المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل السادس عشر في الأيمان - لسان الحكام

[ابن الشحنة، لسان الدين]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الْفَصْل الأول فِي آدَاب الْقَضَاء وَمَا يتَعَلَّق بِهِ

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي أَنْوَاع الدَّعَاوَى والبينات

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي الشَّهَادَات

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي الْوكَالَة وَالْكَفَالَة وَالْحوالَة

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي الْإِقْرَار

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي الْوَدِيعَة

- ‌الْفَصْل الثَّامِن

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي أَنْوَاع الضمانات الْوَاجِبَة وكيفيتها وَفِي تضمين الْأمين

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي الْوَقْف

- ‌الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي الْغَصْب وَالشُّفْعَة وَالْقِسْمَة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي الْإِكْرَاه

- ‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي النِّكَاح

- ‌الْفَصْل الرَّابِع عشر

- ‌الْفَصْل الْخَامِس عشر فِي الْإِعْتَاق

- ‌الْفَصْل السَّادِس عشر فِي الْأَيْمَان

- ‌الْفَصْل السَّابِع عشر فِي الْبيُوع

- ‌الْفَصْل الثَّامِن عشر فِي الاجارة

- ‌الْفَصْل التَّاسِع عشر فِي الْهِبَة

- ‌الْفَصْل الْعشْرُونَ فِي الرَّهْن

- ‌الْفَصْل الْحَادِي وَالْعشْرُونَ فِي الْكَرَاهِيَة

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الْفَصْل الثَّانِي وَالْعشْرُونَ من الْفُصُول الثَّلَاثِينَ فِي الصَّيْد والذبائح وَالْأُضْحِيَّة = كتاب الصَّيْد

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي التَّسْمِيَة

- ‌الْفَصْل الثَّالِث وَالْعشْرُونَ فِي الْجِنَايَات والديات وَالْحُدُود

- ‌من الغنية

- ‌فصل فِي الْمَسْأَلَة الْمُتَعَلّقَة بالحدود

- ‌فصل فِيمَا يظْهر فِي الزِّنَى

- ‌فصل فِيمَا يصير شُبْهَة بالإحصان

- ‌فصل فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا

- ‌الْفَصْل الرَّابِع وَالْعشْرُونَ فِي الشّرْب والمزارعة والمساقة = كتاب الشّرْب

- ‌فصل فِي مسَائِل المَاء

- ‌فصل فِي أَعمال الْمُزَارعَة مَا يكون على الْمزَارِع ومالا يكون

- ‌فصل فِيمَا يكون عذرا فِي فسخ الْمُزَارعَة

- ‌فصل فِي الْمزَارِع يدْفع الى آخر مُزَارعَة

- ‌الْفَصْل الْخَامِس وَالْعشْرُونَ فِي الحيطانوما يتَعَلَّق

- ‌الْفَصْل السَّادِس وَالْعشْرُونَ فِي السّير

- ‌فصل فِي مسَائِل البيع وَالْملك

- ‌فصل فِي الْحَظْر والاباحة

- ‌الْفَصْل السَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌فصل فِيمَا يكون كفرا من الْمُسلم ومالا يكون

- ‌فصل فِي الضَّمَان

- ‌فصل فِي ذَوي الْأَرْحَام

- ‌فصل فِي الصِّنْف الأول

- ‌فصل فِي الصِّنْف الثَّانِي

- ‌فصل فِي الصِّنْف الثَّالِث

- ‌فصل فِي الصِّنْف الرَّابِع

- ‌فصل فِي الصِّنْف الْخَامِس

- ‌فصل فِي لواحق الْكتاب

- ‌الْفَصْل الثَّلَاثُونَ وَهُوَ تَمام الْفُصُول فِي مسَائِل شَتَّى

الفصل: ‌الفصل السادس عشر في الأيمان

وَإِذا كَانَت الْجَارِيَة بَين شَرِيكَيْنِ فَجَاءَت بِولد فَادَّعَاهُ أَحدهمَا ثَبت نسبه مِنْهُ وَصَارَت أم ولد لَهُ وَإِن ادعياه مَعًا ثَبت نسبه مِنْهُمَا وَصَارَت أم ولد لَهما مَعْنَاهُ إِذا حملت على ملكهمَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يرجع إِلَى قَول الْقَافة لِأَن إِثْبَات النّسَب من شَخْصَيْنِ مَعَ علمنَا أَن الْوَلَد لَا يتخلق من ماءين مُتَعَذر فعملنا بالشبه قلت وَيجوز أَن يتخلق الْوَلَد من مَاء ذكر وَأُنْثَى أَلا ترى أَن الكلبة تعلق من كلاب جمة لِأَن الرَّحِم لَا يجوز أَن يستد بوصول مَاء أَحدهمَا إِلَّا بعد مُدَّة ثمَّ يصل مَاء الآخر إِلَيْهِ أُشير إِلَيْهِ فِي أدب الْقَضَاء للسروجي

‌الْفَصْل السَّادِس عشر فِي الْأَيْمَان

الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى تَنْقَسِم على ثَلَاثَة أضْرب غموس ولغو ومنعقدة فالغموس هُوَ الْحلف على اثبات شَيْء أَو نَفْيه فِي الْمَاضِي أَو فِي الْحَال بتعمد الْكَذِب فِيهِ وَإِنَّمَا سمي غموسا لانغماس صَاحبهَا فِي الاثم ثمَّ فِي النَّار وَلَيْسَ عَلَيْهِ الا التَّوْبَة وَالِاسْتِغْفَار وَلم تجب فِيهِ الْكَفَّارَة عندنَا وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد رحمهمَا الله وَقَالَ الشَّافِعِي رحمه الله فِيهِ الْكَفَّارَة

وَأما يَمِين اللَّغْو فَهُوَ الْحلف على أَمر فِي الْمَاضِي أَو فِي الْحَال وَهُوَ يظنّ أَنه كَمَا قَالَ وَالْأَمر بِخِلَافِهِ فاللغو فِي الْمَاضِي أَن يَقُول وَالله مَا دخلت الدَّار أَو وَالله لقد دخلت الدَّار وَهُوَ يظنّ أَنه لم يدخلهَا أَو دَخلهَا وَالْأَمر بِخِلَاف ذَلِك وَفِي الْحَال كمن رأى شخصا من بعيد فَقَالَ وَالله إِنَّه لزيد يَظُنّهُ زيدا وَهُوَ عَمْرو أَو رأى طائرا فَقَالَ وَالله إِنَّه لغراب فَظَنهُ غرابا وَهُوَ حدأة فَهَذَا تَفْسِير اللَّغْو عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى هُوَ مَا يجْرِي بَين النَّاس من قَوْله لَا وَالله وبلى وَالله لَا على قصد الْيَمين سَوَاء كَانَ فِي الْمَاضِي أَو فِي الْحَال أَو فِي الْمُسْتَقْبل أما عندنَا فَلَا لَغْو فِي الْمُسْتَقْبل بل الْيَمين على أَمر فِي الْمُسْتَقْبل يَمِين منعقدة وفيهَا الْكَفَّارَة إِذا حنث قصد الْيَمين أَولا وَإِنَّمَا اللَّغْو فِي الْمَاضِي وَالْحَال فَقَط

وَأما الْيَمين المنعقدة فَهُوَ أَن يحلف الانسان على أَمر فِي الْمُسْتَقْبل نفيا أَو اثباتا وَذَلِكَ إِمَّا أَن يكون على فعل وَاجِب وَإِمَّا أَن يكون على ترك فعل وَاجِب وَإِمَّا أَن يكون على ترك مَنْدُوب وَإِمَّا أَن يكون على فعل مُبَاح أَو تَركه فَإِن كَانَت الْيَمين على فعل وَاجِب بِأَن قَالَ وَالله لأصلين الظّهْر الْيَوْم أَو لأصومن رَمَضَان فَإِنَّهُ يحب عَلَيْهِ الْوَفَاء بِهِ وَلَا يجوز لَهُ الِامْتِنَاع وَلَو امْتنع يَأْثَم وَيحنث وَتلْزَمهُ الْكَفَّارَة وَإِن كَانَ على ترك وَاجِب بِأَن قَالَ وَالله لَا أُصَلِّي صَلَاة الظّهْر أَولا أَصوم رَمَضَان أَو وَالله لأشربن الْخمر أَو لأزنين أَو لأقتلن فلَانا أَو لَا أكلم وَالَّذِي أَو نَحْو ذَلِك فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ فِي الْحَال الْكَفَّارَة بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَار كَسَائِر الْجِنَايَات ثمَّ يجب عَلَيْهِ أَن يَحْنَث نَفسه بذلك وَيكفر بِالْمَالِ لِأَن عقد هَذِه الْيَمين مَعْصِيّة فَيجب تكفيرها بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَار كَسَائِر الْجِنَايَات الَّتِي لَيْسَ لَهَا كَفَّارَة معهودة وَإِن كَانَ الْيَمين على ترك مَنْدُوب بِأَن قَالَ وَالله لَا أُصَلِّي نَافِلَة أَو لَا أَصوم تَطَوّعا أَو لَا أَعُود مَرِيضا أَو لَا أشيع جَنَازَة أَو نَحْو ذَلِك فالافضل لَهُ أَن يفعل وَيكفر عَن يَمِينه وَالْقسم الرَّابِع أَن يكون على مُبَاح فعلا أَو تركا كدخول الدَّار وَنَحْوه فَالْأَفْضَل لَهُ الْبر قَالَ الله تَعَالَى {واحفظوا أَيْمَانكُم} أَي عَن الْحِنْث وَله أَن يَحْنَث وَيكفر وَيجب بِالْحِنْثِ الْكَفَّارَة إِن شَاءَ أعتق رَقَبَة أَو كسا عشرَة مَسَاكِين كلا مِنْهُم ثوبا شَامِلًا

ص: 345

لبدنه فَمَا زَاد وَهُوَ مَا تجوز فِيهِ الصَّلَاة أَو أطْعمهُم كالفطرة وَلَو أطْعم مِسْكينا وَاحِدًا عشرَة أَيَّام جَازَ عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجوز إِلَّا عَن يَوْم وَاحِد اعْتِبَارا لصورة الْعدَد وَنحن اعْتبرنَا الْمَعْنى لِأَنَّهُ صَار فِي كل يَوْم مصرفا فصح مَا صرف إِلَيْهِ عَن كَفَّارَته كَمَا لَو صرف إِلَى شخص آخر عَن الْكَفَّارَة لِأَن صَيْرُورَته مصرفا بِاعْتِبَار حَاجته والحوائج تتعد بِتَعَدُّد الايام وَالْمَقْصُود بالايجاب دفع عشر حاجات لَا دفع عشرَة أشخاص وَإِن عجز عَن أَدَاء الْكَفَّارَة بِإِحْدَى الْخِصَال الثَّلَاث الْإِطْعَام وَالْكِسْوَة والتحرير صَامَ ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى هُوَ مُخَيّر ان شَاءَ تَابع وَإِن شَاءَ فرق

وَقد أجمع الْعلمَاء على أَن الْبلُوغ وَالْعقل وَفهم الْخطاب فِي الْحَالِف شَرط لصِحَّة كَونه حَالفا فَلَا يَصح الْيَمين من الصَّبِي وَالْمَجْنُون والنائم

وَهل يشْتَرط اسلام الْحَالِف فَهُوَ مَحل خلاف فعندنا يشْتَرط فَلَا يَصح يَمِين الْكَافِر حَتَّى لَو حلف كَافِر بِاللَّه تَعَالَى ثمَّ حنث فِي حَال كفره أَو بعد اسلامه لم يكن عَلَيْهِ كَفَّارَة عندنَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى الاسلام لَيْسَ بِشَرْط حَتَّى تجب الْكَفَّارَة عَلَيْهِ إِذا حنث فِي حَال الْكفْر لكنه بِالْمَالِ لَا بِالصَّوْمِ

وَيَسْتَوِي الْعَامِد وَالنَّاسِي وَالْمكْره فِي الْيَمين وَفِي فعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم ثَلَاث جدهن جد وهزلهن جد النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْيَمِين فَعلم أَن الرِّضَا وَالْقَصْد لَيْسَ بِشَرْط والامام الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يخالفنا فِي ذَلِك فِي أحد قوليه وَيَقُول لَا تَنْعَقِد يَمِين الْمُكْره وَالنَّاسِي والخاطئ وَلَا يَحْنَث بِفعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ نَاسِيا أَو مكْرها كَذَا فِي المنبع

وَفِي الْهِدَايَة وَالْيَمِين بِاللَّه تَعَالَى أَو باسم من اسمائه تَعَالَى كالرحمن والرحيم أَو بِصفة من صِفَاته الَّتِي يحلف بهَا عرفا كعزة الله وجلاله وكبريائه لِأَن الْحلف بهَا مُتَعَارَف إِلَّا قَوْله وَعلم الله فَإِنَّهُ لَا يكون يَمِينا لِأَنَّهُ غير مُتَعَارَف وَلَو قَالَ وَغَضب الله وَسخطه لم يكن حَالفا وَكَذَا رَحْمَة الله لِأَن الْحلف بهَا غير مُتَعَارَف

وَمن حلف بِغَيْر الله تَعَالَى لم يكن حَالفا كالنبي والكعبة لقَوْله صلى الله عليه وسلم من كَانَ مِنْكُم حَالفا فليحلف بِاللَّه أَو ليذر وَكَذَا لَو حلف بِالْقُرْآنِ لِأَنَّهُ غير مُتَعَارَف قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى مَعْنَاهُ أَن يَقُول وَالنَّبِيّ والكعبة وَالْقُرْآن وَأما قَوْله أَنا بَرِيء مِنْهُ يكون يَمِينا على مَا سَيَجِيءُ عَقبهَا ان شَاءَ الله تَعَالَى

وَذكر البزازي فِي جَامعه لَو قَالَ وَوجه الله يكون يَمِينا إِلَّا إِذا قصد بِهِ الْجَارِحَة فَلَا يكون يَمِينا إِلَّا إِذا نوى لِأَنَّهُ لم يذكر اسْم الله تَعَالَى إِلَّا إِذا أعْربهَا بِالْكَسْرِ وَقصد الْيَمين بِاللَّه بِالنّصب وَالرَّفْع والتسكين سَوَاء وَكَذَا بِدُونِ حرف الْقسم وَللَّه إِن عَنى بِهِ يَمِينا فيمين وَمن الْمَشَايِخ من قَالَ هَذَا إِذا جر أما إِذا سكن أَو رفع أَو نصب لَا يكون يَمِينا لِأَنَّهُ لم يَأْتِ بِحرف الْيَمين وَلَا إعرابه وَمِنْهُم من أجراه على الاطلاق وَحقّ الله لَا يكون يَمِينا فِي الصَّحِيح لَا اله الا الله لَا أفعل كَذَا أَو سُبْحَانَ الله لَا يكون يَمِينا إِلَّا أَن ينويه وَكَذَا بِبسْم الله لَا يكون يَمِينا إِلَّا إِذا نوى بِهِ وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يَمِين فَلْيتَأَمَّل عِنْد الْفَتْوَى

وَفِي الْوَلْوَالجيّ إِذا اسْتحْلف الرجل وَهُوَ مظلوم فاليمين على مَا نوى وَإِن كَانَ ظَالِما فاليمين على نِيَّة من استحلفه وَبِه أَخذ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَهَذَا إِذا كَانَ الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى أما إِذا كَانَ بِالطَّلَاق أَو بالعتاق فاليمين على نِيَّة الْحَالِف سَوَاء كَانَ الْحَالِف ظَالِما أَو مَظْلُوما لِأَن الْحَالِف هُوَ

ص: 346

رجل قَالَ إِن فعلت كَذَا فَأَنا بَرِيء من الله تَعَالَى أَو من هَذِه الْقبْلَة أَو من صَوْم رَمَضَان أَو من الصَّلَاة فَهَذَا كُله يَمِين لِأَن الْبَرَاءَة من هَذِه الْأَشْيَاء كفر هَكَذَا ذكره أَبُو اللَّيْث فِي نوازله وَلَو قَالَ إِن فعلت كَذَا فَأَنا بَرِيء من الْكتب الْأَرْبَعَة فَفعل فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة لِأَنَّهَا يَمِين وَاحِدَة وَلَو قَالَ أَنا بَرِيء من التَّوْرَاة وبريء من الانجيل وبريء من الزبُور وبريء من الْقُرْآن فَعَلَيهِ أَربع كَفَّارَات لِأَنَّهَا أَرْبَعَة ايمان وَلَو قَالَ أَنا بَرِيء من الله وَرَسُوله فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة إِن حنث لِأَنَّهَا يَمِين وَاحِدَة وَلَو قَالَ أَنا بَرِيء من الله وبريء من رَسُوله فَعَلَيهِ كفارتان إِن حنث لِأَنَّهُمَا يمينان وَلَو قَالَ أَنا بَرِيء مِمَّا فِي الْمُصحف فَحنث فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة لِأَنَّهَا يَمِين وَاحِدَة لِأَن مَا فِي الْمُصحف قُرْآن وَلَو قَالَ أَنا بَرِيء من كَلَامه فِي الْمُصحف فَحنث فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة لِأَنَّهَا يَمِين وَاحِدَة وَلَو قَالَ أَنا بَرِيء من كل آيَة فِي الْمُصحف فَحنث فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة لِأَنَّهَا يَمِين وَاحِدَة

رجل قَالَ الطَّالِب الْغَالِب إِن فعلت كَذَا فَفعل كَفَّارَة وَاحِدَة لِأَن هَذَا يَمِين وَقد تعارف أهل بَغْدَاد الْحلف بِهَذَا

رجل قَالَ إِن فعلت كَذَا فَأَنا بَرِيء من الله وبريء من رَسُوله وَالله وَرَسُوله بريئان مِنْهُ فَفعل فَعَلَيهِ أَربع كَفَّارَات لِأَنَّهَا أَرْبَعَة أَيْمَان

رجل رفع كتابا من كتب الْفِقْه أَو دفتر حِسَاب مَكْتُوبًا فِيهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَقَالَ أَنا بَرِيء مِمَّا فِيهِ إِن دخلت الدَّار فَدخل تلْزمهُ الْكَفَّارَة لِأَنَّهُ يَمِين بِاللَّه تَعَالَى

رجل قَالَ إِن فعلت كَذَا فَأَنا بَرِيء من الْحجَّة الَّتِي حججْت أَو من الصَّلَاة الَّتِي صليت ثمَّ فعل لَا يلْزمه شَيْء بِخِلَاف الْبَرَاءَة من الْقُرْآن لِأَنَّهُ كفر وَلَو قَالَ أَنا بَرِيء من شهر رَمَضَان إِن أَرَادَ بِهِ الْبَرَاءَة من فَرْضه يكون كالبراءة من الايمان وَإِن أَرَادَ بِهِ الْبَرَاءَة من أجره لَا يكون يَمِينا وَإِن لم يكن لَهُ نِيَّة فَلَا يكون يَمِينا فِي الحكم وَفِي الِاحْتِيَاط يكون يَمِينا وَفِي البزازي لَو قَالَ بِحقِّهِ عليه الصلاة والسلام لَا يكون يَمِينا لَكِن حَقه عَظِيم

بِحرْمَة شهد الله وآمن الرَّسُول وَلَا اله الا الله لَا يكون يَمِينا

وَفِي النِّهَايَة لَو قَالَ برشتوا يَعْنِي بِحَق رَأسك إِن اعْتقد أَنه حلف وَأَن الْبر بِهِ وَاجِب يكفر انْتهى وَالله يعلم أَنِّي مَا فعلت كَذَا وَقد فعل فالعامة على أَنه يكفر هُوَ يَهُودِيّ إِن فعل كَذَا فَإِن اعْتقد أَنه يَمِين فيمين لَا غير وَإِن اعْتقد أَنه كفر يكون كفرا وَكَذَا هُوَ بَرِيء من الله تَعَالَى

مر على رجل فَأَرَادَ أَن يقوم فَقَالَ وَالله لَا تقم فَقَامَ لَا يلْزم الْمَار شَيْء لَكِن عَلَيْهِ تَعْظِيم اسْم الله تَعَالَى

رجل قَالَ هَذَا الثَّوْب عَليّ حرَام يَحْنَث بلبسه وَلَو قَالَ إِن أكلت الطَّعَام فَهُوَ عَليّ حرَام لَا يَحْنَث بِأَكْلِهِ وَكَذَا لَو قَالَ لقوم إِن أكلت عنْدكُمْ طَعَاما فَهُوَ عَليّ حرَام لَا يَحْنَث بِالْأَكْلِ

وَفِي الْمُنْتَقى قَالَ كل طَعَام آكله فِي مَنْزِلك فَهُوَ عَليّ حرَام فَالْقِيَاس لَا يَحْنَث وَفِي الِاسْتِحْسَان يَحْنَث امْرَأَة قَالَت لزَوجهَا أَنا عَلَيْك حرَام أَو حرمتك صَار يَمِينا حَتَّى لَو جَامعهَا طَائِعَة أَو مُكْرَهَة تَحنث بِخِلَاف مَا لَو حلف لَا يدْخل هَذِه الدَّار فَأدْخل فِيهَا مكْرها لَا يَحْنَث وَمَعْنَاهُ أَدخل مَحْمُولا وَلَو أكره على الدُّخُول فَدخل مكْرها حنث

ص: 347

قَالَ لَهَا لَا تخرجي من الدَّار إِلَّا باذني فَإِنِّي حَلَفت بِالطَّلَاق فَخرجت لَا يَقع لعدم ذكره حلفه بِطَلَاقِهَا فَيحْتَمل الْحلف بِطَلَاقِهَا وَيحْتَمل الْحلف بِطَلَاق غَيرهَا فَالْقَوْل لَهُ

وَفِي الْقنية قَالَ صَاحب الْمُحِيط رجل دَعَتْهُ جمَاعَة لشرب الْخمر فَقَالَ إِنِّي حَلَفت بِالطَّلَاق أَنِّي لَا أشْرب الْخمر وَكَانَ كَاذِبًا ثمَّ شرب طلقت وَقَالَ يَعْنِي صَاحب التُّحْفَة لَا تطلق ديانَة

وَفِي الولواجي إِذا قَالَ إِن فعلت كَذَا فألف دِرْهَم من مَالِي صَدَقَة فَفعل وَالرجل لَا يملك الا مِقْدَار مائَة دِرْهَم لم تلْزمهُ الصَّدَقَة إِلَّا بِمَا يملك وَهُوَ الْمِائَة

رجل قَالَ إِن فعلت كَذَا فألف دِرْهَم من مَالِي صَدَقَة لكل مِسْكين دِرْهَم فَحنث وَتصدق بذلك كُله على مِسْكين وَاحِدًا جَازَ لِأَنَّهُ ايجاب العَبْد يعْتَبر بايجاب الله تَعَالَى وَثمّ يجوز الصّرْف إِلَى صنف وَاحِد من ذَلِك الصِّنْف فَكَذَا هُنَا

رجل قَالَ إِن فعلت هَذَا ونجوت من هَذَا الْغم فَللَّه عَليّ أَن أَتصدق بِهَذِهِ الدَّرَاهِم خبْزًا ثمَّ أَرَادَ أَن يتَصَدَّق بِثمنِهِ وَلَا يتَصَدَّق بالخبز جَازَ لِأَن دفع الْقيمَة فِي حُقُوق الله تَعَالَى جَائِز

رجل قَالَ لله عَليّ ثَلَاثُونَ حجَّة كَانَ عَلَيْهِ بِقدر عمره لِأَنَّهُ يصير بِمَنْزِلَة من قَالَ لله عَليّ أَن أحج سِتا وَعشْرين فَمَاتَ قبل ذَلِك لَا يلْزمه شَيْء لِأَن ايجاب الْفِعْل بعد الْمَوْت لَا يتَصَوَّر

إِن جعل لله تَعَالَى على نَفسه أَو يَقُول أشهد على شهادتي أَنِّي أشهد أَن فلَان أقرّ عِنْدِي بِكَذَا أَو يَقُول أشهد أَنِّي سَمِعت فلَان وَلم تجزه كَفَّارَة الْيَمين هَذَا جَوَاب ظَاهر الرِّوَايَة لقَوْله عليه الصلاة والسلام من نذر وسمى فَعَلَيهِ الْوَفَاء بِمَا سمى وروى عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنه رَجَعَ عَن هَذَا وَقَالَ هُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أخرج عَنهُ بِعَين مَا سمى وَإِن شَاءَ أخرج عَنهُ بكفارة ومشايخ بَلخ رَحِمهم الله تَعَالَى يفتون بِهَذَا وَكَذَا بعض مَشَايِخ بُخَارى وَهُوَ اخْتِيَار شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ وَاخْتِيَار الإِمَام الْأَجَل برهَان الدّين

وَهَذَا إِذا كَانَ النّذر مُعَلّقا بِشَرْط لَا يُرِيد كَونه أما إِذا كَانَ مُعَلّقا بِشَرْط يُرِيد كَونه إِمَّا لجلب مَنْفَعَة أَو لدفع مضرَّة بِأَن قَالَ إِن شفي الله تَعَالَى مريضي أَو رد الله تَعَالَى غائبي أَو مَاتَ عدوي فعلي صَوْم سنة فَإِذا وجد لزمَه الْوَفَاء بِمَا قَالَ وَلَا يخرج عَنهُ بِالْكَفَّارَةِ وَجه هَذِه الرِّوَايَة قَوْله عليه السلام النّذر يَمِين وكفارته كَفَّارَة يَمِين فَيحمل هَذَا الحَدِيث على التَّعْلِيق بِشَرْط لَا يُرِيد كَونه والْحَدِيث الأول على التَّعْلِيق بِشَرْط يُرِيد كَونه ليَكُون جمعا بَين الْحَدِيثين هَكَذَا أوردهُ الصَّدْر الشَّهِيد فِي أَيْمَان الْكَافِي وَكَذَا لَو قَالَ عَليّ الْمَشْي إِلَى بَيت الله تَعَالَى وَإِلَى الْكَعْبَة أَو إِلَى مَكَّة فَيلْزمهُ احرام وَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أحرم بِالْحَجِّ وَإِن شَاءَ أحرم بِالْعُمْرَةِ لِأَن هَذِه اللَّفْظَة سَارَتْ كنابة عَن ايجاب الاحرام عرفا كَمَا لَو قَالَ لله عَليّ أَن أضْرب بثوبي حطيم الْكَعْبَة فَإِنَّهُ يكون نذرا بِالصَّدَقَةِ مجَازًا من حَيْثُ الْعرف فَكَذَا هَذَا وَلَو قَالَ عَليّ الْمَشْي إِلَى مَدِينَة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أَو إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى لَا يلْزمه شَيْء لِأَن الْعرف المنعقد فِي الْمَشْي إِلَى بَيت الله سبحانه وتعالى لَا يدل على الِانْعِقَاد فِي الْمَشْي إِلَى مَدِينَة الرَّسُول عليه الصلاة والسلام وَإِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى لِأَن حرمتهما دون حُرْمَة بَيت الله تَعَالَى حَتَّى حل دخولهما من غير احرام ثمَّ إِذا لزمَه حجَّة أَو عمْرَة فَإِن شَاءَ اعْتَمر أَو حج مَاشِيا وَإِن شَاءَ ركب وَذبح لركوبه شاه

ص: 348

وَلَو قَالَ عَليّ الْمَشْي إِلَى الْحرم أَو إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا يلْزمه شَيْء قطّ وَقَالا يلْزمه

رجل حلف أَن لَا يتَزَوَّج امْرَأَة فَزَوجهُ أَبوهُ امْرَأَة لَا يَحْنَث

رجل حلف أَن لَا يتَزَوَّج امْرَأَة فَزَوجهُ رجل امْرَأَة بِغَيْر اذنه فَبَلغهُ فَأجَاز بالْقَوْل أَو بِالْفِعْلِ كسوق الْهدى وَغَيره اخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ فَمنهمْ من قَالَ يَحْنَث فِي الْوَجْهَيْنِ وَمِنْهُم من قَالَ يَحْنَث فِي الْوَجْه الأول وَلَا يَحْنَث فِي الْوَجْه الثَّانِي

رجل حلف أَن لايتزوج امْرَأَة كَانَ لَهَا زوج ثمَّ طلق امْرَأَته ثمَّ تزَوجهَا لَا يَحْنَث لِأَن الْيَمين على غَيرهَا أَلا ترى أَنه لَو حلف أَن لَا يطَأ امْرَأَة وَطأهَا رجل كَانَ لَهُ أَن يطَأ نِسَاءَهُ وجواريه

حلف ليتزوجن سرا فَأشْهد شَاهِدين سرا يَحْنَث لِأَنَّهُ لَا يتَصَوَّر بِدُونِ الشَّاهِدين فَإِن أشهد ثَلَاثَة فَهُوَ عَلَانيَة

رجل وكل رجلا أَن يُزَوجهُ امْرَأَة أَو يعْتق عَبده أَو يُطلق امْرَأَته ثمَّ حلف الْمُوكل أَن لَا يتَزَوَّج وَلَا يعْتق وَلَا يُطلق ثمَّ فعل الْوَكِيل مَا وَكله بِهِ حنث الْمُوكل فِي يَمِينه لِأَن الْوَكِيل فِي هَذِه الْعُقُود نَائِب من كل وَجه فَجعل عِبَارَته كعبارة الْمُوكل بِنَفسِهِ بِخِلَاف البيع وَالشِّرَاء لِأَن حُقُوق العَبْد تتَعَلَّق بِهِ دون الْمُوكل فَلَا يصير الْحَالِف بِفعل وَكيله بَائِعا وَلَا مُشْتَريا هَذَا إِذا كَانَ الْحَالِف مِمَّن يَلِي البيع وَالشِّرَاء بِنَفسِهِ وَلَو كَانَ مِمَّن يُفَوض أمره إِلَى غَيره كالسلطان وَنَحْوه يَحْنَث فِي يَمِينه وَإِن كَانَ مِمَّن يُفَوض مرّة ويباشر أُخْرَى فَالْحكم للْغَالِب

وَفِي الْخُلَاصَة رجل أَرَادَ أَن يتَزَوَّج امْرَأَة وَله امْرَأَة أُخْرَى فَأبى أهل الْمَرْأَة أَن يَتَزَوَّجهَا لمَكَان تِلْكَ الْمَرْأَة فاحتبسها فِي الْمقْبرَة ثمَّ قَالَ كل امْرَأَة لي سوى الْمَرْأَة الَّتِي فِي هَذِه الْمقْبرَة فَهِيَ طَالِق فَحَسبُوا أَن لَيْسَ لَهُ امْرَأَة فِي الْأَحْيَاء لَا يَحْنَث وَهِي الْحِيلَة فِي الْعتاق أَيْضا

وَفِي الْبَزَّاز رجل قَالَ لأجنبية مَا دمت فِي نِكَاحي فَكل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق ثمَّ تزَوجهَا وَتزَوج عَلَيْهَا امْرَأَة لَا يَقع وَلَو قَالَ إِن تَزَوَّجتك مَا دمت فِي نِكَاحي فَكل امْرَأَة اتزوجها فَهِيَ طَالِق فَتَزَوجهَا ثمَّ تزوج غَيرهَا تتطلق لصِحَّة التَّعْلِيق هُنَا فِي الأول فَفرض الْمَسْأَلَة فِي الْأَجْنَبِيَّة وَكلمَة مَا دَامَ وَمَا زَالَ وَمَا كَانَ غَايَة تَنْتَهِي الْيَمين بهَا فَإِذا حلف لَا يفعل كَذَا مَا دَامَ ببخارى انْتهى الْيَمين بِالْخرُوجِ فَلَو فعل بعد الْعود لَا يَحْنَث وَكَذَا إِذا حلف لَا يشرب النَّبِيذ مَا دَامَ ببخارى فَخرج وَعَاد وَشرب لَا يَحْنَث

والفقيه أَبُو اللَّيْث شَرط الْخُرُوج بأَهْله ومتاعه كَمَا فِي قَوْله وَالله لَا أُكَلِّمك مَا دمت فِي هَذِه الدَّار وَلم يشرطه الإِمَام الفضلى رَحمَه الله تَعَالَى قلت وَهَذَا يُؤَيّد مَا أفتى بِهِ جدي شيخ الْإِسْلَام فِي الْمَسْأَلَة الَّتِي مرت فِي فصل الْوُقُوف فَانْظُر رَحِمك الله تَعَالَى فِي ذَلِك وَعَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ الصَّحِيح

وَفِي الْوَلْوَالجيّ رجلَانِ حلف كل وَاحِد مِنْهُمَا أَن لَا يدْخل على صَاحبه فدخلا فِي الْمنزل مَعًا لَا يحنثان وَلَو حلف لَا يدْخل من بَاب هَذِه الدَّار فَدخل من غير الْبَاب لَا يَحْنَث وَإِن نقب بَابا آخر فَدخل حنث لِأَنَّهُ دخل من بَابه وَإِن نوى ذَلِك الْبَاب بِعَيْنِه لم يدين فِي الْقَضَاء

ص: 349