فقد سبق للإسلام أبو بكر وعمار وأمه وبلال وصهيب والمقداد قلنا فالسباق إذن بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ستة: ثلاثة عرب والثلاثة عجم والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عربي فلم يساو عدد أتباعه من رهطه عدد أتباعه من غيرهم وأجيب بما فيه طول
(البزار) في مسنده عن أنس. قال الهيثمي: ورجاله ثقات (طب ك عن أنس) قال الحاكم: تفرد به عمارة بن زادان عن ثابت. قال الذهبي: وعمارة واه ضعفه الدارقطني اه. وقال الهيثمي: رجال الطبراني رجال الصحيح غير عمارة بن ذادان وهو ثقة وفيه خلاف (طب عن أم هانئ) قال الهيثمي: فيه قائد العطار وهو متروك ورواه الطبراني أيضا عن أبي أمامة. قال الهيثمي: وسنده حسن (عد عن أبي أمامة) قال في الميزان عن أبي حاتم وأبي زرعة: حديث باطل لا أصل له بهذا الإسناد
4794 -
(السبع المثاني) المذكورة في قوله تعالى {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} (فاتحة الكتاب) قاله تفسيرا للآية المذكورة سميت بذلك لأنها سبع آيات باعتبار عد البسملة منها وهو ما نقله البخاري فإن قيل المتبادر من إطلاق الحمد ينفي كونها منها: رد الأول بالمنع وإن سلم فلا ينبغي كونها منها والثاني بأن الحمد مميز دونها
(ك) في فضائل القرآن وكذا أبو الشيخ [ابن حبان] والديلمي (عن أبي) بن كعب قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأرجو أن لا تخرج من المسجد حتى تعلم سورة ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها ثم ذكره صححه الحاكم
4795 -
(السبق ثلاثة فالسابق إلى موسى) بن عمران (يوشع بن نون (1) وهو القائم من بعده (والسابق إلى عيسى) ابن مريم (صاحب يس)(2) حبيب النجار (والسابق إلى محمد علي بن أبي طالب) فأعظم بها من منقبة لعلي وكم له من
⦗ص: 136⦘
مناقب لا يشارك فيها. قال ابن حجر: إن ثبت هذا الحديث دل على أن قصة حبيب النجار المذكورة في يس كانت في زمن عيسى أو بعده وصنيع البخاري يقتضي أنها قبله
(طب وابن مردويه) في تفسيره كلاهما من وجه واحد (عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه الحسن بن أبي الحسن بن أبي الحسين الأشقر وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور وبقية رجاله حديثهم حسن أو صحيح اه. ورواه من هذا الوجه العقيلي في الضعفاء وقال: حسن المذكور شيعي متروك والحديث لا يعرف إلا من جهته وهو حديث منكر
(1) وهو نبي وكان يعمل بشريعة موسى عليه السلام
(2)
الذي قصته مذكورة في سورة يس في قوله تعالى {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون} وذلك أنهم كانوا عبدة أصنام فأرسل إليهم عيسى اثنين فلما قربا من المدينة رأيا حبيبا النجار يرعى غنما فسألهما فأخبراه فقال: أمعكما آية؟ فقالا: نشفي المرضى ونبرئ الأكمه والأبرص وكان له ولد مريض فمسحاه فبرئ فآمن حبيب وفشى الخبر إلى آخر القصة
4796 -
(السبيل) المذكور في قوله تعالى {من استطاع إليه سبيلا} (الزاد والراحلة) سئل عن الآية فذكره. قال القاضي: وهو يؤيد قول الشافعي أنها أي الاستطاعة بالمال ولذلك أوجب الاستنابة على الزمني إذا وجد أجرة النائب وقال مالك: هي بالبدن فتجب على من أمكنه المشي والكسب في الطريق وجعلها أبو حنيفة بمجموع الأمرين
(الشافعي) في مسنده (ت) كلاهما (عن ابن عمر) بن الخطاب وأورده في الميزان في ترجمة محمد بن عبد الله الليثي وقال: ضعفه ابن معين وتركه النسائي (هق عن عائشة) قالت: قيل يا رسول الله ما السبيل في الحج؟ قال: الزاد والراحلة. رمز المصنف لصحته وليس بصواب فقد قال الذهبي في المهذب: فيه إبراهيم بن يزيد وهو ضعيف لكن له شاهد مرسل وآخر مسند عن ابن عباس
4797 -
(السجدة التي في ص) أي في سورة " ص "(سجدها داود) نبي الله (توبة) أي شكرا لله على قبول توبته كما تفسره رواية أخرى (ونحن نسجدها شكرا) لله على قبوله توبة نبيه من خلاف الأولى الذي ارتكبه مما لا يليق بسمو مقامه لعصمته كسائر الأنبياء عن وصمة الذنب مطلقا وما وقع في كثير من التفاسير مما لا ينبغي تسطيره (1) فغير صحيح بل لو صح وجب تأويله لثبوت عصمتهم ووجوب اعتقاد نزاهتهم عن ذلك السفساف الذي لا يقع من أقل صالحي هذه الأمة فضلا عن الأنبياء وخص داود بذلك مع وقوع مثله لآدم وغيره لأن حزنه على ما ارتكبه كان عظيما جدا. وهذا الحديث كما ترى صريح فيما ذهب إليه الشافعي من أن سجدة " ص " ليست من سجدات التلاوة وجعلها أبو حنيفة منها وأول الحديث بأن غايته أن بين السبب في حق داود وفي حقنا وكونها للشكر لا ينافي الوجوب فكل واجب إنما وجب شكرا لتوالي النعم
(طب خط) في ترجمة موسى الختلي (عن ابن عباس) وفيه محمد بن الحسن الإمام أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال: قال النسائي ضعيف. وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من الستة وهو عجب فقد رواه النسائي في سننه عن الحبر أيضا وفي مسند أحمد عن أبي سعيد: رأيت وأنا أكتب سورة " ص " حين بلغت السجدة الدواة والقلم وكل شيء حضر لي ساجدا فقصصتها على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يسجدها
(1) الكلام هنا بشأن سبب توبة داود عليه السلام
هذا وإن ما ورد في تلك التفاسير منقول من الإسرائيليات ولا أصل له في الحديث ولا في سياق الآيات. قال تعالى:
(21)
- وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب
(22)
- إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط
(23)
- إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب
(24)
- قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب
(25)
- فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب
فما وقع هنا هو أن داود عليه السلام حكم بظلم أحد الطرفين بمجرد تكلم خصمه ودون سماع طرفه وهو إنما كان معذورا لفزعه من تسور الخصمين عليه ودخولهما في غير وقت العادة. هذا يؤيده نص الآيات المذكورة وتؤيده الآية التي تلي:
(26)
- يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب
ووجه التأييد هو أن الله تعالى ختم ذكر هذه القصة بهذه الآية فاتضح منها أن الحكمة من تلك الحادثة كانت تقوية داود عليه السلام على الحكم بين الناس بالحق ولو أثناء فزعه
وفي هذا المعنى قال الإمام فخر الدين الرازي في " عصمة الأنبياء " ضمن تفصيل كثير:
الخامس: أن الصغيرة منه إنما كانت بالعجلة في الحكم قبل التثبيت وكان يجب عليه لما سمع الدعوى من أحد الخصمين أن يسأل الآخر عما عنده فيها ولا يقضي عليه قبل المسألة. والمجيب بهذا الجواب قال: إن الفزع من دخولهما عليه في غير وقت العادة أنساه التثبت والتحفظ. دار الحديث]
4798 -
(السجود على سبعة أعضاء: اليدين والقدمين والركبتين والجبهة) يعني أنه يندب وضعها على الأرض حال السجود على ما عليه الرافعي وقال النووي: يجب ويرجح إرادة الأول قوله (ورفع اليدين: إذا رأيت البيت) أي الكعبة إذ لم يقل أحد بوجوبه فيما رأيته (و) رفع اليدين أيضا (على الصفا والمروة و) رفعهما (بعرفة وبجمع) أي بالمزدلفة (وعند رمي الجمار) أي الثلاثة المعروفة (وإذا أقيمت الصلاة) يعني عند التحريم بها وأوجب أحمد الأخير
(طب عن ابن عباس)
⦗ص: 137⦘
4799 - (السجود على الجبهة والكفين والركبتين وصدور القدمين من لم يمكن شيئا منها من الأرض أحرقه الله بالنار) فيه وجوب وضع السبعة أعظم المذكورة مع التحامل عليها وهو المفتى به عند الشافعية خلافا للرافعي منهم بل قضية الخبر أن ترك ذلك كبيرة للتوعد عليه بالنار ومحل بسط ذلك كتب الفروع
(قط في الأفراد عن ابن عمر) بن الخطاب
4800 -
(السحاق بين النساء زنا بينهن) أي مثل الزنا في لحوق مطلق الإثم وإن تفاوت المقدار في الأغلظية ولا حد فيه بل التعزير فقط لعدم الإيلاج فإطلاق الزنا العام على زنا العين والرجل واليد والفم مجاز
(طب عن وائلة) بن الأسقع ورواه عنه الديلمي
4801 -
(السحور كله بركة) أي زيادة في القدرة على الصوم أو زيادة في الأجر (فلا تدعوه) أي لا تتركوه (ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء) فلا يتركه بحال (فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين) وصلاة الله عليهم رحمتهم وصلاة الملائكة استغفارهم لهم وهذا ترغيب عظيم فيه كيف وهو زيادة في القوة وزيادة في إباحة الأكل وزيادة في الرخص المباحة التي يحب الله أن تؤتى وزيادة في الحياة وزيادة في الرفق وزيادة في اكتساب الطاعة فكأنه جعل السحور وقتا لزيادة النعمة ودفعا للنقمة فتدبر
(حم عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي: فيه ابن رفاعة ولم أجد من وثقه ولا من جرحه وبقية رجاله رجال الصحيح اه وبه يعرف ما في رمز المصنف لصحته
4802 -
(السخاء خلق الله الأعظم) أي هو من أعظم صفاته العظمى والخلق بالضم السجية قال الماوردي: وحد السخاء أي في المخلوق بذل ما يحتاج إليه عند الحاجة وأن يوصل إلى مستحقه بقدر الطاقة وتدبير ذلك مستصعب ولعل بعض من يحب أن ينسب إلى الكرم ينكر حد السخاء ويجعل تقدير العطية فيه نوعا من البخل وأن الجود بذل الموجود وهنا تكلف يفضي إلى الجهل بحدود الفضائل ولو كان حد الجود بذل الموجود لما كان للسرف موضعا ولا للتبذير موقعا وقد ورد الكتاب والسنة بذمهما وإذا كان السخاء محدودا فمن وقف على حده يسمى كريما واستوجب المدح ومن قصر عنه كان بخيلا واستوجب الذم. إلى هنا كلامه. وقال الراغب: السخاء هيئة في الإنسان داعية إلى بذل المقتنيات حصل معه البذل أو لا ومقابله الشح. والجود بذل المقتنى ويقابله البخل هذا هو الأصل وقد يستعمل كل منهما محل الآخر وقد عظم الله الشح وحذر منه في آيات كثيرة. وقال في الإحياء: الإمساك حيث يجب البذل بخل والبذل حيث يجب الإمساك تبذير وبينهما وسط هو المحمود والجود والسخاء عبارة عنه ولا يكفي أن يفعل ذلك بجوارحه ما لم يكن قلبه طيبا به وإلا فهو متسخي لا سخي. وقال بعضهم: السخاء أتم وأكمل من الجود وضده البخل وضد السخاء الشح والجود والبخل يتطرق إليهما الاكتساب عادة بخلاف ذينك فإنهما من ضروريات الغريزة فكل سخي جواد ولا عكس والجود يتطرق إليه الرياء ويمكن تطبعه بخلاف السخاء كما في العوارف فلذا قال السخاء ولم يقل الجود
(ابن النجار) في تاريخ بغداد (عن ابن عباس) وضعفه المنذري وظاهره أنه لم يخرجه أحد ممن وضع لهم الرموز مع أن أبا نعيم والديلمي خرجاه عن عمارة باللفظ المزبور بل رواه أبو الشيخ [ابن حبان] ابن حبان في كتاب الثواب
⦗ص: 138⦘
4803 - (السخاء) قال ابن العربي: وهو لين النفس بالعطاء وسعة القلب للمواساة (شجرة من أشجار الجنة أغصانها متدليات في الدنيا فمن أخذ بغصن منها قاده ذلك الغصن إلى الجنة والبخل شجرة من شجر النار أغصانها متدليات في الدنيا فمن أخذ بغصن من أغصانها قاده ذلك الغصن إلى النار) يعني أن السخاء يدل على كرم النفس وتصديق الإيمان بالاعتماد في الخلق على من ضمن الرزق وهو على كل شيء قدير فمن أخذ بهذا الأصل وعقد طويته عليه فقد استمسك بالعروة الوثقى الجاذبة له إلى ديار الأبرار والبخل يدل على ضعف الإيمان وعدم الوثوق بضمان الرحمن وذلك جاذب إلى الخسران وقائد إلى دار الهوان وقيل: ومن أقبح ما في البخيل أنه يعيش عيش الفقراء ويحاسب محاسبة الأغنياء وقيل: البخل جلباب المسكنة والبخيل ليس له خليل <تنبيه> سخاء العوام سخاء النفس ببذل الموجود وسخاء الخواص سخاء النفس عن كل موجود ومفقود غني بالواحد المعبود فلما سخي بالأشياء وعنها اعتمادا على مولاه اكتنفه فمتى عثر في مهلكة تولاه
(قط في الأفراد) وكذا في المستجاد (هب) كلاهما (عن علي) أمير المؤمنين (عد هب) كلاهما عن محمد بن منير المظهري عن عثمان بن شيبة عن أبي غسان محمد بن يحيى عن عبد العزيز بن عمران بن أبي حنيفة عن داود بن الحصين عن الأعرج (عن أبي هريرة) قال مخرجه البيهقي: وهو ضعيف وقال ابن الجوزي: لا يصح داود ضعيف (حل) عن الحسن بن أبي طالب عن عبد الله بن محمد الخلال عن أحمد بن الخطاب بن مهران التستري عن عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي عن عاصم بن عبد الله بن عبد العزيز بن خالد عن الثوري عن أبي الزبير (عن جابر) بن عبد الله قال ابن الجوزي: موضوع عاصم ضعيف وشيخه كذاب ثم قال أبو نعيم: تفرد به عبد العزيز بن خالد وعنه عاصم بن عبد الله (خط) في ترجمة أبي جعفر الطيالسي (عن أبي سعيد) الخدري ثم قال: إنه أعني الحديث حديث منكر ورجاله ثقات اه. (ابن عساكر) في التاريخ (عن أنس) بن مالك لكن مع اختلاف في اللفظ ولفظه عن أنس قال: أول خطبة خطبها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أيها الناس إن الله قد اختار لكم الإسلام دينا فأحسنوا صحبة الإسلام بالسخاء وحسن الخلق ألا إن السخاء شجرة في الجنة وأغصانها في الدنيا فمن كان منكم سخيا لا يزال متعلقا بغصن من أغصانها حتى يورده الله الجنة ألا إن اللؤم شجرة في النار وأغصانها في الدنيا فمن كان منكم لئيما لا يزال متعلقا بغصن من أغصانها حتى يورده الله النار اه. وفيه ضعفاء ومجاهيل (فر عن معاوية) ورواه ابن حبان في الضعفاء عن عائشة. قال الزين العراقي: وطرقه كلها ضعيفة وأورده ابن الجوزي في الموضوع
4804 -
(السخي قريب من الله) أي من رحمته وثوابه فليس المراد قرب المسافة. تعالى الله عنه إذ لا يحل الجهات ولا ينزل الأماكن ولا تكتنفه الأقطار (قريب من الناس) أي من محبتهم فالمراد قرب المودة (قريب من الجنة) لسعيه فيما يدنيه منها وسلوكه طريقها فالمراد هنا قرب المسافة وذلك جائز عليها لأنها مخلوقة وقربه منها برفع الحجاب بينه وبينها وبعده عنها كثرة الحجب فإذا قلت الحجب بينك وبين الشيء قلت مسافته أنشد بعضهم:
يقولون لي دار الأحبة قد دنت. . . وأنت كئيب إن ذا لعجيب
⦗ص: 139⦘
فعلت وما تغني ديار قريبة. . . إذا لم يكن بين القلوب قريب
والجنة والنار محجوبتان عن الخلق بما حفتا به من المكاره والشهوات وطريق هتك هذه الحجب مبينة في مثل الإحياء والقوت من كتب القوم (بعيد من النار والبخيل بعيد من الله) أي من رحمته (بعيد من الناس بعيد من الجنة قريب من النار) وقال الغزالي: والبخل ثمرة الرغبة في الدنيا والسخاء ثمرة الزهد والثناء على الثمرة ثناء على المثمر لا محالة والسخاء ينشأ من حقيقة التوحيد والتوكل والثقة بوعد الله وضمانه للرزق وهذه أغصان شجرة التوحيد التي أشار إليها الحديث والبخل ينشأ من الشرك وهو الوقوف مع الأسباب والشك في الوعد قال الطيبي: التعريف في السخي والبخيل للعهد الذهني وهو ما عرف شرعا أن السخي من هو والبخيل من هو وذلك أن من أدى الزكاة فقد امتثل أمر الله وعظمه وأظهر الشفقة على خلقه وواساهم بماله فهو قريب من الله وقريب من الناس فلا تكون منزلته إلا الجنة ومن لم يكن كذلك فبالعكس ولذلك كان جاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل كما قال: (ولجاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل) فخولف ليفيد أن الجاهل غير العابد السخي أحب إلى الله من العابد العالم البخيل فيا لها من حسنة غطت على عيبين عظيمين ويا لها من سيئة حطت حسنتين خطيرتين على أن الجاهل السخي سريع الانقياد إلى ما يؤمر به من نحو تعلم وإلى ما ينهى عنه بخلاف العالم البخيل <تنبيه> قال الراغب: من شرف السخاء والجود أن الله قرن اسمه بالإيمان ووصف أهله بالفلاح والفلاح أجمع لسعادة الدارين وحق للجود أن يقترن بالإيمان فلا شيء أخص منه به ولا أشد مجانسة له فمن صفة المؤمن انشراح الصدر {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا} وهما من صفة الجواد والبخيل لأن الجواد يوصف بسعة الصدر والبخيل بضيقه اه. ومن أحسن ما قيل فيه:
تراه إذا ما جئته متهللا. . . كأنك تعطيه الذي أنت سائله
(وللمتنبي أيضا:)
تعود بسط الكف حتى لو أنه. . . أراد انقباضا لم تعطه أنامله
ولو لم يكن في كفه غير روحه. . . لجاد بها فليتق الله سائله
<تنبيه> قال ابن العربي: قوله ولجاهل سخي إلخ مشكل يباعد الحديث عن الصحة مباعدة كثيرة وعلى حاله فيحتمل أن معناه أن الجهل قسمان جهل بما لابد من معرفته في عمله واعتقاده وجهل بما يعود نفعه على الناس من العلم فأما المختص به فعابد بخيل خير منه وأما الخارج عنه فجاهل سخي خير منه لأن الجهل والعلم يعود إلى الاعتقاد والسخاء والبخل إلى العمل وعقوبة ذنب الاعتقاد أشد من ذنب العمل
(ت) في الأدب (عن أبي هريرة) وقال أعني الترمذي: غريب (هب عن جابر) بن عبد الله (طس عن عائشة) وفيه عندهم جميعا سعيد بن محمد الوراق قال الذهبي: ضعيف وتبعه الهيثمي ولهذا قال ابن حبان: الحديث غريب وقال البيهقي: تفرد به سعيد الوراق وهو ضعيف اه. لكن هذا لا يوجب الحكم بوضعه كما ظنه ابن الجوزي
4805 -
(السر أفضل من العلانية) لما فيه من السلامة من الوقوع في الرياء وسائر حظوظ النفس ومن ثمة ورد في بعض الآثار أن عمل السر يفضل عمل العلانية بسبعين ضعفا (والعلانية) أفضل (لمن أراد الإقتداء) به في أفعاله وأقواله حبا لأن يعبد الله الخلق بمثل ما يعبده به نصحا لله في ذاته وخلقه
(فر عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه محمد بن الحسين السلمي الصوفي قال الذهبي: قال الخطيب قال لي محمد بن القطان كان يضع للصوفية الأحاديث وبقية قال الذهبي: صدوق لكنه يروي عمن دب ودرج فكثرت العجائب والمناكير في حديثه وعثمان بن زائدة أورده الذهبي في الضعفاء وقال: له حديث منكر وفي اللسان عثمان بن زائدة عن نافع عن ابن عمر حديثه غير محفوظ
⦗ص: 140⦘
4806 - (السراويل) جائز لبسه (لمن لا يجد الإزار) أي لمحرم فقده بأن تعذر عليه تحصيله حسا وشرعا (والخف لمن لا يجد النعل) هذا يدل لما ذهب إليه الشافعي من حل لبس السراويل للمحرم إذا فقد الإزار ولا يحتاج لفتق السراويل وقال مالك: يفتقه فإن لبسه بحاله لزمه فدية والخف كالسراويل فيما ذكر <تنبيه> قال الزمخشري: السراويل معربة هي اسم مفرد واقع في كلامهم على مثال الجمع الذي لا ينصرف كقناديل فيمنعونه الصرف ويقال سروالة قال: عليه من اللؤم سروالة وعن الأخفش: من العرب من يراها جمعا وأن كل جزء من أجزائها سروالة
(د عن ابن عباس) رمز المصنف لصحته كلامه كالصريح في أن ذا لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد عزاه في الفردوس إلى مسلم
4807 -
(السرعة في المشي تذهب بهاء المؤمن) أي مهابته وحسن سمته وهيئته كما سبق تقريره
(خط) وكذا الديلمي (عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي: حديث لا يصح فيه أبو معشر ضعفه يحيى والنسائي والدارقطني
4808 -
(السعادة كل السعادة طول العمر في طاعة الله) لفظ رواية القضاعي فيما وقعت عليه طول العمر في عبادة الله وذلك لأن السعادة من الإسعاد والمساعدة ومن أعانه الله على العبادة وأقدره على القيام بها فقد أسعده وكلما طال عمره استلذ الطاعة واستكره المعصية وكلما كان العمر أطول كانت الفضائل أرسخ وأقوى وإنما مقصود العبادات تأثيرها في القلب ولذلك كره الأنبياء والأولياء الموت والدنيا مزرعة الآخرة فكلما كانت العبادة أكبر بطول العمر كان الثواب أجزل والنفس أزكى وأطهر والأخلاق أقوى وأرسخ
(القضاعي) في مسند الشهاب (فر) وابن زنجويه (عن ابن عمر) بن الخطاب قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن السعادة فذكره. قال الزين العراقي: في إسناده ضعف. وقال شارح الشهاب: غريب جدا وخرجه الخطيب في تاريخه عن ابن عمر وفيه عدي بن إبراهيم البرزوي وقال: إنه لم يكن محمود في الرواية وفيه غفلة وتساهل
4809 -
(السعيد من سعد في بطن أمه والشقي من شقي في بطن أمه) أي السعيد مقدر سعادته وهو في بطن أمه والشقي مقدر شقاوته وهو في بطن أمه وتقدير الشقاوة له قبل أن يولد لا يخرجه عن قابلية السعادة وكذا تقدير السعادة له قبل أن يولد لا يدخله في حيز ضرورة السعادة وقد دل على ذلك الحديث الآني: كل مولود يولد على الفطرة ثم أبواه يهودانه إلخ. وسره أن التقدير تابع للمقدور كما أن العلم تابع للمعلوم. ذكره ابن الكمال
(طص) وكذا البزار والديلمي كلهم (عن أبي هريرة) قال ابن حجر: سنده صحيح وقال السخاوي: سبقه لذلك شيخه العراقي وقال في الدرر: سنده صحيح
4810 -
(السفر قطعة من العذاب) أي جزء منه لما فيه من التعب ومعاناة الريح والشمس والبرد والخوف والخطر وأكل الخشن وقلة الماء والزاد وفراق الأحبة ولا يناقضه خبر سافروا تغنموا إذ لا يلزم من الغنم بالسفر أن لا يكون من العذاب لما فيه من المشقة وقيل: السفر سقر. وقيل فيه:
وإن اغتراب المرء من غير خلة. . . ولا همة يسمو بها لعجيب
⦗ص: 141⦘
وحسب الفتى ذلا وإن أدرك العلا. . . ونال الثريا أن يقال غريب
(يمنع أحدكم طعامه) الجملة استئناف بياني لمقدر تقديره لم كان ذلك فقال يمنع أحدكم طعامه (وشرابه ونومه) بنصب الأربعة بنزع الخافض على المفعولية لأن منع يتعدى لمفعولين الأول أحدكم والثاني طعامه وشرابه عطف عليه ونومه إما على الأول أو الثاني والمراد منع كمالات المدكورات لا أصلها ومما تقرر علم أن المراد العذاب الدنيوي وأما ما قيل من أن المراد العذاب الأخروي بسبب الإثم الناشئ عن المشقة فيه فناشئ عن عدم تأمل قوله يمنع أحدكم إلخ فإن قلت لم عبر العذاب دون العقاب قلت لكون العذاب أعم إذ العذاب الألم كما تقرر وليس كل مؤلم يكون عقابا على ذنب (فإذا قضى أحدكم نهمته) بفتح فسكون رغبته أو مقصوده أو حاجته (من وجهه) أي مقصده وفي رواية إذا قضى أحدكم وطره من سفره وفي رواية فرغ من حاجته (فليعجل) بضم التحتية (الرجوع إلى أهله) محافظة على فضل الجمعة والجماعة وأداء للحقوق الواجبة لمن يمونه وعبر بالنهمة التي هي بلوغ الهمة إشعارا بأن الكلام في سفر لأرب دنيوي كتجارة دون الواجب كحج وغزو. <فائدة> لما جلس إمام الحرمين محل أبيه سئل لم كان السفر قطعة من العذاب فأجاب فورا لأن فيه فراق الأحباب
(مالك) في آخر الموطأ (حم ق هـ عن أبي هريرة)
4811 -
(السفل) بكسر أوله وضمه (أرفق) قاله لأبي أيوب لما نزل عليه بالمدينة فنزل النبي صلى الله عليه وسلم في السفل وأبو أيوب في العلو ثم استدرك أبو أيوب رعاية للأدب فعرض عليه التحول إلى العلو فقال: السفل أرفق أي بأصحابه وقاصديه
(حم عن أبي أيوب) الأنصاري
4812 -
(السكينة عباد الله السكينة) بفتح المهملة والتخفيف الوقار والطمأنينة والرزانة وقرئ في الآية بالكسر والتشديد وقيل: السكينة التأني في الحركات وتجنب العبث والوقار في الهيئة وغض البصر وخفض الصوت ومر معنى آخر وحذف حرف النداء تخفيفا أي الزموا يا عباد الله وقال الظاهر مع طمأنينة القلب وعدم تحركه مما يمتحن به من المؤذيات
(أبو عوانة) في صحيحه (عن جابر) قال: لما أفاض النبي صلى الله عليه وسلم من عرفات قال ذلك
4813 -
(السكينة مغنم وتركها مغرم) قال الديلمي: فعيلة من السكون وهو الوقار وقال غيره: السكينة تطلق على الطمأنينة والسكون والوقار والتواضع قال ابن خالويه: ولا نظير لها أي في وزنها إلا قولهم على فلان ضريبة أي خراج معلوم
(ك في تاريخه) أي تاريخ نيسابور (والإسماعيلي في معجمه) والديلمي (عن أبي هريرة) ثم قال الحاكم: هذا أعجب من كل ما أنكر على سفيان بن وكيع فإنه صحيح الإسناد شاذ المتن
4814 -
(السكينة) بفتح السين (في أهل الشاء والبقر) لأن من حكمة الله في خلقه أن من اغتذى جسمه بجسمانية شيء اغتذت نفسانيته ذلك الشيء وقال بعضهم: إنما خص أهل الغنم والبقر بذلك لأنهم غالبا دون أهل الإبل في التوسع والكثرة وهما من أسباب الفخر والخيلاء وقيل: أراد بأهل الغنم أهل اليمن لأن غالب مواشيهم الغنم والبقر بخلاف ربيعة ومضر فإنهم أصحاب إبل وقال المجد بن تيمية: أصل هذا أن الله جبل بني آدم بل سائر المخلوقات على التفاعل بين الشيئين المتشابهين وكلما كانت المشابهة أقوى وأكثر فالتفاعل في الأخلاق والصفات أتم حتى يؤول الأمر إلى أن لا يتميز أحدهما عن الآخر إلا بالمعنى وكلما كان بين إنسان وإنسان مشاركة في جنس خاص كان التفاعل فيه أشد ثم بينه وبين سائر الحيوان مشاركة في الجنس المتوسط فلا بد من نوع تفاعل بقدره ثم بينه وبين الثبات
⦗ص: 142⦘
مشاركة في الجنس البعيد مثلا فلا بد من نوع ما من المفاعلة لهذا الأصل وقع التأثر والتأثير في بني آدم واكتساب بعضهم أخلاق بعض بالمعاشرة والمشاكلة وكذا الآدمي إذا عاشر نوعا من الحيوان اكتسب بعض أخلاقه فلذلك صار الخيلاء والفخر في أهل الإبل والسكينة في أهل الغنم وصار الجمالون والبغالون فيهم أخلاق مذمومة من أخلاق الجمال والبغال وصار الحيوان الإنسي فيه بعض أخلاق الناس من العشرة والمؤالفة وقلة النفرة فالمشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشاكلة ومشابهة في الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي
(البزار) في مسنده (عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه كثير بن زيد وثقه أحمد وجماعة وفيه ضعف
4815 -
(السلطان ظل الله في الأرض) لأنه يدفع الأذى عن الناس كما يدفع الظل حر الشمس وقد يكنى بالظل عن الكنف والناحية ذكره ابن الأثير وهذا تشبيه بديع ستقف على وجهه وأضافه إلى الله تشريفا له كيد الله وناقة الله وإيذانا بأنه ظل ليس كسائر الظلال بل له شأن ومزيد اختصاص بالله بما جعله خليفة في أرضه ينشر عدله وإحسانه في عباده ولما كان في الدنيا ظل الله يأوي إليه كل ملهوف استوجب أن يأوي في الآخرة إلى ظل العرش قال العارف المرسي: هذا إذا كان عادلا وإلا فهو في ظل النفس والهوى (فمن أكرمه أكرمه الله ومن أهانه أهانه الله) لأن نظام الدين إنما هو بالمعرفة والعبادة وذلك لا يحصل إلا بإمام مطاع ولولاه لوقع التغلب وكثر الهرج وعمت الفتن وتعطل أمر الدين والدنيا فالسلطان حارس وراعي ومن لا راعي له فهو ضال فمن أمان أمير المؤمنين فهو من المهانين <تنبيه> قال بعض العارفين: لا تدعو على الظلمة إذا جاروا فإن جورهم لم يصدر عنهم وإنما صدر عن المظلوم حتى تحكم فيه أو عليه فظهر ظلمه فالحكام متسلطون بحسب الأعمال {إن لكم لما تحكمون} والحاكم الجائر عدل الله في الأرض ينتقم من خلقه به ثم يصيره إليه فإن شاء عفا عنه لأنه آلته وإن شاء عذبه لأنه حقه
(طب هب عن أبي بكرة) وفيه سعد بن أويس فإن كان هو العبسي فقد ضعفه الأزدي وإن كان البصري فضعفه ابن معين ذكرهما الذهبي في الضعفاء
4816 -
(السلطان ظل الله في الأرض) تشبيه وقوله (يأوي إليه كل مظلوم من عباده) جملة مبينة إنما شبهه بالظل لأن الناس يستريحون إلى برد عدله من حر الظلم (فإن عدل كان له الأجر وكان على الرعية الشكر وإن جار (1) أو حاف أو ظلم كان عليه الوزر) أي الوزر العظيم الشديد (وكان على الرعية الصبر) أي يلزمهم الصبر على جوره ولا يجوز لهم الخروج عليه إلا إن كفر ثم إنه لا منافاة بين فرض جوره وما اقتضاه مطلع الحديث من عدله لأن قوله السلطان ظل الله بيان لشأنه وأنه ينبغي كونه كذلك فإذا جار خرج عن كونه ظل الله فهو من قبيل {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى} فرتب على الحاكم الوصف المناسب ونهاه عما لا يناسب أفاده الطيبي (وإذا جارت الولاة قحطت السماء) أي إذا ذهب العدل انقطع القطر فلم تنبت الأرض فحصل القحط لأن الوالي فاصل بين
⦗ص: 143⦘
الحق والباطل فإذا ذهب الفاضل انقطعت الرحمة (وإذا منعت الزكاة هلكت المواشي) لأن الزكاة تنميها والنمو بركة وإذا منعت الزكاة بقي المال بدنسه ولا بقاء للبركة مع الدنس وإذا ارتحلت البركة عن شيء هلك لأن نسله ينقطع (وإذا ظهر الزنا ظهر الفقر والمسكنة) لأن الغنى من فضل الله والفضل لأهل الفرح بالله وبعطائه وبالمناكحة الشرعية يلتقي الزوجان على الفرح بما أعطاهم الله فمن زنا فقد آثر الفرح الذي من قبل العدو على الفرح الذي بفضل الله فأورثه الفقر (وإذا أخفرت الذمة أديل الكفار) لأن المؤمن عاهد الله بالوفاء بذمته فإذا أخفر نقض العهد وإذا نقض وهن عقد المعرفة لأن المعرفة مقرونة بالعهد معقودة به وبنقض العهد يخاف انحلال العقد وبالانحلال تذهب هيبة الإسلام ويقذف الوهن في القلوب
(الحكيم) الترمذي (والبزار) في مسنده وابن خزيمة عن ابن عمر قال الهيثمي: وفيه سعيد بن سنان أبو مهدي وهو متروك (هب) وكذا أبو نعيم والديلمي (عن ابن عمر) بن الخطاب وقضية صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه وأبو المهدي سعيد بن سنان ضعيف عند أهل العلم (2) بالحديث انتهى وسعيد بن سنان هذا ضعفه ابن معين وغيره وقال البخاري: منكر الحديث وساق في الميزان من مناكيره هذا الحديث وجزم الحافظ العراقي بضعف سنده
(1) الجور نقيض العدل وضد القصد والحيف الجور والظلم وضع الشيء في غير موضعه وحينئذ فمعاني الثلاث متقاربة أي فالجمع بينها للإطناب
(2)
[في الأصل: " أهل العز " وهو خطأ مطبعي واضح. دار الحديث]
4817 -
(السلطان ظل الله في الأرض) قال في الفردوس: قيل أراد بالظل العز والمنعة (يأوي إليه الضعيف وبه ينتصر المظلوم) فإن الظلم له وهج وحر يحرق الأجواف ويظمئ الأكباد وإذا أوى إلى سلطان سكنت نفسه وارتاحت في ظل عدله (ومن أكرم سلطان الله في الدنيا أكرمه الله يوم القيامة) وقيل: سلطان عادل خير من مطر وابل وسبع حطوم خير من وال غشوم قال ابن عربي: إقامة الدين هو المطلوب ولا يصح إلا بالأمان فاتخاذ الإمام واجب في كل زمان <فائدة> ذكر حجة الإسلام في الإحياء: أن من خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم أن الله جمع له بين النبوة والسلطان
(ابن النجار) في تاريخ بغداد (عن أبي هريرة)
4818 -
(السلطان ظل الله في الأرض) أي ستره (فمن غشه ضل ومن نصحه اهتدى) قال الماوردي: لا بد للناس من سلطان قاهر تأتلف برهبته الأدوية المخيفة وتجتمع بهيبته القلوب المتفرقة وتكف بسطوته الأيدي المتغالبة وتقمع من خوفه النفوس المتعاندة والمتعادية لأن في طبائع الناس من حب المغالبة والقهر لمن عاندوه ما لا ينكفون عنه إلا بمانع قوي ورادع ملي قال:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد. . . ذا عفة فلعلة لا يظلم
والعلة المانعة من الظلم عقل زاجر أو دين حاجز أو سلطان رادع وعجز صاد إذا تأملت لم تجد خامسا ورهبة السلطان أبلغها لأن العقل والدين ربما كانا مشغوفين بداعي الهوى فتكون رهبة السلطان أشد زجرا وأقوى ردعا
(هب عن أنس) بن مالك وفيه محمد بن يونس القرشي وهو الكديمي الحافظ اتهمه ابن عدي بوضع الحديث وقال ابن حبان: كان يضع على الثقات قال الذهبي في الضعفاء عقبه: قلت انكشف عندي حاله
4819 -
(السلطان ظل الله في الأرض فإذا دخل أحدكم بلدا ليس به سلطان فلا يقيمن به) قال الحكماء: الأدب أدبان أدب
⦗ص: 144⦘
شريعة وأدب سياسة وهو ما عمر الأرض وكلاهما يرجع إلى العدل الذي به سلامة السلطان والأمانة وعمارة البلدان
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (عن أنس) بن مالك ورواه عنه الديلمي
4820 -
(السلطان ظل الرحمن في الأرض يأوي إليه كل مظلوم من عباده فإن عدل كان له الأجر وعلى الرعية الشكر وإن جار وحاف وظلم كان عليه الإصر وعلى الرعية الصبر) قال الزمخشري: الإصر هو الثقل الذي يأصر حامله أي يحبسه في مكانه لفرط ثقله <تنبيه> قال ابن عربي: من أسرار العالم أنه ما من شيء يحدث إلا وله ظن يسجد لله ليقوم بعبادة ربه على كل حال سواء كان ذلك الأمر الحادث مطيعا أو عاصيا فإن كان من أهل الموافقة كان هو وظله سواء وإن كان مخالفا أناب ظله منابه في طاعة الله {ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والأصال} والسلطان ظل الله في الأرض إذ كان ظهوره بجميع صور الأسماء الإلهية التي لها أثر في عالم الدنيا والعرش ظل الله في الأرض في الآخرة فالظلالات أبدا تابعة للصور المنبعثة عنها حسا ومعنى فالحسي قاصر لا يقوى قوى الظل المعنوي للصورة المعنوية لأنه يستدعي نورا مقيما لما في الحس من التقييد والضيق ولهذا نبهنا على الظل المعنوي بما جاء في الشرع من أن السلطان ظل الله فقد بان أن بالظلالات عمرت الأماكن وقد تضمن الحديث من وجوب طاعة الأئمة في غير معصية والإيواء إليهم وبيان ما على السلطان من حياطة رعيته ولهذا قال يأوي إليه كل مظلوم ليمتنع بعز سلطانه من التظلم ويرفع من ظلامته ببرد ظله <تنبيه> عدوا من أخلاق العارفين مخاطبة ظلمة السلاطين باللين بأن يشهد أحدهم أن يد القدرة الإلهية هي الآخذة بناصية ذلك الظالم إلى ذلك الجور وأن الحاكم الظالم كالمجبور على فعله من بعض الوجوه وكصاحب الفالج لا يستطيع تسكين رعدته
<تنبيه> ذهب بعض الصوفية إلى أن المراد بالسلطان في أخبار كثيرة القطب قال العارف ابن عربي: آل محمد لهم إقامة أمر الله من حيث لا يشعر به الأقطاب والأبدال والأوتاد والنقباء والنجباء ولهؤلاء دون آل محمد الإحاطة إقامة لأمر الدين والدنيا من حيث لا يشعرون بمسرى مددهم من آل محمد إلا أن يجدوا أثرا من الآثار لمن يؤيد بروح منهم قال: وكذا لولي الأمر الظاهر من الخلفاء والملوك والسلاطين والأمراء والولاة والقضاة والفقهاء ونحوهم ممن يقوم بهم أمر ظاهر الدين والدنيا من الأقطاب مددا وإقامة من حيث لا يشعرون وذلك أن الأمر كله لله {ألا له الخلق والأمر} {والله من ورائهم محيط}
(فر عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه عمرو بن عبد الغفار قال الذهبي في الضعفاء: قال ابن عدي: اتهم بالوضع وسعيد بن سعيد الأنصاري قال الذهبي: ضعيف
4821 -
(السلطان العادل) بين الخلق (المتواضع) لهم (ظل الله ورمحه في الأرض يرفع له عمل سبعين صديقا) تمامه كما في الفردوس كلهم عابد مجتهد وكأنه سقط من قلم المصنف وذلك لأن رفع الدرجات بالنيات والهمم لا بمجرد العمل ما سبقكم أبو بكر بكثرة صوم ولا صلاة بل بشيء وقر في صدره فإنما هي همم سبقت همما وشتان بين من همته ونيته صلاح العالم وبين من همته ونيته مقصورة على صلاح نفسه وإذا وازنت بين من نيته بالتعلم إحياء وإعلاء السنة وإماتة البدعة وبين من نيته اكتساب مال أو رياسة رأيت بينهما في الفضل والرتبة أبعد مما بين السماء والأرض وهما في التعب سواء وإنما التفاوت بالنية والهمة فالسلطان الذي هذا نعته ليس من الدنيا ولا الدنيا منه فيؤتيه الله ملكا من ملكه ظاهرا وهداية من هدايته باطنا ويضاعف له ثواب الصديقية والظاهر أن المراد بالسبعين التكثير مبالغة كنظائره
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (عن أبي بكر) الصديق ورواه عنه الديلمي أيضا
⦗ص: 145⦘
4822 - (السلف في حبل الحبلة) أي نتاج النتاج (ربا) لأنه بيع ما لم يخلق وعبر بالربا عن الحرام وكأنه اسم عام يقع على كل محرم في الشرع
(حم ن عن ابن عباس) رمز المصنف لصحته ورواه عنه الديلمي
4823 -
(السل شهادة) هو قرحة في الرئة معها حمى دقية وسببه ملازمة بارد يابس كلحم بقر وعفونة خلط
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (عن عبادة بن الصامت) ورواه عنه الديلمي أيضا
4824 -
(السماح رباح) أي ربح قال القالي في أماليه: يريد أن المسامح أحرى أن يربح (والعسر شؤم) أي مذهب للبركة ممحص للنمو منفر للقلوب انظر إلى بني إسرائيل لما شددوا شدد عليهم ولو سامحوا سومحوا تأمل قصة البقرة قال بعض العارفين: من مشهدك يأتيك روح مددك وعلى قدر يقينك تظفر بتمكينك قال العامري في شرح الشهاب: أصل السماحة السهولة في الأمر وذلك لأن سخاء النفس وسعة الأخلاق والرفق بالمعامل من أسباب البركة. والعسر يذهبهما ويوجب الشؤم والخسران
(القضاعي) في مسند الشهاب (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه عبد الرحمن بن زيد قال الذهبي: ضعفه أحمد والدارقطني وآخرون لكن قال العامري في شرح الشهاب: إنه حسن (فر عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا ابن نصر وابن لال ومن طريقهما وعنهما أورده الديلمي فلو عزاه المصنف للأصل لكان أولى وفيه حجاج بن فرافصة أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال أبو زرعة: ليس بقوي اه. ونسبه ابن حبان إلى الوضع وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه وقال الدارقطني: حديث منكر
4825 -
(السمت الحسن والتؤدة) التأني والتثبت وترك العجلة (والاقتصاد) في الأمور بين طرفي الإفراط والتفريط (جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوة) أي هذه الخصال من شمائل أهل النبوة وجزء من أجزاء فضائلهم فاقتدوا بهم فيها وتابعوهم عليها إذ ليس معناه أن النبوة تجزأ ولا أن من جمع هذه الخلال صار فيه جزء من النبوة لأنها غير مكتسبة أو المراد أن هذه الخلال مما جاءت به النبوة ودعى إليها الأنبياء أو أن من جمعها ألبسه الله لباس التقوى الذي ألبسه الأنبياء فكأنها جزء منها
(ت) في البر (عن عبد الله بن سرجس) وقال: حسن غريب وتبعه المصنف فرمز لحسنه قال المناوي: ورجاله موثقون
4826 -
(السمت الحسن جزء من خمسة وسبعين جزءا من النبوة) قال القاضي: كان الصواب أن يقال خمس وفيما قبله أربع على التذكير فلعله أنث بتأويل الخصلة أو القطعة. قال التوربشتي: والطريق إلى معرفة سر هذا العدد مسدود فإنه من علوم النبوة اه. وسبق عن الغزالي طريق معرفة ذلك فلا تغفل
(الضياء) المقدسي (عن أنس) بن مالك
4827 -
(السمع) لأولي الأمر بإجابة أقوالهم (والطاعة) لأوامرهم (حق) واجب للإمام ونوابه (على المرء المسلم فيما أحب أو كره) أي فيما وافق طبعه أو خالفه وهو شامل لأمراء المسلمين في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم وبعده ويندرج
⦗ص: 146⦘
فيهم الخلفاء والقضاة (ما لم يؤمر) أي المسلم من قبل الإمام (بمعصية) الله (فإذا أمر) بضم الهمزة أي بمعصية (فلا سمع) لهم (عليه ولا طاعة) تجب بل يحرم ذلك إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وعلى القادر الامتناع لكن بغير محاربة والفعلان مفتوحان والمراد نفي الحقيقة الشرعية لا الوجودية وفيه تقييد للمطلق في غيره من السمع والطاعة ولو لحبشي ومن الصبر على ما يقع من الأمراء مما يكره والوعيد على مفارقة الجماعة وقد خرج كثير من السلف على ولاة الجور في الفتن واعتزلها البعض ولعل خروج الخارج للخوف على نفسه
(حم ق 4 عن ابن عمر) بن الخطاب
4828 -
(السنة) بالضم الطريقة المأمور بسلوكها في الدين (سنتان سنة في فريضة وسنة في غير فريضة فالسنة التي في الفريضة أصلها في كتاب الله تعالى أخذها هدى وتركها ضلالة والسنة التي أصلها ليس في كتاب الله تعالى الأخذ بها فضيلة وتركها ليس بخطيئة) ففي فعلها الثواب وليس في تركها عقاب
(طس عن أبي هريرة) ثم قال الطبراني: لم يروه عن أبي سلمة إلا عيسى بن واقد. قال الهيثمي: ولم أر من ترجمه
4829 -
(السنة سنتان من نبي) مرسل هكذا هو في رواية الديلمي وكأنه سقط من قبل المصنف (ومن إمام عادل) الذي وقفت عليه في أصول صحيحة من الفردوس مصححة بخط الحافظ ابن حجر السنة سنتان: سنة من نبي مرسل وسنة من إمام عادل اه. بلفظه
(فر عن ابن عباس) وفيه علي بن عبده أي التميمي. قال الذهبي في الضعفاء: قال الدارقطني: كان يضع ومقسم ذكره البخاري في كتاب الضعفاء الكبير وضعفه ابن حزم
4830 -
(السنور) وفي رواية لوكيع وغيره الهر بدل السنور. قال العسكري: وله أسماء خمسة ولفظ السنور مؤنث (سبع) طاهر الذات وإذا كان كذلك فسؤره طاهر لأن أسآر السباع الطاهرة الذات طاهرة قال عياض: يجوز ضم موحدة السبع وسكونها إلا أن الرواية بالضم وقال الحرالي: هو بالضم والسكون وقال ابن عربي: هو بالإسكان والضم تصحيف كذا قال. وقال ابن الجوزي: هو بالسكون والمحدثون يروونه بالضم وأما قول الطيبي يجوز أن يحمل على الاستفهام على سبيل الإنكار على الإخبار وهو الوجه أي السنور سبع وليس بشيطان كالكلب النجس ففيه من التعسف ما لا يخفى
(حم قط ك عن أبي هريرة) قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قوما من الأنصار ودونهم دار فشق عليهم وعاتبوه فقال: لأن في داركم كلبا قالوا: وفي دارهم سنور فذكره وهذا صححه الحاكم ونوزع بقول أحمد حديث غير قوي وبأن فيه عيسى بن المسيب ضعفه أبو داود والنسائي وابن حبان وغيرهم وأورده في الميزان في ترجمته وأعله وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح وقال ابن حجر: رواه العقيلي أيضا وضعفه اه. ولما رواه الدارقطني قال: فيه عيسى بن المسيب صالح الحديث فتعقبه الغرياني بأن أبا حاتم قال: إنه غير قوي وبأن أبا داود قال: ضعيف
4831 -
(السنور من أهل البيت) فما ولغ فيه لا ينجس بولوغه (وإنه من الطوافين أو الطوافات عليكم) يعني كالخدم الذين لا يمكن التحفظ منهم غالبا بل يطوفون ولا يستأذنون ولا يحجبون فكما سقط في حقهم ذلك لضرورة مداخلتهم عفى عن الهر لذلك والقول بأنه تشبيه بمن يطوف للحاجة والمسألة فالأجر في مواساتها كالأجر في مواساة من يطوف للحاجة
⦗ص: 147⦘
زيفوه وجمعها بالواو والنون مع أنها لا تعقل لتنزيلها منزلة من يعقل أو فيه إضمار تقديره إنها من مثل الطوافين وقوله أو الطوافات رواه أحمد بألف وبدونها ونقل النووي الواو عن رواية للترمذي وابن ماجه وأو عن الموطأ ومسند الدارمي قال الولي العراقي: وإسقاط الألف أكثر وبتقدير ثبوتها هو شك من الراوي أو للتقسيم قال النووي: والثاني أظهر لأنه بمعنى روايات الواو وفيه طهارة سؤر الهر وبه قال عامة العلماء إلا أن أبا حنيفة كره الوضوء بفضل سؤره وقال الكمال: هذا الحديث مختلف فيه وعلى كل حال فليس للمطلوب النزاعي حاجة إلى هذا الحديث لأن النزاع ليس في النجاسة للاتفاق على سقوطها بقلة الطرق المنصوصة في قوله إنها من الطوافين إلخ يعني أنها تدخل المضايق ولازمه شدة المخالطة بحيث يتعذر صون الأواني منها بل الضرورة اللازمة من ذلك أسقطت النجاسة كما أنه أوجب الاستئذان وأسقطه عن المملوكين والذين لم يبلغوا الحلم أو عن أهلهم في تمكينهم من الدخول في غير الأوقات الثلاثة بغير إذن للطواف المفاد بقوله تعالى عقبه {طوافون عليكم} إنما الكلام بعد هذا في ثبوت الكراهة أي كراهة ما ولغ فيه اه. واستدل به بعض المالكية على طهارة الكلب لوجود العلة وهي الطواف سيما عند العرب قال ابن دقيق العيد: وهو استدلال جيد وطريق من يريد الجواب أن يبين أن نجاسة الكلب أو سؤره بالنص والحكم المستند إلى النص أقوى من القياس
(حم عن أبي قتادة) قال: كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يأتي دار قوم من الأنصار ودونهم دار فشق عليهم فقالوا: تأتي دار فلان ولا تأتي دارنا؟ قال: إن في داركم كلبا. قالوا: فإن في دارهم سنورا فذكره وقد جوده مالك وحسنه الدارقطني وصححه الحاكم
4832 -
(السواك) بكسر أوله لغة الدلك وعرفا يطلق على العود الذي يستاك به وعلى الفعل واعترضه ابن هشام كأبي شامة بأنه لو كان مصدرا وجب قلب واوه ياء كالقيام فيقال سياك قال: وإنما الخبر على حذف مضاف أي استعمال السواك (مطهرة للفم) أي آلة تنظفه والمطهرة مفعلة من الطهارة بفتح الميم أفصح (مرضاة للرب (1)) وفي رواية لأبي نعيم مرضاة لله والمرضاة مفعلة من الرضى ضد السخط أي مظنة لرضى الله أو سبب لرضاه وذلك لأنه تعالى نظيف يحب النظافة والسواك ينظف الفم ويطيب رائحته لمناجاة الله وهذا كالصريح في ندبه للصائم لأن مرضاة الرب مطلوبة في الصوم أشد من طلبها في الفطر ولأنه طهور للفم والطهور للصائم فضل لكن قيده الشافعية بما قبل الزوال
(حم) من حديث عبد الله بن محمد (عن أبي بكر) الصديق (الشافعي) في المسند (حم ن حب ك هق عن عائشة هـ عن أبي أمامة) ورواه البخاري تعليقا بصحة الجزم وقال الهيثمي: رجاله ثقات إلا أن عبد الله بن محمد لم يسمع من أبي بكر وقال ابن الصلاح: إسناده صالح وقال البغوي: حديث حسن قال النووي في رياضه: أسانيده صحيحة
(1) قوله مرضاة بفتح الميم بمعنى اسم الفاعل أي مرض للرب ويجوز كونه بمعنى المفعول أي مرضي للرب وسئل ابن هشام عن هذا الحديث كيف أخبر عن المذكر بالمؤنث فأجاب ليست التاء في مطهرة للتأنيث وإنما هي مفعلة الدالة على الكثرة كقوله الولد مبخلة مجبنة أي محل لتحصيل البخل والجبن لأبيه بكثرة فقيل استدل بعض أهل اللغة بهذا على أن السواك يجوز تأنيثه فقلت هذا غلط ويلزمه أن يستدل بقوله الولد مبخلة مجبنة على جواز تأنيث الولد ولا قائل به
4833 -
(السواك مطهرة) مصدر بمعنى الفاعل أي مطهر (للفم) أو بمعنى الآلة (مرضاة للرب) إما بمعنى الفاعل أي مرض أو المفعول أي مرضي للرب وعطف مرضاة يحتمل الترتيب بأن تكون الطهارة به علة للرضى وأن يكونا مستقلين
⦗ص: 148⦘
في العلية ذكره الطيبي (ومجلاة للبصر) في مجلاة ما في مرضاة وقد سمعت أن السواك يطلق على العود إلا أن هذا ذكره النووي كجمع ونازعه ابن دقيق العيد بأنه غير متفق عليه. ودخل الكسائي والمأمون على الرشيد وهو يتسوك فقال للكسائي: كيف تأمرك قال: استك فابتسم وقال: ما أفحش هذا الخطاب ثم قال للمأمون وهو طفل: كيف قال: سك فاك قال: يا أمير المؤمنين هكذا فليكن أدب الخطاب
(طس عن ابن عباس) قال الهيثمي: رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا ورواه أبو يعلى والديلمي
4834 -
(السواك يطيب الفم) الذي هو محل الذكر والمناجاة (وبرضي الرب) تمسك بهذا وما قبله من قال بوجوب السواك للصلاة كداود وكذا ابن راهويه فيما قيل قالوا: في تركه إسخاط للرب وإسخاطه حرام فتركه حرام والسواك مذكر على الصحيح وفي المحكم تأنيثه وأنكره الأزهري <تنبيه> قال القاضي عياض: يؤخذ من حديث كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك أنه مما لا يفعله ذو مروءة بحضرة الناس ولا في مسجد وقال صاحب المفهم: فيه دليل على تجنبه بالمساجد والمحافل ولم يرد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه تسوك في مسجد ولا في محفل لأنه من إزالة القذر قال الولي العراقي: وفيه نظر
(طب عن ابن عباس)
4835 -
(السواك نصف الإيمان والوضوء نصف الإيمان) لأن السواك يزيل الأوساخ الظاهرة والوضوء يزيل الظاهرة والباطنة والإيمان مبني على النظافة فكل منهما نصف بهذا الاعتبار
(رسته في كتاب الإيمان عن حسان بن عطية مرسلا) هو صاحب علي كرم الله وجهه
4836 -
(السواك واجب وغسل الجمعة واجب على كل مسلم) أي كل منهما متأكد جدا بحيث يقرب من الوجوب هكذا تأوله جمع جمعا بينه وبين الأخبار المصرحة بعدم وجوبهما وقد حكى بعضهم الإجماع على عدم وجوب السواك لكن حكى الشيخ أبو حامد عن داود أنه أوجبه للصلاة كما مر وحكى الماوردي عنه أنه واجب لكن لا يقدح تركه في صحتها وعن ابن راهويه أنه يجب لها فإن تركه عمدا لا سهوا بطلت. قال النووي: وذلك لا يضر في انعقاد الإجماع على المختار عند المحققين
(أبو نعيم في كتاب السواك عن عبد الله بن عمرو بن حلحلة ورافع بن خديج معا)
4837 -
(السواك من الفطرة) أي من السنة أو من توابع الدين ومكملاته ويحصل بكل ما يجلو الأسنان ولا يكره في وقت من الأوقات ولا في حال من الأحوال إلا للصائم بعد الزوال ومن فوائده أنه يطهر الفم ويرضي الرب وينقي الأسنان ويطيب النكهة ويشد اللثة ويصفي الحلق عن البلاغم والأكدار ويزكي الفطنة ويقطع الرطوبة ويحد البصر ويبطئ الشيب ويسوي الظهر ويضاعف الأجر ويسهل النزع ويذكر الشهادة عند الموت ويرهب العدو ويهضم الطعام ويغذي الجائع ويرغم الشيطان ويورث السعة والغنى ويسكن الصداع وعروق الرأس حتى لا يضرب عرق ساكن ولا يسكن عرق ضارب ويذهب وجع الضرس والبلغم والحفر ويصحح المعدة ويقويها ويزيد في الفصاحة والعقل ويطهر القلب ويبيض الوجه ويوسع الرزق ويسهله ويقوي البدن وينمي الولد والمال وغير ذلك
(أبو نعيم عن عبد الله بن جراد)
⦗ص: 149⦘
4838 - (السواك يزيد الرجل فصاحة) لأنه يسهل مجاري الكلام ويصفي الصوت ويزكي الحواس وينظف الأسنان والفم واللسان واللهوان فيجف فمه ولسانه فيسهل نطقه وتزيد فصاحته ويزداد جمالا وبهاء إذا تكلم
(عق عد) والقضاعي (خط في الجامع) من حديث عمرو بن داود عن سنان بن أبي سنان (عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي: حديث لا أصل له وعمرو وسنان قال العقيلي: مجهولان والحديث منكر غير محفوظ وأورده في الميزان في ترجمة عمرو هذا وقال: مجهول كشيخه والحديث منكر تفرد به معلى بن يعلى بن ميمون ومعلي ضعيف اه وقال الولي العراقي بعد ما عزاه للعقيلي: فيه معلى بن ميمون المجاشعي ضعيف وعمرو بن داود وسنان مجهولان والحديث فيه نكارة
4839 -
(السواك سنة فاستاكوا أي وقت شئتم) لفظ رواية الديلمي فيما وقفت عليه من أصول قديمة من الفردوس مصححة بخط الحافظ ابن حجر فاستاكوا أي وقت النهار شئتم
(فر عن أبي هريرة) وفيه صدقة بن موسى قال الذهبي: ضعفوه عن فرقد قال الذهبي: وثقه ابن معين وقال أحمد: غير قوي وقال النسائي والدارقطني: ضعيف عن أبي المهزم قال الذهبي: ضعفوه اه ورواه أبو نعيم أيضا وعنه تلقاه الديلمي مصرحا فلو عزاه المصنف إلى الأصل لكان أولى
4840 -
(السواك شفاء من كل داء إلا السام والسام الموت) قال ابن القيم: وينبغي أن لا يؤخذ السواك من شجرة مجهولة فربما كانت سما
(فر عن عائشة) ظاهر صنيع المصنف أن الديلمي أسنده وليس كذلك بل ذكره هو وولده بلا سند فإطلاق المصنف العزو إليه غير صواب
4841 -
(السورة التي يذكر فيها البقرة فسطاط القرآن) أي مدينته الجامعة لاشتمالها على أمهات الأحكام ومعظم أصول الدين وفروعه والإرشاد إلى كثير من مصالح العباد ونظام المعاش ونجاة المعاد وفي الفردوس فسطاط القرآن معظم سوره وكل مدينة فيها مجتمع الناس تسمى فسطاطا (فتعلموها) ندبا مؤكدا (فإن تعلمها بركة وتركها حسرة) على تاركها (ولا تستطيعها) أي ولا تستطيع تعلمها أو قراءتها أو إدامة ذلك (البطلة) أي السحرة كذا فسره في الفردوس جمع باطل سموا بذلك لانهماكهم في الباطل أو لبطالتهم عن أمر الدين أو معنى عدم استطاعتهم لها أنهم مع حذقهم لا يوفقون لتعلمها أو التأمل في معانيها أو العمل بما فيها وقيل: المراد أنها من المعجزات التي لا يقدر الساحر أن يعارضها بالسحر بخلاف المعجزات المحسوسة فإنه قد يمكن الساحر محاولة معارضها بالسحر وقال الطيبي: المراد السحرة من الموحدين وأرباب البيان كقوله: إن من البيان لسحرا
(فر عن أبي سعيد) الخدري وفيه إسماعيل بن أبي زياد الشامي قال الذهبي: قال الدارقطني: يضع الحديث
4842 -
(السلام قبل الكلام)(1) لأن في الابتداء بالسلام إشعارا بالسلام وتفاؤلا بالسلامة وإيناسا لمن يخاطبه وتبركا بالابتداء بذكر الله قال الله تعالى {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا} قال ابن القيم: ويذكر عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يأذن لمن لم يبدأ بالسلام قال في الفردوس: والسلام مشتق من السلامة وهي التخلص من الآفات فكانوا في الجاهلية يحيي أحدهم صاحبه بقوله أنعم صباحا وعم صباحا ويبيت اللعن ويقول سلام عليكم فكأنه علامة للمسالمة وأنه
⦗ص: 150⦘
لا حرب ثم جاء الإسلام بالقصر على السلام وإفشائه اه فالمسلم كأنه يقول للمسلم عليه أحييك بأن السلام أي السلامة محيطة بك مني من جميع جهاتك فأنا مسالم لك بكل حال ومنقاد فاقبل عقد هذا التأمين برد مثله
(ت عن جابر) وقال: إنه منكر وقال في الأذكار: حديث ضعيف وأورده في الميزان في ترجمة محمد بن زاذان قال: قال البخاري: لا يكتب حديثه وضعفه الدارقطني وحكم ابن الجوزي بوضعه وأقره عليه ابن حجر ومن العجب أنه ورد بسند حسن رواه ابن عباس في كامله من حديث ابن عمر باللفظ المذكور وقال الحافظ ابن حجر: هذا إسناد لا بأس به فأعرض المصنف عن الطريق الجيد واقتصر على المضعف المنكر بل الموضوع وذلك من سوء التصرف
(1) يحتمل أن المعنى يندب قبل الشروع في الكلام لأنه تحية هذه الأمة فإذا شرع المقبل في الكلام فات محله
4843 -
(السلام قبل الكلام) لأن السلام الواقع في أثناء الكلام يوهم سلام المتاركة وأنها المراد منه لا التحية فلا يليق ذلك (ولا تدعوا أحد إلى الطعام حتى يسلم) فإن السلام تحية أهل الإسلام فما لم يظهر الإنسان شعار الإسلام لا يكرم ولا يقرب والعظم مرتبته السلام واشتماله على ما مر من فوائده العظام كان أول ما ينبغي أن يقرع السمع ويطلع عليه المخاطب والمكاتب يستقر ذلك في النفس ويقع منها أعظم المواقع فيكون أبعث على بلوغ المقصد من الخطاب والكتاب فشرع ذلك عند ابتداء الملاقاة والمكاتبات وما ألحق بذلك من المفارقة وفي المجموع السنة أن يبدأ بالسلام قبل كل كلام للأخبار الصحيحة وعمل الأمة على ذلك
(ع عن جابر) قال الهيثمي: في إسناده من لم أعرفه وقال ابن القيم: هذا وإن كان إسناده وما قبله ضعيف فالعمل عليه وقد اعتضد بإسناد أحسن منه وهو إسناد هذا الخبر الذي ذكره بقوله
4844 -
(السلام قبل السؤال فمن بدأكم بالسؤال قبل السلام فلا تجيبوه) لإعراضه عن السنة قال العلماء: من سلم على غيره فقد أمنه من شره وعاهده على ذلك فلا ينقض ما جعل له من ذلك
(مهمة) قال ابن عربي: إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أو سلمت على أحد في الطريق فقلت السلام عليكم فأحضر في قلبك كل عبد صالح لله من عباده في الأرض والسماء وميت وحي فإن من في ذلك المقام يرد عليك فلا يبقى ملك مقرب ولا روح مطهر يبلغه سلامك إلا ويرد عليك وهو دعاء فيستجاب فيك فتفلح ومن لم يبلغه سلامك من عباد الله المهيمين في جلاله المشتغل به فأنت قد سلمت عليه بهذا الشمول فإن الله ينوب عنه في الرد عليك وكفى بهذا شرفا لك حيث يسلم عليك الحق فليته لم يسمع أحد ممن سلمت عليه حتى ينوب عن الكل في الرد عليك
(ابن النجار) في تاريخ بغداد (عن عمر) وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو ذهول فقد خرجه أحمد من حديث ابن عمر
4845 -
(السلام تحية لملتنا) أي سبب لبقائها ودوام ملكها وحياة القلوب فيها وبقاء الألفة بين أهل الإسلام بإفشاء السلام وبذل السلامة من بعضهم لبعض على الدوام (وأمان لذمتنا) أي يشعر بأمانك لمن سلمت عليه ووفاء بعهد الإسلام وضمانه الذي عاهدت عليه وهو سلامة من يده ولسانه فكأن المسلم جدد العهد فيجب ألا يخفر لذمته بعد السلام <تنبيه> قال ابن دقيق العيد: فيظهر أن التحية بغير لفظ السلام من باب ترك المستحب لا مكروه إلا إن قصد به العدول عن السلام إلى ما هو أظهر في التعظيم من أجل أكابر أهل الدنيا وكان تحية من قبلنا السجود لمن يلقونه فحرم علينا السجود لغير الله وأعطينا مكانه السلام فهو من خصوصياتنا على ما اقتضاه هذا الخبر قال في شرح رسالة ابن أبي زيد: كان للناس في جاهليتهم ألفاظ يتلاقون بها ويتراحبون بها التماسا منهم للبقاء على أحسن الحالات والبعد عن الآفات سيما في حق من لم يتمكن من أسباب الدنيا فلا يشتهي إلا دعوة تقتضي بقاءه على حاله أو كلمة يسمعها يتفاءل بها لذلك كقول بعضهم عم صباحا عم مساء ابق ببقاء الليالي فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: " السلام تحية لملتنا " يعني به
⦗ص: 151⦘
أن الملتمس من كلمات مرت هو البقاء على صفة محبوبة مشتهاة عند الأنام وأفضل من ذلك كله الاتصاف بالسلامة المبعدة عن الظلامة ولذلك سمى الله به الجنة بقوله: {والله يدعو إلى دار السلام} وقال الإمام الرازي: عادة العرب قبل الإسلام إذا لقي بعضهم بعضا أن يقولوا حياك الله واشتقاقه من الحياة كأنه يدعو له بالحياة فلما جاء الإسلام أبدل الله ذلك بالسلام وقال الراغب: أصل التحية الدعاء بطول الحياة ثم استعملت في كل دعاء وكانت العرب إذا لقي بعضهم بعضا يقول حياك الله ثم استعملها الشرع في السلام قالوا: في السلام مزية على التحية لأنه دعاء بالسلامة من الآفات الدينية والدنيوية وهي مستلزمة بطول الحياة وليس في الدعاء بطولها ذلك
(القضاعي) في مسند الشهاب (عن أنس) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر من القضاعي وهو عجب فقد خرجه الطبراني والديلمي باللفظ المزبور عن أبي أمامة
4846 -
(السلام اسم من أسماء الله) كما قال {هو السلام المؤمن} (وضعه) في رواية جعله (الله في الأرض فأفشوه بينكم (1) فإن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب) وهم الملائكة الكرام (2) . <تنبيه> ما ذكر من أن السلام اسم من أسمائه تعالى لا يعارض ما قرره جمع من أن السلام دعاء بالسلامة ملحوظ فيه التأمين بقوله تعالى {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} قال بعض العارفين: كل اسم من أسمائه سبحانه يبلغك رتبة من المراتب إذا دعوت به فاسم السلام يبلغك سلامته كما أن الرحمن يبلغك رحمته إذا دعوت به
(البزار) في مسنده (هب عن ابن مسعود) قال المنذري: رواه البزار والطبراني وأحد إسنادي البزار جيد قوي وقال الهيثمي: رواه البزار بإسنادين أحدهما رجاله رجال الصحيح اه. وقال ابن حجر في الفتح: رواه البزار والطبراني مرفوعا وموقوفا وطرق الموقوف أصح فحكم ابن الجوزي بوضعه غير صواب
(1) بأن تسلموا على كل من لقيتموه من المسلمين ممن يشرع عليه السلام
(2)
فخواص الملائكة أفضل من عوام البشر وفيه أن البدء السلام وإن كان سنة أفضل من جوابه وإن كان واجبا
4847 -
(السلام اسم من أسماء الله عظيم جعله ذمة بين خلقه) قال القرطبي: ومعنى السلام في حقه تعالى أنه المنزه عن النقائص والآفات التي تجوز على خلقه وعليه فمعنى قول المسلم السلام أي مطلع عليك وناظر إليك فكأنه يذكره باطلاع الله تعالى عليه ويخوفه ليأمن منه ويسلم من شره وإذا دخلت أل على اسم الله كانت تفخيما وتعظيما أي الله العظيم السليم من النقائص والآفات المسلم لمن استجاره من جميع المخلوقات. <تنبيه> كثيرا ما يقع لبعض الناس أن يمر بمسلمين فيهم ذمي فيقول: السلام على من اتبع الهدى وذلك لا يجزئ في السنة كما أفتى به السيوطي فإنه إنما شرع في صدور الكتب إلى الكفار فعليه أن يسلم باللفظ المعروف ويقصد بقلبه المسلم فقط (فإذا سلم المسلم على المسلم فقد حرم عليه أن يذكره إلا بخير (1)) فإنه أمنه وجعله في ذمته وفي ذكره بالسوء غدر والغدر عار وشنار فاحذر أيها المسلم بعد هذا الأمان وعقدك المسالمة بهذا السلام من النكث {فمن نكث فإنما ينكث على نفسه} فإياك أن يصدر منك في حق من
⦗ص: 152⦘
حييته بالسلام أذى أو تضمر له بغضا فتكون ناقضا لعهد الأمان فتبوء بالحرمان والخسران
(فر عن ابن عباس) وفيه عطاء بن السائب أورده الذهبي في الضعفاء وقال أحمد: من سمع منه قديما فهو صحيح
(1) والظاهر أن ذلك يصير أشد تحريما من غيره فذكر المسلم بالسوء حرام مطلقا
4848 -
(السلام تطوع والرد فريضة) أي الابتداء بالسلام تطوع غير واجب ورد السلام على المسلم المسلم فريضة واجبة بشروط مبينة في الفروع. قال الحافظ العراقي: رد السلام واجب فيأثم تاركه إذا كان ابتداؤه مستحبا ويفسق بتكرر ذلك منه
(فر عن علي) أمير المؤمنين وفيه حاجب بن أحمد الطوسي. قال الذهبي: ضعيف معروف وفيه أيضا رجل مجهول
4849 -
(السيد) حقيقة هو (الله) لا غيره أي هو الذي يحق له السيادة المطلقة فحقيقة السؤدد ليست إلا له إذ الخلق كلهم عبيده. قال الزمخشري: والسيد فيعل من ساد يسود قلبت واوه ياء لمجامعتها الياء وسبقها إياها بالسكون اه وقال الراغب: سيد الشيء هو الذي يملك سواده أي شخصه جميعه وقال الدماميني: السيد عند أهل اللغة من أهل للسؤدد وهو التقديم يقال ساد قومه إذا تقدمهم وهذا قاله لما خوطب بما يخاطب به رؤساء القبائل من قولهم أنت سيدنا ومولانا فذكره إذ كان حقه أن يخاطب بالرسول أو النبي فإنها منزلة ليس وراءها منزلة لأحد من البشر فقال السيد الله حول الأمر فيه إلى الحقيقة أي الذي يملك النواصي ويتولى أمرهم ويسوسهم إنما هو الله ولا يناقضه أنا سيد ولد آدم لأنه إخبار عما أعطي من الشرف على النوع الإنساني واستعمال السيد في غير الله شائع ذائع في الكتاب والسنة (1) قال النووي: والمنهي عنه استعماله على جهة التعاظم لا التعريف واستدل بعضهم بهذا الخبر أن السيد اسما من أسماء الله تعالى
(حم د) في الأدب (عن عبد الله بن الشخير) بكسر الشين وشد الخاء المعجمتين ابن عوف العامري وسكت عليه أبو داود ثم المنذري ورواه أيضا عنه النسائي في يوم وليلة وسببه أن رجلا جاء إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال له: أنت سيد قريش فقال: السيد الله (2) قال: أنت أعظمها فيها طولا وأعلاها قولا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان أنا عبد الله ورسوله
(1) [ونذكر بعض المواضع التي ورد فيها لفظ السيادة في القرآن والسنة:
قال الله تعالى: فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين. وقال: واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:
الحديث 2167: إن ابني هذا سيد. . . رواه البخاري. والحديث 2692: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة. . . رواه مسلم. والحديث 2693: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر. . . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه. والحديث 4746: سيد الشهداء عند الله يوم القيامة. . . رواه الحاكم والطبراني. والحديث 4758: سيد كهول أهل الجنة أبو بكر وعمر. . . رواه الخطيب. والحديث 4759: سيدات نساء أهل الجنة أربع:. . . رواه الحاكم. والحديث 6164: قوموا إلى سيدكم. رواه أبو داود
أما لفظ السيادة لغير الأشخاص فقد ورد منها في السنة: سيد الاستغفار. . . سيد الأعمال. . . سيد الأيام. . . سيد الشهور. . . سيد السلعة
فيظهر من تلك الآيات والأحاديث أن استعمال لفظ " السيد " جائز في غير الله وإنما يحرم ادعاء السيادة الحقيقية التي ليست إلا لله كما مر
وقد اختلف بشأن التشهد: أيهما أفضل الإتيان بلفظ السيادة أم عدمه في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم. غير أن البعض في زماننا تعسفوا وأنكروا على من استعمل لفظ السيادة ولا يصح إنكارهم إلا بضرب القرآن والسنة بعضهما ببعض وعدم ردهم ذلك إلى علماء السلف أمثال الإمام المناوي والنووي وغيرهم
وقد نهينا في أحاديث كثيرة عن ذلك التضارب وعن عدم الرجوع إلى أقوال العلماء. فمن تلك الأحاديث:
مهلا يا قوم. بهذا هلكت الأمم من قبلكم: باختلافهم على أنبيائهم وضربهم الكتب بعضها ببعض. إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضا بل يصدق بعضه بعضا. فما عرفتم منه فاعملوا وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه. (رواه الإمام أحمد عن ابن عمرو كما في كنز العمال)
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:. . . أبهذا أمرتم أبهذا عنيتم؟ إنما هلك الذين من قبلكم بأشباه هذا: ضربوا كتاب الله بعضه ببعض. أمركم الله بأمر فاتبعوه ونهاكم عن شيء فانتهوا. (قط في الأفراد والشيرازي في الألقاب كر كما في كنز العمال)
دار الحديث]
(2)
وإنما منعهم أن يدعوه سيدا مع قوله أنا سيد ولد آدم من أجل أنهم قوم حديثو عهد بالإسلام وكانوا يحسبون السيادة بالنبوة كهي بأسباب الدنيا وكان لهم رؤساء يعظمونهم وينقادون لأمرهم فقال: قولوا بقولكم يريد قولوا بقول أهل دينكم وملتكم وادعوني نبيا ورسولا كما سماني الله في كتابه ولا تسموني سيدا كما تسمون رؤساءكم وعظماءكم ولا تجعلوني مثلهم فإني لست كأحدهم إذ كانوا يسودونكم في أسباب الدنيا وأنا أسودكم بالنبوة والرسالة فسموني نبيا ورسولا اه. وقد اختلف هل الأولى الإتيان بلفظ السيادة في نحو الصلاة عليه أو لا؟ والراجح أن لفظ الوارد لا يزاد عليه بخلاف غيره
4850 -
(السيوف مفاتيح الجنة) أي سيوف الغزاة (1) كما سبق تقريره بما فيه
(أبو بكر في الغيلانيات) عن يزيد الأبي وفيه الكديمي (وابن عساكر) في التاريخ (عن يزيد بن شجرة) الرهاوي صحابي مشهور من أمراء معاوية وفيه بقية وحاله مشهور وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأشهر من هذين وهو عجيب مع وجوده في كتاب شهير يكثر النقل منه وهو المستدرك فرواه فيه باللفظ المزبور عن يزيد المذكور
(1) أي الضرب بها ينتج دخول الجنة مع السابقين لأن أبواب الجنة مغلقة لا يفتحها إلا الطاعة والجهاد من أعظمها
4851 -
(السيوف أردية المجاهدين) أي هي لهم بمنزلة الأردية فلا يطلب للمتقلد منهم بسيف إسبال الرداء بل يصيره
⦗ص: 153⦘
مكشوفا ليعرف ويهاب
(فر عن أبي أيوب) الأنصاري وفيه ذؤيب بن عمامة السهمي أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال الدارقطني ضعيف والوليد بن مسلم ثقة مدلس (المحاملي في أماليه عن زيد بن ثابت) ورواه عنه أبي أيوب أيضا أبو نعيم ومن طريقه تلقاه الديلمي مصرحا فعزو المصنف للفرع إهمال الأصل غير جيد