المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رد بعض الاعتراضات: - كتابة السنة النبوية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وأثرها في حفظ السنة النبوية

[أحمد عمر هاشم]

الفصل: ‌رد بعض الاعتراضات:

لأمور، فإذا جاء خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذوا به وتركوا آراءهم، كما كانوا يرجعون إلى بيت النبوة في بعض ما يحتاجون إليه، فيسألون أمهات المؤمنين، رغبة منهم في الوقوف على حكم النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الأمور. وعلى هذا المنهج سار التابعون من بعدهم.

ومما يشهد للعمل بخبر الواحد: أن الصحابة كانوا يكتفون به فيما ينزل من أحكام الدين، ولا يطلبون خبراً آخر.

من ذلك: ما روي عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة (1) .

فقد أخبرهم بتحويل القبلة واحد صادق، فلو لم يكن خبر الواحد جائزاً لما تحولوا إلى الكعبة بخبره.

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (8/23) برقم 4490 ـ مع فتح الباري) .

ص: 43

‌رد بعض الاعتراضات:

قد يعترض على العمل بخبر الواحد، بتوقف بعض الصحابة في العمل به، وطلبهم شاهداً أو يميناً.

والجواب عن ذلك: أن هذا كله لم يكن لأن الحديث خبر آحاد، وإنما لزيادة التثبت في الراوي والمروي، وشدة الحيطة في ذلك. فربما وقع لهم الشك في الراوي، بأن كان غير حافظ أو غير ضابط، فطلبوا الشاهد

ص: 43

أو اليمين لذلك.

وقد يعترض كذلك: بأن الصحابة لم يكثروا من رواية السنة وقصروا العلم على القرآن، والمشهور من الأحاديث واجتهدوا بالرأي بعد ذلك:

والجواب عن ذلك: أنهم ما تركوا الحديث الصحيح ولا لجأوا إلى الرأي.. وتشهد بذلك الوقائع الكثيرة عنهم، بل إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول:"إياكم والرأي، فإن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يعوها، وتفلتت منهم أن يحفظوها، فقالوا في الدين برأيهم"(1) .

وأما ما جاء من الصحابة في الاجتهاد بالرأي، فإنه لم يكن إلا بعد البحث عن الحديث، فإذا لم يجدوه اجتهدوا برأيهم. فإذا جاءهم -بعد ذلك- حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتبعوه وتركوا الرأي. وعن عبد الله بن مسعود قال: "من عرض له منكم قضاء فليقضِ بما في كتاب الله، فإن لم يكن في كتاب الله فليقضِ بما قضى فيه نبيه صلى الله عليه وسلم، فإن جاء أمر ليس في كتاب الله، ولم يقضِ فيه نبيه صلى الله عليه وسلم فليقض بما قضى به الصالحون، فإن جاء أمر ليس في كتاب الله، ولم يقضِ به نبيه صلى الله عليه وسلم، ولم يقضِ به الصالحون، فليجتهد برأيه. (2) .

(1) أخرجه الدارقطني: (4/69-70) برقم 4236.

(2)

أخرجه النسائي: (8/230)، والدارمي:(1/71) .

ص: 44