المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل وأما ما ذكره عن شيخ الإسلام رحمه الله من ذكره - كشف الشبهتين

[سليمان بن سحمان]

الفصل: ‌ ‌فصل وأما ما ذكره عن شيخ الإسلام رحمه الله من ذكره

‌فصل

وأما ما ذكره عن شيخ الإسلام رحمه الله من ذكره طائفة من المصنفين في الرقائق والفضائل في الصلوات الأسبوعية إلى آخر كلامه.

فالجواب أن يقال ما ذكره شيخ الإسلام حق وصواب، وهو خارج عن محل النزاع، ومن المعلوم أن هؤلاء العلماء إنما صنفوا في فضائل هذه الأعمال لما ظنوا صحة ما بلغهم فيها، فعملوا به، فهم مأجورون على حسن قصدهم، لا على مخالفتهم للسنة، وكَونُه لم يبدعهم ولم يفسقهم ولم يجهلهم فما ذاك إلا لكونهم عملوا بما بلغهم، ولم يتعمدوا مخالفة السنة، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع، وهذا بخلاف من يعلم أن هذا الأمر مخالف للسنة، أو يعلم أن هؤلاء القوم مثلاً أهل بدع مخالفون لما عليه أهل السنة، فإذا أنكر عليه أحد من المسلمين بدعتهم وضلالتهم قام في نحره، وجادل عن أهل البدع، ونصب نفسه هدفاً دونهم، وأنهم لا يبدعون ولا يفسقون ولا يجهلون بفعل البدع والفسوق لكون أهل العلم لم يبدعوا ولم يفسقوا ولم يجهلوا من العلماء ممن

ص: 100

علموا أنهم مجتهدون فأخطؤا1 في اجتهادهم، فإن أهل العلم مغفور لهم ما أخطؤا1 فيه باجتهادهم، وهؤلاء متعمدون في ردع أهل الحق دون أهل الباطل، وهم يعلمون أنهم أهل بدع فكيف إذا كان النزاع في عباد القبور، ومعطلة الصانع سبحانه عن علوه على خلقه، واستوائه على عرشه، ونفي صفات كماله، ونعوت جلاله، فقياس هؤلاء الملاحدة على أولئك من أفسد القياس وأبطل الباطل، وليس لصاحب هذا القول والقياس حظ من النظر والدليل، بل هو سفسطة وضلال عن سواء السبيل، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

وأما ما ذكره المعترض من أنه لا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله ولا بخطأ أخطأ فيه كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة إلى آخر ما ذكر.

فالجواب أن يقال هذا حق وصواب لا مرية فيه، ولا يكفر بالذنوب إلا الخوارج والروافض كما تقدم ذكره عن شيخ الإسلام، فأصل التكفير إنما هو من الخوارج الذين يكفرون أئمة المسلمين فيما أخطؤوا فيه، وبما ظنوه خطأ وليس بخطأ في نفس الأمر، وهم عشرون فرقة.

المُحَكِّمَة وهم الذين خرجوا على علي بن أبي طالب رضي الله عن التحكيم، وكفروه، وكفروا عثمان رضي الله

1 في الأصل "أخطاؤوا".

ص: 101

عنه، وأكثر الصحابة رضي الله عنهم، وكانوا إثنا عشر ألفاً، وكانوا أهل صلاة وصيام وقراءة.

ومنهم البيهسية قالوا من وقع في شيء لا يعلمه أحلال أم حرام فهو كافر.

ومنهم الأزرقية أصحاب نافع بن الأزرق كفروا علياً بالتحكيم، وكفروا عثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الله بن عباس، وعائشة رضي الله عنهم، والمسلمين، وحكموا بالخلود في النار.

ومنهم النجدية أصحاب نجدة بن عامر.

ومنهم العاذرية الذين عذروا الناس في الجهالات إلا في الفروع.

ومنهم الأصفرية أصحاب زياد بن الأصفر.

ومنهم الأباضية أصحاب عبد الله بن أباض كفروا علياً وأكثر الصحابة، وافترقوا سبع فرق.

ومنهم الحفصية أصحاب حفص بن أبي المقدام.

ومنهم اليزيدية أصحاب يزيد بن نسيئة قالوا يبعث نبياً1 من العجم بكتاب يكتب في السماء ويترك ملة محمد ويختار ملة الصابئة.

1 في الأصل والصواب "نبي".

ص: 102

ومنهم الحارثية أصحاب أبي الحارث الأباضي خالفوا في القدر.

ومنهم العجاردة أصحاب عبد الرحمن بن عجرد وهم أربع فرق كلها معلومة بالمحال مشهورة بالضلال.

فإذا تبين لك هذا من حالهم ومقالهم تبين لك طريقة أهل السنة والجماعة في عدم تكفير المسلمين بالذنوب، أو تكفير من أخطأ خطأ لا يخرجه من الملة، فأما تكفير الجهمية، وعباد القبور فليس من هذا القبيل، ولا على منهاج هذا السبيل، فإن الجهمية قد أخرجهم أكثر السلف من اثنتين وسبعين فرقة كما تقدم عن عبد الله بن المبارك لم سئل عن الجهمية فقال: ليسوا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

وأما عباد القبور فهم عند أهل السنة والجماعة يسمون الغالية لمشابهتهم النصارى في الغلو في الأنبياء والأولياء والصالحين، فمن كفرهم، وأظهر عداوتهم، وبغضهم، وحذر عن مجالستهم، وبالغ في التنفير عنهم فقد اتبع سبيل المؤمنين واقتفى آثار الأئمة المهتدين، وخالف ما انتحله الخوارج والروافض من تكفير المسلمين، فمن جعل تكفير هؤلاء كتكفير هؤلاء فهو من الملبسين، ومن الصادين عن سبيل الله، والباغينها عوجاً، نعوذ بالله من رين الذنوب، وانتكاس القلوب.

ص: 103