المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الظار المعجمة - لسان العرب - جـ ٤

[ابن منظور]

الفصل: ‌فصل الظار المعجمة

كأَنّ حَفِيفَها، إِذ بَرّكوها،

هُوِيّ الرِّيحِ فِي جَفْرٍ مَطارِ

وطَيّر الفحلُ الإِبلَ: أَلْقَحها كلَّها، وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ إِذا أَعْجَلت اللَّقَحَ؛ وَقَدْ طَيَّرَت هِيَ لَقَحاً ولَقاحاً كَذَلِكَ أَي عَجِلت باللِّقاح، وَقَدْ طارَتْ بِآذَانِهَا إِذا لَقِحَتْ، وإِذا كَانَ فِي بَطْنِ النَّاقَةِ حَمْل، فَهِيَ ضامِنٌ ومِضْمان وضَوامِنُ ومَضامِينُ، وَالَّذِي فِي بَطْنِهَا ملقوحةٌ وَمَلْقُوحٌ؛ وأَنشد:

طَيّرها تعَلُّقُ الإِلْقاح،

فِي الهَيْجِ، قَبْلَ كلَبِ الرِّياحِ

وطارُوا سِراعاً أَي ذَهَبُوا. ومَطارِ ومُطارٌ، كِلَاهُمَا: مَوْضِعٌ؛ وَاخْتَارَ ابْنُ حَمْزَةَ مُطاراً، بِضَمِّ الْمِيمِ، وَهَكَذَا أَنشد، هَذَا الْبَيْتَ:

حَتَّى إِذا كَانَ عَلَى مُطار

وَالرِّوَايَتَانِ جَائِزَتَانِ مَطارِ ومُطار، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي مَطَرَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مُطار وَادٍ فِيمَا بَيْنَ السَّراة وَبَيْنَ الطَّائِفِ. والمُسْطارُ مِنَ الْخَمْرِ: أَصله مُسْتَطار فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ. وتَطايَرَ السحابُ فِي السَّمَاءِ إِذا عَمّها. والمُطَيَّرُ: ضَرْبٌ مِنَ البُرود؛ وَقَوْلُ العُجَير السَّلُولِيِّ:

إِذا مَا مَشَتْ، نَادَى بِمَا فِي ثِيابها،

ذَكِيٌّ الشَّذا، والمَنْدَليُّ المُطيَّرُ

قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المُطَيَّر هُنَا ضربٌ مِنْ صَنْعَتِهِ، وَذَهَبَ ابْنُ جِنِّي إِلى أَن المُطَيَّر الْعُودُ، فإِذا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ بَدَلًا مِنَ المَنْدليِّ لأَن الْمَنْدَلِيَّ العُود الْهِنْدِيُّ أَيضاً، وَقِيلَ: هُوَ مَقْلُوبٌ عَنِ المُطَرَّى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يُعْجِبني؛ وَقِيلَ: المُطَيَّر المشقَّق المكسَّر، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المَنْدَليّ مَنْسُوبٌ إِلى مَنْدَل بَلَدٌ بِالْهِنْدِ يُجْلَبُ مِنْهُ الْعُودُ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَة:

أُحِبُّ الليلَ أَنّ خَيالَ سَلْمى،

إِذا نِمْنا، أَلمَّ بِنَا فَزارا

كأَنّ الرَّكْبَ، إِذ طَرَقَتْكَ، بَاتُوا

بمَنْدَلَ أَو بِقارِعَتَيْ قِمَارا

وقِمار أَيضاً: مَوْضِعٌ بِالْهِنْدِ يُجْلَبُ مِنْهُ العُود. وطارَ الشَّعْرُ: طالَ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

طِيرِي بِمِخْراقٍ أَشَمَّ كأَنه

سَلِيمُ رِماحٍ، لَمْ تَنَلْه الزَّعانِفُ

طِيرِي أَي اعْلَقي بِهِ. ومِخْراق: كَرِيمٌ لَمْ تَنَلْهُ الزَّعَانِفُ أَي النِّسَاءُ الزَّعَانِفُ، أَي لَمْ يَتزوّج لَئِيمَةً قَطُّ. سَلِيم رِماح أَي قَدْ أَصابته رماحٌ مِثْلُ سَلِيم الْحَيَّةِ. والطائرُ: فَرَسُ قَتَادَةَ بْنِ جَرِيرٍ. وَذُو المَطارة: جَبَلٌ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

رَجُلٌ مُمْسِكٌ بعِنانِ فَرسه فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَطِير عَلَى مَتْنِه

؛ أَي يُجْرِيه فِي الْجِهَادِ فَاسْتَعَارَ لَهُ الطَيرانَ. وَفِي حَدِيثِ

وابِصَة: فَلَمَّا قُتل عُثْمَانُ طارَ قَلْبي مَطارَه

أَي مَالَ إِلى جِهَةٍ يَهواها وَتَعَلَّقَ بِهَا. والمَطارُ: مَوْضِعُ الطيَرانِ.

‌فصل الظار المعجمة

ظأر: الظِّئْرُ، مَهْمُوزٌ: العاطفةُ عَلَى غَيْرِ وَلَدِهَا المرْضِعةُ لَهُ مِنَ النَّاسِ والإِبل، الذكرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَالْجَمْعُ أَظْؤُرٌ وأَظْآرٌ وظُؤُورٌ وظُؤَار، عَلَى فُعال بِالضَّمِّ؛ الأَخيرة مِنَ الْجَمْعِ الْعَزِيزِ، وظُؤْرةٌ وَهُوَ عِنْدُ سِيبَوَيْهِ اسْمٌ لِلْجَمْعِ كفُرْهةٍ لأَن فِعْلًا لَيْسَ مِمَّا يُكَسَّر عَلَى فُعْلةٍ عِنْدَهُ؛ وَقِيلَ: جَمْعُ الظِّئْر مِنَ الإِبل ظُؤارٌ، ومن النساء ظُؤُورة. وناقةٌ ظَؤُور: لَازِمَةٌ للفَصِيل أَو البَوِّ؛ وَقِيلَ:

ص: 514

مَعْطُوفَةٌ عَلَى غَيْرِ وَلَدِهَا، وَالْجَمْعُ ظُؤَارٌ، وَقَدْ ظَأَرها عَلَيْهِ يَظْأَرُها ظَأْراً وظِئاراً فاظّأَرَت، وقد تكون الظُّؤُورةُ الَّتِي هِيَ الْمَصْدَرُ فِي المرأَة؛ وَتَفْسِيرُ يَعْقُوبَ لِقَوْلِ رُؤْبَةُ:

إِن تَمِيماً لَمْ يُراضَع مُسْبَعا

بأَنه لَمْ يُدْفَع إِلى الظُّؤُورة، يجوز أَن تكون الظؤورة هُنَا مَصْدَرًا وأَن تَكُونَ جَمْعَ ظِئْرٍ، كَمَا قَالُوا الفُحُولة والبُعُولة. وَتَقُولُ: هَذِهِ ظِئْرِي، قَالَ: والظِّئْرُ سواءٌ فِي الذَّكَرِ والأُنثى مِنَ النَّاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

ذَكَر ابنَه إِبراهيم، عليه السلام، فَقَالَ: إِن لَهُ ظِئْراً فِي الْجَنَّةِ

؛ الظِّئْرُ: المُرْضِعة غَيْرَ وَلدها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

سَيْفٍ القَيْنِ: ظِئْر إِبراهيم ابْنِ النَّبِيِّ، عليهما السلام وَالصَّلَاةُ

، وَهُوَ زَوْجُ مُرْضِعته؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

الشَّهيدُ تَبْتَدِرهُ زَوْجَتاه كظِئْرَيْنِ أَضَلَّتا فَصِيلَيهما.

وفي حديث

عمرو: سأَله رَجُلٌ فأَعطاه رُبَعَةً مِنَ الصَّدَقَةِ يَتْبَعُها ظِئْراها

أَي أُمُّها وأَبوها. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الظأْرُ أَن تُعْطَفَ الناقةُ وَالنَّاقَتَانِ وأَكثرُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى فَصِيل وَاحِدٍ حَتَّى تَرْأَمَه وَلَا أَوْلادَ لَهَا وإِنما يَفْعَلُونَ ذَلِكَ ليَستَدرُّوها بِهِ وإِلا لَمْ تَدِرّ؛ وَبَيْنَهُمَا مُظاءَرةٌ أَي أَن كلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ظِئْرٌ لِصَاحِبِهِ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: ظَأَرْتُ الناقةَ عَلَى وَلَدِهَا ظَأْراً، وَهِيَ ناقة مَظْؤُورة إِذا عَطَفْتَهَا عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:

ظَأَرَتْهمُ بِعَصاً، ويا

عَجَباً لِمَظْؤُورٍ وظائرْ

قَالَ: والظِّئْرُ فِعْل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، والظَّأْر مَصْدَرٌ كالثِّنْيِ والثَّنْي، فالثِّنْيُ اسْمٌ للمَثْنِيّ، والثَّنْيُ فِعْل الثَّانِي، وَكَذَلِكَ القِطْفُ، والقَطْفُ والحِمْلُ والحَمْل. الْجَوْهَرِيُّ: وظأَرَت الناقةُ أَيضاً إِذا عَطفَت عَلَى البَوِّ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى، فهي ظَؤُورٌ. وظاءَرَت المرأَةُ، بِوَزْنِ فاعَلَت: اتَّخَذَتْ وَلَدًا تُرْضِعه؛ واظّأَرَ لِوَلَدِهِ ظِئْراً: اتَّخَذَهَا. وَيُقَالُ لأَبي الْوَلَدِ لِصُلْبه: هُوَ مُظائرٌ لِتِلْكَ المرأَة. وَيُقَالُ: اظّأَرْتُ لِولدي ظئْراً أَي اتَّخَذْتُ، وَهُوَ افْتَعَلْتُ، فأُدْغِمت الطَّاءُ فِي بَابِ الِافْتِعَالِ فحُوِّلَت ظَاءً لأَن الظَّاءَ مِنْ فِخام حُرُوفِ الشجْر الَّتِي قُلِبَتْ مَخَارِجُهَا مِنَ التَّاءِ، فضَمُّوا إِليها حَرْفًا فَخْماً مِثْلَهَا لِيَكُونَ أَيسر عَلَى اللِّسَانِ لتَبايُنِ مَدْرجة الْحُرُوفِ الفِخام مِنْ مَدَارِجِ الْحُرُوفِ الفُخْتِ، وَكَذَلِكَ تَحْوِيلُ تِلْكَ التَّاءِ مَعَ الضَّادِ وَالصَّادِ طَاءً لأَنهما مِنَ الْحُرُوفِ الفِخَام، وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي اظّلَم. وَيُقَالُ: ظَأَرَني فُلَانٌ عَلَى أَمر كَذَا وأَظْأَرَني وظاءَرَني عَلَى فاعَلني أَي عطفَني. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَنْ أَمثالهم فِي الإِعطاء مِنَ الْخَوْفِ قَوْلُهُمْ: الطَّعْنُ يَظْأَرُ أَي يَعْطِف عَلَى الصُّلْح. يَقُولُ: إِذا خافَك أَن تَطْعَنَه فَتَقْتُلَه، عطفَه ذَلِكَ عليكَ فجادَ بمالِه لِلْخَوْفِ حِينَئِذٍ. أَبو زَيْدٍ: ظأَرْت مُظاءرةً إِذا اتخذْت ظِئْراً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَالُوا الطَّعْنُ ظِئارُ قومٍ، مُشْتَقّ مِنَ النَّاقَةِ يُؤْخَذُ عَنْهَا ولدُها فتُظْأَرُ عَلَيْهِ إِذا عَطفوها عَلَيْهِ فتُحِبّه وتَرْأَمُه؛ يَقُولُ: فأَخِفْهُمْ حَتَّى يُحِبّوك. الْجَوْهَرِيُّ: وَفِي الْمَثَلِ: الطَّعْنُ يُظْئِرُه أَي يَعْطِفه عَلَى الصُّلْح. قَالَ الأَصمعي: عَدْوٌ ظَأْرٌ إِذا كَانَ مَعَهُ مثلُه، قَالَ: وَكُلُّ شَيْءٍ مَعَ شَيْءٍ مِثْلِهِ، فَهُوَ ظَأْرٌ؛ وَقَوْلُ الأَرقط يَصِفُ حُمُراً:

تَأْنيفُهُنَّ نَقَلٌ وأَفْرُ،

والشَّدُّ تاراتٍ وعَدْوٌ ظَأْرُ

التأْنيف: طلبُ أُنُفِ الكَلإِ؛ أَراد: عِنْدَهَا صَوْنٌ مِنَ العَدْوِ لَمْ تَبْذِله كلَّه، وَيُقَالُ للرُّكْن مِنْ أَركان

ص: 515

القَصْر: ظِئْرٌ، والدِّعامةُ تُبنى إِلى جَنْب حائطٍ ليُدْعَم عَلَيْهَا: ظِئرةٌ. وَيُقَالُ للظئْرِ: ظَؤُورٌ، فَعُول بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَقَدْ يُوصَفُ بالظُّؤَارِ الأَثافيّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والظُّؤَار الأَثافيُّ شُبِّهَت بالإِبِل لتعطُّفِها حَوْلَ الرماد؛ قال:

سُفْعاً ظُؤَاراً حَوْلَ أَوْرَقَ جاثمٍ،

لَعِلَ الرِّياحُ بتُرْبِه أَحْوالا

وظأَرَني عَلَى الأَمر راوَدَني. اللَّيْثُ: الظَّؤُورُ مِنَ النُّوقِ الَّتِي تَعْطِف عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا أَو عَلَى بَوٍّ؛ تَقُولُ: ظُئِرت فاظَّأَرتْ، بالظاء، فهي ظَؤُورٌ ومَظْؤُورةٌ، وجمع الظَّؤُور أَظْآرٌ وظُؤَارٌ؛ قَالَ مُتَمِّمٌ:

فَمَا وَجْدُ أَظْآرٍ ثلاثٍ رَوائمٍ،

رَأَينَ مَخَرّاً مِنْ حُوَارٍ ومَصْرَعا

وَقَالَ آخَرُ فِي الظُّؤَار:

يُعَقِّلُهنّ جَعْدةُ مِنْ سُلَيمٍ،

وبِئْسَ مُعَقِّلُ الذَّوْدِ الظؤارِ

والظِّئَارُ: أَن تعالِجَ الناقةَ بالغِمامةِ فِي أَنفِها لِكيْ تَظْأَر. ورُوي عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنه اشْتَرَى نَاقَةً فرأَى فِيهَا تَشْريمَ الظِّئارِ فرَدَّها؛ وَالتَّشْرِيمُ: التَّشْقِيقُ. والظِّئارُ: أَن تُعْطَفَ الناقةُ عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا، وَذَلِكَ أَن يُشَدَّ أَنْفُ النَّاقَةِ وعَيْناها وتُدَسَّ دُرْجةٌ مِنَ الخِرَق مَجْمُوعَةٌ فِي رَحِمِها، ويَخُلُّوه بِخلالَين، وتُجَلّل بغِمامة تَسْتُر رأْسها، وتُتْرَك كَذَلِكَ حَتَّى تَغُمَّها، وتَظُنَّ أَنها قَدْ مُخِضَت لِلْوِلَادَةِ ثُمَّ تُنْزع الدُّرْجة مِنْ حَيَائِهَا، ويُدْنى حُوارُ ناقةٍ أُخرى مِنْهَا قَدْ لُوِّثَ رأْسُه وجلدُه بِمَا خَرَجَ مَعَ الدُّرْجة مِنْ أَذى الرحِم؛ ثُمَّ يَفْتَحُونَ أَنفَها وعينَها، فإِذا رأَت الحُوارَ وشَمَّته ظنَّت أَنها ولدَتْه إِذا شافَتْه فَتَدِرّ عَلَيْهِ وتَرْأَمُه، وإِذا دُسَّت الدُّرجةُ فِي رَحِمِهَا ضُمَّ مَا بَيْنَ شُفْرَي حَيَائِهَا بسَيْرٍ، فأَراد بِالتَّشْرِيمِ مَا تخرَّق من شُفْريها؛ قال الشَّاعِرُ:

وَلَمْ تَجْعَلْ لَهَا دُرَج الظِّئَارِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

وَمَنْ ظَأَرَه الإِسلامُ

؛ أَي عطفَه عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: أَظأَرُكم إِلى الحَقّ وأَنتم تفِرّون مِنْهُ.

وَفِي حَدِيثِ

صَعْصَعَةَ بْنِ نَاجِيَةَ جَدِّ الْفَرَزْدَقِ: قَدْ أَصَبْنا ناقَتيْك ونَتَجْناهما وظَأَرْناهما عَلَى أَولادهما.

وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: أَنه كَتَبَ إِلى هُنَيّ وَهُوَ فِي نَعَمِ الصَّدَقَةِ: أَن ظاوِر؛ قَالَ: فَكُنَّا نَجْمَعُ النَّاقَتَيْنِ والثلاثَ عَلَى الرُّبَعِ الْوَاحِدِ ثُمَّ نَحْدُرها إِليه.

قَالَ شَمِرٌ: الْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ظائِرْ، بِالْهَمْزِ، وَهِيَ المُظاءَرةُ. والظِّئارُ: أَن تُعْطَفَ الناقةُ إِذا مَاتَ ولدُها أَو ذُبِح عَلَى وَلَدِ الأُخرى. قَالَ الأَصمعي: كَانَتِ الْعَرَبُ إِذا أَرادت أَن تُغِيرَ ظاءَرَت، بِتَقْدِيرِ فاعَلَت، وَذَلِكَ أَنهم يُبْقُون اللبنَ ليَسْقوه الخيلَ. قَالَ الأَزهري: قرأْت بِخَطِّ أَبي الْهَيْثَمِ لأَبي حَاتِمٍ فِي بَابِ الْبَقَرِ: قَالَ الطائِفِيّون إِذا أَرادت البقرةُ الفحلَ، فَهِيَ ضَبِعَة كَالنَّاقَةِ، وَهِيَ ظُؤْرَى، قَالَ: وَلَا فِعْلَ للظُّؤْرَى. ابْنُ الأَعرابي: الظُّؤْرةُ الدايةُ، والظُّؤْرةُ المُرْضِعة. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قرأْت فِي بَعْضِ الْكُتُبِ اسْتَظْأَرَت الْكَلْبَةُ، بِالظَّاءِ، أَي أَجْعَلَت واسْتَحْرَمت؛ وَفِي كِتَابِ أَبي الْهَيْثَمِ فِي الْبَقَرِ: الظُّؤْرى مِنَ الْبَقَرِ وَهِيَ الضَّبِعةُ. قَالَ الأَزهري: وَرَوَى لَنَا الْمُنْذِرِيُّ فِي كِتَابِ الْفُرُوقِ: اسْتَظْأَرت الكلبةُ إِذا هَاجَتْ، فَهِيَ مُسْتَظْئرة، قَالَ: وأَنا وَاقِفٌ فِي هَذَا.

ص: 516

ظرر: الظِّرُّ والظُّرَرَةُ والظُّرَرُ: الحَجَرُ عَامَّةً، وَقِيلَ: هُوَ الْحَجَرُ المُدَوّر، وَقِيلَ: قِطْعَةُ حَجَرٍ لَهُ حَدّ كحدِّ السِّكِّينِ، وَالْجَمْعُ ظِرَّان وظُرَّان. قَالَ ثَعْلَبٌ: ظُرَر وظِرَّان كجُرَذٍ وجِرْذانٍ، وَقَدْ يَكُونُ ظِرّان وظُرّان جَمْعُ ظِرٍّ كَصِنْوٍ وصِنْوان وذِئْب وَذُؤْبَانٍ. وَفِي الْحَدِيثِ

عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَن عدِيّ بْنَ حَاتِمٍ سأَله فَقَالَ: إِنَّا نَصيدُ الصَّيْدَ وَلَا نَجِدُ مَا نُذَكِّي بِهِ إِلَّا الظِّرَارَ وشِقّةَ العَصا، قَالَ: امْرِ الدمَ بِمَا شئْت.

قَالَ الأَصمعي: الظِّرَارُ وَاحِدُهَا ظُرَرٌ، وَهُوَ حَجَرٌ مُحَدَّدٌ صُلْب، وجمعُه ظِرَارٌ، مِثْلُ رُطَب ورِطَابٍ، وظِرَّانٌ مِثْلُ صُرَدٍ وصِرْدان؛ قَالَ لَبِيدٌ:

بجَسْرةٍ تَنْجُل الظِّرَّانَ ناجِيةً،

إِذا تَوقَّدَ فِي الدَّيْموسةِ الظُّرَرُ

وَفِي حَدِيثِ

عَدِيٍّ أَيضاً: لَا سكِّينَ إِلَّا الظِّرَّانُ

، وَيُجْمَعُ أَيضاً عَلَى أَظِرَّة؛ وَمِنْهُ:

فأَخذت ظُرَراً مِنَ الأَظِرَّة فذَبَحْتُها بِهِ.

شَمِرٌ: المَظَرّة فلْقة مِنَ الظِّرَّان يُقْطَعُ بِهَا، وَقَالَ: ظَرِير وأَظِرَّة، وَيُقَالُ ظُرَرَةٌ واحدةٌ؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الظِّرُّ حَجَر أَمْلَس عَرِيضٌ يَكسره الرجل فيَجْزِر الجَزورَ وَعَلَى كُلِّ لَوْنٍ يَكُونُ الظُّرَر، وَهُوَ قَبْلَ أَن يُكسر ظُرَرٌ أَيضاً، وَهِيَ فِي الأَرض سَلِيل وصَفائحُ مِثْلُ السُّيُوفِ. والسَّلِيل الْحَجَرُ الْعَرِيضُ؛ وأَنشد:

تَقِيه مَظارِيرَ الصُّوى مِنْ نِعَالِهِ؛

بسورٍ تُلحِّيه الْحَصَى، كنَوى القَسْبِ

وأَرض مَظِرَّة، بِكَسْرِ الظَّاءِ: ذاتُ حِجَارَةٍ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَفِي التَّهْذِيبِ: ذَاتُ ظِرَّان. وَحَكَى الْفَارِسِيُّ: أَرى أَرضاً مَظَرَّةً، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالظَّاءِ، ذَاتَ ظِرَّان. والظَّرِيرُ: نَعْتُ الْمَكَانِ الحَزْن. والظَّرِيرُ: الْمَكَانُ الْكَثِيرُ الْحِجَارَةِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. والظَّرِيرُ: العلَمُ الَّذِي يُهْتدَى بِهِ، وَالْجَمْعُ أَظِرَّةٌ وظُرَّانٌ، مِثْلُ أَرْغْفِة ورُغْفانٍ. التَّهْذِيبَ: والأَظِرَّةُ مِنَ الأَعلام الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا مِثْلُ الأَمِرَّة، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ مَمْطوراً «2». صُلْباً يُتَّخذُ مِنْهُ الرَّحى. والظُّرَرُ والمَظَرَّةُ: الْحَجَرُ يُقْطَعُ بِهِ. اللَّيْثُ: يُقَالُ ظَرَرْتُ مَظَرَّةً، وَذَلِكَ أَن النَّاقَةَ إِذا أَبْلَمت، وَهُوَ دَاءٌ يأْخذها فِي حَلْقة الرَّحِمِ، فيَضِيق فيأْخذ الرَّاعِي مَظَرَّةً ويُدْخل يدَه فِي بَطْنِهَا مِنْ ظَبْيَتها ثُمَّ يَقْطَعُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كالثُّؤْلولِ، وَهُوَ مَا أَبْلم فِي بَطْنِ النَّاقَةِ، وظَرَّ مَظَرَّةً: قَطَعَهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْمَثَلِ: أَظِرِّي فإِنك نَاعِلَةٌ أَي ارْكَبِي الظُّرَرَ، وَالْمَعْرُوفُ بِالطَّاءِ، وَقَدْ تقدم.

ظفر: الظُّفْرُ والظُّفُرُ: مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ أَظْفارٌ وأُظْفورٌ وأَظافيرُ، يَكُونُ للإِنسان وَغَيْرِهِ، وأَما قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ:

كُلُّ ذِي ظِفْر

، بِالْكَسْرِ، فَشَاذٌّ غَيْرُ مأْنوسٍ بِهِ إِذ لَا يُعْرف ظِفْر، بالكسر، وقالوا: الظُّفْر لِمَا لَا يَصِيد، والمِخْلَبُ لِمَا يَصِيد؛ كُلُّهُ مُذَكَّرٌ صَرَّحَ بِهِ اللِّحْيَانِيُّ، وَالْجَمْعُ أَظفار، وَهُوَ الأُظْفُورُ، وَعَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ أَظافيرُ، لَا عَلَى أَنه جَمْعُ أَظفار الَّذِي هُوَ جَمْعُ ظُفْر لأَنه لَيْسَ كُلُّ جَمْعٍ يُجْمَعُ، وَلِهَذَا حَمَلَ الأَخفش قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ:

فَرُهُنٌ مَقْبُوضَةٌ

، عَلَى أَنه جَمْعُ رَهْن ويُجَوّز قِلَّته لِئَلَّا يضْطَرَّه إِلى ذَلِكَ أَن يَكُونَ جمعَ رِهانٍ الَّذِي هُوَ جمعُ رَهْنٍ، وأَما مَنْ لَمْ يَقُلْ إِلَّا ظُفْر فإِن أَظافِيرَ عِنْدَهُ مُلْحَقةٌ بِبَابِ دُمْلوج، بِدَلِيلِ مَا انْضَافَ إِليها مِنْ زِيَادَةِ الْوَاوِ مَعَهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا مَذْهَبُ بَعْضِهِمْ. اللَّيْثُ: الظُّفْر ظُفْر الأُصبع وظُفْر الطَّائِرِ، والجمع الأَظفار، وجماعة

(2). قوله: [ممطوراً] بهامش الأَصل ما نصه: صوابه ممطولًا

ص: 517

الأَظْفار أَظافِيرُ، لأَن أَظفاراً بِوَزْنِ إِعْصارٍ، تَقُولُ أَظافِيرُ وأَعاصيرُ، وإِنْ جَاءَ ذَلِكَ فِي الأَشعار جَازَ وَلَا يُتَكلّم بِهِ بِالْقِيَاسِ فِي كُلِّ ذَلِكَ سَوَاءٌ غَيْرَ أَن السَّمْعَ آنَسُ، فإِذا وَرَدَ عَلَى الإِنسان شَيْءٌ لَمْ يَسْمَعْهُ مُسْتَعْمَلًا فِي الْكَلَامِ اسْتوحَشَ مِنْهُ فَنَفَر، وَهُوَ فِي الأَشعار جيّدٌ جَائِزٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ

؛ دَخَلَ فِي ذِي الظُّفْرِ ذواتُ الْمَنَاسِمِ مِنَ الإِبل والنعامِ لأَنها كالأَظْفار لَهَا. وَرَجُلٌ أَظْفَرُ: طَوِيلُ الأَظفار عريضُها، وَلَا فَعْلاء لَهَا مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ، ومَنْسِم أَظْفَرُ كَذَلِكَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

بأَظْفَرَ كالعَمُودِ إِذا اصْمَعَدّتْ

عَلَى وَهَلٍ، وأَصفَرَ كالعَمُودِ

والتَّظْفيرُ: غَمْزُ الظُّفْرِ فِي التُّفَّاحة وَغَيْرِهَا. وظَفَرَه يَظْفِرُه وظَفَّرَه واظَّفَرَه: غرزَ فِي وَجْهه ظُفْرَه. ويقال: ظَفَّرَ فلانٌ فِي وَجْهِ فلانٍ إِذا غَرَزَ ظُفْرَه فِي لَحْمِهِ فعَقَره، وَكَذَلِكَ التَّظْفِيرُ فِي القِثَّاء والبطِّيخ. وكلُّ مَا غَرَزْت فِيهِ ظُفْرَك فشَدَخْتَه أَو أَثّرْتَ فِيهِ، فَقَدْ ظَفَرْته؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لخَنْدَق بْنِ إِياد:

وَلَا تُوَقّ الحَلْقَ أَن تَظَفّرَا

واظّفَرَ الرجلُ واطَّفَر أَي أَعْلَقَ ظُفْرَه، وَهُوَ افْتَعَلَ فأَدغم؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ بَازِيًا:

تَقَضِّيَ البازِي إِذا البازِي كَسَرْ

أَبْصَرَ خِرْبانَ فَضاءٍ فَانْكَدَرْ

شاكِي الكَلالِيبِ إِذا أَهْوَى اظَّفَرْ

الكَلالِيبُ: مَخالِيبُ الْبَازِي، الْوَاحِدُ كَلّوب. وَالشَّاكِي: مأْخوذ مِنَ الشَّوْكةِ، وَهُوَ مَقْلُوبٌ، أَي حادُّ المَخالِيبِ. واظّفَرَ أَيضاً: بِمَعْنَى ظَفِرَ بِهِمْ. وَرَجُلٌ مُقلَّم الظُّفْرِ عَنِ الأَذَى وكَلِيل الظُّفْرِ عَنِ العِدَى، وَكَذَلِكَ عَلَى الْمَثَلِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: إِنه لمَقْلُومُ الظُّفُرِ أَي لَا يُنْكي عَدُوّاً؛ وَقَالَ طَرَفَةُ:

لَسْتُ بالفَانِي وَلَا كَلِّ الظُّفُرْ

وَيُقَالُ للمَهين: هُوَ كَليلُ الظُّفُرِ. وَرَجُلٌ أَظْفَرُ بَيِّن الظُّفُرِ إِذا كَانَ طويلَ الأَظْفارِ، كَمَا تَقُولُ رَجُلٌ أَشْعَرُ طَوِيلُ الشَّعْرِ. ابْنُ سِيدَهْ: والظُّفْرُ ضَرْبٌ مِنَ العِطْر أَسْوَدُ مُقْتَلَفٌ مِنْ أَصله عَلَى شَكْلِ ظُفْر الإِنسان، يُوضَعُ فِي الدُّخْنَةِ، وَالْجَمْعُ أَظْفارٌ وأَظافِيرُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ: لَا وَاحِدَ لَهُ، وَقَالَ الأَزهري: لَا يُفْرَدُ مِنْهُ الْوَاحِدُ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَظْفارةٌ وَاحِدَةٌ وَلَيْسَ بِجَائِزٍ فِي الْقِيَاسِ، وَيَجْمَعُونَهَا عَلَى أَظافِيرَ، وَهَذَا فِي الطِّيب، وإِذا أُفرد شَيْءٌ مِنْ نَحْوِهَا يَنْبَغِي أَن يَكُونَ ظُفْراً وفُوهاً، وَهُمْ يَقُولُونَ أَظفارٌ وأَظافِيرُ وأَفْواهٌ وأَفاوِيهُ لِهَذَيْنِ العِطْرَينِ. وظَفَّرَ ثَوبه: طيَّبَه بالظُّفْر. وَفِي حَدِيثِ

أُمّ عَطِيَّةَ: لَا تَمَسّ المُحِدّ إِلَّا نُبْذَةً مِنْ قُسْطِ أَظفارٍ

، وَفِي رِوَايَةٍ:

مِنْ قُسْطٍ وأَظفار

؛ قَالَ: الأَظْفارُ جِنْسٌ مِنَ الطِّيب، لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَقِيلَ: وَاحِدَةُ ظُفْر، وَهُوَ شَيْءٌ مِنَ العِطْر أَسود والقطعةُ مِنْهُ شبيهةٌ بالظُّفْرِ. وظَفَّرَت الأَرض: أَخْرجت مِنَ النَّبَاتِ مَا يُمْكِنُ احْتِفَارُهُ بالظُّفْرِ. وظَفَّرَ العَرْفَجُ والأَرْطى: خَرَجَ مِنْهُ شِبهُ الأَظفار وَذَلِكَ حِينَ يُخَوِّصُ. وظَفَّرَ البَقْلُ: خَرَجَ كأَنه أَظفارُ الطَّائِرِ. وظَفَّرَ النَّصِيُّ والوَشِيجُ والبَرْدِيُّ والثُّمامُ والصِّلِّيَانُ والعَرَزُ والهَدَبُ إِذا خَرَجَ لَهُ عُنْقُرٌ أَصفر كالظُّفْرِ، وَهِيَ خُوصَةٌ تَنْدُرُ مِنْهُ فِيهَا نَوْرٌ أَغبر. الْكِسَائِيُّ: إِذا طَلَعَ النَّبْتُ قِيلَ: قَدْ ظَفَّرَ تَظْفِيراً؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هُوَ مأْخوذ مِنَ الأَظْفارِ.

ص: 518

الْجَوْهَرِيُّ: والظَّفَرُ مَا اطْمَأَنَّ مِنَ الأَرض وأَنبت. وَيُقَالُ: ظَفَّرَ النبتُ إِذا طَلَعَ مِقْدَارَ الظُّفْرِ. والظُّفْرُ والظَّفَرَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: دَاءٌ يَكُونُ فِي الْعَيْنِ يَتَجَلَّلُها مِنْهُ غاشِيةٌ كالظُّفْرِ، وَقِيلَ: هِيَ لُحْمَةٌ تَنْبُتُ عِنْدَ المَآقي حَتَّى تَبْلُغَ السَّوَادَ وَرُبَّمَا أَخَذَت فِيهِ، وَقِيلَ: الظَّفَرَةُ، بِالتَّحْرِيكِ، جُلَيْدَة تُغَشِّي العينَ تَنْبُتُ تِلْقَاءَ المَآقي وَرُبَّمَا قُطعت، وإِن تُركت غَشِيَتْ بَصر الْعَيْنِ حَتَّى تَكِلَّ، وَفِي الصِّحَاحِ: جُلَيْدة تُغَشِّي الْعَيْنَ نَابتة مِنَ الْجَانِبِ الَّذِي يَلِي الأَنف عَلَى بَيَاضِ الْعَيْنِ إِلى سوادهَا، قَالَ: وَهِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا ظُفْرٌ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. وَفِي

صِفَةِ الدَّجَّالِ: وَعَلَى عَيْنِهِ ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ

، بِفَتْحِ الظَّاءِ وَالْفَاءِ، وَهِيَ لَحْمَةٌ تَنْبُتُ عِنْدَ المَآقي وَقَدْ تَمْتَدُّ إِلى السَّوَادِ فتُغَشِّيه؛ وَقَدْ ظَفِرَتْ عينُه، بِالْكَسْرِ، تَظْفَرُ ظَفَراً، فَهِيَ ظَفِرَةٌ. وَيُقَالُ ظُفِرَ فلانٌ، فَهُوَ مَظْفُورٌ؛ وَعَيْنٌ ظَفِرَةٌ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ:

مَا القولُ فِي عُجَيِّزٍ كالحُمّره،

بِعَيْنها مِنَ البُكاء ظَفَرَه،

حَلَّ ابنُها فِي السِّجْن وَسْطَ الكَفَرَه؟

الْفَرَّاءُ: الظَّفَرَةُ لَحْمَةٌ تَنْبُتُ فِي الحَدَقَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الظُّفْر لَحْمٌ يَنْبُتُ فِي بَيَاضِ الْعَيْنِ وَرُبَّمَا جَلَّلَ الحَدَقَةَ. وأَظْفَارُ الْجِلْدِ: مَا تَكَسَّرَ مِنْهُ فَصَارَتْ لَهُ غُضُونٌ. وظَفَّرَ الجلدَ: دَلَكَهُ لِتَمْلاسَّ أَظْفارُه. الأَصمعي: فِي السِّيَةِ الظُّفْرُ وَهُوَ مَا وَرَاءَ معْقِدِ الوتَرِ إِلى طرَف القَوْس، وَالْجَمْعُ ظِفَرَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: هُنَا يُقَالُ للظُّفْرِ أُظْفُورٌ، وَجَمْعُهُ أَظافير؛ وأَنشد:

مَا بَيْنَ لُقْمَتِها الأُولى، إِذا ازْدَرَدتْ،

وبَيْنَ أُخْرَى تَلِيها، قِيسُ أُظْفُورِ

والظَّفَرُ، بِالْفَتْحِ: الْفَوْزُ بِالْمَطْلُوبِ. اللَّيْثُ: الظَّفَرُ الْفَوْزُ بِمَا طلبتَ والفَلْجُ عَلَى مَنْ خَاصَمْتَ؛ وَقَدْ ظَفِرَ بِهِ وَعَلَيْهِ وظَفِرَهُ ظَفَراً، مِثْلَ لَحِقَ بِهِ ولَحِقَهُ فَهُوَ ظَفِرٌ، وأَظْفَرَهُ اللَّهُ بِهِ وَعَلَيْهِ وظَفَّرَهُ بِهِ تَظْفِيراً. وَيُقَالُ: ظَفِرَ اللهُ فُلاناً عَلَى فُلَانٍ، وَكَذَلِكَ أَظْفَرَهُ اللهُ. وَرَجُلٌ مُظَفَّرٌ وظَفِرٌ وظِفِّيرٌ: لَا يُحَاوِلُ أَمراً إِلَّا ظَفِرَ بِهِ؛ قَالَ الْعُجَيْرُ السَّلُولِيُّ يَمْدَحُ رَجُلًا:

هُوَ الظَّفِرُ المَيْمُونُ، إِنْ رَاحَ أَو غَدَا

بِهِ الركْبُ، والتِّلْعابةُ المُتَحَبِّبُ

وَرَجُلٌ مُظَفَّرٌ: صَاحِبُ دَوْلَةٍ فِي الْحَرْبِ. وَفُلَانٌ مُظَفَّرٌ: لا يَؤُوب إِلَّا بالظَّفَر فثُقِّلَ نعتُه لِلْكَثْرَةِ وَالْمُبَالَغَةِ. وإِن قِيلَ: ظَفَّرَ اللَّهُ فُلَانًا أَي جَعَلَهُ مُظَفَّراً جَازَ وحسُن أَيضاً. وَتَقُولُ: ظَفَّره اللَّهُ عَلَيْهِ أَي غَلّبه عَلَيْهِ؛ وَكَذَلِكَ إِذا سُئِلَ: أَيهما أَظْفَرُ، فأَخْبِرْ عَنْ وَاحِدٍ غلَب الْآخَرَ؛ وَقَدْ ظَفّره. قَالَ الأَخفش: وَتَقُولُ الْعَرَبُ: ظَفِرْت عَلَيْهِ فِي مَعْنَى ظَفِرْت بِهِ. وَمَا ظَفَرتْكَ عَيْني مُنْذ زمانٍ أَي مَا رَأَتْك، وَكَذَلِكَ مَا أَخَذَتْكَ عيني مند حِينٍ. وظَفَّرَه: دَعا لَه بالظَّفَر؛ وظَفِرْت بِهِ، فأَنا ظافرٌ وَهُوَ مَظْفُورٌ بِهِ. وَيُقَالُ: أَظْفَرَنيَ اللَّهُ بِهِ. وتَظَافَرَ القومُ عَلَيْهِ وتظاهَرُوا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وظَفارِ مِثْلَ قَطَامِ مَبْنِيَّةٌ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: هِيَ قَرْية مِنْ قُرَى حِمْير إِليها يُنْسَبُ الجَزْع الظَّفارِيّ، وَقَدْ جَاءَتْ مَرْفُوعَةً أُجْرِيَت مُجْرَى رَبابِ إِذا سَمّيْتَ بِهَا. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ جَزْعٌ ظَفارِيّ مَنْسُوبٌ إِلى ظَفارِ أَسد مَدِينَةٍ بِالْيَمَنِ، وَكَذَلِكَ عُودٌ ظَفارِيّ مَنْسُوبٌ، وَهُوَ الْعُودُ الَّذِي يُتَبَخّر بِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَنْ دَخل ظَفارِ حَمّرَ أَي تَعَلَّمَ الحِمْيَريّة؛ وَقِيلَ: كُلُّ أَرض ذَاتِ مَغَرّةٍ ظَفارِ.

ص: 519

وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ لباسُ آدَم، عليه السلام، الظُّفُرَ

؛ أَي شَيْءٌ يُشْبِه الظُّفُرَ فِي بَيَاضِهِ وَصَفَائِهِ وكثافِته. وَفِي حَدِيثِ الإِفْكِ:

عِقد مِنْ جَزْع أَظفار

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ وأُريد بِهَا العطْرُ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا كأَنه يُؤْخَذُ فيُثْقَبُ ويُجْعل فِي العِقْد وَالْقِلَادَةِ؛ قَالَ: وَالصَّحِيحُ فِي الرِّوَايَةِ أَنه

مِنْ جَزْعِ ظَفارِ

مَدِينَةٍ لحِمْير بِالْيَمَنِ. والأَظْفارُ: كِبارُ القِرْدانِ وكواكبُ صِغارٌ. وظَفْرٌ ومُظَفَّرٌ ومِظْفارٌ: أَسماء. وَبَنُو ظَفَر: بَطْنانِ بَطْنٌ فِي الأَنصار.، وَبَطْنٌ فِي بني سليم.

ظهر: الظَّهْر مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: خِلافُ البَطْن. والظَّهْر مِنَ الإِنسان: مِنْ لَدُن مُؤخَّرِ الْكَاهِلِ إِلى أَدنى الْعَجُزِ عِنْدَ آخِرِهِ، مُذَكَّرٌ لَا غَيْرُ، صَرَّحَ بِذَلِكَ اللِّحْيَانِيُّ، وَهُوَ مِنَ الأَسماء الَّتِي وُضِعَت مَوْضِعَ الظُّرُوفِ، وَالْجَمْعُ أَظْهُرٌ وظُهور وظُهْرانٌ. أَبو الْهَيْثَمِ: الظَّهْرُ سِتُّ فقارات، والكاهلُ والكَتِدُ [الكَتَدُ] ستُّ فَقَارَاتٍ، وَهُمَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ، وَفِي الرَّقبَة سِتُّ فقارات؛ قال أَبو الهيثم: الظَّهْر الَّذِي هُوَ سِتُّ فِقَرٍ يكْتَنِفُها المَتْنانِ، قَالَ الأَزهري: هَذَا فِي الْبَعِيرِ؛ وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ:

وَلَمْ يَنْسَ حقَّ اللَّهِ فِي رِقابِها وَلَا ظُهورها

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: حَقُّ الظهورِ أَن يَحْمِلَ عَلَيْهَا مُنْقَطِعاً أَو يُجاهدَ عَلَيْهَا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:

ومِنْ حَقِّها إِفْقارُ ظَهْرِها.

وقَلَّبَ الأَمرَ ظَهْراً لِبَطْنٍ: أَنْعَمَ تَدْبِيرَه، وَكَذَلِكَ يَقُولُ المُدَبِّرُ للأَمر. وقَلَّبَ فُلَانٌ أَمْره ظَهْرًا لِبَطْنٍ وظهرَه لِبَطْنه وظهرَه لِلْبَطْنِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

كَيْفَ تَرَانِي قَالِبًا مِجَنّي،

أَقْلِبُ أَمْرِي ظَهْرَه لِلْبَطْنِ

وإِنما اخْتَارَ الْفَرَزْدَقُ هَاهُنَا لِلْبَطْنِ عَلَى قَوْلِهِ لِبَطْنٍ لأَن قَوْلَهُ ظَهْرَه مَعْرِفَةٌ، فأَراد أَن يَعْطِفَ عَلَيْهِ مَعْرِفَةً مِثْلَهُ، وإِن اخْتَلَفَ وَجْهُ التَّعْرِيفِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هَذَا بَابُ مِنَ الْفِعْلِ يُبْدَل فِيهِ الْآخِرُ مِنَ الأَول يَجْرِي عَلَى الِاسْمِ كَمَا يَجْرِي أَجْمعون عَلَى الِاسْمِ، ويُنْصَبُ بِالْفِعْلِ لأَنه مَفْعُولٌ، فَالْبَدَلُ أَن يَقُولَ: ضُرب عبدُ اللَّهِ ظَهرُه وبَطنُه، وضُرِبَ زَيدٌ الظهرُ والبطنُ، وقُلِبَ عَمْرٌو ظَهْرُه وبطنُه، فَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْبَدَلِ؛ قَالَ: وإِن شِئْتَ كَانَ عَلَى الِاسْمِ بِمَنْزِلَةِ أَجمعين، يَقُولُ: يَصِيرُ الظَّهْرُ وَالْبَطْنُ تَوْكِيدًا لِعَبْدِ اللَّهِ كَمَا يَصِيرُ أَجمعون تَوْكِيدًا لِلْقَوْمِ، كأَنك قُلْتَ: ضُرِبَ كُلّه؛ قَالَ: وإِن شِئْتَ نَصَبْتَ فَقُلْتَ ضُرِب زيدٌ الظَّهرَ والبطنَ، قَالَ: وَلَكِنَّهُمْ أَجازوا هَذَا كَمَا أَجازوا دَخَلْتُ البيتَ، وإِنما مَعْنَاهُ دَخَلْتُ فِي الْبَيْتِ وَالْعَامِلُ فِيهِ الْفِعْلُ، قَالَ: وَلَيْسَ المنتصبُ هَاهُنَا بِمَنْزِلَةِ الظُّرُوفِ لأَنك لَوْ قُلْتَ: هُوَ ظَهْرَه وبَطْنَه وأَنت تَعْنِي شَيْئًا عَلَى ظَهْرِهِ لَمْ يَجُزْ، وَلَمْ يُجِيزُوهُ فِي غَيْرِ الظَّهْر والبَطْن والسَّهْل والجَبَلِ، كَمَا لَمْ يَجُزْ دخلتُ عبدَ اللَّهِ، وَكَمَا لَمْ يَجُزْ حَذْفُ حَرْفِ الْجَرِّ إِلَّا فِي أَماكن مِثْلِ دَخَلْتُ البيتَ، وَاخْتَصَّ قَوْلُهُمْ الظهرَ والبطنَ والسهلَ والجبلَ بِهَذَا، كَمَا أَن لَدُنْ مَعَ غُدْوَةٍ لَهَا حَالٌ لَيْسَتْ فِي غَيْرِهَا مِنَ الأَسماء.

وَقَوْلُهُ، صلى الله عليه وسلم: مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ آيَةٌ إِلَّا لَهَا ظَهْرٌ وبَطْنٌ وَلِكُلِّ حَرْفٍ حَدٌّ وَلِكُلِّ حَدّ مُطَّلَعٌ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ بَعْضُهُمْ الظَّهْرُ لَفْظُ الْقُرْآنِ وَالْبَطْنُ تأْويله، وَقِيلَ: الظَّهْرُ الْحَدِيثُ وَالْخَبَرُ، وَالْبَطْنُ مَا فِيهِ مِنَ الْوَعْظِ وَالتَّحْذِيرِ وَالتَّنْبِيهِ، والمُطَّلَعُ مَأْتى الْحَدِّ ومَصْعَدُه، أَي قَدْ عَمِلَ بِهَا قَوْمٌ أَو سَيَعْمَلُونَ؛ وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ

لَهَا ظَهْرٌ وبَطْن

قِيلَ: ظَهْرُهَا لَفْظُهَا وَبَطْنُهَا مَعْنَاهَا وَقِيلَ: أَراد بِالظَّهْرِ مَا ظَهَرَ تأْويله وَعُرِفَ مَعْنَاهُ، وَبِالْبَطْنِ مَا بَطَنَ تَفْسِيرُهُ، وَقِيلَ: قِصَصُه

ص: 520

فِي الظَّاهِرِ أَخبار وَفِي الْبَاطِنِ عَبْرَةٌ وَتَنْبِيهٌ وَتَحْذِيرٌ، وَقِيلَ: أَراد بِالظَّهْرِ التِّلَاوَةَ وَبِالْبَطْنِ التَّفَهُّمَ وَالتَّعَلُّمَ. والمُظَهَّرُ، بِفَتْحِ الْهَاءِ مُشَدَّدَةً: الرَّجُلُ الشَّدِيدُ الظَّهْرِ. وظَهَره يَظْهَرُه ظَهْراً: ضَرَبَ ظَهْره. وظَهِرَ ظَهَراً: اشْتَكَى ظَهْره. وَرَجُلٌ ظَهِيرٌ: يَشْتَكِي ظَهْرَه. والظَّهَرُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ ظَهِرَ الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، إِذا اشْتَكَى ظَهْره. الأَزهري: الظُّهارُ وَجَعُ الظَّهْرِ، وَرَجُلٌ مَظْهُورٌ. وظَهَرْتُ فُلَانًا: أَصبت ظَهْره. وَبَعِيرٌ ظَهِير: لَا يُنْتَفَع بظَهْره مِنَ الدَّبَرِ، وَقِيلَ: هُوَ الْفَاسِدُ الظَّهْر مِنْ دَبَرٍ أَو غيره؛ قال ابن سيده: رَوَاهُ ثَعْلَبٌ. وَرَجُلٌ ظَهيرٌ ومُظَهَّرٌ: قويُّ الظَّهْرِ وَرَجُلٌ مُصَدَّر: شَدِيدُ الصَّدْر، ومَصْدُور: يَشْتَكِي صَدْرَه؛ وَقِيلَ: هُوَ الصُّلْبُ الشَّدِيدُ مِنْ غَيْرِ أَن يُعَيَّن مِنْهُ ظَهْرٌ وَلَا غَيْرُهُ، وَقَدْ ظَهَرَ ظَهَارَةً. وَرَجُلٌ خَفِيفُ الظَّهْر: قَلِيلُ الْعِيَالِ، وَثَقِيلُ الظَّهْرِ كَثِيرُ الْعِيَالِ، وَكِلَاهُمَا عَلَى المَثَل. وأَكَل الرجُل أَكْلَةً ظَهَرَ مِنْهَا ظَهْرَةً أَي سَمِنَ مِنْهَا. قَالَ: وأَكل أَكْلَةً إِن أَصبح مِنْهَا لَنَاتِيًّا، وَلَقَدْ نَتَوْتُ مِنْ أَكلة أَكلتها؛ يَقُولُ: سَمِنْتُ مِنْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنى

أَي مَا كَانَ عَفْواً قَدْ فَضَلَ عَنْ غِنًى، وَقِيلَ: أَراد مَا فَضَلَ عَنِ العِيَال؛ والظَّهْرُ قَدْ يُزَادُ فِي مِثْلِ هَذَا إِشباعاً لِلْكَلَامِ وَتَمْكِينًا كأَنَّ صَدَقَتَهُ إِلى ظَهْرٍ قَويٍّ مِنَ الْمَالِ. قَالَ مَعْمَرٌ: قلتُ لأَيُّوبَ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، مَا ظَهْرُ غِنًى؟ قَالَ أَيوب: مَا كَانَ عَنْ فَضْلِ عِيَالٍ. وَفِي حَدِيثِ

طَلْحَةَ: مَا رأَيتُ أَحداً أَعطى لجَزِيلٍ عَنْ ظَهْرِ يَدٍ مِنْ طَلْحَةَ

، قِيلَ: عَنْ ظَهْرِ يَدٍ ابْتدَاءً مِنْ غَيْرِ مكافأَة. وفلانٌ يأْكل عَنْ ظَهْرِ يَدِ فُلانٍ إِذا كَانَ هُوَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ. والفُقَراء يأْكلون عَنْ ظَهْرِ أَيدي النَّاسِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ: هَذَا ظَهْرُ السَّمَاءِ وَهَذَا بَطْنُ السَّمَاءِ لِظَاهِرِهَا الَّذِي تَرَاهُ. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا جَاءَ فِي الشَّيْءِ ذِي الْوَجْهَيْنِ الَّذِي ظَهْرُه كَبَطْنه، كَالْحَائِطِ الْقَائِمِ لِمَا وَلِيَك يُقَالُ بطنُه، وَلِمَا وَلِيَ غَيْرَك ظَهْرُه. فأَما ظِهارَة الثَّوْبِ وبِطانَتُه، فالبطانَةُ مَا وَلِيَ مِنْهُ الجسدَ وَكَانَ دَاخِلًا، والظِّهارَةُ مَا عَلَا وظَهَرَ وَلَمْ يَل الجسدَ؛ وَكَذَلِكَ ظِهارَة البِسَاطِ؛ وَبِطَانَتُهُ مِمَّا يَلِي الأَرضَ. وَيُقَالُ: ظَهَرْتُ الثوبَ إِذا جعلتَ لَهُ ظِهَارَة وبَطَنْتُه إِذَا جعلتَ لَهُ بِطانَةً، وَجَمْعُ الظِّهارَة ظَهَائِر، وَجَمْعُ البِطَانَة بَطَائِنُ والظِّهَارَةُ، بِالْكَسْرِ: نَقِيضُ البِطانة. وَظَهَرْتُ الْبَيْتَ: عَلَوْتُه. وأَظْهَرْتُ بِفُلَانٍ: أَعليت بِهِ. وَتَظَاهَرَ القومُ: تَدابَرُوا كأَنه ولَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ظَهْرَه إِلى صَاحِبِهِ. وأَقْرانُ الظَّهْرِ: الَّذِينَ يَجِيئُونَكَ مِنْ وَرَائِكَ أَو مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِك فِي الْحَرْبِ، مأْخوذ مِنَ الظَّهْرِ؛ قَالَ أَبو خِراشٍ:

لكانَ جَمِيلٌ أَسْوَأَ الناسِ تِلَّةً،

وَلَكُنَّ أَقْرانَ الظُّهُورِ مقَاتِلُ

الأَصمعي: فُلَانٌ قِرْنُ الظَّهْر، وَهُوَ الَّذِي يأْتيه مِنْ وَرَائِهِ وَلَا يَعْلَمُ؛ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الأَعرابي، وأَنشد:

فَلَوْ كَانَ قِرْني وَاحِدًا لكُفِيتُه،

ولكنَّ أَقْرانَ الظُّهُورِ مقَاتِلُ

وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه أَنشده:

فَلَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا لقُونا بِمثْلِنَا،

ولَكنَّ أَقْرانَ الظُّهورِ مُغالِبُ

قَالَ: أَقران الظُّهُورِ أَن يَتَظَاهَرُوا عَلَيْهِ، إِذا جَاءَ اثْنَانِ وأَنت وَاحِدٌ غَلَبَاكَ.

ص: 521

وشَدَّه الظُّهاريَّةَ إِذا شَدَّه إِلى خَلْف، وَهُوَ مِنَ الظَّهْر. ابْنُ بُزُرج. أَوْثَقَهُ الظُّهارِيَّة أَي كَتَّفَه. والظَّهْرُ: الرِّكابُ الَّتِي تَحْمِلُ الأَثقال فِي السَّفَرِ لِحَمْلِهَا إِياها عَلَى ظُهُورها. وَبَنُو فُلَانٍ مُظْهِرون إِذا كَانَ لَهُمْ ظَهْر يَنْقُلُون عَلَيْهِ، كَمَا يُقَالُ مُنْجِبُون إِذا كَانُوا أَصحاب نَجائِبَ. وَفِي حَدِيثِ

عَرْفَجَة: فَتَنَاوَلَ السَّيْفَ مِنَ الظَّهْر فَحذَفَهُ بِهِ

؛ الظَّهْر: الإِبل الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا وَيُرْكَبُ. يُقَالُ: عِنْدَ فُلَانٍ ظَهْر أَي إِبل؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَتأْذن لَنَا فِي نَحْر ظَهْرنا؟

أَي إِبِلِنَا الَّتِي نَرْكَبُهَا؛ وتُجْمَعُ عَلَى ظُهْران، بِالضَّمِّ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

فَجَعَلَ رجالٌ يستأْذنونه فِي ظُهْرانهم فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ.

وفلانٌ عَلَى ظَهْرٍ أَي مُزْمِعٌ لِلسَّفَرِ غَيْرُ مُطَمْئِنٍّ كأَنه قَدْ رَكِبَ ظَهْراً لِذَلِكَ؛ قَالَ يَصِفُ أَمواتاً:

وَلَوْ يَسْتَطِيعُون الرَّواحَ، تَرَوَّحُوا

مَعِي، أَو غَدَوْا فِي المُصْبِحِين عَلَى ظَهْرِ

وَالْبَعِيرُ الظِّهْرِيُّ، بِالْكَسْرِ: هُوَ العُدَّة لِلْحَاجَةِ إِن احْتِيجَ إِليه، نُسِبَ إِلى الظَّهْر نَسَباً عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. يُقَالُ: اتَّخِذْ مَعَكَ بَعِيرًا أَو بَعِيرَيْنِ ظِهْرِيَّيْنِ أَي عُدَّةً، وَالْجَمْعُ ظَهارِيٌّ وظَهَارِيُّ، وَفِي الصِّحَاحِ: ظَهَارِيُّ غَيْرُ مَصْرُوفٍ لأَن يَاءَ النِّسْبَةِ ثَابِتَةٌ فِي الْوَاحِدِ. وبَعير ظَهِيرٌ بَيِّنُ الظَّهارَة إِذا كَانَ شَدِيدًا قَوِيًّا، وَنَاقَةٌ ظَهِيرَةٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الظَّهِيرُ مِنَ الإِبل الْقَوِيُّ الظَّهْر صَحِيحُهُ، وَالْفِعْلُ ظَهَرَ ظَهارَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَعَمَدَ إِلى بَعِيرٍ ظَهِير فأَمَرَ بِهِ فَرُحِلَ

، يَعْنِي شَدِيدَ الظَّهْرِ قَوِيًّا عَلَى الرِّحْلَةِ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلى الظَّهْرِ؛ وَقَدْ ظَهَّر بِهِ واسْتَظَهْرَهُ. وظَهَرَ بحاجةِ الرَّجُلِ وظَهَّرها وأَظْهَرها: جَعَلَهَا بظَهْرٍ وَاسْتَخَفَّ بِهَا وَلَمْ يَخِفَّ لَهَا، وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنه جَعَلَ حَاجَتَهُ وَرَاءَ ظَهْرِه تَهَاوُنًا بِهَا كأَنه أَزالها وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِليها. وَجَعَلَهَا ظِهْرِيَّةً أَي خَلْفَ ظَهْر، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ

، بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ وَاجَهَ إِرادَتَهُ إِذا أَقْبَلَ عَلَيْهَا بِقَضَائِهَا، وجَعَلَ حاجَتَه بظَهْرٍ كَذَلِكَ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

تَمِيمُ بنَ قَيْسٍ لا تَمُونَنَّ حاجَتِي

بظَهْرٍ، فَلَا يَعْيا عَليَّ جَوابُها

والظِّهْرِيُّ: الَّذِي تَجْعَلُه بظَهْر أَي تَنْسَاهُ. والظِّهْرِيُّ: الَّذِي تَنْساه وتَغْفُلُ عَنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا

؛ أَي لَمْ تَلْتَفِتوا إِليه. ابْنُ سِيدَهْ: وَاتَّخَذَ حَاجَتَهُ ظِهْرِيّاً اسْتَهان بِهَا كأَنه نَسَبها إِلى الظَّهْر، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كَمَا قَالُوا فِي النَّسَبِ إِلى البَصْرَة بِصْريُّ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، عليه السلام: اتَّخَذْتُموه وَرَاءَكم ظِهْرِيّاً حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الغاراتُ

أَي جَعَلْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، قَالَ: وَكَسْرُ الظَّاءِ مِنْ تَغْيِيرَاتِ النَّسَب؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا

: نَبَذْتُمْ ذِكْرَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ تَرَكْتُمْ أَمر اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، يَقُولُ

شُعَيْبٌ، عليه السلام: عَظَّمْتُمْ أَمْرَ رَهْطي وَتَرَكْتُمْ تَعْظِيمَ اللَّهِ وَخَوْفَهُ.

وَقَالَ فِي أَثناء التَّرْجَمَةِ: أَي وَاتَّخَذْتُمُ الرَّهْطَ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً تَسْتَظْهِرُون بِهِ عليَّ، وَذَلِكَ لَا يُنْجِيكُمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. يُقَالُ: اتَّخَذَ بَعِيرًا ظِهْرِيّاً أَي عُدَّةً. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الَّذِي لَا يُعْنَى بِهِ: قَدْ جَعَلْتُ هَذَا الأَمر بظَهْرٍ ورَميته بظَهْرٍ. وقولهم. ولا تَجْعَلْ حَاجَتِي بظَهْر أَي لَا تَنْسَها. وحاجتُه عِنْدَكَ ظاهرةٌ أَي مُطَّرَحَة وَرَاءَ الظَّهْرِ. وأَظْهَرَ بِحَاجَتِهِ واظَّهَرَ: جَعَلَهَا وَرَاءَ ظَهْرِه، أَصله اظْتَهر. أَبو عُبَيْدَةَ: جَعَلْتُ حاجته بظَهْرٍ أَي بظَهْرِي خَلْفِي؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا

، وَهُوَ اسْتِهَانَتُكَ بِحَاجَةِ الرَّجُلِ. وَجَعَلَنِي بظَهْرٍ أَي طَرَحَنِي.

ص: 522

وظَهَرَ بِهِ وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ: قَوِيَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ

؛ أَي لَمْ يَبْلُغُوا أَن يُطِيقُوا إِتيانَ النِّسَاءِ؛ وَقَوْلُهُ:

خَلَّفْتَنا بَيْنَ قَوْم يَظْهَرُون بِنَا،

أَموالُهُمْ عازِبٌ عَنَّا ومَشْغُولُ

هُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ مِنْ قَوْلِكَ ظَهَرَ بِهِ إِذا جَعَلَهُ وَرَاءَهُ، قَالَ: وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ، وأَراد مِنْهَا عَازِبٌ وَمِنْهَا مَشْغُولُ، وَكُلُّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلى مَعْنَى الظَّهْر. وأَما قَوْلُهُ عز وجل: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْها

؛ رَوَى

الأَزهري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الكَفُّ والخاتَمُ والوَجْهُ

، وَقَالَتْ

عَائِشَةُ: الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ القُلْبُ والفَتَخة

، وَقَالَ

ابْنُ مَسْعُودٍ: الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ الثِّيَابُ.

والظَّهْرُ: طَرِيقُ البَرِّ. ابْنُ سِيدَهْ: وَطَرِيقُ الظَّهْر طَرِيقُ البَرِّ، وَذَلِكَ حِينَ يَكُونُ فِيهِ مَسْلَك فِي الْبَرِّ وَمَسْلَكٌ فِي الْبَحْرِ. والظَّهْرُ مِنَ الأَرض: مَا غَلُظَ وَارْتَفَعَ، وَالْبَطْنُ مَا لانَ مِنْهَا وسَهُلَ ورَقَّ واطْمأَنَّ. وَسَالَ الْوَادِي ظَهْراً إِذَا سَالَ بمَطَرِ نَفْسِهِ، فَإِنْ سَالَ بِمَطَرِ غَيْرِهِ قِيلَ: سَالَ دُرْأً؛ وَقَالَ مَرَّةً: سَالَ الْوَادِي ظُهْراً كَقَوْلِكَ ظَهْراً؛ قَالَ الأَزهري: وأَحْسِبُ الظُّهْر، بِالضَّمِّ، أَجْودَ لأَنه أَنشد:

وَلَوْ دَرَى أَنَّ مَا جاهَرتَني ظُهُراً،

مَا عُدْتُ مَا لأْلأَتْ أَذنابَها الفُؤَرُ

وظَهَرت الطيرُ مِنْ بَلَدِ كَذَا إِلى بَلَدِ كَذَا: انْحَدَرَتْ مِنْهُ إِليه، وَخَصَّ أَبو حَنِيفَةَ بِهِ النَّسْرَ فَقَالَ يَذْكُر النُّسُورَ: إِذا كَانَ آخِرُ الشِّتَاءِ ظَهَرَتْ إِلى نَجْدٍ تَتَحيَّنُ نِتاجَ الْغَنَمِ فتأْكل أَشْلاءَها. وَفِي كِتَابِ

عُمَرَ، رضي الله عنه، إِلى أَبي عُبيدة: فاظْهَرْ بِمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِليها

يَعْنِي إِلى أَرض ذَكَرَهَا، أَي اخْرُجْ بِهِمْ إِلى ظَاهِرِهَا وأَبْرِزْهم. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ: كَانَ يُصَلِّي العَصْر فِي حُجْرتي قَبْلَ أَن تَظْهَرَ

، تَعْنِي الشَّمْسَ، أَي تَعْلُوَ السَّطْحَ، وَفِي رِوَايَةٍ:

وَلَمْ تَظْهَر الشمسُ بَعْدُ مِنْ حُجْرتها

أَي لَمْ تَرْتَفِعْ وَلَمْ تَخْرُجْ إِلى ظَهْرها؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

وإِنا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرا

يَعْنِي مَصْعَداً. والظاهِرُ: خِلَافُ الْبَاطِنِ؛ ظَهَرَ يَظْهَرُ ظُهُوراً، فَهُوَ ظَاهِرٌ وظهِير؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

فإِنَّ بَنِي لِحْيَانَ، إِمَّا ذَكَرْتُهُم،

ثَناهُمْ، إِذا أَخْنَى اللِّئامُ، ظَهِيرُ

وَيُرْوَى طَهِيرُ، بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ

؛ قِيلَ: ظَاهَرَهُ المُخالَّةُ عَلَى جِهَةِ الرِّيبَةِ، وَبَاطِنِهِ الزِّنَا؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، وَاللَّهُ أَعلم، أَن الْمَعْنَى اتْرُكُوا الإِثم ظَهْراً وبَطْناً أَي لَا تَقْرَبُوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ جَهْراً وَلَا سِرًّا. والظاهرُ: مِنْ أَسماء اللَّهِ عز وجل؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الَّذِي ظَهَرَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ وَعَلَا عَلَيْهِ؛ وَقِيلَ: عُرِفَ بِطَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ الْعَقْلِيِّ بِمَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ آثَارِ أَفعاله وأَوصافه. وَهُوَ نَازِلٌ بَيْنَ ظَهْرَيْهم وظَهْرانَيْهِم، بِفَتْحِ النُّونِ وَلَا يُكْسَرُ: بَيْنَ أَظْهُرِهم. وَفِي الْحَدِيثِ:

فأَقاموا بَيْنَ ظَهْرانيهم وَبَيْنَ أَظْهرهم

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: تَكَرَّرَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي الْحَدِيثِ وَالْمُرَادُ بِهَا أَنهم أَقاموا بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِظْهَارِ وَالِاسْتِنَادِ لَهُمْ، وَزِيدَتْ فِيهِ أَلف وَنُونٌ مَفْتُوحَةٌ تأْكيداً، وَمَعْنَاهُ أَن ظَهْراً مِنْهُمْ قُدَّامَهُ وَظَهْرًا وَرَاءَهُ فَهُوَ مَكْنُوف مِنْ جَانِبَيْهِ، وَمِنْ جَوَانِبِهِ إِذا قِيلَ بَيْنَ أَظْهُرِهم، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اسْتُعْمِلَ فِي الإِقامة بَيْنَ الْقَوْمِ مُطْلَقًا.

ص: 523

وَلَقِيتُهُ بَيْنَ الظَّهْرَيْنِ والظَّهْرانَيْنِ أَي فِي الْيَوْمَيْنِ أَو الثَّلَاثَةِ أَو فِي الأَيام، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَكُلُّ مَا كَانَ فِي وَسَطِ شَيْءٍ ومُعْظَمِه، فَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْه وظَهْرانَيْه. وَهُوَ عَلَى ظَهْرِ الإِناء أَي مُمْكِنٌ لَكَ لَا يُحَالُ بَيْنَكُمَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. الأَزهري عَنِ الْفَرَّاءِ: فلانٌ بَيْنَ ظَهْرَيْنا وظَهْرانَيْنا وأَظهُرِنا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ بَيْنَ ظَهْرانِينا، بِكَسْرِ النُّونِ. وَيُقَالُ: رأَيته بَيْنَ ظَهْرانَي اللَّيْلِ أَي بَيْنَ الْعِشَاءِ إِلى الْفَجْرِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَتيته مَرَّةً بَيْنَ الظَّهْرَيْنِ يَوْمًا فِي الأَيام. قَالَ: وَقَالَ أَبو فَقْعَسٍ إِنما هُوَ يَوْمٌ بَيْنَ عَامَيْنِ. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذا كَانَ فِي وَسَطِ شَيْءٍ: هُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْه وظَهْرانَيْه؛ وأَنشد:

أَلَيْسَ دِعْصاً بَيْنَ ظَهْرَيْ أَوْعَسا

والظَّواهِرُ: أَشراف الأَرض. الأَصمعي: يُقَالُ هاجَتْ ظُهُورُ الأَرض وَذَلِكَ مَا ارْتَفَعَ مِنْهَا، وَمَعْنَى هاجَتْ يَبِسَ بَقْلُها. وَيُقَالُ: هاجَتْ ظَواهِرُ الأَرض. ابْنُ شُمَيْلٍ: ظَاهِرُ الْجَبَلِ أَعلاه، وظاهِرَةُ كُلِّ شَيْءٍ أَعلاه، أَسْتَوَى أَو لَمْ يَسْتَوِ ظَاهِرُهُ، وإِذا عَلَوْتَ ظَهْره فأَنت فَوْقَ ظاهِرَته؛ قَالَ مُهَلْهِلٌ:

وخَيْل تَكَدَّسُ بالدَّارِعِين،

كَمْشيِ الوُعُولِ عَلَى الظَّاهِره

وَقَالَ الْكُمَيْتُ:

فَحَلَلْتَ مُعْتَلِجَ البِطاحِ،

وحَلَّ غَيْرُك بالظَّوَاهِرْ

قَالَ خَالِدُ بْنُ كُلْثُوم: مُعْتَلِجُ الْبِطَاحِ بَطْنُ مَكَّةَ وَالْبَطْحَاءُ الرَّمْلُ، وَذَلِكَ أَن بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي أُمية وَسَادَةَ قُرَيْشٍ نُزول بِبَطْنِ مَكَّةَ وَمَنْ كَانَ دُونَهُمْ فَهُمْ نُزُولٌ بِظَوَاهِرَ جِبَالِهَا؛ وَيُقَالُ: أَراد بِالظَّوَاهِرِ أَعلى مَكَّةَ. وَفِي الْحَدِيثِ

ذِكر قريشِ الظَّواهِرِ

، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: قُرَيْشُ الظواهرِ الَّذِينَ نَزَلُوا بظُهور جِبَالِ مَكَّةَ، قَالَ: وقُرَيْشُ البِطاحِ أَكرمُ وأَشرف مِنْ قُرَيْشِ الظَّوَاهِرِ، وَقُرَيْشُ الْبِطَاحِ هُمُ الَّذِينَ نَزَلُوا بِطَاحَ مَكَّةَ. والظُّهارُ: الرّيشُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الظُّهْرانُ الرِّيشُ الَّذِي يَلِي الشَّمْسَ والمَطَرَ مِنَ الجَناح، وَقِيلَ: الظُّهار، بِالضَّمِّ، والظُّهْران مِنْ رِيشِ السَّهْمِ مَا جُعِلَ مِنْ ظَهْر عَسِيبِ الرِّيشَةِ، وَهُوَ الشَّقُّ الأَقْصَرُ، وَهُوَ أَجود الرِّيشِ، الْوَاحِدُ ظَهْرٌ، فأَما ظُهْرانٌ فَعَلَى الْقِيَاسِ، وأَما ظُهار فَنَادِرٌ؛ قَالَ: وَنَظِيرُهُ عَرْقٌ وعُراقٌ وَيُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ رِيشٌ ظُهارٌ وظُهْرانٌ، والبُطْنانُ مَا كَانَ مِنْ تَحْتِ العَسِيب، واللُّؤَامُ أَن يَلْتَقِيَ بَطْنُ قُذَّةٍ وظَهرُ أُخْرَى، وَهُوَ أَجود مَا يَكُونُ، فإِذا الْتَقَى بَطْنانِ أَو ظَهْرانِ، فَهُوَ لُغابٌ ولَغْبٌ. وَقَالَ اللَّيْثَ: الظُّهارُ مِنَ الرِّيشِ هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ رِيشِ الطَّائِرِ وَهُوَ فِي الْجَنَاحِ، قَالَ: وَيُقَالُ: الظُّهارُ جَمَاعَةٌ وَاحِدُهَا ظَهْرٌ، وَيُجْمَعُ عَلَى الظُّهْرانِ، وَهُوَ أَفضل مَا يُراشُ بِهِ السَّهْمُ فإِذا ريشَ بالبُطْنانِ فَهُوَ عَيْبٌ، والظَّهْرُ الْجَانِبُ الْقَصِيرُ مِنَ الرِّيشِ، وَالْجَمْعُ الظُّهْرانُ، والبُطْنان الْجَانِبُ الطَّوِيلُ، الْوَاحِدُ بَطْنٌ؛ يُقَالُ: رِشْ سَهْمَك بظُهْرانٍ وَلَا تَرِشْهُ ببُطْنانٍ، وَاحِدُهُمَا ظَهْر وبَطْنٌ، مِثْلَ عَبْد وعُبْدانٍ؛ وَقَدْ ظَهَّرت الرِّيشُ السهمَ. والظَّهْرانِ: جَنَاحَا الْجَرَادَةِ الأَعْلَيانِ الْغَلِيظَانِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو زِيَادٍ: للقَوْسِ ظَهْرٌ وبَطْنٌ، فَالْبَطْنُ مَا يَلِي مِنْهَا الوَتَر، وظَهْرُها الآخرُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ وتَرٌ. وظاهَرَ بَيْنَ نَعْلين وَثَوْبَيْنِ: لَبِسَ أَحدهما عَلَى الْآخَرِ وَذَلِكَ إِذا طَارَقَ بَيْنَهُمَا وطابقَ، وَكَذَلِكَ ظاهَرَ بينَ دِرْعَيْن، وَقِيلَ: ظاهَرَ الدرعَ لأَمَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ.

ص: 524

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه ظاهرَ بَيْنَ دِرْعَيْن يَوْمَ أُحُد

أَي جَمَعَ وَلَبِسَ إِحداهما فَوْقَ الأُخرى، وكأَنه مِنَ التظاهر التعاون وَالتَّسَاعُدِ؛ وَقَوْلُ وَرْقاء بْنِ زُهَير:

رَأَيَتُ زُهَيْراً تَحْتَ كَلْكَلِ خالِدٍ،

فَجِئْتُ إِليه كالعَجُولِ أُبادِرُ

فَشُلَّتْ يَمِينِي يَوْمَ أَضْرِبُ خَالِدًا،

ويَمْنَعهُ مِنِّي الحديدُ المُظاهرُ

إِنما عَنَى بِالْحَدِيدِ هُنَا الدِّرْعَ، فَسَمَّى النَّوْعَ الَّذِي هُوَ الدِّرْعُ بِاسْمِ الْجِنْسِ الَّذِي هُوَ الْحَدِيدُ؛ وَقَالَ أَبو النَّجْمِ:

سُبِّي الحَماةَ وادْرَهِي عَلَيْهَا،

ثُمَّ اقْرَعِي بالوَدّ مَنْكِبَيْها،

وظاهِري بِجَلِفٍ عَلَيْهَا

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ مِنْ هَذَا، وَقَدْ قِيلَ: مَعْنَاهُ اسْتَظْهِري، قَالَ: وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ. واسْتَظَهْرَ بِهِ أَي اسْتَعَانَ. وظَهَرْتُ عَلَيْهِ: أَعنته. وظَهَرَ عَليَّ: أَعانني؛ كِلَاهُمَا عَنْ ثَعْلَبٍ. وتَظاهرُوا عَلَيْهِ: تَعَاوَنُوا، وأَظهره اللَّهُ عَلَى عَدُوِّه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ

. وظاهَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا: أَعانه، والتَّظاهُرُ: التعاوُن. وظاهَرَ فُلَانٌ فُلَانًا: عَاوَنَهُ. والمُظاهَرَة: الْمُعَاوَنَةُ، وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، عليه السلام: أَنه بارَزَ يَوْمَ بَدْرٍ

وظاهَرَ أَي نَصَر وأَعان. والظَّهِيرُ: العَوْنُ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وإِنما لَمْ يُجْمَعْ ظَهِير لأَن فَعيلًا وفَعُولًا قَدِ يَسْتَوِي فِيهِمَا الْمُذَكَّرُ والمؤُنث وَالْجَمْعُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل: نَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ

. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً

؛ يَعْنِي بِالْكَافِرِ الجِنْسَ، وَلِذَلِكَ أَفرد؛ وَفِيهِ أَيضاً: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ

؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ لِلْجَمَاعَةِ: هُمْ صَدِيقٌ وَهُمْ فَرِيقٌ؛ والظَّهِيرُ: المُعِين. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ

، قَالَ: يُرِيدُ أَعواناً فَقَالَ ظَهِير وَلَمْ يَقُلْ ظُهَراء. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ إِن الظَّهير لِجِبْرِيلَ وَصَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةِ كَانَ صَوَابًا، وَلَكِنْ حَسُنَ أَن يُجعَلَ الظَّهِيرُ لِلْمَلَائِكَةِ خَاصَّةً لِقَوْلِهِ: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ، أَي مَعَ نُصْرَةِ هَؤُلَاءِ، ظَهِيرٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ

، فِي مَعْنَى ظُهَراء، أَراد: وَالْمَلَائِكَةُ أَيضاً نُصَّارٌ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَي أَعوان النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، كَمَا قَالَ: وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً؛ أَي رُفَقاء، فَهُوَ مِثْلُ ظَهِير في معنى ظُهَراء، أَفرد فِي مَوْضِعِ الْجَمْعِ كَمَا أَفرده الشَّاعِرُ فِي قَوْلِهِ:

يَا عاذِلاتي لَا تَزِدْنَ مَلامَتِي،

إِن العَواذِلَ لَسْنَ لِي بأَمِيرِ

يَعْنِي لَسْنَ لِي بأُمَراء. وأَما قَوْلُهُ عز وجل: وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً

؛ قَالَ ابْنُ عَرفة: أَي مُظاهِراً لأَعداء اللَّهِ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ

؛ أَي عاوَنُوا. وَقَوْلُهُ: تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ

؛ أَي تَتَعاونُونَ. والظِّهْرَةُ: الأَعْوانُ؛ قَالَ تَمِيمٌ:

أَلَهْفِي عَلَى عِزٍّ عَزِيزٍ وظِهْرَةٍ،

وظِلِّ شَبابٍ كنتُ فيه فأَدْبرا

والظُّهْرَةُ والظِّهْرَةُ: الْكَسْرُ عَنْ كُرَاعٍ: كالظَّهْرِ. وَهُمْ ظِهْرَةٌ وَاحِدَةٌ أَي يَتَظَاهرون عَلَى الأَعداء وَجَاءَنَا فِي ظُهْرَته وظَهَرَتِه وظاهِرَتِهِ أَي فِي عَشِيرَتِهِ وَقَوْمِهِ وناهِضَتِهِ الَّذِينَ يُعِينُونَهُ. وظَاهرَ عَلَيْهِ: أَعان. واسْتَظْهَره عَلَيْهِ: اسْتَعَانَهُ. واسْتَظْهَرَ عَلَيْهِ بالأَمر: اسْتَعَانَ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وجهه: يُسْتَظْهَرُ بحُجَج اللَّهِ وَبِنِعْمَتِهِ عَلَى كِتَابِهِ.

وَفُلَانٌ ظِهْرَتي عَلَى فُلَانٍ وأَنا ظِهْرَتُكَ عَلَى هَذَا أَي عَوْنُكَ الأَصمعي: هُوَ ابْنُ عَمِّهِ دِنْياً فإِذا تَبَاعَدَ فَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ

ص: 525

ظَهْراً، بِجَزْمِ الْهَاءِ، وأَما الظِّهْرَةُ فَهُمْ ظَهْرُ الرَّجُلِ وأَنْصاره، بِكَسْرِ الظَّاءِ. اللَّيْثُ: رَجُلٌ ظِهْرِيٌّ مِنْ أَهل الظَّهْرِ، وَلَوْ نَسَبْتَ رَجُلًا إِلى ظَهْرِ الْكُوفَةِ لَقُلْتَ ظِهْريٌّ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَسَبْتَ جِلْداً إِلى الظَّهْر لَقُلْتَ جِلْدٌ ظِهْرِيٌّ. والظُّهُور: الظَّفَرُ بِالشَّيْءِ وَالِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ. ابْنُ سِيدَهْ: الظُّهور الظَّفَرُ؛ ظَهَر عَلَيْهِ يَظْهَر ظُهُوراً وأَظْهَره اللَّهُ عَلَيْهِ. وَلَهُ ظَهْرٌ أَي مَالٌ مِنْ إِبل وَغَنَمٍ. وظَهَر بِالشَّيْءِ ظَهْراً: فَخَرَ؛ وَقَوْلُهُ:

واظْهَرْ بِبِزَّتِه وعَقْدِ لوائِهِ

أَي افْخَرْ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ. وظَهَرْتُ بِهِ: افْتَخَرْتُ بِهِ وظَهَرْتُ عَلَيْهِ: قَوِيتُ عَلَيْهِ يُقَالُ: ظَهَر فلانٌ عَلَى فُلَانٍ أَي قَوِيَ عَلَيْهِ. وَفُلَانٌ ظاهِرٌ عَلَى فُلَانٍ أَي غَالِبٌ عَلَيْهِ. وظَهَرْتُ عَلَى الرَّجُلِ: غَلَبْتُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فظَهَر الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَهْدٌ فَقَنَتَ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَيْهِمْ

؛ أَي غَلَبُوهم؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، قَالُوا: والأَشبه أَن يَكُونَ مُغَيَّراً كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الأُخرى:

فَغَدَرُوا بِهِمْ.

وَفُلَانٌ مِنْ وَلَدِ الظَّهْر أَي لَيْسَ مِنَّا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه لَا يَلْتَفِتُ إِليهم؛ قَالَ أَرْطاةُ بنُ سُهَيَّة:

فَمَنْ مُبْلِغٌ أَبْناءَ مُرَّةَ أَنَّنا

وَجْدْنَا بَني البَرْصاءِ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ؟

أَي مِنَ الَّذِينَ يَظْهَرُون بِهِمْ وَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلى أَرحامهم. وَفُلَانٌ لَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ أَحد أَي لَا يُسَلِّم. والظَّهَرَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَا فِي الْبَيْتِ مِنَ الْمَتَاعِ وَالثِّيَابِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: بَيْتٌ حَسَنُ الظَّهَرَةِ والأَهَرَة، فالظَّهَرَةُ مَا ظَهَر مِنْهُ، والأَهَرَةُ مَا بَطَنَ مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: بَيْتٌ حَسَنُ الأَهَرة والظَّهَرَةِ والعَقارِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وظَهَرَةُ الْمَالِ: كَثْرَتُه. وأَظْهَرَنَا اللَّهُ عَلَى الأَمر: أَطْلَعَ. وَقَوْلُهُ فِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ

؛ أَي مَا قَدَرُوا أَن يَعْلُوا عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِهِ. يُقَالُ: ظَهَرَ عَلَى الْحَائِطِ وَعَلَى السَّطْح صَارَ فَوْقَهُ. وظَهَرَ عَلَى الشَّيْءِ إِذا غَلَبَهُ وَعَلَاهُ. وَيُقَالُ: ظَهَرَ فلانٌ الجَبَلَ إِذا عَلَاهُ. وظَهَر السَّطْحَ ظُهُوراً: عَلَاهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ

أَي يَعْلُون، وَالْمَعَارِجُ الدَّرَجُ. وَقَوْلُهُ عز وجل: فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ

؛ أَي غَالِبِينَ عَالِينَ، مِنْ قَوْلِكَ: ظَهَرْتُ عَلَى فُلَانٍ أَي عَلَوْتُه وَغَلَبْتُهُ. يُقَالُ: أَظْهَر اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ أَي أَعلاهم عَلَيْهِمْ. والظَّهْرُ: مَا غَابَ عَنْكَ. يُقَالُ: تَكَلَّمْتُ بِذَلِكَ عَنْ ظَهْرِ غَيْبِ، والظَّهْر فِيمَا غَابَ عَنْكَ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:

عَنْ ظَهْرِ غَيْبٍ والأَنِيسُ سَقَامُها

وَيُقَالُ: حَمَلَ فلانٌ القرآنَ عَلَى ظَهْرِ لِسَانِهِ، كَمَا يُقَالُ: حَفِظَه عَنْ ظَهْر قَلْبِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ قرأَ الْقُرْآنَ فاسْتَظْهره

؛ أَي حَفِظَهُ؛ تَقُولُ: قرأْت الْقُرْآنَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِي أَي قرأْته مِنْ حِفْظِي. وظَهْرُ القَلْب: حِفْظُه عَنْ غَيْرِ كِتَابٍ. وَقَدْ قرأَه ظاهِراً واسْتَظْهره أَي حَفِظَهُ وقرأَه ظاهِراً. والظاهرةُ: العَين الجاحِظَةُ. النَّضْرُ: الْعَيْنُ الظَّاهرَةُ الَّتِي ملأَت نُقْرَة العَيْن، وَهِيَ خِلَافُ الْغَائِرَةِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَيْنُ الظَّاهِرَةُ هِيَ الْجَاحِظَةُ الوَخْشَةُ. وقِدْرٌ ظَهْرٌ: قَدِيمَةٌ كأَنها تُلقى وراءَ الظَّهْرِ لِقِدَمِها؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:

فَتَغَيَّرَتْ إِلَّا دَعائِمَها،

ومُعَرَّساً مِنْ جَوفه ظَهْرُ

وتَظَاهر القومُ؛ تَدابَرُوا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنه التعاوُنُ،

ص: 526

فَهُوَ ضِدٌّ. وَقَتَلَهُ ظَهْراً أَي غِيْلَةً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وظَهَر الشيءُ بِالْفَتْحِ، ظُهُوراً: تَبَيَّن. وأَظْهَرْتُ الشَّيْءَ: بَيَّنْته. والظُّهور: بُدُوّ الشَّيْءِ الْخَفِيِّ. يُقَالُ: أَظْهَرني اللَّهُ عَلَى مَا سُرِقَ مِنِّي أَي أَطلعني عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ أَحد أَي لَا يُسَلِّمُ عليه أَحد. وقوله: إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ*

؛ أَي يَطَّلِعوا ويَعْثرُوا. يُقَالُ: ظَهَرْت عَلَى الأَمر. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا

؛ أَي مَا يَتَصَرَّفُونَ مِنْ مَعَاشِهِمْ. الأَزهري: والظَّهَارُ ظاهرُ الحَرَّة. ابْنُ شُمَيْلٍ: الظُّهَارِيَّة أَن يَعْتَقِلَه الشَّغْزَبِيَّةَ فَيَصْرَعَه. يُقَالُ: أَخذه الظُّهارِيَّةَ والشَّغْزَبِيَّةَ بِمَعْنًى. والظُّهْرُ: سَاعَةُ الزَّوَالِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: صَلَاةُ الظُّهْرِ، وَقَدْ يَحْذِفُونَ عَلَى السَّعَة فَيَقُولُونَ: هَذِهِ الظُّهْر، يُرِيدُونَ صَلَاةَ الظُّهْرِ. الْجَوْهَرِيُّ: الظُّهْرُ، بِالضَّمِّ، بَعْدَ الزَّوَالِ، وَمِنْهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ. والظَّهِيرةُ: الْهَاجِرَةُ. يُقَالُ: أَتيته حَدَّ الظَّهِيرة وَحِينَ قامَ قَائِمُ الظَّهِيرة. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ صَلَاةِ الظُّهْر؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ اسْمٌ لِنِصْفِ النَّهَارِ، سُمِّيَ بِهِ مِنْ ظَهِيرة الشَّمْسِ، وَهُوَ شِدَّةُ حَرِّهَا، وَقِيلَ: أُضيفت إِليه لأَنه أَظْهَرُ أَوقات الصَّلَوَاتِ للأَبْصارِ، وَقِيلَ: أَظْهَرُها حَرّاً، وَقِيلَ: لأَنها أَوَّل صَلَاةٍ أُظهرت وَصُلِّيَتْ. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الظَّهِيرة فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ نِصْفَ النَّهَارِ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ فِي الشِّتَاءِ ظَهِيرَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الظَّهِيرَةُ حَدُّ انْتِصَافِ النَّهَارِ، وَقَالَ الأَزهري: هُمَا وَاحِدٌ، وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ فِي القَيْظِ مُشْتَقٌّ. وأَتاني مُظَهِّراً ومُظْهِراً أَي فِي الظَّهِيرَةِ، قَالَ: ومُظْهِراً، بِالتَّخْفِيفِ، هُوَ الْوَجْهُ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ مُظْهِراً. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ أَتانا بالظَّهِيرة وأَتانا ظُهْراً بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: أَظْهَرْتَ يَا رَجُلُ إِذا دَخَلْتَ فِي حَدِّ الظُّهْر. وأَظْهَرْنا أَي سِرْنا فِي وَقْتِ الظُّهْر. وأَظْهر القومُ: دَخَلُوا فِي الظَّهِيرة. وأَظْهَرْنا. دَخَلْنَا فِي وَقْتِ الظُّهْر كأَصْبَحْنا وأَمْسَيْنا فِي الصَّباح والمَساء، وَتُجْمَعُ الظَّهيرة عَلَى ظَهائِرَ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: أَتاه رَجُلٌ يَشْكُو النِّقْرِسَ فَقَالَ: كَذَبَتْكَ الظَّهائِرُ

أَي عَلَيْكَ بِالْمَشْيِ فِي الظَّهائِر فِي حَرِّ الْهَوَاجِرِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَحِينَ تُظْهِرُونَ

؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

وأَظْهَرَ فِي عِلانِ رَقْدٍ، وسَيْلُه

عَلاجِيمُ، لَا ضَحْلٌ وَلَا مُتَضَحْضِحُ

يَعْنِي أَن السَّحَابَ أَتى هَذَا الْمَوْضِعَ ظُهْراً؛ أَلا تَرَى أَن قَبْلَ هَذَا:

فأَضْحَى لَهُ جِلْبٌ، بأَكنافِ شُرْمَةٍ،

أَجَشُّ سِمَاكِيٌّ مِنَ الوَبْلِ أَفْصَحُ

وَيُقَالُ: هَذَا أَمرٌ ظاهرٌ عَنْكَ عارُه أَي زَائِلٌ، وَقِيلَ: ظاهرٌ عَنْكَ أَي لَيْسَ بِلَازِمٍ لَكَ عَيْبُه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

أَبى القَلْبُ إِلا أُمَّ عَمْرٍو، فأَصْبَحتْ

تحرَّقُ نارِي بالشَّكاةِ ونارُها

وعَيَّرَها الواشُونَ أَنِّي أُحِبُّها،

وتلكَ شَكاةٌ ظاهرٌ عنكَ عارُها

وَمَعْنَى تحرَّق نَارِي بِالشَّكَاةِ أَي قَدْ شاعَ خبرِي وخبرُها وَانْتَشَرَ بالشَّكاة والذكرِ الْقَبِيحِ. وَيُقَالُ: ظهرَ عَنِّي هَذَا العيبُ إِذا لَمْ يَعْلَق بِي وَنَبَا عَنِّي، وَفِي النِّهَايَةِ: إِذا ارْتَفَعَ عَنْكَ وَلَمْ يَنَلْك مِنْهُ شَيْءٌ؛ وَقِيلَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: يَا ابنَ ذاتِ النِّطاقَين تَعْييراً لَهُ بِهَا؛ فَقَالَ مُتَمَثِّلًا:

وَتِلْكَ شَكاة ظاهرٌ عَنْكَ عارُها

أَراد أَن نِطاقَها لَا يَغُضُّ مِنْهَا وَلَا مِنْهُ فيُعَيَّرا بِهِ

ص: 527

وَلَكِنَّهُ يَرْفَعُهُ فيَزيدُه نُبْلًا. وَهَذَا أَمْرٌ أَنت بِهِ ظاهِرٌ أَي أَنت قويٌّ عَلَيْهِ. وَهَذَا أَمر ظاهرٌ بِكَ أَي غَالِبٌ عَلَيْكَ. والظِّهارُ مِنَ النِّسَاءِ، وظاهَرَ الرجلُ امرأَته، وَمِنْهَا، مُظاهَرَةً وظِهاراً إِذا قَالَ: هِيَ عَلَيَّ كظَهْرِ ذاتِ رَحِمٍ، وَقَدْ تَظَهَّر مِنْهَا وتَظاهَر، وظَهَّرَ مِنَ امرأَته تَظْهِيراً كُلُّهُ بِمَعْنًى. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَالَّذِينَ يَظَّهَّرُون مِنْ نِسائهم؛ قُرئ: يُظاهِرُونَ

، وَقُرِئَ: يَظَّهَّرُون، والأَصل يَتَظَهَّرُون، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَهُوَ أَن يَقُولَ الرَّجُلُ لامرأَته: أَنتِ عَلَيَّ كظَهْر أُمِّي. وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُطلِّق نِسَاءَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَكَانَ الظِّهارُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ طَلَاقًا فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام نُهوا عَنْهُ وأُوجبَت الكفَّارةُ عَلَى مَنْ ظاهَرَ مِنَ امرأَته، وَهُوَ الظِّهارُ، وأَصله مأْخوذ مِنَ الظَّهْر، وإِنما خَصُّوا الظَّهْرَ دُونَ الْبَطْنِ والفَخذِ وَالْفَرْجِ، وَهَذِهِ أَولى بِالتَّحْرِيمِ، لأَن الظَّهْرَ موضعُ الرُّكُوبِ، والمرأَةُ مركوبةٌ إِذا غُشُيَت، فكأَنه إِذا قَالَ: أَنت عَلَيَّ كظَهْر أُمِّي، أَراد: رُكوبُكِ لِلنِّكَاحِ عَلَيَّ حَرَامٌ كركُوب أُمي لِلنِّكَاحِ، فأَقام الظَّهْرَ مُقامَ الرُّكُوبِ لأَنه مَرْكُوبٌ، وأَقام الركوبَ مُقام النِّكَاحِ لأَن النَّاكِحَ رَاكِبٌ، وَهَذَا مِنْ لَطِيف الِاسْتِعَارَاتِ لِلْكِنَايَةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ أَرادوا أَنتِ عَلَيَّ كَبَطْنِ أُمي أَي كَجِمَاعِهَا، فكَنَوْا بِالظَّهْرِ عَنِ الْبَطْنِ للمُجاورة، قَالَ: وَقِيلَ إِن إِتْيانَ المرأَة وظهرُها إِلى السَّمَاءِ كَانَ حَرَامًا عِنْدَهُمْ، وَكَانَ أَهلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: إِذا أُتِيت المرأَةُ ووجهُها إِلى الأَرض جَاءَ الولدُ أَحْولَ، فلِقَصْدِ الرَّجُلِ المُطَلِّق مِنْهُمْ إِلى التَّغْلِيظِ فِي تَحْرِيمِ امرأَته عَلَيْهِ شبَّهها بِالظَّهْرِ، ثُمَّ لَمْ يَقْنَعْ بِذَلِكَ حَتَّى جَعَلَهَا كظَهْر أُمه؛ قَالَ: وإِنما عُدِّي الظهارُ بِمِنْ لأَنهم كَانُوا إِذا ظَاهَرُوا المرأَةَ تجَنّبُوها كَمَا يتجنّبُونَ المُطَلَّقةَ وَيَحْتَرِزُونَ مِنْهَا، فَكَانَ قَوْلُهُ ظاهَرَ مِنَ امرأَته أَي بعُد وَاحْتَرَزَ مِنْهَا، كَمَا قِيلَ: آلَى مِنَ امرأَته، لمَّا ضُمِّنَ مَعْنَى التَّبَاعُدِ عُدِّيَ بِمِنْ. وَفِي كَلَامِ بَعْضِ فُقَهَاءِ أَهل الْمَدِينَةِ: إِذا استُحيضت المرأَةُ وَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فإِنها تَقْعُدُ أَيامها لِلْحَيْضِ، فإِذا انْقَضَتْ أَيَّامُها اسْتَظْهَرت بِثَلَاثَةِ أَيام تَقْعُدُ فِيهَا لِلْحَيْضِ وَلَا تُصلي ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي؛ قَالَ الأَزهري: وَمَعْنَى الِاسْتِظْهَارِ فِي قَوْلِهِمْ هَذَا الاحتياطُ وَالِاسْتِيثَاقُ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الظِّهْرِيّ، وَهُوَ مَا جَعَلْتَه عُدَّةً لِحَاجَتِكَ، قَالَ الأَزهري: واتخاذُ الظِّهْرِيّ مِنَ الدَّوَابِّ عُدَّةً لِلْحَاجَةِ إِليه احتياطٌ لأَنه زِيَادَةٌ عَلَى قَدَرِ حَاجَةِ صاحبِه إِليه، وإِنما الظِّهْرِيّ الرجلُ يَكُونُ مَعَهُ حاجتُه مِنَ الرِّكاب لِحُمُولَتِهِ، فيَحْتاطُ لِسَفِرِهِ ويُعِدُّ بَعيراً أَو بَعِيرَيْنِ أَو أَكثر فُرَّغاً تَكُونُ مُعدَّةً لِاحْتِمَالِ مَا انقَطَع مِنْ رِكَابِهِ أَو ظَلَع أَو أَصابته آفَةٌ، ثُمَّ يُقَالُ: استَظْهَر بِبَعِيرَيْنِ ظِهْرِيّيْنِ مُحْتَاطًا بِهِمَا ثُمَّ أُقيم الاستظهارُ مُقامَ الِاحْتِيَاطِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: سُمِّيَ ذَلِكَ البعيرُ ظِهْرِيّاً لأَن صاحبَه جعلَه وَرَاءَ ظَهْرِه فَلَمْ يَرْكَبْهُ وَلَمْ يَحْمِلْ عَلَيْهِ وَتَرَكَهُ عُدّةً لِحَاجَتِهِ إِن مَسَّت إِليه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل حِكَايَةً عَنْ شُعَيْبٍ: وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا

. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه أَمَرَ خُرّاصَ النَّخْلِ أَن يَسْتَظْهِرُوا

؛ أَي يَحْتَاطُوا لأَرْبابها ويدَعُوا لَهُمْ قدرَ مَا ينُوبُهم ويَنْزِل بِهِمْ مِنَ الأَضْياف وأَبناءِ السَّبِيلِ. والظاهِرةُ مِنَ الوِرْدِ: أَن تَرِدَ الإِبلُ كُلَّ يَوْمٍ نِصف النَّهَارِ. وَيُقَالُ: إِبِلُ فُلَانٍ تَرِدُ الظاهرةَ إِذا ورَدَت كلَّ يَوْمٍ نِصْفَ النَّهَارِ. وَقَالَ شَمِرٌ: الظَّاهِرَةُ الَّتِي تَرِدُ كلَّ يَوْمٍ نِصْفَ النَّهَارِ وتَصْدُرُ عِنْدَ الْعَصْرِ؛ يُقَالُ: شاؤُهم ظَواهِرُ، والظاهرةُ: أَن تَردَ كُلَّ يَوْمٍ

ص: 528