المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الخاء المعجمة - لسان العرب - جـ ٤

[ابن منظور]

الفصل: ‌فصل الخاء المعجمة

الرجلُ شَيْئًا أَفضلَ مِنَ الطَّرْق، الرجلُ يُطْرِقُ عَلَى الْفَحْلِ أَو عَلَى الْفَرَسِ فَيَذْهَبُ حَيْرِيَّ الدَّهْرِ، فَقَالَ له رجل: ما حَيْرِيُّ الدَّهْرِ؟ قَالَ: لَا يُحْسَبُ، فَقَالَ الرجلُ: ابنُ وابِصَةَ وَلَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فقال: أَوليس فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ هَكَذَا رَوَاهُ حَيْرِيَّ الدَّهْرِ، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ وَفَتْحِهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى حَيْرِيْ دَهْرٍ، بِيَاءٍ سَاكِنَةٍ، وحَيْرِيَ دَهْرٍ، بِيَاءٍ مُخَفَّفَةٍ، وَالْكُلُّ مِنْ تَحَيُّرِ الدَّهْرِ وَبَقَائِهِ، وَمَعْنَاهُ مُدَّةَ الدَّهْرِ وَدَوَامُهُ أَي مَا أَقام الدهرُ. قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ:

فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا حَيْرِيُّ الدَّهْرِ؟ فَقَالَ: لَا يُحْسَبُ

؛ أَي لَا يُعْرَفُ حِسَابُهُ لِكَثْرَتِهِ؛ يُرِيدُ أَن أَجر ذَلِكَ دَائِمٌ أَبداً لِمَوْضِعِ دَوَامِ النَّسْلِ؛ قَالَ: وَقَالَ سِيبَوَيْهِ الْعَرَبُ تَقُولُ: لَا أَفعل ذَلِكَ حَيْرِيْ دَهْرٍ أَي أَبداً. وَزَعَمُوا أَن بَعْضَهُمْ يَنْصِبُ الْيَاءَ فِي حَيْرِيَ دَهْرٍ؛ وَقَالَ أَبو الْحَسَنِ: سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ لَا أَفعل ذَلِكَ حِيْرِيَّ دَهْرٍ، مُثَقَّلَةً؛ قَالَ: والحِيْرِيُّ الدَّهْرُ كُلُّهُ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: قَوْلُهُ حِيْرِيَّ دَهْرٍ يُرِيدُ أَبداً؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ ذَهَبَ ذَاكَ حارِيَّ الدَّهْرِ وحَيْرِيَّ الدَّهْرِ أَي أَبداً. ويَبْقَى حارِيَّ دَهْرٍ أَي أَبداً. وَيَبْقَى حارِيَّ الدَّهْرِ وحَيْرِيَّ الدَّهْرِ أَي أَبداً؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ: حِيْرِيَّ الدَّهْرِ، بِكَسْرِ الْحَاءِ، مِثْلَ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ والأَخفش؛ قَالَ شَمِرٌ: وَالَّذِي فَسَّرَهُ ابْنُ عُمَرَ لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِهَذَا إِنما أَراد لَا يُحْسَبُ أَي لَا يُمْكِنُ أَن يُعْرَفَ قَدْرُهُ وَحِسَابُهُ لِكَثْرَتِهِ وَدَوَامِهِ عَلَى وَجْهِ الدَّهْرِ؛ وَرَوَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: لَا آتِيهِ حَيْرِيْ دهر وحِيْرِيَّ دهر وحِيَرَ الدَّهْرِ؛ يُرِيدُ: مَا تَحَيَّرَ مِنَ الدَّهْرِ. وحِيَرُ الدهرِ: جماعةُ حِيْرِيَّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَغلب الْعِجْلِيِّ شَاهِدًا عَلَى مآلِ حَيَر، بِفَتْحِ الْحَاءِ، أَي كَثِيرٌ:

يَا مَنْ رَأَى النُّعْمانَ كانَ حَيَرَا،

مِنْ كُلِّ شيءٍ صالحٍ قَدْ أَكْثَرَا

واسْتُحِيرَ الشرابُ: أُسِيغَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

تَسْمَعُ لِلْجَرْعِ، إِذا اسْتُحِيرَا،

للماءِ فِي أَجْوافِها خَرِيرَا

والمُسْتَحِيرُ: سَحَابٌ ثَقِيلٌ مُتَرَدِّدٌ لَيْسَ لَهُ رِيحٌ تَسُوقُهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَمْدَحُ رَجُلًا:

كأَنَّ أَصحابَهُ بالقَفْرِ يُمْطِرُهُمْ،

مِنْ مُسْتَحِيرٍ، غَزِيرٌ صَوْبُهُ دِيَمُ

ابْنُ شُمَيْلٍ: يَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ: وَاللَّهِ مَا تَحُورُ وَلَا تَحُولُ أَي مَا تَزْدَادُ خَيْرًا. ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وَاللَّهِ مَا تَحُور وَلَا تَحُول أَي مَا تَزْدَادُ خَيْرًا. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِجِلْدِ الفِيلِ الحَوْرانُ وَلِبَاطِنِ جِلْدِهِ الحِرْصِيانُ. أَبو زَيْدٍ: الحَيِّرُ الغَيْمُ يَنْشَأُ مَعَ الْمَطَرِ فَيَتَحَيَّرُ فِي السَّمَاءِ. والحَيْرُ، بِالْفَتْحِ: شِبْهُ الحَظِيرَة أَو الحِمَى،، وَمِنْهُ الحَيْرُ بِكَرْبَلاء. والحِيَارانِ: موضع؛ قَالَ الحرثُ بنُ حِلِّزَةَ:

وهُوَ الرَّبُّ والشَّهِيدُ عَلَى يوم

الحِيارَيْنِ، والبلاءُ بَلاءُ

‌فصل الخاء المعجمة

خبر: الخَبِيرُ: مِنْ أَسماء اللَّهِ عز وجل الْعَالِمُ بِمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ. وخَبُرْتُ بالأَمر «2» . أَي عَلِمْتُهُ. وخَبَرْتُ الأَمرَ أَخْبُرُهُ إِذا عَرَفْتَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ. وَقَوْلُهُ تعالى:

(2). قوله: [وخبرت بالأَمر] ككرم. وقوله: وخبرت الأَمر من باب قتل كما في القاموس والمصباح

ص: 226

فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً

؛ أَي اسأَل عَنْهُ خَبِيرًا يَخْبُرُ. والخَبَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: وَاحِدُ الأَخبْار. والخَبَرُ: مَا أَتاك مِنْ نَبإٍ عَمَّنْ تَسْتَخْبِرُ. ابْنُ سِيدَهْ: الخَبَرُ النَّبَأُ، وَالْجَمْعُ أَخْبَارٌ، وأَخابِير جَمْعُ الْجَمْعِ. فأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها

؛ فَمَعْنَاهُ يَوْمَ تُزَلْزَلُ تُخْبِرُ بِمَا عُمِلَ عَلَيْهَا. وخَبَّرَه بِكَذَا وأَخْبَرَه: نَبَّأَهُ. واسْتَخْبَرَه: سأَله عَنِ الخَبَرِ وَطَلَبَ أَن يُخْبِرَهُ؛ وَيُقَالُ: تَخَبَّرْتُ الخَبَرَ واسْتَخْبَرْتُه؛ وَمِثْلُهُ تَضَعَّفْتُ الرَّجُلَ واسْتَضْعَفْتُه، وتَخَبَّرْتُ الْجَوَابَ واسْتَخْبَرْتُه. والاسْتِخْبارُ والتَّخَبُّرُ: السُّؤَالُ عَنِ الخَبَر. وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ:

أَنه بَعَثَ عَيْناً مِنْ خُزَاعَةَ يَتَخَبَّر لَهُ خَبَرَ قُرَيْشٍ أَي يَتَعَرَّفُ

؛ يُقَالُ: تَخَبَّرَ الخَبَرَ واسْتَخْبَر إِذا سأَل عَنِ الأَخبْارِ لِيَعْرِفَهَا. والخابِرُ: المُخْتَبِرُ المُجَرِّبُ وَرَجُلٌ خَابِرٌ وخَبِير: عَالِمٌ بالخَبَرِ. والخَبِيرُ: المُخْبِرُ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ فِي وَصْفِ شَجَرٍ: أَخْبَرَني بِذَلِكَ الخَبِرُ، فَجَاءَ بِهِ عَلَى مِثَالِ فَعِلٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَا يَكَادُ يُعْرَفُ إِلَّا أَن يَكُونَ عَلَى النَّسَبِ. وأَخْبَرَهُ خُبُورَهُ: أَنْبأَهُ مَا عِنْدَهُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: مَا يُدْرَى لَهُ أَيْنَ خَبَرٌ وَمَا يُدْرَى لَهُ مَا خَبَرٌ أَي مَا يُدْرَى، وأَين صِلَةٌ وَمَا صِلَةٌ. والمَخْبَرُ: خِلَافُ المَنْظَرِ، وَكَذَلِكَ المَخْبَرَةُ والمَخْبُرَةُ، بِضَمِّ الْبَاءِ، وَهُوَ نَقِيضُ المَرْآةِ والخِبْرُ والخُبْرُ والخِبْرَةُ والخُبْرَةُ والمَخْبَرَةُ والمَخْبُرَةُ، كُلُّهُ: العِلْمُ بِالشَّيْءِ؛ تَقُولُ: لِي بِهِ خِبْرٌ، وَقَدْ خَبَرَهُ يَخْبُره خُبْراً وخُبْرَةً [خِبْرَةً] وخِبْراً واخْتَبَره وتَخَبَّرهُ؛ يُقَالُ: مَنْ أَين خَبَرْتَ هَذَا الأَمر أَي مِنْ أَين عَلِمْتَ؟ وَقَوْلُهُمْ: لأَخْبُرَنَّ خُبْرَكَ أَي لأَعْلَمَنَّ عِلْمَك؛ يُقَالُ: صَدَّقَ الخَبَرَ الخُبْرُ. وأَما قَوْلُ أَبي الدَّرْدَاءِ: وجدتُ الناسَ اخْبُرْ نَقْلَه؛ فَيُرِيدُ أَنك إِذا خَبَرْتَهُم قَلَيْتَهُمْ، فأَخرج الْكَلَامَ عَلَى لَفْظِ الأَمر، وَمَعْنَاهُ الخَبَرُ. والخُبْرُ: مَخْبُرَةُ الإِنسان. والخِبْرَةُ: الاختبارُ؛ وخَبَرْتُ الرَّجُلَ أَخْبُرُه خُبْراً [خِبْراً] وخُبْرَةً [خِبْرَةً]. والخَبِيرُ: الْعَالِمُ؛ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ سَمِعْتُ ثَعْلَبًا يَقُولُ فِي قَوْلِهِ:

كَفَى قَوْماً بِصاحِبِهمْ خَبِيرا

فَقَالَ: هَذَا مَقْلُوبٌ إِنما يَنْبَغِي أَن يَقُولَ كَفَى قَوْمًا بِصَاحِبِهِمْ خُبْراً؛ وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: يَقُولُ كَفَى قَوْمٌ. والخَبِيرُ: الَّذِي يَخْبُرُ الشَّيْءَ بِعِلْمِهِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:

وشِفَاءُ عِيِّكِ خابِراً أَنْ تَسْأَلي

فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ مَا تَجِدِينَ فِي نَفْسِكَ مِنَ الْعِيِّ أَن تَسْتَخْبِرِي. وَرَجُلٌ مَخْبَرانِيٌّ: ذُو مَخْبَرٍ، كَمَا قَالُوا مَنْظَرانِيّ أَي ذُو مَنْظَرٍ. والخَبْرُ والخِبْرُ: المَزادَةُ الْعَظِيمَةُ، وَالْجَمْعُ خُبُورٌ، وَهِيَ الخَبْرَاءُ أَيضاً؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ وَيُقَالُ: الخِبْرُ، إِلَّا أَنه بِالْفَتْحِ أَجود؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الخَبْرُ، بِالْفَتْحِ، الْمَزَادَةُ، وأَنكر فِيهِ الْكَسْرَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: نَاقَةٌ خَبْرٌ إِذا كَانَتْ غَزِيرَةً. والخَبْرُ والخِبْرُ: النَّاقَةُ الْغَزِيرَةُ اللَّبَنِ. شُبِّهَتْ بِالْمَزَادَةِ فِي غُزْرِها، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ وَقَدْ خَبَرَتْ خُبُوراً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والخَبْراءُ: المجرَّبة بالغُزْرِ. والخَبِرَةُ: الْقَاعُ يُنْبِتُ السِّدْرَ، وَجَمْعُهُ خَبِرٌ، وَهِيَ الخَبْراءُ أَيضاً، وَالْجَمْعُ خَبْراوَاتٌ وخَبَارٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وخَبَارٌ كَسَّرُوها تَكْسِيرَ الأَسماء وَسَلَّموها عَلَى ذَلِكَ وإِن كَانَتْ فِي الأَصل صِفَةً لأَنها قَدْ جَرَتْ مَجْرَى الأَسماء. والخَبْراءُ: مَنْقَعُ الْمَاءِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ مَنْقَعَ الْمَاءِ فِي أُصول السِّدْرِ، وَقِيلَ: الخَبْراءُ الْقَاعُ يُنْبِتُ السِّدْرَ، وَالْجَمْعُ الخَبَارَى

ص: 227

والخَبارِي مِثْلُ الصحارَى والصحارِي وَالْخَبْرَاوَاتُ؛ يُقَالُ: خَبِرَ الموضعُ، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ خَبِرٌ؛ وأَرض خَبِرَةٌ. والخَبْرُ: شَجَرُ السِّدْرِ والأَراك وَمَا حَوْلَهُمَا مِنَ العُشْبِ؛ وَاحِدَتُهُ خَبْرَةٌ. وخَبْراءُ الخَبِرَةِ: شَجَرُهَا؛ وَقِيلَ: الخَبْرُ مَنْبِتُ السِّدْرِ فِي القِيعانِ. والخَبْرَاءُ: قَاعٌ مُسْتَدِيرٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ، وَجَمْعُهُ خَبَارَى وخَبَاري. وَفِي تَرْجَمَةِ نَقَعَ: النَّقائعُ خَبَارَى فِي بِلَادِ تَمِيمٍ. اللَّيْثُ: الخَبْراءُ شَجْراءُ فِي بَطْنِ رَوْضَةٍ يَبْقَى فِيهَا الْمَاءُ إِلى الْقَيْظِ وَفِيهَا ينْبت الخَبْرُ، وَهُوَ شَجَرُ السِّدْرِ والأَراك وَحَوَالَيْهَا عُشْبٌ كَثِيرٌ، وَتُسَمَّى الخَبِرَةَ، وَالْجَمْعُ الخَبِرُ. وخَبْرُ الخَبِرَةِ: شجرُها قَالَ الشَّاعِرُ:

فَجادَتْكَ أَنْواءُ الرَّبيعِ، وهَلَّلَتْ

عليكَ رِياضٌ مِنْ سَلامٍ وَمِنْ خَبْرِ

والخَبْرُ مِنْ مَوَاقِعِ الْمَاءِ: مَا خَبِرَ المَسِيلُ فِي الرُّؤُوسِ فَتَخُوضُ فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَدَفعنا فِي خَبَارٍ مِنَ الأَرض

؛ أَي سَهْلَةٍ لَيِّنَةٍ. والخَبارُ مِنَ الأَرض: مَا لانَ واسْتَرخَى وَكَانَتْ فِيهِ جِحَرَةٌ. والخَبارُ: الجَراثيم وجِحَرَةُ الجُرْذانِ، وَاحِدَتُهُ خَبارَةٌ. وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ تَجَنَّبَ الخَبَارَ أَمِنَ العِثارَ. والخَبارُ: أَرض رِخْوَةٌ تَتَعْتَعُ فِيهِ الدوابُّ؛ وأَنشد:

تَتَعْتَع فِي الخَبارِ إِذا عَلاهُ،

ويَعْثُر فِي الطَّرِيقِ المُسْتَقِيمِ

ابْنُ الأَعرابي: والخَبارُ مَا اسْتَرْخَى مِنَ الأَرض وتَحَفَّرَ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: وَهُوَ مَا تَهَوَّرَ وساخَتْ فِيهِ الْقَوَائِمُ. وخَبِرَتِ الأَرضُ خَبَراً: كَثُرَ خَبارُها. والخَبْرُ: أَن تُزْرَعَ عَلَى النِّصْفِ أَو الثُّلْثِ مِنْ هَذَا، وَهِيَ المُخابَرَةُ، وَاشْتُقَّتْ مِنْ خَيْبَرَ لأَنها أَول مَا أُقْطِعَتْ كَذَلِكَ. والمُخابَرَةُ: الْمُزَارَعَةُ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنَ الأَرض، وَهُوَ الخِبْرُ أَيضاً، بِالْكَسْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كُنَّا نُخابر وَلَا نَرَى بِذَلِكَ بأْساً حَتَّى أَخْبَرَ رافعٌ أَن رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عَنْهَا.

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَهَى عن المُخابرة

؛ قِيلَ: هِيَ الْمُزَارَعَةُ عَلَى نَصِيبٍ مُعَيَّنٍ كَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَغَيْرِهِمَا؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الخَبارِ، الأَرض اللَّيِّنَةُ، وَقِيلَ: أَصل المُخابرة مِنْ خَيْبر،

لأَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، أَقرها فِي أَيدي أَهلها عَلَى النِّصْفِ مِنْ مَحْصُولِهَا

؛ فَقِيلَ: خابَرَهُمْ أَي عَامَلَهُمْ فِي خَيْبَرَ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الْمُزَارَعَةُ فَعَمَّ بِهَا. والمُخَابَرَةُ أَيضاً: الْمُؤَاكَرَةُ. والخَبِيرُ: الأَكَّارُ؛ قَالَ:

تَجُزُّ رؤُوس الأَوْسِ مِنْ كلِّ جانِبٍ،

كَجَزِّ عَقاقِيلِ الكُرومِ خَبِيرُها

رَفَعَ خَبِيرَهَا عَلَى تَكْرِيرِ الْفِعْلِ، أَراد جَزَّه خَبِيرُها أَي أَكَّارُها. والخَبْرُ الزَّرْعُ. والخَبِيرُ: النَّبَاتُ. وَفِي حَدِيثِ طَهْفَةَ:

نَسْتَخْلِبُ الخَبِيرَ

أَي نَقْطَعُ النَّبَاتَ وَالْعُشْبَ ونأْكله؛ شُبّهَ بِخَبِيرِ الإِبل، وَهُوَ وبَرُها لأَنه يَنْبُتُ كَمَا يَنْبُتُ الْوَبَرُ. وَاسْتِخْلَابُهُ: احْتِشاشُه بالمِخْلَبِ، وَهُوَ المِنْجَلُ. والخَبِيرُ: يَقَعُ عَلَى الْوَبَرِ وَالزَّرْعِ والأَكَّار. والخَبِيرُ: الوَبَرُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ حَمِيرَ وَحْشٍ:

حَتَّى إِذَا مَا طَارَ مِنْ خَبِيرِها

والخَبِيرُ: نُسَالة الشِّعْرِ، والخَبِيرَةُ: الطَّائِفَةُ مِنْهُ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:

فَآبُوا بالرماحِ، وهُنَّ عُوجٌ،

بِهِنَّ خَبائِرُ الشَّعَرِ السِّقَاطُ

ص: 228

والمَخْبُورُ: الطَّيِّب الأَدام. والخَبِيرُ: الزَّبَدُ؛ وَقِيلَ: زَبَدُ أَفواه الإِبل؛ وأَنشد الْهُذَلِيِّ:

تَغَذّمْنَ، فِي جانِبيهِ، الخَبِيرَ

لَمَّا وَهَى مُزنُهُ واسْتُبِيحَا

تَغَذَّمْنَ يَعْنِي الْفُحُولَ أَي مَضَغْنَ الزَّبَدَ وعَمَيْنَهُ. والخُبْرُ والخُبْرَةُ: اللَّحْمُ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ لأَهله؛ يُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا اختَبَرْتَ لأَهلك؟ والخُبْرَةُ: الشَّاةُ يَشْتَرِيهَا الْقَوْمُ بأَثمان مُخْتَلِفَةٍ ثُمَّ يَقْتَسِمُونَهَا فَيُسْهِمُونَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ مَا نَقَدَ. وتَخَبَّرُوا خُبْرَةً: اشْتَرَوْا شَاةً فَذَبَحُوهَا وَاقْتَسَمُوهَا. وَشَاةٌ خَبِيرَةٌ: مُقْتَسَمَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ. والخُبْرَةُ، بِالضَّمِّ: النَّصِيبُ تأْخذه مِنْ لَحْمٍ أَو سَمَكٍ؛ وأَنشد:

باتَ الرَّبِيعِيُّ والخامِيز خُبْرَتُه،

وطاحَ طَيُّ بَنِي عَمْرِو بْنِ يَرْبُوعِ

وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ: حِينَ لَا آكلُ الخَبِيرَ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أَي المَأْدُومَ. والخَبير والخُبْرَةُ: الأَدام؛ وَقِيلَ: هُوَ الطَّعَامُ مِنَ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ؛ وَيُقَالُ: اخْبُرْ طَعَامَكَ أَي دَسِّمْهُ؛ وأَتانا بِخُبْزَةٍ وَلَمْ يأْتنا بخُبْرَةٍ. وَجَمَلٌ مُخْتَبِرٌ: كَثِيرُ اللَّحْمِ. والخُبْرَةُ: الطَّعَامُ وَمَا قُدِّم مِنْ شَيْءٍ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ أَنه سَمِعَ الْعَرَبَ تَقُولُ: اجْتَمَعُوا عَلَى خُبْرَتِه، يَعْنُونَ ذَلِكَ. والخُبْرَةُ: الثَّرِيدَةُ الضَّخْمَةُ. وخَبَرَ الطعامَ يَخْبُرُه خَبْراً: دَسَّمَهُ. والخابُور: نَبْتٌ أَو شَجَرٌ؛ قَالَ:

أَيا شَجَرَ الخابُورِ مَا لَكَ مُورِقاً؟

كأَنَّكَ لَمْ تَجْزَعْ عَلَى ابنِ طَرِيفِ

والخابُور: نَهْرٌ أَو وَادٍ بِالْجَزِيرَةِ؛ وَقِيلَ: مَوْضِعٌ بِنَاحِيَةِ الشَّامِ. وخَيْبَرُ: مَوْضِعٌ بِالْحِجَازِ قَرْيَةٌ مَعْرُوفَةٌ. وَيُقَالُ: عَلَيْهِ الدَّبَرَى «1» . وحُمَّى خَيْبَرى.

خبجر: خَبْجَرٌ وخُباجِرٌ: مُسْتَرْخٍ غليظ عظيم البطن.

ختر: الخَتْرُ: شَبِيهٌ بالغَدْرِ وَالْخَدِيعَةِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْخَدِيعَةُ بِعَيْنِهَا؛ وَقِيلَ: هُوَ أَسوأُ الْغَدْرِ وأَقبحه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ. وَيُقَالُ: خَتَرَهُ فَهُوَ خَتَّارٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَا خَتَرَ قومٌ بِالْعَهْدِ إِلَّا سُلِّطَ عَلَيْهِمُ الْعَدُوُّ

؛ الخَتْرُ: الغَدْرُ؛ خَتَرَ يَخْتِر؛ فَهُوَ خاتِرٌ، وخَتَّارٌ لِلْمُبَالَغَةِ. وَفِي الْخَبَرِ:

لَنْ تَمُدَّ لَنَا شِبْراً مِنْ غَدْرٍ إِلَّا مَدَدْنا لَكَ بَاعًا مِنْ خَتْرٍ

؛ خَتَرَ يَخْتُر خَتْراً وخُتُوراً، فَهُوَ خَاتِرٌ وخَتَّار وخِتِّيرٌ وخَتُورٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: الخَتْرُ الْفَسَادُ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْغَدْرِ وَغَيْرِهِ؛ يُقَالُ: خَتَّرَهُ الشرابُ إِذا فَسَدَ بِنَفْسِهِ وَتَرَكَهُ مُسْتَرْخِيًا. والخَتَرُ: كالخَدَرِ، وَهُوَ مَا يأْخذ عِنْدَ شُرْبِ دَوَاءٍ أَو سُمٍّ حَتَّى يَضْعُفَ ويَسْكَرَ. والتَّختُّر: التَّفَتُّر وَالِاسْتِرْخَاءُ؛ يُقَالُ: شَرِبَ اللَّبَنَ حَتَّى تَخَتَّر. وتَخَتَّر: فَتَرَ بدنُه مِنْ مَرَضٍ أَو غَيْرِهِ. ابْنُ الأَعرابي: خَتَرَتْ نَفْسُهُ أَي خَبُثَتْ وتَختَّرَتْ وَنَحْوُ ذَلِكَ، بِالتَّاءِ، أَي استرختْ.

ختعر: الخَيْتَعُورُ: السَّرَابُ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا يَبْقَى من السَّرَابِ لَا يَلْبَثُ أَن يَضْمَحِلَّ؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ مَا يَبْقَى مِنْ آخِرِ السَّرَابِ حِينَ يَتَفَرَّقُ فَلَا يَلْبَثُ أَن يَضْمَحِلَّ، وخَتْعَرَتُه: اضمِحْلالُه. والخَيْتَعُور: الَّذِي يَنْزِلُ مِنَ الْهَوَاءِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ أَبيضَ الخُيوطِ أَو كَنَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ. والخَيْتَعُور: الغادِرُ. والخَيْتَعورُ: الدُّنْيَا، عَلَى المَثَلِ، وَقِيلَ: الذِّئْبُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه لَا عَهْدَ لَهُ وَلَا وَفَاءَ، وَقِيلَ: الغُولُ

(1). قوله: [عليه الدبرى إلخ] كذا بالأَصل وشرح القاموس. وسيأتي في خ س ر يقول: بفيه البرى

ص: 229

لِتَلَوُّنِهَا. وامرأَة خَيْتَعُورٌ: لَا يَدُومُ وُدُّها، مُشَبَّهَةٌ بِذَلِكَ، وَقِيلَ: كُلُّ شَيْءٍ يَتَلَوَّنُ وَلَا يَدُومُ عَلَى حَالٍ خَيْتَعُورٌ؛ قَالَ:

كلُّ أُنْثَى، وإِن بَدا لَكَ مِنْهَا

آيةُ الحُبِّ، حُبُّها خَيْتَعُورُ

كَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي بِتَاءٍ ذَاتِ نُقْطَتَيْنِ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لِلسُّلْطَانِ الخَيْتَعُورُ. والخَيْتَعُورُ: دُوَيْبَّةٌ سَوْدَاءُ تَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ لَا تَلْبَثُ فِي مَوْضِعٍ إِلَّا رَيْثَما تَطْرِفُ. والخَيْتَعُور: الدَّاهِيَةُ. ونَوًى خَيْتَعُورٌ، وَهِيَ الَّتِي لَا تَسْتَقِيمُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده يَعْقُوبُ:

أَقولُ، وَقَدْ نَأَتْ بِهِمْ غُرْبَةُ النِّوَى:

نَوًى خَيْتَعُورٌ لَا تَشِطُّ دِيارُك

يَجُوزُ أَن تَكُونَ الدَّاهِيَةَ، وأَن تَكُونَ الْكَاذِبَةَ، وأَن تَكُونَ الَّتِي لَا تَبْقَى. ابْنُ الأَثير: ذِئْبُ الْعَقَبَةِ يُقَالُ لَهُ الخَيْتَعُورُ؛ يُرِيدُ شَيْطَانَ العَقَبَةِ فَجَعَلَ الخَيْتَعُورُ اسْمًا لَهُ، وَهُوَ كُلُّ مَنْ يَضْمَحِلُّ وَلَا يَدُومُ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ أَو لَا يَكُونُ لَهُ حَقِيقَةٌ كَالسَّرَابِ وَنَحْوِهِ، وَالْيَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ.

خثر: الخُثُورَةُ: نَقِيضُ الرِّقَّةِ. والخُثُورَةُ: مَصْدَرُ الشَّيْءِ الْخَاثِرِ، خَثَرَ اللَّبَنُ وَالْعَسَلُ وَنَحْوُهُمَا، بِالْفَتْحِ، يَخْثُر. وخَثِرَ وخَثُرَ، بِالضَّمِّ، خَثْراً وخُثُوراً وخَثارَةً وخُثُورَةً وخَثَراناً؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: خَثُرَ بِالضَّمِّ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ فِي كَلَامِهِمْ؛ قَالَ: وَسَمِعَ الْكِسَائِيُّ خَثِرَ، بِالْكَسْرِ؛ وأَخْثَرَه هُوَ وخَثَّرَهُ. الأَصمعي: أَخْثَرْتُ الزُّبْدَ تَرَكْتُهُ خَاثِرًا وَذَلِكَ إِذا لَمْ تُذِبْهُ. وَفِي الْمَثَلِ: مَا يَدْرِي «1» . أَيُخْثِرُ أَم يُذِيبُ. وخُثارَةُ الشَّيْءِ: بَقِيَّتُهُ. والخُثارُ: مَا يَبْقَى عَلَى الْمَائِدَةِ. وخَثَرَتْ نَفْسُهُ، بِالْفَتْحِ: غَثَتْ وخَبُثَتْ وثَقُلَتْ واخْتَلَطَتْ. ابْنُ الأَعرابي: خَثَرَ إِذا لَقِسَتْ نَفْسُهُ، وخَثِرَ إِذا اسْتَحْيَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَصبح رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ خَاثِرُ النَّفْسِ

؛ أَي ثَقِيلَهَا غَيْرَ طَيِّبٍ وَلَا نَشِيطٍ؛ وَمِنْهُ قَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا لِي أَرى ابْنَكِ خاثِر النَّفْسِ؟ قَالَتْ: ماتَتْ صَعْوَتُهُ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ. فَذَكَرْنَا لَهُ الَّذِي رأَينا مِنْ خُثُورِه.

وقومٌ خُثَراءُ الأَنْفُسِ وخَثْرَى الأَنفس أَي مُخْتَلِطُونَ. والخَاثِرُ والمُخْثِرُ: الَّذِي يَجِدُ الشَّيْءَ الْقَلِيلَ مِنَ الْوَجَعِ وَالْفَتْرَةِ. وخَثِرَ فُلَانٌ أَي أَقام فِي الحَيِّ وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَ الْقَوْمِ إِلى المِيرةِ.

خجر: الخَجَرُ: نَتْنُ السَّفِلَةِ؛ عَنْ كُرَاعٍ، يَعْنِي بالسَّفِلَةِ الدُّبُرَ. قَالَ اللَّيْثُ: رَجُلٌ خِجِرٌّ، وَالْجَمْعُ الخِجِرُّونَ، وَهُوَ الشَّدِيدُ الأَكل الْجَبَانُ الصَّدَّادُ عَنِ الْحَرْبِ. أَبو عَمْرٍو: الخاجِرُ صَوْتُ الْمَاءِ عَلَى سَفْحِ الْجَبَلِ. ابْنُ الأَعرابي: الخُجَيْرَةُ تَصْغِيرُ الخَجْرَةِ، وَهِيَ الْوَاسِعَةُ مِنَ الإِماء. والخَجْرَةُ أَيضاً: سَعَةُ رأْسِ الحُبِّ.

خدر: الخِدْرُ: سِتْرٌ يُمَدُّ لِلْجَارِيَةِ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ ثُمَّ صَارَ كلُّ مَا وَارَاكَ مِنْ بَيْتِ وَنَحْوِهِ خِدْراً.، وَالْجَمْعُ خُدُورٌ وأَخْدارٌ، وأَخادِيرُ جَمْعُ الْجَمْعِ؛ وأَنشد:

حَتَّى تَغَامَزَ رَبَّاتُ الأَخادِيرِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه، عليه الصلاة والسلام؛ كَانَ إِذا خُطِبَ إِليه إِحدى بَنَاتِهِ أَتى الخِدْرَ [فَقَالَ]: إِن فُلَانًا يَخْطُبُ، فإِن طَعَنَتْ فِي الخِدْرِ لَمْ يُزَوِّجْهَا

؛ مَعْنَى طَعَنَتْ فِي الْخِدْرِ دَخَلَتْ وَذَهَبَتْ كَمَا يُقَالُ طعن في

(1). قوله: [وَفِي الْمَثَلِ مَا يَدْرِي إلخ] يضرب للمتحير المتردد في الأَمر، وأَصله أَن المرأَة تسلأُ السمن أَي تذيبه فيختلط خاثره أَي غليظه برقيقه فلا يصفو فتبرم بأَمرها فلا تدري أَتوقد تحته حتى يصفو وتخشى إِن هي أوقدت أَن يحترق فتحار لذلك، كذا في القاموس وشرحه

ص: 230

الْمَفَازَةِ إِذا دَخَلَ فِيهَا؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ ضَرَبَتْ بِيَدِهَا عَلَى الخِدْرِ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: نَقَرَت الخِدْرَ مكانَ طَعَنَتْ. وَجَارِيَةٌ مُخَدَّرَةٌ إِذا أُلزمت الخِدْرَ، ومَخْدُورَة. والخِدْرُ: خَشَبَاتٌ تَنْصَبُّ فَوْقَ قَتَبِ الْبَعِيرِ مَسْتُورَةٌ بِثَوْبٍ، وَهُوَ الهَوْدَجُ؛ وَهَوْدَجٌ مَخْدُورٌ ومُخَدَّر: ذُو خِدْرٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

صَوَّى لَهَا ذَا كَدْنَةٍ فِي ظَهْرِه،

كأَنه مُخَدَّرٌ فِي خِدْرِهِ

أَراد فِي ظَهْرِهِ سَنامٌ تَامِكٌ. كأَنه هَوْدَجٌ مُخَدَّرٌ، فأَقام الصِّفَةَ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ كأَنه مُخَدَّر مَقَامَ الْمَوْصُوفِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ سَنَامٌ، كَمَا قَالَ:

كأَنَّكَ مِنْ جِمالِ بَني أُقَيْشٍ،

يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِ

أَي كأَنك جَمَلٌ مِنْ جِمَالِ بَنِي أُقيش، فَحَذَفَ الْمَوْصُوفَ واجتزأَ مِنْهُ بِالصِّفَةِ لِعِلْمِ الْمُخَاطَبِ بِمَا يَعْنِي. وَقَدْ أَخْدَرَ الجاريةَ إِخْداراً وخَدَّرَها وخَدَرَتْ فِي خِدْرِها وتَخَدَّرَتْ هِيَ واخْتَدَرَتْ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر؛

وضَعْنَ بِذِي الجَذاءِ فُصُولَ رَيْطٍ،

لكَيْمَا يَخْتَدِرْنَ ويَرْتَدِينا

وَيُرْوَى: بِذِي الجذاةِ. واخْتَدَرَتِ القارَةُ بالسَّرَابِ: اسْتَتَرَتْ بِهِ فَصَارَ لَهَا كالخِدْرِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

حَتَّى أَتى فَلَكَ الدَّهْناءُ دُونَهُمُ،

واعْتَمَّ قُورُ الضُّخعى بالآلِ واخْتَدَرا

وخَدَّرَت الظبيةُ خِشْفَها فِي الخَمَرِ والهَبَطِ: سَتَرَتْهُ هُنَالِكَ. وخِدْرُ الأَسدِ: أَجَمَتُه. وخَدَرَ الأَسدُ خُدُوراً وأَخْدَرَ: لَزِمَ خِدْرَه وأَقام، وأَخْدَرَه عَرِينُه: وَارَاهُ. والمُخْدِرُ: الَّذِي اتَّخَذَ الأَجَمَةَ خِدْراً؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

مَحَلًّا كَوَعْثاء القَنافِذِ ضارِباً

بِهِ كَنَفاً، كالمُخْدِرِ المُتَأَجِّمِ

والخادِرُ: الَّذِي خَدَرَ فِيهَا. وأَسَدٌ خادِرٌ: مُقِيمٌ فِي عَرِينهِ داخلٌ فِي الخِدْرِ، ومُخْدِرٌ أَيضاً. وخَدَرَ الأَسدُ فِي عَرِينهِ، وَيَعْنِي بالخِدْرِ الأَجَمَةَ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:

مِنْ خادِرٍ مِنْ لُيُوثِ الأُسْدِ، مَسْكَنُهُ،

بِبَطْنِ عَثَّرَ، غِيلٌ دُونَهُ غِيلُ

خَدَرَ الأَسَدُ وأَخْدَرَ، فَهُوَ خادِرٌ ومُخْدِرٌ إِذا كَانَ فِي خِدْرِه، وَهُوَ بَيْتُهُ، وخَدَرَ بِالْمَكَانِ وأَخْدَرَ: أَقام؛ قَالَ:

إِنِّي لأَرْجو مِنْ شَبِيبٍ بِرّاً

والجَزْءَ إِنْ أَخْدَرْتُ يَوْمًا قَرَّا

وأَخْدَرَ فُلَانٌ فِي أَهله أَي أَقام فِيهِمْ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:

كأَنَّ تَحْتِي بازِياً رَكَّاضَا،

أَخْدَرَ خَمْساً لَمْ يَذُقْ عَضَاضَا

يَعْنِي أَقام فِي وَكْرِه. والخَدَرُ: المَطَرُ لأَنه يُخَدِّرُ الناسَ فِي بُيُوتِهِمْ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

ويَسْتُرونَ النَّارَ مِنْ غيرِ خَدَرْ

والخَدْرَةُ: المَطْرَةُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الخَدَرُ الْغَيْمُ وَالْمَطَرُ؛ وأَنشد الرَّاجِزُ أَيضاً:

لَا يُوقِدُونَ النَّارَ إِلَّا لِسَحَرْ،

ثُمَّتَ لَا تُوقَدُ إِلَّا بالبَعَرْ،

ويَسْتُرون النَّارَ مِنْ غيرِ خَدَرْ

يَقُولُ: يَسْتُرُونَ النَّارَ مَخَافَةَ الأَضياف مِنْ غَيْرِ غَيْمٍ وَلَا مَطَرٍ. وَقَدْ أَخْدَرَ الْقَوْمُ: أَظلهم الْمَطَرُ؛ وَقَالَ:

شمسُ النَّهارِ أَلاحَهَا الإِخْدارُ

ص: 231

وَيَوْمٌ خَدِرٌ: بارِدٌ نَدٍ، وَلَيْلَةٌ خَدِرَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ شَاهِدًا عَلَى ذَلِكَ؛ قَالَ: وَفِي الْحَاشِيَةِ بَيْتٌ شَاهِدٌ عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ:

وبِلاد زَعِل ظُلمْانُها [ظِلمْانُها]،

كالمَخاضِ الجُرْبِ فِي اليومِ الخَدِرْ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِطَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ. وَالظُّلْمَانُ: ذُكُورُ النَّعَامِ، الْوَاحِدُ ظَلِيمٌ. والزَّعِلُ: النَّشِيطُ والمَرِحُ. وَالْمَخَاضُ: الْحَوَامِلُ؛ شَبَّهَ النَّعَامَ بِالْمَخَاضِ الجُرْبِ لأَن الجُرْبَ تُطْلَى بالقَطِرانِ وَيَصِيرُ لَوْنُهَا كَلَوْنِ النَّعَامِ، وَخَصَّ اليومَ النَّدِيَّ الْبَارِدَ لأَن الجَرْبَى يَجْتَمِعُ فِيهِ بعضُها إِلى بَعْضٍ؛ وَمِنْهُ قِيلَ للعُقابِ: خُدارِيَّة لِشِدَّةِ سَوَادِهَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

وخَدَرَ اللَّيْلُ فَيجْتابُ الخَدَر

وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَصل الخُداري أَن اللَّيْلَ يُخَدِّرُ النَّاسَ أَي يُلْبِسهُم؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: [والدَّجْنُ مُخْدِرٌ]. أَي مُلْبِسٌ؛ وَمِنْهُ قِيلَ للأَسد. خَادِرٌ؛ قَالَ الأَزهري: وأَنشدني عُمَارَةُ لِنَفْسِهِ:

فِيهِنَّ جائِلَةُ الوِشَاحِ كأَنَّها

شَمسُ النَّهارِ، أَكَلَّها الإِخْدارُ

أَكلها: أَبرزها، وأَصله مِنَ الانكِلالِ وَهُوَ التَّبَسُّمُ. والخَدَرُ والخَدِرُ: الظُّلْمَةُ. والخُدْرَةُ: الظُّلْمَةُ الشَّدِيدَةُ، وَلَيْلٌ أَخْدَرُ وخَدِرٌ وخَدُرٌ وخُدارِيٌّ: مُظْلِمٌ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: اللَّيْلُ خَمْسَةُ أَجزاء: سُدْفَةٌ وسُتْفَةٌ وهَجْمَةٌ ويَعْفُورٌ وخُدْرَةٌ؛ فالخُدْرَةُ عَلَى هَذَا آخِرُ اللَّيْلِ. وأَخْدَرَ القومُ: كأَلْيَلُوا. وأَخْدَرَهُ الليلُ إِذا حَبَسَهُ، وَاللَّيْلُ مُخْدِرٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ اللَّيْلَ:

ومُخْدِرُ الأَخْدارِ أَخْدَرِيُ

والخُدارِيُّ: السَّحَابُ الأَسودُ. وَبَعِيرٌ خُدارِيٌّ أَي شَدِيدُ السَّوَادِ، وناقةٌ خُدارِيَّة والعُقابُ الخُدارِيَّةُ وَالْجَارِيَةُ الخُدارِيَّةُ الشَّعَرِ. وعُقابٌ خُدارِيَّةٌ: سَوْدَاءُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وَلَمْ يَلْفِظِ الغَرْثَى الخُدارِيَّةَ الوَكْرُ

قَالَ شَمِرٌ: يَعْنِي الْوَكْرَ لَمْ يَلْفِظِ العُقابَ، جَعَلَ خُرُوجَهَا مِنَ الْوَكْرِ لَفْظًا مِثْلَ خُرُوجِ الْكَلَامِ مِنَ الْفَمِ، يَقُولُ: بَكَرَتْ هَذِهِ المرأَة قَبْلَ أَن تَطِيرَ العُقابُ مِنْ وَكْرِها؛ وَقَوْلُهُ:

كأَنَّ عُقاباً خُدارِيَّةً

تُنَشِّرُ فِي الجَوِّ مِنْهَا جَناحَا

فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: تَكُونُ العُقابُ الطَّائِرَةَ، وَتَكُونُ الرايَةَ لأَن الرَّايَةَ يُقَالُ لَهَا عُقابٌ. وَتَكُونُ أَبْراداً أَي أَنهم يَبْسُطُونَ أَبْرادَهُمْ فَوْقَهُمْ. وشَعَرٌ خُدارِيٌّ: أَسود. وَكُلُّ مَا مَنَعَ بَصَرًا عَنْ شَيْءٍ، فَقَدْ أَخْدَرَهُ. والخَدَرُ: الْمَكَانُ الْمُظْلِمُ الْغَامِضُ؛ قَالَ هُدْبَةُ؛

إِنِّي إِذا اسْتَخَفَى الجَبانُ بالخَدَرْ

والخَدَرُ: امْذِلالٌ يَغْشَى الأَعضاء: الرِّجلَ واليدَ والجسدَ. وَقَدْ خَدِرَتِ الرِّجْلُ تَخْدَرُ؛ والخَدَرُ مِنَ الشَّرَابِ وَالدَّوَاءِ: فُتُورٌ يَعْتَرِي الشاربَ وضَعْفٌ. ابْنُ الأَعرابي: الخُدْرَةُ ثِقَلُ الرِّجل وَامْتِنَاعُهَا مِنَ الْمَشْيِ. خَدِرَ خَدَراً، فَهُوَ خَدِرٌ، وأَخْدَرَهُ ذَلِكَ. والخَدَرُ فِي الْعَيْنِ: فُتُورُهَا، وَقِيلَ: هُوَ ثِقَلٌ فِيهَا مِنْ قَذًى يُصِيبُهَا؛ وَعَيْنٌ خَدْراءُ: خَدِرَةٌ. والخَدَرُ: الكسَلُ والفُتور؛ وخَدِرَتْ عِظَامُهُ؛ قَالَ طَرَفَةُ:

جازَتِ البِيدَ إِلى أَرْحُلِنَا،

آخِرَ الليلِ، بِيَعْفُورٍ خَدِرْ

ص: 232

خَدِرٌ: كأَنه نَاعِسٌ. والخَدِرُ مِنَ الظِّبَاءِ: الْفَاتِرُ الْعِظَامِ. والخادِرُ: الفاتِرُ الكَسْلانُ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه رَزَقَ الناسَ الطِّلاءَ فَشَرِبَهُ رَجُلٌ فَتَخَدَّر

أَي ضَعُفَ وفَتَرَ كَمَا يُصِيبُ الشاربَ قَبْلَ السُّكْرِ، وَمِنْهُ خَدَرُ اليدِ والرِّجْلِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما: أَنه خَدِرَتْ رِجْلُه فَقِيلَ لَهُ: مَا لرجْلكَ؟ قَالَ: اجْتَمَعَ عَصَبُها، قِيلَ: اذْكُرْ أَحَبَّ الناسِ إِليك، قَالَ: يَا محمدُ، فَبَسَطَها.

والخادِرُ: المُتَحَيِّرُ. والخادِرُ والخَدُورُ مِنَ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا: المُتَخَلِّفُ الَّذِي لَمْ يَلْحَقْ، وَقَدْ خَدَرَ. وخَدَرَتِ الظَّبْيَةُ خَدْراً: تَخَلَّفَتْ عَنِ الْقَطِيعِ مِثْلَ خَذَلَتْ. والخَدُورُ مِنَ الظِّبَاءِ والإِبل: الْمُتَخَلِّفَةُ عَنِ القَطِيع. والخَدُورُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تَكُونُ فِي آخِرِ الإِبل؛ وَقَوْلُ طَرَفَةَ:

وتَقْصِير يومِ الدَّجْنِ، والدَّجْنُ مُخْدِرٌ،

بِبَهْكَنَةٍ تحتَ الخِباءِ المُمَدَّدِ «2»

. أَراد: تَقْصِيرَ يَوْمِ الدَّجْنِ، والدَّجْنُ مُخْدِرٌ، الْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ أَي فِي حَالِ إِخْدارِ الدَّجْنِ؛ وَقَوْلُهُ:

ومَرَّتْ عَلَى ذاتِ التَّنانِيرِ غُدْوَةً،

وَقَدْ رَفَعَتْ أَذْيالَ كُلِّ خَدُورِ

الخَدُورُ: الَّتِي تَخَلَّفَتْ عَنِ الإِبل فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلى الَّتِي تَسِيرُ سَارَتْ مَعَهَا؛ قَالَ وَمِثْلُهُ:

واحْتَثَّ مُحْتَثَّاتُها الخَدُورَا

قَالَ: وَمِثلُهُ:

إِذْ حُثَّ كُلُّ بازِلٍ دَفُونِ،

حَتَّى رَفَعْنَ سَيْرَةَ اللَّجُونِ

وخَدِرَ النهارُ خَدَراً، فَهُوَ خَدِرٌ: اشْتَدَّ حره وسكنت رِيحُهُ وَلَمْ تَتَحَرَّكْ فِيهِ رِيحٌ وَلَا يُوجَدُ فِيهِ رَوْحٌ. اللَّيْثُ: يَوْمٌ خَدِرٌ شَدِيدُ الْحَرِّ؛ وأَنشد:

كالمَخاضِ الجُرْبِ فِي الْيَوْمِ الخَدِرْ

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد بِالْيَوْمِ الخَدِرِ المَطِيرَ ذَا الْغَيْمِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وإِنما خَصَّ الْيَوْمَ الْمَطِيرَ بِالْمَخَاضِ الجُرْبِ لأَنها إِذا جَرِبَتْ تَوَسَّفَتْ أَوبارُها فالبَرْدُ إِليها أَسرع. والخِدارُ: عُودٌ يَجْمَعُ الدُّجْرَيْن إِلى اللُّؤَمَةِ. وخُدارُ: اسْمُ فَرَسٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لِلقَتَّالِ الكِلابِيِّ:

وتَحْمِلُني وبِزَّةَ مَضْرَحِيٍّ،

إِذا مَا ثَوَّبَ الدَّاعِي، خُدارُ

وأَخْدَرُ: فَحْلٌ مِنَ الْخَيْلِ أُفْلِتَ فَتَوَحَّشَ وحَمَى عدَّةَ غاباتٍ وضَرَبَ فِيهَا، قِيلَ إِنه كَانَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدُ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ والأَخْدَرِيَّةُ مِنَ الْخَيْلِ: مَنْسُوبَةٌ إِليه. والأَخْدَرِيَّةُ مِنَ الحُمُرِ: مَنْسُوبَةٌ إِلى فَحْلٍ يُقَالُ لَهُ الأَخْدَرُ: قِيلَ: هُوَ فَرَسٌ، وَقِيلَ: هُوَ حِمَارٌ، وَقِيلَ: الأَخْدَرِيَّةُ مَنْسُوبَةٌ إِلى الْعِرَاقِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ ذَلِكَ. وَيُقَالُ للأَخْدَرِيَّة مِنَ الحُمُرِ: بناتُ الأَخْدَرِ. والأَخْدَرِيُّ: الحمارُ الوَحْشِيُّ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: والأَخْدَريُّ مِنْ نَعْتِ حِمَارِ الوحشِ كأَنه نُسِبَ إِلى فَحْلٍ اسْمُهُ أَخْدَرُ؛ قَالَ: والخُدْرَةُ اسْمُ أَتان كَانَتْ قَدِيمَةً فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الأَخْدَرِيُّ مَنْسُوبًا إِليها. الأَصمعي: إِذا تَخَلَّفَ الْوَحْشِيُّ عَنِ الْقَطِيعِ قِيلَ: خَدَرَ وخَذَلَ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الخُدَرِيُّ الْحِمَارُ الأَسود. الأَصمعي: يَقُولُ عاملُ الصَّدَقَاتِ: لَيْسَ لِي حَشَفَةٌ وَلَا خَدِرَةٌ؛ فَالْحَشَفَةُ: الْيَابِسَةُ، والخَدِرَةُ: الَّتِي

(2). رواية ديوان طرفة لهذا البيت:

وتقصيرُ يومِ الدَّجْنِ والدَّجنُ مُعْجِبٌ

ببَهكَنةٍ تحتَ الطَّرافِ المعَمَّدِ

ص: 233

تَقَعُ مِنَ النَّخْلِ قَبْلَ أَن تَنْضَجَ. وَفِي حَدِيثِ

الأَنصار: اشْتَرَطَ أَن لَا يأْخذ تَمْرَةً خَدِرَةً

؛ أَي عَفِنَةً، وَهِيَ الَّتِي اسْوَدَّ بَاطِنُهَا. وَبَنُو خُدْرَةَ: بَطْنٌ مِنَ الأَنصار مِنْهُمْ أَبو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ. وخَدُورَةُ: مَوْضِعٌ ببلاد بني الحرث بْنِ كَعْبٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

دَعَتْني، وفاضَتْ عَيْنُها بِخَدُورَةٍ،

فَجِئتُ غِشاشاً، إِذْ دَعَتْ أُمُّ طارِقِ

خذر: الأَزهري أَبو عَمْرٍو: الخاذِرُ الْمُسْتَتِرُ مِنْ سُلْطَانٍ أَو غَرِيمٍ. ابْنُ الأَعرابي: الخُذْرَةُ الخُذْرُوفُ، وَتَصْغِيرُهَا خُذَيْرَةٌ.

خذفر: الخَذَنْفَرَةُ: الخَفْخافَةُ الصَّوْتِ كأَنَّ صَوْتَهَا يَخْرُجُ مِنْ مَنْخَرَيْها، ذَكَرَهُ الأَزهري فِي الخماسي.

خرر: الخَرِيرُ: صَوْتُ الْمَاءِ وَالرِّيحِ والعُقاب إِذا حَفَّتْ، خَرَّ يَخِرُّ ويَخُرُّ خَرِيراً وخَرْخَرَ، فَهُوَ خارٌّ؛ قَالَ اللَّيْثُ: خَرِيرُ العُقاب حَفِيفُه؛ قَالَ: وَقَدْ يُضَاعَفُ إِذا تُوُهِّمَ سُرْعَة الخَرِيرِ فِي القَصَبِ وَنَحْوِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى الخَرْخَرَةِ، وأَما فِي الْمَاءِ فَلَا يُقَالُ إِلَّا خَرْخَرَةً. والخَرَّارَةُ: عَيْنُ الماءِ الجارِيَةُ، سُمِّيَتْ خَرَّارَةً لِخَرِيرِ مَائِهَا، وَهُوَ صَوْتُهُ. وَيُقَالُ لِلْمَاءِ الَّذِي جَرَى جَرْياً شَدِيدًا: خَرَّ يَخِرُّ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: خَرَّ الماءُ يَخِرُّ، بِالْكَسْرِ، خَرّاً إِذا اشْتَدَّ جَرْيُه؛ وعينٌ خَرَّارَةٌ، وخَرَّ الْمَاءُ الأَرضَ خَرّاً. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ. مَنْ أَدخل أُصْبُعَيْهِ فِي أُذنيه سَمِعَ خَرِيرَ الكَوْثَرِ

؛ خَرِيرُ الْمَاءِ: صَوْتُه، أَراد مِثْلَ صَوْتِ خَرِيرِ الْكَوْثَرِ. وَفِي حَدِيثٍ

قُسٍّ: وإِذا أَنا بِعَيْنٍ خَرَّارَةٍ أَي كَثِيرَةِ الجَرَيانِ.

وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الخَرَّارِ، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الأُولى، مَوْضِعٌ قُرْبَ الجُحْفَةِ بَعَثَ إِليه رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، سَعْدَ بْنَ أَبي وَقَّاصٍ فِي سَرِيَّةٍ. وخَرَّ الرجلُ فِي نَوْمِهِ: غَطَّ، وَكَذَلِكَ الهِرَّةُ والنَّمِرُ، وَهِيَ الخَرْخَرَةُ. والخَرْخَرَةُ: صوتُ النائِم والمُخْتَنِقِ؛ يُقَالُ: خَرَّ عِنْدَ النَّوْمِ وخَرْخَرَ بِمَعْنًى. وهِرَّةٌ خَرُورٌ: كَثِيرَةُ الخَرِيرِ فِي نَوْمِهَا؛ وَيُقَالُ: للهِرَّةِ خُرُورٌ فِي نَوْمِهَا. والخَرْخَرَةُ: صوتُ النَّمِر فِي نَوْمِهِ، يُخَرْخِرُ خَرْخَرَةً ويَخِرُّ خَرِيراً؛ وَيُقَالُ لِصَوْتِهِ: الخَرِيرُ والهَرِيرُ والغَطِيطُ. والخَرْخَرَةُ: سُرْعَةُ الخَرِير فِي القَصَب وَنَحْوِهَا. والخَرَّارَةُ: عُودٌ نَحْوَ نِصْفِ النَّعْلِ يُوثَقُ بِخَيْطٍ فَيُحَرَّكُ الخَيْطُ وتُجَرُّ الخَشَبَةُ فَتُصَوِّتُ تِلْكَ الخَرَّارَةُ؛ وَيُقَالُ لخُذْرُوف الصَّبِي الَّتِي يُدِيرُها: خَرَّارَةٌ، وَهُوَ حِكَايَةُ صَوْتِهَا: خِرْخِرْ. والخَرَّارَةُ: طَائِرٌ أَعظم مِنَ الصُّرَدِ وأَغلظ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ فِي الصَّوْتِ، وَالْجَمْعُ خَرَّارٌ؛ وَقِيلَ: الخَرَّارُ واحِدٌ؛ وإِليه ذَهَبَ كُرَاعٌ. وخَرَّ الحَجَرُ يَخُرُّ خُرُوراً: صَوَّتَ فِي انْحِدَارِهِ، بِضَمِّ الْخَاءِ، مِنْ يَخُرُّ. وخَرَّ الرجلُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْجَبَلِ خُرُوراً. وخَرَّ الحَجَرُ إِذا تَدَهْدَى مِنَ الْجَبَلِ. وخَرَّ الرجلُ يَخُرُّ إِذا تَنَعَّمَ. وخَرَّ يَخُرُّ إِذا سَقَطَ، قَالَهُ بِضَمِّ الْخَاءِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ: يَقُولُ خَرَّ يَخِرُّ، بِكَسْرِ الْخَاءِ. والخُرْخُورُ: الرَّجُلُ النَّاعِمُ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَلِبَاسِهِ وَفِرَاشِهِ. والخارُّ: الَّذِي يَهْجُمُ عَلَيْكَ مِنْ مَكَانٍ لَا تَعْرِفُهُ؛ يُقَالُ: خَرَّ عَلَيْنَا ناسٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ. وخَرَّ الرجلُ: هَجَمَ عَلَيْكَ مِنْ مَكَانٍ لَا تَعْرِفُهُ. وخَرَّ القومُ: جَاؤُوا مِنْ بَلَدٍ إِلى آخَرَ، وَهُمُ الخَرَّارُ والخَرَّارَةُ. وخَرُّوا

ص: 234

أَيضاً: مَرُّوا، وَهُمُ الخَرَّارَةُ لِذَلِكَ. وخَرَّ الناسُ مِنَ الْبَادِيَةِ فِي الجَدْبِ: أَتوا. وخَرَّ الْبِنَاءُ: سَقَطَ. وخَرَّ يَخِرُّ خَرّاً: هَوَى مِنْ عُلْوٍ إِلى أَسفل. غَيْرُهُ: خَرَّ يَخِرُّ ويَخُرُّ، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، إِذا سَقَطَ مِنْ عُلْوٍ. وَفِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ:

إِلَّا خَرَّت خَطَايَاهُ

؛ أَي سَقَطَتْ وَذَهَبَتْ، وَيُرْوَى جَرَتْ، بِالْجِيمِ، أَي جَرَتْ مَعَ مَاءِ الْوُضُوءِ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: قَالَ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: خَرِرْتَ مِنْ يَدَيْكَ

أَي سَقَطْتَ مِنْ أَجل مَكْرُوهٍ يُصِيبُ يَدَيْكَ مِنْ قَطْعٍ أَو وَجَعٍ، وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الخجلِ؛ يُقَالُ: خَرِرْتُ عَنْ يدِي أَي خَجِلْتُ، وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ سَقَطْتَ إِلى الأَرض مِنْ سَبَبِ يَدَيْكَ أَي مِنْ جِنَايَتِهِمَا، كَمَا يُقَالُ لِمَنْ وَقَعَ فِي مَكْرُوهٍ: إِنما أَصابه ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ أَي مِنْ أَمر عَمِلَهُ، وَحَيْثُ كَانَ الْعَمَلُ بِالْيَدِ أُضيف إِلَيْهَا. وخَرَّ لِوَجْهِهِ يَخِرُّ خَرّاً وخُرُوراً: وَقَعَ كَذَلِكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ

. وخَرَّ لِلَّهِ سَاجِدًا يَخِرُّ خُرُوراً أَي سَقَطَ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً

؛ قيل: خَرُّوا لله سُجَّدًا، وَقِيلَ: إِنهم إِنما خَرُّوا لِيُوسُفَ لِقَوْلِهِ فِي أَوّل السُّورَةِ: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ؛ وَقَوْلُهُ عز وجل: وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً

؛ تأْويله: إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا سَامِعِينَ مُبْصِرِينَ لِمَا أُمروا بِهِ وَنُهُوا عَنْهُ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

بأَيْدِي رِجالٍ لَمْ يَشِيمُوا سُيوفَهُمْ،

وَلَمْ تَكْثُر القَتْلَى بِهَا حِينَ سُلَّتِ

أَي شَامُوا سُيُوفَهُمْ وَقَدْ كَثُرَتِ الْقَتْلَى. وخَرَّ أَيضاً: مَاتَ، وَذَلِكَ لأَن الرَّجُلَ إِذا ماتَ خَرَّ. وَقَوْلُهُ:

بايعتُ رسولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَنْ لَا أَخرَّ إِلَّا قَائِمًا

؛ مَعْنَاهُ أَنْ لَا أَمُوتَ لأَنه إِذا مَاتَ فَقَدْ خَرَّ وَسَقَطَ، وَقَوْلُهُ

إِلَّا قَائِمًا

أَي ثَابِتًا عَلَى الإِسلام؛ وَسُئِلَ إِبراهيم الحَرْبِيُّ عَنْ قَوْلِهِ:

أَنْ لَا أَخِرَّ إِلَّا قَائِمًا

، فَقَالَ: إِني لَا أَقع فِي شَيْءٍ مِنْ تِجَارَتِي وأُموري إِلَّا قمتُ بِهَا مُنْتَصِبًا لَهَا. الأَزهري: وَرُوِيَ

عَنْ حَكِيم بنِ حِزامٍ أَنه أَتى النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أُبايعك أَنْ لَا أَخِرَّ إِلَّا قَائِمًا

، قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ أَن لَا أُغبن وَلَا أَغبن،

فَقَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، لستَ تُغْبَنُ فِي دِينِ اللَّهِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ قِبَلِنا وَلَا بَيْعٍ

؛ قَالَ:

وَقَوْلُ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَما مِنْ قِبَلِنَا فَلَسْتَ تَخِرُّ إِلَّا قَائِمًا

أَي لَسْنَا نَدْعُوكَ وَلَا نُبَايِعُكَ إِلَّا قَائِمًا أَي عَلَى الْحَقِّ؛ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: لَا أَموت إِلَّا مُتَمَسِّكًا بالإِسلام، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا أَقع فِي شَيْءٍ مِنْ تِجَارَتِي وأُموري إِلَّا قمتُ مُنْتَصِبًا لَهُ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا أُغبن وَلَا أَغبن؛ وخَرَّ الميتُ يَخِرُّ خَرِيراً، فَهُوَ خارٌّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً

؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: قَالَ الأَخفش: خَرَّ صَارَ فِي حَالِ سُجُودِهِ؛ قَالَ: وَنَحْنُ نَقُولُ، يَعْنِي الْكُوفِيِّينَ، بِضَرْبَيْنِ بِمَعْنَى سَجَدَ وَبِمَعْنَى مَرَّ مِنَ الْقَوْمِ الخَرَّارَةِ الَّذِينَ هُمُ المارَّةُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُ

؛ ويَجُوزُ أَن تَكُونَ خَرَّ هُنَا بِمَعْنَى وَقَعَ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ بِمَعْنَى مَاتَ. وخُرَّ إِذا أُجْرِيَ. وَرَجُلٌ خارٌّ: عاثِرٌ بَعْدَ استقامةٍ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: وَهُوَ الَّذِي عَسَا بَعْدَ اسْتِقَامَةٍ. والخِرِّيانُ: الجَبَانُ، فِعْلِيانٌ مِنْهُ؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ. والخَرِيرُ: الْمَكَانُ الْمُطَمْئِنُ بَيْنَ الرَّبْوَتَيْنِ يَنْقَادُ، وَالْجَمْعُ أَخِرَّةٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

ص: 235

بأَخِرَّةِ الثَّلَبُوتِ، يَرْبأُ فَوْقَها

قَفْرَ المراقِبِ خَوْفُها آرامُها «3»

. فأَما الْعَامَّةُ فَتَقُولُ أَحزَّة، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وإِنما هُوَ بِالْخَاءِ. والخُرُّ: أَصل الأُذن فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ. والخُرُّ أَيضاً: حَبَّةٌ مدوّرةُ صفَيْراءُ فِيهَا عُلَيْقِمَةٌ يَسِيرَةٌ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ فَارِسِيَّةٌ. وتَخَرْخَرَ بَطْنُه إِذا اضْطَرَبَ مَعَ العِظَمِ، وَقِيلَ: هُوَ اضْطِرَابُهُ مِنَ الْهُزَالِ؛ وأَنشد قَوْلَ الْجَعْدِيِّ:

فأَصْبَحَ صِفْراً بَطْنُه قَدْ تَخَرْخَرَا

وَضَرَبَ يَدَهُ بِالسَّيْفِ فأَخَرَّها أَي أَسقطها؛ عَنْ يَعْقُوبَ. والخُرُّ مِنَ الرَّحَى: اللَّهْوَةُ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُلْقِي فِيهِ الْحِنْطَةَ بِيَدِكَ كالخُرِّيِّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

وخُذْ بِقَعْسَرِيِّها،

وأَلْهِ فِي خُرِّيّها،

تُطْعِمْكَ مِنْ نَفِيِّها

والنَّفِيُّ، بِالْفَاءِ: الطَّحِينُ، وَعَنَى بالقَعْسَرِيّ الْخَشَبَةَ الَّتِي تُدَارُ بِهَا الرَّحَى.

خزر: الخَزَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: كسْرُ الْعَيْنِ بَصَرَها خِلْقَةً وَقِيلَ: هُوَ ضِيقُ الْعَيْنِ وَصِغَرُهَا، وَقِيلَ: هُوَ النَّظَرُ الَّذِي كأَنه فِي أَحد الشِّقَّينِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَفْتَحَ عَيْنَهُ وَيُغْمِضَهَا، وَقِيلَ: الخَزَرُ هُوَ حَوَلُ إِحدى الْعَيْنَيْنِ، والأَحْوَلُ: الَّذِي حَوِلَتْ عَيْنَاهُ جَميعاً، وَقِيلَ: الأَخْزَرُ الَّذِي أَقبلت حَدَقَتاه إِلى أَنفه، والأَحول: الَّذِي ارْتَفَعَتْ حَدَقَتَاهُ إِلى حَاجِبَيْهِ؛ وَقَدْ خَزِرَ خَزَراً، وَهُوَ أَخْزَرُ بَيِّنُ الخَزَرِ، وَقَوْمٌ خُزْرٌ؛ وَيُقَالُ: هُوَ أَن يَكُونَ الإِنسان كأَنه يَنْظُرُ بمُؤْخُرِها؛ قَالَ حَاتِمٌ:

ودُعيتُ فِي أُولى النَّدِيِّ، وَلَمْ

يُنْظَرْ إِلَيَّ بِأَعْيُنٍ خُزْرِ

وتَخازَرَ: نَظَرَ بمُؤْخُرِ عَيْنِهِ. والتَّخازُرُ: استعمالُ الخَزَرِ عَلَى مَا اسْتَعْمَلَهُ سِيبَوَيْهِ فِي بَعْضِ قَوَانِينِ تَفاعَلَ؛ قَالَ:

إِذا تَخازَرْتُ وَمَا بِي مِنْ خَزَرْ

فَقَوْلُهُ وَمَا بِي مِنْ خَزَرٍ يَدُلُّكَ عَلَى أَن التَّخازُرَ هَاهُنَا إِظهار الخَزرِ وَاسْتِعْمَالُهُ. وتَخازَرَ الرجلُ إِذا ضَيَّقَ جَفْنَهُ لِيُحَدِّدَ النَّظَرَ، كَقَوْلِكَ: تعامَى وتَجاهَلَ. ابْنُ الأَعرابي: الشيخ يُخَزِّرُ عَيْنَيْهِ لِيَجْمَعَ الضَّوْءَ حَتَّى كأَنهما خِيطَتَا، والشابُّ إِذا خَزَّرَ عَيْنَيْهِ فإِنه يَتَداهَى بِذَلِكَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

يَا وَيْحَ هَذَا الرأْسِ كَيْفَ اهْتَزَّا،

وحِيصَ مُوقاهُ وقادَ العَنْزَا؟

وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا انْحَنَى مِنَ الكِبَرِ: قادَ العَنْزَ، لأَن قَائِدَهَا يَنْحَنِي. والخَزَرُ: جِيلٌ خُزْرُ الْعُيُونِ. وَفِي حَدِيثِ

حُذَيْفَةَ: كأَني بِهِمْ خُنْسُ الأُنُوف خُزْرُ الْعُيُونِ.

والخُزْرَةُ: انقلابُ الْحَدَقَةِ نَحْوَ اللِّحاظ، وَهُوَ أَقبح الحَوَلِ؛ وَرَجُلٌ خَزَرِي وَقَوْمٌ خُزْرٌ. وخَزَرَهَ يَخْزُرُه خَزْراً: نَظَرَهُ بِلِحاظِ عَيْنِهِ؛ وأَنشد:

لَا تَخْزُرِ القومَ شَزْراً عَنْ مُعارَضَةٍ

وعدوٌّ أَخْزَرُ الْعَيْنِ: يَنْظُرُ عَنْ مُعَارَضَةٍ كالأَخْزَرِ الْعَيْنِ. أَبو عَمْرٍو: الخازِرُ الدَّاهِيَةُ مِنَ الرِّجَالِ. ابْنُ الأَعرابي:

(3). قوله: [بأَخرة الثلبوت] بفتح المثلثة واللام وضم الموحدة وسكون الواو فمثناة فوقية: واد فيه مياه كثيرة لبني نصر بن قعين كما في ياقوت

ص: 236

خَزَر «1» . إِذا تَداهَى، وخَزِرَ إِذا هَرَبَ. والخِنْزِيرُ: مِنَ الْوَحْشِ الْعَادِيِّ مَعْرُوفٌ، مأْخوذ مِنَ الخَزَرِ لأَن ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ؛ وَقِيلَ: هُوَ رُبَاعِيٌّ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي تَرْجَمَتِهِ. والخَزِيرَةُ والخَزِيرُ: اللَّحْمُ الغابُّ يؤْخذ فَيُقَطَّعُ صِغَارًا فِي القِدْرِ ثُمَّ يُطْبَخُ بِالْمَاءِ الْكَثِيرِ وَالْمِلْحِ، فإِذا أُميت طَبْخاً ذرَّ عَلَيْهِ الدَّقِيقَ فَعُصِدَ بِهِ ثُمَّ أُدِمَ بأَيِّ أَدَامٍ شِيءَ، وَلَا تَكُونُ الخَزِيرَةُ إِلا وَفِيهَا لَحْمٌ، فإِذا لَمْ يَكُنْ فِيهَا لَحْمٌ فَهِيَ عَصِيدَة، قَالَ جَرِيرٌ:

وُضِعَ الخَزِيرُ فَقِيلَ: أَيْنَ مُجاشِعُ؟

فَشَحَا جَحافِلَهُ جُرافٌ هِبْلَعُ

وَقِيلَ: الخَزِيرَةُ مَرَقَة، وَهِيَ أَن تُصَفَّى بُلالَةُ النُّخالة ثُمَّ تُطْبَخَ، وَقِيلَ: الخَزِيرَةُ والخَزِيرُ الحَسَا مِنَ الدَّسَمِ وَالدَّقِيقِ، وَقِيلَ: الحَسَا مِنَ الدَّسَمِ؛ قَالَ:

فَتَدْخُلُ أَيْدٍ فِي حَناحِرَ أُقْنِعَتْ،

لِعادَتِها، مِنَ الخَزِيرِ المُعَرَّفِ

أَبو الْهَيْثَمِ: أَنه كَتَبَ عَنْ أَعرابي قَالَ: السَّخِينَةُ دَقِيقٌ يُلْقَى عَلَى مَاءٍ أَو عَلَى لَبَنٍ فَيُطْبَخُ ثُمَّ يُؤْكَلُ بِتَمْرٍ أَو بحَساً، وَهُوَ الحَسَاء، قَالَ: وَهِيَ السَّخُونَةُ أَيضاً، وَهِيَ النَّفِيتَةُ والحُدْرُقَّةُ والخَزِيرَةُ، والحَرِيرَةُ أَرَقُّ مِنْهَا. وَفِي حَدِيثِ

عِتْبان «2» : أَنه حَبَسَ النبي، صلى الله عليه وسلم، عَلَى خَزِيرَةٍ تُصْنَعُ لَهُ

، وَهُوَ مَا فَسَّرْنَاهُ، وَقِيلَ: إِذا كَانَتْ مِنْ لَحْمٍ فَهِيَ خَزِيرَةٌ، وَقِيلَ: إِن كَانَتْ مِنْ دَقِيقٍ فَهِيَ حَرِيرَةٌ، وإِن كَانَتْ مِنْ نُخَالَةٍ فَهِيَ خَزِيرَةٌ. والخُزرَةُ، مِثْلُ الهُمَزة، وَذَكَرَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ فُعَلةٍ: دَاءٌ يأْخذ فِي مُسْتَدَقِّ الظَّهْرِ بِفَقْرَةِ القَطَنِ؛ قَالَ يَصِفُ دَلْوًا:

دَاوِ بِهَا ظَهْرَكَ مِنْ تَوْجاعِه،

مِنْ خُزَراتٍ فِيهِ وانْقِطَاعِه

وَقَالَ: بِهَا يَعْنِي الدَّلْوَ، أَمره أَن يَنْزِعَ بِهَا عَلَى إِبله، وَهَذَا لَعِبٌ منه وهزؤ. والخَيْزَرَى والخَوْزَرَى والخَيْزَلى والخَوْزَلى: مِشْيَةٌ فِيهَا ظَلَعٌ أَو تَفَكُّكٌ أَو تَبَخْتُرٌ؛ قَالَ عُرْوَةُ بنُ الوَرْدِ:

والنَّاشِئات المَاشِيات الخَوْزَرَى،

كَعُنُقِ الآرامِ أَوْفَى أَوْ صَرَى

مَعْنَى أَوفى: أَشرف، وصَرَى: رَفَعَ رأْسه. والخَيْزُرانُ: عُودٌ مَعْرُوفٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الخَيْزُرَانُ نَبَاتٌ لَيِّنُ القُضْبَانِ أَمْلَسُ الْعِيدَانِ لَا يَنْبُتُ بِبِلَادِ الْعَرَبِ إِنما يَنْبُتُ بِبِلَادِ الرُّومِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:

أَتَاني نَصْرُهُمْ، وهُمُ بَعِيدٌ،

بِلادُهُمُ بِلادُ الخَيْزُرانِ

وَذَلِكَ أَنه كَانَ بِالْبَادِيَةِ وَقَوْمُهُ الَّذِينَ نَصَرُوهُ بالأَرياف وَالْحَوَاضِرِ، وَقِيلَ: أَراد أَنهم بَعِيدٌ مِنْهُ كَبُعْدِ بِلَادِ الرُّومِ، وَقِيلَ: كلُّ عُودٍ لَدْنٍ مُتَثَنٍّ خَيْزُرانٌ، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ، وَهُوَ عُرُوقُ القَنَاةِ، وَالْجَمْعُ الخَيازِرُ. والخَيْزُرانُ: الْقَصَبُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ سَحَابًا:

كأَنَّ المَطافِيلَ المَوالِيهَ وَسْطَهُ،

يُجاوِبُهُنَّ الخَيْزُرانُ المُثَقَّبُ

(1). قوله: [ابن الأَعرابي خزر إلخ] الأولى من باب كتب، والثانية من باب فرح لا كما يقتضيه صنيع القاموس من أَنهما من باب كتب، فقد نقل شارحه عن الصاغاني ما ذكرنا

(2)

. قوله: [عتبان] هو ابن مالك، كان إمام قومه فأَنكر بصره، فسأَل النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، أن يصلي في مكان من بيته يتخذه مصلى، ففعل وحبسه على خزيرة صنعها له، كذا بهامش النهاية

ص: 237

وَقَدْ جَعَلَهُ الرَّاجِزُ خَيْزُوراً فَقَالَ:

مُنْطَوِياً كالطَّبقِ الخَيْزُورِ

والخَيْزُرانُ: الرِّمَاحُ لتثنِّيها وَلِينِهَا؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

جَهِلْتُ مِنْ سَعْدٍ وَمِنْ شُبَّانِها،

تَخْطِرُ أَيْدِيها بِخَيْزُرانها

يَعْنِي رِمَاحَهَا. وأَراد جَمَاعَةً تَخْطِرُ أَو عُصْبَةً تَخْطِرُ فَحَذَفَ الْمَوْصُوفَ وأَقام الصِّفَةَ مَقَامَهُ. والخَيْزُرانَةُ: السُّكَّانُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ يَصِفُ الفُراتَ وَقْتَ مَدِّهِ:

يَظَلُّ مِنْ خَوْفِهِ المَلَّاحُ مُعْتَصِماً

بالخَيْزُرانَةِ، بعدَ الأَيْنِ والنَّجَدِ

أَبو عُبَيْدٍ: الخَيْزُرانُ السُّكَّانُ، وَهُوَ كَوْثَلُ السَّفِينَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن الشَّيْطَانَ لَمَّا دَخَلَ سَفِينَةَ نُوحٌ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَالَ: اخْرُجْ يَا عَدُوَّ اللهِ مِنْ جَوْفِها فَصَعِدَ عَلَى خَيْزُرانِ السَّفِينَةِ

؛ هُوَ سُكَّانُها، وَيُقَالُ لَهُ خَيْزُرانَةٌ، وكلُّ غُصْنٍ مُتَثَنٍّ: خَيْزُرانٌ؛ وَمِنْهُ شِعْرُ الْفَرَزْدَقِ فِي عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ زَيْنَ الْعَابِدِينَ، عليه السلام:

فِي كَفِّه خَيْزُرانٌ، رِيحُهُ عَبِقٌ

مِنْ كَفِّ أَرْوَعَ، فِي عِرْنِينِهِ شَمَمُ

المُبَرِّدُ: الخَيْزُرانُ المُرْدِيُّ؛ وأَنشد فِي صِفَةِ المَلَّاحِ:

والخَيْزُرانَةُ فِي يَدِ المَلَّاحِ

يَعْنِي المُرْدِيَّ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: والخَيْزُرانُ كُلُّ غُصْنٍ لَيِّنٍ يَتَثَنَّى. قَالَ: وَيُقَالُ للمُرْدِيِّ خَيْزُران إِذا كَانَ يَتَثَنَّى؛ وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ، فَجُعِلَ المِزمار خَيْزُراناً لأَنه مِنَ الْيَرَاعِ، يَصِفُ الأَسد:

كأَنَّ اهْتِزامَ الرَّعْدِ خالَطَ جَوْفَهُ،

إِذا جَنَّ فِيهِ الخَيْزُرانُ المُثَجَّرُ

والمُثَجَّرُ: المُثَقَّبُ المُفَجَّرُ؛ يَقُولُ: كأَنَّ فِي جَوْفِهِ الْمَزَامِيرَ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: كُلُّ لَيِّنٍ مِنْ كُلِّ خَشَبَةٍ خَيْزُران. قَالَ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ: الخَيْزُرانُ لِجَامُ السَّفِينَةِ الَّتِي بِهَا يَقُومُ السُّكَّانُ، وَهُوَ فِي الذَّنَبِ. وخَيْزَرٌ: اسْمٌ. وخَزَارَى: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:

ونَحْنُ غَداةَ أُوقِدَ فِي خَزَارَى،

رَفَدْنا فوقَ رَفْدِ الرَّافِدِينا

»

. وخازِرٌ: كَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ بَيْنَ إِبراهيم بْنِ الأَشتر وَبَيْنَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، وَيَوْمَئِذٍ قُتِلَ ابْنُ زياد.

خزبزر: خَزَبْزَرٌ: سَيِّءُ الخُلُقِ.

خسر: خَسِرَ خَسَرَ خَسْراً «2» . وخَسَراً وخُسْراناً وخَسَارَةً وخَسَاراً، فَهُوَ خاسِر وخَسِرٌ، كُلُّهُ: ضَلَّ. والخَسَار والخَسارة والخَيْسَرَى: الضَّلَالُ وَالْهَلَاكُ، وَالْيَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ

؛ الْفَرَّاءُ: لَفِي عُقُوبَةٍ بِذَنْبِهِ وأَن يَخْسَر أَهله وَمَنْزِلَهُ فِي الْجَنَّةِ. وَقَالَ عز وجل: خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ

. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَيْسَ مِنَ مُؤْمِنٍ وَلَا كَافِرٍ إِلا وَلَهُ مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ وأَهل وأَزواج، فَمَنْ أَسلم سَعِدَ وَصَارَ إِلى مَنْزِلِهِ، وَمَنْ كَفَرَ صَارَ مَنْزِلُهُ وأَزواجه إِلى مَنْ أَسلم وَسَعِدَ

، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ؛ يَقُولُ: يَرِثُونَ مَنَازِلَ الْكُفَّارِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ*

؛ يَقُولُ: أَهلكوهما؛ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ غَبِنُوهما. ابْنُ الأَعرابي: الْخَاسِرُ الَّذِي ذَهَبَ مَالُهُ وَعَقْلُهُ أَي خَسِرَهُمَا. وخَسِرَ التَّاجِرُ: وُضِعَ فِي تِجَارَتِهِ أَو غَبِنَ،

(1). ويروى: خَزازى في معلقة عمرو بن كلثوم

(2)

. قوله: [خسر خسراً إلخ] ترك مصدرين خسراً، بضم فسكون، وخسراً، بضمتين كما في القاموس

ص: 238

والأَوّل هُوَ الأَصل. وأَخْسَرَ الرجلُ إِذا وَافَقَ خُسْراً فِي تِجَارَتِهِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا

؛ قَالَ الأَخفش: وَاحِدُهُمُ الأَخْسَرُ مِثْلُ الأَكْبَرِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ

؛ ابْنُ الأَعرابي: أَي غَيْرَ إِبعاد مِنَ الْخَيْرِ أَي غَيْرَ تَخْسِيرٍ لَكُمْ لَا لِي. وَرَجُلٌ خَيْسَرَى: خاسِرٌ، وَفِي بَعْضِ الأَسجاع: بفِيهِ البَرَى، وحُمَّى خَيْبَرَى، وشَرُّ مَا يُرَى، فإِنه خَيْسَرَى؛ وَقِيلَ: أَراد خَيْسَرٌ فَزَادَ للإِتباع؛ وَقِيلَ: لَا يُقَالُ خَيْسَرَى إِلا فِي هَذَا السَّجْعِ؛ وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ ذُكِرَ الخَيْسَرَى، وَهُوَ الَّذِي لَا يُجِيبُ إِلى الطَّعَامِ لِئَلَّا يَحْتَاجُ إِلى المكافأَة، وَهُوَ مِنَ الخَسَارِ. والخَسْرُ والخُسْرانُ: النَّقْصُ، وَهُوَ مِثْلُ الفَرْقِ والفُرْقانِ، خَسِرَ يَخْسَرُ «1» . خُسْراناً وخَسَرْتُ الشيءَ، بِالْفَتْحِ، وأَخْسَرْتُه: نَقَصْتُه. وخَسَرَ الوَزْنَ والكيلَ خَسْراً وأَخْسَرَهُ: نَقَصَهُ. وَيُقَالُ: كِلْتُه ووَزَنْتُه فأَخْسَرْته أَي نَقَصْتُهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ

؛ الزَّجَّاجُ: أَي يَنْقُصُون فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ. قَالَ: وَيَجُوزُ فِي اللُّغَةِ يَخْسِرُون، تَقُولُ: أَخْسَرْتُ الميزانَ وخَسَرْتُه، قَالَ: وَلَا أَعلم أَحداً قرأَ يَخْسِرُونَ. أَبو عَمْرٍو: الْخَاسِرُ الَّذِي يُنْقِصُ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِذا أَعطى، وَيَسْتَزِيدُ إِذا أَخذ. ابْنُ الأَعرابي: خَسَرَ إِذا نَقَصَ مِيزَانًا أَو غَيْرَهُ، وخَسِرَ إِذا هَلَكَ. أَبو عُبَيْدٍ: خَسَرْتُ الْمِيزَانَ وأَخْسَرْتُه أَي نَقَصْتُهُ. اللَّيْثُ: الخاسِرُ الَّذِي وُضِعَ فِي تِجَارَتِهِ، وَمَصْدَرُهُ الخَسَارَةُ والخَسْرُ، وَيُقَالُ: خَسِرَتْ تِجَارَتُهُ أَي خَسِرَ فِيهَا، ورَبِحَتْ أَي رَبِحَ فِيهَا. وصَفْقَةٌ خَاسِرَةٌ: غَيْرُ رَابِحَةٍ، وكَرَّةٌ خَاسِرَةٌ: غَيْرُ نَافِعَةٍ. وَفِي التَّهْذِيبِ: وصَفَقَ صَفْقَةً خاسِرَةً أَي غَيْرَ مُرْبِحَةٍ، وكَرَّ كَرَّةً خاسِرَةً أَي غَيْرَ نَافِعَةٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ: تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ

. وقوله عزل وَجَلَّ: وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ

. وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ

؛ الْمَعْنَى: تَبَيَّنَ لَهُمْ خُسْرانُهم لَمَّا رأَوا الْعَذَابَ وإِلَّا فَهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ فِي كُلِّ وَقْتٍ. والتَّخْسِيرُ: الإِهلاك. والخَنَاسِيرُ: الهُلَّاكُ، وَلَا وَاحِدَ لَهُ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:

إِذا مَا نُتِجْنا أَرْبَعاً عامَ كَفْأَةٍ،

بَغَاها خَنَاسِيراً، فأَهْلَكَ أَرْبَعا

وَفِي بَغَاهَا ضَمِيرٌ مِنَ الجَدِّ هُوَ الْفَاعِلُ، يَقُولُ: إِنه شَقِيُّ الجَدِّ إِذا نُتِجَتْ أَربعٌ مِنْ إِبله أَربعَةَ أَولادٍ هَلَكَتْ مِنْ إِبله الكِبار أَربع غَيْرُ هَذِهِ، فَيَكُونُ مَا هَلَكَ أَكثر مِمَّا أَصاب.

خشر: الخُشَارُ والخُشَارَةُ: الرَّدِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِ رَدِيءَ الْمَتَاعِ. وخَشَرَ يَخْشِرُ خَشْراً: نَقَّى الرَّدِيءَ مِنْهُ. ومَخاشِرُ المِنْجَلِ: أَسْنانُه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

تُرَى لَهَا، بعْدَ إِبارَ الآبِرِ،

صُفْرٌ وحُمْرٌ كَبُرُودِ التَّاجِرِ

مآزِرٌ تُطْوَى عَلَى مآزِرِ،

وأَثَرُ المِخْلَبِ ذِي المَخَاشِرِ

يَعْنِي الحَمْلَ. وخَشَرَ خَشْراً: أَبقى عَلَى الْمَائِدَةِ الخُشَارَةَ. والخُشَارَةُ: مَا يَبْقَى عَلَى الْمَائِدَةِ مِمَّا لَا خَيْرَ فِيهِ. وخَشَرْتُ الشَّيْءَ أَخْشِرُه خَشْراً إِذا نَقَّيْتَ مِنْهُ خُشَارَتَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا ذَهَبَ الْخِيَارُ وَبَقِيَتْ خُشارَةٌ كخُشارَةِ الشَّعِيرِ لَا يُبالِي

(1). قوله: [خسر يخسر] من باب فرح، وقوله وخسرت الشيء إلخ من باب ضرب، كما في القاموس

ص: 239

بِهِمُ اللهُ بالَةً

؛ هِيَ الرَّدِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والخُشارَةُ والخُشارُ مِنَ الشَّعِيرِ: مَا لَا لُبَّ لَهُ. وخُشارَةُ النَّاسِ: سَفَلَتُهم، وَفُلَانٌ مِنَ الخُشارَةِ إِذا كَانَ دُونًا؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:

وباعَ بَنِيهِ بعضُهم بِخُشَارَةٍ،

وبِعْتَ لِذُبْيانَ العَلاءَ بِمَالِكَا

يَقُولُ: اشْتَرَيْتَ لِقَوْمِكَ الشَّرَفَ بأَموالك؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ بِمَالِكِ، بِكَسْرِ الْكَافِ، وَهُوَ اسْمُ ابْنٍ لِعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ قَتَلَهُ بَنُو عَامِرٍ فَغَزَاهُمْ عُيَيْنَةُ فأَدرك بثأْره وَغَنِمَ؛ فَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:

فِدًى لابنِ حِصْنٍ مَا أُرِيحَ فإِنه

ثِمالُ اليتامَى، عِصْمَةٌ لِلْمَهَالِكِ

وباعَ بَنِيهِ بعضُهم بِخُشارَةٍ،

وبِعْتَ لِذُبْيانَ العَلاءَ بِمالِكِ

وخَشَرْتُ الشيءَ إِذا أَرْذَلْتَهُ، فَهُوَ مَخْشُورٌ. أَبو عَمْرٍو: الخاشِرَةُ السَّفَلَةُ مِنَ النَّاسِ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي وَزَادَ فَقَالَ: هُمُ الخُشار والبُشارُ والقُشارُ والسُّقاطُ والبُقاطُ والمُقاطُ. ابْنُ الأَعرابي: خَشِرَ إِذا شَرِهَ، وخَشِرَ إِذا هرب جُبْناً.

خصر: الخَصْرُ: وَسَطُ الإِنسان، وَجَمْعُهُ خُصُورٌ. والخَصْرانِ والخاصِرَتانِ: مَا بَيْنَ الحَرْقَفَةِ والقُصَيْرَى، وَهُوَ مَا قَلَصَ عَنْهُ القَصَرَتانِ وَتَقَدَّمَ مِنَ الحَجَبَتَيْنِ، وَمَا فَوْقَ الخَصْرِ مِنَ الْجِلْدَةِ الرقيقةِ: الطِّفْطِفَةِ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ ضَخْمُ الْخَوَاصِرِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنها لمُنْتَفِخَةُ الخَواصِر، كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ خاصِرَةً ثُمَّ جَمَعَ عَلَى هَذَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فَلَمَّا سَقَيْناها العَكِيسَ تَمَذَّحَتْ

خَواصِرُها، وازْدادَ رَشْحاً وَرِيدُها

وكَشْحٌ مُخَصَّرٌ أَي دَقِيقٌ. وَرَجُلٌ مَخْصُورُ الْبَطْنِ وَالْقَدَمِ وَرَجُلٌ مُخَصَّرٌ: ضَامِرُ الخَصْرِ أَو الخاصِرَةِ. ومَخْصُورٌ: يَشْتَكِي خَصْرَهُ أَو خاصِرَتَه. وَفِي الْحَدِيثِ:

فأَصابني خاصِرَةٌ

؛ أَي وَجَعٌ فِي خَاصِرَتِي، وَقِيلَ: وَجَعٌ فِي الكُلْيَتَيْنِ. والاخْتِصارُ والتَّخاصُرُ: أَن يَضْرِبَ الرَّجُلُ يَدَهُ إِلى خَصْرِه فِي الصَّلَاةِ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه نَهَى أَن يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِراً، وَقِيلَ: مُتَخَصِّراً؛ قِيلَ: هُوَ مِنَ المَخْصَرَة؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن يُصَلِّيَ الرَّجُلُ وَهُوَ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَى خَصْرِه. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:

الاخْتِصارُ فِي الصَّلَاةِ راحَةُ أَهل النَّارِ

؛ أَي أَنه فِعْلُ الْيَهُودِ فِي صَلَاتِهِمْ، وَهُمْ أَهل النَّارِ، عَلَى أَنه لَيْسَ لأَهل النَّارِ الَّذِينَ هُمْ خَالِدُونَ فِيهَا رَاحَةٌ؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَثير. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: لَيْسَ الرَّاحَةُ الْمَنْسُوبَةُ لأَهل النَّارِ هِيَ رَاحَتَهُمْ فِي النَّارِ، وإِنما هِيَ رَاحَتُهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ فِي الدُّنْيَا، يَعْنِي أَنه إِذا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى خَصْرِه كأَنه اسْتَرَاحَ بِذَلِكَ، وَسَمَّاهُمْ أَهل النَّارِ لِمَصِيرِهِمْ إِليها لَا لأَن ذَلِكَ رَاحَتُهُمْ فِي النَّارِ. وَقَالَ الأَزهري فِي الْحَدِيثِ الأَوّل: لَا أَدري أَرُوي مُخْتَصِراً أَو مُتَخَصِّراً، وَرَوَاهُ ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ مُخْتَصِرًا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ؛ قَالَ: هُوَ أَن يُصَلِّيَ وَهُوَ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَى خَصْرِهِ؛ قَالَ: وَيُرْوَى فِي كَرَاهِيَتِهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ، قَالَ: وَيُرْوَى فِيهِ الْكَرَاهَةُ عَنْ عَائِشَةَ وأَبي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ أَن يأْخذ بِيَدِهِ عَصًا يَتَّكِئُ عَلَيْهَا؛ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: وَهُوَ أَن يقرأَ آيَةً مِنْ آخِرِ السُّورَةِ أَو آيَتَيْنِ وَلَا يقرأْ سُورَةً بِكَمَالِهَا فِي فَرْضِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

المُتَخَصِّرُون يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمُ النورُ

؛ مَعْنَاهُ الْمُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ فإِذا تَعِبُوا وَضَعُوا أَيديهم عَلَى خَوَاصِرِهِمْ مِنَ التَّعَبِ؛

ص: 240

قَالَ: وَمَعْنَاهُ يَكُونُ أَن يأْتوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَعَهُمْ أَعمال لَهُمْ صَالِحَةٌ يَتَّكِئُونَ عَلَيْهَا، مأْخوذ مِنَ المَخْصَرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَهَى عَنِ اخْتِصارِ السَّجْدَةِ

؛ وَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن يَخْتَصِرَ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا السُّجُودُ فَيَسْجُدَ بِهَا، وَالثَّانِي أَنْ يقرأَ السُّورَةَ فإِذا انْتَهَى إِلى السَّجْدَةِ جَاوَزَهَا وَلَمْ يَسْجُدْ لَهَا. والمُخاصَرَةُ فِي البُضْعِ: أَن يَضْرِبَ بِيَدِهِ إِلى خَصْرها. وخَصْرُ القَدَمِ: أَخْمَصُها. وقَدَمٌ مُخَصَّرَةٌ ومَخْصُورَةٌ: فِي رُسْغِها تَخْصِير، كأَنه مَرْبُوطٌ أَو فِيهِ مَحَزٌّ مُسْتَدِيرٌ كالحَزِّ، وَكَذَلِكَ اليدُ. وَرَجُلٌ مُخَصَّرُ الْقَدَمَيْنِ إِذا كَانَتْ قَدَمُهُ تَمَسُّ الأَرض مِنْ مُقَدَّمِها وعَقِبها ويَخْوَى أَخْمَصُها مَعَ دِقَّةٍ فِيهِ. وخَصْرُ الرَّمْلِ: طَرِيقٌ بَيْنَ أَعلاه وأَسفله فِي الرِّمَالِ خَاصَّةً، وَجَمْعُهُ خُصُورٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:

أَضَرَّ بِهِ ضاحٍ فَنَبْطا أُسَالَةٍ،

فَمَرٌّ فَأَعْلَى حَوْزِها فَخُصُورُها

وَقَالَ الشَّاعِرُ:

أَخَذْنَ خُصُورَ الرَّمْلِ ثُمَّ جَزَعْنَهُ

وخَصْرُ النَّعْلِ: مَا اسْتَدَقَّ مِنْ قُدَّامِ الأُذنين مِنْهَا. ابْنُ الأَعرابي: الخَصْرانِ مِنَ النَّعْلِ مُسْتَدَقُّها. وَنَعْلٌ مُخَصَّرَةٌ: لَهَا خَصْرانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن نَعْلَهُ، عليه السلام، كَانَتْ مُخَصَّرَةً

أَي قُطِعَ خَصْراها حَتَّى صَارَا مُسْتَدِقَّيْنِ. والخاصِرَةُ: الشَّاكِلَةُ. والخَصْرُ مِنَ السَّهْمِ: مَا بَيْنَ أَصل الفُوقِ وَبَيْنَ الرِّيشِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والخَصْرُ: مَوْضِعُ بُيُوتِ الأَعراب، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ خُصُورٌ. غَيْرُهُ: والخَصْرُ مِنْ بُيُوتِ الأَعراب مَوْضِعٌ لَطِيفٌ. وخاصَرَ الرجلَ: مَشَى إِلى جَنْبِهِ. والمُخاصَرَةُ: المُخازَمَةُ، وَهُوَ أَن يأْخذ الرجلُ فِي طَرِيقٍ ويأْخذ الْآخَرُ فِي غَيْرِهِ حَتَّى يَلْتَقِيَا فِي مَكَانٍ. واخْتِصارُ الطَّرِيقِ: سلوكُ أَقْرَبِه. ومُخْتَصَراتُ الطُّرُقِ: الَّتِي تَقْرُبُ فِي وُعُورِها وإِذا سَلَكَ الطَّرِيقَ الأَبعد كَانَ أَسهل. وخاصَرَ الرجلُ صَاحِبَهُ إِذا أَخذ بِيَدِهِ فِي الْمَشْيِ. والمُخاصَرَةُ: أَخْذُ الرَّجُلِ بِيَدِ الرَّجُلِ؛ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ:

ثُمَّ خاصَرْتُها إِلى القُبَّةِ الخَضْراءِ

تَمْشِي فِي مَرْمَرٍ مَسْنُونِ

أَي أَخذت بِيَدِهَا، تَمْشِي فِي مَرْمَرٍ أَي عَلَى مَرْمَرٍ مَسْنُونٍ أَي مُمَلَّسٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ؛ أَي عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ يُرْوَى لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ مَا ذَهَبَ إِليه ثَعْلَبٌ أَنه لأَبي دهْبَلٍ الجُمَحِيِّ، وَرَوَى ثَعْلَبٌ بِسَنَدِهِ إِلى إِبراهيم بْنِ أَبي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَرَجَ أَبو دَهْبَلٍ الْجُمَحِيُّ يُرِيدُ الْغَزْوَ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا جَمِيلًا، فَلَمَّا كَانَ بِجَيْرُونَ جَاءَتْهُ امرأَة فأَعطته كِتَابًا، فَقَالَتْ: اقرأْ لِي هَذَا الْكِتَابَ، فقرأَه لَهَا ثُمَّ ذَهَبَتْ فَدَخَلَتْ قَصراً، ثُمَّ خَرَجَتْ إِليه فَقَالَتْ: لَوْ تَبَلَّغْتَ مَعِي إِلى هَذَا الْقَصْرِ فقرأْت هَذَا الْكِتَابَ عَلَى امرأَة فِيهِ كَانَ لَكَ فِي ذَلِكَ حَسَنَةٌ، إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فإِنه أَتاها مِنْ غَائِبٍ يَعْنِيهَا أَمره. فَبَلَغَ مَعَهَا الْقَصْرَ فَلَمَّا دَخَلَهُ إِذا فِيهِ جوارٍ كَثِيرَةٌ، فأَغلقن عَلَيْهِ الْقَصْرَ، وإِذا امرأَة وَضِيئَةٌ فَدَعَتْهُ إِلى نَفْسِهَا فأَبى، فحُبس وَضُيِّقَ عَلَيْهِ حَتَّى كَادَ يَمُوتُ، ثُمَّ دَعَتْهُ إِلى نَفْسِهَا، فَقَالَ: أَما الْحَرَامُ فو الله لَا يَكُونُ ذَلِكَ وَلَكِنْ أَتزوّجك. فَتَزَوَّجَتْهُ وأَقام مَعَهَا زَمَانًا طَوِيلًا لَا يَخْرُجُ مِنَ الْقَصْرِ حَتَّى يُئس مِنْهُ، وَتَزَوَّجَ بَنُوهُ وَبَنَاتُهُ وَاقْتَسَمُوا مَالَهُ وأَقامت زَوْجَتُهُ تَبْكِي عَلَيْهِ حَتَّى عَمِشَتْ، ثُمَّ إِن أَبا دَهْبَلٍ قَالَ لامرأَته: إِنك قَدْ أَثمت فِيَّ وَفِي وَلَدِي وأَهلي، فأْذني لِي فِي الْمَصِيرِ إِليهم

ص: 241

وأَعود إِليك. فأَخذت عَلَيْهِ الْعُهُودَ أَن لَا يُقِيمَ إِلا سَنَةً، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا وَقَدْ أَعطته مَالًا كَثِيرًا حَتَّى قَدِمَ عَلَى أَهله، فرأَى حَالَ زَوْجَتِهِ وَمَا صَارَتْ إِليه مِنَ الضُّرِّ، فَقَالَ لأَولاده: أَنتم قَدْ وَرِثْتُمُونِي وأَنا حَيٌّ، وَهُوَ حَظُّكُمْ وَاللَّهِ لَا يُشْرِكُ زَوْجَتِي فِيمَا قَدِمْتُ بِهِ مِنْكُمْ أَحد، فَتَسَلَّمَتْ جَمِيعَ مَا أَتى بِهِ، ثُمَّ إِنه اشْتَاقَ إِلى زَوْجَتِهِ الشَّامِيَّةِ وأَراد الْخُرُوجَ إِليها، فَبَلَغَهُ مَوْتُهَا فأَقام وَقَالَ:

صاحِ حَيَّا الإِلَهُ حَيّاً ودُوراً،

عِنْدَ أَصْلِ القَناةِ مِنْ جَيْرُونِ،

طالَ لَيْلِي وبِتُّ كالمَجْنُونِ،

واعْتَرَتْنِي الهُمُومُ بالماطِرُونِ

عَنْ يَسارِي إِذا دَخَلْتُ من البابِ،

وإِن كنتُ خَارِجًا عَنْ يَميني

فَلِتِلْكَ اغْتَرَبْتُ بالشَّامِ حَتَّى

ظَنَّ أَهْلي مُرَجَّماتِ الظُّنُونِ

وهْيَ زَهْرَاءُ، مِثْلُ لُؤْلُؤَةِ

الغَوَّاصِ، مِيْزَتْ مِنْ جوهرٍ مَكنُونِ

وإِذا مَا نَسَبْتَها، لَمْ تَجِدْها

فِي سنَاءٍ مِنَ المَكارِم دونِ

تَجْعَلُ المِسْكَ واليَلَنْجُوجَ والنَّدَّ

صِلاءً لَهَا عَلَى الكانُونِ

ثُمَّ خاصَرْتُها إِلى القُبَّةِ الخَضْراءِ

تَمْشِي فِي مَرْمَرٍ مَسْنُونِ

قُبَّةٌ مِنْ مَراجِلٍ ضَرَبَتْها،

عِنْدَ حدِّ الشِّتاء فِي قَيْطُونِ

ثُمَّ فارَقْتُها عَلَى خَيْرِ ما كانَ

قَرِينٌ مُفارِقاً لِقَرِينِ

فبَكَتْ خَشْيَةَ التَّفَرُّقِ للبَيْنِ،

بُكاءَ الحَزِين إِثْرَ الحَزِينِ

قَالَ: وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى مَا يَشْهَدُ أَيضاً بأَنه لأَبي دَهْبَلٍ أَن يَزِيدَ قَالَ لأَبيه مُعَاوِيَةَ: إِن أَبا دَهْبَلٍ ذَكَرَ رَمَلَةَ ابْنَتَكَ فَاقْتُلْهُ، فَقَالَ: أَيّ شَيْءٍ قَالَ؟ فَقَالَ: قَالَ:

وهي زهراء، مثل لؤلؤة

الغَوّاص، مِيزَتْ مِنْ جَوْهَرٍ مَكْنُونِ

فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَحسن، قَالَ: فَقَدْ قَالَ:

وإِذا مَا نَسَبْتَهَا، لَمْ تَجِدْهَا

فِي سَنَاءٍ مِنَ الْمَكَارِمِ دُونِ

فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: صَدَقَ؛ قَالَ: فَقَدْ قَالَ:

ثُمَّ خَاصَرْتُهَا إِلى الْقُبَّةِ الخضراء

تَمْشِي فِي مَرْمَرٍ مَسْنُونِ

فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: كَذَبَ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي سَعِيدٍ وَذِكْرِ صَلَاةِ الْعِيدِ

: فَخَرَجَ مُخاصِراً مَرْوانَ؛ الْمُخَاصَرَةُ: أَن يأْخذ الرَّجُلُ بِيَدِ رَجُلٍ آخَرَ يَتَمَاشَيَانِ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ خَصْرِ صَاحِبِهِ. وتَخَاصَرَ القومُ: أَخذ بَعْضُهُمْ بِيَدِ بَعْضٍ. وَخَرَجَ الْقَوْمُ مُتَخَاصِرِينَ إِذا كَانَ بَعْضُهُمْ آخِذًا بِيَدِ بَعْضٍ. والمِخْصَرَةُ: كَالسَّوْطِ، وَقِيلَ: الْمِخَصَرَةُ شَيْءٌ يأْخذه الرَّجُلُ بِيَدِهِ لِيَتَوَكَّأَ عَلَيْهِ مِثْلَ الْعَصَا وَنَحْوِهَا، وَهُوَ أَيضاً مِمَّا يأْخذه الملك يشير بِهِ إِذا خَطَبَ؛ قَالَ:

يَكادُ يُزِيلُ الأَرضَ وَقْعُ خِطابِهِمْ،

إِذا وصَلُوا أَيْمانَهُمْ بالمَخاصِرِ

واخْتَصَرَ الرَّجُلُ: أَمسك المِخْصَرَةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، خَرَجَ إِلى الْبَقِيعِ وَبِيَدِهِ مِخْصَرَةٌ لَهُ فَجَلَسَ فَنَكَتَ بِهَا فِي الأَرض

؛ أَبو عُبَيْدٍ: المِخْصَرَةُ مَا اخْتَصَر الإِنسانُ بِيَدِهِ

ص: 242

فأَمسكه مِنْ عَصًا أَو مِقْرَعَةٍ أَو عَنَزَةٍ أَو عُكَّازَةٍ أَو قَضِيبٍ وَمَا أَشبهها، وَقَدْ يتكأُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فإِذا أَسلموا فاسْأَلْهُمْ قُضُبَهُمُ الثلاثةَ الَّتِي إِذا تَخَصَّرُوا بِهَا سُجِدَ لَهُمْ

؛ أَي كَانُوا إِذا أَمسكوها بأَيديهم سَجَدَ لَهُمْ أَصحابهم، لأَنهم إِنما يُمْسِكُونَهَا إِذا ظَهَرُوا لِلنَّاسِ. والمِخْصَرَةُ: كَانَتْ مِنْ شِعَارِ الْمُلُوكِ، وَالْجَمْعُ الْمَخَاصِرُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَلِيٍّ وَذَكَرَ عُمَرَ، رضي الله عنهما، فَقَالَ: واخْتَصَرَ عَنَزَتَهُ

؛ الْعَنَزَةُ شِبْهَ الْعُكَّازَةِ. وَيُقَالُ: خاصَرْتُ الرجلَ وخازَمْتُه، وَهُوَ أَن تأْخذ فِي طَرِيقٍ ويأْخذ هُوَ فِي غَيْرِهِ حَتَّى تَلْتَقِيَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ. ابْنُ الأَعرابي: المُخَاصَرَةُ أَن يَمْشِيَ الرَّجُلَانِ ثُمَّ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَلْتَقِيَا عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ. واخْتِصارُ الْكَلَامِ: إِيجازه. وَالِاخْتِصَارُ فِي الْكَلَامِ: أَن تَدَعَ الْفُضُولَ وتَسْتَوْجِزَ الَّذِي يأْتي عَلَى الْمَعْنَى، وَكَذَلِكَ الِاخْتِصَارُ فِي الطَّرِيقِ. وَالِاخْتِصَارُ فِي الجَزِّ: أَن لَا تستأْصله. والاختصارُ: حذفُ الْفُضُولِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والخُصَيْرَى: كَالِاخْتِصَارِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

وَفِي الخُصَيْرَى، أَنت عِنْدَ الوُدِّ

كَهْفُ تَمِيم كُلِّها وسَعْدِ

والخَصَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: البَرْدُ يَجِدُهُ الإِنسان فِي أَطرافه. أَبو عُبَيْدٍ: الخَصِرُ الَّذِي يَجِدُ الْبَرْدَ، فإِذا كَانَ مَعَهُ جُوعٌ فَهُوَ خَرِصٌ. والخَصِرُ: البارِدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وثَغْرٌ بَارِدُ المُخَصَّرِ: المُقَبَّلِ. وخَصِرَ الرجلُ إِذا آلَمَهُ الْبَرْدُ فِي أَطرافه؛ يقال: خَصِرَتْ يَدِي. وخَصِرَ يَوْمُنَا: اشْتَدَّ برده؛ قال الشاعر:

رُبَّ خالٍ ليَ، لَوْ أَبْصَرْتَهُ،

سَبِط المِشْيَةِ فِي اليومِ الخَصِر

وَمَاءٌ خَصِرٌ: بارِدٌ.

خضر: الخُضْرَةُ مِنَ الأَلوان: لَوْنُ الأَخْضَرِ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَقْبَلُهُ، وَحَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي فِي الْمَاءِ أَيضاً، وَقَدِ اخْضَرَّ، وَهُوَ أَخْضَرُ وخَضُورٌ وخَضِرٌ وخَضِيرٌ ويَخْضِيرٌ ويَخْضُورٌ؛ واليَخْضُورُ: الأَخْضَرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ كِنَاسَ الوَحْشِ:

بالخُشْبِ، دونَ الهَدَبِ اليَخْضُورِ،

مَثْواةُ عَطَّارِينَ بالعُطُورِ

والخَضْرُ والمَخْضُورُ: اسْمَانِ للرَّخْصِ مِنَ الشَّجَرِ إِذا قُطِعَ وخُضِرَ. أَبو عُبَيْدٍ: الأَخْضَرُ مِنَ الْخَيْلِ الدَّيْزَجُ فِي كَلَامِ الْعَجَمِ؛ قَالَ: وَمِنَ الخُضْرَةِ فِي أَلوان الْخَيْلِ أَخْضَرُ أَحَمُّ، وَهُوَ أَدنى اللخُضْرَةِ إِلى الدُّهْمَةِ وأَشَدُّ الخُضْرَةِ سَواداً غَيْرَ أَنَّ أَقْرابَهُ وَبَطْنَهُ وأُذنيه مُخْضَرَّةٌ؛ وأَنشد:

خَضْراء حَمَّاء كَلَوْنِ العَوْهَقِ

قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَ الأَخضر الأَحمّ وَبَيْنَ الأَحوى إِلَّا خُضْرَةُ مَنْخَرَيْهِ وَشَاكِلَتُهُ، لأَن الأَحوى تَحْمَرُّ مَنَاخِرُهُ وَتَصْفَرُّ شَاكِلَتُهُ صُفْرَةً مُشَاكَلَةً لِلْحُمْرَةِ؛ قَالَ: وَمِنَ الْخَيْلِ أَخضر أَدغم وأَخضر أَطحل وأَخضر أَورق. والحمامُ الوُرْقُ يُقَالُ لَهَا: الخُضْرُ. واخْضَرَّ الشَّيْءُ اخْضِراراً واخْضَوْضَرَ وخَضَّرْتُه أَنا، وكلُّ غَضٍّ خَضِرٌ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً

؛ قال: خَضِراً هاهنا بِمَعْنَى أَخْضَر. يُقَالُ: اخْضَرَّ، فَهُوَ أَخْضَرُ وخَضِرٌ، مِثْلُ اعْوَرَّ فَهُوَ أَعور وعَوِرٌ؛ وَقَالَ الأَخفش: يُرِيدُ الأَخضر، كَقَوْلِ الْعَرَبِ: أَرِنِيها نَمِرةً أُرِكْها مَطِرَةً؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الخَضِرُ هاهنا الزَّرْعُ الأَخضر. وشَجَرَةٌ خَضْراءُ: خَضِرَةٌ غَضَّةٌ. وأَرض خَضِرَةٌ ويَخْضُورُ: كَثِيرَةُ

ص: 243

الخُضْرَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الخُضَيْرَةُ تَصْغِيرُ الخُضْرَةِ، وَهِيَ النَّعْمَةُ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: لَيْسَتْ لِفُلَانٍ بخَضِرَةٍ أَي لَيْسَتْ لَهُ بِحَشِيشَةٍ رَطْبَةٍ يأْكلها سَرِيعًا. وَفِي صِفَتِهِ، صلى الله عليه وسلم: أَنه كَانَ أَخْضَرَ الشَّمَط، كَانَتِ الشَّعَرَاتُ الَّتِي شَابَتْ مِنْهُ قَدِ اخْضَرَّتْ بِالطِّيبِ والدُّهْن المُرَوَّح. وخَضِرَ الزرعُ خَضَراً: نَعِمَ؛ وأَخْضَرَهُ الرِّيُّ. وأَرضٌ مَخْضَرَةٌ، عَلَى مِثَالِ مَبْقَلَة: ذَاتُ خُضْرَةٍ؛ وَقُرِئَ: فتُصْبِحُ الأَرضُ مَخْضَرَةً. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: أَنه خَطَبَ بِالْكُوفَةِ فِي آخِرِ عُمْرِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِمْ فَتَى ثَقِيفٍ الذّيَّالَ المَيَّالَ يَلْبَسُ فَرْوَتَهَا ويأْكل خَضِرَتَها

، يَعْنِي غَضَّها وناعِمَها وهَنِيئَها. وَفِي حَدِيثِ الْقَبْرِ:

يُملأُ عَلَيْهِ خَضِراً

؛ أَي نِعَماً غَضَّةً. واخْتَضَرْتُ الكَلأَ إِذا جَزَزْتَهُ وَهُوَ أَخْضَرُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ إِذا مَاتَ شَابًّا غَضّاً: قَدِ اخْتُضِرَ، لأَنه يُؤْخَذُ فِي وَقْتِ الحُسْنِ والإِشراق. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مُدْهامَّتانِ؛ قَالُوا: خَضْراوَانِ لأَنهما تَضْرِبَانِ إِلى السَّوَادِ مِنْ شِدَّةِ الرِّيِّ، وَسَمِّيَتْ قُرَى الْعِرَاقِ سَواداً لِكَثْرَةِ شَجَرِهَا وَنَخِيلِهَا وَزَرْعِهَا. وَقَوْلُهُمْ: أَباد اللهُ خَضْراءَهُمْ أَي سوادَهم ومُعظَمَهُمْ، وأَنكره الأَصمعي وَقَالَ: إِنما يُقَالُ: أَباد اللَّهُ غَضْرَاءَهُمْ أَي خَيْرَهُمْ وغَضَارَتَهُمْ. واخْتُضِرَ الشيءُ: أُخذ طَرِيًّا غَضًّا. وشابٌّ مُخْتَضَرٌ: مَاتَ فَتِيًّا. وَفِي بَعْضِ الأَخبار: أَن شَابًّا مِنَ الْعَرَبِ أُولِعَ بِشَيْخٍ فَكَانَ كُلَّمَا رَآهُ قال: أَجْزَرْتَ يَا أَبا فُلَانٍ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: أَي بُنَيَّ، وتُخْتَضَرُونَ أَي تُتَوَفَّوْنَ شَبَابًا؛ وَمَعْنَى أَجْزَزْتَ: أَنَى لَكَ أَن تُجَزَّ فَتَمُوتَ، وأَصل ذَلِكَ فِي النَّبَاتِ الْغَضِّ يُرْعى ويُخْتَضَرُ ويُجَزُّ فَيُؤْكَلُ قَبْلَ تَنَاهِي طُولِهِ. وَيُقَالُ: اخْتَضَرْتُ الْفَاكِهَةَ إِذا أَكلتها قَبْلَ أَناها. واخْتَضَرَ البعيرَ: أَخذه من الإِبل وهو صَعْبٌ لَمْ يُذَلَّل فَخَطَمَهُ وَسَاقَهُ. وَمَاءٌ أَخْضَرُ: يَضْرِبُ إِلى الخُضْرَةِ مِنْ صَفائه. وخُضارَةُ، بِالضَّمِّ: الْبَحْرُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِخُضْرَةِ مَائِهِ، وَهُوَ مُعْرِفَةٌ لَا يُجْرَى، تَقُولُ: هَذَا خُضَارَةُ طامِياً. ابْنُ السِّكِّيتِ: خُضارُ مَعْرِفَةٌ لَا يَنْصَرِفُ، اسْمُ الْبَحْرِ. والخُضْرَةُ والخَضِرُ والخَضِيرُ: اسْمٌ لِلْبَقْلَةِ الخَضْراءِ؛ وَعَلَى هَذَا قَوْلُ رُؤْبَةَ:

إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسَا،

نأْكُلُ بَعْدَ الخُضْرَةِ اليَبِيسَا

وَقَدْ قِيلَ إِنه وضع الاسم هاهنا مَوْضِعَ الصِّفَةِ لأَن الخُضْرَةَ لَا تُؤْكَلُ، إِنما يُؤْكَلُ الْجِسْمُ الْقَابِلُ لَهَا. وَالْبُقُولُ يُقَالُ لَهَا الخُضَارَةُ والخَضْرَاءُ، بالأَلف وَاللَّامِ؛ وَقَدْ ذَكَرَ طَرَفَةُ الخَضِرَ فَقَالَ:

كَبَنَاتِ المَخْرِ يَمْأَدْنَ، إِذا

أَنْبَتَ الصَّيْفُ عَسالِيجَ الخَضِرْ

وَفِي فَصْلِ الصَّيْفِ تَنْبُتُ عَسالِيجُ الخَضِرِ مِنَ الجَنْبَةِ، لَهَا خَضَرٌ فِي الْخَرِيفِ إِذا بَرُدَ اللَّيْلُ وَتَرَوَّحَتِ الدَّابَّةُ، وَهِيَ الرَّيَّحَةُ والخِلْفَةُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ للخَضِرِ مِنَ الْبُقُولِ: الخَضْراءُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

تَجَنَّبُوا مِنْ خَضْرائكم ذَواتِ الرِّيحِ

؛ يَعْنِي الثُّومَ وَالْبَصَلَ وَالْكُرَّاثَ وَمَا أَشبهها. والخَضِرَةُ أَيضاً: الخَضْراءُ مِنَ النَّبَاتِ، وَالْجَمْعُ خَضِرٌ. والأَخْضارُ: جَمْعُ الخَضِرِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وَيُقَالُ للأَسود أَخْضَرُ. والخُضْرُ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ، سُمُّوا بِذَلِكَ لخُضْرَةِ أَلوانهم؛ وإِياهم عَنَى الشَّمَّاخُ بِقَوْلِهِ:

وحَلَّأَها عَنْ ذِي الأَراكَةِ عامِرٌ،

أَخُو الخُضْرِ يَرْمي حيثُ تُكْوَى النَّواحِزُ

ص: 244

والخُضْرَةُ فِي أَلوان النَّاسِ: السُّمْرَةُ؛ قَالَ اللَّهَبِيُّ:

وأَنا الأَخْضَرُ، مَنْ يَعْرِفُني؟

أَخْضَرُ الجِلْدَةِ في بيتِ العَرَبْ

يَقُولُ: أَنا خَالِصٌ لأَن أَلوان الْعَرَبِ السُّمْرَةُ؛ التَّهْذِيبُ: فِي هَذَا الْبَيْتِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه أَراد أَسود الْجِلْدَةِ؛ قَالَ: قَالَهُ أَبو طَالِبٍ النَّحْوِيُّ، وَقِيلَ: أَراد أَنه مِنْ خَالِصِ الْعَرَبِ وَصَمِيمِهِمْ لأَن الْغَالِبَ عَلَى أَلوان الْعَرَبِ الأُدْمَةُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: نَسَبَ الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ لِلَّهَبِيِّ، وَهُوَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عُتْبَة بْنِ أَبي لَهَبٍ، وأَراد بِالْخُضْرَةِ سُمْرَةَ لَوْنِهِ، وإِنما يُرِيدُ بِذَلِكَ خُلُوصَ نَسَبِهِ وأَنه عَرَبِيٌّ مَحْضٌ، لأَن الْعَرَبَ تَصِفُ أَلوانها بِالسَّوَادِ وَتَصِفُ أَلوان الْعَجَمِ بِالْحُمْرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

بُعثت إِلى الأَحمر والأَسود

؛ وَهَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ هُوَ الَّذِي أَراده مِسْكِينُ الدَّارِمِيُّ فِي قَوْلِهِ:

أَنا مِسْكِينٌ لِمَنْ يَعْرِفُني،

لَوْنِيَ السُّمْرَةُ أَلوانُ العَرَبْ

وَمِثْلُهُ قَوْلُ مَعْبَدِ بْنِ أَخْضَرَ، وَكَانَ يُنْسَبُ إِلى أَخْضَرَ، وَلَمْ يَكُنْ أَباه بَلْ كَانَ زَوْجَ أُمه، وإِنما هُوَ مَعْبَدُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْمَازِنِيُّ:

سَأَحْمِي حِماءَ الأَخْضَرِيِّينَ، إِنَّهُ

أَبى الناسُ إِلا أَن يَقُولُوا ابْنَ أَخْضَرا

وَهَلْ لِيَ فِي الحُمْرِ الأَعاجِمِ نِسْبَةٌ،

فآنَفَ مِمَّا يَزْعُمُونَ وأُنْكِرا؟

وَقَدْ نَحَا هَذَا النَّحْوَ أَبو نُوَاسٍ فِي هِجَائِهِ الرَّقَاشِيَّ وَكَوْنِهِ دَعِيّاً:

قلتُ يوماً للرَّقاشِيِّ،

وَقَدْ سَبَّ الْمَوَالِيَ:

مَا الذي نَحَّاكَ عن

أَصْلِكَ مِنْ عَمٍّ وخالِ؟

قَالَ لِي: قَدْ كنتُ مَوْلًى

زَمَناً ثُمَّ بَدَا لِي

أَنا بالبَصْرَةِ مَوْلًى،

عَرَبِيٌّ بالجبالِ

أَنا حَقّاً أَدَّعِيهِمْ

بِسَوادِي وهُزالي

والخَضِيرَةُ مِنَ النَّخْلِ: الَّتِي يَنْتَثِرُ بُسْرُها وَهُوَ أَخضر؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ اشْتِرَاطِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ:

أَنه لَيْسَ لَهُ مِخْضَارٌ

؛ المِخضارُ: أَن يَنْتَثِرَ الْبُسْرُ أَخْضَرَ. والخَضِيرَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي لَا تَكَادُ تُتِمُّ حَمْلًا حَتَّى تُسْقِطَه؛ قَالَ:

تَزَوَّجْتَ مِصْلاخاً رَقُوباً خَضِيرَةً،

فَخُذْها عَلَى ذَا النَّعْتِ، إِن شِئتَ، أَوْ دَعِ

والأُخَيْضِرُ: ذبابٌ أَخْضَرُ عَلَى قَدْرِ الذِّبَّان السُّودِ. والخَضْراءُ مِنَ الْكَتَائِبِ نَحْوَ الجَأْواءِ، وَيُقَالُ: كَتِيبَةٌ خَضْراءٌ لِلَّتِي يَعْلُوهَا سَوَادُ الْحَدِيدِ. وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ:

مَرَّ رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فِي كَتِيبَتِهِ الْخَضْرَاءِ

؛ يُقَالُ: كَتِيبَةٌ خَضْرَاءُ إِذا غَلَبَ عَلَيْهَا لِبْسُ الْحَدِيدِ، شَبَّهَ سَوَادَهُ بالخُضْرَةِ، وَالْعَرَبُ تُطْلِقُ الْخُضْرَةَ عَلَى السَّوَادِ. وفي حديث

الحرث بْنِ الحَكَمِ: أَنه تَزَوَّجَ امرأَة فَرَآهَا خَضْراءَ فَطَلَّقَهَا

أَي سَوْدَاءَ. وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ:

أُبيدَتْ خَضْراءُ قُرَيْشٍ

؛ أَي دُهَمَاؤُهُمْ وسوادُهم؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:

فَأُبِيدَتْ خَضْراؤهُمْ.

والخَضْراءُ: السَّمَاءُ لخُضْرَتِها؛ صِفَةٌ غَلَبَتْ غَلَبَةَ الأَسماء. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَا أَظَلَّتِ الخَضْراءُ وَلَا أَقَلَّتِ الغَبْراءُ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبي ذَرٍّ

؛ الخَضْراءُ: السَّمَاءُ، وَالْغَبْرَاءُ: الأَرض.

ص: 245

التَّهْذِيبُ: وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ الْحَدِيدَ أَخضر وَالسَّمَاءَ خَضْرَاءَ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ أَخْضَرُ الْقَفَا، يَعْنُونَ أَنه وَلَدَتْهُ سَوْدَاءُ. وَيَقُولُونَ لِلْحَائِكِ: أَخْضَرُ الْبَطْنِ لأَن بَطْنَهُ يَلْزَقُ بِخَشَبَتِهِ فَتُسَوِّدُه. وَيُقَالُ لِلَّذِي يأْكل الْبَصَلَ وَالْكُرَّاثَ: أَخْضَرُ النَّواجِذِ. وخُضْرُ غَسَّانَ وخُضْرُ مُحارِبٍ: يُرِيدُونَ سَوَادَ لَونهم. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ خُضِّرَ لَهُ فِي شَيْءٍ فَلْيَلْزَمْه

؛ أَي بِوِرْكَ لَهُ فِيهِ وَرُزِقَ مِنْهُ، وَحَقِيقَتُهُ أَن تَجْعَلَ حَالَتَهُ خَضْرَاءَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

إِذا أَراد اللَّهُ بِعَبْدٍ شَرًّا أَخْضَرَ لَهُ فِي اللَّبِنِ وَالطِّينِ حَتَّى يَبْنِيَ.

والخَضْرَاءُ مِنَ الحَمَامِ: الدَّواجِنُ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَلوانها، لأَن أَكثر أَلوانها الْخُضْرَةُ. التَّهْذِيبُ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الدَّوَاجِنُ الخُضْرَ، وإِن اخْتَلَفَتْ أَلوانها، خُصُوصًا بِهَذَا الِاسْمِ لِغَلَبَةِ الوُرْقَةِ عَلَيْهَا. التَّهْذِيبُ: وَمِنَ الْحَمَامِ مَا يَكُونُ أَخضر مُصْمَتاً، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ أَحمر مُصْمَتًا، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ أَبيض مُصْمَتًا، وضُروبٌ مِنْ ذَلِكَ كُلُّها مُصْمَتٌ إِلا أَن الْهِدَايَةَ للخُضْرِ والنُّمْرِ، وسُودُها دُونَ الخُضْرِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَعْرِفَةِ. وأَصلُ الخُضْرَةِ للرَّيْحان وَالْبُقُولِ ثُمَّ قَالُوا لَلَيْلٌ أَخضر، وأَما بِيضُ الْحَمَامِ فَمَثَلُهَا مَثَلُ الصِّقْلابيِّ الَّذِي هُوَ فَطِيرٌ خامٌ لَمْ تُنْضِجْهُ الأَرحام، والزَّنْجُ جازَتْ حَدَّ الإِنضاج حَتَّى فَسَدَتْ عُقُولُهُمْ. وخَضْرَاءُ كُلِّ شَيْءٍ: أَصلُه. واخْتَضَرَ الشيءَ: قَطَعَهُ مِنْ أَصله. واخْتَضَرَ أُذُنَهُ: قَطَعَهَا مِنْ أَصلها. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: اخْتَضَرَ أُذنه قَطَعَهَا. وَلَمْ يَقُلْ مِنْ أَصلها. الأَصمعي: أَبادَ اللهُ «2» . خَضْراءَهُم أَي خَيْرَهُمْ وغَضَارَتَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَباد اللَّهُ خَضْرَاءَهُم، قَالَ: وأَنكرها الأَصمعي وَقَالَ إِنما هِيَ غَضْراؤُهم. الأَصمعي: أَباد اللَّهُ خَضْراءَهم، بِالْخَاءِ، أَي خِصْبَهُمْ وسَعَتَهُمْ؛ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ:

بِخالِصَةِ الأَرْدانِ خُضْرِ المَناكِبِ

أَراد بِهِ سَعَةَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الخِصْبِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَذهب اللَّهُ نَعِيمَهُمْ وخِصْبَهم؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ عُتبة بْنِ أَبي لَهَبٍ:

وأَنا الأَخضر، مَنْ يَعْرِفُنِي؟

أَخضر الْجِلْدَةِ فِي بَيْتِ الْعَرَبِ

قَالَ: يُرِيدُ بِاخْضِرَارِ الْجِلْدَةِ الْخِصْبُ وَالسَّعَةُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَباد اللَّهُ خَضْرَاءَهُمْ أَي سَوَادَهُمْ وَمُعْظَمَهُمْ. والخُضْرَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ: سَوَادٌ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:

يَا ناقُ خُبِّي خَبَباً زِوَرَّا،

وقَلِّبي مَنْسِمَكِ المُغْبَرَّا،

وعارِضِي الليلَ إِذا مَا اخْضَرَّا

أَراد أَنه إِذا مَا أَظلم. الْفَرَّاءُ: أَباد اللَّهُ خَضْرَاءَهُمْ أَي دُنْيَاهُمْ، يُرِيدُ قَطَعَ عَنْهُمُ الْحَيَاةَ. والخُضَّارَى: الرِّمْثُ إِذا طَالَ نَبَاتُهُ، وإِذا طَالَ الثُّمامُ عَنِ الحُجَنِ سُمِّيَ خَضِرَ الثُّمامِ ثُمَّ يَكُونُ خَضِراً شَهْرًا. والخَضِرَةُ: بُقَيْلَةٌ، وَالْجَمْعُ خَضِرٌ؛ قَالَ ابنُ مُقْبل:

يَعْتادُها فُرُجٌ مَلْبُونَةٌ خُنُفٌ،

يَنْفُخْنَ فِي بُرْعُمِ الحَوْذَانِ والخَضِرِ

والخَضِرَةُ: بَقْلَةٌ خَضْرَاءُ خَشْنَاءُ وَرَقُهَا مِثْلُ وَرَقِ الدُّخْنِ وَكَذَلِكَ ثَمَرَتُهَا، وَتَرْتَفِعُ ذِرَاعًا، وَهِيَ تملأُ فَمَ الْبَعِيرِ. وَرُوِيَ

عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: إِن أَخْوَفَ مَا أَخاف عَلَيْكُمُ بَعْدِي مَا يَخْرُجُ لَكُمْ مِنْ

(2). قوله: [الأصمعي أباد الله إلخ] هكذا بالأصل، وعبارة شرح القاموس: ومنه قولهم أَبَادَ اللَّهُ خَضْرَاءَهُمْ أَي سَوَادَهُمْ وَمُعْظَمَهُمْ، وَأَنْكَرَهُ الْأَصْمَعِيُّ وَقَالَ: إِنَّمَا يُقَالُ أَبَادَ اللَّهُ غَضْرَاءَهُمْ أَيْ خَيْرَهُمْ وغضارتهم. وقال الزمخشري: أَبَادَ اللَّهُ خَضْرَاءَهُمْ أَيْ شجرتهم التي منها تفرعوا، وجعله من المجاز، وقال الفراء أَيْ دُنْيَاهُمْ، يُرِيدُ قَطَعَ عنهم الحياة؛ وقال غيره أَذْهَبَ اللَّهُ نَعِيمَهُمْ وَخِصْبَهُمْ

ص: 246

زَهْرَةِ الدُّنْيَا، وإِن مِمَّا يُنْبِتُ الربيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطاً أَو يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الخَضِرِ، فإِنها أَكَلَتْ حَتَّى إِذا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ ثُمَّ رَتَعَتْ، وإِنما هَذَا المالُ خَضِرٌ حُلْوٌ، ونِعْمَ صاحبُ المُسْلِمِ هُوَ أَن أَعطى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ

؛ وَتَفْسِيرُهُ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، قَالَ: والخَضِرُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ضَرْبٌ مِنَ الجَنْبَةِ، وَاحِدَتُهُ خَضِرَةٌ، والجَنْبَةُ مِنَ الكلإِ: مَا لَهُ أَصل غَامِضٌ فِي الأَرض مِثْلُ النَّصِيّ والصِّلِّيانِ، وَلَيْسَ الخَضِرُ مِنْ أَحْرَارِ البُقُول الَّتِي تَهِيج فِي الصَّيْفِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا حَدِيثٌ يَحْتَاجُ إِلى شَرْحِ أَلفاظه مُجْتَمِعَةً، فإِنه إِذا فُرِّقَ لَا يَكَادُ يُفْهَمُ الْغَرَضَ مِنْهُ. الحبَط، بِالتَّحْرِيكِ: الْهَلَاكُ، يُقَالُ: حَبِطَ يَحْبَطُ حَبَطاً، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَاءِ؛ ويُلِمُّ: يَقْرُبُ وَيَدْنُو مِنَ الْهَلَاكِ، والخَضِرُ، بِكَسْرِ الضَّادِ: نَوْعٌ مِنَ الْبُقُولِ لَيْسَ مِنْ أَحرارها وجَيِّدها؛ وثَلَطَ البعيرُ يَثْلِطُ إِذا أَلقى رَجِيعَهُ سَهْلًا رَقِيقًا؛ قَالَ: ضَرَبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَثَلَيْنِ: أَحدهما للمُفْرِط فِي جَمْعِ الدُّنْيَا وَالْمَنْعِ مِنْ حَقِّهَا، وَالْآخَرُ لِلْمُقْتَصِدِ فِي أَخذها وَالنَّفْعِ بِهَا، فَقَوْلُهُ

إِن مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطًا أَو يلمُ

فإِنه مَثَلٌ لِلْمُفَرِطِ الَّذِي يأْخذ الدُّنْيَا بِغَيْرِ حَقِّهَا، وَذَلِكَ لأَن الرَّبِيعَ يُنْبِتُ أَحرار الْبُقُولِ فَتَسْتَكْثِرُ الْمَاشِيَةُ مِنْهُ لَاسْتَطَابَتِهَا إِياه حَتَّى تَنْتَفِخَ بُطُونُهَا عِنْدَ مُجَاوَزَتِهَا حَدَّ الِاحْتِمَالِ، فَتَنْشَقُّ أَمعاؤها مِنْ ذَلِكَ فَتَهْلِكُ أَو تُقَارِبُ الْهَلَاكَ، وَكَذَلِكَ الَّذِي يَجْمَعُ الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ حِلِّهَا وَيَمْنَعُهَا مُسْتَحِقَّهَا، قَدْ تَعَرَّضَ لِلْهَلَاكِ فِي الْآخِرَةِ بِدُخُولِ النَّارِ، وَفِي الدُّنْيَا بأَذى النَّاسِ لَهُ وَحَسَدِهِمْ إِياه وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنواع الأَذى؛ وأَما قَوْلُهُ

إِلا آكِلَةَ الْخَضِرِ

فإِنه مَثَلٌ لِلْمُقْتَصِدِ وَذَلِكَ أَن الخَضِرَ لَيْسَ مِنْ أَحرار الْبُقُولِ وَجَيِّدِهَا الَّتِي يُنْبِتُهَا الرَّبِيعُ بِتَوَالِي أَمطاره فَتَحْسُنُ وتَنْعُمُ، وَلَكِنَّهُ مِنَ الْبُقُولِ الَّتِي تَرْعَاهَا الْمَوَاشِي بَعْدَ هَيْجِ البُقُول ويُبْسِها حَيْثُ لَا تَجِدُ سِوَاهَا، وَتُسَمِّيهَا العربُ الجَنْبَةَ فَلَا تَرَى الْمَاشِيَةَ تُكْثِرُ مِنْ أَكلها وَلَا تَسْتَمْرِيها، فَضَرَبَ آكلةَ الخَضِرِ مِنَ الْمَوَاشِي مَثَلًا لِمَنْ يَقْتَصِرُ فِي أَخذ الدُّنْيَا وَجَمْعِهَا، وَلَا يَحْمِلُهُ الْحِرْصُ عَلَى أَخذها بِغَيْرِ حَقِّهَا، فَهُوَ يَنْجُو مِنْ وَبَالِهَا كَمَا نَجَتْ آكِلَةُ الْخَضِرِ، أَلا تَرَاهُ قَالَ:

أَكَلَتْ حَتَّى إِذا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ؟

أَراد أَنها إِذا شَبِعَتْ مِنْهَا بَرَكَتْ مُسْتَقْبِلَةً عَيْنَ الشَّمْسِ تَسْتَمِرِّي بِذَلِكَ مَا أَكلت وتَجْتَرُّ وتَثْلِطُ، فإِذا ثَلَطَتْ فَقَدْ زَالَ عَنْهَا الحَبَطُ، وإِنما تَحْبَطُ الْمَاشِيَةُ لأَنها تَمْتَلِئُ بُطُونُهَا وَلَا تَثْلِطُ وَلَا تَبُولُ فَتَنْتَفِخُ أَجوافها فَيَعْرِضُ لَهَا المَرَضُ فَتَهْلِكُ، وأَراد بِزَهْرَةِ الدُّنْيَا حُسْنَهَا وَبَهْجَتَهَا، وَبِبَرَكَاتِ الأَرض نماءَها وَمَا تُخْرِجُ مِنْ نَبَاتِهَا. والخُضْرَةُ فِي شِيات الْخَيْلِ: غُبْرَةٌ تُخَالِطُ دُهْمَةً، وَكَذَلِكَ فِي الإِبل؛ يُقَالُ: فَرَسٌ أَخْضَرُ، وَهُوَ الدَّيْزَجُ. والخُضَارِيُّ: طَيْرٌ خُضْرٌ يُقَالُ لَهَا القارِيَّةُ، زَعَمَ أَبو عُبَيْدٍ أَن الْعَرَبَ تُحِبُّهَا، يُشَبِّهُونَ الرَّجُلَ السَّخِيَّ بِهَا؛ وَحَكَى ابْنُ سِيدَهْ عَنْ صَاحِبِ الْعَيْنِ أَنهم يَتَشَاءَمُونَ بِهَا. والخُضَّارُ: طَائِرٌ مَعْرُوفٌ، والخُضَارِيُّ: طَائِرٌ يُسَمَّى الأَخْيَلَ يُتَشَاءَمُ بِهِ إِذا سَقَطَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرٍ، وَهُوَ أَخضر، فِي حَنَكِه حُمْرَةٌ، وَهُوَ أَعظم مِنَ القَطا. وَوَادٍ خُضَارٌ: كَثِيرُ الشَّجَرِ. وَقَوْلُ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: إِياكم وخَضْرَاءَ الدِّمَنِ، قِيلَ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: المرأَة الْحَسْنَاءُ فِي مَنْبِتِ السَّوْءِ

؛ شَبَّهَهَا بِالشَّجَرَةِ النَّاضِرَةِ فِي دِمْنَةِ البَعَرِ، وأَكلُها داءٌ، وَكُلُّ مَا يَنْبُتُ فِي الدِّمْنَةِ وإِن كَانَ

ص: 247

نَاضِرًا، لَا يَكُونُ ثَامِرًا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد فَسَادَ النَّسَبِ إِذا خِيفَ أَن تَكُونَ لِغَيْرِ رِشْدَةٍ، وأَصلُ الدِّمَنِ مَا تُدَمِّنُهُ الإِبل وَالْغَنَمُ مِنْ أَبعارها وأَبوالها، فَرُبَّمَا نَبَتَ فِيهَا النَّبَاتُ الحَسَنُ النَّاضِرُ وأَصله فِي دِمْنَةٍ قَذِرَةٍ؛ يَقُولُ النبي، صلى الله عليه وسلم: فَمَنْظَرُها حَسَنٌ أَنِيقٌ ومَنْبِتُها فاسدٌ؛ قَالَ زُفَرُ بنُ الْحَرْثِ:

وَقَدْ يَنْبُتُ المَرْعَى عَلَى دِمَنِ الثَّرى،

وتَبْقَى حَزَازاتُ النّفُوس كَمَا هِيا

ضَرَبَهُ مَثَلًا لِلَّذِي تَظْهَرُ مَوَدَّتُهُ، وَقَلْبُهُ نَغِلٌ بِالْعَدَاوَةِ، وضَرَبَ الشجرةَ الَّتِي تَنْبُتُ فِي الْمَزْبَلَةِ فَتَجِيءُ خَضِرَةً نَاضِرَةً، ومَنْبِتُها خَبِيثٌ قَذِرٌ، مثلَا للمرأَة الْجَمِيلَةِ الْوَجْهِ اللَّئِيمَةِ المَنْصِب. والخُضَّارَى، بِتَشْدِيدِ الضَّادِ: نَبْتٌ، كَمَا يَقُولُونَ شُقَّارَى لنَبْتٍ وخُبَّازَى وَكَذَلِكَ الحُوَّارَى. الأَصمعي: زُبَّادَى نَبْتٌ، فَشَدَّدَهُ الأَزهري، وَيُقَالُ زُبَّادٌ أَيضاً. وبَيْعُ المُخاضَرَةِ المَنْهِيِّ عَنْهَا: بيعُ الثِّمارِ وَهِيَ خُضْرٌ لَمْ يَبْدُ صلاحُها، سُمِّيَ ذَلِكَ مُخاضَرَةً لأَن الْمُتَبَايِعَيْنِ تَبَايَعَا شَيْئًا أَخْضَرَ بَيْنَهُمَا، مأْخوذٌ مِنَ الخُضْرَةِ. والمخاضرةُ: بيعُ الثِّمَارِ قَبْلَ أَن يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَهِيَ خُضْرٌ بَعْدُ، وَنَهَى عَنْهُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ بَيْعُ الرِّطابِ والبُقُولِ وأَشباهها وَلِهَذَا كَرِهَ بَعْضُهُمْ بَيْعَ الرِّطاب أَكثَرَ مِنْ جَزِّه وأَخْذِهِ. وَيُقَالُ لِلزَّرْعِ: الخُضَّارَى، بِتَشْدِيدِ الضَّادِ، مِثْلُ الشُّقَّارَى. وَالْمُخَاضَرَةُ: أَن يَبِيعَ الثِّمَارَ خُضْراً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا. والخَضَارَةُ، بِالْفَتْحِ: اللَّبَنُ أُكْثِرَ ماؤُه؛ أَبو زَيْدٍ: الخَضَارُ مِنَ اللَّبَنِ مِثْلَ السَّمَارِ الَّذِي مُذِقَ بِمَاءٍ كَثِيرٍ حَتَّى اخْضَرَّ، كَمَا قال الراجز:

جاؤوا بِضَيْحٍ، هَلْ رأَيتَ الذِّئْبَ قَطْ؟

أَراد اللَّبَنَ أَنه أَورق كَلَوْنِ الذِّئْبِ لِكَثْرَةِ مَائِهِ حَتَّى غَلَبَ بياضَ لَوْنِ اللَّبَنِ. وَيُقَالُ: رَمَى اللهُ فِي عَيْنِ فُلَانٍ بالأَخْضَرِ، وَهُوَ دَاءٌ يأْخذ الْعَيْنَ. وَذَهَبَ دَمُهُ خِضْراً مِضْراً، وَذَهَبَ دَمُهُ بِطْراً أَي ذَهَبَ دَمُهُ بَاطِلًا هَدَراً، وَهُوَ لَكَ خَضِراً مَضِراً أَي هَنِيئًا مَرِيئًا، وخَضْراً لَكَ ومَضْراً أَي سُقْيًا لَكَ ورَعْياً؛ وَقِيلَ: الخِضْرُ الغَضُّ والمِضْرُ إِتباع. وَالدُّنْيَا خَضِرَةٌ مَضِرَة أَي نَاعِمَةٌ غَضةٌ طَرِيَّةٌ طَيِّبَةٌ، وَقِيلَ: مُونِقَة مُعْجِبَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِن الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ مَضِرَةٌ فَمَنْ أَخذها بِحَقِّهَا بُورِكَ لَهُ فِيهَا

؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

ابْنِ عُمَرَ: اغْزُوا والغَزْوُ حُلْوٌ خَضِرٌ

أَي طريُّ محبوبٌ لِمَا يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ النَّصْرِ وَيُسَهِّلُ مِنَ الْغَنَائِمِ. والخَضَارُ: اللَّبَنُ الَّذِي ثُلْثَاهُ مَاءٌ وَثُلْثُهُ لَبَنٌ، يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ اللَّبَنِ حَقِينِهِ وَحَلِيبِهِ، وَمِنْ جَمِيعِ الْمَوَاشِي، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَضْرِبُ إِلى الْخُضْرَةِ، وَقِيلَ: الخَضَارُ جَمْعٌ، وَاحِدَتُهُ خَضَارَةٌ، والخَضَارُ: البَقْلُ الأَول، وَقَدْ سَمَّتْ أَخْضَرَ وخُضَيْراً. والخَضِرُ: نَبيُّ مُعَمَّرٌ مَحْجُوبٌ عَنِ الأَبصار.

ابْنُ عَبَّاسٍ: الخَضِرُ نَبِيٌّ مِنْ بَنِي إِسرائيل، وَهُوَ صَاحِبُ مُوسَى، صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ، الَّذِي الْتَقَى مَعَهُ بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ.

ابْنُ الأَنباري: الخَضِرُ عَبْدٌ صَالِحٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى. أَهلُ الْعَرَبِيَّةِ: الخَضِرُ، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ؛ وَرُوِيَ

عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فإِذا هِيَ تَهْتَزُّ خَضْرَاءَ

، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه كَانَ إِذا جَلَسَ فِي مَوْضِعٍ قَامَ وَتَحْتَهُ رَوْضَةٌ تَهْتَزُّ؛

وَعَنْ مُجَاهِدٍ: كَانَ إِذا صَلَّى فِي مَوْضِعٍ اخْضَرَّ مَا حَوْلَهُ

، وَقِيلَ: مَا تَحْتَهُ، وَقِيلَ: سُمِّيَ خَضِرًا لِحُسْنِهِ وإِشراق وَجْهِهِ

ص: 248

تَشْبِيهًا بِالنَّبَاتِ الأَخضر الْغَضِّ؛ قَالَ: وَيَجُوزُ فِي الْعَرَبِيَّةِ الخِضْر، كَمَا يُقَالُ كَبِدٌ وكِبْدٌ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ أَفصح. وَقِيلَ فِي الْخَبَرِ:

مَنْ خُضِّرَ لَهُ فِي شَيْءٍ فَلْيَلْزَمْهُ

؛ مَعْنَاهُ مَنْ بُورِكَ لَهُ فِي صِنَاعَةٍ أَو حِرْفَةٍ أَو تِجَارَةٍ فَلْيَلْزَمْهَا. وَيُقَالُ للدَّلْوِ إِذا اسْتُقِيَ بِهَا زَمَانًا طَوِيلًا حَتَّى اخْضَرَّتْ: خَضْراءُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

تمطَّى مِلَاطاه بخَضْراءَ فَرِي،

وإِن تَأَبَّاهُ تَلَقَّى الأَصْبَحِي

وَالْعَرَبُ تَقُولُ: الأَمْرُ بَيْنَنَا أَخْضَرُ أَي جَدِيدٌ لَمْ تَخْلَقِ المَوَدَّةُ بَيْنَنَا، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

قَدْ أَعْسَفَ النَّازِحُ المَجْهُولُ مَعْسَفُهُ،

فِي ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هامَهُ البُومُ

والخُضْرِيَّةُ: نَوْعٌ مِنَ التَّمْرِ أَخضر كأَنه زُجَاجَةٌ يَسْتَظْرِفُ لِلَوْنِهِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. التَّهْذِيبُ: الخُضْرِيَّةُ نَخْلَةٌ طَيِّبَةُ التَّمْرِ خَضْرَاءُ؛ وأَنشد:

إِذا حَمَلَتْ خُضْريَّةٌ فَوْقَ طابَةٍ،

ولِلشُّهْبِ قَصْلٌ عِنْدَها والبَهازِرِ

قَالَ الْفَرَّاءُ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لسَعَفِ النَّخْلِ وَجَرِيدِهِ الأَخْضَرِ: الخَضَرُ؛ وأَنشد: «1» .

تَظَلُّ يومَ وِرْدِها مُزَعْفَرَا،

وَهِيَ خَنَاطِيلُ تَجُوسُ الخَضَرَا

وَيُقَالُ: خَضَرَ الرجلُ خَضَرَ النخلِ بِمِخْلَبِهِ يَخْضُرُه خَضْراً واخْتَضَرَهُ يَخْتَضِرُه إِذا قَطَعَهُ. وَيُقَالُ: اخْتَضَرَ فلانٌ الجاريةَ وابْتَسَرها وابْتَكَرَها وَذَلِكَ إِذا اقْتَضَّها قَبْلَ بُلُوغِهَا. وَقَوْلُهُ، صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ فِي الخَضْرَاواتِ صَدَقَةً؛ يَعْنِي بِهِ الْفَاكِهَةَ الرَّطْبَةَ وَالْبُقُولَ، وَقِيَاسُ مَا كَانَ عَلَى هَذَا الْوَزْنِ مِنَ الصِّفَاتِ أَن لَا يُجْمَعُ هَذَا الْجَمْعَ، وإِنما يُجْمَعُ بِهِ مَا كَانَ اسْمًا لَا صِفَةً، نَحْوُ صَحْراء وخُنْفُسَاءَ، وإِنما جَمَعَهُ هَذَا الْجَمْعَ لأَنه قَدْ صَارَ اسْمًا لِهَذِهِ الْبُقُولِ لَا صِفَةً، تَقُولُ الْعَرَبُ لِهَذِهِ الْبُقُولِ: الخَضْراء، لَا تُرِيدُ لَوْنَهَا؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: جَمَعَهُ جَمْعَ الأَسماء كَوَرْقَاءَ ووَرْقاواتٍ وبَطْحاءَ وبَطْحاوَاتٍ، لأَنها صِفَةٌ غَالِبَةٌ غَلَبَتْ غلبةَ الأَسماء. وَفِي الْحَدِيثِ: أُتَي بِقِدْر فِيهِ خَضِرَاتٌ؛ بِكَسْرِ الضَّادِ، أَي بُقُول، وَاحِدُهَا خَضِر. والإِخْضِيرُ: مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، بَيْنَ الْمَدِينَةِ وتَبُوك. وأَخْضَرُ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ: منزلٌ قرِيب مِنْ تَبُوكَ نَزَلَهُ رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عِنْدَ مسيره إِليها.

خطر: الخاطِرُ: مَا يَخْطُرُ فِي الْقَلْبِ مِنْ تَدْبِيرٍ أَو أَمْرٍ. ابْنُ سِيدَهْ: الْخَاطِرُ الْهَاجِسُ، وَالْجَمْعُ الْخَوَاطِرُ، وَقَدْ خَطَرَ بِبَالِهِ وَعَلَيْهِ يَخْطِرُ ويَخْطُرُ، بِالضَّمِّ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي، خُطُوراً إِذا ذَكَرَهُ بَعْدَ نِسْيَانٍ. وأَخْطَرَ اللَّهُ بِبَالِهِ أَمْرَ كَذَا، وَمَا وَجَدَ لَهُ ذِكْراً إِلَّا خَطْرَةً؛ وَيُقَالُ: خَطَر بِبَالِي وَعَلَى بَالِي كَذَا وَكَذَا يَخْطُر خُطُوراً إِذا وَقَعَ ذَلِكَ فِي بَالِكَ ووَهْمِك. وأَخْطَرَهُ اللهُ بِبَالِي؛ وخَطَرَ الشيطانُ بَيْنَ الإِنسان وَقَلْبِهِ: أَوصل وَسْواسَهُ إِلى قَلْبِهِ. وَمَا أَلقاه إِلَّا خَطْرَةً بَعْدَ خَطْرَةٍ أَي فِي الأَحيان بَعْدَ الأَحيان، وَمَا ذَكَرْتُهُ إِلَّا خَطْرَةً وَاحِدَةً. ولَعِبَ الخَطْرَةَ بالمِخْراق. والخَطْرُ: مَصْدَرُ خَطَرَ الفحلُ بِذَنْبِهِ يَخْطِرُ خَطْراً وخَطَراناً وخَطِيراً: رَفَعَهُ مَرَّةً بعد مرة، وضرب به حاذيْهِ، وَهُمَا مَا ظَهَرَ مِنَ فَخِذيْه حيث

(1). قوله: [وأَنشد إلخ] هو لِسَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ، يُخَاطِبُ أَخاه مالكاً كما في الصحاح

ص: 249

يَقَعُ شَعَرُ الذَّنَبِ، وَقِيلَ: ضَرَبَ بِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا. وناقةٌ خَطَّارَةٌ: تَخْطِرُ بِذَنْبِهَا. والخَطِيرُ والخِطَارُ: وَقْعُ ذَنَبِ الْجَمَلِ بَيْنَ وَرِكَيْهِ إِذا خَطَرَ؛ وأَنشد:

رَدَدْنَ فَأَنْشَفْنَ الأَزِمَّةَ بعد ما

تَحَوَّبَ، عَنْ أَوْراكِهِنَّ، خَطِيرُ

والخاطِرُ: المُتَبَخْتِرُ؛ يُقَالُ: خَطَرَ يَخْطِرُ إِذا تَبَخْتَرَ. والخَطِيرُ والخَطَرَانُ عِنْدَ الصَّوْلَةِ والنَّشَاطِ، وَهُوَ التَّصَاوُل وَالْوَعِيدُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

بالُوا مَخافَتَهُمْ عَلَى نِيرانِهِمْ،

واسْتَسْلَمُوا، بَعْدَ الخَطِيرِ، فَأُخْمِدُوا

التَّهْذِيبُ: وَالْفَحْلُ يَخْطِرُ بِذَنَبِهِ عِنْدَ الْوَعِيدِ مِنَ الخُيَلاءِ. وَفِي حَدِيثِ مَرْحَبٍ: فَخَرَجَ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ أَي يَهُزُّهُ مُعْجباً بِنَفْسِهِ مُتَعَرِّضاً لِلْمُبَارَزَةِ، أَو أَنه كَانَ يَخْطِرُ فِي مَشْيِهِ أَي يَتَمَايَلُ وَيَمْشِي مِشْيَةَ المُعْجبِ وَسَيْفُهُ فِي يَدِهِ، يَعْنِي كَانَ يَخْطِرُ وَسَيْفُهُ مَعَهُ، وَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ. والناقةُ الخَطَّارَةُ: تَخْطِرُ بِذَنَبِهَا فِي السَّيْرِ نَشَاطًا. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ: وَاللَّهِ مَا يَخْطِرُ لَنَا جُمَلٌ؛ أَي مَا يُحَرِّكُ ذَنَبَهُ هُزَالًا لِشِدَّةِ القَحْطِ والجَدْبِ؛ يُقَالُ: خَطَرَ البعيرُ بِذَنَبِهِ يَخْطِرُ إِذا رَفَعَهُ وحَطَّهُ، وإِنما يَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّبَعِ والسِّمَنِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدُ الْمَلِكِ لَمَّا قَتَلَ عَمْرو بْنَ سَعِيدٍ: وَاللَّهِ: لَقَدْ قَتَلْتُه، وإِنه لأَعز عَلَيَّ مِنْ جِلْدَةِ مَا بَيْنَ عَيْنَيَّ، وَلَكِنْ لَا يَخْطِرُ فحلانِ فِي شَوْلٍ؛ وَفِي قَوْلِ الْحَجَّاجِ لَمَّا نَصَبَ المِنْجَنيقَ عَلَى مَكَّةَ:

خَطَّارَةٌ كالجَمَلِ الفَنِيقِ

شَبَّهَ رَمْيَهَا بِخَطَرَانِ الْفَحْلِ. وَفِي حَدِيثِ سُجُودِ السَّهْوِ:

حَتَّى يَخْطِرَ الشيطانُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ

؛ يُرِيدُ الْوَسْوَسَةَ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ:

قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ يَوْمًا يُصَلِّي فَخَطَر خَطْرَةً، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: إِن لَهُ قَلْبَيْنِ.

والخَطِيرُ: الْوَعِيدُ وَالنَّشَاطُ؛ وَقَوْلُهُ:

هُمُ الجَبَلُ الأَعْلَى، إِذا مَا تَنَاكَرَتْ

مُلُوكُ الرِّجالِ، أَو تَخاطَرَتِ البُزْلُ

يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ الْخَطِيرِ الَّذِي هُوَ الْوَعِيدُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ خَطَرَ الْبَعِيرُ بِذَنَبِهِ إِذا ضَرَبَ بِهِ. وخَطَرَانُ الْفَحْلِ مِنْ نَشَاطِهِ، وأَما خَطَرَانُ النَّاقَةِ فَهُوَ إِعلام لِلْفَحْلِ أَنها لَاقِحٌ. وخَطَرَ الْبَعِيرُ بِذَنَبِهِ يَخْطِرُ، بِالْكَسْرِ، خَطْراً، سَاكِنٌ، وخَطَرَاناً إِذا رَفَعَهُ مرة بعد مرة وضرب بِهِ فَخِذَيْهِ. وخَطَرَانُ الرجلِ: اهتزازُه فِي الْمَشْيِ وتَبَخْتُرُه. وخَطَر بِسَيْفِهِ وَرُمْحِهِ وَقَضِيبِهِ وَسَوْطِهِ يَخْطِرُ خَطَراناً إِذا رَفَعَهُ مَرَّةً وَوَضَعَهُ أُخْرَى. وخَطَرَ فِي مِشْيَتِه يَخْطِرُ خَطِيراً وخَطَراناً: رَفَعَ يَدَيْهِ وَوَضَعَهُمَا. وَقِيلَ: إِنه مُشْتَقٌّ مِنْ خَطَرانِ الْبَعِيرِ بِذَنَبِهِ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَقَدْ أَبدلوا مِنْ خَائِهِ غَيْنًا فَقَالُوا: غَطَرَ بِذَنَبِهِ يَغْطِرُ، فَالْغَيْنُ بَدَلٌ مِنَ الْخَاءِ لِكَثْرَةِ الْخَاءِ وَقِلَّةِ الْغَيْنِ، قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَا أَصلين إِلَّا أَنهم لأَحدهما أَقلُّ اسْتِعْمَالًا مِنْهُمْ لِلْآخَرِ. وخَطَرَ الرجلُ بالرَّبِيعَةِ يَخْطُر خَطْراً: رَفَعَهَا وَهَزَّهَا عِنْدَ الإِشالَةِ؛ والرَّبِيعَةُ: الحَجَرُ الَّذِي يَرْفَعُهُ النَّاسُ يَخْتَبِرُونَ بِذَلِكَ قُواهُمْ. الْفَرَّاءُ: الخَطَّارَةُ حَظِيرَةُ الإِبل. والخَطَّارِ: العطَّار؛ يُقَالُ: اشْتَرَيْتُ بَنَفْسَجاً مِنَ الخَطَّارِ. والخَطَّارُ: المِقْلاعُ؛ وأَنشد:

جُلْمُودُ خَطَّارٍ أُمِرَّ مِجْذَبُهْ

وَرَجُلٌ خَطَّارٌ بالرمحِ: طَعَّانٌ بِهِ؛ وَقَالَ:

ص: 250

مَصالِيتُ خَطَّارونَ بالرُّمْحِ فِي الوَغَى

وَرُمْحٌ خَطَّارٌ: ذُو اهْتِزَازٍ شَدِيدٍ يَخْطِرُ خَطَراناً، وَكَذَلِكَ الإِنسان إِذا مَشَى يَخْطِرُ بِيَدَيْهِ كَثِيرًا. وخَطَرَ الرُّمْحُ يَخْطِرُ: اهْتَزَّ، وَقَدْ خَطَرَ يَخْطِرُ خَطَراناً. والخَطَرُ: ارتفاعُ القَدْرِ والمالُ والشرفُ وَالْمَنْزِلَةُ. ورجلٌ خَطِيرٌ أَي لَهُ قَدْرٌ وخَطَرٌ، وَقَدْ خَطُرَ، بِالضَّمِّ، خُطُورَةً. وَيُقَالُ: خَطَرانُ الرُّمْحِ ارْتِفَاعُهُ وَانْخِفَاضُهُ لِلطَّعْنِ. وَيُقَالُ: إِنه لِرَفِيعُ الخَطَرِ وَلَئِيمُهُ. وَيُقَالُ: إِنه لِعَظِيمُ الخَطَرِ وَصَغِيرُ الخَطَرِ فِي حُسْنِ فِعَالِهِ وَشَرَفِهِ وَسُوءِ فِعَالِهِ وَلُؤْمِهِ. وخَطَرُ الرجلِ: قَدْرُه وَمَنْزِلَتُهُ، وَخَصَّ بَعْضَهُمْ بِهِ الرِّفْعَةَ، وَجَمْعُهُ أَخْطارٌ. وأَمْرٌ خَطِيرٌ: رفيعٌ. وخَطُرَ يَخْطُرُ خَطَراً وخُطُوراً إِذا جَلَّ بَعْدَ دِقَّةٍ. والخَطِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: النَّبِيلُ. وَهَذَا خَطِيرٌ لِهَذَا وخَطَرٌ لَهُ أَي مِثْلٌ لَهُ فِي القَدْرِ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا فِي الشَّيْءِ المَزِيزِ؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِلدُّونِ إِلَّا لِلشَّيْءِ السَّرِيِّ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الشَّرِيفُ: هُوَ عَظِيمُ الخَطَرِ. والخَطِيرُ: النَّظِيرُ. وأَخْطَرَ بِهِ: سَوَّى. وأَخْطَرَهُ: صَارَ مِثْلَهُ فِي الخَطَرِ. اللَّيْثُ: أُخْطِرْتُ لِفُلَانٍ أَي صُيِّرْتُ نَظِيرَهُ فِي الخَطَرِ. وأَخْطَرَني فلانٌ، فَهُوَ مُخْطِرٌ إِذا صَارَ مِثْلَكَ فِي الخَطَرِ. وفلانٌ لَيْسَ لَهُ خَطِيرٌ أَي لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ وَلَا مِثْلٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَلا هَلْ مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ فإِن الْجَنَّةَ لَا خَطَرَ لَهَا

؛ أَي لَا عِوَضَ عَنْهَا وَلَا مِثْلَ لَهَا؛ وَمِنْهُ: أَلا رَجُلٌ يُخاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ؛ أَي يُلْقِيهَا فِي الهَلَكَةِ بِالْجِهَادِ. والخَطَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: فِي الأَصل الرَّهْنُ، وَمَا يُخاطَرُ عَلَيْهِ ومِثْلُ الشيء وَعَدْلُهُ [عِدْلُهُ]، وَلَا يُقَالُ إِلَّا فِي الشَّيْءِ الَّذِي لَهُ قَدْرٌ وَمَزِيَّةٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عُمَرَ فِي قِسْمَةِ وادِي القُرَى: وَكَانَ لِعُثْمَانَ فِيهِ خَطَرٌ وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ خَطَرٌ أَي حَظٌّ وَنَصِيبٌ

؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

فِي ظِلِّ عَيْشٍ هَنِيٍّ مَا لَهُ خَطَرُ

أَي ليس له عَدْلٌ [عِدْلٌ]. والخَطَرُ: العَدْلُ [العِدْلُ]؛ يُقَالُ: لَا تَجْعَلْ نَفْسَكَ خَطَراً لِفُلَانٍ وأَنت أَوْزَنُ مِنْهُ. والخَطَرُ: السَّبَقُ الَّذِي يُتَرَامَى عَلَيْهِ فِي التَّرَاهُنِ، وَالْجَمْعُ أَخْطارٌ. وأَخْطَرَهُمْ خَطَراً وأَخْطَرَه لَهُمْ: بَذْلٌ لَهُمْ مِنَ الخَطَرِ مَا أَرضاهم. وأَخْطَرَ المالَ أَي جَعَلَهُ خَطَراً بَيْنَ الْمُتَرَاهِنِينَ. وتَخاطَرُوا عَلَى الأَمر: تَرَاهَنُوا؛ وخاطَرَهم عَلَيْهِ: رَاهَنَهُمْ. والخَطَرُ؛ الرَّهْنُ بِعَيْنِهِ. والخَطَرُ: مَا يُخاطَرُ عَلَيْهِ؛ تَقُولُ: وَضَعُوا لِي خَطَراً ثَوْبًا وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ وَالسَّابِقُ إِذا تَنَاوَلَ القَصَبَةَ عُلِمَ أَنه قَدْ أَحْرَزَ الخَطَرَ. والخَطَرُ والسَّبَقُ والنَّدَبُ واحدٌ، وَهُوَ كُلُّهُ الَّذِي يُوضَعُ فِي النِّضالِ والرِّهانِ، فَمَنْ سَبَقَ أَخذه، وَيُقَالُ فِيهِ كُلُّهُ: فَعَّلَ، مُشَدَّدًا، إِذا أَخذه؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:

أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ، وَلَمْ أَقُمْ

عَلَى نَدَبٍ يَوْمًا، وَلِي نَفْسُ مُخْطِرِ؟

والمُخْطِرُ: الَّذِي يَجْعَلُ نَفْسَهُ خَطَراً لِقِرْنِه فَيُبَارِزُهُ وَيُقَاتِلُهُ؛ وَقَالَ:

وقلتُ لِمَنْ قَدْ أَخْطَرَ الموتَ نَفْسَه:

أَلا مَنْ لأَمْرٍ حازِمٍ قَدْ بَدَا لِيَا؟

وَقَالَ أَيضاً:

أَين عَنَّا إِخْطارُنا المالَ والأَنْفُسَ،

إِذ ناهَدُوا لِيَوْمِ المِحَالِ؟

وَفِي حَدِيثِ

النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ أَنه قَالَ يَوْمَ نَهاوَنْدَ، حِينَ الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ: إِن هَؤُلَاءِ قَدْ

ص: 251

أَخْطَرُوا لَكُمْ رِثَةً ومَتاعاً، وأَخْطَرتم لَهُمُ الدِّينَ، فَنافِحُوا عَنِ الدِّينِ

؛ الرِّثَةُ: رَدِيء الْمَتَاعِ، يَقُولُ: شَرَطُوها لَكُمْ وَجَعَلُوهَا خَطَراً أَي عِدْلًا عَنْ دِينِكُمْ، أَراد أَنهم لَمْ يُعَرِّضُوا لِلْهَلَاكِ إِلَّا مَتَاعًا يَهُونُ عَلَيْهِمْ وأَنتم قَدْ عَرَّضْتُمْ لَهُمْ أَعظم الأَشياء قَدْراً، وَهُوَ الإِسلام. والأَخطارُ مِنَ الجَوْزِ فِي لَعِب الصِّبْيَانِ هِيَ الأَحْرازُ، وَاحِدُهَا خَطَرٌ. والأَخْطارُ: الأَحْرازُ فِي لَعِبِ الجَوْز. والخَطَرُ: الإِشْرافُ عَلَى هَلَكَة. وخاطَرَ بِنَفْسِهِ يُخاطِرُ: أَشْفَى بِهَا عَلَى خَطَرِ هُلْكٍ أَو نَيْلِ مُلْكٍ. والمَخاطِرُ: الْمَرَاقِي. وخَطَرَ الدهرُ خَطَرانَهُ، كَمَا يُقَالُ: ضَرَبَ الدهرُ ضَرَبانَهُ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: يُقَالُ خَطَرَ الدهرُ مِنْ خَطَرانِهِ كَمَا يُقَالُ ضَرَبَ مِنْ ضَرَبانِه. والجُنْدُ يَخْطِرُونَ حَوْلَ قَائِدِهِمْ يُرُونَهُ مِنْهُمُ الجِدَّ، وَكَذَلِكَ إِذا احْتَشَدُوا فِي الْحَرْبِ. والخَطْرَةُ: مِنْ سِماتِ الإِبل؛ خَطَرَهُ بالمِيسَمِ فِي بَاطِنِ السَّاقِ؛ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ كَذَلِكَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والخَطْرُ مَا لَصِقَ «2» . بالوَرِكَيْنِ مِنَ الْبَوْلِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الحَمائِلَ. بَعْدَ مَا

تَقَوَّبَ، عَنْ غِرْبانِ أَوْرَاكِها، الخَطْرُ

قَوْلُهُ: تَقَوَّبَ يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى قَوَّبَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ؛ أَي قَطَعُوا، وَتَقَسَّمْتُ الشَّيْءَ أَي قَسَمْتُهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد تَقَوَّبَتْ غِرْبَانُهَا عَنِ الْخَطَرِ فَقَلَبَهُ. والخَطْرُ [الخِطْرُ]: الإِبل الْكَثِيرَةُ؛ وَالْجَمْعُ أَخطار، وقيل الخَطْرُ [الخِطْرُ] مِائَتَانِ مِنَ الْغَنَمِ والإِبل، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الإِبل أَربعون، وَقِيلَ: أَلف وَزِيَادَةٌ؛ قَالَ:

رَأَتْ لأَقْوامٍ سَوَاماً دَثْراً،

يُرِيحُ رَاعُوهُنَّ أَلْفاً خَطْرا [خِطْرا]،

وبَعْلُها يَسُوقُ مِعْزَى عَشْرا

وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: إِذا بَلَغَتِ الإِبل مِائَتَيْنِ، فهي خَطْرٌ [خِطْرٌ]، فإِذا جَاوَزَتْ ذَلِكَ وَقَارَبَتِ الأَلف، فَهِيَ عَرْجٌ [عِرْجٌ]. وخَطِيرُ النَّاقَةِ: زمامُها؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، عليه السلام، أَنه أَشار لعَمَّارٍ وَقَالَ: جُرُّوا لَهُ الخَطِيرَ مَا انْجَرَّ لَكُمْ

، وَفِي رِوَايَةٍ:

مَا جَرَّهُ لَكُمْ

؛ مَعْنَاهُ اتَّبِعُوه مَا كَانَ فِيهِ مَوْضِعٌ مُتَّبَعٌ، وتَوَقَّوْا مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَوْضِعٌ؛ قَالَ: الْخَطِيرُ زِمَامُ الْبَعِيرِ، وَقَالَ شَمِرٌ فِي الْخَطِيرِ: قَالَ بَعْضُهُمُ الخَطِير الحَبْلُ، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَذْهَبُ بِهِ إِلى إِخْطارِ النَّفْسِ وإِشْرَاطِهَا فِي الْحَرْبِ؛ الْمَعْنَى اصْبِرُوا لعمَّار مَا صَبَرَ لَكُمْ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: بَيْنِي وَبَيْنَهُ خَطْرَةُ رَحِمٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وأُراه يَعْنِي شُبْكَةَ رَحِمٍ، وَيُقَالُ: لَا جَعَلَها اللهُ خَطْرَتَه وَلَا جَعْلِهَا آخِرَ مَخْطَرٍ مِنْهُ أَي آخِرَ عَهْدٍ مِنْهُ، وَلَا جَعَلَهَا اللَّهُ آخِرَ دَشْنَةٍ «3» . وَآخِرَ دَسْمَةٍ وطَيَّةٍ ودَسَّةٍ، كلُّ ذَلِكَ: آخِرَ عَهْدٍ؛ وَرُوِيَ بَيْتُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:

وبِعَيْنَيْكَ كُلُّ ذاك تَخَطْراكَ،

ويمْضِيكَ نَبْلُهُمْ فِي النِّضَالِ

قَالُوا: تَخَطْراكَ وتَخَطَّاكَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكَانَ أَبو سَعِيدٍ يَرْوِيهِ تَخَطَّاكَ وَلَا يُعْرَفُ تَخَطْرَاكَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: تَخَطْرَاني شَرُّ فُلَانٍ وَتَخَطَّانِي أَي جازني.

(2). قوله: [والخطر ما لصق إلخ] بفتح الخاء وكسرها مع سكون الطاء كما في القاموس

(3)

. قوله: [آخر دشنة إلخ] كذا بالأصل وشرح القاموس

ص: 252

والخِطْرَةُ: نَبْتٌ فِي السَّهْلِ وَالرَّمْلِ يُشْبِهُ المَكْرَ، وَقِيلَ: هِيَ بَقْلَةٌ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: تَنْبُتُ الخِطْرَةُ مَعَ طُلُوعِ سُهَيْلٍ، وَهِيَ غَبْراءُ حُلْوَةٌ طَيِّبَةٌ يَرَاهَا مَنْ لَا يَعْرِفُهَا فَيَظُنُّ أَنها بَقْلَةٌ، وإِنما تَنْبُتُ فِي أَصل قَدْ كَانَ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَيْسَتْ بأَكثر مِمَّا يَنْتَهِسُ الدابةُ بِفَمِهِ، وَلَيْسَ لَهَا وَرَقٌ، وإِنما هِيَ قُضْبانٌ دِقَاقٌ خُضْرٌ، وَقَدْ تُحْتَبَلُ بِهَا الظِّباءُ، وَجَمْعُهَا خِطَرٌ مِثْلُ سِدْرَةٍ وسِدَرٍ. غَيْرُهُ: الخِطْرَةُ عُشْبَةٌ مَعْرُوفَةٌ لَهَا قَضْبَةٌ يَجْهَدُها المالُ ويَغْزُرُ عَلَيْهَا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رَعَيْنا خَطَرات الوَسْمِيّ، وَهِيَ اللُّمَعُ مِنَ المَراتِعِ والبُقَعِ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

لَهَا خَطَراتُ العَهْدِ مِنْ كُلِّ بَلْدَةٍ

لِقَوْمٍ، وَلَوْ هاجَتْ لَهُمْ حَرْبُ مَنْشَمِ [مَنْشِمِ]

والخِطَرَةُ: أَغصان الشَّجَرَةِ، وَاحِدَتُهَا خِطْرٌ، نَادِرٌ أَو عَلَى تَوَهُّمِ طَرْحِ الْهَاءِ. والخِطْرُ، بِالْكَسْرِ: نَبَاتٌ يُجْعَلُ وَرَقُهُ فِي الْخِضَابِ الأَسود يُخْتَضَبُ بِهِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ شَبِيهٌ بالْكَتَمِ، قَالَ: وَكَثِيرًا مَا يَنْبُتُ مَعَهُ يَخْتَضِبُ بِهِ الشُّيُوخُ؛ وَلِحْيَةٌ مَخْطُورَةٌ ومُخَطَّرَةٌ: مَخْضُوبَةٌ بِهِ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلَّبَنِ الْكَثِيرِ الْمَاءِ: خِطْرٌ. والخَطَّارُ: دُهْنٌ مِنَ الزَّيْتِ ذُو أَفاويه، وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ مِنَ الأَسماء عَلَى فَعَّال. والخَطْرُ: مِكْيَالٌ ضَخْمٌ لأَهل الشَّامِ. والخَطَّارُ: اسْمُ فرس حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الفَزارِيِّ.

خعر: الخَيْعَرَةُ: خِفَّةٌ وطَيْشٌ.

خفر: الخَفَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: شِدَّةُ الْحَيَاءِ؛ تَقُولُ مِنْهُ: خَفِرَ، بِالْكَسْرِ، وخَفِرَتِ المرأَةُ خَفَراً وخَفارَةً، الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، فَهِيَ خَفِرَةٌ، عَلَى الْفِعْلِ، ومُتَخَفِّرَةٌ وخَفِيرٌ مِنْ نِسْوَةٍ خَفائِرَ، ومِخْفارٌ عَلَى النَّسَبِ أَو الْكَثْرَةِ؛ قَالَ:

دارٌ لِجَمَّاءِ العِظامِ مِخْفار

وتَخَفَّرَتْ: اشْتَدَّ حَيَاؤُهَا. والتَّخْفِيرُ: التَّسْوِير. وخَفَرَ الرجلَ وخَفَرَ بِهِ وَعَلَيْهِ يَخْفِرُ خَفْراً: أَجاره وَمَنَعَهُ وأَمَّنَهُ، وَكَانَ لَهُ خَفِيرًا يَمْنَعُهُ، وَكَذَلِكَ تَخَفَّرَ بِهِ. وخَفَرَه: اسْتَجَارَ بِهِ وسأَله أَن يَكُونَ لَهُ خَفِيرًا، وخَفَّرَه تَخْفِيراً؛ قَالَ أَبو جُنْدبٍ الهُذَلِيُّ:

ولكِنَّنِي جَمْرُ الغَضَا، مِنْ ورائِهِ

يُخَفِّرُنِي سَيْفي، إِذا لَمْ أُخَفَّرِ

وفلانٌ خَفِيري أَي الَّذِي أُجيره. والخَفِيرُ: الْمُجِيرُ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَفِيرٌ لِصَاحِبِهِ، وَالِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ الخُفْرَةُ والخَفارَةُ والخُفارَةُ، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، وَقِيلَ: الخُفْرَةُ والخُفارَةُ والخَفارَةُ والخِفارَةُ الأَمانُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ الأَوَّل. والخُفَرَةُ أَيضاً:«1» . الخَفِيرُ الَّذِي هُوَ الْمُجِيرُ. اللَّيْثُ: خَفِيرُ الْقَوْمِ مُجيرهم الَّذِي يَكُونُونَ فِي ضَمَانِهِ مَا دَامُوا فِي بِلَادِهِ، وَهُوَ يَخفِر القومَ خَفارَةً. والخَفارَةُ: الذِّمَّةُ، وَانْتِهَاكُهَا إِخْفارٌ. والخُفارة والخِفارة والخَفارة أَيضاً: جُعْلُ الخَفِير؛ وخَفَرْتُه خَفْراً وخُفُوراً. وَيُقَالُ: أَخْفَرْته إِذا بَعَثْتَ مَعَهُ خَفِيراً؛ قَالَهُ أَبو الْجَرَّاحِ الْعُقَيْلِيُّ، وَالِاسْمُ الخُفْرَةُ، بِالضَّمِّ، وَهِيَ الذِّمَّةُ. يُقَالُ: وَفَتْ خُفْرَتُك، وَكَذَلِكَ الخُفارة، بِالضَّمِّ، والخِفارَة، بِالْكَسْرِ. وأَخْفَرَه: نَقَضَ عَهْدَهُ وخاسَ بِهِ وغَدَره. وأَخْفَرَ الذِّمَّةَ: لَمْ يَفِ بِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فإِنه فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا تُخْفِرُنَّ اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ؛ أَي لَا تُؤْذُوا الْمُؤْمِنَ؛ قال زهير:

(1). قوله: [والخفرة أَيضاً] لفظ أَيضاً زائد إذ الخفرة كهمزة غير ما قبله أَعني الخفرة بضم فسكون كما في القاموس وغيره

ص: 253

فإِنَّكُمُ، وقَوْماً أَخْفَرُوكُمْ،

لكالدِّيباجِ مالَ بِهِ العَبَاءُ

والخُفُورُ: هُوَ الإِخْفارُ نفسُه مِنْ قِبَلِ المُخْفِر، مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ، عَلَى خَفَر يَخْفُر. شَمِرٌ: خَفَرَتْ ذِمَّةُ فُلَانٍ خُفُوراً إِذا لَمْ يُوفَ بِهَا وَلَمْ تَتِمَّ؛ وأَخْفَرَها الرجلُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

فَواعَدنِي وأَخْلَفَ ثَمَّ ظَنِّي،

وبِئْسَ خَليقَةُ المرءِ الخُفُورُ.

وَهَذَا مِنْ خَفَرَتْ ذِمَّتُه خُفُوراً. وخَفَرْتُ الرجلَ: أَجَرْتُه وحَفِظْتُه. وخَفَرْتُه إِذا كُنْتُ لَهُ خَفِيراً أَي حَامِيًا وَكَفِيلًا. وتَخَفَّرْتُ بِهِ إِذا اسْتَجَرْتُ به. والخِفارةُ [الخُفارةُ] بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ: الذِّمام. وأَخْفَرْتُ الرَّجُلَ إِذا نَقَضْتَ عَهْدَهُ وَذِمَامَهُ، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ للإِزالة أَي أَزلت خِفارَته [خُفارَته]، كأَشكيته إِذا أَزلت شَكْوَاهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: مَنْ ظَلَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحداً فَقَدْ أَخْفَرَ اللَّهَ

، وَفِي رِوَايَةٍ:

ذِمَّةَ اللَّهِ.

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي خُفْرَةِ اللَّهِ

أَي فِي ذِمَّتِهِ. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:

الدُّمُوعُ خُفَرُ العُيون

؛ الخُفَرُ جَمْعُ خُفْرَةٍ، وَهِيَ الذِّمَّةُ أَي أَن الدُّمُوعَ الَّتِي تَجْرِي خَوْفًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى تُجِيرُ الْعُيُونَ مِنَ النَّارِ؛ كَقَوْلِهِ، صلى الله عليه وسلم:

عَيْنانِ لَا تَمَسُّهُما النارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهُ تَعَالَى.

وَفِي حَدِيثِ

لُقْمَانَ بْنِ عَادٍ: حَيٌّ خَفِرٌ

أَي كَثِيرُ الْحَيَاءِ والخَفَرِ. والخَفَرُ، بِالْفَتْحِ: الْحَيَاءُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ

أُم سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ: غَضُّ الأَطْرافِ وخَفَرُ الإِعْراضِ [الأَعْراضِ]

أَي الْحَيَاءُ مِنْ كُلِّ مَا يُكْرَهُ لَهُنَّ أَن يَنْظُرْنَ إِليه، فأَضافت الخَفَر إِلى الإِعْراضِ [الأَعْراضِ] أَي الَّذِي تَسْتَعْمِلُهُ لأَجل الإِعراض؛ وَيُرْوَى: الأَعراض، بِالْفَتْحِ، جَمْعُ العِرْضِ أَي أَنهن يَسْتَحْيِينَ وَيَتَسَتَّرْنَ لأَجل أَعراضهن وَصَوْنِهَا. والخَافُورُ: نَبْتٌ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ نَبَاتٌ تَجْمَعُهُ النَّمْلُ فِي بُيُوتِهَا؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:

وأَتَت النملُ القُرَى بِعِيرِها،

مِنْ حَسَكِ التَّلْعِ، وَمِنْ خافُورِها

خفتر: قَالَ أَبو نَصْرٍ فِي قَوْلِ عَدِيٍّ:

وغُصْنَ عَلَى الخَفْتارِ، وَسْطَ جُنُودِه،

وبَيَّتْنَ فِي لَذَّاتِه رَبَّ مارِدِ

قَالَ: الخَفْتَارُ مَلِكُ الحبشة.

خلر: الخُلَّرُ، مِثَالُ السُّكَّرِ، قِيلَ: هُوَ نَبَاتٌ أَعجمي، قِيلَ: هُوَ الجُلْبانُ، وَقِيلَ: هُوَ الفُولُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الخُلَّرُ الماشُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْحُبُوبِ الَّتِي تُقْتاتُ. وخُلَّار: مَوْضِعٌ يَكْثُرُ بِهِ الْعَسَلُ الْجَيِّدُ؛ وَمِنْهُ كِتَابُ الْحَجَّاجِ إِلى بَعْضِ عُمَّاله بِفَارِسَ: أَن ابْعَثْ إِليّ بِعَسَلٍ مِنْ عَسَلِ خُلَّار، مِنَ النَّحْلِ الأَبكار، مِنَ الدَّسْتِفْشارِ، الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ نَارٌ.

خمر: خامَرَ الشيءَ: قَارَبَهُ وَخَالَطَهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

هامَ الفُؤادُ بِذِكْراها وخامَرَهُ

مِنْهَا، عَلَى عُدَواءِ الدَّارِ. تَسْقِيمُ

وَرَجُلٌ خَمِرٌ: خَالَطَهُ دَاءٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

أَحارِ بْنَ عَمْرٍو كأَنِّي خَمِرْ،

ويَعْدُو عَلَى المَرْءِ مَا يأْتَمِرْ

وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي خَامَرَهُ الدَّاءُ. ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ خَمِرٌ أَي مُخامَرٌ؛ وأَنشد أَيضاً:

أَحار بْنَ عَمْرٍو كأَني خَمِرْ

أَي مُخامَرٌ؛ قَالَ: هَكَذَا قَيَّدَهُ شَمِرٌ بِخَطِّهِ، قَالَ:

ص: 254

وأَما المُخامِرُ فَهُوَ المُخالِطُ، مِن خامَرَهُ الداءُ إِذا خَالَطَهُ؛ وأَنشد:

وإِذا تُباشِرْكَ الهُمُومُ،

فإِنها داءٌ مُخامِرْ

قَالَ: وَنَحْوُ ذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ فِي خامَرَهُ الداءُ إِذا خَالَطَ جَوْفَهُ. والخَمْرُ: مَا أَسْكَرَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ لأَنها خَامَرَتِ الْعَقْلَ. والتَّخْمِيرُ: التَّغْطِيَةُ، يُقَالُ: خَمَّرَ وجْهَهُ وخَمِّرْ إِناءك. والمُخامَرَةُ: الْمُخَالَطَةُ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَدْ تَكُونُ الخَمْرُ مِنَ الْحُبُوبِ فَجَعَلَ الْخَمْرَ مِنَ الْحُبُوبِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَظنه تَسَمُّحاً مِنْهُ لأَن حَقِيقَةَ الْخَمْرِ إِنما هِيَ الْعِنَبُ دُونَ سَائِرِ الأَشياء، والأَعْرَفُ فِي الخَمْرِ التأْنيث؛ يُقَالُ: خَمْرَةٌ صِرْفٌ، وَقَدْ يذكَّر، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْعِنَبَ خَمْرًا؛ قَالَ: وأَظن ذَلِكَ لِكَوْنِهَا مِنْهُ؛ حَكَاهَا أَبو حَنِيفَةَ قَالَ: وَهِيَ لُغَةٌ يَمَانِيَّةٌ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً

؛ إِن الْخَمْرَ هُنَا الْعِنَبُ؛ قَالَ: وأُراه سَمَّاهَا بِاسْمِ مَا فِي الإِمكان أَن تؤول إِليه، فكأَنه قَالَ: إِني أَعصر عِنَبًا؛ قَالَ الرَّاعِي:

يُنازِعُنِي بِهَا نُدْمانُ صِدْقٍ

شِواءَ الطَّيرِ، والعِنَبَ الحَقِينا

يُرِيدُ الْخَمْرَ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: أَعْصِرُ خَمْراً

أَي أَستخرج الْخَمْرَ، وإِذا عُصِرَ الْعِنَبُ فإِنما يُسْتَخْرَجُ بِهِ الْخَمْرُ، فَلِذَلِكَ قَالَ: أَعْصِرُ خَمْراً

. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَزَعَمَ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنه رأَى يَمَانِيًّا قَدْ حَمَلَ عِنَبًا فَقَالَ لَهُ: مَا تَحْمِلُ؟ فَقَالَ: خَمْرًا، فَسَمَّى الْعِنَبَ خَمْرًا، وَالْجَمْعُ خُمور، وَهِيَ الخَمْرَةُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَسُمِّيَتِ الْخَمْرُ خَمْرًا لأَنها تُرِكَتْ فاخْتَمَرَتْ، واخْتِمارُها تَغَيُّرُ رِيحِهَا؛ وَيُقَالُ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمُخَامَرَتِهَا الْعَقْلَ. وَرَوَى الأَصمعي عَنْ مَعْمَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: لَقِيتُ أَعرابياً فَقُلْتُ: مَا مَعَكَ؟ قَالَ: خَمْرٌ. والخَمْرُ: مَا خَمَر العَقْلَ، وَهُوَ الْمُسْكِرُ مِنَ الشَّرَابِ، وَهِيَ خَمْرَةٌ وخَمْرٌ وخُمُورٌ مِثْلُ تَمْرَةٍ وَتَمْرٍ وَتُمُورٍ. وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ: أَنه بَاعَ خَمْرًا فَقَالَ عُمَرُ: قاتَلَ اللهُ سَمُرَةَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنما بَاعَ عَصِيرًا مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا فسماه باسم ما يؤول إِليه مَجَازًا، كَمَا قَالَ عز وجل: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً

، فَلِهَذَا نَقَمَ عُمَرَ، رضي الله عنه، عَلَيْهِ لأَنه مَكْرُوهٌ؛ وإِما أَن يَكُونَ سَمُرَةُ بَاعَ خَمْرًا فَلَا لأَنه لَا يَجْهَلُ تَحْرِيمَهُ مَعَ اشْتِهَارِهِ. وخَمَر الرجلَ والدابةَ يَخْمُره خَمْراً: سَقَاهُ الْخَمْرَ، والمُخَمِّرُ: مُتَّخِذُ الْخَمْرِ، والخَمَّارُ: بَائِعُهَا. وعنبٌ خَمْرِيٌّ: يَصْلُحُ لِلْخَمْرِ. ولَوْنٌ خَمْرِيٌّ: يُشْبِهُ لَوْنَ الخَمر. واخْتِمارُ الخَمْرِ: إِدْراكُها وَغَلَيَانُهَا. وخُمْرَتُها وخُمارُها: مَا خَالَطَ مِنْ سُكْرِهَا، وَقِيلَ: خُمْرَتُها وخُمارُها مَا أَصابك مِنْ أَلمها وَصُدَاعِهَا وأَذاها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

لَذٌّ أَصابَتْ حُمَيَّاها مَقاتِلَهُ،

فَلَمْ تَكَدْ تَنْجَلِي عَنْ قلبِهِ الخُمَرُ

وَقِيلَ: الخُمارُ بَقِيَّةُ السُّكْرِ، تَقُولُ مِنْهُ: رَجُلٌ خَمِرٌ أَي فِي عَقِبِ خُمارٍ؛ وَيُنْشِدُ قَوْلَ امْرِئِ الْقَيْسِ:

أَحار بْنَ عَمْرٍو فُؤَادِي خَمِرْ

وَرَجُلٌ مَخْمُورٌ: بِهِ خُمارٌ، وَقَدْ خُمِرَ خَمْراً وخَمِرَ. وَرَجُلٌ مُخَمَّرٌ: كمَخْمُور. وتَخَمَّرَ بالخَمْرِ: تَسَكَّرَ بِهِ، ومُسْتَخْمِرٌ وخِمِّيرٌ: شِرِّيبٌ لِلْخَمْرِ دَائِمًا. وَمَا فلانٌ بِخَلٍّ ولا خَمْرٍ أَي لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا شَرَّ عِنْدَهُ. وَيُقَالُ أَيضاً: مَا عِنْدَ فُلَانٍ خَلٌّ وَلَا خمر أَي لَا خَيْرٌ وَلَا شَرٌّ. والخُمْرَةُ والخَمَرَةُ: مَا خامَرَك مِنَ الرِّيحِ،

ص: 255

وَقَدْ خَمَرَتْهُ؛ وَقِيلَ: الخُمْرَةُ والخَمَرَةُ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ؛ يُقَالُ: وَجَدْتُ خَمَرَة الطِّيبِ أَي رِيحَهُ، وامرأَة طَيِّبَةُ الخِمْرَةِ بالطِّيبِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والخَمِيرُ والخَمِيرَةُ: الَّتِي تُجْعَلُ فِي الطِّينِ. وخَمَرَ العجينَ والطِّيبَ وَنَحْوَهُمَا يَخْمُره ويَخْمِرُه خَمْراً، فَهُوَ خَمِيرٌ، وخَمَّرَه: تَرَكَ اسْتِعْمَالَهُ حَتَّى يَجُودَ، وَقِيلَ: جَعَلَ فِيهِ الْخَمِيرَ. وخُمْرَةُ الْعَجِينِ: مَا يُجْعَلُ فِيهِ مِنَ الْخَمِيرَةِ. الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ خَمَرْتُ الْعَجِينَ وفَطَرْتُه، وَهِيَ الخُمْرَةُ الَّتِي تُجْعَلُ فِي الْعَجِينِ تُسَمِّيهَا النَّاسُ الخَمِيرَ، وَكَذَلِكَ خُمْرَةُ النَّبِيذِ وَالطِّيبِ. وخُبْزٌ خَمِيرٌ وَخُبْزَةٌ خَمِيرٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كِلَاهُمَا بِغَيْرِ هَاءٍ، وَقَدِ اخْتَمَر الطيبُ وَالْعَجِينُ. وَاسْمُ مَا خُمِرَ بِهِ: الخُمْرَةُ، يُقَالُ: عِنْدِي خُبْزٌ خَمِير وحَيسٌ فَطِير أَي خُبْزٌ بَائِتٌ. وخُمْرةُ اللَّبَنِ: رَوْبَتُه الَّتِي تُصَبُّ عَلَيْهِ لِيَرُوبَ سَرِيعًا؛ وَقَالَ شَمِرٌ: الخَمِيرُ الخُبْزُ فِي قَوْلِهِ:

وَلَا حِنْطَة الشَّامِ الهَرِيت خَمِيرُها

أَي خُبْزُهَا الَّذِي خُمِّرَ عجينُه فَذَهَبَتْ فُطُورَتُه؛ وَطَعَامٌ خَمِيرٌ ومَخْمورٌ فِي أَطعمة خَمْرَى. والخَمِيرُ والخَمِيرَةُ: الخُمْرَةُ. وخُمْرَةُ النَّبِيذِ وَالطِّيبِ: مَا يُجْعَلُ فِيهِ مِنَ الخَمْرِ والدُّرْدِيِّ. وخُمْرَةُ النَّبِيذِ: عَكَرُه، ووجدتُ مِنْهُ خُمْرَةً طَيِّبَةً «2». إِذا اخْتَمَرَ الطيِّبُ أَي وجدتُ رِيحَهُ. وَوَصَفَ أَبو ثَرْوَانَ مأْدُبَةً وبَخُورَ مِجْمَرها قَالَ: فَتَخَمَّرَتْ أَطْنابُنا أَي طَابَتْ رَوَائِحُ أَبداننا بالبَخُور. أَبو زَيْدٍ: وَجَدْتُ مِنْهُ خَمَرَةَ الطِّيبِ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، يَعْنِي رِيحَهُ. وخامَرَ الرجلُ بيتَه وخَمَّرَهُ: لَزِمَهُ فَلَمْ يَبْرَحْهُ، وَكَذَلِكَ خامَرَ المكانَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

وشاعِرٍ يُقالُ خَمِّرْ فِي دَعَهْ

وَيُقَالُ للضَّبُعِ: خامِرِي أُمَّ عامِرٍ أَي اسْتَتِري. أَبو عَمْرٍو: خَمَرْتُ الرجلَ أَخْمُرُه إِذا اسْتَحْيَتْ مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: الخِمْرَةُ الِاسْتِخْفَاءُ «3» . قَالَ ابْنُ أَحمر:

مِنْ طارِقٍ أَتى عَلَى خِمْرَةِ،

أَو حِسْبَةٍ تَنْفَعُ مَنْ يَعْتَبِرْ

قَالَ ابْنُ الأَعرابي: عَلَى غَفْلَةٍ مِنْكَ. وخَمَرَ الشيءَ يَخْمُرُه خَمْراً وأَخْمَرَهُ: سَتَرَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَجِدُ المؤمنَ إِلَّا فِي إِحدى ثلاثٍ: فِي مَسْجِدٍ يَعْمُرُه، أَو بَيْتٍ يَخْمُرُه، أَو مَعِيشَةٍ يُدَبِّرُها

؛ يَخْمُره أَي يَسْتُرُهُ وَيُصْلِحُ مِنْ شأْنه. وخَمَرَ فلانٌ شَهَادَتَهُ وأَخْمَرَها: كَتَمَهَا. وأَخْرَجَ مِنْ سِرِّ خَمِيرِهِ سِرّاً أَي بَاحَ بِهِ. واجْعَلْهُ فِي سرِّ خَمِيرِك أَي اكْتُمْهُ. وأَخْمَرْتُ الشَّيْءَ: أَضمرته؛ قَالَ لَبِيدٌ:

أَلِفْتُكِ حَتَّى أَخْمَرَ القومُ ظِنَّةً

عَليَّ، بَنُو أُمِّ البَنِينَ الأَكابِرُ

الأَزهري: وأَخْمَرَ فلانٌ عَليَّ ظِنَّةً أَي أَضمرها، وأَنشد بَيْتَ لَبِيدٍ. والخَمَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَا وَارَاكَ مِنَ الشَّجَرِ وَالْجِبَالِ وَنَحْوِهَا. يُقَالُ: تَوَارَى الصيدُ عَنِّي فِي خَمَرِ الْوَادِي، وخَمَرُه: مَا وَارَاهُ مِنْ جُرُفٍ أَو حَبْلٍ مِنْ حِبَالِ الرَّمْلِ أَو غَيْرِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: دَخَلَ فُلَانٌ في خُمارِ الناسِ أَي فِيمَا يُوَارِيهِ وَيَسْتُرُهُ مِنْهُمْ. وَفِي حَدِيثِ

سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ: انْطَلَقْتُ أَنا وَفُلَانٌ نَلْتَمِسُ الخَمَر

، هُوَ بِالتَّحْرِيكِ: كُلُّ مَا سَتَرَكَ مِنْ شَجَرٍ أَو بناءِ أَو غَيْرِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

أَبي قَتَادَةَ: فابْغِنَا مَكاناً

(2). قوله: [خمرة طيبة] خاؤها مثلثة كالخمرة محركة كما في القاموس

(3)

. قوله: [الخمرة الاستخفاء] ومثلها الخمر محركاً خمر خمراً كفرح توارى واستخفى كما في القاموس

ص: 256

خَمَراً

أَي سَاتِرًا بِتَكَاثُفِ شَجَرِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

الدَّجَّالِ: حَتَّى تَنْتَهُوا إِلى جَبَلِ الخَمَرِ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يُرْوَى بِالْفَتْحِ، يَعْنِي الشَّجَرَ الْمُلْتَفَّ، وَفُسِّرَ فِي الْحَدِيثِ أَنه جَبَلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِكَثْرَةِ شَجَرِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

سَلْمَانَ: أَنه كَتَبَ إِلى أَبي الدَّرْدَاءِ: يَا أَخي، إِن بَعُدَتِ الدَّارُ مِنَ الدَّارِ فإِن الرُّوح مِنَ الرُّوح قَريبٌ، وطَيْرُ السماءٍ عَلَى أَرْفَهِ خَمَرِ الأَرض يَقَعُ الأَرْفَهُ الأَخصبُ

؛ يُرِيدُ أَن وَطَنَهُ أَرفق بِهِ وأَرفه لَهُ فَلَا يُفَارِقُهُ، وَكَانَ أَبو الدَّرْدَاءِ كَتَبَ إِليه يَدْعُوهُ إِلى الأَرض الْمُقَدَّسَةِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي إِدريس الخَوْلانِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَالنَّاسُ أَخْمَرُ مَا كَانُوا

أَي أَوْفَرُ. وَيُقَالُ: دَخَلَ فِي خَمَار النَّاسِ «1» . أَي فِي دَهْمَائِهِمْ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِالْجِيمِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ

أُوَيْسٍ القَرَنِيِّ: أَكون فِي خَمَارِ النَّاسِ أَي فِي زَحْمَتِهِمْ حَيْثُ أَخْفَى وَلَا أُعْرَفُ.

وَقَدْ خَمِرَ عَنِّي يَخْمَرُ خَمَراً أَي خَفِيَ وَتَوَارَى، فَهُوَ خَمِرٌ. وأَخْمَرَتْه الأَرضُ عَنِّي وَمِنِّي وعَلَيَّ: وَارَتْهُ. وأَخْمَرَ القومُ: تَوارَوْا بالخَمَرِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا خَتَلَ صَاحِبَهُ: هُوَ يَدِبُّ «2» . لَهُ الضَّراءَ ويَمْشِي لَهُ الخَمَرَ. وَمَكَانٌ خَمِرٌ: كَثِيرُ الخَمَرِ، عَلَى النَّسَبِ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وأَنشد لِضِبَابِ بْنِ وَاقِدٍ الطُّهَوِيِّ:

وجَرَّ المَخاضُ عَثَانِينَها

إِذا بَرَكَتْ بالمكانِ الخَمِرْ

وأَخْمَرَتِ الأَرضُ: كَثُرَ خَمَرُها. وَمَكَانٌ خَمِرٌ إِذا كَانَ كَثِيرَ الخَمَرِ. والخَمَرُ: وَهْدَةٌ يَخْتَفِي فِيهَا الذِّئْبُ؛ وأَنشد:

فَقَدْ جاوَزْتُما خَمَرَ الطَّرِيقِ

وَقَوْلُ طَرَفَةَ:

سَأَحْلُبُ عَنْساً صَحْنَ سَمٍّ فَأَبْتَغِي

بِهِ جِيرَتي، إِن لَمْ يُجَلُّوا لِيَ الخَمَرْ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَعْنَاهُ إِن لَمْ يُبَيِّنُوا لِيَ الخبرَ، وَيُرْوَى يُخَلُّوا، فإِذا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الخَمَرُ هَاهُنَا الشَّجَرَ بِعَيْنِهِ. يَقُولُ: إِن لَمْ يَخْلُوا لِيَ الشَّجَرَ أَرعاها بإِبلي هَجَوْتُهُمْ فَكَانَ هجائي لم سَمًّا، وَيُرْوَى: سأَحلب عَيْساً، وَهُوَ مَاءُ الْفَحْلِ، وَيَزْعُمُونَ أَنه سَمٌّ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

مَلِّكْهُ عَلَى عُرْبِهِمْ وخُمُورِهِمْ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي أَهل الْقُرَى لأَنهم مَغْلُوبُونَ مَغْمُورُونَ بِمَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْخَرَاجِ والكُلَفِ والأَثقال، وَقَالَ: كَذَا شَرَحَهُ أَبو مُوسَى. وخَمَرُ النَّاسِ وخَمَرَتُهُمْ وخَمَارُهم وخُمَارُهم: جَمَاعَتُهُمْ وَكَثْرَتُهُمْ، لغةٌ فِي غَمار النَّاسِ وغُمارهم أَي فِي زَحْمتهم؛ يُقَالُ: دَخَلْتُ فِي خَمْرتهم وغَمْرتهم أَي فِي جَمَاعَتِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ. والخِمَارُ للمرأَة، وَهُوَ النَّصِيفُ، وَقِيلَ: الْخِمَارُ مَا تُغَطِّي بِهِ المرأَة رأْسها، وَجَمْعُهُ أَخْمِرَةٌ وخُمْرٌ وخُمُرٌ. والخِمِرُّ، بِكَسْرِ الْخَاءِ وَالْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ: لُغَةٌ فِي الْخِمَارِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وأَنشد:

ثُمَّ أَمالَتْ جانِبَ الخِمِرِّ

والخِمْرَةُ: مِنَ الخِمار كاللِّحْفَةِ مِنَ اللِّحَافِ. يُقَالُ: إِنها لَحَسَنَةُ الخِمْرَةِ. وَفِي الْمَثَلِ: إِنَّ الْعَوَانَ لَا تُعَلَّمُ الخِمْرَةَ أَي إِن المرأَة الْمُجَرِّبَةَ لَا تُعَلَّمُ كَيْفَ تَفْعَلُ. وتَخَمَّرَتْ بالخِمار واخْتَمَرَتْ: لَبِسَتْه، وخَمَّرَتْ بِهِ رأْسَها: غَطَّتْه. وَفِي حَدِيثِ

أُم سَلَمَةَ: أَنه كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الخُفِّ والخِمار

؛

(1). قوله: [في خمار الناس] بضم الخاء وفتحها كما في القاموس

(2)

. قوله: [يدب إلخ] ذكره الميداني في مجمع الأمثال وفسر الضراء بالشجر الملتف وبما انخفض مِنَ الْأَرْضِ، عَنِ ابْنِ الأعرابي؛ والخمر بما واراك مِنْ جُرُفٍ أَوْ حَبْلٍ رمل؛ ثم قال: يضرب للرجل يختل صاحبه. وذكر هذا المثل أيضاً اللسان والصحاح وغيرهما في ض ر ي وضبطوه بوزن سماء

ص: 257

أَرادت بِالْخِمَارِ الْعِمَامَةَ لأَن الرَّجُلَ يُغَطِّي بِهَا رأْسه كَمَا أَن المرأَة تُغَطِّيهِ بِخِمَارِهَا، وَذَلِكَ إِذا كَانَ قَدِ اعْتَمَّ عِمَّةَ الْعَرَبِ فأَرادها تَحْتَ الْحَنَكِ فَلَا يَسْتَطِيعُ نَزْعَهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ فَتَصِيرُ كَالْخُفَّيْنِ،، غَيْرَ أَنه يَحْتَاجُ إِلى مَسْحِ الْقَلِيلِ مِنَ الرأْس ثُمَّ يَمْسَحُ عَلَى الْعِمَامَةِ بَدَلَ الِاسْتِيعَابِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ

عُمَرَ، رضي الله عنه، لِمُعَاوِيَةَ: مَا أَشبه عَيْنَك بِخِمْرَةِ هِنْدٍ

؛ الخمرةُ: هَيْئَةُ الِاخْتِمَارِ؛ وَكُلُّ مُغَطًّى: مُخَمَّرٌ. وَرُوِيَ

عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: خَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ

؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: التَّخْمِيرُ التَّغْطِيَةُ، وَفِي رِوَايَةٍ: خَمِّرُوا الإِناء وأَوْكُوا السِّقَاءَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَنه أُتِيَ بإِناءِ مِنْ لَبَنِ فَقَالَ: هلَّا خَمَّرْتَه وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرِضُه عَلَيْهِ.

والمُخَمَّرَةُ مِنَ الشِّيَاهِ: البيضاءُ الرأْسِ، وَقِيلَ: هِيَ النَّعْجَةُ السَّوْدَاءُ ورأْسها أَبيض مِثْلُ الرَّخْماءِ، مُشْتَقٌّ مِنْ خِمار المرأَة؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذا ابْيَضَّ رأْس النَّعْجَةِ مِنْ بَيْنِ جَسَدِهَا، فَهِيَ مُخَمَّرة ورَخْماءُ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: هِيَ الْمُخْتَمِرَةُ مِنَ الضأْن والمِعْزَى. وَفَرَسٌ مُخَمَّرٌ: أَبيضٌ الرأْس وَسَائِرُ لَوْنِهِ مَا كَانَ. وَيُقَالُ: مَا شَمَّ خِمارَكَ أَي مَا أَصابَكَ، يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ إِذا تَغَيَّرَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ. وخَمِرَ عَلَيْهِ خَمَراً وأَخْمَرَ: حَقَدَ. وخَمَرَ الرجلَ يَخْمِرُهُ: اسْتَحْيَا مِنْهُ. والخَمَرُ: أَن تُخْرَزَ نَاحِيَتَا أَديم المَزَادَة ثُمَّ تُعَلَّى بِخَرْزٍ آخَر. والخُمْرَةُ: حَصِيرَةٌ أَو سَجَّادَةٌ صَغِيرَةٌ تُنْسَجُ مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ وتُرَمَّلُ بِالْخُيُوطِ، وَقِيلَ: حَصِيرَةُ أَصغر مِنَ المُصَلَّى، وَقِيلَ: الخُمْرَة الْحَصِيرُ الصَّغِيرُ الَّذِي يُسْجَدُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَسْجُدُ عَلَى الخُمْرَةِ

؛ وَهُوَ حَصِيرٌ صَغِيرٌ قَدْرُ مَا يُسْجَدُ عَلَيْهِ يُنْسَجُ مِنَ السَّعَفِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: سُمِّيَتْ خُمْرة لأَنها تَسْتُرُ الْوَجْهَ مِنَ الأَرض. وَفِي حَدِيثِ

أُم سَلَمَةَ قَالَ لَهَا وَهِيَ حَائِضٌ: نَاوِلِينِي الخُمْرَةَ

؛ وَهِيَ مِقْدَارُ مَا يَضَعُ الرَّجُلُ عَلَيْهِ وَجْهَهُ فِي سُجُودِهِ مِنْ حَصِيرٍ أَو نَسِيجَةِ خُوصٍ وَنَحْوِهِ مِنَ النَّبَاتِ؛ قَالَ: وَلَا تَكُونُ خُمْرَةً إِلَّا فِي هَذَا الْمِقْدَارِ، وَسُمِّيَتْ خُمْرَةً لأَن خُيُوطَهَا مَسْتُورَةٌ بِسَعَفِهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ وَهَكَذَا فُسِّرَتْ.

وَقَدْ جَاءَ فِي سُنَنِ أَبي دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَتْ فأْرة فأَخذت تَجُرُّ الفَتِيلَة فجاءتْ بِهَا فأَلقتها بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، على الخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا فأَحرقت مِنْهَا مِثْلَ مَوْضِعِ دِرْهَمٍ

، قَالَ: وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِطلاق الخُمْرَةِ عَلَى الْكَبِيرِ مِنْ نَوْعِهَا. قَالَ: وَقِيلَ الْعَجِينُ اخْتَمَرَ لأَن فَطُورَتَهُ قَدْ غَطَّاهَا الخَمَرُ، وَهُوَ الِاخْتِمَارُ. وَيُقَالُ: قَدْ خَمَرْتُ الْعَجِينَ وأَخْمَرْته وفَطَرْتُه وأَفْطَرْتُه، قَالَ: وَسُمِّيَ الخَمْرُ خَمْراً لأَنه يُغَطِّي الْعَقْلَ، وَيُقَالُ لِكُلِّ مَا يَسْتُرُ مِنْ شَجَرٍ أَو غَيْرِهِ: خَمَرٌ، وَمَا سَتَرَهُ مِنْ شَجَرٍ خَاصَّةً، فَهُوَ الضَّرَاءُ. والخُمْرَةُ: الوَرْسُ وأَشياء مِنَ الطِّيبِ تَطْلي بِهِ المرأَة وَجْهَهَا لِيَحْسُنَ لَوْنُهَا، وَقَدْ تَخَمَّرَتْ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي الغُمْرَةِ. والخُمْرَةُ: بِزْرُ العَكَابِرِ «3» . الَّتِي تَكُونُ فِي عِيدَانِ الشَّجَرِ. واسْتَخْمَر الرجلَ: اسْتَعْبَدَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

مُعَاذٍ: مَنِ اسْتَخْمَرَ قَوْمًا أَوَّلُهُمْ أَحْرارٌ وجِيرانٌ مُسْتَضْعَفُونَ فَلَهُ مَا قَصَرَ فِي بَيْتِهِ.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ

مَنِ اسْتَخْمَرَ قَوْمًا

أَي اسْتَعْبَدَهُمْ، بِلُغَةِ أَهل الْيَمَنِ، يَقُولُ: أَخذهم قَهْرًا وَتَمَلَّكَ عَلَيْهِمْ، يَقُولُ: فَمَا وَهَبَ المَلِكُ من هؤلاء

(3). قوله: [العكابر] كذا بالأصل ولعله الكعابر

ص: 258

لِرَجُلٍ فَقَصَرَهُ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ أَي احْتَبَسَهُ وَاخْتَارَهُ وَاسْتَجْرَاهُ فِي خِدْمَتِهِ حَتَّى جَاءَ الإِسلام وَهُوَ عِنْدَهُ عَبْدٌ فَهُوَ لَهُ. ابْنُ الأَعرابي: المُخامَرَةُ أَن يَبِيعَ الرَّجُلُ غُلَامًا حُرّاً عَلَى أَنه عَبْدُهُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَوْلُ مُعَاذٍ مِنْ هَذَا أُخذ، أَراد مَنِ اسْتَعْبَدَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ جَاءَ الإِسلام، فَلَهُ مَا حَازَهُ فِي بَيْتِهِ لَا يَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ، وَقَوْلُهُ: وَجِيرَانٌ مُسْتَضْعَفُونَ أَراد رُبَّمَا اسْتَجَارَ بِهِ قَوْمٌ أَو جَاوَرُوهُ فَاسْتَضْعَفَهُمْ وَاسْتَعْبَدَهُمْ، فَلِذَلِكَ لَا يَخْرُجُونَ مِنْ يَدِهِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى إِقرار النَّاسِ عَلَى مَا فِي أَيديهم. وأَخْمَرَهُ الشيءَ: أَعطاه إِياه أَو مَلَّكَهُ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: هَذَا كَلَامٌ عِنْدَنَا مَعْرُوفٌ بِالْيَمَنِ لَا يَكَادُ يُتكلم بِغَيْرِهِ؛ يَقُولُ الرَّجُلُ: أَخْمِرني كَذَا وَكَذَا أَي أَعطنيه هِبَةً لِي، مَلِّكْنِي إِياه، وَنَحْوَ هَذَا. وأَخْمَر الشيءَ: أَغفله؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. واليَخْمُورُ: الأَجْوَفُ الْمُضْطَرِبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. واليَخْمُورُ أَيضاً: الْوَدَعُ، وَاحِدَتُهُ يَخْمُورَةٌ. ومِخْمَرٌ وخُمَيْرٌ: اسْمَانِ. وَذُو الخِمَار: اسْمُ فَرَسِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ شَهِدَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجَمَلِ. وباخَمْرَى: مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ، وَبِهَا قَبْرُ إِبراهيم «1» . بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، عليهم السلام.

خمجر: مَاءٌ خَمْجَرٌ وخُماجِرٌ وخَمْجَرِيرٌ: ثَقِيلٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَشْرَبُهُ الْمَالُ وَلَا يَشْرَبُهُ النَّاسُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رُبَّمَا قَتَلَ الدَّابَّةَ وَلَا سِيَّمَا إِنِ اعْتَادَتِ الْعَذْبَ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَبْلُغُ أَن يَكُونَ مِلْحًا أُجاجاً، وَقِيلَ: هُوَ الْمِلْحُ جِدًّا؛ وأَنشد:

لَوْ كنتَ مَاءً كُنْتَ خَمْجَرِيرا

خمطر: مَاءٌ خَمْطَرِيرٌ: كَخَمْجَرِيرٍ.

خنر: أُم خِنَّوْر وخَنُّورٍ، عَلَى وَزْنِ تَنُّورٍ: الضَّبُعُ وَالْبَقَرَةُ؛ عَنْ أَبي رِيَاشٍ؛ وَقِيلَ: الدَّاهِيَةُ. وَيُقَالُ: وَقَعَ الْقَوْمُ فِي أُم خِنَّورٍ أَي فِي دَاهِيَةٍ. والخِنَّوْرُ: الضَّبُعُ، وَقِيلَ: أُم خَنُّورٍ مِنْ كُنَى الضَّبُعِ، وَقِيلَ: هِيَ أُم خِنَّوْر، بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ، وَقِيلَ: هِيَ خَنُّور، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَضَمِّ النُّونِ. وأُم خَنُّور: الصَّحارى. وأُم خَنُّور وخَنَوَّرٍ وخِنَّوْرٍ: الدُّنْيَا. قَالَ: قَالَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانٍ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: وطِئْنَا أُمَّ خَنُّورٍ بِقُوَّةٍ، فَمَا مَضَتْ جُمْعَةٌ حَتَّى مَاتَ، وأُمُّ خَنُّورٍ: مِصْرَ، صَانَهَا اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي الْحَدِيثِ:

أُمُّ خَنُّورٍ يُسَاقُ إِليها القِصَارُ الأَعمار

؛ رَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ الدِّيْنَوَريُّ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَفِي الْخَنُّورِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: خِنَّورٌ مِثْلُ بِلَّوْر، وخَنُّورُ مِثْلُ سَفُّود، وخَنَوَّر مِثْلُ عَذَوَّر. والخَنُّور: النِّعْمة الظَّاهِرَةُ، وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَتْ مِصْرُ بِذَلِكَ لِنِعْمَتِهَا، وَذَلِكَ ضَعِيفٌ. وَيُقَالُ: وَقَعُوا فِي أُم خِنَّوْر إِذا وَقَعُوا فِي خِصْب وَلِينٍ مِنَ العَيْشِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الدُّنْيَا أُم خِنَّوْرٍ. وأُمُّ خَنُّور: الاسْتُ؛ وَشَكَّ أَبو حَاتِمٍ فِي شَدِّ النُّونِ، وَيُقَالُ لَهَا أَيضاً: أُم خِنَّوْرٍ؛ قَالَ أَبو سَهْلٍ: وأَما أُم خِنَّوْرٍ، بِكَسْرِ الْخَاءِ، فَهُوَ اسْمُ الِاسْتِ؛ وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: هِيَ اسْمٌ لِاسْتِ الْكَلْبَةِ. والخَنَوَّر: قَصَبُ النُّشَّاب، وَرَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ الخَنُّور، وَقَالَ مَرَّةً: خَنَوَّرٌ أَو خَنُّور، فأَفْصَحَ بِالشَّكِّ؛ وأَنشد:

يَرْمُونَ بالنُّشَّاب ذِي الآذان

في القَصَبِ الخَنَوَّرْ

(1). قوله: [وبها قبر إِبراهيم إلخ] عبارة القاموس وشرحه: بها قَبْرُ إِبراهيم بْنِ عَبْدِ الله المحض بن الحسن المثني بن الحسن السبط الشهيد بن علي إلخ. ثم قال: خرج أي إبراهيم بالبصرة سنة 145 وبايعه وجوه الناس، وتلقب بأمير المؤمنين فقلق لذلك أَبو جعفر المنصور فأرسل إليه عيسى بن موسى لقتاله فاستشهد السيد إبراهيم وحمل رأسه إلى مصر انتهى. باختصار

ص: 259

وَقِيلَ: كُلُّ شَجَرَةٍ رِخْوَةٍ خَوَّارَةٍ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: كُلُّ شَجَرَةٍ رِخْوَة خَوَّارَة، فَهِيَ خَنُّورة، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِقَصَبِ النَّشَّابِ: خَنُّور، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَضَمِّ النُّونِ. أَبو الْعَبَّاسِ: الخانِرُ الصَّديق المُصافي، وَجَمْعُهُ خُنُرٌ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ لَيْسَ مِنْ خُنُرِي أَي ليس من أَصفيائي.

خنتر: الْجُوعُ الخِنْتَارُ: الشديدُ، وهو الخُنْتُور أَيضاً.

خنثر: الخَنْثَرُ والخَنَثِرُ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: الشَّيْءُ الْخَسِيسُ يَبْقَى مِنْ مَتَاعِ الْقَوْمِ فِي الدَّارِ إِذا تَحَمَّلُوا. ابْنُ الأَعرابي: الخَناشِير والخَناثِير الدَّوَاهِي، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الْخَنَاثِيرُ قُمَاشُ الْبَيْتِ.

خنجر: الخَنْجَرُ والخَنْجَرَةُ والخُنجُورُ، كُلُّهُ: النَّاقَةُ الْغَزِيرَةُ، وَالْجَمْعُ الخَناجِرُ. الأَصمعي: الخُنْجُور واللُّهْمُوم والرُّهْشُوشُ الْغَزِيرَةُ اللَّبَنِ مِنَ الإِبل. اللَّيْثُ: الخَنْجَرَةُ مِنَ الْحَدِيدِ، والخَنْجَرُ والخِنجَرُ: السِّكِّينُ. وَمِنْ مَسَائِلِ الْكِتَابِ: الْمَرْءُ مَقْتُولٌ بِمَا قَتَلَ بِهِ، إِن خَنْجَرًا فَخَنْجَرٌ، وَإِنْ سَيْفًا فَسَيْفٌ؛ قَالَ:

يَطْعُنُها بِخَنْجَرٍ مِنْ لَحْمِ،

تحتَ الذُّنَابى، فِي مكانٍ سُخْنِ

جَمَعَ بَيْنَ النُّونِ وَالْمِيمِ وَهَذَا مِنَ الإِكفاء. والخَنْجَرُ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ الخَنْجَرُ بنُ صَخْر الأَسدي. والخَنجَرِيرُ: الْمَاءُ الثَّقِيلُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَبْلُغُ أَن يَكُونَ مِلْحًا، وَقِيلَ: هُوَ الملح جدّاً.

خنزر: الخَنْزَرَةُ: الغِلَظُ. والخَنْزَرَةُ: الفأْس الْغَلِيظَةُ. وخَنْزَرَةُ والخَنْزَرُ: مَوْضِعَانِ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:

أَنْعَتُ عَيراً مِنْ حَمِيرِ خَنْزَرَهْ،

فِي كُلِّ عَيْرٍ مِائَتَانِ كَمَرَهْ

وأَنشد أَيضاً:

أَنْعَتُ أَعْيَاراً رَعَيْنَ الخَنَزَرا،

أَنْعَتُهُنَّ آيُراً وكَمَرَا

ودارَةُ خَنْزَرٍ: مَوْضِعٌ هُنَاكَ؛ عَنْ كُرَاعٍ التَّهْذِيبُ: وخَنْزَرٌ اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:

أَلَمَّ خَيَالٌ مِنْ أُمَيْمَةَ مَوْهِناً

طَرُوقاً، وأَصحابي بدارَةِ خَنْزَرِ

وَقَالَ الرَّاعِي فِي خَنْزَرٍ:

يَعْنِي لِتَبْلُغَنِي خَنْزَرٌ «1»

. وَخِنْزِيرٌ: مَوْضِعُ ذَكَرَهُ لَبِيدٌ:

بالغُرابات فَزَرَّافاتِها،

فبخنْزِيرٍ، فأَطْرَافِ حُبَلْ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: خَنْزَرَ الرجلُ إِذا نَظَرَ بِمُؤَخَّرِ عَيْنِهِ، جَعَلَهُ فَنْعَلَ مِنَ الأَخْزَرِ، وَكُلُّ مُومِسةٍ: أَخْزَر. أَبو عَمْرٍو: الخَنْزُوانُ الخِنْزِير، ذَكَرَهُ فِي بَابِ الهَيْلُمَان والنَّيْدُلان والكَيْذُبان والخَنْزُوان «2». ابْنُ سِيدَهْ: خَنْزَرٌ اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ الحَلالُ بن عَمِّ الرَّاعِي يَتَهَاجَيَانِ، وَزَعَمُوا أَن الرَّاعِي هُوَ الَّذِي سَمَّاهُ خَنْزَراً. والخِنْزِيرُ مِنَ الْوَحْشِ الْعَادِيِّ: مَعْرُوفٌ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ مِنَ الخَزَرِ فِي الْعَيْنِ لأَن ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ، قَالَ: فَهُوَ عَلَى هَذَا ثُلَاثِيٌّ؛ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي تَرْجَمَةِ خَزَرَ. وخَنْزَرَ: فَعَلَ فِعْلَ الْخِنْزِيرِ. وخِنْزِيرٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الأَعشى يصف الغيث:

(1). قوله: [يعني إلخ] كذا بالأَصل

(2)

. قوله: [الخنزوان] بفتح الخاء وضمها كما في القاموس

ص: 260

فالسَّفْحُ يَجْري فَخِنْزِيرٌ فَبُرْقَتُه،

حَتَّى تَدَافَعَ مِنْهُ السَّهْلُ والجَبَلُ

وخِنْزِير: اسْمُ ابْنِ أَسْلَم بْنِ هُنَاءَةَ الأَسَديِّ؛ حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ وَقَالَ: فِيمَا أُرَى. وَالْخَنَازِيرُ: عِلَّةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَهِيَ قُرُوحٌ صُلْبَة تحدث في الرقبة.

خنسر: الخَناسِيرُ: الهُلَّاك؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:

إِذا مَا نُتِجْنَا أَربعاً عامَ كَفْأَةٍ

بَغَاهَا خَناسِيراً، فَأَهْلَكَ أَرْبَعا

وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْخَنَاسِيرُ الدَّوَاهِي، وَقِيلَ: الخَناسِيرُ الغَدْرُ واللُّؤْمُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

فإِنَّكَ لَوْ أَشْبَهْتَ عَمِّي حَمَلْتَنِي،

وَلَكِنَّهُ قَدْ أَدْرَكَتْكَ الخَناسِرُ

أَي أَدركتك مَلائم أُمِّكَ. وخَناسِرُ النَّاسِ: صِغارهم. والخِنْسِرُ: اللئيمُ: والخِنْسِرُ: الدَّاهِيَةُ.

خنشفر: الخَنْشَفِيرُ: الداهية.

خنصر: فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ: الخِنْصِرُ، بِكَسْرِ الْخَاءِ وَالصَّادِ، والخِنْصَرُ: الإِصبع الصُّغْرَى، وَقِيلَ الْوُسْطَى، أُنْثَى، وَالْجَمْعُ خَناصِرُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا يُجْمَعُ بالأَلف وَالتَّاءِ اسْتِغْنَاءً بِالتَّكْسِيرِ، وَلَهَا نَظَائِرُ نَحْوُ فِرْسِنٍ وفَرَاسِن، وَعَكْسُهَا كَثِيرٌ؛ وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنه لَعَظِيمُ الخَناصِر وإِنها لِعَظِيمَةُ الخَناصِر، كأَنه جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ خِنْصَراً ثُمَّ جَمَعَ عَلَى هَذَا؛ وأَنشد:

فَشَلَّتْ يَمِينِي يومَ أَعْلُو ابْنَ جَعْفَرٍ،

وشَلَّ بَناناها وشَلَّ الخَناصِرُ

وَيُقَالُ: بِفُلَانٍ تُثْنَى الخَناصِرُ أَي تُبْتَدَأُ بِهِ إِذا ذُكِرَ أَشكالهُ. وخُناصِرَةُ، بِضَمِّ الخاء: بلد بالشام.

خنظر: الخِنْظِيرُ: العَجُوزُ المُسْتَرْخِيَةُ الجُفُونِ ولحم الوجه.

خنفر: خُنافِرٌ: اسْمُ رَجُلٍ.

خور: اللَّيْثُ: الخُوَارُ صوتُ الثَّوْر وَمَا اشْتَدَّ مِنْ صَوْتِ الْبَقَرَةِ وَالْعِجْلِ. ابْنُ سِيدَهْ: الخُوار مِنْ أَصوات الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالظِّبَاءِ وَالسِّهَامِ. وَقَدْ خارَ يَخُور خُواراً: صَاحَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ

؛ قَالَ طَرَفَةُ:

لَيْتَ لَنَا، مكانَ المَلْكِ عَمْرو،

رَغُوثاً حَوْلَ قُبَّتِنا تَخُورُ

وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:

يَحْمِلُ بَعِيراً لَهُ رُغاءٌ أَو بَقَرَةٌ لَهَا خُوارٌ

؛ هُوَ صَوْتُ الْبَقَرِ. وَفِي حَدِيثِ مَقْتَلِ

أُبيِّ بْنِ خَلَفٍ: فَخَرَّ يخُورُ كَمَا يَخُورُ الثَّوْرُ

؛ وَقَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:

يَخُرْنَ إِذا أُنْفِذْن فِي ساقِطِ النَّدى،

وإِن كانَ يَوْمًا ذَا أَهاضِيبَ مُخْضِلا

خُوَارَ المَطَافِيلِ المُلَمَّعَة الشَّوَى

وأَطْلائِها، صَادَفْنَ عِرْنَانَ مُبْقِلا

يَقُولُ: إِذا أُنْفِذَتِ السِّهَامُ خارَتْ خُوارَ هَذِهِ الْوَحْشِ. الْمَطَافِيلُ: الَّتِي تَثْغُو إِلى أَطلائها وَقَدْ أَنشطها المَرْعَى المُخْصِبُ، فأَصواتُ هَذِهِ النَّبَالِ كأَصوات تِلْكَ الْوُحُوشِ ذَوَاتِ الأَطفال، وإِن أُنْفِذَتْ فِي يَوْمِ مَطَرٍ مُخْضِلٍ، أَي فَلِهَذِهِ النَّبْلِ فَضْلٌ مِنْ أَجل إِحكام الصَّنْعَةِ وَكَرْمِ الْعِيدَانِ. والاسْتِخارَةُ: الاستعطافُ. واسْتَخَارَ الرجلَ: اسْتَعْطَفَهُ؛ يُقَالُ: هُوَ مِنَ الخُوَار وَالصَّوْتِ، وأَصله أَن الصَّائِدَ يأْتي وَلَدَ الظَّبْيَةِ فِي كِنَاسِهِ فيَعْرُك أُذنه فَيَخُور أَي يَصِيحُ، يَسْتَعْطِفُ بِذَلِكَ أُمه كَيْ يَصِيدَهَا؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:

ص: 261

لَعَلَّكَ، إِمَّا أُمُّ عَمْرٍو تَبَدَّلَتْ

سِواكَ خَلِيلًا، شاتِمِي تَسْتَخِيرُها «1»

. وَقَالَ الْكُمَيْتُ:

ولَن يَسْتَخِيرَ رُسُومَ الدِّيار،

لِعَوْلَتِهِ، ذُو الصِّبا المُعْوِلُ

فَعَيْنُ اسْتَخَرْتُ عَلَى هَذَا وَاوٌ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْيَاءِ، لأَنك إِذا اسْتَعْطَفْتَهُ وَدَعَوْتَهُ فإِنك إِنَّمَا تَطْلُبُ خَيْرَهُ. وَيُقَالُ: أَخَرْنَا الْمَطَايَا إِلى مَوْضِعِ كَذَا نُخِيرُها إِخارَةً صَرَفْنَاهَا وَعَطَفْنَاهَا. والخَوَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: الضَّعْفُ. وخارَ الرجلُ والحَرُّ يَخُور خُؤوراً وخَوِرَ خَوَراً وخَوَّرَ: ضَعُفَ وَانْكَسَرَ؛ وَرَجُلٌ خَوَّارٌ: ضَعِيفٌ. وَرُمْحٌ خَوَّارٌ وَسَهْمٌ خَوَّار؛ وَكُلُّ مَا ضَعُفَ، فَقَدْ خَارَ. اللَّيْثُ: الخَوَّار الضَّعِيفُ الَّذِي لَا بَقَاءَ لَهُ عَلَى الشِّدَّةِ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: لَنْ تَخُورَ قُوًى مَا دَامَ صَاحِبُهَا يَنْزِعُ ويَنْزُو

، خَارَ يَخور إِذا ضَعُفَتْ قوَّته ووَهَتْ، أَي لَنْ يَضْعُفَ صَاحِبُ قوَّة يَقْدِرُ أَن يَنْزِعَ فِي قَوْسِهِ ويَثِبَ إِلى دَابَّتِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

أَبي بَكْرٍ قَالَ لِعُمَرَ، رضي الله عنهما: أَجَبانٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وخَوَّارٌ فِي الإِسلام؟

وَفِي حَدِيثِ

عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: لَيْسَ أَخو الحَرْبِ مَنْ يَضَعُ خُورَ الحَشايا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ

أَي يَضَعُ لِيَانَ الفُرُشِ والأَوْطِيَة وضِعافَها عِنْدَهُ، وَهِيَ الَّتِي لَا تُحْشَى بالأَشْياء الصُّلْبَةِ. وخَوَّرَه: نَسَبَهُ إِلى الخَوَرِ؛ قَالَ:

لَقَدْ عَلِمْت، فاعْذُليني أَوْ ذَرِي،

أَنَّ صُرُوفَ الدَّهْرِ، مَنْ لَا يَصْبرِ

عَلَى المُلِمَّات، بِهَا يُخَوَّرِ

وخارَ الرجلُ يَخُور، فَهُوَ خَائِرٌ. والخُوَارُ فِي كُلِّ شَيْءٍ عَيْبٌ إِلَّا فِي هَذِهِ الأَشياء: نَاقَةٌ خَوَّارة وَشَاةٌ خَوَّارة إِذا كَانَتَا غَزِيرَتَيْنِ بِاللَّبَنِ، وَبَعِيرٌ خَوَّار رَقِيقٌ حَسَنٌ، وَفَرَسٌ خَوَّار لَيِّنُ العَطْف، وَالْجَمْعُ خُورٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، والعَدَدُ خَوَّاراتٌ. والخَوَّارَةُ: الاستُ لِضَعْفِهَا. وسهمٌ خَوَّار وخَؤورٌ: ضَعِيفٌ. والخُورُ مِنَ النِّسَاءِ: الْكَثِيرَاتُ الرِّيَبِ لِفَسَادِهِنَّ وَضَعْفِ أَحلامهن، لَا وَاحِدَ لَهُ؛ قَالَ الأَخطل:

يَبِيتُ يَسُوفُ الخُورَ، وهْيَ رَواكِد،

كَمَا سَافَ أَبْكَارَ الهِجَانِ فَنِيقُ

وَنَاقَةٌ خَوَّارة: غَزِيرَةُ اللَّبَنِ، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ، وَالْجَمْعُ خُورٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:

رَشُوفٌ وَرَاءَ الخُورِ، لَوْ تَنْدَرِئ لَهَا

صَباً وشَمالٌ حَرْجَفٌ، لَمْ تقَلَّبِ

وأَرض خَوَّارة: لَيِّنَةٌ سَهْلَةٌ، وَالْجَمْعُ خُورٌ؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ لَجَإٍ يَهْجُو جَرِيرًا مُجَاوِبًا لَهُ عَلَى قَوْلِهِ فِيهِ:

أَحِينَ كنتُ سَمَاماً يَا بَني لَجَإٍ،

وخاطَرَتْ بِيَ عَنْ أَحْسابِها مُضَرُ،

تَعَرَّضَتْ تَيْمُ عَمْداً لِي لأَهْجُوَها،

كَمَا تَعَرَّضَ لاسْتِ الخَارِئ الحَجَرُ؟

فَقَالَ عُمَرُ بْنُ لجإٍ يُجَاوِبُهُ:

لَقَدْ كَذَبْتَ، وشَرُّ القَوْلِ أَكْذَبُهُ،

مَا خاطَرَتْ بِكَ عَنْ أَحْسابِها مُضَرُ،

بَلْ أَنتَ نَزْوَة خَوَّارٍ عَلَى أَمَةٍ،

لَا يَسْبِقُ الحَلَبَاتِ اللُّؤْمُ والخَوَرُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وشاهدُ الخُور جَمْعِ خَوَّارٍ قول

(1). قوله: [شَاتِمِي تَسْتَخِيرُهَا] قَالَ السُّكَّرِيُّ شارح الديوان: أَيْ تَسْتَعْطِفُهَا بِشَتْمِكَ إِيَّايَ

ص: 262

الطِّرِمَّاحِ:

أَنا ابنُ حُماةِ المَجْدِ مِنْ آلِ مالِكٍ،

إِذا جَعَلَتْ خُورُ الرِّجالِ تَهِيعُ

قَالَ: وَمِثْلُهُ لغَسَّانَ السَّلِيطِيِّ:

قَبَحَ الإِلَهُ بَني كُلَيْبٍ إِنَّهُمْ

خُورُ القُلُوبِ، أَخِفَّةُ الأَحْلامِ

وَنَخْلَةٌ خَوَّارة: غَزِيرَةُ الْحَمْلِ؛ قَالَ الأَنصاري:

أَدِينُ وَمَا دَيني عَلَيْكُمْ بِمَغْرَمٍ،

ولكنْ عَلَى الجُرْدِ الجِلادِ القَرَاوِحِ

عَلَى كُلِّ خَوَّارٍ، كأَنَّ جُذُوعَهُ

طُلِينَ بِقارٍ، أَو بِحَمْأَةِ مائِحِ

وبَكْرَةٌ خَوَّارَةٌ إِذا كَانَتْ سَهْلَةَ جَرْيِ المِحْوَرِ فِي القَعْرِ؛ وأَنشد:

عَلِّقْ عَلَى بَكْرِكَ مَا تُعَلِّقُ،

بَكْرُكَ خَوَّارٌ، وبَكْرِي أَوْرَقُ

قَالَ: احْتِجَاجُهُ بِهَذَا الرَّجَزِ للبَكْرَةِ الخَوَّارَةِ غَلَطٌ لأَن البَكْرَ فِي الرَّجَزِ بَكْرُ الإِبل، وَهُوَ الذَّكَرُ مِنْهَا الفَتِيُّ. وَفَرَسٌ خَوَّارُ العِنانِ: سَهْلُ المَعْطِفِ لَيِّنُه كَثِيرُ الجَرْيِ؛ وخَيْلٌ خُورٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

مُلِحٌّ إِذا الخُورُ اللَّهامِيمُ هَرْوَلَتْ،

تَوَثَّبَ أَوْسَاطَ الخَبَارِ عَلَى الفَتَرْ

وَجَمَلٌ خَوَّار: رَقِيقٌ حَسَنٌ، وَالْجَمْعُ خَوَّاراتٌ، وَنَظِيرُهُ مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ جَمَلٌ سِبَحْلٌ وجِمالٌ سِبَحْلاتٌ أَي أَنه لَا يُجْمَعُ إلَّا بالأَلف وَالتَّاءِ. وَنَاقَةٌ خَوَّارة: سَبِطَةُ اللَّحْمِ هَشَّةُ العَظْمِ. وَيُقَالُ: إِن فِي بَعِيرِكَ هَذَا لَشَارِبَ خَوَرٍ، يَكُونُ مَدْحًا وَيَكُونُ ذَمًّا: فَالْمَدْحُ أَن يَكُونَ صَبُورًا عَلَى الْعَطَشِ وَالتَّعَبِ، وَالذَّمُّ أَن يَكُونَ غَيْرَ صَبُورٍ عَلَيْهِمَا. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الخُورُ الإِبل الحُمْرُ إِلى الغُبْرَةِ رقيقاتُ الْجُلُودِ طِوالُ الأَوْبارِ، لَهَا شَعْرٌ يَنْفُذُ وَوَبَرُهَا أَطول مِنْ سَائِرِ الْوَبَرِ. والخُورُ: أَضعف مِنَ الجَلَدِ، وإِذا كَانَتْ كَذَلِكَ فَهِيَ غِزارٌ. أَبو الْهَيْثَمِ: رَجُلٌ خَوَّار وقوم خَوَّارون ورجل خَؤُورٌ وَقَوْمٌ خَوَرَةٌ وَنَاقَةٌ خَوَّارة رَقِيقَةُ الْجِلْدِ غَزِيرَة. وزَنْدٌ خَوَّار: قَدَّاحٌ. وخَوَّارُ الصَّفَا: الَّذِي لَهُ صَوْتٌ مِنْ صَلَابَتِهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:

يَتْرُكُ خَوَّارَ الصَّفَا رَكُوبَا

والخَوْرُ: مَصَبُّ الْمَاءِ فِي الْبَحْرِ، وَقِيلَ: هُوَ مَصَبُّ الْمِيَاهِ الْجَارِيَةِ فِي الْبَحْرِ إِذا اتَّسَعَ وعَرُضَ. وَقَالَ شَمِرٌ: الخَوْرُ عُنُقٌ مِنَ الْبَحْرِ يَدْخُلُ فِي الأَرض، وَقِيلَ: هُوَ خَلِيجٌ من البحر، وجمعه خُؤُورٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ السَّفِينَةَ:

إِذا انْتَحَى بِجُؤْجُؤٍ مَسْمُورِ،

وتارَةً يَنْقَضُّ في الخُؤُورِ،

تَقَضِّيَ البازِي مِنَ الصُّقُورِ

والخَوْرُ، مِثْلُ الغَوْرِ: المنخفضُ المُطمَئِنُّ مِنَ الأَرض بَيْنَ النَّشْزَيْنِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ للدُّبُرِ: خَوْرانُ لأَنه كالهَبْطَةِ بَيْنَ رَبْوَتَيْنِ، وَيُقَالُ لِلدُّبُرِ الخَوْرانُ والخَوَّارَةُ، لضَعْفِ فَقْحَتِها سُمِّيَتْ بِهِ، والخَوْرانُ: مَجْرَى الرَّوْثِ، وَقِيلَ: الخَوْرانُ المَبْعَرُ الَّذِي يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ حَتارُ الصُّلْب مِنَ الإِنسان وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: رأْس المبعرِ، وَقِيلَ: الخَوْرانُ الَّذِي فِيهِ الدُّبُرُ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ خَوْراناتٌ وخَوَارِينُ، قَالَ فِي جَمْعِهِ عَلَى خَوْرانات: وَكَذَلِكَ كَلُّ اسْمٍ كَانَ مُذَكَّرًا لِغَيْرِ النَّاسِ جَمْعُهُ عَلَى لَفْظِ تَاءَاتِ

ص: 263

الْجَمْعِ جَائِزٌ نَحْوُ حَمَّامات وسُرادِقاتٍ وَمَا أَشبههما. وطَعَنَه فخارَه خَوْراً: أَصاب خَوْرانَهُ، وَهُوَ الْهَوَاءُ الَّذِي فِيهِ الدُّبُرُ مِنَ الرَّجُلِ، وَالْقُبُلِ مِنَ المرأَة. وخارَ البَرْدُ يَخُورُ خُؤُوراً إِذا فَتَر وسَكَنَ. والخَوَّارُ العُذْرِيُّ: رَجُلٌ كَانَ عَالِمًا بِالنَّسَبِ. والخُوَارُ: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:

خَرَجْنَ مِنَ الخُوَارِ وعُدْنَ فِيهِ،

وقَدْ وَازَنَّ مِنْ أَجَلَى بِرَعْنِ

ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ نَحَرَ خِيرَةَ إِبله وخُورَةَ إِبله، وَكَذَلِكَ الخُورَى والخُورَةُ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لَكَ خَوَّارُها أَي خِيَارُهَا، وَفِي بَنِي فُلَانٍ خُورَى مِنَ الإِبل الْكِرَامِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ خُوزِ كِرْمانَ، والخُوزُ: جبل معروف في العجم، وَيُرْوَى بِالرَّاءِ، وَهُوَ مِنْ أَرض فَارِسَ، وَصَوَّبَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقِيلَ: إِذا أَردت الإِضافة فَبِالرَّاءِ، وإِذا عَطَفْتَ فَبِالزَّايِ

خير: الخَيْرُ: ضِدُّ الشَّرِّ، وَجَمْعُهُ خُيور؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:

ولاقَيْتُ الخُيُورَ، وأَخْطَأَتْني

خُطوبٌ جَمَّةٌ، وعَلَوْتُ قِرْني

تَقُولُ مِنْهُ: خِرْتَ يَا رَجُلُ، فأَنتَ خائِرٌ، وخارَ اللهُ لَكَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فَمَا كِنانَةُ فِي خَيْرٍ بِخَائِرَةٍ،

وَلَا كِنانَةُ فِي شَرٍّ بِأَشْرارِ

وَهُوَ خَيْرٌ مِنْكَ وأَخْيَرُ. وَقَوْلُهُ عز وجل: تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً

؛ أَي تَجِدُوهُ خَيْرًا لَكُمْ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا. وَفُلَانَةُ الخَيْرَةُ مِنَ المرأَتين، وَهِيَ الخَيْرَةُ والخِيَرَةُ والخُوْرَى والخِيرى. وخارَهُ عَلَى صَاحِبِهِ خَيْراً وخِيَرَةً وخَيَّرَهُ: فَضَّله؛ وَرَجُلٌ خَيْرٌ وخَيِّرٌ، مُشَدَّدٌ وَمُخَفَّفٌ، وامرأَة خَيْرَةٌ وخَيِّرَةٌ، وَالْجَمْعُ أَخْيارٌ وخِيَارٌ. وقال تعالى: أُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ

؛ جَمْعُ خَيْرَةٍ، وَهِيَ الْفَاضِلَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ

؛ قَالَ الأَخفش: إِنه لَمَّا وُصِفَ بِهِ؛ وَقِيلَ: فُلَانٌ خَيْرٌ، أَشبه الصِّفَاتِ فأَدخلوا فِيهِ الْهَاءَ لِلْمُؤَنَّثِ وَلَمْ يُرِيدُوا بِهِ أَفعل؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي عَدِيّ تَيْمِ تَمِيمٍ جَاهِلِيٌّ:

وَلَقَدْ طَعَنْتُ مَجامِعَ الرَّبَلَاتِ،

رَبَلَاتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ المَلَكاتِ

فإِن أَردت مَعْنَى التَّفْضِيلِ قُلْتَ: فُلَانَةُ خَيْرُ الناسِ وَلَمْ تَقُلْ خَيْرَةُ، وفلانٌ خَيْرُ النَّاسِ وَلَمْ تَقُلْ أَخْيَرُ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ لأَنه فِي مَعْنَى أَفعل. وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ

؛ قَالَ: الْمَعْنَى أَنهن خَيْرَاتُ الأَخلاق حِسَانُ الخَلْقِ، قَالَ: وَقُرِئَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ. قَالَ اللَّيْثُ: رَجُلٌ خَيِّر وامرأَة خَيِّرَةٌ فَاضِلَةٌ فِي صَلَاحِهَا، وامرأَة خَيْرَةٌ فِي جَمَالِهَا ومِيسَمِها، فَفَرَّقَ بَيْنَ الخَيِّرة والخَيْرَةِ وَاحْتَجَّ بِالْآيَةِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الخَيِّرَة والخَيْرَة عِنْدَ أَهل اللُّغَةِ، وَقَالَ: يُقَالُ هِيَ خَيْرَة النِّسَاءِ وشَرَّةُ النِّسَاءِ؛ وَاسْتَشْهَدَ بِمَا أَنشده أَبو عُبَيْدَةَ:

رَبَلَاتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ الرَّبَلَاتِ

وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنَبَةَ: الخَيْرَةُ مِنَ النِّسَاءِ الْكَرِيمَةُ النَّسَبِ الشَّرِيفَةُ الحَسَبِ الحَسَنَةُ الْوَجْهِ الحَسَنَةُ الخُلُقِ الْكَثِيرَةُ الْمَالِ الَّتِي إِذا وَلَدَتْ أَنْجَبَتْ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

خَيْرُ النَّاسِ خَيْرُهم لِنَفْسِهِ

؛ مَعْنَاهُ إِذا جامَلَ الناسَ جَامَلُوهُ وإِذا أَحسن إِليهم كافأُوه بِمِثْلِهِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

خَيْرُكم خَيْرُكم

ص: 264

لأَهله

؛ هُوَ إِشارة إِلى صِلَةِ الرَّحِمِ وَالْحَثِّ عَلَيْهَا. ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ الخِيارُ لِلْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَالْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ. والخِيارُ: خِلَافُ الْأَشْرَارِ والخِيارُ: الِاسْمُ مِنَ الاخْتِيارِ. وخايَرَهُ فَخَارَهُ خَيْراً: كَانَ خَيْراً مِنْهُ، وَمَا أَخْيَرَه وَمَا خَيْرَه؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ. وَيُقَالُ: مَا أَخْيَرَه وخَيْرَه وأَشَرَّه وشرَّه، وَهَذَا خَيْرٌ مِنْهُ وأَخْيَرُ مِنْهُ. ابْنُ بُزُرج: قَالُوا هُمُ الأَشَرُّونَ والأَخْيَرونَ مِنَ الشَّرَارَة والخَيَارَةِ، وَهُوَ أَخْير مِنْكَ وأَشر مِنْكَ فِي الخَيَارَة والشَّرَارَة، بإِثبات الأَلف. وَقَالُوا فِي الخَيْر والشَّرِّ: هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ وشَرٌّ مِنْكَ، وشُرَيْرٌ مِنْكَ وخُيَيْرٌ مِنْكَ، وَهُوَ شُرَيْرُ أَهلهِ وخُيَيْرُ أَهله. وخارَ خَيْراً: صَارَ ذَا خَيْر؛ وإِنَّكَ مَا وخَيْراً أَي إِنك مَعَ خَيْرٍ؛ مَعْنَاهُ: سَتُصِيبُ خَيْرًا، وَهُوَ مَثَلٌ. وَقَوْلُهُ عز وجل: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً

؛ مَعْنَاهُ إِن عَلِمْتُمْ أَنهم يَكْسِبُونَ مَا يُؤَدُّونَهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ تَرَكَ خَيْراً

؛ أَي مَالًا. وَقَالُوا: لَعَمْرُ أَبيك الخيرِ أَي الأَفضل أَو ذِي الخَيْرِ. وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي: لَعَمْرُ أَبيك الخيرُ بِرَفْعِ الخير على الصفة للعَمْرِ، قَالَ: وَالْوَجْهُ الْجَرُّ، وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي الشَّرِّ. وَخَارَ الشيءَ وَاخْتَارَهُ: انْتَقَاهُ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ:

إِنَّ الكِرامَ، عَلَى مَا كانَ منْ خُلُقٍ،

رَهْطُ امْرِئ، خارَه للدِّينِ مُخْتارُ

وَقَالَ: خَارَهُ مُخْتَارٌ لأَن خَارَ فِي قُوَّةِ اخْتَارَ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:

ومِنَّا الَّذِي اخْتِيرَ الرِّجالَ سَماحَةً

وجُوداً، إِذا هَبَّ الرياحُ الزَّعازِعُ

أَراد: مِنَ الرِّجَالِ لأَن اخْتَارَ مِمَّا يَتَعَدَّى إِلى مَفْعُولَيْنِ بِحَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ، تَقُولُ: اخْتَرْتُهُ مِنَ الرِّجَالِ وَاخْتَرْتُهُ الرجالَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا

؛ وَلَيْسَ هَذَا بِمُطَّرِدٍ. قَالَ الْفَرَّاءُ: التَّفْسِيرُ أَنَّه اخْتَارَ مِنْهُمْ سَبْعِينَ رَجُلًا، وإِنما اسْتَجَازُوا وُقُوعَ الْفِعْلِ عَلَيْهِمْ إِذا طُرِحَتْ مِنْ لأَنه مأْخوذ مِنْ قَوْلِكَ هَؤُلَاءِ خَيْرُ الْقَوْمِ وَخَيْرٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا جَازَتِ الإِضافة مَكَانَ مِنْ وَلَمْ يَتَغَيَّرِ الْمَعْنَى اسْتَجَازُوا أَن يَقُولُوا: اخْتَرْتُكم رَجُلًا وَاخْتَرْتُ مِنْكُمْ رَجُلًا؛ وأَنشد:

تَحْتَ الَّتِي اخْتَارَ لَهُ اللهُ الشجرْ

يُرِيدُ: اخْتَارَ لَهُ اللَّهُ مِنَ الشَّجَرِ؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: إِنما جَازَ هَذَا لأَن الِاخْتِيَارَ يَدُلُّ عَلَى التَّبْعِيضِ وَلِذَلِكَ حُذِفَتْ مِنْ. قَالَ أَعرابي: قُلْتُ لِخَلَفٍ الأَحْمَرِ: مَا خَيْرَ اللَّبَنَ «2» . لِلْمَرِيضِ بِمَحْضَرٍ مِنْ أَبي زَيْدٍ، فَقَالَ لَهُ خَلَفٌ: مَا أَحسنها مِنْ كَلِمَةٍ لَوْ لَمْ تُدَنِّسْها بإِسْماعِها لِلنَّاسِ، وَكَانَ ضَنِيناً، فَرَجَعَ أَبو زَيْدٍ إِلى أَصحابه فَقَالَ لَهُمْ: إِذا أَقبل خَلَفٌ الأَحمر فَقُولُوا بأَجمعكم: مَا خَيْرَ اللَّبَنَ لِلْمَرِيضِ؟ فَفَعَلُوا ذَلِكَ عِنْدَ إِقباله فَعَلِمَ أَنه مِنْ فِعْلِ أَبي زَيْدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

رأَيت الْجَنَّةَ وَالنَّارَ فَلَمْ أَر مثلَ الخَيْرِ والشَّرِّ

؛ قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم، لَمْ أَر مِثْلَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، لَا يُمَيَّزُ بَيْنَهُمَا فَيُبَالَغُ فِي طَلَبِ الْجَنَّةِ وَالْهَرَبِ مِنَ النَّارِ. الأَصمعي: يُقَالُ فِي مَثَلٍ لِلْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ: خَيْرَ مَا رُدَّ فِي أَهل وَمَالٍ قَالَ: أَي جعلَ اللَّهُ مَا جِئْتَ خَيْرَ مَا رَجَعَ بِهِ الغائبُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَمِنْ دُعَائِهِمْ فِي النِّكَاحِ: عَلَى يَدَي الخَيْرِ واليُمْنِ قَالَ: وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْكَلَامَ فِي حَدِيثٍ

عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللِّيثِيِّ فِي حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ أَن أَخاه أُنَيْساً نافَرَ رَجُلًا

(2). قوله: [ما خير اللبن إلخ] أي بنصب الراء والنون، فهو تعجب كما في القاموس

ص: 265

عَنْ صِرْمَةٍ لَهُ وَعَنْ مِثْلِهَا فَخُيِّرَ أُنَيْسٌ فَأَخذ الصِّرْمَةَ

؛ مَعْنَى خُيِّرَ أَي نُفِّرَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي فُضِّل وغُلِّبَ. يُقَالُ: نافَرْتُه فَنَفَرْتُه أَي غَلَبْتُهُ، وخايَرْتُه فَخِرْتُه أَي غَلَبْتُهُ، وفاخَرْتُه فَفَخَرْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وناجَبْتُه فَنَجَبْتُهُ؛ قَالَ الأَعشى:

واعْتَرَفَ المَنْفُورُ للنافِرِ

وَقَوْلُهُ عز وجل: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ وَيَخْتارُ مَا كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى رَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَرَبُّكَ يَخْتَارُ وَلَيْسَ لَهُمُ الْخِيرَةُ وَمَا كَانَتْ لَهُمُ الْخِيرَةُ أَي لَيْسَ لَهُمْ أَن يَخْتَارُوا عَلَى اللَّهِ؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَا فِي مَعْنَى الَّذِي فَيَكُونَ الْمَعْنَى وَيَخْتَارُ الَّذِي كَانَ لَهُمْ فِيهِ الْخِيرَةُ، وَهُوَ مَا تَعَبَّدَهم بِهِ، أَي وَيَخْتَارُ فِيمَا يَدْعُوهُمْ إِليه مِنْ عِبَادَتِهِ مَا لَهُمْ فِيهِ الخِيَرَةُ. واخْتَرْتُ فُلَانًا عَلَى فُلَانٍ: عُدِّيَ بِعَلَى لأَنه فِي مَعْنَى فَضَّلْتُ؛ وَقَوْلُ قَيْسِ بْنِ ذريحٍ:

لَعَمْرِي لَمَنْ أَمْسَى وأَنتِ ضَجِيعُه،

مِنَ الناسِ، مَا اخْتِيرَتْ عَلَيْهِ المَضاجِعُ

مَعْنَاهُ: مَا اخْتِيرَتْ عَلَى مَضْجَعِه المضاجعُ، وَقِيلَ: مَا اخْتِيرَتْ دُونَهُ، وَتَصْغِيرُ مُخْتَارٍ مُخَيِّر، حُذِفَتْ مِنْهُ التَّاءُ لأَنها زَائِدَةٌ، فأُبدلت مِنَ الْيَاءِ لأَنها أُبدلت مِنْهَا فِي حَالِ التَّكْبِيرِ. وخَيَّرْتُه بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ أَي فَوَّضْتُ إِليه الخِيارَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

تَخَيَّرُوا لنُطَفِكُمْ

، أَي اطْلُبُوا مَا هُوَ خَيْرُ الْمُنَاكِحِ وأَزكاها وأَبعد مِنَ الخُبْثِ وَالْفُجُورِ. وَفِي حَدِيثِ

عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ: أَنه خَيَّر فِي ثَلَاثٍ

أَي جَعَلَ لَهُ أَن يَخْتَارَ مِنْهَا وَاحِدَةً، قَالَ: وَهُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ. وَفِي حَدِيثِ

بَرِيرة: أَنها خُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا

، بِالضَّمِّ. فأَما قَوْلُهُ: خَيَّرَ بَيْنَ دُورِ الأَنصار فَيُرِيدُ فَضَّلَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ. وتَخَيَّر الشيءَ: اخْتَارَهُ، وَالِاسْمُ الخِيرَة والخِيَرَة كَالْعِنَبَةِ، والأَخيرة أَعرف، وَهِيَ الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ: اخْتَارَهُ اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي الْحَدِيثِ:

محمدٌ، صلى الله عليه وسلم، خِيرَةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ وخِيَرَةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ

؛ والخِيَرَة: الِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: هَذَا وَهَذِهِ وَهَؤُلَاءِ خِيرَتي، وَهُوَ مَا يَخْتَارُهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الخِيرةُ، خَفِيفَةٌ، مَصْدَرُ اخْتارَ خِيرة مِثْلُ ارْتابَ رِيبَةً، قَالَ: وَكُلُّ مَصْدَرٍ يَكُونُ لأَفعل فَاسْمُ مَصْدَرِهِ فَعَال مِثْلُ أَفاق يُفِيقُ فَوَاقاً، وأَصاب يُصيب صَوَاباً، وأَجاب يُجيب جَواباً، أُقيم الِاسْمُ مَكَانَ الْمَصْدَرِ، وَكَذَلِكَ عَذَّبَ عَذاباً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وقرأَ القراء: أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ

، بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَمِثْلُهُ سَبْيٌ طِيَبَةٌ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الخِيَرَة التَّخْيِيرُ. وَتَقُولُ: إِياك والطِّيَرَةَ، وسَبْيٌ طِيَبَةٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ وَيَخْتارُ مَا كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ

؛ أَي ليس لَهُمْ أَن يَخْتَارُوا عَلَى اللَّهِ. يُقَالُ: الخِيرَةُ والخِيَرَةُ كُلُّ ذَلِكَ لِمَا تَخْتَارُهُ مِنْ رَجُلٍ أَو بَهِيمَةٍ يَصْلُحُ إِحدى «1» هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ. وَالِاخْتِيَارُ: الِاصْطِفَاءُ وَكَذَلِكَ التَّخَيُّرُ. وَلَكَ خِيرَةُ هَذِهِ الإِبل وَالْغَنَمِ وخِيارُها، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَقِيلَ: الْخِيَارُ مِنَ النَّاسِ وَالْمَالِ وَغَيْرُ ذَلِكَ النُّضَارُ. وَجَمَلٌ خِيَار وَنَاقَةٌ خِيَارٌ: كَرِيمَةٌ فَارِهَةٌ؛ وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ:

أَعطوه جَمَلًا رَباعِياً خِيَاراً

؛ جَمَلٌ خِيَارٌ وَنَاقَةٌ خِيَارٌ أَي مُخْتَارٌ وَمُخْتَارَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: نَحَرَ خِيرَةَ إِبله وخُورَةَ إِبله، وأَنت بالخِيارِ وبالمُخْتارِ سواءٌ، أَي اخْتَرْ مَا شِئْتَ. والاسْتِخارَةُ: طلَبُ الخِيرَة فِي الشَّيْءِ، وهو

(1). قوله: [يصلح إحدى إلخ] كذا بالأَصل وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سقط فلعل الثالث لفظ ما تختاره

ص: 266

اسْتِفْعَالٌ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي كُلِّ شَيْءٍ.

وخارَ اللهُ لَكَ أَي أَعطاك مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ، والخِيْرَةُ، بِسُكُونِ الْيَاءِ: الِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ دُعَاءُ الِاسْتِخَارَةِ: اللَّهُمَّ خِرْ لِي أَي اخْتَرْ لِي أَصْلَحَ الأَمرين وَاجْعَلْ لِي الخِيْرَة فِيهِ. وَاسْتَخَارَ اللهَ: طَلَبَ مِنْهُ الخِيَرَةَ. وَخَارَ لَكَ فِي ذَلِكَ: جَعَلَ لَكَ فِيهِ الخِيَرَة؛ والخِيْرَةُ الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ: خَارَ اللَّهُ لَكَ فِي هَذَا الأَمر. وَالِاخْتِيَارُ: الِاصْطِفَاءُ، وَكَذَلِكَ التَّخَيُّرُ. وَيُقَالُ: اسْتَخِرِ اللَّهَ يَخِرْ لَكَ، وَاللَّهُ يَخِير لِلْعَبْدِ إِذا اسْتَخارَهُ. والخِيرُ، بِالْكَسْرِ: الكَرَمُ. والخِيرُ: الشَّرَفُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والخِيرُ: الْهَيْئَةُ. والخِيرُ: الأَصل؛ عَنِ اللحياني. وفلان خَيْرِيَّ [خِيْرِيَ] مِنَ النَّاسِ أَي صَفِيِّي. واسْتَخَارَ المنزلَ: اسْتَنْظَفَهُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

ولَنْ يَسْتَخِيرَ رُسُومَ الدِّيار،

بِعَوْلَتِهِ، ذُو الصِّبَا المُعْوِلُ

واستخارَ الرجلَ: اسْتَعْطَفَهُ وَدَعَاهُ إِليه؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ زُهَيْرٍ الْهُذَلِيِّ:

لَعَلَّك، إِمَّا أُمُّ عَمْرٍو تَبَدَّلَتْ

سِواكَ خَلِيلًا، شاتِمي تَسْتَخِيرُها

قَالَ السُّكَّرِيُّ: أَي تَسْتَعْطِفُهَا بِشَتْمِكَ إِياي. الأَزهري: اسْتَخَرْتُ فُلَانًا أَي اسْتَعْطَفْتَهُ فَمَا خَارَ لِي أَي مَا عَطَفَ؛ والأَصل فِي هَذَا أَن الصَّائِدَ يأْتي الْمَوْضِعَ الَّذِي يَظُنُّ فِيهِ وَلَدَ الظَّبْيَةِ أَو الْبَقَرَةِ فَيَخُورُ خُوارَ الْغَزَالِ فَتَسْمَعُ الأُم، فإِن كَانَ لَهَا وَلَدٌ ظَنَّتْ أَن الصَّوْتَ صَوْتُ وَلَدِهَا فَتَتْبَعُ الصَّوْتَ فَيَعْلَمُ الصَّائِدُ حينئذٍ أَن لَهَا وَلَدًا فَتَطْلُبُ مَوْضِعَهُ، فَيُقَالُ: اسْتَخَارَها أَي خَارَ لِتَخُورَ، ثُمَّ قِيلَ لِكُلِّ مَنِ اسْتَعْطَفَ: اسْتَخَارَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي خور لأَن ابْنَ سِيدَهْ قَالَ: إِن عَيْنَهُ وَاوٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

البَيِّعانِ بالخِيارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا

؛ الخيارُ: الِاسْمُ مِنَ الاخْتِيَارِ، وَهُوَ طَلَبُ خَيْرِ الأَمرين: إِما إِمضاء الْبَيْعِ أَو فَسْخُهُ، وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضرب: خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ النَّقِيصَةِ، أَما خِيَارُ الْمَجْلِسِ فالأَصل فِيهِ قَوْلُهُ:

البيِّعان بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا بَيْعَ الخِيارِ

أَي إِلا بَيْعًا شُرط فِيهِ الْخِيَارُ فَلَمْ يَلْزَمْ بِالتَّفَرُّقِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِلا بَيْعًا شُرِطَ فِيهِ نَفْيُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فَلَزِمَ بِنَفْسِهِ عِنْدَ قَوْمٍ، وأَما خِيَارُ الشَّرْطِ فَلَا تَزِيدُ مُدَّتُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيام عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَوَّلها مِنْ حَالِ الْعَقْدِ أَو مِنْ حَالِ التَّفَرُّقِ، وأَما خِيَارُ النَّقِيصَةِ فأَن يَظْهَرَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ أَو يَلْتَزِمُ الْبَائِعُ فِيهِ شَرْطًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. واسْتَخار الضَّبُعَ واليَرْبُوعَ: جَعَلَ خَشَبَةً فِي مَوْضِعِ النَّافِقَاءِ فَخَرَجَ مِنَ القاصِعاء. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَجَعَلَ اللَّيْثُ الِاسْتِخَارَةَ لِلضَّبُعِ وَالْيَرْبُوعِ وَهُوَ بَاطِلٌ. والخِيارُ: نَبَاتٌ يُشْبِهُ القِثَّاءَ، وَقِيلَ هُوَ الْقِثَّاءُ، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ. وخِيار شَنْبَر: ضَرْبٌ مِنَ الخَرُّوبِ شَجَرَةٌ مِثْلُ كِبَارِ شَجَرِ الخَوْخِ. وَبَنُو الْخِيَارِ: قَبِيلَةٌ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:

أَلا بَكَرَ النَّاعِي بِخَيْرَيْ بَنِي أَسَدْ:

بِعَمْرِو بْنِ مَسعودٍ، وبالسَّيِّدِ الصَّمَدْ

فإِنما ثَنَّاهُ لأَنه أَراد خَيِّرَيْ فَخَفَّفَهُ، مِثْلُ مَيّتٍ ومَيْتٍ وهَيِّنٍ وهَيْنٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الشِّعْرُ لسَبْرَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسدي يَرْثِي عَمْرَو بْنَ مَسْعُودٍ وخالدَ بْنَ نَضْلَةَ وَكَانَ النُّعْمَانُ قَتَلَهُمَا، وَيُرْوَى بِخَيْرِ بَني أَسَد عَلَى الإِفراد، قَالَ: وَهُوَ أَجود؛ قَالَ: وَمِثْلُ هَذَا الْبَيْتِ فِي التَّثْنِيَةِ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:

وَقَدْ ماتَ خَيْرَاهُمْ فَلَمْ يُخْزَ رَهْطُهُ،

عَشِيَّةَ بانَا، رَهْطُ كَعْبٍ وحاتم

والخَيْرِيُّ معرَّب.

ص: 267