المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الرد على من ينكر الاحتجاج بخبر الواحد: - كتابة السنة النبوية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وأثرها في حفظ السنة النبوية

[أحمد عمر هاشم]

الفصل: ‌الرد على من ينكر الاحتجاج بخبر الواحد:

‌الرد على من ينكر الاحتجاج بخبر الواحد:

من الحديث ما هو: متواتر، ومنه ما هو: آحاد.

فأما الحديث المتواتر: فقد عرَّفه العلماء بأنه: "هو ما نقله من يحصل العلم بصدقهم ضرورة، بأن يكونوا جماعة لا يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم من أول الإسناد إلى آخره".

ولذا: كان مفيداً للعلم الضروري، وهو الذي يضطر إليه الإنسان، بحيث لا يمكنه دفعه، ويجب العمل به من غير بحث عن رجاله، ولا يشترط فيه عدد معين في الأصح.

وأما حديث الآحاد: فهو الخبر الذي لم تبلغ نقلته في الكثرة مبلغ الخبر المتواتر، سواء كان المخبر واحداً أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة، إلى غير ذلك من الأعداد التي تشعر بأن الخبر دخل بها في حيز المتواتر.

وقيل في تعريفه: هو ما لم يوجد فيه شروط المتواتر، سواء كان الراوي له واحداً أو أكثر.. والتعريفان يتفقان في أن خبر الواحد لا تجتمع فيه شروط المتواتر، فهما متقاربان.

وقد اتفق جمهور المسلمين -من الصحابة والتابعين وغيرهم- على وجوب العمل بخبر الواحد، وأنه حجة، ويفيد الظن، ومنع من وجوب العمل به بعض الطوائف: كالروافض والقدرية.. وبعض المتكلمين.

ص: 41

والدليل على وجوب العمل بخبر الواحد ما يأتي:

أولاً: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6] .

والنبأ: هو الخبر، وهو نكرة في سياق الشرط فيعم كل خبر، ويدخل فيه الخبر الذي يتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم قبل غيره، لأهميته، وقد أوجب الله تعالى التثبت فيه لوجود الفسق، فإذا انتفى هذا السبب بأن كان المخبر ثقةً عدلاً قبل الخبر من غير تثبت ولا توقف.

ثانياً: ورد في السنة الشريفة، ما يدل على قبول خبر الواحد، من ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نضَّر الله عبداً سمع مقالتي ووعاها وأداها فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه"(1) .

وفي هذا الحديث يدعو الرسول صلى الله عليه وسلم لاستماع مقالته وأدائها، ويدعو بالنضرة للقائم بذلك. فيقول:"نضر الله عبداً.." وفي رواية (امرءاً) وكل واحدة من الكلمتين بمعنى الواحد، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يأمر أن يؤدى عنه إلا الذي تقوم به الحجة، فدل ذلك على وجوب العمل بخبر الآحاد.

وقد تواتر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يبعث بكتبه ورسله، ويلزم المسلمين العمل بالآحاد منها.

ثالثاً: إجماع الصحابة المستفاد من الوقائع الكثيرة التي كانت تحدث وتتواتر عنهم في العمل بخبر الواحد، وكثيراً ما يكون لهم رأي في أمر من

(1) تقدم تخريجه في ص 17

ص: 42