المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الصاد المهملة - لسان العرب - جـ ٤

[ابن منظور]

الفصل: ‌فصل الصاد المهملة

وشَوَّر إِليه بِيَدِهِ أَي أَشارَ؛ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ، وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ يُشِير في الصلاة

؛ أَي يُومِئ بِالْيَدِ والرأْس أَي يأْمُرُ ويَنْهَى بالإِشارة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ لِلَّذى كَانَ يُشير بأُصبعه فِي الدُّعاء: أَحِّدْ أَحِّدْ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

كَانَ إِذا أَشار بكفِّه أَشارَ بِهَا كلِّها

؛ أَراد أَنَّ إِشارَاتِه كلَّها مختلِفة، فَمَا كَانَ مِنْهَا فِي ذِكْر التَّوْحِيدِ والتشهُّد فإِنه كَانَ يُشِير بالمُسبِّحَة وحْدها، وَمَا كَانَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَانَ يُشِير بكفِّه كُلِّهَا لِيَكُونَ بَيْنَ الإِشارَتَيْن فرْق، وَمِنْهُ: وإِذا تحَدَّث اتَّصل بِهَا أَي وصَلَ حَدِيثَه بإِشارة تؤكِّده. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ: مَنْ أَشار إِلى مُؤْمِنٍ بحدِيدة يريد قتلَه فقد وَجَب دَمُه

أَي حلَّ لِلْمَقْصُودِ بِهَا أَن يدفعَه عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ قَتَلَه. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَجَب هُنَا بِمَعْنَى حلَّ. والمُشِيرَةُ: هِيَ الإِصْبَع الَّتِي يُقَالُ لَهَا السَّبَّابَة، وَهُوَ مِنْهُ. وَيُقَالُ للسَّبَّابَتين: المُشِيرَتان. وأَشار عَلَيْهِ بأَمْرِ كَذَا: أَمَرَه بِهِ. وهيَ الشُّورَى والمَشُورَة، بِضَمِّ الشِّينِ، مَفْعُلَة وَلَا تَكُونُ مَفْعُولَة لأَنها مَصْدَرٌ، والمَصادِر لَا تَجِيء عَلَى مِثَالِ مَفْعُولة، وإِن جَاءَتْ عَلَى مِثال مَفْعُول، وَكَذَلِكَ المَشْوَرَة؛ وَتَقُولُ مِنْهُ: شَاوَرْتُه فِي الأَمر واسْتشرته بِمَعْنًى. وَفُلَانٌ خَيِّرٌ شَيِّرٌ أَي يصلُح لِلْمُشاورَة. وشاوَرَه مُشاوَرَة وشِوَاراً واسْتَشاره: طَلَب مِنْهُ المَشُورَة. وأَشار الرَّجُلُ يُشِيرُ إِشارَةً إِذا أَوْمَأَ بيديْه. وَيُقَالُ: شَوَّرْت إِليه بِيَدِي وأَشرت إِليه أَي لَوَّحْت إِليه وأَلَحْتُ أَيضاً. وأَشارَ إِليه باليَدِ: أَوْمأَ، وأَشارَ عَلَيْهِ بالرَّأْيِ. وأَشار يُشِير إِذا مَا وَجَّه الرَّأْي. وَيُقَالُ: فُلَانٌ جيِّد المَشُورة والمَشْوَرَة، لُغَتَانِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: المَشُورة أَصلها مَشْوَرَة ثُمَّ نُقِلَتْ إِلى مَشُورة لخفَّتها. اللَّيث: المَشْوَرَة مفْعَلَة اشتُقَّ مِنَ الإِشارة، وَيُقَالُ: مَشُورة. أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ فُلَانٌ وَزِيرُ فُلَانٍ وشيِّرُه أَي مُشاورُه، وَجَمْعُهُ شُوَرَاءُ. وأَشَارَ النَّار وأَشارَ بِها وأَشْوَرَ بِهَا وشَوَّرَ بِهَا: رفعَها. وحَرَّة شَوْرَان: إِحْدَى الحِرَارِ فِي بِلَادِ العرَب، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ. والقَعْقاعُ بْنُ شَوْر: رجُلٌ مِنْ بَنِي عَمْرو بْنِ شَيْبان بْنِ ذُهْل بْنِ ثَعْلَبَةَ؛ وَفِي حَدِيثِ

ظَبْيَانَ: وهمُ الَّذِينَ خَطُّوا مَشائِرَها

أَي ديارَها، الْوَاحِدَةُ مَشارَة، وَهِيَ مِنَ الشَّارة، مَفْعَلَة، والميم زائدة.

شير: شِيارٌ: السَّبْتُ فِي الجاهِلِيَّة كَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي يَوْمَ السَّبْت شِيارا قَالَ

أُؤَمِّل أَنْ أَعِيشَ وأَنَّ يَوْمِي

بِأَوَّلَ أَوْ بِأَهْوَنَ أَو جُبَارِ

أَو التَّالي دُبارِ فَإِن يَفُتْنِي

فَمُؤْنِس أَو عَروبَةَ أَو شِيَارِ

وَفِي التَّهْذِيبِ والشِّيار يَوْمُ السبت

‌فصل الصاد المهملة

صأر: صَوْأَرٌ: مَوْضِع عاقَر فِيهِ سُحَيم بْنُ وَثِيلٍ الرِّيَاحِيُّ غَالِبَ بْنَ صَعْصَعَة أَبا الفَرَزْدَق فَعَقَرَ سُحَيم خَمْساً ثُمَّ بَدَا لَهُ وعَقَرَ غالِب مِائَةٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

لَقَدْ سَرَّني أَنْ لَا تَعُدَّ مُجاشِعٌ،

مِنَ الفَخْرِ، إِلَّا عَقْرَنِيبٍ بِصَوْأَرِ

صبر: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى: الصَّبُور تَعَالَى وتقدَّس، هُوَ الَّذِي لَا يُعاجِل العُصاة بالانْتقامِ، وَهُوَ مِنْ أَبنية المُبالَغة، وَمَعْنَاهُ قَرِيب مِنْ مَعْنَى الحَلِيم، والفرْق بَيْنَهُمَا أَن المُذنِب لَا يأْمَنُ العُقوبة فِي صِفَة الصَّبُور كَمَا يأْمَنُها فِي صِفَة الحَلِيم. ابْنُ سِيدَهْ:

ص: 437

صَبَرَه عَنِ الشَّيْءِ يَصْبِرُه صَبْراً حَبَسَه؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:

قُلْتُ لَهَا أَصْبِرُها جاهِداً:

وَيْحَك، أَمْثالُ طَرِيفٍ قَلِيلْ

والصَّبْرُ: نَصْب الإِنسان للقَتْل، فَهُوَ مَصْبُور. وصَبْرُ الإِنسان عَلَى القَتْل: نَصْبُه عَلَيْهِ. يُقَالُ: قَتَلَه صَبْراً، وَقَدْ صَبَره عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَنْ تُصْبَرَ الرُّوح. وَرَجَلٌ صَبُورَة، بِالْهَاءِ: مَصْبُور لِلْقَتْلِ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ. وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه نَهَى عَنْ قَتْل شَيْءٍ مِنَ الدَّوابّ صَبْراً

؛ قِيلَ: هُوَ أَن يُمْسك الطائرُ أَو غيرُه مِنْ ذواتِ الرُّوح يُصْبَر حَيّاً ثُمَّ يُرْمَى بِشَيْءٍ حَتَّى يُقْتَل؛ قَالَ: وأَصل الصَّبْر الحَبْس، وَكُلُّ مَنْ حَبَس شَيْئًا فَقَدْ صَبَرَه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

نَهَى عَنِ المَصْبُورة ونَهَى عَنْ صَبْرِ ذِي الرُّوح

؛ والمَصبُورة الَّتِي نَهَى عَنْهَا؛ هِيَ المَحْبُوسَة عَلَى المَوْت. وَكُلُّ ذِي رُوحٍ يُصْبَرُ حَيًّا ثُمَّ يُرْمَى حَتَّى يُقْتَلَ، فَقَدْ، قُتِلَ صَبْرًا. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ

فِي رَجُل أَمسَك رجُلًا وقَتَلَه آخَرُ فَقَالَ: اقْتُلُوا الْقَاتِلَ واصْبُروا الصَّابرَ

؛ يَعْنِي احْبِسُوا الَّذِي حَبَسَه للموْت حَتَّى يَمُوت كفِعْلِهِ بِهِ؛ وَمِنْهُ قِيلَ للرجُل يقدَّم فيضربَ عُنُقُهُ: قُتِل صَبْراً؛ يَعْنِي أَنه أُمسِك عَلَى المَوْت، وَكَذَلِكَ لَوْ حَبَس رجُل نفسَه عَلَى شَيْءٍ يُرِيدُه قَالَ: صَبَرْتُ نفسِي؛ قَالَ عَنْتَرَةُ يذكُر حرْباً كَانَ فِيهَا:

فَصَبَرْتُ عارِفَةً لِذَلِكَ حُرَّةً

تَرْسُو، إِذا نَفْسُ الْجَبَانِ تَطَلَّعُ

يَقُولُ: حَبَست نَفْسًا صابِرة. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَقُولُ إِنه حَبَس نفسَه، وكلُّ مَنْ قُتِل فِي غَيْرِ مَعْرَكة وَلَا حَرْب وَلَا خَطَإٍ، فإِنه مَقْتول صَبْراً. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عَنْ صَبْرِ الرُّوح، وَهُوَ الخِصاءُ

، والخِصاءُ صَبْرٌ شَدِيدٌ؛ وَمِنْ هَذَا يَمِينُ الصَّبْرِ، وَهُوَ أَن يحبِسَه السُّلْطَانُ عَلَى الْيَمِينِ حَتَّى يحلِف بِهَا، فَلَوْ حلَف إِنسان مِنْ غيرِ إِحلاف مَا قِيلَ: حلَف صَبْراً. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ حَلَف عَلَى يَمِين مَصْبُورَةٍ كاذِباً

، وَفِي آخَرَ:

عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ

أَي أُلْزِم بِهَا وحُبِس عَلَيْهَا وَكَانَتْ لازِمَة لصاحِبها مِنْ جِهَة الحَكَم، وَقِيلَ لَهَا مَصْبُورة وإِن كَانَ صاحِبُها فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ المَصْبُور لأَنه إِنما صُبِرَ مِنْ أَجْلِها أَي حُبس، فوُصِفت بالصَّبْر وأُضيفت إِليه مَجَازًا؛ والمَصْبورة: هِيَ اليَمِين، والصَّبْر: أَن تأْخذ يَمِين إِنسان. تَقُولُ: صَبَرْتُ يَمِينه أَي حلَّفته. وكلُّ مَنْ حَبَسْتَه لقَتلٍ أَو يَمِين، فَهُوَ قتلُ صَبْرٍ. والصَّبْرُ: الإِكراه. يُقَالُ: صَبَرَ الْحَاكِمُ فُلاناً عَلَى يَمين صَبْراً أَي أَكرهه. وصَبَرْت الرَّجل إِذا حَلَّفته صَبْراً أَو قتلتَه صَبْراً. يُقَالُ: قُتِل فلانٌ صَبْراً وحُلِّف صَبْراً إِذا حُبِس. وصَبَرَه: أَحْلَفه يَمِين صَبْرٍ يَصْبِرُه. ابْنُ سِيدَهْ: ويَمِين الصَّبْرِ الَّتِي يُمْسِكُكَ الحَكَم عَلَيْهَا حَتَّى تَحْلِف؛ وَقَدْ حَلَف صَبْراً؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

فَأَوْجِعِ الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرَا،

أَو يُبْلِيَ اللهُ يَمِيناً صَبْرَا

وصَبَرَ الرجلَ يَصْبِرُه: لَزِمَه. والصَّبْرُ: نقِيض الجَزَع، صَبَرَ يَصْبِرُ صَبْراً، فَهُوَ صابِرٌ وصَبَّار وصَبِيرٌ وصَبُور، والأُنثى صَبُور أَيضاً، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَجَمْعُهُ صُبُرٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّبر حَبْس النَّفْسِ عِنْدَ الجزَع، وَقَدْ صَبَرَ فُلَانٌ عِنْدَ المُصِيبة يَصْبِرُ صَبْراً، وصَبَرْتُه أَنا:

ص: 438

حَبَسْته. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ

. والتَّصَبُّرُ: تكلُّف الصَّبْرِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

أَرَى أُمَّ زَيْدٍ كُلَّمَا جَنَّ لَيْلُها

تُبَكِّي عَلَى زَيْدٍ، ولَيْسَتْ بِأَصْبَرَا

أَراد: وَلَيْسَتْ بأَصْبَرَ مِنِ ابْنِهَا، بَلِ ابْنُهَا أَصْبَرُ مِنْهَا لأَنه عاقٌّ والعاقُّ أَصبَرُ مِنْ أَبَوَيْهِ. وتَصَبَّر واصْطَبَرَ: جَعَلَ لَهُ صَبْراً. وَتَقُولُ: اصْطَبَرْتُ وَلَا تَقُولُ اطَّبَرْتُ لأَن الصَّادَ لَا تُدْغَمُ فِي الطَّاءِ، فإِن أَردت الإِدغام قَلَبْتَ الطَّاءَ صَادًا وَقُلْتَ اصَّبَرْتُ. وَفِي الْحَدِيثِ

عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَن اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: إِنِّي أَنا الصَّبُور

؛ قَالَ أَبو إِسحاق: الصَّبُور فِي صِفَةِ اللَّهِ عز وجل الحَلِيم. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى يَسْمَعُه مِنَ اللَّهِ عز وجل

؛ أَي أَشدّ حِلْماً عَلَى فاعِل ذَلِكَ وَتَرْكِ المُعاقبة عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ*

؛ مَعْنَاهُ: وتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ والصَّبْرِ عَلَى الدُّخُولِ فِي مَعاصِيه. والصَّبْرُ: الجَراءة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ

؛ أَي مَا أَجْرَأَهُم عَلَى أَعمال أَهل النَّارِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: سأَلت الْحَلِيحِيَّ عَنِ الصَّبْرِ فَقَالَ: ثَلَاثَةُ أَنواع: الصَّبْرُ عَلَى طَاعَةِ الجَبَّار، والصَّبْرُ عَلَى معاصِي «4» . الجَبَّار، والصَّبر عَلَى الصَّبر عَلَى طَاعَتِهِ وتَرْك مَعْصِيَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَالَ

عُمر: أَفضل الصَّبر التَّصَبر.

وقوله: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ*

؛ أَي صَبْرِي صَبْرٌ جَمِيل. وَقَوْلُهُ عز وجل: اصْبِرُوا وَصابِرُوا

؛ أَي اصْبِرُوا واثْبُتُوا عَلَى دِينِكم، وَصَابِرُوا أَي صَابِرُوا أَعداءَكُم فِي الجِهاد. وَقَوْلُهُ عز وجل: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ*

؛ أَي بِالثَّبَاتِ عَلَى مَا أَنتم عَلَيْهِ مِنَ الإِيمان. وشَهْرُ الصَّبْرِ: شَهْرُ الصَّوْم. وَفِي حَدِيثِ الصَّوْم:

صُمْ شَهْرَ الصَّبْر

؛ هُوَ شهرُ رَمَضَانَ وأَصل الصَّبْرِ الحَبْس، وسُمِّي الصومُ صَبْراً لِمَا فِيهِ مِنْ حَبْس النَّفْسِ عَنِ الطَّعام والشَّرَاب والنِّكاح. وصَبَرَ بِهِ يَصْبُرُ صَبْراً: كَفَلَ، وَهُوَ بِهِ صَبِيرٌ والصَّبِيرُ: الكَفِيل؛ تَقُولُ مِنْهُ: صَبَرْتُ أَصْبُرُ، بالضَّم، صَبْراً وصَبَارة أَي كَفَلْت بِهِ، تَقُولُ مِنْهُ: اصْبُرْني يَا رَجُلُ أَي أَعْطِنِي كَفِيلًا. وَفِي حَدِيثِ

الحسَن: مَنْ أَسْلَفَ سَلَفاً فَلا يأْخُذَنَّ بِهِ رَهْناً وَلَا صَبِيراً

؛ هُوَ الكفِيل. وصَبِير الْقَوْمِ: زَعِيمُهم المُقَدَّم فِي أُمُورِهم، وَالْجَمْعُ صُبَراء. والصَّبِيرُ: السَّحَابُ الأَبيض الَّذِي يصبرُ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجًا؛ قَالَ يصِف جَيْشاً:

كَكِرْفِئَة الغَيْث ذاتِ الصبِير

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الصَّدْرُ يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ صَدْرًا لِبَيْتِ عَامِرُ بْنُ جُوَيْنٍ الطَّائِيُّ مِنْ أَبيات:

وجارِيَةٍ مِنْ بَنَات المُلُوك،

قَعْقَعْتُ بالخيْل خَلْخالَها

كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيرِ،

تأْتِي السَّحابَ وتَأْتالَها

قَالَ: أَي رُبَّ جَارِيَةٍ مِنْ بَنات المُلُوك قَعْقَعتُ خَلْخَالَها لَمَّا أَغَرْت عَلَيْهِمْ فهَرَبَتْ وعَدَت فسُمِع صَوْت خَلْخَالِها، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ تَعْدُو. وَقَوْلُهُ: كَكِرْفِئَة الغَيْث ذَاتِ الصَّبِيرِ أَي هَذِهِ الْجَارِيَةُ كالسَّحابة البَيْضاء الكَثِيفة تأْتي السَّحاب أَي تقصِدُ إِلى جُمْلَة السَّحاب. وتأْتالُه أَي تُصْلِحُه، وأَصله تأْتَوِلُهُ مِنَ الأَوْل وَهُوَ الإِصْلاح، ونصب

(4). قوله: [الحليحي] وقوله: [والصبر على معاصي إلخ] كذا بالأَصل

ص: 439

تأْتالَها على الجواب؛ قال وَمِثْلُهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:

بِصَبُوحِ صَافِيَة وجَذْب كَرِينَةٍ،

بِمُوَتَّرٍ تَأْتالُه إِبهامُها

أَي تُصْلِح هَذِهِ الكَرِينَة، وَهِيَ المُغَنِّية، أَوْتار عُودِها بِإِبْهامِها؛ وأَصله تَأْتَوِلُه إِبْهامُها فَقُلِبَتِ الْوَاوُ أَلفاً لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا؛ قَالَ: وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ

كَكِرْفِئَة الغيْث ذَاتِ الصَّبِيرِ

للْخَنْسَاء، وَعَجُزُهُ:

تَرْمِي السَّحابَ ويَرْمِي لَها

وَقَبْلَهُ:

ورَجْراجَة فَوْقَها بَيْضُنا،

عَلَيْهَا المُضَاعَفُ، زُفْنا لَها

والصَّبِير: السَّحَابُ الأَبيض لَا يَكَادُ يُمطِر؛ قَالَ رُشَيْد بْنِ رُمَيْض العَنَزيّ:

تَرُوح إِليهمُ عَكَرٌ تَراغَى،

كأَن دَوِيَّها رَعْدُ الصَّبِير

الْفَرَّاءُ: الأَصْبار السَّحَائِبُ الْبِيضُ، الْوَاحِدُ صِبْر وصُبْر، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ. والصَّبِير: السَّحَابَةُ الْبَيْضَاءُ، وَقِيلَ: هِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ السَّحَابَةِ تَرَاهَا كأَنها مَصْبُورة أَي محبُوسة، وَهَذَا ضَعِيفٌ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصَّبير السَّحَابُ يَثْبُتُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلَا يبرَح كأَنه يُصْبَرُ أَي يُحْبَسُ، وَقِيلَ: الصَّبِير السَّحَابُ الأَبيض، وَالْجَمْعُ كَالْوَاحِدِ، وَقِيلَ: جَمْعُهُ صُبُرٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:

فارْمِ بِهم لِيَّةَ والأَخْلافا،

جَوْزَ النُّعامَى صُبُراً خِفافا

والصُّبَارة مِنَ السَّحَابِ: كالصَّبِير. وصَبَرَه: أَوْثقه. وَفِي حَدِيثِ

عَمَّار حِينَ ضرَبه عُثمان: فلمَّا عُوتِب فِي ضَرْبه إِياه قَالَ: هَذِهِ يَدِي لِعَمَّار فَلْيَصْطَبِر

؛ مَعْنَاهُ فَلْيَقْتَصَّ. يُقَالُ: صَبَرَ فُلَانٌ فُلَانًا لِوَلِيِّ فُلَانٍ أَي حَبَسَهُ، وأَصْبَرَه أَقَصَّه مِنْهُ فاصْطَبر أَي اقتصَّ. الأَحمر: أَقادَ السُّلْطَانُ فُلَانًا وأَقَصَّه وأَصْبَرَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِذا قَتَلَه بِقَوَد، وأَباءَهُ مثلهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، طَعَن إِنساناً بقضِيب مُدَاعَبة فَقَالَ لَهُ: أَصْبِرْني، قَالَ: اصْطَبر

، أَي أَقِدْني مِنْ نَفْسِكَ، قَالَ: اسْتَقِدْ. يُقَالُ: صَبَر فُلَانٌ مِنْ خصْمه واصْطَبَر أَي اقتصَّ مِنْهُ. وأَصْبَرَه الْحَاكِمُ أَي أَقصَّه مِنْ خصْمه. وصَبِيرُ الخُوانِ: رُقَاقَة عَرِيضَة تُبْسَطُ تَحْتَ مَا يُؤْكَلُ مِنَ الطَّعَامِ. ابْنُ الأَعرابي: أَصْبَرَ الرَّجُلُ إِذا أَكل الصَّبِيرَة، وَهِيَ الرُّقاقة الَّتِي يَغْرِفُ [يَغْرُفُ] عَلَيْهَا الخَبَاز طَعام العُرْس. والأَصْبَرةُ مِنَ الغَنَم والإِبل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وَلَمْ أَسمع لَهَا بِوَاحِدٍ: الَّتِي تَرُوح وتَغْدُو عَلَى أَهلها لَا تَعْزُب عَنْهُمْ؛ وَرُوِيَ بَيْتُ عَنْتَرَةَ:

لَهَا بالصَّيْف أَصْبِرَةٌ وجُلّ،

وسِتُّ مِنْ كَرائِمِها غِزَارُ

الصِّبرُ والصُّبْرُ: جَانِبُ الشَّيْءِ، وبُصْره مثلُه، وَهُوَ حَرْف الشَّيْءِ وغِلَظه. والصِّبْرُ والصُّبْرُ: نَاحِيَةُ الشَّيْءِ وحَرْفُه، وَجَمْعُهُ أَصْبار. وصُبْرُ الشَّيْءِ: أَعلاه. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: سِدْرة المُنْتَهى صُبْرُ الْجَنَّةِ

؛ قَالَ: صُبْرُها أَعلاها أَي أَعلى نَوَاحِيهَا؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَب يَصِفُ رَوْضَةً:

عَزَبَتْ، وباكَرَها الشَّتِيُّ بِدِيمَة

وَطْفاء، تَمْلَؤُها إِلى أَصْبارِها

وأَدْهَقَ الكأْس إِلى أَصْبارها ومَلأَها إِلى أَصْبارها أَي إِلى أَعالِيها ورأْسها. وأَخذه بأَصْباره أَي تَامًّا بِجَمِيعِهِ.

ص: 440

وأَصْبار الْقَبْرِ: نَوَاحِيهِ وأَصْبار الإِناء: جوانِبه. الأَصمعي: إِذا لَقِيَ الرَّجُلُ الشِّدة بِكَمَالِهَا قِيلَ: لَقِيها بأَصْبارها. والصُّبْرَة: مَا جُمِع مِنَ الطَّعَامِ بِلَا كَيْل وَلَا وَزْن بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الصُّبرة وَاحِدَةُ صُبَرِ الطَّعَامِ. يُقَالُ: اشْتَرَيْتُ الشَّيْءَ صُبْرَةً أَي بِلَا وَزْنٍ وَلَا كَيْلٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَرَّ عَلَى صُبْرَة طَعام فأَدخل يَدَه فِيهَا

؛ الصُّبْرة: الطَّعَامُ المجتمِع كالكُومَة. وَفِي حَدِيثِ

عُمَر: دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظاً مَصْبُوراً

أَي مَجْمُوعًا، قَدْ جُعل صُبْرة كصُبْرة الطَّعَامِ. والصُّبْرَة: الكُدْس، وَقَدْ صَبَّرُوا طَعَامَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ، قَالَ: كَانَ يَصْعَد إِلى السَّمَاءِ بُخَارٌ مِنَ الْمَاءِ، فاسْتَصْبَر فَعَادَ صَبِيراً

؛ اسْتَصْبَرَ أَي استكْثَف، وتراكَم، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ؛ الصَّبِير: سَحاب أَبيض متكاثِف يَعْنِي تَكَاثَفَ البُخار وتَراكَم فَصَارَ سَحاباً. وَفِي حَدِيثِ

طَهْفة: ويسْتَحْلب الصَّبِير

؛ وَحَدِيثِ

ظَبْيَانَ: وسَقَوْهُم بِصَبِير النَّيْطَل

أَي سَحاب الموْت والهَلاك. والصُّبْرة: الطَّعَامُ المَنْخُول بِشَيْءٍ شبِيه بالسَّرَنْد «1» . والصُّبْرَة: الْحِجَارَةُ الْغَلِيظَةُ الْمُجْتَمِعَةُ، وَجَمْعُهَا صِبَار. والصُّبَارة، بِضَمِّ الصَّادِ: الْحِجَارَةُ، وَقِيلَ: الْحِجَارَةُ المُلْس؛ قَالَ الأَعشى:

مَنْ مُبْلِغٌ شَيْبان أَنَّ

المَرْءَ لَمْ يُخلَق صُبارَهْ؟

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَيُرْوَى صِيَارَهْ؛ قَالَ: وَهُوَ نَحْوُهَا فِي الْمَعْنَى، وأَورد الْجَوْهَرِيَّ فِي هَذَا الْمَكَانِ:

مَنْ مُبْلِغٌ عَمْراً بأَنَّ

المَرْءَ لَمْ يُخْلَق صُبارَهْ؟

وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الأَزهري أَيضاً، وَيُرْوَى صَبَارهْ، بِفَتْحِ الصَّادِ، وَهُوَ جَمْعُ صَبَار وَالْهَاءُ دَاخِلَةٌ لِجَمْعِ الْجَمْعِ، لأَن الصَّبَارَ جَمْعُ صَبْرة، وَهِيَ حِجَارَةٌ شَدِيدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ لَمْ يَخْلُقْ صِبارهْ، بِكَسْرِ الصَّادِ، قَالَ: وأَما صُبارة وصَبارة فَلَيْسَ بِجَمْعٍ لصَبْرة لأَن فَعالًا لَيْسَ مِنْ أَبنية الْجُمُوعِ، وإِنما ذَلِكَ فِعال، بِالْكَسْرِ، نَحْوَ حِجارٍ وجِبالٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لَعَمْرو بْنِ مِلْقَط الطَّائِيِّ يُخَاطِبُ بِهَذَا الشِّعْرِ عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ قُتِلَ لَهُ أَخ عِنْدَ زُرارَةَ بْنِ عُدُس الدَّارِمِي، وَكَانَ بَيْنَ عَمْرِو بْنِ مِلْقَط وَبَيْنَ زُرارَة شَرٌّ، فَحَرَّضَ عَمرو بْنَ هِنْدٍ عَلَى بَنِي دارِم؛ يَقُولُ: لَيْسَ الإِنسان بِحَجَرٍ فَيَصْبِرُ عَلَى مِثْلِ هَذَا؛ وَبَعْدَ الْبَيْتِ:

وحَوادِث الأَيام لَا

يَبْقَى لَهَا إِلَّا الْحِجَارَهْ

هَا إِنَّ عِجْزَةَ أُمّه

بالسَّفْحِ، أَسْفَلَ مِنْ أُوارَهْ

تَسْفِي الرِّياح خِلال كَشْحَيْه،

وَقَدْ سَلَبوا إِزَارَهْ

فاقتلْ زُرَارَةَ، لَا أَرَى

فِي الْقَوْمِ أَوفى مِنْ زُرَارَهْ

وَقِيلَ: الصُّبارة قِطْعَةٌ مِنْ حِجَارَةٍ أَو حَدِيدٍ. والصُّبُرُ: الأَرض ذَاتُ الحَصْباء وَلَيْسَتْ بِغَلِيظَةٍ، والصُّبْرُ فِيهِ لُغَةٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَمِنْهُ قِيلٌ للحَرَّة: أُم صَبَّار ابْنُ سيدة: وأُمُ

(1). قوله: [بالسرند] هكذا في الأَصل وشرح القاموس

ص: 441

صَبَّار، بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ، الحرَّة، مُشْتَقٌّ مِنَ الصُّبُرِ الَّتِي هِيَ الأَرض ذَاتُ الحَصْباء، أَو مِنَ الصُّبَارة، وخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الرَّجْلاء مِنْهَا. والصَّبْرة مِنَ الْحِجَارَةِ: مَا اشْتَدَّ وغَلُظ، وَجَمْعُهَا الصَّبار؛ وأَنشد للأَعشى:

كأَن تَرَنُّمَ الهَاجَاتِ فِيهَا،

قُبَيْلَ الصُّبح، أَصْوَات الصَّبَارِ

الهَاجَات: الضَّفادِع؛ شبَّه نَقِيق الضَّفَادِعِ فِي هَذِهِ الْعَيْنِ بِوَقْعِ الْحِجَارَةِ. والصَّبِير: الجَبَل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ أَبو عُمَرَ الزَّاهِدُ أَن أُم صَبَّار الْحَرَّةُ، وَقَالَ الْفَزَارِيُّ: هِيَ حَرَّةُ لَيْلَى وحرَّة النَّارِ؛ قَالَ: وَالشَّاهِدُ لِذَلِكَ قَوْلُ النَّابِغَةِ:

تُدافِع الناسَ عَنَّا حِين نَرْكَبُها،

مِنَ الْمَظَالِمِ تُدْعَى أُمَّ صَبَّار

أَي تَدْفَعُ النَّاسَ عَنَّا فَلَا سَبِيل لأَحد إِلى غَزْوِنا لأَنها تَمْنَعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ لِكَوْنِهَا غَلِيظة لَا تَطَؤُها الْخَيْلُ وَلَا يُغار عَلَيْنَا فِيهَا؛ وَقَوْلُهُ: مِنَ الْمَظَالِمِ هِيَ جَمْعُ مُظْلِمة أَي هِيَ حَرَّة سَوْدَاءُ مُظْلِمة. وَقَالَ ابْنُ السكِّيت فِي كِتَابِ الأَلفاظ فِي بَابِ الِاخْتِلَاطِ والشرِّ يَقَعُ بَيْنَ الْقَوْمِ: وَتُدْعَى الحرَّة والهَضْبَةُ أُمَّ صَبَّار. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ شُمَيْلٍ: أَن أُم صَبَّار هِيَ الصَّفَاة الَّتِي لَا يَحِيك فِيهَا شَيْءٌ. قَالَ: والصَّبَّارة هِيَ الأَرض الغَلِيظة المُشْرفة لَا نَبْتَ فِيهَا وَلَا تُنبِت شَيْئًا، وَقِيلَ: هِيَ أُم صَبَّار، وَلَا تُسمَّى صَبَّارة، وإِنما هِيَ قُفٌّ غَلِيظَةٌ. قَالَ: وأَما أُمّ صَبُّور فَقَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: هِيَ الهَضْبة الَّتِي لَيْسَ لَهَا منفَذ. يُقَالُ: وَقَعَ الْقَوْمُ فِي أُمّ صَبُّور أَي فِي أَمرٍ ملتبِس شَدِيدٍ لَيْسَ لَهُ منفَذ كَهَذِهِ الهَضْبة الَّتِي لَا منفَذ لَهَا؛ وأَنشد لأَبي الْغَرِيبِ النَّصْرِيِّ:

أَوْقَعَه اللهُ بِسُوءٍ فعْلِهِ

فِي أُمِّ صَبُّور، فأَودَى ونَشِبْ

وأُمّ صَبَّار وأُمُّ صَبُّور، كِلْتَاهُمَا: الدَّاهِيَةُ وَالْحَرْبُ الشَّدِيدَةُ. وأَصبر الرجلُ: وَقَعَ فِي أُم صَبُّور، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ، وَكَذَلِكَ إِذا وَقَعَ فِي أُم صَبَّار، وَهِيَ الحرَّة. يُقَالُ: وَقَعَ الْقَوْمُ فِي أُم صَبُّور أَي فِي أَمر شَدِيدٍ. ابْنُ سِيدَهْ: يُقَالُ وَقَعُوا فِي أُم صَبَّار وأُم صَبُّور، قَالَ: هَكَذَا قرأْته فِي الأَلفاظ صَبُّور، بِالْبَاءِ، قَالَ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: أُم صيُّور، كأَنها مشتقَّة مِنَ الصِّيارة، وَهِيَ الْحِجَارَةُ. وأَصْبَرَ الرجلُ إِذا جَلَسَ عَلَى الصَّبِير، وَهُوَ الْجَبَلُ. والصِّبَارة: صِمَام القارُورَة وأَصبر رأْسَ الحَوْجَلَة بالصِّبَار، وَهُوَ السِّداد، وَيُقَالُ للسِّداد الْقَعْوَلَةُ والبُلْبُلَة «1». والعُرْعُرة. والصَّبِرُ: عُصَارة شَجَرٍ مُرٍّ، وَاحِدَتُهُ صَبِرَة وَجَمْعُهُ صُبُور؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

يَا ابْنَ الخَلِيَّةِ، إِنَّ حَرْبي مُرَّة،

فِيهَا مَذاقَة حَنْظَل وصُبُور

قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: نَبات الصَّبِر كنَبات السَّوْسَن الأَخضر غَيْرَ أَن ورقَ الصَّبرِ أَطول وأَعرض وأَثْخَن كَثِيرًا، وَهُوَ كَثِيرُ الْمَاءِ جِدًّا. اللَّيْثُ: الصَّبِر، بِكَسْرِ الْبَاءِ، عُصارة شَجَرٍ وَرَقُهَا كقُرُب السَّكاكِين طِوَال غِلاظ، فِي خُضْرتها غُبْرة وكُمْدَة مُقْشَعِرَّة المنظَر، يَخْرُجُ مِنْ وَسَطِهَا ساقٌ عَلَيْهِ نَوْر أَصفر تَمِهُ الرِّيح. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّبِر هَذَا الدَّواء المرُّ، وَلَا يسكَّن إِلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

أَمَرُّ مِنْ صَبْرٍ ومَقْرٍ وحُضَضْ

وَفِي حَاشِيَةِ الصِّحَاحِ: الحُضَضُ الخُولان، وَقِيلَ هُوَ بِظَاءَيْنِ، وَقِيلَ بِضَادٍ وَظَاءٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ

(1). قوله: [القعولة والبلبلة] هكذا في الأَصل وشرح القاموس

ص: 442

إِنشاده أَمَرَّ، بِالنَّصْبِ، وأَورده بِظَاءَيْنِ لأَنه يَصِفُ حَيَّة؛ وَقَبْلَهُ:

أَرْقَشَ ظَمْآن إِذا عُصْرَ لَفَظْ

والصُّبَارُ، بِضَمِّ الصَّادِ: حَمْلُ شَجَرَةٍ شَدِيدَةِ الْحُمُوضَةِ أَشد حُموضَة مِنَ المَصْل لَهُ عَجَمٌ أَحمر عَرِيض يجلَب مِنَ الهِنْد، وَقِيلَ: هُوَ التَّمْرُ الْهِنْدِيُّ الْحَامِضُ الَّذِي يُتَداوَى بِهِ. وصَبَارَّة الشِّتَاءِ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ: شِدَّةُ البَرْد؛ وَالتَّخْفِيفُ لُغَةٌ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَيُقَالُ: أَتيته فِي صَبَارَّة الشِّتَاءِ أَي فِي شدَّة البَرْد. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه: قُلْتم هَذِهِ صَبَارَّة القُرّ

؛ هِيَ شِدَّةُ الْبَرْدِ كَحَمَارَّة القَيْظ. أَبو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ اللَّبَن: المُمَقَّر والمُصَبَّرُ الشَّدِيدُ الْحُمُوضَةِ إِلى المَرارة؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: اشتُقَّا مِنَ الصَّبِر والمَقِر، وَهُمَا مُرَّان. والصُّبْرُ: قَبِيلَةٌ مِنْ غَسَّان؛ قَالَ الأَخطل:

تَسْأَله الصُّبْرُ مِنْ غَسَّان، إِذ حَضَرُوا،

والحَزْنُ: كَيْفَ قَراك الغِلْمَةُ الجَشَرُ؟

الصُّبْر والحَزْن: قَبِيلَتَانِ، وَيُرْوَى: فَسَائِلِ الصُّبْر مِنْ غَسَّان إِذْ حَضَرُوا، والحَزْنَ، بِالْفَتْحِ، لأَنه قَالَ بَعْدَهُ:

يُعَرِّفونك رأْس ابْنِ الحُبَاب، وَقَدْ

أَمسى، وللسَّيْف فِي خَيْشُومه أَثَرُ

يَعْنِي عُمير بْنَ الحُباب السُّلَمي لأَنه قُتِل وحُمِل رأْسهُ إِلى قَبائل غَسَّان، وَكَانَ لَا يُبَالِي بِهِم وَيَقُولُ: لَيْسُوا بِشَيْءٍ إِنما هُمْ جَشَرٌ. وأَبو صَبْرَة «1» : طَائِرٌ أَحمرُ البطنِ أَسوَدُ الرأْس والجناحَيْن والذَّنَب وَسَائِرُهُ أَحمر. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ فَعَل كَذَا وَكَذَا كَانَ لَهُ خَيْرًا مِنْ صَبِير ذَهَباً

؛ قِيلَ: هُوَ اسْمُ جَبَلٍ بِالْيَمَنِ، وَقِيلَ: إِنما هُوَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ، بإِسقاط الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ جبلَ لطيّء؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ جَاءَتْ فِي حَدِيثَيْنِ لِعَلِيٍّ وَمُعَاذٍ: أَما حَدِيثُ عَلِيٍّ فَهُوَ صِيرٌ، وأَما رِوَايَةُ مُعَاذٍ فصَبِير، قَالَ: كَذَا فَرق بَيْنَهُمَا بَعْضُهُمْ.

صحر: الصَّحْراء مِنَ الأَرض: المُستوِيةُ فِي لِينٍ وغِلَظ دُونَ القُفِّ، وَقِيلَ: هِيَ الفَضاء الْوَاسِعُ؛ زَادَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا نَبات فِيهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّحراء البَرِّيَّة؛ غَيْرُ مَصْرُوفَةٍ وإِن لَمْ تَكُنْ صِفَةً، وإِنما لَمْ تُصْرَفْ للتأْنيث وَلُزُومِ حَرْفِ التأْنيث لَهَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي بُشرى. تَقُولُ: صَحْراءُ وَاسِعَةٌ وَلَا تَقُلْ صَحْراءَة فَتُدْخِلَ تأْنيثاً عَلَى تأْنيث. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الصَّحْراء مِنَ الأَرض مِثْلُ ظَهْرِ الدَّابَّةِ الأَجْرَد لَيْسَ بِهَا شَجَرٌ وَلَا إِكام وَلَا جِبال مَلْساء. يُقَالُ: صَحْرَاءُ بَيِّنة الصَّحَر والصُّحْرَة. وأَصْحَر المكانُ أَي اتَّسع. وأَصْحَرَ. الرَّجُلُ: نَزَلَ الصَّحْرَاءَ. وأَصْحَرَ الْقَوْمُ: بَرَزُوا فِي الصَّحْراء، وَقِيلَ: أَصْحَرَ الرَّجُلُ إِذا «2» .... كأَنه أَفضى إِلى الصَّحْراء الَّتِي لَا خَمَرَ بِهَا فَانْكَشَفَ. وأَصْحَرَ الْقَوْمُ إِذا بَرَزُوا إِلى فَضَاءٍ لَا يُوارِيهم شَيْءٌ. وَفِي حَدِيثِ

أُم سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ: سَكَّن اللَّهُ عُقَيراكِ فَلَا تُصْحِرِيها

؛ مَعْنَاهُ لَا تُبْرِزِيها إِلى الصَّحْراء؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ متعدِّياً عَلَى حَذْفِ الْجَارِ وإِيصال الْفِعْلِ فإِنه غَيْرُ مُتَعَدٍّ، وَالْجَمْعُ الصَّحارى والصَّحارِي، وَلَا يُجْمَعُ عَلَى صُحْر لأَنه لَيْسَ بِنَعْتٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الْجَمْعُ صَحْرَاوَات وصَحارٍ، وَلَا يكسَّر عَلَى فُعْل لأَنه وإِن كان صفة فقد غلب عليه

(1). قوله: [أَبو صبرة أَلخ] عبارة القاموس وأَبو صبيرة كجهينة طَائِرٌ أَحْمَرُ الْبَطْنِ أَسْوَدُ الظهر والرأس والذنب

(2)

. هكذا بياض بالأَصل

ص: 443

الِاسْمُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْجَمْعُ الصَّحارِي والصَّحْراوات، قَالَ: وَكَذَلِكَ جَمْعُ كُلِّ فَعَلَاءَ إِذا لَمْ يَكُنْ مُؤَنَّثَ أَفْعَلَ مِثْلَ عَذْراء وخَبْراء ووَرْقاء اسْمُ رَجُلٍ، وأَصل الصَّحارِي صَحارِيّ، بِالتَّشْدِيدِ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي الشِّعْرِ لأَنك إِذا جَمَعْتَ صَحْراء أَدخلت بَيْنَ الْحَاءِ وَالرَّاءِ أَلفاً وَكَسَرْتَ الرَّاءَ، كَمَا يُكسر مَا بَعْدَ أَلِف الْجَمْعِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ نَحْوَ مَسَاجِدَ وجَعافِر، فَتَنْقَلِبُ الأَلف الأُولى الَّتِي بَعْدَ الرَّاءِ يَاءً لِلْكَسْرَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَتَنْقَلِبُ الأَلف الثَّانِيَةُ الَّتِي للتأْنيث أَيضاً يَاءً فتدغَم، ثُمَّ حَذَفُوا الْيَاءَ الأُولى وأَبدلوا مِنَ الثَّانِيَةِ أَلفاً فَقَالُوا صَحارى، بِفَتْحِ الرَّاءِ، لِتَسْلَمَ الأَلف مِنَ الْحَذْفِ عِنْدَ التَّنْوِينِ، وإِنما فَعَلُوا ذَلِكَ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَ الْيَاءِ الْمُنْقَلِبَةِ مِنَ الأَلف للتأْنيث وَبَيْنَ الْيَاءِ الْمُنْقَلِبَةِ مِنَ الأَلف الَّتِي لَيْسَتْ للتأْنيث نَحْوَ أَلِفِ مَرْمًى وَمَغْزًى، إِذ قَالُوا مَرَامِي ومَغازِي، وَبَعْضُ الْعَرَبِ لَا يَحْذِفُ الياءَ الأُولى وَلَكِنْ يَحْذِفُ الثَّانِيَةَ فَيَقُولُ الصَّحارِي بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَهَذِهِ صَحارٍ، كَمَا يَقُولُ جَوارٍ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: فأَصْحِرْ لعدُوّك وامْض عَلَى بَصِيرَتِك

أَي كُنْ مِنْ أَمره عَلَى أَمرٍ وَاضِحٍ منكَشِف، مِنْ أَصْحَر الرَّجُلُ إِذا خَرَجَ إِلى الصَّحراء. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ:

فأَصْحِرْ بِي لغَضَبك فَريداً.

والمُصاحِرُ: الَّذِي يُقَاتِلُ قِرْنه فِي الصَّحراء وَلَا يُخاتِلُه. والصُّحْرة: جَوْبة تَنْجاب فِي الحرَّة وَتَكُونُ أَرضاً ليِّنة تُطِيف بِهَا حِجَارَةٌ، وَالْجَمْعُ صُحَرٌ لَا غَيْرُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ يرَاعاً:

سَبِيٌّ مِنْ يَراعَتِه نَفاهُ

أَتيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ وَلُوبُ

قَوْلُهُ سَبِيّ أَي غريب. واليَراعَة هاهنا: الأَجَمَة. ولَقِيته صَحْرَةَ بَحْرَةَ إِذا لَمْ يَكُنْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، وَهِيَ غَيْرُ مُجْراةٍ، وَقِيلَ لَمْ يُجْرَيَا لأَنهما اسْمَانِ جُعِلَا اسْمًا وَاحِدًا. وأَخبره بالأَمر صَحْرَةَ بَحْرَةَ، وصَحْرَةً بَحْرَةً أَي قَبَلا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَحد. وأَبرز لَهُ مَا فِي نَفْسِهِ صَحَاراً: كأَنه جَاهَرَهُ بِهِ جِهاراً. والأَصْحَرُ: قَرِيبٌ مِنَ الأَصهَب، وَاسْمُ اللَّوْن الصَّحَرُ والصُّحْرَةُ، وَقِيلَ: الصَّحَرُ غُبرة فِي حُمْرة خَفِيفَةٍ إِلى بَيَاضٍ قَلِيلٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

يَحْدُو نَحائِصَ أَشْباهاً مُحَمْلَجةً،

صُحْرَ السَّرابِيل فِي أَحْشائها قَبَبُ

وَقِيلَ: الصُّحْرة حُمْرَةٌ تضرِب إِلى غُبرة؛ وَرَجُلٌ أَصْحَر وامرأَة صَحْراء فِي لَوْنِهَا. الأَصمعي: الأَصْحَرُ نَحْوَ الأَصْبَح، والصُّحْرة لَوْن الأَصْحَر، وَهُوَ الَّذِي فِي رأْسه شُقرة. واصْحارَّ النبْت اصْحِيراراً: أَخذت فِيهِ حُمْرَةٌ لَيْسَتْ بِخَالِصَةٍ ثُمَّ هَاجَ فاصفرَّ فَيُقَالُ لَهُ: اصْحارَّ. واصحارَّ السُّنْبُل: احمرَّ، وَقِيلَ: ابيضَّت أَوائله. وحِمار أَصْحَرُ اللَّوْنِ، وأَتان صَحُورٌ: فِيهَا بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ، وَجَمْعُهُ صُحُر، والصُّحْرة اسْمُ اللَّوْن، والصَّحَر الْمَصْدَرُ. والصَّحُور أَيضاً: الرَّمُوح يَعْنِي النَّفُوحَ بِرِجْلِهَا. والصَّحِيرة: اللَّبَن الحلِيب يُغْلَى ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ السَّمْنُ فَيُشْرَبُ شُرْبًا، وَقِيلَ: هِيَ مَحْض الإِبل وَالْغَنَمِ وَمِنَ المِعْزَى إِذا احْتِيجَ إِلى الحَسْوِ وأَعْوَزَهُمُ الدَّقِيقُ وَلَمْ يَكُنْ بأَرضهم طَبَخُوه ثُمَّ سَقَوْه العَليل حَارًّا؛ وصَحَره يَصْحَره صَحْراً: طَبَخَهُ، وَقِيلَ: إِذا سُخِّن الْحَلِيبُ خَاصَّةً حَتَّى يَحْتَرِقَ، فَهُوَ صَحِيرة، والفِعْل كَالْفِعْلِ، وَقِيلَ: الصَّحِيرة اللَّبَنُ الْحَلِيبُ يُسَخَّنُ ثُمَّ يذرُّ عَلَيْهِ الدَّقِيقُ، وَقِيلَ: هُوَ اللَّبَنُ الْحَلِيبُ يُصْحَر وَهُوَ أَن يُلْقَى فِيهِ الرَّضْفُ أَو يُجْعَلَ فِي القِدْر فَيُغْلَى فِيهِ فَوْرٌ وَاحِدٌ حَتَّى يَحْتَرِقَ، وَالِاحْتِرَاقُ قَبْلَ الغَلْي،

ص: 444

وَرُبَّمَا جُعِلَ فِيهِ دَقِيقٌ وَرُبَّمَا جُعِلَ فِيهِ سَمْنٌ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ، وَقِيلَ: هِيَ الصَّحِيرة مِنَ الصَّحْرِ كالفَهِيرة مِنَ الفِهْر. والصُّحَيْراء، مَمْدُودٌ عَلَى مِثَالِ الكُدَيْراء: صِنْف مِنَ اللَّبَنِ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَلَمْ يُعيِّنه. والصَّحِير: مِنْ صوْت الْحَمِيرِ، صَحَر الْحِمَارُ يَصْحَر صَحِيراً وصُحَاراً، وَهُوَ أَشد مِنَ الصَّهِيل فِي الْخَيْلِ. وصُحار الْخَيْلِ: عرَقها، وَقِيلَ: حُمَّاها. وصَحَرته الشَّمْسُ: آلَمَتْ دِماغه. وصُحْرُ: اسْمُ أُخت لُقْمان بن عاد. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: مَا لِي ذَنْب إِلَّا ذَنْبُ صُحْرَ؛ هُوَ اسْمُ امرأَة عُوقبت عَلَى الإِحسان؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صُحْرُ هِيَ بِنْتُ لُقْمَانَ الْعَادِيِّ وَابْنُهُ لُقَيم، بِالْمِيمِ، خَرَجَا فِي إِغارة فأَصابا إِبلًا، فَسَبَقَ لُقَيم فأَتى مَنْزِلَهُ فَنَحَرَتْ أُخته صُحْرُ جَزُوراً مِنْ غَنيمته وَصَنَعَتْ مِنْهَا طَعَامًا تتحِف بِهِ أَباها إِذا قدِم، فَلَمَّا قدِم لُقْمان قدَّمت لَهُ الطَّعَامَ، وَكَانَ يحسُد لُقَيْمًا، فَلَطَمَهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا ذَنْبٌ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ خالَوْيهِ هِيَ أُخت لقمان بن عاد، وَقَالَ: إِنَّ ذَنْبَهَا هُوَ أَن لُقْمَانَ رأَى فِي بَيْتِهَا نُخامة فِي السَّقْف فَقَتَلَهَا، وَالْمَشْهُورُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ هُوَ الأَول. وصُحَارٌ: اسْمُ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ القَيْس؛ قَالَ جَرِيرٌ:

لَقِيَتْ صُحارَ بَنِي سِنان فِيهِمُ

حَدَباً كأَعصلِ مَا يَكُونُ صُحار

وَيُرْوَى: كأَقْطَمِ مَا يَكُونُ صُحار. وصُحار: قَبِيلَةٌ. وصُحار: مَدِينَةُ عُمَان. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: صُحار، بِالضَّمِّ، قَصَبَة عُمان مِمَّا يَلِي الْجَبَلَ، وتُؤَام قَصَبتها مِمَّا يَلِي السَّاحل. وَفِي الْحَدِيثِ:

كُفِّن رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فِي ثَوْبَيْن صُحَارِيَّيْنِ

؛ صُحَارٌ: قَرْيَةٌ بِالْيَمَنِ نُسِب الثوبُ إِليها، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الصُّحْرة مِنَ اللَّوْن، وثَوْب أَصْحَر وصُحارِيّ. وَفِي حَدِيثِ

عُثْمَانَ: أَنه رأَى رَجُلًا يقطَع سَمُرة بِصُحَيرات اليَمام

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ، قَالَ: واليَمام شَجَر أَو طَيْرٌ. والصُّحَيرات: جمعٌ مُصَغَّرٌ وَاحِدُهُ صُحْرة،. وَهِيَ أَرض لَيِّنة تَكُونُ فِي وَسَطِ الحرَّة. قَالَ: هَكَذَا قَالَ أَبو مُوسَى وفَسَّر اليَمام بِشَجَرٍ أَو طَيْرٍ، قَالَ: فأَما الطَّيْرُ فَصَحِيحٌ، وأَما الشَّجَرُ فَلَا يُعرف فِيهِ يَمَامٌ، بِالْيَاءِ، وإِنما هُوَ ثُمام، بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ ضَبَطَهُ الحازِمي قَالَ: هُوَ صُحَيْرات الثُّمَامة، وَيُقَالُ فِيهِ الثُّمَامُ، بِلَا هَاءٍ قَالَ: وَهِيَ إِحدى مَرَاحِلِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، إِلى بَدْر.

صخر: الصَّخرة: الْحَجَرُ الْعَظِيمُ الصُّلْب، وَقَوْلُهُ عز وجل: يَا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قِيلَ فِي صَخْرة أَي فِي الصَّخْرة الَّتِي تَحْتَ الأَرض، فَاللَّهُ عز وجل لَطِيفٌ بِاسْتِخْرَاجِهَا، خَبِيرٌ بِمَكَانِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

الصَّخْرة مِنَ الْجَنَّةِ؛ يُرِيدُ صَخْرة بَيْتِ المَقْدِس.

والصَّخَرَة: كالصَّخْرة، وَالْجَمْعُ صَخْرٌ وصَخَر وصُخُور وصُخورة وصِخَرة وصَخَرات. وَمَكَانٌ صَخِر ومُصْخِر: كَثِيرُ الصَّخْر. والصَّاخِرَة: إِناءٌ مِنْ خَزَف. والصَّخِير: نبْت. وصَخْر بْنُ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيد: أَخو الخَنْساء. والصَّاخِر: صوْت الحديد بعضه على بعض.

صدر: الصَّدْر: أَعلى مقدَّم كُلِّ شَيْءٍ وأَوَّله، حَتَّى إِنهم لَيَقُولُونَ: صَدْر النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وصَدْر الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَمَا أَشبه ذَلِكَ مُذَكَّرًا؛ فأَما قول الأَعشى:

ص: 445

وتَشْرَقُ بالقَوْل الَّذِي قَدْ أَذَعْتَه،

كَمَا شَرِقَتْ صَدْر القَناة مِنَ الدَّمِ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِن شِئْتَ قُلْتَ أَنث لأَنه أَراد الْقَنَاةَ، وإِن شِئْتَ قُلْتَ إِن صَدْر القَناة قَناة؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ:

مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّت رِماح، تَسَفَّهَتْ

أَعالِيها مَرُّ الرِّياح النَّواسِم

والصَّدْر: وَاحِدُ الصُّدُور، وَهُوَ مُذَكَّرٌ، وإِنما أَنثه الأَعشى فِي قَوْلِهِ كَمَا شَرِقَتْ صَدْر القَناة عَلَى الْمَعْنَى، لأَن صَدْر القَناة مِنَ القَناة، وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: ذَهَبَتْ بَعْضُ أَصابعه لأَنهم يؤنِّثُون الِاسْمَ الْمُضَافَ إِلى الْمُؤَنَّثِ، وصَدْر الْقَنَاةِ: أَعلاها. وصَدْر الأَمر: أَوّله. وصَدْر كُلِّ شَيْءٍ: أَوّله. وكلُّ مَا وَاجَهَكَ: صَدْرٌ، وَصَدْرُ الإِنسان مِنْهُ مذكَّر؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَجَمْعُهُ صُدُور وَلَا يكسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ

؛ وَالْقَلْبُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الصَّدْر إِنما جَرَى هَذَا عَلَى التَّوْكِيدِ، كَمَا قَالَ عز وجل: يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ؛ وَالْقَوْلُ لَا يَكُونُ إِلَّا بالفَمِ لَكِنَّهُ أَكَّد بِذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ:

إِن هَذَا أَخي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً أُنثى.

والصُّدُرة: الصَّدْر، وَقِيلَ: مَا أَشرف مِنْ أَعلاه. والصَّدْر: الطَّائِفَةُ مِنَ الشَّيْءِ. التَّهْذِيبِ: والصُّدْرة مِنَ الإِنسان مَا أَشرف مِنْ أَعلى صدْره؛ وَمِنْهُ الصُّدْرة الَّتِي تُلبَس؛ قَالَ الأَزهري: وَمِنْ هَذَا قَوْلُ امرأَة طائيَّة كَانَتْ تَحْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ، فَفَرِكَتْهُ وَقَالَتْ: إِني مَا عَلِمْتُكَ إِلَّا ثَقِيل الصُّدْرة سَرِيعَ الهِدافَةَ بَطِيء الإِفاقة. والأَصْدَر: الَّذِي أَشرفت صُدْرته. والمَصْدُور: الَّذِي يَشْتَكِي صَدْرَهُ؛ وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: قَالَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: حَتَّى متَى تقولُ هَذَا الشِّعْرَ؟ فَقَالَ:

لَا بُدَّ للمَصْدُور مِنْ أَن يَسْعُلا

المَصْدُور: الَّذِي يَشْتَكِي صَدْره، صُدِرَ فَهُوَ مَصْدُورٌ؛ يُرِيدُ: أَن مَنْ أُصيب صَدْره لَا بُدَّ لَهُ أَن يَسْعُل، يَعْنِي أَنه يَحْدُث للإِنسان حَالٌ يتمثَّل فِيهِ بِالشِّعْرِ ويطيِّب بِهِ نَفْسَهُ وَلَا يَكَادُ يَمْتَنِعُ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ

الزُّهْرِيِّ: قيل له إِن عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ الشِّعْر، قَالَ: ويَسْتَطَيعُ المَصْدُور أَن لا يَنْفُثَ [يَنْفِثَ]

أَي لَا يَبْزُق؛ شَبَّه الشِّعْر بالنَّفْث لأَنهما يَخْرُجَانِ مِنَ الفَمِ. وَفِي حَدِيثِ

عَطَاءٍ: قِيلَ لَهُ رَجُلٌ مَصْدُور يَنْهَزُ قَيْحاً أَحَدَثٌ هُوَ؟ قَالَ: لَا

، يَعْنِي يَبزُق قَيْحاً. وبَنَات الصَّدْرِ: خَلَل عِظامه. وصُدِرَ يَصْدَرُ صَدْراً: شَكَا صَدْرَه؛ وأَنشد:

كأَنما هُوَ فِي أَحشاء مَصْدُورِ

وصَدَرَ فُلَانٌ فُلَانًا يَصْدُرُه صَدْراً: أَصاب صَدْرَه. وَرَجُلٌ أَصْدَرُ: عَظِيمُ الصَّدْرِ، ومُصَدَّر: قَوِيُّ الصَّدْر شَدِيدُهُ؛ وَكَذَلِكَ الأَسَد وَالذِّئْبُ. وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ الْمَلِكِ: أُتِيَ بأَسِير مُصَدَّر

؛ هُوَ الْعَظِيمُ الصَّدْر. وفَرس مُصَدَّرٌ: بَلَغ العَرَق صَدْرَه. والمُصَدَّرُ مِنَ الْخَيْلِ وَالْغَنَمِ: الأَبيض لَبَّةِ الصَّدْرِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ النِّعاج السَّوداء الصَّدْرِ وسائرُها أَبيضُ؛ وَنَعْجَةٌ مُصَدَّرَة. وَرَجُلٌ بَعِيدُ الصَّدْر: لَا يُعطَف، وَهُوَ عَلَى المثَل. والتَّصَدُّر: نصْب الصَّدْر فِي الجُلوس. وصَدَّر كِتَابَهُ: جَعَلَ لَهُ صَدْراً؛ وصَدَّره فِي الْمَجْلِسِ فتصدَّر. وتصدَّر الفرسُ وصَدَّر، كِلَاهُمَا: تقدَّم الخيلَ بِصَدره. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: المُصَدَّرُ مِنَ الْخَيْلِ السَّابِقِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّدْرَ؛ وَيُقَالُ: صَدَّرَ الفرسُ إِذا جَاءَ قَدْ سَبَقَ وَبَرَزَ بِصَدْرِه وَجَاءَ مُصَدَّراً؛ وَقَالَ طُفَيْلٌ الغَنَوِيّ يَصِفُ فَرَسًا:

ص: 446

كأَنه بَعْدَ ما صَدّرْنَ مِنْ عَرَقٍ

سِيدٌ، تَمَطَّرَ جُنْحَ اللَّيْلِ، مَبْلُولُ

كأَنه: الهاءُ لَفَرسِهِ. بعد ما صَدَّرْنَ: يَعْنِي خَيْلَا سَبَقْنَ بصُدُورِهِنَّ. والعَرَق: الصفُّ مِنَ الْخَيْلِ؛ وَقَالَ دُكَيْنٌ:

مُصَدَّرٌ لَا وَسَطٌ وَلَا بَالي «1»

. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِهِ: بعد ما صَدَّرْنَ مِنْ عَرَقٍ أَي هَرَقْنَ صَدْراً مِنَ العَرَق ولن يَسْتَفْرِغْنَه كلَّه؛ وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: رواه بعد ما صُدِّرْنَ، عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ، أَي أَصاب العَرَقُ صُدُورهُنَّ بعد ما عَرِقَ؛ قَالَ: والأَول أَجود؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ يُخَاطِبُ جَرِيرًا:

وحَسِبتَ خيْلَ بَنِي كُلَيْبٍ مَصْدَراً،

فَغَرِقْتَ حِينَ وَقَعْتَ فِي القَمْقَامِ

يَقُولُ: اغْتَرَرْتَ بخيْل قَوْمِكَ وَظَنَنْتَ أَنهم يخلِّصونك من بحر فَلَمْ يَفْعَلُوا. وَمِنْ كلامِ كُتَّاب الدَّواوِين أَن يُقَالَ: صُودِرَ فلانٌ الْعَامِلُ عَلَى مالٍ يؤدِّيه أَي فُورِقَ عَلَى مالٍ ضَمِنَه. والصِّدَارُ: ثَوْبٌ رأْسه كالمِقْنَعَةِ وأَسفلُه يُغَشِّى الصَّدْرَ والمَنْكِبَيْنِ تلبَسُه المرأَة؛ قَالَ الأَزهري: وَكَانَتِ المرأَة الثَّكْلَى إِذا فَقَدَتْ حَمِيمَهَا فأَحَدّتْ عَلَيْهِ لَبِسَتْ صِدَاراً مِنْ صُوف؛ وَقَالَ الرَّاعِي يَصِفُ فَلَاةً:

كَأَنَّ العِرْمِسَ الوَجْناءَ فِيهَا

عَجُولٌ، خَرَّقَتْ عَنْهَا الصَّدارَا

ابْنُ الأَعرابي: المِجْوَلُ الصُّدْرَة، وَهِيَ الصِّدار والأُصْدَة. والعرَب تَقُولُ لِلْقَمِيصِ الصَّغِيرِ والدِّرْع الْقَصِيرَةِ: الصُّدْرَةُ، وَقَالَ الأَصمعي: يُقَالُ لِمَا يَلي الصَّدْر مِنَ الدِّرْعِ صِدارٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الصِّدارُ. بِكَسْرِ الصَّادِ، قَمِيصٌ صَغِيرٌ يَلي الْجَسَدَ. وَفِي الْمَثَلِ: كلُّ ذَاتِ صِدارٍ خالَةٌ أَي مِنْ حَقِّ الرَّجُلِ أَن يَغارَ عَلَى كُلِّ امرأَة كَمَا يَغارُ عَلَى حُرَمِهِ. وَفِي حَدِيثِ

الخَنْساء: دخلتْ عَلَى عَائِشَةَ وَعَلَيْهَا خِمارٌ مُمَزَّق وصِدار شعَر

؛ الصِّدار: الْقَمِيصُ الْقَصِيرُ كَمَا وَصَفناه أَوَّلًا. وصَدْرُ القَدَمِ: مُقَدَّمُها مَا بَيْنَ أَصابعها إِلي الحِمارَة. وصَدْرُ النَّعْلِ: مَا قُدَّام الخُرْت مِنْهَا. وصَدْرُ السَّهْم: مَا جَاوَزَ وسَطَه إِلى مُسْتَدَقِّهِ، وَهُوَ الَّذِي يَلي النَّصْلَ إِذا رُمِيَ بِهِ، وسُمي بِذَلِكَ لأَنه المتقدِّم إِذا رُمِي، وَقِيلَ: صَدْرُ السَّهْمِ مَا فَوْقَ نِصْفِهِ إِلى المَرَاش. وَسَهْمٌ مُصَدَّر: غَلِيظُ الصَّدْر، وصَدْرُ الرُّمْحِ: مِثْلُهُ. ويومٌ كصَدْرِ الرُّمْحِ: ضيِّق شَدِيدٌ. قَالَ ثَعْلَبٌ: هَذَا يَوْمٌ تُخَصُّ بِهِ الحرْب؛ قَالَ وأَنشدني ابْنُ الأَعرابي:

وَيَوْمٍ كصَدْرِ الرُّمْحِ قَصَّرْت طُولَه

بِلَيْلي فَلَهَّانِي، وَمَا كُنْتُ لاهِيَا

وصُدُورُ الْوَادِي: أَعاليه ومَقادمُه، وَكَذَلِكَ صَدَائرُهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد.

أَأَنْ غَرَّدَتْ فِي بَطْنِ وادٍ حَمامَةٌ

بَكَيْتَ، وَلِمَ يَعْذِرْكَ فِي الجهلِ عاذِرُ؟

تَعَالَيْنَ فِي عُبْرِيَّةٍ تَلَعَ الضُّحى

عَلَى فَنَنٍ، قَدْ نَعَّمَتْهُ الصَّدائِرُ

وَاحِدُهَا صَادِرَة وصَدِيرَة «2» . والصَّدْرُ فِي العَروضِ: حَذْف أَلِفِ فاعِلُنْ لِمُعاقَبَتِها نُونَ فاعِلاتُنْ؛

(1). قوله: [مصدر إِلخ] كذا بالأَصل

(2)

. قوله: [واحدها صادرة وصديرة] هكذا في الأَصل وعبارة القاموس جمع صدارة وصديرة

ص: 447

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ الْخَلِيلِ، وإِنما حُكْمُهُ أَن يَقُولَ الصَدْر الأَلف الْمَحْذُوفَةُ لِمُعاقَبَتها نُونَ فاعِلاتُنْ. والتَّصْدِيرُ؛ حِزَامُ الرَّحْل والهَوْدَجِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: فأَما قَوْلُهُمُ التَّزْدِيرُ فَعَلَى المُضارعة وَلَيْسَتْ بلُغَة؛ وَقَدْ صَدَّرَ عَنِ الْبَعِيرِ. والتَّصْدِيرُ: الحِزام، وَهُوَ فِي صَدْرِ الْبَعِيرِ، والحَقَبُ عِنْدَ الثِّيل. اللَّيْثُ: التَّصْدِيرُ حَبْلٌ يُصَدَّرُ بِهِ الْبَعِيرُ إِذا جرَّ حِمْله إِلى خلْف، والحبلُ اسْمُهُ التَّصْدِيرُ، وَالْفِعْلُ التَّصْدِيرُ. قَالَ الأَصمعي: وَفِي الرَّحْلِ حِزامَةٌ يُقَالُ لَهُ التَّصْدِيرُ، قَالَ: والوَضِينُ والبِطان لِلْقَتَبِ، وأَكثر مَا يُقَالُ الحِزام للسَّرج. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ صَدِّرْ عَنْ بَعِيرك، وَذَلِكَ إِذا خَمُصَ بطنُه وَاضْطَرَبَ تَصْدِيرُهُ فيُشدُّ حَبْلٌ مِنَ التَّصْدِيرِ إِلى مَا وَرَاءَ الكِرْكِرَة، فَيَثْبُتُ التَّصْدِير فِي مَوْضِعِهِ، وَذَلِكَ الْحَبْلُ يُقَالُ لَهُ السِّنافُ. قَالَ الأَزهري: الَّذِي قَالَهُ اللَّيْثُ أَنَّ التَّصدْيِر حَبْلٌ يُصَدَّر بِهِ الْبَعِيرُ إِذا جرَّ حِمْله خَطَأٌ، وَالَّذِي أَراده يسمَّى السِّناف، والتَّصْديرُ: الْحِزَامُ نفسُه. والصِّدارُ: سِمَةٌ عَلَى صَدْرِ الْبَعِيرِ. والمُصَدَّرُ: أَول الْقِدَاحِ الغُفْل الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا فُروضٌ وَلَا أَنْصباء، إِنما تثقَّل بِهَا الْقِدَاحُ كراهِيَة التُّهَمَة؛ هَذَا قَوْلُ اللِّحْيَانِيِّ. والصَّدَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: الِاسْمُ، مِنْ قَوْلِكَ صَدَرْت عَنِ الْمَاءِ وَعَنِ البِلاد. وَفِي الْمَثَلِ: تَرَكْته عَلَى مِثْل ليلَة الصَّدَرِ؛ يَعْنِي حِينَ صَدَرَ النَّاسُ مِنْ حَجِّهِم. وأَصْدَرْته فصدَرَ أَي رَجَعْتُهُ فرَجَع، وَالْمَوْضِعُ مَصْدَر وَمِنْهُ مَصادِر الأَفعال. وصادَرَه عَلَى كَذَا. والصَّدَرُ: نقِيض الوِرْد. صَدَرَ عَنْهُ يَصْدُرُ [يَصْدِرُ] صَدْراً ومَصْدراً ومَزْدَراً؛ الأَخيرة مضارِعة؛ قَالَ:

ودَعْ ذَا الهَوَى قَبْلَ القِلى؛ تَرْكُ ذِي الهَوَى،

مَتِينِ القُوَى، خَيْرٌ مِنَ الصَّرْمِ مَزْدَرَا

وَقَدْ أَصْدَرَ غيرَه وصَدَرَهُ، والأَوَّل أَعلى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ

؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِمَّا أَن يَكُونَ هَذَا عَلَى نِيَّةِ التعدَّي كأَنه قَالَ حَتَّى يَصْدُر الرِّعاء إِبِلَهم ثُمَّ حَذَفَ الْمَفْعُولَ، وإِمَّا أَن يَكُونَ يَصدرُ هاهنا غَيْرَ متعدٍّ لَفْظًا وَلَا مَعْنًى لأَنهم قَالُوا صَدَرْتُ عَنِ الْمَاءِ فَلَمْ يُعَدُّوه. وَفِي الْحَدِيثِ:

يَهْلِكُونَ مَهْلَكاً وَاحِدًا ويَصْدُرُون مَصادِر شَتَّى

؛ الصَّدَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: رُجوع الْمُسَافِرِ مِنْ مَقصِده والشَّارِبةِ مِنَ الوِرْدِ. يُقَالُ: صَدَرَ يَصْدُرُ صُدُوراً وصَدَراً؛ يَعْنِي أَنه يُخْسَفُ بِهِمْ جَمِيعِهِمْ فَيَهْلكون بأَسْرِهم خِيارهم وشِرارهم، ثُمَّ يَصْدُرون بَعْدَ الهَلَكَة مَصادِرَ متفرِّقة عَلَى قدْر أَعمالهم ونِيَّاتِهم، ففريقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لِلْمُهاجِرِ إِقامَةُ ثلاثٍ بعد الصَّدَر

؛ يعني بمكة بَعْدَ أَن يَقْضِيَ نُسُكَه. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَتْ لَهُ رَكْوة تسمَّى الصادِرَ

؛ سمِّيت بِهِ لأَنه يُصْدَرُ عَنْهَا بالرِّيّ؛ وَمِنْهُ: فأَصْدَرْنا رِكابَنَا أَي صُرِفْنا رِواءً فَلَمْ نَحْتَجْ إِلى المُقام بِهَا لِلْمَاءِ. وَمَا لَهُ صادِرٌ وَلَا وارِدٌ أَي مَا لَهُ شَيْءٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا لَهُ شَيْءٌ وَلَا قوْم. وَطَرِيقٌ صادِرٌ: مَعْنَاهُ أَنه يَصْدُر بِأَهْله عَنِ الْمَاءِ. ووارِدٌ: يَرِدُهُ بِهم؛ قَالَ لَبِيدٌ يَذْكُرُ ناقَتَيْن:

ثُمَّ أَصْدَرْناهُما فِي وارِدٍ

صادِرٍ وَهْمٍ، صُوَاهُ قَدْ مَثَلْ

أَراد فِي طَرِيقٍ يُورد فِيهِ ويُصْدَر عَنِ الْمَاءِ فِيهِ. والوَهْمُ: الضَّخْمُ، وَقِيلَ: الصَّدَرُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ الرُّجُوع. اللَّيْثُ: الصَّدَرُ الِانْصِرَافُ عَنِ الوِرْد وَعَنْ كُلِّ أَمر. يُقَالُ: صَدَرُوا وأَصْدَرْناهم. وَيُقَالُ لِلَّذِي يَبْتَدِئُ أَمْراً ثُمَّ لَا يُتِمُّه: فُلان يُورِد وَلَا يُصْدِر، فإِذا أَتَمَّهُ قِيلَ: أَوْرَدَ وأَصْدَرَ. قَالَ

ص: 448

أَبو عُبَيْدٍ: صَدَرْتُ عَنِ البِلاد وَعَنِ الْمَاءِ صَدَراً، هُوَ الِاسْمُ، فإِذا أَردت الْمَصْدَرَ جَزَمْتَ الدَّالَ؛ وأَنشد لِابْنِ مُقْبِلٍ:

وليلةٍ قَدْ جعلتُ الصبحَ مَوْعِدَها

صَدْرَ المطِيَّة حَتَّى تَعْرِفَ السَّدَفا

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا مِنْهُ عِيٌّ وَاخْتِلَاطٌ، وَقَدْ وَضَعَ مِنْهُ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ فِي خُطْبَةِ كتابِه المحكَم فَقَالَ: وَهَلْ أَوحَشُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَو أَفحشُ مِنْ هَذِهِ الإِشارة؟ الْجَوْهَرِيُّ: الصَّدْرُ، بِالتَّسْكِينِ، الْمَصْدَرُ، وَقَوْلُهُ صَدْرَ المطِيَّة مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِكَ صَدَرَ يَصْدُرُ صَدْراً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي رَوَاهُ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ السَّدَف، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَغَيْرُهُ يَرْوِيهِ السُّدَف جَمَعَ سُدْفَة، قَالَ: وَالْمَشْهُورُ فِي شِعْرِ ابْنِ مُقْبِلٍ مَا رَوَاهُ أَبو عَمْرٍو، وَاللَّهُ أَعلم. والصَّدَر: الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنْ أَيام النَّحْرِ لأَن النَّاسَ يَصْدُرون فِيهِ عَنْ مَكَّةَ إِلى أَماكنهم. وَتَرَكْتَهُ عَلَى مِثْل لَيْلَةِ الصَّدَر أَي لَا شَيْءَ لَهُ. والصَّدَر: اسْمٌ لِجَمْعٍ صَادِرٍ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

بِأَطْيَبَ مِنْهَا، إِذا مَا النُّجُومُ

أَعْتَقْنَ مثلَ هَوَادِي الصَّدَرْ

والأَصْدَرَانِ: عِرْقان يَضْرِبَانِ تَحْتَ الصُّدْغَيْنِ، لَا يُفْرَدُ لَهُمَا وَاحِدٌ. وَجَاءَ يضرِب أَصْدَرَيْه إِذا جَاءَ فارِغاً، يَعْنِي عِطْفَيْهِ، ويُرْوَى أَسْدَرَيْهِ، بِالسِّينِ، وَرَوَى أَبو حَاتِمٍ: جَاءَ فُلَانٌ يَضْرِبُ أَصْدَرَيْهِ وأَزْدَرَيهِ أَي جَاءَ فَارِغًا، قَالَ: وَلَمْ يَدْرِ مَا أَصله؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: قَالَ بَعْضُهُمْ أَصْدَراهُ وأَزْدَراهُ وأَصْدغاهُ وَلَمْ يعرِف شَيْئًا منهنَّ. وَفِي حَدِيثِ

الحسَن: يَضْرِبُ أَصْدَرَيْه

أَي منكِبيه، وَيُرْوَى بِالزَّايِ وَالسِّينِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ

؛ أَي يَرْجِعُوا مِنْ سَقْيِهم، وَمَنْ قرأَ يُصْدِرَ أَراد يَرُدُّونَ. مواشِيَهُمْ. وَقَوْلُهُ عز وجل: يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً

؛ أَي يَرْجِعُونَ. يُقَالُ: صَدَرَ الْقَوْمُ عَنِ الْمَكَانِ أَي رَجَعُوا عَنْهُ، وصَدَرُوا إِلى الْمَكَانِ صَارُوا إِليه؛ قَالَ: قَالَ ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ. والوارِدُ: الجائِي، والصَّادِرُ: الْمُنْصَرِفُ. التَّهْذِيبِ: قَالَ اللَّيْثُ: المَصْدَرُ أَصل الْكَلِمَةِ الَّتِي تَصْدُرُ عَنْهَا صَوادِرُ الأَفعال، وَتَفْسِيرُهُ أَن الْمَصَادِرَ كَانَتْ أَول الْكَلَامِ، كَقَوْلِكَ الذَّهَابُ والسَّمْع والحِفْظ، وإِنما صَدَرَتِ الأَفعال عَنْهَا، فَيُقَالُ: ذَهَبَ ذَهَابًا وسمِع سَمْعاً وسَمَاعاً وحَفِظ حِفْظاً؛ قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: اعْلَمْ أَن الْمَصْدَرَ الْمَنْصُوبَ بِالْفِعْلِ الَّذِي اشتُقَّ مِنْهُ مفعولٌ وَهُوَ تَوْكِيدٌ لِلْفِعْلِ، وَذَلِكَ نَحْوَ قُمْتُ قِياماً وَضَرَبْتُهُ ضَرْباً إِنما كَرَّرْتَهُ «3». وَفِي قمتُ دليلٌ لِتَوْكِيدِ خَبَرِكَ عَلَى أَحد وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَنك خِفْت أَن يَكُونَ مَنْ تُخاطِبه لَمْ يَفهم عَنْكَ أَوَّلَ كَلَامِكَ، غَيْرَ أَنه عَلِمَ أَنك قُلْتَ فَعَلْتَ فِعْلًا، فقلتَ فعلتُ فِعلًا لتردِّد اللَّفْظَ الَّذِي بدأْت بِهِ مكرَّراً عَلَيْهِ لِيُكُونَ أَثبت عِنْدَهُ مِنْ سَمَاعِهِ مرَّة وَاحِدَةً، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَن تَكُونَ أَردت أَن تُؤَكِّدَ خَبَرَكَ عِنْدَ مَنْ تُخَاطِبُهُ بأَنك لَمْ تَقُلْ قمتُ وأَنت تُرِيدُ غَيْرَ ذَلِكَ، فردَّدته لِتَوْكِيدِ أَنك قلتَه عَلَى حَقِيقَتِهِ، قَالَ: فإِذا وَصَفْتَهُ بِصِفَةٍ لَوْ عرَّفته دَنَا مِنَ المفعول به لأَن فَعَلْتَهُ نَوْعًا مِنْ أَنواع مُخْتَلِفَةٍ خَصَّصْتَهُ بِالتَّعْرِيفِ، كَقَوْلِكَ قُلْتُ قَوْلًا حَسَنًا وَقُمْتُ الْقِيَامَ الَّذِي وَعَدْتك. وصادِرٌ: مَوْضِعُ؛ وَكَذَلِكَ بُرْقَةُ صَادِرٍ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

لقدْ قلتُ للنُّعمان، حِينَ لَقِيتُه

يُريدُ بَنِي حُنٍّ بِبُرْقَةِ صادِرِ

(3). قوله: [إِنما كررته إِلى قوله وصادر موضع] هكذا في الأَصل

ص: 449

وصادِرَة: اسْمُ سِدْرَة مَعْرُوفَةٍ: ومُصْدِرٌ: مِنْ أَسماء جُمادَى الأُولى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراها عادِيَّة.

صرر: الصِّرُّ، بِالْكَسْرِ، والصِّرَّةُ: شدَّة البَرْدِ، وَقِيلَ: هُوَ البَرْد عامَّة؛ حكِيَتِ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الصِّرُّ الْبَرْدُ الَّذِي يَضْرِبُ النَّبات ويحسِّنه. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَهَى عَمَّا قَتَلَهُ الصِّرُّ مِنَ الْجَرَادِ

أَي البَرْد. ورِيحٌ صِرُّ وصَرْصَرٌ: شَدِيدَةُ البَرْدِ، وَقِيلَ: شَدِيدَةُ الصَّوْت. الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: بِرِيحٍ صَرْصَرٍ

؛ قَالَ: الصِّرُّ والصِّرَّة شِدَّةُ الْبَرْدِ، قَالَ: وصَرْصَرٌ مُتَكَرِّرٌ فِيهَا الرَّاءُ، كَمَا يُقَالُ: قَلْقَلْتُ الشَّيْءَ وأَقْلَلْتُه إِذا رَفَعْتَهُ مِنْ مَكَانِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلُ تَكْرِيرٍ، وَكَذَلِكَ صَرْصَرَ وصَرَّ وصَلْصَلَ وصَلَّ، إِذا سَمِعْتَ صوْت الصَّرِيرِ غَيْرَ مُكَرَّرٍ قُلْتَ: صَرَّ وصَلَّ، فإِذا أَردت أَن الصَّوْتَ تَكَرَّر قُلْتَ: قَدْ صَلْصَلَ وصَرْصَرَ. قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُهُ: بِرِيحٍ صَرْصَرٍ

؛ أَي شَدِيدِ البَرْد جِدًّا. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: رِيحٌ صَرْصَرٌ فِيهِ قَوْلَانِ: يُقَالُ أَصلها صَرَّرٌ مِنَ الصِّرّ، وَهُوَ البَرْد، فأَبدلوا مَكَانَ الراءِ الْوُسْطَى فَاءَ الْفِعْلِ، كَمَا قَالُوا تَجَفْجَفَ الثوبُ وكَبْكَبُوا، وأَصله تجفَّف وكَبَّبُوا؛ وَيُقَالُ هُوَ مِنْ صَرير الْبَابِ وَمِنَ الصَّرَّة، وَهِيَ الضَّجَّة، قَالَ عز وجل: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ

؛ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: فِي ضَجَّة وصَيْحَة؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

جَوَاحِرُها فِي صَرَّة لَمْ تَزَيَّلِ

فَقِيلَ: فِي صَرَّة فِي جَمَاعَةٍ لَمْ تتفرَّق، يَعْنِي فِي تَفْسِيرِ الْبَيْتِ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ

، قَالَ: فيها ثلاثة أَقوال: أَحدهايها صِرٌّ

أَي بَرْد، وَالثَّانِي فِيهَا تَصْوِيت وحَرَكة، وَرُوِيَ

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلٌ آخريها صِرٌّ

، قَالَ: فِيهَا نَارٌ. وصُرَّ النباتُ: أَصابه الصِّرُّ. وصَرَّ يَصِرُّ صَرّاً وصَرِيراً وصَرْصَرَ: صوَّت وَصَاحَ اشدَّ الصِّيَاحِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الصَّرَّة أَشدُّ الصِّيَاحِ تَكُونُ فِي الطَّائِرِ والإِنسان وَغَيْرِهِمَا؛ قَالَ جرير يَرْثِي ابنه سَوادَة:

قَالُوا: نَصِيبكَ مِنْ أَجْرٍ، فَقُلْتُ لَهُمْ:

مَنْ لِلْعَرِينِ إِذا فارَقْتُ أَشْبالي؟

فارَقْتَني حِينَ كَفَّ الدهرُ مِنْ بَصَرِي،

وَحِينَ صِرْتُ كعَظْم الرِّمَّة الْبَالِي

ذاكُمْ سَوادَةُ يَجْلُو مُقْلَتَيْ لَحِمٍ،

بازٍ يُصَرْصِرُ فَوْقَ المَرْقَبِ الْعَالِي

وَجَاءَ فِي صَرَّةٍ، وَجَاءَ يَصْطَرُّ. قَالَ ثَعْلَبٌ: قِيلَ لامرأَة: أَيُّ النِّسَاءِ أَبغض إِليك؟ فَقَالَتْ: الَّتِي إِنْ صَخِبَتْ صَرْصَرَتْ. وصَرَّ صِمَاخُهُ صَرِيراً: صَوَّت مِنَ العَطَش. وصَرصَرَ الطائرُ: صَوَّت؛ وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ البازِيَ والصَّقْر. وفي حديث

جعفر ابن محمد: اطَّلَعَ عليَّ ابن الْحُسَيْنِ وأَنا أَنْتِفُ صَرّاً

؛ هُوَ عُصْفُور أَو طَائِرٌ فِي قدِّه أَصْفَرُ اللَّوْن، سمِّي بصوْته. يُقَالُ: صَرَّ العُصْفُور يَصِرُّ إِذا صَاحَ. وصَرَّ الجُنْدُب يَصِرُّ صَرِيراً وصَرَّ الْبَابُ يَصِرُّ. وَكُلُّ صَوْتٍ شِبْهُ ذَلِكَ، فَهُوَ صَرِيرٌ إِذا امتدَّ، فإِذا كَانَ فِيهِ تَخْفِيفٌ وترجِيع فِي إِعادَة ضُوعِف، كَقَوْلِكَ صَرْصَرَ الأَخَطَبُ صَرْصَرَةً، كأَنهم قَدَّرُوا فِي صوْت الجُنْدُب المَدّ، وَفِي صَوْت الأَخْطَب التَّرْجِيع فَحكَوْه عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الصَّقْر وَالْبَازِي؛ وأَنشد الأَصمعي بَيْتَ جَرِيرٍ يَرْثِي ابْنَهُ

ص: 450

سَوادَة:

بازٍ يُصَرْصِرُ فَوْقَ المَرْقَبِ الْعَالِي

ابْنُ السكِّيت: صَرَّ المَحْمِلُ يَصِرُّ صَرِيراً، والصَّقرُ يُصَرْصِرُ صَرْصَرَةً؛ وصرَّت أُذُنِي صَريراً إِذَا سَمِعْتُ لَهَا دَوِيّاً. وصَرَّ القلمُ وَالْبَابُ يَصِرُّ صَرِيراً أَي صوَّت. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ يخطُب إِلى حِذْعٍ ثُمَّ اتَّخَذ المِنْبَرَ فاصْطَرَّت السَّارِية

؛ أَي صوَّتت وحنَّت، وَهُوَ افْتَعَلَتْ مِنَ الصَّرِير، فقُلِبت التَّاء طَاءً لأَجل الصَّادِ. ودِرْهَمٌ صَرِّيٌّ وصِرِّيٌّ: لَهُ صوْت وصَرِيرٌ إِذا نُقِرَ، وَكَذَلِكَ الدِّينار، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الجَحْدَ وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ فِيمَا سِوَاهُ. ابْنُ الأَعرابي: مَا لِفُلَانٍ صِرٌّ أَي مَا عِنْدَهُ درْهم وَلَا دِينَارٌ، يُقَالُ ذَلِكَ فِي النَّفْي خَاصَّةً. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنبَة: يُقَالُ للدِّرْهم صَرِّيٌّ، وَمَا تَرَكَ صَرِّياً إِلَّا قَبَضه، وَلَمْ يثنِّه وَلَمْ يَجْمَعْهُ. والصَّرَّةُ: الضَّجَّة والصَّيْحَةُ. والصَّرُّ: الصِّياح والجَلَبة. والصَّرَّة: الْجَمَاعَةُ. والصَّرَّة: الشِّدة مِنَ الكْرب والحرْب وَغَيْرِهِمَا؛ وَقَدْ فُسِّرَ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

فأَلْحَقَنَا بالهَادِياتِ، ودُونَهُ

جَواحِرُها، فِي صَرَّةٍ لَمْ تَزَيَّلِ

فُسِّرَ بِالْجَمَاعَةِ وبالشدَّة مِنَ الكرْب، وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: يَحْتَمِلُ الْوُجُوهَ الثَّلَاثَةَ المتقدِّمة قَبْلَهُ. وصَرَّة القَيْظِ: شدَّته وشدَّةُ حَرِّه. والصَّرَّة: العَطْفة. والصَّارَّة: العَطَشُ، وَجَمْعُهُ صَرَائِرُ نَادِرٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

فانْصاعَت الحُقْبُ لَمْ تَقْصَعْ صَرائِرَها،

وَقَدْ نَشَحْنَ، فَلَا ريٌّ وَلَا هِيمُ

ابْنُ الأَعرابي: صَرَّ يَصِرُّ إِذا عَطِشَ وصَرَّ يَصُرُّ إِذا جَمَعَ. وَيُقَالُ: قَصَعَ الحِمار صارَّته إِذا شَرِبَ الْمَاءَ فذهَب عَطَشه، وجمعُها صَرائِر، «1». وأَنشد بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ أَيضاً:[لَمْ تَقْصَعْ صَرائِرَها] قَالَ: وعِيب ذَلِكَ عَلَى أَبي عَمْرٍو، وَقِيلَ: إِنما الصَّرائرُ جَمْعُ صَرِيرة، قَالَ: وأَما الصَّارَّةُ فَجَمْعُهَا صَوارّ. والصِّرار: الْخَيْطُ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ التَّوادِي عَلَى أَطراف النَّاقَةِ وتُذَيَّرُ الأَطباءُ بالبَعَر الرَّطْب لئلَّا يُؤَثِّرَ الصِّرارُ فِيهَا. الْجَوْهَرِيُّ: وصَرَرْتُ النَّاقَةَ شَدَدْتُ عَلَيْهَا الصِّرار، وَهُوَ خَيْطٌ يُشَدُّ فَوْقَ الخِلْف لِئلَّا يرضعَها وَلَدُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُؤمن بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَن يَحُلَّ صِرَارَ ناقةٍ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا فإِنه خاتَمُ أَهْلِها.

قَالَ ابْنُ الأَثير: مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَن تَصُرَّ ضُرُوعَ الحَلُوبات إِذا أَرسلوها إِلى المَرْعَى سارِحَة، ويسمُّون ذَلِكَ الرِّباطَ صِراراً، فإِذا راحَتْ عَشِيّاً حُلَّت تِلْكَ الأَصِرَّة وحُلِبَتْ، فَهِيَ مَصْرُورة ومُصَرَّرة؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ حِينَ جَمَعَ بَنُو يَرْبُوَع صَدَقاتهم ليُوَجِّهوا بِهَا إِلى أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه، فمنعَهم مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ:

وقُلْتُ: خُذُوها هذِه صَدَقاتكُمْ

مُصَرَّرَة أَخلافها لَمْ تُحَرَّدِ

سأَجْعَلُ نَفْسِي دُونَ مَا تَحْذَرُونه،

وأَرْهَنُكُمْ يَوْماً بِمَا قُلْتُهُ يَدِي

قَالَ: وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى تأَوَّلُوا قولَ الشَّافِعِيِّ فِيمَا ذَهب إِليه مِنْ أَمْرِ المُصَرَّاة. وصَرَّ النَّاقَةَ يَصُرُّها صَرّاً وصَرَّ بِهَا: شدَّ ضَرْعَها. والصِّرارُ: مَا يُشدُّ بِهِ، وَالْجَمْعُ أَصِرَّة؛ قال:

(1). قوله: [وجمعها صرائر] عبارة الصحاح: قال أَبو عمرو وجمعها صرائر إلخ وبه يتضح قوله بعد: وَعِيبَ ذَلِكَ عَلَى أَبي عمرو

ص: 451

إِذا اللَّقاح غَدَتْ مُلْقًى أَصِرَّتُها،

وَلَا كَريمَ مِنَ الوِلْدانِ مَصْبُوحُ

ورَدَّ جازِرُهُمْ حَرْفاً مُصَرَّمَةً،

فِي الرأْس مِنْهَا وَفِي الأَصْلاد تَمْلِيحُ

وَرِوَايَةُ سِيبَوَيْهِ فِي ذَلِكَ:

ورَدَّ جازِرُهُمْ حَرْفاً مُصَرَّمة،

وَلَا كريمَ مِنَ الوِلْدَان مَصْبُوح

والصَّرَّةُ: الشَّاةُ المُصَرَّاة. والمُصَرَّاة: المُحَفَّلَة عَلَى تَحْوِيلِ التَّضْعِيفِ. وناقةٌ مُصِرَّةٌ: لَا تَدِرُّ؛ قَالَ أُسامة الْهُذَلِيُّ:

أَقرَّتْ عَلَى حُولٍ عَسُوس مُصِرَّة،

ورَاهَقَ أَخْلافَ السَّدِيسِ بُزُولُها

والصُّرَّة: شَرَجْ الدَّراهم وَالدَّنَانِيرِ، وَقَدْ صَرَّها صَرّاً. غَيْرُهُ: الصُّرَّة صُرَّة الدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهَا مَعْرُوفَةٌ. وصَرَرْت الصُّرَّة: شَدَدْتُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه قَالَ لِجِبْرِيلَ، عليه السلام: تأْتِيني وأَنت صارٌّ بَيْنَ عَيْنَيْك

؛ أَي مُقَبِّض جامعٌ بَيْنَهُمَا كَمَا يَفْعَلُ الحَزِين. وأَصل الصَّرِّ: الْجَمْعُ والشدُّ. وَفِي حَدِيثِ

عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: تَكاد تَنْصَرُّ مِنَ المِلْءِ

، كأَنه مِنْ صَرَرْته إِذا شَدَدْته؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، وَالْمَعْرُوفُ تَنْضَرِجُ أَي تنشقُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه قَالَ لِخَصْمَيْنِ تقدَّما إِليه: أَخرِجا مَا تُصَرّرانه مِنَ الْكَلَامِ

، أَي مَا تُجَمِّعانِه فِي صُدُوركما. وكلُّ شَيْءٍ جَمَعْتَهُ، فَقَدَ، صَرَرْته؛ وَمِنْهُ قِيلَ للأَسير: مَصْرُور لأَن يَدَيْه جُمِعتَا إِلى عُنقه؛ ولمَّا بَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ إِلى ابْنِ عُمَرَ بأَسيرِ قَدْ جُمعت يَدَاهُ إِلى عُنقه لِيَقْتُلَه قَالَ: أَمَّا وَهُوَ مَصْرُورٌ فَلا. وصَرَّ الفرسُ وَالْحِمَارُ بأُذُنِه يَصُرُّ صَرّاً وصَرَّها وأَصَرَّ بِهَا: سَوَّاها ونَصَبها لِلاستماع. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ صَرَّ الْفَرَسُ أُذنيه ضَمَّها إِلى رأْسه، فإِذا لَمْ يُوقِعوا قَالُوا: أَصَرَّ الْفَرَسُ، بالأَلف، وَذَلِكَ إِذا جَمَعَ أُذنيه وَعَزَمَ عَلَى الشَّدِّ؛ وَفِي حَدِيثِ

سَطِيح:

أَزْرَقُ مُهْمَى النَّابِ صَرَّارُ الأُذُنْ

صَرَّ أُذُنه وصَرَّرها

أَي نَصَبها وسوَّاها؛ وَجَاءَتِ الخيلُ مُصِرَّة آذانَها أَي محدِّدة آذانَها رَافِعَةً لَهَا وإِنما تَصُرُّ آذَانَهَا إِذا جَدَّت فِي السَّيْرِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: أَصَرَّ الزرعُ إِصراراً إِذا خَرَج أَطراف السَّفاءِ قَبْلَ أَن يخلُص سُنْبُلُهُ، فإِذا خَلُص سُنْبُلُه قِيلَ: قَدْ أَسْبَل؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يَكُونُ الزَّرْعُ صَرَراً حِينَ يَلْتَوي الورَق ويَيْبَس طرَف السُّنْبُل، وإِن لَمْ يخرُج فِيهِ القَمْح. والصَّرَر: السُّنْبُل بعد ما يُقَصِّب وَقَبْلَ أَن يَظْهَرَ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ السُّنْبُل مَا لَمْ يَخْرُجْ فِيهِ الْقَمْحُ، وَاحِدَتُهُ صَرَرَة، وَقَدْ أَصَرَّ. وأَصَرَّ يعْدُو إِذا أَسرع بَعْضَ الإِسراع، وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ أَضَرَّ، بِالضَّادِ، وَزَعَمَ الطَّوْسِيُّ أَنه تَصْحِيفٌ. وأَصَرَّ عَلَى الأَمر: عَزَم. وَهُوَ مِنِّي صِرِّي وأَصِرِّي وصِرَّي وأَصِرَّي وصُرَّي وصُرَّى أَي عَزِيمة وجِدٌّ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: إِنها مِنِّي لأَصِرِّي أَي لحَقِيقَة؛ وأَنشد أَبو مَالِكٍ:

قَدْ عَلِمَتْ ذاتُ الثَّنايا الغُرِّ،

أَن النَّدَى مِنْ شِيمَتي أَصِرِّي

أَي حَقِيقة. وَقَالَ أَبو السَّمَّال الأَسَدِي حِينَ ضلَّت نَاقَتُهُ: اللَّهُمَّ إِن لَمْ تردَّها عَلَيَّ فَلَمْ أُصَلِّ لَكَ صَلَاةً، فوجَدَها عَنْ قَرِيبٍ فَقَالَ: عَلِمَ اللَّهُ أَنها مِنِّي صِرَّى أَي عَزْم عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: إِنها عَزِيمة مَحْتُومة، قَالَ: وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ من أَصْرَرْت على الشيء إِذا أَقمتَ ودُمْت عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ

. وَقَالَ

ص: 452

أَبو الْهَيْثَمِ: أَصِرِّي أَي اعْزِمِي، كأَنه يُخاطِب نفسَه، مِنْ قَوْلِكَ: أَصَرَّ عَلَى فِعْلِهِ يُصِرُّ إِصْراراً إِذا عَزَم عَلَى أَن يَمْضِيَ فِيهِ وَلَا يرجِع. وَفِي الصِّحَاحِ: قَالَ أَبو سَمَّال الأَسَدِي وقد ضَلَّت ناقتُه: أَيْمُنُكَ لَئِنْ لم تَرُدَّها عَلَيَّ لَا عَبَدْتُك فأَصاب ناقتَه وَقَدْ تعلَّق زِمامُها بِعَوْسَجَةٍ فأَخذها وَقَالَ: عَلِمَ رَبِّي أَنَّها مِنِّي صِرَّى. وَقَدْ يُقَالُ: كَانَتْ هَذِهِ الفَعْلَة مِنِّي أَصِرِّي أَي عَزِيمة، ثُمَّ جُعِلَتِ الْيَاءُ أَلفاً، كَمَا قَالُوا: بأَبي أَنت، وبأَبا أَنت؛ وَكَذَلِكَ صِرِّي وصِرَّى عَلَى أَن يُحذف الأَلفُ مِنْ إِصِرَّى لَا عَلَى أَنها لُغَةٌ صَرَرْتُ عَلَى الشَّيْءِ وأَصْرَرْتُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الأَصل فِي قَوْلِهِمْ كَانَتْ مِنِّي صِرِّي وأَصِرِّي أَي أَمر، فَلَمَّا أَرادوا أَن يُغَيِّرُوه عَنْ مَذْهَبِ الْفِعْلِ حَوَّلُوا يَاءَهُ أَلفاً فقالوا: صِرَّى وأَصِرَّى، كَمَا قَالُوا: نُهِيَ عن قِيلَ [قِيلٍ] وقَالَ [قَالٍ]، وَقَالَ: أُخْرِجَتا مِنْ نِيَّةِ الْفِعْلِ إِلى الأَسماء. قَالَ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ أَعْيَيْتَني مِنْ شُبَّ إِلى دُبَّ، وَيُخْفَضُ فَيُقَالُ: مِنْ شُبٍّ إِلى دُبٍّ؛ وَمَعْنَاهُ فَعَل ذَلِكَ مُذْ كَانَ صَغِيرًا إِلى أَنْ دَبَّ كَبِيرًا وأَصَرَّ عَلَى الذَّنْبِ لَمْ يُقْلِعْ عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ.

أَصرَّ عَلَى الشَّيْءِ يُصِرُّ إِصْراراً إِذا لَزِمَهُ ودَاوَمه وَثَبَتَ عَلَيْهِ، وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الشرِّ وَالذُّنُوبِ، يَعْنِي مَنْ أَتبع الذَّنْبَ الِاسْتِغْفَارَ فَلَيْسَ بِمُصِرٍّ عَلَيْهِ وإِن تكرَّر مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

ويلٌ لِلْمُصِرِّين الَّذِينَ يُصِرُّون عَلَى مَا فَعَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ.

وَصَخْرَةٌ صَرَّاء: مَلْساء. ورجلٌ صَرُورٌ وصَرُورَة: لَمْ يَحُجَّ قَطُّ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْكَلَامِ، وأَصله مِنَ الصَّرِّ الحبسِ والمنعِ، وَقَدْ قَالُوا فِي هَذَا الْمَعْنَى: صَرُوريٌّ وصَارُورِيُّ، فإِذا قُلْتَ ذَلِكَ ثَنَّيت وَجَمَعْتَ وأَنَّثْت؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: كُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَوله إِلى آخِرِهِ مُثَنًّى مَجْمُوعٌ، كَانَتْ فِيهِ يَاءُ النَّسَبِ أَو لَمْ تَكُنْ، وَقِيلَ: رَجُلٌ صَارُورَة وصارُورٌ لَمْ يَحُجَّ، وَقِيلَ: لَمْ يتزوَّج، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ الْمُؤَنَّثُ. والصَّرُورة فِي شِعْرِ النَّابِغة: الَّذِي لَمْ يأْت النِّسَاءَ كأَنه أَصَرَّ عَلَى تركهنَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا صَرُورَة فِي الإِسلام.

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ صَرُورَة لَا يُقَالُ إِلا بِالْهَاءِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: رَجُلٌ صَرُورَة وامرأَة صَرُورَةٌ، لَيْسَتِ الْهَاءُ لتأْنيث الْمَوْصُوفِ بِمَا هِيَ فِيهِ وَإِنَّمَا لَحِقَتْ لإِعْلام السَّامِعِ أَن هَذَا الْمَوْصُوفَ بِمَا هِيَ فِيهِ وقد بَلَغَ الْغَايَةَ وَالنِّهَايَةَ، فَجَعَلَ تأْنيث الصِّفَةِ أَمارَةً لِمَا أُريد مِنْ تأْنيث الْغَايَةِ وَالْمُبَالَغَةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ: قَالَ رأَيت أَقواماً صَرَاراً، بِالْفَتْحِ، واحدُهم صَرَارَة، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْمٌ صَوَارِيرُ جَمْعُ صَارُورَة، قَالَ وَمَنْ قَالَ صَرُورِيُّ وصَارُورِيٌّ ثنَّى وَجَمَعَ وأَنَّث، وفسَّر أَبو عبيد قَوْلُهُ، صلى الله عليه وسلم: لَا صَرُوْرَة فِي الإِسلام؛ بأَنه التَّبَتُّل وتَرْكَ النِّكَاحِ، فَجَعَلَهُ اسْمًا للحَدَثِ؛ يَقُولُ: لَيْسَ يَنْبَغِي لأَحد أَن يَقُولَ لَا أَتزوج، يَقُولُ: هَذَا لَيْسَ مِنْ أَخلاق الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا فِعْلُ الرُّهْبان؛ وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:

لَوْ أَنَّها عَرَضَتْ لأَشْمَطَ راهِبٍ،

عَبَدَ الإِلهَ، صَرُورَةٍ مُتَعَبِّدِ

يَعْنِي الرَّاهِبَ الَّذِي قَدْ تَرَكَ النِّسَاءَ. وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ: وَقِيلَ أَراد مَنْ قَتَل فِي الْحَرَمِ قُتِلَ، وَلَا يقبَل مِنْهُ أَن يَقُولَ: إِني صَرُورَة مَا حَجَجْت وَلَا عَرَفْتُ حُرْمة الحَرَم. قَالَ: وَكَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذا أَحدث حَدَثاً ولَجَأَ إِلى الْكَعْبَةِ لَمْ يُهَجْ، فَكَانَ إِذا لِقيَه وليُّ الدَّمِ فِي الحَرَمِ قِيلَ لَهُ: هُوَ صَرُورةٌ وَلَا تَهِجْه. وحافرٌ مَصْرُورٌ ومُصْطَرٌّ: ضَيِّق مُتَقَبِّض.

ص: 453

والأَرَحُّ: العَرِيضُ، وَكِلَاهُمَا عَيْبٌ؛ وأَنشد:

لَا رَحَحٌ فِيهِ وَلَا اصْطِرارُ

وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: اصْطَرَّ الحافِرُ اصْطِراراً إِذا كَانَ فاحِشَ الضِّيقِ؛ وأَنشد لأَبي النَّجْمِ الْعِجْلِيِّ:

بِكلِّ وَأْبِ للحَصَى رَضَّاحِ،

لَيْسَ بِمُصْطَرٍّ وَلَا فِرْشاحِ

أَي بِكُلِّ حافِرٍ وأْبٍ مُقَعَّبٍ يَحْفِرُ الحَصَى لقوَّته لَيْسَ بضَيِّق وَهُوَ المُصْطَرُّ، وَلَا بِفِرْشاحٍ وَهُوَ الْوَاسِعُ الزَّائِدُ عَلَى الْمَعْرُوفِ. والصَّارَّةُ: الحاجةُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَنا قِبَلَه صارَّةٌ، وَجَمْعُهَا صَوارُّ، وَهِيَ الْحَاجَةُ. وَشَرِبَ حَتَّى ملأَ مصارَّه أَي أَمْعاءَه؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ ابْنِ الأَعرابي وَلَمْ يُفَسِّرْهُ بأَكثر مِنْ ذَلِكَ. والصَّرارةُ: نَهْرٌ يأْخذ مِنَ الفُراتِ. والصَّرارِيُّ: المَلَّاحُ؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:

فِي ذِي جُلُولٍ يِقَضِّي المَوْتَ صاحِبُه،

إِذا الصَّرارِيُّ مِنْ أَهْوالِه ارْتَسَما

أَي كَبَّرَ، وَالْجَمْعُ صرارِيُّونَ وَلَا يُكَسَّرُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

جَذْبَ الصَّرارِيِّينَ بالكُرُورِ

وَيُقَالُ للمَلَّاح: الصَّارِي مِثْلَ القاضِي، وَسَنَذْكُرُهُ فِي الْمُعْتَلِّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَانَ حَقُّ صرارِيّ أَن يُذْكَرَ فِي فَصْلِ صَري الْمُعْتَلِّ اللَّامِ لأَن الْوَاحِدَ عِنْدَهُمْ صارٍ، وَجَمْعُهُ صُرّاء وَجَمْعُ صُرّاءٍ صَرارِيُّ؛ قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلِ صَرِيَ أَنّ الصارِيّ المَلَّاحُ، وَجَمْعُهُ صُرّاءٌ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَيُقَالُ لِلْمَلَّاحِ صارٍ، وَالْجَمْعُ صُرّاء، وَكَانَ أَبو عَلِيٍّ يَقُولُ: صُرّاءٌ وَاحِدٌ مِثْلُ حُسَّانٍ للحَسَنِ، وَجَمْعُهُ صَرارِيُّ؛ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الْفَرَزْدَقَ:

أَشارِبُ خَمْرةٍ، وخَدينُ زِيرٍ،

وصُرّاءٌ، لفَسْوَتِه بُخَار؟

قَالَ: وَلَا حُجَّةَ لأَبي عَلِيٍّ فِي هَذَا الْبَيْتِ لأَن الصَّرَارِيّ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ جَمْعٌ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُسَيَّبِ بْنِ عَلَس يَصِفُ غَائِصًا أَصاب دُرَّةً، وَهُوَ:

وتَرَى الصَّرارِي يَسْجُدُونَ لَهَا،

ويَضُمُّها بَيَدَيْهِ للنَّحْرِ

وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ الْفَرَزْدَقُ لِلْوَاحِدِ فَقَالَ:

تَرَى الصَّرارِيَّ والأَمْواجُ تَضْرِبُه،

لَوْ يَسْتَطِيعُ إِلى بَرِّيّةٍ عَبَرا

وَكَذَلِكَ قَوْلُ خَلَفِ بْنِ جَمِيلٍ الطَّهْوِيِّ:

تَرَى الصَّرارِيَّ فِي غَبْرَاءَ مُظْلِمةٍ

تَعْلُوه طَوْراً، ويَعْلُو فَوْقَها تِيَرَا

قَالَ: وَلِهَذَا السَّبَبِ جَعَلَ الْجَوْهَرِيُّ الصَّرارِيَّ وَاحِدًا لَمَّا رَآهُ فِي أَشعار الْعَرَبِ يُخْبَرُ عنه كما يخبر عَنِ الْوَاحِدِ الَّذِي هُوَ الصَّارِي، فَظَنَّ أَن الْيَاءَ فِيهِ لِلنِّسْبَةِ كأَنه مَنْسُوبٌ إِلى صَرارٍ مِثْلَ حَواريّ مَنْسُوبٍ إِلى حوارٍ، وحَوارِيُّ الرَّجُلِ: خاصَّتُه، وَهُوَ وَاحِدٌ لَا جَمْعٌ، وَيَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْجَوْهَرِيَّ لَحَظَ هَذَا الْمَعْنَى كونُه جَعَلَهُ فِي فَصْلِ صَرَرَ، فَلَوْ لَمْ تَكُنِ الْيَاءُ لِلنَّسَبِ عِنْدَهُ لَمْ يُدْخِلْهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ، قَالَ: وَصَوَابُ إِنشاد بَيْتِ الْعَجَّاجُ: جَذْبُ بِرَفْعِ الْبَاءِ لأَنه فَاعِلٌ لِفِعْلٍ فِي بَيْتٍ قَبْلَهُ، وَهُوَ

لَأْياً يُثانِيهِ، عَنِ الحُؤُورِ،

جَذْبُ الصَّرارِيِّينَ بالكُرُورِ

اللأْيُ: البُطْءُ، أَي بَعْدَ بُطْءٍ أَي يَثْني هَذَا القُرْقورَ عن الحُؤُور جَذْبُ المَلَّاحينَ بالكُرُورِ، والكُرورُ جَمْعُ كَرٍّ، وَهُوَ حبْلُ السَّفِينة الَّذِي يَكُونُ فِي

ص: 454

الشِّراعِ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ حَمْزَةَ: وَاحِدُهَا كُرّ بِضَمِّ الْكَافِ لَا غَيْرُ. والصَّرُّ: الدَّلْوُ تَسْتَرْخِي فَتُصَرُّ أَي تُشَدّ وتُسْمَع بالمِسْمَعِ، وَهِيَ عُرْوَةٌ فِي دَاخِلِ الدَّلْوِ بإِزائها عُرْوَةٌ أُخرى؛ وأَنشد فِي ذَلِكَ:

إِنْ كانتِ امَّا امَّصَرَتْ فَصُرَّها،

إِنَّ امِّصارَ الدَّلْوِ لَا يَضُرُّها

والصَّرَّةُ: تَقْطِيبُ الوَجْهِ مِنَ الكَراهة. والصِّرارُ: الأَماكِنُ المرْتَفِعَةُ لَا يَعْلُوهَا الْمَاءُ. وصِرارٌ: اسْمُ جَبَلٍ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:

إِنَّ الفَرَزْدَقَ لَا يُزايِلُ لُؤْمَه،

حَتَّى يَزُولَ عَنِ الطَّرِيقِ صِرارُ

وَفِي الْحَدِيثِ:

حَتَّى أَتينا صِراراً

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ بِئْرٌ قَدِيمَةٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَميال مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ طَرِيقِ العِراقِ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ. وَيُقَالُ: صارَّه عَلَى الشَّيْءِ أَكرهه. والصَّرَّةُ، بِفَتْحِ الصَّادِ: خَرَزَةٌ تُؤَخِّذُ بِهَا النساءُ الرجالَ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وصَرَّرَتِ الناقةُ: تقدَّمتْ؛ عَنْ أَبي لَيْلَى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

إِذا مَا تأَرَّتنا المَراسِيلُ، صَرَّرَتْ

أَبُوض النَّسَا قَوَّادة أَيْنُقَ الرَّكْبِ «2»

. وصِرِّينُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الأَخطل:

إِلى هاجِسٍ مِنْ آلِ ظَمْياءَ، وَالَّتِي

أَتى دُونها بابٌ بِصِرِّين مُقْفَلُ

والصَّرْصَرُ والصُّرْصُرُ والصُّرْصُور مِثْلَ الجُرْجور: وَهِيَ العِظام مِنَ الإِبل. والصُّرْصُورُ: البُخْتِيُّ مِنَ الإِبل أَو وَلَدُهُ، وَالسِّينُ لُغَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: الصُّرْصُور الفَحْل النَّجِيب مِنَ الإِبل. وَيُقَالُ للسَّفِينة: القُرْقور والصُّرْصور. والصَّرْصَرانِيَّة مِنَ الإِبل: الَّتِي بَيْنَ البَخاتيِّ والعِراب، وَقِيلَ: هِيَ الفَوالِجُ. والصَّرْصَرانُ: إِبِل نَبَطِيَّة يُقَالُ لَهَا الصَّرْصَرانيَّات. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّرْصَرانِيُّ واحدُ الصَّرْصَرانِيَّات، وَهِيَ الإِبِل بَيْنَ البَخاتيّ والعِراب. والصَّرْصَرانُ والصَّرْصَرانيُّ: ضَرْبٌ مِنْ سَمَك الْبَحْرِ أَمْلَس الجِلْد ضَخْم؛ وأَنشد:

مَرَّتْ كظَهْرِ الصَّرْصَرانِ الأَدْخَنِ

والصَّرْصَرُ: دُوَيْبَّة تَحْتَ الأَرض تَصِرُّ أَيام الرَّبِيعِ. وصَرَّار اللَّيْلِ: الجُدْجُدُ، وَهُوَ أَكبرُ مِنَ الجنْدُب، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يُسَمِّيه الصَّدَى. وصَرْصَر: اسْمُ نَهْرٍ بِالْعِرَاقِ. والصَّراصِرَةُ: نَبَطُ الشَّامِ. التَّهْذِيبُ فِي النَّوَادِرِ: كَمْهَلْتُ المالَ كَمْهَلَة وحَبْكَرتُه حَبْكَرَة ودَبْكَلْتُه دَبْكَلَةً وحَبْحَبْتُه وزَمْزَمْتُه زَمْزَمَةً وصَرْصرتُه وكَرْكَرْتُه إِذا جمعتَه ورَدَدْت أَطراف مَا انتَشَرَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ كَبْكَبْتُه.

صطر: التَّهْذِيبِ: الْكِسَائِيُّ المُصْطارُ الخَمْر الحامِض؛ قَالَ الأَزهري: لَيْسَ المُصْطار مِنَ المُضاعَف، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: هُوَ بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ، وَهِيَ لُغَةٌ رومِيَّة؛ قَالَ الأَخطل يَصِفُ الْخَمْرَ:

تَدْمَى، إِذا طَعَنُوا فِيهَا بِجَائفَة

فَوْقَ الزُّجاج، عَتِيقٌ غَيْرُ مُصْطارِ

وَقَالَ: المُصْطار الحدِيثة المُتَغَيِّرَةُ الطَّعْمِ وَالرِّيحِ. قَالَ الأَزهري: والمُصْطار مِنْ أَسماء الْخَمْرِ الَّتِي اعْتُصِرَت مِنْ أَبكار العِنَب حَدِيثاً، بِلُغة أَهل الشَّامِ؛ قَالَ: وأُراه رُومِيّاً لأَنه لَا يُشْبه أَبنية كَلَامِ الْعَرَبِ. قَالَ: وَيُقَالُ المُسْطارُ، بالسين، وهكذا

(2). قوله: [تأرتنا المراسيلُ] هكذا في الأَصل

ص: 455

رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ الْخَمْرِ وَقَالَ: هُوَ الحامِض مِنْهُ. قَالَ الأَزهري: المُصْطار أَظنه مُفْتَعلًا مَنْ صَارَ، قُلِبَتِ التَّاءُ طَاءً. قَالَ وَجَاءَ المُصْطارُ فِي شعر عَدِيّ ابن الرَّقَّاعِ فِي نَعْتِ الْخَمْرِ فِي مَوْضِعَيْنِ، بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ وَجَدْتُهُ مقيَّداً فِي كِتَابِ الإِيادِي المَقْرُوِّ عَلَى شَمِرٍ. ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ سَطَرَ: السَّطْر العَتود مِنَ المَعَزِ، وَالصَّادُ لغة، وَقُرِئَ: وَزَادَهُ بصْطَةً ومُصَيْطِر، بِالصَّادِ وَالسِّينِ، وأَصل صَادِهِ سِينٌ قُلِبَتْ مَعَ الطَّاءِ صَادًا لِقُرْبِ مَخارجها.

صعر: الَّصعَر: مَيَلٌ فِي الوَجْهِ، وَقِيلَ: الصَّعَرُ المَيَل فِي الخدِّ خَاصَّةً، وَرُبَّمَا كَانَ خِلْقة فِي الإِنسان والظَّليم، وَقِيلَ: هُوَ مَيَلٌ فِي العُنُق وانْقِلاب فِي الْوَجْهِ إِلى أَحد الشقَّين. وَقَدْ صَعَّرَ خَدَّه وصاعَرَه: أَمالهُ مِنَ الكِبْرِ؛ قَالَ المُتَلَمِّس وَاسْمُهُ جَرير بْنُ عَبْدِ الْمَسِيحِ:

وكُنَّا إِذا الجبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ،

أَقَمْنا لَهُ مِنْ مَيلِهِ فَتَقَوَّما

يَقُولُ: إِذا أَمال متكبِّرٌ خدَّه أَذْلَلْناهُ حَتَّى يتقوَّم مَيْلُه، وَقِيلَ: الصَّعَرُ داءٌ يأْخذ الْبَعِيرَ فيَلْوِي مِنْهُ عُنُقَه ويُميلُه، صَعِرَ صَعَراً، وَهُوَ أَصْعَر؛ قَالَ أَبو دَهْبَل: أَنشده أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ:

وتَرَى لهَا دَلًّا إِذا نَطَقَتْ،

تَرَكَتْ بَناتِ فؤادِه صُعْرا

وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:

فَهُنَّ صُعْرٌ إِلى هَدْرِ الفَنِيقِ وَلَمْ

يُجْرَ، وَلَمْ يُسْلِهِ عَنْهُنَّ إِلقاحُ

عدَّاه بإِلى لأَنه فِي مَعْنَى مَوائِلَ، كأَنه قَالَ: فَهُنَّ مَوائِلُ إِلى هَدْر الفَنيق. وَيُقَالُ: أَصاب البعيرَ صَعَرٌ وصَيَدٌ أَي أَصابه دَاءٌ يَلْوي مِنْهُ عُنُقه. وَيُقَالُ للمتكبِّر: فِيهِ صَعَرٌ وَصَيَدٌ. ابْنُ الأَعرابي: الصَّعَر والصَّعَلُ صِغَرُ الرأْس. والصَّعَرُ: التَّكَبُّرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كلُّ صَعَّارٍ مَلْعون

؛ أَي كُلُّ ذِي كِبْرٍ وأُبَّهَةٍ، وَقِيلَ: الصَّعَّارُ الْمُتَكَبِّرُ لأَنه يَمِيل بِخَدِّه ويُعْرِض عَنِ النَّاسِ بِوَجْهِهِ، وَيُرْوَى بِالْقَافِ بَدَلَ الْعَيْنِ، وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ وَالزَّايِ، وَسَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ

، وَقُرِئَ:

وَلَا تُصاعِرْ

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُمَا الإِعراض مِنَ الكِبْرِ؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَاهُ لَا تُعْرِض عَنِ النَّاسِ تكبُّراً، ومجازُه لَا تُلْزِمْ خدَّك الصَّعَر. وأَصْعَره: كصَعَّرَه. والتَّصْعِيرُ: إِمالَةُ الخدِّ عَنِ النَّظَرِ إِلى النَّاسِ تَهاوُناً مِنْ كِبْرٍ كأَنه مُعرِضٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

يأْتي عَلَى النَّاسِ زَمان لَيْسَ فِيهِمْ إِلَّا أَصْعَرُ أَو أَبْتَر

؛ يَعْنِي رُذالة النَّاسِ الَّذِينَ لَا دِينَ لَهُمْ، وَقِيلَ: لَيْسَ فِيهِمْ إِلا ذَاهِبٌ بِنَفْسِهِ أَو ذَلِيل. وَقَالَ ابْنُ الأَثير: الأَصْعَرُ المُعْرِض بوجهه كِبراً. وفي حَدِيثِ

عمَّار: لَا يَلي الأَمْرَ بعدَ فلانٍ إِلا كلُّ أَصْعَر أَبْتَر

أَي كلُّ مُعْرِض عَنِ الْحَقِّ ناقِص. ولأُقِيمَنَّ صَعَرك أَي مَيْلك، عَلَى المثَل. وَفِي حَدِيثِ

تَوْبَةِ كَعْب: فأَنا إِليه أَصْعَر

أَي أَمِيل. وَفِي حَدِيثِ

الْحَجَّاجِ: أَنه كَانَ أَصْعَرَ كُهاكِهاً

؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

ومَحْشَك أَمْلِحِيه، ولا تُدَافي

عَلَى زَغَبٍ مُصَعَّرَةٍ صِغَارِ

قَالَ: فِيهَا صَعَرٌ مِنْ صِغَرها يَعْنِي مَيَلًا. وقَرَبٌ مُصْعَرٌّ: شديدٌ؛ قَالَ:

وقَدْ قَرَبْنَ قَرَباً مُصْعَرًّا،

إِذا الهِدَانُ حارَ واسْبَكَرَّا

ص: 456

والصَّيْعَرِيَّةُ: اعْتِراضٌ فِي السَّير، وَهُوَ مِنَ الصَّعَرِ. والصَّيْعَرِيَّةُ: سِمَة فِي عُنُقِ النَّاقَةِ خاصَّة. وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ: الصَّيْعَرِيَّة وَسْم لأَهل اليَمن، لَمْ يَكُنْ يُوسم إِلا النُّوق؛ قَالَ وَقَوْلُ المُسَيَّب بْنِ عَلَس:

وَقَدْ أَتَناسَى الهَمَّ عِنْدَ احْتِضَارِه

بِناجٍ، عَلَيْهِ الصَّيْعَرِيَّة، مُكْدَم «1»

. يدلُّ عَلَى أَنه قَدْ يُوسَم بِهَا الذُّكُور. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الصَّيْعَريَّة سِمَة فِي عُنُق الْبَعِيرِ، وَلَمَّا سَمعَ طَرَفَةُ هَذَا الْبَيْتَ مِنَ المسيَّب قَالَ لَهُ: اسْتَنْوَقَ الجمَلُ أَي أَنك كنتَ فِي صِفَةِ جَمل، فَلَمَّا قُلْتَ الصَّيْعَرِيَّة عُدْت إِلى مَا تُوصَف بِهِ النُّوق، يَعْنِي أَن الصَّيْعَرِيَّة سِمَة لَا تَكُونُ إِلا للإِناث، وَهِيَ النُّوق. وأَحْمَرُ صَيْعَرِيٌّ: قانئٌ. وصَعْرَرَ الشيءَ فَتَصَعْرَرَ: دَحْرَجَه فتَدَحْرَجَ واسْتَدَارَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

يَبْعَرْن مِثْل الفُلْفُلِ المُصَعْرَرِ

وَقَدْ صَعْرَرْت صُعْرُورَة، والصُّعْرُورَةُ: دُحْرُوجَة الجُعَلِ يَجمَعُها فَيُدِيرُها وَيَدْفَعُهَا، وَقَدْ صَعْرَرَها، وَالْجَمْعُ صَعارِير. وكلُّ حَمْلِ شَجَرَةٍ تَكُونُ مثلَ الأَبْهَلِ والفُلْفُلِ وشِبْهِه مِمَّا فِيهِ صَلابَةٌ، فَهُوَ صُعْرُورٌ، وَهُوَ الصَّعارِيرُ. والصُّعْرُور: الصَّمْغُ الدَّقِيق الطَّوِيلُ الملْتَوِي، وَقِيلَ: هُوَ الصَّمْغ عامَّة، وَقِيلَ: الصَّعارِير صَمْغٌ جَامِدٌ يشبِه الأَصابِع، وَقِيلَ: الصُّعْرُور القِطعة مِنَ الصَّمْغ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصُّعْرُورَة، بِالْهَاءِ، الصَّمْغَة الصَّغيرة المُسْتَدِيرة؛ وأَنشد:

إِذا أَوْرَقَ العَبْسِيُّ جاعَ عِيالُه،

وَلَمْ يَجِدُوا إِلا الصَّعارِيرَ مَطْعَما

ذهَب بالعَبْسِيِّ مَجْرَى الجِنْس كأَنه قَالَ: أَوْرَقَ العَبْسِيُّون، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَالَ: وَلَمْ يَجِدْ، وَلَمْ يَقُلْ: وَلَمْ يَجِدُوا، وعَنى أَن مُعَوَّله فِي قوتِه وقوتِ بَنَاته عَلَى الصَّيْدِ، فإِذا أَوْرَقَ لَمْ يجدْ طَعاماً إِلا الصَّمْغ، قَالَ: وَهُمْ يَقْتاتون الصَّمْغ. والصَّعَرُ: أَكلُ الصَّعارِير، وَهُوَ الصَّمْغ قَالَ أَبو زَيْدٍ: الصُّعْرُور، بِغَيْرِ هَاءٍ، صَمْغَة تَطُولُ وتَلتَوِي، وَلَا تَكُونُ صُعْرُورَةً إِلا مُلْتَوِيَة، وَهِيَ نَحْوُ الشِّبْرِ. وَقَالَ مرَّة عَنْ أَبي نصْر: الصُّعْرُورُ يَكُونُ مثلَ القَلَم وينعطِف بِمَنْزِلَةِ القَرْن. والصَّعَارِيرُ: الأَباخِس الطِّوال، وَهِيَ الأَصابع، وَاحِدُهَا أَبْخَس. والصَّعارِير: اللبَنُ المصمَّغ في اللبَإ قَبْلَ الإِفْصاح. والاصْعِرارُ: السَّيرُ الشَّدِيدُ؛ يُقَالُ: اصْعَرَّت الإِبل اصْعِراراً، وَيُقَالُ: اصْعَرَّت الإِبل واصْعَنْفَرَت وتَمَشْمَشَتْ وامْذَقَرَّت إِذا تفرَّقت. وضرَبه فاصْعَنْرَرَ واصْعَرَّر، بإِدغام النُّونِ فِي الرَّاءِ، أَي اسْتَدَارَ مِنَ الْوَجَعِ مَكَانَهُ وتقبَّض. والصَّمْعَرُ: الشَّدِيدُ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ؛ يُقَالُ: رَجُلٌ صَمْعَرِيٌّ. والصَّمْعَرَةُ: الأَرض الغلِيظة. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الصَّعارِيرُ مَا جَمَدَ مِنَ اللَّثَا. وَقَدْ سَمَّوْا أَصْعَرَ وصُعَيراً وصَعْرانَ، وثَعْلَبَةُ بْنُ صُعَيرٍ المازِني.

صعبر: الصَّعْبَرُ والصَّنَعْبرُ: شجَر كالسِّدْر. والصُّعْبُورُ: الصَّغِيرُ الرأْس كالصُّعْرُوبِ.

صعتر: الصَّعْتَرُ مِنَ البُقول، بِالصَّادِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ النَّبات، وَاحِدَتُهُ صَعْتَرَة، وَبِهَا كُنِي البَوْلانيُّ أَبا صَعْتَرَة. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصَّعْتَرُ مِمَّا يَنْبُتُ بأَرض العرَب، مِنْهُ سُهْلِيٌّ وَمِنْهُ جَبَلِيٌّ. وَتَرْجَمَةُ الْجَوْهَرِيِّ عَلَيْهِ سَعْتَرُ، بِالسِّينِ، قال: وبعضهم

(1). وينسب هذا البيت إِلى المتلمّس

ص: 457

يَكْتُبُهُ بِالصَّادِ فِي كُتُب الطِّبِّ لِئَلَّا يَلْتَبس بالشَّعير. وصَعْتر: اسْمُ مَوْضِعٍ. والصَّعْتَرِيُّ: الشاطِرُ؛ عراقيَّة. الأَزهري: رَجُلٌ صَعْتَرِيٌّ لَا غَيْرُ إِذا كَانَ فَتًى كَريماً شُجاعاً.

صعفر: اصْعَنْفَرَت الإِبل: أَجَدَّت فِي سَيرِها. واصْعَنْفَرَ إِذا نَفَرَ. واصْعَنْفَرَت الحُمُر إِذا ابْذَعَرَّتْ فَنَفَرَت وتفرَّقت وأَسْرَعَتْ فِراراً، وإِنما صَعْفَرَها الخَوف والفَرَق؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ الرَّامِي وَالْحُمُرَ:

فَلَمْ يُصِبْ واصْعَنْفَرَت جَوافِلا

وَرُوِيَ: وَاسْحَنْفَرَتْ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكَذَلِكَ المَعَز اصْعَنْفَرَتْ نَفَرَتْ وتفرَّقت؛ وأَنشد:

وَلَا غَرْوَ إِنْ نُرْوِهِمْ مِنْ نِبالِنا،

كما اصْعَنْفَرَت مِعزَى الحِجازِ مِنَ السَّعْف

والمُصْعَنْفِرُ: الْمَاضِي كالمُسْحَنْفِرِ.

صعمر: الصُّعْمُور: الدُّولاب كالعُصْمُور.

صغر: الصِّغَرُ: ضِدُّ الْكِبَرِ. ابْنُ سِيدَهْ: الصِّغَر والصَّغارةُ خِلاف العِظَم، وَقِيلَ: الصِّغَر فِي الجِرْم، والصَّغارة فِي القَدْر؛ صَغُرَ صَغارةً وصِغَراً وصَغِرَ يَصْغَرُ صَغَراً؛ بِفَتْحِ الصَّادِ وَالْغَيْنِ، وصُغْراناً؛ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ الأَعرابي: فَهُوَ صَغِير وصُغار، بِالضَّمِّ، وَالْجَمْعُ صِغَار. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَافَقَ الذِين يَقُولُونَ فَعِيلًا الَّذِينَ يَقُولُونَ فُعالًا لاعتِقابِهما كَثِيرًا، وَلَمْ يَقُولُوا صُغَراء، اسْتَغْنوا عَنْهُ بِفِعال، وَقَدْ جُمع الصَّغِير فِي الشِّعْرِ عَلَى صُغَراء؛ أَنشد أَبو عَمْرٍو:

وللكُبَراءِ أَكْلٌ حيث شاؤوا،

وللصُّغَراء أَكْلٌ واقْتِثامُ

والمَصْغُوراءُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ. والأَصاغِرَة: جَمْعُ الأَصْغَر. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِنما ذَكَرْتُ هَذَا لأَنه مِمَّا تَلْحَقُهُ الْهَاءُ فِي حدِّ الْجَمْعِ إِذْ لَيْسَ مَنْسُوبًا وَلَا أَعجميّاً وَلَا أَهل أَرض ونحوَ ذَلِكَ مِنَ الأَسباب الَّتِي تُدْخِلُهَا الْهَاءُ فِي حَدِّ الْجَمْعِ، لَكِنَّ الأَصْغَر لَمَّا خَرَجَ عَلَى بِنَاءِ القَشْعَم وَكَانُوا يَقُولُونَ القَشاعِمَة أَلحقُوه الْهَاءَ، وَقَدْ قَالُوا الأَصاغِر، بِغَيْرِ هَاءٍ، إِذ قَدْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي الأَعجمي نَحْوَ الجَوارِب والكَرابِج، وإِنما حَمَلَهُمْ عَلَى تَكْسِيرِهِ أَنه لَمْ يتمكَّن فِي بَابِ الصِّفَةِ. والصُّغْرَى: تأْنيث الأَصْغَر، وَالْجَمْعُ الصُّغَرُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: يُقَالُ نِسْوَة صُغَرُ وَلَا يُقَالُ قَوْمٌ أَصاغِر إِلا بالأَلف وَاللَّامِ: قَالَ: وَسَمِعْنَا الْعَرَبَ تَقُولُ الأَصاغِر، وإِن شِئْتَ قُلْتَ الأَصْغَرُون. ابْنُ السِّكِّيتِ: وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: المرْء بِأَصْغَرَيْهِ؛ وأَصْغَراه قلْبُه وَلِسَانُهُ، وَمَعْنَاهُ أَن المَرْءَ يَعْلُو الأُمور ويَضْبِطها بِجَنانه وَلِسَانِهِ. وأَصْغَرَه غَيْرُهُ وصَغَّره تَصْغِيراً، وتَصْغِيرُ الصَّغِير صُغَيِّر وصُغَيِّير؛ الأُولى عَلَى الْقِيَاسِ والأُخرى عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ. واسْتَصْغَره: عَدَّه صَغِيراً. وصَغَّرَه وأَصْغَرَه: جعلَه صَغِيراً. وأَصْغَرْت القِرْبَة: خَرزَتُها صَغِيرة؛ قَالَ بَعْضُ الأَغفال:

شُلَّتْ يَدا فارِيَةٍ فَرَتْها،

لَوْ خافَتِ النَّزْع لأَصْغَرَتْها

وَيُرْوَى:

لَوْ خافَتِ السَّاقي لأَصْغَرَتْها

وَالتَّصْغِيرُ لِلِاسْمِ وَالنَّعْتُ يَكُونُ تَحْقِيرًا وَيَكُونُ شَفَقَةً وَيَكُونُ تَخْصِيصًا، كَقَوْلِ الحُباب بْنُ المنذِر: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجَّب؛ وَهُوَ مُفَسَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَالتَّصْغِيرُ يَجِيءُ بمعانٍ شتَّى: مِنْهَا مَا يَجِيءُ عَلَى التَّعْظِيمِ لَهَا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: فأَصابتها سُنَيَّة

ص: 458

حَمْرَاءُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ الأَنصاري: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجَّب، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَتتكم الدُّهَيْماءُ

؛ يَعْنِي الْفِتْنَةَ الْمُظْلِمَةَ فصغَّرها تَهْوِيلًا لَهَا، وَمِنْهَا أَن يصغُر الشَّيْءُ فِي ذَاتِهِ كَقَوْلِهِمْ: دُوَيْرَة وجُحَيْرَة، وَمِنْهَا مَا يَجِيءُ لِلتَّحْقِيرِ فِي غَيْرِ الْمُخَاطَبِ، وَلَيْسَ لَهُ نَقْصٌ فِي ذَاتِهِ، كَقَوْلِهِمْ: هَلَكَ الْقَوْمُ إِلا أَهلَ بُيَيْتٍ، وَذَهَبَتِ الدَّرَاهِمُ إِلا دُرَيْهِماً، وَمِنْهَا مَا يَجِيءُ لِلذَّمِّ كَقَوْلِهِمْ: يَا فُوَيْسِقُ، وَمِنْهَا مَا يَجِيءُ للعَطْف وَالشَّفَقَةِ نَحْوَ: يَا بُنَيَّ وَيَا أُخَيَّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ

عُمَرَ: أَخاف عَلَى هَذَا السبب «2» . وَهُوَ صُدَيِّقِي

أَي أَخصُّ أَصدقائي، وَمِنْهَا مَا يَجِيءُ بِمَعْنَى التَّقْرِيبِ كَقَوْلِهِمْ: دُوَيْنَ الْحَائِطِ وقُبَيْلَ الصُّبْحِ، وَمِنْهَا مَا يَجِيءُ لِلْمَدْحِ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ

عُمَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ: كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً.

وَفِي حَدِيثِ

عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قُلْتُ لِعُرْوَةَ: كَمْ لَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، بِمَكَّةَ؟ قَالَ: عَشْرًا، قُلْتُ: فَابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ بِضْعَ عشرةَ سَنَةً، قَالَ عُرْوَةُ: فصغَّره

أَي اسْتَصْغَرَ سنَّه عَنْ ضَبْطِ ذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةٍ: فَغَفَّرَهُ أَي قَالَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي غَفَرَ أَيضاً. والإِصغار مِنَ الْحَنِينِ: خِلَافُ الإِكبار؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:

فَمَا عَجُولٌ عَلَى بَوٍّ تُطِيفُ بِهِ،

لَهَا حَنينانِ: إِصْغارٌ وإِكْبارُ

فَإِصْغارُها: حَنِينها إِذا خَفَضته، وإِكْبارُها: حَنِينها إِذا رَفَعته، وَالْمَعْنَى لها حَنِينٌ ذو صغار وحَنِينٌ ذُو كبار. وأَرضٌ مُصْغِرَة: نَبْتها صَغِيرٌ لَمْ يَطُل. وَفُلَانٌ صِغْرَة أَبَوَيْهِ وصِغْرَةُ ولَد أَبويه أَي أَصْغَرهُمْ، وَهُوَ كِبْرَة وَلَدِ أَبيه أَي أَكبرهم؛ وَكَذَلِكَ فُلَانٌ صِغْرَةُ الْقَوْمِ وكِبْرَتُهم أَي أَصغرُهم وأَكبرهم. وَيَقُولُ صبيٌّ مِنْ صِبْيَانِ العرَب إِذ نُهِيَ عَنِ اللَّعِب: أَنا مِنَ الصِّغْرَة أَي مِنَ الصِّغار. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: مَا صَغَرَني إِلا بِسَنَةٍ أَي مَا صَغُرَ عَنِّي إِلا بِسَنَةٍ. والصَّغار، بِالْفَتْحِ: الذُّلُّ والضَّيْمُ، وَكَذَلِكَ الصُّغْرُ، بِالضَّمِّ، وَالْمَصْدَرُ الصَّغَرُ، بِالتَّحْرِيكِ. يُقَالُ: قُمْ عَلَى صُغْرِك وصَغَرِك. اللَّيْثُ: يُقَالُ صَغِرَ فُلَانٌ يَصْغَرُ صَغَراً وصَغاراً، فَهُوَ صاغِر إِذا رَضِيَ بالضَّيْم وأَقَرَّ بِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ

؛ أَي أَذِلَّاءُ. والمَصْغُوراء: الصَّغار. وَقَوْلُهُ عز وجل: سَيُصِيب الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغار عِنْدَ اللَّهِ؛ أَي هُمْ، وإِن كَانُوا أَكابر فِي الدُّنْيَا، فَسَيُصِيبُهُمْ صَغار عِنْدَ اللَّهِ أَي مَذَلَّة. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، رحمه الله، فِي قَوْلِهِ عز وجل: عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ

؛ أَي يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ. والصَّغار: مَصْدَرُ الصَّغِير فِي القَدْر. والصَّاغِرُ: الرَّاضِي بالذُّلِّ والضيْمِ، وَالْجَمْعُ صَغَرة. وَقَدْ صَغُرَ «3». صَغَراً وصُغْراً وصَغاراً وصَغارَة وأَصْغَرَه: جَعَلَهُ صاغِراً. وتَصاغَرَتْ إِليه نفسُه: صَغُرت وتَحاقَرَتْ ذُلًّا ومَهانَة. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا قلتَ ذَلِكَ تَصاغَرَ حَتَّى يَكُونَ مثلَ الذُّباب

؛ يَعْنِي الشَّيْطَانَ، أَي ذَلَّ وَامَّحَقَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الصِّغَر والصَّغارِ، وَهُوَ الذُّلُّ وَالْهَوَانُ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ يَصِفُ أَبا بَكْرٍ، رضي الله عنهما: بِرَغْمِ المُنافِقين وصَغَر الحاسِدين

أَي ذُلِّهِم وهَوانِهم. وَفِي حديثِ المُحْرِم:

يَقْتُلُ الحيَّة بصَغَرٍ لَها.

وصَغُرَتِ الشمسُ: مالَتْ لِلْغُرُوبِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وصَغْران: موضع.

(2). قوله: هذا السبب هكذا في الأَصل من غير نقط

(3)

. قوله: [وقد صغر إلخ] من باب كرم كما في القاموس ومن باب فرح أَيضاً كما في المصباح كما أَنه منهما بمعنى ضد العظم

ص: 459

صفر: الصُّفْرة مِنَ الأَلوان: مَعْرُوفَةٌ تَكُونُ فِي الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ممَّا يقبَلُها، وَحَكَاهَا ابْنُ الأَعرابي فِي الْمَاءِ أَيضاً. والصُّفْرة أَيضاً: السَّواد، وَقَدِ اصْفَرَّ وَاصْفَارَّ وَهُوَ أَصْفَر وصَفَّرَه غيرُه. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تعالى: كأَنه جِمَالاتٌ صُفْرٌ، قَالَ: الصُّفر سُود الإِبل لَا يُرَى أَسود مِنَ الإِبل إِلا وَهُوَ مُشْرَب صُفْرة، وَلِذَلِكَ سمَّت الْعَرَبُ سُود الإِبل صُفراً، كَمَا سَمَّوا الظِّباءَ أُدْماً لِما يَعْلُوها مِنَ الظُّلْمَةِ فِي بَياضِها. أَبو عُبَيْدٍ: الأَصفر الأَسود؛ وَقَالَ الأَعشى:

تِلْكَ خَيْلي مِنْهُ، وَتِلْكَ رِكابي،

هُنَّ صُفْرٌ أَولادُها كالزَّبِيب

وَفَرَسٌ أَصْفَر: وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ زَرْدَهْ. قَالَ الأَصمعي: لَا يسمَّى أَصفر حَتَّى يصفرَّ ذَنَبُه وعُرْفُهُ. ابْنُ سِيدَهْ: والأَصْفَرُ مِنَ الإِبل الَّذِي تَصْفَرُّ أَرْضُهُ وتَنْفُذُه شَعْرة صَفْراء. والأَصْفَران: الذَّهَبُ والزَّعْفَران، وَقِيلَ الوَرْسُ وَالذَّهَبُ. وأَهْلَكَ النِّساءَ الأَصْفَران: الذَّهَبُ والزَّعْفَران، وَيُقَالُ: الوَرْس وَالزَّعْفَرَانُ. والصَّفْراء: الذَّهَبُ لِلَوْنها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ

عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رضي الله عنه: يَا دُنْيَا احْمَرِّي واصْفَرِّي وغُرِّي غَيْرِي.

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنِ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه: يَا صَفْراءُ اصْفَرِّي وَيَا بَيْضاء ابْيَضِّي

؛ يُرِيدُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، صالَحَ أَهلَ خَيْبَر عَلَى الصَّفْراء والبَيْضاء والحَلْقَة

؛ الصَّفْراء: الذَّهَبُ، وَالْبَيْضَاءُ: الفِضة، والحَلْقة: الدُّرُوع. يُقَالُ: مَا لِفُلَانٍ صَفْرَاءُ وَلَا بَيْضاء. والصَّفْراءُ مِنَ المِرَرِ: سمَّيت بِذَلِكَ لِلَوْنِهَا. وصَفَّرَ الثوبَ: صَبغَهُ بِصُفْرَة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عُتْبة ابن رَبِيعة لأَبي جَهْلٍ: سَيَعْلَمُ المُصَفِّر اسْتَه مَن المَقْتُولُ غَداً. وَفِي حَدِيثِ بَدْر:

قَالَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ لأَبي جَهْلٍ: يَا مُصَفِّر اسْتِهِ

؛ رَماه بالأُبْنَةِ وأَنه يُزَعْفِر اسْتَهُ؛ وَيُقَالُ: هِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ للمُتَنَعِّمِ المُتْرَفِ الَّذِي لَمْ تُحَنِّكْهُ التَّجارِب وَالشَّدَائِدُ، وَقِيلَ: أَراد يَا مُضَرِّط نَفْسَهُ مِنَ الصَّفِير، وَهُوَ الصَّوْتُ بِالْفَمِ وَالشَّفَتَيْنِ، كأَنه قَالَ: يَا ضَرَّاط، نَسَبه إِلى الجُبْن والخَوَر؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَنه سَمِعَ صَفِيرَه.

الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ فِي الشَّتْمِ: فُلَانٌ مُصَفَّر اسْتِه؛ هُوَ مِنَ الصَّفِيرِ لَا مِنَ الصُّفرة، أَي ضَرَّاط. والصَّفْراء: القَوْس. والمُصَفِّرة: الَّذِين عَلامَتُهم الصُّفْرَة، كَقَوْلِكَ المُحَمِّرة والمُبَيِّضَةُ. والصُّفْرِيَّة: تَمْرَةٌ يماميَّة تُجَفَّف بُسْراً وَهِيَ صَفْراء، فإِذا جَفَّت فَفُركَتْ انْفَرَكَتْ، ويُحَلَّى بِهَا السَّوِيق فَتَفوق مَوْقِع السُّكَّر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ: وَهَكَذَا قَالَ: تَمْرَةٌ يَمامِيَّة فأَوقع لَفْظَ الإِفراد عَلَى الْجِنْسِ، وَهُوَ يُسْتَعْمَلُ مِثْلَ هَذَا كَثِيرًا. والصُّفَارَة مِنَ النَّبات: مَا ذَوِيَ فتغيَّر إِلى الصُّفْرَة. والصُّفارُ: يَبِيسُ البُهْمَى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه لِصُفْرَته؛ وَلِذَلِكَ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وحَتَّى اعْتَلى البُهْمَى مِنَ الصَّيْفِ نافِضٌ،

كَمَا نَفَضَتْ خَيْلٌ نواصِيَها شُقْرُ

والصَّفَرُ: داءٌ فِي الْبَطْنِ يصفرُّ مِنْهُ الْوَجْهُ. والصَّفَرُ: حَيَّة تلزَق بِالضُّلُوعِ فَتَعَضُّها، الْوَاحِدُ وَالْجَمِيعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَقِيلَ: وَاحِدَتُهُ صَفَرَة، وَقِيلَ: الصَّفَرُ دابَّة تَعَضُّ الضُّلوع والشَّرَاسِيف؛ قَالَ أَعشى باهِلة يَرْثِي أَخاه:

لَا يَتَأَرَّى لِمَا فِي القِدْرِ يَرْقُبُهُ،

وَلَا يَعَضُّ عَلَى شُرْسُوفِه الصَّفَرُ

ص: 460

وقيل: الصَّفَر هاهنا الجُوع. وَفِي الْحَدِيثِ:

صَفْرَة فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ حُمْر النَّعَمِ

؛ أَي جَوْعَة. يُقَالُ: صَفِر الوَطْب إِذا خَلَا مِنَ اللَّبَن، وَقِيلَ: الصَّفَر حَنَش البَطْن، والصَّفَر فِيمَا تَزْعُمُ الْعَرَبُ: حيَّة فِي الْبَطْنِ تَعَضُّ الإِنسان إِذا جَاعَ، واللَّذْع الَّذِي يَجِدُهُ عِنْدَ الْجُوعِ مِنْ عَضِّه. والصَّفَر والصُّفار: دُودٌ يَكُونُ فِي الْبَطْنِ وشَراسيف الأَضلاع فيصفرُّ عَنْهُ الإِنسان جِدّاً وربَّما قَتَلَهُ. وَقَوْلُهُمْ: لَا يَلْتاطُ هَذَا بِصَفَري أَي لَا يَلْزَق بِي وَلَا تقبَله نَفْسِي. والصُّفار: الْمَاءُ الأَصْفَرُ الَّذِي يُصيب الْبَطْنَ، وَهُوَ السِّقْيُ، وَقَدْ صُفِرَ، بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: والصُّفار، بِالضَّمِّ، اجْتِمَاعُ الْمَاءِ الأَصفر فِي الْبَطْنِ، يُعالَجُ بِقَطْعِ النَّائط، وَهُوَ عِرْق فِي الصُّلْب؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يصِف ثَوْرَ وَحْشٍ ضَرَبَ الْكَلْبَ بِقَرْنِهِ فَخَرَجَ مِنْهُ دَمٌ كَدَمِ الْمَفْصُودِ أَو المَصْفُور الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ بَطْنِهِ الْمَاءُ الأَصفر:

وبَجَّ كلَّ عانِدٍ نَعُورِ،

قَضْبَ الطَّبِيبِ نائطَ المَصْفُورِ

وبَجَّ: شَقَّ، أَي شَقَّ الثورُ بِقَرْنِهِ كُلَّ عِرْق عانِدٍ نَعُور. والعانِد: الَّذِي لَا يَرْقأُ لَهُ دمٌ. ونَعُور: يَنْعَرُ بِالدَّمِ أَي يَفُور؛ وَمِنْهُ عِرْق نَعَّار. وَفِي حَدِيثِ

أَبي وَائِلٍ: أَن رَجُلًا أَصابه الصَّفَر فنُعِت لَهُ السُّكَّر

؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هُوَ الحَبَنُ، وَهُوَ اجْتِمَاعُ الْمَاءِ فِي الْبَطْنِ. يُقَالُ: صُفِر، فَهُوَ مَصْفُور، وصَفِرَ يَصْفَرُ صَفَراً؛ وَرَوَى أَبو الْعَبَّاسِ أَن ابْنَ الأَعرابي أَنشده فِي قَوْلِهِ:

يَا رِيحَ بَيْنُونَةَ لَا تَذْمِينا،

جِئْتِ بأَلْوان المُصَفَّرِينا

قَالَ قَوْمٌ: هُوَ مأْخوذ مِنَ الْمَاءِ الأَصفر وَصَاحِبُهُ يَرْشَحُ رَشْحاً مُنْتِناً، وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ مأْخوذ مِنَ الصَّفَر، وَهُوَ الجوعُ، الْوَاحِدَةُ صَفْرَة. وَرَجُلٌ مَصْفُور ومُصَفَّر إِذا كَانَ جَائِعًا، وَقِيلَ: هُوَ مأْخوذ مَنْ الصَّفَر، وَهِيَ حيَّات الْبَطْنِ. وَيُقَالُ: إِنه لَفِي صُفْرة لِلَّذِي يَعْتَرِيهِ الْجُنُونُ إِذا كَانَ فِي أَيام يَزُولُ فِيهَا عَقْلُهُ، لأَنهم كَانُوا يَمْسَحُونَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الزَّعْفَرَانِ. والصُّفْر: النُّحاس الْجَيِّدُ، وَقِيلَ: الصُّفْر ضرْب مِنَ النُّحاس، وَقِيلَ: هُوَ مَا صَفَرَ مِنْهُ، وَاحِدَتُهُ صُفْرة، والصِّفْر: لُغَةٌ فِي الصُّفْر؛ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ وَحْدَهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يَكُ يُجيزه غَيْرُهُ، وَالضَّمُّ أَجود، وَنَفَى بَعْضُهُمُ الْكَسْرَ. الْجَوْهَرِيُّ: والصُّفْر، بِالضَّمِّ، الَّذِي تُعمل مِنْهُ الأَواني. والصَّفَّار: صَانِعُ الصُّفْر؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

لَا تُعْجِلاها أَنْ تَجُرَّ جَرّا،

تَحْدُرُ صُفْراً وتُعَلِّي بُرّا

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الصُّفْر هُنَا الذَّهَبُ، فإِمَّا أَن يَكُونَ عَنَى بِهِ الدَّنَانِيرَ لأَنها صُفْر، وإِمَّا أَن يَكُونَ سَمَّاهُ بالصُّفْر الَّذِي تُعْمل مِنْهُ الْآنِيَةُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُشَابَهَةِ حَتَّى سُمِّيَ اللَّاطُون شَبَهاً. والصِّفْر والصَّفْر والصُّفْر: الشَّيْءُ الْخَالِي، وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ وَالْوَاحِدُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ سَوَاءٌ؛ قَالَ حَاتِمٌ:

تَرَى أَنَّ مَا أَنفقتُ لَمْ يَكُ ضَرَّني،

وأَنَّ يَدِي، مِمَّا بخلتُ بِهِ، صفْرُ

وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَصفار؛ قَالَ:

لَيْسَتْ بأَصْفار لِمَنْ

يَعْفُو، وَلَا رُحٍّ رَحَارحْ

وَقَالُوا: إِناءٌ أَصْفارٌ لَا شَيْءَ فِيهِ، كَمَا قَالُوا: بُرْمَة أَعْشار. وَآنِيَةٌ صُفْر: كَقَوْلِكَ نسْوَة عَدْل. وَقَدْ صَفِرَ الإِناء مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، والرَطْب مِنَ

ص: 461

اللَّبَن بِالْكَسْرِ، يَصْفَرُ صَفَراً وصُفُوراً أَي خَلًّا، فَهُوَ صَفِر. وَفِي التَّهْذِيبِ: صَفُر يَصْفُر صُفُورة. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ قَرَعِ الفِناء وصَفَرِ الإِناء؛ يَعْنُون بِهِ هَلاك المَواشي؛ ابْنُ السِّكِّيتِ: صَفِرَ الرَّجُلُ يَصْفَر صَفِيراً وصَفِر الإِناء. وَيُقَالُ: بَيْتٌ صَفِر مِنَ الْمَتَاعِ، وَرَجُلٌ صِفْرُ الْيَدَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنَّ أَصْفَرَ الْبُيُوتِ «4» . مِنَ الْخَيْرِ البَيْتُ الصَّفِرُ مِنْ كِتاب اللَّهِ.

وأَصْفَر الرَّجُلُ، فَهُوَ مُصْفِر، أَي افْتَقَرَ. والصَّفَر: مَصْدَرٌ قَوْلُكَ صَفِر الشَّيْءُ، بِالْكَسْرِ، أَي خَلَا. والصِّفْر فِي حِساب الْهِنْدِ: هُوَ الدَّائِرَةُ فِي الْبَيْتِ يُفْني حِسابه. وَفِي الْحَدِيثِ:

نَهَى فِي الأَضاحي عَنِ المَصْفُورة والمُصْفَرة

؛ قِيلَ: المَصْفورة المستأْصَلة الأُذُن، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن صِماخيها صَفِرا مِنَ الأُذُن أَي خَلَوَا، وإِن رُوِيَت المُصَفَّرة بِالتَّشْدِيدِ فَللتَّكسِير، وَقِيلَ: هِيَ الْمَهْزُولَةُ لخلوِّها مِنَ السِّمَن؛ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ فِي المَصْفُورة: هِيَ المَهْزُولة، وَقِيلَ لَهَا مُصَفَّرة لأَنها كأَنها خَلَت مِنَ الشَّحْمِ وَاللَّحْمِ، مِنْ قَوْلِكَ: هو صِفْر [صُفْر] مِنَ الْخَيْرِ أَي خالٍ. وَهُوَ كَالْحَدِيثِ الْآخَرِ:

إِنَّه نَهَى عَنِ العَجْفاء الَّتِي لَا تُنْقِي

، قَالَ: وَرَوَاهُ شَمِرٌ بَالْغَيْنِ مُعْجَمَةً، وَفَسَّرَهُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَا أَعرفه؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ مِنْ الصِّغار. أَلا تَرَى إِلى قَوْلِهِمْ لِلذَّلِيلِ مُجَدَّع ومُصلَّم؟ وَفِي حَدِيثِ

أُمِّ زَرْعٍ: صِفْرُ رِدائها ومِلءُ كِسائها وغَيْظُ جارَتِها

؛ الْمَعْنَى أَنها ضامِرَة الْبَطْنِ فكأَن رِداءها صِفْر أَي خالٍ لشدَّة ضُمور بَطْنِهَا، والرِّداء يَنْتَهِي إِلى الْبَطْنِ فَيَقَعُ عَلَيْهِ. وأَصفَرَ البيتَ: أَخلاه. تَقُولُ الْعَرَبُ: مَا أَصْغَيْت لَكَ إِناء وَلَا أَصْفَرْت لَكَ فِناءً، وَهَذَا فِي المَعْذِرة، يَقُولُ: لَمْ آخُذْ إِبِلَك ومالَك فَيَبْقَى إِناؤُك مَكْبوباً لَا تَجِدُ لَهُ لَبَناً تَحْلُبه فِيهِ، وَيَبْقَى فِناؤك خالِياً مَسْلُوباً لَا تَجِدُ بَعِيرًا يَبْرُك فِيهِ وَلَا شَاةً تَرْبِضُ هُنَاكَ. والصَّفارِيت: الْفُقَرَاءُ، الْوَاحِدُ صِفْرِيت؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وَلَا خُورٌ صَفارِيتُ

وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده وَلَا خُورٍ، وَالْبَيْتُ بِكَمَالِهِ:

بِفِتْيَةٍ كسُيُوف الهِنْدِ لَا وَرَعٍ

مِنَ الشَّباب، وَلَا خُورٍ صَفارِيتِ

وَالْقَصِيدَةُ كُلُّهَا مَخْفُوضَةٌ وأَولها:

يَا دَارَ مَيَّةَ بالخَلْصاء حُيِّيتِ

وصَفِرَت وِطابُه: مَاتَ، قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:

وأَفْلَتَهُنَّ عِلْباءٌ جَرِيضاً،

وَلَوْ أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطاب

وَهُوَ مثَل مَعْنَاهُ أَن جِسْمَهُ خَلَا مِنْ رُوحه أَي لَوْ أَدركته الْخَيْلُ لَقَتَلَتْهُ ففزِعت، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن الْخَيْلَ لَوْ أَدركته قُتل فصَفِرَت وِطابُه الَّتِي كَانَ يَقْرِي مِنْهَا وِطابُ لَبَنِه، وَهِيَ جِسْمُهُ مِنْ دَمِه إِذا سُفِك. والصَّفْراء: الْجَرَادَةُ إِذا خَلَت مِنَ البَيْضِ؛ قَالَ:

فَمَا صَفْراءُ تُكْنَى أُمَّ عَوْفٍ،

كأَنَّ رُجَيْلَتَيْها مِنْجَلانِ؟

وصَفَر: الشَّهْرُ الَّذِي بَعْدَ المحرَّم، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنما سُمِّيَ صَفَراً لأَنهم كَانُوا يَمْتارُون الطَّعَامَ فِيهِ مِنَ الْمَوَاضِعِ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لإِصْفار مَكَّةَ

(4). قوله: [إن أصفر البيوت] كذا بالأَصل، وفي النهاية أصفر البيوت بإسقاط لفظ إِن

ص: 462

مِنْ أَهلها إِذا سَافَرُوا؛ وَرُوِيَ عَنْ رُؤْبَةَ أَنه قَالَ: سَمَّوا الشَّهْرَ صَفَراً لأَنهم كَانُوا يَغْزون فِيهِ القَبائل فَيَتْرُكُونَ مَنْ لَقُوا صِفْراً مِنَ المَتاع، وَذَلِكَ أَن صَفَراً بَعْدَ الْمُحَرَّمِ فَقَالُوا: صَفِر النَّاسُ مِنَّا صَفَراً. قَالَ ثَعْلَبٌ: النَّاسُ كُلُّهُمْ يَصرِفون صَفَراً إِلَّا أَبا عُبَيْدَةَ فإِنه قَالَ لَا يَنْصَرِفُ؛ فَقِيلَ لَهُ: لِمَ لَا تَصْرِفُهُ؟ «1»

لأَن النَّحْوِيِّينَ قَدْ أَجمعوا عَلَى صَرْفِهِ، وَقَالُوا: لَا يَمنع الْحَرْفُ مِنَ الصَّرْف إِلَّا علَّتان، فأَخبرنا بِالْعِلَّتَيْنِ فِيهِ حَتَّى نَتْبَعَكَ، فَقَالَ: نَعَمِ، العلَّتان الْمَعْرِفَةُ والسَّاعةُ، قَالَ أَبو عمر: أَراد أَن الأَزمنة كُلَّهَا سَاعَاتٌ وَالسَّاعَاتُ مُؤَنَّثَةٌ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:

أَقامَتْ بِهِ كمُقام الحَنِيفِ

شَهْرَيْ جُمادى، وشَهْرَيْ صَفَر

أَراد المحرَّم وَصَفَرًا، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: وشهرَ صَفَرْ عَلَى احْتِمَالِ الْقَبْضِ فِي الْجَزْءِ، فإِذا جَمَعُوهُ مَعَ المحرَّم قَالُوا: صَفران، وَالْجَمْعُ أَصفار؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

لَقَدْ نَهَيْتُ بَني ذُبْيانَ عَنْ أُقُرٍ،

وَعَنْ تَرَبُّعِهِم فِي كلِّ أَصْفارِ

وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ: الصَّفَرانِ شَهْرَانِ مِنَ السَّنَةِ سُمِّيَ أَحدُهما فِي الإِسلام المحرَّم. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

لَا عَدْوَى وَلَا هامَةَ وَلَا صَفَر

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فَسَرَّ الَّذِي رَوَى الْحَدِيثَ أَن صَفَرَ دَوَابُّ البَطْن. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ يُونُسَ سأَل رُؤْبَةَ عَنِ الصَّفَر، فَقَالَ: هِيَ حَيَّة تَكُونُ فِي الْبَطْنِ تُصِيبُ الْمَاشِيَةَ وَالنَّاسَ، قَالَ: وَهِيَ أَعدى مِنَ الجَرَب عِنْدَ الْعَرَبِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فأَبطل النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، أَنها تُعْدِي. قَالَ: وَيُقَالُ إِنها تَشْتَدُّ عَلَى الإِنسان وَتُؤْذِيهِ إِذا جَاعَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ لَا صَفَر: يُقَالُ فِي الصَّفَر أَيضاً إِنه أَراد بِهِ النَّسيءَ الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ تأْخيرهم المحرَّم إِلى صَفَرٍ فِي تَحْرِيمِهِ وَيَجْعَلُونَ صَفَراً هُوَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ فأَبطله؛ قَالَ الأَزهري: وَالْوَجْهُ فِيهِ التَّفْسِيرُ الأَول، وَقِيلَ لِلْحَيَّةِ الَّتِي تَعَضُّ الْبَطْنَ: صَفَر لأَنها تَفْعَلُ ذَلِكَ إِذا جَاعَ الإِنسان. والصَّفَرِيَّةُ: نَبَاتٌ يَنْبُتُ فِي أَوَّل الْخَرِيفِ يخضِّر الأَرض وَيُورِقُ الشَّجَرَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: سُمِّيَتْ صَفَرِيَّةً لأَن الْمَاشِيَةَ تَصْفَرُّ إِذا رَعَتْ مَا يَخْضَرُّ مِنَ الشَّجَرِ وَتَرَى مَغابِنَها ومَشَافِرَها وأَوْبارَها صُفْراً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَجد هَذَا مَعْرُوفًا. والصُّفَارُ: صُفْرَة تَعْلُو اللَّوْنَ وَالْبَشَرَةَ، قَالَ: وَصَاحِبُهُ مَصْفُورٌ؛ وأَنشد:

قَضْبَ الطَّبِيبِ نائطَ المَصْفُورِ

والصُّفْرَةُ: لَوْنُ الأَصْفَر، وَفِعْلُهُ اللَّازِمُ الاصْفِرَارُ. قَالَ: وأَما الاصْفِيرارُ فَعَرض يعرض الإِنسان؛ يُقَالُ: يصفارُّ مَرَّةً ويحمارُّ أُخرى، قَالَ: وَيُقَالُ فِي الأَوَّل اصْفَرَّ يَصْفَرُّ. والصَّفَريُّ: نَتَاج الْغَنَمِ مَعَ طُلُوعِ سُهَيْلٍ، وَهُوَ أَوَّل الشِّتَاءِ، وَقِيلَ: الصَّفَرِيَّةُ «2» . مِنْ لَدُنْ طُلُوعِ سُهَيْلٍ إِلى سُقُوطِ الذِّرَاعِ حِينَ يَشْتَدُّ الْبَرْدُ وَحِينَئِذٍ يُنْتَجُ النَّاسُ، ونِتاجه مَحْمُودٌ، وَتُسَمَّى أَمطار هَذَا الْوَقْتِ صَفَرِيَّةً. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: الصَّفَرِيَّةُ مَا بَيْنَ تَوَلِّي الْقَيْظِ إِلى إِقبال الشِّتَاءِ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَول الصَّفَرِيَّةِ طُلُوعُ سُهَيْلٍ وآخرها طلوع السِّماك. قَالَ: وَفِي أَوَّل الصَّفَرِيَّةِ أَربعون لَيْلَةً يَخْتَلِفُ حرها وبردها

(1). هكذا بياض بالأَصل

(2)

. قوله: وقيل الصفرية [إلخ] عبارة القاموس وشرحه: والصفرية نَتَاجُ الْغَنَمِ مَعَ طُلُوعِ سُهَيْلٍ، وَهُوَ أَوَّلُ الشِّتَاءِ. وَقِيلَ الصَّفَرِيَّةُ مِنْ لَدُنْ طُلُوعِ سُهَيْلٍ إِلى سُقُوطِ الذِّرَاعِ حِينَ يَشْتَدُّ الْبَرْدُ، وحينئذ يكون النتاج محموداً كالصفري محركة فيهما

ص: 463

تُسَمَّى الْمُعْتَدِلَاتُ، والصَّفَرِيُّ فِي النِّتَاجِ بَعْدَ القَيْظِيِّ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصَّفَرِيَّةُ تولِّي الْحَرِّ وإِقبال الْبَرْدِ. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: الصَّقَعِيُّ أَول النِّتَاجِ، وَذَلِكَ حِينَ تَصْقَعُ الشمسُ فيه رؤوسَ البَهْم صَقْعاً، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ لَهُ الشَّمْسِي والقَيْظي ثم الصَّفَري بعد الصَّقَعِي، وَذَلِكَ عِنْدَ صِرَامِ النَّخِيلِ، ثُمَّ الشَّتْوِيُّ وَذَلِكَ فِي الرَّبِيعِ، ثُمَّ الدَّفَئِيُّ وَذَلِكَ حِينَ تدفأُ الشَّمْسُ، ثُمَّ الصَّيْفي ثُمَّ القَيْظي ثُمَّ الخَرْفِيُّ فِي آخِرِ الْقَيْظِ. والصَّفَرِية: نَبَاتٌ يَكُونُ فِي الْخَرِيفِ؛ والصَّفَري: الْمَطَرُ يأْتي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وتَصَفَّرَ الْمَالُ: حَسُنَتْ حَالُهُ وَذَهَبَتْ عَنْهُ وَغْرَة الْقَيْظِ. وَقَالَ مَرَّةً: الصَّفَرِية أَول الأَزمنة يَكُونُ شَهْرًا، وَقِيلَ: الصَّفَري أَول السَّنَةِ. والصَّفِير: مِنَ الصَّوْتِ بِالدَّوَابِّ إِذا سُقِيَتْ، صَفَرَ يَصْفِرُ صَفِيراً، وصَفَرَ بِالْحِمَارِ وصَفَّرَ: دَعَاهُ إِلى الْمَاءِ. والصَّافِرُ: كُلُّ مَا لَا يَصِيدُ مِنَ الطَّيْرِ. ابْنُ الأَعرابي: الصَّفارِيَّة الصَّعْوَةُ والصَّافِر الجَبان؛ وصَفَرَ الطَّائِرُ يَصْفِرُ صَفِيراً أَي مَكَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: أَجْبَنُ مِنْ صَافِرٍ وأَصفَرُ مِنْ بُلْبُلٍ، والنَّسْر يَصْفِر. وَقَوْلُهُمْ: مَا فِي الدَّارِ صَافِرٌ أَي أَحد يَصْفِرُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: مَا فِي الدَّارِ «1» . أَحد يَصْفِرُ بِهِ، قَالَ: وَهَذَا مِمَّا جَاءَ عَلَى لَفْظِ فَاعِلٍ وَمَعْنَاهُ مَفْعُولٌ بِهِ؛ وأَنشد:

خَلَتِ المَنازل مَا بِها،

مِمَّن عَهِدْت بِهِنَّ، صَافِر

وَمَا بِهَا صَافِر أَي مَا بِهَا أَحد، كَمَا يُقَالُ مَا بِهَا دَيَّارٌ، وَقِيلَ: أَي مَا بِهَا أَحد ذُو صَفير. وَحَكَى الْفَرَّاءُ عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: كَانَ فِي كَلَامِهِ صُفار، بِالضَّمِّ، يُرِيدُ صَفِيرًا. والصَّفَّارَةُ: الِاسْتُ. والصَّفَّارَةُ: هَنَةٌ جَوْفاء مِنْ نُحَاسٍ يَصْفِر فِيهَا الْغُلَامُ للحَمَام، ويَصْفِر فِيهَا بِالْحِمَارِ لِيَشْرَبَ. والصَّفَرُ: العَقل وَالْعَقْدُ. والصَّفَرُ: الرُّوعُ ولُبُّ القَلْبِ، يُقَالُ: مَا يَلْزَقُ ذَلِكَ بصَفَري. والصُّفَار والصِّفَارُ: مَا بَقِيَ فِي أَسنان الدَّابَّةِ مِنَ التِّبْنِ وَالْعَلَفِ لِلدَّوَابِّ كُلِّهَا. والصُّفَار: الْقُرَادُ، وَيُقَالُ: دُوَيْبَّةٌ تَكُونُ فِي مَآخِيرِ الْحَوَافِرِ وَالْمَنَاسِمِ؛ قَالَ الأَفوه:

وَلَقَدْ كُنْتُمْ حَدِيثاً زَمَعاً

وذُنَابَى، حَيْثُ يَحْتَلُّ الصُّفَار

ابْنُ السِّكِّيتِ: الشَّحْمُ والصَّفَار، بِفَتْحِ الصَّادِ، نَبْتَانِ؛ وأَنشد:

إِنَّ العُرَيْمَةَ مانِعٌ أَرْوَاحنا،

مَا كانَ مِنْ شَحْم بِهَا وَصَفَار «2»

. والصَّفَار، بِالْفَتْحِ: يَبِيس «3» البُهْمى. وصُفْرَةُ وصَفَّارٌ: اسْمَانِ. وأَبو صُفْرَةَ: كُنْيَة. والصُّفْرِيَّةُ، بِالضَّمِّ: جِنْسٌ مِنَ الْخَوَارِجِ، وَقِيلَ: قَوْمٌ مِنَ الحَرُورِيَّة سُمُّوا صُفْرِيَّةً لأَنهم نُسِبُوا إِلى صُفْرَةِ أَلوانهم، وَقِيلَ: إِلى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفَّارٍ؛ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الأَخير مِنَ النَّسَبِ النَّادِرِ، وَفِي الصِّحَاحِ: صِنْفٌ مِنَ الْخَوَارِجِ نُسِبُوا إِلى زِيَادِ بْنِ الأَصْفَرِ رَئِيسِهِمْ، وَزَعَمَ قَوْمٌ أَن الَّذِي نُسِبُوا إِليه هُوَ عبد الله ابن الصَّفَّار وأَنهم الصِّفْرِيَّة، بِكَسْرِ الصاد؛ وقال

(1). قوله: وَفِي التَّهْذِيبِ مَا فِي الدار [إلخ] كذا بالأَصل

(2)

. قوله: [أرواحنا] كذا بالأَصل وشرح القاموس، والذي في الصحاح وياقوت:

إِنَّ الْعُرَيْمَةَ مَانِعٌ أَرْمَاحُنَا

مَا كَانَ مِنْ سَحَمٍ بِهَا وَصَفَارِ

والسحم، بالتحريك: شجر

(3)

. قوله [والصفار بالفتح يبيس إلخ] كذا في الصحاح وضبطه في القاموس كغراب

ص: 464

الأَصمعي: الصَّوَابُ الصِّفْرِيَّة، بِالْكَسْرِ، قَالَ: وَخَاصَمَ رجُل مِنْهُمْ صاحبَه فِي السِّجْنِ فَقَالَ لَهُ: أَنت وَاللَّهِ صِفْرٌ مِنَ الدِّينِ، فَسُمُّوا الصِّفْرِيَّة، فَهُمُ المَهَالِبَةُ «1» . نُسِبُوا إِلى أَبي صُفْرَةَ، وَهُوَ أَبو المُهَلَّبِ وأَبو صُفْرَةَ كُنْيَتُهُ. والصَّفْراءُ: مِنْ نَبَاتِ السَّهْلِ والرَّمْل، وَقَدْ تنبُت بالجَلَد، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصَّفْراءُ نَبْتٌ مِنَ العُشب، وَهِيَ تُسَطَّح عَلَى الأَرض، وكأَنَّ ورقَها ورقُ الخَسِّ، وَهِيَ تأْكلها الإِبل أَكلا شَدِيدًا، وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: هِيَ مِنَ الذُّكُورِ. والصَّفْراءُ: شِعْب بِنَاحِيَةِ بَدْرٍ، وَيُقَالُ لَهَا الأَصَافِرُ. والصُّفَارِيَّةُ: طَائِرٌ. والصَّفْراء: فَرَسُ الْحَرْثِ بْنِ الأَصم، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وَبَنُو الأَصْفَرِ: الرُّومُ، وَقِيلَ: مُلُوكُ الرُّومِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري لِمَ سُمُّوا بِذَلِكَ؛ قال عدي ابن زيد:

وِ بَنُو الأَصْفَرِ الكِرامُ، مُلُوكُ الرومِ،

لَمْ يَبْقَ مِنْهُمُ مَذْكُورُ

وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: اغْزُوا تَغْنَمُوا بَناتِ الأَصْفَرِ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يَعْنِي الرومَ لأَن أَباهم الأَول كَانَ أَصْفَرَ اللَّوْنِ، وَهُوَ رُوم بن عِيْصُو بن إِسحق بْنِ إِبراهيم. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ مَرْجِ الصُّفَّرِ، وَهُوَ بِضَمِّ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ، مَوْضِعٌ بغُوطَة دِمَشْقَ وَكَانَ بِهِ وَقْعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ مَعَ الرُّومِ. وَفِي حَدِيثِ مَسِيرِهِ إِلى بَدْرٍ:

ثُمَّ جَزَع الصُّفَيْراءَ

؛ هِيَ تَصْغِيرُ الصَّفْرَاء، وَهِيَ مَوْضِعٌ مُجَاوِرُ بَدْرٍ. والأَصَافِرُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ كُثَيِّر:

عَفَا رابِغٌ مِنْ أَهْلِهِ فَالظَّوَاهِرُ،

فأَكْنَافُ تُبْنَى قَدْ عَفَتْ فَالأَصافِرُ «2»

. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ: كَانَتْ إِذَا سُئِلَتْ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ قَرَأَتْ: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ «3» وَتَقُولُ: إِن البُرْمَةَ لَيُرَى فِي مائِهَا صُفْرَةٌ

، تَعْنِي أَن اللَّهَ حرَّم الدَّم فِي كِتَابِهِ، وَقَدْ تَرَخّص النَّاسُ فِي مَاءِ اللَّحْم فِي الْقِدْرِ وَهُوَ دَمٌ، فَكَيْفَ يُقْضَى عَلَى مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ بِالتَّحْرِيمِ؟ قَالَ: كأَنها أَرادت أَن لَا تَجْعَلَ لُحُومَ السِّبَاع حَرَامًا كَالدَّمِ وَتَكُونُ عِنْدَهَا مَكْرُوهَةً، فإِنها لَا تَخْلُو أَن تَكُونَ قَدْ سَمِعَتْ نَهَى النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، عنها.

صقر: الصَقْرُ: الطَّائِرُ الَّذِي يُصاد بِهِ، مِنَ الْجَوَارِحِ. ابْنُ سِيدَهْ: والصَّقْرُ كُلُّ شَيْءٍ يَصيد مِنَ البُزَاةِ والشَّواهينِ وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ، وَالْجَمْعُ أَصْقُرٌ وصُقُورٌ وصُقُورَةٌ وصِقَارٌ وصِقَارَةٌ. والصُّقْرُ: جَمْعُ الصُّقُور الَّذِي هُوَ جَمْعُ صَقْرٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

كَأَنَّ عَيْنَيْهِ، إِذا تَوَقَّدَا،

عَيْنَا قَطَامِيٍّ منَ الصُّقْرِ بَدَا

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ بِمَا ذَكَرْنَا؛ قَالَ: وَعِنْدِي أَن الصُّقْرَ جَمْعُ صَقْرٍ كَمَا ذَهَبَ إِليه أَبو حَنِيفَةَ مِنْ أَن زُهْواً جمع زَهْو، قال: وإِنما وَجَّهْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ فِرَارًا مِنْ جَمْعِ الْجَمْعِ، كَمَا ذَهَبَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

فرُهُنٌ مَقْبُوضَة

، إِلى أَنه جَمْعُ رَهْنٍ لَا

(1). قوله: [فهم المهالبة إلخ] عبارة القاموس وشرحه: والصفرية، بالضم أَيضاً، المهالبة المشهورون بالجود والكرم، نُسِبُوا إِلى أَبي صُفْرَةَ جدهم

(2)

. قوله: [تبنى] في ياقوت: تبنى، بالضم ثم السكون وفتح النون والقصر، بلدة بحوران من أَعمال دمشق، واستشهد عليه بأَبيات أُخر. وفي باب الهمزة مع الصاد ذكر الأَصافر وأَنشد هذا البيت وفيه هرشى بدل تبنى، قال هرشى بالفتح ثم السكون وشين معجمة والقصر ثَنِيَّةٌ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ قريبة من الجحفة انتهى. وهو المناسب

(3)

. الآية

ص: 465

جَمْعُ رِهَان الَّذِي هُوَ جَمْعُ رَهْنٍ هَرَباً مِنْ جَمْعِ الْجَمْعِ، وإِن كَانَ تَكْسِيرَ فَعْلٍ عَلَى فُعْلٍ وفُعُلٍ قَلِيلًا، والأُنثى صَقْرَةٌ. والصَّقْرُ: اللَّبَنُ الشَّدِيدُ الحُمُوضَة. يُقَالُ: حَبَانا بِصَقْرَةٍ تَزْوِي الْوَجْهَ، كَمَا يُقَالُ بِصَرْبَةٍ؛ حَكَاهُمَا الْكِسَائِيُّ. وَمَا مَصَلَ مِنَ اللَّبن فامَّازَتْ خُثَارَته وصَفَتْ صَفْوَتُه فإِذا حَمِضَتْ كَانَتْ صِبَاغاً طيِّباً، فَهُوَ صَقْرَة. قَالَ الأَصمعي: إِذا بَلَغَ اللَّبَنُ مِنَ الحَمَضِ مَا لَيْسَ فَوْقَهُ شَيْءٌ، فَهُوَ الصَّقْرُ. وَقَالَ شَمِرٌ: الصَّقْر الْحَامِضُ الَّذِي ضَرَبَتْهُ الشَّمْسُ فَحَمِضَ. يُقَالُ: أَتانا بِصَقْرَةٍ حامضة. قال: مِكْوَزَةُ: كأَن الصَّقْرَ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ بُزُرج: المُصْقَئِرُّ مِنَ اللَّبَنِ الَّذِي قَدْ حَمِضَ وَامْتَنَعَ. والصَّقْرُ والصَّقْرَةُ: شِدَّةُ وقعِ الشَّمْسِ وحِدَّةُ حَرِّهَا، وَقِيلَ: شِدَّةُ وقْعِها عَلَى رأْسه؛ صَقَرَتْهُ تَصْقُرُهُ صَقْراً: آذَاهُ حَرُّها، وَقِيلَ: هُوَ إِذا حَمِيَتْ عَلَيْهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

إِذا ذَابَت الشمْسُ، اتَّقَى صَقَرَاتِها

بِأَفْنَانِ مَرْبُوعِ الصَّرِيمَةِ مُعْبِلِ

وصَقَرَ النَّارَ صَقْراً وصَقَّرَهَا: أَوْقَدَها؛ وَقَدِ اصْتَقَرَتْ واصْطَقَرَتْ: جاؤوا بِهَا مَرَّةً عَلَى الأَصل ومَرَّةً عَلَى المضارَعة. وأَصْقَرَت الشَّمْسُ: اتَّقَدَتْ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ. وصَقَرَهُ بِالْعَصَا صَقْراً: ضَرَبَهُ بِهَا عَلَى رأْسه. والصَّوْقَرُ والصَّاقُورُ: الفأْس الْعَظِيمَةُ الَّتِي لَهَا رأْس وَاحِدٌ دَقِيقٌ تُكْسَرُ بِهِ الْحِجَارَةُ، وَهُوَ المِعْوَل أَيضاً. والصَّقْر: ضَرْبُ الْحِجَارَةِ بالمِعْوَل. وصَقَرَ الحَجَرَ يَصْقُرُهُ صَقْراً: ضَرَبَهُ بالصَّاقُور وَكَسَرَهُ بِهِ. والصَّاقُورُ: اللِّسان. والصَّاقِرَةُ: الدَّاهِيَةُ النَّازِلَةُ الشَّدِيدَةُ كالدَّامِغَةِ. والصَّقْرُ والصَّقَرُ: مَا تَحَلَّب مِنَ العِنَب وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ مِنْ غَيْرِ أَن يُعْصَر، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ مِنْ أَهل الْمَدِينَةِ بِهِ دِبْسَ التَّمْرِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يُسِيلُ مِنَ الرُّطَب إِذا يبسَ. والصَّقْرُ: الدِّبس عِنْدَ أَهل الْمَدِينَةِ. وصَقَّرَ التَّمْرَ: صبَّ عَلَيْهِ الصَّقْرَ. وَرُطَبٌ صَقِرٌ مَقِرٌ: صَقِرٌ ذُو صَقْرٍ ومَقِرٌ إِتباع، وَذَلِكَ التَّمْرُ الَّذِي يَصْلُحُ للدِّبس. وَهَذَا التَّمْرُ أَصْقَرُ مَنْ هَذَا أَي أَكْثَرُ صَقْراً؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ وإِن لَمْ يَكْ لَهُ فِعْل. وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ لِلِسَانَيْنِ «4». وَقَدْ تَقَدَّمَ مِرَارًا. والمُصَقَّرُ مِنَ الرُّطَبِ: المُصَلِّبُ يُصَبُّ عَلَيْهِ الدِّبْسُ ليَلينَ، وَرُبَّمَا جَاءَ بِالسِّينِ، لأَنهم كَثِيرًا مَا يَقْلِبُونَ الصَّادَ سِينًا إِذا كَانَ فِي الْكَلِمَةِ قَافٌ أَو طَاءٌ أَو عَيْنٌ أَو خَاءٌ مِثْلُ الصَّدْع والصِّماخ والصِّراط والبُصاق. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والصَّقْر، عِنْدَ البَحْرَانِيِّينَ، مَا سَالَ مِنْ جِلالِ التَّمْرِ الَّتِي كُنِزَتْ وسُدِّك بعضُها فَوْقَ بَعْضٍ فِي بَيْتٍ مُصَرَّج تَحْتَهَا خَوابٍ خُضْر، فَيَنْعَصِرُ مِنْهَا دِبْس خامٌ كأَنه الْعَسَلُ، وَرُبَّمَا أَخذوا الرُّطَب الجَيِّد مَلْقُوطًا مِنَ العِذْقِ فَجَعَلُوهُ فِي بَساتِيقَ وصَبّوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الصَّقْر، فَيُقَالُ لَهُ رُطَب مُصَقَّر، وَيُبْقَى رُطباً طَيِّبًا طُولَ السَّنَةِ وَقَالَ الأَصمعي: التَّصْقِيرُ أَن يُصَب عَلَى الرُّطَب الدِّبْسُ فَيُقَالُ رُطَب مُصَقَّر، مأْخوذ مِنَ الصَّقْرِ، وَهُوَ الدِّبْس. وَفِي حَدِيثِ

أَبي حَثْمَةَ: لَيْسَ الصَّقْر في رؤوس النَّخل.

قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ عسل الرُّطَب هاهنا، وَهُوَ الدِّبْس، وَهُوَ فِي غَيْرِ هَذَا اللَّبَنُ الْحَامِضُ. وَمَاءٌ مُصْقَرٌّ: مُتَغَيِّرٌ. والصَّقَر: مَا انْحَتَّ مِنْ وَرَقِ العِضاهِ والعُرْفُطِ والسَّلَمِ والطَّلْح والسَّمُر، وَلَا يُقَالُ لَهُ صَقَرٌ حتى يَسْقط.

(4). قوله: [للسانين] هكذا بالأَصل

ص: 466

والصَّقْرُ: المَاءُ الآجِنُ. والصَّاقُورَةُ: بَاطِنُ القِحْف المُشْرِفُ عَلَى الدِّماغ، وَفِي التَّهْذِيبِ: والصَّاقُور بَاطِنُ القِحْفِ المُشْرِف فَوْقَ الدِّماغ كأَنه قَعْرُ قَصْعة. وصَاقُورَةُ والصَّاقُورَةُ: اسْمُ السَّمَاءِ الثَّالثة. والصَّقَّارُ: النَّمَّامُ. والصَّقَّار: اللَّعَّانُ لِغَيْرِ المُسْتَحِقين. وَفِي حَدِيثِ

أَنس: مَلْعُون كُلُّ صَقَّارٍ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الصَّقَّار؟ قَالَ: نَشْءٌ يكونون في آخر الزَّمَنِ تَحِيَّتُهم بَيْنَهُمْ إِذا تَلَاقَوُا التَّلاعُن.

التَّهْذِيبُ عَنْ

سَهْلُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ أَبيه: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَا تَزَالُ الأُمة عَلَى شَريعَةٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِمْ ثَلَاثٌ: مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْهُمُ العِلْمُ، ويَكْثُرْ فِيهِمُ الخُبْثُ، ويَظْهَرْ فيهم السَّقَّارُونَ، قَالُوا: وَمَا السَّقَّارُون يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَشَأٌ يَكُونُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ تَكُونُ تَحِيَّتُهُمْ بَيْنَهُمْ إِذا تَلَاقَوُا التلاعنَ

، وَرُوِيَ بِالسِّينِ وَبِالصَّادِ، وَفَسَّرَهُ بالنَّمَّامِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بِهِ ذَا الكبْرِ والأُبَّهَةِ بأَنه يَمِيلُ بِخَدِّهِ. أَبو عُبَيْدَةَ: الصَّقْرَانِ دَائِرتانِ مِنَ الشَّعر عِنْدَ مُؤَخَّرِ اللِّبْدِ مِنْ ظَهْرِ الْفَرَسِ، قَالَ: وحدُّ الظَّهْرِ إِلى الصَّقْرين. الْفَرَّاءُ: جَاءَ فُلَانٌ بالصُّقَرِ والبُقَرِ والصُّقارَى والبُقارَى إِذا جاءَ بالكَذِب الْفَاحِشِ. وَفِي النَّوَادِرِ: تَصَقَّرْت بِمَوْضِعِ كَذَا وَتَشَكَّلْتُ وَتَنَكَّفْتُ «1» . بِمَعْنَى تَلَبَّثْت. والصَّقَّار: الْكَافِرُ. والصَّقَّار: الدَّبَّاس، وَقِيلَ: السَّقَّار الْكَافِرُ، بِالسِّينِ. والصَّقْرُ: القِيَادَةُ عَلَى الحُرَم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَمِنْهُ الصَّقَّار الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ. والصَّقُّور: الدَّيُّوث، وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنَ الصَّقُّور يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفاً وَلَا عَدْلًا

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ بِمَعْنَى الصَّقَّار، وَقِيلَ: هُوَ الدَّيُّوث القَوَّاد عَلَى حُرَمه. وصَقَرُ: مِنْ أَسماء جَهَنَّمَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا، لُغَةٌ فِي سَقَر. والصَّوْقَرِيرُ: صَوْت طَائِرٍ يُرَجِّع فَتَسْمَعُ فِيهِ نَحْوَ هَذِهِ النَّغْمَة. وَفِي التَّهْذِيبِ: الصَّوْقَرِيرُ حِكَايَةُ صَوْتِ طَائِرٍ يُصَوْقِرُ فِي صِيَاحِهِ يُسْمَعُ فِي صَوْتِهِ نَحْوُ هَذِهِ النَّغْمَةِ. وصُقارَى: موضع.

صقعر: الصُّقْعُرُ: الْمَاءُ المُرُّ الْغَلِيظُ. والصَّقْعَرَةُ: هُوَ أَن يَصيحَ الإِنسانُ فِي أُذن آخَرَ. يُقَالُ: فُلَانٌ يُصَقْعِرُ في أُذن فلان.

صمر: التَّصْمِير: الجَمْع والمَنْع. يُقَالُ: صَمَرَ متاعَه وصَمَّره وأَصْمَرَهُ. والتَّصْمِيرُ أَيضاً: أَن يَدْخُلَ فِي الصُّمَيْرِ، وَهُوَ مَغِيب الشَّمْسِ. وَيُقَالُ: أَصْمَرْنا وصَمَّرْنا وأَقْصَرْنا وقَصَّرْنا وأَعْرَجْنَا وعَرَّجْنَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ سِيدَهْ: صَمَر يَصْمُر صَمْراً وصُمُوراً بَخِلَ ومَنَع؛ قَالَ:

فَإِنِّي رَأَيْتُ الصَّامِرِينَ مَتاعَهم

يَمُوتُ ويَفْنى، فَارْضَخِي مِنْ وعائِيَا

أَراد يَمُوتُونَ وَيَفْنَى مَالُهُمْ، وأَراد الصَّامِرِينَ بِمَتَاعِهِمْ. ورَجُل صَمِيرٌ: يابسُ اللَّحْمِ عَلَى الْعِظَامِ. والصَّمَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: النَّتْنُ»

يُقَالُ: يَدِي مِنَ اللَّحْمِ صَمِرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: أَنه أَعطى أَبا رَافِعٍ حَتيًّا وعُكَّةَ سَمْنٍ، وَقَالَ: ادْفَعْ هَذَا إِلى أَسْماءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ

، وَكَانَتْ تَحْتَ أَخيه جَعْفَرٍ، لتَدْهُن بِهِ بَنِي أَخيه مِنْ صَمرَ البَحْر، يَعْنِي مِنْ نَتْنِ ريحه

(1). قوله: [وتشكلت وتنكفت] كذا بالأَصل وشرح القاموس

(2)

. قوله: [بالتحريك النتن] في القاموس وشرحه بالفتح: النتن، ومثله في التكملة

ص: 467

وتَطْعَمهن من الحَقِّ؛ أَما صَمَرُ الْبَحْرِ فَهُوَ نَتْن رِيحِهِ وغَمَقُه ووَمَدُه. والحَتِيُّ: سَوِيقُ المُقْل. ابْنُ الأَعرابي: الصَّمْرُ رائحة المِسْك الطَّرِيِّ. والصَّمْرُ: غَتْمُ الْبَحْرِ إِذا خَبَّ أَي هَاجَ مَوْجُهُ، وخَبيبُه تَناطُحُ أَمواجه. ابْنُ دُرَيْدٍ: رَجُلٌ صَمِيرٌ يابسُ اللَّحْمِ عَلَى العظْم تَفُوحُ مِنْهُ رَائِحَةُ العَرَق. وصَمَرَ الماءُ يَصْمر صُمُوراً: جَرَى مِنْ حُدُور فِي مُسْتَوًى فَسَكن، وَهُوَ جَارٍ، وَذَلِكَ الْمَكَانُ يُسَمَّى صِمْر الْوَادِي، وصِمْرُه: مُسْتَقَرُّهُ. والصُّمَارى، مَقْصُورًا: الِاسْتُ لنَتْنِها. الصِّحَاحُ: الصُّمَارَى، بِالضَّمِّ، الدُّبُر؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الصِّمَارَى، بِكَسْرِ الصَّادِ. والصُّمْرُ: الصُّبْر؛ أَخَذَ الشيءَ بأَصْمَارِه أَي بأَصْبَارِه، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى الْبَدَلِ. وملأَ الكأْس إِلى أَصْمَارها أَي إِلَى أَعاليها كأَصْبَارها، وَاحِدُهَا صُمْر وصُبْر. وصَيْمَر: أَرض مِنْ مِهْرِجَان؛ إِليه نُسِبَ الجُبْنُ الصَّيْمَري. والصَّوْمَرُ: البَاذِرُوجُ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصَّوْمَر شَجَرٌ لَا يَنْبُتُ وَحْدَهُ وَلَكِنْ يَتَلَوَّى عَلَى الغافِ، وَهُوَ قُضْبَانٌ لَهَا وَرَقٌ كَوَرَقِ الأَرَاك، وَلَهُ ثَمَرٌ يُشْبِهُ البَلُّوط يُؤْكَلُ، وَهُوَ ليِّن شديد الحلاوة.

صمعر: الصَّمْعَرُ والصَمْعَرِيُّ: الشَّدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والصَّمْعَرِيُّ: اللَّئِيمُ، وَهُوَ أَيضاً الَّذِي لَا تَعْمَلُ فِيهِ رُقْيَةٌ وَلَا سِحْرٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْخَالِصُ الْحُمْرَةِ. والصَّمْعَرِية مِنَ الْحَيَّاتِ: الْحَيَّةُ الْخَبِيثَةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

أَحَيَّةُ وَادٍ بَغْرَةٌ، صَمْعَريَّةٌ،

أَحَبُّ إِلَيْكُمْ أَمْ ثَلاثٌ لَوَاقِحُ؟

أَراد باللَّوَاقحِ: الْعَقَارِبَ. والصُّمْعُور: الْقَصِيرُ الشُّجَاعُ. وصَمْعَر: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ الْقَتَّالُ الْكِلَابِيِّ:

عَفَا بَطْنُ «1» . سِهْيٍ مِنْ سُلَيْمى فَصَمْعَرُ

صمقر: صَمْقَرَ اللبنُ واصْمَقَرَّ، فَهُوَ مُصْمَقِرٌّ: اشْتَدَّتْ حُمُوضَتُهُ. واصْمَقَرَّت الشَّمْسُ: اتَّقَدَتْ، وَقِيلَ: إِنها مِنْ قَوْلِكَ صَقَّرْتُ النَّارَ إِذا أَوقدتها، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وأَصلها الصَّقَرَةُ. أَبو زَيْدٍ: سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: يَوْمٌ مُصْمَقِرٌّ إِذا كَانَ شَدِيدَ الْحَرِّ، وَالْمِيمُ زائدة.

صنر: الصِّنَارَةُ، بِكَسْرِ الصَّادِ: الْحَدِيدَةُ الدَّقِيقَةُ المُعَقَّفَةُ الَّتِي فِي رأْس المِغْزل، وَقِيلَ: الصِّنَارَةُ رأْس المِغْزل، وَقِيلَ: صِنَارَةُ الْمِغْزَلِ الْحَدِيدَةُ الَّتِي فِي رأْسه، وَلَا تَقُلْ صِنَّارَةً. وَقَالَ اللَّيْثُ: الصِّنَارَةُ مِغْزل المرأَة، وَهُوَ دَخِيلٌ. والصِّنَارَة: الأُذن، يَمَانِيَةٌ. والصِّنَارِيَّةُ: قَوْمٌ بِإِرْمِينِيَةَ نُسِبُوا إِلى ذَلِكَ. وَرَجُلٌ صِنَارَةٌ وصَنَارة: سيّءُ الْخُلُقِ، الْكَسْرِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَالْفَتْحُ عَنْ كُرَاعٍ. التهذيب: الصِّنَّوْرُ البخيل السيّء الْخُلُقِ، والصَّنانِيرُ السيِّئُو الأَدب، وإِن كَانُوا ذَوِي نَبَاهَةٍ. وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ: صِنارةٌ، بالكسر، سيّء الْخُلُقِ، لَيْسَ مِنْ أَبنية الْكِتَابِ لأَن هَذَا الْبِنَاءَ لَمْ يَجِئْ صِفَةً. والصِّنَّارُ: شَجَرُ الدُّلْبِ، وَاحِدَتُهُ صِنَّارة؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، قَالَ: وَهِيَ فَارِسِيَّةٌ وَقَدْ جَرَتْ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وأَنشد بَيْتَ الْعَجَّاجِ:

يَشُقُّ دَوْحَ الجَوْزِ والصِّنَّارِ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الصِّنَار، بِتَخْفِيفِ النُّونِ، وأَنشد بَيْتَ الْعَجَّاجِ بِالتَّخْفِيفِ. وصِنارة الحَجَفَةِ: مَقْبِضُها،

(1). قوله: [عفا بطن إِلخ] تمامه:

[خلاء فبطن الحارثية أَعسر]

ص: 468

وأَهل الْيَمَنِ يُسَمُّونَ الأُذن صِنارة.

صنبر: الصُّنْبُورَةُ والصُّنْبُورُ جَمِيعًا: النَّخْلَةُ الَّتِي دَقَّتْ مِنْ أَسفلها وانْجَرَد كَرَبُها وَقَلَّ حَمْلها، وَقَدْ صَنْبَرَتْ. والصُّنْبُور: سَعَفات يَخْرُجْنَ فِي أَصل النَّخْلَةِ. والصُّنْبُور أَيضاً: النَّخْلَةُ تَخْرُجُ مِنْ أَصل النَّخْلَةِ الأُخرى مِنْ غَيْرِ أَن تُغْرَسَ. والصُّنْبُور أَيضاً: النَّخْلَةُ الْمُنْفَرِدَةُ مِنْ جَمَاعَةِ النَّخْلِ، وَقَدْ صَنْبَرَت. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصُّنْبُور، بِغَيْرِ هَاءٍ، أَصل النَّخْلَةِ الَّذِي تَشَعَّبت مِنْهُ العُرُوق. وَرَجُلٌ صُنْبُورٌ: فَرْد ضَعِيفٌ ذَلِيلٌ لَا أَهل لَهُ وَلَا عَقِب وَلَا نَاصِرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن كُفَّارَ قُرَيْشٍ كَانُوا يَقُولُونَ فِي النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، مُحَمَّدٌ صُنْبُور

، وَقَالُوا: صُنَيْبِيرٌ أَي أَبْتَر لَا عَقِبَ لَهُ وَلَا أَخ فإِذا مَاتَ انْقَطَعَ ذِكْرُهُ، فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ. التَّهْذِيبُ: فِي الْحَدِيثِ عَنِ

ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ ابنُ الأَشرف مكةَ قَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ: أَنت خَيْرُ أَهل الْمَدِينَةِ وسيِّدُهم؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: أَلا تَرَى هَذَا الصُّنَيْبِيرَ الأُبَيْتِرَ مِنْ قَوْمِهِ يَزْعُمُ أَنه خَيْرٌ مِنَّا وَنَحْنُ أَهل الحَجِيج وأَهل السَّدانَةِ وأَهل السِّقاية؟ قَالَ: أَنتم خَيْرٌ مِنْهُ، فأُنْزِلَتْ: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ؛ وأُنزلت: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا.

وأَصل الصُّنْبُورِ: سَعَفَةٌ تنبُت فِي جِذْع النَّخْلَةِ لَا فِي الأَرض. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الصُّنْبُورُ النَّخْلَةُ تَبْقَى مُنْفَرِدَةً ويَدِقُّ أَسفلها ويَنْقَشِرُ. يُقَالُ: صَنْبَرَ أَسفلُ النَّخْلَةِ؛ مُراد كَفَّارِ قُرَيْشٍ بِقَوْلِهِمْ صُنْبُور أَي أَنه إِذا قُلِعَ انْقَطَعَ ذِكْرُه كَمَا يَذْهَبُ أَصل الصُّنْبُور لأَنه لَا عَقِب لَهُ. وَلَقِيَ رجلٌ رجُلًا مِنَ العَرَب فسأَله عَنْ نَخْلِهِ فَقَالَ: صَنْبَرَ أَسفَلُه وعَشَّشَ أَعلاه، يَعْنِي دَقَّ أَسفلُه وقلَّ سَعَفه ويَبِس؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: فشبَّهوا النبي، صلى الله عليه وسلم، بِهَا، يَقُولُونَ: إِنه فَرْدٌ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ فإِذا مَاتَ انْقَطَعَ ذِكْرُه؛ قال أَوس يَعِيبُ قَوْمًا:

مُخَلَّفُونَ ويَقْضِي النَّاسُ أَمْرَهُمُ،

غُشُّ الأَمانَةِ صُنْبُورٌ فَصُنْبُورُ

ابْنُ الأَعرابي: الصُّنْبُور مِنَ النَّخْلَةِ سَعفَات تنبتُ فِي جِذْعِ النَّخْلَةِ غير مُسْتَأْرِضَةٍ في الأَرض، وَهُوَ المُصَنْبِرُ مِنَ النَّخْلِ، وإِذا نَبَتَتِ الصنَّابير فِي جِذْعِ النَّخْلَةِ أَضْوَتْها لأَنها تأْخذ غِذَاءَ الأُمهات؛ قَالَ: وعِلاجها أَن تُقْلَع تِلْكَ الصَّنابير مِنْهَا، فأَراد كُفَّارُ قُرَيْشٍ أَن مُحَمَّدًا، صلى الله عليه وسلم، صُنْبُورٌ نَبَتَ فِي جِذْعِ نَخْلَةٍ فإِذا قُلِعَ انْقَطَعَ، وَكَذَلِكَ مُحَمَّدٌ إِذا مَاتَ فَلَا عَقِبَ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ سَمْعَانَ: الصَّنابير يُقَالُ لَهَا العِقَّانُ والرَّوَاكِيبُ، وَقَدْ أَعَقَّت النخلةُ إِذا أَنبتت العِقَّانَ؛ قَالَ: وَيُقَالُ لِلْفَسِيلَةِ الَّتِي تَنْبُتُ فِي أُمها الصُّنْبُورُ، وأَصل النَّخْلَةِ أَيضاً: صُنْبُورُها. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: المُصَنْبِرَةُ أَيضاً مِنَ النَّخِيلِ الَّتِي تَنْبُتُ الصَّنابِيرُ فِي جُذُوعِهَا فَتُفْسِدُهَا لأَنها تأْخذ غِذَاءَ الأُمهات فَتُضْوِيَها؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبي عُبَيْدَةَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الصُّنْبُور الوَحيدُ، والصُّنْبُور الضَّعِيفُ، والصُّنْبُور الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا عَشِيرَةَ وَلَا نَاصِرَ مِنْ قَرِيبٍ وَلَا غَرِيبٍ، والصُّنْبُور الدَّاهِيَةُ. والصَّنْبَرُ: الرَّقِيقُ الضَّعِيفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالشَّجَرِ، والصُّنبُور اللَّئِيمُ، والصُّنْبور فَمُ القَناة، والصُّنْبور القَصَبة الَّتِي تَكُونُ فِي الإِداوَةِ يُشْرَبُ مِنْهَا، وَقَدْ تَكُونُ مِنْ حَدِيدٍ ورَصاص، وصُنْبُورُ الْحَوْضِ مَثْعَبُهُ، والصُّنْبُورُ مَثْعَبُ الْحَوْضِ خاصَّة؛ حَكَاهُ

ص: 469

أَبو عُبَيْدٍ، وأَنشد:

مَا بَيْنَ صُنْبُورٍ إِلى الإِزَاءِ

وَقِيلَ: هُوَ ثَقْبه الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ إِذا غُسل؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

ليَهْنِئْ تُراثي لامْرِئٍ غَيْرِ ذِلَّةٍ،

صنَابِرُ أُحْدانٌ لَهُنَّ حَفِيفُ

سَرِيعَاتُ مَوْتٍ، رَيِّثَاتُ إِفاقَةٍ،

إِذا مَا حُمِلْنَ حَمْلُهُنَّ خَفِيفُ

وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: الصَّنابر هُنَا السِّهام الدِّقاق، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَجده إِلَّا عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَلَمْ يأْت لَهَا بِوَاحِدٍ؛ وأُحْدانٌ: أَفْرادٌ، لَا نَظِيرَ لَهَا، كَقَوْلِ الْآخَرِ:

يَحْمِي الصُّرَيِّمَ أُحْدانُ الرِّجالِ لَهُ

صَيْدٌ ومُجْتَرِئٌ باللَّيْلِ هَمَّاسُ

وَفِي التَّهْذِيبِ فِي شَرْحِ الْبَيْتَيْنِ: أَراد بِالصَّنَابِرِ سِهاماً دِقاقاً شُبِّهت بِصَنابير النَّخْلَةِ الَّتِي تَخْرُجُ فِي أَصلها دِقاقاً. وَقَوْلُهُ: أُحدان أَي أَفراد. سريعاتُ مَوْتٍ أَي يُمِتْنَ مَنْ رُمِي بِهِنَّ. والصَّنَوْبَرُ: شَجَرٌ مُخْضَرٌّ شِتَاءً وَصَيْفًا. وَيُقَالُ: ثَمَرُه، وقيل: الأَرْزُ الشجر وثَمَرُه الصَّنَوْبَرُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. أَبو عُبَيْدٍ: الصَّنَوْبَرُ ثَمَرُ الأَرزة، وَهِيَ شَجَرَةٌ، قَالَ وَتُسَمَّى الشَّجَرَةُ صَنَوْبَرَةً مِنْ أَجل ثَمَرِهَا؛ أَنشد الْفَرَّاءُ:

نُطْعِمُ الشَّحْمَ والسَّدِيفَ، ونَسقي المَحْضَ

فِي الصِّنَّبِرِّ والصُّرَّادِ

قَالَ: الأَصل صِنَبْر مِثْلُ هِزَبْرٍ ثُمَّ شَدَّدَ النُّونَ، قَالَ: وَاحْتَاجَ الشَّاعِرُ مَعَ ذَلِكَ إِلى تَشْدِيدِ الرَّاءِ فَلَمْ يُمْكِنْهُ إِلَّا بِتَحْرِيكِ الْبَاءِ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ فَحَرَّكَهَا إِلى الْكَسْرِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الزَّمْرَذُ وَالزَّمْرَذِيُّ. وغَداةٌ صِنَّبْرٌ وصِنِّبْرٌ: بارِدَةٌ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الصِّنِّبْرُ مِنَ الأَضداد يَكُونُ الحَارَّ وَيَكُونُ البارِدَ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. وصَنابِرُ الشِّتَاءِ: شِدَّةُ بَرْدِهِ، وَكَذَلِكَ الصِّنَّبِر، بِتَشْدِيدِ النُّونِ وَكَسْرِ الْبَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَجُلًا وَقَفَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ حِينَ صُلِبَ، فَقَالَ: قَدْ كنتَ تجْمع بَيْنَ قُطْرَي اللَّيْلَةِ الصِّنَّبْرَةِ قَائِمًا

؛ هِيَ الشَّدِيدَةُ الْبَرْدِ. والصِّنَّبر والصِّنَّبِرُ: الْبَرْدُ، وَقِيلَ: الرِّيحُ الْبَارِدَةُ فِي غَيْمٍ؛ قَالَ طَرَفَةُ:

بِجِفانٍ نَعْتَري نادِيَنَا،

وسَدِيفٍ حينَ هاجِ الصِّنَّبر

وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ صِنِّبْر، بِكَسْرِ النُّونِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما ابْنُ جِنِّيٍّ فَقَالَ: أَراد الصِّنَّبر فَاحْتَاجَ إِلى تَحْرِيكِ الْبَاءِ، فَتَطَرَّقَ إِلى ذَلِكَ فَنَقَلَ حَرَكَةَ الإِعراب إِليها تَشْبِيهًا بِقَوْلِهِمْ: هَذَا بَكُر وَمَرَرْتُ بِبَكِر فَكَانَ يَجِبُ عَلَى هَذَا أَن يَقُولَ الصِّنَّبُرُ، فَيَضُمُّ الْبَاءَ لأَن الرَّاءَ مَضْمُومَةٌ، إِلَّا أَنه تَصَوَّرَ مَعْنَى إِضافة الظَّرْفِ إِلى الْفِعْلِ فَصَارَ إِلى أَنه كأَنه قَالَ حِينَ هَيْجِ الصِّنَّبْرِ، فَلَمَّا احْتَاجَ إِلى حَرَكَةِ الْبَاءِ تَصَوَّرَ مَعْنَى الْجَرِّ فَكَسَرَ الْبَاءَ، وكأَنه قَدْ نَقَلَ الْكَسْرَةَ عَنِ الرَّاءِ إِليها كَمَا أَن الْقَصِيدَةَ «1». الْمُنْشَدَةَ للأَصمعي الَّتِي فِيهَا:

كأَنَّها وَقَدْ رَآها الرَّائي

إِنما سَوَّغَهُ ذَلِكَ مَعَ أَن الأَبيات كُلَّهَا مُتَوَالِيَةٌ عَلَى الْجَرِّ أَنه تُوُهِمُ فِيهِ مَعْنَى الْجَرِّ، أَلا تَرَى أَن مَعْنَاهُ كأَنها وَقْتُ رُؤْيَةِ الرَّائِي؟ فَسَاغَ لَهُ أَن يَخْلِطَ هَذَا الْبَيْتَ بِسَائِرِ الأَبيات وكأَنه لِذَلِكَ لَمْ يُخَالِفْ؛ قَالَ: وَهَذَا أَقرب مأْخذاً مِنْ أَن يَقُولَ إِنه حرَّف الْقَافِيَةَ لِلضَّرُورَةِ كما

(1). قوله: [كما أَن القصيدة إلخ] كذا بالأَصل

ص: 470

حرَّفها الْآخَرُ «2» . فِي قَوْلِهِ:

هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ، أَوْ أَنْكَرْتَها

بَيْنَ تِبْرَاكٍ وشَسَّيْ عَبَقُر؟

فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ عَبْقَر فَحَرَّفَ الْكَلِمَةَ. والصِّنَّبْرُ، بِتَسْكِينِ الْبَاءِ: الْيَوْمُ الثَّانِي مِنْ أَيام الْعَجُوزِ؛ وأَنشد:

فإِذا انْقَضَتْ أَيَّامُ شَهْلَتِنا:

صِنٌّ وصِنَّبْرٌ مَعَ الوَبِر

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَا بِمَعْنًى وإِنما حركت الباء للضرورة.

صنخر: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: أَبو عَمْرٍو: الصِّنَّخْرُ والصِّنْخِرُ الجَمَلُ الضَّخْمُ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الصِّنَّخْرُ، بِوَزْنِ قِنْذَعْلٍ، وَهُوَ الأَحمق، والصِّنْخِرُ، بِوَزْنِ القِمْقِمِ، وَهُوَ البُرّ الْيَابِسُ. وَفِي النَّوَادِرِ: جَمَلٌ صُنَخِرٌ وصُناخِرٌ عَظِيمٌ طَوِيلٌ مِنَ الرجال والإِبل.

صنعبر: الصَّنَعْبَرُ: شَجَرَةٌ، وَيُقَالُ لها الصَّعْبَرُ.

صهر: الصَّهْرُ: الْقَرَابَةُ. والصِّهْرُ: حُرْمة الخُتُونة، وخَتَنُ الرَّجُلُ صِهْرُه، والمتزوَّجُ فِيهِمْ أَصْهارُ الخَتَنِ، والأَصْهارُ أَهلُ بَيْتِ المرأَة وَلَا يُقَالُ لأَهل بَيْتِ الرَّجُلِ إِلَّا أَخْتان، وأَهل بَيْتِ المرأَة أَصْهار، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُ الصَّهْرَ مِنَ الأَحماءِ والأَخْتان جَمِيعًا. يُقَالُ: صاهَرْتُ الْقَوْمَ إِذا تَزَوَّجْتَ فِيهِمْ، وأَصْهَرْتُ بِهِمْ إِذا اتَّصلت بِهِمْ وتحرَّمت بجِوار أَو نَسَبٍ أَو تزوُّجٍ. وصِهْرُ الْقَوْمِ: خَتَنَهُم، وَالْجَمْعُ أَصْهارٌ وصُهَراءُ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ، وَقِيلَ: أَهلُ بيتِ المرأَة أَصْهارٌ وأَهل بَيْتِ الرَّجُلِ أَخْتانٌ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الصِّهْرُ زوجُ بنتِ الرَّجُلِ وَزَوْجُ أُخته. والخَتَنُ أَبو امرأَة الرَّجُلِ وأَخو امرأَته، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُهُمْ أَصْهاراً كُلُّهُمْ وصِهْراً، وَالْفِعْلُ المُصاهَرَةُ، وَقَدْ صاهَرَهُمْ وصاهَرَ فِيهِمْ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:

حَرَائِرُ صاهَرْنَ المُلُوكَ، وَلَمْ يَزَلْ

عَلَى النَّاسِ، مِنْ أَبْنائِهِنَّ، أَميرُ

وأَصْهَرَ بِهِمْ وإِليهم: صَارَ فِيهِمْ صِهْراً؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: أَصْهَرَ بِهِمُ الخَتَن. وأَصْهَرَ: مَتَّ بالصِّهْر. الأَصمعي: الأَحْماءُ مِنْ قِبَل الزَّوْجِ والأَخْتانُ مِنْ قِبَل المرأَة والصِّهْرُ يَجْمَعُهُمَا، قَالَ: لَا يُقَالُ غَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا كَنَوْا بالصِّهرِ عَنِ القَبْر لأَنهم كَانُوا يَئِدُونَ الْبَنَاتَ فَيَدْفِنُونَهُنَّ، فَيَقُولُونَ: زَوَّجْنَاهُنَّ مِنَ القَبْر، ثُمَّ اسْتَعْمَلَ هَذَا اللَّفْظَ فِي الإِسلام فَقِيلَ: نِعْمَ الصِّهْرُ القَبْرُ، وقيل: إِنما هذا على المثل أَي الذي يقوم مَقام الصِّهْرِ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ فُلَانٌ مُصْهِرٌ بِنَا، وَهُوَ مِنَ الْقَرَابَةِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

قَوْد الجِيادِ، وإِصْهار المُلُوك، وصَبْر

فِي مَوَاطِنَ، لَوْ كَانُوا بِهَا سَئِمُوا

وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً

؛ فأَما النَّسَبُ فَهُوَ النَّسَبُ الَّذِي يَحِلُّ نِكَاحُهُ كَبَنَاتِ الْعَمِّ وَالْخَالِ وأَشباههن مِنَ الْقَرَابَةِ الَّتِي يَحِلُّ تَزْوِيجُهَا، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الأَصْهارُ مِنَ النَّسَبِ لَا يَجُوزُ لَهُمُ التَّزْوِيجُ، والنَّسَبُ الَّذِي لَيْسَ بِصِهْرٍ من قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ

إِلى قَوْلِهِ: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ رويْنا عَنِ

ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ النَّسَبِ والصِّهْرِ خلافَ مَا قَالَ الفراءُ جُمْلَةً وخلافَ بعضِ ما قال

(2). قوله: [كما حرفها الآخر إلخ] في ياقوت ما نصه: كأَنه تَوَهَّمَ تَثْقِيلَ الرَّاءِ، وَذَلِكَ أَنه احْتَاجَ إِلى تَحْرِيكِ الْبَاءِ لإِقامة الْوَزْنِ، فَلَوْ تَرَكَ الْقَافَ عَلَى حالها لَمْ يَجِئْ مِثْلُهُ وَهُوَ عَبَقَرٌ لَمْ يَجِئْ عَلَى مثال مَمْدُودٌ وَلَا مُثَقَّلٌ فَلَمَّا ضَمَّ الْقَافَ تَوَهَّمَ بِهِ بِنَاءَ قَرَبُوسَ وَنَحْوِهِ وَالشَّاعِرُ لَهُ أَنْ يَقْصِرَ قَرْبُوسَ فِي اضْطِرَارِ الشِّعْرِ فَيَقُولُ قربس

ص: 471

الزَّجَّاجُ.

قَالَ

ابْنُ عَبَّاسٍ: حرَّم اللَّهُ مِنَ النَّسَبِ سَبْعًا وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعًا: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ مِنَ النَّسَبِ، وَمِنَ الصِّهْرِ: وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ

؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ونَحْوَ مَا رويْنا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى سَبْعًا نَسَباً وَسَبْعًا سَبَباً فَجَعَلَ السببَ القرابةَ الحادثةَ بِسَبَبِ المُصاهَرَة والرَّضاع، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لَا ارْتِيابَ فِيهِ. وصَهَرَتهُ الشمسُ تَصْهَرُه صَهْراً وصَهَدَتْهُ: اشتدَّ وقْعُها عَلَيْهِ وحَرُّها حَتَّى أَلِمَ دِماغهُ وانْصَهَرَ هُوَ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ فَرْخَ قَطَاةٍ:

تَرْوِي لَقًى أُلْقِيَ فِي صَفْصَفٍ،

تَصْهَرُهُ الشَّمْسُ فَما يَنْصَهِرْ

أَي تُذيبه الشَّمْسُ فيَصْبر عَلَى ذَلِكَ. تَرْوي: تَسُوقُ إِليه الْمَاءَ أَي تَصِيرُ لَهُ كالراوِيَةِ. يُقَالُ: رَوَيْتُ أَهلي وَعَلَيْهِمْ رَيّاً أَتيتهم بِالْمَاءِ. والصَّهْرُ: الحارُّ؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ، وأَنشد:

إِذ لَا تَزالُ لَكُمْ مُغَرْغِرَة

تَغْلي، وأَعْلى لَوْنِها صَهْرُ

فَعَلَى هذا يقال: شيء صَهْرٌ حارٌّ. والصَّهْرُ: إِذابَةُ الشَّحْم. وصَهَرَ الشحمَ ونَحْوه يَصْهَرُه صَهْراً: أَذابه فانْصَهَرَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ

؛ أَي يُذَاب. واصْطَهَرَه: أَذابه وأَكَلَهُ، والصُّهارَةُ: مَا أَذبت مِنْهُ، وَقِيلَ: كلُّ قِطْعَةٍ مِنَ اللَّحْمِ، صَغُرَت أَو كَبُرت، صُهارَةٌ. وَمَا بِالْبَعِيرِ صُهارَةٌ، بِالضَّمِّ، أَي نِقْيٌ، وَهُوَ المُخّ. الأَزهري: الصَّهْر إِذابة الشحْم، والصُّهارَةُ مَا ذَابَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الاصْطِهارُ فِي إِذابته أَو أَكْلِ صُهارَتِهِ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:

شَكّ السَفافِيدِ الشَّواءَ المُصْطَهَرْ

والصَّهْرُ: المَشْوِي. الأَصمعي: يُقَالُ لِمَا أُذيب مِنَ الشَّحْمِ الصُّهارة والجَمِيلُ. وَمَا أُذيب مِنَ الأَلْيَة، فَهُوَ حَمٌّ، إِذا لَمْ يَبْقَ فِيهِ الوَدَكُ. أَبو زَيْدٍ: صَهَرَ خبزَه إِذا أَدَمَه بالصُّهارَة، فَهُوَ خَبْزٌ مَصْهُورٌ وصَهِيرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن الأَسْوَد كَانَ يَصْهَر رِجليه بِالشَّحْمِ وَهُوَ مُحْرِمٌ

؛ أَي كَانَ يُذِيبه ويَدْهُنُهما بِهِ. وَيُقَالُ: صَهَرَ بَدَنَهُ إِذا دَهَنَهُ بالصَّهِيرِ. وصَهَرَ فلانٌ رأْسَه صَهْراً إِذا دَهَنَهُ بالصُّهارَة، وَهُوَ مَا أُذيب مِنَ الشَّحْمِ. واصْطَهَر الحِرْباءُ واصْهارَّ: تَلأْلأَ ظَهْرُهُ مِنْ شِدَّةِ حَرِّ الشَّمْسِ، وَقَدْ، صَهَرَه الحرُّ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ

حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ أَدبارهم؛ أَبو زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: يُصْهَرُ بِهِ

قَالَ: هُوَ الإِحْراق، صَهَرْته بِالنَّارِ أَنضَجْته، أَصْهَرُه. وَقَوْلُهُمْ: لأَصْهَرَنَّكَ بِيَمِينٍ مُرَّةٍ، كأَنه يُرِيدُ الإِذابة. أَبو عُبَيْدَةَ: صَهَرْتُ فُلَانًا بيمينٍ كاذبةٍ تُوجِبُ لَهُ النَّارَ. وَفِي حَدِيثِ أَهل النَّارِ:

فَيُسْلَتُ مَا فِي جَوْفِهِ حَتَّى يَمْرُقَ مِنْ قَدَمَيْهِ

، وَهُوَ الصَّهْرُ. يُقَالُ: صَهَرْت الشَّحْمَ إِذا أَذبته. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ يؤسِّسُ مسجدَ قُباءٍ فَيَصْهَرُ الحجرَ العظيمَ إِلى بَطْنِهِ

؛ أَي يُدْنيه إِليه. يُقَالُ: صَهَرَه وأَصْهَرَه إِذا قرَّبه وأَدناه. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه: قَالَ لَهُ ربيعة بن الحرث: نِلْتَ صِهْرَ مُحَمَّدٍ فَلَمْ نَحْسُدْك عَلَيْهِ

؛ الصِّهْرُ حُرْمَةُ التَّزْوِيجِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّسَب: أَن النَّسَبَ مَا يَرْجِعُ إِلى وِلَادَةٍ قريبةٍ مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ،

ص: 472

والصِّهْر مَا كَانَ مِنْ خُلْطَةٍ تُشبِه القرابةَ يُحْدِثُهَا التَّزْوِيجُ. والصَّيْهُورُ: شِبْهُ مِنْبر يُعمل مِنْ طِينٍ أَو خَشَبٍ يُوضَعُ عَلَيْهِ مَتَاعُ الْبَيْتِ مِنْ صُفْرٍ أَو نَحْوِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ بِثَبْتٍ. والصَّاهُورُ: غِلاف الْقَمَرِ، أَعجمي مُعَرَّبٌ. والصِّهْرِيُّ: لُغَةٌ فِي الصِّهْرِيج، وَهُوَ كَالْحَوْضِ؛ قَالَ الأَزهري: وَذَلِكَ أَنهم يأْتون أَسفل الشِّعْبَة مِنَ الْوَادِي الَّذِي لَهُ مَأْزِمانِ فَيَبْنُونَ بَيْنَهُمَا بِالطِّينِ وَالْحِجَارَةِ فيترادُّ الماءُ فَيَشْرَبُونَ بِهِ زَمَانًا، قَالَ: وَيُقَالُ تَصَهْرَجُوا صِهْرِيّاً.

صور: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى: المُصَوِّرُ وَهُوَ الَّذِي صَوَّر جميعَ الْمَوْجُودَاتِ وَرَتَّبَهَا فأَعطى كُلَّ شَيْءٍ مِنْهَا صُورَةً خَاصَّةً وَهَيْئَةً مُفْرَدَةً يَتَمَيَّزُ بِهَا عَلَى اخْتِلَافِهَا وَكَثْرَتِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: الصُّورَةُ فِي الشَّكْلِ، قَالَ: فأَما مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ

خَلَقَ اللَّه آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ

فَيُحْتَمَلُ أَن تَكُونَ الْهَاءُ رَاجِعَةً عَلَى اسْمِ اللَّه تَعَالَى، وأَن تَكُونَ رَاجِعَةً عَلَى آدَمَ، فَإِذَا كَانَتْ عَائِدَةً عَلَى اسْمِ اللَّه تَعَالَى فَمَعْنَاهُ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي أَنشأَها اللَّه وقدَّرها، فَيَكُونُ الْمَصْدَرُ حِينَئِذٍ مُضَافًا إِلى الْفَاعِلِ لأَنه سُبْحَانَهُ هُوَ المصَوِّر لَا أَن لَهُ، عَزَّ اسْمُهُ وَجَلَّ، صُورَةً وَلَا تمْثالا، كَمَا أَن قَوْلَهُمْ لَعَمْرُ اللَّه إِنما هُوَ والحياةِ الَّتِي كَانَتْ باللَّه وَالَّتِي آتانِيها اللَّهُ، لَا أَن لَهُ تَعَالَى حَيَاةً تَحُلُّهُ وَلَا هُوَ، عَلَا وجهُه، محلٌّ للأعراضِ، وإِن جَعَلْتَهَا عَائِدَةً عَلَى آدَمَ كَانَ مَعْنَاهُ عَلَى صُورَة آدَمَ أَي عَلَى صُورَةِ أَمثاله مِمَّنْ هُوَ مَخْلُوقٌ مُدَبَّر، فَيَكُونُ هَذَا حِينَئِذٍ كَقَوْلِكَ لِلسَّيِّدِ وَالرَّئِيسِ: قَدْ خَدَمْتُه خِدْمَتَه أَي الخِدْمَةَ الَّتِي تحِقُّ لأَمثاله، وَفِي الْعَبْدِ والمُبتَذل: قَدِ اسْتَخْدَمْتُه اسْتِخْدامَهُ أَي اسْتِخْدامَ أَمثاله مِمَّنْ هُوَ مأْمور بِالْخُفُوفِ والتَّصَرُّف، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شاءَ رَكَّبَكَ

، وَالْجَمْعُ صُوَرٌ وصِوَرٌ وصُوْرٌ، وَقَدْ صَوَّرَهُ فَتَصَوَّرَ. الْجَوْهَرِيُّ: والصِّوَرُ، بِكَسْرِ الصَّادِ، لُغَةٌ فِي الصُّوَر جَمْعُ صُورَةٍ، وَيُنْشَدُ هَذَا الْبَيْتُ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ يَصِفُ الْجَوَارِيَ:

أَشْبَهْنَ مِنْ بَقَرِ الخلْصاءِ أَعْيُنَها،

وهُنَّ أَحْسَنُ مِنْ صِيرَانِها صِوَرا

وصَوَّرَهُ اللَّهُ صُورَةً حَسَنَةً فَتَصَوَّر. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مُقَرِّنٍ: أَما علمتَ أَن الصُّورَة محرَّمةٌ؟

أَراد بالصُّورَةِ الوجهَ وتحريمِها المَنْع مِنَ الضَّرْبِ وَاللَّطْمِ عَلَى الْوَجْهِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

كُرِهَ أَن تُعلم الصورةُ

، أَي يجعلَ فِي الْوَجْهِ كَيٌّ أَو سِمَةٌ. وتَصَوَّرْتُ الشيءَ: تَوَهَّمْتُ صورتَه فتصوَّر لِي. والتَّصاوِيرُ: التَّماثِيلُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَتاني الليلةَ رَبِّي فِي أَحسنِ صُورَةٍ.

قَالَ ابْنُ الأَثير: الصُّورَةُ تَرِدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَعَلَى مَعْنَى حقيقةِ الشَّيْءِ وَهَيْئَتِهِ وَعَلَى مَعْنَى صِفَتِه. يُقَالُ: صورةُ الفعلِ كَذَا وَكَذَا أَي هَيْئَتُهُ، وصورةُ الأَمرِ كَذَا وَكَذَا أَي صِفَتُه، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنه أَتاه فِي أَحسنِ صِفَةٍ، وَيَجُوزُ أَن يَعُودَ الْمَعْنَى إِلى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: أَتاني رَبِّي وأَنا فِي أَحْسَنِ صُورةٍ، وَتَجْرِي مَعَانِي الصُّورَةِ كُلُّهَا عَلَيْهِ، إِن شِئْتَ ظَاهِرَهَا أَو هَيْئَتَهَا أَوْ صِفَتَهَا، فأَما إِطلاق ظَاهِرِ الصُّورَةِ عَلَى اللَّه عز وجل فَلَا، تَعَالَى اللَّه عز وجل عَنِ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا. وَرَجُلٌ صَيِّرٌ شَيِّرٌ أَي حَسَنُ الصُّورَةِ والشَّارَةِ، عَنِ الْفَرَّاءِ، وَقَوْلُهُ:

وَمَا أَيْبُلِيٌّ عَلَى هَيْكَلٍ

بَناهُ، وصَلّب فِيهِ وصَارا

ص: 473

ذَهَبَ أَبو عَلِيٍّ إِلى أَن مَعْنَى صارَ صَوَّرَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَرها لِغَيْرِهِ. وصارَ الرجلُ: صَوَّتَ. وَعُصْفُورٌ صَوَّارٌ: يُجِيبُ الداعيَ إِذا دَعَا. والصَّوَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: المَيَل. وَرَجُلٌ أَصْوَرُ بَيِّنُ الصَّوَرِ أَي مَائِلٌ مُشْتَاقٌ. الأَحمر: صُرْتُ إِليَّ الشيءَ وأَصَرْتُه إِذا أَملتَه إِليك، وأَنشد:

أَصارَ سَدِيسَها مَسَدٌ مَرِيجُ

ابْنُ الأَعرابي: فِي رأْسه صَوَرٌ «1» إِذا وُجِدَ فِيهِ أُكالًا وَهَمِيمًا. وَفِي رأْسه صَوَرٌ أَي مَيَل. وَفِي صِفَةِ مَشْيِهِ، عليه السلام:

كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ صَوَرٍ

أَي مَيَل، قَالَ الْخَطَابِيُّ: يُشْبِهُ أَن يَكُونَ هَذَا الْحَالُ إِذا جدَّ بِهِ السَّيْرُ لَا خِلْقَةَ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ وَذُكِرَ الْعُلَمَاءِ فَقَالَ: تَنْعَطِف عَلَيْهِمْ بِالْعِلْمِ قلوبٌ لَا تَصُورُها الأَرحام

أَي لَا تُمِيلُها، هَكَذَا أَخرجه الْهَرَوِيُّ عَنْ عُمَرَ، وَجَعَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ كَلَامِ الحسَن. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: إِني لأُدْني الحائِضَ منِّي وَمَا بِي إِليها صَوَرَةٌ

أَي مَيْل وَشَهْوَةٌ تَصُورُني إِليها. وصارَ الشيءَ صَوْراً وأَصارَه فانْصار: أَماله فَمَالَ، قَالَتِ الخنساءُ.

لَظَلَّت الشُّهْبُ مِنْها وهْيَ تَنصارُ

أَي تصدّعُ وتفلّقُ، وخص بعضه بِهِ إِمالة الْعُنُقِ. وصَوِرَ يَصْوَرُ صَوَرًا، وَهُوَ أَصْوَرُ: مَالَ، قَالَ:

اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّا، فِي تَلَفُّتِنا

يَوْمَ الفِراقِ إِلى أَحْبابِنَا، صُورُ

وَفِي حَدِيثِ

عِكَرِمَةَ: حَمَلَةُ العَرْشِ كلُّهم صُورٌ

، هُوَ جَمْعُ أَصْوَر، وَهُوَ الْمَائِلُ الْعُنُقِ لِثِقَلِ حِمْلِهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّوَرُ المَيل. والرجلُ يَصُور عُنُقَهُ إِلى الشَّيْءِ إِذا مَالَ نَحْوَهُ بِعُنُقِهِ، وَالنَّعْتُ أَصْوَر، وَقَدْ صَوِرَ. وصارَه يَصُورُه ويَصِيرُه أَي أَماله، وصارَ وجهَهُ يَصُورُ: أَقْبَل بِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ

، وَهِيَ قِرَاءَةُ عليٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وأَكثر النَّاسِ، أَي وَجِّهْهن، وَذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ فِي الْيَاءِ أَيضاً لأَن صُرْت وصِرْت لُغَتَانِ، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَى صُرْهُنَّ وجِّهْهُنَّ، وَمَعْنَى صِرْهن قَطِّعْهن وشَقِّقهن، وَالْمَعْرُوفُ أَنهما لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكُلُّهُمْ فَسَّرُوا فَصُرْهن أَمِلْهن، وَالْكَسْرُ فُسر بِمَعْنَى قَطِّعْهن، قَالَ الزَّجَّاجُ: قَالَ أَهل اللُّغَةِ مَعْنَى صُرْهُنَّ إِليك أَمِلْهن وَاجْمَعْهُنَّ إِليك، وأَنشد:

وجاءَتْ خِلْعَةٌ [خُلْعَةٌ] دُهْسٌ صَفايا،

يَصُورُ عُنُوقَها أَحْوَى زَنِيمُ

أَي يَعطِف عنوقَها تَيْسٌ أَحْوى، وَمَنْ قرأَ:

فَصِرهن إِليك

، بِالْكَسْرِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه بِمَعْنَى صُرْهن، يُقَالُ: صارَهُ يَصُورُهُ ويَصِيرُه إِذا أَماله، لغتان، الجوهري: قرىء فَصُرْهُنَّ، بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا، قَالَ الأَخفش: يَعْنِي وَجِّهْهن، يُقَالُ: صُرْ إِليَّ وَصُرْ وَجْهَكَ إِليَّ أَي أَقبل عليَّ. الْجَوْهَرِيُّ: وصُرْتُ الشيءَ أَيضاً قطعتُه وفَصَلتُه، قَالَ الْعَجَّاجُ:

صُرْنا بِهِ الحُكْمَ وأَعْيا الحَكَما

قَالَ: فَمَن قَالَ هَذَا جَعَلَ فِي الْآيَةِ تَقْدِيمًا وتأْخيراً، كأَنه قَالَ: خُذْ إِليك أَربعةً فَصُرْهن، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الرَّجَزُ الَّذِي نَسَبَهُ الْجَوْهَرِيُّ لِلْعَجَّاجِ لَيْسَ هُوَ لِلْعَجَّاجِ، وإِنما هُوَ لِرُؤْبَةَ يُخَاطِبُ الحَكَم بْنَ صَخْرٍ وأَباه صَخْرَ بْنَ عُثْمَانَ، وقبله:

(1). 1 قوله" في رأسه صور" ضبطه في شرح القاموس بالتحريك، وفي متنه: والصورة بالفتح شبه الحكة في الرأس.

ص: 474

أَبْلِغْ أَبا صَخْرٍ بَياناً مُعْلما،

صَخْر بْنَ عُثمان بْنِ عَمْرٍو وَابْنَ مَا

وُفِّيَ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ:

كَرِهَ أَن يَصُورَ شَجَرَةً مُثْمِرَةً

، يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ أَراد يُمِيلها فإِن إِمالتها رُبَّمَا تؤدِّيها إِلى الجُفُوف، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بِهِ قَطْعَهَا. وصَوْرَا النَّهْرِ: شَطَّاه. والصَّوْرُ، بِالتَّسْكِينِ: النَّخْلُ الصِّغَارُ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُجْتَمَعُ، وَلَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ، وَجَمْعُ الصِّير صِيرانٌ، قَالَ كثيِّر عَزَّةَ:

أَالحَيُّ أَمْ صِيرانُ دَوْمٍ تَناوَحَتْ

بِتِرْيَمَ قَصْراً، واسْتَحَنَّتْ شَمالُها؟ «1»

والصَّوْرُ: أَصل النَّخْلِ، قَالَ:

كأَن جِذعاً خارِجاً مِنْ صَوْرِهِ،

مَا بَيْنَ أُذْنَيْهِ إِلى سِنَّوْرِهِ

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: أَنه دَخَلَ صَوْر نَخْلٍ، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الصَّوْر جِمَاعُ النَّخْلِ وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ لِجَمَاعَةِ الْبَقَرِ صُوار. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: أَنه خَرَجَ إِلى صَوْر بِالْمَدِينَةِ

، قَالَ الأَصمعي: الصَّوْر جَمَاعَةُ النَّخْلِ الصِّغَارِ، وَهَذَا جَمْعٌ عَلَى غَيْرِ لَفْظِ الْوَاحِدِ، وَكَذَلِكَ الحابِسُ، وَقَالَ شَمِرٌ: يُجْمَعُ الصَّوْر صِيراناً، قَالَ: وَيُقَالُ لِغَيْرِ النَّخْلِ مِنَ الشَّجَرِ صَوْر وصِيران، وَذَكَرَهُ كُثَيِّر وَفِيهِ أَنه قَالَ: يَطْلُعُ مِنْ هَذَا الصَّوْر رجلٌ مِنْ أَهل الْجَنَّةِ، فَطَلَعَ أَبُو بَكْرٍ، الصَّوْر: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّخْلِ، وَمِنْهُ: أَنه خَرَجَ إِلى صَوْر بِالْمَدِينَةِ. وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:

أَنه أَتى امرأَة مِنَ الأَنصار فَفَرَشَتْ لَهُ صَوْراً وَذَبَحَتْ لَهُ شَاةً.

وَحَدِيثُ بَدْرٍ:

أَن أَبا سُفْيَانَ بَعَثَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصحابه فأَحْرَقا صَوْراً مِنْ صِيران العُرَيْضِ.

اللَّيْثُ: الصِّوَارُ والصُّوَارُ القَطيع مِنَ البَقَر، وَالْعَدَدُ أَصْوِرَة وَالْجَمْعُ صِيران. والصُّوار [الصِّوار]: وعاء المِسْك، وقد جمعهما الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ:

إِذا لاحَ الصوارُ ذَكَرْتُ لَيْلَى،

وأَذْكُرُها إِذا نَفَح الصوَارُ

والصِّيَار لُغَةٌ فِيهِ. ابْنُ الأَعرابي: الصَّوْرة النخْلة، والصَّوْرة الحِكَّة مِنِ انْتِغاش الحَظَى فِي الرأْس. وَقَالَتِ امرأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ لابنةٍ لَهُمْ: هِيَ تَشْفِينِي مِنَ الصَّوْرة وَتَسْتُرُنِي مِنَ الغَوْرة، بِالْغَيْنِ، وَهِيَ الشَّمْسُ. والصُّورُ: القَرْن، قَالَ الرَّاجِزُ:

لَقَدْ نَطَحْناهُمْ غَداةَ الجَمْعَيْن

نَطْحاً شَدِيدًا، لَا كَنطحِ الصُّورَين

وَبِهِ فَسَّرَ الْمُفَسِّرُونَ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ*

، وَنَحْوَهُ، وأَما أَبو عَلِيٍّ فالصُّورُ هُنَا عِنْدَهُ جَمْعُ صُورَةٍ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: اعْتَرَضَ قَوْمٌ فأَنكروا أَن يَكُونَ الصُّورُ قَرْناً كَمَا أَنكروا العَرْش والميزانَ وَالصِّرَاطَ وادَّعَوْا أَن الصُّورَ جَمْعُ الصُّورَةِ، كَمَا أَن الصُّوفَ جَمْعُ الصُّوفَةِ والثُّومَ جَمْعُ الثُّومَةِ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ، قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وَهَذَا خطأٌ فَاحِشٌ وَتَحْرِيفٌ لِكَلِمَاتِ اللَّه عز وجل عَنِ مَوَاضِعِهَا لأَن اللَّه عز وجل قَالَ: وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ*

، فَفَتَحَ الْوَاوَ، قَالَ: وَلَا نَعْلَمُ أَحدا مِنَ الْقُرَّاءِ قرأَها فَأَحْسَنَ صُورَكُمْ، وَكَذَلِكَ قَالَ: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ*

، فَمَنْ قرأَ: وَنُفِخَ فِي الصُّوَر، أَو قرأَ: فَأَحْسَنَ صُورَكم، فَقَدِ افْتَرَى الْكَذِبَ وبَدَّل كِتَابَ اللَّه، وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ صَاحِبَ أَخبارٍ وغَريبٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ معرفةٌ بِالنَّحْوِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: كلُّ جمعٍ عَلَى لَفْظِ الواحد الذَّكَرِ سَبَقَ جمعُه واحدتَه فواحدته

(1). 1 قوله" واستحنت" كذا بالأصل بالنون وفي ياقوت والأساس بالثاء المثلثة.

ص: 475

بِزِيَادَةِ هَاءٍ فِيهِ، وَذَلِكَ مِثْلُ الصُّوف والوَبَر وَالشَّعْرِ والقُطْن والعُشْب، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الأَسماء اسْمٌ لِجَمِيعِ جِنْسِهِ، فإِذا أَفردت وَاحِدَتُهُ زِيدَتْ فِيهَا هَاءٌ لأَن جَمِيعَ هَذَا الْبَابِ سَبَقَ واحدَتَه، وَلَوْ أَن الصوفَةَ كَانَتْ سَابِقَةَ الصُّوفِ لَقَالُوا: صُوفة وصُوَف وبُسْرة وبُسَر، كَمَا قَالُوا: غُرْفة وغُرَف وزُلْفة وزُلَف، وأَما الصُّورُ القَرْنُ، فَهُوَ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ وَاحِدَتُهُ صُورَة، وإِنما تُجمع صُورة الإِنسان صُوَراً لأَن وَاحِدَتَهُ سَبَقَتْ جمعَه. وَفِي حَدِيثِ

أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه، صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ أَنْعَمُ وصاحبُ القَرْن قَدْ التَقَمَهُ وحَنى جَبْهَتَه وأَصْغَى سَمْعُهُ يَنْتظر مَتَى يُؤْمَرُ؟ قَالُوا: فَمَا تأْمرنا يَا رَسُولَ اللَّه؟ قَالَ: قُولُوا حَسْبُنَا اللَّه وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

قَالَ الأَزهري: وَقَدِ احْتَجَّ أَبو الْهَيْثَمِ فأَحسن الاحْتِجاج، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ عِنْدِي غيرُ مَا ذَهَبَ إِليه وَهُوَ قَوْلُ أَهل السنَّة وَالْجَمَاعَةِ، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالُوا أَن اللَّه تَعَالَى ذَكَرَ تَصْويره الْخَلْقَ فِي الأَرْحام قَبْلَ نَفْخِ الرُّوح، وَكَانُوا قَبْلَ أَن صَوَّرهم نُطَفاً ثُمَّ عَلَقاً ثُمَّ مُضَغاً ثُمَّ صَوَّرهم تَصْويراً، فَأَما الْبَعْثُ فإِن اللَّه تَعَالَى يُنْشِئُهُم كَيْفَ شَاءَ، وَمَنِ ادَّعى أَنه يُصَوِّرهم ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِمْ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ، وَنَعُوذُ باللَّه مِنَ الخِذلان. وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ الْكَلْبِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ*

، وَيُقَالُ: هُوَ جمعُ صُورة مِثْلُ بُسْر وبُسْرة، أَي يَنْفُخُ فِي صُوَر الْمَوْتَى الأَرواح، قَالَ: وقرأَ الْحَسَنُ:

يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّوَر.

والصِّواران: صِماغا الفَمِ، والعامة تسميهما الصِّوارَين، وَهُمَا الصَّامِغان أَيضاً. وَفِيهِ: تَعَهَّدُوا الصِّوَارَيْنِ فإِنهما مَقْعَدُ المَلَك، هُمَا مُلْتَقَى الشِّدْقَيْنِ، أَي تَعْهَدُوهُمَا بِالنَّظَافَةِ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

كأَنَّ عُرْفاً مائِلًا مِن صَوْرِهِ

يُرِيدُ شَعْرَ النَّاصِيَةِ. وَيُقَالُ: إِني لأَجد فِي رأْسي صَوْرَةً وَهِيَ شِبْهُ الحِكَّة، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الصَّوْرة شِبْهُ الحِكَّة يَجِدُهَا الإِنسان فِي رأْسه حَتَّى يَشْتَهِيَ أَنْ يُفَلَّى. والصُّوَّار، مُشَدَّدٌ: كالصُّوَار، قَالَ جَرِيرٌ:

فَلَمْ يَبْقَ فِي الدَّارِ إِلَّا الثُّمام،

وخِيطُ النَّعَامِ وصُوَّارُها

والصِّوَار والصُّوَار: الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ. والصِّوار والصُّوَار: الْقَلِيلُ مِنَ المِسْك، وَقِيلَ: الْقِطْعَةُ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ أَصْوِرَة، فَارِسِيٌّ. وأَصْوِرَةُ المسكِ: نافِقاتُه، وَرَوَى بَعْضُهُمْ بَيْتَ الأَعشى:

إِذا تقومُ يَضُوعُ المِسْكُ أَصْوِرَةً،

والزَّنْبَقُ الوَرْدُ مِن أَرْدَانِها شملُ

وَفِي صِفَةِ الْجَنَّةِ: وترابُها الصوارُ، يَعْنِي المِسْك. وَصَوَارُ الْمِسْكِ: نَافِجَتُهُ، وَالْجَمْعُ أَصْوِرَة. وَضَرَبَهُ فَتَصَوَّرَ أَي سَقَطَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

يَتَصَوَّرُ المَلَكُ عَلَى الرَّحِم

، أَي يَسْقُطُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: صَرَّيْتُه تَصْريةً تَصوَّرَ مِنْهَا أَي سَقَطَ. وَبَنُو صَوْرٍ: بَطْنٌ مِنْ بَنِي هَزَّانَ بْنِ يَقْدُم بْنِ عَنَزَةَ. الْجَوْهَرِيُّ: وصارَة اسْمُ جَبَلٍ وَيُقَالُ أَرض ذَاتُ شَجَرٍ. وصارَةُ الجبلِ: أَعلاه، وَتَحْقِيرُهَا صُؤَيْرَة سَمَاعًا مِنَ الْعَرَبِ. والصُّوَر والصِّوَر: مَوْضِعٌ «2» بِالشَّامِ، قَالَ الأَخطل:

أَمْسَتْ إِلى جانِبِ الحَشَّاكِ جِيفَتُه،

ورأْسُهُ دونَهُ اليَحْمُومُ والصُّوَرُ [الصِّوَرُ]

(2). 1 قوله" والصور والصور موضع إلخ" في ياقوت صُوّر، بالضم ثم التشديد والفتح، قرية على شاطئ الخابور، وقد خفف الأخطل الواو من هذا المكان وأَنشد البيت، غير أَنه ذكر أضحت بدل أمست والخابور بدل اليحموم وأَفاد أَن البيت روي بضم الصاد وكسرها.

ص: 476

وصارَة: مَوْضِعٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِذ قَدْ تكافأَ فِي ذَلِكَ الْيَاءُ وَالْوَاوُ وَالْتَبَسَ الِاشْتِقَاقَانِ فَحَمْلُهُ عَلَى الْوَاوِ أَولى، واللَّه أَعلم.

صير: صارَ الأَمرُ إِلى كَذَا يَصِيرُ صَيْراً ومَصِيراً وصَيْرُورَةً وصَيَّرَه إِليه وأَصارَه، والصَّيْرُورَةُ مَصْدَرُ صارَ يَصِيرُ. وَفِي كَلَامِ عُمَيْلَةَ الفَزارِي لِعَمِّهِ وَهُوَ ابْنُ عَنْقاءَ الفَزارِي: مَا الَّذِي أَصارَك إِلى مَا أَرى يَا عَمْ؟ قَالَ: بُخْلك بمالِك، وبُخْل غيرِك مِنْ أَمثالك، وصَوْني أَنا وَجْهِي عَنْ مِثْلِهِمْ وتَسْآلك ثُمَّ كَانَ مِنْ إِفْضال عُمَيْلة عَلَى عَمِّهِ مَا قَدْ ذَكَرَهُ أَبو تَمَّامٍ فِي كِتَابِهِ الْمَوْسُومِ بِالْحَمَاسَةِ. وصِرْت إِلى فُلَانٍ مَصِيراً؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ*

؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ شَاذٌّ وَالْقِيَاسُ مَصَار مِثْلُ مَعاش. وصَيَّرته أَنا كَذَا أَي جَعَلْتُهُ. والمَصِير: الْمَوْضِعُ الَّذِي تَصِير إِليه الْمِيَاهُ. والصَّيِّر: الْجَمَاعَةُ. والصِّيرُ: الْمَاءُ يَحْضُرُهُ النَّاسُ. وصارَهُ النَّاسُ: حَضَرُوهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:

بِمَا قَدْ تَرَبَّع رَوْضَ القَطا

ورَوْضَ التَّنَاضُبِ حَتَّى تَصِيرَا

أَي حَتَّى تَحْضُرَ الْمِيَاهُ. وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وأَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه، حِينَ عَرَضَ أَمرَه عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ: فَلَمَّا حَضَرَ بَنِي شَيْبان وَكَلَّمَ سَراتهم قَالَ المُثَنى بْنُ حَارِثَةَ: إِنا نَزَّلَنَا بَيْنَ صِيرَينِ الْيَمَامَةِ وَالشَّمَّامَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: وَمَا هَذَانِ الصِّيرانِ؟ قَالَ: مِيَاهُ الْعَرَبِ وأَنهار كِسْرى

؛ الصِّيرُ: الْمَاءُ الَّذِي يَحْضُرُهُ النَّاسُ. وَقَدْ صارَ الْقَوْمُ يَصِيرون إِذا حَضَرُوا الْمَاءَ؛ وَيُرْوَى: بَيْنَ صِيرَتَيْن، وَهِيَ فِعْلة مِنْهُ، وَيُرْوَى: بَيْنَ صَرَيَيْنِ، تَثْنِيَةُ صَرًى. قَالَ أَبو الْعَمَيْثِلِ: صارَ الرجلُ يَصِير إِذا حَضَرَ الماءَ، فَهُوَ صائِرٌ. والصَّائِرَةُ: الْحَاضِرَةُ. وَيُقَالُ: جَمَعَتْهم صائرَةُ القيظِ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الصَّيْر رُجُوعُ المُنْتَجِعين إِلى مُحَاضِرِهِمْ. يُقَالُ: أَين الصَّائرَة أَي أَين الْحَاضِرَةُ وَيُقَالُ: أَيَّ مَاءٍ صارَ القومُ أَي حَضَرُوا. وَيُقَالُ: صرْتُ إِلى مَصِيرَتي وإِلى صِيرِي وصَيُّوري. وَيُقَالُ لِلْمَنْزِلِ الطيِّب: مَصِيرٌ ومِرَبٌّ ومَعْمَرٌ ومَحْضَرٌ. وَيُقَالُ: أَين مَصِيرُكم أَي أَين منزلكم. وصِيرُ [صَيرُ] الأَمر: مُنْتهاه ومَصِيره وعاقِبَته وَمَا يَصير إِليه. وأَنا عَلَى صِيرٍ مِنْ أَمر كَذَا أَي عَلَى نَاحِيَةٍ مِنْهُ. وَتَقُولُ لِلرَّجُلِ: مَا صنعتَ فِي حَاجَتِكَ؟ فَيَقُولُ: أَنا عَلَى صِيرِ قَضَائِهَا وصماتِ قَضَائِهَا أَي عَلَى شَرَفِ قَضَائِهَا؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

وَقَدْ كنتُ مِنْ سَلْمَى سِنِينَ ثمانِياً،

عَلَى صِيرِ أَمْرٍ مَا يَمَرُّ وَمَا يَحْلُو

وصَيُّور الشَّيْءِ: آخِرُهُ ومنتهاه وما يؤول إِليه كصِيرِه وَمُنْتَهَاهُ «1» . وَهُوَ فَيْعُولٌ؛ وَقَوْلُ طُفَيْلٍ الْغَنَوِيِّ:

أَمْسى مُقِيماً بِذِي العَوْصاءِ صَيِّرُه

بِالْبِئْرِ، غادَرَهُ الأَحْياءُ وابْتَكَرُوا

قَالَ أَبو عَمْرٍو: صَيِّره قَبْره. يُقَالُ: هَذَا صَيِّر فُلَانٍ أَي قَبْرُهُ؛ وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الْوَرْدِ:

أَحادِيثُ تَبْقَى والفَتى غيرُ خالِدِ،

إِذا هُوَ أَمْسى هامَةً فَوْقَ صَيِّر

قَالَ أَبو عَمْرٍو: بالهُزَرِ أَلْفُ صَيِّر، يَعْنِي قُبُورًا مِنْ قُبُورِ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ؛ ذَكَرَهُ أَبو ذُؤَيْبٍ فَقَالَ:

كَانَتْ كَلَيْلَةِ أَهْلِ الهُزَر «2» .

(1). قوله: [كصيره ومنتهاه] كذا بالأَصل

(2)

. قوله: [كانت كليلة إلخ] أنشد البيت بتمامه في هزر:

لقال الأباعد والشامتون

كَانُوا كَلَيْلَةِ أَهْلِ الْهُزَرِ

ص: 477

وهُزَر: مَوْضِعٌ. وَمَا لَهُ صَيُّور، مِثَالُ فَيْعُول، أَي عَقْل ورَأْيٌ. وصَيُّور الأَمر: مَا صارَ إِليه. وَوَقَعَ فِي أُمِّ صَيُّور أَي فِي أَمر مُلْتَبِسٍ لَيْسَ لَهُ مَنْفَذ، وأَصله الهَضْبة الَّتِي لَا مَنْفَذ لَهَا؛ كَذَا حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الأَلفاظ، والأَسْبَقُ صَبُّور. وصارَةُ الْجَبَلِ: رأْسه. والصَّيُّور والصَّائرَةُ: مَا يَصِير إِليه النباتُ مِنَ اليُبْس. والصَّائرَةُ: المطرُ والكَلأُ. والصَّائرُ: المُلَوِّي أَعناقَ الرِّجَالِ. وصارَه يَصِيره: لُغَةٌ فِي صارَهُ يَصُوره أَي قَطَعَهُ، وَكَذَلِكَ أَماله. والصِّير: شَقُّ الْبَابِ؛

يُرْوَى أَن رَجُلًا اطَّلع مِنْ صِير بَابَ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم.

وَفِي الْحَدِيثِ

عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: مَنِ اطَّلع مِنْ صِير بَابٍ فَقَدْ دَمَر

؛ وَفِي رِوَايَةٍ:

مَنْ نَظَرَ

؛ وَدَمَرَ: دَخَلَ، وَفِي رِوَايَةٍ:

مَنْ نَظَرَ فِي صِيرِ بَابٍ ففُقِئَتْ عَيْنُهُ فَهِيَ هَدَر

؛ الصِّير الشَّقّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَمْ يُسمع هَذَا الْحَرْفُ إِلا فِي هَذَا الْحَدِيثِ. وصِير الْبَابِ: خَرْقه. ابْنُ شُمَيْلٍ: الصِّيرَةُ عَلَى رأْس القَارَةِ مِثْلُ الأَمَرَة غَيْرَ أَنها طُوِيَتْ طَيّاً، والأَمَرَةُ أَطول مِنْهَا وأَعظم مَطْوِيَّتَانِ جَمِيعًا، فالأَمَرَةُ مُصَعْلَكة طَوِيلَةٌ، والصِّيرَةُ مُسْتَدِيرَةٌ عَرِيضَةٌ ذَاتُ أَركان، وَرُبَّمَا حُفِرَتْ فَوُجِدَ فِيهَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَهِيَ مِنْ صَنْعَةِ عادٍ وإِرَم، والصِّيرُ شِبْهُ الصَّحْناة، وَقِيلَ هُوَ الصَّحْنَاةُ نَفْسُهُ؛ يُرْوَى أَن رَجُلًا مَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ وَمَعَهُ صِيرٌ فلَعِق مِنْهُ «1». ثُمَّ سأَل: كَيْفَ يُباع؟ وَتَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ

أَنه الصَّحْناة.

قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسبه سِرْيَانِيًّا؛ قَالَ جَرِيرٌ يَهْجُو قَوْمًا:

كَانُوا إِذا جَعَلوا فِي صِيرِهِمْ بَصَلًا،

ثُمَّ اشْتَوَوْا كَنْعَداً مِنْ مالحٍ، جَدَفُوا

والصِّيرُ: السَّمَكَاتُ الْمَمْلُوحَةُ الَّتِي تُعْمَلُ مِنْهَا الصَّحْناة؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَفِي حَدِيثِ

الْمُعَافِرِيِّ: لَعَلَّ الصِّيرَ أَحَبُّ إِليك مِنْ هَذَا.

وصِرْتُ الشَّيْءَ: قَطَعْتُهُ. وصارَ وجهَه يَصِيره: أَقبل بِهِ. وَفِي قِرَاءَةِ

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وأَبي جَعْفَرٍ الْمَدَنِيِّ: فصِرهن إِليك

، بِالْكَسْرِ، أَي قطِّعهن وَشَقِّقْهُنَّ، وَقِيلَ: وجِّهْهن. الْفَرَّاءُ: ضَمَّت الْعَامَّةُ الصَّادَ وَكَانَ أَصحاب عَبْدِ اللَّهِ يَكْسِرُونَهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ، فأَما الضَّمُّ فَكَثِيرٌ، وأَما الْكَسْرُ فَفِي هُذَيْلٍ وَسُلَيْمٍ؛ قَالَ وأَنشد الْكِسَائِيُّ:

وفَرْع يَصِير الجِيدَ وحْف كَأَنّه،

عَلَى اللِّيت، قِنْوانُ الكُرُومِ الدَّوَالِحُ

يَصِير: يَمِيلُ، وَيُرْوَى: يَزِينُ الْجِيدَ، وَكُلُّهُمْ فَسَّرُوا فَصُرْهُنَّ أَمِلْهن، وأَما

فصِرْهن

، بِالْكَسْرِ، فإِنه فُسِّرَ بِمَعْنَى قَطِّعهن؛ قَالَ: وَلَمْ نَجِدْ قَطِّعْهُنَّ مَعْرُوفَةً؛ قَالَ الأَزهري: وأُراها إِن كَانَتْ كَذَلِكَ مِنْ صَرَيتُ أَصْرِي أَي قَطَعت فَقُدِّمَتْ يَاؤُهَا. وصِرْت عُنُقَهُ: لَوَيْتُهَا. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:

عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وإِليك أَنبنا وإِليك المَصِير

أَي الْمَرْجِعُ. يُقَالُ: صِرْت إِلى فُلَانٍ أَصِير مَصِيراً، قَالَ: وهو شاذ والقياس مَصار مِثْلَ مَعاش. قَالَ الأَزهري: وأَما صارَ فإِنها عَلَى ضَرْبَيْنِ: بُلُوغٌ فِي الْحَالِ وَبُلُوغٌ فِي الْمَكَانِ، كَقَوْلِكَ صارَ زَيْدٌ إِلى عَمْرٍو وَصَارَ زَيْدٌ رَجُلًا، فإِذا كَانَتْ فِي الْحَالِ فَهِيَ مِثْلُ كانَ فِي بَابِهِ. وَرَجُلٌ صَيِّرٌ شَيِّرٌ أَي حَسَنُ الصُّورَة والشَّارَة؛ عَنِ الْفَرَّاءِ. وتَصَيَّر فلانٌ أَباه: نَزَعَ إِليه فِي الشَّبَه. والصِّيارَةُ والصِّيرَةُ: حَظِيرَةٌ مِنْ خَشَبٍ وَحِجَارَةٍ تُبْنَى للغَنَم والبقر، وَالْجَمْعُ صِيرٌ وصِيَرٌ، وَقِيلَ: الصِّيرَة حَظِيرَةُ الْغَنَمِ؛ قَالَ الأَخطل:

واذْكُرْ غُدَانَةَ عِدَّاناً مُزَنَّمَةً

مِنَ الحَبَلَّقِ، تُبْنى فَوْقَها الصِّيَرُ

(1). قوله: [فلعق منه] كذا بالأَصل. وفي النهاية والصحاح فذاق مِنْهُ

ص: 478