الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وأما ما ذكره من أن من أصول أهل السنة والجماعة أنهم يصلون الجمع والأعياد والجماعات إلى آخره.
فالجواب: أن هذا من المعلوم بالضرورة لا ينكره إلا مكابر، وهذا فيمن كانت بدعته لا تخرجه عن الملة، أو كان فاسقاً أو فاجراً، وليس الكلام في هذا وإنما الكلام والنزاع في الصلاة خلف عباد القبور، وخلف الجهمية الذين ينكرون علو الله على خلقه، وقد تقدم في جواب الشيخ عبد اللطيف رحمه الله بعد أن ذكر أقوال الأئمة، وأنهم لا يختلفون في تكفير الجهمية، وأنهم ضلال زنادقة. قال: والصلاة خلفهم لا سيما صلاة الجمعة لا تنافي القول بتكفيرهم، لكن تجب الإعادة حيث لا تمكن الصلاة خلف غيرهم، وقد يفرق بين من قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها، وبين من لا شعور له بذلك، وهذا القوم يميل إليه شيخ الإسلام في المسائل التي قد يخفى دليلها على بعض الناس، وعلى هذا القول فالجهمية في هذه الأزمنة قد بلغتهم الحجة، وظهر الدليل، وعرفوا ما
عليه أهل السنة، واشتهرت الأحاديث النبوية، وظهرت ظهوراً ليس بعده إلا المكابرة والعناد، وهذا حقيقة الكفر والإلحاد. إلى أن قال رحمه الله: ولبشر المريسي وأمثاله من الشبه والكلام من نفي الصفات ما هو من جنس هذا المذكور عند الجهمية المتأخرين، بل كلامه أخف إلحاداً من بعض كلام هؤلاء الضلال، ومع ذلك فأهل العلم متفقون على تكفيرهم، وعلى أن الصلاة لا تصح خلف كافر جهمي أو غيره، وقد صرح الإمام أحمد فيما نقل عنه ابن عبد الله وغيره أنه كان يعيد صلاة الجمعة وغيرها، وقد يفعله المؤمن مع غيرهم من المرتدين إذا كان لهم شوكة ودولة، والنصوص في ذلك معروفة مشهورة، انتهى.
وفي كتاب السنة لعبد الله بن أحمد رحمه الله قال حدثني إسحاق بن بهلول قال قلت لأبي ضمرة أنس بن عياض: أُصَلِّي خلف الجهمية؟ قال: لا ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين.
حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا إبراهيم بن نعيم البابي السجستاني سمعت سالم بن أبي مطيع يقول: الجهمية كفار لا أصلي خلفهم، انتهى.
فإذا تبين هذا فالتلبيس والتشبيه على الناس بجواز الصلاة خلف أهل البدع والأهواء، وأهل الفجور والفسق والمعاصي، وإدخال الجهمية وعباد القبور في جملتهم لبس للحق بالباطل،
وصد عن سبيل الله، وافتراء على الأخوان، فإن هذا فرض فيمن لم تخرجه بدعته من الملة، وأما عباد القبور والجهمية فقد تقدم كلام الأئمة فيهم، والمؤمن من يخاف الله ويتقيه لا يلبس الحق بالباطل، ويوقع الناس في الشبهات لملاحظة الشهوات، والله الهادي إلى الصواب، وإليه المرجع والمآب.