الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة المؤلفة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين أما بعد،،
فإن من سنن الله أن يبتلى عباده المؤمنين وأكملهم الأنبياء ولهذا كانوا أكثر بلاء ـ وان من مظاهر ذلك أن خلق الله من يعاديهم فخلق لإبراهيم عليه السلام النمرود، ولموسى عليه السلام فرعون، ولمحمد صلى الله عليه وسلم أبا جهل وأبا لهب {وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيراً}
وبعد الأنبياء يبتلى الصالحون الأمثل فالأمثل وإن من بين هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية الذي شهد التاريخ وسجل في صفحاته كم لاقى من صنوف البلاء وأنواع المحن إلا ان هناك محنة وقع فيها تكاد تكون مشتركة لأكثر الناس وهي محنة الافتراء والكذب والظلم للإنسان حسداً أو حقداً أو كرهاً، أو لغير ذلك من الأسباب، وقد يطعن الطاعن فيه جهلاً من غير قصد كأن لم يتحقق من كلامه بل من وشاية سمعت، أو ظاهر عبارة لم يقصد مرادها وله نص صريح يخالف هذا الظاهر ولم يقف عليه الطاعن، أو غير ذلك.
ولقد كثر الطعن في شيخ الإسلام بسبب ما نسب إليه من القول بقدم العالم وأنه وافق في ذلك الفلاسفة من أمثال ابن سينا والفارابي وابن رشد الحفيد وحكموا عليه بالضلال أو الكفر!!!!
وليست هذه الفرية من صنع أجيال اليوم وأقلام الحاضر بل هي من قرون قديمة من صنع معاصريه ثم استمرت إلى زماننا هذا حتى تورط بعض محبي شيخ الإسلام ومن هم على عقيدة السلف الكرام، بمقالة الطاعنين بل صرحوا
بمخالفة ما قاله شيخ الإسلام.
وكم كنت أتمنى أن يدافع عنه العلماء القادرون وبخاصة من أهل نجد أو الحجاز الذين اشتهروا بالدفاع عن عقيدة السلف وحمل لوائه ونشره.
ولم أر في عيوب الناس عيباً
…
كنقص القادرين على التمام
وقد فكرت منذ زمن أن أكتب في هذا الموضوع إلا أني كنت أقدم رجلاً وأؤخر أخرى، أما سبب إقدامي فسأذكره في الباعث على الخوض في هذا الموضوع، وأما تأخيرها فخشية عدم الاتقان والتوفيق وقد قال شيخ الإسلام في درء التعارض (1/357) :
فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه، ولا وفى بموجب العلم والإيمان، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس، ولا أفاد كلامه العلم واليقين ا 0 هـ.
ثم شرح الله صدري للكتابة مستعينة به ومتوكلة عليه {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}
الباعث على الخوض في غمار هذا الموضوع:
الذي دعاني للكتابة في هذا الموضوع أمور:
1-
علمي بالظلم الذي وقع على شيخ الإسلام في هذه المسألة حتى نسب إلى الكفر!!!
2-
استمرار أهل الباطل في نشر هذا الطعن والاتهام بكل وسائل الدعوة المرئية والمكتوبة والمسموعة حتى صدق محبو شيخ الإسلام هذه الفرية بل وكانوا على استحياء منها وودوا ألا يلج ابن تيمية هذا المولج!!
3-
أنني لم أجد من جلّى هذه المسألة ووضحها وإن كان لبعضهم جهد مشكور سأذكره.
4-
وقوع كثير من طلبه العلم الذين هم على عقيدة السلف في اللبس، وعدم فهم مراد شيخ الإسلام مع انهم يعتقدون بأن الله لم يزل فعالاً وخالقاً ومتكلماً، وهذا هو مراد شيخ الإسلام كما سيتضح، وبعضهم يقول هو خالق بالقوة وهذا تجويز لحوادث لا أول لها كما سيأتي.
5-
إحجام أهل الحق عن الكتابة خشية طعن الخصوم، وخشية عدم فهم كلام شيخ الإسلام.
الجهود السابقة في الموضوع:
هناك جهود وكتب في هذا الموضوع منها:
1-
شرح الصدر في السؤال عن أول هذا الأمر لمنصور بن عبد العزيز السماري.
2-
موقف ابن تيمية من الأشاعرة د 0 عبد الرحمن المحمود.
3-
موسوعة أهل السنة لعبد الرحمن دمشقية.
4-
دفع الشبه الغوية عن شيخ الإسلام ابن تيمية لمراد شكري.
5-
الأصول التي بنى عليها المبتدعة مذهبهم في الصفات د 0 عبد القادر صوفي.
وهناك مؤلفات شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم في هذه المسألة.
منهجي في البحث: -
سلكت في كتابة البحث المنهج الآتي: -
1-
ذكرت الأدلة التي للمتكلمين على هذه المسألة.
2-
وضحت أهم المصطلحات التي تعين على فهم المقصود.
3-
بينت الفرق بين قول الفلاسفة وقول ابن تيمية.
4-
جعلت مبحثاً خاصاً نقلت فيه أقوال شيخ الإسلام من الفتاوى، ومنهاج السنة، ودرء التعارض، ينكر فيه قدم العالم أو ان الله موجب بالذات، وقد أكثرت من هذه النقولات حتى يقول القارىء: لقد أيقنت أن شيخ الإسلام لا يقول بقول الفلاسفة!
5-
أفردت مبحثاً خاصاً نقلت فيه أبيات ابن القيم في النونية في القدم النوعي وأثبتها سواء كانت في أول الكتاب، أم وسطه، أم في آخره مع شرح خليل هراس ليكون مراجعة للقارئ لها نظماً بعد ان قرأ الموضوع نثراً، وبخاصة أنني أحقق الكتاب وسيخرج قريباً إن شاء الله
خطة البحث:
قسمت البحث إلى تمهيد وموضوع وخاتمة.
أما التمهيد فقد ذكرت فيه فرعين:
الفرع الأول: بيان أساس المسألة والمدخل لتصورها.
الفرع الثاني: بيان الأصل الذي بنى عليه المبتدعة مذهبهم.
أما الموضوع ففيه خمسة مباحث:
المبحث الأول: بيان المصطلحات التي تعين على فهم الموضوع وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: القدم النوعي.
المطلب الثاني: الحوادث.
المطلب الثالث: التسلسل.
المبحث الثاني: أقوال الناس في المسألة وفيه مطلبان:
المطلب الأول: قول المتكلمين وفيه تمهيد وفرعان:
أما التمهيد ففيه بيان اختلاف المتكلمين في هذه المسألة.
وأما الفرعان فهما:
الأول: قول الجهمية والرد عليهم.
الثاني: قول الكلابية والأشعرية مع ذكر أدلتهم والرد عليها.
المطلب الثاني: قول السلف وأدلتهم على ذلك.
المبحث الثالث: المخالفون لابن تيمية ونقل كلامهم في ذلك.
المبحث الرابع: النقول المستفيضة عن ابن تيمية في إنكاره قدم العالم، والفرق بين قوله وقول الفلاسفة.
المبحث الخامس: ذكر أبيات نونية ابن القيم المتعلقة بالموضوع مع شرح خليل هراس.
الخاتمة: وفيها خلاصة البحث.