الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رهن الْوَصِيّ مَال الْيَتِيم وَالْوَرَثَة كبار لَا يجوز إِذا كَانَ الدّين على الْوَرَثَة الْكِبَار لتصرفه فِيمَا هُوَ مَمْنُوع من التَّصَرُّف فِيهِ وَلَو كَانَ الدّين على الْمَيِّت جَازَ وَقيل لَا يجوز وَلَو كَانَ على الْمَيِّت أَيْضا لِأَن فِيهِ إِتْلَاف مَال التَّرِكَة وَأَنه غير جَائِز وَإِذا هلك الرَّهْن سقط الدّين إِذا كَانَت قيمَة الرَّهْن وَالدّين سَوَاء وَإِن كَانَت قيمَة الرَّهْن أَكثر فَالزِّيَادَة تملك أَمَانَة وَإِن كَانَت قِيمَته أقل من الدّين فَهَلَك سقط من الدّين بِقَدرِهِ وَيرجع على الْمُرْتَهن بالفاضل من الدّين وَعند الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى الرَّهْن أَمَانَة فَإِذا هلك لَا يسْقط من الدّين شَيْء
وَفِي الْقنية رجل آجر دَاره وَسلمهَا الى الْمُسْتَأْجر ثمَّ رَهنهَا مِنْهُ انْفَسَخت الْإِجَارَة وَصَارَت رهنا
وَيجوز أَن يُسَافر بِالرَّهْنِ وَإِن كَانَ لَهُ حمل وَمؤنَة إِذا كَانَ الطَّرِيق أمنا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى كَالْوَدِيعَةِ وَعند مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لَيْسَ لَهُ أَن يُسَافر بِالرَّهْنِ وبالوديعة أَيْضا إِذا كَانَ لَهُ حمل وَمؤنَة قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وَلَو أَرَادَ ذَلِك يرفعهُ الى القَاضِي حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي يَأْمُرهُ بذلك
اسْتعَار شَيْئا ليرهنه فرهن جَازَ وَله أَن يَأْمُرهُ بِقَضَاء الدّين واسترداده وَكَذَا إِذا رهن شَيْئا ثمَّ أقرّ بِالرَّهْنِ لغيره لَا يصدق فِي حق الْمُرْتَهن وَيُؤمر بِقَضَاء الدّين ورده الى الْمقر لَهُ وَلَو رهن دَار غَيره فَأجَاز صَاحبهَا جَازَ كَمَا لَو أعارها ابْتِدَاء
رده معيبا قِيمَته خَمْسَة وَقَالَ كَذَلِك قَبضته وَقَالَ الرَّاهِن بل قَبضته سليما قِيمَته عشرَة وَأَقَامَا الْبَيِّنَة فَبَيِّنَة الرَّاهِن أولى وَقَالَ برهَان الدّين صَاحب الدّين أولى وَلَو قَالَ شَاهد الرَّهْن لَا أَدْرِي بكم رَهنه لَا تقبل شَهَادَته وَقَالَ ظهير الدّين المرغيناني تقبل
اخْتلفَا فِي الرَّهْن فَقَالَ الرَّاهِن الرَّهْن غير هَذَا وَقَالَ الْمُرْتَهن بل هَذَا هُوَ الَّذِي رهنته عِنْدِي فَالْقَوْل للْمُرْتَهن انْتهى كَلَام الْقنية
وَفِي البزازي ألْقى الْمُرْتَهن الْخَاتم الْمَرْهُون فِي كيسه المنخرق وَضاع بالسقوط يضمن كل الْفَاضِل من الدّين أَيْضا
قَالَ للْمُرْتَهن أعْطه للدلال ليبيع وَخذ حَقك فَدفعهُ الى الدَّلال وَهلك فِي يَده لَا يضمن الْمُرْتَهن
وَلَو بَاعَ الْمُرْتَهن مَا يخَاف عَلَيْهِ الْفساد من الْمُتَوَلد من الرَّهْن كاللبن وَالثَّمَرَة وَكَذَا نفس الرَّهْن إِذا كَانَ مِمَّا يخَاف عَلَيْهِ الْفساد بِإِذن القَاضِي وَيكون ثمنه رهنا وَإِن بَاعه بِلَا إِذن القَاضِي ضمن وَلَيْسَ للْحَاكِم بيع الرَّهْن إِذا كَانَ الرَّاهِن مُفلسًا عِنْد الامام رَحمَه الله تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يرى الْحجر على الْحر الْمَدْيُون
وَفِي الْقنية للْمُرْتَهن بيع الرَّهْن بِإِجَازَة الْحَاكِم وَأخذ دينه إِذا كَانَ الرَّاهِن غَائِبا لَا يعرف مَوته وَلَا حَيَاته انْتهى وَالله سبحانه وتعالى أعلم
الْفَصْل الْحَادِي وَالْعشْرُونَ فِي الْكَرَاهِيَة
الْمَكْرُوه عِنْد مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى حرَام وَلم يتَلَفَّظ بِهِ لعدم الْقَاطِع فنسبه الْمَكْرُوه الى الْحَرَام كنسبة الْوَاجِب الى الْفَرْض وَعند أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى لَيْسَ بِحرَام لكنه الى الْحَرَام أقرب لِأَنَّهُ إِذا تعَارض دَلِيل الْحل بِدَلِيل الْحُرْمَة يغلب جَانب الْحُرْمَة على جَانب الْحل لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام
إِذا اجْتمع الْحَلَال وَالْحرَام يغلب الْحَرَام على الْحَلَال وَهَذَا هُوَ الْمَكْرُوه كَرَاهَة تَحْرِيم وَأما الْمَكْرُوه كَرَاهَة تَنْزِيه فَإلَى الْحَلَال أقرب كَذَا فِي الْوِقَايَة وَشَرحهَا
وَفِي الْجَامِع الصَّغِير قَالَ وَيكرهُ أكل لُحُوم الأتن وَأَلْبَانهَا لما روى عَن جَابر رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه السلام حرم لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة يَوْم خَيْبَر وَإِذا ثَبت حكم اللَّحْم ثَبت حكم اللَّبن لِأَنَّهُ متولد مِنْهُ وَالْمرَاد بِالْكَرَاهَةِ هُنَا التَّحْرِيم وَكَذَلِكَ أَبْوَال الْإِبِل وَلحم الْفرس وَقَالا لَا بَأْس بأبوال الْإِبِل وَلحم الْفرس
وَتَأْويل قَول أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى فِي أَبْوَال الْإِبِل أَنه لَا بَأْس بهَا للتداوي لما فِي حَدِيث جَابر أَنه قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عليه السلام عَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة واذن فِي لُحُوم الْخَيل وَلأبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله تَعَالَى {وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير لتركبوها} وَلِأَنَّهُ آلَة لإرهاب الْعَدو فَيكْرَه أكله للاحترام
وَفِي الْوِقَايَة الْأكل فرض إِن دفع بِهِ هَلَاكه ومأجور عَلَيْهِ إِذا تمكن من صلَاته قَائِما وَمن صَوْمه ومباح الى الشِّبَع لتزيد قوته وَحرَام فَوْقه الا لقصده صَوْم الْغَد أَو لِئَلَّا يستحي ضَيفه وَالْأكل وَالشرب والأدهان والتطيب من إِنَاء ذهب وَفِضة حرَام للرِّجَال وَالنِّسَاء وَحل من إِنَاء رصاص وبلور وزجاج وعقيق وَمن إِنَاء مفضض وجلوسه على مفضض متقيا مَوضِع الْفضة
وَلَا يلبس رجل حَرِيرًا الا بِقدر أَرْبَعَة أَصَابِع ويتوسده ويفترشه قَالَ صدر الشَّرِيعَة هَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لما روى أَن النَّبِي صلى الله عليه السلام جلس على مرفقة حَرِير وَقَالا يكره قلت المرفقة بِكَسْر الْمِيم وسَادَة الاتكاء وَالله تَعَالَى أعلم
ويلبس مَا سداه ابريسم وَلحمَته غَيره وَعَكسه فِي حَرْب فَقَط وَفِي الْقنية عَن برهَان الدّين صَاحب الْمُحِيط قَالَ لبس الْحَرِير فَوق الدثار إِنَّمَا لَا يكره عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لِأَنَّهُ اعْتبر حُرْمَة اسْتِعْمَال الْحَرِير إِذا كَانَ يتَّصل بِبدنِهِ صُورَة وَأَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى اعْتبر الْمَعْنى يَعْنِي اللّبْس قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى فَهَذَا تنصيص وَبِه قلت يَعْنِي بِهِ الشَّيْخ برهَان الدّين صَاحب الْمُحِيط على أَن عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا يكره لبس الْحَرِير إِذا لم يتَّصل بجلده حَتَّى لَو لبسه فَوق قَمِيص من غزل أَو نَحوه لَا يكره عندنَا فَكيف إِذا لبسه فَوق قبَاء أَو شَيْء آخر محشو أَو كَانَت جُبَّة من حَرِير بطانتها لَيست بحرير وَقد لبسهَا فَوق قَمِيص غزل وَفِي هَذَا رخصَة عَظِيمَة فِي مَوضِع عَمت فِيهِ الْبلوى وَلَكِن تطلبت هَذَا القَوْل عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فِي كثير من الْكتب فَلم أجد سوى هَذَا
وَقَالَ شمس الْأَئِمَّة الْحلْوانِي وَمن النَّاس من يَقُول إِنَّمَا يكره إِذا كَانَ الْحَرِير يمس الْجلد وَمَا لَا فَلَا وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه كَانَ عَلَيْهِ جُبَّة من حَرِير فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ أما ترى الى مَا يَلِي الْجَسَد وَكَانَ تَحْتَهُ ثوب من قطن ثمَّ قَالَ بديع الدّين إِلَّا أَن الصَّحِيح مَا ذكرنَا أَن الْكل حرَام
وَفِي شرح الْجَامِع الصَّغِير للبزدوي رَحمَه الله تَعَالَى وَمن النَّاس من أَبَاحَ لبس الْحَرِير والديباج للرِّجَال وَمِنْهُم من قَالَ هُوَ حرَام على النِّسَاء أَيْضا وَعَامة الْفُقَهَاء على أَنه يحل للنِّسَاء دون الرِّجَال اه وَالله سبحانه وتعالى أعلم
وَهَذَا آخر مَا انْتهى اليه تأليف مُصَنفه رَحمَه الله تَعَالَى ويليه تكملته إِن شَاءَ الله تَعَالَى