المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل إذا تمهد واتضح لك ما قدمناه من كلام أئمة الإسلام - كشف الشبهتين

[سليمان بن سحمان]

الفصل: ‌ ‌فصل إذا تمهد واتضح لك ما قدمناه من كلام أئمة الإسلام

‌فصل

إذا تمهد واتضح لك ما قدمناه من كلام أئمة الإسلام فاعلم أن هذا الرجل ابتدأ1 كلامه في فاتحة رسالته بالحضِّ على إفراد الرب سبحانه بجميع أنواع العبادات، ومتابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا سعادة للعبد ولا فلاح له في الدارين إلا بمتابعة هدى النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر أن على كل من نصح نفسه، وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين إلى آخر كلامه.

وهذا حق لو وفق له، وعمل به إن كان قد علم به، ولكنه نكب عن هذه الطريقة ولم يسر على منهج هذه الحقيقة، فوضع الكلام في غير موضعه، وحرف كلام العلماء بمفهومه الساقط، وتأويله القاسط، وقد كان من المعلوم أنه لا يجتمع في قلب عبد موالاة2 أعداء الله ورسوله، ومحبتهم، والجدال عنهم، وحماية حماهم، مع محبة الله تعالى، ومحبة أوليائه،

1 في الأصل "أن لهذا الرجل ابتداء".

2 في الأصل: "مولات".

ص: 23

ومعاداة أهل الإسلام المبغضين لأعداء الله ورسوله، المنابذين لهم، الناهين عن متابعتهم، ومجامعتهم، ومجالستهم، والرد عليهم، وتجهيلهم، وتضليلهم.

قال ابن القيم رحمه الله:

أتحب أعداء الحبيب وتدعي

حبا له ما ذاك في إمكان

وكذا تعادي جاهداً أحبابه

أين المحبة يا أخا الشيطان

وهذا مما ينافي ما قدمه في مقدمة رسالته، فإن الحب في الله، والبغض في الله، والمعاداة فيه، والموالاة فيه من كمال الإيمان، والمتحقق به من أهل ولاية الرحمن.

وهؤلاء تظاهروا بالرد والتشنيع على من أظهر عداوة الجهمية، والإباضية، وعباد القبور، وسموا هؤلاء الملاحدة من الجهمية وغيرهم من المسلمين، وزعموا أن قصدهم النصيحة للمؤمنين عن تكفير المسلمين، أفلا يستحي من صنع هذا الصنيع، ورتع في هذا المرتع الفظيع، ممن يقف على كلامه السامج الساقط، وعلى غاية مرام قصده المارج القاسط، حيث قام في نحر من يظهر عداوة أعداء الله ورسوله، ويتظاهر بالرد عليهم، وتجهيلهم، وتضليلهم بغير دليل من كتاب الله، وسنة رسوله، وكلام أهل التحقيق من أهل العلم، بل بما سنح له من مفهومه، وتخيله في معلومه.

أقلوا عليهم لا أباً َ لأبيكموا

من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا

ص: 24

أولئك هم خير وأهدى لأنهم

عن الحق ما ضلوا وعن ضده صعدوا

وعادوا عُداة الدين من كل ملحد

وقد حذروا منهم وفي بغضهم جَدّوا

فعاديتموهم من سفاهة رأيكم

وشيدتموا ركناً من الغي قد هدوا

بتكفيرهم جهميةً وأباضية

وعباد أجداث لناولكم ضِدّوا

وقد كفر الجهمية السلفُ لأولى

وما شك في تكفيرهم من له نقد

ولا من له علم ولكن لبعضهم

كلام على جهالهم ولهم قصد

وقد كان هذا في خصوص سائل

عليهم بها يخفى الدليل ولا يبدوا

وأنتم لهم وآليتموا من غبائكم

على أنهم سِلم وأنتم لهم جند

وما كان هذا الأمر إلا تَعَنُّتاً

وإلا فما التشنيع يا قوم والرد

إذا لم يكن هذا الذي قدصنعتموا

لمرضاة من شاد والردى بل له شدوا

ألا فأفيقوا لا أباً لأبيكموا

من اللوم يا قومي فقد وضح الرشد

ص: 25