المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الذال المعجمة - لسان العرب - جـ ٤

[ابن منظور]

الفصل: ‌فصل الذال المعجمة

الدَّيْرِ. ابْنُ سِيدَهْ: الدَّيْرُ خَانُ النَّصَارَى؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: دَيْرُ النَّصَارَى، وَالْجَمْعُ أَدْيارٌ، وَصَاحِبُهُ الَّذِي يَسْكُنُهُ وَيَعْمُرُهُ دَيَّارٌ ودَيْرَانِيٌّ، نَسَبٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قُلْنَا إِنه مِنَ الْيَاءِ وإِن كَانَ دَوْرٌ أَكْثَرَ وأَوسع لأَن الْيَاءَ قَدْ تَصَرَّفَتْ فِي جمعه وفي بِنَاءِ فَعَّالٍ، وَلَمْ نَقُلْ إِنها مُعَاقَبَةٌ لأَن ذَلِكَ لَوْ كَانَ لَكَانَ حَرِيّاً أَن يُسْمَعَ فِي وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ تَصَارِيفِهِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا رأَس أَصحابه: هُوَ رأْس الدَّيْرِ.

‌فصل الذال المعجمة

ذأر: ذَئِرَ الرجلُ: فَزِعَ. وذَئِرَ ذَأَراً، فَهُوَ ذَئِرٌ: غَضِبَ؛ قَالَ عَبِيدُ بْنُ الأَبرص:

لَمَّا أَتاني عَنْ تَمِيمٍ أَنَّهُمْ

ذَئِرُوا لَقَتْلَى عامِرٍ، وتَغَضَّبُوا

يَعْنِي نَفَرُوا مِنْ ذَلِكَ وأَنكروه، وَيُقَالُ: أَنِفوا مِنْ ذَلِكَ، وَيُقَالُ: إِن شُؤونك لَذَئِرَةٌ. وَقَدْ ذَئِرَه أَي كَرِهَهُ وَانْصَرَفَ عَنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: الذَّائِرُ الْغَضْبَانُ. والذَّائِرُ: النَّفُور. والذَّائِرُ: الأَنِفُ. اللَّيْثُ: ذَئِرَ إِذا اغْتَاظَ عَلَى عَدُوِّهِ واستعدَّ لمُوَاثَبَتِه. وأَذْأَرَهُ عَلَيْهِ: أَغْضَبَهُ وقَلَبَه؛ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَمْ يَكْفِهِ ذَلِكَ حَتَّى أَبدله فَقَالَ: أَذْرَأَني، وَهُوَ خطأٌ. أَبو زَيْدٍ: أَذْأَرْتُ الرجلَ بِصَاحِبِهِ إِذْآراً أَي حَرَّشْتُهُ وأَولعته بِهِ. وَقَدْ ذَئِرَ عَلَيْهِ حِينَ أَذْأَرْتُه أَي اجْتَرَأَ عَلَيْهِ. وأَذْأَرَهُ الشَّيْءَ: أَلْجَأَهُ. وأَذْأَرَهُ بِصَاحِبِهِ: أَغراه. وذَئِرَ بِذَلِكَ الأَمر ذَأَراً: ضَرِيَ بِهِ وَاعْتَادَهُ. وذَئِرَتِ المرأَةُ عَلَى بَعْلِهَا، وَهِيَ ذَائِرٌ: نَشَزَتْ وتَغَيَّرَ خُلُقها. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، لَمَّا نَهَى عَنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ ذَئِرْنَ عَلَى أَزواجهنّ

؛ قَالَ الأَصمعي: أَي نَفَرْنَ ونَشَزْنَ واجْتَرأْنَ؛ يُقَالُ مِنْهُ: امرأَة ذَئِرٌ عَلَى مِثَالِ فَعِلٍ. وَفِي الصِّحَاحِ: امرأَة ذَائِرٌ عَلَى فاعِلٍ مِثْلُ الرجلِ. يُقَالُ: ذَئِرَتِ المرأَةُ تَذْأَرُ، فَهِيَ ذَئِرُ وَذَائِرٌ أَي نَاشِزٌ؛ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. وأَذْأَرَهُ: جَرَّأَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَكْثَمَ بْنُ صَيْفِيٍّ: سُوءُ حَمْلِ الفَاقَةِ يُحْرِضُ الحَسَبَ ويُذْئِرُ العَدُوَّ؛ يُحْرِضُه: يُسْقِطُه. وذَاءَرَتِ الناقةُ، وَهِيَ مُذائِرٌ: سَاءَ خُلُقها، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَرْأَمُ بأَنفها وَلَا يَصْدُقُ حُبُّها. أَبو عُبَيْدٍ: ذاءَرَتِ الناقةُ عَلَى فاعَلَتْ، فَهِيَ مُذائِرٌ إِذا سَاءَ خُلُقُهَا، وَكَذَلِكَ المرأَة إِذا نَشَزَتْ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ: ذارَتْ بأَنفها، مِنْ هَذَا، فَخَفَّفَهُ، وَقِيلَ: الَّتِي تَنْفِرُ عَنِ الْوَلَدِ ساعةَ تَضَعُهُ. والذِّئارُ: سِرْقِينٌ مُخْتَلِطٌ بِتُرَابٍ يُطْلَى عَلَى أَطْباءِ الناقةِ لِئَلَّا يَرْضَعَها الفصيلُ، وقد ذَأَرَها.

ذبر: الذَّبْرُ: الْكِتَابَةُ مِثْلُ الزَّبْرِ. ذَبَرَ الكتابَ يَذْبُرُه ويَذْبِرُه ذَبْراً وذَبَّرَه، كِلَاهُمَا: كَتَبَهُ؛ وأَنشد الأَصمعي لأَبي ذُؤَيْبٍ:

عَرَفْتُ الدِّيَارَ كَرَقْمِ الدَّوَاةِ،

يَذْبُرُها الكاتِبُ الحِمْيَري

وَقِيلَ: نَقَطَهُ، وَقِيلَ: قرأَه قِراءةً خَفِيَّةً، وَقِيلَ: الذَّبْرُ كُلُّ قِرَاءَةٍ خَفِيَّةٍ؛ كُلُّ ذَلِكَ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:

فِيهَا كتابٌ ذَبْرٌ لِمُقْتَرِئٍ،

يَعْرِفُه أَلْبُهُمْ ومَنْ حَشَدُوا

ذَبْرٌ: بَيِّنٌ، أَراد. كِتَابًا مَذْبُورًا فَوَضَعَ الْمَصْدَرَ مَوْضِعَ الْمَفْعُولِ. وأَلْبُهُمْ: مَنْ كَانَ هَوَاهُ مَعَهُمْ؛

ص: 301

تَقُولُ: بَنُو فُلَانٍ أَلْبٌ وَاحِدٌ. وحَشَدُوا أَي جَمَعُوا. ابْنِ الأَعرابي فِي قَوْلِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَهل الْجَنَّةِ خَمْسَةُ أَصناف: مِنْهُمُ الَّذِي لَا ذَبْرَ لَهُ

أَي لَا نُطْقَ لَهُ وَلَا لِسَانَ لَهُ يَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ ضَعْفِهِ، مِنْ قَوْلِكَ: ذَبَرْتُ الكتابَ أَي قرأْته. قَالَ: وزَبَرْتُه أَي كَتَبْتُهُ، فَفَرْقٌ بَيْنَ ذَبَرَ وزَبَرَ. والذَّبْرُ فِي الأَصل: الْقِرَاءَةُ. وَكِتَابٌ ذَبِرٌ: سهلُ الْقِرَاءَةِ؛ وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا فَهْمَ لَهُ مَنْ ذَبَرْتُ الكتابَ إِذا فَهِمْتَه وأَتقنته، وَيُرْوَى بِالزَّايِ وَسَيَجِيءُ. الأَصمعي: الذِّبارُ الكُتُبُ، وَاحِدُهَا ذَبْرٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

أَقولُ لِنَفْسِي، واقِفاً عِنْدَ مُشْرِفٍ،

عَلَى عَرَصاتٍ كالذِّبارِ النَّوَاطِقِ

وَبَعْضٌ يَقُولُ: ذَبَرَ كَتَبَ. وَيُقَالُ: ذَبَرَ يَذْبُرُ إِذا نَظَرَ فأَحسن النَّظَرَ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ جُدْعانَ: أَنا مُذابِرٌ

أَي ذَاهِبٌ، وَالتَّفْسِيرُ فِي الْحَدِيثِ. وثوبٌ مُذَبَّرٌ: مُنَمْنَمٌ؛ يَمَانِيَةٌ. والذُّبُور: العِلمُ والفِقْهُ بِالشَّيْءِ. وذَبَرَ الخَبَرَ: فهِمه. ثَعْلَبٌ: الذَّابِرُ المُتْقِنُ لِلْعِلْمِ. يُقَالُ: ذَبَرَه يَذْبُرُه؛ وَمِنْهُ الْخَبَرُ:

كَانَ مُعَاذٌ يَذْبُرُه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم

، أَي يُتْقِنُهُ ذَبْراً وذَبارَةً. وَيُقَالُ: مَا أَرْصَنَ ذَبارَتَهُ. ابْنُ الأَعرابي: ذَبَرَ أَتقن وذَبَرَ غَضِبَ والذَّابِرُ الْمُتْقِنُ، وَيُرْوَى بِالدَّالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ

النَّجَاشِيِّ: مَا أُحِبُّ أَن لِي ذَبْراً مِنْ ذَهَبٍ

أَي جَبَلًا بَلُغَتِهِمْ، وَيُرْوَى بِالدَّالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.

ذحر: قَالَ الأَزهري: لَمْ أَجده مُسْتَعْمَلًا فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِمْ.

ذخر: ذَخَرَ الشيءَ يَذْخُرُه ذُخْراً واذَّخَرَهُ اذِّخاراً: اخْتَارَهُ، وَقِيلَ: اتَّخَذَهُ، وَكَذَلِكَ اذَّخَرْتُه، وَهُوَ افْتَعَلَتْ. وَفِي حَدِيثِ الضحية:

كُلُوا وادَّخِرُوا

؛ وأَصله اذْتَخَرَهُ فَثَقُلَتِ التَّاءُ الَّتِي لِلِافْتِعَالِ مَعَ الذَّالِ فَقُلِبَتْ ذَالًا وأُدغمت فِيهَا الذَّالُ الأَصلية فَصَارَتْ ذَالًا مُشَدَّدَةً، وَمَثْلُهُ الاذِّكارُ مِنَ الذِّكْرِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ

؛ أَصله تَذْتَخِرُون لأَن الذَّالَ حَرْفٌ مَجْهُورٌ لَا يُمَكِّنُ النفَس أَن يَجْرِيَ مَعَهُ لِشِدَّةِ اعْتِمَادِهِ فِي مَكَانِهِ وَالتَّاءُ مَهْمُوسَةٌ، فأُبدل مِنْ مَخْرَجِ التَّاءِ حَرْفٌ مَجْهُورٌ يُشْبِهُ الذَّالَ فِي جَهْرِهَا وَهُوَ الدَّالُ فَصَارَ تَدَّخِرُون، وأَصل الإِدغام أَن تُدْغِمَ الأَول فِي الثَّانِي. قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ تَذَّخِرُون، بِذَالٍ مُشَدَّدَةٍ، وَهُوَ جَائِزٌ والأَول أَكثر. والذَّخِيرَةُ: وَاحِدَةُ الذَّخائِر، وَهِيَ مَا ادُّخِرَ؛ قَالَ:

لَعَمْرُكَ مَا مالُ الفَتَى بِذَخِيرَةٍ،

ولكنَّ إِخْوانَ الصَّفَاء الذَّخائِرُ

وَكَذَلِكَ الذُّخْرُ، وَالْجَمْعُ أَذْخارٌ. وذَخَرَ لِنَفْسِهِ حَدِيثًا حَسَناً: أَبقاه، وَهُوَ مَثَلٌ بِذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ

أَصحاب الْمَائِدَةِ: أُمِرُوا أَن لَا يَدَّخِرُوا فادَّخَرُوا

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يُنْطَقُ بِهَا، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. وأَصل الادِّخارِ اذْتِخارٌ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الذَّخْرِ. وَيُقَالُ: اذْتَخَرَ يَذْتَخِرُ فَهُوَ مُذْتَخِرٌ، فَلَمَّا أَرادوا أَن يُدْغِمُوا لِيَخِفَّ النُّطْقُ قَلَبُوا التَّاءَ إِلى مَا يُقَارِبُهَا مِنَ الْحُرُوفِ، وَهُوَ الدَّالُ الْمُهْمَلَةُ، لأَنهما مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ فَصَارَتِ اللَّفْظَةُ مُذْدَخِرٌ بِذَالٍ وَدَالٍ، وَلَهُمْ فِيهِ حينئذٍ مَذْهَبَانِ: أَحدهما، وَهُوَ الأَكثر، أَن تُقْلَبَ الذَّالُ الْمُعْجَمَةُ دَالًا مُشَدَّدَةً، وَالثَّانِي، وَهُوَ الأَقل، أَن تُقْلَبَ الدَّالُ الْمُهْمَلَةُ ذَالًا وَتُدْغَمَ فِيهَا فَتَصِيرَ ذَالًا مُشَدَّدَةً مُعْجَمَةً، وَهَذَا الْعَمَلُ مُطَّرِدٌ فِي أَمثاله نَحْوَ ادَّكَرَ واذَّكَرَ، واتَّغَرَ واثَّغَرَ. والمَذْخَرُ: العَفِجُ.

ص: 302

والإِذْخِرُ: حَشِيشٌ طَيِّبُ الرِّيحِ أَطول مِنَ الثِّيْلِ يَنْبُتُ عَلَى نِبتة الكَوْلانِ، وَاحِدَتُهَا إِذْخِرَةٌ، وَهِيَ شَجَرَةٌ صَغِيرَةٌ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الإِذْخِرُ لَهُ أَصل مُنْدَفِنٌ دِقاقٌ دَفِرُ الرِّيحِ، وَهُوَ مِثْلُ أَسَلِ الكُولانِ إِلا أَنه أَعرض وأَصغر كُعُوباً، وَلَهُ ثَمَرَةٌ كأَنها مَكَاسِحُ القَصَبِ إِلا أَنها أَرق وأَصغر، وَهُوَ يُشْبِهُ فِي نَبَاتِهِ الغَرَزَ، يُطْحَنُ فَيُدْخَلُ فِي الطِّيبِ، وَهِيَ تَنْبُتُ فِي الحُزُونِ والسُّهُول وَقَلَّمَا تَنْبُتُ الإِذْخِرَةُ مُنْفَرِدَةً؛ وَلِذَلِكَ قَالَ أَبو كَبير:

وأَخُو الإِباءَةِ، إِذ رَأَى خُلَّانَهُ،

تَلَّى شِفَاعاً حَوْلَهُ كالإِذْخِرِ

قَالَ: وإِذا جَفَّ الإِذْخِرُ ابيَضَّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ وذَكَرَ جَدْباً:

إِذا تَلَعَاتُ بَطْنِ الحَشْرَجِ امْسَتْ

جَدِيباتِ المَسَارِح والمَراحِ،

تَهادَى الرِّيحُ إِذْخِرَهُنَّ شُهْباً،

ونُودِيَ فِي المجالِس بالقِدَاحِ

احْتَاجَ إِلى وَصْلِ هَمْزَةِ أَمست فَوَصَلَهَا. وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ وَتَحْرِيمِ مَكَّةَ:

فَقَالَ العباسُ إِلَّا الإِذْخِرَ فإِنه لِبُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا

؛ الإِذخر، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ: حَشِيشَةٌ طَيِّبَةُ الرَّائِحَةِ يُسْقَفُ بِهَا الْبُيُوتُ فَوْقَ الْخَشَبِ، وَهَمْزَتُهَا زَائِدَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ مَكَّةَ:

وأَعْذَقَ إِذْخِرُها

أَي صَارَ لَهُ أَعْذَاقٌ. وَفِي الْحَدِيثِ

ذكْرُ تَمْرِ ذَخِيرَةَ

؛ هُوَ نَوْعٌ مِنَ التَّمْرِ مَعْرُوفٌ؛ وَقَوْلُ الرَّاعِي:

فَلَمَّا سَقَيْناها العَكِيسَ تَمَذَّحَتْ

مَذاخِرُها، وازْدَادَ رَشْحاً وَرِيدُها

يَعْنِي أَجوافها وأَمعاءها، وَيُرْوَى خَوَاصِرُهَا. الأَصمعي: الْمَذَاخِرُ أَسفل الْبَطْنِ. يُقَالُ: فُلَانٌ مَلأَ مَذاخِرَهُ إِذا ملأَ أَسافل بَطْنِهِ. وَيُقَالُ لِلدَّابَّةِ إِذا شَبِعَتْ: قَدْ مَلأَتْ مَذَاخِرَها؛ قَالَ الرَّاعِي:

حَتَّى إِذا قَتَلَتْ أَدْنَى الغَلِيلِ، وَلَمْ

تَمْلَأْ مَذَاخِرَها لِلرِّيِّ والصَّدَرِ

أَبو عَمْرٍو: الذَّاخِرُ السَّمِينُ. أَبو عُبَيْدَةَ: فرسٌ مُذَّخَرٌ وَهُوَ المُبَقَّى لحُضْرِهِ. قال: وَمِنَ المُذَّخَر المِسْوَاطُ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُعْطِي مَا عِنْدَهُ إِلا بالسَّوْطِ، والأُنثى مُذَّخَرَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

حَتَّى إِذا كُنَّا بِثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ

؛ هِيَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وكأَنها مُسَمَّاةٌ بِجَمْعِ الإِذْخِرِ.

ذرر: ذَرَّ الشيءَ يَذُرُّه: أَخذه بأَطراف أَصابعه ثُمَّ نَثَرَهُ عَلَى الشَّيْءِ. وذَرَّ الشيءَ يَذُرُّهُ إِذا بَدَّدَهُ. وذُرَّ إِذا بُدِّدَ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: ذُرّي أَحِرَّ لَكِ

أَي ذُرِّي الدَّقِيقَ فِي القِدْرِ لأَعمل لَكِ حَرِيرَةً. والذَّرُّ: مَصْدَرُ ذَرَرْتُ، وَهُوَ أَخذك الشَّيْءَ بأَطراف أَصابعك تَذُرُّهُ ذَرَّ الْمِلْحَ الْمَسْحُوقِ عَلَى الطَّعَامِ. وذَرَرْتُ الحَبَّ وَالْمِلْحَ وَالدَّوَاءَ أَذُرُّه ذَرّاً: فرَّقته؛ وَمِنْهُ الذَّرِيرَةُ والذَّرُورُ، بِالْفَتْحِ، لُغَةٌ فِي الذَّرِيرَة، وَتُجْمَعُ عَلَى أَذِرَّةٍ؛ وَقَدِ اسْتَعَارَهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ للعَرَضِ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْجَوْهَرِ فَقَالَ:

شَقَقْتِ القَلْبَ ثُمَّ ذَرَرْتِ

فِيهِ هَوَاكِ، فَلِيمَ فالْتَأَمَ الفُطُورُ

لِيمَ هُنَا إِما أَن يَكُونَ مُغَيَّرًا مِنْ لُئِمَ، وإِما أَن يَكُونَ فُعِلَ مِنَ اللَّوْمِ لأَن الْقَلْبَ إِذا نُهِيَ كَانَ حَقِيقًا أَن يَنْتَهِيَ. والذَّرُورُ: مَا ذَرَرْتَ. والذُّرَارَةُ: مَا تَنَاثَرَ مِنَ الشَّيْءِ المذْرُورِ. والذَّرِيرَةُ: مَا انْتُحِتَ مِنْ قصَبِ الطِّيبِ. والذَّرِيرَةُ: فُتَاتٌ مِنْ قَصَبِ الطِّيبِ الَّذِي يُجاءُ بِهِ مِنْ بَلَدِ الْهِنْدِ يُشْبِهُ قصَبَ النُّشَّابِ.

ص: 303

وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، لإِحرامه بذَرِيرَةٍ

؛ قَالَ: هُوَ نَوْعٌ مِنَ الطِّيبِ مَجْمُوعٌ مِنْ أَخلاط. وَفِي حَدِيثِ

النَّخَعِيِّ: يُنْثَرُ عَلَى قَمِيصِ الْمَيِّتِ الذَّرِيرَةُ

؛ قِيلَ: هِيَ فُتاتُ قَصَب مَّا كَانَ لنُشَّابٍ وَغَيْرِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي كِتَابِ أَبي مُوسَى. والذَّرُورُ، بِالْفَتْحِ: مَا يُذَرُّ فِي الْعَيْنِ وَعَلَى القَرْحِ مِنْ دَوَاءٍ يَابِسٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

تَكْتَحِلُ المُحِدُّ بالذَّرُورِ

؛ يُقَالُ: ذَرَرْتُ عينَه إِذا داويتها بِهِ. وذَرَّ عَيْنَهُ بالذَّرُورِ يَذُرُّها ذَرّاً: كَحَلَها. والذَّرُّ: صِغارُ النَّمل، وَاحِدَتُهُ ذَرَّةٌ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: إِن مِائَةً مِنْهَا وَزْنُ حَبَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ فكأَنها جُزْءٌ مِنْ مِائَةٍ، وَقِيلَ: الذَّرَّةُ لَيْسَ لَهَا وَزْنٌ، وَيُرَادُ بِهَا مَا يُرَى فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ الداخلِ فِي النَّافِذَةِ؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجُلُ ذَرّاً وَكُنِّيَ بأَبي ذَرٍّ. وَفِي حَدِيثِ

جُبير بْنِ مُطْعِم: رأَيت يَوْمَ حُنَيْنٍ شَيْئًا أَسود يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فَوَقَعَ إِلى الأَرض فَدَبَّ مِثْلَ الذَّرِّ وَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ

؛ الذَّرُّ: النَّمْلُ الأَحمر الصَّغِيرُ، وَاحِدَتُهَا ذَرَّةٌ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عَنِ قَتْلِ النَّحْلَةِ وَالنَّمْلَةِ والصُّرَدِ والهُدْهُدِ

؛ قَالَ إِبراهيم الحَرْبِيُّ: إِنما نَهَى عَنْ قَتْلِهِنَّ لأَنهن لَا يُؤْذِينَ النَّاسَ، وَهِيَ أَقل الطُّيُورِ وَالدَّوَابِّ ضَرَرًا عَلَى النَّاسِ مِمَّا يتأَذى النَّاسُ بِهِ مِنَ الطُّيُورِ كَالْغُرَابِ وَغَيْرِهِ؛ قِيلَ لَهُ: فَالنَّمْلَةُ إِذا عَضَّتْ تَقْتُلُ؛ قَالَ: النَّمْلَةُ لَا تَعَضُّ إِنما يَعَضُّ الذَّرُّ؛ قِيلَ لَهُ: إِذا عَضَّت الذَّرَّةُ تَقْتُلُ؛ قَالَ: إِذا آذَتْكَ فَاقْتُلْهَا. قَالَ: وَالنَّمْلَةُ هِيَ الَّتِي لَهَا قَوَائِمُ تَكُونُ فِي الْبَرَارِي والخَرِبات، وَهَذِهِ الَّتِي يتأَذَّى النَّاسُ بِهَا هِيَ الذَّرُّ. وذَرَّ اللَّهُ الخلقَ فِي الأَرض: نَشَرَهُم والذُّرِّيَّةُ فُعْلِيَّةٌ مِنْهُ، وَهِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى الذَّرِّ الَّذِي هُوَ النَّمْلُ الصِّغَارُ، وَكَانَ قِيَاسُهُ ذَرِّيَّةٌ، بِفَتْحِ الذَّالِ، لَكِنَّهُ نَسَبٌ شَاذٌّ لَمْ يَجِئْ إِلَّا مَضْمُومَ الأَول. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظهورهم ذُرِّيَّاتِهم؛ وذُرِّيَّةُ الرَّجُلِ: وَلَدُهُ، وَالْجَمْعُ الذَّرَارِي والذُّرِّيَّاتُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ

؛ قَالَ: أَجمع الْقُرَّاءُ عَلَى تَرْكِ الْهَمْزِ فِي الذُّرِّيَّةِ، وَقَالَ يُونُسُ: أَهل مَكَّةَ يُخَالِفُونَ غَيْرَهُمْ مِنَ الْعَرَبِ فَيَهْمِزُونُ النبيَّ والبَرِيَّةَ والذُّرِّية مِنْ ذَرَأَ اللَّهُ الخلقَ أَي خَلَقَهُمْ. وَقَالَ أَبو إِسحاق النَّحْوِيُّ: الذُّرِّيَّةُ غَيْرُ مَهْمُوزٍ، قَالَ: وَمَعْنَى قوله: وإِذ أَخذ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتهم؛ أَن اللَّهَ أَخرج الْخَلْقَ مِنْ صُلْبِ آدَمَ كالذَّرِّ حِينَ أَشهدهم عَلَى أَنفسهم: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا: بَلى، شَهِدُوا بِذَلِكَ؛ وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: أَصلها ذُرُّورَةٌ، هِيَ فُعْلُولَةٌ، وَلَكِنَّ التَّضْعِيفَ لَمَّا كَثُرَ أُبدل مِنَ الرَّاءِ الأَخيرة يَاءٌ فَصَارَتْ ذُرُّويَة، ثُمَّ أُدغمت الْوَاوُ فِي الْيَاءِ فَصَارَتْ ذُرِّيَّة، قَالَ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إِنه فُعْلِيَّة أَقيس وأَجود عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: ذُرِّيَّة فُعْلِيَّة، كَمَا قَالُوا سُرِّيَّةٌ، والأَصل مِنَ السِّر وَهُوَ النِّكَاحُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه رأَى امرأَة مَقْتُولَةً فَقَالَ: مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقاتِلُ، الحَقْ خَالِدًا فَقُلْ لَهُ: لَا تَقْتُلْ ذُرِّيَّةً وَلَا عَسِيفاً

؛ الذَّرِّيَّةُ: اسْمٌ يَجْمَعُ نَسْلَ الإِنسان مِنْ ذَكَرٍ وأُنثى، وأَصلها الْهَمْزُ لَكِنَّهُمْ حَذَفُوهُ فَلَمْ يَسْتَعْمِلُوهَا إِلا غَيْرَ مَهْمُوزَةٍ، وَقِيلَ: أَصلها مِنَ الذَّرِّ بِمَعْنَى التَّفْرِيقِ لأَن اللَّهَ تَعَالَى ذَرَّهُمْ فِي الأَرض، وَالْمُرَادُ بِهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ النِّسَاءُ لأَجل المرأَة الْمَقْتُولَةِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عُمَرَ: حُجُّوا بالذُّرِّية لا تأْكلوا أَرزاقها وتَذَرُوا أَرْباقَها فِي أَعْناقِها

أَي حُجُّوا بِالنِّسَاءِ؛ وَضَرَبَ الأَرْباقَ، وَهِيَ الْقَلَائِدُ، مَثَلًا لِمَا قُلِّدَتْ أَعناقُها مِنْ وُجُوبِ الْحَجِّ، وَقِيلَ: كَنَّى بِهَا عَنِ الأَوْزارِ.

ص: 304

وذَرِّيُّ السَّيْفِ: فِرِنْدُه وَمَاؤُهُ يُشَبَّهانِ فِي الصَّفَاءِ بِمَدَبِّ النَّمْلِ والذَّرِّ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبْرَةَ:

كل يَنُوءُ بماضِي الحَدِّ ذِي شُطَبٍ،

جَلَّى الصَّياقِلُ عَنْ ذَرِّيِّه الطَّبَعَا

وَيُرْوَى:

جَلا الصَّياقِلُ عَنْ ذَرِّيِّهِ الطَّبَعَا

يَعْنِي عَنْ فِرِنْده؛ وَيُرْوَى: عَنْ دُرِّيِّهِ الطَّبَعَا يَعْنِي تَلَأْلُؤُهُ؛ وَكَذَلِكَ يُرْوَى بَيْتُ دُرَيْدٍ عَلَى وَجْهَيْنِ:

وتُخْرِجُ مِنْهُ ضَرَّةُ اليومِ مَصْدَقاً،

وطولُ السُّرَى ذَرّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ

إِنما عَنَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْفِرِنْدِ. وَيُرْوَى: دُرِّيَّ عَضْبٍ أَي تلأَلؤه وإِشراقه كأَنه مَنْسُوبٌ إِلى الدُّرِّ أَو إِلى الْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ. قَالَ الأَزهري: مَعْنَى الْبَيْتِ يَقُولُ إِن أَضَرَّ بِهِ شِدَّة الْيَوْمَ أَخرج مِنْهُ مَصْدَقاً وَصَبْرًا وَتَهَلَّلَ وَجْهُهُ كأَنه ذَرِّيُّ سَيْفٍ. وَيُقَالُ: مَا أَبْيَنَ ذَرِّيَّ سَيْفِهِ؛ نُسِبَ إِلى الذَّرِّ. وذَرَّتِ الشمسُ تَذُرُّ ذُرُوراً، بِالضَّمِّ: طَلَعَتْ وَظَهَرَتْ، وَقِيلَ: هُوَ أَوّل طُلُوعِهَا وَشُرُوقِهَا أَوَّلَ ما يسقط ضَوْؤُها عَلَى الأَرض وَالشَّجَرِ، وَكَذَلِكَ الْبَقْلُ وَالنَّبْتُ. وذَرَّ يَذُرُّ إِذا تَخَدَّدَ؛ وذَرَّتِ الأَرضُ النبتَ ذَرّاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ السَّاجِعِ فِي مَطَرٍ: وثَرْد يَذُرُّ بَقْلُه، وَلَا يُقَرِّحُ أَصلُه؛ يَعْنِي بالثَّرْدِ المطرَ الضعيفَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ أَصابنا مَطَرٌ ذَرَّ بَقْلُه يَذُرُّ إِذا طَلَعَ وَظَهَرَ؛ وَذَلِكَ أَنه يَذُرُّ مِنْ أَدنى مَطَرٍ وإِنما يَذُرُّ البقلُ مِنْ مَطَرٍ قَدْرِ وَضَحِ الكَفِّ وَلَا يُقَرِّحُ البقلُ إِلَّا مِنْ قَدْرِ الذِّرَاعِ. أَبو زَيْدٍ: ذَرَّ البقلُ إِذا طَلَعَ مِنَ الأَرض. وَيُقَالُ: ذَرَّ الرجلُ يَذُرُّ إِذا شابَ مُقَدَّمُ رَأْسه. والذِّرَارُ: الغَضَبُ والإِنكارُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وأَنشد لِكُثَيْرٍ:

وَفِيهَا، عَلَى أَنَّ الفُؤَادَ يُحِبُّها،

صُدُودٌ، إِذا لاقَيْتُها، وذِرَارُ

الْفَرَّاءُ: ذَارَّت الناقةُ تَذَارُّ مُذَارَّةً وذِرَاراً أَي ساءَ خُلُقُها، وَهِيَ مُذَارٌّ، وَهِيَ فِي مَعْنَى العَلُوق والمُذَائِرِ؛ قَالَ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ:

وكنتُ كَذاتِ البَعْلِ ذَارَت بأَنْفِها،

فَمِنْ ذاكَ تَبْغي غَيْرَه وتُهاجِرُهْ

إِلَّا أَنه خَفَّفَهُ لِلضَّرُورَةِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: فِي فُلَانٍ ذِرارٌ أَي إِعراضٌ غَضَبًا كَذِرَارِ النَّاقَةِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: بَيْتُ الْحُطَيْئَةِ شَاهِدٌ عَلَى ذَارَت الناقةُ بأَنفها إِذا عَطَفَتْ عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا، وأَصله ذَارَّتْ فَخَفَّفَهُ، وَهُوَ ذَارَتْ بأَنفها، وَالْبَيْتُ:

وكنتُ كذاتِ البَوِّ ذَارَتْ بأَنفِها،

فَمِنْ ذاكَ تَبْغي بُعْدَه وتُهاجِرُهْ

قَالَ ذَلِكَ يَهْجُو بِهِ الزِّبْرِقانَ وَيَمْدَحُ آلَ شَمَّاسِ بْنِ لَايٍ؛ أَلا تُرَاهُ يَقُولُ بَعْدَ هَذَا:

فَدَعْ عَنْكَ شَمَّاسَ بْنَ لأَي فإِنهم

مَوالِيكَ، أَوْ كاثِرْ بِهِمْ مَنْ تُكاثِرُهْ

وَقَدْ قِيلَ فِي ذَارَتْ غيرُ مَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَهُوَ أَن يَكُونَ أَصله ذَاءَرَتْ، وَمِنْهُ قِيلَ لِهَذِهِ المرأَة مُذَائِرٌ، وَهِيَ الَّتِي تَرْأَمُ بأَنفها وَلَا يَصْدُقُ حُبُّها فَهِيَ تَنِفرُ عَنْهُ. والبَوُّ: جِلْدُ الحُوَارِ يُحْشَى ثُماماً ويُقامُ حَوْلَ الناقةِ لِتَدِرَّ عليه. وذَرٌّ: اسم. والذَّرْذَرَةُ: تَفْرِيقُكَ الشَّيْءَ وتَبْدِيدُكَ إِياه. وذَرْذَارٌ: لَقَبُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ.

ص: 305

ذعر: الذُّعْرُ، بِالضَّمِّ: الخَوْفُ والفَزَعُ، وَهُوَ الِاسْمُ. ذَعَرَهُ يَذْعَرُهُ ذَعْراً فانْذعَرَ، وَهُوَ مُنْذَعِرٌ، وأَذْعَرَه، كِلَاهُمَا: أَفزعه وَصَيَّرَهُ إِلى الذُّعْرِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

ومِثْل الَّذِي لاقيتَ، إِن كُنْتَ صَادِقًا،

مِنَ الشَّرِّ يَوْمًا مِنْ خَلِيلِكَ أَذْعَرَا

وَقَالَ الشَّاعِرُ:

غَيْرَان شَمَّصَهُ الوُشاةُ فأَذْعَرُوا

وَحْشاً عليكَ، وَجَدْتَهُنَّ سُكُونَا

وَفِي حَدِيثِ

حُذَيْفَةَ قَالَ لَهُ لَيْلَةَ الأَحزاب: قُمْ فأْتِ الْقَوْمَ وَلَا تَذْعَرْهُم عَلَيَّ

يَعْنِي قُرَيْشًا، أَي لَا تُفْزِعْهُمْ؛ يُرِيدُ لَا تُعْلِمْهُمْ بِنَفْسِكَ وامْشِ فِي خُفْيَةٍ لئلَّا يَنْفِروا مِنْكَ ويُقْبِلُوا عَلَيَّ. وَفِي حَدِيثِ

نَابِلٍ مَوْلَى عُثْمَانَ: وَنَحْنُ نَتَرامَى بالحَنْظَل فَمَا يَزِيدُنا عُمَرُ عَلَى أَن يقولَ: كَذَاكَ لَا تَذْعَرُوا إِبلَنَا عَلَيْنَا

أَي لَا تُنَفِّرُوا إِبلنا عَلَيْنَا؛ وَقَوْلُهُ: كَذَاكَ أَي حَسْبُكُمْ «2» . وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا يَزَالُ الشيطانُ ذَاعِراً مِنَ الْمُؤْمِنِ

؛ أَي ذَا ذُعْرٍ وخَوْفٍ أَو هُوَ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَي مَذْعُور. وَرَجُلٌ ذَعُور: مُنْذَعِرٌ. وامرأَة ذَعُورٌ: تُذْعَرُ مِنَ الرّيبَةِ وَالْكَلَامِ الْقَبِيحِ؛ قَالَ:

تَنُولُ بمَعْرُوفِ الحَديثِ، وإِن تُرِدْ

سِوَى ذَاكَ، تُذْعَرْ منكَ وهْيَ ذَعُورُ

وذُعِرَ فلانٌ ذَعْراً، فَهُوَ مَذْعُورٌ، أَي أُخِيفَ. والذَّعَرُ: الدَّهَشُ مِنَ الْحَيَاءِ. والذَّعْرَةُ: الفَزْعَةُ. والذَّعْرَاءُ والذُّعْرَةُ: الفِنْدَوْرَةُ، وَقِيلَ: الذُّعْرَةُ أُمُّ سُوَيْدٍ. وأَمْرٌ ذُعَرٌ: مَخُوفٌ، عَلَى النَّسَبِ. والذُّعَرَةُ: طُوَيِّرَةٌ تَكُونُ فِي الشَّجَرِ تَهُزُّ ذَنَبَها لَا تَرَاهَا أَبداً إِلَّا مَذْعُورَةً. وَنَاقَةٌ ذَعُورٌ إِذا مُسَّ ضَرْعُها غَارَتْ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلنَّاقَةِ الْمَجْنُونَةِ: مَذْعُورَةٌ. ونُوقٌ مُذَعَّرَةٌ: بِهَا جُنُونٌ. والذُّعْرَةُ: الاسْتُ. وذُو الإِذْعارِ: لَقَبُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ لأَنه زَعَمُوا حَمَلَ النَّسْناسَ إِلى بِلَادِ الْيَمَنِ فَذُعِرَ الناسُ مِنْهُ، وَقِيلَ: ذُو الإِذْعارِ جَدُّ تُبَّعٍ كَانَ سَبَى سَبْياً مِنَ التُّرْكِ فَذُعِرَ الناسُ مِنْهُمْ. وَرَجُلٌ ذَاعِرٌ وذُعَرَةٌ وذُعْرَةٌ: ذُو عُيُوب؛ قَالَ:

نَواجِحاً لَمْ تَخْشَ ذُعْرَاتِ الذُّعَرْ

هَكَذَا رَوَاهُ كُرَاعٌ بِالْعَيْنِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَذَكَرَهُ فِي بَابِ الذُّعْرِ. قَالَ: وأَما الدَّاعِرُ فَالْخَبِيثُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَحَكَيْنَاهُ هُنَالِكَ مَا رَوَاهُ كُرَاعٌ من الذال المعجمة.

ذغمر: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي: الذَّغْمَرِيُّ السَّيءُ الخُلُقِ، وَكَذَلِكَ الذُّغْمُورُ، بِالذَّالِ، الحَقُودُ الَّذِي لَا يَنْحَلُّ حقده.

ذفر: الذَّفَرُ، بِالتَّحْرِيكِ، والذَّفَرَةُ جَمِيعًا: شِدَّةُ ذَكاء الرِّيحِ مَنْ طِيب أَو نَتْن، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِمَا رَائِحَةَ الإِبطين الْمُنْتِنَيْنِ؛ وَقَدْ ذَفِرَ، بِالْكَسْرِ، يَذْفَرُ، فَهُوَ ذَفِرٌ وأَذْفَرُ، والأُنثى ذَفِرَةٌ وذَفْرَاءُ، وَرَوْضَةٌ ذَفِرَةٌ ومِسْكٌ أَذْفَرُ: بَيِّنُ الذَّفَرِ، وذَفِرٌ أَي ذَكِيُّ الرِّيحِ، وَهُوَ أَجوده وأَقْرَتُهُ. وَفِي صِفَةِ الْحَوْضِ: وطِينُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ أَي طَيِّبُ الرِّيحِ. وَالذَّفَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: يَقَعُ عَلَى الطَّيِّبِ والكَرِيه وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِمَا يُضَافُ إِليه وَيُوصَفُ بِهِ؛ وَمِنْهُ صِفَةُ الْجَنَّةِ وَتُرَابُهَا: مِسْكٌ أَذفر.

(2). قوله: [كذاك أَي حسبكم] كذا في الأصل والنهاية

ص: 306

وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الذَّفَرُ النَّتْنُ، وَلَا يُقَالُ فِي شَيْءٍ مِنَ الطِّيبِ ذَفِرٌ إِلَّا فِي الْمِسْكِ وَحْدَهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ ذَكَرْنَا أَن الدَّفَر، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، فِي النَّتْنِ خَاصَّةً. والذَّفَرُ: الصُّنَانُ وخُبْثُ الرِّيحِ، رَجُلٌ ذَفِرٌ وأَذْفَرُ وامرأَة ذَفِرَة وذَفْراءُ أَي لَهُمَا صُنان وخُبْثُ رِيحٍ. وكَتِيبَة ذَفْرَاءُ أَي أَنها سَهِكَةٌ مِنَ الْحَدِيدِ وصَدَئِهِ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ كَتِيبَةً ذَاتِ دُرُوع سَهِكَتْ مِنْ صَدَإِ الْحَدِيدِ:

فَخْمَةٌ ذَفْرَاءُ، تُرْتَى بالعُرَى

قُرْدُمانِيًّا وتَرْكاً كالبَصَلْ

عَدَّى تُرْتَى إِلى مَفْعُولَيْنِ لأَن فِيهِ مَعْنَى تُكْسَى، وَيُرْوَى دَفْرَاءُ؛ وَقَالَ آخَرُ:

ومُؤَوْلَقٍ أَنْضَجْتُ كَيَّةَ رَأْسِهِ،

فَتَرَكْتُه ذَفِراً كَرِيحِ الجَوْرَبِ

وَقَالَ الرَّاعِي وَذَكَرَ إِبلًا رَعَتِ العُشْبَ وزَهْرَهُ، ووَرَدَتْ فَصَدَرَتْ عَنِ الْمَاءِ، فَكُلَّمَا صَدَرَتْ عَنِ الْمَاءِ نَدِيَتْ جُلُودها وَفَاحَتْ مِنْهَا رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، فَيُقَالُ لِذَلِكَ فأْرَةُ الإِبِلِ، فَقَالَ الرَّاعِي:

لَهَا فأْرَةٌ ذَفْرَاءُ كلَّ عَشِيَّةٍ،

كَمَا فَتَقَ الكافُورَ بالمِسْكِ فاتِقُهْ

وَقَالَ ابْنُ أَحمر:

بِهَجْلٍ مِنْ قَسَا ذَفِرِ الخُزَامى،

تَدَاعَى الجِرْبِيَاءُ بِهِ حَنِينَا

أَي ذَكِيُّ رِيحِ الْخُزَامَى: طِيبُهَا. والذِّفْرَى مِنَ النَّاسِ وَمِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ: مِنْ لَدُنِ المَقَذِّ إِلى نِصْفِ القَذَالِ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَظْمُ الشَّاخِصُ خَلْفَ الأُذن، بَعْضُهُمْ يُؤَنِّثُهَا وَبَعْضُهُمْ يُنَوِّنُهَا إِشعاراً بالإِلحاق، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَهِيَ أَقلهما. اللَّيْثُ: الذِّفْرَى مِنَ الْقَفَا هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَعْرَقُ مِنَ الْبَعِيرِ خَلْفَ الأُذن، وَهُمَا ذِفْرَيانِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ هَذِهِ ذِفْرَى أَسيلة؛ لَا تُنَوَّنُ لأَن أَلفها للتأْنيث، وَهِيَ مأْخوذة مِنْ ذَفَرِ العَرَقِ لأَنها أَوّل مَا تَعْرَقُ مِنَ الْبَعِيرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَمَسَحَ رأْس الْبَعِيرِ وذِفْرَاهُ

؛ ذِفْرَى الْبَعِيرِ: أَصلُ أُذنه، والذِّفْرَى مُؤَنَّثَةٌ وأَلفها للتأْنيث أَو للإِلحاق، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ هَذِهِ ذِفْرًى فَيَصْرِفُهَا كأَنهم يَجْعَلُونَ الأَلف فِيهَا أَصلية، وَكَذَلِكَ يَجْمَعُونَهَا عَلَى الذَّفَارَى، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هُمَا ذِفْرَيانِ؛ والمَقَذَّان وَهَمَا أُصول الأُذنين وأَول مَا يَعْرَقُ مِنَ الْبَعِيرِ. وَقَالَ شَمِرٌ: الذِّفْرَى عَظْمٌ فِي أَعلى الْعُنُقِ مِنَ الإِنسان عَنْ يَمِينِ النُّقْرَةِ وَشِمَالِهَا، وَقِيلَ: الذِّفْرَيانِ الحَيْدَانِ اللَّذَانِ عَنْ يَمِينِ النُّقْرَةِ وَشِمَالِهَا. والذِّفِرُّ مِنَ الإِبل: الْعَظِيمُ الذِّفْرَى، والأُنثى ذِفِرَّةٌ، وَقِيلَ: الذِّفِرَّةُ النَّجِيبَةُ الْغَلِيظَةُ الرَّقَبَةِ. أَبو عَمْرٍو: الذِّفِرُّ الْعَظِيمُ مِنَ الإِبل. أَبو زَيْدٍ: بَعِيرٌ ذِفِرٌّ، بِالْكَسْرِ مُشَدَّدَ الرَّاءِ، أَي عَظِيمَ الذِّفْرَى، وَنَاقَةٌ ذِفِرَّةٌ وَحِمَارٌ ذِفِرٌّ وذِفَرٌّ: صَلْبٌ شَدِيدٌ، وَالْكَسْرُ أَعلى. والذِّفِرُّ أَيضاً: الْعَظِيمُ الخَلْقِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الذِّفِرُّ الشَّابُّ الطَّوِيلُ التامُّ الجَلْدُ. واسْتَذْفَرَ بالأَمر: اشْتَدَّ عَزْمُهُ عَلَيْهِ وصَلُبَ لَهُ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرِّقَاع:

واسْتَذْفَرُوا بِنَوًى حَذَّاءَ تَقْذِفُهُمْ

إِلى أَقاصي نَواهُمْ، ساعَةَ انْطَلَقُوا

وذَفِرَ النَّبْتُ: كَثُرَ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وأَنشد:

فِي وارِسٍ مِنَ النَّجِيلِ قَدْ ذَفِرْ

وَقِيلَ لأَبي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ: الذِّفْرَى مِنَ الذَّفَرِ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ والمِعْزَى مِنَ المَعَز؟ فَقَالَ: نَعَمْ؛ بَعْضُهُمْ يُنَوِّنُهُ فِي النَّكِرَةِ وَيَجْعَلُ أَلفه للإِلحاق بِدِرْهَمٍ وهِجْرَعٍ؛ وَالْجَمْعُ ذِفْرَياتٌ وذَفَارَى، بِفَتْحِ الرَّاءِ،

ص: 307

وَهَذِهِ الأَلف فِي تَقْدِيرِ الِانْقِلَابِ عَنِ الْيَاءِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ ذَفَارٍ مِثْلَ صحارٍ. والذَّفْرَاءُ: بَقْلَةٌ رِبْعِيَّةٌ دَشتِيَّةٌ تَبْقَى خَضْرَاءَ حَتَّى يُصِيبَهَا الْبَرْدُ، وَاحِدَتُهَا ذَفْراءَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ عُشْبَةٌ خَبِيثَةُ الرِّيحِ لَا يَكَادُ الْمَالُ يأْكلها، وَفِي الْمُحْكَمِ: لَا يَرْعَاهَا الْمَالُ؛ وَقِيلَ: هِيَ شَجَرَةٌ يُقَالُ لَهَا عِطْرُ الأَمة، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ ضَرْبٌ مِنَ الحَمْضِ، وَقَالَ مَرَّةً: الذَّفْرَاءُ عُشْبَةٌ خَضْرَاءُ تَرْتَفِعُ مِقْدَارَ الشِّبْرِ مُدَوَّرَةُ الْوَرَقِ ذَاتُ أَغصان وَلَا زَهْرَةَ لَهَا وَرِيحُهَا رِيحُ الفُساءِ؛ تُبَخِّر الإِبل وَهِيَ عَلَيْهَا حراصٌ، وَلَا تُتَبَيَّنُ تِلْكَ الذَّفَرَةُ فِي اللَّبَنِ، وَهِيَ مُرَّةٌ، ومَنابتها الغَلْظُ؛ وَقَدْ ذَكَرَهَا أَبو النَّجْمِ فِي الرِّيَاضِ فَقَالَ:

تَظَلُّ حِفْرَاهُ، مِنَ التَّهَدُّلِ،

فِي رَوْضِ ذَفْرَاءَ ورُعْلٍ مُخْجِلِ

والذَّفِرَةُ: نبْتَةٌ تَنْبُتُ وَسْطَ العُشْب، وَهِيَ قَلِيلَةٌ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ تَنْبُتُ فِي الجَلَدِ عَلَى عِرْقٍ وَاحِدٍ، لَهَا ثَمَرَةٌ صَفْرَاءُ تُشَاكِلُ الجَعْدَةَ فِي رِيحِهَا. والذَّفْرَاءُ: نبْتَةٌ طَيِّبَةُ الرَّائِحَةِ. والذَّفْرَاءُ: نَبْتَةٌ مُنْتِنَةٌ. وَفِي حَدِيثِ مَسِيرِهِ إِلى بَدْرٍ:

أَنه جَزَعَ الصَّفْرَاءَ ثُمَّ صَبَّ في ذَفِرَان

؛ هو بِكَسْرِ الْفَاءِ، وادٍ هُنَاكَ.

ذكر: الذِّكْرُ: الحِفْظُ لِلشَّيْءِ تَذْكُرُه. والذِّكْرُ أَيضاً: الشَّيْءُ يَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ. والذِّكْرُ: جَرْيُ الشَّيْءِ عَلَى لِسَانِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَن الدِّكْرَ لُغَةٌ فِي الذِّكْرِ، ذَكَرَهُ يَذْكُرُه ذِكْراً وذُكْراً؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ*

؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَاهُ ادْرُسُوا مَا فِيهِ. وتَذَكَّرَهُ واذَّكَرَهُ وادَّكَرَهُ واذْدَكَرَهُ، قَلَبُوا تَاءَ افْتَعَلَ فِي هَذَا مَعَ الذَّالِ بِغَيْرِ إِدغام؛ قَالَ:

تُنْحي عَلَى الشَّوكِ جُرَازاً مِقْضَبا،

والهَمُّ تُذْرِيهِ اذْدِكاراً عَجَبَا «1»

. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَما اذَّكَرَ وادَّكَر فإِبدال إِدغام، وأَما الذِّكْرُ والدِّكْرُ لَمَّا رأَوها قَدِ انْقَلَبَتْ فِي اذَّكَرَ الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ الْمَاضِي قَلَبُوهَا فِي الذِّكْرِ الَّذِي هُوَ جَمْعُ ذِكْرَةٍ. واسْتَذْكَرَهُ: كاذَّكَرَه؛ حَكَى هَذِهِ الأَخيرة أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ فَقَالَ: أَرْتَمْتُ إِذا ربطتَ فِي إِصبعه خَيْطًا يَسْتَذْكِرُ بِهِ حاجَتَه. وأَذْكَرَه إِياه: ذَكَّرَهُ، وَالِاسْمُ الذِّكْرَى. الْفَرَّاءُ: يَكُونُ الذِّكْرَى بِمَعْنَى الذِّكْرِ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى التَّذَكُّرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ

. والذِّكْرُ والذِّكْرى، بِالْكَسْرِ: نَقِيضُ النِّسْيَانِ، وَكَذَلِكَ الذُّكْرَةُ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:

أَنَّى أَلَمَّ بِكَ الخَيالُ يَطِيفُ،

ومَطافُه لَكَ ذُكْرَةٌ وشُعُوفُ

يُقَالُ: طَافَ الخيالُ يَطِيفُ طَيْفاً ومَطَافاً وأَطافَ أَيضاً. والشُّعُوفُ: الولُوعُ بِالشَّيْءِ حَتَّى لَا يُعْدَلَ عَنْهُ. وَتَقُولُ: ذَكَّرْتُه ذِكْرَى؛ غَيْرَ مُجْرَاةٍ. وَيُقَالُ: اجْعَلْه مِنْكَ عَلَى ذُكْرٍ وذِكْرٍ بِمَعْنًى. وَمَا زَالَ ذَلِكَ مِنِّي عَلَى ذِكْرٍ وذُكْرٍ، وَالضَّمُّ أَعلى، أَي تَذَكُّرٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الذِّكْرُ مَا ذَكَرْتَهُ بِلِسَانِكَ وأَظهرته. والذُّكْرُ بِالْقَلْبِ. يُقَالُ: مَا زَالَ مِنِّي عَلَى ذُكْرٍ أَي لَمْ أَنْسَه. واسْتَذْكَرَ الرجلَ: رَبَطَ فِي أُصبعه خَيْطًا ليَذْكُرَ بِهِ حَاجَتَهُ. والتَّذكِرَةُ:

(1). قوله: [والهم تذريه الخ] كذا بالأصل والذي في شرح الأشموني:

[والهرم وتذريه اذدراء عجبا]

أَتى بِهِ شَاهِدًا عَلَى جواز الإِظهار بعد قلب تاء الافتعال دالًا بعد الذال. والهرم، بفتح الهاء فسكون الراء المهملة: نبت وشجر أَو البقلة الحمقاء كما في القاموس، والضمير في تذريه للناقة، واذدراء مفعول مطلق لتذريه موافق له في الاشتقاق، انظر الصبان

ص: 308

مَا تُسْتَذْكَرُ بِهِ الْحَاجَةُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ فِي ذِكْرِ الأَنْواء: وأَما الجَبْهَةُ فَنَوْؤُها مَنْ أَذْكَرِ الأَنْواء وأَشهرها؛ فكأَن قَوْلَهُ مَنْ أَذْكَرِها إِنما هُوَ عَلَى ذَكُرَ وإِن لَمْ يُلْفَظْ بِهِ وَلَيْسَ عَلَى ذُكِرَ، لأَن أَلفاظ فِعْلِ التَّعَجُّبِ إِنما هِيَ مِنْ فِعْلِ الْفَاعِلِ لَا مِنْ فِعْلِ الْمَفْعُولِ إِلَّا فِي أَشياء قَلِيلَةٍ. واسْتَذْكَرَ الشيءَ: دَرَسَهَ للذِّكْرِ. والاسْتِذْكارُ: الدِّرَاسَةُ لِلْحِفْظِ. والتَّذَكُّر: تَذَكُّرُ مَا أُنسيته. وذَكَرْتُ الشَّيْءَ بَعْدَ النِّسْيَانِ وذَكَرْتُه بِلِسَانِي وَبِقَلْبِي وتَذَكَّرْتُه وأَذْكَرْتُه غَيْرِي وذَكَّرْتُه بِمَعْنًى. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ

؛ أَي ذَكَرَ بَعْدَ نِسْيان، وأَصله اذْتَكَرَ فَأُدغم. وَالتَّذْكِيرُ: خِلَافُ التأْنيث، والذَّكَرُ خِلَافُ الأُنثى، وَالْجَمْعُ ذُكُورٌ وذُكُورَةٌ وذِكَارٌ وذِكَارَةٌ وذُكْرانٌ وذِكَرَةٌ. وَقَالَ كُرَاعٌ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعَلٌ يُكَسَّرُ عَلَى فُعُول وفُعْلان إِلَّا الذَّكَرُ. وامرأَة ذَكِرَةٌ ومُذَكَّرَةٌ ومُتَذَكِّرَةٌ: مُتَشَبِّهةٌ بالذُّكُورِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: إِياكم وكُلَّ ذَكِرَة مُذَكَّرَةٍ شَوْهاءَ فَوْهاءَ تُبْطِلُ الحَقَّ بالبُكاء، لَا تأْكل مِنْ قِلَّةٍ وَلَا تَعْتَذِرُ مِنْ عِلَّة، إِن أَقبلت أَعْصَفَتْ وإِن أَدْبَرَتْ أَغْبَرَتْ. وَنَاقَةٌ مُذَكَّرَةٌ: مُتَشَبِّهَةٌ بالجَمَلِ فِي الخَلْقِ والخُلُقِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

مُذَكَّرَةٌ حَرْفٌ سِنَادٌ، يَشُلُّها

وَظِيفٌ أَرَحُّ الخَطْوِ، ظَمْآنُ سَهْوَقُ

وَيَوْمٌ مُذَكَّرٌ: إِذا وُصِفَ بالشِّدّةِ وَالصُّعُوبَةِ وَكَثْرَةِ الْقَتْلِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

فإِن كنتِ تَبْغِينَ الكِرامَ، فأَعْوِلِي

أَبا حازِمٍ، فِي كُلِّ يومٍ مُذَكَّرِ

وَطَرِيقٌ مُذَكَّرٌ: مَخُوفٌ صَعْبٌ. وأَذْكَرَتِ المرأَةُ وغَيْرُها فَهِيَ مُذْكِرٌ: وَلَدَتْ ذَكَراً. وَفِي الدُّعَاءِ للحُبْلَى: أَذْكَرَتْ وأَيْسَرَتْ أَي وَلَدَتْ ذَكَراً ويُسِّرَ عَلَيْهَا. وامرأَة مُذْكِرٌ: وَلَدَتْ ذَكَراً، فإِذا كَانَ ذَلِكَ لَهَا عَادَةً فَهِيَ مِذْكارٌ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ أَيضاً مِذْكارٌ؛ قَالَ رؤْبة:

إِنَّ تَمِيماً كَانَ قَهْباً مِنْ عادْ،

أَرْأَسَ مِذْكاراً، كثيرَ الأَوْلادْ

وَيُقَالُ: كَمِ الذِّكَرَةُ مَنْ وَلَدِك؟ أَي الذُّكُورُ وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا غَلَبَ ماءُ الرَّجُلِ ماءَ المرأَة أَذْكَرَا

؛ أَي وَلَدَا ذَكَرًا، وَفِي رِوَايَةٍ:

إِذا سَبَقَ ماءُ الرَّجُلِ ماءَ المرأَة أَذْكَرَتْ بإِذن اللَّهِ

أَي وَلَدَتْهُ ذَكَرًا. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: هَبِلَتِ الوَادِعِيَّ أُمُّهُ لَقَدْ أَذْكَرَتْ بِهِ

أَي جَاءَتْ بِهِ ذَكَرًا جَلْداً. وَفِي حَدِيثِ

طَارِقٍ مَوْلَى عُثْمَانَ: قَالَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ حِينَ صُرِعَ: وَاللَّهِ مَا وَلَدَتِ النِّسَاءُ أَذْكَرَ مِنْكَ

؛ يَعْنِي شَهْماً مَاضِيًا فِي الأُمور. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:

ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ

؛ ذَكَرَ الذَّكَرَ تأْكيداً، وَقِيلَ: تَنْبِيهًا عَلَى نَقْصِ الذُّكُورِيَّةِ فِي الزَّكَاةِ مَعَ ارْتِفَاعِ السِّنِّ، وَقِيلَ: لأَن الِابْنَ يُطْلَقُ فِي بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى كَابْنِ آوَى وَابْنِ عُرْسٍ وَغَيْرِهِمَا، لَا يُقَالُ فِيهِ بِنْتُ آوَى وَلَا بِنْتُ عُرْسٍ فَرَفَعَ الإِشكال بِذِكْرِ الذَّكَرِ. وَفِي حَدِيثِ الْمِيرَاثِ:

لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ

؛ قِيلَ: قَالَهُ احْتِرَازًا مِنَ الْخُنْثَى، وَقِيلَ: تَنْبِيهًا عَلَى اخْتِصَاصِ الرِّجَالِ بِالتَّعْصِيبِ لِلذُّكُورِيَّةِ. وَرَجُلٌ ذَكَرٌ: إِذا كَانَ قَوِيًّا شُجَاعًا أَنِفاً أَبِيّاً. وَمَطَرٌ ذَكَرٌ: شديدٌ وابِلٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

فَرُبَّ ربيعٍ بالبَلالِيق قَدْ، رَعَتْ

بِمُسْتَنِّ أَغْياثٍ بُعاق ذُكُورُها

وقَوْلٌ ذَكَرٌ: صُلْبٌ مَتِين. وَشَعَرٌ ذَكَرٌ:

ص: 309

فَحْلٌ. وَدَاهِيَةٌ مُذْكِرٌ: لَا يَقُوُمُ لَهَا إِلَّا ذُكْرانُ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: دَاهِيَةٌ مُذْكِرٌ شَدِيدَةٌ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:

وداهِيَةٍ عَمْياءَ صَمَّاءَ مُذْكِرٍ،

تَدِرُّ بِسَمٍّ مِنْ دَمٍ يَتَحَلَّبُ

وذُكُورُ الطِّيبِ: مَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ نَحْوَ المِسْكِ وَالْغَالِيَةِ والذَّرِيرَة. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: أَنه كَانَ يَتَطَيَّبُ بِذِكارَةِ الطِّيبِ

؛ الذِّكَارَةُ، بِالْكَسْرِ: مَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ كَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَالْعُودِ، وَهِيَ جَمْعُ ذَكَرٍ، والذُّكُورَةُ مِثْلُهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

كَانُوا يَكْرَهُونَ المُؤَنَّثَ مِنَ الطِّيبِ وَلَا يَرَوْنَ بِذُكْورَتِه بأْساً

؛ قَالَ: هُوَ مَا لَا لَوْنَ لَهُ يَنْفُضُ كالعُود وَالْكَافُورِ وَالْعَنْبَرِ، والمؤنَّث طِيبُ النِّسَاءِ كالخَلُوق وَالزَّعْفَرَانِ. وذُكورُ العُشْبِ: مَا غَلُظ وخَشُنَ. وأَرض مِذْكارٌ: تُنْبِتُ ذكورَ العُشْبِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا تَنْبُتُ، والأَوّل أَكثر؛ قَالَ كَعْبٌ:

وعَرَفْتُ أَنِّي مُصْبِحٌ بِمَضِيعةٍ

غَبْراءَ، يَعْزِفُ جِنُّها، مِذكارِ

الأَصمعي: فَلَاةٌ مِذْكارٌ ذَاتُ أَهوال؛ وَقَالَ مَرَّةً: لَا يَسْلُكُهَا إِلّا الذَّكَرُ مِنَ الرِّجَالِ. وفَلاة مُذْكِرٌ: تُنْبِتُ ذُكُورَ الْبَقْلِ، وذُكُورُه: مَا خَشُنَ مِنْهُ وغَلُظَ، وأَحْرَارُ الْبُقُولِ: مَا رَقَّ مِنْهُ وَطَابَ. وذُكُورُ الْبَقْلِ: مَا غَلُظَ مِنْهُ وإِلى الْمَرَارَةِ هُوَ. والذِّكْرُ: الصيتُ وَالثَّنَاءُ. ابْنُ سِيدَهْ: الذِّكْرُ الصِّيتُ يَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: إِن فُلَانًا لَرَجُلٌ لَوْ كَانَ لَهُ ذُكْرَةٌ أَي ذِكْرٌ. وَرَجُلٌ ذَكِيرٌ وذِكِّيرٌ: ذُو ذِكْرٍ؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. والذِّكْرُ: ذِكْرُ الشَّرَفُ والصِّيت. وَرَجُلٌ ذَكِيرٌ: جَيِّدٌ الذِّكْرِ والحِفْظِ. والذِّكْرُ: الشَّرَفُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ

؛ أَي الْقُرْآنُ شَرَفٌ لَكَ وَلَهُمْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ

؛ أَي شَرَفَكَ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِذا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ مَعِي. والذِّكْرُ: الْكِتَابُ الَّذِي فِيهِ تَفْصِيلُ الدِّينِ ووَضْعُ المِلَلِ، وكُلُّ كِتَابٍ مِنَ الأَنبياء، عليهم السلام، ذِكْرٌ. والذِّكْرُ: الصلاةُ لِلَّهِ والدعاءُ إِليه وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَتِ الأَنبياء، عليهم السلام، إِذا حَزَبَهُمْ أَمْرٌ فَزِعُوا إِلى الذِّكْرِ

، أَي إِلى الصَّلَاةِ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ. وذِكْرُ الحَقِّ: هُوَ الصَّكُّ، وَالْجَمْعُ ذُكُورُ حُقُوقٍ، وَيُقَالُ: ذُكُورُ حَقٍّ. والذِّكْرَى: اسْمٌ للتَّذْكِرَةِ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الذِّكْرُ الصَّلَاةُ وَالذِّكْرُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرُ التَّسْبِيحُ وَالذِّكْرُ الدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ الشُّكْرُ وَالذِّكْرُ الطَّاعَةُ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: ثُمَّ جَلَسُوا عِنْدَ المَذْكَر حَتَّى بَدَا حاجِبُ الشَّمْسِ

؛ المَذْكَر مَوْضِعُ الذِّكْرِ، كأَنها أَرادت عِنْدَ الرُّكْنِ الأَسود أَو الحِجْرِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الذّكْرِ فِي الْحَدِيثِ وَيُرَادُ بِهِ تَمْجِيدُ اللَّهِ وَتَقْدِيسُهُ وَتَسْبِيحُهُ وَتَهْلِيلُهُ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَحَامِدِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

القرآنُ ذَكَرٌ فَذَكِّرُوه

؛ أَي أَنه جَلِيلٌ خَطِيرٌ فأَجِلُّوه. وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ

؛ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحدهما أَن ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى إِذا ذَكَرَهُ الْعَبْدُ خَيْرٌ لِلْعَبْدِ مِنْ ذِكْرِ الْعَبْدِ لِلْعَبْدِ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَن ذِكْرَ اللَّهِ يَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ أَكثر مِمَّا تَنْهَى الصَّلَاةُ. وَقَوْلُ اللَّهِ عز وجل: سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ فِيهِ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ

، قَالَ: يُرِيدُ يَعِيبُ آلِهَتَكُمْ، قَالَ: وأَنت قَائِلٌ لِلرَّجُلِ لَئِنْ ذَكَرْتَنِي لَتَنْدَمَنَّ، وأَنت تُرِيدُ بِسُوءٍ، فَيَجُوزُ ذَلِكَ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:

ص: 310

لَا تَذْكُرِي فَرَسي وَمَا أَطْعَمْتُه،

فيكونَ جِلْدُكِ مثلَ جِلْدِ الأَجْرَبِ

أَراد لَا تَعِيبي مُهْري فَجَعَلَ الذِّكْرَ عَيْبًا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ أَنكر أَبو الْهَيْثَمِ أَن يَكُونَ الذِّكْرُ عَيْبًا؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ عَنْتَرَةَ لَا تَذْكُرِي فَرَسِي: مَعْنَاهُ لَا تَوْلَعِي بِذِكْرِهِ وذِكْرِ إِيثاري إِياه دُونَ الْعِيَالِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ نَحْوًا مِنْ قَوْلِ الْفَرَّاءِ، قَالَ: وَيُقَالُ فُلَانٌ يَذْكُر الناسَ أَي يَغْتَابُهُمْ وَيَذْكُرُ عُيُوبَهُمْ، وَفُلَانٌ يَذْكُرُ اللَّهَ أَي يَصِفُهُ بِالْعَظَمَةِ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيُوَحِّدُهُ، وإِنما يُحْذَفُ مَعَ الذِّكْرِ مَا عُقِلَ مَعْنَاهُ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: أَن عَلِيًّا يَذْكُرُ فَاطِمَةَ

أَيْ يَخْطُبُهَا، وَقِيلَ: يَتَعَرَّضُ لخِطْبَتِها، وَمِنْهُ حَدِيثُ

عُمَرَ: مَا حلفتُ بِهَا ذَاكِراً وَلَا آثِرًا

أَي مَا تَكَلَّمْتُ بِهَا حَالِفًا، مِنْ قَوْلِكَ: ذَكَرْتُ لِفُلَانٍ حَدِيثَ كَذَا وَكَذَا أَي قُلْتُهُ لَهُ، وَلَيْسَ مِنَ الذِّكْر بَعْدَ النِّسْيَانِ. والذُّكَارَةُ: حَمْلُ النَّخْلِ؛ قَالَ ابن دريد: وأَحسب أَن بَعْضَ الْعَرَبِ يُسَمِّي السِّمَاكَ الرَّامِحَ الذَّكَرَ. والذَّكَرُ: مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ ذُكُورٌ ومَذاكِيرُ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كأَنهم فَرَّقُوا بَيْنَ الذَّكَرِ الَّذِي هُوَ الْفَحْلُ وَبَيْنَ الذَّكَرِ الَّذِي هُوَ الْعُضْوُ. وَقَالَ الأَخفش: هُوَ مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِثْلُ العَبَاديد والأَبابيل؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: وَجَمْعُهُ الذِّكارَةُ وَمِنْ أَجله يُسَمَّى مَا يَلِيهِ المَذَاكِيرَ، وَلَا يُفْرَدُ، وإِن أُفرد فَمُذَكَّرٌ مِثْلُ مُقَدَّمٍ ومَقَادِيم. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن عَبْدًا أَبصر جَارِيَةً لِسَيِّدِهِ فَغَارَ السيدُ فَجَبَّ مَذَاكِيرَه

؛ هِيَ جَمْعُ الذَّكَرِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمَذَاكِيرُ مَنْسُوبَةٌ إِلى الذَّكَرِ، وَاحِدُهَا ذَكَرٌ، وَهُوَ مِنْ بَابِ مَحاسِنَ ومَلامِحَ. والذَّكَرُ والذَّكِيرُ مِنَ الْحَدِيدِ: أَيْبَسُه وأَشَدُّه وأَجْوَدُه، وَهُوَ خلافُ الأَنِيثِ، وَبِذَلِكَ يُسَمَّى السَّيْفُ مُذَكَّراً وَيُذَكَّرُ بِهِ الْقَدُّومُ والفأْس وَنَحْوُهُ، أَعني بالذَّكَرِ مِنَ الْحَدِيدِ. وَيُقَالُ: ذهبتْ ذُكْرَةُ السَّيْفِ وذُكْرَةُ الرَّجُلِ أَي حِدَّتُهما. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ يَطُوفُ فِي لَيْلَةٍ عَلَى نِسَائِهِ وَيَغْتَسِلُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُسْلًا فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنه أَذْكَرُ

؛ أَي أَحَدُّ. وسيفٌ ذُو ذُكْرَةٍ أَي صارِمٌ، والذُّكْرَةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْفُولَاذِ تُزَادُ فِي رأْس الفأْس وَغَيْرِهِ، وَقَدْ ذَكَّرْتُ الفأْسَ والسيفَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

صَمْصَامَةٌ ذُكْرَةٌ مُذَكَّرَةٌ،

يُطَبّقُ العَظْمَ وَلَا يَكْسِرُهْ

وَقَالُوا لخِلافهِ: الأَنِيثُ. وذُكْرَةُ السَّيْفِ وَالرَّجُلِ: حِدَّتُهما. وَرَجُلٌ ذَكِيرٌ: أَنِفٌ أَبِيُّ. وسَيْف مُذَكَّرٌ: شَفْرَتُه حَدِيدٌ ذَكَرٌ ومَتْنُه أَنِيثٌ، يَقُولُ النَّاسُ إِنه مِنْ عَمَلِ الْجِنِّ. الأَصمعي: المُذَكَّرَةُ هِيَ السُّيُوفُ شَفَرَاتُها حَدِيدٌ وَوَصْفُهَا كَذَلِكَ. وَسَيْفٌ مُذَكَّرٌ أَي ذُو مَاءٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ

؛ أَي ذِي الشَّرَفِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِن الرَّجُلَ يُقَاتِلُ ليُذْكَر وَيُقَاتِلُ ليُحْمَدَ

؛ أَي لِيُذْكَرَ بَيْنَ النَّاسِ وَيُوصَفَ بِالشَّجَاعَةِ. والذِّكْرُ: الشَّرَفُ وَالْفَخْرُ. وَفِي صِفَةِ الْقُرْآنِ: الذِّكْر الْحَكِيمُ أَي الشَّرَفُ الْمُحْكَمُ الْعَارِي مِنَ الِاخْتِلَافِ. وَتَذْكُرُ: بَطْنٌ مِنْ رَبِيعَةَ، وَاللَّهُ عز وجل أَعلم.

ذمر: الذَّمْرُ: اللَّوْمُ والحَضُّ مَعًا. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، عليه السلام: أَلا وإِن الشَّيْطَانَ قَدْ ذَمَّرَ حِزْبَه

أَي حضهم وشجعهم؛ ذَمَرَه يَذْمُرُه ذَمْراً: لامَهُ وحَضَّهُ وحَثَّهُ. وتَذَمَّرَ هُوَ: لَامَ نَفْسَهُ، جَاءَ مُطَاوِعُهُ عَلَى غَيْرِ الْفِعْلِ. وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْخَوْفِ:

ص: 311

فَتَذَامَرَ الْمُشْرِكُونَ وَقَالُوا هَلَّا كُنَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ

؛ أَي تَلاوَمُوا عَلَى تَرْكِ الفُرْصَةِ، وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى تَحاضُّوا عَلَى الْقِتَالِ. والذَّمْرُ: الحَثُّ مَعَ لَوْمٍ واسْتِبْطاءٍ. وسمعتُ لَهُ تَذَمُّراً أَي تَغَضُّبًا. وَفِي حَدِيثِ

مُوسَى، عليه السلام: أَنه كَانَ يَتَذَمَّرُ عَلَى رَبِّهِ

أَي يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ فِي عِتَابِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

طَلْحَةَ لَمَّا أَسلم: إِذا أُمّه تُذَمِّرُه وتَسُبُّهُ

أَي تُشَجِّعُه عَلَى تَرْكِ الإِسلام وَتَسُبُّهُ عَلَى إِسلامه. وذَمَرَ يَذْمُرُ إِذا غَضِبَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: وأُم أَيمن تَذْمُرُ وتَصْخَبُ؛ وَيُرْوَى: تُذَمِّرُ، بِالتَّشْدِيدِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: فَجَاءَ عُمَرُ ذَامِراً أَي مُتَهَدِّداً. والذِّمارُ: ذِمارُ الرَّجُلِ وَهُوَ كُلُّ مَا يَلْزَمُكَ حِفْظُهُ وَحِيَاطَتُهُ وَحِمَايَتُهُ وَالدَّفْعُ عَنْهُ وإِن ضَيَّعه لَزِمَهُ اللَّوْمُ. أَبو عَمْرٍو: الذِّمارُ الحَرَمُ والأَهل، والذِّمارُ: الحَوْزة، والذِّمار: الحَشَمُ، والذِّمار: الأَنساب. وموضعُ التَّذَمُّرِ: موضعُ الْحَفِيظَةِ إِذا اسْتُبِيحَ. وَفُلَانٌ حَامِي الذِّمار إِذا ذُمِّرَ غَضِبَ وحَمى؛ وفلانٌ أَمْنَعُ ذِماراً مِنْ فُلَانٍ. وَيُقَالُ: الذِّمارُ مَا وَرَاءَ الرَّجُلِ مِمَّا يَحِقُّ عَلَيْهِ أَن يَحْمِيَهُ لأَنهم قَالُوا حَامِي الذِّمار كَمَا قَالُوا حَامِي الْحَقِيقَةِ؛ وَسُمِّيَ ذِمَارًا لأَنه يَجِبُ عَلَى أَهله التَّذَمُّرُ لَهُ، وَسُمِّيَتْ حَقِيقَةً لأَنه يَحِقُّ عَلَى أَهلها الدَّفْعُ عَنْهَا. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: أَلا إِن عُثْمَانَ فَضَحَ الذِّمارَ

فَقَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: مَهْ الذِّمارُ مَا لَزِمَكَ حِفْظُه مِمَّا وَرَاءَكَ وَيَتَعَلَّقُ بِكَ.

وَفِي حَدِيثِ

أَبي سُفْيَانَ: قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ: حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمار

؛ يُرِيدُ الحَرْبَ لأَن الإِنسان يُقَاتِلُ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ حِفْظُهُ. وتَذَامَرَ القومُ فِي الْحَرْبِ: تَحاضُّوا. والقومُ يَتَذامَرُونَ أَي يَحُضُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى الجِدِّ فِي الْقِتَالِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

يَتَذامَرُونَ كَرَرْتُ غيرَ مُذَمَّمِ

وَالْقَائِدُ يَذْمُرُ أَصحابَه إِذا لَامَهُمْ وأَسمعهم مَا كَرِهُوا لِيَكُونَ أَجَدَّ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ؛ والتَّذَمُّرُ مِنْ ذَلِكَ اشْتِقَاقُهُ، وَهُوَ أَن يَفْعَلَ الرَّجُلُ فِعْلًا لَا يُبَالِغُ فِي نِكَايَةِ الْعَدُوِّ فَهُوَ يَتَذَمَّرُ أَي يَلُومُ نَفْسَهُ وَيُعَاتِبُهَا كَيْ يَجِدَّ فِي الأَمر. الْجَوْهَرِيُّ: وأَقبل فُلَانٌ يَتَذَمَّرُ كأَنه يَلُومُ نَفْسَهُ عَلَى فَائِتٍ. وَيُقَالُ: ظَلَّ يَتَذَمَّرُ عَلَى فُلَانٍ إِذا تَنَكَّرَ لَهُ وأَوعده. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَخَرَجَ يَتَذَمَّرُ

؛ أَي يُعَاتِبُ نَفْسَهُ وَيَلُومُهَا عَلَى فَوَاتِ الذِّمار. والذَّمِرُ: الشُّجَاعُ. وَرَجُلٌ ذَمِرٌ وذِمْرٌ وذِمِرٌّ وذَمِيرٌ: شُجَاعٌ مِنْ قَوْمٍ أَذْمارٍ، وَقِيلَ: شُجَاعٌ مُنْكَرٌ، وَقِيلَ: مُنْكَرٌ شَدِيدٌ، وَقِيلَ: هُوَ الظَّرِيفُ اللَّبِيبُ المِعْوانُ، وجمعُ الذَّمِرِ والذِّمْرِ والذَّمِير أَذْمارٌ مِثْلُ كَبِدٍ وكِبْد وكَبِيدٍ وأَكبْادٍ، وَجَمْعُ الذِّمِرِّ مِثْلُ فِلِزٍّ ذِمِرُّونَ، وَالِاسْمُ الذَّمارَةُ. والمُذَمَّرُ: القَفَا، وَقِيلَ: هُمَا عَظْمَانِ فِي أَصل الْقَفَا، وَهُوَ الذِّفْرى، وَقِيلَ: الْكَاهِلُ؛ قَالَ

ابْنُ مَسْعُودٍ: انتهيتُ يَوْمَ بَدْرٍ إِلى أَبي جَهْلٍ وَهُوَ صَرِيعٌ فَوَضَعْتُ رِجْلِي فِي مُذَمَّرِه فَقَالَ: يَا رُوَيْعِيَ الغَنَمِ لَقَدِ ارْتَقَيْتَ مُرْتَقًى صَعْباً قَالَ: فاحْتَزَزْتُ رأْسه

؛ قَالَ الأَصمعي: المُذَمَّرُ هُوَ الْكَاهِلُ والعُنُقُ وَمَا حَوْلَهُ إِلى الذِّفْرَى، وَهُوَ الَّذِي يُذَمِّرُه المُذَمِّرُ. وذَمَرَهُ يَذْمُرُهُ وذَمَّره: لَمَس مُذَمَّرَهُ. والمُذَمِّرُ: الَّذِي يُدْخِلُ يَدَهُ فِي حَيَاءِ النَّاقَةِ لِيَنْظُرَ أَذكر جَنِينُهَا أَم أُنثى، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَضَعُ يَدَهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَيَعْرِفُهُ؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: لأَنه يَلْمِسُ مُذَمَّرَهُ فَيَعْرِفُ مَا هُوَ، وَهُوَ التَّذْمِيرُ؛ قَالَ

ص: 312