المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الشين المعجمة - لسان العرب - جـ ٤

[ابن منظور]

الفصل: ‌فصل الشين المعجمة

المتأَخرين إِنما هُوَ عَلَى الإِضافة، وَاحْتَجَّ بأَن سِيبَوَيْهِ قَالَ: لَمْ تأْتِ فِعَلاءُ صِفَةً لَكِنِ اسْمًا، وشَرَحَ السِّيَرَاءَ بِالْحَرِيرِ الصَّافِي وَمَعْنَاهُ حُلَّةَ حَرِيرٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَعطى عَلِيًّا بُرْداً سِيَرَاءَ قال: اجْعَلْهُ خُمُراً

وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: رأَى حُلَّةً سِيَرَاء تُباعُ

؛ وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ:

إِنَّ أَحَدَ عُمَّاله وفَدَ إِليه وَعَلَيْهِ حُلَّة مُسَيَّرةٌ

أَي فِيهَا خُطُوطٌ مِنْ إِبْرَيْسَمٍ كالسُّيُورِ. والسِّيَرَاءُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبْتِ، وَهِيَ أَيضاً القِرْفَةُ اللازِقَةُ بالنَّوَاةِ؛ وَاسْتَعَارَهُ الشاعرِ لِخَلْبِ القَلْبِ وَهُوَ حِجَابُهُ فَقَالَ:

نَجَّى امْرَأً مِنْ مَحلِّ السَّوْء أَن لَهُ،

فِي القَلْبِ منْ سِيَرَاءِ القَلْبِ، نِبْرَاسا

والسِّيَرَاءُ: الْجَرِيدَةُ مِنْ جَرَائِدِ النَّخْلِ. وَمِنْ أَمثالهم فِي اليأْسِ مِنَ الْحَاجَةِ قَوْلُهُمْ: أَسائِرَ اليومِ وَقَدْ زَالَ الظُّهر؟ أَي أَتطمع فيها بَعْدُ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكَ اليأْس، لأَنَّ مَنْ كَلَّ عَنْ حاجتِه اليومَ بأَسْرِهِ وَقَدْ زَالَ الظُّهْرُ وَجَبَ أَن يَيْأَسَ كَمَا يَيْأَسُ مِنْهُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ ذِكْرُ سَيِّرٍ، هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ «1» وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَكْسُورَةِ كَثَيِّبٍ، بَيْنَ بَدْرٍ وَالْمَدِينَةِ، قَسَمَ عِنْدَهُ النبي، صلى الله عليه وسلم، غَنَائِمَ بَدْرٍ. وسَيَّارٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

وسَائِلَةٍ بِثَعْلَبَةَ بنِ سَيْرٍ،

وَقَدْ عَلِقَتْ بِثَعْلَبَةَ العَلُوقُ

أَراد: بثعلبة بْنِ سَيَّارٍ فَجَعَلَهُ سَيْراً لِلضَّرُورَةِ لأَنه لَمْ يُمْكنه سَيَّارٌ لأَجل الْوَزْنِ فَقَالَ سَيْرٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ للمُفَضَّل النُّكْرِي يَذْكُرُ أَنَّ ثَعْلَبَةَ بْنَ سَيَّار كَانَ فِي أَسرِه؛ وَبَعْدَهُ:

يَظَلُّ يُساوِرُ المَذْقاتِ فِينا،

يُقَادُ كأَنه جَمَلٌ زَنِيقُ

المَذْقاتُ: جَمْعُ مَذْقَة، اللَّبَنُ الْمَخْلُوطُ بِالْمَاءِ. وَالزَّنِيقُ: الْمَزْنُوقُ بالحَبْلِ، أَي هُوَ أَسِيرٌ عِنْدَنَا فِي شِدَّةٍ مِنَ الجَهْدِ.

سيسنبر: السِّيسَنْبَرُ: الرَّيْحَانَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا النَّمَّامُ، وَقَدْ جَرَى فِي كَلَامِهِمْ، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ صَحِيحٍ؛ قَالَ الأَعشى:

لَنَا جُلَّسانٌ عِندَها وبَنَفْسَجٌ،

وسِيسَنْبَرٌ والمَرْزَجُوشُ مُنَمْنَمَا

‌فصل الشين المعجمة

شبر: الشِّبْرُ: مَا بَيْنَ أَعلى الإِبهام وأَعلى الخِنْصر مُذَكَّرٌ، وَالْجَمْعُ أَشْبارٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يُجاوزُوا بِهِ هَذَا الْبِنَاءَ. والشَّبْرُ، بِالْفَتْحِ: الْمَصْدَرُ، مَصْدَرُ شَبَرَ الثوبَ وغيرَهُ يَشْبُرُه ويَشْبِرُه شَبْراً كَالَهُ بِشِبْرِه، وَهُوَ مِنَ الشِّبْرِ كَمَا يُقَالُ بُعْتُه مِنَ الْبَاعِ. وَهَذَا أَشْبَرُ مِنْ ذَاكَ أَي أَوسَعُ شِبْراً. اللَّيْثُ: الشِّبْرُ الِاسْمُ والشَّبْرُ الفِعْل. وأَشْبَرَ الرجلَ: أَعطاه وفضَّله، وشَبَرَه سَيْفًا وَمَالًا يَشْبُرُه شَبْراً وأَشْبَرَه: أَعطاه إِياه؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ يَصِفُ سَيْفًا:

وأَشْبَرَنِيهِ الهالِكيُّ، كأَنَّه

غَدِيرٌ جَرَتْ فِي مَتْنِهِ الرِّيحُ سَلْسَلُ

وَيُرْوَى: وأَشْبَرَنِيها فَتَكُونُ الْهَاءُ لِلدِّرْعِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهُوَ الصَّوَابُ لأَنه يَصِفُ دِرْعاً لَا سَيْفًا؛ وقبله:

(1). قوله: [بفتح السين إلخ] تبع في هذا الضبط النهاية، وضبطه في القاموس تبعاً للصاغاني وغيره كجبل، بالتحريك

ص: 391

وبَيْضاءَ زَغْفٍ نَثْلَةٍ سُلَمِيَّةٍ،

لَهَا رَفْرَفٌ فَوْقَ الأَنامِلِ مُرْسَلُ

الزَّغْفُ: الدِّرْعُ اللَّيِّنَةُ. وسُلَمِيَّة: مِنْ صَنْعَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، عليهما السلام والهالِكيُّ: الْحَدَّادُ، وأَراد بِهِ هاهنا الصَّيْقَلَ، وَمَصْدَرُهُ الشَّبْرُ إِلا أَن الْعَجَّاجَ حَرَّكَهُ لِلضَّرُورَةِ فَقَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعطى الشَّبَرْ

كأَنه قَالَ: أَعطى العَطِيَّة، وَيُرْوَى: الحَبَرْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده:

فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعطى الحَبَرْ

قَالَ: وَكَذَا رَوَتْه الرُّواة فِي شِعْرِهِ. والحَبَرُ: السُّرُورُ؛ وَقَوْلُهُ: إِن الأَصل فِيهِ الشَّبْرُ وإِنما حَرَّكَهُ لِلضَّرُورَةِ وهَمٌ لأَن الشَّبْرَ، بِسُكُونِ الْبَاءِ، مَصْدَرُ شَبَرْتُه شَبْراً إِذا أَعطيتَه، والشَّبَرُ، بِفَتْحِ الْبَاءِ، اسمُ الْعَطِيَّةِ؛ وَمِثْلُهُ الخَبْطُ والخَبَطُ، وَالْمَصْدَرُ خَبَطَتْ الشَّجَرَةَ خَبْطاً، والخَبَطُ: اسمُ مَا سقَط مِنَ الورَق مِنَ الخَبْطِ؛ وَمِثْلُهُ النَّفْضُ والنَّفَضُ، النَّفْضُ هُوَ الْمَصْدَرُ، والنَّفَضُ اسمُ مَا نَفَضْتَهُ؛ وَكَذَلِكَ جَاءَ الشَّبَرُ فِي شِعْرِ عَدِيٍّ فِي قَوْلِهِ:

لَمْ أَخُنْه وَالَّذِي أَعطى الشَّبَرْ

قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ أَحد مِنْ أَهل اللُّغَةِ إِنه حَرَّكَ الْبَاءَ لِلضَّرُورَةِ لأَنه لَيْسَ يُرِيدُ بِهِ الْفِعْلَ وإِنما يُرِيدُ بِهِ اسمَ الشَّيْءِ المُعطَى؛ وَبَعْدَ بَيْتِ الْعَجَّاجِ:

مَوَاليَ الحَقِّ أَنِ المَوْلى شَكَرْ

عَهْدَ نَبِيٍّ، مَا عَفَا وَمَا دَثَرْ

وعهدَ صِدِّيقٍ رأَى بَرًّا فَبَرْ،

وعهدَ عُثْمَانَ وَعَهْدًا منْ عُمَرْ

وعهدَ إِخْوَانٍ هُمُ كانُوا الوَزَرْ،

وعُصبَةَ النبِيِّ إِذ خَافُوا الحَصَرْ

شَدّوا لَهُ سُلْطانَه حَتَّى اقْتَسَرْ،

بالقَتْلِ، أَقْوَاماً، وأَقواماً أَسَرْ

تَحْتَ الَّتِي اخْتَار لَهُ اللهُ الشَّجَرْ

مُحَمَّدًا، واختارَهُ اللهُ الخِيَرْ

فَمَا وَنى محمدٌ، مُذْ أَنْ غَفَرْ

لَهُ الإِلهُ مَا مَضَى وَمَا غَبَرْ

أَنْ أَظْهَرَ النُّورَ بِهِ حَتَّى ظَهَرْ

والشَّبَرُ: الْعَطِيَّةُ وَالْخَيْرُ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:

إِذ أَتاني نَبأٌ مِن مُنْعَمِرْ

لَمْ أَخُنْه، وَالَّذِي أَعْطَى الشَّبَرْ «2»

. وَقِيلَ: الشَّبْرُ والشَّبَرُ لُغَتَانِ كالقَدْرِ والقَدَرِ ابْنُ الأَعرابي: الشِّبْرَة الْعَطِيَّةُ. شَبَرْتُه وأَشْبَرْتُه وشَبَّرْتُه: أَعطيته، وَهُوَ الشَّبْرُ، وَقَدْ حُرِّك فِي الشِّعْرِ. ابْنُ الأَعرابي: شَبَرَ وشَبَّرَ إِذا قَدَّرَ. وشَبَّرَ أَيضاً إِذا بَطِرَ. وَيُقَالُ: قَصَّرَ اللَّهُ شَبْرَك وشِبْرَك أَي قَصَّرَ اللَّهُ عُمْرَك وطُولَك. الْفَرَّاءُ: الشَّبْرُ القَدّ، يُقَالُ: مَا أَطول شَبْرَه أَي قَدَّه. وفلانٌ قصيرُ الشَّبْرِ. والشَّبْرَة: الْقَامَةُ تَكُونُ قَصِيرَةً وَطَوِيلَةً. أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ شُبِّرَ فُلَانٌ فَتَشَبَّرَ أَي عُظِّمَ فتعظَّمَ وقُرِّب فَتَقَرَّبَ. ابْنُ الأَعرابي: أَشْبَرَ الرجلُ جَاءَ بِبَنِينَ طِوَالٍ، وأَشْبَرَ: جَاءَ بِبَنِينَ قِصارِ الأَشبارِ. وتَشَابَرَ الْفَرِيقَانِ إِذا تَقَارَبَا فِي الْحَرْبِ كأَنه صَارَ بَيْنَهُمَا شِبْرٌ ومَدَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلى صَاحِبِهِ الشِّبْرَ. والشَّبَرُ: شَيْءٌ يَتَعَاطَاهُ النَّصَارَى بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ كالقُرْبانِ يَتَقَرَّبُونَ بِهِ، وَقِيلَ: هُوَ القُرْبانُ بعينِهِ. وأَعطاها شَبْرَها أَي حَقَّ النِّكَاحِ. وَفِي دُعَائِهِ لِعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا:

جَمَعَ

(2). قوله: [من منعمر] كذا بالنون، وهذا الضبط بالأصل

ص: 392

اللَّهُ شَمْلَكُما وَبَارَكَ فِي شَبْرِكُما

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الشَّبْرُ فِي الأَصل الْعَطَاءُ ثُمَّ كُني بِهِ عَنِ النِّكَاحِ لأَن فِيهِ عَطَاءً. وشَبْرُ الْجَمَلِ: طَرْقُه، وَهُوَ ضِرَابه. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَهَى عَنْ شَبْرِ الجَمَلِ

أَي أُجرة الضِّرَابِ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يُسَمَّى بِهِ الضِّرَابُ نَفْسُهُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَي عَنْ كِرَاءِ شَبْرِ الجَمَلِ؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنْ أَخذ الكراء عن ضراب الْفَحْلِ، وَهُوَ مثلُ النَّهْيِ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ، وأَصل العَسْب والشَّبْرِ الضِّرابُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ لِرَجُلٍ خَاصَمَتْهُ امرأَته إِليه تطلب مَهْرِهَا: أَإِن سأَلتك ثَمَنَ شَكْرِها وشَبْرِك أَنشأْتَ تَطُلُّها وتَضْهَلُها؟ أَراد بالشَّبْرِ النكاحَ، فشَكْرُها: بضْعُها؛ وشَبْرُه: وَطْؤه إِياها؛ وَقَالَ شَمِرٌ: الشَّبْرُ ثَوَابُ الْبِضْعِ مِنْ مَهْرٍ وعُقْرٍ. وشَبْرُ الْجَمَلِ: ثَوَابُ ضِرَابه. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنه قَالَ: الشَّكْرُ القُوتُ، والشَّبْرُ الْجِمَاعُ. قَالَ شَمِرٌ: القُبُل يُقَالُ لَهُ الشَّكْرُ؛ وأَنشد يَصِفُ امرأَة بالشرَف وبالعِفَّة والحِرْفة:

صَنَاعٌ بإِشْفاها، حَصَانٌ بِشَكْرِها،

جَوَادٌ بقُوتِ البَطْنِ، والعِرْقُ زَاخِرُ

ابْنُ الأَعرابي: المَشْبُورَة المرأَة السَّخِيَّة الْكَرِيمَةُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فُسِّرَ ابْنُ الأَعرابي شَبْرَ الْجَمَلِ بأَنه مِثْلُ عَسْب الْفَحْلِ فكأَنه فَسَّرَ الشَّيْءَ بِنَفْسِهِ؛ قَالَ: وَذَلِكَ لَيْسَ بِتَفْسِيرٍ، وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ نَهَى عَنْ شَبْرِ الْفَحْلِ. وَرَجُلٌ قَصِيرُ الشِّبْرِ مُتَقاربُ الخَطْوِ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:

معاذَ اللَّهِ يَرْضَعُنِي حَبَرْكَى،

قصِيرُ الشِّبْرِ مِنْ جُشَمِ بنِ بَكْرِ

والمَشْبَرُ والمَشْبَرَةُ: نَهْرٌ يَنْخَفِضُ فيتأَدى إِليه مَا يَفِيضُ عَنِ الأَرضِين. ابْنُ الأَعرابي: قِبالُ الشِّبْرِ الحَيَّةُ وقِبَالُ الشَّسْعِ الحيَّة. وَقَالَ أَبو سعيدْ: المَشَابِرُ حُزُوزٌ فِي الذِّراعِ الَّتِي يُتَبايَعُ بِهَا، مِنْهَا حَزُّ الشِّبْر وَحَزُّ نِصْفِ الشِّبْرِ ورُبْعِه، كلُّ جُزْءٍ مِنْهَا صَغُر أَو كَبُرَ مَشْبَرٌ. والشَّبَّورُ: شَيْءٌ يُنْفَخُ فِيهِ، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ صَحِيحٍ. والشَّبُّور، عَلَى وَزْنِ التَّنُّور: البُوقُ، وَيُقَالُ هُوَ مُعَرَّبٌ. وَفِي حَدِيثِ الأَذان

ذُكِرَ لَهُ الشَّبُّور

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: جَاءَ فِي تَفْسِيرِهِ أَنه البُوقُ وَفَسَّرُوهُ أَيضاً بالقُبْعِ، وَاللَّفْظَةُ عِبرانية. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ شَبَّر وشَبيراً فِي اسْمِ الْحَسَنِ والحُسين، عليهما السلام؛ قَالَ: وَوَجَدْتُ ابْنَ خَالَوَيْهِ قَدْ ذَكَرَ شَرْحَهُمَا فَقَالَ: شَبَّرُ وشَبِيرٌ ومُشَبِّرٌ هُمْ أَولاد هَارُونَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَمَعْنَاهَا بِالْعَرَبِيَّةِ حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ ومُحَسِّن، قَالَ: وَبِهَا سَمَّى عَلِيٌّ، عليه السلام، أَولاده شَبَّرَ وشَبِيراً ومُشَبِّراً يَعْنِي حَسَنًا وَحُسَيْنًا ومُحَسِّناً، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجمعين.

شتر: التَّهْذِيبُ: الشَّتَرُ انقلابٌ فِي جَفْنِ الْعَيْنِ قَلَّمَا يَكُونُ خِلْقَةً. والشَّتْرُ، مُخَفَّفَةً: فِعْلك بِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: الشَّتَرُ انْقِلَابُ جَفْنِ الْعَيْنِ مِنْ أَعلى وأَسفل وتَشَنُّجُه، وَقِيلَ: هُوَ أَن ينشَقَّ الْجَفْنُ حَتَّى يَنْفَصِلَ الحَتَارُ، وَقِيلَ: هُوَ اسْتِرْخَاءُ الْجَفْنِ الأَسفل؛ شَتِرَتْ عينُه شَتَراً وشَتَرَها يَشْتُرُها شَتْراً وأَشْتَرَها وشَتَّرَها. قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِذا قُلْتَ شَتَرْتُهُ فإِنك لَمْ تَعْرِضْ لِشتر وَلَوْ عَرَضْتَ لِشترَ لقلتَ أَشْتَرْتُه. الْجَوْهَرِيُّ: شَتَرْتُه أَنا مِثْلُ ثَرِم وثَرَمْتُه أَنا وأَشْتَرْتُه أَيضاً، وانشَتَرتْ عينُه. وَرَجُلٌ أَشْتَرُ: بَيِّنُ الشَّتَرِ، والأُنثى شَتْراء. وَقَدْ شَتِرَ

ص: 393

يَشْتَرُ شَتَراً وشُتِرَ أَيضاً مِثْلُ أَفِنَ وأُفِنَ. وَفِي حَدِيثِ

قَتَادَةَ: فِي الشَّتَرِ رُبْعُ الدِّيَةِ

، وَهُوَ قَطْعُ الْجَفْنِ الأَسفل وَالْأَصْلُ انقلابُه إِلى أَسفل. والشَّتْرُ: مِنْ عَروض الهَزَجِ أَن يَدْخُلَهُ الخَرْمُ والقَبْضُ فَيَصِيرَ فِيهِ مَفَاعِيلُنْ فَاعِلٌ كَقَوْلِهِ:

قلتُ: لَا تَخَفْ شَيًّا،

فَمَا يكونُ يأْتيكا

وَكَذَلِكَ هُوَ فِي جُزْءِ الْمُضَارِعِ الَّذِي هُوَ مَفَاعِيلُنْ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ شَتَرِ الْعَيْنِ، فكأَن الْبَيْتَ قَدْ وَقَعَ فِيهِ مِنْ ذَهَابِ الْمِيمِ وَالْيَاءِ مَا صَارَ بِهِ كالأَشْتَرِ العيْن. والشَّتَرُ: انْشِقَاقُ الشَّفَةِ السفلى، شَفَة شَتْراء. وشَتَّرَ بِالرَّجُلِ تَشْتِيراً: تَنَقَّصَه وَعَابَهُ وسبَّه بِنَظْمٍ أَو نَثْرٍ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: لَوْ قَدَرْتُ عَلَيْهِمَا لشَتَّرْتُ بِهِمَا

أَي أَسمعتهما الْقَبِيحَ، وَيُرْوَى بِالنُّونِ، مِنَ الشَّنَارِ، وَهُوَ الْعَارُ وَالْعَيْبُ. وشَتَرَه: جَرَحَهُ؛ وَيُرْوَى بَيْتُ الأَخطل:

رَكُوبٌ عَلَى السَّوْآتِ قَدْ شَتَرَ اسْتَهُ

مُزَاحَمَةُ الأَعداءِ، والنَّخْسُ فِي الدُّبُرْ

وشَتَّرْت بِهِ تَشْتِيراً وسَمَّعْتُ بِهِ تَسْمِيعًا ونَدَّدْتُ بِهِ تَنْدِيدًا، كُلُّ هَذَا إِذا أَسمعتَه الْقَبِيحَ وشتمتَه. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الأَعرابي وأَبو عَمْرٍو: شَتَّرْت، بِالتَّاءِ؛ وَكَانَ شَمِرٌ أَنكر هَذَا الْحَرْفَ وَقَالَ: إِنما هُوَ شَنَّرْتُ، بِالنُّونِ؛ وأَنشد:

وباتَتْ تُوَقِّي الرُّوحَ، وَهِيَ حَرِيصَةٌ

عَلَيْهِ، ولكنْ تَتَّقِي أَنْ تُشَنَّرَا

قال الأَزهري: جعله من الشَّنَارِ وَهُوَ الْعَيْبُ، وَالتَّاءُ صَحِيحٌ عِنْدَنَا. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: شَتِرَ انْقَطَعَ، وشُتِرَ انْقَطَعَ. وشَتَرَ ثَوْبَهُ: مَزَّقَهُ. والأَشْتَرَانِ: مَالِكٌ وَابْنُهُ. وشُتَيْرُ بْنُ خَالِدٍ: رَجُلٌ مِنْ أَعْلام الْعَرَبِ كَانَ شَرِيفًا؛ قَالَ:

أَوَالِبَ لَا فانْهَ شُتَيْرَ بنَ خالِدٍ

عَنِ الجَهْلِ لَا يَغْرُرْكُمُ بِأَثَامِ

وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، عليه السلام، يَوْمَ بَدْرٍ: فقلتُ قريبٌ مَفَرُّ ابْنِ الشَّتْرَاءِ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ رَجُلٌ كَانَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ يأْتي الرُّفقة فَيَدْنُو مِنْهُمْ حَتَّى إِذا هَمُّوا بِهِ نأَى قَلِيلًا ثُمَّ عاوَدَهم حَتَّى يُصِيبَ مِنْهُمْ غِرَّة، الْمَعْنَى: أَن مَفَرَّه قَرِيبٌ وَسَيَعُودُ، فَصَارَ مَثَلًا. وشُتَيْرٌ: مَوْضِعٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

وَعَلَى شُتَيْر راحَ مِنَّا رائحٌ،

يأْتي قَبِيصَةَ كالفَنِيق المُقْرَمِ

شتعر: الشَّيْتَعُور: الشَّعِيرُ؛ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ: وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: إِنما هُوَ الشَّيْتَغُور، بالغين المعجمة.

شتغر: الشَّيْتَغُور: الشَّعِيرُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ المهملة.

شجر: الشَّجَرَة الْوَاحِدَةُ تُجْمَعُ عَلَى الشَّجَر والشَّجَرَات والأَشْجارِ، والمُجْتَمِعُ الكثيرُ مِنْهُ فِي مَنْبِتِه: شَجْرَاءُ. الشَّجَر والشِّجَر مِنَ النَّبَاتِ: مَا قَامَ عَلَى سَاقٍ؛ وَقِيلَ: الشِّجَر كُلُّ مَا سَمَا بِنَفْسِهِ، دَقَّ أَو جلَّ، قاوَمَ الشِّتاءَ أَو عَجَزَ عَنْهُ، وَالْوَاحِدَةُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ شَجَرَة وشِجَرَة، وَقَالُوا شِيَرَةٌ فأَبدلوا، فإِمَّا أَن يَكُونَ عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ شِجَرَة، وإِمَّا أَن تَكُونَ الْكَسْرَةُ لِمُجَاوَرَتِهَا الْيَاءَ؛ قَالَ:

تَحْسَبُه بَيْنَ الأَكامِ شِيَرَهْ

وَقَالُوا فِي تَصْغِيرِهَا: شِيَيْرَة وشُيَيْرَة. قَالَ وَقَالَ مُرَّةُ: قُلِبَتِ الْجِيمُ يَاءً فِي شِيَيْرَة كَمَا قَلَبُوا الْيَاءَ جِيمًا فِي قَوْلِهِمْ أَنا تَمِيمِجٌّ أَي تَمِيمِيٌّ، وَكَمَا رُوِيَ عَنِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: عَلَى كُلِّ غَنِجٍ

، يُرِيدُ غَنِيٍّ؛ هَكَذَا حَكَاهُ

ص: 394

أَبو حَنِيفَةَ، بِتَحْرِيكِ الْجِيمِ، وَالَّذِي حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ أَن نَاسًا مِنْ بَنِي سَعْدٍ يُبَدِّلُونَ الْجِيمَ مَكَانَ الْيَاءِ في الوقف خاصة، وذلك لأَن الْيَاءَ خَفِيفَةٌ فأَبدلوا مِنْ مَوْضِعِهَا أَبْين الْحُرُوفِ، وذلك قَوْلُهُمْ تَمِيمِجْ فِي تَمِيميْ، فإِذا وَصَلُوا لَمْ يُبَدِّلُوا؛ فأَما مَا أَنشده سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ:

خَالِيَ عُوَيْفٌ وأَبو عَلِجِّ،

المُطْعِمانِ اللحمَ بالعَشِجِّ،

وَفِي الغَداةِ فِلَقَ البَرْنِجِ

فإِنه اضْطُرَّ إِلى الْقَافِيَةِ فأَبدل الْجِيمَ مِنَ الْيَاءِ فِي الْوَصْلِ كَمَا يُبَدِّلُهَا مِنْهَا فِي الْوَقْفِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما قَوْلُهُمْ فِي شَجَرَة شِيَرَة فَيَنْبَغِي أَن تَكُونَ الْيَاءُ فِيهَا أَصلًا وَلَا تَكُونَ مُبْدَلَةً مِنَ الْجِيمِ لأَمرين: أَحدهما ثَبَاتُ الْيَاءِ فِي تَصْغِيرِهَا فِي قَوْلِهِمْ شُيَيْرَة وَلَوْ كَانَتْ بَدَلًا مِنَ الْجِيمِ لَكَانُوا خُلَقَاء إِذا حَقَّروا الِاسْمَ أَن يَرُدُّوهَا إِلى الْجِيمِ لِيَدُلُّوا عَلَى الأَصل، وَالْآخَرُ أَن شِينَ شَجَرة مَفْتُوحَةٌ وَشِينَ شِيرَةَ مَكْسُورَةٌ، وَالْبَدَلُ لَا تُغَيَّرُ فِيهِ الْحَرَكَاتُ إِنما يُوقَعُ حَرْفٌ مَوْضِعَ حَرْفٍ. وَلَا يُقَالُ لِلنَّخْلَةِ شَجَرَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ أَبي حَنِيفَةَ فِي كِتَابِهِ الْمَوْسُومِ بِالنَّبَاتِ. وأَرض شَجِرَة وشَجِيرة وشَجْرَاء: كَثِيرَةُ الشَّجَرِ. والشَّجْراءُ: الشَّجَرُ، وَقِيلَ: اسْمٌ لِجَمَاعَةِ الشَّجَر، وَوَاحِدُ الشَّجْراء شَجَرَة، وَلَمْ يأْت مِنَ الْجَمْعِ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ إِلَّا أَحرف يَسِيرَةٌ: شَجَرَة وشَجراء، وقَصَبَة وقَصْباء، وطَرَفة وطَرْفاء، وحَلَفَة وحَلْفاء؛ وَكَانَ الأَصمعي يَقُولُ فِي وَاحِدِ الْحُلَفَاءِ حَلِفة، بِكَسْرِ اللَّامِ، مُخالفة لأَخَواتها. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الشَّجْراء وَاحِدٌ وَجَمْعٌ، وَكَذَلِكَ القَصْباء والطَّرْفاء والحَلْفاء. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ الأَكوع: حَتَّى كُنْتُ «1» . فِي الشَّجْراء

أَي بَيْنَ الأَشجار المُتَكاثِفَة، قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الشَّجَرة كالقَصْباء للقَصَبة، فَهُوَ اسْمٌ مُفْرَدٌ يُرَادُ بِهِ الْجَمْعُ، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعٌ، والأَول أَوجه. والمَشْجَرُ: مَنْبِت الشَجر. والمَشْجَرَة: أَرض تُنبِت الشَّجَرَ الْكَثِيرَ. والمَشْجَر: مَوْضِعُ الأَشجار وأَرض مَشْجَرَة: كَثِيرَةُ الشَّجَرِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَهَذَا المكان الأَشْجَرُ مِنْ هَذَا أَي أَكثر شَجَراً؛ قَالَ: وَلَا أَعرف لَهُ فِعْلًا. وَهَذِهِ الأَرض أَشجر مِنْ هَذِهِ أَي أَكثر شَجَراً. ووادٍ أَشْجَرُ وشَجِيرٌ ومُشْجرٌ: كَثِيرُ الشَّجَرِ. الْجَوْهَرِيُّ: وادٍ شَجِيرٌ وَلَا يُقَالُ وادٍ أَشْجَرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

ونأَى بِيَ الشَّجَرُ

؛ أَي بَعُدَ بيَ المرعَى فِي الشَّجَر. وأَرض عَشِبَة: كَثِيرَةُ العُشْب، وبَقِيلة وعاشِبَة وبَقِلة وثَمِيرة إِذا كَانَ ثَمَرَتها «2». وأَرض مُبْقِلَة ومُعْشِبَة. التَّهْذِيبُ: الشَّجَرُ أَصناف، فأَما جِلُّ الشَّجَرِ فَعِظامُه الَّتِي تَبْقَى عَلَى الشِّتاء، وأَما دِقُّ الشَّجَرِ فَصِنْفَانِ: أَحدهما يَبْقَى لَهُ أَرُومة فِي الْأَرْضِ فِي الشِّتاء، ويَنْبُت فِي الرَّبِيعِ، وَمِنْهُ مَا يَنْبُت مِنَ الحَبَّة كَمَا تَنْبُتُ البقُول، وَفَرَّقَ مَا بَيْنَ دِقِّ الشَّجَرِ وَالْبَقْلِ أَن الشَّجَرَ لَهُ أَرُومة تَبْقَى عَلَى الشِّتَاءِ وَلَا يَبْقَى للبقْل شَيْءٌ، وأَهل الْحِجَازِ يَقُولُونَ هَذِهِ الشَّجَرُ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَهُمْ يَقُولُونَ هِيَ البُرُّ وَهِيَ الشَّعير. وَهِيَ التَّمْرُ، وَيَقُولُونَ هِيَ الذَّهَبُ لأَن الْقِطْعَةَ مِنْهُ ذهَبَة؛ وبِلُغَتهم نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها؛ فأَنَّثَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: شاجَرَ المالُ إِذا رَعَى العُشْبَ والبَقْلَ فَلَمْ يُبْق مِنْهَا شَيْئًا فَصَارَ إِلى الشَّجَرِ يَرْعَاهُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ إِبلًا:

(1). قوله: [حتى كنت] الذي في النهاية فإِذا كنت

(2)

. قوله: [إِذا كان ثمرتها] كذا بالأَصل ولعل فيها تحريفاً أَو سقطاً، والأَصل إِذا كثرت ثمرتها أَو إذا كانت ثمرتها كثيرة أَو نحو ذلك

ص: 395

تَعْرِفُ فِي أَوْجُهِها البشائِرِ

آسانَ كلِّ آفقٍ مُشاجِرِ

وَكُلُّ مَا سُمِك ورُفِعَ، فَقَدْ شُجِرَ. وشَجَرَ الشجَرة وَالنَّبَاتَ شَجْراً: رَفَع مَا تَدَلَّى مِنْ أَغصانها. التَّهْذِيبُ قَالَ: وإِذا نزلتْ أَغصانُ شَجَرٍ أَو ثَوْبٍ فَرَفَعْتَهُ وأَجفيتَه قُلْتَ شَجَرْته، فَهُوَ مَشْجُور؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

رَقَّعَ مِنْ جِلالِه المَشْجُور

والمُشَجَّرُ مِنَ التَّصَاوير: مَا كَانَ عَلَى صِفَةِ الشَّجَرِ. وَدِيبَاجٌ مُشَجَّرٌ: نَقْشُه عَلَى هَيْئَةِ الشَّجَرِ. وَالشَّجَرَةُ الَّتِي بُويِعَ تَحْتَهَا سيدُنا رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قِيلَ كَانَتْ سَمُرَة. وَفِي الْحَدِيثِ:

الصَّخْرةُ والشجَرة مِنَ الْجَنَّةِ

، قِيلَ: أَراد بِالشَّجَرَةِ الكَرْمَة، وَقِيلَ: يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ أَراد بِالشَّجَرَةِ شَجَرَة بَيْعَة الرِّضوان لأَن أَصحابها اسْتَوجَبوا الْجَنَّةَ. واشْتَجَرَ القومُ: تَخَالَفُوا: وَرِمَاحٌ شواجِرُ ومُشْتَجِرة ومُتَشاجِرَة: مُخْتلفةٌ مُتَداخلة. وشَجَر بَيْنَهُمُ الأَمْرُ يَشْجُرُ شَجْراً «1» . تَنَازَعُوا فِيهِ. وشَجَر بَيْنَ الْقَوْمِ إِذا اخْتَلَفَ الأَمر بَيْنَهُمْ. واشْتَجَرَ الْقَوْمُ وتَشاجَرُوا أَي تَنَازَعُوا. والمُشاجَرة: الْمُنَازَعَةُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي فِيمَا وَقَعَ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي الْخُصُومَاتِ حَتَّى اشْتَجَرُوا وتشاجَرُوا أَي تشابَكُوا مُخْتَلِفِينَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِياكم وَمَا شَجَرَ بَيْنَ أَصحابي

؛ أَي مَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ مِنَ الاختلاف. وَفِي حَدِيثِ

أَبي عَمْرٍو النَّخَعِيِّ: وذكَرَ فِتْنَةً يَشْتَجِرون فِيهَا اشْتِجارَ أَطْباق الرَّأْس

؛ أَراد أَنهم يَشْتَبِكُونَ فِي الْفِتْنَةِ وَالْحَرْبِ اشْتباك أَطْباق الرَّأْس، وَهِيَ عِظَامُهُ الَّتِي يَدْخُلُ بعضُها فِي بَعْضٍ؛ وَقِيلَ: أَراد يَخْتَلِفُونَ كَمَا تَشْتَجِرُ الأَصابع إِذا دَخَلَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ. وكلُّ مَا تَدَاخَلَ، فَقَدْ تشاجَر واشْتَجَرَ. وَيُقَالُ: التَقَى فِئَتَانِ فتشاجَرُوا بِرِمَاحِهِمْ أَي تَشَابَكُوا. واشْتَجَرُوا بِرِماحِهِم وتشاجَرُوا بالرِّماح: تَطَاعَنُوا. وشجَرَ: طَعن بالرُّمح. وشَجَره بِالرُّمْحِ: طَعَنَهُ. وَفِي حَدِيثِ الشُّرَاة:

فَشَجَرْناهم بِالرِّمَاحِ

: أَي طعنَّاهم بِهَا حَتَّى اشتبكتْ فِيهِمْ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ يأْلَفُ بعضُه بَعْضًا، فَقَدِ اشْتَبك واشْتَجَر. وَسُمِيَّ الشجَرُ شَجَراً لِدُخُولِ بَعْضِ أَغصانه فِي بَعْضٍ؛ وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِمَراكبِ النِّساء: مَشاجِرُ، لِتشابُك عِيدان الهَوْدَج بعضِها فِي بَعْضٍ. وشَجَرَهُ شَجْراً: رَبَطَه. وشَجَرَه عَنِ الأَمر يَشْجُرهُ شَجْراً: صَرَفَهُ. والشَّجْرُ: الصَّرْف. يُقَالُ: مَا شَجَرَك عَنْهُ؟ أَي مَا صَرَفك؛ وَقَدْ شَجَرَتْني عَنْهُ الشَّواجر. أَبو عُبَيْدٍ: كلُّ شَيْءٍ اجْتَمَعَ ثُمَّ فَرَّق بَيْنَهُ شَيْءٌ فَانْفَرَقَ يُقَالُ لَهُ: شُجِرَ؛ وَقَوْلُ أَبي وَجْزَة:

طَافَ الخَيالُ بِنَا وَهْناً، فأَرَّقَنَا،

مِنْ آلِ سُعْدَى، فباتَ النومُ مُشْتَجِرَا

مَعْنَى اشْتِجار النَّوْمِ تَجافيه عَنْهُ، وكأَنه مِنَ الشَّجِير وَهُوَ الغَرِيبُ؛ وَمِنْهُ شَجَرَ الشيءَ عَنِ الشَّيْءِ إِذا نَحَّاه؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:

شَجَرَ الهُدَّابَ عَنْهُ فَجفَا

أَي جَافَاهُ عَنْهُ فَتَجَافى، وإِذا تَجافى قِيلَ: اشْتَجَر وانْشَجَر. والشَّجْرُ: مَفْرَجُ الفَم، وَقِيلَ: مُؤَخَّرُه، وَقِيلَ: هُوَ الصَّامِغ، وَقِيلَ: هُوَ مَا انْفَتَحَ مِنْ مُنْطَبِقِ الفَم، وَقِيلَ: هُوَ مُلْتَقَى اللِّهْزِمَتَيْن، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ اللَّحْيَيْن. وشَجْرُ الْفَرَسِ: مَا بَيْنَ أَعالي

(1). قوله: [وشجر بينهم الأَمر شجراً] في القاموس وشجر بينهم الأَمر شجوراً

ص: 396

لَحْيَيْه مِنْ مُعْظَمها، وَالْجَمْعُ أَشْجَار وشُجُور. واشْتَجَر الرَّجُلُ: وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ شَجْرِهِ عَلَى حَنَكه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

نامَ الخَلِيُّ وبِتُّ الليلَ مُشْتَجِراً،

كأَن عَيْنَيَّ فِيهَا الصَّابُ مَذْبُوحُ

مَذْبُوحٌ: مَشْقُوق. أَبو عَمْرٍو: الشَّجْرُ مَا بَيْنَ اللَّحْيَيْنِ. غَيْرُهُ: بَاتَ فُلَانٌ مُشْتَجِراً إِذا اعْتَمَدَ بشَجْرِهِ عَلَى كَفِّهِ. وَفِي حَدِيثِ

الْعَبَّاسِ قَالَ: كُنْتُ آخِذًا بِحَكَمَةِ بَغْلَةِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يَوْمَ حُنَين وَقَدْ شَجَرْتُها بِهَا

أَي ضَربْتُها بِلِجَامِهَا أَكُفُّها حَتَّى فتحتْ فَاهَا؛ وَفِي رِوَايَةٍ: وَالْعَبَّاسُ يَشْجُرها أَو يَشْتَجِرُها بِلِجَامِهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الشَّجْر مَفْتَح الْفَمِ، وَقِيلَ: هُوَ الذَّقَن. وَفِي حَدِيثِ

سَعْدٍ «2» . أَنَّ أُمَّه قَالَتْ لَهُ: لَا أَطْعَمُ طَعاماً وَلَا أَشرب شَرَابًا أَو تكفُرَ بِمُحَمَّدٍ

قَالَ: فَكَانُوا إِذَا أَرادوا أَن يُطْعِمُوهَا أَو يَسْقُوهَا شَجَرُوا فَاهَا أَي أَدْخَلوا فِي شَجْرِه عُوداً فَفَتَحُوهُ. وَكُلُّ شَيْءٍ عَمَدته بِعماد، فَقَدْ شَجَرْتَه. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها، فِي إِحدى الرِّوَايَاتِ: قُبض رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، بَيْنَ شَجْرِي ونَحْرِي

؛ قِيلَ: هُوَ التَّشْبِيكُ، أَي أَنها ضَمَّته إِلى نَحْرِهَا مُشبِّكَة أَصابعها. وَفِي حَدِيثِ

بَعْضِ التَّابِعِينَ: تَفَقَّدْ فِي طهارَتِكَ كَذَا وَكَذَا والشِّاكِلَ والشَّجْرَ

أَي مُجْتَمَعَ اللَّحْيَيْن تَحْتَ العَنْفَقَة. والشِّجارُ: عُودٌ يُجعل فِي فَمِ الجَدْي لِئَلَّا يَرْضَع أُمَّه. والشَّجْرُ مِنَ الرَّحْل: مَا بَيْنَ الكَرَّيْنِ، وَهُوَ الَّذِي يَلْتَهِم ظَهْرَ الْبَعِيرِ. والمِشْجَرُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: المِشْجَب، وَفِي الْمُحْكَمِ: المَشْجَر أَعواد تُرْبَطُ كالمِشْجَب يُوضَعُ عَلَيْهَا الْمَتَاعُ. وشَجَرْت الشَّيْءَ: طرحتُه عَلَى المِشْجَر، وَهُوَ المِشْجَب. والمِشْجَر والمَشْجَر والشِّجار والشَّجار: عُودُ الْهَوْدَجِ، وَاحِدَتُهَا مِشْجَرة [مَشْجَرة] وشِجَارة، وَقِيلَ: هُوَ مَرْكَب أَصغر مِنَ الْهَوْدَجِ مكشوفُ الرأْس. التَّهْذِيبُ: والمِشْجَر مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:

وأَرْثَدَ فارسُ الهَيْجا، إِذا مَا

تَقَعَّرَتِ المَشاجِرُ بِالْقِيَامِ

اللَّيْثُ: الشِّجار خَشَبُ الْهَوْدَجِ، فإِذا غُشِّيَ غِشَاءَه صَارَ هَوْدَجاً. الْجَوْهَرِيُّ: والمَشَاجر عِيدَانُ الْهَوْدَجِ، وقال أَبو عَمْرٍو: مَرَاكِبُ دُونَ الْهَوَادِجِ مكشوفةُ الرأْس، قَالَ: وَيُقَالُ لَهَا الشُّجُرُ أَيضاً، الْوَاحِدُ شِجار «3» . وَفِي حَدِيثِ

حُنَين: ودُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّة يومئذٍ فِي شِجار لَهُ

؛ هُوَ مَرْكَبٌ مَكْشُوفٌ دُونَ الْهَوْدَجِ، وَيُقَالُ لَهُ مِشْجَر [مَشْجَر] أَيضاً. والشِّجارُ: خَشَبُ الْبِئْرِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

لَتَرْوَيَنْ أَو لَتَبِيدَنَّ الشُّجُرْ

والشِّجارُ: سِمَةٌ مِنْ سِمَاتِ الإِبل. والشِّجارُ: الْخَشَبَةُ الَّتِي يُضَبَّب بِهَا السَّرِيرُ مِنْ تَحْتُ، يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ المَتَرْس. التَّهْذِيبُ: والشِّجار الْخَشَبَةُ الَّتِي تُوضَعُ خَلْف الْبَابِ، يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ المَتَرْس، وَبِخَطِّ الأَزهري مَتَّرس، بفتح الْمِيمِ وَتَشْدِيدُ التَّاءِ؛ وأَنشد الأَصمعي:

لَوْلَا طُفَيْلٌ ضاعتِ الغَرائرُ،

وفاءَ، والمُعْتَقُ شَيْءٌ بائرُ،

غُلَيِّمٌ رَطْلٌ وشَيْخٌ دامِرُ،

كأَنما عِظامُنا المَشَاجِرُ

والشِّجارُ: الهَوْدَجُ الصَّغِيرُ الَّذِي يكفي واحداً حَسْب.

(2). قوله: [وفي حديث سعد] الذي في النهاية حديث أَم سعد

(3)

. قوله: [الواحد شجار] بفتح أَوله وكسره وكذلك المشجر كما في القاموس

ص: 397

والشَّجيرُ: الغريبُ مِنَ النَّاسِ والإِبل. ابْنُ سِيدَهْ: والشَّجِيرُ الغريبُ والصاحبُ، وَالْجَمْعُ شُجَراء. والشَّجِيرُ: قِدْح يَكُونُ مَعَ القِدَاح غَرِيبًا مِنْ غَيْرِ شَجَرَتِها؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ:

وإِذا الرِّياحُ تَكَمَّشَتْ

بِجَوانِبِ البَيْتِ القَصِيرِ،

أَلْفَيْتَني هَشَّ اليَدَينِ

بِمَرْي قِدْحي، أَو شَجِيرِي

والقِدْحُ الشَّجِيرُ: هُوَ الْمُسْتَعَارُ الَّذِي يُتَيَمَّنُ بِفَوْزِهِ والشَّرِيجُ: قِدْحُهُ الَّذِي هُوَ لَهُ. يُقَالُ: هُوَ شَرِيجُ هَذَا وشِرْجُهُ أَي مِثْلُهُ. والشَّجِيرُ: الردِيءُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والانْشِجارُ والاشْتِجارُ: التَّقَدُّمُ والنَّجاء؛ قَالَ عُوَيْفٌ الهُذَليُّ:

عَمْداً تَعَدَّيْنَاكَ، وانْشَجَرَتْ بِنَا

طِوالُ الهَوادِيُ مُطْبَعَاتٌ مِنَ الوِقْرِ

وَيُرْوَى: واشْتَجَرَتْ. والاشتجارُ أَن تَتَّكِئَ عَلَى مَرْفِقِكَ وَلَا تَضَعَ جَنْبَكَ عَلَى الْفِرَاشِ. والتَّشْجيرُ فِي النخلِ: أَن تُوضَعَ العُذُوقُ على الجريد، وذلك إِذا كَثُرَ حِمْلُ النَّخْلَةِ وعَظُمَتِ الكَبائِسُ فَخِيفَ عَلَى الجُمَّارَةِ أَو عَلَى العُرْجُونِ. والشَّجِيرُ: السَّيفُ. وشَجَرَ بَيْتَهُ أَي عَمَدَه بِعَمُودٍ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ أَي مِنْ أَصل مُبَارَكٍ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّجْرَةُ النُّقْطَةُ الصَّغِيرَةُ فِي ذَقَنِ الغُلامِ.

شحر: شَحَرَ فَاهُ شَحْراً: فَتَحَهُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسبها يَمَانِيَةً. والشِّحْرُ: سَاحِلُ الْيَمَنِ، قَالَ الأَزهري: فِي أَقصاها، وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يبنها وَبَيْنَ عُمانَ. وَيُقَالُ: شِحْرُ عُمانَ وشَحْرُ عُمان، وَهُوَ سَاحِلُ الْبَحْرِ بَيْنَ عُمان وعَدَنٍ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

رَحَلْتُ مِنْ أَقْصَى بِلادِ الرُّحَّلِ،

مِنْ قُلَلِ الشِّحْرِ فَجَنْبَيْ مَوْكَلِ

ابْنُ الأَعرابي: الشِّحْرَةُ الشَّطُّ الضَّيِّقُ، والشِّحْرُ الشَّطُّ. ابْنُ سِيدَهْ: الشَّحِيرُ ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ: وَلَيْسَ بثَبَتٍ. والشُّحْرُورُ: طَائِرٌ أَسودُ فُوَيْقَ العُصفور يصوّت أَصواتاً.

شحشر: الشَّحْشَار: الطويل.

شخر: الشَّخِيرُ: صَوْتٌ مِنَ الحَلْقِ، وَقِيلَ: مِنَ الأَنف، وَقِيلَ: مِنَ الْفَمِ دُونَ الأَنف. وشَخِيرُ الْفَرَسِ: صَوْتُه مِنْ فَمِهِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْفَرَسِ بَعْدَ الصَّهِيل، شَخَرَ يَشْخِرُ شَخْراً وشَخِيراً، وَقِيلَ: الشَّخْرُ كالنَّخْرِ. الصِّحَاحُ: شَخَرَ الحمارُ يَشْخِرُ، بِالْكَسْرِ، شَخِيراً. الأَصمعي: مِنْ أَصوات الْخَيْلِ الشَّخِيرُ والنَّخِيرُ والكَرِيرُ، فَالشَّخِيرُ مِنَ الْفَمِ، وَالنَّخِيرُ مِنَ الْمَنْخَرَيْنِ، وَالْكَرِيرُ مِنَ الصَّدْرِ؛ وَرَجُلٌ شِخِّيرٌ نِخِّيرٌ. والشَّخِيرُ أَيضاً: رَفْعُ الصَّوْتِ بالنَّخْرِ. وَحِمَارٌ شِخِّيرٌ: مُصَوِّتٌ. والشَّخِيرُ: مَا تَحَاتَّ مِنَ الْجَبَلِ بالأَقدام وَالْحَوَافِرِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

بِنُطْفَةِ بَارِقٍ فِي رأْسِ نِيقٍ

مُنِيفٍ، دُونَها مِنْهُ شَخِيرُ

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَعرف الشَّخِيرَ بِهَذَا الْمَعْنَى إِلَّا أَن يَكُونَ الأَصل فِيهِ خَشِيراً فَقُلِبَ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِمَا بَيْنَ الكَرَّيْنِ مِنَ الرَّحْلِ شَرْخٌ وشَخْرٌ، والكَرُّ: مَا ضَمَّ الظَّلِفَتَيْنِ؛ أَنشد الْبَاهِلِيُّ قَوْلَ الْعَجَّاجِ:

ص: 398

إِذا اثْبَجَرّا مِنْ سَوادٍ حَدَجَا،

وشَخَرَا اسْتِنفاضَةً ونَشَجَا

قَالَ: الْاِثْبِجْرَارُ أَن يَقُومَ وَيَنْقَبِضَ، يَعْنِي الْحِمَارَ والأَتان. قَالَ: وَشَخَّرَا نَفَضَا بِجَحَافِلِهِمَا. وَاسْتِنْفَاضَةٌ أَي يَنْفُضَانِ ذَلِكَ الشَّخْصَ يَنْظُرَانِ مَا هُوَ. والنَّشِيجُ: صَوتٌ مِنَ الصَّدْرِ. وشَخْرُ الشَّباب: أَوَّله وجِدَّتُه كَشَرْخِهِ والأَشْخَرُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ. والشِّخِّير، بِكَسْرِ الشِّينِ: اسْمٌ. وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، مِثَالُ الفِسِّيق، لأَنه لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَعِّيلٌ وَلَا فُعِّيلٌ.

شخدر: شَخْدَرٌ: اسم.

شذر: الشَّذْر: قِطَعٌ مِنَ الذَّهَبِ يُلْقَطُ مِنَ المعْدِن مِنْ غَيْرِ إِذابة الْحِجَارَةِ، وَمِمَّا يُصَاغُ مِنَ الذَّهَبِ فَرَائِدُ يُفَصَّلُ بِهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْجَوْهَرُ. والشَّذْرُ أَيضاً: صِغَارُ اللُّؤْلُؤِ، شَبَّهَهَا بِالشَّذْرِ لِبَيَاضِهَا. وَقَالَ شَمِرٌ: الشَّذْرُ هَنَاتٌ صِغار كأَنها رؤوس النَّمْلِ مِنَ الذَّهَبِ تُجْعَلُ فِي الخَوْقِ وَقِيلَ: هُوَ خَرَزٌ يُفَصَّلُ بِهِ النَّظْمُ، وَقِيلَ: هُوَ اللُّؤْلُؤُ الصَّغِيرُ، وَاحِدَتُهُ شَذْرَةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

ذَهَبَ لَمَّا أَنْ رَآهَا ثُرْمُلَهْ،

وقالَ: يَا قَوْم رَأَيْتُ مُنْكَرَه،

شَذْرةَ وَادٍ، وَرَأَيْتُ الزُّهَرَهْ

وأَنشد شَمِرٌ للمَرَّارِ الأَسَدِيّ يَصِفُ ظَبْياً:

أَتَيْنَ عَلَى اليَمِينِ، كَأَنَّ شَذْراً

تَتابَعَ فِي النِّظامِ لَه زَلِيلُ

وشَذَّرَ النَّظْمَ: فَصَّلَهُ. فأَما قَوْلُهُمْ: شَذَّر كلامَه بِشِعْرٍ، فمولَّد وَهُوَ عَلَى المَثَلِ. والتَّشَذُّرُ: النَّشاطُ والسُّرْعة فِي الأَمر. وتَشَذَّرَتِ الناقةُ إِذا رأَت رِعْياً يَسُرُّها فَحَرَّكَتْ برأْسها مَرَحاً وفَرَحاً. والتَّشَذُّر: التَّهَدُّدُ؛ وَمِنْهُ

قَوْلُ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَد: بَلَغَنِي عَنْ أَمير الْمُؤْمِنِينَ ذَرْءٌ مِنْ قَوْلٍ تَشَذَّرَ لِي فِيهِ بشَتْمٍ وإِيعاد فَسِرْتُ إِليه جَوَاداً

أَي مُسْرِعًا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَسْتُ أَشك فِيهَا بِالذَّالِ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَشَزَّرَ، بِالزَّايِ، كأَنه مِنَ النَّظَرِ الشَّزْر، وَهُوَ نَظَرُ المُغْضَبِ، وَقِيلَ: التَّشَذُّر التَّهيُّؤُ للشَّرِّ، وَقِيلَ: التَّشَذُّرُ التَّوَعُّدُ والتَّهَدُّدُ؛ وَقَالَ لَبِيدٍ:

غُلْبٌ تَشَذَّرُ بالذُّحُولٍ، كأَنها

جِنُّ البَدِيِّ، رَوَاسِياً أَقْدَامُها

ابْنُ الأَعرابي: تَشَذَّرَ فُلَانٌ وتَقَتَّرَ إِذا تَشَمَّرَ وتَهَيَّأَ للحَمْلَة. وَفِي حَدِيثِ

حُنَينٍ: أَرى كَتِيبَةَ حَرْشَفٍ كأَنهم قَدْ تَشَذَّرُوا

أَي تهيَّأُوا لَهَا وتأَهَّبُوا. وَيُقَالُ: شَذَّرَ بِهِ وشَتَّرَ بِهِ إِذا سَمَّعَ بِهِ. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ فِي الْحَرْبِ إِذا تَطَاوَلُوا: تَشَذَّرُوا. وتَشَذَّرَ فُلانٌ إِذا تهيأَ لِلْقِتَالِ. وتَشَذَّرَ فَرَسَهُ أَي رَكِبَهُ مِنْ وَرَائِهِ. وتَشَذَّرَتِ الناقةُ: جَمَعَتْ قُطْرَيْها وَشَالَتْ بِذَنْبِهَا. وتَشَذَّرَ السَّوْطُ: مَالَ وتحرَّك؛ قَالَ:

وكانَ ابنُ أَجْمالٍ، إِذا مَا تَشَذَّرَتْ

صُدُورُ السِّياطِ، شَرْعُهُنَّ المُخَوَّفُ

وتَشَذَّرَ القومُ: تَفَرَّقُوا. وَذَهَبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ شَذَرَ مَذَرَ وشِذَرَ مِذَرَ وبِذَرَ أَي ذَهَبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي الإِقْبال؛ وَذَهَبَتْ غَنَمُكَ شَذَرَ مَذَرَ وشِذَرَ مِذَرَ: كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: أَن عُمَرَ، رضي الله عنه، شَرَّدَ الشِّرْكَ شَذَرَ مَذَرَ

أَي فَرَّقَهُ وبَدَّده فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَيُرْوَى بِكَسْرِ الشِّينِ وَالْمِيمِ وَفَتْحِهِمَا. والتَّشَذُّرُ بِالثَّوْبِ وبالذَّنَبِ: هُوَ الِاسْتِثْفَارُ بِهِ.

ص: 399

والشَّوْذَرُ: الإِتْبُ، وَهُوَ بُرْدٌ يُشَقُّ ثُمَّ تُلْقِيهِ المرأَة فِي عُنُقِهَا مِنْ غَيْرِ كُمَّيْنِ وَلَا جَيْب؛ قَالَ:

مُنْضَرِجٌ عَنْ جانِبَيْهِ الشَّوْذَرُ

وَقِيلَ: هُوَ الإِزار، وَقِيلَ: هُوَ المِلْحَفَةُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، أَصله شاذَر وَقِيلَ: جاذَر. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الشَّوْذَرُ هُوَ الَّذِي تَلْبَسُهُ المرأَة تَحْتَ ثَوْبِهَا، وَقَالَ اللَّيْثَ: الشَّوْذَرُ ثَوْبٌ تَجْتابُه المرأَة وَالْجَارِيَةُ إِلى طَرَفِ عَضُدها، وَاللَّهُ أَعلم.

شرر: الشَّرُّ: السُّوءُ وَالْفِعْلُ لِلرَّجُلِ الشِّرِّيرِ، وَالْمَصْدَرُ الشَّرَارَةُ، والفعل شَرَّ يَشُرُّ [يَشِرُّ]. وَقَوْمٌ أَشْرَارٌ: ضِدُّ الأَخيار. ابْنُ سِيدَهْ: الشَّرُّ ضِدُّ الْخَيْرِ، وَجَمْعُهُ شُرُورٌ، والشُّرُّ لُغَةٌ فِيهِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:

والخيرُ كُلُّه بِيَدَيْكَ والشَّرُّ لَيْسَ إِليك

؛ أَي أَن الشَّرَّ لَا يُتقرّب بِهِ إِليك وَلَا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُكَ، أَو أَن الشَّرَّ لَا يَصْعَدُ إِليك وإِنما يَصْعَدُ إِليك الطَّيِّبُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَهَذَا الْكَلَامُ إِرشاد إِلى اسْتِعْمَالِ الأَدب فِي الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ، تَعَالَى وَتَقَدَّسَ، وأَن تُضَافَ إِليه، عَزَّ وَعَلَا، مَحَاسِنُ الأَشياء دُونَ مَسَاوِئِهَا، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ نَفْيَ شَيْءٍ عَنْ قُدْرَتِهِ وإِثباته لَهَا، فإِن هذا في الدُّعَاءَ مَنْدُوبٌ إِليه، يُقَالُ: يَا رَبَّ السَّمَاءِ والأَرض، وَلَا يُقَالُ: يَا رَبَّ الْكِلَابِ وَالْخَنَازِيرِ وإِن كَانَ هُوَ رَبَّهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها. وَقَدْ شَرَّ يَشِرُّ ويَشُرُّ شَرّاً وشَرَارَةً، وَحَكَى بَعْضُهُمْ: شَرُرْتُ بِضَمِّ الْعَيْنِ. وَرَجُلٌ شَرِيرٌ وشِرِّيرٌ مِنْ أَشْرَارٍ وشِرِّيرِينَ، وَهُوَ شَرٌّ مِنْكَ، وَلَا يُقَالُ أَشَرُّ، حَذَفُوهُ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ إِياه، وَقَدْ حَكَاهُ بَعْضُهُمْ. وَيُقَالُ: هُوَ شَرُّهُم وَهِيَ شَرُّهُنَّ وَلَا يُقَالُ هُوَ أَشرهم. وشَرَّ إِنساناً يَشُرُّه إِذا عَابَهُ. الْيَزِيدِيُّ: شَرَّرَنِي فِي النَّاسِ وشَهَّرني فِيهِمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ شَرُّ النَّاسِ؛ وَفُلَانٌ شَرُّ الثَّلَاثَةِ وشَرُّ الِاثْنَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ

؛ قِيلَ: هَذَا جَاءَ فِي رَجُلٍ بِعَيْنِهِ كَانَ مَوْسُومًا بالشَّرّ، وَقِيلَ: هُوَ عامٌّ وإِنما صَارَ وَلَدُ الزِّنَا شَرّاً مِنْ وَالِدَيْهِ لأَنه شَرُّهم أَصلًا وَنَسَبًا وَوِلَادَةً، لأَنه خُلِقَ مِنْ مَاءِ الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ، وَهُوَ مَاءٌ خَبِيثٌ، وَقِيلَ: لأَن الْحَدَّ يُقَامُ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ تَمْحِيصًا لَهُمَا وَهَذَا لَا يُدْرَى مَا يُفْعَلُ بِهِ فِي ذُنُوبِهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ أَشَرُّ النَّاسِ إِلا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ: أُعيذك بِاللَّهِ مِنْ نَفْسٍ حَرَّى وعَيْنٍ شُرَّى أَي خَبِيثَةٍ مِنَ الشَّرِّ، أَخرجته عَلَى فُعْلَى مِثْلُ أَصغر وصُغْرَى؛ وَقَوْمٌ أَشْرَارٌ وأَشِرَّاءُ. وَقَالَ يُونُسُ: واحدُ الأَشْرَارِ رَجُلٌ شَرٌّ مِثْلُ زَنْدٍ وأَزْنَادٍ، قَالَ الأَخفش: وَاحِدُهَا شَرِيرٌ، وَهُوَ الرَّجُلُ ذُو الشَّرِّ مِثْلُ يَتِيمٍ وأَيتام. وَرَجُلٌ شِرِّيرٌ، مِثَالُ فِسِّيقٍ، أَي كَثِيرُ الشَّرِّ. وشَرَّ يَشِرُّ [يَشُرُّ] إِذا زَادَ شَرُّهُ. يُقَالُ: شَرُرْتَ يَا رَجُلُ وشَرِرْتَ، لُغَتَانِ، شَرّاً وشَرَراً وشَرارَةً. وأَشررتُ الرجلَ: نَسَبْتُهُ إِلى الشَّر، وَبَعْضُهُمْ يُنْكِرُهُ؛ قَالَ طَرَفَةُ:

فَمَا زَالَ شُرْبِي الرَّاحَ حَتَّى أَشَرَّنِي

صَدِيقِي، وَحَتَّى سَاءَنِي بَعْضُ ذلِكا

فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنَ قَوْلِهِ:

إِذا أَحْسَنَ ابنُ العَمّ بَعْدَ إِساءَةٍ،

فَلَسْتُ لِشَرّي فِعْلَه بحَمُول

. إِنما أَراد لِشَرّ فِعْلِهِ فَقَلَبَ. وَهِيَ شَرَّة وشُرَّى: يَذْهَبُ بِهِمَا إِلى الْمُفَاضَلَةِ؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: الشُّرَّى أُنثى الشَّر الَّذِي هُوَ الأَشَرُّ فِي التَّقْدِيرِ كالفُضْلَى الَّذِي هُوَ تأْنيث الأَفضل، وَقَدْ شَارَّهُ. وَيُقَالُ: شَارَّاهُ وشَارَّهُ، وَفُلَانٌ يُشَارُّ

ص: 400

فُلَانًا ويُمَارُّهُ ويُزَارُّهُ أَي يُعاديه. والمُشَارَّةُ: الْمُخَاصَمَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تُشَارِّ أَخاك

؛ هُوَ تُفَاعِل مِنَ الشَّرِّ، أَي لَا تَفْعَلْ بِهِ شَرًّا فَتُحْوِجَهُ إِلى أَن يَفْعَلَ بِكَ مِثْلَهُ، وَيُرْوَى بِالتَّخْفِيفِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

أَبي الأَسود: مَا فَعَلَ الَّذِي كَانَتِ امرأَته تُشَارُه وتُمارُه.

أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ فِي مَثَلٍ: كلَّمَا تَكْبَرُ تَشِرّ. ابْنُ شُمَيْلٍ: مِنْ أَمثالهم: شُرَّاهُنَّ مُرَّاهُنَّ. وَقَدْ أَشَرَّ بَنُو فُلَانٍ فُلَانًا أَي طَرَدُوهُ وأَوحدوه. والشِّرَّةُ: النَّشاط. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِن لِهَذَا الْقُرْآنِ شِرَّةً ثُمَّ إِن لِلنَّاسِ عَنْهُ فَتْرَةً

؛ الشِّرَّةُ: النَّشَاطُ وَالرَّغْبَةُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:

لِكُلِّ عَابِدٍ شِرَّةٌ.

وشِرَّةُ الشَّبَابِ: حِرْصُه ونَشاطه. والشِّرَّةُ؛ مَصْدَرٌ لِشَرَّ. والشُّرُّ، بِالضَّمِّ: الْعَيْبُ. حَكَى ابْنُ الأَعرابي: قَدْ قبلتُ عَطِيَّتَكَ ثُمَّ رَدَدْتُهَا عَلَيْكَ مِنْ غَيْرِ شُرِّكَ وَلَا ضُرِّكَ، ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ: أَي مِنْ غَيْرِ رَدٍّ عَلَيْكَ وَلَا عَيْبٍ لَكَ وَلَا نَقْصٍ وَلَا إِزْرَاءٍ. وَحَكَى يَعْقُوبُ: مَا قُلْتُ ذَلِكَ لشُرِّكَ وإِنما قُلْتُهُ لِغَيْرِ شُرِّكَ أَي مَا قُلْتُهُ لِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ وإِنما قُلْتُهُ لِغَيْرِ شَيْءٍ تَكْرَهُهُ، وَفِي الصِّحَاحِ: إِنما قُلْتُهُ لِغَيْرِ عَيْبِكَ. وَيُقَالُ: مَا رَدَدْتُ هَذَا عَلَيْكَ مِنْ شُرٍّ بِهِ أَي مِنْ عَيْبٍ وَلَكِنِّي آثَرْتُكَ بِهِ؛ وأَنشد:

عَيْنُ الدَّلِيلِ البُرْتِ مِنْ ذِي شُرِّهِ

أَي مِنْ ذِي عَيْبِهِ أَي مِنْ عَيْبِ الدَّلِيلِ لأَنه لَيْسَ يَحْسُنُ أَن يَسِيرَ فِيهِ حَيْرَةً. وعينٌ شُرَّى إِذا نَظَرَتْ إِليك بالبَغْضَاء. وَحَكَى عَنِ امرأَة مِنْ بَنِي عَامِرٍ فِي رُقْيَةٍ: أَرْقيك بِاللَّهِ مِنْ نَفْسٍ حَرَّى وعَين شُرَّى؛ أَبو عَمْرٍو: الشُّرَّى: العَيَّانَةُ مِنَ النِّسَاءِ. والشَّرَرُ: مَا تَطَايَرَ مِنَ النَّارِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ

؛ وَاحِدَتُهُ شَرَرَةٌ وَهُوَ الشَّرَارُ وَاحِدَتُهُ شَرَارَةٌ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

أَوْ كَشَرَارِ الْعَلَاةِ يَضْرِبُها

القَيْنُ، عَلَى كُلِّ وَجْهِهِ تَثِبُ

وشَرَّ اللحْمَ والأَقِطَ والثوبَ ونحوَها يَشُرُّه شَرّاً وأَشَرَّه وشَرَّرَهُ وشَرَّاهُ عَلَى تَحْوِيلِ التَّضْعِيفِ: وَضَعَهُ عَلَى خَصفَةٍ أَو غَيْرِهَا ليَجِفَّ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ وأَنشد بَعْضُ الرُّوَاةِ لِلرَّاعِي:

فأَصْبَحَ يَسْتافُ البِلادَ، كَأَنَّهُ

مُشَرَّى بأَطرافِ البُيوتِ قَديدُها

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا الْبَيْتُ لِلرَّاعِي إِنما هُوَ للحَلال ابْنِ عَمِّهِ. والإِشْرَارةُ: مَا يُبْسَطُ عَلَيْهِ الأَقط وَغَيْرُهُ، وَالْجَمْعُ الأَشارِيرُ. والشَّرُّ: بَسْطُك الشَّيْءَ فِي الشَّمْسِ مِنَ الثِّيَابِ وَغَيْرِهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

ثَوْبٌ عَلَى قامَةٍ سَحْلٌ، تَعَاوَرَهُ

أَيْدِي الغَوَاسِلِ، للأَرْوَاحِ مَشْرُورُ

وشَرَّرْتُ الثوبَ وَاللَّحْمَ وأَشْرَرْتُ؛ وشَرَّ شَيْئًا يَشُرُّه إِذا بَسَطَهُ لِيَجِفَّ. أَبو عَمْرٍو: الشِّرَارُ صَفَائِحُ بِيضٌ يُجَفَّفُ عَلَيْهَا الكَرِيصُ وشَرَّرْتُ الثَّوْبَ: بَسَطْتُهُ فِي الشَّمْسِ، وَكَذَلِكَ التَّشْرِيرُ. وشَرَّرْتُ الأَقِطَ أَشُرُّهُ شَرّاً إِذا جَعَلْتَهُ عَلَى خَصفَةٍ لِيَجِفَّ، وَكَذَلِكَ اللَّحْمُ وَالْمِلْحُ وَنَحْوُهُ. والأَشَارِيرُ: قِطَع قَدِيد. والإِشْرَارَةُ: القَدِيدُ المَشْرُورُ والإِشْرَارَةُ: الخَصَفَةُ الَّتِي يُشَرُّ عَلَيْهَا الأَقِطُ، وَقِيلَ: هِيَ شُقَّة مِنْ شُقَقِ الْبَيْتِ يُشَرَّرُ عليها؛ وَقَوْلُ أَبي كَاهِلٍ اليَشْكُرِيِّ:

لَهَا أَشارِيرُ مِنْ لَحْمٍ تُتَمِّرُهُ،

مِنَ الثَّعالِي، وَوَخْزٌ منْ أَرَانِيها

ص: 401

قَالَ: يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِهِ الإِشْرَارَة مِنَ القَديد، وأَن يَعْنِيَ بِهِ الخَصَفَة أَو الشُّقَّة. وأَرانيها أَي الأَرانب. والوَخْزُ: الخَطِيئَةُ بَعْدَ الخَطيئَة والشيءُ بَعْدَ الشَّيْءِ أَي مَعْدُودَةٌ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:

كأَنَّ الرَّذاذَ الضَّحْكَ، حَوْلَ كِناسِهِ،

أَشارِيرُ مِلْحٍ يَتَّبِعْنَ الرَّوامِسا

ابْنُ الأَعرابي: الإِشْرَارَةُ صَفِيحَةٌ يُجَفَّفُ عَلَيْهَا الْقَدِيدُ، وَجَمْعُهَا الأَشارِيرُ وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ: قَالَ الأَزهري: الإِشْرَارُ مَا يُبْسَطُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ لِيَجِفَّ فَصَحَّ بِهِ أَنه يَكُونُ مَا يُشَرَّرُ مِنْ أَقِطٍ وَغَيْرِهِ وَيَكُونُ مَا يُشَرَّرُ عَلَيْهِ. والأَشارِيرُ: جَمْعُ إِشْرارَةٍ، وَهِيَ اللَّحْمُ الْمُجَفَّفُ. والإِشْرارة: القِطْعة الْعَظِيمَةُ مِنَ الإِبل لِانْتِشَارِهَا وَانْبِثَاثِهَا. وَقَدِ اسْتَشَرَّ إِذا صَارَ ذَا إِشرارة مِنْ إِبل، قَالَ:

الجَدْبُ يَقْطَعُ عَنْكَ غَرْبَ لِسانِهِ،

فإِذا اسْتَشَرَّ رَأَيتَهُ بَرْبَارا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ثَعْلَبٌ اجْتَمَعَتْ مَعَ ابْنِ سَعْدانَ الرَّاوِيَةُ فَقَالَ لِي: أَسأَلك؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: مَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّاعِرِ؟ وَذَكَرَ هَذَا الْبَيْتَ، فَقُلْتُ لَهُ: الْمَعْنَى أَن الْجَدْبَ يُفْقِرُهُ وَيُمِيتُ إِبله فَيَقِلُّ كَلَامُهُ وَيَذِلُّ؛ وَالْغَرْبُ: حِدَّة اللِّسَانِ. وغَرْبُ كُلِّ شيء: حدّته. وقوله: وإِذا اسْتَشَرَّ أَي صَارَتْ لَهُ إِشْرَارَةٌ مِنَ الإِبل، وَهِيَ الْقِطْعَةُ الْعَظِيمَةُ مِنْهَا، صَارَ بَرْباراً وَكَثُرَ كَلَامُهُ. وأَشَرَّ الشيءَ: أَظهره؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ، وَقِيلَ: إِنه للحُصَيْنِ بْنِ الْحُمَامِ المُرِّيِّ يَذكُرُ يَوْمَ صِفِّين:

فَمَا بَرِحُوا حَتَّى رأَى اللهُ صَبْرَهُمْ،

وحَتَّى أُشِرَّتْ بالأَكُفِّ المصاحِفُ

أَي نُشِرَتْ وأُظهرت؛ قال الجوهري والأَصمعي: يُرْوَى قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

تَجَاوَزْتُ أَحْراساً إِليها ومَعْشَراً

عَلَيَّ حِراصاً، لَوْ يُشِرُّونَ مَقْتَلِي «4»

. عَلَى هَذَا قَالَ، وَهُوَ بِالسِّينِ أَجود. وشَرِيرُ الْبَحْرِ: سَاحِلُهُ، مُخَفَّفٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّرِيرُ مِثْلُ العَيْقَةِ، يَعْنِي بِالْعَيْقَةِ ساحلَ الْبَحْرِ وَنَاحِيَتَهُ؛ وأَنشد للجَعْدِي:

فَلا زَالَ يَسْقِيها، ويَسْقِي بلادَها

مِنَ المُزْنِ رَجَّافٌ، يَسُوقُ القَوارِيَا

يُسَقِّي شَرِيرَ البحرِ حَوْلًا، تَرُدُّهُ

حَلائبُ قُرْحٌ، ثُمَّ أَصْبَحَ غَادِيَا

والشَّرَّانُ عَلَى تَقْدِيرِ فَعْلانَ: دَوابُّ مِثْلُ الْبَعُوضِ، وَاحِدَتُهَا شَرَّانَةٌ، لُغَةُ لأَهل السَّوَادِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: هُوَ مِنْ كَلَامِ أَهل السَّوَادِ، وَهُوَ شَيْءٌ تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الأَذى شِبْهُ الْبَعُوضِ، يَغْشَى وَجْهَ الإِنسان وَلَا يَعَضُّ. والشَّرَاشِرُ: النَّفْسُ والمَحَبَّةُ جَمِيعًا. وَقَالَ كُرَاعٌ: هِيَ مَحَبَّةُ النَّفْسِ، وَقِيلَ: هُوَ جَمِيعُ الْجَسَدِ، وأَلقى عَلَيْهِ شَرَاشِرَهُ، وَهُوَ أَن يُحِبَّهُ حَتَّى يَسْتَهْلِكَ فِي حُبِّهِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ هَوَاهُ الَّذِي لَا يُرِيدُ أَن يَدَعَهُ مِنْ حَاجَتِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وكائِنْ تَرى مِنْ رَشْدةٍ فِي كَرِيهَةٍ،

ومِنْ غَيَّةٍ تُلْقَى عَلَيْهَا الشَّراشِرُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُرِيدُ كَمْ تَرَى مِنْ مُصِيبٍ فِي اعْتِقَادِهِ ورأْيه، وَكَمْ تَرَى مِنْ مُخْطِئٍ فِي أَفعاله وَهُوَ جَادٌّ مُجْتَهِدٌ فِي فِعْلِ مَا لَا يَنْبَغِي أَن يُفْعَلَ، يُلْقِي شَرَاشِرَهُ عَلَى مَقَابِحِ الأُمور وينهَمِك فِي الِاسْتِكْثَارِ منها؛

(4). في معلقة امْرِئِ الْقَيْسِ: لَوْ يُسِرّون

ص: 402

وَقَالَ الْآخَرُ:

وتُلْقَى عَلَيْهِ، كُلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ،

شَرَاشِرُ مِنْ حَيَّيْ نِزَارٍ وأَلْبُبُ

الأَلْبُبُ: عُرُوقٌ مُتَّصِلَةٌ بِالْقَلْبِ. يُقَالُ: أَلقى عَلَيْهِ بَنَاتِ أَلْبُبه إِذا أَحبه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

وَمَا يَدْرِي الحَرِيصُ عَلامَ يُلْقي

شَرَاشِرَهُ، أَيُخْطِئُ أَم يُصِيبُ؟

والشَّرَاشِرُ: الأَثقال، الواحدةُ شُرْشُرَةٌ «1». يُقَالُ: أَلقى عَلَيْهِ شَرَاشِرَهُ أَي نَفْسَهُ حِرْصًا وَمَحَبَّةً، وَقِيلَ: أَلقى عَلَيْهِ شَراشره أَي أَثقاله. وشَرْشَرَ الشيءَ: قَطَّعَهُ، وَكُلُّ قِطْعَةٍ مِنْهُ شِرْشِرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا:

فَيُشَرْشِرُ بِشِدْقِهِ إِلى قَفاه

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْنِي يُقَطِّعُهُ ويُشَقِّقُهُ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ يَصِفُ الأَسد:

يَظَلُّ مُغِبّاً عِنْدَهُ مِنْ فَرَائِسٍ،

رُفَاتُ عِظَامٍ، أَو عَرِيضٌ مُشَرشَرُ

وشَرْشَرَةُ الشَّيْءِ: تَشْقِيقُهُ وَتَقْطِيعُهُ. وشَرَاشِرُ الذنَب: ذَباذِبُهُ. وشَرْشَرَتْهُ الْحَيَّةُ: عَضَّتْهُ، وَقِيلَ: الشَّرْشَرَةُ أَن تَعَضَّ الشَّيْءَ ثُمَّ تَنْفُضَهُ. وشَرْشَرَتِ الماشِيَةُ النباتَ: أَكلته؛ أَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ لجُبَيْها الأَشْجَعِيِّ:

فَلَوْ أَنَّهَا طافَتْ بِنَبْتٍ مُشَرْشَرٍ،

نَفَى الدِّقَّ عَنْهُ جَدْبُه، فَهْوَ كَالحُ

وشَرْشَرَ السِّكِّين واللحم: أَحَدَّهما عَلَى حَجَرٍ. والشُّرْشُور: طَائِرٌ صَغِيرٌ مِثْلُ الْعُصْفُورِ؛ قَالَ الأَصمعي: تُسَمِّيهِ أَهل الْحِجَازِ الشُّرْشُورَ، وَتُسَمِّيهِ الأَعراب البِرْقِشَ، وَقِيلَ: هُوَ أَغبر عَلَى لَطَافَةِ الحُمَّرَةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَكبر مِنَ الْعُصْفُورِ قَلِيلًا. والشَّرْشَرُ: نَبْتٌ. وَيُقَالُ: الشِّرْشِرُ، بِالْكَسْرِ. والشِّرْشِرَةُ: عُشْبَة أَصغر مِنَ العَرْفَج، وَلَهَا زَهْرَةٌ صَفْرَاءُ وقُضُبٌ وَوَرَقٌ ضِخَامٌ غُبْرٌ، مَنْبِتُها السَّهْلُ تَنْبُتُ مُتَفَسِّحَةً كأَن أَقناءها الحِبالُ طُولًا، كَقَيْسِ الإِنسان قَائِمًا، وَلَهَا حَبٌّ كَحَبِّ الهَرَاسِ، وَجَمْعُهَا شِرْشِرٌ؛ قَالَ:

تَرَوَّى مِنَ الأَحْدَاثِ حَتَّى تَلاحَقَتْ

طَرَائِقُه، واهْتَزَّ بالشِّرْشِرِ المَكْرُ

قَالَ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي زِيَادٍ: الشِّرْشِرُ يَذْهَبُ حِبالًا عَلَى الأَرض طُولًا كَمَا يَذْهَبُ القُطَبُ إِلا أَنه لَيْسَ لَهُ شَوْكٌ يُؤْذِي أَحداً؛ اللَّيْثُ فِي تَرْجَمَةِ قَسَرَ:

وشَرْشَرٌ [شِرْشِرٌ] وقَسْوَةٌ نَصْرِيُ

قَالَ الأَزهري: فَسَّرَهُ اللَّيْثُ فَقَالَ: وَالشَّرْشَرُ الْكَلْبُ، وَالْقَسْوَرُ الصَّيَّادُ؛ قَالَ الأَزهري: أَخطأَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِهِ فِي أَشياء فَمِنْهَا قَوْلُهُ الشَّرْشَرُ الْكَلْبُ وإِنما الشَّرْشَرُ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ، قَالَ: وَقَدْ رأَيته بِالْبَادِيَةِ تُسَمَّنُ الإِبل عَلَيْهِ وتَغْزُرُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الأَعرابي: وَغَيْرُهُ فِي أَسْمَاءِ نُبُوتِ الْبَادِيَةِ. ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: مِنَ الْبُقُولِ الشَّرْشَرُ. قَالَ: وَقِيلَ للأَسدية أَو لِبَعْضِ الْعَرَبِ: مَا شَجَرَةُ أَبيك؟ قَالَ: قُطَبٌ وشَرْشَرٌ [شِرْشِرٌ] ووَطْبٌ جَشِرٌ؛ قَالَ: الشِّرْشِرُ خَيْرٌ مِنَ الإِسْلِيح والعَرْفَج. أَبو عَمْرٍو: الأَشِرَّةُ وَاحِدُهَا شَرِيرٌ: مَا قَرُبَ مِنَ الْبَحْرِ، وَقِيلَ: الشَّرِيرُ شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي الْبَحْرِ، وَقِيلَ: الأَشِرَّةُ البحور؛ وقال الْكُمَيْتُ:

إِذا هُوَ أَمْسَى فِي عُبابِ أَشِرَّةٍ،

مُنِيفاً عَلَى العَبْرَيْنِ بِالْمَاءِ، أَكْبَدا

(1). قوله: [الواحدة شرشرة] بضم المعجمتين كما في القاموس، وضبطه الشهاب في العناية بفتحهما

ص: 403

وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:

سَقَى بِشَرِيرِ البَحْر حَوْلًا، يَمُدُّهُ

حَلائِبُ قُرْحٌ ثُمَّ أَصْبَحَ غادِيا «1»

. وشِوَاءٌ شَرْشَرٌ: يَتَقَاطَرُ دَسَمُه، مثل سَلْسَلٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا يأْتي عَلَيْكُمْ عَامٌ إِلَّا وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ.

قَالَ ابْنُ الأَثير:

سُئِلَ الْحَسَنُ عَنْهُ فَقِيلَ: مَا بَالِ زَمَانِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ زَمَانِ الْحَجَّاجِ؟ فَقَالَ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ تَنْفِيسٍ، يَعْنِي أَن اللَّهَ تَعَالَى يُنَفِّسُ عَنْ عِبَادِهِ وَقْتًا مَا وَيَكْشِفُ الْبَلَاءَ عَنْهُمْ حِينًا.

وَفِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ: لَهَا كِظَّةٌ تَشْتَرُّ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ اشْتَرَّ الْبَعِيرُ كاجْتَرَّ، وَهِيَ الجِرَّةُ لِمَا يُخْرِجُهُ الْبَعِيرُ مِنْ جَوْفِهِ إِلى فَمِهِ يَمْضُغُهُ ثُمَّ يَبْتَلِعُهُ، وَالْجِيمُ وَالشِّينُ مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ. وشُرَاشِرٌ وشُرَيْشِرٌ وشَرْشَرَةُ: أَسماء. والشُّرَيْرُ: مَوْضِعٌ، هُوَ مِنَ الْجَارِ عَلَى سَبْعَةِ أَميال؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:

دِيارٌ بِأَعْنَاءٍ الشُّرَيْرِ، كَأَنَّمَا

عَلَيْهِنَّ فِي أَكْنافِ عَيْقَةَ شِيدُ

شزر: نَظَرٌ شَزْرٌ: فِيهِ إِعراض كَنَظَرِ الْمُعَادِي الْمُبْغِضِ، وَقِيلَ: هُوَ نَظَرٌ عَلَى غَيْرِ اسْتِوَاءٍ بِمؤْخِرِ الْعَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ النَّظَرُ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: الْحَظُوا الشَّزْرَ واطْعُنُوا اليَسْرَ

؛ الشَّزْرُ: النَّظَرُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَالِ وَلَيْسَ بِمُسْتَقِيمِ الطَّرِيقَةِ، وَقِيلَ: هُوَ النَّظَرُ بِمُؤَخَّرِ الْعَيْنِ، وأَكثر مَا يَكُونُ النظرُ الشَّزْرُ فِي حَالِ الْغَضَبِ، وَقَدْ شَزَرَهُ يَشْزِرُهُ شَزْراً. وشَزَّرَ إِليه: نَظَرَ مِنْهُ فِي أَحد شِقَّيْهِ وَلَمْ يَسْتَقْبِلْهُ بِوَجْهِهِ. ابْنُ الأَنباري: إِذا نَظَرَ بِجَانِبِ الْعَيْنِ فَقَدَ شَزَرَ يَشْزِرُ، وذلك مِنَ البَغْضَةِ والهَيْبَةِ؛ ونَظَرَ إِليه شَزْراً، وَهُوَ نَظَرُ الْغَضْبَانِ بِمُؤَخَّرِ الْعَيْنِ؛ وَفِي لَحْظِهِ شَزَرٌ، بِالتَّحْرِيكِ. وتَشازَرَ القومُ أَي نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ شَزْراً. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ شَزَرْته أَشْزِرُه شَزْراً، ونَزَرْته أَنْزِرُه نَزْراً أَي أَصبته بالعين، وإِنه لحَمِئُ العَيْنِ، وَلَا فِعْلَ لَهُ، وإِنه لأَشْوَهُ العَيْنِ إِذا كَانَ خَبِيثَ الْعَيْنِ، وإِنه لشَقِذُ العَيْنِ إِذا كَانَ لَا يَقْهَرهُ النُّعاسُ، وَقَدْ شَقِذَ يَشْقَذُ شَقَذاً. أَبو عَمْرٍو: والشَّزْرُ مِنَ المُشازَرَةِ، وَهِيَ الْمُعَادَاةُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

يَلْقَى مُعَادِيهِمْ عذابَ الشَّزْرِ

وَيُقَالُ: أَتاه الدهرُ بشَزْرَةٍ لَا ينحلُّ مِنْهَا أَي أَهلكه. وَقَدْ أَشْزَرَهُ اللَّهُ أَي أَلقاه فِي مَكْرُوهٍ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ. والطَّعْنُ الشَّزْرُ: مَا طَعَنْتَ بِيَمِينِكَ وَشَمَالِكَ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الطِّعْنُ الشَّزْرُ مَا كَانَ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ. وشَزَرَهُ بالسِّنان: طَعَنَهُ. اللَّيْثُ: الْحَبْلُ المَشْزُورُ الْمَفْتُولُ وَهُوَ الَّذِي يُفْتَلُ مِمَّا يَلِي الْيَسَارَ، وَهُوَ أَشد لِفَتْلِهِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: الشَّزْرُ إِلى فَوْقٍ. قَالَ الأَصمعي: الْمَشْزُورُ الْمَفْتُولُ إِلى فَوْقٍ، وَهُوَ الْفَتْلُ الشَّزْرُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. ابْنُ سِيدَهْ: والشَّزْرُ مِنَ الفَتْلِ مَا كَانَ عَنِ الْيَسَارِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يبدأَ الْفَاتِلُ مِنْ خَارِجٍ ويَرُدَّه إِلى بَطْنِهِ وَقَدْ شَزَرَهُ؛ قَالَ:

لِمُصْعَبِ الأَمْر، إِذا الأَمْرُ انْقَشَرْ

أَمَرَّهُ يَسْراً، فإِنْ أَعْيا اليَسَرْ

والْتاثَ إِلا مِرَّةَ الشَّزْرِ، شَزَرْ

أَمرَّه أَي فَتَلَهُ فَتْلًا شَدِيدًا. يَسْرًا أَي فَتَلَهُ عَلَى الْجِهَةِ اليَسْراءِ. فإِن أَعْيا اليَسَرُ وَالْتَاثَ أَي أَبطأَ.

(1). قوله: [سقى بشرير إلخ] الذي تقدم: [تسقي شَرِيرَ الْبَحْرِ حَوْلًا تَرُدُّهُ] وهما روايتان كما في شرح القاموس

ص: 404

أَمَرَّهُ شَزْراً أَي عَلَى العَسْراءِ وأَغارَهُ عَلَيْهَا؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ:

بالفَتْلِ شَزْراً غَلَبَتْ يَسَارا،

تَمْطُو العِدَى والمِجْذَبَ البَتَّارَا

يَصِفُ حِبَالَ المَنْجَنِيقِ يَقُولُ: إِذا ذَهَبُوا بِهَا عَنْ وُجُوهِهَا أَقبلت عَلَى القَصْدِ. واسْتَشْزَرَ الحَبْلُ واسْتَشْزَرَه فَاتِلُه؛ وَرُوِيَ بَيْتُ امْرِئِ الْقَيْسِ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا:

غَدَائِرُه مُسْتَشْزِرَاتٌ إِلى العُلى،

تَظَلُّ المَدَارِي فِي مُثَنًّى ومُرْسَلِ «1»

. وَيُرْوَى مُسْتَشْزَرَات. وغَزْلٌ شَزْرٌ: عَلَى غَيْرِ اسْتِوَاءٍ وَفِي الصِّحَاحِ: والشَّزْرُ مِنَ الْفَتْلِ مَا كَانَ إِلى فَوْقٍ خلافَ دَوْرِ المِغْزَل. يُقَالُ: حَبْلٌ مَشْزُورٌ وَغَدَائِرُ مُسْتَشْزَرات. وطَحْنٌ شَزْرٌ: ذَهَبَ بِهِ عَنِ الْيَمِينِ. يُقَالُ: طَحَنَ بِالرَّحَى شَزْراً، وَهُوَ أَن يَذْهَبُ بِالرَّحَى عَنْ يَمِينِهِ، وبَتّاً أَي عَنْ يَسَارِهِ؛ وأَنشد:

ونَطْحَنُ بالرَّحَى بَتّاً وشَزْراً،

ولَوْ نُعْطَى المَغَازِلَ مَا عَيِينَا

والشَّزْرُ: الشِّدَّةُ وَالصُّعُوبَةُ فِي الأَمر. وتَشَزَّرَ الرَّجُلُ: تهيأَ لِلْقِتَالِ. وتَشَزَّرَ: غَضِبَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَد: بَلَغَنِي عَنْ أَمير الْمُؤْمِنِينَ ذَرْءٌ مِنْ خَبَرٍ تَشَزَّرَ لِي فِيهِ بِشَتْمٍ وإِبْعَاد فَسِرْتُ إِليه جَوَاداً، وَيُرْوَى تَشَذَّر، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

مَا زَالَ في الحُوَلاءِ [الحِوَلاءِ] شَزْراً رائِغاً،

عِنْدَ الصَّرِيمِ، كَرَوْغَةٍ مِنْ ثَعْلَبِ

فَسَّرَهُ فَقَالَ: شَزْراً آخِذًا فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ. يَقُولُ: لَمْ يَزَلْ فِي رَحِمِ أُمه رَجُلَ سَوْءٍ كأَنه يَقُولُ لَمْ يَزَلْ فِي أُمه عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا فِي الْكِبَرِ. وَالصَّرِيمُ هُنَا: الأَمر الْمَصْرُومُ. وشَيْزَرٌ: بَلَدٌ، وَفِي الْمُحْكَمِ: أَرض؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

تَقَطَّعَ أَسْبَابُ اللُّبَانَةِ والهَوَى،

عَشِيَّةَ جَاوَزْنا حَمَاةَ وشَيْزَرَا

شصر: الشَّصْرُ مِنَ الْخِيَاطَةِ: كالبَشْكِ، وَقَدْ شَصَرَه شَصْراً. أَبو عُبَيْدٍ: شَصَرْتُ الثَّوْبَ شَصْراً إِذا خِطْتَه مِثْلَ البَشْكِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وتَشْصِيرُ النَّاقَةِ مِنْ هَذَا. الصِّحَاحُ: الشَّصْرُ الْخِيَاطَةُ الْمُتَبَاعِدَةُ وَالتَّزْنِيدُ. وشَصَرْتُ عينَ الْبَازِي أَشْصُرُه شَصْراً إِذا خِطْتَهُ. والشِّصَار: أَخِلَّةُ التَّزْنِيد؛ حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ. والشِّصَارُ: خَشَبَةٌ تَدْخُلُ بَيْنَ مَنْخِرَيِ النَّاقَةِ، وَقَدْ شَصَرَها وشَصَّرَها. وشَصَرَ النَّاقَةَ يَشْصِرُها ويَشْصُرُها شَصْراً إِذا دَحَقَتْ رَحِمُها فَخَلَّلَ حَياءَها بِأَخِلَّةٍ ثُمَّ أَدار خَلْفَ الأَخِلَّةِ بعَقَبٍ أَو خَيْطٍ مِنْ هُلْبِ ذَنبها. والشِّصارُ: مَا شُصِرَ بِهِ. التَّهْذِيبِ: والشِّصارُ خَشَبَةٌ تَشُدُّ بَيْنَ شُفْرَي النَّاقَةِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الشَّصْرانِ خَشَبَتَانِ يَنْفُذُ بِهِمَا فِي شُفْرِ خُورانِ النَّاقَةِ ثُمَّ يَعْصِبُ مِنْ وَرَائِهَا بِخُلْبَةٍ شَدِيدَةٍ، وَذَلِكَ إِذا أَرادوا أَن يظأَروها عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا فيأْخذون دُرْجَةً مَحْشُوَّةً ويَدُسُّونها فِي خُورانِها، ويَخِلُّون الخُورانَ بِخِلَالَيْنِ هُمَا الشِّصارَانِ يُوثَقانِ بِخُلْبَةٍ يُعْصَبانِ بِهَا، فَذَلِكَ الشَّصْرُ والتَّزْنِيدُ. وشَصَرَ بَصَرُه يَشْصِرُ شُصُوراً: شَخَصَ عِنْدَ الْمَوْتِ. وَيُقَالُ: تَرَكْتُ فُلْانًا وَقَدْ شَصَرَ بَصَرهُ، وَهُوَ أَن تَنْقَلِبَ الْعَيْنُ عِنْدَ نُزُولِ الْمَوْتِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا عِنْدِي وَهَمٌ وَالْمَعْرُوفُ شَطَرَ بَصَرُه وَهُوَ الَّذِي كأَنه يَنْظُرُ إِليك وإِلى آخَرَ؛ رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الِفَرَّاءِ. قَالَ: والشُّصُور بمعنى الشُّطُور

(1). في معلقة إمرئ القيس: تَضِلُّ العِقاصُ

ص: 405

مِنْ مَنَاكِيرِ اللَّيْثِ، قَالَ: وَقَدْ نَظَرْتُ فِي بَابِ مَا يُعَاقَبُ مِنْ حَرْفَيِ الصَّادِ وَالطَّاءِ لِابْنِ الْفَرَجِ فَلَمْ أَجده، قَالَ: وَهُوَ عِنْدِي مِنْ وهَم اللَّيْثِ. والشَّصْرَةُ: نَطْحَةُ الثَّوْرِ الرجلَ بِقَرْنهِ. وشَصَرَهُ الثَّوْرُ بِقَرْنِهِ يَشْصُرُهُ شَصْراً: نَطَحَهُ، وَكَذَلِكَ الظَّبْيُ. والشَّصَرُ مِنَ الظِّبَاءِ: الَّذِي بَلَغَ أَن يَنْطَحَ، وَقِيلَ: الَّذِي بَلَغَ شَهْرًا، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَمْ يَحْتَنِكْ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي قَدْ قَوِيَ وَتَحَرَّكَ، وَالْجَمْعُ أَشْصارٌ وشَصَرَةٌ. والشَّوْصَرُ: كالشَّصَرِ. اللَّيْثُ: يُقَالُ لَهُ شاصِرٌ إِذا نَجَمَ قَرْنُه. والشَّصَرَةُ: الظَّبْيَةُ الصَّغِيرَةُ. والشَّصَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: وَلَدُ الظَّبْيَةِ، وَكَذَلِكَ الشَّاصِرُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَقَالَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الأَعراب: هُوَ طَلًا ثُمَّ خِشْفٌ، فإِذا طَلَعَ قَرْنَاهُ فَهُوَ شادِنٌ، فإِذا قَوِيَ وَتَحَرَّكَ فَهُوَ شَصَرٌ، والأُنثى شَصَرَةٌ، ثُمَّ جَذَعٌ ثُمَّ ثَنِيٌّ، وَلَا يَزَالُ ثَنِيّاً حَتَّى يَمُوتَ لَا يزيد عليه. وشِصارٌ: اسْمُ رَجُلٍ وَاسْمُ جِنِّيٍّ؛ وَقَوْلُ خُنافِر فِي رَئيِّهِ مِنَ الْجِنِّ:

نَجَوْتُ بِحَمْدِ اللهِ مِنْ كُلِّ فَحْمَةٍ

تُؤَرِّثُ هُلْكاً، يَوْمَ شايَعْتُ شاصِرَا

إِنما أَراد شِصاراً فَغَيَّرَ الِاسْمَ لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ، وَمِثْلُهُ كثير.

شطر: الشَّطْرُ: نِصْفُ الشَّيْءِ، وَالْجَمْعُ أَشْطُرٌ وشُطُورٌ. وشَطَرْتُه: جَعَلْتُهُ نِصْفَيْنِ. وَفِي الْمَثَلِ: أَحْلُبُ حَلَباً لكَ شَطْرُه. وشاطَرَه مالَهُ: ناصَفَهُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: أَمْسَكَ شَطْرَهُ وأَعطاه شَطْره الْآخَرَ. وَسُئِلَ

مَالِكُ بْنُ أَنس: مِنْ أَين شاطَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عُمَّالَهُ؟ فَقَالَ: أَموال كَثِيرَةٌ ظَهَرَتْ لَهُمْ. وإِن أَبا الْمُخْتَارِ الْكِلَابِيَّ كَتَبَ إِليه:

نَحُجُّ إِذا حَجُّوا، ونَغْزُو إِذا غَزَوْا،

فَإِنِّي لَهُمْ وفْرٌ، ولَسْتُ بِذِي وَفْرِ

إِذا التَّاجِرُ الدَّارِيُّ جاءَ بِفَأْرَةٍ

مِنَ المِسْكِ، راحَتْ فِي مَفارِقِهِمْ تَجْرِي

فَدُونَكَ مالَ اللهِ حَيْثُ وجَدْتَهُ

سَيَرْضَوْنَ، إِنْ شاطَرْتَهُمْ، مِنْكَ بِالشَّطْرِ

قَالَ: فَشاطَرَهُمْ عُمَرُ، رضي الله عنه، أَموالهم.

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن سَعْداً استأْذن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، أَن يتصدَّق بِمَالِهِ، قَالَ: لَا، قَالَ: فالشَّطْرَ، قَالَ: لَا، قَالَ الثُّلُثَ، فَقَالَ: الثُّلُثُ والثُّلُثُ كَثِيرٌ

؛ الشَّطْرُ: النِّصْفُ، وَنَصَبَهُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ أَي أَهَبُ الشَّطْرَ وَكَذَلِكَ الثُّلُثُ، وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ: كَانَ عِنْدَنَا شَطْرٌ مِنْ شَعير.

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه رَهَنَ دِرْعَهُ بشَطْر مِنْ شَعِيرٍ

؛ قِيلَ: أَراد نِصْفَ مَكُّوكٍ، وَقِيلَ: نصفَ وسْقٍ. وَيُقَالُ: شِطْرٌ وشَطِيرٌ مِثْلُ نِصْفٍ ونَصِيفٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمان لأَن الإِيمان يَظْهَرُ بِحَاشِيَةِ الْبَاطِنِ، والطُّهُور يَظْهَرُ بِحَاشِيَةِ الظَّاهِرِ.

وَفِي حَدِيثِ مَانِعِ الزكاةِ:

إِنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِهِ عَزْمَةٌ مِنْ عَزَماتِ رَبِّنا.

قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الحَرْبِيُّ غَلِطَ بَهْزٌ الرَّاوِي فِي لَفْظِ الرِّوَايَةِ إِنما هُوَ: وشُطِّرَ مالُهُ أَي يُجْعَل مالُهُ شَطْرَيْنِ ويَتَخَيَّر عَلَيْهِ المُصَدّقُ فيأْخذ الصَّدَقَةَ مِنْ خَيْرِ النِّصْفَيْنِ، عُقُوبَةً لِمَنْعِهِ الزَّكَاةَ، فأَما ما لَا يَلْزَمُهُ فَلَا. قَالَ: وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي قَوْلِ الْحَرْبِيِّ: لَا أَعرف هَذَا الْوَجْهَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن الحقَّ مُسْتَوْفًى مِنْهُ غَيْرُ مَتْرُوكٍ عَلَيْهِ، وإِن تَلِفَ شَطرُ مَالِهِ، كَرَجُلٍ كَانَ لَهُ أَلف شَاةٍ فَتَلِفَتْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ

ص: 406

إِلا عِشْرُونَ، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَشْرُ شِيَاهٍ لِصَدَقَةِ الأَلف، وَهُوَ شَطْرُ مَالِهِ الْبَاقِي، قَالَ: وَهَذَا أَيضاً بَعِيدٌ لأَنه قَالَ لَهُ: إِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ، وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّا آخِذُو شَطْرَ مَالِهِ، وَقِيلَ: إِنه كَانَ فِي صَدْرِ الإِسلام يَقَعُ بَعْضُ الْعُقُوبَاتِ فِي الأَموال ثُمَّ نُسِخَ، كَقَوْلِهِ فِي الثَّمَرِ المُعَلَّقِ: مَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غرامةُ مِثْلَيْهِ والعقوبةُ، وَكَقَوْلِهِ فِي ضَالَّةِ الإِبل الْمَكْتُومَةِ: غَرامَتُها ومثْلُها مَعَهَا، وَكَانَ عُمَرُ يَحْكُمُ بِهِ فَغَرَّمَ حَاطِبًا ضِعْفَ ثَمَنِ ناقةِ المُزَنِيِّ لَمَّا سَرَقَهَا رَقِيقُهُ وَنَحَرُوهَا؛ قَالَ: وَلَهُ فِي الْحَدِيثِ نَظَائِرُ؛ قَالَ: وَقَدْ أَخذ أَحمد بْنُ حَنْبَلٍ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا وَعَمِلَ بِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: مَنْ مَنَعَ زَكَاةَ مَالِهِ أُخذت مِنْهُ وأُخذ شَطْرُ مَالِهِ عُقُوبَةً عَلَى مَنْعِهِ، وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ:

لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إِلا الزَّكَاةُ لَا غَيْرَ

، وَجَعَلَ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخًا، وَقَالَ: كَانَ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَتِ الْعُقُوبَاتُ فِي الأَموال، ثُمَّ نُسِخَتْ، وَمَذْهَبُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ أَن لَا واجبَ عَلَى مُتْلِفِ الشَّيْءِ أَكْثَرُ مِنْ مِثْلِهِ أَو قِيمَتِهِ. وَلِلنَّاقَةِ شَطْرَانِ قادِمان وآخِرانِ، فكلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ، وَالْجَمْعُ أَشْطُرٌ. وشَطَّرَ بِنَاقَتِهِ تَشْطِيراً: صَرَّ خِلْفَيْها وَتَرَكَ خِلْفَيْنِ، فإِن صَرَّ خِلْفاً وَاحِدًا قِيلَ: خَلَّفَ بِهَا، فإِن صَرَّ ثلاثةَ أَخْلَافٍ قِيلَ: ثَلَثَ بِهَا، فإِذا صَرَّها كُلَّهَا قِيلَ: أَجْمَعَ بِهَا وأَكْمَشَ بِهَا. وشَطْرُ الشاةِ: أَحَدُ خِلْفَيها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:

فَتَنَازَعَا شَطْراً لِقَدْعَةَ واحِداً،

فَتَدَارَآ فيهِ فكانَ لِطامُ

وشَطَرَ ناقَتَهُ وَشَاتَهُ يَشْطُرُها شَطْراً: حَلَبَ شَطْراً وَتَرَكَ شَطْراً. وَكُلُّ مَا نُصِّفَ، فَقَدْ شُطِّرَ. وَقَدْ شَطَرْتُ طَلِيِّي أَي حَلَبْتُ شَطْرًا أَو صَرَرْتُهُ وتَرَكْتُهُ والشَّطْرُ الْآخَرَ. وشاطَرَ طَلِيَّهُ: احْتَلَبَ شَطْراً أَو صَرَّهُ وَتَرَكَ لَهُ الشَّطْرَ الْآخَرَ. وَثَوْبٌ شَطُور: أَحدُ طَرَفَيْ عَرْضِهِ أَطولُ مِنَ الْآخَرِ، يَعْنِي أَن يَكُونَ كُوساً بِالْفَارِسِيَّةِ. وشَاطَرَنِي فلانٌ المالَ أَي قاسَمني بالنِّصْفِ. والمَشْطُورُ مِنَ الرَّجَزِ والسَّرِيعِ: مَا ذَهَبَ شَطْرُه، وَهُوَ عَلَى السَّلْبِ. والشَّطُورُ مِنَ الغَنَمِ: الَّتِي يَبِسَ أَحدُ خِلْفَيْها، وَمِنَ الإِبل: الَّتِي يَبِسَ خِلْفانِ مِنْ أَخلافها لأَن لَهَا أَربعة أَخلاف، فإِن يَبِسَ ثَلَاثَةٌ فَهِيَ ثَلُوثٌ. وَشَاةٌ شَطُورٌ وَقَدْ شَطَرَتْ وشَطُرَتْ شِطاراً، وَهُوَ أَن يَكُونَ أَحد طُبْيَيْها أَطولَ مِنَ الْآخَرِ، فإِن حُلِبَا جَمِيعًا والخِلْفَةُ كَذَلِكَ، سُمِّيَتْ حَضُوناً، وحَلَبَ فلانٌ الدَّهْرُ أَشْطُرَهُ أَي خَبَرَ ضُرُوبَهُ، يَعْنِي أَنه مرَّ بِهِ خيرُه وَشَرُّهُ وَشِدَّتُهُ ورخاؤُه، تَشْبِيهًا بِحَلْبِ جَمِيعِ أَخلاف النَّاقَةِ، مَا كَانَ مِنْهَا حَفِلًا وَغَيْرَ حَفِلٍ، ودَارّاً وَغَيْرَ دَارٍّ، وأَصله مِنْ أَشْطُرِ الناقةِ وَلَهَا خِلْفان قَادِمَانِ وآخِرانِ، كأَنه حَلَبَ القادمَين وَهُمَا الْخَيْرُ، والآخِرَيْنِ وَهُمَا الشَّرُّ، وكلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ؛ وَقِيلَ: أَشْطُرُه دِرَرُهُ. وَفِي حَدِيثِ

الأَحنف قَالَ لِعَلِيٍّ، عليه السلام، وَقْتَ التَّحْكِيمِ: يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ إِني قَدْ حَجَمْتُ الرجلَ وحَلَبْتُ أَشْطُرَهُ فَوَجَدْتُهُ قريبَ القَعْرِ كَلِيلَ المُدْيَةِ، وإِنك قَدْ رُميت بِحَجَر الأَرْضِ

؛ الأَشْطُرُ: جَمْعُ شَطْرٍ، وَهُوَ خِلْفُ النَّاقَةِ، وَجَعْلُ الأَشْطُرَ مَوْضِعَ الشَّطْرَيْنِ كَمَا تُجْعَلُ الْحَوَاجِبُ مَوْضِعَ الْحَاجِبَيْنِ، وأَراد بِالرَّجُلَيْنِ الحَكَمَيْنِ الأَوَّل أَبو مُوسَى وَالثَّانِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ. وإِذا كَانَ نِصْفُ وَلَدِ الرَّجُلِ ذُكُورًا وَنِصْفُهُمْ إِناثاً قِيلَ: هُمْ شِطْرَةٌ. يُقَالُ: وَلَدُ فُلانٍ شِطْرَةٌ، بِالْكَسْرِ، أَي نصفٌ

ص: 407

ذكورٌ ونصفٌ إِناثٌ. وقَدَحٌ شَطْرانُ أَي نَصْفانُ. وإِناءٌ شَطْرانُ: بَلَغَ الكيلُ شَطْرَهُ، وَكَذَلِكَ جُمْجُمَةٌ شَطْرَى وقَصْعَةٌ شَطْرَى. وشَطَرَ بَصَرُه يَشْطِرُ شُطُوراً وشَطْراً: صَارَ كأَنه يَنْظُرُ إِليك وإِلى آخَرَ.

وَقَوْلُهُ، صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَعان عَلَى دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكْتُوبًا بَيْنَ عَيْنَيْهِ: يَائِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ

؛ قِيلَ: تَفْسِيرُهُ هُوَ أَن يَقُولَ: أُقْ، يُرِيدُ: أُقتل كَمَا

قَالَ، عليه السلام: كَفَى بِالسَّيْفِ شَا

، يُرِيدُ: شَاهِدًا؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَشْهَدَ اثْنَانِ عَلَيْهِ زُورًا بأَنه قَتَلَ فكأَنهما قَدِ اقْتَسَمَا الْكَلِمَةَ، فَقَالَ هَذَا شَطْرَهَا وَهَذَا شَطْرَهَا إِذا كَانَ لَا يُقْتَلُ بِشَهَادَةِ أَحدهما. وشَطْرُ الشَّيْءِ: ناحِيَتُه. وشَطْرُ كُلِّ شَيْءٍ: نَحْوُهُ وقَصْدُه. وقصدتُ شَطْرَه أَي نَحْوَهُ؛ قَالَ أَبو زِنْباعٍ الجُذامِيُّ:

أَقُولُ لأُمِّ زِنْباعٍ: أَقِيمِي

صُدُورَ العِيسِ شَطْرَ بَني تَمِيمِ

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ*

؛ وَلَا فِعْلَ لَهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُرِيدُ نَحْوَهُ وَتِلْقَاءَهُ، وَمِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ: ولِّ وَجْهَكَ شَطْرَه وتُجاهَهُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

إِنَّ العَسِيرَ بِهَا داءٌ مُخامِرُها،

فَشَطْرَها نَظَرُ العَيْنَيْنِ مَحْسُورُ

وَقَالَ أَبو إِسحاق: الشَّطْرُ النَّحْوُ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهل اللُّغَةِ فِيهِ. قَالَ: وَنَصَبَ قَوْلَهُ عز وجل: شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ*

، عَلَى الظَّرْفِ. وَقَالَ أَبو إِسحاق:

أُمر النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَن يستقبل وهو بالمدينة مَكَّةَ وَالْبَيْتَ الْحَرَامَ، وأُمر أَن يَسْتَقْبِلَ الْبَيْتَ حَيْثُ كَانَ.

وشَطَرَ عَنْ أَهله شُطُوراً وشُطُورَةً وشَطارَةً إِذا نَزَحَ عَنْهُمْ وَتَرَكَهُمْ مُرَاغِمًا أَو مُخَالِفًا وأَعياهم خُبْثاً؛ والشَّاطِرُ مأْخوذ مِنْهُ وأُراه مولَّداً، وَقَدْ شَطَرَ شُطُوراً وشَطارَةً، وَهُوَ الَّذِي أَعيا أَهله ومُؤَدِّبَه خُبْثاً. الْجَوْهَرِيُّ: شَطَرَ وشَطُرَ أَيضاً، بِالضَّمِّ، شَطارة فِيهِمَا، قَالَ أَبو إِسحاق: قَوْلُ النَّاسِ فُلَانٌ شاطِرٌ مَعْنَاهُ أَنه أَخَذَ فِي نَحْوٍ غَيْرَ الِاسْتِوَاءِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهُ شَاطِرٌ لأَنه تَبَاعَدَ عَنِ الِاسْتِوَاءِ. وَيُقَالُ: هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ مُشاطرُونا أَي دُورهم تَتَّصِلُ بِدُورِنَا، كَمَا يُقَالُ: هَؤُلَاءِ يُناحُونَنا أَي نحنُ نَحْوَهُم وَهُمْ نَحْوَنا فَكَذَلِكَ هُمْ مُشاطِرُونا. ونِيَّةٌ شَطُورٌ أَي بَعِيدَةٌ. وَمَنْزِلٌ شَطِيرٌ وَبَلَدٌ شَطِيرٌ وحَيٌّ شَطِيرٌ: بَعِيدٌ، وَالْجَمْعُ شُطُرٌ. ونَوًى شُطْرٌ، بِالضَّمِّ، أَي بَعِيدَةٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

أَشاقَك بَيْنَ الخَلِيطِ الشُّطُرْ،

وفِيمَنْ أَقامَ مِنَ الحَيِّ هِرْ

قَالَ: والشُّطُرُ هاهنا لَيْسَ بِمُفْرَدٍ وإِنما هُوَ جَمْعُ شَطِير، والشُّطُرُ فِي الْبَيْتِ بِمَعْنَى المُتَغَرِّبِينَ أَو المُتَعَزِّبِينَ، وَهُوَ نَعْتُ الْخَلِيطِ، وَالْخَلِيطُ: الْمُخَالِطُ، وَهُوَ يُوصَفُ بِالْجَمْعِ وَبِالْوَاحِدِ أَيضاً؛ قَالَ نَهْشَلُ بنُ حَريٍّ:

إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فابْتَكَرُوا،

واهْتَاجَ شَوْقَك أَحْدَاجٌ لَها زَمْرُ

والشَّطِيرُ أَيضاً: الْغَرِيبُ؛ قَالَ:

لَا تَدَعَنِّي فِيهمُ شَطِيرا،

إِنِّي إِذاً أَهْلِكَ أَوْ أَطِيرَا

وَقَالَ غَسَّانُ بنُ وَعْلَةَ:

إِذا كُنْتَ فِي سَعْدٍ، وأُمُّكَ مِنْهُمُ،

شَطِيراً فَلا يَغْرُرْكَ خالُكَ مِنْ سَعْدِ

وإِنَّ ابنَ أُخْتِ القَوْمِ مُصْغًى إِناؤُهُ،

إِذا لَمْ يُزاحِمْ خالَهُ بِأَبٍ جَلْدِ

ص: 408

يقول: لا تَغْتَرَّ بخُؤُولَتِكَ فإِنك مَنْقُوصُ الْحَظِّ مَا لَمْ تُزَاحِمْ أَخوالك بِآبَاءٍ أَشرافٍ وأَعمام أَعزة. والمصغَى: المُمالُ: وإِذا أُميل الإِناء انصبَّ مَا فِيهِ، فَضَرَبَهُ مَثَلًا لِنَقْصِ الْحَظِّ، وَالْجَمْعُ الْجَمْعُ. التَّهْذِيبِ: والشَّطِيرُ الْبَعِيدُ. وَيُقَالُ لِلْغَرِيبِ: شَطِيرٌ لِتَبَاعُدِهِ عَنْ قَوْمِهِ. والشَّطْرُ: البُعْدُ. وَفِي حَدِيثِ

الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: لَوْ أَن رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بحقٍّ أَحدُهما شَطِيرٌ فإِنه يَحْمِلُ شَهَادَةَ الْآخَرِ

؛ الشَّطِيرُ: الْغَرِيبُ، وَجَمْعُهُ شُطُرٌ، يَعْنِي لَوْ شَهِدَ لَهُ قَرِيبٌ مِنْ أَب أَو ابْنٍ أَو أَخ وَمَعَهُ أَجنبي صَحَّحَتْ شهادةُ الأَجنبي شهادَةَ الْقَرِيبِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ حَمْلًا لَهُ؛ قَالَ: وَلَعَلَّ هَذَا مَذْهَبُ الْقَاسِمِ وإِلا فَشَهَادَةُ الأَب وَالِابْنِ لَا تُقْبَلُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

قَتَادَةَ: شَهَادَةُ الأَخ إِذا كَانَ مَعَهُ شَطِيرٌ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَكَذَا هَذَا فإِنه لَا فَرْقَ بَيْنَ شَهَادَةِ الْغَرِيبِ مَعَ الأَخ أَو الْقَرِيبِ فإِنها مَقْبُولَةٌ.

شظر: التَّهْذِيبُ فِي نَوَادِرِ الأَعراب: يُقَالُ شِظْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ وشَظِيَّةٌ. قَالَ: وشِنْظِيَةٌ وشِنْظِيرةٌ، قَالَ الأَصمعي: الشِّنْظِيرةُ الفَحَّاشُ السَّيِّئ الخُلُق، وَالنُّونُ زائدة.

شعر: شَعَرَ بِهِ وشَعُرَ يَشْعُر شِعْراً وشَعْراً وشِعْرَةً ومَشْعُورَةً وشُعُوراً وشُعُورَةً وشِعْرَى ومَشْعُوراءَ ومَشْعُوراً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كُلُّهُ: عَلِمَ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: مَا شَعَرْتُ بِمَشْعُورِه حَتَّى جَاءَهُ فُلَانٌ، وَحَكَى عَنِ الْكِسَائِيِّ أَيضاً: أَشْعُرُ فُلَانًا مَا عَمِلَهُ، وأَشْعُرُ لفلانٍ مَا عَمِلَهُ، وَمَا شَعَرْتُ فُلَانًا مَا عَمِلَهُ، قَالَ: وَهُوَ كَلَامُ الْعَرَبِ. ولَيْتَ شِعْرِي أَي لَيْتَ عِلْمِي أَو لَيْتَنِي عَلِمْتُ، وليتَ شِعري مِنْ ذَلِكَ أَي لَيْتَنِي شَعَرْتُ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَالُوا لَيْتَ شِعْرَتي فَحَذَفُوا التَّاءَ مَعَ الإِضافة لِلْكَثْرَةِ، كَمَا قَالُوا: ذَهَبَ بِعُذْرَتِها وَهُوَ أَبو عُذْرِها فَحَذَفُوا التَّاءَ مَعَ الأَب خَاصَّةً. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: ليتَ شِعْرِي لِفُلَانٍ مَا صَنَعَ، وليت شِعْرِي عن فلان مَا صَنَعَ، وليتَ شِعْرِي فُلَانًا مَا صَنَعَ؛ وأَنشد:

يَا ليتَ شِعْرِي عَنْ حِمَارِي مَا صَنَعْ،

وعنْ أَبي زَيْدٍ وكَمْ كانَ اضْطَجَعْ

وأَنشد:

يَا ليتَ شِعْرِي عَنْكُمُ حَنِيفَا،

وَقَدْ جَدَعْنا مِنْكُمُ الأُنُوفا

وأَنشد:

ليتَ شِعْرِي مُسافِرَ بنَ أَبِي عَمْرٍو،

ولَيْتٌ يَقُولُها المَحْزُونُ

وَفِي الْحَدِيثِ:

ليتَ شِعْرِي مَا صَنَعَ فلانٌ

أَي لَيْتَ عِلْمِي حَاضِرٌ أَو مُحِيطٌ بِمَا صَنَعَ، فَحَذَفَ الْخَبَرَ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ. وأَشْعَرَهُ الأَمْرَ وأَشْعَرَه بِهِ: أَعلمه إِياه. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ

؛ أَي وَمَا يُدْرِيكُمْ. وأَشْعَرْتُه فَشَعَرَ أَي أَدْرَيْتُه فَدَرَى. وشَعَرَ بِهِ: عَقَلَه. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَشْعَرْتُ بِفُلَانٍ اطَّلَعْتُ عَلَيْهِ، وأَشْعَرْتُ بِهِ: أَطْلَعْتُ عَلَيْهِ، وشَعَرَ لِكَذَا إِذا فَطِنَ لَهُ، وشَعِرَ إِذا مَلَكَ «2». عَبِيدًا. وَتَقُولُ لِلرَّجُلِ: اسْتَشْعِرْ خَشْيَةَ اللَّهِ أَي اجْعَلْهُ شِعارَ قَلْبِكَ. واسْتَشْعَرَ فلانٌ الْخَوْفَ إِذا أَضمره. وأَشْعَرَه فلانٌ شَرّاً: غَشِيَهُ بِهِ. ويقال: أَشْعَرَه

(2). قوله: [وشعر إِذا ملك إِلخ] بابه فرح بخلاف ما قبله فبابه نصر وكرم كما في القاموس

ص: 409

الحُبُّ مَرَضًا. والشِّعْرُ: مَنْظُومُ الْقَوْلِ، غَلَبَ عَلَيْهِ لِشَرَفِهِ بِالْوَزْنِ وَالْقَافِيَةِ، وإِن كَانَ كُلُّ عِلْمٍ شِعْراً مِنْ حَيْثُ غَلَبَ الْفِقْهُ عَلَى عِلْمِ الشَّرْعِ، والعُودُ عَلَى المَندَلِ، وَالنَّجْمُ عَلَى الثُّرَيَّا، وَمِثْلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ، وَرُبَّمَا سَمَّوُا الْبَيْتَ الْوَاحِدَ شِعْراً؛ حَكَاهُ الأَخفش؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ إِلَّا أَن يَكُونَ عَلَى تَسْمِيَةِ الْجُزْءِ بِاسْمِ الْكُلِّ، كَقَوْلِكَ الْمَاءُ لِلْجُزْءِ مِنَ الْمَاءِ، وَالْهَوَاءُ لِلطَّائِفَةِ مِنَ الْهَوَاءِ، والأَرض لِلْقِطْعَةِ مِنَ الأَرض. وَقَالَ الأَزهري: الشِّعْرُ القَرِيضُ الْمَحْدُودُ بِعَلَامَاتٍ لَا يُجَاوِزُهَا، وَالْجَمْعُ أَشعارٌ، وقائلُه شاعِرٌ لأَنه يَشْعُرُ مَا لَا يَشْعُرُ غَيْرُهُ أَي يَعْلَمُ. وشَعَرَ الرجلُ يَشْعُرُ شِعْراً وشَعْراً وشَعُرَ، وَقِيلَ: شَعَرَ قَالَ الشِّعْرَ، وشَعُرَ أَجاد الشِّعْرَ؛ وَرَجُلٌ شَاعِرٌ، وَالْجَمْعُ شُعَراءُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: شَبَّهُوا فاعِلًا بِفَعِيلٍ كَمَا شَبَّهُوهُ بفَعُولٍ، كَمَا قَالُوا: صَبُور وصُبُرٌ، وَاسْتَغْنَوْا بِفَاعِلٍ عَنْ فَعِيلٍ، وَهُوَ فِي أَنفسهم وَعَلَى بَالٍ مِنْ تَصَوُّرِهِمْ لِمَا كَانَ وَاقِعًا مَوْقِعُهُ، وكُسِّرَ تَكْسِيرَهُ لِيُكَوِّنَ أَمارة وَدَلِيلًا عَلَى إِرادته وأَنه مُغْنٍ عَنْهُ وَبَدَلٌ مِنْهُ. وَيُقَالُ: شَعَرْتُ لِفُلَانٍ أَي قُلْتُ لَهُ شِعْراً؛ وأَنشد:

شَعَرْتُ لَكُمْ لَمَّا تَبَيَّنْتُ فَضْلَكُمْ

عَلَى غَيْرِكُمْ، مَا سائِرُ النَّاسِ يَشْعُرُ

وَيُقَالُ: شَعَرَ فُلَانٌ وشَعُرَ يَشْعُر شَعْراً وشِعْراً، وَهُوَ الِاسْمُ، وَسُمِيَ شاعِراً لفِطْنَتِه. وَمَا كَانَ شَاعِرًا، وَلَقَدْ شَعُر، بِالضَّمِّ، وَهُوَ يَشْعُر. والمُتَشاعِرُ: الَّذِي يَتَعَاطَى قولَ الشِّعْر. وشاعَرَه فَشَعَرَهُ يَشْعَرُه، بِالْفَتْحِ، أَي كَانَ أَشْعر مِنْهُ وَغَلَبَهُ. وشِعْرٌ شاعِرٌ: جَيِّدٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَرادوا بِهِ الْمُبَالَغَةَ والإِشادَة، وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى مَشْعُورٍ بِهِ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وَقَدْ قَالُوا: كَلِمَةٌ شَاعِرَةٌ أَي قَصِيدَةٌ، والأَكثر فِي هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ أَن يَكُونَ لَفْظُ الثَّانِي مِنْ لَفْظِ الأَول، كَوَيْلٌ وائلٌ ولَيْلٌ لائلٌ. وأَما قَوْلُهُمْ: شاعِرُ هَذَا الشِّعْرِ فَلَيْسَ عَلَى حَدِّ قَوْلِكَ ضاربُ زيدٍ تُرِيدُ المنقولةَ مِنْ ضَرَبَ، وَلَا عَلَى حَدِّهَا وأَنت تُرِيدُ ضاربٌ زَيْدًا المنقولةَ مِنْ قَوْلِكَ يَضْرِبُ أَو سَيَضْرِبُ، لأَن ذَلِكَ مَنْقُولٌ مِنْ فِعْلٍ مُتَعَدٍّ، فأَما شاعرُ هَذَا الشعرِ فَلَيْسَ قَوْلُنَا هَذَا الشِّعْرِ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ أَلْبَتَّةَ لأَن فِعْلَ الْفَاعِلِ غَيْرُ مُتَعَدٍّ إِلَّا بِحَرْفِ الْجَرِّ، وإِنما قَوْلُكَ شَاعِرُ هَذَا الشِّعْرِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ صَاحِبُ هَذَا الشِّعْرِ لأَن صَاحِبًا غَيْرُ مُتَعَدٍّ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وإِنما هُوَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ غُلَامٍ وإِن كَانَ مُشْتَقًّا مِنَ الْفِعْلِ، أَلا تَرَاهُ جَعَلَهُ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ بِمَنْزِلَةِ دَرّ فِي الْمَصَادِرِ من قولهم لله دَرُّكَ؟ وَقَالَ الأَخفش: الشاعِرُ مثلُ لابِنٍ وتامِرٍ أَي صَاحِبُ شِعْر، وَقَالَ: هَذَا البيتُ أَشْعَرُ مِنْ هَذَا أَي أَحسن مِنْهُ، وَلَيْسَ هَذَا عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ شِعْرٌ شاعِرٌ لأَن صِيغَةَ التَّعَجُّبِ إِنما تَكُونُ مِنَ الْفِعْلِ، وَلَيْسَ فِي شَاعِرٍ مِنْ قَوْلِهِمْ شِعْرٌ شَاعِرٌ مَعْنَى الْفِعْلِ، إِنما هُوَ عَلَى النِّسْبَةِ والإِجادة كَمَا قُلْنَا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يَكُونَ الأَخفش قَدْ عَلِمَ أَن هُنَاكَ فِعْلًا فَحَمَلَ قَوْلَهُ أَشْعَرُ مِنْهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الأَخفش تَوَهَّمَ الْفِعْلَ هُنَا كأَنه سَمِعَ شَعُرَ البيتُ أَي جَادَ فِي نَوْعِ الشِّعْر فَحَمَلَ أَشْعَرُ مِنْهُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: إِن من الشِّعْر لَحِكمَةً فإِذا أَلْبَسَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ فالْتَمِسُوهُ فِي الشِّعْرِ فإِنه عَرَبِيٌّ.

والشَّعْرُ والشَّعَرُ مذكرانِ: نِبْتَةُ الْجِسْمِ مِمَّا لَيْسَ بِصُوفٍ وَلَا وَبَرٍ للإِنسان وَغَيْرِهِ، وَجَمْعُهُ أَشْعار وشُعُور، والشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الشَّعْرِ، وَقَدْ يُكَنَّى بالشَّعْرَة عَنِ الْجَمْعِ كَمَا يُكَنَّى بالشَّيبة عَنِ الْجِنْسِ؛

ص: 410

يُقَالُ رأَى «3» . فُلَانٌ الشَّعْرَة إِذا رأَى الشَّيْبَ فِي رأْسه. وَرَجُلٌ أَشْعَرُ وشَعِرٌ وشَعْرانيّ: كَثِيرُ شَعْرِ الرأْس وَالْجَسَدِ طويلُه، وَقَوْمٌ شُعْرٌ. وَرَجُلٌ أَظْفَرُ: طَوِيلُ الأَظفار، وأَعْنَقُ: طَوِيلُ العُنق. وسأَلت أَبا زَيْدٍ عَنْ تَصْغِيرِ الشُّعُور فَقَالَ: أُشَيْعار، رَجَعَ إِلى أَشْعارٍ، وَهَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:

عَلَى أَشْعارِهم وأَبْشارِهم.

وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الشَّدِيدِ: فُلَانٌ أَشْعَرُ الرَّقَبَةِ، شُبِّهَ بالأَسد وإِن لَمْ يَكُنْ ثَمَّ شَعَرٌ؛ وَكَانَ زِيَادُ بْنُ أَبيه يُقَالُ لَهُ أَشْعَرُ بَرْكاً أَي أَنه كَثِيرُ شَعْرِ الصَّدْرِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: كَانَ يُقَالُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ أَشْعَرُ بَرْكاً. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: إِن أَخا الحاجِّ الأَشعث الأَشْعَر

أَي الَّذِي لَمْ يَحْلِقْ شَعْرَهُ وَلَمْ يُرَجّلْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:

فَدَخَلَ رَجُلٌ أَشْعَرُ

: أَي كَثِيرُ الشَّعْرِ طَوِيلُهُ. وشَعِرَ التَّيْسُ وَغَيْرُهُ مِنْ ذِي الشَّعْرِ شَعَراً: كَثُرَ شَعَرُه؛ وَتَيْسٌ شَعِرٌ وأَشْعَرُ وَعَنْزٌ شَعْراءُ، وَقَدْ شَعِرَ يَشْعَرُ شَعَراً، وذلك كُلَّمَا كَثُرَ شَعَرُهُ. والشِّعْراءُ والشِّعْرَةُ، بِالْكَسْرِ: الشَّعَرُ النَّابِتُ عَلَى عَانَةِ الرَّجُلِ ورَكَبِ المرأَة وَعَلَى مَا وَرَاءَهَا؛ وَفِي الصِّحَاحِ: والشِّعْرَةُ، بِالْكَسْرِ، شَعَرُ الرَّكَبِ لِلنِّسَاءِ خَاصَّةً. والشِّعْرَةُ: مَنْبَتُ الشَّعرِ تَحْتَ السُّرَّة، وَقِيلَ: الشِّعْرَةُ الْعَانَةُ نَفْسُهَا. وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ:

أَتاني آتٍ فَشَقَّ مِنْ هَذِهِ إِلى هَذِهِ

، أَي مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِه إِلى شِعْرَتِه؛ قَالَ: الشِّعْرَةُ، بِالْكَسْرِ، الْعَانَةُ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:

فأَلْقَى ثَوْبَهُ، حَوْلًا كَرِيتاً،

عَلَى شِعْراءَ تُنْقِضُ بالبِهامِ

فإِنه أَراد بِالشِّعْرَاءِ خُصْيَةً [خِصْيَةً] كَثِيرَةَ الشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَيْهَا؛ وَقَوْلُهُ تُنْقِضُ بالبِهَامِ عَنى أُدْرَةً فِيهَا إِذا فَشَّتْ خَرَجَ لَهَا صَوْتٌ كَتَصْوِيتِ النَّقْضِ بالبَهْم إِذا دَعَاهَا. وأَشْعَرَ الجنينُ فِي بَطْنِ أُمه وشَعَّرَ واسْتَشْعَرَ: نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: لَمْ يُسْتَعْمَلْ إِلا مَزِيدًا؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ فِي ذَلِكَ:

كلُّ جَنِينٍ مُشْعِرٌ فِي الغِرْسِ

وَكَذَلِكَ تَشَعَّرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

زكاةُ الْجَنِينِ زكاةُ أُمّه إِذا أَشْعَرَ

، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ أَنبت الغلامُ إِذا نبتتْ عَانَتُهُ. وأَشْعَرَتِ الناقةُ: أَلقت جَنِينَهَا وَعَلَيْهِ شَعَرٌ؛ حَكَاهُ قُطْرُبٌ؛ وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ فِي قَوْلِهِ:

وكُلُّ طويلٍ، كأَنَّ السَّلِيطَ

فِي حَيْثُ وارَى الأَدِيمُ الشِّعارَا

أَراد: كأَن السَّلِيطَ، وَهُوَ الزَّيْتُ، في شَعَرِ هَذَا الْفَرَسِ لِصَفَائِهِ. والشِّعارُ: جَمْعُ شَعَرٍ، كَمَا يُقَالُ جَبَل وَجِبَالٌ؛ أَراد أَن يُخْبِرَ بِصَفَاءِ شَعَرِ الْفَرَسِ وَهُوَ كأَنه مَدْهُونٌ بِالسَّلِيطِ. والمُوَارِي فِي الْحَقِيقَةِ: الشِّعارُ. والمُوارَى: هُوَ الأَديم لأَن الشَّعَرَ يُوَارِيهِ فَقَلَبَ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ هَذَا الْبَيْتُ مِنَ الْمُسْتَقِيمِ غَيْرِ الْمَقْلُوبِ فَيَكُونَ مَعْنَاهُ: كأَن السَّلِيطَ فِي حَيْثُ وَارَى الأَديم الشَّعَرَ لأَن الشَّعَرَ يَنْبُتُ مِنَ اللَّحْمِ، وَهُوَ تَحْتَ الأَديم، لأَن الأَديم الْجِلْدُ؛ يَقُولُ: فكأَن الزَّيْتَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُوَارِيهِ الأَديم وَيَنْبُتُ مِنْهُ الشَّعَرُ، وإِذا كَانَ الزَّيْتُ فِي مَنْبَتِهِ نَبَتَ صَافِيًا فَصَارَ شَعَرُهُ كأَنه مدهون لأَن منابته فِي الدُّهْنِ كَمَا يَكُونُ الْغُصْنُ نَاضِرًا رَيَّانَ إِذا كَانَ الْمَاءُ فِي أُصوله. وَدَاهِيَةٌ شَعْراءُ وَدَاهِيَةٌ وَبْراءُ؛ وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا تَكَلَّمَ بِمَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ: جئتَ بِهَا شَعْراءَ ذاتَ وبَرٍ. وأَشْعَرَ الخُفَّ والقَلَنْسُوَةَ وَمَا أَشبههما وشَعَّرَه وشَعَرَهُ خَفِيفَةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كُلُّ ذَلِكَ: بَطَّنَهُ بشعر؛ وخُفٌ

(3). قوله: [يقال رأى إلخ] هذا كلام مستأنف وليس متعلقاً بما قبله ومعناه أَنه يكنى بالشعرة عن الشيب: انظر الصحاح والأساس

ص: 411

مُشْعَرٌ ومُشَعَّرٌ ومَشْعُورٌ. وأَشْعَرَ فُلَانٌ جُبَّتَه إِذا بَطَّنَهَا بالشَّعر، وَكَذَلِكَ إِذا أَشْعَرَ مِيثَرَةَ سَرْجِه. والشَّعِرَةُ مِنَ الْغَنَمِ: الَّتِي يَنْبُتُ بَيْنَ ظِلْفَيْها الشَّعَرُ فَيَدْمَيانِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَجِدُ أُكالًا فِي رَكَبِها. وداهيةٌ شَعْراء، كَزَبَّاءَ: يَذْهَبُونَ بِهَا إِلى خُبْثِها. والشَّعْرَاءُ: الفَرْوَة، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَوْنِ الشَّعَرِ عَلَيْهَا؛ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ ثَعْلَبٍ. والشَّعارُ: الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ؛ قَالَ يَصِفُ حِمَارًا وَحْشَيًّا:

وقَرَّب جانبَ الغَرْبيّ يَأْدُو

مَدَبَّ السَّيْلِ، واجْتَنَبَ الشَّعارَا

يَقُولُ: اجْتَنَبَ الشَّجَرَ مَخَافَةَ أَن يُرْمَى فِيهَا وَلَزِمَ مَدْرَجَ السَّيْلِ؛ وَقِيلَ: الشَّعار مَا كَانَ مِنْ شَجَرٍ فِي لِينٍ ووَطاءٍ مِنَ الأَرض يَحُلُّهُ النَّاسُ نَحْوُ الدَّهْناءِ وَمَا أَشبهها، يستدفئُون بِهِ فِي الشِّتَاءِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِهِ فِي الْقَيْظِ. يُقَالُ: أَرض ذَاتُ شَعارٍ أَي ذَاتُ شَجَرٍ. قَالَ الأَزهري: قَيَّدَهُ شَمِرٌ بِخَطِّهِ شِعار، بِكَسْرِ الشِّينِ، قَالَ: وَكَذَا رُوِيَ عَنِ الأَصمعي مِثْلُ شِعار المرأَة؛ وأَما ابْنُ السِّكِّيتِ فَرَوَاهُ شَعار، بِفَتْحِ الشِّينِ، فِي الشَّجَرِ. وَقَالَ الرِّياشِيُّ: الشِّعَارُ كُلُّهُ مَكْسُورٌ إِلا شَعار الشَّجَرِ. والشَّعارُ: مَكَانٌ ذُو شَجَرٍ. والشَّعارُ: كَثْرَةُ الشَّجَرِ؛ وَقَالَ الأَزهري: فِيهِ لُغَتَانِ شِعار وشَعار فِي كَثْرَةِ الشَّجَرِ. ورَوْضَة شَعْراء: كَثِيرَةُ الشَّجَرِ. وَرَمْلَةٌ شَعْراء: تُنْبِتُ النَّصِيَّ. والمَشْعَرُ أَيضاً: الشَّعارُ، وَقِيلَ: هُوَ مِثْلُ المَشْجَرِ. والمَشاعر: كُل مَوْضِعٍ فِيهِ حُمُرٌ وأَشْجار؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ ثَوْرَ وَحْشٍ:

يَلُوحُ إِذا أَفْضَى، ويَخْفَى بَرِيقُه،

إِذا مَا أَجَنَّتْهُ غُيوبُ المَشاعِر

يَعْنِي مَا يُغَيِّبُه مِنَ الشَّجَرِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وإِن جَعَلْتَ المَشْعَر الْمَوْضِعَ الَّذِي بِهِ كَثْرَةُ الشَّجَرِ لَمْ يَمْتَنِعْ كالمَبْقَلِ والمَحَشِّ. والشَّعْراء: الشَّجَرُ الْكَثِيرُ. والشَّعْراءُ: الأَرض ذَاتُ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: هِيَ الْكَثِيرَةُ الشَّجَرِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّعْراء الرَّوْضَةُ يُغَمِّ رأْسها الشَّجَرُ وَجَمْعُهَا شُعُرٌ، يُحَافِظُونَ عَلَى الصِّفَةِ إِذ لَوْ حَافَظُوا عَلَى الِاسْمِ لَقَالُوا شَعْراواتٌ وشِعارٌ. والشَّعْراء أَيضاً: الأَجَمَةُ. والشَّعَرُ: النَّبَاتُ وَالشَّجَرُ، عَلَى التَّشْبِيهِ بالشَّعَر. وشَعْرانُ: اسْمُ جَبَلٍ بِالْمَوْصِلِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ شَجَرِهِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

شُمُّ الأَعالي شائِكٌ حَوْلَها

شَعْرانُ، مُبْيَضٌّ ذُرَى هامِها

أَراد: شُمٌّ أَعاليها فَحَذَفَ الْهَاءَ وأَدخل الأَلف وَاللَّامَ، كَمَا قَالَ زُهَيْرٌ:

حُجْنُ المَخالِبِ لَا يَغْتَالُه السَّبُعُ

أَي حُجْنٌ مخالبُه. وَفِي حَدِيثِ

عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ: حَتَّى أَضاء لِي أَشْعَرُ جُهَيْنَةَ

؛ هُوَ اسْمُ جَبَلٍ لَهُمْ. وشَعْرٌ: جَبَلٌ لِبَنِي سَلِيمٍ؛ قَالَ البُرَيْقُ:

فَحَطَّ الشَّعْرَ مِنْ أَكْنافِ شَعْرٍ،

وَلَمْ يَتْرُكْ بِذِي سَلْعٍ حِمارا

وَقِيلَ: هُوَ شِعِرٌ. والأَشْعَرُ: جَبَلٌ بِالْحِجَازِ. والشِّعارُ: مَا وَلِيَ شَعَرَ جَسَدِ الإِنسان دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الثِّيَابِ، وَالْجَمْعُ أَشْعِرَةٌ وشُعُرٌ. وَفِي الْمَثَلِ: هُمُ الشِّعارُ دُونَ الدِّثارِ؛ يَصِفُهُمْ بِالْمَوَدَّةِ وَالْقُرْبِ. وَفِي حَدِيثِ

الأَنصار: أَنتم الشِّعارُ وَالنَّاسُ الدِّثارُ

أَي أَنتم الخاصَّة والبِطانَةُ كَمَا سَمَّاهُمْ عَيْبَتَه وكَرِشَهُ. وَالدِّثَارُ: الثَّوْبُ الَّذِي فَوْقَ الشِّعَارِ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: إِنه كَانَ لَا يَنَامُ فِي شُعُرِنا

؛ هِيَ جَمْعُ الشِّعار مِثْلُ كِتَابٍ وكُتُب، وإِنما خَصَّتْهَا

ص: 412

بِالذِّكْرِ لأَنها أَقرب إِلى مَا تَنَالُهَا النَّجَاسَةُ مِنَ الدِّثَارِ حَيْثُ تُبَاشِرُ الْجَسَدَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:

إِنه كَانَ لَا يُصَلِّي فِي شُعُرِنا وَلَا فِي لُحُفِنا

؛ إِنما امْتَنَعَ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهَا مَخَافَةَ أَن يَكُونَ أَصابها شَيْءٌ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ، وطهارةُ الثَّوْبِ شرطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ النَّوْمِ فِيهَا. وأَما قَوْلُ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، لغَسَلَةِ ابْنَتِهِ حِينَ طرح إِليهن حَقْوَهُ قَالَ: أَشْعِرْنَها إِياه

؛ فإِن أَبا عُبَيْدَةَ قَالَ: مَعْنَاهُ اجْعَلْنَه شِعارها الَّذِي يَلِي جَسَدَهَا لأَنه يَلِي شَعْرَهَا، وَجَمْعُ الشِّعارِ شُعُرٌ والدِّثارِ دُثُرٌ. والشِّعارُ: مَا استشعرتْ بِهِ مِنَ الثِّيَابِ تَحْتَهَا. والحِقْوَة: الإِزار. والحِقْوَةُ أَيضاً: مَعْقِدُ الإِزار مِنَ الإِنسان. وأَشْعَرْتُه: أَلبسته الشّعارَ. واسْتَشْعَرَ الثوبَ: لَبِسَهُ؛ قَالَ طُفَيْلٌ:

وكُمْتاً مُدَمَّاةً، كأَنَّ مُتُونَها

جَرَى فَوْقَها، واسْتَشْعَرَتْ لَوْنَ مُذْهَبِ

وَقَالَ بَعْضُ الْفُصَحَاءِ: أَشْعَرْتُ نَفْسِي تَقَبُّلَ أَمْرِه وتَقَبُّلَ طاعَتِه؛ اسْتَعْمَلَهُ فِي العَرَضِ. والمَشاعِرُ: الحواسُّ؛ قَالَ بَلْعاء بْنُ قَيْسٍ:

والرأْسُ مُرْتَفِعٌ فيهِ مَشاعِرُهُ،

يَهْدِي السَّبِيلَ لَهُ سَمْعٌ وعَيْنانِ

والشِّعارُ: جُلُّ الْفَرَسِ. وأَشْعَرَ الهَمُّ قَلْبِي: لزِقَ بِهِ كَلُزُوقِ الشِّعارِ مِنَ الثِّيَابِ بِالْجَسَدِ؛ وأَشْعَرَ الرجلُ هَمّاً: كَذَلِكَ. وَكُلُّ مَا أَلزقه بِشَيْءٍ، فَقَدْ أَشْعَرَه بِهِ. وأَشْعَرَه سِناناً: خَالَطَهُ بِهِ، وَهُوَ مِنْهُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لأَبي عَازِبٍ الْكِلَابِيِّ:

فأَشْعَرْتُه تحتَ الظلامِ، وبَيْنَنا

مِنَ الخَطَرِ المَنْضُودِ فِي العينِ ناقِع

يُرِيدُ أَشعرت الذِّئْبَ بِالسَّهْمِ؛ وَسَمَّى الأَخطل مَا وُقِيَتْ بِهِ الْخَمْرُ شِعاراً فَقَالَ:

فكفَّ الريحَ والأَنْداءَ عَنْهَا،

مِنَ الزَّرَجُونِ، دُونَهُمَا شِعارُ

وَيُقَالُ: شاعَرْتُ فُلَانَةَ إِذا ضَاجَعْتَهَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وشِعارٍ وَاحِدٍ، فَكُنْتَ لَهَا شِعَاَرًا وَكَانَتْ لَكَ شِعَارًا. وَيَقُولُ الرَّجُلُ لامرأَته: شاعِرِينِي. وشاعَرَتْه: ناوَمَتْهُ فِي شِعارٍ وَاحِدٍ. والشِّعارُ: الْعَلَامَةُ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا. وشِعارُ الْعَسَاكِرِ: أَن يَسِموا لَهَا عَلَاَمَةً يَنْصِبُونَهَا لِيَعْرِفَ الرَّجُلُ بِهَا رُفْقَتَه. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِن شِعارَ أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ فِي الغَزْوِ: يَا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ

وَهُوَ تَفَاؤُلٌ بِالنَّصْرِ بَعْدَ الأَمر بالإِماتة. واسْتَشْعَرَ القومُ إِذا تداعَوْا بالشِّعار فِي الْحَرْبِ؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:

مُسْتَشْعِرِينَ قَد أَلْفَوْا، فِي دِيارهِمُ،

دُعاءَ سُوعٍ ودُعْمِيٍّ وأَيُّوبِ

يَقُولُ: غَزَاهُمْ هَؤُلَاءِ فَتَدَاعَوْا بَيْنَهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ بِشِعَارِهِمْ. وشِعارُ الْقَوْمِ: عَلَامَتُهُمْ فِي السَّفَرِ. وأَشْعَرَ القومُ فِي سَفَرِهِمْ: جَعَلُوا لأَنفسهم شِعاراً. وأَشْعَرَ القومُ: نادَوْا بِشِعَارِهِمْ؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والإِشْعارُ: الإِعلام. والشّعارُ: الْعَلَامَةُ. قَالَ الأَزهري: وَلَا أَدري مَشاعِرَ الْحَجِّ إِلَّا مِنْ هَذَا لأَنها عَلَامَاتٌ لَهُ. وأَشْعَرَ البَدَنَةَ: أَعلمها، وَهُوَ أَن يَشُقَّ جِلْدَهَا أَو يَطْعَنَهَا فِي أَسْنِمَتِها فِي أَحد الْجَانِبَيْنِ بِمِبْضَعٍ أَو نَحْوِهِ، وَقِيلَ: طَعْنٌ فِي سَنامها الأَيمن حَتَّى يَظْهَرَ الدَّمُ وَيُعْرَفَ أَنها هَدْيٌ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ أَبو حَنِيفَةَ يَكْرَهُهُ وَزَعَمَ أَنه مُثْلَةٌ، وسنَّة النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَحق بِالِاتِّبَاعِ. وَفِي حَدِيثِ مَقْتَلِ عُمَرَ، رضي الله عنه: أَن رَجُلًا رَمَى الْجَمْرَةَ فأَصاب صَلَعَتَهُ بِحَجَرٍ فَسَالَ الدَّمُ، فَقَالَ رَجُلٌ: أُشْعِرَ أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَنَادَى

ص: 413

رجلٌ آخَرَ: يَا خَلِيفَةُ، وَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لِهْبٍ: لَيُقْتَلَنَّ أَمير الْمُؤْمِنِينَ، فَرَجَعَ فَقُتِلَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. وَلِهْبٌ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ فِيهِمْ عِيافَةٌ وزَجْرٌ، وَتَشَاءَمَ هَذَا اللِّهْبِيُّ بِقَوْلِ الرَّجُلِ أُشْعر أَمير الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: لَيُقْتَلَنَّ، وَكَانَ مُرَادُ الرَّجُلِ أَنه أُعلم بِسَيَلَانِ الدَّمِ عَلَيْهِ مِنَ الشَّجَّةِ كَمَا يُشْعِرُ الْهَدْيُ إِذا سِيقَ لِلنَّحْرِ، وَذَهَبَ بِهِ اللِّهْبِيُّ إِلى الْقَتْلِ لأَن الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُولُ لِلْمُلُوكِ إِذا قُتلوا: أُشْعِرُوا، وَتَقُولُ لِسُوقَةِ الناسِ: قُتِلُوا، وَكَانُوا يَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: دِيَةُ المُشْعَرَةِ أَلف بَعِيرٍ؛ يُرِيدُونَ دِيَةَ الْمُلُوكِ؛ فَلَمَّا قَالَ الرَّجُلُ: أُشْعِرَ أَمير الْمُؤْمِنِينَ جَعَلَهُ اللِّهْبِيُّ قَتْلًا فِيمَا تَوَجَّهَ لَهُ مِنْ عِلْمِ الْعِيَافَةِ، وإِن كَانَ مُرَادُ الرَّجُلِ أَنه دُمِّيَ كَمَا يُدَمَّى الهَدْيُ إِذا أُشْعِرَ، وحَقَّتْ طِيَرَتُهُ لأَن عُمَرَ، رضي الله عنه، لَمَّا صَدَرَ مِنَ الْحَجِّ قُتل. وَفِي حَدِيثِ

مَكْحُولٍ: لَا سَلَبَ إِلا لِمَنْ أَشْعَرَ عِلْجاً أَو قَتَلَهُ، فأَما مَنْ لَمْ يُشعر فَلَا سَلَبَ لَهُ

، أَي طَعَنَهُ حَتَّى يَدْخُلَ السِّنانُ جَوْفَهُ؛ والإِشْعارُ: الإِدماء بِطَعْنٍ أَو رَمْيٍ أَو وَجْءٍ بِحَدِيدَةٍ؛ وأَنشد لكثيِّر:

عَلَيْها ولَمَّا يَبْلُغا كُلَّ جُهدِها،

وَقَدْ أَشْعَرَاها فِي أَظَلَّ ومَدْمَعِ

أَشعراها: أَدمياها وَطَعَنَاهَا؛ وَقَالَ الْآخَرُ:

يَقُولُ لِلْمُهْرِ، والنُّشَّابُ يُشْعِرُهُ:

لَا تَجْزَعَنَّ، فَشَرُّ الشِّيمَةِ الجَزَعُ

وَفِي حَدِيثِ مَقْتَلِ عُثْمَانَ، رضي الله عنه: أَن التُّجِيبِيَّ دَخَلَ عَلَيْهِ فأَشْعَرَهُ مِشْقَصاً أَي دَمَّاهُ بِهِ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ:

نُقَتِّلُهُمْ جِيلًا فَجِيلًا، تَراهُمُ

شَعائرَ قُرْبانٍ، بِهَا يُتَقَرَّبُ

وَفِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ: أَنه قَاتَلَ غُلَامًا فأَشعره. وَفِي حَدِيثِ مَعْبَدٍ الجُهَنِيِّ: لَمَّا رَمَاهُ الْحَسَنُ بِالْبِدْعَةِ قَالَتْ لَهُ أُمه: إِنك قَدْ أَشْعَرْتَ ابْنِي فِي النَّاسِ أَي جَعَلْتَهُ عَلَامَةً فِيهِمْ وشَهَّرْتَهُ بِقَوْلِكَ، فَصَارَ لَهُ كَالطَّعْنَةِ فِي الْبَدَنَةِ لأَنه كَانَ عَابَهُ بالقَدَرِ. والشَّعِيرة: الْبَدَنَةُ المُهْداةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنه يُؤْثَرُ فِيهَا بِالْعَلَامَاتِ، والجمع شعائر. وشِعارُ الْحَجِّ: مَنَاسِكُهُ وَعَلَامَاتُهُ وَآثَارُهُ وأَعماله، جَمْعُ شَعيرَة، وَكُلُّ مَا جُعِلَ عَلَماً لِطَاعَةِ اللَّهِ عز وجل كَالْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالرَّمْيِ وَالذَّبْحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَن جِبْرِيلَ أَتى النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مُرْ أُمتك أَن يَرْفَعُوا أَصواتهم بِالتَّلْبِيَةِ فإِنها مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ.

والشَّعِيرَةُ والشِّعارَةُ «1» . والمَشْعَرُ: كالشِّعارِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: شَعَائِرُ الْحَجِّ مَنَاسِكُهُ، وَاحِدَتُهَا شَعِيرَةٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ

؛ هُوَ مُزْدَلِفَةُ، وَهِيَ جمعٌ تُسَمَّى بِهِمَا جَمِيعًا. والمَشْعَرُ: المَعْلَمُ والمُتَعَبَّدُ مِنْ مُتَعَبَّداتِهِ. والمَشاعِرُ: الْمَعَالِمُ الَّتِي نَدَبَ اللَّهُ إِليها وأَمر بِالْقِيَامِ عَلَيْهَا؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ المَشْعَرُ الْحَرَامُ لأَنه مَعْلَمٌ لِلْعِبَادَةِ وَمَوْضِعٌ؛ قَالَ: وَيَقُولُونَ هُوَ المَشْعَرُ الْحَرَامُ والمِشْعَرُ، وَلَا يَكَادُونَ يَقُولُونَهُ بِغَيْرِ الأَلف وَاللَّامِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: كَانَتِ الْعَرَبُ عَامَّةً لَا يَرَوْنَ الصَّفَا والمروة مِنَ الشَّعَائِرِ وَلَا يَطُوفُونَ بَيْنَهُمَا فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: لَا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ

؛ أَي لَا تَسْتَحِلُّوا تَرْكَ ذَلِكَ؛ وَقِيلَ: شَعَائِرُ اللَّهِ مَنَاسِكُ الْحَجِّ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي شَعَائِرِ اللَّهِ: يَعْنِي بِهَا جَمِيعَ مُتَعَبِّدَاتِ اللَّهِ الَّتِي أَشْعرها اللَّهُ أَي جَعَلَهَا أَعلاماً لَنَا، وَهِيَ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ مَوْقِفٍ أَو مَسْعًى أَو ذبح،

(1). قوله: [والشعارة] كذا بالأَصل مضبوطاً بكسر الشين وبه صرح في المصباح، وضبط في القاموس بفتحها

ص: 414

وإِنما قِيلَ شَعَائِرُ لِكُلِّ عَلَمٍ مِمَّا تُعُبِّدَ بِهِ لأَن قَوْلَهُمْ شَعَرْتُ بِهِ عَلِمْتُهُ، فَلِهَذَا سُمِّيَتِ الأَعلام الَّتِي هِيَ مُتَعَبَّدَاتُ اللَّهِ تَعَالَى شَعَائِرَ. وَالْمَشَاعِرُ: مَوَاضِعُ الْمَنَاسِكِ. والشِّعارُ: الرَّعْدُ؛ قَالَ:

وقِطار غادِيَةٍ بِغَيْرِ شِعارِ

الْغَادِيَةُ: السَّحَابَةُ الَّتِي تَجِيءُ غُدْوَةً، أَي مَطَرٌ بِغَيْرِ رَعْدٍ. والأَشْعَرُ: مَا اسْتَدَارَ بِالْحَافِرِ مِنْ مُنْتَهَى الْجِلْدِ حَيْثُ تَنْبُتُ الشُّعَيْرات حَوالَي الْحَافِرِ. وأَشاعرُ الْفَرَسِ: مَا بَيْنَ حَافِرِهِ إِلى مُنْتَهَى شَعَرِ أَرساغه، وَالْجَمْعُ أَشاعِرُ لأَنه اسْمٌ. وأَشْعَرُ خُفِّ الْبَعِيرِ: حَيْثُ يَنْقَطِعُ الشَّعَرُ، وأَشْعَرُ الحافرِ مِثْلُه. وأَشْعَرُ الحَياءِ: حَيْثُ يَنْقَطِعُ الشَّعَرُ. وأَشاعِرُ النَّاقَةِ: جَوَانِبُ حَيَائِهَا. والأَشْعَرانِ: الإِسْكَتانِ، وَقِيلَ: هُمَا مَا يَلِي الشُّفْرَيْنِ. يُقَالُ لِناحِيَتَيْ فرج المرأَة: الإِسْكَتانِ، وَلِطَرَفَيْهِمَا: الشُّفْرانِ، وَلِلَّذِي بَيْنَهُمَا: الأَشْعَرانِ. والأَشْعَرُ: شَيْءٌ يَخْرُجُ بَيْنَ ظِلْفَي الشاةِ كأَنه ثُؤْلُولُ الْحَافِرِ تُكْوَى مِنْهُ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيُّ. والأَشْعَرُ: اللَّحْمُ تَحْتَ الظُّفْرِ. والشَّعِيرُ: جِنْسٌ مِنَ الْحُبُوبِ مَعْرُوفٌ، وَاحِدَتُهُ شَعِيرَةٌ، وَبَائِعُهُ شَعِيرِيٌّ. قال سيبويه: وليس مِمَّا بُنِيَ عَلَى فاعِل وَلَا فَعَّال كَمَا يَغْلِبُ فِي هَذَا النَّحْوِ. وأَما قَوْلُ بَعْضِهِمْ شِعِير وبِعِير ورِغيف وَمَا أَشبه ذَلِكَ لِتَقْرِيبِ الصَّوْتِ مِنَ الصَّوْتِ فَلَا يَكُونُ هَذَا إِلا مَعَ حُرُوفِ الْحَلْقِ. والشَّعِيرَةُ: هَنَةٌ تُصَاغُ مِنْ فِضَّةٍ أَو حَدِيدٍ عَلَى شَكْلِ الشَّعيرة تُدْخَلُ فِي السِّيلانِ فَتَكُونُ مِساكاً لِنِصابِ السِّكِّينِ وَالنَّصْلُ، وَقَدْ أَشْعَرَ السِّكِّينُ: جُعِلَ لَهَا شَعِيرة. والشَّعِيرَةُ: حَلْيٌ يُتَّخَذُ مِنْ فِضَّةٍ مِثْلُ الشَّعِيرِ عَلَى هَيْئَةِ الشَّعِيرَةِ. وَفِي حَدِيثِ

أُم سَلَمَةَ، رضي الله عنها: أَنها جَعَلَتْ شَعارِيرَ الذَّهَبِ فِي رَقَبَتِهَا

؛ هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الحُلِيِّ أَمثال الشَّعِيرِ. والشَّعْراء: ذُبابَةٌ يُقَالُ هِيَ الَّتِي لَهَا إِبرة، وَقِيلَ: الشَّعْراء ذُبَابٌ يَلْسَعُ الْحِمَارَ فَيَدُورُ، وَقِيلَ: الشَّعْراءُ والشُّعَيْرَاءُ ذُبَابٌ أَزرق يُصِيبُ الدوابَّ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّعْراءُ نَوْعَانِ: لِلْكَلْبِ شَعْرَاءٌ مَعْرُوفَةٌ، وللإِبل شُعَرَاءٌ؛ فأَما شَعْرَاءُ الْكَلْبِ فإِنها إِلى الزُّرْقَةِ والحُمْرَةِ وَلَا تَمَسُّ شَيْئًا غَيْرَ الْكَلْبِ، وأَما شَعْراءُ الإِبل فَتَضْرِبُ إِلى الصُّفْرة، وَهِيَ أَضخم مِنْ شَعْرَاءِ الْكَلْبِ، وَلَهَا أَجنحة، وَهِيَ زَغْباءُ تَحْتَ الأَجنحة؛ قَالَ: وَرُبَّمَا كَثُرَتْ فِي النِّعَمِ حَتَّى لَا يَقْدِرَ أَهل الإِبل عَلَى أَن يَحْتَلِبُوا بِالنَّهَارِ وَلَا أَن يَرْكَبُوا مِنْهَا شَيْئًا مَعَهَا فَيَتْرُكُونَ ذَلِكَ إِلى اللَّيْلِ، وَهِيَ تَلْسَعُ الإِبل فِي مَراقِّ الضُّلُوعِ وَمَا حَوْلَهَا وَمَا تَحْتَ الذَّنَبِ وَالْبَطْنِ والإِبطين، وَلَيْسَ يَتَّقُونَهَا بِشَيْءٍ إِذا كَانَ ذَلِكَ إِلا بالقَطِرانِ، وَهِيَ تَطِيرُ عَلَى الإِبل حَتَّى تَسْمَعَ لِصَوْتِهَا دَوِيّاً، قَالَ الشَّمَّاخُ:

تَذُبُّ صِنْفاً مِنَ الشَّعْراءِ، مَنْزِلُهُ

مِنْها لَبانٌ وأَقْرَابٌ زَهالِيلُ

وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ شَعارٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه لَمَّا أَراد قَتْلِ أُبَيّ بْنِ خَلَفٍ تَطَايَرَ الناسُ عَنْهُ تَطايُرَ الشُّعْرِ عَنِ الْبَعِيرِ ثُمَّ طَعَنَهُ فِي حَلْقِهِ

؛ الشُّعْر، بضم الشين وسكن الْعَيْنِ: جَمْعُ شَعْراءَ، وَهِيَ ذِبَّانٌ أَحمر، وَقِيلَ أَزرق، يَقَعُ عَلَى الإِبل وَيُؤْذِيهَا أَذى شَدِيدًا، وَقِيلَ: هُوَ ذُبَابٌ كَثِيرُ الشَّعَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ نَاوَلَهُ الحَرْبَةَ فَلَمَّا أَخذها انْتَفَضَ بِهَا انْتِفَاضَةً تَطَايَرْنَا عَنْهُ تَطَايُرَ الشَّعارِيرِ

؛ هِيَ بِمَعْنَى الشُّعْرِ، وَقِيَاسُ وَاحِدِهَا شُعْرورٌ، وَقِيلَ: هِيَ مَا يَجْتَمِعُ عَلَى دَبَرَةِ الْبَعِيرِ مِنَ الذِّبَّانِ فإِذا هيجتْ تطايرتْ عَنْهَا. والشَّعْراءُ: الخَوْخُ أَو ضَرْبٌ مِنَ الْخَوْخِ، وَجَمْعُهُ

ص: 415

كَوَاحِدِهِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّعْراء شَجَرَةٌ مِنَ الحَمْضِ لَيْسَ لَهَا وَرَقٌ وَلَهَا هَدَبٌ تَحْرِصُ عَلَيْهَا الإِبل حِرْصاً شَدِيدًا تَخْرُجُ عِيدَانًا شِداداً. والشَّعْراءُ: فَاكِهَةٌ، جَمْعُهُ وَوَاحِدُهُ سَوَاءٌ. والشَّعْرانُ: ضَرْبٌ مِنَ الرِّمْثِ أَخْضَر، وَقِيلَ: ضَرْبٌ مِنَ الحَمْضِ أَخضر أَغبر. والشُّعْرُورَةُ: القِثَّاءَة الصَّغِيرَةُ، وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ. والشَّعارِيرُ: صِغَارُ الْقِثَّاءِ، وَاحِدُهَا شُعْرُور. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، شعاريرُ

؛ هِيَ صِغَارُ الْقِثَّاءِ. وَذَهَبُوا شَعالِيلَ وشَعارِيرَ بِقُذَّانَ وقِذَّانَ أَي مُتَفَرِّقِينَ، وَاحِدُهُمْ شُعْرُور، وَكَذَلِكَ ذَهَبُوا شَعارِيرَ بِقِرْدَحْمَةَ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَصبحتْ شَعارِيرَ بِقِرْدَحْمَةَ وقَرْدَحْمَةَ وقِنْدَحْرَةَ وقَنْدَحْرَةَ وقِدْحَرَّةَ [قَدْحَرَّةَ] وقَذْحَرَّةَ [قِذْحَرَّةَ]؛ مَعْنَى كُلِّ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا، يَعْنِي اللِّحْيَانِيُّ أَصبحت الْقَبِيلَةُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الشَّماطِيطُ والعَبادِيدُ والشَّعارِيرُ والأَبابِيلُ، كُلُّ هَذَا لَا يُفْرَدُ لَهُ وَاحِدٌ. والشَّعارِيرُ: لُعْبة لِلصِّبْيَانِ، لَا يُفْرَدُ؛ يُقَالُ: لَعِبنَا الشَّعاريرَ وَهَذَا لَعِبُ الشَّعاريرِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى

؛ الشِّعْرَى: كَوْكَبٌ نَيِّرٌ يُقَالُ لَهُ المِرْزَمُ يَطْلعُ بَعْدَ الجَوْزاءِ، وَطُلُوعُهُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ؛ تَقُولُ الْعَرَبُ: إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَى جَعَلَ صَاحِبَ النحل يَرَى. وَهُمَا الشِّعْرَيانِ: العَبُورُ الَّتِي فِي الْجَوْزَاءِ، والغُمَيْصاءُ الَّتِي فِي الذِّراع؛ تَزْعُمُ العرب أَنهما أُختا سُهَيْلٍ، وَطُلُوعُ الشِّعْرَى عَلَى إِثْرِ طُلُوعِ الهَقْعَةِ. وَعَبْدُ الشِّعْرَى العَبُور طائفةٌ مِنَ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ وَيُقَالُ: إِنها عَبَرَت السَّمَاءَ عَرْضاً وَلَمْ يَعْبُرْها عَرْضاً غَيْرُهَا، فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى

؛ أَي رَبُّ الشِّعْرَى الَّتِي تَعْبُدُونَهَا، وَسُمِّيَتِ الأُخرى الغُمَيْصاءَ لأَن الْعَرَبَ قَالَتْ فِي أَحاديثها: إِنها بَكَتْ عَلَى إِثر الْعَبُورِ حَتَّى غَمِصَتْ. وَالَّذِي وَرَدَ فِي حَدِيثِ

سَعْدٍ: شَهِدْتُ بَدْراً وَمَا لِي غَيْرُ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ ثم أَكثر الله لي مِنَ اللِّحَى بعدُ

؛ قِيلَ: أَراد مَا لِي إِلا بِنْتٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ أَكثر اللَّهُ لِي مِنَ الوَلَدِ بعدُ. وأَشْعَرُ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ، مِنْهُمْ أَبو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ، وَيَجْمَعُونَ الأَشعري، بِتَخْفِيفِ يَاءِ النِّسْبَةِ، كَمَا يُقَالُ قَوْمٌ يَمانُونَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والأَشْعَرُ أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ، وَهُوَ أَشْعَرُ بْنُ سَبَإ بْنُ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطانَ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: جَاءَ بِكَ الأَشْعَرُونَ، بِحَذْفِ يَاءَيِ النَّسَبِ. وَبَنُو الشُّعَيْراءِ: قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ. والشُّوَيْعِرُ: لَقَبُ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرانَ بْنِ أَبي حُمْرَانَ الجُعْفِيّ، وَهُوَ أَحد مَنْ سُمِّيَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِمُحَمَّدٍ، والمُسَمَّوْنَ بِمُحَمَّدٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ سَبْعَةٌ مَذْكُورُونَ فِي مَوْضِعِهِمْ، لَقَّبَهُ بِذَلِكَ امْرُؤُ الْقَيْسِ، وَكَانَ قَدْ طَلَبَ مِنْهُ أَن يَبِيعَهُ فَرَسًا فأَبى فَقَالَ فِيهِ:

أَبْلِغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَنِّي

عَمْدَ عَيْنٍ قَلَّدْتُهُنَّ حَرِيمَا

حَرِيمٌ: هُوَ جَدُّ الشُّوَيْعِرِ فإِن أَبا حُمْرانَ جَدَّه هُوَ الحرث بن معاوية بْنُ الْحَرْثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ حَرِيمِ بْنِ جُعْفِيٍّ؛ وَقَالَ الشُّوَيْعِرُ مُخَاطِبًا لِامْرِئِ الْقَيْسِ:

أَتَتْنِي أُمُورٌ فَكَذِّبْتُها،

وَقَدْ نُمِيَتْ لِيَ عَامًا فَعاما

بأَنَّ إمْرأَ القَيْسِ أَمْسَى كَئيباً،

عَلَى آلِهِ، مَا يَذُوقُ الطَّعامَا

ص: 416

لَعَمْرُ أَبيكَ الَّذِي لَا يُهانُ

لَقَدْ كانَ عِرْضُكَ مِنِّي حَراما

وَقَالُوا: هَجَوْتَ، وَلَمْ أَهْجُهُ،

وهَلْ يجِدَنْ فيكَ هاجٍ مَرَامَا؟

وَالشُّوَيْعِرُ الْحَنَفِيُّ: هُوَ هَانِئُ بْنُ تَوْبَةَ الشَّيْبانِيُّ؛ أَنشد أَبو الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٌ لَهُ:

وإِنَّ الَّذِي يُمْسِي، ودُنْياه هَمُّهُ،

لَمُسْتَمْسِكٌ مِنْها بِحَبْلِ غُرُورِ

فَسُمِّيَ الشُّوَيْعِرُ بِهَذَا الْبَيْتِ.

شعفر: شَعْفَرٌ: مِنْ أَسماء النِّسَاءِ؛ أَنشد الأَزهري:

يَا لَيْتَ أَني لَمْ أَكُنْ كَرِيّاً،

وَلَمْ أَسُقْ بِشَعْفَر المَطِيَّا

وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: شَعْفَرٌ بَطْنٌ مِنْ ثَعْلَبَةَ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو السَّعْلاةِ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ امرأَة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:

صادَتْكَ يَوْمَ الرَّمْلَتَيْنِ شَعْفَرُ

وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ شَغْفَرٌ، بالغين المعجمة.

شغر: الشَّغْرُ: الرَّفْعُ. شَغَرَ الكلبُ يَشْغَرُ شَغْراً: رَفَعَ إِحدى رِجْلَيْهِ لِيَبُولَ، وَقِيلَ: رَفَعَ إِحدى رِجْلَيْهِ، بَالَ أَو لم يبل، وقيل: شَغَرَ الكلبُ بِرِجْلِهِ شَغْراً رَفَعَهَا فَبَالَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

شَغَّارَةٌ تَقِذُ الفَصِيلَ بِرِجْلِها،

فَطَّارَةٌ لِقَوادِمِ الأَبْكارِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

فإِذا نَامَ شَغَرَ الشيطانُ بِرِجْلِهِ فَبَالَ فِي أُذنه.

وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: قَبْلَ أَن تَشْغَرَ بِرِجْلِهَا فِتْنَةٌ تَطَأُ فِي خِطامِها.

وشَغَرَ المرأَةَ وَبِهَا يَشْغُرُ شُغُوراً وأَشْغَرَها: رَفَعَ رِجْلَيْها لِلنِّكَاحِ. وبلْدَةٌ شاغِرَةٌ: لَمْ تَمْتَنِعْ مِنْ غَارَةِ أَحد. وشَغَرَتِ الأَرضُ وَالْبَلَدُ أَي خَلَتْ مِنَ النَّاسِ وَلَمْ يَبْقَ بِهَا أَحد يَحْمِيهَا وَيَضْبِطُهَا. يُقَالُ: بَلْدَةٌ شاغِرةٌ بِرِجْلِهَا إِذا لَمْ تَمْتَنِعْ مِنْ غَارَةِ أَحد. والشِّغار: الطَّرْدُ، يُقَالُ: شَغَرُوا فُلَانًا عَنْ بَلَدِهِ شَغْراً وشِغاراً إِذا طَرَدُوه ونَفَوْهُ. والشِّغار، بِكَسْرِ الشِّينِ: نِكَاحٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ أَن تُزوِّج الرجلَ امرأَةً مَا كَانَتْ، عَلَى أَن يُزَوِّجَكَ أُخرى بِغَيْرِ مَهْرٍ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْقَرَائِبَ فَقَالَ: لَا يَكُونُ الشِّغارُ إِلا أَن تُنْكِحَهُ وليَّتك، عَلَى أَن يُنْكِحَكَ وليَّته؛ وَقَدْ شاغَرَهُ؛ الْفَرَّاءُ: الشِّغارُ شِغارُ الْمُتَنَاكِحِينَ،

وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَنِ الشِّغارِ

؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْعُلَمَاءِ: الشِّغارُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ أَن يُزَوِّجَ الرجلُ الرجلَ حريمتَه عَلَى أَن يُزَوِّجَهُ المزوَّج حَرِيمَةً لَهُ أُخرى، وَيَكُونَ مهر كل واحدة منهما بُضْعَ الأُخرى، كأَنهما رَفَعَا الْمَهْرَ وأَخليا الْبُضْعَ عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا شِغارَ فِي الإِسلام.

وَفِي رِوَايَةٍ:

نُهِيَ عَنْ نِكَاحِ الشَّغْرِ.

والشِّغارُ: أَن يَبْرُزَ الرَّجُلَانِ مِنَ العَسْكَرَيْنِ، فإِذا كَادَ أَحدهما أَن يَغْلِبَ صَاحِبَهُ جَاءَ اثْنَانِ لِيُغِيثَا أَحدهما، فَيَصِيحَ الْآخَرُ: لَا شِغارَ لَا شِغارَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والشِّغارُ أَن يَعْدُو الرَّجُلَانِ عَلَى الرَّجُلِ. والشَّغْرُ: أَن يَضْرِبَ الْفَحْلُ برأْسه تَحْتَ النُّوقِ مِنْ قبَلِ ضُرُوعِهَا فَيَرْفَعَهَا فَيَصْرَعَهَا. وأَبو شاغِر: فَحْلٌ مِنَ الإِبل مَعْرُوفٌ كَانَ لِمَالِكِ بْنِ المُنْتَفِقِ الصُّبَحيِّ. وأَشْغَرَ المَنْهَلُ: صَارَ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ المَحَجَّة؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: واشْتَغَرَ المَنْهَلُ إِذا صَارَ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ

ص: 417

المَحَجَّة؛ وأَنشد:

شَافِي الأُجاج بَعِيد المُشْتَغَرْ

ورُفْقَةٌ مُشْتَغِرَةٌ: بَعِيدَةٌ عَنِ السَّابِلَةِ. وأَشْغَرَتِ الرُّفْقَةُ: انْفَرَدَتْ عَنِ السَّابِلَةِ. واشْتَغَرَ فِي الْفَلَاةِ: أَبْعَدَ فِيهَا. واشْتَغَر عَلَيْهِ حِسابُه: انْتَشَرَ وكَثُرَ فَلَمْ يَهْتَدِ لَهُ. وَذَهَبَ فُلَانٌ يَعُدُّ بَنِي فُلَانٍ فاشْتَغَرُوا عَلَيْهِ أَي كَثُرُوا. واشْتَغَرَ العَدَدُ: كَثُرَ وَاتَّسَعَ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:

وعَدَد بَخّ إِذا عُدَّ اشْتَغَرْ،

كَعَدد التُّرْبِ تَدانَى وانْتَشَرْ

أَبو زَيْدٍ: اشْتَغَرَ الأَمر بِفُلَانٍ أَي اتَّسَعَ وعَظُمَ. واشْتَغَرَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ إِذا اتَّسَعَتْ وَعَظُمَتْ. واشْتَغَرَتِ الإِبلُ: كَثُرَتْ وَاخْتَلَفَتْ. والشَّغْرُ: التَّفْرِقَةُ. وَتَفَرَّقَتِ الْغَنَمُ شَغَرَ بَغَرَ وشِغَرَ بِغَرَ أَي فِي كُلِّ وَجْهٍ؛ وَيُقَالُ: هُمَا اسْمَانِ جُعِلَا وَاحِدًا وَبُنِيَا عَلَى الْفَتْحِ، وَكَذَلِكَ تَفَرَّقَ الْقَوْمُ شَغَرَ بَغَر وشَذَرَ مَذَرَ أَي فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي الإِقبال. والشَّاغِرانِ: مُنْقَطَعُ عِرْقِ السُّرَّةِ. ورجلِ شِغِّير: سَيِءُ الخُلُقِ. وشاغِرَةُ والشَّاغِرَةُ، كِلْتَاهُمَا: مَوْضِعٌ. وتَشَغَّرَ البعيرُ إِذا لَمْ يَدَعْ جُهْداً فِي سَيْرِهِ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذا اشْتَدَّ عَدْوُه: هُوَ يَتَشَغَّرُ تَشَغُّراً. وَيُقَالُ: مَرَّ يَرْتَبِعُ إِذا ضَرَبَ بِقَوَائِمِهِ، واللَّبْطَةُ نَحْوُهُ، ثُمَّ التَّشَغُّرُ فَوْقَ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: فَحَجَن ناقَتَهُ حَتَّى أَشْغَرَتْ

أَي اتَّسَعَتْ فِي السَّيْرِ وأَسرعتْ. وشَغَرْتُ بَنِي فُلَانٍ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا أَي أَخرجتهم؛ وأَنشد الشَّيْبَانِيُّ:

ونحنُ شَغَرْنا ابْنَيْ نِزارٍ كِلَيْهِما،

وكَلْباً بوقْعٍ مُرْهِبِ مُتَقارِبِ

وَفِي التَّهْذِيبِ: بِحَيْثُ شَغَرْنا ابْنَي نِزار. والشَّغْرُ: البُعْدُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: بَلَدٌ شاغِرٌ إِذا كَانَ بَعِيدًا مِنَ النَّاصِرِ وَالسُّلْطَانِ؛ قَالَهُ الْفَرَّاءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

والأَرض لَكُمْ شاغِرَةٌ

؛ أَي وَاسِعَةٌ. أَبو عَمْرٍو: شَغَرْتُه عَنِ الأَرض أَي أَخرجته. أَبو عَمْرٍو: الشِّغارُ العَداوَةُ. واشْتَغَرَ فُلَانٌ عَلَيْنَا إِذا تَطَاوَلَ وَافْتَخَرَ. وتَشَغَّرَ فُلَانٌ فِي أَمر قَبِيحٍ إِذا تَمادَى فِيهِ وتَعَمَّقَ. والشَّغُورُ: مَوْضِعٌ فِي الْبَادِيَةِ. وَفِي النَّوَادِرِ: بئرٌ شِغارٌ وَبِئَارٌ شِغارٌ كَثِيرَةُ الْمَاءِ وَاسِعَةُ الأَعْطانِ. والمِشْغَرُ مِنَ الرِّمَاحِ: كالمِطْرَدِ؛ وَقَالَ:

سِناناً مِنَ الخَطِّيِّ أَسْمَرَ مِشْغَرَا

شغبر: رَوَى ثَعْلَبٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبيه قَالَ: الشَّغْبَرُ ابْنُ آوَى، قَالَ: وَمَنْ قَالَهُ بِالزَّايِ فَقَدْ صَحَّفَ. اللَّيْثُ: تَشَغْبَرَت الرِّيحُ إِذا الْتَوَتْ فِي هُبوبها.

شغفر: شَغْفَرٌ: اسْمُ امرأَة؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِنما هِيَ شَعْفَر، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي حَرْفِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ. أَبو عَمْرٍو: الشَّغْفَرُ المرأَة الْحَسْنَاءُ؛ أَنشد عَمْرُو بْنُ بَحْر لأَبي الطَّوْفِ الأَعرابي فِي امرأَته وَكَانَ اسْمُهَا شَغْفَر وَكَانَتْ وُصِفَتْ بالقُبْحِ والشَّناعَةِ:

جامُوسَةٌ وفِيلَةٌ وخَنْزَرُ،

وكُلُّهُنَّ فِي الجَمالِ شَغْفَرُ

قَالَ: وأَنشدني الْمُنْذِرِيُّ:

وَلَمْ أَسُقْ بِشَغْفَرَ المَطِيَّا

وَقَالَ:

صادَتْكَ يَوْمَ القَرَّتَيْنِ «2» شَغْفَرُ.

شفر: الشُّفْرُ، بِالضَّمِّ: شُفْرُ الْعَيْنِ، وَهُوَ مَا نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ وأَصلُ مَنْبِتِ الشَّعْرِ فِي الجَفْنِ وَلَيْسَ

(2). قوله: [يوم القرتين] الذي تقدم في [شعفر] يوم الرملتين

ص: 418

الشُّفْرُ مِنَ الشَّعَرِ فِي شَيْءٍ، وَهُوَ مُذَكَّرٌ؛ صَرَّحَ بِذَلِكَ اللِّحْيَانِيُّ، وَالْجَمْعُ أَشْفارٌ؛ سِيبَوَيْهِ: لَا يُكسَّرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، والشَّفْرُ: لُغَةٌ فِيهِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. شَمِرٌ: أَشْفارُ الْعَيْنِ مَغْرِزُ الشَّعَرِ. والشَّعَرُ: الهُدْبُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: شُفْرُ الْعَيْنِ مَنَابِتُ الأَهداب مِنَ الْجُفُونِ. الْجَوْهَرِيُّ: الأَشْفارُ حُرُوفُ الأَجفان الَّتِي يَنْبُتُ عَلَيْهَا الشَّعَرُ، وَهُوَ الْهُدْبُ. وَفِي حَدِيثِ

سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ: لَا عُذْرَ لَكُمْ إِن وُصِلَ إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَفِيكُمْ شُفْرٌ يَطْرِفُ.

وَفِي حَدِيثِ

الشَّعْبيّ: كَانُوا لَا يُؤَقِّتون فِي الشُّفْرِ شَيْئًا

أَي لَا يُوجِبُونَ فِيهِ شَيْئًا مقَدَّراً. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِجْمَاعِ لأَن الدِّيَةَ وَاجِبَةٌ فِي الأَجفان، فإِن أَراد بالشُّفْرِ هاهنا الشَّعَرَ فَفِيهِ خِلَافٌ أَو يَكُونُ الأَوَّل مَذْهَبًا لِلشَّعْبِيِّ. وشُفْرُ كُلِّ شَيْءٍ: نَاحِيَتُهُ. وشُفْرُ الرَّحِمِ وشافِرُها: حُرُوفُهَا. وشُفْرَا المرأَةِ وشافِراها: حَرْفا رَحِمِها. والشَّفِرَةُ والشَّفِيرَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تَجِدُ شَهْوَتَهَا فِي شُفْرِها فيجيءَ مَاؤُهَا سَرِيعًا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَقْنَعُ مِنَ النِّكَاحِ بأَيسره، وَهِيَ نَقيضُ القَعِيرَةِ. والشُّفْرُ: حرفُ هَنِ المرأَة وحَدُّ المِشْفَرِ. وَيُقَالُ لِنَاحِيَتَيْ فَرْجِ المرأَة: الإِسْكَتانِ؛ وَلِطَرَفَيْهِمَا: الشُّفْرانِ، اللَّيْثُ: الشَّافِرَانِ مِنْ هَنِ المرأَة أَيضاً، وَلَا يُقَالُ المِشْفَرُ إِلَّا لِلْبَعِيرِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِنما قِيلَ مَشافِرُ الْحَبَشِ تَشْبِيهًا بِمَشافِرِ الإِبل. ابْنُ سِيدَهْ: وَمَا بِالدَّارِ شُفْرٌ وشَفْرٌ أَي أَحد؛ وَقَالَ الأَزهري: بِفَتْحِ الشِّينِ. قَالَ شَمِرٌ: وَلَا يَجُوزُ شُفْر، بِضَمِّهَا؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِيهِ بِلَا حَرْفِ النَّفْيِ:

تَمُرُّ بِنَا الأَيامُ مَا لَمَحَتْ بِنا

بَصِيرَةُ عَيْنٍ، مِنْ سِوانا، عَلَى شَفْرِ

أَي مَا نَظَرَتْ عَيْنٌ مِنَّا إِلى إِنسان سِوَانَا؛ وأَنشد شَمِرٌ:

رَأَتْ إِخْوَتي بعدَ الجميعِ تَفَرَّقُوا،

فَلَمْ يبقَ إِلَّا واحِداً مِنْهُمُ شَفْرُ

والمِشْفَرُ والمَشْفَرُ لِلْبَعِيرِ: كَالشَّفَةِ للإِنسان، وَقَدْ يُقَالُ للإِنسان مَشَافِرُ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إِنه لَعَظِيمُ الْمَشَافِرِ، يُقَالُ ذَلِكَ فِي النَّاسِ والإِبل، قَالَ: وَهُوَ مِنَ الْوَاحِدِ الَّذِي فُرِّقَ فَجَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُ مِشْفَراً ثُمَّ جَمَعَ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

فَلَوْ كنتَ ضَبِّيّاً عَرَفْتَ قَرابَتي،

ولَكِنَّ زِنْجِيّاً عَظِيمَ المَشافِرِ

الْجَوْهَرِيُّ: والمِشْفَرُ مِنَ الْبَعِيرِ كالجَحْفَلةِ مِنَ الْفَرَسِ، ومَشافِرُ الْفَرَسِ مُسْتَعَارَةٌ مِنْهُ. وَفِي الْمَثَلِ: أَراك بَشَرٌ مَا أَحارَ مِشْفَرٌ أَي أَغناك الظَّاهِرُ عَنْ سُؤَالِ الْبَاطِنِ، وأَصله فِي الْبَعِيرِ. والشَّفِير: حَدُّ مِشْفَر [مَشْفَر] الْبَعِيرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن أَعرابيّاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِن النُّقْبَةَ قَدْ تَكُونُ بِمِشْفَرِ الْبَعِيرِ فِي الإِبل الْعَظِيمَةِ فَتَجْرَبُ كُلُّها، قال: فما أَجْرَبَ الأَوَّلَ؟

المِشْفَر لِلْبَعِيرِ: كَالشَّفَةِ للإِنسان والجَحْفَلَةِ لِلْفَرَسِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وشَفِيرُ الْوَادِي: حَدُّ حَرْفِه، وَكَذَلِكَ شَفِيرُ جَهَنَّمَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: حَتَّى وَقَفُوا عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ

أَي جَانِبِهَا وَحَرْفِهَا؛ وَشَفِيرُ كُلِّ شَيْءٍ حَرْفُهُ، وحرفُ كُلِّ شَيْءٍ شُفْره وشَفِيره كَالْوَادِي وَنَحْوِهِ. وشَفير الْوَادِي وشُفْرُه: نَاحِيَتُهُ مِنْ أَعلاه؛ فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنَ قَوْلِهِ:

بِزَرْقاوَيْنِ لَمْ تُحْرَفْ، ولَمَّا

يُصِبْها غائِرٌ بِشَفِيرِ مأْقِ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَدْ يكون الشَّفِير هاهنا نَاحِيَةَ المَأْقِ

ص: 419

مِنْ أَعلاه، وَقَدْ يَكُونُ الشَّفِير لُغَةً فِي شُفْرِ الْعَيْنِ. ابْنُ الأَعرابي: شَفَرَ إِذا آذَى إِنساناً، وشَفَرَ إِذا نَقَّصَ. والشَّافِرُ: المُهْلِكُ مَالَهُ، والزَّافِرُ: الشُّجَاعُ. وشَفَّرَ المالُ: قَلَّ وَذَهَبَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد لِشَاعِرٍ يَذْكُرُ نِسْوَةً:

مُولَعاتٌ بِهاتِ هاتِ، فإِنْ

شَفَّرَ مالٌ، أَرَدْنَ مِنْكَ انْخِلاعَا

والتَّشْفِير: قِلَّةُ النَّفَقَةِ. وعَيْشٌ مُشَفِّرٌ: قليلٌ ضَيِّقٌ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

قَدْ شَفَّرَتْ نَفَقاتُ القَوْمِ بَعْدَكُمُ،

فأَصْبَحُوا لَيسَ فِيهمْ غَيْرُ مَلْهُوفِ

والشَّفْرَةُ مِنَ الْحَدِيدِ: مَا عُرِّضَ وحُدِّدَ، وَالْجَمْعُ شِفارٌ. وَفِي الْمَثَلِ: أَصْغَرُ القَوْمِ شَفْرَتُهُمْ أَي خَادِمُهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِن أَنساً كَانَ شَفْرَةَ الْقَوْمِ فِي السَّفَرِ

؛ مَعْنَاهُ أَنه كَانَ خَادِمُهُمُ الَّذِي يَكْفِيهِمْ مَهْنَتَهُمْ، شُبِّهَ بالشَّفْرَةِ الَّتِي تُمْتَهَنُ فِي قَطْعِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ. والشَّفْرَةُ، بِالْفَتْحِ: السِّكِّينُ الْعَرِيضَةُ الْعَظِيمَةُ، وَجَمْعُهَا شَفْرٌ وشِفارٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِن لَقِيتَها نَعْجَةً تَحْمِلُ شَفْرَةً وزِناداً فَلَا تهِجْها

؛ الشَّفْرَةُ: السِّكِّينُ الْعَرِيضَةُ. وشَفَراتُ السُّيُوفِ: حروفُ حَدّها؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ السُّيُوفَ:

يَرَى الرَّاؤُونَ بالشَّفَراتِ مِنْها

وُقُودَ أَبي حُباحِب والظُّبِينا

وشَفْرَةُ السَّيْفِ: حدُّه. وشَفْرَةُ الإِسْكافِ: إِزْمِيلُه الَّذِي يَقْطَعُ بِهِ. أَبو حَنِيفَةَ: شَفْرتا النَّصْلِ جَانِبَاهُ. وأُذُنٌ شُفارِيَّة وشُرافِيَّة: ضَخْمَةٌ، وَقِيلَ: طَوِيلَةٌ عَرِيضَةٌ لَيِّنَةُ الفَرْعِ. والشُّفارِيُّ: ضَرْبٌ مِنَ اليَرابِيعِ، ويقال لها ضأْنُ اليَرابِيعِ، وَهِيَ أَسمنها وأَفضلها، يكون فِي آذَانِهَا طُولٌ، ولليَرْبُوعِ الشُّفارِيّ ظُفُرٌ فِي وَسَطِ سَاقِهِ. ويَرْبُوع شُفارِيّ: عَلَى أُذنه شَعَرٌ. ويَرْبُوعٌ شُفارِيٌّ: ضَخْمُ الأُذنين، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ الأُذنين الْعَارِي البَراثِنِ وَلَا يُلْحَقُ سَرِيعاً، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ الْقَوَائِمِ الرِّخْوُ اللحمِ الْكَثِيرُ الدَّسَمِ؛ قَالَ:

وإِنِّي لأَصْطادُ الْيَرَابِيعَ كُلَّها:

شُفارِيَّها والتَّدْمُرِيَّ المُقَصِّعَا

التَّدْمُرِيُّ: الْمَكْسُوُّ الْبَرَاثِنِ الَّذِي لَا يَكَادُ يُلْحَقُ. والمِشْفَرُ: أَرض مِنْ بِلَادِ عَدِيٍّ وتَيْمٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:

فَلَمَّا هَبَطْنَ المِشْفَرَ العَوْدَ عَرَّسَتْ،

بِحَيْثُ الْتَقَتْ أَجْراعُهُ ومَشارِفُهْ

وَيُرْوَى: مِشْفَر العَوْدِ، وَهُوَ أَيضاً اسْمُ أَرض. وَفِي حَدِيثِ

كُرْزٍ الفِهْرِيّ: لَمَّا أَغار عَلَى سَرْح الْمَدِينَةِ كَانَ يَرْعَى بِشُفَرٍ

؛ هُوَ بِضَمِّ الشِّينِ وَفَتْحِ الْفَاءِ، جَبَلٌ بِالْمَدِينَةِ يَهْبِطُ إِلى العَقِيقِ. والشَّنْفَرى: اسْمُ شَاعِرٍ مِنَ الأَزْدِ وَهُوَ فَنْعَلَى؛ وَفِي الْمَثَلِ: أَعْدَى مِنَ الشَّنْفَرَى، وكان من العَدَّائِين.

شفتر: الشَّفْتَرَةُ: التَّفَرُّقُ. واشْفَتَرَّ الشَّيْءُ: تَفَرَّقَ. واشْفَتَرَّ العُودُ: تَكَسَّرَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

تُبادِرُ الضَّيْفَ بِعُودٍ مُشْفَتِرْ

أَي مُنْكَسِرٍ مِنْ كَثْرَةِ مَا تَضْرِبُ بِهِ. وَرَجُلٌ شَفَنْتَرٌ: ذَاهِبُ الشَّعَرِ. التَّهْذِيبِ فِي

ص: 420

الْخُمَاسِيِّ: الشَّفَنْتَرُ الْقَلِيلُ شَعَرِ الرأْس، قَالَ: وَهُوَ فِي شِعْرِ أَبي النَّجْمِ. والشَّفَنْتَرِيُّ: اسْمٌ. ابْنُ الأَعرابي: اشْفَتَرَّ السِّراجُ إِذا اتَّسَعَتِ النَّارُ فَاحْتَجَتْ أَن تُقْطَعَ مِنْ رأْس الذُّبالِ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِ طَرْفَةَ:

فَتَرَى المَرْوَ، إِذا مَا هَجَّرَتْ

عَنْ يَدَيْها، كالجرادِ المُشْفَتِرْ

قَالَ: المُشْفَتِرُّ الْمُتَفَرِّقُ. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: الْمُشْفَتِرُّ المُنْتَصِبُ؛ وأَنشد:

تَغْدُو عَلَى الشَّرِّ بِوَجْهٍ مُشْفَتِرْ

وَقِيلَ: المُشْفَتِرُّ الْمُقْشَعِرُّ. قَالَ اللَّيْثُ: اشْفَتَرَّ الشَّيْءُ اشْفِتْراراً، وَالِاسْمُ الشَّفْتَرَةُ، وَهُوَ تَفَرُّقٌ كَتَفَرُّقِ الْجَرَادِ. الْجَوْهَرِيُّ: الاشْفِتْرارُ التَّفَرُّقُ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ قَطَاةً وَفَرْخَهَا:

فأَزْغَلَتْ فِي حَلْقِهِ زُغْلَةً،

لَمْ تُخْطِئ الجِيدَ وَلَمْ تَشْفَتِرْ

وَيُرْوَى: لَمْ تَظْلمِ الجِيدَ.

شقر: الأَشْقَرُ مِنَ الدَّوَابِّ: الأَحْمَرُ فِي مُغْرَةِ حُمْرَةٍ صافيةٍ يَحْمَرُّ مِنْهَا السَّبِيبُ والمَعْرَفَةُ وَالنَّاصِيَةُ، فإِن اسودَّا فَهُوَ الكُمَيْتُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَكرمُ الْخَيْلِ وَذَوَاتُ الْخَيْرِ مِنْهَا شُقْرُها؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. اللَّيْثُ: الشَّقْرُ والشُّقْرَةُ مَصْدَرُ الأَشْقَرِ، وَالْفِعْلُ شَقُرَ يَشْقُرُ شُقْرَةً، وَهُوَ الأَحمر مِنَ الدَّوَابِّ. الصِّحَاحُ: والشُّقْرَةُ لونُ الأَشْقَرِ، وَهِيَ فِي الإِنسان حُمْرَةٌ صَافِيَةٌ وبَشَرَتُه مَائِلَةٌ إِلى الْبَيَاضِ؛ ابْنُ سِيدَهْ: وشَقِرَ شَقَراً وشَقُرَ، وَهُوَ أَشْقَرُ، واشْقَرَّ كَشَقِرَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

وَقَدْ رأَى فِي الأُفُقِ اشْقِرارَا

وَالِاسْمُ الشُّقْرَةُ. والأَشْقَرُ مِنَ الإِبل: الَّذِي يُشْبِهُ لَوْنُه لَوْنَ الأَشْقَرِ مِنَ الْخَيْلِ. وَبَعِيرٌ أَشْقَرُ أَي شَدِيدُ الْحُمْرَةِ. والأَشْقَرُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يَعْلُو بياضَه حمرةٌ صافيةٌ. والأَشْقَرُ مِنَ الدَّمِ: الَّذِي قَدْ صَارَ عَلَقاً. يُقَالُ: دَمٌ أَشْقَرُ، وَهُوَ الَّذِي صَارَ عَلَقاً وَلَمْ يَعْلُهُ غُبارٌ. ابْنِ الأَعرابي قَالَ: لَا تَكُونُ حَوْرَاءُ شَقْراءَ، وَلَا أَدْماءُ حَوْراءَ وَلَا مَرْهاءَ، لَا تَكُونُ إِلا ناصِعَةَ بياضِ العَيْنَيْنِ فِي نُصوعِ بَياضِ الْجِلْدِ فِي غَيْرِ مُرْهَةٍ وَلَا شُقْرَةٍ وَلَا أُدْمَةٍ وَلَا سُمْرَةٍ وَلَا كَمَدِ لَوْنٍ حَتَّى يَكُونَ لَوْنُهَا مُشْرِقاً ودَمُها ظَاهِرًا. والمَهْقاءُ والمَقْهاءُ: الَّتِي يَنْفي بياضَ عَيْنِهَا الكُحْلُ وَلَا يَنْفي بياضَ جِلْدِهَا. والشَّقْراءُ: اسْمُ فَرَسِ رَبِيعَةَ بْنِ أُبَيٍّ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. والشَّقِرُ، بِكَسْرِ الْقَافِ: شَقائِقُ النُّعمانِ، وَيُقَالُ: نَبْتٌ أَحمر، وَاحِدَتُهَا شَقرَةٌ، وَبِهَا سُمِّيَ الرجلُ شَقِرَة، قَالَ طَرَفَةُ.

وتَساقَى القَوْمُ كأْساً مُرَّةً،

وَعَلَى الخَيْلِ دِماءٌ كالشَّقِرْ

وَيُرْوَى: وعَلا الخيلَ. وَجَاءَ بالشُّقَّارَى والبُقَّارَى والشُقارَى والبُقارَى، مُثَقَّلًا وَمُخَفَّفًا، أَي بِالْكَذِبِ. ابْنُ دُرَيْدٍ: يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ بالشُّقَرِ والبُقَرِ إِذا جَاءَ بِالْكَذِبِ. والشُّقَّارُ والشُّقَّارَى: نِبْتَةٌ ذَاتُ زُهَيْرَةٍ، وَهِيَ أَشبه ظُهُورًا عَلَى الأَرض مِنَ الذَّنْيَانِ «3» . وزَهْرَتُها شُكَيْلاءُ وورقها لَطِيفٌ أَغبر، تُشْبِهُ نِبْتَتُها نِبْتَةَ القَضْب، وَهِيَ تُحْمَدُ فِي الْمَرْعَى، وَلَا تَنْبُتُ إِلا فِي عَامٍ خَصِيبٍ؛ قال ابن مقبل:

(3). قوله: [من الذنيان] كذا بالأَصل

ص: 421

حَشا ضِغْثُ شُقَّارَى شَراسِيفَ ضُمَّرٍ،

تَخَذَّمَ منْ أَطْرافِها مَا تَخَذَّما

وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشُّقَّارَى، بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ، نَبْتٌ، وَقِيلَ: نَبْتٌ فِي الرَّمْلِ، وَلَهَا رِيحٌ ذَفِرَةٌ، وَتُوجَدُ فِي طَعْمِ اللَّبَنِ، قَالَ: وَقَدْ قِيلَ إِن الشُّقَّارَى هُوَ الشَّقِرُ نَفْسُهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَوِيٍّ، وَقِيلَ: الشُّقَّارَى نَبْتٌ لَهُ نَوْرٌ فِيهِ حُمْرَةٌ لَيْسَتْ بِنَاصِعَةٍ وَحَبُّهُ يُقَالُ لَهُ الخِمْخِمُ. والشِّقرانُ: دَاءٌ يأَخذ الزَّرْعَ، وَهُوَ مِثْلُ الوَرْسِ يَعْلُو الأَذَنَةَ ثُمَّ يُصَعِّدُ فِي الْحَبِّ وَالثَّمَرِ. والشَّقِرانُ: نَبْتٌ «1» . أَو مَوْضِعٌ. والمَشاقِرُ: مَنَابِتُ العَرْفَجِ، وَاحِدَتُهَا مَشْقَرَةٌ. قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ لِرَاكِبٍ وَرَدَ عَلَيْهِ: مِنْ أَين وَضَحَ الراكبُ؟ قَالَ: مِنَ الحِمَى، قَالَ: وأَين كَانَ مَبيتُكَ؟ قَالَ: بإِحدى هَذِهِ المَشاقِرِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ «2» :

مِنْ ظِباء المَشاقِر

وَقِيلَ: الْمَشَاقِرُ مَوَاضِعُ. والمَشاقِرُ مِنَ الرِّمَالِ: مَا انْقَادَ وتَصَوَّب فِي الأَرض، وَهِيَ أَجلد الرِّمَالِ، الْوَاحِدُ مَشْقَرٌ. والأَشاقرُ: جِبَالٌ بَيْنَ مَكَّةَ والمدينة. والشُّقَيْرُ: ضَرْبٌ مِنَ الحِرْباءِ أَو الجنَادِب. وشَقِرَةُ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْعَرَبِ يُقَالَ لَهَا شَقِرَة. وشَقِيرَة: قَبِيلَةٌ فِي بَنِي ضَبَّةَ، فإِذا نَسَبْتَ إِليهم فَتَحْتَ الْقَافَ قُلْتَ شَقَرِيٌّ. والشُّقُور: الْحَاجَةُ. يُقَالُ: أَخبرته بشُقُورِي، كَمَا يُقَالُ: أَفْضَيْتُ إِليه بِعُجَري وبُجَرِي، وَكَانَ الأَصمعي يَقُولُهُ بِفَتْحِ الشِّينِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الضَّمُّ أَصح لأَن الشُّقُور بِالضَّمِّ بِمَعْنَى الأُمورِ اللَّاصِقَةِ بِالْقَلْبِ المُهِمَّةِ لَهُ، الْوَاحِدُ شَقْرٌ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ فِي سِرارِ الرَّجُلِ إِلى أَخيه مَا يَسْتُره عَنْ غَيْرِهِ: أَفْضَيْتُ إِليه بشُقُورِي أَي أَخبرته بأَمري وأَطلعته عَلَى مَا أُسِرُّه مِنْ غَيْرِهِ. وبَثَّهُ شُقُورَهُ وشَقُورَهُ أَي شَكَا إِليه حَالَهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجِ:

جارِيَ، لَا تَسْتَنْكِرِي عَذِيرِي،

سَيْرِي، وإِشْفاقِي عَلَى بَعيرِي

وكَثْرَةَ الحديثِ عَنْ شَقُورِي،

مَعَ الجَلا ولائِحِ القَتِيرِ

وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بالشَّقورِ فِي هَذِهِ الأَبيات لِغَيْرِ ذَلِكَ فَقِيلَ: الشَّقُور، بِالْفَتْحِ، بِمَعْنَى النَّعْتِ، وَهُوَ بَثُّ الرَّجُلِ وهَمُّهُ. وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه أَنشده بَيْتَ الْعَجَّاجِ فَقَالَ: رُوِيَ شُقُورِي وشَقُورِي؛ والشُّقُور: الأُمور الْمُهِمَّةُ، الْوَاحِدُ شَقْرٌ. والشَّقُورُ: هُوَ الْهَمُّ المُسْهِرُ، وَقِيلَ: أَخبرني بشَقُوره أَي بِسِرِّه. والمُشَقَّرُ، بِفَتْحِ الْقَافِ مَشْدُودَةٍ: حِصْنٌ بِالْبَحْرَيْنِ قَدِيمٌ؛ قَالَ لَبِيدٍ يَصِفُ بَنَاتَ الدَّهْرِ:

وأَنْزَلْنَ بالدُّومِيّ مِنْ رأْسِ حِصْنِهِ،

وأَنْزَلْنَ بالأَسْبَابِ رَبَّ المُشَقَّرِ «3»

. والمُشَقَّرُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

دُوَيْنَ الصَّفا اللَّائِي يَلِينَ المُشَقَّرَا

والمُشَقَّرُ أَيضاً: حِصْنٌ، قال المخبل:

(1). قوله: [والشقران نبت إلخ] قال ياقوت: لم أسمع في هذا الوزن إلا شقران، بفتح فكسر وتخفيف الراء، وظربان وقطران

(2)

. قوله: [وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ إلخ] هو كما في شرح القاموس:

كَأَنَّ عُرَى الْمَرْجَانِ مِنْهَا تَعَلَّقَتْ

عَلَى أُم خِشْفٍ من ظباء المشاقر

(3)

. قوله: [وأنزلن بالدومي إلخ] أَراد به أكيدراً صاحب دومة الجندل، وقبله:

وأفنى بنات الدهر أبناء ناعط

بمستمع دون السماع ومنظر

ص: 422

فَلَئِنْ بَنَيْت لِيَ المُشَقَّرَ فِي

صَعْبٍ تُقَصِّرُ دُونَهُ العُصْمُ،

لَتُنَقِّبَنْ عَنِّي المَنِيَّةُ، إِنَّ

اللهَ لَيْسَ كَعِلْمِهِ عِلْمُ

أَراد: فَلَئِنْ بَنَيْتَ لِي حِصْنًا مِثْلَ المُشَقَّرِ. والشَّقْراءُ: قَرْيَةٌ لِعُكْلٍ بِهَا نَخْلٌ؛ حَكَاهُ أَبو رِياشٍ فِي تَفْسِيرِ أَشعار الحماسَة، وأَنشد لِزِيَادِ بْنِ جَمِيلٍ:

مَتَى أَمُرُّ عَلَى الشَّقْراءِ مُعْتَسِفاً

خَلَّ النَّقَى بِمَرُوحٍ، لَحْمُها زِيَمُ

والشَّقْراءُ: مَاءٌ لِبَنِي قَتادة بْنِ سَكَنٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ لَمَّا وَفَدَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فأَسلم اسْتَقْطَعَهُ مَا بَيْنَ السَّعْدِيَّةِ والشَّقْراءِ

؛ وَهُمَا مَاءَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ السَّعْدِيَّةِ فِي مَوْضِعِهِ. والشَّقِيرُ: أَرض؛ قَالَ الأَخطل:

وأَقْفَرَتِ الفَراشَةُ والحُبَيَّا،

وأَقْفَرَ، بَعْدَ فاطِمَةَ، الشَّقِيرُ

والأَشاقِرُ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ مِنَ الأَزد، وَالنِّسْبَةُ إِليهم أَشْقَريٌّ. وبنو الأَشْقَرِ: حَيّ أَيضاً، يُقَالُ لأُمِّهم الشُّقَيراءُ، وَقِيلَ: أَبوهم الأَشْقَرُ سَعْدُ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنُ مَالِكِ بْنِ فَهْمٍ؛ وَيُنْسَبُ إِلى بَني شَقِرَةَ شَقَرِيٌّ، بِالْفَتْحِ، كَمَا يُنْسَبُ إِلى النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ نَمَرِيٌّ. وأَشْقَرُ وشُقَيْرٌ وشُقْرانُ: أَسماء. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: شُقْرانُ السُّلامِيُّ رَجُلٌ مِنْ قُضاعَةَ. والشَّقْراءُ: اسْمُ فَرَسٍ رَمَحَتِ ابنَها «1» . فَقَتَلَتْهُ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ الأَسَدِيُّ يَهْجُو عُتْبَةَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ، وَكَانَ عُتْبَةُ قَدْ أَجار رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسد فقتله رَجُلًا مِنْ بَنِي كِلَابٍ فَلَمْ يَمْنَعْهُ:

فأَصْبَحَ كالشَّقْراءِ، لَمْ يَعْدُ شَرُّها

سَنابِكَ رِجْليها، وعِرْضُكَ أَوْفَرُ

التَّهْذِيبُ: والشَّقِرَةُ هُوَ السَّنْجُرْفُ وَهُوَ السَّخْرُنج؛ وأَنشد:

عَلَيْهِ دِماءُ البُدْنِ كالشَّقِرات

ابْنُ الأَعرابي: الشُّقَرُ الدِّيكُ.

شكر: الشُّكْرُ: عِرْفانُ الإِحسان ونَشْرُه، وَهُوَ الشُّكُورُ أَيضاً. قَالَ ثَعْلَبٌ: الشُّكْرُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ يَدٍ، والحَمْدُ يَكُونُ عَنْ يَدٍ وَعَنْ غَيْرِ يَدٍ، فَهَذَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. والشُّكْرُ مِنَ اللَّهِ: الْمُجَازَاةُ وَالثَّنَاءُ الْجَمِيلُ، شَكَرَهُ وشَكَرَ لَهُ يَشْكُرُ شُكْراً وشُكُوراً وشُكْراناً؛ قَالَ أَبو نُخَيْلَةَ:

شَكَرْتُكَ، إِنَّ الشُّكْرَ حَبْلٌ منَ التُّقَى،

وَمَا كُلُّ مَنْ أَوْلَيْتَهُ نِعْمَةً يَقْضِي

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن الشُّكْرُ لَا يَكُونُ إِلا عَنْ يَدٍ، أَلا تَرَى أَنه قَالَ: وَمَا كُلُّ مَنْ أَوليته نِعْمَةً يَقْضِي؟ أَي لَيْسَ كُلُّ مَنْ أَوليته نِعْمَةً يَشْكُرُكَ عَلَيْهَا. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: شَكَرْتُ اللَّه وَشَكَرْتُ لِلَّهِ وشَكَرْتُ بِاللَّهِ، وَكَذَلِكَ شَكَرْتُ نِعْمَةَ اللَّهِ، وتَشَكَّرَ لَهُ بلاءَه: كشَكَرَهُ. وتَشَكَّرْتُ لَهُ: مِثْلُ شَكَرْتُ لَهُ. وَفِي حَدِيثِ

يَعْقُوبَ: إِنه كَانَ لَا يأْكل شُحُومَ الإِبل تَشَكُّراً لِلَّهِ عز وجل

؛ أَنشد أَبو عَلِيٍّ:

وإِنِّي لآتِيكُمْ تَشَكُّرَ مَا مَضَى

مِنَ الأَمْرِ، واسْتيجابَ مَا كَانَ في الغَدِ

(1). قوله: [رمحت ابنها إلخ] أي لا عن قصد منها بل رمحت غلاماً فأصابت ابنها فقتلته. وقيل إِنها جمحت بصاحبها يوماً فأتت على واد فأرادت أَن تثبه فقصرت فاندقت عنقها وسلم صاحبها فسئل عنها فقال: إن الشقراء لم يعدُ شرها رجليها

ص: 423

أَي لِتَشَكُّرِ مَا مَضَى، وأَراد مَا يَكُونُ فَوَضَعَ الْمَاضِي مَوْضِعَ الْآتِي. وَرَجُلٌ شَكورٌ: كَثِيرُ الشُّكْرِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً

. وَفِي الْحَدِيثِ:

حين رُؤيَ، صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ جَهَدَ نَفْسَهُ بِالْعِبَادَةِ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتفعل هَذَا وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تأَخر؟ أَنه قَالَ، عليه السلام: أَفَلا أَكونُ عَبْداً شَكُوراً؟

وَكَذَلِكَ الأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ. والشَّكُور: مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ جَلَّ اسْمُهُ، مَعْنَاهُ: أَنه يَزْكُو عِنْدَهُ القليلُ مِنْ أَعمال الْعِبَادِ فَيُضَاعِفُ لَهُمُ الْجَزَاءَ، وشُكْرُه لِعِبَادِهِ: مَغْفِرَتُهُ لَهُمْ. والشَّكُورُ: مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ. وأَما الشَّكُورُ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ فَهُوَ الَّذِي يَجْتَهِدُ فِي شُكْرِ رَبِّهِ بِطَاعَتِهِ وأَدائه مَا وَظَّفَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَتِهِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ

؛ نُصِبَ شُكْراً لأَنه مَفْعُولٌ لَهُ، كأَنه قَالَ: اعْمَلُوا لِلَّهِ شُكْراً، وإِن شِئْتَ كَانَ انْتِصَابُهُ عَلَى أَنه مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ. والشُّكْرُ: مِثْلُ الْحَمْدِ إِلا أَن الْحَمْدَ أَعم مِنْهُ، فإِنك تَحْمَدُ الإِنسانَ عَلَى صِفَاتِهِ الْجَمِيلَةِ وَعَلَى مَعْرُوفِهِ، وَلَا تَشْكُرُهُ إِلا عَلَى مَعْرُوفِهِ دُونَ صِفَاتِهِ. والشُّكْرُ: مُقَابَلَةُ النِّعْمَةِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالنِّيَّةِ، فَيُثْنِي عَلَى الْمُنْعِمِ بِلِسَانِهِ وَيُذِيبُ نَفْسَهُ فِي طَاعَتِهِ وَيَعْتَقِدُ أَنه مُولِيها؛ وَهُوَ مِنْ شَكَرَتِ الإِبل تَشْكُر إِذا أَصابت مَرْعًى فَسَمِنَتْ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ الناسَ

؛ مَعْنَاهُ أَن اللَّهَ لَا يَقْبَلُ شُكْرَ الْعَبْدِ عَلَى إِحسانه إِليه، إِذا كَانَ الْعَبْدُ لَا يَشكُرُ إِحسانَ النَّاسِ ويَكْفُر معروفَهم لِاتِّصَالِ أَحد الأَمرين بِالْآخَرِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن مِنَ كَانَ مِنْ طَبْعِهِ وَعَادَتِهِ كُفْرانُ نِعْمَةِ النَّاسِ وتركُ الشُّكْرِ لَهُمْ، كَانَ مِنْ عَادَتِهِ كُفْرُ نِعْمَةِ اللَّهِ وتركُ الشُّكْرِ لَهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن مِنَ لَا يشكُر النَّاسَ كَانَ كَمَنْ لَا يشكُر اللَّهَ وإِن شَكَرَهُ، كَمَا تَقُولُ: لَا يُحِبُّني مَنْ لَا يُحِبُّك أَي أَن مَحَبَّتَكَ مَقْرُونَةٌ بِمَحَبَّتِي فَمَنْ أَحبني يُحِبُّكَ وَمَنْ لَمْ يُحِبَّكَ لَمْ يُحِبَّنِي؛ وَهَذِهِ الأَقوال مَبْنِيَّةٌ عَلَى رَفْعِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَصْبِهِ. والشُّكْرُ: الثناءُ عَلَى المُحْسِنِ بِمَا أَوْلاكَهُ مِنَ الْمَعْرُوفِ. يُقَالُ: شَكَرْتُه وشَكَرْتُ لَهُ، وَبِاللَّامِ أَفصح. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً

؛ يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مَصْدَرًا مِثْلُ قَعَدَ قُعُوداً، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ جَمْعًا مِثْلُ بُرْدٍ وبُرُود وكُفْرٍ وكُفُورٍ. والشُّكْرانُ: خِلَافُ الكُفْرانِ. والشَّكُور مِنَ الدَّوَابِّ: مَا يَكْفِيهِ العَلَفُ القليلُ، وَقِيلَ: الشَّكُورُ مِنَ الدَّوَابِّ الَّذِي يَسْمَنُ عَلَى قِلَّةِ الْعَلَفِ كأَنه يَشْكُرُ وإِن كَانَ ذَلِكَ الإِحسان قَلِيلًا، وشُكْرُه ظهورُ نَمَائِهِ وظُهُورُ العَلَفِ فِيهِ؛ قَالَ الأَعشى:

وَلَا بُدَّ مِنْ غَزْوَةٍ فِي الرَّبيعِ

حَجُونٍ، تُكِلُّ الوَقَاحَ الشَّكُورَا

والشَّكِرَةُ والمِشْكارُ مِنَ الحَلُوباتِ: الَّتِي تَغْزُرُ عَلَى قِلَّةِ الْحَظِّ مِنَ الْمَرْعَى. ونَعَتَ أَعرابيٌّ نَاقَةً فَقَالَ: إِنها مِعْشارٌ مِشْكارٌ مِغْبارٌ، فأَما الْمِشْكَارُ فَمَا ذَكَرْنَا، وأَما الْمِعْشَارُ وَالْمِغْبَارُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَشْرُوحٌ فِي بَابِهِ؛ وجَمْعُ الشَّكِرَةِ شَكارَى وشَكْرَى. التَّهْذِيبُ: والشَّكِرَةُ مِنَ الْحَلَائِبِ الَّتِي تُصِيبُ حَظًّا مِنْ بَقْل أَو مَرْعًى فَتَغْزُرُ عَلَيْهِ بَعْدَ قِلَّةِ لَبَنٍ، وإِذا نَزَلَ الْقَوْمُ مَنْزِلًا فأَصابتْ نَعَمُهم شَيْئًا مِنْ بَقْلٍ قَدْ رَبَّ قِيلَ: أَشْكَرَ القومُ، وإِنهم لَيَحْتَلِبُونَ شَكِرَةَ حَيْرَمٍ، وَقَدْ شَكِرَتِ الحَلُوبَةُ شَكَراً؛ وأَنشد:

نَضْرِبُ دِرَّاتِها، إِذا شَكِرَتْ،

بِأَقْطِها، والرِّخافَ نَسْلَؤُها

ص: 424

والرَّخْفَةُ: الزُّبْدَةُ. وضَرَّةٌ شَكْرَى إِذا كَانَتْ مَلأَى مِنَ اللَّبَنِ، وَقَدْ شَكِرَتْ شَكَراً. وأَشْكَرَ الضَّرْعُ واشْتَكَرَ: امتلأَ لَبَنًا. وأَشْكَرَ القومُ: شَكِرتْ إِبِلُهُمْ، وَالِاسْمُ الشَّكْرَةُ. الأَصمعي: الشَّكِرَةُ الْمُمْتَلِئَةُ الضَّرْعِ مِنَ النُّوقِ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ يَصِفُ إِبلًا غِزَارًا:

إِذا لَمْ يَكُنْ إِلَّا الأَمَالِيسُ أَصْبَحَتْ

لَها حُلَّقٌ ضَرَّاتُها، شَكِرات

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى بِهَا حُلَّقاً ضَرَّاتُها، وإِعرابه عَلَى هَذَا أَن يَكُونَ فِي أَصبحت ضَمِيرُ الإِبل وَهُوَ اسْمُهَا، وحُلَّقاً خَبَرُهَا، وَضَرَّاتُهَا فَاعِلٌ بِحُلَّق، وَشَكِرَاتٌ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، وَالْهَاءُ فِي بِهَا تَعُودُ عَلَى الأَمالِيسِ؛ وَهِيَ جَمْعُ إمْلِيسٍ، وَهِيَ الأَرض الَّتِي لَا نَبَاتَ لَهَا؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ ضِرَّاتُهَا اسْمَ أَصبحت، وَحُلَّقًا خَبَرُهَا، وَشَكِرَاتٌ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ؛ قَالَ: وأَما مَنْ رَوَى لَهَا حُلَّقٌ، فَالْهَاءُ فِي لَهَا تَعُودُ عَلَى الإِبل، وَحُلَّقٌ اسْمُ أَصبحت، وَهِيَ نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَصبحت لَهَا ضُرُوعٌ حُلَّقٌ، وَالْحُلَّقُ جَمْعُ حَالِقٍ، وَهُوَ الْمُمْتَلِئُ، وَضَرَّاتُهَا رُفِعَ بِحُلَّقٍ وَشَكِرَاتٌ خَبَرُ أَصبحت؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فِي أَصبحت ضَمِيرُ الأَبل، وَحُلَّقٌ رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ فِي قَوْلِهِ لَهَا، وَشَكِرَاتٌ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، وأَما قَوْلُهُ: إِذا لَمْ يَكُنْ إِلَّا الأَماليس، فإِنَّ يَكُنْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ تَامَّةً، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ نَاقِصَةً، فإِن جَعَلَتْهَا نَاقِصَةً احْتَجْتَ إِلى خَبَرٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ إِذا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ إِلَّا الأَماليس أَو فِي الأَرض إِلَّا الأَماليس، وإِن جَعَلْتَهَا تَامَّةً لَمْ تَحْتَجْ إِلى خَبَرٍ؛ وَمَعْنَى الْبَيْتِ أَنه يَصِفُ هَذِهِ الإِبل بِالْكَرَمِ وَجَوْدَةِ الأَصل، وأَنه إِذا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَا تَرْعَاهُ وَكَانَتِ الأَرضُ جَدْبَةً فإِنك تَجِدُ فِيهَا لَبَنًا غَزِيرًا. وَفِي حَدِيثِ يأْجوج ومأْجوج:

دَوابُّ الأَرض تَشْكَرُ شَكَراً

، بِالتَّحْرِيكِ، إِذا سَمِنَت وامتلأَ ضَرْعُها لَبَنًا. وعُشْبٌ مَشْكَرَة: مَغْزَرَةٌ لِلَّبَنِ، تَقُولُ مِنْهُ: شَكِرَتِ النَّاقَةُ، بِالْكَسْرِ، تَشْكَرُ شَكَراً، وَهِيَ شَكِرَةٌ. وأَشْكَرَ القومُ أَي يَحْلُبُون شَكِرَةً. وَهَذَا زَمَانُ الشَّكْرَةِ إِذا حَفَلتْ مِنَ الرَّبِيعِ، وَهِيَ إِبل شَكَارَى وغَنَمٌ شَكَارَى. واشْتَكَرَتِ السماءُ وحَفَلَتْ واغْبَرَّتْ: جَدَّ مَطَرُهَا واشْتَدَّ وقْعُها؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ مَطَرًا:

تُخْرِجُ الوَدَّ إِذا مَا أَشْجَذَتْ،

وتُوالِيهِ إِذا مَا تَشْتَكِرْ

وَيُرْوَى: تَعْتَكِرْ. واشْتَكَرَت الرياحُ: أَتت بِالْمَطَرِ. واشْتَكَرَتِ الريحُ: اشْتَدَّ هُبوبُها؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

المُطْعِمُونَ إِذا رِيحُ الشِّتَا اشْتَكَرَتْ،

والطَّاعِنُونَ إِذا مَا اسْتَلْحَمَ البَطَلُ

واشْتَكَرَتِ الرياحُ: اخْتَلَفَتْ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ خطأٌ. واشْتَكَرَ الحرُّ وَالْبَرْدُ: اشْتَدَّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

غَداةَ الخِمْسِ واشْتَكَرَتْ حَرُورٌ،

كأَنَّ أَجِيجَها وَهَجُ الصِّلاءِ

وشَكِيرُ الإِبل: صِغَارُهَا. والشَّكِيرُ مِنَ الشَّعَرِ وَالنَّبَاتِ: مَا يَنْبُتُ مِنَ الشَّعَرِ بَيْنَ الضَّفَائِرِ، وَالْجَمْعُ الشُّكْرُ؛ وأَنشد:

فَبَيْنا الفَتى لِلْعَيْنِ ناضِراً،

كعُسْلُوجَةٍ يَهْتَزُّ مِنْهَا شَكِيرُها

ابْنُ الأَعرابي: الشَّكِيرُ مَا يَنْبُتُ فِي أَصل الشَّجَرَةِ مِنَ الْوَرَقِ وَلَيْسَ بِالْكِبَارِ. والشَّكيرُ مِنَ الفَرْخِ:

ص: 425

الزَّغَبُ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ شَكِرَتِ الشَّجَرَةُ وأَشْكَرَتْ إِذا خَرَجَ فِيهَا الشَّيْءُ. ابْنُ الأَعرابي: المِشْكارُ مِنَ النُّوقِ الَّتِي تَغْزُرُ فِي الصَّيْفِ وَتَنْقَطِعُ فِي الشِّتَاءِ، وَالَّتِي يَدُومُ لَبَنُهَا سَنَتَهَا كُلَّهَا يُقَالُ لَهَا: رَكُودٌ ومَكُودٌ وَوَشُولٌ وصَفِيٌّ. ابْنُ سِيدَهْ: والشَّكِيرُ الشَّعَرُ الَّذِي فِي أَصل عُرْفِ الفَرَسِ كأَنه زَغَبٌ، وَكَذَلِكَ فِي النَّاصِيَةِ. والشَّكِيرُ مِنَ الشَّعَرِ وَالرِّيشِ والعَفا والنَّبْتِ: مَا نَبَتَ مِنْ صِغَارِهِ بَيْنَ كِبَارِهِ، وَقِيلَ: هُوَ أَول النَّبْتِ عَلَى أَثر النَّبْتِ الْهَائِجِ المُغْبَرِّ، وَقَدْ أَشْكَرَتِ الأَرضُ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّجَرُ يَنْبُتُ حَوْلَ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: هُوَ الْوَرَقُ الصِّغَارُ يَنْبُتُ بَعْدَ الْكِبَارِ. وشَكِرَتِ الشَّجَرَةُ أَيضاً تَشْكَرُ شَكَراً أَي خَرَجَ مِنْهَا الشَّكِيرُ، وَهُوَ مَا يَنْبُتُ حَوْلَ الشَّجَرَةِ مِنْ أَصلها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

ومِنْ عِضَةٍ مَا يَنْبُتَنَّ شَكِيرُها

قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا للشَّعَرِ الضَّعِيفِ شَكِيرٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ فَرَسًا:

ذَعَرْتُ بِهِ العَيرَ مُسْتَوْزِياً،

شَكِيرُ جَحَافِلِهِ قَدْ كَتِنْ

ومُسْتَوْزِياً: مُشْرِفاً مُنْتَصِبًا. وكَتِنَ: بِمَعْنَى تَلَزَّجَ وتَوَسَّخَ. والشَّكِيرُ أَيضاً: مَا ينبت من القُضْبانِ الرَّخْصَةِ بين القُضْبانِ العاسِيَةِ. والشَّكِيرُ: مَا يَنْبُتُ فِي أُصول الشَّجَرِ الْكِبَارِ. وشَكِيرُ النخلِ: فِراخُه. وشَكِرَ النخلُ شَكَراً: كَثُرَتْ فِرَاخُهُ؛ عَنْ أَبي حَنيفة؛ وَقَالَ يَعْقُوبُ: هُوَ مِنَ النَّخْلِ الخُوصُ الَّذِي حَوْلَ السَّعَفِ؛ وأَنشد لكثيِّر:

بُرُوكٌ بأَعْلى ذِي البُلَيْدِ، كأَنَّها

صَرِيمَةُ نَخْلٍ مُغْطَئِلٍّ شَكِيرُها

مُغْطَئِلٍّ: كَثِيرٌ مُتَرَاكِبٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّكِيرُ الْغُصُونُ؛ وَرَوَى

الأَزهري بِسَنَدِهِ: أَن مَجَّاعَةَ أَتى رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ قَائِلُهُمْ:

ومَجَّاعُ اليَمامَةِ قَدْ أَتانا،

يُخَبِّرُنا بِمَا قال الرَّسُولُ

فأَعْطَيْنا المَقادَةَ واسْتَقَمْنا،

وكانَ المَرْءُ يَسْمَعُ مَا يَقُولُ

فأَقْطَعَه رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، وَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ كِتَابًا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كتابٌ كَتَبَهُ محمدٌ رسولُ اللَّهِ، لِمَجَّاعَةَ بنِ مُرارَةَ بْنِ سَلْمَى، إِني أَقطعتك الفُورَةَ وعَوانَةَ مِنَ العَرَمَةِ والجَبَل فَمَنْ حاجَّكَ فإِليَّ. فَلَمَّا قُبِضَ رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَفَدَ إِلى أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه، فأَقطعه الخِضْرِمَةَ، ثُمَّ وَفَدَ إِلى عُمَرَ، رضي الله عنه، فأَقطعه أَكثر مَا بالحِجْرِ، ثُمَّ إِن هِلالَ بنَ سِراجِ بنِ مَجَّاعَةَ وَفَد إِلى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، بعد ما اسْتُخْلِفَ فأَخذه عُمَرُ وَوَضَعَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ وَمَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ رَجَاءَ أَن يُصِيبَ وَجْهُهُ مَوْضِعَ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَسَمَرَ عِنْدَهُ هلالٌ لَيْلَةً، فَقَالَ لَهُ: يَا هِلَالُ أَبَقِيَ مِنْ كُهُولِ بَنِي مَجَّاعَةَ أَحدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ وشَكِيرٌ كَثِيرٌ؛ قَالَ: فَضَحِكَ عُمَرُ وَقَالَ: كَلِمَةٌ عربيةٌ، قَالَ: فَقَالَ جُلَسَاؤُهُ: وَمَا الشَّكير يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: أَلم تَرَ إِلى الزَّرْعِ إِذا زَكَا فأَفْرَخَ فَنَبَتَ فِي أُصوله فَذَلِكُمُ الشَّكيرُ. ثُمَّ أَجازه وأَعطاه وأَكرمه وأَعطاه فِي فَرَائِضِ الْعِيالِ والمُقاتِلَةِ

؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد بَقَوْلِهِ وشَكِير كَثِيرٌ أَي ذُرِّيَّةٌ صِغارٌ،. شَبَّهَهُمْ بشَكِيرِ الزَّرْعِ، وَهُوَ مَا نَبَتَ مِنْهُ صِغَارًا فِي أُصول الْكِبَارِ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ رِكاباً أَجْهَضَتْ أَولادَها:

والشَّدَنِيَّاتُ يُسَاقِطْنَ النَّغَرْ،

ص: 426

خُوصُ العُيونِ مُجْهِضَاتٌ مَا اسْتَطَرْ،

مِنْهُنَّ إِتْمامُ شَكِيرٍ فاشْتَكَرْ

مَا اسْتَطَرَّ: مِنَ الطَّرِّ. يُقَالُ: طَرَّ شَعَرُه أَي نَبَتَ، وطَرَّ شَارِبُهُ مِثْلُهُ. يَقُولُ: مَا اسْتَطَرَّ منهنَّ. إِتمام يَعْنِي بُلُوغَ التَّمَامِ. والشَّكِيرُ: مَا نَبَتَ صَغِيرًا فاشْتَكَر: صَارَ شَكِيراً.

بِحاجِبٍ وَلَا قَفاً وَلَا ازْبأَرْ

مِنْهُنَّ سِيساءٌ، وَلَا اسْتَغْشَى الوَبَرْ

والشَّكِيرُ: لِحاءُ الشَّجَرِ؛ قَالَ هَوْذَةُ بنُ عَوْفٍ العامِريّ:

عَلَى كلِّ خَوَّارِ العِنانِ كأَنها

عَصَا أَرْزَنٍ، قَدْ طارَ عَنْهَا شَكِيرُها

وَالْجَمْعُ شُكُرٌ. وشُكُرُ الكَرْمِ: قُضْبانه الطِّوالُ، وَقِيلَ: قُضبانه الأَعالي. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّكِير الكَرْم يُغرَسُ من قضيبه، والفعل كُلِّ ذَلِكَ أَشْكَرَتْ واشْتَكَرَت وشَكِرَتْ. والشَّكْرُ: فَرْجُ المرأَة وَقِيلَ لَحْمُ فَرْجِهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ امرأَة، أَنشده ابْنُ السِّكِّيتِ:

صَناعٌ بإِشْفاها، حَصانٌ بِشَكْرِها،

جَوادٌ بِقُوتِ البَطْنِ، والعِرْضُ وافِرُ

وَفِي رِوَايَةٍ:

جَوادٌ بزادِ الرَّكْبِ والعِرْق زاخِرُ

وَقِيلَ: الشَّكْرُ بُضْعُها والشِّكْرُ لُغَةٌ فِيهِ؛ وَرُوِيَ بِالْوَجْهَيْنِ بَيْتُ الأَعشى:

خَلَوْتُ بِشِكْرِها وشَكرها «2»

. وَفِي الْحَدِيثِ:

نَهَى عَنْ شَكْرِ البَغِيِ

، هُوَ بِالْفَتْحِ، الْفَرْجُ، أَراد عَنْ وَطْئِهَا أَي عَنْ ثَمَنِ شَكْرِها فَحَذَفَ الْمُضَافَ، كَقَوْلِهِ:

نَهَى عَنْ عَسِيبِ الفَحْلِ

أَي عَنْ ثَمَنِ عَسْبِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَشَكَرْتُ الشاةَ

، أَي أَبدلت شَكْرَها أَي فَرْجَهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ يَحْيَى بْنُ يَعْمُر لِرَجُلٍ خَاصَمَتْهُ إِليه امرأَته فِي مَهْرِها: أَإِنْ سأَلَتْكَ ثَمَنَ شَكْرِها وشَبْرِك أَنْشأْتَ تَطُلُّها وتَضْهَلُها؟ والشِّكارُ: فُرُوجُ النِّسَاءِ، وَاحِدُهَا شَكْرٌ. وَيُقَالُ للفِدرَة مِنَ اللَّحْمِ إِذا كَانَتْ سَمِينَةً: شَكْرَى؛ قَالَ الرَّاعِي:

تَبِيتُ المَخالي الغُرُّ فِي حَجَراتِها

شَكارَى، مَراها ماؤُها وحَدِيدُها

أَراد بِحَدِيدِهَا مِغْرَفَةً مِنْ حَدِيدٍ تُساطُ القِدْرُ بِهَا وَتَغْتَرِفُ بِهَا إِهالتها. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ فاتحْتُ فُلَانًا الْحَدِيثَ وكاشَرْتُه وشاكَرْتُه؛ أَرَيْتُه أَني شاكِرٌ. والشَّيْكَرانُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبْتِ. وبَنُو شَكِرٍ: قَبِيلَةٌ فِي الأَزْدِ. وَشَاكِرٌ: قَبِيلَةٌ فِي الْيَمَنِ؛ قَالَ:

مُعاوِيَ، لَمْ تَرْعَ الأَمانَةَ، فارْعَها

وكُنْ شاكِراً للهِ والدِّينِ، شاكِرُ

أَراد: لَمْ تَرْعَ الأَمانةَ شاكرٌ فَارْعَهَا وَكُنْ شَاكِرًا لِلَّهِ، فَاعْتَرَضَ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ جملةٌ أُخرى، وَالِاعْتِرَاضُ لِلتَّشْدِيدِ قَدْ جَاءَ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ والمبتدإِ وَالْخَبَرِ وَالصِّلَةِ وَالْمَوْصُولِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَجِيئًا كَثِيرًا فِي الْقُرْآنِ وَفَصِيحِ الْكَلَامِ. وبَنُو شاكرٍ: فِي هَمْدان. وَشَاكِرٌ: قَبِيلَةٌ مِنْ هَمْدان بِالْيَمَنِ. وشَوْكَرٌ: اسْمٌ. ويَشْكُرُ: قَبِيلَةٌ فِي رَبِيعَةَ. وَبَنُو يَشْكُرَ قَبِيلَةٌ فِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ.

شمر: شَمَرَ يَشْمُرُ شَمْراً وانْشَمَرَ وشَمَّرَ وتَشَمَّرَ: مَرَّ جَادًّا. وتَشَمَّرَ للأَمر: تهيَّأَ.

(2). قوله: [خلوت إلخ] كذا بالأَصل

ص: 427

وانْشَمَرَ للأَمر: تهيأَ لَهُ، وَفِي حَدِيثِ سَطِيحٍ:

شَمِّرْ فإِنَّكَ ماضِي العَزمِ شِمِّيرُ

هُوَ بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّشَمُّر فِي الأَمر والتَّشْمِيرِ، وَهُوَ الجدُّ فِيهِ وَالِاجْتِهَادُ، وفِعِّيلٌ مِنْ أَبنية الْمُبَالِغَةِ. وَيُقَالُ: شَمَّرَ الرَّجُلُ وتَشَمَّرَ وشَمَّرَ غَيْرَه إِذا كَمَّشَهُ فِي السَّيْرِ والإِرسال، وأَنشد:

فَشَمَّرَتْ وانْصاعَ شِمِّرِيُ

شَمَّرَتْ: انْكَمَشَتْ يَعْنِي الْكِلَابَ. والشِّمِّرِيُّ: المُشَمِّرُ. الْفَرَّاءُ: الشَّمَّرِيُّ الكَيِّسُ فِي الأُمور المُنْكَمِشُ، بِفَتْحِ الشِّينِ وَالْمِيمِ. وَرَجُلٌ شِمْرٌ وشِمِّيرٌ وشَمَّرِيٌّ وشِمِّرِيٌّ، بِالْكَسْرِ: مَاضٍ فِي الأُمور وَالْحَوَائِجِ مُجَرِّبٌ، وأَكثر ذَلِكَ فِي الشِّعْرِ، وأَنشد:

قَدْ شَمَّرَتْ عَنْ ساقِ شِمِّرِيِ

وأَنشد أَيضا لِآخَرَ:

لَيْسَ أَخُو الحَاجاتِ إِلا الشَّمَّرِي،

والجَمَلَ البَازِلَ والطِّرْفَ القَوِي

قَالَ أَبو بَكْرٍ: فِي الشَّمَّرِيِّ ثَلَاثَةُ أَقوال: قَالَ قَوْمٌ: الشَّمَّرِيُّ الحادُّ النِّحْرِيرُ، وأَنشد:

ولَيِّن الشّيمَةِ شَمَّرِيِّ،

لَيْسَ بِفَحَّاشٍ وَلَا بَذِيِ

وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الشَّمَّرِيُّ المُنْكَمشُ فِي الشَّرِّ وَالْبَاطِلِ المُتَجَرِّد لِذَلِكَ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ التَّشْمِيرِ، وَهُوَ الجِدُّ وَالِانْكِمَاشُ، وَقِيلَ: الشَّمَّرِيُّ الَّذِي يَمْضِي لِوَجْهِهِ ويَرْكَبُ رأْسهُ لَا يَرْتَدِعُ. وَقَدِ انْشَمَرَ لِهَذَا الأَمر وشَمَّرَ: أَراده. وَقَالَ المُؤَرِّجُ: رَجُلٌ شِمْرٌ أَي زَوْلٌ بَصِيرٌ نَافِذٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وأَنشد:

قَدْ كُنْت سِفْسِيراً قَذُوماً شِمْرَا

قَذُومٌ، بِالذَّالِ وَالدَّالِ مَعًا، قَالَ: والشِّمْرُ السَّخِيُّ الشجاعُ. والشَّمْرُ: تَقْلِيصُ الشَّيْءِ. وشَمَّرَ الشَّيْءَ فَتَشَمَّرَ: قَلَّصَه فَتَقَلَّصَ. وشَمَّرَ الإِزارَ والثَّوْبَ تَشْمِيراً: رَفَعَهُ، وَهُوَ نَحْوُ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: شَمَّرَ عَنْ سَاقِهِ وشَمَّرَ فِي أَمره أَي خَفَّ، وَرَجُلٌ شَمَّرِيٌّ كأَنه مَنْسُوبٌ إِليه. والشَّمْرُ: تَشْمِيرُكَ الثَّوْبَ إِذا رَفَعْتَهُ. وكلُّ قَالِصٍ، فإِنه مُتَشَمِّرٌ، حَتَّى يُقَالَ لِثَةٌ مُتَشَمِّرَةٌ لَازِقَةٌ بأَسْناخِ الأَسْنان. وَيُقَالُ أَيضا: لِثَةٌ شامِرَةٌ وَشَفَةٌ شامِرةٌ. والشَّمْرُ: الاختيالُ فِي المَشْي. يُقَالُ: مَرَّ فُلَانٌ يَشْمُرُ شَمْراً. وشَفَةٌ شامِرَةٌ ومُشَمِّرَةٌ: قَالِصَةٌ. وَشَاةٌ شامِرَةٌ: انْضَمَّ ضَرْعها إِلى بَطْنِهَا مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ. الأَصمعي: التَّشْمِيرُ الإِرْسالُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: شَمَّرْتُ السَّفِينَةَ أَرسلتها. وشَمَّرْتُ السَّهْمَ: أَرسلته. ابْنُ سِيدَهْ: شَمَّرَ الشيءَ أَرسله، وَخَصَّ ابْنُ الأَعرابي بِهِ السَّفِينَةَ وَالسَّهْمَ، قَالَ الشَّمَّاخُ يَذْكُرُ أَمراً نَزَلَ بِهِ:

أَرِقْتُ لَهُ فِي القَوْمِ، والصُّبْحُ ساطِعٌ،

كَمَا سَطَعَ المِرِّيخُ شَمَّرَهُ الْغَالِي

وَيُقَالُ: شَمَّر إِبِله وأَشْمَرَها إِذا أَكْمَشَها وأَعجلها، وأَنشد:

لَمَّا ارْتَحَلْنا وأَشْمَرْنا رَكائِبَنا،

ودُونَ دارِك لِلْجَوِّيِّ تَلْغاطُ

وَمِنْ أَمثالهم: شَمَّرَ ذَيْلًا وادَّرَعَ لَيْلًا أَي قَلَّصَ ذَيله. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه، أَنه قَالَ: لَا يُقِرّ أَحَدٌ أَنه كَانَ يَطَأُ ولِيدَتَهُ إِلا أَلحقتُ بِهِ وَلَدَها فَمَنْ شَاءَ فَلْيُمْسِكْها وَمَنْ شَاءَ فَلْيُسَمِّرْها

، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هَكَذَا الْحَدِيثُ بِالسِّينِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ الأَصمعي يَقُولُ أَعرفه التَّشْمِيرُ، بِالشِّينِ، وَهُوَ

ص: 428

الإِرسال، قَالَ: وأُراه مِنْ قَوْلِ النَّاسِ شَمَّرْتُ السَّفِينَةَ أَرسلتها، فَحُوِّلَتِ الشِّينُ إِلى السِّينِ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الشِّينُ كَثِيرٌ فِي الشِّعْرِ وَغَيْرِهِ، وأَنشد بَيْتَ الشَّمَّاخِ: شَمَّرَه الغَالي. قَالَ شَمِرٌ: تَشْمِيرُ السَّهْمِ حَفْزُه وإِكماشه وإِرساله. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَما السِّينُ فَلَمْ أَسمعه فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ إِلا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: وَلَا أُراها إِلا تَحْوِيلًا، كَمَا قَالُوا: الرَّوْسَمُ، وَهُوَ فِي الأَصل بِالشِّينِ، وَكَمَا قَالُوا: شَمَّت العاطسَ وسَمّتهُ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: فَلَمْ يَقْرَبِ الكعبةَ وَلَكِنْ شَمَّرَ إِلى ذِي المَجازِ

أَي قَصَدَ وصَمَّمَ وأَرسل إِبله نَحْوَهَا. وشَرٌّ شِمِرٌّ، بِكَسْرِ الشِّينِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، بِوَزْنِ رَجُلٍ عِفِرّ: وَهُوَ المُوَثَّقُ الخَلْقِ المُصَحَّحُ الشديدُ، وَمَعْنَى شَرٌّ شِمِرٌّ إِذا كَانَ شَدِيدًا يُتَشَمَّرُ فِيهِ عَنِ السَّاعِدَيْنِ. وَقَالُوا: شَرًّا شِمِراً وشِمِرًّا إِتباعٌ لِقَوْلِكَ شَرًّا. ابْنُ سِيدَهْ: والشَّمِرُ ملِكٌ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ، يُقَالُ إِنه غَزَا مَدِينَةَ الصُّغْد فَهَدَمَهَا فَسُمِّيَتْ شَمِرْكَنْد وعُرّبَتْ بسَمَرْقَنْدَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هُوَ بَنَاهَا فَسُمِّيَتْ شَمِرْكَنْت وعُرّبَت سَمَرْقَنْد. وشَمَّرُ: اسْمُ نَاقَةٍ مِنَ الِاسْتِعْدَادِ وَالسَّيْرِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وشَمَّرُ اسْمُ نَاقَةِ الشَّمَّاخِ، قَالَ:

ولَمَّا رَأَيْتُ الأَمْرَ عَرْشَ هَوِيَّةٍ،

تَسَلَّيْتُ حاجاتِ الفُؤادِ بِشَمَّرَا

وَقَالَ كُرَاعٌ: شِمَّر اسْمُ نَاقَةٍ عَدَلها بِجِلَّقَ وحِمَّصٍ [حِمِّصٍ]. والشِّمَّرِيَّةُ [الشِّمِّرِيَّةُ]: النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ»

. وانْشَمَرَ الفرسُ: أَسْرَعَ. وَنَاقَةٌ شِمِّير، مِثَالُ فِسِّيق، أَي سَرِيعَةٌ. وَفِي حَدِيثِ

عُوجٍ مَعَ مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أَن الْهُدْهُدَ جَاءَ بالشَّمُّورِ فَجَاءَتِ الصَّخْرَةُ عَلَى قَدْرِ رأْس إِبرة، «4»

قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَمْ أَسمع فِيهِ شَيْئًا أَعتمده وأُراه الأَلماس «5» يَعْنِي الَّذِي يُثْقَبُ بِهِ الْجَوْهَرُ، وَهُوَ فَعُّول مِنَ الانْشِمار والاشْتِمار: المُضِيِّ والنُّفوذ. وشَمَّرَ: اسْمُ فَرَسٍ، قَالَ:

أَبُوكَ حُبابٌ سارِقُ الضَّيفِ بُرْدَهُ،

وجَدِّيَ، يَا عَبَّاسُ فَارِسُ شَمَّرَا

شمخر: الشُّمَّخْرُ والشِّمَّخْرُ مِنَ الرِّجَالِ: الْجَسِيمُ، وَقِيلَ: الجَسيم مِنَ الفُحُول، وَكَذَلِكَ الضُّمَّخْرُ والضِّمَّخْر؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:

أَبناءُ كُلِّ مُصْعَبٍ شِمَّخْرِ [شُمَّخْرِ]،

سامٍ عَلَى رَغْمِ العِدَى [العُدَى]، ضِمَّخْرِ [ضُمَّخْرِ]

وَقِيلَ: هُوَ الطَّامحُ النَّطَر المتكبِّرُ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ شِمَّخْر ضِمَّخْر إِذا كَانَ مُتَكَبِّرًا. وامرأَة شِمَّخْرة [شُمَّخْرة]: طَامِحَةُ الطَّرْف. وَفِيهِ شَمْخَرَة وشَمْخرِيرة أَي كِبْرٌ. وَفِي طَعَامِهِ شُمَخْرِيرَة «6» . وَهِيَ الرِّيح قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أُخذ مِنَ الرَّجُلِ الشُّمَّخْرِ [الشِّمَّخْرِ]، وَهُوَ الْمُتَكَبِّرُ المتغضِّب وَذَلِكَ مِنْ خُبْثِ النَّفْسِ، كَمَا يُقَالُ: أَصَنَّتِ الرَّيْحانة إِذا خَبُثَتْ رِيحُها. يُقَالُ: رأَيته مُصِنّاً أَي غضبانَ خَبِيثَ النَّفْسِ. ابْنُ الأَعرابي: المُشْمَخِرُّ الطَّوِيلُ مِنَ الْجِبَالِ. والمُشْمَخِرُّ: الجبَل الْعَالِي؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

تَاللَّهِ يَبْقَى عَلَى الأَيام ذُو حِيَدٍ،

بِمُشْمَخِرٍّ بِهِ الظَّيَّانُ والآسُ

(3). قوله [والشمرية الناقة السريعة] بكسر الميم المشددة وفتحها مع كسر الشين وبضمهما وفتحهما كما في القاموس.

(4)

. قوله [فَجَاءَتِ الصَّخْرَةُ عَلَى قَدْرِ رأْس إِبرة] هكذا في الأصل وعبارة شرح القاموس فجاب الصخرة على قدر رأْسه.

(5)

. قوله [وأراه الألماس] هكذا في الأصل وعبارة القاموس في مادة (موس) والماس حجر إلى أن قال ويثقب به الدرّ وغيره ولا تقل ألماس انتهى أي بقطع الهمزة كما نبه عليه شارحه.

(6)

. قوله: [شمخريرة] هي بهذا الضبط في أصلنا المعوّل عليه

ص: 429

أَي لَا يَبْقَى. وَقِيلَ: المُشْمَخِرُّ الْعَالِي مِنَ الْجِبَالِ وغيرها.

شمختر: الشَّمَخْتَرُ: اللئيم.

شمذر: الشَّمَيْذَرُ مِنَ الإِبل: السَّرِيعُ، والأُنثى شَمَيْذَرَة وشَمْذَرَة وشَمْذَر. وَرَجُلٌ شِمْذار: يَعْنُف فِي السَّيْرِ، وَسَيْرٌ شَمَيْذَر؛ وأَنشد:

وهُنَّ يُبارِينَ النَّجاء الشَّمَيْذَرا

وأَنشد الأَصمعي لِحُمَيْدٍ:

كَبْداءُ لاحِقة الرَّحَى وشَمَيْذَرُ

ابْنُ الأَعرابي: غُلَامٌ شِمذارَة وشَمَيْذَرٌ إِذا كَانَ نَشِيطاً خفيفاً.

شمصر: الشَّمْصرَة: الضِّيق. يُقَالُ: شَمْصَرْتُ عَلَيْهِ أَي ضيَّقت عَلَيْهِ. وشَمَنْصِيرُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:

مُسْتَأْرِضاً بَيْنَ بَطْنِ اللَّيْثِ أَيْسَرُهُ

إِلى شَمَنْصِيرَ غَيْثاً مُرْسلًا مَعَجا

فَلَمْ يَصْرِفْهُ، عَنى بِهِ الأَرض أَو البُقعة. قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَجُوزُ أَن يَكُونَ محرَّفاً مِنْ شَمَنْصِيرٍ «1» . لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ لأَن شَمَنْصِيراً بِنَاءٌ لَمْ يَحْكِهِ سِيبَوَيْهِ، وَقِيلَ: شَمَنْصِير جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ هُذَيْلٌ مَعْرُوفٌ، وَقِيلَ: شَمَنْصِير جبَل بِسايَةَ، وسايَةُ: وادٍ عَظِيمٌ، بِهَا أَكثر مِنْ سَبْعِينَ عَيْناً، وَقَالُوا شَماصِير أَيضاً.

شنر: الشَّنار: الْعَيْبُ والعارُ؛ قَالَ القَطامي يَمْدَحُ الأُمراء:

ونحنُ رَعِيَّةٌ وهُمُ رُعاةٌ،

وَلَوْلَا رَعْيُهُمْ شَنُعَ الشَّنارُ

وَفِي حَدِيثِ

النَّخَعِيِّ: كَانَ ذَلِكَ شَنْاراً فِيهِ نارٌ

؛ الشَّنار: الْعَيْبُ وَالْعَارُ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَيْبُ الَّذِي فِيهِ عَارٌ، والشَّنار: أَقبح الْعَيْبِ وَالْعَارِ. يُقَالُ: عَارٌ وَشَنَارٌ، وقَلَّما يُفْردونه مِنْ عَارٍ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

فإِنِّي خَلِيقٌ أَن أُودِّع عَهْدَها

بخيرٍ، وَلَمْ يُرْفَعْ لَدَيْنَا شَنارُها

وَقَدْ جَمَعُوهُ فَقَالُوا شَنائر؛ قَالَ جَرِيرٌ:

تأْتي أَموراً شُنُعاً شَنائرا

وشَنَّرَ عَلَيْهِ: عابَهُ، وَرَجُلٌ شِنِّيرٌ: شرِّير كَثِيرُ الشَّرِّ وَالْعُيُوبِ. ورجل شِنِّيرٌ: سيء الْخُلُقِ. وشَنَّرْتُ الرَّجُلَ تَشْنِيراً إِذا سمَّعت بِهِ وَفَضَحْتَهُ. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ شَتَرَ: وشَتَّرْتُ بِهِ تَشْتِيراً إِذا أَسمعته الْقَبِيحَ، قَالَ: وأَنكر شَمِرٌ هَذَا الْحَرْفَ وَقَالَ إِنما هُوَ شَنَّرْت، بِالنُّونِ، وأَنشد:

وباتَتْ تُوَقِّي الرُّوحَ، وهْيَ حَرِيصَةٌ

عَلَيْهِ، وَلَكِنْ تَتَّقِي أَن تُشَنَّرَا

قَالَ الأَزهري: جعله من الشَّنار وَهُوَ الْعَيْبُ، قَالَ: وَالتَّاءُ صَحِيحٌ عِنْدَنَا. والشَّنار: الأَمر الْمَشْهُورُ بِالْقُبْحِ وَالشُّنْعَةِ. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ نَشَرَ: ابْنُ الأَعرابي: امرأَة مَنْشُورة ومَشْنُورة إِذا كَانَتْ سَخيَّة كَرِيمَةً. ابْنُ الأَعرابي: الشِّمْرَة مِشْيَة العَيَّار، والشِّنْرَة مِشْية الرَّجُلِ الصَّالِحِ المشمِّر. وبَنُو شِنِّيرٍ: بَطْن.

شنبر: خِيار شَنْبَر: ضَرْب مِنَ الْخَرُّوبِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي تَرْجَمَةِ خير.

شنتر: الشُّنْتُرَة: الإِصبع بالحميريَّة؛ قَالَ حميريٌّ مِنْهُمْ يَرْثي امرأَة أَكلها الذِّئْبُ:

أَيا جَحْمَتا بَكِّي عَلَى أُمِّ واهِبِ

أَكِيلَة قِلَّوْبٍ بِبَعْضِ المَذانِبِ

(1). قوله: [يَجُوزُ أَن يَكُونَ مُحَرَّفًا من شمنصير إلخ] كذا بالأَصل. وفي معجم ياقوت: قَالَ ابْنُ جِنِّي يَجُوزُ أَن يَكُونَ مأَخوذاً مِنَ شمصر لضرورة الوزن إِن كان عربياً

ص: 430

فَلَمْ يُبْقِ مِنْهَا غَيْرَ شَطْرِ عِجانها،

وشُنْتُرَةٍ مِنها، وإِحْدَى الذَّوائِبِ

التَّهْذِيبُ: الشَّنْتَرَةُ والشِّنْتِيرَةُ الإِصبع بِلُغَةِ أَهل اليَمَن؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:

وَلَمْ يُبْقِ مِنْهَا غَيْرَ نِصْفِ عِجانِها،

وشِنْتِيرَةٍ مِنها، وإِحْدَى الذَّوائِبِ

وَقَوْلُهُمْ: لأَضُمَّنَّك ضَمَّ الشَّناتِر، وَهِيَ الأَصابع، وَيُقَالُ القِرَطَة لُغَةٌ يَمانِيَة؛ الْوَاحِدَةُ شنْتُرَة. وَذُو شَناتِرَ: مِنْ مُلوك اليَمَن، يُقَالُ: معناه ذُو القِرَطة.

شنذر: الشّنْذَرَة: شَبِيه بالرَّطْبَة إِلَّا أَنه أَجَلُّ مِنْهَا وأَعظم وَرَقاً؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ فَارِسِيٌّ. أَبو زَيْدٍ: رَجُل شِنْذارَة أَي غَيُور؛ وأَنشد:

أَجَدَّ بِهِمْ شِنْذارَةٌ مُتَعَبِّسٌ،

عَدُوُّ صَدِيقِ الصَّالِحين لَعِينُ

اللَّيْثُ: رَجُلٌ شِنْذِيرةٌ وشِنْظِيرَة وشِنْفيرَة إِذا كَانَ سَيّءَ الخُلُق.

شنزر: الشَّنْزَرَةُ: الغِلَظ والخُشُونَةُ.

شنظر: شَنْظَر الرجلُ بِالْقَوْمِ شَنْظَرَة: شَتَمَ أَعراضهم؛ وأَنشد:

يُشَنْظِرُ بِالْقَوْمِ الْكِرَامِ، ويَعْتَزي

إِلى شَرِّ حافٍ فِي البِلادِ وناعِلِ

أَبو سَعِيدٍ: الشِّنْظِير السَّخِيف الْعَقْلِ، وَهُوَ الشِّنْظِيرة أَيضاً. والشِّنظِير: الفاحشُ الغَلْقُ مِنَ الرِّجَالِ والإِبلِ السَّيِءُ الخُلُقِ. ورجل شِنْغِير وشِنْظِير وشِنْظِيرة: بَذِيٌّ فَاحِشٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لامرأَة مِنَ الْعَرَبِ:

شِنظيرة زَوَّجَنِيهِ أَهْلِي،

مِنْ حُمْقِه يَحْسَبُ رأْسِي رِجْلي،

كأَنه لَمْ يَرَ أُنثى قَبْلِي

وَرُبَّمَا قَالُوا شِنْذِيرَة، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، لِقُرْبِهَا مِنَ الظَّاءِ لُغَةً أَو لُثْغَة، والأُنثى شِنْظيرَة؛ قَالَ:

قامَتْ تُعَنْظِي بِكَ بَيْنَ الحَيَّيْنْ

شِنْظِيرَةُ الأَخلاقِ، جَهْراءُ العَيْنْ

شَمِرٌ: الشِّنْظِير مِثْلُ الشُّنْظُرَة وَهِيَ الصَّخْرَةُ تنفلِق مِنْ رُكْن مِنْ أَركان الْجَبَلِ فَتَسْقُطُ. أَبو الخطَّاب: شَناظِير الْجَبَلِ أَطرافه وَحُرُوفُهُ، الواحدُ شِنْظِيرٌ.

شنغر: رَجُلٌ شِنْغِير وشِنْظِير بيِّنُ الشَّنْغَرَة والشِّنْغِرة والشَّنْظَرَة والشِّنْغِيرَة والشِّنْظِيرَة: فَاحِشٌ بَذيٌّ.

شنفر: رَجُلٌ شِنْذيَرة وشِنْظيرة وشِنْفِيرَة إِذا كَانَ سَيِءَ الخُلُق؛ وأَنشد:

شِنْفِيرَةٍ ذِي خُلُق زَبَعْبَقِ

وَقَالَ الطِّرِمَّاح يَصِفُ نَاقَةً:

ذَاتُ شِنْفارَة، إِذا هَمَتِ الذِّفْرَى

بماءِ عَصائم جَسدُه «1»

. أَراد أَنها ذَاتُ حِدَّة فِي السَّير، وَقِيلَ: ذَاتُ شِنْفارة أَي ذَاتُ نَشاط. والشِّنْفار: الْخَفِيفُ؛ مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرافي. وَنَاقَةٌ ذَاتُ شِنْفارة أَي حِدَّة. والشَّنْفَرَى: اسم رجل.

شنهبر: الشَّنَهْبَرة والشَّنَهْبَرُ: الْعَجُوزُ الكبيرة؛ عن كراع.

شهر: الشُّهْرَةُ: ظُهُورُ الشَّيْءِ فِي شُنْعَة حَتَّى يَشْهَره النَّاسُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَة أَلبسه اللَّهُ ثوبَ مَذَلَّة.

الْجَوْهَرِيُّ: الشُّهْرَة وُضُوح

(1). قوله: [عصائم جسده] هكذا في الأَصل

ص: 431

الأَمر، وَقَدْ شَهَرَه يَشْهَرُه شَهْراً وشُهْرَة فاشْتَهَرَ وشَهَّرَهُ تَشْهِيراً واشْتَهَرَه فاشْتَهَر؛ قَالَ:

أُحِبُّ هُبوطَ الوادِيَيْنِ، وإِنَّنِي

لمُشْتَهَرٌ بِالوادِيَيْنِ غَرِيبُ

وَيُرْوَى لَمُشْتَهِر، بِكَسْرِ الْهَاءِ. ابْنُ الأَعرابي: والشُّهْرَةُ الْفَضِيحَةُ؛ أَنشد الْبَاهِلِيُّ:

أَفِينا تَسُومُ الشَّاهِرِيَّةَ بَعْدَ مَا

بَدا لَكَ مِنْ شَهْرِ المُلَيْساء، كَوْكَبُ؟

شَهْرُ المُلَيْساء: شَهْرٌ بَيْنَ الصَّفَرِيَّة والشِّتاء، وَهُوَ وَقْتٌ تَنْقَطِعُ فِيهِ المِيرَة؛ يَقُولُ: تَعْرِض عَلَيْنَا الشَّاهِرِيَّةَ فِي وَقْتٍ ليس فيه مِيرة. وتَسُومُ: تَعْرِض. والشَّاهِرِيَّة: ضَرْب مِنَ العِطْر، مَعْرُوفَةٌ. وَرَجُلُ شَهِير وَمَشْهُورٌ: مَعْرُوفُ الْمَكَانِ مَذْكُورٌ؛ وَرَجُلٌ مَشْهور ومُشَهَّر؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: وَمِنْهُ قَوْلُ

عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه: إِذا قَدمْتُمْ عَلَيْنَا شَهَرْنا أَحْسَنَكم اسْمًا، فإِذا رأَيناكم شَهَرْنا أَحسنكم وَجْهاً، فإِذا بَلَوْناكم كَانَ الاخْتِيارُ.

والشَّهْرُ: القَمَر، سُمِّيَ بِذَلِكَ لشُهرته وظُهوره، وَقِيلَ: إِذا ظَهَرَ وقارَب الْكَمَالَ. اللَّيْثُ: الشَّهْرُ والأَشْهُر عَدَدٌ وَالشُّهُورُ جَمَاعَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وَالشَّهْرُ الْعَدَدُ الْمَعْرُوفُ مِنَ الأَيام، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يُشْهَر بِالْقَمَرِ وَفِيهِ عَلَامَةُ ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: سُمِّيَ الشَّهْرُ شَهْرًا لِشُهْرَتِهِ وَبَيَانِهِ؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: إِنما سُمي شَهْرًا لِشُهْرَتِهِ وَذَلِكَ أَن النَّاسَ يَشْهَرُون دُخُولَهُ وَخُرُوجَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

صُومُوا الشَّهْرَ وسِرَّه

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الشَّهْرُ الْهِلَالُ، سُمِّي بِهِ لِشُهْرَتِهِ وَظُهُورِهِ، أَراد صُومُوا أَوّل الشَّهْرِ وَآخِرَهُ، وَقِيلَ: سِرُّه وسَطه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ

، وَفِي رِوَايَةٍ: إِنما الشهْر، أَي أَن فَائِدَةَ ارْتِقاب الْهِلَالِ لَيْلَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ لِيُعَرف نَقْصُ الشَّهْرِ قَبْلَهُ، وإِن أُريد بِهِ الشهرُ نفسُه فَتَكُونُ اللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

سُئِل أَيُّ الصَّوْمِ أَفضل بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ: شَهْرُ اللَّهِ المحرمُ

؛ أَضافه إِلى اللَّهِ تَعْظِيمًا وَتَفْخِيمًا، كَقَوْلِهِمْ: بَيْتُ اللَّهِ وَآلُ اللَّهِ لِقُرَيْشٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصان

؛ يُرِيدُ شَهْرَ رَمَضَانَ وَذَا الْحِجَّةِ أَي إِنْ نَقَصَ عَدَدُهُمَا فِي الْحِسَابِ فَحُكْمُهُمَا عَلَى التَّمَامِ لِئَلَّا تَحْرَجَ أُمَّتُه إِذا صَامُوا تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، أَو وَقَعَ حَجُّهم خَطَأً عَنِ التَّاسِعِ أَو الْعَاشِرِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ قَضَاءٌ وَلَمْ يَقَعْ فِي نُسُكهم نَقْص. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، قَالَ: وَهَذَا أَشبه، وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمي شَهْرًا بَاسِمِ الْهِلَالِ إِذا أَهَلَّ سُمِّيَ شَهْرًا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رأَيت الشَّهْرَ أَي رأَيت هِلَالَهُ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمة:

يَرَى الشَّهْرَ قبْلَ الناسِ وَهُوَ نَحِيلُ

ابْنُ الأَعرابي: يُسَمَّى الْقَمَرُ شَهْراً لأَنه يُشْهَرُ بِهِ، وَالْجَمْعُ أَشْهُرٌ وشُهور. وشاهَرَ الأَجيرَ مُشاهَرَةً وشِهاراً: استأْجره للشَّهْر؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والمُشاهَرَة: الْمُعَامَلَةُ شَهْرًا بِشَهْرٍ. والمُشاهَرة مِنَ الشَّهْرِ: كالمُعاوَمَة مِنَ الْعَامِّ، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ وقتُ الْحَجِّ أَشهر مَعْلُومَاتٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الأَشهر الْمَعْلُومَاتُ مِنَ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو القَعْدَة وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الحِجَّة، وإِنما جَازَ أَن يُقَالَ أَشهر وإِنما هُمَا شَهْرَانِ وعشرٌ مِنْ ثَالِثٍ وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي الأَوقات. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ؛ وإِنما يَتَعَجَّلُ فِي يَوْمٍ وَنِصْفٍ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: لَهُ اليومَ يَوْمَانِ مُذْ لَمْ أَرَهُ، وإِنما هُوَ يَوْمٌ وَبَعْضُ آخَرَ؛ قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِجَائِزٍ فِي غَيْرِ الْمَوَاقِيتِ لأَن العرَب قَدْ تفعَل الفِعْل فِي أَقلَّ مِنَ

ص: 432

السَّاعَةِ ثُمَّ يُوقِعُونَهُ عَلَى الْيَوْمِ وَيَقُولُونَ: زُرْته العامَ، وإِنما زَارَهُ فِي يَوْمٍ مِنْهُ. وأَشْهَرَ القومُ: أَتى عَلَيْهِمْ شهرٌ، وأَشهرتِ المرأَة: دخلتْ فِي شهرِ وِلادِها، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَشْهَرْنا مُذْ لَمْ نَلْتَقِ أَي أَتى عَلَيْنَا شَهْرٌ: قَالَ الشَّاعِرُ:

مَا زِلتُ، مُذْ أَشْهَرَ السُّفَّارُ أَنظرُهم،

مِثلَ انْتِظارِ المُضَحِّي راعِيَ الغَنَمِ

وأَشْهَرْنَا مُذْ نَزَلْنَا عَلَى هَذَا الْمَاءِ أَي أَتى عَلَيْنَا شَهْرٌ. وأَشهرنا فِي هَذَا الْمَكَانِ: أَقمنا فِيهِ شَهْرًا. وأَشْهَرْنا: دَخَلْنَا فِي الشَّهْرِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ

؛ يُقَالُ: الأَربعةُ أَشهر كَانَتْ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ والمحرمَ وصفرَ وشهرَ رَبِيعٍ الأَول وَعَشْرًا مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ، لأَن الْبَرَاءَةَ وَقَعَتْ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ فَكَانَ هَذَا الْوَقْتُ ابتداءَ الأَجَل، وَيُقَالُ لأَيام الْخَرِيفِ فِي آخِرِ الصَّيْفِ: الصَّفَرِيَّةُ؛ وَفِي شِعْرِ أَبي طَالِبٍ يَمْدَحُ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم:

فَإِنِّي والضَّوابِحَ كلَّ يَوْمٍ،

وَمَا تَتْلُو السَّفاسِرَةُ الشُّهورُ

الشُّهور: الْعُلَمَاءُ، الْوَاحِدُ شَهْر. وَيُقَالُ: لِفُلَانٍ فَضِيلَةٌ اشْتَهَرها الناسُ. وشَهَر فُلَانٌ سيفَه يَشْهَرُهُ شَهْراً أَي سَلَّه؛ وشَهَّرَهُ: انْتَضاه فَرَفَعَهُ عَلَى النَّاسِ؛ قَالَ:

يَا ليتَ شِعْرِي عنكُم حَنِيفا،

أَشاهِرُونَ بَعْدنا السُّيُوفا

وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ: خَرَجَ شاهِراً سَيْفَهُ رَاكِبًا راحِلَته

؛ يَعْنِي يَوْمَ الرِّدَّة، أَي مُبْرِزاً لَهُ مِنْ غِمْدِهِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ الزُّبَيْرِ: مَنْ شَهَر سَيْفَهُ ثُمَّ وَضَعَهُ فَدَمُه هَدَرٌ

، أَي مَنْ أَخرجه مِنْ غِمْدِهِ لِلْقِتَالِ، وأَراد بوضَعَه ضَرَبَ بِهِ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:

وَقَدْ لاحَ لِلسَّارِي الَّذِي كَمَّلَ السُّرَى،

عَلَى أُخْرَياتِ اللَّيْلِ، فَتْقٌ مُشَهَّرُ

أَي صُبْحٌ مَشْهُورٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَيْسَ مِنّا مَنْ شَهَر عَلَيْنَا السِّلَاحَ.

وامرأَة شَهِيرة: وَهِيَ العَرِيضة الضَّخْمَةُ، وأَتانٌ شَهِيرة مثلُها. والأَشاهِرُ: بَياض النَّرْجِس. وامرأَة شَهِيرة وأَتان شَهِيرة: عَرِيضَةٌ وَاسِعَةٌ. والشِّهْرِيَّة: ضرْب مِنَ البَراذِين، وَهُوَ بَيْنَ البِرذَون والمُقْرِف مِنَ الْخَيْلِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

لَهَا سَلَفٌ يَعُود بكلِّ رِيعٍ،

حَمَى الحَوْزات واشْتَهَر الإِفَالا

فسَّره فَقَالَ: وَاشْتُهِرَ الإِفالا مَعْنَاهُ جَاءَ تُشْبِهُهُ، وَيَعْنِي بالسَّلَفِ الْفَحْلَ. والإِفالُ: صِغَارُ الإِبل. وَقَدْ سَمَّوْا شَهْراً وشُهَيْراً ومَشْهُوراً. وشَهْرانُ: أَبو قَبِيلَةٍ مِنْ خَثْعَم. وشُهارٌ: مَوضع؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ:

ويومَ شُهارٍ قَدْ ذَكَرْتُك ذِكْرَةً

عَلَى دُبُرٍ مُجْلٍ، مِنَ العَيْشِ، نافِدِ

شهبر: الشَّهْبَرَة والشَّهْرَبة: الْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَتَزَوّجَنَّ شَهْبَرة وَلَا نَهْبَرة

؛ الشَّهْبَرَة: الْكَبِيرَةُ الْفَانِيَةُ. والشَّيْهَبُور: كالشَّهْبَرة؛ وَشَيْخٌ شَهْرَب وشَهْبَر؛ عَنْ يَعْقُوبَ. قَالَ الأَزهري: وَلَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ شَهْبَرٌ؛ قَالَ شِظاظ الضبَّي، وَهُوَ أَحد اللُّصُوصِ الفُتَّاك، وَكَانَ رأَى عَجُوزًا مَعَهَا جَمَلٌ حَسَنٌ، وَكَانَ رَاكِبًا عَلَى بِكْرٍ لَهُ فَنَزَلَ عَنْهُ وَقَالَ: أَمسكي لِي هَذَا الْبِكْرَ لأَقضي حَاجَةً وأَعود، فَلَمْ تَسْتَطِعِ الْعَجُوزُ حِفْظَ الْجَمَلَيْنِ فَانْفَلَتَ مِنْهَا جَمَلُهَا ونَدَّ، فَقَالَ:

ص: 433

أَنا آتِيكِ بِهِ؛ فَمَضَى وَرَكِبَهُ، وَقَالَ:

رُبَّ عجوزٍ مِنْ نُمَيْرٍ شَهْبَرَهْ،

عَلَّمْتُها الإِنقَاضَ بَعْدَ القَرقَرَهْ

أَراد أَنها كَانَتْ ذَاتَ إِبل، فأَغَرْتُ عَلَيْهَا وَلَمْ أَترك لَهَا غَيْرَ شُوَيْهات تُنْقِضُ بِهَا، والإِنْقاض: صَوْتُ الصَّغِيرِ مِنَ الإِبل، والقَرْقَرَةُ: صَوْتُ الْكَبِيرِ، وَالْجَمْعُ الشَّهابِر؛ وَقَالَ:

جمعتُ منهمْ عَشَباً شَهابِرَا

شهدر: الشِّهْدارة، بِدَالٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ: الرَّجُلُ الْقَصِيرُ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ فِيهِ:

وَلَمْ تَكُ شِهْدارَةَ الأَبْعَدِينَ،

وَلَا زُمَّحَ الأَقْرَبِينَ الشَّرِيرَا

وَرَجُلٌ شِهْدارة أَي فَاحِشٌ، بِالدَّالِ وَالذَّالِ جميعاً.

شهذر: الشِّهذارة، بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ: الْكَثِيرُ الْكَلَامِ، وَقِيلَ: العَنِيف فِي السَّيْرِ. وَرَجُلٌ شِهْذارة أَي فَاحِشٌ، بِالدَّالِ وَالذَّالِ جميعاً.

شور: شارَ العسلَ يشُوره شَوْراً وشِياراً وشِيَارَة ومَشَاراً ومَشَارة: اسْتَخْرَجَهُ مِنَ الوَقْبَة واجتَناه؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:

فَقَضَى مَشارتَهُ، وحَطَّ كأَنه

حَلَقٌ، وَلَمْ يَنْشَبْ بِمَا يَتَسَبْسَبُ

وأَشَاره واشْتاره: كَشَارَه. أَبو عُبَيْدٍ: شُرْت الْعَسَلَ واشْتَرْته اجْتَنَيْته وأَخذته مِنْ مَوْضِعِهِ؛ قَالَ الأَعشى:

كأَن جَنِيّاً، من الزَّنْجبِيل،

باتَ بِفِيها، وأَرْياً مَشُورَا

شَمِرٌ: شُرْت الْعَسَلَ واشْتَرْتُه وأَشَرْتُه لُغَةٌ. يُقَالُ: أَشِرْني عَلَى الْعَسَلِ أَي أَعِنِّي، كَمَا يُقَالُ أَعْكِمْني؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:

ومَلاهٍ قَدْ تَلَهَّيْتُ بِهَا،

وقَصَرْتُ اليومَ فِي بَيْتِ عِذارِي

فِي سَمَاعٍ يأْذَنُ الشَّيْخُ لَهُ،

وحَدِيثٍ مثْلِ ماذِيٍّ مُشارِ

وَمَعْنَى يأْذَن: يَسْتَمِعُ؛ كَمَا قَالَ قَعْنَبُ بْنُ أُمّ صَاحِبٍ:

صُمٌّ إِذا سَمِعوا خَيْراً ذُكِرْتُ به،

وِ إِنْ ذُكِرْتُ بسُوء عِنْدَهُمْ أَذِنُوا

أَوْ يَسْمَعُوا رِيبَةً طارُوا بِهَا فَرَحاً

مِنِّي، وَمَا سَمِعوا مِنْ صَالِحٍ دَفَنُوا

والمَاذِيّ: الْعَسَلُ الأَبيض. والمُشَار: المُجْتَنَى، وَقِيلَ: مُشار قَدْ أُعين عَلَى أَخذه، قَالَ: وأَنكرها الأَصمعي وَكَانَ يَرْوِي هَذَا الْبَيْتَ:

[مِثْلِ ماذِيِّ مَشَار]

بالإِضافة وَفَتْحِ الْمِيمِ. قَالَ: والمَشَار الخَلِيَّة يُشْتار مِنْهَا. والمَشَاوِر: المَحابِض، وَالْوَاحِدُ مِشْوَرٌ، وَهُوَ عُود يَكُونُ مَعَ مُشْتار الْعَسَلِ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: فِي الَّذِي يُدْلي بحبْل ليَشْتَارَ عَسَلًا

؛ شَار الْعَسَلَ يَشُوره واشْتَاره يَشْتارُه: اجْتَنَاهُ مِنْ خَلَايَاهُ وَمَوَاضِعِهِ. والشَّوْرُ: الْعَسَلُ المَشُور، سُمّي بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:

فَلَمَّا دَنَا الإِفراد حَطَّ بِشَوْرِه،

إِلى فَضَلاتٍ مُسْتَحِيرٍ جُمومُها

والمِشْوَار: مَا شَارَ بِهِ. والمِشْوَارة والشُّورة: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُعَسِّل فِيهِ النَّحْلَ إِذا دَجَنَها. والشَّارَة والشُّوْرَة: الحُسْن وَالْهَيْئَةُ واللِّباس، وَقِيلَ: الشُّوْرَة الْهَيْئَةُ. والشَّوْرَة، بِفَتْحِ الشِّينِ: اللِّباس؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٍ، وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه أَقبل رَجُلٌ

ص: 434

وَعَلَيْهِ شُوْرَة حَسَنة

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ بِالضَّمِّ، الجَمال والحُسْن كأَنه مِنَ الشَّوْر عَرْض الشَّيْءِ وإِظهاره؛ وَيُقَالُ لَهَا أَيضاً: الشَّارَة، وَهِيَ الْهَيْئَةُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَن رَجُلًا أَتاه وَعَلَيْهِ شَارَة حسَنة

، وأَلِفُها مَقْلُوبَةٌ عَنِ الْوَاوِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ عَاشُورَاءَ:

كَانُوا يَتَّخِذُونَهُ عِيداً ويُلبسون نساءَهم فِيهِ حُلِيَّهُم وشَارَتهم

أَي لِبَاسَهُمُ الحسَن الْجَمِيلَ. وَفِي حَدِيثِ

إِسلام عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. فَدَخَلَ أَبو هُرَيْرَةَ فَتَشايَرَه النَّاسُ

أَي اشْتَهَرُوه بأَبصارهم كأَنه مِنَ الشَّارَة، وَهِيَ الشَّارة الحسَنة. والمِشْوَار: المَنْظَر. وَرَجُلٌ شَارٌ صارٌ، وشَيِّرٌ صَيِّرٌ: حسَن الصُّورَةِ والشَّوْرة، وَقِيلَ: حسَن المَخْبَر عِنْدَ التَّجْرِبَةِ، وإِنما ذَلِكَ عَلَى التَّشْبِيهِ بالمنظَر، أَي أَنه فِي مَخْبَرِهِ مِثْلُهُ فِي مَنْظَرِهِ. وَيُقَالُ: مَا أَحسن شَوَارَ الرَّجُلِ وشَارَته وشِيَارَه؛ يَعْنِي لباسه وَهَيْئَتِهِ وَحُسْنِهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ حَسَنُ الشَّارَة والشَّوْرَة إِذا كَانَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ حَسَنُ الشَّوْرَة أَي حَسَنُ اللِّباس. وَيُقَالُ: فُلَانٌ حَسَنُ المِشْوَار، وَلَيْسَ لِفُلَانٍ مِشْوَار أَي مَنْظَر. وَقَالَ الأَصمعي: حَسَنُ المِشْوَار أَي مُجَرَّبه وحَسَنٌ حِينَ تُجَرِّبُهُ. وَقَصِيدَةٌ شَيِّرة أَي حَسْنَاءُ. وَشَيْءٌ مَشُورٌ أَي مُزَيَّنٌ؛ وأَنشد:

كأَن الجَراد يُغَنِّينَه،

يُباغِمْنَ ظَبْيَ الأَنيس المَشُورَا

. الْفَرَّاءُ: إِنه لَحَسَنُ الصُّورة والشُّوْرَة، وإِنه لحسَن الشَّوْر والشَّوَار، وَاحِدُهُ شَوْرَة وشَوارة، أَي زِينته. وشُرْتُه: زَيَّنْتُه، فَهُوَ مَشُور. والشَّارَة والشَّوْرَة: السِّمَن. الْفَرَّاءُ: شَار الرجلُ إِذا حسُن وَجْهُهُ، ورَاشَ إِذا اسْتَغْنَى. أَبو زَيْدٍ: اسْتَشَار أَمرُه إِذا تبيَّن واسْتَنار. والشَّارَة والشَّوْرة: السِّمَن. واسْتَشَارَتِ الإِبل: لَبِسَتْ سِمَناً وحُسْناً وَيُقَالُ: اشَتَارَتِ الإِبل إِذا لَبِسها شَيْءٌ مِنَ السِّمَن وسَمِنَتْ بَعْضُ السِّمَن وَفَرَسٌ شَيِّر وَخَيْلٌ شِيارٌ: مَثَلٌ جَيّد وجِياد. وَيُقَالُ: جَاءَتِ الإِبل شِياراً أَي سِماناً حِساناً؛ وَقَالَ عَمْرُو ابن معدي كرب:

أَعَبَّاسُ، لَوْ كَانَتْ شِياراً جِيادُنا،

بِتَثْلِيثَ، ما ناصَبْتَ بَعْدِي الأَحامِسَا

والشِّوَار والشَّارَة: اللِّبَاسُ وَالْهَيْئَةُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

مُقْوَرَّة تَتَبارَى لَا شَوارَ لَهَا

إِلا القُطُوعُ عَلَى الأَجْوازِ والوُرُك «2»

. وَرَجُلٌ حَسَنُ الصُّورة والشُّوْرَة وإِنه لَصَيِّر شَيِّر أَي حَسَنُ الصُّورَةِ والشَّارة، وَهِيَ الْهَيْئَةُ؛ عَنِ الْفَرَّاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه رأَى امرأَة شَيِّرَة وَعَلَيْهَا مَناجِد

؛ أَي حَسَنَةُ الشَّارة، وَقِيلَ: جَمِيلَةٌ. وخيلٌ شِيار: سِمان حِسان. وأَخذت الدَّابَّةُ مِشْوَارها ومَشَارَتَها: سَمِنت وحسُنت هَيْئَتُهَا؛ قَالَ:

وَلَا هِيَ إِلا أَن تُقَرِّبَ وَصْلَها

عَلاةٌ كِنازُ اللَّحْمِ، ذاتُ مَشَارَةِ

أَبو عَمْرٍو: المُسْتَشِير السَّمِين. واسْتَشار البعيرُ مِثْلَ اشْتار أَي سَمِن، وَكَذَلِكَ المُسْتَشيط. وَقَدْ شَار الفرسُ أَي سَمِن وحسُن. الأَصمَعي: شارَ الدَّابَّة وَهُوَ يَشُورها شَوْراً إِذا عَرَضَها. والمِشْوار: مَا أَبقت الدابَّة مِنْ علَفها، وَقَدْ نَشْوَرَتْ نِشْواراً، لأَن نَفْعَلَتْ «3» . بِنَاءٌ لَا يُعْرَفُ إِلا أَن يَكُونَ فَعْوَلَتْ،

(2). في ديوان زهير:

إِلا القطوع على الأَنساع

(3)

. قوله: [لأَن نفعلت إلخ] هكذا بالأَصل ولعله إِلا أَن نفعلت

ص: 435

فَيَكُونُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْبَابِ. قَالَ الْخَلِيلُ: سأَلت أَبا الدُّقَيْش عَنْهُ قُلْتُ: نِشْوار أَو مِشْوار؟ فَقَالَ: نِشْوار، وَزَعَمَ أَنه فَارِسِيٌّ. وشَارها يَشُورها شَوْراً وشِواراً وشَوَّرَها وأَشارَها؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، قَالَ: وَهِيَ قَلِيلَةٌ، كلُّ ذَلِكَ: رَاضَها أَو رَكِبها عِنْدَ العَرْض عَلَى مُشْترِيها، وَقِيلَ: عَرَضها لِلْبَيْعِ، وَقِيلَ: بَلاها ينظُر مَا عِنْدَهَا، وَقِيلَ: قلَّبها؛ وَكَذَلِكَ الأَمَة، يُقَالُ: شُرْت الدَّابة والأَمة أَشُورُهما شَوْراً إِذا قلَّبتهما، وَكَذَلِكَ شَوَّرْتُهُما وأَشَرْتهما، وَهِيَ قَلِيلَةٌ. والتَّشْوِير: أَن تُشَوِّرَ الدَّابَّةَ تنظرُ كَيْفَ مِشْوارها أَي كَيْفَ سَيْرَتُها. وَيُقَالُ لِلْمَكَانِ الَّذِي تُشَوَّرُ فِيهِ الدَّوابّ وتعرَض: المِشْوَار. يُقَالُ: إِياك والخُطَب فإِنها مِشْوارٌ كَثِيرُ العِثَارِ. وشُرْت الدَّابة شَوْراً: عَرَضْتها عَلَى الْبَيْعِ أَقبلت بِهَا وأَدبرت. وَفِي حَدِيثِ

أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: أَنه رَكِبَ فَرساً يَشُوره

أَي يَعْرِضُه. يُقَالُ: شَارَ الدَّابة يشُورها إِذا عَرَضها لِتُباع؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

أَبي طَلْحَةَ: أَنه كَانَ يَشُور نَفْسَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم

، أَي يعرِضُها عَلَى القَتْل، والقَتْل فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَيْع النَّفْسِ؛ وَقِيلَ: يَشُور نَفْسَهُ أَي يَسْعى ويَخِفُّ يُظهر بِذَلِكَ قوَّته. وَيُقَالُ: شُرْت الدَّابَّةَ إِذا أَجْرَيْتها لِتَعْرِفَ قُوَّتها؛ وَفِي رِوَايَةٍ:

أَنه كَانَ يَشُور نَفْسَهُ عَلَى غُرْلَتِه

أَي وَهُوَ صبيٌّ، والغُرْلَة: القُلْفَةُ. واشْتار الْفَحْلُ النَّاقَةَ: كَرَفَها فَنَظَرَ إِليها لاقِح هِيَ أَم لَا. أَبو عُبَيْدٍ: كَرَف الْفَحْلُ النَّاقَةَ وشافَها واسْتَشارها بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

إِذا اسْتَشارَ العَائطَ الأَبِيَّا

والمُسْتَشِير: الَّذِي يَعرِف الحائِلَ مِنْ غَيْرِهَا، وَفِي التَّهْذِيبِ: الفَحْل الَّذِي يعرِف الحائِل مِنْ غَيْرِهَا؛ عَنِ الأُموي، قَالَ:

أَفزَّ عَنْهَا كُلَّ مُسْتَشِيرِ،

وَكُلُّ بَكْرٍ دَاعِرٍ مِئْشيرِ

مِئْشير: مِفْعِيل مِنَ الأَشَر. والشَّوَارُ والشَوَرُ والشُّوَار؛ الضَّمُّ عَنْ ثَعْلَبٍ. مَتاع الْبَيْتِ، وَكَذَلِكَ الشَّوَار والشِّوَار لِمتَاع الرَّحْل، بِالْحَاءِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ اللُّتْبِيَّة: أَنه جَاءَ بشَوَار كَثِيرٍ

، هُوَ بِالْفَتْحِ، مَتاع البَيْت. وشَوار الرجُل: ذكَره وخُصْياه واسْتُه. وَفِي الدُّعَاءِ: أَبْدَى اللَّهُ شُواره؛ الضَّمُّ لُغَةٌ عَنْ ثَعْلَبٍ، أَي عَوْرَته، وَقِيلَ: يَعْنِي مَذاكِيره. والشَّوار: فَرْجُ المرأَة والرجُل؛ وَمِنْهُ قِيلَ: شَوَّر بِهِ كأَنه أَبْدَى عَوْرَته. وَيُقَالُ فِي مَثَلٍ: أَشْوَارَ عَروسٍ تَرَى؟ وشَوَّرَ بِهِ: فعَل بِهِ فِعْلًا يُسْتَحْيا مِنْهُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وتَشَوَّرَ هُوَ: خَجِل؛ حَكَاهَا يَعْقُوبُ وَثَعْلَبٌ. قَالَ يَعْقُوبُ: ضَرَطَ أَعرابيّ فَتَشَوَّر، فأَشار بإِبْهامه نحوَ اسْتِه وَقَالَ: إِنها خَلْفٌ نطقَتْ خَلْفاً، وَكَرِهَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ: لَيْسَتْ بعربِيَّة. اللِّحْيَانِيُّ: شَوَّرْت الرجلَ وَبِالرَّجُلِ فَتَشَوَّر إِذا خَجَّلْته فَخَجِل، وَقَدْ تشوَّر الرَّجُلُ. والشَّوْرَة: الجَمال الرائِع. والشَّوْرَة: الخَجْلَة. والشَّيِّرُ: الجَمِيل. والمَشارة: الدَّبْرَة الَّتِي فِي المَزْرَعة. ابْنُ سِيدَهْ: المَشارة الدَّبْرَة الْمُقَطِّعَةُ لِلزِّراعة والغِراسَة؛ قَالَ: يَجُوزُ أَن تَكُونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وأَن تَكُونَ مِنَ المَشْرَة. وأَشار إِليه وشَوَّر: أَومَأَ، يَكُونُ ذَلِكَ بالكفِّ وَالْعَيْنِ وَالْحَاجِبِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

نُسِرُّ الهَوَى إِلَّا إِشارَة حاجِبٍ

هُناك، وإِلَّا أَن تُشِير الأَصابِعُ

ص: 436