الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل الدال المهملة
دبر: الدُّبُرُ والدُّبْرُ: نَقِيضُ القُبُل. ودُبُرُ كُلِّ شَيْءٍ: عَقِبُه ومُؤخَّرُه؛ وَجَمْعُهُمَا أَدْبارٌ. ودُبُرُ كلِّ شَيْءٍ: خِلَافُ قُبُلِه فِي كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا قَوْلَهُمْ «2» . جَعَلَ فُلَانٌ قَوْلَكَ دُبُرَ أُذنه أَي خَلْفَ أُذنه. الْجَوْهَرِيُّ: الدُّبْرُ والدُّبُرُ خِلَافُ القُبُل، ودُبُرُ الشَّهْرِ: آخِرُهُ، عَلَى الْمِثْلِ؛ يُقَالُ: جِئْتُكَ دُبُرَ الشَّهْرِ وَفِي دُبُرِه وَعَلَى دُبُرِه، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَدبار؛ يُقَالُ: جِئْتُكَ أَدْبار الشَّهْرِ وَفِي أَدْباره. والأَدْبار لِذَوَاتِ الْحَوَافِرِ والظِّلْفِ والمِخْلَبِ: مَا يَجْمَعُ الاسْتَ والحَياءَ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ ذَوَاتَ الخُفِّ، والحياءُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ وَحْدَهُ دُبُرٌ. ودُبُرُ الْبَيْتِ: مُؤَخَّرُهُ وَزَاوِيَتُهُ. وإِدبارُ النُّجُومِ: تُوَالِيهَا، وأَدبارُها: أَخذها إِلى الغَرْبِ للغُرُوب آخِرَ اللَّيْلِ؛ هَذِهِ حِكَايَةُ أَهل اللُّغَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا لأَن الأَدْبارَ لَا يَكُونُ الأَخْذَ إِذ الأَخذ مَصْدَرٌ، والأَدْبارُ أَسماء. وأَدبار السُّجُودِ وإِدباره. أَواخر الصَّلَوَاتِ، وَقَدْ قُرِئَ: وأَدبار وإِدبار، فَمَنْ قرأَ وأَدبار فمن باب خَلْفَ وَوَرَاءَ، وَمَنْ قرأَ وإِدبار فَمِنْ بَابِ خُفُوقِ النَّجْمِ. قَالَ ثَعْلَبٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِدْبارَ النُّجُومِ
وَأَدْبارَ السُّجُودِ
؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: إِدْبارَ النُّجُومِ
أَن لَهَا دُبُراً وَاحِدًا فِي وَقْتِ السحَر، وَأَدْبارَ السُّجُودِ
لأَن مَعَ كُلِّ سَجْدَةٍ إِدْبَارًا؛ التَّهْذِيبُ: مَنْ قرأَ وَأَدْبارَ السُّجُودِ
، بِفَتْحِ الأَلف، جَمَعَ عَلَى دُبُرٍ وأَدبار، وَهُمَا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، قَالَ: وأَما قَوْلُهُ وإِدبار النُّجُومِ فِي سُورَةِ الطُّورِ فَهُمَا الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ، قَالَ: وَيُكْسَرَانِ جَمِيعًا وَيُنْصَبَانِ؛ جَائِزَانِ. ودَبَرَهُ يَدْبُرُه دُبُوراً: تَبِعَهُ مِنْ وَرَائِهِ. ودابِرُ الشَّيْءِ: آخِرُهُ. الشَّيْبانِيُّ. الدَّابِرَةُ آخِرُ الرَّمْلِ. وَقَطَعَ اللَّهُ دابِرَهم أَي آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا
؛ أَي اسْتُؤْصِلَ آخرُهم؛ ودَابِرَةُ الشَّيْءِ: كَدَابِرِه. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ
. قولُهم: قَطَعَ اللَّهُ دَابِرَهُ؛ قَالَ الأَصمعي وَغَيْرُهُ: الدَّابِرُ الأَصل أَي أَذهب اللَّهُ أَصله؛ وأَنشد لِوَعْلَةَ:
فِدًى لَكُمَا رِجْلَيَّ أُمِّي وخالَتِي،
…
غَداةَ الكُلابِ، إِذْ تُحَزُّ الدَّوابِرُ
أَي يُقْتَلُ الْقَوْمُ فَتَذْهَبُ أُصولهم وَلَا يَبْقَى لَهُمْ أَثر. وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجٍ: دَابِرُ الأَمر آخِرُهُ، وَهُوَ عَلَى هَذَا كأَنه يَدْعُو عَلَيْهِ بِانْقِطَاعِ العَقِبِ حَتَّى لَا يَبْقَى أَحد يَخْلُفُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: ودُبُرُ الأَمر ودُبْرُه آخِرُهُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَعَهْدَكَ مِنْ أُولَى الشَّبِيبَةِ تَطْلُبُ
…
عَلَى دُبُرٍ؟ هَيْهَاتَ شأْوٌ مُغَرِّبُ
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
وابْعَثْ عَلَيْهِمْ بأْساً تَقْطَعُ بِهِ دابِرَهُمْ
؛ أَي جَمِيعِهِمْ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحد. ودابِرُ الْقَوْمِ: آخِرُ مَنْ يَبْقَى مِنْهُمْ وَيَجِيءُ فِي آخِرِهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَيُّما مُسْلِمٍ خَلَف غَازِيًا فِي دابِرَتِه
؛ أَي مَنْ يَبْقَى بَعْدَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: كُنْتُ أَرجو أَن يَعِيشَ رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، حَتَّى يَدْبُرَنا
أَي يَخْلُفَنا بَعْدَ مَوْتِنَا. يُقَالُ: دَبَرْتُ الرجلَ إِذا بَقِيتَ بَعْدَهُ. وعَقِبُ الرَّجُلِ: دَابِرُه. والدُّبُرُ والدُّبْرُ: الظهر. وقوله تعالى:
(2). قوله: [مَا خَلَا قَوْلَهُمْ جَعَلَ فلان إلخ] ظاهره أن دبر في قولهم ذلك بضم الدال والباء، وضبط في القاموس ونسخة من الصحاح بفتح الدال وسكون الموحدة
سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ
؛ جَعَلَهُ لِلْجَمَاعَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: كَانَ هَذَا يومَ بَدْرٍ وَقَالَ الدُّبُرَ فوَحَّدَ وَلَمْ يَقُلِ الأَدْبارَ، وكلٌّ جَائِزٌ صوابٌ، تَقُولُ: ضَرَبْنَا مِنْهُمُ الرُّؤُوسَ وَضَرَبْنَا مِنْهُمُ الرأْس، كَمَا تَقُولُ: فُلَانٌ كَثِيرُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
الكاسِرِينَ القَنَا فِي عَوْرَةِ الدُّبُرِ
ودابِرَةُ الْحَافِرِ: مُؤَخَّرُه، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَلِي مُؤَخَّرَ الرُّسْغِ، وَجَمْعُهَا الدَّوَابِرُ. الْجَوْهَرِيُّ: دَابِرَة الْحَافِرِ مَا حَاذَى مَوْضِعَ الرُّسْغِ، وَدَابِرَةُ الإِنسان عُرْقُوبه؛ قَالَ وَعْلَةُ: إِذ تَحُزُّ الدَّوَابِرُ. ابْنُ الأَعرابي: الدَّابِرَةُ المَشْؤُومَةُ، وَالدَّابِرَةُ الْهَزِيمَةُ. والدَّبْرَةُ، بالإِسكان وَالتَّحْرِيكِ: الْهَزِيمَةُ فِي الْقِتَالِ، وَهُوَ اسْمٌ مِنَ الإِدْبار. وَيُقَالُ: جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الدَّبْرَةَ، أَي الْهَزِيمَةَ، وَجَعَلَ لَهُمُ الدَّبْرَةَ عَلَى فُلَانٍ أَي الظَّفَر والنُّصْرَةَ. وَقَالَ أَبو جَهْلٍ لِابْنِ مَسْعُودٍ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ مُثْبَتٌ جَريح صَرِيعٌ: لِمَنِ الدَّبْرَةُ؟ فَقَالَ: لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ؛ قَوْلُهُ لِمَنِ الدَّبْرَةُ أَي لِمَنِ الدَّوْلَةُ وَالظَّفَرُ، وَتُفْتَحُ الْبَاءُ وَتُسَكَّنُ؛ وَيُقَالُ: عَلَى مَنِ الدَّبْرَةُ أَيضاً أَي الْهَزِيمَةُ. والدَّابِرَةُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّغْزَبِيَّة فِي الصِّرَاعِ. والدَّابِرَةُ: صِيصِيَةُ الدِّيك. ابْنُ سِيدَهْ: دَابِرَةُ الطَّائِرِ الأُصْبُعُ الَّتِي مِنْ وَرَاءِ رِجْلِهِ وَبِهَا يَضْرِبُ البَازِي، وَهِيَ لِلدِّيكِ أَسفل مِنَ الصِّيصِيَةِ يطأُ بِهَا. وَجَاءَ دَبَرِيّاً أَي أَخِيراً. وَفُلَانٌ لَا يُصَلِّي الصَّلَاةَ إِلَّا دَبَرِيّاً، بِالْفَتْحِ، أَي فِي آخِرِ وَقْتِهَا؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: أَي أَخيراً؛ رَوَاهُ أَبو عُبَيْدِ عَنِ الأَصمعي، قَالَ: والمُحَدِّثُون يَقُولُونَ دُبُرِيّاً، بِالضَّمِّ، أَي فِي آخِرِ وَقْتِهَا؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: دَبْرِيّاً، بِفَتْحِ الدَّالِ وإِسكان الْبَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَلَاةً: رجلٌ أَتى الصلاةَ دِباراً، وَرَجُلٌ اعْتَبَدَ مُحرَّراً، ورجلٌ أَمَّ قَوْمًا هُمْ لَهُ كَارِهُونَ
؛ قَالَ الإِفْرِيقيُّ رَاوِيَ هَذَا الْحَدِيثِ: مَعْنَى قَوْلُهُ دِبَارًا أَي بعد ما يَفُوتُ الْوَقْتُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ:[إِن] لِلْمُنَافِقِينَ عَلَامَاتٍ يُعرفون بِهَا: تَحِيَّتُهم لَعْنَةٌ، وَطَعَامُهُمْ نُهْبَةٌ، لَا يَقْرَبُون الْمَسَاجِدَ إِلا هَجْراً، وَلَا يأْتون الصَّلَاةَ إِلا دَبْراً، مُسْتَكْبِرِينَ لَا يأْلَفُون وَلَا يُؤْلَفُونَ، خُشُبٌ بِاللَّيْلِ، صُخُبٌ بِالنَّهَارِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَوْلُهُ دِبَارًا فِي الْحَدِيثِ الأَوَّل جَمْعُ دَبْرٍ ودَبَرٍ، وَهُوَ آخَرُ أَوقات الشَّيْءِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا؛ قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ
لَا يأْتي الصَّلَاةَ إِلا دبْراً
، يُرْوَى بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
لَا يأْتي الصَّلَاةَ إِلا دَبَرِيّاً
، بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِهَا، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلى الدَّبْرِ آخِرِ الشَّيْءِ، وَفَتْحُ الْبَاءِ مِنْ تَغْيِيرَاتِ النَّسَبِ، وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ يأْتي، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ العِلم قَبْلِيٌّ وَلَيْسَ بالدَّبَرِيِّ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: مَعْنَاهُ أَن الْعَالِمَ الْمُتْقِنَ يُجِيبُكَ سَرِيعًا وَالْمُتَخَلِّفُ يَقُولُ لِي فِيهَا نَظَرٌ. ابْنُ سِيدَهْ: تَبِعْتُ صَاحِبِي دَبَرِيّاً إِذا كُنْتَ مَعَهُ فَتَخَلَّفْتَ عَنْهُ ثُمَّ تَبِعْتَهُ وأَنت تَحْذَرُ أَن يَفُوتَكَ. ودَبَرَهُ يَدْبِرُه ويَدْبُرُه: تَلا دُبُرَه. والدَّابِرُ: التَّابِعُ. وَجَاءَ يَدْبُرُهم أَي يَتْبَعُهُمْ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وأَدْبَرَ إِدْباراً ودُبْراً: ولَّى؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَالصَّحِيحُ أَن الإِدْبارَ الْمَصْدَرُ والدُّبْر الِاسْمُ. وأَدْبَرَ أَمْرُ الْقَوْمِ: ولَّى لِفَسادٍ. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ
؛ هَذَا حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ لأَنه قَدْ عَلِمَ أَن مَعَ كُلِّ تَوْلِيَةٍ إِدباراً فَقَالَ مُدْبِرِينَ*
مُؤَكِّدًا؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ ابْنِ دَارَةَ:
أَنا ابْنُ دَارَةَ مَعروفاً لَهَا نسَبي،
…
وهَلْ بدارَةَ، يَا لَلنَّاسِ، مِنْ عارِ؟
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا أَنشده ابْنُ جِنِّي لَهَا نَسَبِي وَقَالَ لَهَا يَعْنِي النِّسْبَةَ، قَالَ: وَرِوَايَتِي لَهُ نَسَبِي. والمَدْبَرَةُ: الإِدْبارُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
هَذَا يُصادِيكَ إِقْبالًا بِمَدْبَرَةٍ؛
…
وَذَا يُنادِيكَ إِدْباراً بِإِدْبارِ
ودَبَرَ بِالشَّيْءِ: ذَهَبَ بِهِ. ودَبَرَ الرجلُ: ولَّى وشَيَّخَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَاللَّيْلِ إِذا دَبَرَ
؛ أَي تَبِعَ النهارَ قَبْلَه، وقرأَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: وَاللَّيْلِ إِذ أَدْبَرَ
، وقرأَها
كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: وَاللَّيْلِ إِذا دَبَرَ
، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُمَا لُغَتَانِ: دَبَرَ النَّهَارُ وأَدْبَرَ، ودَبَرَ الصَّيْفُ وأَدْبَرَ، وَكَذَلِكَ قَبَلَ وأَقْبَلَ، فإِذا قَالُوا أَقبل الرَّاكِبُ أَو أَدبر لَمْ يَقُولُوا إِلا بالأَلف، قَالَ: وإِنهما عِنْدِي فِي الْمَعْنَى لَواحدٌ لَا أُبْعِدُ أَنْ يأْتي فِي الرِّجَالِ مَا أَتى فِي الأَزمنة، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ:
وَاللَّيْلِ إِذا دَبَرَ
، جَاءَ بَعْدَ النَّهَارِ، كَمَا تَقُولُ خَلَفَ. يُقَالُ: دَبَرَنِي فُلَانٌ وخَلَفَنِي أَي جَاءَ بَعْدِي، وَمَنْ قرأَ:
والليل إِذ أَدْبَرَ
؛ فَمَعْنَاهُ ولَّى لِيَذْهَبَ. ودَابِرُ العَيْشِ: آخِرُهُ؛ قَالَ مَعْقِلُ بنُ خُوَيْلِدٍ الهُذَلِيُّ:
وَمَا عَرَّيْتُ ذَا الحَيَّاتِ، إِلَّا
…
لأَقْطَعَ دَابِرَ العَيْشِ الحُبَابِ
وَذَا الْحَيَّاتِ: اسْمُ سَيْفِهِ. وَدَابِرُ الْعَيْشِ: آخِرُهُ؛ يَقُولُ: مَا عَرَّيْتُهُ إِلا لأَقتلك. ودَبَرَ النَّهَارُ وأَدْبَرَ: ذَهَبَ. وأَمْسِ الدَّابِرُ: الذَّاهِبُ؛ وَقَالُوا: مَضَى أَمْسِ الدَّابِرُ وأَمْسِ الْمُدْبِرُ، وَهَذَا مِنَ التَّطَوُّعِ المُشامِّ للتأْكيد لأَن الْيَوْمَ إِذا قِيلَ فِيهِ أَمْسِ فَمَعْلُومٌ أَنه دَبَرَ، لَكِنَّهُ أَكده بِقَوْلِهِ الدَّابِرُ كَمَا بَيَّنَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَبِي الَّذِي تَرَكَ الملوكَ وجَمْعَهُمْ
…
بِصُهَابَ هامِدَةً، كأَمْسِ الدَّابِرِ
وَقَالَ صَخْرُ بْنُ عَمْرٍو الشَّرِيد السُّلَمِي:
وَلَقَدْ قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ ومَوْحَداً،
…
وتَرَكْتُ مُرَّةَ مِثْلَ أَمْسِ الدَّابِرِ
وَيُرْوَى المُدْبِرِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّحِيحُ فِي إِنشاده مِثْلَ أَمس الْمُدْبِرِ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ أَنشده أَبو عُبَيْدَةَ فِي مَقَاتِلِ الْفُرْسَانِ؛ وأَنشد قَبْلَهُ:
وَلَقَدْ دَفَعْتُ إِلى دُرَيْدٍ طَعْنَةً
…
نَجْلاءَ تُزْغِلُ مِثْلَ عَطِّ المَنْحَرِ
تُزْغِلُ: تُخْرِجُ الدَّمَ قِطَعاً قِطَعاً. والعَطُّ: الشَّقُّ. وَالنَّجْلَاءُ: الْوَاسِعَةُ. وَيُقَالُ: هَيْهَاتَ، ذَهَبَ فُلَانٌ كَمَا ذَهَبَ أَمْسِ الدابِرُ، وَهُوَ الْمَاضِي لَا يَرْجِعُ أَبداً. وَرَجُلٌ خاسِرٌ دابِرٌ إِتْبَاعٌ، وسيأْتي خاسِرٌ دابِرٌ، وَيُقَالُ خاسِرٌ دامِرٌ، عَلَى الْبَدَلِ، وإِن لَمْ يَلْزَمْ أَن يَكُونَ بَدَلًا. واسْتَدْبَرَهُ: أَتاه مِنْ وَرَائِهِ؛ وَقَوْلُ الأَعشى يَصِفُ الْخَمْرَ أَنشده أَبو عُبَيْدَةَ:
تَمَزَّزْتُها غَيْرَ مُسْتَدْبِرٍ،
…
عَلَى الشُّرْبِ، أَو مُنْكِرٍ مَا عُلِمْ
قَالَ: قَوْلُهُ غَيْرَ مُسْتَدْبِرٍ فُسِّرَ غَيْرَ مستأْثر، وإِنما قِيلَ للمستأْثر مُسْتَدْبِرٌ لأَنه إِذا استأْثر بِشُرْبِهَا اسْتَدْبَرَ عَنْهُمْ وَلَمْ يَسْتَقْبِلْهُمْ لأَنه يَشْرَبُهَا دُونَهُمْ وَيُوَلِّي عَنْهُمْ. والدَّابِرُ مِنَ الْقِدَاحِ: خِلَافُ القَابِلِ، وَصَاحِبُهُ مُدَابِرٌ؛ قَالَ صَخْر الغَيّ الهُذَلِيُّ يَصِفُ مَاءً وَرَدَهُ:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ فِي جَمِّهِ،
…
خِيَاضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا
المُدابِرُ: الْمَقْمُورُ فِي الْمَيْسِرِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي
قُمِرَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَيُعَاوِدُ لِيَقْمُرَ؛ وَقَالَ الأَصمعي: الْمُدَابِرُ المُوَلِّي المُعْرِض عَنْ صَاحِبِهِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْمُدَابِرُ الَّذِي يَضْرِبُ بِالْقِدَاحِ. ودَابَرْتُ فُلَانًا: عَادَيْتُهُ. وَقَوْلُهُمْ: مَا يَعْرِفُ قَبيلَهُ مِنْ دَبِيرِه، وَفُلَانٌ مَا يَدْرِي قَبِيلًا مِنْ دَبِيرٍ؛ الْمَعْنَى مَا يَدْرِي شَيْئًا. وَقَالَ اللَّيْثُ: القَبِيلُ فَتْلُ القُطْنِ، والدَّبِيرُ: فَتْلُ الكَتَّانِ والصُّوف. وَيُقَالُ: القَبِيلُ مَا وَلِيَكَ والدَّبِيرُ مَا خَالَفَكَ. ابْنُ الأَعرابي: أَدْبَرَ الرجلُ إِذا عَرَفَ دَبِيره مِنْ قَبيله. قَالَ الأَصمعي: القَبيل مَا أَقبل مِنَ الْفَاتِلِ إِلى حِقْوِه، والدَّبِيرُ مَا أَدبر بِهِ الْفَاتِلُ إِلى رُكْبَتِهِ. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: الْقَبِيلُ فَوْزُ القِدح فِي القِمَارِ، والدَّبِيرُ خَيْبَةُ القِدْحِ. وَقَالَ الشَّيْبَانِيُّ: القَبيل طَاعَةُ الرَّبِّ والدَّبير مَعْصِيَتُهُ. الصِّحَاحُ: الدَّبير مَا أَدبرتْ بِهِ المرأَة مِنْ غَزْلها حِينَ تَفْتِلُه. قَالَ يَعْقُوبُ: القَبيلُ مَا أَقْبلتَ بِهِ إِلى صَدْرِكَ، والدَّبير مَا أَدبرتَ بِهِ عَنْ صَدْرِكَ. يُقَالُ: فُلَانٌ مَا يَعْرِفُ قَبيلًا مِنْ دَبير، وَسَنَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ أَشياء فِي ترجمةِ قَبَلَ، إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. والدِّبْرَةُ: خِلافُ القِبْلَة؛ يُقَالُ: فُلَانٌ مَا لَهُ قِبْلَةٌ وَلَا دِبْرَةٌ إِذا لَمْ يَهْتَدِ لِجِهَةِ أَمره، وَلَيْسَ لِهَذَا الأَمر قِبْلَةٌ وَلَا دِبْرَةٌ إِذا لَمْ يُعْرَفْ وَجْهُهُ؛ وَيُقَالُ: قَبَّحَ اللَّهُ مَا قَبَلَ مِنْهُ وَمَا دَبَرَ. وأَدْبَرَ الرجلَ: جَعَلَهُ وَرَاءَهُ. ودَبَرَ السَّهْمُ أَي خَرَجَ مِنَ الهَدَفِ. وَفِي الْمُحْكَمِ: دَبَرَ السهمُ الهَدَفَ يَدْبُرُه دَبْراً ودُبُوراً جَاوَزَهُ وَسَقَطَ وَرَاءَهُ. والدَّابِرُ مِنَ السِّهَامِ: الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الهَدَفِ. ابْنُ الأَعرابي: دَبَرَ ردَّ، ودَبَرَ تأَخر، وأَدْبَرَ إِذا انْقَلَبَتْ فَتْلَةُ أُذن النَّاقَةِ إِذا نُحِرَتْ إِلى نَاحِيَةِ القَفَا، وأَقْبَلَ إِذا صَارَتْ هَذِهِ الفَتْلَةُ إِلى نَاحِيَةِ الْوَجْهِ. والدَّبَرَانُ: نَجْمٌ بَيْنَ الثُّرَيَّا والجَوْزاءِ وَيُقَالُ لَهُ التَّابِعُ والتُّوَيْبِعُ، وَهُوَ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ، سُمِّيَ دَبَرَاناً لأَنه يَدْبُرُ الثُّرَيَّا أَي يَتْبَعُها. ابْنُ سِيدَهْ: الدَّبَرانُ نَجْمٌ يَدْبُرُ الثُّرَيَّا، لَزِمَتْهُ الأَلف وَاللَّامُ لأَنهم جَعَلُوهُ الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: فإِن قِيلَ: أَيقال لِكُلِّ شَيْءٍ صَارَ خَلْفَ شَيْءٍ دَبَرانٌ؟ فإِنك قَائِلٌ لَهُ: لَا، وَلَكِنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ العِدْل والعَدِيلِ، وَهَذَا الضَّرْبُ كَثِيرٌ أَو مُعْتَادٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الدَّبَرانُ خَمْسَةُ كَوَاكِبَ مِنَ الثَّوْرِ يُقَالُ إِنه سَنَامُه، وَهُوَ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ. وجعلتُ الكلامَ دَبْرَ أُذني وكلامَه دَبْرَ أُذني أَي خَلْفِي لَمْ أَعْبَأْ بِهِ، وتَصَامَمْتُ عَنْهُ وأَغضيت عَنْهُ وَلَمْ أَلتفت إِليه، قَالَ:
يَدَاها كأَوْبِ الماتِحِينَ إِذا مَشَتْ،
…
ورِجْلٌ تَلَتْ دَبْرَ اليَدَيْنِ طَرُوحُ
وَقَالُوا: إِذا رأَيت الثُّرَيَّا تُدْبِرُ فَشَهْر نَتَاج وشَهْر مَطَر، أَي إِذا بدأَت لِلْغُرُوبِ مَعَ الْمَغْرِبِ فَذَلِكَ وَقْتُ الْمَطَرِ وَوَقْتُ نَتاج الإِبل، وإِذا رأَيت الشِّعْرَى تُقْبِلُ فمَجْدُ فَتًى ومَجْدُ حَمْلٍ، أَي إِذا رأَيت الشِّعْرَى مَعَ الْمَغْرِبِ فَذَلِكَ صَمِيمُ القُرِّ، فَلَا يَصْبِرُ عَلَى القِرَى وَفِعْلِ الْخَيْرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَيْرُ الْفَتَى الْكَرِيمِ الْمَاجِدِ الْحُرِّ، وَقَوْلُهُ: وَمَجْدُ حَمْلٍ أَي لَا يَحْمِلُ فِيهِ الثِّقْلَ إِلا الجَمَلُ الشَّدِيدُ لأَن الْجِمَالَ تُهْزَلُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَتَقِلُّ الْمَرَاعِي. والدَّبُورُ: رِيحٌ تأْتي مِنْ دُبُرِ الْكَعْبَةِ مِمَّا يَذْهَبُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تأْتي مِنْ خَلْفِكَ إِذا وَقَفْتَ فِي الْقِبْلَةِ. التَّهْذِيبُ: والدَّبُور بِالْفَتْحِ، الرِّيحُ الَّتِي تُقَابِلُ الصَّبَا والقَبُولَ، وَهِيَ رِيحٌ تَهُبُّ مِنْ نَحْوِ الْمَغْرِبِ، وَالصَّبَا تُقَابِلُهَا مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ سُمِّيَتْ بِهِ لأَنها تأْتي مِنْ دُبُرِ
الْكَعْبَةِ لَيْسَ بِشَيْءٍ. ودَبَرَتِ الريحُ أَي تَحَوَّلَتْ دَبُوراً؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَهَبُّ الدَّبُور مِنْ مَسْقَطِ النَّسْر الطَّائِرِ إِلى مَطْلَعِ سُهَيْلٍ مِنَ التَّذْكِرَةِ، يَكُونُ اسْمًا وَصِفَةً، فَمِنَ الصِّفَةِ قَوْلُ الأَعشى:
لَهَا زَجَلٌ كَحَفِيفِ الحَصاد،
…
صادَفَ باللَّيْلِ رِيحاً دَبُورا
وَمِنَ الِاسْمِ قَوْلُهُ أَنشده سِيبَوَيْهِ لِرَجُلٍ مِنْ بَاهِلَةَ:
رِيحُ الدَّبُورِ مَعَ الشَّمَالِ، وتارَةً
…
رِهَمُ الرَّبِيعِ وصائبُ التَّهْتانِ
قَالَ: وَكَوْنُهَا صِفَةً أَكثر، وَالْجُمَعُ دُبُرٌ ودَبائِرُ، وَقَدْ دَبَرَتْ تَدْبُرُ دُبُوراً. ودُبِرَ القومُ، عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فاعله، فهم مَدْبُورُون: أَصابتهم رِيحُ الدَّبُور؛ وأَدْبَرُوا: دَخَلُوا فِي الدَّبور، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الرِّيَاحِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: نُصِرْتُ بالصَّبَا وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدَّبُورِ.
وَرَجُلٌ أُدابِرٌ: لِلَّذِي يَقْطَعُ رَحِمَهُ مِثْلُ أُباتِرٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِذا زَوَّقْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ وحَلَّيْتُمْ مَصاحِفَكُمْ فالدَّبارُ عَلَيْكُمْ
، بِالْفَتْحِ، أَي الْهَلَاكُ. وَرَجُلٌ أُدابِرٌ: لَا يَقْبَلُ قَوْلَ أَحد وَلَا يَلْوِي عَلَى شَيْءٍ. قَالَ السِّيرَافِيُّ: وَحَكَى سِيبَوَيْهِ أُدابِراً فِي الأَسماء وَلَمْ يُفَسِّرْهُ أَحد عَلَى أَنه اسْمٌ، لَكِنَّهُ قَدْ قَرَنَهُ بأُحامِرٍ وأُجارِدٍ، وَهُمَا مَوْضِعَانِ، فَعَسَى أَن يَكُونَ أُدابِرٌ مَوْضِعًا. قَالَ الأَزهري: وَرَجُلٌ أُباتِرٌ يَبْتُرُ رَحِمَهُ فَيَقْطَعُهَا، وَرَجُلٌ أُخايِلٌ وَهُوَ المُخْتالُ. وأُذن مُدابَرَةٌ: قُطِعَتْ مِنْ خَلْفِهَا وَشُقَّتْ. وَنَاقَةٌ مُدابَرَة: شُقت مِنْ قِبَلِ قَفاها، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَقْرِضَ مِنْهَا قَرْضَةً مِنْ جَانِبِهَا مِمَّا يَلِي قَفَاهَا، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ. وَنَاقَةٌ ذَاتُ إِقْبالَةٍ وإِدْبارة إِذا شُقَّ مُقَدَّمُ أُذنها ومُؤَخَّرُها وفُتِلَتْ كأَنها زَنَمَةٌ؛ وَذَكَرَ الأَزهري ذَلِكَ فِي الشَّاةِ أَيضاً. والإِدْبارُ: نقيضُ الإِقْبال؛ والاسْتِدْبارُ: خلافُ الِاسْتِقْبَالِ. وَرَجُلٌ مُقابَلٌ ومُدابَرٌ: مَحْضٌ مِنْ أَبويه كَرِيمُ الطَّرَفَيْنِ. وَفُلَانٌ مُسْتَدْبَرُ المَجْدِ مُسْتَقْبَلٌ أَي كِرِيمٌ أَوَّل مَجْدِهِ وآخِرِه؛ قَالَ الأَصمعي: وَذَلِكَ مِنَ الإِقْبالة والإِدْبارَة، وَهُوَ شَقٌّ فِي الأُذن ثُمَّ يُفْتَلُ ذَلِكَ، فإِذا أُقْبِلَ بِهِ فَهُوَ الإِقْبالَةُ، وإِذا أُدْبِرَ بِهِ فَهُوَ الإِدْبارة، والجِلْدَةُ المُعَلَّقَةُ مِنَ الأُذن هِيَ الإِقبالة والإِدبارة كأَنها زَنَمَةٌ، وَالشَّاةُ مُدابَرَةٌ ومُقابَلَةٌ، وَقَدْ أَدْبَرْتُها وقابَلْتُها. وَنَاقَةٌ ذَاتُ إِقبالة وإِدبارة وَنَاقَةٌ مُقابَلَة مُدابَرَةٌ أَي كَرِيمَةُ الطَّرَفَيْنِ مِنْ قِبَل أَبيها وأُمها. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه نَهَى أَن يُضَحَّى بمقابَلَةٍ أَو مُدابَرَةٍ
؛ قَالَ الأَصمعي: الْمُقَابَلَةُ أَن يُقْطَعَ مِنْ طَرَفِ أُذنها شَيْءٌ ثُمَّ يَتْرُكُ مُعَلَّقًا لَا يَبِين كأَنه زَنَمَةٌ؛ وَيُقَالُ لِمِثْلِ ذَلِكَ مِنَ الإِبل: المُزَنَّمُ، وَيُسَمَّى ذَلِكَ المُعَلَّقُ الرَّعْلَ. والمُدابَرَةُ: أَن يَفْعَلَ ذَلِكَ بِمُؤَخَّرِ الأُذن مِنَ الشَّاةِ؛ قَالَ الأَصمعي: وَكَذَلِكَ إِن بَانَ ذَلِكَ مِنَ الأُذن فَهِيَ مُقابَلَةٌ ومُدابَرَةٌ بَعْدَ أَن كَانَ قُطِعَ. والمُدَابَرُ مِنَ الْمَنَازِلِ: خلافُ المُقابَلِ. وتَدابَرَ الْقَوْمُ: تَعادَوْا وتَقاطَعُوا، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلا فِي بَنِي الأَب. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: لَا تَدَابَرُوا وَلَا تَقاطَعُوا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: التَّدَابُرُ المُصارَمَةُ والهِجْرانُ، مأْخوذ مِنْ أَن يُوَلِّيَ الرجلُ صاحِبَه دُبُرَه وَقَفَاهُ ويُعْرِضَ عَنْهُ بِوَجْهِهِ ويَهْجُرَه؛ وأَنشد:
أَأَوْصَى أَبو قَيْسٍ بأَن تَتَواصَلُوا،
…
وأَوْصَى أَبوكُمْ، ويْحَكُمْ أَن تَدَابَرُوا؟
ودَبَرَ القومُ يَدْبُرُونَ دِباراً: هَلَكُوا. وأَدْبَرُوا إِذا وَلَّى أَمرُهم إِلى آخِرِهِ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ بَاقِيَةٌ. وَيُقَالُ: عَلَيْهِ الدَّبارُ أَي العَفَاءُ إِذا دَعَوْا عَلَيْهِ بأَن يَدْبُرَ فَلَا يَرْجِعُ؛ وَمِثْلُهُ: عَلَيْهِ الْعَفَاءُ أَي الدُّرُوس وَالْهَلَاكُ. وَقَالَ الأَصمعي: الدَّبارُ الْهَلَاكُ، بِالْفَتْحِ، مِثْلُ الدَّمار. والدَّبْرَة: نقيضُ الدَّوْلَة، فالدَّوْلَةُ فِي الْخَيْرِ والدَّبْرَةُ فِي الشَّرِّ. يُقَالُ: جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الدَّبْرَة، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا أَحسن مَا رأَيته فِي شَرْحِ الدَّبْرَة؛ وَقِيلَ: الدَّبْرَةُ الْعَاقِبَةُ. ودَبَّرَ الأَمْرَ وتَدَبَّره: نَظَرَ فِي عَاقِبَتِهِ، واسْتَدْبَرَه: رأَى فِي عَاقِبَتِهِ مَا لَمْ يَرَ فِي صَدْرِهِ؛ وعَرَفَ الأَمْرَ تَدَبُّراً أَي بأَخَرَةٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وَلَا تَتَّقُونَ الشَّرَّ حَتَّى يُصِيبَكُمْ،
…
وَلَا تَعْرِفُونَ الأَمرَ إِلا تَدَبُّرَا
والتَّدْبِيرُ فِي الأَمر: أَن تَنْظُرَ إِلى ما تَؤُول إِليه عَاقِبَتُهُ، والتَّدَبُّر: التَّفَكُّرُ فِيهِ. وَفُلَانٌ مَا يَدْرِي قِبَالَ الأَمْرِ مِنْ دِباره أَي أَوَّله مِنْ آخِرِهِ. وَيُقَالُ: إِن فُلَانًا لَوِ اسْتَقْبَلَ مِنْ أَمره مَا اسْتَدْبَرَهُ لَهُدِيَ لِوِجْهَةِ أَمْرِه أَي لَوْ عَلِمَ فِي بَدْءِ أَمره مَا عَلِمَهُ فِي آخِرِهِ لاسْتَرْشَدَ لأَمره. وَقَالَ أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ لَا تَتَدَبَّرُوا أَعجاز أُمور قَدْ وَلَّتْ صُدُورُها. والتَّدْبِيرُ: أَن يَتَدَبَّرَ الرجلُ أَمره ويُدَبِّرَه أَي يَنْظُرَ فِي عَوَاقِبِهِ. والتَّدْبِيرُ: أَن يُعتق الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَنْ دُبُرٍ، وَهُوَ أَن يُعْتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَيَقُولُ: أَنت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، وَهُوَ مُدَبَّرٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن فُلَانًا أَعتق غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ
؛ أَي بَعْدَ مَوْتِهِ. ودَبَّرْتُ العبدَ إِذا عَلَّقْتَ عِتْقَهُ بِمَوْتِكَ، وَهُوَ التَّدْبِيرُ أَي أَنه يُعْتِقُ بَعْدَمَا يُدَبِّرُهُ سَيِّدُهُ وَيَمُوتُ. ودَبَّرَ الْعَبْدَ: أَعتقه بَعْدَ الْمَوْتِ. ودَبَّرَ الحديثَ عَنْهُ: رَوَاهُ. وَيُقَالُ: دَبَّرْتُ الْحَدِيثَ عَنْ فُلَانٍ حَدَّثْتُ بِهِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَهُوَ يُدَبِّرُ حَدِيثَ فُلَانٍ أَي يَرْوِيهِ. ودَبَّرْتُ الْحَدِيثَ أَي حَدَّثَتْ بِهِ عَنْ غَيْرِي. قَالَ شَمِرٌ: دبَّرْتُ الْحَدِيثَ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَمَا سَمِعْتَهُ مِنْ مُعَاذٍ يُدَبِّرُه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم؟
أَي يُحَدِّثُ بِهِ عَنْهُ؛ وَقَالَ: إِنما هُوَ يُذَبِّرُه، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ، أَي يُتْقِنُه؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الذَّبْر القراءةُ، وأَما أَبو عُبَيْدٍ فإِن أَصحابه رَوَوْا عَنْهُ يُدَبِّرُه كَمَا تَرَى، وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ إِلى
سَلَّامِ بْنِ مِسْكِينٍ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ فُلَانٍ، يَرْوِيهِ عَنْ أَبي الدَّرْدَاءِ، يُدَبِّرُه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: مَا شَرَقَتْ شمسٌ قَطُّ إِلا بِجَنْبَيْها مَلَكَانِ يُنادِيانِ أَنهما يُسْمِعَانِ الخلائقَ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ الجن والإِنس، أَلا هَلُمُّوا إِلى رَبِّكُمْ فإِنَّ مَا قَلَّ وكفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وأَلْهَى، اللَّهُمَّ عَجِّلْ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً وعَجِّلْ لِمُمْسِكٍ تَلَفاً.
ابْنُ سِيدَهْ: ودَبَرَ الكتابَ يَدْبُرُه دَبْراً كَتَبَهُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ ذَبَرَه وَلَمْ يَقُلْ دَبَره إِلا هُوَ. والرَّأْيُ الدَّبَرِيُّ: الَّذِي يُمْعَنُ النَّظَرُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الجوابُ الدَّبَرِيُّ؛ يُقَالُ: شَرُّ الرَّأْيِ الدَّبَرِيُّ وَهُوَ الَّذِي يَسْنَحُ أَخيراً عِنْدَ فَوْتِ الْحَاجَةِ، أَي شَرُّهُ إِذا أَدْبَرَ الأَمْرُ وَفَاتَ. والدَّبَرَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: قَرْحَةُ الدَّابَّةِ وَالْبَعِيرِ، وَالْجَمْعُ دَبَرٌ وأَدْبارٌ مِثْلُ شَجَرَةٍ وشَجَرٍ وأَشجار. ودَبِرَ البعيرُ، بِالْكَسْرِ، يَدْبَرُ دَبَراً، فَهُوَ دَبِرٌ وأَدْبَرُ، والأُنثى دَبِرَةٌ ودَبْراءُ، وإِبل دَبْرَى وَقَدْ أَدْبَرَها الحِمْلُ والقَتَبُ، وأَدْبَرْتُ الْبَعِيرَ فَدَبِرَ؛ وأَدْبَرَ الرجلُ إِذا دَبِرَ بَعِيرَهُ، وأَنْقَبَ
إِذا حَفِيَ خُفُّ بَعِيرِهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذا بَرَأَ الدَّبَرُ وَعَفَا الأَثَرُ
؛ الدَّبَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْجُرْحُ الَّذِي يَكُونُ فِي ظَهْرِ الدَّابَّةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَقْرَحَ خُفُّ الْبَعِيرِ، وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: قَالَ لامرأَة أَدْبَرْتِ وأَنْقَبْتِ
أَي دَبِرَ بَعِيرُكِ وحَفِيَ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: إِني لأُفْقِرُ البَكْرَ الضَّرْعَ والنَّابَ المُدْبِرَ
أَي الَّتِي أَدْبَرَ خَيْرُها. والأَدْبَرُ: لَقَبُ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ نُبِزَ بِهِ لأَن السِّلَاحَ أَدْبَرَ ظَهْرَهُ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لأَنه طُعِنَ مُوَلِّياً؛ ودُبَيْرٌ الأَسَدِيُّ: مِنْهُ كأَنه تَصْغِيرُ أَدْبَرَ مُرَخَّمًا. والدَّبْرَةُ: السَّاقِيَةُ بَيْنَ الْمَزَارِعِ، وَقِيلَ: هِيَ المَشَارَةُ فِي المَزْرَعَةِ، وَهِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ كُرْدَه، وَجَمْعُهَا دَبْرٌ ودِبارٌ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
تَحَدَّرَ ماءُ البِئْرِ عَنْ جُرَشِيَّةٍ،
…
عَلَى جِرْبَةٍ، يَعْلُو الدِّبارَ غُرُوبُها
وَقِيلَ: الدِّبارُ الكُرْدُ مِنَ الْمَزْرَعَةِ، وَاحِدَتُهَا دِبارَةٌ. والدَّبْرَةُ: الكُرْدَةُ مِنَ الْمَزْرَعَةِ، وَالْجَمْعُ الدِّبارُ. والدِّباراتُ: الأَنهار الصِّغَارُ الَّتِي تَتَفَجَّرُ فِي أَرض الزَّرْعِ، وَاحِدَتُهَا دَبْرَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف كَيْفَ هَذَا إِلا أَن يَكُونَ جَمْعُ دَبْرَة عَلَى دِبارٍ ثُمَّ أُلحقت الْهَاءُ لِلْجَمْعِ، كَمَا قَالُوا الفِحَالَةُ ثُمَّ جُمِعَ الجَمْعُ جَمْعَ السَّلامة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الدَّبْرَة الْبُقْعَةُ مِنَ الأَرض تُزْرَعُ، وَالْجَمْعُ دِبارٌ. والدَّبْرُ والدِّبْرُ: الْمَالُ الْكَثِيرُ الَّذِي لَا يُحْصَى كَثْرَةً، وَاحِدُهُ وَجَمْعُهُ سَوَاءٌ؛ يُقَالُ: مالٌ دَبْرٌ وَمَالَانِ دَبْرٌ وأَموال دَبْرٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا الأَعرف، قَالَ: وَقَدْ كُسِّرَ عَلَى دُبُورٍ، وَمِثْلُهُ مَالٌ دَثْرٌ. الْفَرَّاءُ: الدَّبْرُ والدِّبْرُ الْكَثِيرُ مِنَ الضَّيْعَة وَالْمَالِ، يُقَالُ: رَجُلٌ كَثِيرُ الدَّبْرِ إِذا كَانَ فاشِيَ الضَّيْعَةِ، وَرَجُلٌ ذُو دَبْرٍ كَثِيرُ الضَّيْعَةِ وَالْمَالِ؛ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ. والمَدْبُور: الْمَجْرُوحُ. والمَدْبُور: الْكَثِيرُ الْمَالِ. والدَّبْرُ، بِالْفَتْحِ: النَّحْلُ وَالزَّنَابِيرُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ النَّحْلِ مَا لَا يَأْرِي، وَلَا وَاحِدَ لَهَا، وَقِيلَ: وَاحِدَتُهُ دَبْرَةٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وهَبْتُهُ مِنْ وَثَبَى قَمِطْرَهْ
…
مَصْرُورَةِ الحَقْوَيْنِ مِثْلِ الدَّبْرَهْ
وجمعُ الدَّبْرِ أَدْبُرٌ ودُبُورٌ؛ قال زيد الخيل:
بِأَبْيَضَ مِنْ أَبْكَارِ مُزْنِ سَحابَةٍ،
…
وأَرْيِ دَبُورٍ شَارَهُ النَّحْلَ عاسِلُ
أَراد: شَارَهُ مِنَ النَّحْلِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ قَالَ لَبِيدٌ:
بأَشهب مِنْ أَبكار مُزْنِ سَحَابَةٍ،
…
وأَري دُبُورٍ شَارَهُ النحلَ عَاسِلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ يَصِفُ خَمْرًا مُزِجَتْ بِمَاءٍ أَبيض، وَهُوَ الأَشهب. وأَبكار: جَمْعُ بِكْرٍ. وَالْمُزْنُ: السَّحَابُ الأَبيض، الْوَاحِدَةُ مُزْنَةٌ. والأَرْيُ: الْعَسَلُ. وشارَهُ: جَنَاهُ، وَالنَّحْلَ مَنْصُوبٌ بإِسقاط مِنْ أَي جَنَاهُ مِنَ النَّحْلِ عَاسِلُ؛ وَقَبْلَهُ:
عَتِيق سُلافاتٍ سَبَتْها سَفِينَةٌ،
…
يَكُرُّ عَلَيْهَا بالمِزاجِ النَّياطِلُ
وَالنَّيَاطِلُ: مَكَايِيلُ الْخَمْرِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الدُّبُورُ جَمْعَ دَبْرَةٍ كصخرة وصخور، ومَأْنة ومُؤُونٍ. والدَّبُورُ، بِفَتْحِ الدَّالِ: النَّحْلُ، لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا، وَيُقَالُ لِلزَّنَابِيرِ أَيضاً دَبْرٌ. وحَمِيُّ الدَّبْرِ: عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبي الأَفلح الأَنصاري مِنْ أَصحاب سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، أُصيب يَوْمَ أُحد فَمَنَعَتِ النَّحْلُ الْكُفَّارَ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَن الْمُشْرِكِينَ لَمَّا قَتَلُوهُ أَرادوا أَن يُمَثِّلُوا بِهِ فَسَلَّطَ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِمُ الزَّنَابِيرَ الْكِبَارَ تَأْبِرُ الدَّارِعَ فَارْتَدَعُوا عَنْهُ حَتَّى أَخذه الْمُسْلِمُونَ فَدَفَنُوهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الدِّبْرُ النَّحْلُ، بِالْكَسْرِ، كالدَّبْرِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
بِأَسْفَلِ ذَاتِ الدَّبْرِ أُفْرِدَ خِشْفها،
…
وَقَدْ طُرِدَتْ يَوْمَيْنِ، فهْي خَلُوجُ
عَنَى شُعْبَةً فِيهَا دَبْرٌ [دِبْرٌ]، وَيُرْوَى: وَقَدْ وَلَهَتْ. والدَّبْرُ والدِّبْرُ أَيضاً: أَولاد الْجَرَادِ؛ عَنْهُ.
وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ: الخَافِقَانِ مَا بَيْنَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ إِلى مَغْرِبِهَا.
والدَّبْرُ: الزَّنَابِيرُ؛ قَالَ: وَمَنْ قَالَ النَّحْلُ فَقَدْ أَخطأَ؛ وأَنشد لامرأَة قَالَتْ لِزَوْجِهَا:
إِذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لَمْ يَخْشَ لَسْعَها،
…
وخالَفَها فِي بَيْتِ نَوْبٍ عَوامِلُ
شَبَّهَ خُرُوجَهَا وَدُخُولَهَا بِالنَّوَائِبِ. قَالَ الأَصمعي: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّحْلِ يُقَالُ لَهَا الثَّوْلُ، قَالَ: وَهُوَ الدَّبْرُ والخَشْرَمُ، وَلَا وَاحِدَ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا؟ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ لَا مَا قَالَ مُصْعَبٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَرسل اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ
؛ هُوَ بِسُكُونِ الْبَاءِ النَّحْلُ، وَقِيلَ: الزَّنَابِيرُ. وَالظُّلَّةُ: السَّحَابُ. وَفِي حَدِيثِ
بَعْضِ النِّسَاءِ «3» . جَاءَتْ إِلى أُمها وهي صغيرة تَبْكِي فَقَالَتْ لَهَا: مَا لَكِ؟ فَقَالَتْ: مَرَّتْ بِي دُبَيْرَةٌ فَلَسَعَتْنِي بأُبَيْرَةٍ
؛ هُوَ تَصْغِيرُ الدَّبْرَةِ النَّحْلَةِ. والدَّبْرُ: رُقادُ كُلِّ سَاعَةٍ، وَهُوَ نَحْوُ التَّسْبِيخ. والدَّبْرُ: الْمَوْتُ. ودَابَرَ الرجلُ: مَاتَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وأَنشد لأُمية بْنِ أَبي الصَّلْتِ:
زَعَمَ ابْنُ جُدْعانَ بنِ عَمْروٍ
…
أَنَّنِي يَوْماً مُدابِرْ،
ومُسافِرٌ سَفَراً بَعِيداً،
…
لَا يَؤُوبُ لَهُ مُسافِرْ
وأَدْبَرَ الرجلُ إِذا مَاتَ، وأَدْبَرَ إِذا تَغَافَلَ عَنْ حَاجَةِ صَدِيقِهِ، وأَدْبَرَ: صَارَ له دِبْرٌ [دَبْرٌ]، وَهُوَ الْمَالُ الْكَثِيرُ. ودُبارٌ، بِالضَّمِّ: لَيْلَةُ الأَربعاء، وَقِيلَ: يَوْمُ الأَربعاء عادِيَّةٌ مِنْ أَسمائهم الْقَدِيمَةِ، وَقَالَ كُرَاعٌ: جَاهِلِيَّةٌ؛ وأَنشد:
أُرَجِّي أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمِي.
…
بِأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَو جُبارِ
أَو التَّالِي دُبارِ، فإِن أَفُتْهُ
…
فَمُؤْنِس أَو عَرُوبَةَ أَوْ شِيارِ
أَول: الأَحَدُ. وشِيارٌ: السبتُ، وَكُلٌّ مِنْهَا مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. ابْنُ الأَعرابي: أَدْبَرَ الرجلُ إِذا سَافَرَ فِي دُبارٍ. وَسُئِلَ مُجَاهِدٌ عَنْ يَوْمِ النَّحْسِ فَقَالَ: هُوَ الأَربعاء لَا يَدُورُ فِي شَهْرِهِ. والدَّبْرُ: قِطْعَةٌ تَغْلُظُ فِي الْبَحْرِ كَالْجَزِيرَةِ يَعْلُوهَا الْمَاءُ ويَنْضُبُ عَنْهَا. وَفِي حَدِيثِ
النَّجَاشِيِّ أَنه قَالَ: مَا أُحِبُّ أَن تَكُونَ دَبْرَى لِي ذَهَباً وأَنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ
؛ وفُسِّرَ الدَّبْرَى بِالْجَبَلِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ بِالْقَصْرِ اسْمُ جَبَلٍ، قَالَ: وَفِي رِوَايَةٍ
مَا أُحب أَن لِي دَبْراً مِنْ ذَهَبٍ
، والدَّبْرُ بِلِسَانِهِمْ: الْجَبَلُ؛ قَالَ: هَكَذَا فُسِّر، قَالَ: فَهُوَ فِي الأُولى مَعْرِفَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ نَكِرَةٌ، قَالَ: وَلَا أَدري أَعربي هُوَ أَم لَا. ودَبَرٌ: مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ، وَمِنْهُ فُلَانٌ الدَّبَرِيُّ. وذاتُ الدَّبْرِ: اسْمُ ثَنِيَّةٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي:
(3). قَوْلُهُ: [وَفِي حَدِيثِ بَعْضِ النِّسَاءِ] عبارة النهاية: وفي حديث سكينة انتهى. قال السيد مرتضى: هي سكينة بنت الحسين، كما صرح به الصفدي وغيره انتهى. وسكينة بالتصغير كما في القاموس
وَقَدْ صَحَّفَهُ الأَصمعي فَقَالَ: ذَاتُ الدَّيْرِ. ودُبَيْرٌ: قَبِيلَةٌ مِنْ بَنِي أَسد. والأُدَيْبِرُ: دُوَيْبَّة. وبَنُو الدُّبَيْرِ: بَطْنٌ؛ قَالَ:
وَفِي بَنِي أُمِّ دُبَيْرٍ كَيْسُ
…
عَلَى الطعَّامِ مَا غَبا غُبَيْسُ
دثر: الدُّثُورُ: الدُّرُوسُ. وَقَدْ دَثَرَ الرَّسْمُ وتَداثَرَ ودَثَرَ الشيءُ يَدْثُرُ دُثُوراً وانْدَثَر: قَدُمَ ودَرَسَ؛ وَاسْتَعَارَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ ذَلِكَ للحَسَبِ اتِّسَاعًا فَقَالَ:
فِي فِتْيَةٍ بُسُطِ الأَكُفِّ مَسَامِحٍ،
…
عِنْدَ القِتالِ قَدِيمُهُمْ لَمْ يَدْثُرِ
أَي حَسَبُهُمْ لَمْ يَبْلَ وَلَا دَرَسَ. وسيفٌ داثِرٌ: بِعِيدُ الْعَهْدِ، بالصِّقالِ. وَرَجُلٌ خاسِرٌ داثِرٌ: إِتباع، وَقِيلَ: الدَّاثِرُ هُنَا الْهَالِكُ، وَرُوِيَ
عَنِ الْحَسَنِ أَنه قَالَ: حادِثُوا هَذِهِ الْقُلُوبَ بِذِكْرِ اللَّهِ فإِنها سَرِيعَةُ الدُّثُورِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سَرِيعَةُ الدُّثُور يَعْنِي دُرُوس ذِكْرِ اللَّهِ وامِّحاءَهُ مِنْهَا، يَقُولُ: اجْلُوها وَاغْسِلُوا الرَّيْنَ والطَّبَعَ الَّذِي عَلَاهَا بِذِكْرِ اللَّهِ. ودُثُورُ النُّفُوسِ: سُرْعَةُ نِسْيانِها، تَقُولُ لِلْمَنْزِلِ وَغَيْرِهِ إِذا عَفَا ودَرَسَ: قَدْ دَثَرَ دُثُوراً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَشاقَتْكَ أَخْلاقُ الرُّسُومِ الدَّواثِرِ
وَقَالَ شَمِرٌ: دُثُورُ الْقُلُوبِ امِّحاءُ الذِّكْرِ مِنْهَا ودُرُوسُها، ودُثُورُ النُّفُوسِ: سُرْعَةُ نِسْيَانِهَا. ودَثَرَ الرجلُ إِذا عَلَتْهُ كَبْرَةٌ واسْتِسْنانٌ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الدَّثَرُ الوَسَخُ. وَقَدْ دَثَرَ دُثُوراً إِذا اتَّسَخَ. ودَثَرَ السيفُ إِذا صَدِئَ. وَسَيْفٌ داثِرٌ: وَهُوَ الْبَعِيدُ الْعَهْدِ بالصِّقالِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا هُوَ الثواب يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:
حادِثُوا هَذِهِ القلوبَ
أَي اجْلُوها وَاغْسِلُوا عَنْهَا الدَّثَرَ والطَّبَعَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يُحادَثُ السيفُ إِذا صُقِلَ وجُلِيَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
كَمِثْلِ السَّيْفِ حُودِثَ بالصِّقالِ
أَي جُلِيَ وصُقِلَ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: أَن الْقَلْبَ يَدْثُرُ كَمَا يَدْثُرُ السَّيْفُ فَجَلَاؤُهُ ذِكْرُ اللَّهِ
أَي يَصْدَأُ كَمَا يصدأُ السَّيْفُ، وأَصل الدُّثُورِ الدُّرُوسُ، وَهُوَ أَن تَهُبَّ الرياحُ عَلَى الْمَنْزِلِ فَتُغَشِّي رُسُومَهُ الرملَ وَتُغَطِّيهَا بِالتُّرَابِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: دَثَرَ مكانُ الْبَيْتِ فَلَمْ يَحُجَّهُ هُودٌ، عليه السلام.
ودَثَرَ الطائرُ تَدْثِيراً: أَصلح عُشَّهُ. وتَدَثَّرَ بِالثَّوْبِ: اشْتَمَلَ بِهِ داخلَا فِيهِ. والدِّثارُ: مَا يُتَدَثَّرُ بِهِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا فَوْقَ الشِّعارِ. وَفِي الصِّحَاحِ: الدِّثار كُلُّ مَا كَانَ فَوْقَ الثِّيَابِ مِنَ الشِّعَارِ. وَقَدْ تَدَثَّرَ أَي تَلَفَّفَ فِي الدِّثار. وَفِي حَدِيثِ
الأَنصار: أَنتم الشِّعارُ والناس الدِّثارُ
؛ الدِّثارُ: هُوَ الثَّوْبُ الَّذِي يَكُونُ فَوْقَ الشِّعارِ، يَعْنِي أَنتم الخاصَّةُ والناسُ العامَّةُ. وَرَجُلٌ دَثُورٌ: مُتَدَثِّرٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَلم تَعْلَمِي أَنَّ الصَّعالِيكَ نَوْمُهُمْ
…
قليلٌ، إِذا نامَ الدَّثُورُ المُسالِمُ؟
والدِّثارُ: الثَّوْبُ الَّذِي يُسْتَدْفَأُ بِهِ مِنْ فَوْقِ الشِّعارِ. يُقَالُ: تَدَثَّرَ فلانٌ بالدِّثارِ تَدَثُّراً وادَّثَرَ ادِّثاراً، فَهُوَ مُدَّثِّرٌ، والأَصل مُتَدَثِّر أُدغمت التَّاءُ فِي الدَّالِ وَشُدِّدَتْ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ
؛ يَعْنِي المُتَدَثِّر بِثِيَابِهِ إِذا نَامَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ يَقُولُ دثِّرُوني دَثِّرُوني
؛ أَي غَطُّوني بِمَا أَدْفَأُ بِهِ. والدَّثُورُ: الكَسْلان؛ عَنْ كُرَاعٍ. والدَّثُور أَيضاً:
الخامل النَّؤُوم. والدَّثْرُ، بِالْفَتْحِ: الْمَالُ الْكَثِيرُ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ، يُقَالُ: مَالٌ دَثْرٌ ومالانِ دَثْرٌ وأَموالٌ دَثْرٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قِيلَ لَهُ: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالأُجُورِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَاحِدُ الدُّثُور دَثْرٌ، وَهُوَ الْمَالُ الْكَثِيرُ؛ يُقَالُ: هُمْ أَهلُ دَثْرٍ ودُثُورٍ، ومالٌ دَثْرٌ؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لَعَمْرِي لَقَوْمٌ قَدْ تَرَى فِي دِيارِهِمْ
…
مَرَابِطَ لِلأَمْهارِ والعَكَرِ الدَّثِرْ
يَعْنِي الإِبل الْكَثِيرَةَ فَقَالَ الدَّثِرْ والأَصل الدَّثْر فَحَرَّكَ الثَّاءَ لِيَسْتَقِيمَ لَهُ الشِّعْرُ. الْجَوْهَرِيُّ: وعَسْكَرٌ دَثْرٌ أَي كَثِيرٌ إِلَّا أَنه جَاءَ بِالتَّحْرِيكِ. وَفِي حَدِيثٍ طَهْفَةَ:
وابْعَثْ راعِيَها فِي الدَّثْرِ
؛ أَراد بالدَّثْرِ هَاهُنَا الخِصْبَ والنباتَ الْكَثِيرَ. أَبو عَمْرٍو: المُتَدَثِّر مِنَ الرِّجَالِ المَأْبُونُ، قَالَ: وَهُوَ المُتَدَأَّمُ والمُتَدَهَّمُ والمِثْفَرُ والمِثْفَارُ. وَرَجُلٌ دَثْرٌ: غَافِلٌ، وداثِرٌ مِثْلُهُ؛ وَقَوْلُ طُفَيْلٍ:
إِذا سَاقَها الرّاعِي الدَّثُورُ حَسِبْتَها
…
رِكابَ عِرَاقِيٍّ، مَواقِيرَ تَدْفَعُ
الدَّثُور: الْبَطِيءُ الثَّقِيلُ الَّذِي لَا يَكَادُ يَبْرَحُ مكانَهُ. ودَثَرَ الشجرُ: أَوْرَقَ وتَشَعَّبَتْ خِطْرَتُه. ودَاثِرٌ: اسْمٌ؛ قَالَ السِّيرَافِيُّ: لَا أَعرفه إِلَّا دِثاراً. وتَدَثَّرَ فَرَسَه: وَثَبَ عَلَيْهَا فَرَكِبَهَا، وَفِي الْمُحْكَمِ: رَكِبَهَا وَجَالَ فِي مَتْنِها، وَقِيلَ: رَكِبَهَا مِنْ خَلْفِهَا؛ وَيُسْتَعَارُ فِي مِثْلِ هَذَا، قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ غَيْثًا:
أَصَاخَتْ له فُدْرُ اليَمامَةِ، بعد ما
…
تَدَثَّرَها مِنْ وَبْلِهِ مَا تَدَثَّرا
وتَدَثَّرَ الفحلُ النَّاقَةَ أَي تَسَنَّمَها.
دجر: الدَّجَرُ: الحَيْرَةُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: شِبْهُ الْحَيْرَةِ، وَهُوَ أَيضاً المَرَجُ. دَجِرَ، بِالْكَسْرِ، دَجَراً، فَهُوَ دَجِرٌ ودَجْرانُ فِيهِمَا أَي حَيْران فِي أَمره؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
دَجْرَان لَمْ يَشْرَبْ هُناك الخَمْرَا
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
دَجْرَان لَا يَشْعُرُ مِنْ حَيْثُ أَتَى
وَجَمْعُهُمَا دَجَارَى. وَرَجُلٌ دَجِرٌ ودَجْرانُ: وَهُوَ النَّشِيطُ الَّذِي فيه مع نشاطه أَثر. أَبو زَيْدٍ: دَجِرَ الرجلُ دَجَراً، وَهُوَ الأَحمق الَّذِي يَذْهَبُ لِغَيْرِ وَجْهِهِ. والدِّجْرُ، بِكَسْرِ الدَّالِ: اللُّوبياء، هَذِهِ اللُّغَةُ الْفُصْحَى، وَحَكَى أَبو حَنِيفَةَ الدِّجْرَ والدَّجْرَ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ يَحْكِهَا غَيْرُهُ إِلَّا بِالْكَسْرِ، وَحَكَى هُوَ وكراع فِيهِ الدُّجْر، بِضَمِّ الدَّالِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قُرِئَ بِخَطِّ شَمِرٍ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ ضَرْبَانِ أَبيض وأَحمر. والدَّجر والدُّجْرُ والدُّجُورُ: الْخَشَبَةُ الَّتِي تُشَدُّ عَلَيْهَا حَدِيدَةُ الْفَدَانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهَا دُجْرَيْنِ كأَنهما أُذنان، وَالْحَدِيدَةُ اسْمُهَا السُّنْبَة، وَالْفَدَانُ اسْمٌ لِجَمِيعِ أَدواته، وَالْخَشَبَةُ الَّتِي عَلَى عُنُقِ الثَّوْرِ هِيَ النِّيرُ، والسَّمِيقَانِ: خَشَبَتَانِ قَدْ شُدَّتَا فِي الْعُنُقِ وَالْخَشَبَةُ الَّتِي فِي وَسَطِهِ يُشَدُّ بِهَا عِنانُ الوَيْجِ، وَهُوَ القُنَّاحَةُ، والوَيْجُ والمَيْسُ، بِالْيَمَانِيَةِ: اسْمُ الْخَشَبَةِ الطَّوِيلَةِ بَيْنَ الثَّوْرَيْنِ، وَالْخَشَبَةُ الَّتِي يُمْسِكُهَا الْحَرَّاثُ هِيَ المِقْوَمُ، قَالَ: والمِمْلَقَةُ والعِرْصافُ الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي رأْس المَيْسِ يُعَلَّقُ بِهَا الْقَيْدُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذِهِ حُرُوفٌ صَحِيحَةٌ ذَكَرَهَا ابْنُ شُمَيْلٍ وَذَكَرَ بَعْضَهَا ابْنِ الأَعرابي. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ قَالَ: اشْتَرِ لَنَا بالنَّوَى دَجْراً
؛ الدَّجْرُ، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ: اللُّوبياء، وَقِيلَ: هُوَ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، وأَما
بِالضَّمِّ فَهُوَ خَشَبَةٌ يُشَدُّ عَلَيْهَا حَدِيدَةُ الْفَدَانِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه أَكل الدُّجْرَ ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ بالثِّفَالِ.
وحَبْلٌ مُنْدَجِرٌ: رِخْوٌ، عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَقَالَ: وَتَرٌ مُنْدَجِرٌ رِخْوٌ. والدَّيْجُورُ: الظُّلْمَةُ، وَوَصَفُوا بِهِ فَقَالُوا: لَيْلٌ دَيْجُورٌ وَلَيْلَةٌ دَيْجُورٌ ودَيْجُوجٌ مُظْلِمَةٌ. ودِيمَةٌ دَيْجُورٌ: مُظْلِمَةٌ بِمَا تَحْمِلُهُ مِنَ الْمَاءِ؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
كأَنَّ هَتْفَ القِطْقِطِ المَنْثُورِ،
…
بَعْدَ رَذاذِ الدِّيمَةِ الدَّيْجُورِ
عَلَى قَراهُ، فِلَقُ الشُّذُورِ
وَفِي كَلَامِ
عَلِيٍّ، عليه السلام: تَغْرِيدُ ذواتِ المَنْطِقِ فِي ديَاجِيرِ الأَوْكارِ
؛ الدياجيرُ: جمعُ دَيْجُور، وَهُوَ الظَّلَامُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْوَاوُ وَالْيَاءُ زَائِدَتَانِ، قَالَ: والدَّيْجُور الْكَثِيرُ الْمُتَرَاكِمُ مِنَ اليَبِيس. شَمِرٌ: الدَّيْجُورُ التُّرَابُ نَفْسُهُ، وَالْجَمْعُ الدَّياجِيرُ. وَيُقَالُ: تُرَابٌ دَيْجُورٌ أَغْبَرُ يَضْرِبُ إِلى السَّوَادِ كَلَوْنِ الرَّمَادِ، وإِذا كَثُرَ يَبِيسُ النَّبَاتُ فَهُوَ الدَّيْجُور لِسَوَادِهِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الدَّيْجُور الْكَثِيرُ مِنَ الكلإِ. والدِّجْرَانُ، بِكَسْرِ الدَّالِ: الخَشَبُ الْمَنْصُوبُ لِلتَّعْرِيشِ، الْوَاحِدَةُ دِجْرَانَةٌ.
دحر: دَحَرَهُ يَدْحَرُهُ دَحْراً ودُحُوراً: دَفَعَهُ وأَبعده. الأَزهري: الدَّحْرُ تَبْعِيدُكَ الشَّيْءَ عَنِ الشَّيْءِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: قرأَ النَّاسُ بِالنَّصْبِ وَالضَّمِّ، فَمَنْ ضَمَّهَا جَعَلَهَا مَصْدَرًا كَقَوْلِكَ دَحْرتُه دُحُوراً، وَمَنْ فَتَحَهَا جَعَلَهَا اسْمًا كأَنه قَالَ يُقْذَفُونَ بِداحِرٍ وَبِمَا يَدْحَرُ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَسْتُ أَشتهي الْفَتْحَ لأَنه لَوْ وُجِّهَ عَلَى ذَلِكَ عَلَى صِحَّةٍ لَكَانَ فِيهَا الْبَاءُ كَمَا تَقُولُ يُقْذَفُونَ بِالْحِجَارَةِ، وَلَا يُقَالُ يُقْذَفُونَ الْحِجَارَةَ، وَهُوَ جَائِزٌ؛ قَالَ: وَقَالَ الزَّجَّاجُ مَعْنَى قَوْلِهِ دُحُوراً أَي يُدْحَرُونَ أَي يُباعَدُونَ. وَفِي حَدِيثِ عَرَفَةَ:
مَا مِنْ يَوْمٍ إِبليس فِيهِ أَدْحَرُ وَلَا أَدْحَقُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ
؛ الدَّحْرُ: الدَّفْعُ بِعُنْفٍ عَلَى سَبِيلِ الإِهانة والإِذلال، والدَّحْقُ: الطَّرْدُ والإِبعاد، وأَفعل الَّتِي لِلتَّفْضِيلِ مِنْ دُحِرَ ودُحِقَ كأَشْهَرَ وأَجَنَّ مِنْ شُهِرَ وَجُنَّ، وَقَدْ نَزَلَ وَصْفُ الشَّيْطَانِ بأَنه أَدحر وأَدحق مَنْزِلَةً وَصَفَ الْيَوْمَ بِهِ لِوُقُوعِ ذَلِكَ فِيهِ فَلِذَلِكَ قَالَ: مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، كأَنّ الْيَوْمَ نَفْسَهُ هُوَ الأَدْحَرُ والأَدْحَقُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ ذِي يَزَنَ: ويُدحَرُ الشيطانُ
؛ وَفِي الدُّعَاءِ:
اللَّهُمَّ ادْحَرْ عَنَّا الشَّيْطَانَ
أَي ادْفَعْهُ واطْرُدْهُ ونَحِّهِ. والدُّحُورُ: الطَّرْدُ والإِبعاد، قَالَ اللَّهُ عز وجل: اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً
؛ أَي مُقْصًى وَقِيلَ مطروداً.
دحمر: دَحْمَرَ القِرْبَةَ: ملأَها. ودَحْمُورٌ: دُوَيْبَّةٌ.
دخر: دَخَرَ الرجلُ، بِالْفَتْحِ، يَدْخَرُ دُخُوراً، فَهُوَ دَاخِرٌ، ودَخِرَ دَخَراً: ذَلَّ وصَغُرَ يَصْغُرُ صَغَاراً، وَهُوَ الَّذِي يَفْعَلُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ، شَاءَ أَو أَبى صاغِراً قَمِيئاً. والدَّخَرُ: التَّحَيُّرُ. والدُّخُورُ: الصَّغَارُ وَالذُّلُّ، وأَدْخَرَهُ غَيْرُهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَهُمْ داخِرُونَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي صَاغِرُونَ، قَالَ: وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَولم يَرَوْا إِلى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ؛ إِن كُلَّ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ جِسْمٍ وَعَظْمٍ وَلَحْمٍ وَشَجَرٍ وَنَجْمٍ خَاضِعٌ سَاجِدٌ لِلَّهِ، قَالَ: وَالْكَافِرُ وإِن كَفَرَ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ فَنَفْسُ جِسْمِهِ وَعَظْمِهِ وَلَحْمِهِ وَجَمِيعُ الشَّجَرِ وَالْحَيَوَانَاتِ
خاضعة لله سَاجِدَةٌ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: الْكَافِرُ يَسْجُدُ لِغَيْرِ اللَّهِ وَظِلِّهُ يَسْجُدُ لِلَّهِ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: وتأْويلُ الظِّلِّ الجِسْمُ الَّذِي عَنْهُ الظِّلُّ. وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ
؛ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: الدَّاخِرُ الذليل المُهان.
دخدر: الدَّخْدَارُ: ثَوْبٌ أَبيض مَصُونٌ. وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ تَخْتَ دَار أَي يُمْسِكُه التَّخْتُ أَي ذُو تَخْتٍ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ سَحَابًا:
تَجْلُو البَوارِقُ عَنْهُ صَفْحَ دَخْدَارِ
والدَّخْدَارُ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ نَفِيسٌ، وَهُوَ مُعَرَّبُ الأَصل فِيهِ تَخْتَارُ أَي صَيْنٍ فِي التَّخْتِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ القديم.
ددر: الدَّوْدَرَى: الْعَظِيمُ الْخُصْيَتَيْنِ، لَمْ يُسْتَعْمَلْ إِلَّا مَزِيدًا إِذ لَا يُعْرَفُ فِي الكلام مثل دَدَرَ.
درر: دَرَّ اللبنُ وَالدَّمْعُ وَنَحْوُهُمَا يَدِرُّ ويَدُرُّ دَرّاً ودُرُوراً؛ وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ. إِذَا حُلِبَتْ فأَقبل مِنْهَا عَلَى الْحَالِبِ شَيْءٌ كَثِيرٌ قِيلَ: دَرَّتْ، وإِذا اجْتَمَعَ فِي الضَّرْعِ مِنَ الْعُرُوقِ وَسَائِرِ الْجَسَدِ قِيلَ: دَرَّ اللبنُ. والدِّرَّةُ، بِالْكَسْرِ: كَثْرَةُ اللَّبَنِ وَسَيَلَانُهُ. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: غَاضَتْ لَهَا الدِّرَةُ
، وَهِيَ اللَّبَنُ إِذا كَثُرَ وَسَالَ؛ واسْتَدَرَّ اللبنُ وَالدَّمْعُ وَنَحْوُهُمَا: كَثُرَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
إِذا نَهَضَتْ فيهِ تَصَعَّدَ نَفْرُها،
…
كَقِتْر الغلاءِ، مُسْتَدِرٌّ صِيابُها
اسْتَعَارَ الدَّرَّ لِشِدَّةِ دَفْعِ السِّهَامِ، وَالِاسْمُ الدِّرَّةُ والدَّرَّة؛ وَيُقَالُ: لَا آتِيكَ مَا اخْتَلَفَتِ الدِّرَّةُ والجِرَّةُ، وَاخْتِلَافُهُمَا أَن الدِّرَّةَ تَسْفُلُ والجِرَّةَ تَعْلُو. والدَّرُّ: اللَّبَنُ مَا كَانَ؛ قَالَ:
طَوَى أُمَّهاتِ الدَّرِّ، حَتَّى كأَنها
…
فَلافِلُ هِندِيٍّ، فَهُنَّ لُزُوقُ
أُمهاتُ الدَّر: الأَطْباءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عن ذَبْحِ ذَوَاتِ الدَّرِّ
أَي ذَوَاتِ اللَّبَنِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مصدرَ دَرَّ اللَّبَنَ إِذا جَرَى؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَا يُحْبَسُ دَرُّكُم
؛ أَي ذواتُ الدَّرِّ، أَراد أَنها لَا تُحْشَرُ إِلى المُصَدِّقِ وَلَا تُحْبَسُ عَنِ المَرْعَى إِلى أَن تَجْتَمِعَ الْمَاشِيَةُ ثُمَّ تُعَدُّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الإِضرار بِهَا. ابْنُ الأَعرابي: الدَّرُّ الْعَمَلُ مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لِلَّهِ دَرُّكَ، يَكُونُ مَدْحًا وَيَكُونُ ذَمًّا، كَقَوْلِهِمْ: قَاتَلَهُ اللَّهُ مَا أَكفره وَمَا أَشعره. وَقَالُوا: لِلَّهِ دَرُّكَ أَي لِلَّهِ عَمَلُكَ يُقَالُ هَذَا لِمَنْ يُمْدَحُ وَيُتَعَجَّبُ مِنْ عَمَلِهِ، فإِذا ذُمَّ عَمَلُهُ قِيلَ: لَا دَرَّ دَرُّهُ وَقِيلَ: لِلَّهِ دَرُّك مِنْ رَجُلٍ مَعْنَاهُ لِلَّهِ خَيْرُكَ وَفِعَالُكَ، وإِذا شَتَمُوا قَالُوا: لَا دَرَّ دَرُّه أَي لَا كَثُرَ خَيْرُهُ، وَقِيلَ: لِلَّهِ دَرُّك أَي لِلَّهِ مَا خَرَجَ مِنْكَ مِنْ خَيْرٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَصله أَن رَجُلًا رأَى آخَرَ يَحْلِبُ إِبلًا فَتَعَجَّبَ مِنْ كَثْرَةٍ لِبَنْهَا فَقَالَ: لِلَّهِ دَرُّك، وَقِيلَ: أَراد لِلَّهِ صَالِحُ عَمَلِكَ لأَن الدَّرَّ أَفضل مَا يُحْتَلَبُ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: وأَحسبهم خَصُّوا اللَّبَنَ لأَنهم كَانُوا يَفْصِدُون النَّاقَةَ فيشربون دمها ويَقْتَطُّونَها فَيَشْرَبُونَ مَاءَ كِرْشِهَا فَكَانَ اللبنُ أَفضلَ مَا يَحْتَلِبُونَ، وَقَوْلُهُمْ: لَا دَرَّ دَرُّه لَا زَكَا عَمَلُهُ، عَلَى الْمَثَلِ، وَقِيلَ: لَا دَرَّ دَرُّه أَي لَا كَثُرَ خَيْرُهُ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَقَالَ أَهل اللُّغَةِ فِي قَوْلِهِمْ لِلَّهِ دَرُّه؛ الأَصل فِيهِ أَن الرَّجُلَ إِذا كَثُرَ خَيْرُهُ وَعَطَاؤُهُ وإِنالته النَّاسَ قِيلَ: لِلَّهِ درُّه أَي عَطَاؤُهُ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ، فَشَبَّهُوا عَطَاءَهُ بِدَرِّ النَّاقَةِ ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ حَتَّى صَارُوا يَقُولُونَهُ لِكُلِّ مُتَعَجِّبٍ مِنْهُ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وربما استعملوه مِنْ غَيْرِ أَن يَقُولُوا لِلَّهِ فَيَقُولُونَ: دَرَّ دَرُّ فُلَانٍ وَلَا دَرَّ دَرُّه؛ وأَنشد:
دَرَّ دَرُّ الشَّبابِ والشَّعَرِ الأَسْود ........
وَقَالَ آخَر:
لَا دَرَّ دَرِّيَ إِن أَطْعَمْتُ نازِلَهُمْ
…
قِرْفَ الحَتِيِّ، وَعِنْدِي البُرُّ مَكْنُوزُ
وَقَالَ ابْنُ أَحمر:
بانَ الشَّبابُ وأَفْنَى ضِعفَهُ العُمُرُ،
…
للهِ دَرِّي فَأَيَّ العَيْشِ أَنْتَظِرُ؟
تَعْجَّبَ مِنْ نَفْسِهِ أَيّ عَيْشٍ مُنْتَظَرٍ، ودَرَّت النَّاقَةُ بِلَبَنِهَا وأَدَرَّتْهُ. وَيُقَالُ: درَّت النَّاقَةُ تَدِرُّ وتَدُرُّ دُرُوراً ودَرّاً وأَدَرَّها فَصِيلُها وأَدَرَّها مارِيها دُونَ الْفَصِيلِ إِذا مَسَحَ ضَرْعَها. وأَدَرَّت النَّاقَةُ، فَهِيَ مُدِرٌّ إِذا دَرَّ لَبَنُهَا. وَنَاقَةٌ دَرُورٌ: كثيرةُ الدَّرِّ، ودَارٌّ أَيضاً؛ وضَرَّةٌ دَرُورٌ كَذَلِكَ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
مِنَ الزَّمِرَاتِ أَسبل قادِماها،
…
وضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرُورُ
وَكَذَلِكَ ضَرْعٌ دَرُورٌ، وإِبل دُرُرٌ ودُرَرٌ ودُرَّارٌ مِثل كَافِرٍ وكُفَّارٍ؛ قَالَ:
كانَ ابْنُ أَسْمَاءَ يَعْشُوها ويَصْبَحُها
…
مِنْ هَجْمَةٍ، كَفَسِيلِ النَّخْلِ دُرَّارِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن دُرَّاراً جَمْعُ دَارَّةٍ عَلَى طَرْحِ الْهَاءِ. واسْتَدَرَّ الحَلُوبَةَ: طَلَبَ دَرَّها. والاسْتِدْرَارُ أَيضاً: أَن تَمْسَحَ الضَّرْعَ بِيَدِكَ ثُمَّ يَدِرَّ اللبنُ. ودَرَّ الضَّرْعُ بِاللَّبَنِ يَدُرُّ دُروراً، ودَرَّت لِقْحَةُ الْمُسْلِمِينَ وحَلُوبَتُهُمْ يَعْنِي فَيْئَهم وخَرَاجَهم، وَأَدَرَّهُ عُمَّالُه، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ الدِّرَّةُ. ودَرَّ الخَرَاجُ يَدِرُّ إِذا كَثُرَ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، رضي الله عنه، أَنه أَوصى إِلى عُمَّالِهِ حِينَ بَعَثَهُمْ فَقَالَ فِي وَصِيَّتِهِ لَهُمْ: أَدِرُّوا لِقْحَةَ الْمُسْلِمِينَ؛ قَالَ اللَّيْثُ: أَراد بِذَلِكَ فَيْئَهُمْ وَخَرَاجَهُمْ فَاسْتَعَارَ لَهُ اللِّقْحَةَ والدِّرَّةَ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا طَلَبَ الْحَاجَةَ فَأَلَحَّ فِيهَا: أَدَرَّها وإِن أَبَتْ أَي عَالَجَهَا حَتَّى تَدِرَّ، يُكَنَّى بالدَّرِّ هُنَا عَنِ التَّيْسِيرِ. ودَرَّت العروقُ إِذا امتلأَت دَمًا أَو لَبَنًا. ودَرَّ العِرْقُ: سَالَ. قَالَ: وَيَكُونُ دُرورُ العِرْقِ تَتَابُعُ ضَرَبانه كَتَتَابُعِ دُرُورِ العَدْوِ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: فَرَسٌ دَرِيرٌ. وَفِي صِفَةِ سَيِّدِنَا رسولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فِي ذِكْرِ حَاجِبَيْهِ: بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّه الْغَضَبُ؛ يَقُولُ: إِذا غَضِبَ دَرَّ العِرْقُ الَّذِي بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ، وَدُرُورُهُ غِلَظُهُ وَامْتِلَاؤُهُ؛ وَفِي قَوْلِهِمْ: بَيْنَ عَيْنَيْهِ عِرْقٌ يُدِرُّه الْغَضَبُ، وَيُقَالُ يُحَرِّكُهُ، قَالَ ابْنُ الأَثير: مَعْنَاهُ أَي يَمْتَلِئُ دَمًا إِذا غَضِبَ كَمَا يَمْتَلِئُ الضَّرْعُ لَبَنًا إِذا دَرَّ. ودَرَّت السَّمَاءُ بِالْمَطَرِ دَرّاً ودُرُوراً إِذا كَثُرَ مَطَرُهَا؛ وَسَمَاءٌ مِدْرَارٌ وَسَحَابَةٌ مِدْرَارٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلسَّمَاءِ إِذا أَخالت: دُرِّي دُبَس، بِضَمِّ الدَّالِ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي، وَهُوَ مِنْ دَرَّ يَدُرُّ. والدِّرَّةُ فِي الأَمطار: أَن يَتْبَعَ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَجَمْعُهَا دِرَرٌ. وَلِلسَّحَابِ دِرَّةٌ أَي صَبٌّ، وَالْجَمْعُ دِرَرٌ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
سَلامُ الإِلهِ ورَيْحانُه،
…
ورَحْمَتُهُ وسَمَاءٌ دِرَرْ
غَمامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العِبَادِ،
…
فَأَحْيَا البِلَاد وطَابَ الشَّجَرْ
سماءٌ دِرَرٌ أَي ذاتُ دِرَرٍ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
دِيَماً دِرَراً
: هُوَ جَمْعُ دِرَّةٍ. يُقَالُ لِلسَّحَابِ دِرَّة أَي صَبٌّ وَانْدِفَاقٌ، وَقِيلَ: الدِّرَرُ الدارُّ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: دِيناً قِيَماً؛ أَي قَائِمًا. وَسَمَاءٌ مِدْرارٌ أَي
تَدِرُّ بِالْمَطَرِ. والريحُ تُدِرُّ السَّحابَ وتَسْتَدِرُّه أَي تَسْتَجْلبه؛ وَقَالَ الحادِرَةُ وَاسْمُهُ قُطْبَةُ بْنُ أَوس الغَطَفَانِيُّ:
فَكأَنَّ فَاهَا بَعْدَ أَوَّلِ رَقْدَةٍ
…
ثَغَبٌ بِرابِيَةٍ، لَذيذُ المَكْرَعِ
بِغَرِيضِ سارِيَةٍ أَدَرَّتْهُ الصَّبَا،
…
مِنْ مَاءِ أَسْحَرَ، طَيِّبِ المُسْتَنْقَعِ
وَالثَّغَبُ: الْغَدِيرُ فِي ظِلِّ جَبَلٍ لَا تُصِيبُهُ الشَّمْسُ، فَهُوَ أَبرد لَهُ. وَالْغَرِيضُ: الْمَاءُ الطَّرِيُّ وَقْتَ نُزُولِهِ مِنَ السَّحَابِ. وأَسحرُ: غديرٌ حُرُّ الطِّين؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سُمِّيَ هَذَا الشَّاعِرُ بِالْحَادِرَةِ لِقَوْلِ زَبَّانَ بنَ سَيَّارٍ فِيهِ:
كأَنَّكَ حادِرَةُ المَنْكِبَيْنِ،
…
رَصْعَاءُ تُنْقِضُ فِي حادِرِ
قَالَ: شَبَّهَهُ بِضفْدَعَةٍ تُنْقِضُ فِي حَائِرٍ، وإِنقاضها: صَوْتُهَا. وَالْحَائِرُ: مُجْتَمَعُ الْمَاءِ فِي مُنْخَفِضٍ مِنَ الأَرض لَا يَجِدُ مَسْرَباً. وَالْحَادِرَةُ: الضَّخْمَةُ الْمَنْكِبَيْنِ. وَالرَّصْعَاءُ وَالرَّسْحَاءُ: الْمَمْسُوحَةُ الْعَجِيزَةِ. وللسَّاقِ دِرَّةٌ: اسْتِدْرَارٌ لِلْجَرْيِ. وللسُّوقِ دِرَّة أَي نَفَاقٌ. ودَرَّت السُّوقُ: نَفَقَ مَتَاعُهَا، وَالِاسْمُ الدِّرَّة. ودَرَّ الشَّيْءُ: لانَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذا اسْتَدْبَرَتْنا الشمسُ دَرَّتْ مُتُونُنا،
…
كأَنَّ عُرُوقَ الجَوفِ يَنْضَحْنَ عَنْدَما
وَذَلِكَ لأَن الْعَرَبَ تَقُولُ: إِن اسْتِدْبَارَ الشَّمْسِ مَصَحَّةٌ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
تَخْبِطُ بالأَخْفَافِ والمَنَاسِمِ
…
عَنْ دِرَّةٍ تَخْضِبُ كَفَّ الهاشِمِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: هَذِهِ حَرْبٌ شَبَّهَهَا بِالنَّاقَةِ، ودِرَّتُها: دَمُها. ودَرَّ النباتُ: الْتَفَّ. ودَرَّ السِّراجُ إِذا أَضاء؛ وَسِرَاجٌ دارٌّ ودَرِيرٌ. ودَرَّ الشيءُ إِذا جُمِعَ، ودَرَّ إِذا عُمِلَ. والإِدْرارُ فِي الْخَيْلِ: أَن يُقِلَّ الفرسُ يَدَهُ حِينَ يَعْتِقُ فَيَرْفَعُهَا وَقَدْ يَضَعُهَا. ودَرَّ الفرسُ يَدِرٌ دَرِيراً ودِرَّةً: عَدَا عَدْواً شَدِيدًا. ومَرَّ عَلَى دِرَّتِهِ أَي لَا يَثْنِيهِ شَيْءٌ. وَفَرَسٌ دَرِيرٌ: مُكْتَنِزُ الخَلْقِ مُقْتَدِرٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
دَرِيرٌ كَخُذْرُوف الوَليدِ، أَمَرَّهُ
…
تَتابُعُ كَفَّيهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ
وَيُرْوَى: تَقَلُّبُ كَفَّيْهِ، وَقِيلَ: الدَّرِير مِنَ الْخَيْلِ السَّرِيعُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ السَّرِيعُ مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الإِدْرَارُ فِي الْخَيْلِ أَن يَعْتِقَ فَيَرْفَعَ يَدًا وَيَضَعُهَا فِي الْخَبَبِ؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ:
لَمَّا رَأَتْ شَيْخًا لَهَا دَرْدَرَّى
…
فِي مِثلِ خَيطِ العِهِنِ المُعَرَّى
قَالَ: الدَّرْدَرَّى مِنْ قَوْلِهِمْ فَرَسٌ دَرِيرٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:
فِي مِثْلِ خَيْطِ الْعِهِنِ الْمُعَرَّى
يُرِيدُ بِهِ الْخُذْرُوفَ، وَالْمُعَرَّى جُعِلَتْ لَهُ عُرْوَةٌ. وَفِي حَدِيثِ أَبي قِلابَةَ: صَلَّيْتُ الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَتْ حِمَارًا دَرِيراً؛ الدَّرِيرُ: السَّرِيعُ الْعَدْوِ مِنَ الدَّوَابِّ الْمُكْتَنِزُ الْخَلْقِ، وأَصل الدَّرِّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ اللبنُ. ودَرَّ وَجْهُ الرَّجُلِ يَدِرُّ إِذا حَسُنَ وَجْهُهُ بَعْدَ الْعِلَّةِ. الْفَرَّاءُ: والدَّرْدَرَّى الَّذِي يَذْهَبُ وَيَجِيءُ فِي غَيْرِ حَاجَّةٍ. وأَدَرَّت المرأَةُ المِغْزَلَ، وَهِيَ مُدِرَّةٌ ومُدِرٌّ؛ الأَخيرة عَلَى النَّسَب، إِذا فَتَلْتَهُ فَتْلًا شَدِيدًا فرأَيته كأَنه وَاقِفٌ مِنْ شِدَّةِ دَوَرَانِهِ. قَالَ: وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْجَمْهَرَةِ الْمَوْثُوقِ بِهَا: إِذا رأَيته وَاقِفًا لَا يَتَحَرَّكُ مِنْ
شِدَّةِ دَوَرَانِهِ. والدَّرَّارَةُ: المِغْزَلُ الَّذِي يَغْزِلُ بِهِ الرَّاعِي الصوفَ؛ قَالَ:
جَحَنْفَلٌ يَغْزِلُ بالدَّرَّارَة
وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنه قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: أَتيتك وأَمْرُك أَشدُّ انْفِضاحاً مِنْ حُقِّ الكَهُولِ فَمَا زلتُ أَرُمُّه حَتَّى تَرَكْتُه مِثْلَ فَلْكَةِ المُدِرِّ
؛ قَالَ: وَذَكَرَ الْقُتَيْبِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فَغَلِطَ فِي لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ، وحُقُّ الكَهُول بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ، وأَما الْمُدِرُّ، فَهُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، الغَزَّالُ؛ وَيُقَالُ للمِغزَلِ نَفْسِهِ الدَّرَّارَةُ والمِدَرَّةُ، وَقَدْ أَدرّت الْغَازِلَةُ دَرَّارَتَها إِذا أَدارتها لِتَسْتَحْكِمَ قُوَّةَ مَا تَغْزِلُهُ مِنْ قُطْنٍ أَو صُوفٍ، وَضُرِبَ فَلْكَةُ الْمُدِرِّ مَثَلًا لإِحكامه أَمره بَعْدَ اسْتِرْخَائِهِ وَاتِّسَاقِهِ بَعْدَ اضْطِرَابِهِ، وَذَلِكَ لأَن الغَزَّال لا يأْلو إِحكاماً وَتَثْبِيتًا لِفَلْكَةِ مِغْزَلِه لأَنه إِذا قَلِقَ لَمْ تَدِرَّ الدَّرَّارَةُ؛ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَراد بِالْمُدِرِّ الْجَارِيَةَ إِذا فَلَكَ ثَدْيَاهَا ودَرَّ فِيهِمَا الْمَاءُ، يَقُولُ: كَانَ أَمرك مُسْتَرْخِيًا فأَقمته حَتَّى صَارَ كأَنه حَلَمَةُ ثَدْيٍ قَدْ أَدَرَّ، قَالَ: والأَول الْوَجْهُ. ودَرَّ السَّهْمُ دُرُوراً: دَارَ دَوَرَاناً جَيِّدًا، وأَدَرَّه صاحِبُه، وَذَلِكَ إِذا وَضَعَ السَّهْمَ عَلَى ظُفْرِ إِبهام الْيَدِ الْيُسْرَى ثُمَّ أَداره بإِبهام الْيَدِ الْيُمْنَى وَسَبَّابَتِهَا؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ: وَلَا يَكُونُ دُرُورُ السَّهْمِ وَلَا حَنِينُهُ إِلا مِنِ اكْتِنَازِ عُودِه وَحُسْنِ اسْتِقَامَتِهِ وَالْتِئَامِ صَنْعَتِهِ. والدِّرَّة، بِالْكَسْرِ: الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا، عَرَبِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الدِّرَّة دِرَّةُ السُّلْطَانِ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا. والدُّرَّةُ: اللُّؤْلُؤَةُ الْعَظِيمَةُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ مَا عَظُمَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ، وَالْجَمْعُ دُرٌّ ودُرَّاتٌ ودُرَرٌ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لِلرَّبِيعِ بْنِ ضَبْعٍ الْفَزَارِيِّ:
أَقْفَرَ مِنْ مَيَّةَ الجَريبُ إِلى الزُّجَّيْنِ،
…
إِلَّا الظِّبَاءَ والبَقَرَا
كأَنَّها دُرَّةٌ مُنَعَّمَةٌ،
…
فِي نِسْوَةٍ كُنَّ قَبْلَها دُرَرَا
وكَوْكَبٌ دُرِّيُّ ودِرِّيٌّ: ثاقِبٌ مُضِيءٌ، فأَما دُرِّيٌّ فَمَنْسُوبٌ إِلى الدُّرِّ، قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فُعِّيْلًا عَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ قَلْبًا لأَن سِيبَوَيْهِ حَكَى عَنِ ابْنِ الْخَطَّابِ كَوْكَبٌ دُرِّيءٌ، قَالَ: فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ هَذَا مُخَفَّفًا مِنْهُ، وأَما دِرِّيٌّ فَيَكُونُ عَلَى التَّضْعِيفِ أَيضاً، وأَما دَرِّيٌّ فَعَلَى النِّسْبَةِ إِلى الدُّرِّ فَيَكُونُ مِنَ الْمَنْسُوبِ الَّذِي عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَلَا يَكُونُ عَلَى التَّخْفِيفِ الَّذِي تَقَدَّمَ لأَن فَعِّيْلًا لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِمْ إِلَّا مَا حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ مِنْ قَوْلِهِمْ سَكِّينةٌ؛ فِي السِّكِّينَةِ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَنْ قرأَه بِغَيْرِ هَمْزَةٍ نَسَبَهُ إِلى الدُّر فِي صَفَائِهِ وَحُسْنِهِ وَبَيَاضِهِ، وَقُرِئَتْ دِرِّيٌّ، بِالْكَسْرِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ دِرِّيٌّ يَنْسُبُهُ إِلى الدُّرِّ، كَمَا قَالُوا بَحْرٌ لُجِّيُّ ولِجِّيٌّ وسُخْرِيٌّ وسِخْرِيٌّ، وَقُرِئَ دُرِّيء، بِالْهَمْزَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَجَمْعُ الْكَوَاكِبِ دَرَارِيّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَمَا تَرَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ
؛ أَي الشَّدِيدَ الإِنارَةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ عِنْدَ الْعَرَبِ هُوَ الْعَظِيمُ الْمِقْدَارِ، وَقِيلَ: هُوَ أَحد الْكَوَاكِبِ الْخَمْسَةِ السَّيَّارة. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
إِحدى عَيْنَيْهِ كأَنها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ.
ودُرِّيُّ السَّيْفِ: تَلأْلُؤُه وإِشراقُه، إِما أَن يَكُونَ مَنْسُوبًا إِلى الدُّرّ بِصَفَائِهِ وَنَقَائِهِ، وإِما أَن يَكُونَ مُشَبَّهًا بِالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبْرَةَ:
كلُّ يَنُوءُ بماضِي الحَدِّ ذِي شُطَبٍ
…
عَضْبٍ، جَلا القَيْنُ عَنْ دُرِّيِّه الطَّبَعَا
وَيُرْوَى عَنْ ذَرِّيِّه يَعْنِي فِرِنْدَهُ مَنْسُوبٌ إِلى الذَّرِّ الَّذِي هُوَ النَّمْلُ الصِّغَارُ، لأَن فِرِنْدَ السَّيْفِ يُشَبَّهُ بِآثَارِ الذَّرِّ؛ وَبَيْتُ دُرَيْد يُرْوَى عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا:
وتُخْرِجُ مِنْهُ ضَرَّةُ القَوْمِ مَصْدَقاً،
…
وطُول السُّرَى دُرِّيَّ عَضْب مُهَنَّدِ
وذَرِّيَّ عَضْبٍ. ودَرَرُ الطَّرِيقِ: قَصْدُهُ وَمَتْنُهُ، وَيُقَالُ: هُوَ عَلَى دَرَرِ الطَّرِيقِ أَي عَلَى مَدْرَجَتِه، وَفِي الصِّحَاحِ: أَي عَلَى قَصْدِهِ. وَيُقَالُ: دَارِي بِدَرَر دَارِك أَي بِحِذَائِهَا. إِذا تَقَابَلَتَا، وَيُقَالُ: هُمَا عَلَى دَرَرٍ وَاحِدٍ، بِالْفَتْحِ، أَي عَلَى قَصْدٍ وَاحِدٍ. ودَرَرُ الرِّيحِ: مَهَبُّها؛ وَهُوَ دَرَرُك أَي حِذاؤك وقُبالَتُكَ. وَيُقَالُ: دَرَرَك أَي قُبالَتَكَ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
كانَتْ مَنَاجِعَها الدَّهْنَا وجانِبُها،
…
والقُفُّ مِمَّا تَرَاهُ فَوْقَه دَرَرَا
واسْتَدَرَّتِ المِعْزَى: أَرادت الْفَحْلَ. الأُمَوِيُّ: يُقَالُ لِلْمِعْزَى إِذا أَرادت الْفَحْلَ: قَدِ اسْتَدَرَّت اسْتِدْراراً، وللضأْن: قَدِ اسْتوْبَلَتِ اسِتيبالًا، وَيُقَالُ أَيضاً: اسْتَذْرَتِ المِعْزَى اسْتِذْرَاءً مِنَ الْمُعْتَلِّ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. والدَّرُّ: النَّفْسُ، وَدَفَعَ اللَّهُ عَنْ دَرِّه أَي عَنْ نَفْسه؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ. ودَرٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
أَلا يَا لَهْفَ نَفْسِي بعدَ عَيْشٍ
…
لَنَا، بِجُنُوبِ دَرَّ فَذي نَهِيقِ
والدَّرْدَرَةُ: حِكَايَةُ صَوْتِ الْمَاءِ إِذا انْدَفَعَ فِي بُطُونِ الأَودية. والدُّرْدُورُ: مَوْضِعٌ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ يَجِيشُ ماؤُه لَا تَكَادُ تَسْلَمُ مِنْهُ السَّفِينَةُ؛ يُقَالُ: لَجَّجُوا فَوَقَعُوا فِي الدُّرْدُورِ. الْجَوْهَرِيُّ: الدُّرْدُور الْمَاءُ الَّذِي يَدُورُ وَيُخَافُ مِنْهُ الْغَرَقُ. والدُّرْدُرُ: مَنْبِتُ الأَسنان عَامَّةً، وَقِيلَ: مَنْبِتُهَا قَبْلَ نَبَاتِهَا وَبَعْدَ سُقُوطِهَا، وَقِيلَ: هِيَ مَغَارِزُهَا مِنَ الصَّبِيِّ، وَالْجَمْعُ الدَّرَادِر؛ وَفِي الْمَثَلِ: أَعْيَيْتِني بأُشُرٍ فَكَيْفَ أَرجوك بِدُرْدُرٍ؟ قَالَ أَبو زَيْدٍ: هَذَا رَجُلٌ يُخَاطِبُ امرأَته يَقُولُ: لَمْ تَقْبَلِي الأَدَبَ وأَنت شَابَّةٌ ذَاتُ أُشُرٍ فِي ثَغْرِكِ، فَكَيْفَ الْآنَ وَقَدْ أَسْنَنْتِ حَتَّى بَدَتْ دَرَادِرُكِ، وَهِيَ مَغَارِزُ الأَسنان؟. ودَرِدَ الرجلُ إِذا سَقَطَتْ أَسنانه وَظَهَرَتْ دَرادِرُها، وَجَمْعُهُ الدُّرُدُ، وَمِثْلُهُ: أَعْيَيْتَني مِنْ شُبَّ إِلى دُبَّ أَي مِنْ لَدُنْ شَبَبْتَ إِلى أَن دَبَبْتَ. وَفِي حَدِيثِ ذِي الثُدَيَّةِ المقتولِ بالنَّهْروان: كَانَتْ لَهُ ثُدَيَّةٌ مِثْلَ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ أَي تَمَزْمَزُ وتَرَجْرَج تَجِيءُ وَتَذْهَبُ، والأَصل تَتَدَرْدَرُ فَحَذَفَتْ إِحدى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا؛ وَيُقَالُ للمرأَة إِذا كَانَتْ عَظِيمَةَ الأَليتين فإِذا مَشَتْ رَجَفَتَا: هِيَ تُدَرْدِرُ؛ وأَنشد:
أُقْسِمُ، إِن لَمْ تأْتِنا تَدَرْدَرُ،
…
لَيُقْطَعَنَّ مِنْ لِسانٍ دُرْدُرُ
قَالَ: والدُّرْدُرُ هَاهُنَا طَرف اللِّسَانِ، وَيُقَالُ: هُوَ أَصل اللِّسَانِ، وَهُوَ مَغْرِز السِّنِّ فِي أَكثر الْكَلَامِ. ودَرْدَرَ البُسْرَةَ: دَلَكَهَا بدُرْدُرِه ولاكَها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الْعَرَبِ وَقَدْ جَاءَهُ الأَصمعي: أَتيتني وأَنا أُدَرْدِرُ بُسْرَة. ودَرَّايَةُ: مِنْ أَسماء النِّسَاءِ. والدَّرْدَارُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ «4» مَعْرُوفٌ. وَقَوْلُهُمْ: دُهْ دُرَّيْنِ وسعدُ القَيْنُ، مِنْ أَسماء الْكَذِبِ وَالْبَاطِلِ، وَيُقَالُ: أَصله أَن سَعْدَ القَيْنَ
(4). قوله: [ضرب من الشجر] ويطلق أَيضاً على صوت الطبل كما في القاموس
كَانَ رَجُلًا مِنَ الْعَجَمِ يَدُورُ فِي مَخَالِيفِ الْيَمَنِ يَعْمَلُ لَهُمْ، فإِذا كَسَدَ عَمَلُهُ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: دُهْ بَدْرُودْ، كأَنه يودِّع الْقَرْيَةَ، أَي أَنا خَارِجٌ غَدًا، وإِنما يَقُولُ ذَلِكَ ليُسْتَعْمَلَ، فَعَرَّبَتْهُ الْعَرَبُ وَضَرَبُوا بِهِ الْمَثَلَ فِي الْكَذِبِ. وَقَالُوا: إِذا سمعتَ بِسُرَى القَيْن فإِنه مُصَبِّحٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا الْمَثَلِ مَا رَوَاهُ الأَصمعي وَهُوَ: دُهْدُرَّيْنِ سَعْدُ القَيْنُ، مِنْ غَيْرِ وَاوِ عَطْفٍ وَكَوْنُ دُهْدُرَّيْنِ مُتَّصِلًا غَيْرَ مُنْفَصِلٍ، قَالَ أَبو عَلِيٍّ: هُوَ تَثْنِيَةُ دُهْدُرٍّ وَهُوَ الْبَاطِلُ، وَمِثْلُهُ الدُّهْدُنُّ فِي اسْمِ الْبَاطِلِ أَيضاً فَجَعَلَهُ عَرَبِيًّا، قَالَ: وَالْحَقِيقَةُ فِيهِ أَنه اسْمٌ لِبَطَلَ كَسَرْعانَ وهَيهاتَ اسْمٌ لِسَرُعَ وَبَعُدَ، وسَعْدُ فَاعِلٌ بِهِ والقَيْنُ نَعْتُه، وَحُذِفَ التَّنْوِينُ مِنْهُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تأْويله بَطَلَ قَوْلُ سَعْدِ القَيْنِ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى مَا فَسَّرَهُ أَبو عَلِيٍّ: أَن سَعْدَ القَيْنَ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَن يَنْزِلَ فِي الْحَيِّ فيُشِيع أَنه غَيْرُ مُقِيمٍ، وأَنه فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ يَسْرِي غَيْرَ مُصَبِّحٍ لِيُبَادِرَ إِليه مَنْ عِنْدَهُ مَا يَعْمَلُهُ وَيُصْلِحُهُ لَهُ، فَقَالَتِ الْعَرَبُ: إِذا سمعتَ بِسُرَى القَيْنِ فإِنه مُصَبِّح؛ وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: دُهْدُرَّينِ سَعْدَ القَيْنَ، بِنَصْبِ سَعْدٍ، وَذَكَرَ أَن دُهْدُرَّيْنِ مَنْصُوبٌ عَلَى إِضمار فِعْلٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ يَقْضِي أَن دُهْدُرَّين اسْمٌ لِلْبَاطِلِ تَثْنِيَةُ دُهْدُرٍّ وَلَمْ يَجْعَلْهُ اسْمًا لِلْفِعْلِ كَمَا جَعَلَهُ أَبو عَلِيٍّ، فكأَنه قَالَ: اطْرَحُوا الْبَاطِلَ وسَعْدَ القَيْنَ فَلَيْسَ قَوْلُهُ بِصَحِيحٍ، قَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ قَوْمٌ كَمَا رَوَاهُ الْجَوْهَرِيُّ مُنْفَصِلًا فَقَالُوا دُهْ دُرَّيْنِ وَفُسِّرَ بأَن دُهْ فِعْلُ أَمر مِنَ الدَّهاءِ إِلَّا أَنه قُدِّمَتِ الْوَاوُ الَّتِي هِيَ لَامُهُ إِلى مَوْضِعِ عَيْنِهِ فَصَارَ دُوهْ، ثُمَّ حُذِفَتِ الْوَاوُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فَصَارَ دُهْ كَمَا فَعَلْتَ فِي قُلْ، ودُرَّيْنِ مِنْ دَرَّ يَدِرُّ إِذا تَتَابَعَ، وَيُرَادُ هَاهُنَا بِالتَّثْنِيَةِ التَّكْرَارُ، كَمَا قَالُوا لَبَّيْك وحَنَانَيْكَ ودَوَالَيْكَ، وَيَكُونُ سَعْدُ القَيْنُ مُنَادًى مَفْرَدًا وَالْقَيْنُ نَعْتُهُ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: بالغْ فِي الدَّهاء وَالْكَذِبِ يَا سَعْدُ القَيْنُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْقَوْلُ حَسَنٌ إِلَّا أَنه كَانَ يَجِبُ أَن تُفْتَحَ الدَّالُ مِنْ دُرَّين لأَنه جَعَلَهُ مِنْ دَرَّ يَدِرُّ إِذا تَتَابَعَ، قَالَ: وَقَدْ يُمْكِنُ أَن يَقُولَ إِن الدَّالَ ضُمَّتْ للإِتباع إِتباعاً لِضَمَّةِ الدَّالِ مِنْ دُهْ، وَاللَّهُ تعالى أَعلم.
دزر: ابْنُ الأَعرابي: الدَّزْرُ الدَّفْعُ؛ يُقَالُ: دَزَرَهُ ودَسَرَه ودفعه بمعنى واحد.
دسر: الدَّسْرُ: الطَّعْنُ والدَّفْعُ الشَّدِيدُ، يُقَالُ: دَسَرَه بِالرُّمْحِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَنْ ذِي قَدَامِيسَ كَهامٍ قد دَسَرْ
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: إِن أَخوف مَا أَخاف عَلَيْكُمْ أَن يُؤْخَذَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ الْبَرِيءُ عِنْدَ اللَّهِ فَيُدْسَرَ كَمَا يُدْسَرُ الجَزُورُ
؛ الدَّسْرُ: الدَّفْعُ، أَي يُدْفَعَ ويُكَبَّ للقتل ما يُفْعَلُ بِالْجَزُورِ عِنْدَ النَّحْرِ، وَفِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ أَنه قَالَ لسِنان بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ: كَيْفَ قَتَلَتَ الْحُسَيْنَ؟ قَالَ: دَسَرْتُه بِالرُّمْحِ دَسْراً وهَبَرْتُه بِالسَّيْفِ هَبْراً أَي دَفَعْتُهُ دَفْعاً عَنِيفًا، فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: أَما وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِي الْجَنَّةِ أَبداً. ابْنُ سِيدَهْ: دَسَرَه يَدْسُرُه دَسْراً طَعَنَهُ وَدَفَعَهُ. والدَّسْرُ أَيضاً فِي البُضْعِ، يُقَالُ: دَسَرَها بأَيرِه. ودَسَرَت السفينةُ الماءَ بِصَدْرِهَا: عَانَدَتْهُ، والدِّسارُ: خَيْطٌ مِنْ لِيفٍ يُشَدُّ بِهِ أَلواحها، وَقِيلَ: هُوَ مِسْمَارُهَا، وَالْجَمْعُ دُسُرٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ
، ودُسْرٍ أَيضاً مِثْلَ عُسُرٍ وعُسْرٍ؛ وَقَالَ بِشْرٌ:
مُعَبَّدَة السَّقَائفِ ذَاتُ دُسْرٍ،
…
مُضَبَّرَة، جَوانِبُها رَدَاحُ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَسُئِلَ عَنْ زَكَاةِ الْعَنْبَرِ فَقَالَ: إِنما هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ
أَي دَفَعَهُ مَوْجُ الْبَحْرِ وأَلقاه إِلى الشَّطِّ
فَلَا زَكَاةَ فِيهِ.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: رَفَعَها بِغَيْرِ عَمَدٍ يَدْعَمُها وَلَا دِسارٍ يَنْتَظِمُها
؛ الدِّسارُ: المِسْمارُ، وَجَمْعُهُ دُسُرٌ، وَقَدْ دَسَرَ بِهِ دَسْراً، وَكُلُّ مَا سُمِّرَ، فَقَدْ دُسِرَ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الدُّسُرُ مَسَامِيرُ السَّفِينَةِ وشُرُطُها الَّتِي تُشَدُّ بِهَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ نَحْوَ السَّمْرِ وإِدخال شَيْءٍ فِي شَيْءٍ بقوَّة، فَهُوَ الدَّسْرُ. يُقَالُ: دَسَرْتُ الْمِسْمَارَ أَدْسُرُه وأَدْسِرُهُ دَسْراً. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الدَّسْرُ إِصلاح السَّفِينَةِ؛ وَقِيلَ: الدَّسْرُ خَرْزُ السَّفِينَةِ، وَقِيلَ: هِيَ السَّفِينَةُ نَفْسُهَا تَدْسُرُ الْمَاءَ بِصَدْرِهَا أَي تَدْفَعُهُ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
ضَرباً هذاذَيْكَ وطَعْناً مِدسَرَا
وَيُقَالُ: الدِّسارُ الشَّريط مِنَ اللِّيفِ الَّذِي يُشَدُّ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. وَرَجُلٌ مِدْسَرٌ. والدَّوْسَرُ: الذَّكَرُ الضَّخْمُ الشَّدِيدُ. وكَتِيبَةٌ دَوْسَرٌ ودَوْسَرَةٌ: مُجْتَمِعَةٌ. ودَوْسَرٌ: كَتِيبَةٌ لِلنُّعْمَانِ اشْتُقَّتْ مِنْ ذَلِكَ. وجَمَلٌ دَوْسَرٌ ودَوْسريٌّ ودَوْسَرَانِيٌّ ودُوَاسِرِيٌّ: ضَخْمٌ شَدِيدٌ مُجْتَمِعِ ذُو هَامَةٍ وَمَنَاكِبَ، والأُنثى دَوْسَرٌ ودَوْسَرَةٌ؛ قَالَ عُدَيٌّ:
وَلَقَدْ عَدَّيْتُ دَوْسَرَةً،
…
كَعَلَاةِ القَيْنِ، مِذْكارا
وَقِيلَ: الدَّوْسَرُ النُّوقُ الْعَظِيمَةُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الدَّوْسَرِيُّ القويُّ مِنَ الإِبل. ودَوْسَرٌ: اسْمُ فَرَسٍ؛ قَالَ:
لَيْسَتْ مِنِ الفِرْقِ البِطاءِ دَوْسَرُ،
…
قَدْ سَبَقَتْ قَيْساً، وأَنتَ تَنْظُرُ
أَراد: قَدْ سَبَقَتْ خَيْلَ قَيْسٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا أَنشده يَعْقُوبُ الفِرْقِ البِطاءِ وَالْمَعْرُوفُ مِنَ الفُرْقِ. والدُّوَاسِرُ: الْمَاضِي الشَّدِيدُ. والدَّوْسَرُ: الْقَدِيمُ. والدَّوْسَرُ الزُّوَانُ فِي الْحِنْطَةِ، وَاحِدَتُهُ دَوْسَرَةٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الدَّوْسَرُ نَبَاتٌ كَنَبَاتِ الزَّرْعِ غَيْرَ أَنه يُجَاوِزُ الزَّرْعَ فِي الطُّولِ وَلَهُ سُنْبُلٌ وَحَبٌّ دَقِيقٌ أَسمر. ودَوْسَرٌ: اسْمُ كَتِيبَةٍ كَانَتْ لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ؛ وأَنشد لِلْمِثْقَبِ الْعَبْدِيِّ يَمْدَحُ عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ وَكَانَ نَصَرَهُمْ عَلَى كَتِيبَةِ النُّعْمَانِ:
كُلُّ يَوْمٍ كانَ عَنَّا جَلَلًا،
…
غَيرَ يَومِ الحِنْوِ مِنْ جَنَبيْ قَطَرْ
ضَرَبَتْ دَوْسَرُ فِيهِ ضَرْبَةً،
…
أَثْبَتَتْ أَوْتادَ مُلْكٍ فاسْتَقَرْ
فَجَزَاهُ اللهُ مِنْ ذِي نِعْمَةٍ،
…
وجَزاهُ اللهُ، إِنْ عَبْدٌ كَفَرْ
وَهَذَا الشِّعْرُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ:
ضَرَبَتْ دَوْسَرُ فِيهِمْ ضَرْبَةً
وَصَوَابُهُ: دَوْسَرُ فِيهِ لأَنه عَائِدٌ عَلَى يَوْمِ الحِنْوِ. والجَلَلُ: مِنَ الأَضداد يَكُونُ الْحَقِيرَ وَالْعَظِيمَ، وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ الْحَقِيرُ. وقَطَرُ: قَصَبَةُ عُمَانَ. وَبَنُو سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ كَانَتْ تُلَقَّبُ في الجاهلية دَوْسَر.
دسكر: الدَّسْكَرَةُ: بِنَاءٌ كالقَصْرِ حَوْلَهُ بُيُوتٌ للأَعاجم يَكُونُ فِيهَا الشَّرَابُ وَالْمَلَاهِي؛ قَالَ الأَخطل:
فِي قِبابٍ عِنْدَ دَسْكَرَةٍ،
…
حَوْلَهَا الزَّيتونُ قَدْ يَنَعا
وَالْجَمْعُ الدَّساكِرُ؛ قَالَ اللَّيْثُ: يَكُونُ لِلْمُلُوكِ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سُفْيَانَ وَهِرَقْلَ: أَنه أَذن لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ
؛ الدَّسْكَرَةُ: بِنَاءٌ عَلَى هَيْئَةِ الْقَصْرِ فِيهِ مُنَازِلُ وَبُيُوتٌ لِلْخَدَمِ وَالْحَشَمِ، وَلَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ مَحْضَةٍ. والدَّسْكَرَةُ: الصَّوْمَعَةُ؛ عَنْ أَبي عمرو.
دطر: الأَزهري فِي الثُّلَاثِيِّ الصَّحِيحِ: أَما دَطَرَ فإِن ابْنَ المُظَفَّرِ أَهمله؛ قَالَ: ووجدت لأَبي عمر الشيباني فِيهِ حَرْفًا رَوَاهُ ابْنُهُ عَمْرٌو عَنْهُ فِي بَابِ السَّفِينَةِ، قَالَ: الدَّوْطِيرَةُ كَوْثَلُ السفينة.
دعر: دَعِرَ العُودُ، بِالْكَسْرِ، دَعَراً، فَهُوَ دَعِرٌ: دَخَّنَ فَلَمْ يَتَّقِدْ وَهُوَ الرَّدِيءُ الدُّخَانِ، وَمِنْهُ اتُّخِذَتِ الدَّعارَةُ، وَهِيَ الفِسْقُ. وعُودٌ دَعِرٌ أَي كَثِيرُ الدُّخَانِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: عُودٌ دُعَرٌ، وَقِيلَ: الدَّعِرُ مَا احْتَرَقَ مِنْ حَطَبٍ أَو غَيْرِهِ فَطَفِئَ قَبْلَ أَن يَشْتَدَّ احْتِرَاقُهُ، وَالْوَاحِدَةُ دَعِرَةٌ. وَقَالَ شِمْرٌ: الْعُودُ النَّخِرُ الَّذِي إِذا وُضِعَ عَلَى النَّارِ لَمْ يَسْتَوْقِدْ ودَخِنَ فَهُوَ دَعِرٌ؛ وأَنشد لِابْنِ مُقْبِلٍ:
باتَتْ حَوَاطِبُ لَيْلَى يَلْتَمِسْنَ لَهَا
…
جَزْلَ الجِذَى، غيرَ خَوَّارٍ وَلَا دَعِرِ
وَقِيلَ: الدَّعِرُ مِنَ الْحَطَبِ الْبَالِي. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِكُلِّ حَطَبٍ يَعْثَنُ إِذا اسْتَوْقَدَ: دَعِرٌ. ودَعِرَ العُودُ دَعَراً، فَهُوَ دَعِرٌ: نَخِرَ. وَحَكَى الغَنَوِيُّ: عُودٌ دُعَرٌ مِثَالُ صُرَدٍ؛ وأَنشد:
يَحْمِلْنَ فَحْماً جَيِّداً غَيْرَ دُعَرْ،
…
أَسْوَدَ صَلَّالًا كأَعيْانِ البَقَرْ
وزَنْدٌ دُعَرٌ: قُدِحَ بِهِ مِرَارًا حَتَّى احْتَرَقَ طَرَفُهُ فَلَمْ يُور. وَيُقَالُ: هَذَا زَنْدٌ دُعَرٌ إِذا لَمْ يور؛ وأَنشد:
مُؤْتَشِبٌ يَكْبُو به زَنْدٌ دُعَرْ
وَفِي الصِّحَاحِ: زَنْدٌ أَدْعَرُ. وَيُقَالُ لِلنَّخْلَةِ إِذا لَمْ تَقْبَلِ اللِّقَاحَ: نَخْلَةٌ داعِرَةٌ وَنَخِيلٌ مَدَاعِير فَتُزَادُ تَلْقِيحًا وَتَنْحَقُّ، قَالَ: وَتَنْحِيقُهَا أَن يُوطأَ عَسَقُها حَتَّى يَسْتَرخِيَ فَذَلِكَ دَوَاؤُهَا. وَيُقَالُ لِلَوْنِ الْفِيلِ: المُدَعَّرُ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: والمُدَعَّرُ اللَّوْنُ الْقَبِيحُ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ. ودَعِرَ الرَّجُلُ ودَعَرَ دَعَارَةً: فَجَر ومَجَرَ، وَفِيهِ دَعارَةٌ ودَعَرَةٌ ودِعارَةٌ. وَرَجُلٌ دُعَرٌ ودُعَرَةٌ: خَائِنٌ يَعِيبُ أَصحابه؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
فَلَا أَلْفَيَنْ دُعَراً دَارِيا،
…
قَدِيمَ العَداوَةِ والنَّيْرَبِ
ويُخْبِرُكُمْ أَنهُ ناصِحٌ،
…
وَفِي نُصْحِهِ ذَنَبُ العَقْرَبِ
وَقِيلَ: الدُّعَرُ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: دَعِرَ الرجلُ دَعَراً إِذا كَانَ يَسْرِقُ وَيَزْنِي وَيُؤْذِي النَّاسَ، وَهُوَ الدَّاعِرُ. والدَّعَّارُ: الْمُفْسِدُ. والدَّعَرُ: الفسادُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الغِلْظَةَ والشّدَّةَ عَلَى أَعدائك وأَهل الدَّعارَةِ وَالنِّفَاقِ
؛ الدَّعارَةُ: الفسادُ وَالشَّرِّ. وَرَجُلٌ دَاعِرٌ: خَبِيثٌ مُفْسِدٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ فِي بَنِي إِسرائيل رَجُلٌ دَاعِرٌ
؛ وَيُجْمَعُ عَلَى دُعَّارٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: فَأَين دُعَّارُ طَيء
، وأَراد بِهِمْ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ. قَالَ أَبو المِنْهالِ: سأَلت أَبا زَيْدٍ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: مَا لَكَ وَلِهَذَا؟ هُوَ كَلَامُ المَداعِيرِ. والدَّعْرَةُ: القادِحُ وَالْعَيْبُ. وَرَجُلٌ دُعَرَةٌ: فِيهِ ذَلِكَ، وَحَكَاهُ كُرَاعٌ ذُعْرَة، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ، وذُعَرَةٌ؛ قَالَ: وَالْجَمْعُ ذُعَرَاتٌ، قَالَ: فأَما الدَّاعِرُ، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، فَهُوَ
الْخَبِيثُ. والدَّعارَةُ: الْفِسْقُ وَالْفُجُورُ والخُبْثُ؛ والمرأَة دَاعِرَةٌ. ودَاعِرٌ: اسْمُ فَحْلٍ مُنْجِبٍ تُنْسَبُ إِليه الدَّاعِرِيَّةُ مِنَ الإِبل.
دعثر: الدَّعْثَرُ: الأَحمق. ودُعْثُورُ كُلِّ شَيْءٍ: حُفْرَتُه. والدُّعْثُورُ: الْحَوْضُ الَّذِي لَمْ يُتَنَوَّقْ فِي صَنْعَتِه وَلَمْ يُوَسَّعْ، وَقِيلَ: هُوَ المهَدَّمُ؛ قَالَ:
أَكُلَّ يَوْمٍ لَكِ حَوْضٌ مَمْدُورْ؟
…
إِنَّ حِياضَ النَّهَلِ الدَّعاثِيرْ
يَقُولُ: أَكلَّ يَوْمٍ تَكْسِرِينَ حَوْضَكِ حَتَّى يُصْلَحَ؟ وَالدَّعَاثِيرُ: مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْحِيَاضِ. والجَوَابي والمَرَاكِي إِذا تَكَسَّرَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَهُوَ دُعْثُور. وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: الدُّعْثُورُ يُحْفَرُ حَفْرًا وَلَا يُبْنَى إِنما يَحْفِرُهُ صَاحِبُ الأَوّل يومَ وِرْدِه. والدَّعْثَرَةُ: الهَدْمُ. والمُدَعْثَرُ: الْمَهْدُومُ. والدُّعْثُورُ: الْحَوْضُ المُثَلَّمُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَجَلْ جَيْرِ إِن كَانَتْ أُبيحَتْ دَعاثِرُهْ
وَكَذَلِكَ الْمَنْزِلُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مِنْ مَنْزِلاتٍ أَصْبَحَتْ دَعاثِرَا
أَراد دَعَاثِيرًا فَحَذَفَ لِلضَّرُورَةِ. وَقَدْ دَعْثَرَ الحوضَ وَغَيْرَهُ: هَدَمَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقْتُلُوا أَولادكم سِرًّا، إِنه لَيُدْرِكُ الفارسَ فَيُدَعْثِرُهُ
؛ أَي يَصْرَعُهُ ويُهْلِكُه يَعْنِي إِذا صَارَ رَجُلًا؛ قَالَ: وَالْمُرَادُ النَّهْيُ عَنِ الغِيلَةِ، وَهُوَ أَن يُجَامِعَ الرَّجُلُ المرأَة وَهِيَ مُرْضِعٌ فَرُبَّمَا حَمَلَتْ، وَاسْمُ ذَلِكَ اللَّبَنِ الغَيْلُ، بِالْفَتْحِ، فإِذا حَمَلَتْ فَسَدَ لَبَنُهَا؛ يُرِيدُ أَن مِنْ سُوءِ أَثره فِي بَدَنِ الطِّفْلِ وإِفساد مِزَاجِهِ وإِرخاء قُوَاهُ أَن ذَلِكَ لَا يَزَالُ مَاثِلًا فِيهِ إِلى أَن يَشْتَدَّ وَيَبْلُغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ، فإِذا أَراد مُنَازَلَةَ قِرْنٍ فِي الْحَرْبِ وَهَنَ عَنْهُ وَانْكَسَرَ، وَسَبَبُ وَهْنِهِ وَانْكِسَارِهِ الغَيْلُ. وأَرض مُدَعْثَرَةٌ: موطوءَة. وَمَكَانٌ دِعْثارٌ: قَدْ سَوَّسَهُ الضَّبُّ وحَفَرَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
إِذا مُسْلَحِبٌّ، فَوْقَ ظَهْرِ نَبِيثَةٍ،
…
يُجِدُّ بِدعْثارٍ حَدِيثٍ دَفِينُها
قَالَ: الضَّب يَحْفِرُ مِنْ سَرَبه كُلَّ يَوْمٍ فَيُغَطِّي نَبِيثَةَ الأَمس، يَفْعَلُ ذَلِكَ أَبداً. وجَمَلٌ دِعَثْرٌ: شَدِيدٌ يُدَعْثِرُ كُلَّ شَيْءٍ أَي يَكْسِرُهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
قَدْ أَقْرَضَتْ حَزْمَةُ قَرْضاً عَسْرَا،
…
مَا أَنْسَأَتْنَا مُذْ أَعارَتْ شَهْرَا
حَتَّى أَعَدَّتْ بازِلًا دِعَثْرَا،
…
أَفْضَلَ مِنْ سَبْعِينَ كَانَتْ خُضْرَا
وَكَانَ قَدِ اقْتَرَضَ مِنِ ابْنَتِهِ حَزْمَةَ سَبْعِينَ دِرْهَمًا للمُصَدِّقِ فأَعطته ثُمَّ تَقَاضَتْهُ فقضاها بكراً.
دعكر: ادْعَنْكَرَ السَّيْلُ: أَقبل وأَسرع وادْعَنْكَرَ عَلَيْهِ، بِالْفَتْحِ: انْدَرَأَ؛ قَالَ:
قَد ادْعَنْكَرَتْ، بالفُحْشِ والسُّوءِ والأَذَى،
…
أُمَيَّتُها ادْعِنْكارَ سَيلٍ عَلَى عَمْرِو.
وادْعَنكَرَ عَلَيْهِمْ بالفُحْشِ إِذا انْدَرَأَ عَلَيْهِمْ بِالسُّوءِ. وَرَجُلٌ دَعَنْكَرانُ: مُدْعَنْكِرٌ. وَرَجُلٌ دَعَنْكَرٌ: مُنْدَرِئٌ على الناس.
دعسر: الدَّعْسَرَةُ: الخِفَّةُ والسُّرْعَةُ.
دغر: دَغَرَ عَلَيْهِ يَدْغَرُ دَغَراً ودَغْرَى كَدَعْوَى: اقْتَحَمَ مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ، وَالِاسْمُ الدَّغَرَى. وَزَعَمُوا أَن امرأَة قَالَتْ لِوَلَدِهَا: إِذا رأَت العينُ العينَ فَدَغْرَى وَلَا صَفَّى، ودَغْرَ لَا صَفَّ، ودَغْراً لَا صَفّاً مِثْلُ عَقْرى وحَلْقَى وعَقْراً وحَلْقاً؛ تَقُولُ: إِذا
رأَيتم عَدُوَّكُمْ فادْغَرُوا عَلَيْهِمْ أَي اقْتَحِمُوا وَاحْمِلُوا وَلَا تُصَافُّوهُمْ؛ وصَفَّى مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي فِي آخِرِهَا أَلف التأْنيث نَحْوَ دَعْوَى مِنْ قَوْلِ بُشَيْرِ بْنِ النِّكْثِ:
وَلَّتْ ودَعْوَى مَا شَدِيدٌ صَخَبُهْ
ودَغَرَ عَلَيْهِ: حَمَلَ. والدَّغْرُ أَيضاً: الْخَلْطُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَرُوِيَ هَذَا الْمَثَلُ: دَغْراً وَلَا صَفاً أَي خَالِطُوهُمْ وَلَا تَصافُوهم مِنَ الصَّفَاء. ابْنُ الأَعرابي: المَدْغَرَةُ الْحَرْبُ العَضُوضُ الَّتِي شِعارها دَغْرَى، وَيُقَالُ: دَغْراً. والدَّغْرُ: غَمْزُ الحَلقِ مِنَ الْوَجَعِ الَّذِي يُدْعَى العُذْرَةَ. ودَغَرَ الصَّبِيَّ يَدْغَرُه دَغْراً: وَهُوَ رَفْعُ وَرَمٍ فِي الْحَلْقِ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِلنِّسَاءِ: لَا تُعَذِّبْنَ أَولادكن بالدَّغْرِ
؛ وَهُوَ أَن تَرْفَعَ لَهَاةَ الْمَعْذُورِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الدَّغْرُ غَمْزُ الحَلْقِ بالأُصبع، وَذَلِكَ أَن الصَّبِيَّ تأْخذه العُذْرَةُ، وَهُوَ وَجَعٌ يَهِيجُ فِي الْحَلْقِ مِنَ الدَّمِ، فَتَدْخُلُ المرأَة أُصبعها فَتَرْفَعُ بِهَا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وتَكْبِسُه، فإِذا رَفَعَتْ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بأُصبعها قِيلَ: دَغَرَتْ تَدْغَرُ دَغْراً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
قَالَ لأُم قَيْسٍ بنتِ مِحْصَنٍ: عَلامَ تَدْغَرْنَ أَولادكن بِهَذِهِ العُلُقِ؟
والدَّغْرُ: تَوَثُّبُ المُخْتَلِس ودَفْعُه نَفْسَه عَلَى الْمَتَاعِ لِيَخْتَلِسَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: لَا قَطْعَ فِي الدَّغْرَةِ
، وَهِيَ الخَلْسَةُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهُوَ عِنْدِي مِنَ الدَّفْعِ أَيضاً لأَن الْمُخْتَلِسَ يَدْفَعُ نَفْسَهُ عَلَى الشَّيْءِ لِيَخْتَلِسَهُ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ لَا قَطْعَ فِي الدَّغْرَةِ: هُوَ أَن يملأَ يَدَهُ مِنَ الشَّيْءِ يَسْتَلِبُهُ. والدَّغْرَةُ: أَخذ الشَّيْءِ اخْتِلَاسًا، وأَصل الدَّغْرِ الدفْعُ. وَفِي خُلُقِهِ دَغَرٌ أَي تَخَلُّفٌ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: كأَنه اسْتِسْلَامٌ؛ «5» . قَالَ:
وَمَا تَخَلَّفَ مِنْ أَخْلاقِهِ دَغَرُ
والدَّغْرُ: سُوءُ غِذَاءِ الْوَلَدِ وأَن تُرْضِعَهُ أُمُّه فَلَا تَرْوِيهِ فَيَبْقَى مُسْتَجِيعًا يَعْتَرِضُ كُلَّ مَنْ لَقِيَ فيأْكل ويَمَصُّ، ويُلْقَى عَلَى الشَّاةِ فَيَرْضَعُها، وَهُوَ عَذَابُ الصَّبِيِّ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِيمَا رَدَّ عَلَى أَبي عُبَيْدٍ: الدَّغْرُ فِي الْفَصِيلِ أَن لَا تَرْوِيَهُ أُمُّه فَيَدْغَرَ فِي ضَرْعِ غَيْرِهَا،
فَقَالَ، عليه الصلاة والسلام: لَا تُعَذِّبْنَ أَولادكُنَّ بالدَّغْرِ وَلَكِنَّ أَرْوينَهُمْ لِئَلَّا يَدْغَروا فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَيَسْتَجِيعُوا
؛ وإِنما أَمر بإِرواءِ الصِّبْيَانِ مِنَ اللَّبَنِ. قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ مَا قَالَ أَبو عُبَيْدٍ وَقَدْ جاءَ فِي الْحَدِيثِ مَا دَلَّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ. والدَّغْرُ: الوُجور. ودَغَرَهُ أَي ضَغَطَهُ حَتَّى مَاتَ، ولونٌ مُدَغَّرٌ: قَبِيحٌ؛ قَالَ:
كَسا عامِراً ثَوْبَ الدَّمامَةِ رَبُّهُ،
…
كَمَا كُسِيَ الخِنْزيرُ ثَوْباً مُدَغَّرا
دغمر: الدَّغْمَرَةُ: الخَلْطُ. يُقَالُ: خُلُقٌ دُغْمُريٌّ ودَغْمَريٌّ. والدَّغْمَرَةُ: تَخْلِيطُ اللَّونِ والخُلْقِ؛ قَالَ رؤْبة:
إِذا امْرُؤٌ دَغْمَرَ لَوْنَ الأَدْرَنِ،
…
سَلَّمْتُ عِرْضاً لَوْنُه لَمْ يَدْكَنِ
الأَدْرَنُ: الوَسِخُ. ودَغْمَرَ: خَلَطَ. لَمْ يَدْكَنْ: لَمْ يَتَّسِخْ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي. وَرَجُلٌ دُغْمورٌ: سيء الثَّنَاءِ. وَرَجُلٌ مُدَغْمَرُ الخُلُقِ أَي لَيْسَ بِصَافِي الخُلُقِ. وخُلُقٌ دَغْمَرِيٌّ وَفِي خُلُقه دَغْمَرَةٌ أَي شَراسَةٌ ولُؤْمٌ؛ قال العجاج:
(5). قوله: [كأنه استسلام] في القاموس وشرحه: الدغر، بالتحريك، التخلف والاستلام بالهمز، هكذا في النسخ ومثله في التكملة وفي التهذيب الاستسلام وهو تحريف
لَا يَزْدهيني العَمَلُ المَقْزِيُّ،
…
وَلَا مِنَ الأَخْلاقِ دَغْمَرِيُ
والدَّغْمَرِيُّ: السَّيِءُ الخُلُق، وَكَذَلِكَ الذُّغْمُورُ، بِالذَّالِ، الحَقُودُ الَّذِي لَا ينحلُّ حِقْدُهُ. ودَغْمَرَ عَلَيْهِ الخَبَرَ: خلطه. والمُدَغْمَرُ: الخَفِيُّ.
دفر: الدَّفْرُ: الدَّفْعُ. دَفَرَ فِي عُنُقِهِ دَفْراً: دَفَعَ فِي صَدْرِهِ وَمَنَعَهُ؛ يَمَانِيَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: دفَرْتُه فِي قَفَاهُ دَفْراً أَي دُفَعْتُهُ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا؛ قَالَ يُدْفَرونَ فِي أَقفيتهم دَفْراً أَي دَفْعًا. والدَّفَرُ: وُقُوعُ الدُّودِ فِي الطَّعَامِ وَاللَّحْمِ. والدَّفَرُ: النَّتْنُ خَاصَّةً وَلَا يَكُونُ الطِّيبَ البتةَ. ابْنُ الأَعرابي: أَدْفَرَ الرجلُ إِذا فَاحَ رِيحُ صُنَانِهِ. غَيْرُهُ: الذَّفَرُ، بِالذَّالِ وَتَحْرِيكِ الْفَاءِ، شِدَّةُ ذَكَاءِ الرَّائِحَةِ، طَيِّبَةً كَانَتْ أَو خَبِيثَةً؛ وَمِنْهُ قِيلَ: مِسْك أَذْفَرُ، وَرَجُلٌ أَدْفَرُ ودَفِرٌ، الأَخيرة عَلَى النَّسَبِ لَا فِعْلَ لَهُ؛ قَالَ نَافِعُ بْنُ لَقِيطٍ الفَقْعَسِيُّ:
ومُؤَوْلِقٍ أَنْضَجْتُ كَيَّةَ رَأْسِه،
…
فَتَرَكْتُهُ دَفِراً كَريحِ الجَوْرَبِ
وامرأَة دَفْرَاءُ ودَفِرَةٌ. وَيُقَالُ للأَمة إِذا شُتِمَتْ: يَا دَفَارِ، مِثْلُ قَطَامِ، أَي يَا مُنْتِنَةُ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلَةَ: أَلْقِي إِلَيَّ ابْنَةَ أَخي يَا دَفارِ
أَي يَا مُنْتِنَةُ، وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَسْرِ وأَكثر مَا تَرِدُ فِي النِّدَاءِ. والدَّفْرُ وأُمُّ دَفْرٍ: مِنْ أَسماء الدَّوَاهِي. ودَفارِ وأُمُّ دَفارِ وأُمُّ دَفْرٍ، كُلُّهُ: الدُّنْيَا. ودَفْراً دَافِراً لِمَا يَجِيءُ بِهِ فُلَانٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ أَي نَتْناً. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا قَبَّحْتَ أَمْرَهُ: دَفْراً دَافِراً، وَيُقَالُ: دَفْراً لَهُ أَي نَتْناً. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الدَّفْرُ الذُّلُّ، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ
عُمَرَ، رضي الله عنه، لَمَّا سأَل كَعْبًا عَنْ وُلاةِ الأَمْرِ فأَخبره قَالَ: وَا دَفْرَاهُ
قيل: أَراد وَا ذُلَّاهْ، وأَما غَيْرُهُ فَفَسَّرَهُ بالنَّتْنِ أَي وا نَتْنَاه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ:
إِنما الحاجُّ الأَشْعَثُ الأَدْفَرُ الأَشْعَرُ
؛ والدَّفَرُ: النَّتِنُ، بِفَتْحِ الْفَاءِ، قَالَ: وَلَا أَعرف هَذَا الْفَرْقَ إِلَّا عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَمِنْهُ قِيلٌ لِلدُّنْيَا أُم دَفْرٍ.
دفتر: الدَّفْتَرُ والدِّفْتَرُ؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ حَكَاهُ عَنْهُ كُرَاعٌ: يَعْنِي جَمَاعَةَ الصُّحُفِ الْمَضْمُومَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: الدَّفْتَرُ وَاحِدُ الدَّفاتِر، وَهِيَ الكَرارِيسُ.
دقر: الدُّقْرَانُ: خَشَبٌ يَنْصَبُّ فِي الأَرض يُعَرَّشُ عَلَيْهِ الْكَرْمُ، وَاحِدَتُهُ دُقْرانَةٌ. والدَّوْقَرَةُ: بُقْعَةٌ تَكُونُ بَيْنَ الْجِبَالِ الْمُحِيطَةِ بِهَا لَا نَبَاتَ فِيهَا، وَهِيَ مِنْ مَنَازِلِ الْجِنِّ وَيُكْرَهُ النُّزُولُ بِهَا؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: هِيَ بُقْعَةٌ تَكُونُ بَيْنَ الْجِبَالِ فِي الْغِيطَانِ انْحَسَرَتْ عَنْهَا الشَّجَرُ، وَهِيَ بَيْضَاءُ صُلْبة لَا نَبَاتَ فِيهَا، وَالْجَمْعُ الدَّوَاقر. ودَقِرَ الرجلُ دَقَراً إِذا امتلأَ مِنَ الطَّعَامِ. ودَقِرَ أَيضاً: قَاءَ مِنَ المَلْءِ. ودَقِرَ هَذَا الْمَكَانُ: صَارَتْ فِيهِ رياضٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: دَقِرَ المكانُ نَدِيَ. ودَقِرَ النباتُ دَقَراً، فَهُوَ دَقِرٌ: كَثُرَ وَتَنَعَّمَ. ورَوْضَةٌ دَقَرَى: خَضْرَاءُ نَاعِمَةٌ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
زَبَنَتْكَ أَرْكانُ العَدُوّ، فأَصْبَحَتْ
…
أَجَأٌ وجُبَّةُ مِنْ قَرارِ دِيارِها
وكأَنَّها دَقَرَى تَخَيَّلُ، نَبْتُها
…
أُنُفٌ، يَغُمُّ الضَّالَ نَبْتُ بِحارِها
تَخَيَّلُ أَي تَلَوَّنُ بالنَّوْر فَتُرِيك رُؤْيا تُخَيِّلُ
إِليك أَنها لَوْنٌ ثُمَّ تَرَاهَا لَوْنًا آخَرَ، ثُمَّ قَطَعَ الْكَلَامَ الأَوّل وابتدأَ فَقَالَ: نَبْتُهَا أُنف فَنَبْتُهَا مبتدأٌ والأُنف خَبَرُهُ. والأُنُفُ: الَّتِي لَمْ تُرْعَ. وَيَغُمُّ: يَعْلُو وَيَسْتُرُ؛ يَقُولُ: نَبْتُهَا يَغُمُّ ضَالَّهَا. وَالضَّالُّ: السِّدْرُ البَرِّيّ. وَالْبِحَارُ: جَمْعُ بَحْرَةٍ، وَهِيَ الأَرض الْمُسْتَوِيَةُ الَّتِي لَيْسَ بِقُرْبِهَا جَبَلٌ. ابْنُ الأَعرابي: الدَّقْرُ الرَّوْضَةُ الْحَسْنَاءُ، وَهِيَ الدَّقَرَى. وأَرض دَقْرَاءُ: خَضْرَاءُ كَثِيرَةُ الْمَاءِ والنَّدَى مملوءَةٌ. ودَقَرَى: اسْمُ رَوْضَةٍ بِعَيْنِهَا. أَبو عَمْرٍو: هِيَ الدَّقَرَى والدَّقْرَةُ والدَّقيرَةُ. والوَدْفَةُ والوَدِيفَةُ: الرَّوْضَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: ودَقَرَى اسْمُ رَوْضَةٍ. والدَّقارِيرُ: الأُمورُ الْمُخَالِفَةُ، وَاحِدَتُهَا دُقْرُورَةٌ ودِقْرارَةٌ، والدِّقْرارَةُ: المخالفَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه أَمر رَجُلًا بِشَيْءٍ فَقَالَ لَهُ: قَدْ جئتَني بِدِقْرَارَةِ قَوْمِكَ
أَي بِمُخَالَفَتِهِمْ. والدِّقْرَارَةُ: الْحَدِيثُ المُفْتَعَلُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَفْتَرِي الدَّقارِيرَ أَي الأَكاذيب والفُحْشَ. وَيُقَالُ لِلْكَذِبِ الْمُسْتَشْنَعِ والأَباطيل: مَا جئتَ إِلَّا بالدَّقارِيرِ. ابْنُ الأَثير: فِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه، قَالَ لأَسْلَمَ مَولاه: أَخَذَتْكَ دِقْرَارَةُ أَهلك
؛ الدِّقْرَارَةُ وَاحِدَةُ الدَّقارِير، وَهِيَ الأَباطيل وعاداتُ السُّوءِ، أَراد أَن عَادَةَ السُّوءِ الَّتِي هِيَ عَادَةُ قَوْمِكَ وَهِيَ العدولُ عَنِ الْحَقِّ والعملُ بِالْبَاطِلِ قَدْ نَزَعَتْكَ وعَرَضَت لَكَ فَعَجِلْتَ بِهَا، وَكَانَ أَسلم عْبَدًا بِجَاوِيّاً. وَرَجُلٌ دِقْرَارَة: نَمَّامٌ كأَنه ذُو دِقْرَارَةٍ أَي ذُو نَمِيمَةٍ وَافْتِعَالِ أَحاديث، وَجَمْعُهُ دَقارِيرُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
عَلَى دَقارِيرَ أَحْكِيها وأَفْتَعِلُ
والدَّقارِيرُ: الدَّوَاهِي وَالنَّمَائِمُ، الْوَاحِدَةُ دِقْرَارَةٌ. والدِّقْرارُ والدِّقْرَارَةُ: التُّبَّانُ، وَهِيَ سَرَاوِيلُ بِلَا سَاقٍ، وَجَمْعُهُ دقارِيرُ؛ قَالَ أَوس:
يَعْلُونَ بالقَلَعِ الهِنْدِيِّ هامَهُمُ،
…
ويَخْرُجُ الفَسْوُ مِنْ تَحْتِ الدَّقارِيرِ
وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ: رأَيت عَلَى عَمَّارٍ دِقْرَارَةً
، وَقَالَ: إِني مَمْثُونٌ؛ الدِّقْرَارَةُ: التُّبَّانُ، وَهُوَ السَّرَاوِيلُ الصَّغِيرُ الَّذِي يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَحْدَهَا. والمَمْثُونُ: الَّذِي يَشْتَكِي مَثَانَتَهُ. والدُّقْرُورُ: فَأْسٌ تُحْتَفَرُ بِهَا الأَرض؛ قَالَ:
حَرًى حِينَ تأْتي أَهْلَ مَلْهَمَ أَنْ تَرَى
…
بِعَيْنَيْكَ دُقْرُوراً، وكَرّاً مُحَرَّمَا
والدِّقْرَارةُ: الْقَصِيرُ مِنَ الرِّجَالِ. والدِّقْرَارَةُ: العَوْمَرَةُ، وَهِيَ الخُصُومَةُ المُتْعِبَةُ.
دكر: الدِّكْرُ: لُعْبَةٌ يَلْعَبُ بها الزِّنْجُ والحَبَشُ. والدِّكْرُ أَيضاً لِرَبِيعَةَ: فِي الذِّكْرِ، وَهُوَ غَلَطٌ، حَمَلَهُمْ عَلَيْهِ ادَّكَرَ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ؛ وَكَذَلِكَ مَا حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِهِمُ الدِّكْرُ فِي جَمْعِ دِكْرَة إِنما هُوَ عَلَى الذِّكْر، وَنَفَى ابْنُ الأَعرابي الدِّكْرَ، بِسُكُونِ الْكَافِ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ كَمَا بَيَّنْتُهُ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى: الدِّكْر، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ، جَمْعُ ذِكْرَةٍ، أُدغمت اللَّامُ فِي الذَّالِ فَجُعِلَتَا دَالًا مُشَدَّدَةً، فإِذا قُلْتَ دِكْرٌ بِغَيْرِ أَلف وَلَامِ التَّعْرِيفِ قُلْتَ ذِكْرٌ، بِالذَّالِ، وَجَمَعُوا الذِّكْرَةَ الذِّكْراتِ، بِالذَّالِ أَيضاً. وأَما قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ*
؛
فإِن الْفَرَّاءَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْكِسَائِيُّ عَنْ إِسرائيل عَنْ أَبي إِسحاق عَنِ الأَسود قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ فَهَلْ مِنْ مُذّكِرٍ ومُدَّكِرٍ، فَقَالَ: أَقرأَني رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، مُدَّكِرٍ
، بِالدَّالِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: ومُدَّكر فِي الأَصل مُذْتَكِر عَلَى مُفْتَعِل فَصُيِّرَتِ الذَّالُ وَتَاءُ الِافْتِعَالِ دَالًا مُشَدَّدَةً، قَالَ: وَبَعْضُ بَنِي أَسد يَقُولُ مُذَّكِر فَيَقْلِبُونَ الدَّالَ فَتَصِيرُ ذَالًا مُشَدَّدَةً. وَقَدْ قَالَ اللَّيْثُ:
الدِّكْرُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ وَرَبِيعَةُ تَغْلَطُ فِي الذِّكْر فتقول دِكْرٌ.
دمر: الدَّمارُ: اسْتِئْصالُ الْهَلَاكِ. دَمَرَ الْقَوْمُ يَدْمُرونَ دَماراً: هَلَكُوا. ودَمَرَهُم: مَقَتَهُم، ودَمَرَهُمُ اللَّهُ ودَمَّرَهُمْ تَدْمِيراً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً
؛ يَعْنِي بِهِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ الَّذِينَ مُسِخُوا قِرَدة وَخَنَازِيرَ؛ ودَمَّرَ عَلَيْهِمْ كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: قَدْ جَاءَ السَّيْلُ بالبَطْحاء حَتَّى دَمَّرَ المكانَ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ
أَي أَهلكه. يُقَالُ: دَمَّرَه تَدْمِيرًا ودَمَّرَ عَلَيْهِ بِمَعْنًى؛ وَيُرْوَى: دَفَنَ المكانَ، وَالْمُرَادُ مِنْهُمَا دُرُوسُ الموضع وذهابُ أَثره. ورجلٌ دَامِرٌ: هَالِكٌ لَا خَيْرَ فِيهِ. يُقَالُ: رجلٌ خاسِرٌ دامِرٌ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. كَدَابِرٍ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ أَنه عَلَى الْبَدَلِ وَقَالَ: خَسِرٌ ودَمِرٌ ودَبِرٌ فأَتبعوهما خَسِراً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن خَسِراً عَلَى فِعْلِهِ ودَمِراً ودَبِراً عَلَى النَّسَبِ. وَمَا رأَيت مِنْ خَسَارَتِهِ ودَمَارَتِهِ ودَبارَته. وَقَدْ دَمَرَ عَلَيْهِمْ يَدْمُرُ دَمْراً ودُمُوراً: دَخَلَ بِغَيْرِ إِذن، وَقِيلَ: هَجَمَ، وَهُوَ نَحْوُ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
مَنْ نَظَرَ مِنْ صِيْرِ بَابٍ فَقَدْ دَمَرَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ: دَمَرَ أَي دَخَلَ بِغَيْرِ إِذن، وَهُوَ الدُّمُورُ، وَقَدْ دَمَرَ يَدْمُرُ دُمُوراً ودَمَقَ دَمْقاً ودُمُوقاً. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
مَنْ سَبَقَ طَرْفُه استئذانَه فَقَدْ دَمَر
أَي هَجَمَ وَدَخَلَ بِغَيْرِ إِذن، وَهُوَ مِنَ الدَّمارِ الهلاكِ لأَنه هُجُومٌ بِمَا يَكْرَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ:
مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذنهم فَقَدْ دَمَر
، وَالْمَعْنَى أَن إِساءَة المُطَّلِع مثلُ إِساءة الدَّامِرِ. والمُدَمِّرُ: الصَّائِدُ يُدَخِّنُ فِي قُتْرَتِه لِلصَّيْدِ بأَوْبارِ الإِبل كَيْلَا تَجِدَ الوَحْشُ رِيحَه، وَفِي الصِّحَاحِ: وَتَدْمِيرُ الصَّائِدِ أَن يُدَخِّنَ قُتْرَتَهُ؛ وَقَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
فَلاقَى عَلَيْهَا، مِنْ صَبَاحَ، مُدَمِّراً
…
لِنَامُوسِهِ مِنَ الصَّفيحِ سَقَائِفُ «6»
. والدُّمارِيُّ والتَّدْمُرِيُّ والتُّدْمُريُّ مِنَ الْيَرَابِيعِ: اللَّئِيمُ الخِلْقَةِ المكسورُ البَراثِنِ الصُّلْبُ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: هُوَ الماعز منها وَفِيهِ قِصَرٌ وصِغَرٌ وَلَا أَظفار فِي سَاقَيْهِ وَلَا يُدْرِكُ سَرِيعًا، وَهُوَ أَصغر مِنَ الشُّفارِيِّ؛ قَالَ:
وإِنِّي لأَصْطادُ اليَرابِيعَ كُلَّها:
…
شُفَارِيَّها والتَّدْمُرِيَّ المُقَصِّعَا
قَالَ: وأَما ضَأْنُها فَهُوَ شُفَارِيُّها، وَعَلَامَةُ الضأْن فِيهَا أَن لَهُ فِي وَسَطِ سَاقِهِ ظُفْرًا فِي مَوْضِعِ صِيْصِيَةِ الدِّيكِ. وَيُوصَفُ الرَّجُلُ اللَّئِيمُ بالتَّدْمُرِيّ. ابْنُ سِيدَهْ: والتَّدْمُرِيُّ اللَّئِيمُ مِنَ الرِّجَالِ. والتَّدْمُرِيَّةُ مِنَ الْكِلَابِ: الَّتِي لَيْسَتْ بِسَلُوقِيَّةٍ وَلَا كدْرِيَّة. وتَدْمُرُ: مَدِينَةٌ بِالشَّامِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
وخَيِّسِ الجِنَّ إِنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَهُمْ
…
يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفَّاحِ والعَمَدِ
الْفَرَّاءُ عَنِ الدُّبَيْرِيَّةِ: يُقَالُ مَا فِي الدَّارِ عَيْنٌ وَلَا عَيِّنٌ وَلَا تَدْمُرِيٌّ وَلَا تُدْمُرِيٌّ وَلَا تامُورِيٌّ وَلَا دُبِّيٌّ وَلَا دِبِّيٌّ بمعنى واحد.
دمثر: الدُّماثِرُ: السَّهْلُ مِنَ الأَرض. وأَرض دِمَثْرٌ: سَهْلَةٌ. وأَرض دُماثِرٌ إِذا كَانَتْ دَمْثاءَ؛ وأَنشد الأَصمعي فِي صِفَةِ إِبل:
ضَارِبَة بِعَطَنِ دُماثِرِ
أَي شَرِبَتْ فَضَرَبَتْ بِعَطَن، ودَمْثَرٌ: دَمِثٌ. والدَّمْثَرَةُ: الدَّمَاثَةُ؛ وقول العجاج:
(6). قوله [من الصفيح] كذا بالأصل، ومثله في الأساس، والذي في الصحاح بين الصفيح
حَوْجَلَة الخَبَعْثَنِ الدِّمَثْرَا
وَبَعِيرٌ دُمَثِرٌ دُماثِرٌ إِذا كَانَ كَثِيرَ اللَّحْمِ وثِيراً.
دنر: الدِّيْنَارُ: فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وأَصله دِنَّارٌ، بِالتَّشْدِيدِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ دَنانِير ودُنَيْنِير فَقُلِبَتْ إِحدى النُّونَيْنِ يَاءً لئلَّا يَلْتَبِسَ بِالْمَصَادِرِ الَّتِي تَجِيءُ عَلَى فِعَّالٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً؛ إِلَّا أَن يكون بالهاء فيخرج عَلَى أَصله مِثْلَ الصِّنَّارَةِ والدِّنَّامَة لأَنه أَمن الْآنَ مِنَ الِالْتِبَاسِ، وَلِذَلِكَ جُمِعَ عَلَى دَنَانِيرَ، وَمِثْلُهُ قِيراط ودِيباج وأَصله دِبَّاجٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: دِينَارٌ وَقِيرَاطٌ وَدِيبَاجٌ أَصلها أَعجمية غَيْرَ أَن الْعَرَبَ تَكَلَّمَتْ بِهَا قَدِيمًا فَصَارَتْ عَرَبِيَّةً. وَرَجُلٌ مُدَنَّرٌ: كَثِيرُ الدَّنانير. ودِينارٌ مُدَنَّرٌ: مَضْرُوبٌ. وَفَرَسٌ مُدَنَّرٌ: فِيهِ تَدْنِيرٌ سوادٌ يُخَالِطُهُ شُهْبَةٌ. وبَرْذَوْنٌ مُدَنَّرُ اللَّوْنِ: أَشهبُ عَلَى مَتْنَيْهِ وعَجُزهِ سوادٌ مُسْتَدِيرٌ يُخَالِطُهُ شُهْبَةٌ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: المُدَنَّرُ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي بِهِ نُكَتٌ فَوْقَ البَرَشِ. ودَنَّرَ وَجْهُه: أَشرق وتلألأَ كالدِّينار. ودِينارٌ: اسم.
دهر: الدَّهْرُ: الأَمَدُ المَمْدُودُ، وَقِيلَ: الدَّهْرُ أَلف سَنَةٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ حُكِيَ فِيهِ الدَّهَر، بِفَتْحِ الْهَاءِ: فإِما أَن يَكُونَ الدَّهْرُ والدَّهَرُ لُغَتَيْنِ كَمَا ذَهَبَ إِليه الْبَصْرِيُّونَ فِي هذا النحو فيقتصر عَلَى مَا سُمِعَ مِنْهُ، وإِما أَن يَكُونَ ذَلِكَ لِمَكَانِ حُرُوفِ الْحَلْقِ فَيَطَّرِدُ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَمَا ذَهَبَ إِليه الْكُوفِيُّونَ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وجَبَلَا طَالَ مَعَدّاً فاشْمَخَرْ،
…
أَشَمَّ لَا يَسْطِيعُه النَّاسُ، الدَّهَرْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وجمعُ الدَّهْرِ أَدْهُرٌ ودُهُورٌ، وَكَذَلِكَ جَمْعُ الدَّهَرِ لأَنا لَمْ نَسْمَعْ أَدْهاراً وَلَا سَمِعْنَا فِيهِ جَمْعًا إِلَّا مَا قَدَّمْنَا مِنْ جَمْعِ دَهْرٍ؛ فأَما
قَوْلُهُ، صلى الله عليه وسلم: لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فإِن اللَّهَ: هُوَ الدَّهْرُ
؛ فَمَعْنَاهُ أَن مَا أَصابك مِنَ الدَّهْرِ فَاللَّهُ فَاعِلُهُ لَيْسَ الدَّهْرُ، فإِذا شَتَمْتَ بِهِ الدَّهْرَ فكأَنك أَردت بِهِ اللَّهَ؛ الْجَوْهَرِيُّ: لأَنهم كانوا يضيقون النَّوَازِلَ إِلى الدَّهْرِ، فَقِيلَ لَهُمْ: لَا تَسُبُّوا فَاعِلَ ذَلِكَ بِكُمْ فإِن ذَلِكَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى؛ وَفِي رِوَايَةٍ: فإِن الدَّهْرَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ قَوْلُهُ فإِن اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ مِمَّا لَا يَنْبَغِي لأَحد مِنْ أَهل الإِسلام أَن يَجْهَلَ وَجْهَهُ وَذَلِكَ أَن المُعَطِّلَةَ يَحْتَجُّونَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: ورأَيت بَعْضَ مَنْ يُتهم بِالزَّنْدَقَةِ والدَّهْرِيَّةِ يَحْتَجُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَيَقُولُ: أَلا تَرَاهُ يَقُولُ فإِن اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ؟ قَالَ: فَقُلْتُ وَهَلْ كَانَ أَحد يَسُبُّ اللَّهَ فِي آبَادِ الدَّهْرِ؟ وَقَدْ قَالَ الأَعشى فِي الْجَاهِلِيَّةِ:
اسْتَأْثرَ اللهُ بالوفاءِ و
…
بالْحَمْدِ، وَوَلَّى المَلامَةَ الرَّجُلا
قَالَ: وتأْويله عِنْدِي أَن الْعَرَبَ كَانَ شأْنها أَن تَذُمَّ الدَّهْرَ وتَسُبَّه عِنْدَ الْحَوَادِثِ وَالنَّوَازِلِ تَنْزِلُ بِهِمْ مِنْ مَوْتٍ أَو هَرَمٍ فَيَقُولُونَ: أَصابتهم قَوَارِعُ الدَّهْرِ وَحَوَادِثُهُ وأَبادهم الدَّهْرُ، فَيَجْعَلُونَ الدَّهْرَ الَّذِي يَفْعَلُ ذَلِكَ فَيَذُمُّونَهُ، وَقَدْ ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي أَشعارهم وأَخبر اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ ثُمَّ كَذَّبَهُمْ فَقَالَ: وَقالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ
؛ قَالَ اللَّهُ عز وجل: وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ. وَالدَّهْرُ: الزَّمَانُ الطَّوِيلُ وَمُدَّةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا،
فَقَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ
، عَلَى تأْويل: لَا تَسُبُّوا الَّذِي يَفْعَلُ بِكُمْ هَذِهِ الأَشياء فإِنكم إِذا سَبَبْتُمْ فَاعِلَهَا فإِنما يَقَعُ السَّبُّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لأَنه الْفَاعِلُ لَهَا لَا الدَّهْرُ، فَهَذَا وَجْهُ الْحَدِيثِ؛
قَالَ الأَزهري: وَقَدْ فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ بِنَحْوِ مَا فَسَّرَهُ أَبو عُبَيْدٍ فَظَنَنْتُ أَن أَبا عُبَيْدٍ حَكَى كَلَامَهُ، وَقِيلَ: مَعْنَى نَهَى النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، عَنْ ذَمِّ الدَّهْرِ وَسَبِّهِ أَي لَا تَسُبُّوا فَاعِلَ هَذِهِ الأَشياء فإِنكم إِذا سَبَبْتُمُوهُ وَقَعَ السَّبُّ عَلَى اللَّهِ عز وجل لأَنه الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ، فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الرِّوَايَةِ الأُولى: فإِن جَالِبَ الْحَوَادِثِ وَمُنْزِلُهَا هُوَ اللَّهُ لَا غَيْرُ، فَوَضَعَ الدَّهْرَ مَوْضِعَ جَالِبِ الْحَوَادِثِ لِاشْتِهَارِ الدَّهْرِ عِنْدَهُمْ بِذَلِكَ، وَتَقْدِيرُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: فإِن اللَّهَ هُوَ الْجَالِبُ لِلْحَوَادِثِ لَا غَيْرُ رَدًّا لِاعْتِقَادِهِمْ أَن جَالِبَهَا الدَّهْرُ. وعامَلَهُ مُدَاهَرَةً ودِهاراً: مِنَ الدَّهْرِ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَكَذَلِكَ اسْتَأْجَرَهُ مُدَاهَرَةً ودِهاراً؛ عَنْهُ. الأَزهري: قَالَ الشَّافِعِيُّ الحِيْنُ يَقَعُ عَلَى مُدَّةِ الدُّنْيَا، وَيَوْمٌ؛ قَالَ: وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ لِلْحِينِ غَايَةً، وَكَذَلِكَ زَمَانٌ وَدَهْرٌ وأَحقاب، ذُكِرَ هَذَا فِي كِتَابِ الإِيمان؛ حَكَاهُ الْمُزَنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ عَنْهُ. وَقَالَ شِمْرٌ: الزَّمَانُ وَالدَّهْرُ وَاحِدٌ؛ وأَنشد:
إِنَّ دَهْراً يَلُفُّ حَبْلِي بِجُمْلٍ
…
لَزَمَانٌ يَهُمُّ بالإِحْسانِ
فَعَارَضَ شِمْرًا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وخطَّأَه فِي قَوْلِهِ الزَّمَانُ وَالدَّهْرُ وَاحِدٌ وَقَالَ: الزَّمَانُ زَمَانُ الرُّطَبِ وَالْفَاكِهَةِ وَزَمَانُ الْحَرِّ وَزَمَانُ الْبَرْدِ، وَيَكُونُ الزَّمَانُ شَهْرَيْنِ إِلى سِتَّةِ أَشهر وَالدَّهْرُ لَا يَنْقَطِعُ. قَالَ الأَزهري: الدَّهْرُ عِنْدَ الْعَرَبِ يَقَعُ عَلَى بَعْضِ الدَّهْرِ الأَطول وَيَقَعُ عَلَى مُدَّةِ الدُّنْيَا كُلِّهَا. قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ: أَقمنا عَلَى مَاءِ كَذَا وَكَذَا دَهْرًا، وَدَارُنَا الَّتِي حَلَلْنَا بِهَا تَحْمِلُنَا دَهْرًا، وإِذا كَانَ هَذَا هَكَذَا جَازَ أَن يُقَالَ الزَّمَانُ وَالدَّهْرُ وَاحِدٌ فِي مَعْنًى دُونَ مَعْنًى. قَالَ: وَالسَّنَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ أَربعة أَزمنة: رَبِيعٌ وَقَيْظٌ وَخَرِيفٌ وَشِتَاءٌ، وَلَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ: الدَّهْرُ أَربعة أَزمنة، فَهُمَا يَفْتَرِقَانِ.
وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ أَبي بَكْرٍ. رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: أَلا إِنَّ الزمانَ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يومَ خَلَق اللهُ السماواتِ والأَرضَ، السنةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، أَربعةٌ مِنْهَا حُرُمٌ: ثلاثَةٌ مِنْهَا متوالياتٌ: ذُو القَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ مُفْرَدٌ
؛ قَالَ الأَزهري: أَراد بِالزَّمَانِ الدَّهْرَ. الْجَوْهَرِيُّ: الدَّهْرُ الزَّمَانُ. وَقَوْلُهُمْ: دَهْرٌ دَاهِرٌ كَقَوْلِهِمْ أَبَدٌ أَبِيدٌ، وَيُقَالُ: لَا آتِيكَ دَهْرَ الدَّاهِرِين أَي أَبداً. وَرَجُلٌ دُهْرِيٌّ: قَدِيمٌ مُسِنٌّ نُسِبَ إِلى الدَّهْرِ، وَهُوَ نَادِرٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: فإِن سُمِّيَتْ بِدَهْرٍ لَمْ تَقُلْ إِلَّا دَهْرِيٌّ عَلَى الْقِيَاسِ. وَرَجُلٌ دَهْرِيٌّ: مُلْحِدٌ لَا يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ، يَقُولُ بِبَقَاءِ الدَّهْرِ، وَهُوَ مولَّد. قَالَ ابْنُ الأَنباري: يُقَالُ فِي النِّسْبَةِ إِلى الرَّجُلِ الْقَدِيمِ دَهْرِيٌّ. قَالَ: وإِن كَانَ مَنْ بَنِي دَهْرٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ قُلْتُ دُهْرِيٌّ لَا غَيْرُ، بِضَمِّ الدَّالِ، قَالَ ثَعْلَبٌ: وَهُمَا جَمِيعًا مَنْسُوبَانِ إِلى الدَّهْرِ وَهُمْ رُبَّمَا غَيَّرُوا فِي النَّسَبِ، كَمَا قَالُوا سُهْلِيٌّ لِلْمَنْسُوبِ إِلى الأَرض السَّهْلَةِ. والدَّهارِيرُ: أَوّل الدَّهْرِ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي، وَلَا وَاحِدَ لَهُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ لِرَجُلٍ مِنْ أَهل نَجْدٍ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لِعثْيَر «1» . بْنِ لَبِيدٍ العُذْرِيِّ، قَالَ وَقِيلَ هُوَ لِحُرَيْثِ بْنِ جَبَلَةَ العُذْري:
فاسْتَقْدِرِ اللهَ خَيْراً وارْضَيَنَّ بهِ،
…
فَبَيْنَما العُسْرُ إِذ دَارَتْ مَيَاسِيرُ
وَبَيْنَمَا المَرْءُ فِي الأَحياءِ مُغْتَبَطٌ،
…
إِذا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفُوهُ الأَعاصِيرُ
يَبْكِي عَلَيْهِ غَرِيبٌ لَيْسَ يَعْرِفُهُ،
…
وذُو قَرَابَتهِ فِي الحَيِّ مَسْرُورُ
(1). قوله: [هو لعثير الخ] وقيل لابن عيينة المهلبي، قاله صاحب القاموس في البصائر كذا بخط السيد مرتضى بهامش الأصل
حَتَّى كأَنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا تَذَكُّرُهُ،
…
والدَّهْرُ أَيَّتَمَا حِينٍ دَهارِيرُ
قَوْلُهُ: اسْتَقْدِرِ اللَّهَ خَيْرًا أَي اطْلُبْ مِنْهُ أَن يُقَدِّرَ لَكَ خَيْرًا. وَقَوْلُهُ: فَبَيْنَمَا الْعُسْرُ، الْعُسْرُ مبتدأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَبَيْنَمَا الْعُسْرُ كَائِنٌ أَو حَاضِرٌ. إِذ دَارَتْ مَيَاسِيرُ أَي حَدَثَتْ وَحَلَّتْ، وَالْمَيَاسِيرُ: جَمْعُ مَيْسُورٍ. وَقَوْلُهُ: كأَن لَمْ يَكُنْ إِلَّا تَذَكُّرُهُ، يَكُنْ تَامَّةٌ وإِلَّا تَذَكُّرُهُ فَاعِلٌ بِهَا، وَاسْمُ كأَن مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ كأَنه لَمْ يَكُنْ إِلَّا تَذَكُّرُهُ، وَالْهَاءُ فِي تَذَكُّرُهُ عَائِدَةٌ عَلَى الْهَاءِ الْمُقَدَّرَةِ؛ وَالدَّهْرُ مبتدأٌ وَدَهَارِيرُ خَبَرُهُ، وأَيتما حَالُ ظَرْفٍ مِنَ الزَّمَانِ وَالْعَامِلُ فِيهِ مَا فِي دَهَارِيرَ مِنْ مَعْنَى الشِّدَّةِ. وَقَوْلُهُمْ: دَهْرٌ دَهارِيرٌ أَي شَدِيدٌ، كَقَوْلِهِمْ: لَيْلَةٌ لَيْلاءُ ونهارٌ أَنْهَرُ ويومٌ أَيْوَمُ وساعَةٌ سَوْعاءُ. وواحدُ الدَّهارِيرَ دَهْرٌ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كَمَا قَالُوا: ذَكَرٌ ومَذاكِيرُ وشِبْهٌ ومَشَابهِ، فكأَنها جَمْعُ مِذْكارٍ ومُشْبِهٍ، وكأَنّ دَهارِير جمعُ دُهْرُورٍ أَو دَهْرار. والرَّمْسُ: الْقَبْرُ. والأَعاصير: جَمْعُ إِعصار، وَهِيَ الرِّيحُ تَهُبُّ بِشِدَّةٍ. ودُهُورٌ دَهارِير: مُخْتَلِفَةٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ؛ الأَزهري: يُقَالُ ذَلِكَ فِي دَهْرِ الدَّهارِير. قَالَ: وَلَا يُفْرَدُ مِنْهُ دِهْرِيرٌ؛ وَفِي حَدِيثِ سَطِيح:
فإِنَّ ذَا الدَّهْرَ أَطْواراً دَهارِيرُ
قَالَ الأَزهري: الدَّهارير جَمْعُ الدُّهُورِ، أَراد أَن الدَّهْرَ ذُو حَالَيْنِ مِنْ بُؤْسٍ ونُعْمٍ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الدَّهَارِيرُ تَصَارِيفُ الدَّهْرِ وَنَوَائِبُهُ، مُشْتَقٌّ مِنْ لَفْظِ الدَّهْرِ، لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ كَعَبَادِيدِ. وَالدَّهْرُ: النَّازِلَةُ. وَفِي حَدِيثِ
مَوْتِ أَبي طَالِبٍ: لَوْلَا أَن قُرَيْشًا تَقُولُ دَهَرَهُ الجَزَعُ لفعلتُ.
يُقَالُ: دَهَرَ فُلَانًا أَمْرٌ إِذا أَصابه مَكْرُوهٌ، ودَهَرَهُمْ أَمر نَزَلَ بِهِمْ مَكْرُوهٌ، ودَهَرَ بِهِمْ أَمرٌ نَزَلَ بِهِمْ. وَمَا دَهْري بِكَذَا وَمَا دَهْري كَذَا أَي مَا هَمِّي وَغَايَتِي. وَفِي حَدِيثِ
أُم سُلَيْمٍ: مَا ذاك دَهْرُكِ.
يقال: ما ذاكَ دَهْرِي وَمَا دَهْرِي بِكَذَا أَي هَمِّي وإِرادتي؛ قَالَ مُتَمِّم بْنُ نُوَيْرَةَ:
لَعَمْرِي وَمَا دَهْرِي بِتَأْبِينِ هالِكٍ،
…
وَلَا جَزَعاً مِمَّا أَصابَ فأَوْجَعَا
وَمَا ذَاكَ بِدَهْري أَي عَادَتِي. والدَّهْوَرَةُ: جَمْعُك الشيءَ وقَذْفُكَ بِهِ فِي مَهْوَاةٍ؛ ودَهْوَرْتُ الشَّيْءَ: كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
النَّجَاشِيِّ: فَلَا دَهْوَرَة اليومَ عَلَى حِزْبِ إِبراهيم
، كأَنه أَراد لَا ضَيْعَةَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَتْرُكُ حِفْظَهُمْ وَتَعَهُّدَهُمْ، وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مِنَ الدَّهْوَرَة جَمْعِكَ الشَّيْءَ وقَذْفِكَ إِياه فِي مَهْوَاةٍ؛ ودَهْوَرَ اللُّقَمَ مِنْهُ، وَقِيلَ: دَهْوَرَ اللُّقَمَ كبَّرها. الأَزهري: دَهْوَرَ الرجلُ لُقَمَهُ إِذا أَدارها ثُمَّ الْتَهَمَها. وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، قَالَ: دُهْوِرَتْ، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: رُمِيَ بِهَا. وَيُقَالُ: طَعَنَه فَكَوَّرَهُ إِذا أَلقاه. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ: فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ؛ أَي فِي الْجَحِيمِ. قَالَ: وَمَعْنَى كُبْكِبُوا طُرِحَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهل اللُّغَةِ: مَعْنَاهُ دُهْوِرُوا. ودَهْوَرَ: سَلَحَ. ودَهْوَرَ كلامَه: قَحَّمَ بعضَه فِي إِثر بَعْضٍ. ودَهْوَرَ الْحَائِطَ: دَفَعَهُ فَسَقَطَ. وتَدَهْوَرَ الليلُ: أَدبر. والدَّهْوَرِيُّ مِنَ الرِّجَالِ: الصُّلْبُ الضَّرْب. اللَّيْثُ: رَجُلٌ دَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ وَهُوَ الصُّلْبُ الصَّوْتِ؛ قَالَ الأَزهري: أَظن هَذَا خَطَأً وَالصَّوَابُ جَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ أَي رَفِيعُ الصَّوْتِ. ودَاهِرٌ: مَلِكُ الدَّيْبُلِ، قَتَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ القاسم الثقفي
ابن عُمَرَ الْحَجَّاجِ فَذَكَرَهُ جَرِيرٌ وَقَالَ:
وأَرْضَ هِرَقْل قَدْ ذَكَرْتُ وداهِراً،
…
ويَسْعَى لَكُمْ مِنْ آلِ كِسْرَى النَّواصِفُ
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فإِني أَنا الموتُ الَّذِي هُوَ نازلٌ
…
بِنَفْسِكَ، فانْظُرْ كَيْفَ أَنْتَ تُحاوِلُهْ
فأَجابه جَرِيرٌ:
أَنا الدهرُ يُفْني الموتَ، والدَّهْرُ خالدٌ،
…
فَجِئْني بمثلِ الدهرِ شَيْئًا تُطَاوِلُهْ
قَالَ الأَزهري: جَعَلَ الدَّهْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ لأَن الْمَوْتَ يَفْنَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ: هَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: مَا عِنْدِي فِي هَذَا الأَمر دَهْوَرِيَّة وَلَا رَخْوَدِيَّةٌ أَي لَيْسَ عِنْدِي فِيهِ رِفْقٌ وَلَا مُهاوَدَةٌ وَلَا رُوَيْدِيَةٌ وَلَا هُوَيْدِيَةٌ وَلَا هَوْدَاء وَلَا هَيْدَاءُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ودَهْرٌ ودُهَيْرٌ ودَاهِرٌ: أَسماء. ودَهْرٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ، قَالَ لَبِيدٌ بْنُ رَبِيعَةَ:
وأَصْبَحَ رَاسِياً بِرُضَامِ دَهْرٍ،
…
وسَالَ بِهِ الخمائلُ فِي الرِّهامِ
والدَّوَاهِرُ: رَكايا مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذاً لأَتَى الدَّوَاهِرَ، عَنْ قريبٍ،
…
بِخِزْيٍ غيرِ مَصْرُوفِ العِقَالِ
دهدر: الدُّهْدُرُّ: الباطلُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ دُهْدُرَّيْنِ ودُهْدُرَّيْهِ لِلرَّجُلِ الْكَذُوبِ. أَبو زَيْدٍ: الْعَرَبُ تَقُولُ دُهْدُرَّانِ لَا يُغْنِيَانِ عَنْكَ شَيْئًا. ودُهْدُرَّيْنِ: اسْمٌ لِبَطَلَ؛ قَالَ ذَلِكَ أَبو عَلِيٍّ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: دُهْدُرَّيْنِ سَعْدُ القَيْنُ أَي بَطَلَ سعدُ القَيْنُ بأَن لَا يُسْتَعْمَلَ وَذَلِكَ لِتَشَاغُلِ النَّاسِ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ أَو الْقَحْطِ. وَيُقَالُ: سَاعدُ القَيْنُ، وَيُقَالُ: دُهْدُرَّانِ لَا يُغْني عَنْكَ شَيْئًا.
دهشر: أَبو عَمْرٍو: الدَّهْشَرَةُ النَّاقَةُ الْكَبِيرَةُ والعَجَمْجَمَةُ الشَّدِيدَةُ.
دهكر: الدَّهْكَرُ: الْقَصِيرُ. والتَّدَهْكُرُ: التَّدَحْرُجُ فِي الْمِشْيَةِ وتَدَهْكَرَ عليه: تَنَزَّى.
دَوَرَ: دَارَ الشيءُ يَدُورُ دَوْراً ودَوَرَاناً ودُؤُوراً واسْتَدَارَ وأَدَرْتُه أَنا ودَوَّرْتُه وأَدَارَه غَيْرُهُ ودَوَّرَ بِهِ ودُرْتُ بِهِ وأَدَرْت اسْتَدَرْتُ، ودَاوَرَهُ مُدَاوَرَةً ودِوَاراً: دَارَ مَعَهُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
حَتَّى أُتِيح لَهُ يَوْمًا بِمَرْقَبَةٍ
…
ذُو مِرَّةٍ، بِدِوَارِ الصَّيْدِ، وَجَّاسُ
عَدَّى وَجَّاسُ بِالْبَاءِ لأَنه فِي مَعْنَى قَوْلِكَ عَالِمٌ بِهِ. وَالدَّهْرُ دَوَّارٌ بالإِنسان ودَوَّارِيٌّ أَي دَائِرٌ بِهِ عَلَى إِضافة الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ اللغويين، قال الفارسي: هُوَ عَلَى لَفْظِ النَّسَبِ وَلَيْسَ بِنَسَبٍ، وَنَظِيرُهُ بُخْتِيٌّ وكُرْسيٌّ وَمِنَ الْمُضَاعَفِ أَعْجَمِيٌّ فِي مَعْنَى أَعجم. اللَّيْثُ: الدَّوَّارِيُّ الدَّهْرُ الدائرُ بالإِنسان أَحوالًا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
والدَّهْرُ بالإِنسانِ دَوَّارِيُّ،
…
أَفْنَى القُرُونَ، وَهُوَ قَعْسَرِيُ
وَيُقَالُ: دَارَ دَوْرَةً وَاحِدَةً، وَهِيَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ يدُورُها. قَالَ: والدَّوْرُ قَدْ يَكُونُ مَصْدَرًا فِي الشِّعْرِ وَيَكُونُ دَوْراً وَاحِدًا مِنْ دَوْرِ الْعِمَامَةِ، ودَوْرِ الْخَيْلِ وَغَيْرِهِ عَامٌّ فِي الأَشياء كُلِّهَا. والدُّوَارُ والدَّوَارُ: كالدَّوَرَانِ يأْخذ فِي الرأْس. ودِيرَ بِهِ وَعَلَيْهِ وأُدِيرَ بِهِ: أَخذه الدُّوَارُ مِنْ
دُوَارِ الرأْس. وتَدْوِيرُ الشَّيْءِ: جَعْلُهُ مُدَوَّراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَار كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ والأَرض.
يُقَالُ: دَارَ يَدُورُ وَاسْتَدَارَ يَسْتَدِيرُ بِمَعْنًى إِذا طَافَ حَوْلَ الشَّيْءِ وإِذا عَادَ إِلى الْمَوْضِعِ الَّذِي ابتدأَ مِنْهُ؛ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَن الْعَرَبَ كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الْمُحَرَّمَ إِلى صَفَرٍ، وَهُوَ النَّسِيءُ، لِيُقَاتِلُوا فِيهِ وَيَفْعَلُونَ ذَلِكَ سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ فَيَنْتَقِلُ الْمُحَرَّمُ مِنْ شَهْرٍ إِلى شَهْرٍ حَتَى يَجْعَلُوهُ فِي جَمِيعِ شُهُورِ السَّنَةِ، فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ السَّنَةُ كَانَ قَدْ عَادَ إِلى زَمَنِهِ الْمَخْصُوصِ بِهِ قَبْلَ النَّقْلِ وَدَارَتِ السَّنَةُ كَهَيْئَتِهَا الأُولى. ودُوَّارَةُ الرأْس ودَوَّارَتُه: طَائِفَةٌ مِنْهُ. ودَوَّارَةُ الْبَطْنِ ودُوَّارَتُه؛ عَنْ ثَعْلَبٍ: مَا تَحَوَّى مِنْ أَمعاء الشَّاةِ. والدَّائرة والدَّارَةُ، كِلَاهُمَا: مَا أَحاط بِالشَّيْءِ. والدَّارَةُ: دَارَةُ الْقَمَرِ الَّتِي حَوْلَهُ، وَهِيَ الهَالَةُ. وَكُلُّ مَوْضِعٍ يُدَارُ بِهِ شَيْءٌ يَحْجُرُه، فَاسْمُهُ دَارَةٌ نَحْوُ الدَّاراتِ الَّتِي تتخذ في المباطخ وَنَحْوِهَا وَيُجْعَلُ فِيهَا الْخَمْرُ؛ وأَنشد:
تَرَى الإِوَزِّينَ فِي أَكْنافِ دَارَتها
…
فَوْضَى، وَبَيْنَ يَدَيْهَا التِّبْنُ مَنْثُورُ
قَالَ: وَمَعْنَى الْبَيْتِ أَنه رأَى حَصَّاداً أَلقى سَنَبُلَهُ بَيْنَ يَدَيْ تِلْكَ الإِوز فَقَلَعَتْ حَبًّا مِنْ سَنَابِلِهِ فأَكلت الْحَبَّ وَافْتَضَحَتِ التِّبْنَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَهل النَّارِ يَحْتَرِقُونَ إِلا دَارَاتِ وُجُوهِهِمْ
؛ هِيَ جَمْعُ دَارَةٍ، وَهُوَ مَا يُحِيطُ بِالْوَجْهِ مِنْ جَوَانِبِهِ، أَراد أَنها لَا تأْكلها النَّارُ لأَنها مَحَلُّ السُّجُودِ. وَدَارَةُ الرَّمْلِ: مَا اسْتَدَارَ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ دَارَاتٌ ودُورٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مِنَ الدَّبِيلِ ناشِطاً لِلدُّورِ
الأَزهري: ابْنُ الأَعرابي: الدِّيَرُ الدَّارَاتُ فِي الرَّمْلِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ دَوَّارَةٌ وقَوَّارَةٌ لِكُلِّ مَا لَمْ يَتَحَرَّكْ وَلَمْ يَدُرْ، فإِذا تَحَرَّكَ وَدَارَ، فَهُوَ دَوَّارَةٌ وقَوَّارَةٌ. والدَّارَةُ: كُلُّ أَرض وَاسِعَةٍ بَيْنَ جِبَالٍ، وَجَمْعُهَا دُورٌ ودَارَات؛ قَالَ أَبو حَنِيفَة: وَهِيَ تُعَدُّ مِنْ بُطُونِ الأَرض الْمُنْبِتَةِ؛ وَقَالَ الأَصمعي: هِيَ الجَوْبَةُ الْوَاسِعَةُ تَحُفُّها الْجِبَالُ، وَلِلْعَرَبِ دَارَاتٌ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: وَجَدْتُ هُنَا فِي بَعْضِ الأُصول حَاشِيَةً بِخَطِّ سَيِّدِنَا الشَّيْخِ الإِمام الْمُفِيدِ بَهَاءِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ النَّحَّاسِ النَّحْوِيِّ، فَسَّحَ اللَّهُ فِي أَجله: قَالَ كُرَاعٌ الدارةُ هِيَ البُهْرَةُ إِلا أَن البُهْرَة لَا تَكُونُ إِلا سَهْلَةً وَالدَّارَةُ تَكُونُ غَلِيظَةً وَسَهْلَةً. قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ أَبي فَقْعَسٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الدَّارَةُ كلُّ جَوْبَةٍ تَنْفَتِحُ فِي الرَّمْلِ، وَجَمْعُهَا دُورٌ كَمَا قِيلَ سَاحَةٌ وسُوحٌ. قَالَ الأَصمعي: وعِدَّةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى دَخَلَ كَلَامُ بَعْضِهِمْ فِي كَلَامِ بَعْضٍ: فَمِنْهَا دَارَةُ جُلْجُل ودارةُ القَلْتَيْنِ ودارةُ خَنْزَرٍ ودارةُ صُلْصُلٍ ودارةُ مَكْمَنٍ ودارةُ مَاسِلٍ وَدَارَةُ الجَأْبِ وَدَارَةُ الذِّئْبِ وَدَارَةُ رَهْبى ودارةُ الكَوْرِ ودارةُ مَوْضُوعٍ ودارةُ السَّلَمِ ودارةُ الجُمُدِ ودارةُ القِدَاحِ ودارةُ رَفْرَفٍ ودارةُ قِطْقِطٍ ودارةُ مُحْصَنٍ ودارةُ الخَرْجِ وَدَارَةُ وَشْحَى ودارةُ الدُّورِ، فَهَذِهِ عِشْرُونَ دَارَةً وَعَلَى أَكثرها شَوَاهِدُ، هَذَا آخِرُ الْحَاشِيَةِ. والدَّيِّرَةُ مِنَ الرَّمْلِ: كالدَّارةِ، وَالْجَمْعُ دَيِّرٌ، وَكَذَلِكَ التَّدْوِرَةُ، وأَنشد سِيبَوَيْهِ لِابْن مُقْبِلٍ:
بِتْنَا بِتَدْوِرَة يُضِيءُ وُجُوهَنَا
…
دَسَمُ السَّلِيطِ، يُضِيءُ فَوْقَ ذُبالِ
وَيُرْوَى:
بِتْنَا بِدَيِّرَةٍ يُضِيءُ وُجُوهَنَا
والدَّارَةُ: رَمْلٌ مُسْتَدِيرٌ، وَهِيَ الدُّورَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الدُّورَةُ والدَّوَّارَةُ والدَّيِّرَةُ، وَرُبَّمَا قَعَدُوا فِيهَا وَشَرِبُوا. والتَّدْوِرَةُ. المجلسُ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. ومُدَاوَرَةُ الشُّؤُون: مُعَالَجَتُهَا. والمُدَاوَرَةُ: الْمُعَالَجَةُ؛ قَالَ سُحَيْمُ بْنُ وَثِيلٍ:
أَخُو خَمْسِينَ مُجْتَمِعٌ أَشُدِّي،
…
ونَجَّدَنِي مُدَاوَرَةُ الشُّؤُونِ
والدَّوَّارَةُ: مِنْ أَدوات النَّقَّاشِ والنَّجَّارِ لَهَا شُعْبَتَانِ تَنْضَمَّانِ وَتَنْفَرِجَانِ لِتَقْدِيرِ الدَّارات. والدَّائِرَةُ فِي العَرُوض: هِيَ الَّتِي حَصَرَ الْخَلِيلُ بِهَا الشُّطُورَ لأَنها عَلَى شَكْلِ الدَّائِرَةِ الَّتِي هِيَ الْحَلْقَةُ، وَهِيَ خَمْسُ دَوَائِرَ: الأُولى فِيهَا ثَلَاثَةُ أَبواب الطَّوِيلُ وَالْمَدِيدُ وَالْبَسِيطُ، وَالدَّائِرَةُ الثَّانِيَةُ فِيهَا بَابَانِ الْوَافِرُ وَالْكَامِلُ، وَالدَّائِرَةُ الثَّالِثَةُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَبواب الْهَزَجُ وَالرَّجَزُ وَالرَّمَلُ، وَالدَّائِرَةُ الرَّابِعَةُ فِيهَا سِتَّةُ أَبواب السَّرِيعُ وَالْمُنْسَرِحُ وَالْخَفِيفُ وَالْمُضَارِعُ وَالْمُقْتَضَبُ وَالْمُجْتَثُّ، وَالدَّائِرَةُ الْخَامِسَةُ فِيهَا الْمُتَقَارِبُ فَقَطْ. وَالدَّائِرَةُ: الشَّعَرُ الْمُسْتَدِيرُ عَلَى قَرْنِ الإِنسان؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ مَوْضِعُ الذُّؤَابَةِ. وَمِنْ أَمثالهم: مَا اقْشَعَرَّتْ لَهُ دَائِرَتِي؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ يَتَهَدَّدُكَ بالأَمر لَا يَضُرُّكَ. وَدَائِرَةُ رأْس الإِنسان: الشَّعْرُ الَّذِي يَسْتَدِيرُ عَلَى القَرْنِ، يُقَالُ: اقْشَعَرَّتْ دَائِرَتُهُ. وَدَائِرَةُ الْحَافِرِ: مَا أَحاط بِهِ مِنَ التِّبْنِ. وَالدَّائِرَةُ: كَالْحَلْقَةِ أَو الشَّيْءِ الْمُسْتَدِيرِ. وَالدَّائِرَةُ: وَاحِدَةُ الدَّوَائِرِ؛ وَفِي الْفَرَسِ دَوَائِرُ كَثِيرَةٌ: فَدَائِرَةُ القَالِع والنَّاطِحِ وَغَيْرِهِمَا؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: دَوَائِرُ الْخَيْلِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ دَائِرَةً: يُكْرَهُ مِنْهَا الهَقْعَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي عُرضِ زَوْرِه، وَدَائِرَةُ القَالِعِ، وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ تَحْتَ اللِّبْدِ، وَدَائِرَةُ النَّاخِسِ، وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ تَحْتَ الجَاعِرَتَيْنِ إِلى الفَائِلَتَيْنِ، ودائرةُ اللَّطَاةِ فِي وَسَطِ الْجَبْهَةِ وَلَيْسَتْ تُكْرَهُ إِذا كَانَتْ وَاحِدَةً فإِن كَانَ هُنَاكَ دَائِرَتَانِ قَالُوا: فَرَسٌ نَطِيحٌ، وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ وَمَا سِوَى هَذِهِ الدَّوَائِرِ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ. ودَارَتْ عَلَيْهِ الدَّوائِرُ أَي نَزَلَتْ بِهِ الدَّوَاهِي. وَالدَّائِرَةُ: الْهَزِيمَةُ وَالسُّوءُ. يُقَالُ: عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ. وَفِي الْحَدِيثِ: فَيَجْعَلُ الدَّائِرَةَ عَلَيْهِمْ أَي الدَّوْلَة بِالْغَلَبَةِ وَالنَّصْرِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ
؛ قِيلَ: الْمَوْتُ أَو الْقَتْلُ. والدُّوَّارُ: مُسْتَدَارُ رَمْلٍ تَدُورُ حَوْلَهُ الْوَحْشُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
فَمَا مُغْزِلٌ أَدْماءُ نَامَ غَزَالُها،
…
بِدُوَّارِ نِهْيٍ ذِي عَرَارٍ وحُلَّبِ
بأَحْسَنَ مِنْ لَيْلَى، وَلَا أُمُّ شَادِنٍ
…
غَضِيضَةُ طَرْفٍ رُعْتُها وَسْطَ رَبْرَبِ
وَالدَّائِرَةُ: خَشَبَةٌ تُرَكَّزُ وَسَطَ الكُدْسِ تَدُورُ بِهَا الْبَقَرُ. اللَّيْثُ: المَدَارُ مَفْعَلٌ يَكُونُ مَوْضِعًا وَيَكُونُ مَصْدَرًا كالدَّوَرَانِ، وَيُجْعَلُ اسْمًا نَحْوَ مَدَار الفَلَكِ فِي مَدَارِه. ودُوَّارٌ، بِالضَّمِّ: صَنَمٌ، وَقَدْ يُفْتَحُ، وَفِي الأَزهري: الدَّوَّارُ صَنَمٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تَنْصِبُهُ يَجْعَلُونَ مَوْضِعًا حَوْلَهُ يَدُورُون بِهِ، وَاسْمُ ذَلِكَ الصَّنَمِ وَالْمَوْضِعِ الدُّوَارُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فَعَنَّ لَنَا سِرْبٌ كأَنَّ نِعاجَهُ
…
عَذَارَى دُوَارٍ، فِي مُلاءٍ مُذَيَّلِ
السِّرْبُ: الْقَطِيعُ مِنَ الْبَقَرِ وَالظِّبَاءِ وَغَيْرِهَا، وأَراد
بِهِ هَاهُنَا الْبَقَرَ، وَنِعَاجُهُ إِناثه، شَبَّهَهَا فِي مَشْيِهَا وَطُولِ أَذنابها بِجَوَارٍ يَدُرْنَ حَوْلَ صَنَمٍ وَعَلَيْهِنَّ الْمِلَاءُ. وَالْمُذَيَّلُ: الطَّوِيلُ الْمُهَدَّبُ. والأَشهر في اسم الصنم دَوَارٌ، بِالْفَتْحِ، وأَما الدُّوَارُ، بِالضَّمِّ، فَهُوَ مِنْ دُوَارِ الرأْس، وَيُقَالُ فِي اسْمِ الصَّنَمِ دُوارٌ، قَالَ: وَقَدْ تُشَدَّدُ فَيُقَالُ دُوَّارٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَي دَوْلَةٌ، وَالدَّوَائِرُ تَدُورُ والدَّوائل تَدولُ. ابْنُ سِيدَهْ: والدَّوَّار والدُّوَّارُ؛ كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ، مِنْ أَسماء الْبَيْتِ الْحَرَامِ. والدَّارُ: الْمَحَلُّ يَجْمَعُ الْبِنَاءَ وَالْعَرْصَةَ، أُنثى؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هِيَ مِنْ دَارَ يَدُورُ لِكَثْرَةِ حَرَكَاتِ النَّاسِ فِيهَا، وَالْجَمْعُ أَدْوُرٌ وأَدْؤُرٌ فِي أَدنى الْعَدَدِ والإِشمام لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَفعل مِنَ الْفِعْلِ وَالْهَمْزُ لِكَرَاهَةِ الضَّمَّةِ عَلَى الْوَاوِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْهَمْزَةُ فِي أَدؤر مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ مَضْمُومَةٍ، قَالَ: وَلَكَ أَن لَا تَهْمِزَ، وَالْكَثِيرُ دِيارٌ مِثْلُ جَبَلٍ وأَجْبُلٍ وجِبالٍ. وَفِي حَدِيثِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ:
سلامٌ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ
؛ سُمِّيَ مَوْضِعُ الْقُبُورِ دَارًا تَشْبِيهًا بِدَارِ الأَحياء لِاجْتِمَاعِ الْمَوْتَى فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ:
فأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِه
؛ أَي فِي حَضْرَةٍ قُدْسِهِ، وَقِيلَ: فِي جَنَّتِهِ، فإِن الْجَنَّةَ تُسَمَّى دَارَ السَّلَامِ، وَاللَّهُ عز وجل هُوَ السَّلَامُ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي جَمْعِ الدَّارِ: آدُرٌ، عَلَى الْقَلْبِ، قَالَ: حَكَاهَا الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي الْحَسَنِ؛ ودِيارَةٌ ودِيارَاتٌ ودِيرَانٌ ودُورٌ ودُورَاتٌ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ فِي بَابِ جَمْعِ الْجَمْعِ فِي قِسْمَةِ السَّلَامَةِ. والدَّارَةُ: لُغَةٌ فِي الدَّارِ. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ دِيَرٌ ودِيَرَةٌ وأَدْيارٌ ودِيرَانٌ ودَارَةٌ ودَارَاتٌ ودُورٌ ودُورَانٌ وأَدْوَارٌ ودِوَارٌ وأَدْوِرَةٌ؛ قَالَ: وأَما الدَّارُ فَاسْمٌ جَامِعٌ لِلْعَرْصَةِ وَالْبِنَاءِ والمَحَلَّةِ. وكلُّ مَوْضِعٍ حَلَّ بِهِ قَوْمٌ، فَهُوَ دَارُهُمْ. وَالدُّنْيَا دَارُ الفَناء، وَالْآخِرَةُ دَارُ القَرار ودَارُ السَّلام. قَالَ: وَثَلَاثُ أَدْؤُرٍ، هُمِزَتْ لأَن الأَلف الَّتِي كَانَتْ فِي الدَّارِ صَارَتْ فِي أَفْعُلٍ فِي مَوْضِعِ تَحَرُّكٍ فأُلقي عَلَيْهَا الصَّرْفُ وَلَمْ تُرَدَّ إِلى أَصلها. وَيُقَالُ: مَا بِالدَّارِ دَيَّارٌ أَي مَا بِهَا أَحد، وَهُوَ فَيْعَالٌ مِنْ دَارَ يَدُورُ. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ مَا بِهَا دُورِيٌّ وَمَا بِهَا دَيَّارٌ أَي أَحد، وَهُوَ فَيْعَالٌ مِنْ دُرْتُ وأَصله دَيْوَارٌ؛ قَالُوا: وإِذا وَقَعَتْ وَاوٌ بَعْدَ يَاءٍ سَاكِنَةٍ قَبْلَهَا فَتْحَةٌ قُلِبَتْ يَاءً وأُدغمت مِثْلُ أَيَّام وقَيَّام. وَمَا بالدّارِ دُورِيٌّ وَلَا دَيَّارٌ وَلَا دَيُّورٌ عَلَى إِبدال الْوَاوِ مِنَ الْيَاءِ، أَي مَا بِهَا أَحد، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي النَّفْيِ، وَجَمْعُ الدَّيَّارِ والدَّيُّورِ لَوْ كُسِّرَ دَواوِيرُ، صَحَّتِ الْوَاوُ لِبُعْدِهَا مِنَ الطَّرَفِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلا أُنبئكم بِخَيْرِ دُورِ الأَنصار؟ دُورُ بَنِي النَّجَّارِ ثُمَّ دُور بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ وَفِي كلِّ دُورِ الأَنصارِ خَيْرٌ
؛ الدُّورُ: جَمْعُ دَارٍ، وَهِيَ الْمَنَازِلُ الْمَسْكُونَةُ والمَحَالُّ، وأَراد بِهِ هَاهُنَا الْقَبَائِلَ؛ والدُّورُ هَاهُنَا: قَبَائِلُ اجْتَمَعَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ فِي مَحَلَّةٍ فَسُمِّيتِ المَحَلَّةُ دَاراً وَسُمِّيَ سَاكِنُوهَا بِهَا مَجَازًا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَي أَهل الدُّورِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَا بقيتْ دَارٌ إِلَّا بُنِيَ فِيهَا مَسْجِدٌ
؛ أَي مَا بَقِيَتْ قَبِيلَةٌ. وأَما قَوْلُهُ، عليه السلام:
وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ دَارٍ؟
فإِنما يُرِيدُ بِهِ الْمَنْزِلَ لَا الْقَبِيلَةَ. الْجَوْهَرِيُّ: الدَّارُ مُؤَنَّثَةٌ وإِنما قَالَ تَعَالَى: وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ
؛ فذكَّر عَلَى مَعْنَى المَثْوَى وَالْمَوْضِعِ، كَمَا قَالَ عز وجل: نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً، فأَنث عَلَى الْمَعْنَى. والدَّارَةُ أَخص مِنَ الدَّارِ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ:
يَا لَيْلَةً مِنْ طُولها وعَنَائِها،
…
عَلَى أَنها مِنْ دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ
وَيُقَالُ للدَّارِ: دَارَة. وَقَالَ ابْنُ الزِّبَعْرَى: وَفِي الصِّحَاحِ قَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ يَمْدَحُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُدْعان:
لَهُ دَاعٍ بمكةَ مُشْمَعِلٌّ،
…
وآخَرُ فَوْقَ دَارَتِه يُنادِي
والمُدَارَات: أُزُرٌ فِيهَا دَارَاتٌ شَتَّى؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وذُو مُدَارَاتٍ عَلَى حَصِير
والدَّائِرَةُ: الَّتِي تَحْتَ الأَنف يُقَالُ لَهَا دَوَّارَةٌ ودَائِرَةٌ ودِيرَةٌ. والدَّارُ: الْبَلَدُ. حَكَى سِيبَوَيْهِ: هَذِهِ الدَّارُ نَعِمَتِ البلدُ فأَنث الْبَلَدَ عَلَى مَعْنَى الدَّارِ. وَالدَّارُ: اسْمٌ لِمَدِينَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ
. والدَّارِيُّ: اللازِمُ لِدَارِهِ لَا يَبْرَحُ وَلَا يَطْلُبُ مَعَاشًا. وَفِي الصِّحَاحِ: الدَّارِيُّ رَبُّ النِّعَمِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه مُقِيمٌ فِي دَارِهِ فَنُسِبَ إِليها؛ قَالَ:
لَبِّثْ قَلِيلًا يُدْرِكِ الدَّارِيُّون،
…
ذَوُو الجيادِ الُبدَّنِ المَكْفِيُّون،
سَوْفَ تَرَى إِن لَحِقُوا مَا يُبْلُون
يَقُولُ: هُمْ أَرباب الأَموال وَاهْتِمَامُهُمْ بإِبلهم أَشد مِنِ اهْتِمَامِ الرَّاعِي الَّذِي لَيْسَ بِمَالِكٍ لَهَا. وبَعِيرٌ دَارِيٌّ: مُتَخَلِّفٌ عَنِ الإِبل فِي مَبْرَكِه، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ والدَّارِيُّ: المَلَّاحُ الَّذِي يَلِي الشِّرَاعَ. وأَدَارَهُ عَنِ الأَمر وَعَلَيْهِ ودَاوَرَهُ: لاوَصَهُ. وَيُقَالُ: أَدَرْتُ فُلَانًا عَلَى الأَمر إِذا حاوَلْتَ إِلزامَه إِياه، وأَدَرْتُهُ عَنِ الأَمر إِذا طَلَبْتَ مِنْهُ تَرْكَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
يُديرُونَنِي عَنْ سَالِمٍ وأُدِيرُهُمْ،
…
وجِلْدَةُ بينَ العَيْنِ والأَنْفِ سَالِمُ
وَفِي حَدِيثِ الإِسراء:
قَالَ لَهُ مُوسَى، عليه السلام: لَقَدْ دَاوَرْتُ بَنِي إِسرائيل عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَضَعُفُوا
؛ هُوَ فاعَلْتُ مِنْ دَارَ بِالشَّيْءِ يَدُورُ بِهِ إِذا طَافَ حَوْلَهُ، وَيُرْوَى: رَاوَدْتُ. الْجَوْهَرِيُّ: والمُدَارَةُ جِلْدٌ يُدَارُ ويُخْرَزُ عَلَى هَيْئَةِ الدَّلْوِ فَيُسْتَقَى بِهَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا يَسْتَقِي فِي النَّزَحِ المَضْفُوفِ
…
إِلَّا مُدَارَاتُ الغُرُوبِ الجُوفِ
يَقُولُ: لَا يُمْكِنُ أَن يُسْتَقَى مِنَ الْمَاءِ الْقَلِيلِ إِلا بِدِلَاءٍ وَاسِعَةِ الأَجواف قَصِيرَةِ الْجَوَانِبِ لِتَنْغَمِسَ فِي الْمَاءِ وإِن كَانَ قَلِيلًا فَتَمْتَلِئَ مِنْهُ؛ وَيُقَالُ: هِيَ مِنَ المُدَارَاةِ فِي الأُمور، فَمَنْ قَالَ هَذَا فإِنه يَنْصِبُ التَّاءَ فِي مَوْضِعِ الْكَسْرِ، أَي بِمُدَارَاةِ الدِّلَاءِ، وَيَقُولُ لَا يُسْتَقَى عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ. ودَارٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
عادَ الأَذِلَّةُ فِي دَارٍ، وكانَ بِهَا
…
هُرْتُ الشَّقاشِقِ ظَلَّامُونَ للجُزُرِ
وابنُ دَارَةَ: رَجُلٌ مِنْ فُرْسَانِ الْعَرَبِ؛ وَفِي الْمَثَلِ:
مَحَا السَّيْفُ مَا قَالَ ابنُ دَارَةَ أَجْمَعَا
والدَّارِيُّ: العَطَّارُ، يُقَالُ: إِنه نُسِبَ إِلى دَارِينَ فُرْضَةٍ بالبَحْرَيْنِ فِيهَا سُوق كَانَ يُحْمَلُ إِليها مِسْكٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْهِنْدِ؛ وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
أُلْقِيَ فِيهَا فِلْجانِ مِنْ مِسْكِ دَارِينَ،
…
وفِلْجٌ مِنْ فُلْفُلٍ ضَرِمِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَثَلُ الجَلِيس الصالِح مَثَلُ الدَّارِيِّ إِن لَمْ يُحْذِكَ مِنْ عِطْرِه عَلِقَكَ مِنْ رِيحِهِ
؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا التَّاجِرُ الدَّارِيُّ جاءَ بفَأْرَةٍ
…
مِنَ المِسْكِ، رَاحَتْ فِي مَفَارِقِها تَجْري
والدَّارِيُّ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ: العَطَّارُ، قَالُوا: لأَنه نُسِبَ إِلى دَارِينَ، وَهُوَ مَوْضِعٌ فِي الْبَحْرِ يُؤْتَى مِنْهُ بِالطِّيبِ؛ ومنه كَلَامِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: كأَنه قِلْعٌ دَارِيٌ
أَي شِراعٌ مَنْسُوبٌ إِلى هَذَا الْمَوْضِعِ الْبَحْرِيِّ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُ زُمَيْلٍ الفَزَارِيِّ:
فَلَا تُكْثِرَا فِيهِ المَلامَةَ، إِنَّهُ
…
مَحا السَّيْفُ مَا قالَ ابنُ دَارَةَ أَجْمَعا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ للكُمَيت بْنِ مَعْرُوف، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ لِلْكُمَيْتِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الأَكبر؛ قَالَ: وَصَدْرُهُ:
فَلَا تُكْثِرُوا فِيهِ الضَّجَاجَ، فإِنه
…
مَحا السَّيْفُ .....
وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ فِيهِ تَعْودُ عَلَى الْعَقْلِ فِي الْبَيْتِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ:
خُذُوا العَقْلَ، إِنْ أَعْطاكمُ العَقْلَ قَومُكُم،
…
وكُونُوا كَمَنْ سَنَّ الهَوَانَ فَأَرْتَعَا
قَالَ: وَسَبَبُ هَذَا الشِّعْرِ أَن سَالِمَ بْنَ دَارَةَ هَجَا فَزَارَةَ وَذَكَرَ في هجائه زُمَيْلَ بْنِ أُم دِينَارٍ الفَزَارِيَّ فَقَالَ:
أَبْلِغْ فَزَارَةَ أَنِّي لَنْ أُصالِحَها،
…
حَتَّى يَنِيكَ زُمَيْلٌ أُمَّ دِينارِ
ثُمَّ إِن زُمَيْلًا لَقِيَ سَالِمَ بْنَ دَارَةَ فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَقَتَلَهُ وَقَالَ:
أَنا زُمَيْلٌ قاتِلُ ابنِ دَارَهْ،
…
ورَاحِضُ المَخْزَاةِ عَنْ فَزَارَهْ
وَيُرْوَى:
وكاشِفُ السُّبَّةِ عَنْ فَزَارَهْ
. وَبَعْدَهُ:
ثُمَّ جَعَلْتُ أَعْقِلُ البَكَارَهْ
جَمْعُ بَكْرٍ. قَالَ: يَعْقِلُ الْمَقْتُولَ بَكارَةً. ومَسَانّ وعبدُ الدَّار: بطنٌ مِنْ قُرَيْشٍ النَّسَبُ إِليهم عَبْدَرِيٌّ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَهُوَ مِنَ الإِضافة الَّتِي أُخذ فِيهَا مِنْ لَفْظِ الأَول وَالثَّانِي كَمَا أُدخلت فِي السِّبَطْر حروفُ السَّبِطِ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: كأَنهم صَاغُوا مِنْ عَبْدِ الدَّارِ اسْمًا عَلَى صِيغَةِ جَعْفَرٍ ثُمَّ وَقَعَتِ الإِضافة إِليه. ودارِين: مَوْضِعٌ تُرْفَأُ إِليه السُّفُنُ الَّتِي فِيهَا الْمِسْكُ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَنَسَبُوا الْمِسْكَ إِليه، وسأَل كِسْرَى عَنْ دَارِينَ: مَتَّى كَانَتْ؟ فَلَمْ يَجِدْ أَحداً يُخْبِرُهُ عَنْهَا إِلا أَنهم قَالُوا: هِيَ عَتِيقَةٌ بِالْفَارِسِيَّةِ فَسُمِّيَتْ بِهَا. ودَارَانُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِنما اعتلَّت الْوَاوُ فِيهِ لأَنهم جَعَلُوا الزِّيَادَةَ فِي آخِرِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا فِي آخِرِهِ الْهَاءُ وَجَعَلُوهُ مُعْتَلًّا كَاعْتِلَالِهِ وَلَا زِيَادَةَ فِيهِ وإِلا فَقَدْ كَانَ حُكْمُهُ أَن يَصِحَّ كَمَا صَحَّ الجَوَلانُ ودَارَاءُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
لَعَمْرُكَ مَا مِيعادُ عَيْنِكَ والبُكَا
…
بِدَارَاءَ إِلا أَنْ تَهُبَّ جَنُوبُ
ودَارَةُ: مِنْ أَسماء الدَّاهِيَةِ، مَعْرِفَةٌ لَا يَنْصَرِفُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، قَالَ:
يَسْأَلْنَ عَنْ دَارَةَ أَن تَدُورَا
ودَارَةُ الدُّور: مَوْضِعٌ، وأُراهم إِنما بَالَغُوا بِهَا، كَمَا تَقُولُ: رَمْلَةُ الرِّمالِ. ودُرْنَى: اسْمُ مَوْضِعٍ، سُمِّيَ عَلَى هَذَا بِالْجُمْلَةِ، وَهِيَ فُعْلى. ودَيْرُ النَّصَارَى: أَصله الْوَاوُ، وَالْجَمْعُ أَدْيارٌ. والدَّيْرَانِيُّ: صَاحِبُ الدَّيْرِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا رأَس أَصحابه: هو رأْس الدَّيْرِ.
دَيَرَ: التَّهْذِيبُ: الدَّيْرُ الدَّارَاتُ فِي الرَّمْلِ، ودَيْرُ النَّصَارَى، أَصله الْوَاوُ، وَالْجَمْعُ أَدْيارٌ. والدَّيْرَانِيُّ: صَاحِبُ