المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث عشر في النكاح - لسان الحكام

[ابن الشحنة، لسان الدين]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الْفَصْل الأول فِي آدَاب الْقَضَاء وَمَا يتَعَلَّق بِهِ

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي أَنْوَاع الدَّعَاوَى والبينات

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي الشَّهَادَات

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي الْوكَالَة وَالْكَفَالَة وَالْحوالَة

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي الْإِقْرَار

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي الْوَدِيعَة

- ‌الْفَصْل الثَّامِن

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي أَنْوَاع الضمانات الْوَاجِبَة وكيفيتها وَفِي تضمين الْأمين

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي الْوَقْف

- ‌الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي الْغَصْب وَالشُّفْعَة وَالْقِسْمَة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي الْإِكْرَاه

- ‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي النِّكَاح

- ‌الْفَصْل الرَّابِع عشر

- ‌الْفَصْل الْخَامِس عشر فِي الْإِعْتَاق

- ‌الْفَصْل السَّادِس عشر فِي الْأَيْمَان

- ‌الْفَصْل السَّابِع عشر فِي الْبيُوع

- ‌الْفَصْل الثَّامِن عشر فِي الاجارة

- ‌الْفَصْل التَّاسِع عشر فِي الْهِبَة

- ‌الْفَصْل الْعشْرُونَ فِي الرَّهْن

- ‌الْفَصْل الْحَادِي وَالْعشْرُونَ فِي الْكَرَاهِيَة

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي وَالْعشْرُونَ من الْفُصُول الثَّلَاثِينَ فِي الصَّيْد والذبائح وَالْأُضْحِيَّة = كتاب الصَّيْد

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي التَّسْمِيَة

- ‌الْفَصْل الثَّالِث وَالْعشْرُونَ فِي الْجِنَايَات والديات وَالْحُدُود

- ‌من الغنية

- ‌فصل فِي الْمَسْأَلَة الْمُتَعَلّقَة بالحدود

- ‌فصل فِيمَا يظْهر فِي الزِّنَى

- ‌فصل فِيمَا يصير شُبْهَة بالإحصان

- ‌فصل فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا

- ‌الْفَصْل الرَّابِع وَالْعشْرُونَ فِي الشّرْب والمزارعة والمساقة = كتاب الشّرْب

- ‌فصل فِي مسَائِل المَاء

- ‌فصل فِي أَعمال الْمُزَارعَة مَا يكون على الْمزَارِع ومالا يكون

- ‌فصل فِيمَا يكون عذرا فِي فسخ الْمُزَارعَة

- ‌فصل فِي الْمزَارِع يدْفع الى آخر مُزَارعَة

- ‌الْفَصْل الْخَامِس وَالْعشْرُونَ فِي الحيطانوما يتَعَلَّق

- ‌الْفَصْل السَّادِس وَالْعشْرُونَ فِي السّير

- ‌فصل فِي مسَائِل البيع وَالْملك

- ‌فصل فِي الْحَظْر والاباحة

- ‌الْفَصْل السَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌فصل فِيمَا يكون كفرا من الْمُسلم ومالا يكون

- ‌فصل فِي الضَّمَان

- ‌فصل فِي ذَوي الْأَرْحَام

- ‌فصل فِي الصِّنْف الأول

- ‌فصل فِي الصِّنْف الثَّانِي

- ‌فصل فِي الصِّنْف الثَّالِث

- ‌فصل فِي الصِّنْف الرَّابِع

- ‌فصل فِي الصِّنْف الْخَامِس

- ‌فصل فِي لواحق الْكتاب

- ‌الْفَصْل الثَّلَاثُونَ وَهُوَ تَمام الْفُصُول فِي مسَائِل شَتَّى

الفصل: ‌الفصل الثالث عشر في النكاح

وَفِي نِصَاب الذرائع وَلَا يحْجر على الْمَدْيُون عِنْده وَلَكِن يحبس بِالدّينِ إِن كَانَ لَهُ مَال حَتَّى يقْضِي دينه وَالْقَاضِي يقْضِي دينه بدراهمه ودنانيره بِغَيْر أمره لِأَنَّهَا معدة لقَضَاء الدّين وَقَالا يحْجر عَلَيْهِ بِطَلَب الْغُرَمَاء الْحجر وَيبِيع مَاله لقَضَاء دينه بِدَرَاهِم وَيقسم ثمن مَا بَاعَ من مَاله بَين غُرَمَائه بِالْحِصَصِ وَينْفق عَلَيْهِ من مَاله كَمَا ينْفق من مَال السَّفِيه لِأَن الْإِنْفَاق لَا بُد مِنْهُ دفعا للهلاك

نوع فِي معرفَة حد الْبلُوغ وَفِي العمادى الْبلُوغ يكون تَارَة بِالسِّنِّ وَتارَة يكون بالعلامة والعلامة فِي الْجَارِيَة الْحيض والاحتلام وَالْحَبل وَأدنى الْمدَّة تسع سِنِين هُوَ الْمُخْتَار والعلامة فِي الْغُلَام الِاحْتِلَام والإحبال وَأدنى الْمدَّة اثْنَتَا عشرَة سنة وَأما السن فِي الْغُلَام فَهُوَ إِذا دخل فِي التَّاسِعَة عشر وَفِي الْجَارِيَة إِذا دخلت فِي السَّابِعَة عشر وَفِي بعض الرِّوَايَات عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه اعْتبر نَبَات الشّعْر وَهُوَ قَول مَالك رَحمَه الله تَعَالَى

وَفِي الْهِدَايَة وَإِذا راهق الْغُلَام أَو الْجَارِيَة وأشكل أَمرهمَا فِي الْبلُوغ فَقَالَا قد بلغنَا فَالْقَوْل قَوْلهمَا وأحكامهما أَحْكَام الْبَالِغين لِأَنَّهُ معنى لَا يعرف الا من جهتهما ظَاهرا فَإِذا أخبرا بِهِ وَلم يكذبهما الظَّاهِر قبل قَوْلهمَا كَمَا يقبل قَول الْمَرْأَة فِي الْحيض

وَفِي فتاوي قاضيخان امْرَأَة وهبت مهرهَا من زَوجهَا وَقَالَت أَنا مدركة ثمَّ قَالَت لم أكن مدركة وكذبت فِيمَا قَالَت قَالُوا إِن كَانَت تشبه المدركات فِي ذَلِك الْوَقْت أَو كَانَت بهَا عَلامَة المدركات لَا تصدق لِأَنَّهَا لم تكن مدركة وَإِن لم تكن كَذَلِك فَإِن القَوْل قَوْلهَا

وَفِي فتاوي النَّسَفِيّ سُئِلَ عَن قوم اصْطَلحُوا على شَيْء وَفِيهِمْ مراهق وَأقر الْمُرَاهق عِنْد الصُّلْح أَنه بَالغ ثمَّ قَالَ بعض الْوَرَثَة بعد ذَلِك إِنَّه لم يكن بَالغا وَلم يَصح هَذَا الصُّلْح قَالَ القَوْل قَول الصَّبِي بِالْبُلُوغِ بِشَرْط أَن يكون ابْن ثَلَاث عشرَة سنة لِأَن الْأَقَل من ذَلِك نَادرا

‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي النِّكَاح

اخْتلف أَصْحَابنَا رَحمَه الله تَعَالَى فِيهِ قَالَ بَعضهم إِنَّه مَنْدُوب ومستحب وَإِلَيْهِ ذهب الْكَرْخِي وَقَالَ بَعضهم فرض كِفَايَة إِذا قَامَ بِهِ الْبَعْض سقط عَن البَاقِينَ كالجهاد وَصَلَاة الْجِنَازَة وَقَالَ بَعضهم إِنَّه وَاجِب على سَبِيل الْكِفَايَة كرد السَّلَام وَقَالَ بَعضهم إِنَّه وَاجِب عينا لَكِن عملا لَا اعتقادا على طَرِيق التَّعْيِين كصدقة الْفطر وَالْوتر وَالْأُضْحِيَّة وَفِي الْمجمع قَالَ يسن حَالَة الِاعْتِدَال وَيجب فِي التوقان وَيكرهُ لخوف الْجور

وَفِي الْهِدَايَة وَينْعَقد بالايجاب وَالْقَبُول بلفظين يعبر بهما عَن الْمَاضِي لِأَن الصِّيغَة وَإِن كَانَت للإخبار وضعا فقد جعلت للإنشاء شرعا دفعا للْحَاجة وَينْعَقد بلفظين يعبر بِأَحَدِهِمَا عَن الْمَاضِي وبالآخر عَن الْمُسْتَقْبل مثل أَن يَقُول زَوجنِي فَيَقُول زَوجتك لِأَن هَذَا تَوْكِيل بِالنِّكَاحِ وَالْوَاحد يتَوَلَّى طرفِي النِّكَاح وَينْعَقد بِلَفْظ النِّكَاح وَالتَّزْوِيج وَالْهِبَة وَالتَّمْلِيك وَالصَّدَََقَة وَالْبيع وَلَا ينْعَقد بِلَفْظ الاجارة فِي الصَّحِيح وَلَا بِلَفْظ الْإِحْلَال وَالْإِبَاحَة وَالْإِجَارَة وَالْوَصِيَّة وَلَا ينْعَقد نِكَاح الْمُسلمين إِلَّا بِحُضُور شَاهِدين حُرَّيْنِ عاقلين بالغين مُسلمين أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ عُدُولًا كَانُوا أَو غير عدُول أَو محدودين فِي قذف

ص: 315

وَينْعَقد النِّكَاح بِشَهَادَة الأعميين عندنَا خلافًا للشَّافِعِيّ لِأَن الْبَصَر شَرط لإِظْهَار النِّكَاح عِنْده وَعِنْدنَا بصر الشَّاهِد لَيْسَ بِشَرْط وَفِي الذَّخِيرَة وَلَا ينْعَقد النِّكَاح بِشَهَادَة النائمين اللَّذين لَا يسمعان كَلَام الْمُتَعَاقدين والأصمين وَذكر القاضيان الإسبيجاني والسغدي أَن النِّكَاح ينْعَقد بِشَهَادَة الأصمين وَنَصّ الْقَدُورِيّ على أَن سَماع الشُّهُود كَلَام الْمُتَعَاقدين هَل هُوَ شَرط لانعقاد النِّكَاح فقد اخْتلف فِيهِ فَقَالَ بَعضهم لَيْسَ بِشَرْط وَإِنَّمَا الشَّرْط حضرتهما فَينْعَقد النِّكَاح بِشَهَادَة الأصمين وَقَالَ بَعضهم لَا بُد من السماع فَلَا ينْعَقد بِشَهَادَة الأصمين

وَفِي الْمُحِيط رجل تزوج امْرَأَة بِحَضْرَة السكارى وهم يعْرفُونَ أَمر النِّكَاح غير أَنهم لَا يذكرُونَهُ بعد مَا صحوا انْعَقَد النِّكَاح لِأَن هَذَا نِكَاح بِحَضْرَة الشُّهُود

وَفِي البزازي لقنت امْرَأَة بِالْعَرَبِيَّةِ زوجت نَفسِي من فلَان وَلَا تعرف ذَلِك وَقَالَ فلَان قبلت وَالشُّهُود يعلمُونَ أَو لَا يعلمُونَ صَحَّ النِّكَاح قَالَ فِي النّصاب وَعَلِيهِ الْفَتْوَى

وَفِي النَّوَادِر رجل وَامْرَأَة أقرا بِالنِّكَاحِ بَين يَدي شَاهِدين عَدْلَيْنِ فَقَالَ الرجل هَذِه امْرَأَتي وَقَالَت الْمَرْأَة هَذَا زَوجي فَإِنَّهُ يَصح النِّكَاح وَعَلِيهِ الْفَتْوَى

وَفِي فتاوي قاضيخان رجل لَهُ بنت وَاحِدَة اسْمهَا عَائِشَة فَقَالَ الْأَب وَقت العقد زوجت مِنْك بِنْتي فَاطِمَة لَا ينْعَقد النِّكَاح بَينهمَا وَلَو كَانَت الْمَرْأَة حَاضِرَة فَقَالَ الْأَب زَوجتك بِنْتي فَاطِمَة هَذِه واشار إِلَى عَائِشَة وَغلط فِي اسْمهَا فَقَالَ الزَّوْج قبلت جَازَ

وَفِي الْخُلَاصَة أَبُو الصَّغِيرَة إِذا قَالَ زوجت بِنْتي فُلَانَة من ابْن فلَان بِكَذَا وَقَالَ فلَان قبلت لِابْني وَلم يسم الْأَب الابْن إِن كَانَ لَهُ ابْنَانِ أَو أَكثر لَا يجوز وَإِن كَانَ لَهُ ابْن وَاحِد صَحَّ وَلَو ذكر أَبُو الْبِنْت اسْم الابْن وَقَالَ زوجت بِنْتي من ابْنك فلَان فَقَالَ أَبُو الابْن قبلت صَحَّ وَإِن لم يقل قبلت للِابْن وَلَو قَالَ قبلت لأجل ابْني إِن سَمَّاهُ جَازَ ايضا وَإِن لم يسمه إِن كَانَ لَهُ ابْن وَاحِد جَازَ وَإِن كَانَ أَكثر لَا يجوز وَفِي الْمُحِيط لَو قَالَ زوجت بِنْتي مِنْك وَلم يزدْ على هَذَا وَله بنت وَاحِدَة جَازَ وَلَو كَانَ لَهُ بنتان اسْم الْكُبْرَى عَائِشَة وَاسم الصُّغْرَى فَاطِمَة فَقَالَ زوجت بِنْتي فَاطِمَة مِنْك ينْعَقد النِّكَاح على الصُّغْرَى وَإِن كَانَ يُرِيد تَزْوِيج الْكُبْرَى وَلَو قَالَ زوجت بِنْتي الْكُبْرَى فَاطِمَة يجب أَن لَا ينْعَقد النِّكَاح على إِحْدَاهمَا

امْرَأَة لَهَا اسمان اسْم سميت بِهِ فِي الصغر وَاسم سميت بِهِ فِي الْكبر وَصَارَت مَعْرُوفَة بِهَذَا الِاسْم تزوج بِالِاسْمِ الَّذِي سميت بِهِ فِي الْكبر وَقَالَ الامام ظهير الدّين الْأَصَح الْجمع بَين الاسميين وَبِه يُفْتى

وَفِي البزازي رجل لَهُ بنتان متزوجة وَغير متزوجة وَقَالَ عِنْد الشُّهُود زوجت بِنْتي مِنْك وَلم يسم اسْم الْبِنْت وَقَالَ الْخَاطِب قبلت صَحَّ وَانْصَرف إِلَى الفارغة

أجَاب صَاحب الْهِدَايَة فِي امْرَأَة زوجت نَفسهَا بِأَلف من رجل عِنْد الشُّهُود فَلم يقل الزَّوْج شَيْئا لَكِن أَعْطَاهَا الْمهْر فِي الْمجْلس أَنه يكون قبولا قَالَ البزازي وَأنْكرهُ صَاحب الْمُحِيط وَقَالَ لَا مالم يقل بِلِسَانِهِ قبلت بِخِلَاف البيع فَإِنَّهُ ينْعَقد بالتعاطي وَالنِّكَاح لخطره لَا ينْعَقد حَتَّى يتَوَقَّف على الشُّهُود وَبِخِلَاف إجَازَة نِكَاح الْفُضُولِيّ بِالْفِعْلِ لوُجُود القَوْل ثمَّة

ص: 316

وَإِذا تزوج مُسلم ذِمِّيَّة بِشَهَادَة ذميين جَازَ عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى وَعند مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجوز

وَيحرم على الرجل نِكَاح أُصُوله أَي الْأُم وَالْأَب والأجداد والجدات وَإِن علوا وفروعه أَي الْوَلَد وَولد الْوَلَد وَولد ولد الْوَلَد وَإِن سفلوا وفروع أُصُوله أَي الاخوة وَالْأَخَوَات وَأَوْلَادهمْ وَأَوْلَاد أَوْلَادهم وَإِن نزلُوا والأعمام والعمات والأخوال والخالات وَنِكَاح أم امْرَأَته دخل بهَا أم لَا وَزَوْجَة أَبِيه وأجداده وَكَذَا يحرم عَلَيْهِ نِكَاح امْرَأَة ابْنه وَبني أَوْلَاده وَيحرم عَلَيْهِ نِكَاح أمه من الرَّضَاع وَأُخْته من الرضَاعَة وَلَا يحل لَهُ أَن يجمع بَين أُخْتَيْنِ بِنِكَاح وَلَا بِملك يَمِين استمتاعا وَلَا بَأْس بِأَن يجمع بَين امْرَأَة وَابْنَة زوج كَانَ لَهَا من قبل لِأَنَّهُ لَا قرَابَة بَينهمَا وَلَا رضَاع وَقَالَ زفر رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجوز لِأَن ابْنة الزَّوْج لَو قدرتها ذكرا لَا يجوز لَهُ التَّزَوُّج بِامْرَأَة أَبِيه قُلْنَا امْرَأَة الْأَب لَو صورتهَا ذكرا جَازَ لَهُ التَّزَوُّج بِهَذِهِ الشُّرُوط أَن يصور ذَلِك من كل جَانب

وَمن زنى بِامْرَأَة حرمت عَلَيْهِ أمهَا وابنتها وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى الزِّنَى لَا يُوجب حُرْمَة الْمُصَاهَرَة وَأَجْمعُوا على أَنه لَا يجوز للْأُم أَن تتَزَوَّج ابْنهَا من الزِّنَى

وَمن مسته امْرَأَة بِشَهْوَة حرمت عَلَيْهِ أمهَا وابنتها وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تحرم ثمَّ الْمس بِشَهْوَة أَن تَنْتَشِر الْآلَة أَو تزداد انتشارا هُوَ الصَّحِيح وَالْمُعْتَبر النّظر إِلَى الْفرج الدَّاخِل وَلَا يتَحَقَّق ذَلِك إِلَّا عِنْد اتكائها وَلَو مس فَأنْزل فقد قيل يُوجب الْحُرْمَة وَالصَّحِيح أَنه لَا يُوجِبهَا لِأَنَّهُ بالإنزال تبين أَنه غير مفض إِلَى الْوَطْء وعَلى هَذَا إتْيَان الْمَرْأَة فِي دبرهَا لَا يُوجِبهَا وَإِذا طلق الرجل امْرَأَته طَلَاقا بَائِنا أَو رَجْعِيًا لم يجز لَهُ أَن يتَزَوَّج بأختها حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا وَلَا يتَزَوَّج الْمولى أمته وَلَا الْمَرْأَة عَبدهَا وَيجوز تزوج الكتابيات لَا المجوسيات وَيجوز تزوج الصابئات إِن كَانُوا يُؤمنُونَ بِنَبِي ويقرون بِكِتَاب

وَيجوز للْمحرمِ والمحرمة أَن يتزوجا فِي حَالَة الاحرام وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز لقَوْله عليه الصلاة والسلام لَا ينْكح الْمحرم وَلَا ينْكح وَلنَا مَا روى أَنه صلى الله عليه وسلم تزوج مَيْمُونَة رضي الله عنها وَهُوَ محرم وَمَا رَوَاهُ مَحْمُول على الْوَطْء

وَلَا يتَزَوَّج أمة على حرَّة وَيجوز تزوج الْحرَّة عَلَيْهَا فَإِن تزوج أمة على حرَّة فِي عدَّة من طَلَاق بَائِن لم يجز عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَيجوز عِنْدهمَا وللحر أَن يتَزَوَّج أَرْبعا من الْحَرَائِر وَالْإِمَاء وَلَيْسَ لَهُ أَن يتَزَوَّج أَكثر من ذَلِك لقَوْله تَعَالَى {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع} والتنصيص على الْعدَد يمْنَع الزِّيَادَة عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لَا يتَزَوَّج إِلَّا أمة وَاحِدَة لِأَنَّهُ ضَرُورِيّ عِنْده وَالْحجّة عَلَيْهِ مَا تلونا إِذْ الْأمة الْمَنْكُوحَة يتضمنها اسْم النِّسَاء كَمَا فِي الظِّهَار

وَلَا يجوز للْعَبد أَن يتَزَوَّج أَكثر من اثْنَيْنِ وَقَالَ مَالك رَحمَه الله تَعَالَى يجوز لِأَنَّهُ فِي حق النِّكَاح بِمَنْزِلَة الْحر عِنْده حَتَّى ملكه بِغَيْر اذن الْمولى وَلنَا أَن الرّقّ منصف فَيَتَزَوَّج العَبْد اثْنَتَيْنِ وَالْحر أَرْبعا إِظْهَارًا لشرف الْحُرِّيَّة فَإِن طلق الْحر احدى الْأَرْبَع طَلَاقا بَائِنا لم يجز لَهُ أَن يتَزَوَّج رَابِعَة حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا خلافًا للشَّافِعِيّ وَهُوَ نَظِير نِكَاح الْأُخْت فِي عدَّة الْأُخْت فَإِن تزوج حُبْلَى من زنى جَازَ النِّكَاح وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تضع حملهَا وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف رحمه الله النِّكَاح فَاسد وَإِن كَانَ الْحمل ثَابت النّسَب فَالنِّكَاح بَاطِل بِالْإِجْمَاع

ص: 317

وَنِكَاح الْمُتْعَة بَاطِل وَهُوَ أَن يَقُول لامْرَأَة أتمتع بك كَذَا مُدَّة بِكَذَا من المَال وَقَالَ مَالك هُوَ جَائِز وَالنِّكَاح الْمُؤَقت بَاطِل مثل أَن يتَزَوَّج امْرَأَة بِشَهَادَة شَاهِدين عشرَة ايام وَقَالَ زفر هُوَ صَحِيح لَازم وَيبْطل التَّوْقِيت

نوع فِي الْأَوْلِيَاء والأكفاء وَينْعَقد نِكَاح الْحرَّة الْعَاقِلَة الْبَالِغَة بِرِضَاهَا وَإِن لم يعْقد عَلَيْهَا بولِي بكرا كَانَت أَو ثَيِّبًا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى فِي ظَاهر الرِّوَايَة وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه لَا ينْعَقد إِلَّا بولِي وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى ينْعَقد مَوْقُوفا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى لَا ينْعَقد النِّكَاح بِعِبَارَة النِّسَاء أصلا ثمَّ فِي ظَاهر الرِّوَايَة لَا فرق بَين الْكُفْء وَغير الْكُفْء إِلَّا أَن للْوَلِيّ حق الِاعْتِرَاض فِي غير الْكُفْء وَعَن أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى أَنه لَا يجوز فِي غير الْكُفْء لِأَنَّهُ كم من وَاقع لَا يرفع وَفِي الْحَقَائِق الْمُطلقَة ثَلَاثًا إِذا زوجت نَفسهَا من غير كفؤ وَدخل بهَا الزَّوْج ثمَّ طَلقهَا لَا تحل للزَّوْج الأول على مَا هُوَ الْمُخْتَار قلت وَهَذَا مِمَّا يجب حفظه

وَلَا يجوز للْوَلِيّ إِجْبَار الْبكر الْبَالِغ على النِّكَاح خلافًا للشَّافِعِيّ وَإِذا استأذنها فَسَكَتَتْ أَو ضحِكت فَهُوَ اذن وَقيل إِذا ضحِكت كالمستهزئة بِمَا سَمِعت لَا يكون رضَا وَإِذا بَكت بلاصوت لم يكن ردا وَقيل هَذَا إِذا خرج الدمع بِلَا صَوت كالعويل لِأَنَّهَا تحزن على مُفَارقَة بَيت أَبَوَيْهَا فَأَما إِذا كَانَ لبكائها صَوت كالعويل فَإِنَّهُ يكون ردا

وَفِي فتاوي قاضيخان أَنه يمْتَحن الدمع فَإِن كَانَ بَارِدًا فَهُوَ رضَا وَإِن كَانَ حارا فَلَيْسَ بِرِضا

وَيجوز نِكَاح الصَّغِير وَالصَّغِيرَة إِذا زَوجهمَا الْوَلِيّ بكرا كَانَت الصَّغِيرَة أَو ثَيِّبًا وَالْوَلِيّ هُوَ الْعصبَة فَإِن زَوجهمَا الْأَب وَالْجد فَلَا خِيَار لَهما بعد بلوغهما لِأَنَّهُمَا كَامِلا الرَّأْي وافرا الشَّفَقَة فَيلْزم العقد بمباشرتهما وَإِن زَوجهمَا غير الْأَب وَالْجد فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا الْخِيَار إِذا بلغ إِن شَاءَ أَقَامَ على النِّكَاح وَإِن شَاءَ فسخ وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى لَا خِيَار لَهما اعْتِبَارا بالاب وَالْجد

وَذكر الناطفي فِي روضته إِذا عضل الْأَب بنته الصَّغِيرَة عَن التَّزْوِيج فَزَوجهَا القَاضِي قَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يجوز وَلَا يلْتَفت إِلَى الْأَب

القَاضِي إِذا زوج الصَّغِيرَة من نَفسه فَهُوَ نِكَاح بِلَا ولي لِأَن القَاضِي رعية فِي حق نَفسه وَكَذَا إِذا زوج من ابْنه لَا يجوز لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الحكم وَحكم القَاضِي لِابْنِهِ بَاطِل بِخِلَاف غَيره من الْأَوْلِيَاء حَيْثُ يجوز لِابْنِ الْعم أَن يُزَوّج بنت عَمه من نَفسه أَو ابْنه

وَإِذا غَابَ الْوَلِيّ الْأَقْرَب غيبَة مُنْقَطِعَة جَازَ لمن هُوَ أبعد مِنْهُ فِي الْولَايَة أَن يُزَوّج وَيلْزم تَزْوِيجه حَتَّى لَو جَاءَ الْأَقْرَب لَا يبطل مَا عقده الْأَبْعَد والغيبة المنقطعة أَن يكون فِي بلد لَا تصل القوافل إِلَيْهِ فِي السّنة الا مرّة وَاحِدَة وَهُوَ اخْتِيَار الْقَدُورِيّ وَقيل أدنى مُدَّة السّفر وَهُوَ اخْتِيَار بعض الْمُتَأَخِّرين وَقيل إِذا كَانَ بِحَال يفوت الكفؤ الْخَاطِب استطلاع رَأْيه وَهَذَا أقرب إِلَى الْفِقْه لِأَنَّهُ لَا نظر فِي إبْقَاء ولَايَته حِينَئِذٍ

نوع فِي الْكَفَاءَة وَفِي الْهِدَايَة الْكَفَاءَة تعْتَبر فِي النّسَب لِأَنَّهُ يَقع بِهِ التفاخر فقريش بَعضهم أكفاء لبَعض وَالْعرب بَعضهم أكفاء لبَعض وَأما الموَالِي فَمن كَانَ لَهُ أَبَوَانِ فِي الاسلام فَصَاعِدا فَهُوَ من الْأَكفاء

ص: 318

يَعْنِي لمن كَانَ لَهُ آبَاء فِيهِ وَمن أسلم بِنَفسِهِ أَو لَهُ أَب وَاحِد فِي الاسلام لَا يكون كُفؤًا لمن لَهُ أَبَوَانِ فِي الاسلام لِأَن تَمام النّسَب بالاب وَالْجد وَمن أسلم بِنَفسِهِ لَا يكون كُفؤًا لمن لَهُ أَب وَاحِد فِي الاسلام وَتعْتَبر أَيْضا فِي الدّين أَي الدّيانَة وَتعْتَبر فِي المَال وَهُوَ أَن يكون مَالِكًا للمهر وَالنَّفقَة وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبر فِي ظَاهر الرِّوَايَة حَتَّى أَن من لَا يملكهما أَو لَا يملك أَحدهمَا لَا يكون كُفؤًا

وَفِي البزازي العجمي الْعَالم كفؤ للعربي الْجَاهِل لِأَن شرف الْعلم اقوى وارفع وَكَذَا الْعَالم الْفَقِير كُفؤًا للغني الْجَاهِل وَكَذَا الْعَالم الَّذِي لَيْسَ بقرشي كفؤ للجاهل الْقرشِي والعلوي الْمَجْهُول النّسَب لَا يكون كُفؤًا لمعروف النّسَب

امْرَأَة زوجت نَفسهَا من رجل وَلم تعرف أَنه حر أَو عبد فَإِذا هُوَ عبد مَأْذُون بِالنِّكَاحِ لَيْسَ لَهَا الْفَسْخ وَلَا لأوليائها طلبه وَلَا يَنْفَسِخ بِلَا فسخ القَاضِي وَيكون فرقة من غير طَلَاق حَتَّى أَنه لَو لم يدْخل بهَا لَا يلْزمه شَيْء

تَزْوِيج الْفُضُولِيّ مَوْقُوف ينفذ بِالْإِجَازَةِ وَيبْطل بِالرَّدِّ لصدور الرُّكْن من الْأَهْل مُضَافا إِلَى الْمحل وَلم ينْعَقد قبل الاجازة لعدم الْولَايَة وَكَذَا نِكَاح العَبْد وَالْأمة بِغَيْر اذن الْمولى وَإِن تزوج العَبْد باذن مَوْلَاهُ فالمهر دين فِي رقبته يُبَاع فِيهِ لِأَنَّهُ دين وَجب عَلَيْهِ لوُجُود سَببه من أَهله فقد ظهر فِي حق مَوْلَاهُ لاذنه بِهِ فَيتَعَلَّق بِرَقَبَتِهِ كديون التِّجَارَة

وأنكحة الْكفَّار بَعضهم من بعض جَائِزَة وَقَالَ مَالك فَاسِدَة لنا قَوْله عليه الصلاة والسلام ولدت من نِكَاح لَا من سفاح وَيجوز لِلنَّصْرَانِيِّ أَن يتَزَوَّج بالمجوسية لِأَن الْكفْر كُله مِلَّة وَاحِدَة

ذمِّي تزوج مسلمة يفرق بَينهمَا ويعزران لِأَنَّهَا مَعْصِيّة وَيُعَزر المزوج أَيْضا وَإِذا اسْلَمْ الذِّمِّيّ لم يتْرك على النِّكَاح لِأَنَّهُ وَقع فَاسِدا كَذَا ذكره السرُوجِي فِي آدَاب الْقَضَاء

نوع فِي الْمهْر يَصح عقد النِّكَاح بِغَيْر تَسْمِيَة الْمهْر لِأَن النِّكَاح عقد انضمام وازدواج لُغَة فَيتم بالزوجين ثمَّ الْمهْر وَاجِب شرعا ابانة لشرف الْمحل فَلَا يحْتَاج إِلَى ذكره لصِحَّة النِّكَاح واقل الْمهْر عشرَة دَرَاهِم وَلَو سمى أقل من عشرَة فلهَا الْعشْرَة وَقَالَ زفر رحمه الله لَهَا مهر الْمثل لِأَن تَسْمِيَة مَالا يصلح مهْرا كانعدامه وَلَو طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا يجب خَمْسَة عِنْد عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَة وَعِنْده تجب الْمُتْعَة كَمَا إِذا لم يسم شَيْئا

وَمن سمى مهْرا عشرَة فَمَا زَاد فَعَلَيهِ الْمُسَمّى إِن دخل بهَا أَو مَاتَ عَنْهَا وَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا وَالْخلْوَة فلهَا نصف الْمُسَمّى لقَوْله تَعَالَى {وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ} الْآيَة وَشَرطه أَن يكون قبل الْخلْوَة لِأَنَّهَا كالدخول بهَا عِنْد نَا وَإِن تزَوجهَا وَلم يسم لَهَا مهْرا أَو تزَوجهَا على أَن لَا مهر لَهَا فلهَا مهر مثلهَا إِن دخل بهَا أَو مَاتَ عَنْهَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجب شَيْء فِي الْمَوْت وَأَكْثَرهم على أَنه يجب فِي الدُّخُول وَلَو طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا فلهَا الْمُتْعَة لقَوْله تَعَالَى {ومتعوهن على الموسع قدره وعَلى المقتر قدره} الْآيَة ثمَّ هَذِه الْمُتْعَة وَاجِبَة رُجُوعا إِلَى الْأَمر وَفِيه خلاف مَالك رَحمَه الله تَعَالَى والمتعة لَا تزيد على نصف مهر مثلهَا وَلَا تنقص عَن خَمْسَة دَرَاهِم وَتعْتَبر بِحَالهِ فِي الصَّحِيح وَهِي درع وخمار وَمِلْحَفَة

ص: 319

وَإِذا زوج الرجل بنته على أَن يُزَوجهُ الآخر بنته أَو أُخْته ليَكُون أحد الْعقْدَيْنِ عوضا عَن الآخر فالعقدان جائزان وَلكُل وَاحِد مِنْهُمَا مهر مثلهَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يبطل العقدان

وَإِن تزوج حر امْرَأَة على خدمته سنة أَو على تَعْلِيم الْقُرْآن فلهَا مهر مثلهَا وَقَالَ مُحَمَّد لَهَا قيمَة خدمته وَمهر مثلهَا يعْتَبر بأخواتها وعماتها وَبَنَات أعمامها فَإِن لم يُوجد مِنْهُم أحد فَمن الْأَجَانِب أَي يعْتَبر مهر مثلهَا من قَبيلَة مثل قَبيلَة أَبِيهَا وَلَا يعْتَبر بأمها وخالتها إِذا لم يَكُونَا من قبيلتها فَإِن كَانَت الْأُم من قوم أَبِيهَا بِأَن كَانَت بنت عَمه فَحِينَئِذٍ يعْتَبر بمهرها وَيعْتَبر فِي مهر الْمثل أَن تتساوى الْمَرْأَتَانِ فِي السن وَالْجمال وَالْمَال وَالْعقل وَالدّين والبلد وَالْعصر والعفة قَالُوا وَيعْتَبر التَّسَاوِي أَيْضا فِي الْبكارَة والثيوبة وللمرأة أَن تمنع نَفسهَا حَتَّى تَأْخُذ الْمهْر الْمُعَجل وتمنعه أَن يُخرجهَا أَي يُسَافر بهَا وَلَيْسَ للزَّوْج أَن يمْنَعهَا من السّفر وَالْخُرُوج من منزله وزيارة أَهلهَا حَتَّى يوفيها الْمهْر كُله أَي الْمُعَجل وَلَو كَانَ الْمهْر كُله مُؤَجّلا فَلَيْسَ لَهَا أَن تمنع نَفسهَا لإِسْقَاط حَقّهَا بالتأجيل كَمَا فِي المنبع وَلَو كَانَ الْمهْر حَالا فأخرته شهرا فَلَيْسَ لَهَا أَن تمنع نَفسهَا عِنْدهمَا وَعند أبي يُوسُف لَهَا ذَلِك لِأَن هَذَا تَأْجِيل طاريء فَكَانَ حكمه حكم التَّأْجِيل الْمُقَارن

وَلَو قَالَ نصفه معجل وَنصفه مُؤَجل وَلم يذكر الْوَقْت للمؤجل اخْتلف الْمَشَايِخ رَحِمهم الله تَعَالَى فِيهِ قَالَ بَعضهم لَا يجوز الْأَجَل وَيجب حَالا كَمَا إِذا قَالَ تَزَوَّجتك على ألف مُؤَجّلَة وَقَالَ بَعضهم يجوز وَيَقَع ذَلِك على وَقت وُقُوع الْفرْقَة بِالْمَوْتِ أَو بِالطَّلَاق وروى عَن أبي يُوسُف مَا يُؤَيّد هَذَا القَوْل وَهُوَ أَن رجلا كفل لامْرَأَة عَن زَوجهَا نَفَقَة كل شهر يلْزمه نَفَقَة شهر وَاحِد فِي الِاسْتِحْسَان وَذكر عَن أبي يُوسُف أَنه يلْزمه نَفَقَة أكل شهر مَا دَامَ النِّكَاح بَينهمَا قَائِما فَكَذَلِك هَاهُنَا

وَمن تزوج امْرَأَة ثمَّ اخْتلفَا فِي الْمهْر فَالْقَوْل قَول الْمَرْأَة فِي مهر مثلهَا وَالْقَوْل قَول الزَّوْج فِيمَا زَاد على مهر الْمثل وَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا فَالْقَوْل قَوْله فِي نصف الْمهْر وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف رحمه الله القَوْل قَوْله قبل الطَّلَاق وَبعده إِلَّا أَن يَأْتِي بِشَيْء قَلِيل وَمَعْنَاهُ مَالا يتعارف مهْرا لَهَا وَهُوَ الصَّحِيح وَلَو كَانَ الِاخْتِلَاف فِي أصل الْمُسَمّى فَيجب مهر الْمثل بالاجماع

وَمن بعث إِلَى امْرَأَته شَيْئا فَقَالَت هُوَ هَدِيَّة وَقَالَ الزَّوْج هُوَ مهر فَالْقَوْل قَوْله لِأَنَّهُ هُوَ المملك فَكَانَ أعرف بِجِهَة التَّمْلِيك كَيفَ وَأَن الظَّاهِر أَنه يسْعَى فِي إِسْقَاط الْوَاجِب قَالَ إِلَّا فِيمَا هيء للْأَكْل كالحلوى وَالْخبْز والفاكهة مِمَّا لَا يعْطى فِي الْمهْر عَادَة فَإِن القَوْل فِيهِ قَوْلهَا وَلَا يكون مهْرا بِحَال لِأَن الظَّاهِر يكذبهُ وَأما سَائِر الْأَمْوَال فقد يكون مهْرا وَقد يكون هَدِيَّة فإليه الْبَيَان وَلَو لم يكن مُهَيَّأ للْأَكْل نَحْو شَاة أَو حِنْطَة أَو لوز مِمَّا يبقي مثلهَا شهرا فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه

وَفِي الذَّخِيرَة رجل زوج ابْنَته وجهزها بجهاز فَمَاتَتْ ثمَّ زعم أَن الَّذِي دَفعه إِلَيْهَا أَمَانَة وَأَنه لم يَهبهُ لَهَا وَإِنَّمَا هُوَ عَارِية فَالْقَوْل قَول الزَّوْج إِنَّه ملك الزَّوْجَة وعَلى الْأَب الْبَيِّنَة أَنه عَارِية لِأَن الْعَارِية لَا تثبت بِمُجَرَّد دَعْوَاهُ لَهَا من لم يبرهن هُوَ لِأَن الظَّاهِر شَاهد للزَّوْج وَحكى عَن القَاضِي الامام على السغدي رَحمَه الله تَعَالَى أَن القَوْل قَول الْأَب لِأَن الْيَد استفيدت من جِهَته فَيكون القَوْل قَوْله بِأَيّ جِهَة أثبتها وَبِه أَخذ بعض مَشَايِخنَا وَذكر شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ فِي السّير الْكَبِير هَكَذَا إِن القَوْل قَول الْأَب وَقَالَ لِأَن الْعَارِية تبرع وَالْهِبَة تبرع وَالْعَارِية أدناها فَتحمل على الْأَدْنَى قَالَ الصَّدْر الشَّهِيد وَالْمُخْتَار

ص: 320

للْفَتْوَى أَنه إِن كَانَ الْعرف مستمرا أَن الْأَب يدْفع إِلَيْهَا جهازا لَا عَارِية كَمَا فِي دِيَارنَا فَالْقَوْل قَول الزَّوْج وَإِن كَانَ الْعرف مُشْتَركا فَالْقَوْل للْأَب قَالَ قاضيخان رحمه الله إِن كَانَ الْجَواب فِيهِ دلّ على التَّفْصِيل إِن كَانَ الْأَب من الْأَشْرَاف والكرام لَا يقبل قَوْله إِن الجهاز عَارِية وَإِن كَانَ مِمَّن لَا يُجهز الْبَنَات بِمثل ذَلِك قبل قَوْله

وَفِي الْعِمَادِيّ رجل غر رجلا وَقَالَ أزوج بِنْتي مِنْك وأجهزها جهازا عَظِيما وَمَا تدفع الي من الْمُعَجل أرده اليك مَعَ ثَلَاثَة أَمْثَاله فَتزَوج الرجل وَدفع النَّقْد إِلَى أبي الْمَرْأَة بِقدر وَسعه ثمَّ إِن أَبَا الْبِنْت لم يجهزها وَلم يدْفع إِلَى الزَّوْج شَيْئا هَل للزَّوْج أَن يرجع عَلَيْهِ بِمَا زَاد على نقد مثلهَا لَا رِوَايَة فِيهِ إِلَّا أَن صدر الاسلام الْبَزْدَوِيّ وعماد الدّين النَّسَفِيّ وجمال الاسلام الشريف والصدر الْكَبِير برهَان الدّين ومشايخ بُخَارى رَحِمهم الله تَعَالَى أفتوا أَن الزَّوْج يُطَالب أَبَا الْمَرْأَة بالتجهيز فَإِن جهزوا لَا يسْتَردّ مَا زَاد على نقد مثلهَا وَقد قدرُوا الجهاز بِالنَّقْدِ فَالْقَاضِي الامام صدر الاسلام الْبَزْدَوِيّ وعماد الدّين النَّسَفِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى قدرا لكل دِينَار من النَّقْد ثَلَاثَة دَنَانِير من الجهاز أَو أَرْبَعَة دَنَانِير فالزوج يُطَالِبهُ بِهَذَا الْقدر وَلَا يسْتَردّ مَا زَاد على نقد مثلهَا قَالَ رحمه الله وَقد استفتيت من بعض مَشَايِخ بُخَارى كَالْقَاضِي جلال الدّين وَالشَّيْخ الْأَجَل برهَان الدّين فَأَجَابُوا كَمَا كتبنَا وَقَالُوا إِن اخْتِيَار مَشَايِخ بُخَارى هَكَذَا وَفِي فتاوي ظهير الدّين المرغيناني الصَّحِيح أَنه لَا يرجع على أبي الْمَرْأَة بِشَيْء لِأَن الْمَالِيَّة فِي بَاب النِّكَاح لَيست بمقصود أُصَلِّي

وَفِي فَوَائِد صدر الاسلام طَاهِر بن مَحْمُود تزوج امْرَأَة وَدفع إِلَيْهَا النَّقْد وَلم تأت بالجهاز إِلَى بَيت زَوجهَا هَل تجبر على ذَلِك قَالَ القَاضِي الامام جلال الدّين رَحمَه الله تَعَالَى للزَّوْج أَن يطالبها بالجهاز بِمِقْدَار مَا أَعْطَاهَا من النَّقْد على عرف النَّاس وعاداتهم

تزوج امْرَأَة على أَنَّهَا بكر فَإِذا هِيَ غير بكر وَقد أَعْطَاهَا الْمُعَجل هَل لَهُ أَن يرجع عَلَيْهَا بِمَا زَاد على نقد مثلهَا فعلى قِيَاس مَا اخْتَارَهُ صدر الاسلام الْبَزْدَوِيّ وَمن وَافقه من مَشَايِخ بُخَارى فِي مَسْأَلَة الجهاز يَنْبَغِي أَن يكون لَهُ ذَلِك وَفِي فتاوي ظهير الدّين المرغيناني أَنه لَا رُجُوع لَهُ بِشَيْء لِأَن مَا دَفعه إِلَيْهَا لَيْسَ هُوَ فِي مُقَابلَة الْبضْع وَإِنَّمَا هُوَ للاستمتاع بهَا

وَذكر شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِذا نعى إِلَى امْرَأَة بِمَوْت زَوجهَا فاعتدت وَتَزَوَّجت بآخر وَولدت ثمَّ جَاءَ الأول حَيا فَعِنْدَ أبي حنيفَة رحمه الله الْوَلَد للزَّوْج الأول سَوَاء جَاءَت بِهِ لأَقل من سِتَّة أشهر أَو لأَقل من سنتَيْن أَو أَكثر لِأَنَّهُ صَاحب الْفراش الصَّحِيح وَالثَّانِي صَاحب الْفراش الْفَاسِد فَصَارَ كمن زوج أمته فَجَاءَت بِولد فَإِنَّهُ يثبت النّسَب من الزَّوْج دون الْمولى وَلَو ادعياه ذكر الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث رَحمَه الله تَعَالَى فِي حجَّة أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى إِن اتفقَا أَن الأول لَو كَانَ حَاضرا أَو كَانَ متغيبا مختفيا فَالْوَلَد للْأولِ هَكَذَا ذكر أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى فِي الأمالي فِي هَذَا الْفَصْل اتِّفَاقًا وَإِن نفى الأول وَالْآخر الْوَلَد أَو نَفَاهُ أَحدهمَا فَهُوَ للْأولِ على كل حَال وَلَا حد عَلَيْهِ وَلَا لعان وروى عبد الْكَرِيم والجرجاني عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنه رَجَعَ عَن هَذَا القَوْل وَقَالَ يثبت النّسَب من زوج الثَّانِي وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن جَاءَت بِهِ لأَقل من سِتَّة أشهر مُنْذُ تزَوجهَا الثَّانِي فَهُوَ للْأولِ وَإِن جَاءَت بِهِ لسِتَّة شهر فَصَاعِدا مُنْذُ تزَوجهَا فَهُوَ للثَّانِي سَوَاء ادعياه أَو نفياه وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى إِن جَاءَت بِهِ لأَقل من

ص: 321

سنتَيْن مُنْذُ دخل بهَا الثَّانِي فَهُوَ للْأولِ وَإِن جَاءَت بِهِ لأكْثر من سنتَيْن مُنْذُ دخل بهَا الثَّانِي فَهُوَ للثَّانِي قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث وَقَول مُحَمَّد أصح وَبِه نَأْخُذ

وَلَو سبيت الْمَرْأَة وَتَزَوجهَا رجل من أهل الْحَرْب وَولدت فعلى هَذَا الْخلاف

وَفِي مَجْمُوع النَّوَازِل سُئِلَ نجم الدّين النَّسَفِيّ عَمَّن تزوج امْرَأَة صَغِيرَة بتزويج أَبِيهَا ثمَّ مَاتَ الْأَب وَالزَّوْج غَائِب فكبرت الْبِنْت وَتَزَوَّجت رجلا فَحَضَرَ الْغَائِب وادعاها فأنكرت وَلم يكن لَهُ بَيِّنَة فَلم يقْض لَهُ بهَا وَقضى بهَا للثَّانِي فَولدت مِنْهُ بِنْتا وَللزَّوْج الأول ابْن من امْرَأَة لَهُ أُخْرَى هَل يجوز النِّكَاح من هَذَا الابْن بِهَذِهِ الْبِنْت قَالَ رحمه الله إِن كَانَ فِي حَال صغر الابْن لَا يجوز لِأَن فِي زعم أَبِيه أَن أم الْبِنْت زَوجته وَالْبِنْت ولدت على فرَاشه فَهِيَ بنته فَأَما إِذا كبر الابْن وَأَرَادَ أَن يتَزَوَّج الْبِنْت بِنَفسِهِ فَيَنْبَغِي أَن يجوز لِأَن إِقْرَار الْأَب لم ينفذ على غَيره

قَالَ صَاحب الْعِمَادِيّ وَسُئِلَ جدي شيخ الاسلام عَن صَغِيرَة زَوجهَا أَبوهَا من صَغِير قبل عَنهُ أَبوهُ فَمَاتَ الأبوان ثمَّ بلغا وَلم يعلمَا بِهِ يَعْنِي النِّكَاح وَتَزَوَّجت الْمَرْأَة بآخر وَولدت مِنْهُ أَوْلَادًا ثمَّ إِن الرجل علم بذلك وَادّعى النِّكَاح وَلم يُمكنهُ إثْبَاته ثمَّ أَرَادَ أَن يُزَوّج وَلَدهَا من وَلَده هَل يحل ذَلِك فَأجَاب رَحمَه الله تَعَالَى لَا يحل وَالله أعلم

وَفِي فتاوي قاضيخان وَلَو تزوج امْرَأَة لَهَا زوج وَوَطئهَا لَا يجب الْحَد عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَإِن لم يدع الْحل

نوع فِي الْقسم وَالرّضَاع وَفِي الْهِدَايَة إِذا كَانَ للرجل امْرَأَتَانِ حرتان فَعَلَيهِ أَن يعدل بَينهمَا فِي الْقسم بكرين كَانَتَا أَو ثيبين أَو كَانَت إِحْدَاهمَا بكرا وَالْأُخْرَى ثَيِّبًا لقَوْله صلى الله عليه وسلم من كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ وَمَال إِلَى أَحدهمَا فِي الْقسم جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَشقه مائل أَي مفلوج وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يعدل بَين نِسَائِهِ فِي الْقسم وَكَانَ يَقُول اللَّهُمَّ هَذَا قسمي فِيمَا أملك فَلَا تؤاخذني فِيمَا لَا أملك يَعْنِي زِيَادَة الْمحبَّة وَلَا فصل فِيمَا روينَاهُ والقديمة والحديثة والمسلمة والكتابية سَوَاء لإِطْلَاق مَا روينَا وَلِأَن الْقسم من حُقُوق النِّكَاح وَلَا تفَاوت بَينهُنَّ فِي ذَلِك

وَالِاخْتِيَار فِي مِقْدَار الدّور إِلَى الزَّوْج لِأَن الْمُسْتَحق هُوَ التَّسْوِيَة دون طَرِيقه والتسوية الْمُسْتَحقَّة فِي البيتوتة لَا فِي المجامعة لِأَنَّهَا تنبني على النشاط وَقَالَ الشَّافِعِي رحمه الله يُقيم الزَّوْج عِنْد الْبكر الجديدة سبعا وَالثَّيِّب ثَلَاثًا ثمَّ يسْتَأْنف لقَوْله صلى الله عليه وسلم من تزوج بكرا على امْرَأَة عِنْده يُقيم مَعهَا سَبْعَة ايام وَإِن تزوج ثَيِّبًا يُقيم عِنْدهَا ثَلَاثَة أَيَّام وَمعنى مَا رَوَاهُ الدّور على السَّبع وَالثَّلَاث فِي الْقسم بالتسوية بَينهُنَّ جَمِيعًا بَين الْحَدِيثين وَإِن كَانَت إِحْدَاهمَا حرَّة وَالْأُخْرَى أمة فللحرة الثُّلُثَانِ من الْقِسْمَة وللأمة الثُّلُث فَأَما فِي الْمَأْكُول والمشروب والملبوس فَإِنَّهُ يَسْتَوِي بَينهمَا لِأَن ذَلِك من الْحَاجَات اللَّازِمَة فتستوي فِيهِ الْحرَّة وَالْأمة وَالْمُكَاتبَة والمدبرة وَأم الْوَلَد كالأمة لقِيَام الرّقّ فِيهِنَّ وَلَا قسم للملوكة بِملك الْيَمين أَي لَا لَيْلَة لَهَا وَإِن كثرن

وَفِي الْقنية رجل لَهُ زَوْجَة وَجَارِيَة يبيت عِنْد الزَّوْجَة خمس لَيَال من الْأُسْبُوع وليلتين عِنْد الْجَارِيَة أَو فِي المطالعة فَلهُ ذَلِك إِذا لم يقْصد الْإِقْرَار بهَا وَلَا قسم فِي السّفر فيسافر بِمن شَاءَ مِنْهُنَّ والقرعة

ص: 322

أولى يَعْنِي يسْتَحبّ أَن يقرع بَينهُنَّ ليسافر بِمن خرجت قرعتها تطييبا لقلوبهن وَإِن تركت قسمهَا لضرتها صَحَّ وَإِن رجعت جَازَ اه

وَفِي المنبع الرَّضَاع قَلِيله وَكَثِيره سَوَاء فِي اثبات الْحُرْمَة عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي رحمه الله لَا تثبت الْحُرْمَة بِمُطلق الرَّضَاع بل بِخمْس رَضعَات قيل فِي تَفْسِير الْخمس أَن يَكْتَفِي الصَّبِي بِكُل وَاحِدَة مِنْهَا

ثمَّ مُدَّة الرَّضَاع عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى ثَلَاثُونَ شهرا وَعِنْدَهُمَا رحمهمَا الله تَعَالَى سنتَانِ وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَاحْمَدْ رحمهمَا الله تَعَالَى وَعند زفر رَحمَه الله تَعَالَى ثَلَاث سِنِين وَقَالَ بَعضهم أَربع سِنِين وَقَالَ بَعضهم عشر سِنِين وَقَالَ بَعضهم خَمْسَة عشر سنة وَقَالَ بَعضهم عشرُون سنة وَقَالَ بَعضهم أَرْبَعُونَ سنة وَقَالَ بَعضهم مُدَّة الرَّضَاع جَمِيع الْعُمر

وَفِي الذَّخِيرَة مُدَّة الرَّضَاع ثَلَاث أَوْقَات أدنى وأوسط وأقصى فالأدنى حول وَنصف حول والأوسط حولان والأقصى حولان وَنصف حول فَلَو كَانَ الْوَلَد يَسْتَغْنِي دون الْحَوْلَيْنِ ففطمته أمه فِي حول وَنصف يحل بالاجماع وَلَا إِثْم وَلَو لم يسْتَغْن عَنْهَا بحولين يحل لَهَا أَن ترْضِعه بعد ذَلِك عِنْد عَامَّة الْعلمَاء إِلَّا عِنْد خلف بن أَيُّوب

فَالْحَاصِل أَن مُدَّة الرَّضَاع إِذا مَضَت لَا يتَعَلَّق بهَا التَّحْرِيم وَلَكِن ذَلِك على حسب اخْتلَافهمْ فِي مُدَّة الرَّضَاع كَمَا مر فَلَا نعيده ثَانِيًا وَقَالَ بعض النَّاس تثبت الْحُرْمَة بارتضاع الْكَبِير وَلَا يعْتَبر الْفِطَام قبل الْمدَّة حَتَّى لَو فطم الصَّغِير قبل الْحَوْلَيْنِ ثمَّ ارضع فِي مُدَّة ثَلَاثِينَ شهرا عِنْده وحولين عِنْدهمَا فَهُوَ رضَاع يُوجب الْحُرْمَة لوُجُود الارضاع فِي الْمدَّة

وَذكر الْخصاف رحمه الله أَنه ينظر إِن كَانَ الصَّبِي يَسْتَغْنِي بِالطَّعَامِ عَن اللَّبن لَا تثبت الْحُرْمَة وَإِن كَانَ لَا يَسْتَغْنِي تثبت الْحُرْمَة وَهُوَ رِوَايَة عَن أبي حنيفَة رحمه الله قلت وَهَذِه الرِّوَايَة لَا تخَالف الرِّوَايَة الأولى من حَيْثُ الْمَعْنى لِأَنَّهُ إِذا لم يُوجد الِاسْتِغْنَاء لم يكن الْفِطَام مُعْتَبرا وَفِي الْغَايَة وَعَلِيهِ الْفَتْوَى

وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله أَنه إِذا فطم الصَّغِير وَكَانَ يَكْتَفِي بِالطَّعَامِ فأرضعته امْرَأَة لم يكن رضَاعًا وَإِن كَانَ لَا يَكْتَفِي بِالطَّعَامِ عَن اللَّبن فَإِن كَانَ أَكثر الَّذِي يتَنَاوَلهُ هُوَ اللَّبن دون الطَّعَام يكون رضَاعًا وَإِن كَانَ الْأَكْثَر هُوَ الطَّعَام لَا يكون رضَاعًا وَفِي الْهِدَايَة قيل لَا يُبَاح الارضاع بعد مُدَّة الرَّضَاع لِأَن إِبَاحَته ضَرُورِيَّة لكَونه جُزْء الْآدَمِيّ

وَيحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب للْحَدِيث الْمَشْهُور إِلَّا أم أُخْته من الرَّضَاع فَإِنَّهُ يجوز أَن يَتَزَوَّجهَا وَلَا يجوز أَن يتَزَوَّج أم أُخْته من النّسَب لِأَنَّهَا تكون أمه أَو موطوأة أَبِيه بِخِلَاف الرَّضَاع وَيجوز أَن يتَزَوَّج أُخْت ابْنه من الرَّضَاع وَلَا يجوز ذَلِك من النّسَب لِأَنَّهُ لما وطيء أمهَا حرمت عَلَيْهِ وَلم يُوجد هَذَا الْمَعْنى فِي الرَّضَاع

وَلبن الْفَحْل يتَعَلَّق بِهِ التَّحْرِيم وَهُوَ أَن ترْضع الْمَرْأَة صبية فَتحرم هَذِه الصبية على زَوجهَا وعَلى آبَائِهِ وأبنائه وَيصير الزَّوْج الَّذِي نزل لَهَا مِنْهُ اللَّبن أَبَا للمرضعة وَفِي أحد قولي الشَّافِعِي لبن الْفَحْل لَا يحرم

وَفِي الْمُحِيط وَلَو زنى بِامْرَأَة فَولدت مِنْهُ فأرضعت بِهَذَا اللَّبن صبية تحرم على الزَّانِي وفروعه وأصوله

ص: 323