المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل وأما جلسة الاستراحة فقال ابن القيم رحمه الله في زاد - كشف الشبهتين

[سليمان بن سحمان]

الفصل: ‌ ‌فصل وأما جلسة الاستراحة فقال ابن القيم رحمه الله في زاد

‌فصل

وأما جلسة الاستراحة فقال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: فصل ثم كان صلى الله عليه وسلم ينهض على صدور قدميه وركبتيه معتمداً على فخذيه، كما ذكر عنه وائل وأبو هريرة، ولا يعتمد على الأرض بيديه، وقد ذكر عنه مالك بن الحويرث أنه كان لا ينهض حتى يستوي جالساً، وهذه هي التي تسمى جلسة الاستراحة.

واختلف الفقهاء فيها هل هي من سنن الصلاة، فيستحب لكل أحد أن يفعلها، أو ليست من السنن، وإنما يفعلها من احتاج إليها؟ على قولين هما روايتان عن أحمد رحمه الله قال الخلال رجع أحمد إلى حديث مالك بن الحويرث في جلسة الاستراحة، وقال أخبرني يوسف بن موسى أن أبا أمامة سئل عن النهوض فقال على صدور القدمين على حديث رفاعة، وفي حديث ابن عجلان ما يدل على أنه كان ينهض على صدور قدميه، وقد روي عن عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وسائر من وصف صلاته صلى الله عليه وسلم لم يذكر هذه الجلسة، وإنما

ص: 125

ذكرت في حديث أبي حميد، ومالك بن الحويرث، ولو كان هديه صلى الله عليه وسلم فعلها دائماً لذكرها كل واصف لصلاته صلى الله عليه وسلم، ومجرد فعله صلى الله عليه وسلم لها لا يدل على أنها من سنن الصلاة، إلا إذا علم أنه فعلها سنة يقتدى به فيها، وأما إذا قُدِّر أنه فعلها للحاجة لم يدل على كونها سنة من سنن الصلاة، فهذا من تحقيق المناط في هذه المسألة، انتهى.

وقال في كتاب الصلاة: ولا ريب أنه صلى الله عليه وسلم فعلها، ولكن هل فعلها على أنها من سنن الصلاة وهيئاتها كالتجافي وغيره، أو لحاجة لمّا أسن وأخذه اللحم؟ وهذا الثاني أظهر لوجهين:

أحدهما: أن فيه جمعاً بينه وبين حديث وائل بن حجر، وأبي هريرة أنه كان ينهض على صدور قدميه.

الثاني أن الصحابة الذين كانوا أحرص الناس على مشاهدة أفعاله وهيئات صلاته، كانوا ينهضون على صدور أقدامهم، فكان عبد الله بن مسعود يقوم على صدور قدميه في الصلاة ولا يجلس. رواه البيهقي عنه، انتهى.

فتأمل رحمك الله قوله: وقد روي عن عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسائر من وصف صلاته صلى الله عليه وسلم لم يذكر هذه الجلسة، وإنما ذكرت في حديث أبي حميد ومالك بن الحويرث، ولو كان هديه صلى الله عليه وسلم فعلها دائماً لذكرها كل واصف

ص: 126

لصلاته صلى الله عليه وسلم، ومجرد فعلها لا يدل على أنها من سنن الصلاة إلى آخره. وكذلك ما ذكره في كتاب الصلاة من أنه صلى الله عليه وسلم إنما فعلها للحاجة لما أسن وأخذه اللحم بوجهين أظهرهما هذا، ولأن فيه جمعاً بين حديث وائل وحديث أبي هريرة، فإذا عرفت ذلك فمن فعلها للحاجة فلا إنكار عليه، ومن لم يفعلها فقد عمل بالسنة فيكون من فعلها للحاجة فقد فعل سنة مشروعة للمحتاج، ومن قوي على تركها ولم يحتج إليها فالمسنون في حقه أن ينهض على صدور قدميه، ولا يجلس جلسة الاستراحة والله أعلم.

ص: 127