الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عندنَا وَعند الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يَصح فِي أحد قوليه وَأما إِقْرَاره بِاسْتِيفَاء دين الصِّحَّة أَو دين الْمَرَض فَإِن أقرّ بِاسْتِيفَاء دين وَجب لَهُ فِي حَال الصِّحَّة يَصح وَيصدق فِي إِقْرَاره حَتَّى يبرأ الْغَرِيم عَن الدّين أَي دين كَانَ وَإِن أقرّ الْمَرِيض بِاسْتِيفَاء دين وَجب لَهُ فِي حَال الْمَرَض فَإِن وَجب لَهُ بَدَلا عَمَّا هُوَ مَال لم يَصح إِقْرَاره وَلَا يصدق فِي حق غُرَمَاء الصِّحَّة وَيجْعَل ذَلِك تَبَرعا مِنْهُ بِالدّينِ لِأَنَّهُ لما مرض فقد تعلق حق الْغُرَمَاء بِالْبَدَلِ وَكَذَا لَو أتلف رجل على الْمَرِيض شَيْئا فِي مَرضه فَأقر الْمَرِيض بِقَبض الْقيمَة مِنْهُ لم يصدق على ذَلِك إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين الصِّحَّة لما ذكرنَا وَإِن وَجب لَهُ بَدَلا عَمَّا لَيْسَ بِمَال يَصح إِقْرَاره لِأَن بِالْمرضِ لَا يتَعَلَّق حق غُرَمَاء الصِّحَّة بِالْبَدَلِ لِأَنَّهُ لَا يحْتَمل التَّعْلِيق لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَال فَلَا يتَعَلَّق بالمبدل وَأما إِقْرَار الْمَرِيض بِالْإِبْرَاءِ بِأَن أقرّ أَنه كَانَ أَبْرَأ فلَانا من الدّين الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي صِحَّته لَا يجوز لِأَنَّهُ أقرّ بِقَبض الدّين وَأَنه لَا يملك إنْشَاء الْإِبْرَاء للْحَال فَلَا يملك الْإِقْرَار بِهِ بِخِلَاف الْإِقْرَار بِاسْتِيفَاء الدّين لِأَنَّهُ أقرّ بِقَبض الدّين وَأَنه يملك إنْشَاء الْقَبْض فَيملك الْإِخْبَار عَنهُ بِالْقَبْضِ انْتهى كَلَام الْبَدَائِع
مَرِيض أقرّ بِمَال لأجنبية ثمَّ تزَوجهَا بعد الْإِقْرَار لم يبطل الْإِقْرَار عندنَا وَقَالَ زفر رَحمَه الله تَعَالَى يبطل لِأَنَّهُ طَرَأَ على الْإِقْرَار مَا ابطله
مَرِيض مرض مرض الْمَوْت أقرّ بِأَلف دِرْهَم بِعَينهَا أَنَّهَا لقطَة عِنْده وَلَا مَال لَهُ غَيرهَا فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن تصدقه الْوَرَثَة أَو تكذبه فَإِن صدقته الْوَرَثَة تصدقوا بهَا اتِّفَاقًا وَإِن كذبوه فَهُوَ مَحل الْخلاف فَعِنْدَ أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يتصدقون بثلثها بعد مَوته وَالْبَاقِي مِيرَاث لَهُم وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى إِذا كذبوه فِي ذَلِك كَانَت كلهَا مِيرَاثا لَهُم
وَفِي حيل الْخصاف امْرَأَة قَالَت فِي الْمَرَض لم يكن لي على زَوجي مهر أَو قَالَ فِي الْمَرَض لم يكن لي على فلَان شَيْء يبرأ عندنَا خلافًا للشَّافِعِيّ وَفِي الذَّخِيرَة قَوْلهَا فِي الْمَرَض لَا مهر لي عَلَيْهِ أَو لَا شَيْء لي عَلَيْهِ أَو لم يكن لي عَلَيْهِ مهر قيل لَا يَصح وَقيل يَصح وَالصَّحِيح أَنه لَا يَصح
وَفِي الْقنية لَو قَالَ الْمَجْرُوح لم يجرحني فلَان ثمَّ مَاتَ لَيْسَ لوَرَثَة الْمَجْرُوح أَن يدعوا على الْجَارِح بِهَذَا السَّبَب قَالَ برهَان الدّين صَاحب الْمُحِيط وَهَذِه الْمَسْأَلَة على التَّفْصِيل إِن كَانَ الْجرْح مَعْرُوفا عِنْد القَاضِي أَو النَّاس لم يقبل إِقْرَار الْمَرِيض
مَرِيض قَالَ فِي حَال مَرضه لَيْسَ لي فِي الدُّنْيَا شَيْء ثمَّ مَاتَ فلبعض الْوَرَثَة أَن يحلفوا زَوْجَة الْمُتَوفَّى وَابْنَته على أَنَّهُمَا لَا يعلمَانِ شَيْئا من تَرِكَة الْمُتَوفَّى انْتهى
الْفَصْل السَّابِع فِي الْوَدِيعَة
الْوَدِيعَة أَمَانَة تركت للْحِفْظ فَلَا يضمنهَا الْمُودع إِن هَلَكت بِلَا تعد مِنْهُ فيحفظها بِنَفسِهِ وبمن فِي عِيَاله كزوجته ووالده ووالدته وَعَبده وَأمته وأجيره الْخَاص الَّذِي اسْتَأْجرهُ مشاهرة أَو مسانهة وَكسوته وَطَعَامه على الْمُسْتَأْجر وَيجوز للْمُودع أَن يُسَافر بالوديعة قربت الْمسَافَة أَو بَعدت وَإِن كَانَت الْوَدِيعَة مِمَّا لَهُ حمل وَمؤنَة وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى حَتَّى لَو هَلَكت لم تضمن عِنْده
وَفِي الجلالية يجوز لَهُ السّفر وَإِن كَانَ لَهَا حمل وَمؤنَة عِنْده إِلَّا فِي مَوضِع وَاحِد وَهُوَ أَن تكون
الْوَدِيعَة طَعَاما كثيرا فَإِنَّهُ يضمن إِذا سَافر بِهِ لجَوَاز أَن تستغرقه الْمُؤْنَة فَيكون فِي معنى الْإِتْلَاف وَقَالا لَيْسَ لَهُ ذَلِك إِذا كَانَ لَهُ حمل وَمؤنَة غير أَن عِنْد مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا إِذا بَعدت الْمسَافَة أما إِذا قربت فَلهُ ذَلِك وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لَيْسَ لَهُ أَن يُسَافر بهَا مُطلقًا وَالْخلاف فِيمَا إِذا كَانَ الطَّرِيق آمنا بِأَن لَا يَقْصِدهُ أحد غَالِبا وَلَو قَصده يُمكنهُ دَفعه بِنَفسِهِ وبرفقة السّفر وَلم يَنْهَهُ الْمُودع عَن المسافرة بهَا وَأما إِذا لم يكن الطَّرِيق آمنا أَو كَانَ الطَّرِيق آمنا لَكِن نَهَاهُ عَن السّفر بهَا فبالسفر يضمن بِلَا خلاف
وَفِي البزازي وَله أَن يحفظها كَمَا يحفظ مَال نَفسه فِي دَاره وحانوته وَفِي النَّوَازِل قَالَ لَا تضعها فِي حانوتك فوضعها فَضَاعَت إِن كَانَ الْحَانُوت أحرز من الدَّار أَو لم يجد مَكَانا آخر لَا يضمن وَإِلَّا ضمن وَلَو كَانَت مِمَّا يمسك فِي الْبيُوت فَقَالَ لَا تدفعها إِلَى زَوجتك فَدفع لَا يضمن وَقيل لَو نَهَاهُ عَن الدّفع لبَعض عِيَاله فَدفع إِن لم يجد بدا مِنْهُ لَا يضمن وَإِلَّا ضمن
وضع كيس الْوَدِيعَة فِي صندوقه وَله فِيهِ كيس فانشق واختلطا لَا يضمن واشتركا والهلاك والبقاء على قدر ماليهما وَلَو خلطهما أَجْنَبِي أَو بعض من فِي عِيَاله لَا يضمن الْمُودع وَيضمن الخالط صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا وَلَا يضمن أَبوهُ لأَجله
دفن مَال الْوَدِيعَة فِي أَرض إِن علمه بعلامة لَا يضمن وَإِلَّا ضمن وَفِي الْمَفَازَة يضمن بِكُل حَال وَفِي الْكَرم لَو كَانَ حصينا لَهُ بَاب مغلق لَا يضمن وَإِن وَضعه بِلَا دفن فِي مَوضِع لَا يدْخل أحد فِيهِ بِلَا اسْتِئْذَان لَا يضمن
توجه السراق فدفنها فِي الْجَبانَة خوفًا وفر ثمَّ جَاءَ وَلم يجدهَا إِن أمكنه أَن يَجْعَل عَلامَة وَلم يَجْعَل ضمن وَإِلَّا فَإِن جَاءَ على فَور الْإِمْكَان لَا يضمن وَإِلَّا ضمن
جعل دَرَاهِم الْوَدِيعَة فِي الْخُف الْأَيْمن فَضَاعَت يضمن وَإِن كَانَت فِي الْأَيْسَر فَضَاعَت لَا يضمن لِأَنَّهَا إِن كَانَت فِي الْيُمْنَى كَانَت على شرف السُّقُوط عِنْد الرّكُوب وَقيل يضمن فيهمَا
ربط دَرَاهِم الْوَدِيعَة بِطرف الْكمّ أَو الْعِمَامَة وضاعت لَا يضمن وَإِن وَضعهَا فِي دَاخل الْكمّ يتَأَمَّل عِنْد الْفَتْوَى
وَفِي العمادى لَو شدّ دَرَاهِم الْوَدِيعَة فِي منديل ثمَّ وَضعهَا فِي كمه فَسَقَطت لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَكَذَا إِذا جعلهَا فِي جيبه وَحضر فِي مجْلِس الْفسق فسرقت مِنْهُ لَا يضمن وَعَن بعض الْأَئِمَّة لَو وضع دَرَاهِم الْوَدِيعَة فِي كمه وَهَلَكت يضمن وَلَو وَضعهَا فِي كيسه أَو شدها على التكة فَضَاعَت يَنْبَغِي أَن لَا يضمن
الْمُودع إِذا مَاتَ فَقَالَ ورثته قد رد الْوَدِيعَة مورثنا فِي حَيَاته لم يقبل قَوْلهم وَالضَّمان وَاجِب فِي مَال الْمَيِّت لِأَنَّهُ مَاتَ مجهلا فَإِن أَقَامَ الْوَرَثَة الْبَيِّنَة على إِقْرَار الْمَيِّت أَنه قَالَ فِي حَيَاته رددت الْوَدِيعَة تقبل لِأَن الثَّابِت بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ مُعَاينَة
الدَّابَّة الْوَدِيعَة إِذا أَصَابَهَا شَيْء فَأمر الْمُودع انسانا أَن يعالجها فعطبت من ذَلِك فَصَاحب الدَّابَّة بِالْخِيَارِ يضمن أَيهمَا شَاءَ فَإِن ضمن الْمُسْتَوْدع لم يرجع هُوَ على الَّذِي عالجها لِأَنَّهُ تبين أَنه عالج دَابَّته بأَمْره وَإِن ضمن الَّذِي عالجها هَل يرجع على الْمُسْتَوْدع إِن علم أَنَّهَا دَابَّة الْمُسْتَوْدع مِنْهُ أَو لم يعلم لَكِن لم يعلم أَنَّهَا لغيره يرجع لِأَن الْأَمر قد صَحَّ فِي الْوَجْه الأول فانتقل الْفِعْل إِلَيْهِ وَفِي الْوَجْه الثَّانِي كَذَلِك لِأَن الْيَد دَلِيل الْملك على الْمَنْقُول فصح الْأَمر أَيْضا