الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرد على ادعاء أن السنة النبوية بقيت مهملة قرناً من الزمان:
اتضح مما سبق أن التدوين الرسمي العام للسنة النبوية الشريفة وإن كان على رأس المائة في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، إلا أن السنة لم تبق مهملة طوال هذا القرن بل كانت تكتب كتابة خاصة لأشخاص معينين، أَذِن لهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن يكتبوا، واستثناهم من النهي العام عن الكتابة في أول الأمر؛ لأنهم لا يخشى عليهم التباس القرآن بالحديث.
وقد جمع الصحابة الذين أذن لهم بالكتابة عدداً كبيراً من الأحاديث وهي أحاديث كلها صحيحة؛ لأن الكذب أو الوضع لم يكن لهما ظهور آنئذٍ. وكانت الصحف المدونة تحتوي على أحاديث كثيرة، فمثلاً صحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما اشتملت على ألف حديث وهكذا.. واشتملت تلك الصحف على العدد الأكبر من الأحاديث التي دونت بعد ذلك في القرن الثالث الهجري.
وقامت هذه الكتابة الخاصة إلى جانب الرواية الشفاهية الدقيقة فكان وصول السنة النبوية إلى القرون التالية بعد ذلك شفاهة وتحريراً وفي هذا تأكيد وزيادة توثيق.
فلم تبق السنة النبوية مهملة طوال القرن الأول الهجري وإنما كانت تكتب بإذن خاص للبعض في سطور، وتحفظ في الصدور.
وكان الصحابة حريصين كل الحرص على سماع الأحاديث من
رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدققون في ذلك بحيث لا يفوتهم شيء، لدرجة أن أحدهم كان يتناوب مع الآخر حتى لا يفوت أحدهم شيء من السنن، عن عمر رضي الله عنه قال:"كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد، وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوماً وأنزل يوماً، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك"(1) .
بل رأى بعض العلماء أن أحاديث الإذن ناسخة لأحاديث النهي إذِ النهي كان مبدأ الأمر حين خيف اشتغالهم عن القرآن بالأحاديث أو اختلاط القرآن بغيره، فلما أمن ذلك نسخ النهي، ومما يؤيد القول بالنسخ أن بعض أحاديث الإذن بكتابة الحديث متأخرة التاريخ فأبو هريرة راوي حديث الكتابة أسلم عام سبع، وقصة أبي شاه كانت في السنة الثامنة عام الفتح.
ومن كل هذا يتضح أن السنة لم تكن مهملة بل كان الصحابة رضي الله عنهم يحفظونها ويكتبها بعضهم، حرصاً عليها وصيانة لها في سطورهم وصدورهم.
وصلى الله وسلم وبارك على صاحب السنة المطهرة سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1) رواه البخاري في صحيحه (1/223) برقم 89 مع فتح الباري) .