المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل التاسع عشر في الهبة - لسان الحكام

[ابن الشحنة، لسان الدين]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الْفَصْل الأول فِي آدَاب الْقَضَاء وَمَا يتَعَلَّق بِهِ

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي أَنْوَاع الدَّعَاوَى والبينات

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي الشَّهَادَات

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي الْوكَالَة وَالْكَفَالَة وَالْحوالَة

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي الْإِقْرَار

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي الْوَدِيعَة

- ‌الْفَصْل الثَّامِن

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي أَنْوَاع الضمانات الْوَاجِبَة وكيفيتها وَفِي تضمين الْأمين

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي الْوَقْف

- ‌الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي الْغَصْب وَالشُّفْعَة وَالْقِسْمَة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي الْإِكْرَاه

- ‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي النِّكَاح

- ‌الْفَصْل الرَّابِع عشر

- ‌الْفَصْل الْخَامِس عشر فِي الْإِعْتَاق

- ‌الْفَصْل السَّادِس عشر فِي الْأَيْمَان

- ‌الْفَصْل السَّابِع عشر فِي الْبيُوع

- ‌الْفَصْل الثَّامِن عشر فِي الاجارة

- ‌الْفَصْل التَّاسِع عشر فِي الْهِبَة

- ‌الْفَصْل الْعشْرُونَ فِي الرَّهْن

- ‌الْفَصْل الْحَادِي وَالْعشْرُونَ فِي الْكَرَاهِيَة

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي وَالْعشْرُونَ من الْفُصُول الثَّلَاثِينَ فِي الصَّيْد والذبائح وَالْأُضْحِيَّة = كتاب الصَّيْد

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي التَّسْمِيَة

- ‌الْفَصْل الثَّالِث وَالْعشْرُونَ فِي الْجِنَايَات والديات وَالْحُدُود

- ‌من الغنية

- ‌فصل فِي الْمَسْأَلَة الْمُتَعَلّقَة بالحدود

- ‌فصل فِيمَا يظْهر فِي الزِّنَى

- ‌فصل فِيمَا يصير شُبْهَة بالإحصان

- ‌فصل فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا

- ‌الْفَصْل الرَّابِع وَالْعشْرُونَ فِي الشّرْب والمزارعة والمساقة = كتاب الشّرْب

- ‌فصل فِي مسَائِل المَاء

- ‌فصل فِي أَعمال الْمُزَارعَة مَا يكون على الْمزَارِع ومالا يكون

- ‌فصل فِيمَا يكون عذرا فِي فسخ الْمُزَارعَة

- ‌فصل فِي الْمزَارِع يدْفع الى آخر مُزَارعَة

- ‌الْفَصْل الْخَامِس وَالْعشْرُونَ فِي الحيطانوما يتَعَلَّق

- ‌الْفَصْل السَّادِس وَالْعشْرُونَ فِي السّير

- ‌فصل فِي مسَائِل البيع وَالْملك

- ‌فصل فِي الْحَظْر والاباحة

- ‌الْفَصْل السَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌فصل فِيمَا يكون كفرا من الْمُسلم ومالا يكون

- ‌فصل فِي الضَّمَان

- ‌فصل فِي ذَوي الْأَرْحَام

- ‌فصل فِي الصِّنْف الأول

- ‌فصل فِي الصِّنْف الثَّانِي

- ‌فصل فِي الصِّنْف الثَّالِث

- ‌فصل فِي الصِّنْف الرَّابِع

- ‌فصل فِي الصِّنْف الْخَامِس

- ‌فصل فِي لواحق الْكتاب

- ‌الْفَصْل الثَّلَاثُونَ وَهُوَ تَمام الْفُصُول فِي مسَائِل شَتَّى

الفصل: ‌الفصل التاسع عشر في الهبة

وَفِي شرح منظومة ابْن وهبان لَو آجر دَار لطفل أَو أرضه أَو حانوته أَبوهُ أَو وَصِيّه أَو جده ثمَّ بلغ الطِّفْل فَإِنَّهُ لَا يملك فسخ الْإِجَارَة وَلَو كَانَ أَبُو الطِّفْل أَو وَصِيّه أَو جده آجر الطِّفْل نَفسه لرجل فَبلغ الطِّفْل فَإِنَّهُ يتَخَيَّر إِن شَاءَ فسخ الْإِجَارَة وَإِن شَاءَ اسْتمرّ بهَا

مُتَوَلِّي الْوَقْف إِذا آجر أَرض الْوَقْف بِأُجْرَة مثله يجوز فَإِن زَاد أجر مثلهَا بِتَغَيُّر سعرها فَإِنَّهُ يفْسخ ذَلِك العقد وَيحْتَاج الى تَجْدِيد العقد ثَانِيًا وَفِيمَا مضى من الْمدَّة يجب الْمُسَمّى بِقَدرِهِ وَبعد ذَلِك يجدد العقد على أُجْرَة مَعْلُومَة كَمَا زَادَت كَذَا فِي الْوَلْوَالجيّ قلت وَفِي أدب القَاضِي للسروجي مَا يُخَالف ذَلِك فَإِنَّهُ قَالَ لَيْسَ لَهُ فسخ الْإِجَارَة لِأَن أُجْرَة الْمثل إِنَّمَا تعْتَبر حَالَة العقد وَفِي النَّوَادِر لَيْسَ لَهُ فسخ الْإِجَارَة إِذا كَانَت الْأُجْرَة أُجْرَة الْمثل حَال العقد وَإِن ازدادت بذرة اه

وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل اسْتَأْجر بَعِيرًا الى مَكَّة فَهَذَا على الذّهاب دون الْمَجِيء وَلَو اسْتعَار بَعِيرًا فَهُوَ على الذّهاب والمجيء جَمِيعًا لِأَن فِي الْإِجَارَة مُؤنَة الرَّد على الْأَجِير دون الْمُسْتَأْجر وَفِي الْعَارِية على الْمُسْتَعِير

قَالَ وَحمل الْبَعِير مِائَتَان وَأَرْبَعُونَ منا لِأَن الْعلمَاء تكلمُوا فِي معرفَة الصَّاع قَالُوا ثَمَانِيَة أَرْطَال وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن الوسق حمل بعيرة فِي كَلَام الْعَرَب وَحمل الْبَعِير مِائَتَان وَأَرْبَعُونَ منا والوسق سِتُّونَ صَاعا قلت والصاع ثَمَانِيَة أَرْطَال برطل الْعرَاق وَهُوَ بالحلبي نَحْو رَطْل وَأَرْبع أَوَاقٍ فَحِينَئِذٍ يكون حمل الْبَعِير تَقْرِيبًا ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ رطلا بالحلبي وَالله أعلم

‌الْفَصْل التَّاسِع عشر فِي الْهِبَة

وتنعقد الْهِبَة بالايجاب وَالْقَبُول لِأَنَّهَا عقد فتفتقر الى الايجاب وَالْقَبُول كَسَائِر الْعُقُود وَفِي الْبَدَائِع ركن الْهِبَة الايجاب من الْوَاهِب فَأَما الْقبُول من الْمَوْهُوب لَهُ فَلَيْسَ بِرُكْن اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاس أَن يكون ركنا وَبِه قَالَ زفر رَحمَه الله تَعَالَى وتتم بِالْقَبْضِ الْكَامِل فالقبض الْكَامِل فِي الْمَنْقُول مَا يُنَاسِبه وَفِي الْعقار مَا يُنَاسِبه فَقبض مِفْتَاح الدَّار قبض لَهَا وَالْقَبْض الْكَامِل فيا يحْتَمل الْقِسْمَة يكون بِالْقِسْمَةِ حَتَّى يَقع الْقَبْض على الْمَوْهُوب بطرِيق الْأَصَالَة من غير أَن يكون الْقَبْض بتبعية قبض الْكل وَفِيمَا لَا يحْتَمل الْقِسْمَة بتبعية الْكل

وَفِي المنبع إِذا قبض الْمَوْهُوب لَهُ فِي مجْلِس عقد الْهِبَة بِغَيْر اذن الْوَاهِب جَازَ اسْتِحْسَانًا وَإِن قبض بعد الِافْتِرَاق لم يجز إِلَّا أَن يَأْذَن لَهُ الْوَاهِب فِي الْقَبْض وَهُوَ الْقيَاس فِي الأول لِأَن الْقَبْض تصرف فِي ملك الْوَاهِب وَالتَّصَرُّف فِي ملك الْغَيْر لَا يجوز الا باذنه

وَمن شَرَائِط الْهِبَة الافراز فَلم تصح فِي مشَاع يحْتَمل الْقِسْمَة وَصحت فِيمَا لَا يحتملها

وهب دَارا من رجلَيْنِ لم يجز عِنْدهمَا خلافًا لمُحَمد وَلَو قَالَ وهبت الدَّار ثلثيها لهَذَا وثلثها لهَذَا لَا يجوز عِنْد أَبى حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى وَعند مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى يجوز وَالصَّدَََقَة على فقيرين على هَذَا الْقيَاس

رجل قَالَ لآخر وهبت حصتي من هَذَا العَبْد لَك والموهوب لَهُ لَا يعلم حكم حِصَّته تصح الْهِبَة

وهب الْبناء لَا الأَرْض يجوز والشيوع الطَّارِئ فِيهَا لَا يُبْطِلهَا بِخِلَاف الرَّهْن إِلَّا فِي رِوَايَة عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى

ص: 369

وهب نصِيبه مِمَّا يقسم كَالدَّارِ وَالْأَرْض والمكيل وَالْمَوْزُون من غير شَرِيكه لَا يجوز عِنْد الْكل وَإِن كَانَ من شَرِيكه لَا يجوز عندنَا خلافًا لِابْنِ أبي ليلى

وهب نصف عَبده من رجل أَو ثلثه وَسلمهُ اليه يجوز لِأَنَّهُ يجوز فِيمَا لَا يحْتَمل الْقِسْمَة وَكَذَا لَو هَب عَبده من رجلَيْنِ أَو رجلَانِ عبدا لَهما

وَمن أَرَادَ أَن يهب نصف دَاره مشَاعا يَبِيع مِنْهُ نصف الدَّار بِثمن مَعْلُوم ثمَّ يُبرئهُ عَن الثّمن

وهب أَرضًا فِيهَا زرع أَو نخيل أَو نخلا عَلَيْهِ ثَمَر أَو وهب الزَّرْع بِدُونِ الأَرْض أَو النّخل بِلَا أَرض أَو نخلا بِدُونِ الثَّمر لَا يجوز لِأَن الْمَوْهُوب مُتَّصِل بِغَيْرِهِ اتِّصَال خلقَة مَعَ إِمْكَان الْقلع فَقبض أَحدهمَا غير مُمكن فِيمَا لَهُ الِاتِّصَال فَيكون بِمَنْزِلَة الْمشَاع الَّذِي يحْتَمل الْقِسْمَة

وَالْهِبَة الْفَاسِدَة مَضْمُونَة بِالْقَبْضِ كَذَا فِي البزازي اه

ثمَّ اعْلَم أَن جَمِيع مسَائِل الشُّيُوع سَبْعَة أَقسَام بيع الشَّائِع وَإِجَارَة الشَّائِع وإعارة الشَّائِع وَرهن الشَّائِع وَهبة الشَّائِع وَصدقَة الشَّائِع ووقف الشَّائِع فقد جمعت لَك أَيهَا الطَّالِب هَذِه الْأَقْسَام هُنَا إِعَانَة لَك على الاستحضار لتعرف أَحْكَامهَا فِي أَبْوَابهَا بِالتَّأَمُّلِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقد تقدم الْكَلَام على غَالب هَذِه الْأَقْسَام فِي فصل الْإِجَارَات من مجموعنا هَذَا فَانْظُرْهُ ثمَّة

وَفِي الملتقطات رجل لَهُ دَار فِيهَا أَمْتعَة فوهب الدَّار لرجل لَا يجوز لِأَن الْمَوْهُوب مَشْغُول بِمَا لَيْسَ بموهوب فَلَا يَصح التَّسْلِيم وَلَو وهبت الْمَرْأَة دارها من زَوجهَا وَهِي سَاكِنة فِيهَا بأمتعتها صَحَّ لِأَن الْمَرْأَة وَمَا فِي يَدهَا فِي الدَّار فِي يَد زَوجهَا فَكَانَت الدَّار مَشْغُولَة بِالزَّوْجِ وَعِيَاله فَلَا يمْنَع من صِحَة قَبضه

رجل قَالَ لامْرَأَته قولي وهبت الْمهْر مِنْك فَقَالَت وهبت وَهِي لَا تعلم الْعَرَبيَّة لَا يَصح بِخِلَاف الطَّلَاق وَالْعتاق لِأَن الرِّضَا شَرط جَوَاز الْهِبَة لَا شَرط وُقُوع الطَّلَاق وَالْعتاق وَلِهَذَا لَو أكره على الْهِبَة فوهب لَا تصح وَقَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث لَا يقعان أَيْضا إِذا عرف بِالْجَهْلِ

رجل قَالَ لآخر هَب لي هَذَا الشَّيْء على وَجه المزاح فَقَالَ وهبت فَقبله وَسلمهُ جَازَ

وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل قَالَ جَمِيع مَا أملكهُ لفُلَان فَهَذَا هبة حَتَّى لَا يجوز بِدُونِ الْقَبْض فرق بَين هَذَا وَبَين مَا إِذا قَالَ جَمِيع مَا يعرف بِي أَو ينْسب إِلَيّ لفُلَان حَيْثُ يكون إِقْرَارا وَالْفرق أَن فِي الْمَسْأَلَة الأولى لما قَالَ جَمِيع مَا أملكهُ فَهَذَا للْملك الْقَائِم حَقِيقَة وَالْملك الْقَائِم لَهُ لَا يصير لغيره الا بالتمليك فَيكون هبة وَفِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة قَالَ جَمِيع مَا يعرف بِي أَو ينْسب إِلَيّ وَمَا يعرف بِهِ أَو بِنسَب اليه يجوز أَن يكون ملك غَيره فَيكون إِقْرَارا

وَفِي البزازي رجل قَالَ لآخر وهبت مِنْك هَذَا الْعين فَقَبضهُ الْمَوْهُوب لَهُ بِحَضْرَة الْوَاهِب وَلم يقل قبلت صَحَّ وَلَو لم يقبض ذَلِك لكنه قَالَ قبضت فَإِن الْمَوْهُوب لَهُ يصير قَابِضا عِنْد مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى خلافًا لأبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى

وَفِي الْعِمَادِيّ هبة الدّين من غير من عَلَيْهِ الدّين لَا تصح الا إِذا وهبه وَإِذن لَهُ فِي الْقَبْض فَقَبضهُ جَازَ وَذكر فِي الْعدة وَإِن لم يَأْمُرهُ بِالْقَبْضِ لَا يجوز وَالْبِنْت لَو وهبت مهرهَا من أَبِيهَا أَو الْمَرْأَة وهبت مهرهَا

ص: 370

الَّذِي على زَوجهَا لابنها الصَّغِير من هَذَا الزَّوْج إِن أَمرته بِالْقَبْضِ صحت وَإِلَّا لَا لِأَنَّهُ هبة الدّين من غير من عَلَيْهِ الدّين وَبيع الدّين من غير من عَلَيْهِ لَا يجوز وَلَو بَاعه من الْمَدْيُون أَو وهبه جَازَ اه

وهب دَارا فِيهَا مَتَاع الْوَاهِب ثمَّ وهب الْمَتَاع بعد ذَلِك إِن وهب الدَّار وَلم يُسَلِّمهَا حَتَّى وهب الْمَتَاع وَسلمهَا اليه جملَة جَازَ وَإِن وَهبهَا وَسلمهَا ثمَّ وهب الْمَتَاع لم يجز

وهب الرجل ثيابًا فِي صندوق وَسلمهَا مَعَ الصندوق فَلَيْسَ بِقَبض تصدق على ابْن صَغِير لَهُ بدار وَله فِيهَا مَتَاع وَهُوَ ساكنها بعياله أَو فِيهَا سَاكن بِلَا أجر وَلم يفرغها جَازَت الصَّدَقَة وَإِن كَانَ فِيهَا سَاكن بِأَجْر لم تجز الصَّدَقَة

وهب لِابْنِهِ الصَّغِير دَارا وفيهَا مَتَاع الْوَاهِب أَو تصدف لِابْنِهِ الصَّغِير بدار وفيهَا مَتَاع الْأَب أَو الْأَب ساكنها يجوز وَعَلِيهِ الْفَتْوَى

غرس لِابْنِهِ الصَّغِير كرما إِن قَالَ جعلته لَهُ يكون هبة وَإِن قَالَ جعلته باسمه لَا وَلَو قَالَ اغرس باسم ابْني أمره مُتَرَدّد والى الصِّحَّة أقرب وهبته من ابْنه الصَّغِير تتمّ بِلَفْظ وَاحِد وَيكون الابْن قَابِضا بِكَوْنِهِ فِي يَده أَو فِي يَد مودعه أَو مستعيره لَا بِكَوْنِهِ فِي يَد غاصبه أَو مرتهنه أَو المُشْتَرِي مِنْهُ شِرَاء فَاسِدا وَهَذَا إِذا أعلمهُ واشهد عَلَيْهِ الْإِشْهَاد للتحرز عَن الْجُحُود بعد مَوته والإعلام لَازم لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْقَبْض وَإِن كَانَ بَالغا يشْتَرط قَبضه وَلَو كَانَ فِي عِيَاله

وَالْوَصِيّ كَالْأَبِ وَالأُم كَذَلِك لَو كَانَ صَغِيرا فِي عيالهما إِن وهب لَهُ تملك الْأُم بِالْقَبْضِ وَهَذَا إِذا لم يكن للصَّبِيّ أَب وَلَا جد وَلَا وصيهما وَلَا وَصِيّ من قبل القَاضِي وَذكر الصَّدْر إِن عدم الْأَب فَقبض الْأُم لَيْسَ بِشَرْط

وَذكر فِي الأَصْل الرجل إِذا زوج ابْنَته الصَّغِيرَة من رجل فَزَوجهَا بِملك قبض الْهِبَة لَهَا وَلَا يجوز قبض الزَّوْج قبل الزفاف وَبعد الْبلُوغ وَفِي التَّجْرِيد قبض الزَّوْج يجوز إِذا لم يكن الْأَب حَيا فَلَو أَن الْأَب أَو وَصِيّه وَالْجد أَو وَصِيّه غَابَ غيبَة مُنْقَطِعَة جَازَ قبض الَّذِي يَتَوَلَّاهُ وَلَا يجوز قبض غير هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة مَعَ وجود وَاحِد مِنْهُم سَوَاء كَانَ الصَّغِير فِي عِيَاله أَو لَا وَسَوَاء كَانَ ذَا رحم محرم أَو أَجْنَبِيّا وَإِن لم يكن وَاحِد من هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة جَازَ قبض من كَانَ الصَّبِي فِي حجره وَلم يجز قبض من لم يكن فِي عِيَاله فَإِنَّهُ ذكر فِي الأَصْل من عَال يَتِيما وَهُوَ لَيْسَ بوصي وَلَا بَينهمَا قرَابَة وَلَيْسَ لهَذَا الصَّبِي أحد سواهُ جَازَ قبض مَا وهب لَهُ اسْتِحْسَانًا

وَلَو أَرَادَ أَجْنَبِي النزع مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك ويسلمه فِي تَعْلِيم الْأَعْمَال وَلَا فرق بَين أَن يعقل الصَّبِي أَولا وَكَذَا لَو كَانَ فِي عِيَال الْأَخ وَالْعم وَإِن قَبضه الصَّبِي وَهُوَ يعقل جَازَ وَإِن كَانَ أَبوهُ حَيا

نوع الْأَفْضَل فِي هبة الابْن وَالْبِنْت التَّثْلِيث كالميراث وَعند أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى التنصيف وَهُوَ الْمُخْتَار وَلَو وهب جَمِيع مَاله من ابْنه جَازَ وَهُوَ آثم نَص عَلَيْهِ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وَلَو خص بعض أَوْلَاده لزِيَادَة رشده فَلَا بَأْس بِهِ وَإِن كَانُوا سَوَاء فِي الرشد لَا يَفْعَله وَإِن أَرَادَ أَن يصرف مَاله إِلَى الْخَيْر وَابْنه فَاسق فالصرف إِلَى الْخَيْر أفضل من تَركه لَهُ لِأَنَّهُ إِعَانَة على الْمعْصِيَة وَكَذَا لَو كَانَ ابْنه فَاسِقًا لَا يُعْطِيهِ أَكثر من قوته

ص: 371

وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجل اتخذ وَلِيمَة للختان فأهدى النَّاس هَدَايَا ووضعوها بَين يَدي الْوَلَد فَهَذَا على وَجْهَيْن إِن قَالَ هَذَا الْوَلَد وَلم يقل للْأَب وَإِن كَانَت الْهَدِيَّة تصلح للصَّبِيّ مثل ثِيَاب الصّبيان أَو شَيْء يَسْتَعْمِلهُ الصّبيان فَهُوَ هَدِيَّة للصَّبِيّ لِأَن هَذَا تمْلِيك من الصَّبِي وَإِن كَانَ شَيْئا لَا يصلح للصَّبِيّ كالدراهم وَالدَّنَانِير ومتاع الْبَيْت وَالْحَيَوَان ينظر الى الْمهْدي إِن كَانَ من أقرباء الْأَب أَو معارفه فَهُوَ للْأَب لِأَن التَّمْلِيك مِنْهُ عرفا وَإِن كَانَ من أقرباء الْأُم أَو معارفها فَهُوَ للْأُم لِأَن التَّمْلِيك مِنْهَا عرفا فَكَانَ التعويل على الْعرف حَتَّى لَو وجد سَبَب أَو جِهَة يسْتَدلّ بِهِ على غير مَا قُلْنَا يعْتَمد على ذَلِك وَكَذَا لَو اتخذ الْوَلِيمَة لزفاف ابْنَته الى بَيت زَوجهَا فأهدى أقرباء الزَّوْج أَو أقرباء الْمَرْأَة هَذَا كُله إِذا لم يقل الْمهْدي أهديت للْأَب أَو للْأُم فِي الْمَسْأَلَة الأولى وَللزَّوْج أَو الْمَرْأَة فِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة بِأَن تعذر الرُّجُوع الى قَول الْمهْدي أما إِذا عينه الْمهْدي فَالْقَوْل قَوْله لِأَنَّهُ هُوَ المملك

قدم من السّفر وَجَاء بالتحف الى من نزل عِنْده وَقَالَ اقْسمْ هَذَا بَين أولادك وامرأتك ونفسك إِن أمكن الرُّجُوع الى بَيَان الْمهْدي فَالْقَوْل قَوْله وَإِن تعذر فَمَا يصلح للرِّجَال فَلهُ وَمَا لَهُنَّ فلهَا وَمَا لكليهما ينظر الى معارف الْأَب وَالأُم

وَفِي الملتقطات إِذا وهب للصَّغِير شَيْء من المأكولات هَل يُبَاح لوَالِديهِ أَن يأكلا مِنْهُ روى عَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يُبَاح وَشبهه بدعوة العَبْد الْمَأْذُون لَهُ وَأكْثر مَشَايِخ بُخَارى على أَنه لَا يُبَاح وَفِي البزازي إِذا عمل الصَّبِي حَسَنَات قبل الْبلُوغ فثوابه لَهُ لَا لِأَبَوَيْهِ وَلَهُمَا ثَوَاب التَّعْلِيم إِن علماه وَقيل ثَوَاب الطَّاعَة لَهُ مَعَ أَبَوَيْهِ

رجل تصدق عَن ميت ودعا لَهُ يصل الثَّوَاب الى الْمَيِّت لِأَنَّهُ روى فِي بعض الْأَخْبَار أَن الْحَيّ إِذا تصدق على الْمَيِّت ودعا لَهُ بعث ذَلِك الى الْمَيِّت على طبق من نور وَالله سُبْحَانَهُ وتعلى أعلم

نوع فِي هبة الْمَرِيض وَغَيره وهب فِي مَرضه وَلم يُسلمهُ حَتَّى مَاتَ بطلت الْهِبَة لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ وَصِيّه حَتَّى اعْتبر فِيهِ الثُّلُث فَهُوَ هبة حَقِيقَة فَيحْتَاج الى الْقَبْض

وهب الْمَرِيض عبدا لَا مَال لَهُ غَيره ثمَّ مَاتَ وَقد بَاعه الْمَوْهُوب لَهُ لَا ينْتَقض البيع وَيضمن ثُلثَيْهِ وَإِن أعْتقهُ الْمَوْهُوب لَهُ والواهب مديون وَلَا مَال لَهُ غَيره جَازَ قبل مَوته وَبعد موت الْوَاهِب لَا يجوز لِأَن الْإِعْتَاق فِي الْمَرَض وَصِيَّة وَهِي لَا تعْمل حَال قيام الدّين وَإِن أعْتقهُ الْوَاهِب قبل مَوته وَمَات لَا سِعَايَة على العَبْد لجَوَاز الاعتاق وَلعدم الْملك يَوْم الْمَوْت

وهب الْمَرِيض شَيْئا لَا يخرج من الثُّلُث يرد الْمَوْهُوب لَهُ مَا زَاد على الثُّلُث بِلَا خِيَار وَفِي البيع يُخَيّر المُشْتَرِي

امْرَأَة قَالَت لزَوجهَا الْمَرِيض إِن مت من مرضك هَذَا فَأَنت فِي حل من مهري أَو قَالَت فمهري عَلَيْك صَدَقَة بَطل لِأَنَّهُ مخاطرة وَتَعْلِيق

وَفِي الْوَلْوَالجيّ امْرَأَة حُبْلَى أَرَادَت أَن تهب مهرهَا من زَوجهَا على وَجه إِن مَاتَت يبرأ الزَّوْج وَإِن لم تمت يكن الْمهْر لَهَا بَاقِيا فَالْحِيلَةُ أَن تشتري بمهرها من الزَّوْج ثوبا فِي منديل وتقبضه فَإِن مَاتَت لم يبْق لَهَا عَلَيْهِ شَيْء وَإِن سلمت ترد عَلَيْهِ بِخِيَار الرُّؤْيَة فَيبقى الْمهْر كَمَا كَانَ

ص: 372

وَفِي خزانَة الْأَكْمَل قَالَ أَبُو الْعَبَّاس الناطفي رَأَيْت بِخَط بعض مَشَايِخنَا رَحِمهم الله تَعَالَى رجل جعل لأحد بنيه دَارا بِنَصِيبِهِ على أَن لَا يكون لَهُ بعد موت الْأَب مِيرَاث جَازَ وَأفْتى بِهِ الْفَقِيه أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد ابْن الْيَمَانِيّ أحد أَصْحَاب مُحَمَّد بن شُجَاع الْبَلْخِي وَحكى ذَلِك عَن أَصْحَاب احْمَد بن أبي الْحَارِث وَأبي عمر والطبري انْتهى

إِذا قَالَ الطَّالِب لمديونه إِذا مت فَأَنت بَرِيء من الدّين الَّذِي عَلَيْك جَازَ وَيكون وَصِيَّة من الطَّالِب للمطلوب وَلَو قَالَ إِن مت فَأَنا بَرِيء من ذَلِك الدّين لَا يبرأ وَهُوَ مخاطرة كَقَوْلِه إِذا دخلت الدَّار فَأَنا بَرِيء مِمَّا لي عَلَيْك لَا يبرأ

قَالَ لحنته هَذِه الأَرْض لَك فَاذْهَبْ وازرعها فَقبل الختن وَزرع فالأرض للختن وَإِن لم يقل قبلت لَا يكون لَهُ

قَالَ لآخر وهبت عَبدِي مِنْك وَهُوَ حَاضر بِحَيْثُ لَو مد يَده لَنَالَهُ فَقَالَ قَبضته جَازَت من غير قَوْله قَوْله قلت وَيصير قَابِضا عِنْد مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى لَا يصير قَابِضا مَا لم يقبض

وَإِن كَانَ العَبْد غَائِبا فَقَالَ وهبت مِنْك عَبدِي فلَانا فَاذْهَبْ واقبضه فَذهب وَقَبضه جَازَ وَإِن لم يقل قبلت وَبِه نَأْخُذ وَلَو قَالَ هُوَ لَك إِن شِئْت وَدفعه اليه فَقَالَ شِئْت عَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يجوز

دفع اليه دَرَاهِم فَقَالَ أنفقها فَفعل فَهُوَ قرض كَمَا لَو قَالَ اصرفها الى حوائجك وَلَو دفع اليه ثوبا وَقَالَ البسه فَفعل يكون هبة لَا قرضا لِأَن قرض الثَّوْب بَاطِل

وَفِي الملتقطات رجل قَالَ لآخر حللني من كل حق لَك عَليّ فَفعل إِن كَانَ صَاحب الْحق عَالما بِمَا عَلَيْهِ بَرِيء حكما وديانة وَإِن لم يكن عَالما بَرِيء حكما وَهل يبرا ديانَة عِنْد مُحَمَّد لَا يبرأ وَعند أبي يُوسُف يبرأ وَعَلِيهِ الْفَتْوَى

وَفِي الْقنية غصب عينا فحلله مَالِكه من كل حق هُوَ لَهُ قبله قَالَ أَئِمَّة بَلخ التَّحْلِيل يَقع على مَا هُوَ وَاجِب فِي الذِّمَّة لَا على عين قَائِم وَالله أعلم

نوع فِي الرُّجُوع عَن الْهِبَة وَيكرهُ الرُّجُوع فِي الْهِبَة وَإِن كَانَ جَائِزا فِي الحكم إِذا لم يكن عَلَيْهِ حق وَاجِب لقَوْله صلى الله عليه السلام الْعَائِد فِي هِبته كالعائد فِي قيئه وَلِأَنَّهُ من بَاب الخساسة والدناءة وَسُوء الْخلق وَلِهَذَا شبهه بأقبح أَحْوَال الْكَلْب وَهَذَا لِأَن التَّشْبِيه فِي معنى الاستقباح والاستقذار لَا فِي حُرْمَة الرُّجُوع كَمَا قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى أَلا ترى أَنه صلى الله عليه السلام قَالَ فِي رِوَايَة أُخْرَى كَالْكَلْبِ يقي ثمَّ يعود فِي قيئه وَفعل الْكَلْب يُوصف بالقبح لَا بِالْحُرْمَةِ وَبِه نقُول إِنَّه يستقبح

وَيجوز الرُّجُوع فِيهَا عندنَا وَإِن كَانَ مَكْرُوها إِذا كَانَ ذَلِك بتراضيهما أَو بِحكم الْحَاكِم لقَوْله صلى الله عليه السلام الْوَاهِب أَحَق بهبته مالم يثب عَنْهَا أَي مالم يعوض وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجوز الرُّجُوع إِلَّا فِي الْأَب يهب لوَلَده ثمَّ يرجع فِيهِ قَالَ صدر الشَّرِيعَة وَنحن نقُول بِهِ أَي لَا يَنْبَغِي أَن يرجع بهَا إِلَّا الْوَالِد فَإِنَّهُ يَتَمَلَّكهُ للْحَاجة وَمنعه أَي الرُّجُوع الزِّيَادَة الْمُتَّصِلَة كبناء وغرس وَسمن لَا الْمُنْفَصِلَة

ص: 373