الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العقول (1).
ولهذا كان
الغالب على أتباعهم الشك والارتياب
في الإسلام، كما حدثني من حدثه ابن باده أنه دخل على الخسرو شاهي (2) -وهو أحد تلامذة ابن الخطيب (3) - الذي قدم إلى الشام ومصر، وأخذه الملك
= والفلسفية" ص: 194: "والكتاب الموجود -والمشار إليه في الكتب التاريخية- كله في الإلهيات وبعض المباحث الطبيعية المتأخرة في الترتيب عن الإلهيات، ويلوح لي أنه حلقة في مجموعة كلامية فلسفية سماها الرازي "المطالب العالية" كتب الرازي أكثرها، ووقف قبل قسم "الأخلاق" بعد أن عاجلته المنية. . ".
وعن المطالب العالية -ونسخه الخطية وأماكن وجودها يراجع: المصدر السابق ص: 95، 96.
وممن أشار إليه: ابن خلكان في "وفيات الأعيان" 4/ 249، وابن كثير في "البداية والنهاية" 13/ 53، وحاجي خليفة في "كشف الظنون" 2/ 1714. وقال: شرحه عبد الرحمن المعروف بجبلي زادة.
(1)
الشيخ رحمه الله بين في كتابه "تلبيس الجهمية" 1/ 130: أن الرازي ذكر في أكبر كتبه "المطالب العالية" أدلة الفريقين القائلين بحدوث العالم، وقدمه وضرب هذه بهذه، ولم يرجح شيئًا، بل ذكر أن الكتب الإلهية، والأدلة السمعية لم تبين هذه الأدلة.
وانظر: إشارة الشيخ إلى اعتراف الرازي بالحيرة والشك في هذه المسألة في: درء تعارض العقل والنقل- 4/ 290.
(2)
في هامش س: هو عبد الحميد بن عيسى الخسرو شاهي.
هو: أبو محمد عبد الحميد بن عيسى بن عموية بن يونس الخسروشاهي، نسبة إلى خسرو شاه من قرى تبريز، كان فقيهًا متكلمًا، بارعًا في المعقولات، وأخذ عن الفخر الرازي الأصول وغيره، قدم الكرك فأقام عند صاحبها الملك الناصر داود، فإنه استدعاه ليقرأ عليه، ثم عاد إلى دمشق، فأقام بها إلى أن توفي سنة 652 هـ.
انظر: العبر -للذهبي- 3/ 268، 269. وطبقات الشافعية -للسبكي- 8/ 160، 161. والبداية والنهاية -لابن كثير- 13/ 177.
(3)
هو: فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر -تقدمت ترجمته- يعرف بابن الخطيب، أو ابن خطيب الري، لأن والده كان خطيب مسجد الري.
الناصر (1) صاحب الكرك (2) إلى عنده، وكان يقرأ عليه، حتى قيل: إنه حصل له اضطراب في الإيمان من جهته وجهة أمثاله.
قال: دخلت عليه بدمشق، فقال لي: يا فلان ما تعتقد؟ قلت: أعتقد ما يعتقده المسلمون، قال: وأنت جازم بذاك (3) وصدرك منشرح له قلت: نعم، قال: فبكى بكاء شديدًا (4) عظيمًا، أظنه وقال: لكني والله ما أدري ما أعتقد؟ لكني والله ما أدري ما أعتقد؟ لكني والله ما أدري ما أعتقد (5)؟
= انظر: وفيات الأعيان -لابن خلكان- 4/ 249. والوافي بالوفيات -للصفدي- 4/ 248. والفخر الرازي وآراؤه الكلامية والفلسفية - للزركان- ص: 15.
(1)
هو: داود بن الملك المعظم عيسى بن محمد بن أيوب، الملك الناصر صلاح الدين ملك دمشق بعد أبيه سنة 626 هـ، وأخذها منه عمه الأشرف، فتحول إلى الكرك، فملكها إحدى عشرة سنة، ثم استخلف عليها ابنه عيسى سنة 647 هـ، فانتزعها منه الصالح أيوب بن عيسى في هذه السنة، فرحل الناصر مشردًا في البلاد، وكان فاضلًا زكيًّا مناظرًا بصيرًا بالأدب، وله عناية بتحصيل الكتب النفسية، توفي سنة 656 هـ.
انظر: فوات الوفيات -لابن شاكر- 1/ 419 - 428. وشذرات الذهب -لابن العماد- 5/ 275. والأعلام -للزركلي- 3/ 10.
(2)
الكرك: بفتح الراء، كلمة أعجمية، وهي اسم لقلعة حصينة جدًّا في طرف الشام من نواحي البلقاء، بين أيلة وبحر القلزم وبيت المقدس، وهي على جبل عال تحيط بها أودية إلا من جهة الربض.
انظر: معجم البلدان- للحموي- 4/ 453. والروض المعطار- للحميري
- ص: 493.
(3)
في س: بذلك.
(4)
شديدًا: ساقطة من: س، ط.
(5)
نقل شيخ الإسلام رحمه الله حيرة الخسرو شاهي وشكه في كتابه "نصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان"، والذي اختصره السيوطي وسماه "كتاب جهد القريحة في تجريد النصيحة" ص: 322، 323.
وحدثني الشيخ الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد القوي (1) عن مؤذن الكرك، قال: صعدت ليلة بوقت فسبحت في المنارة، ثم نزلت والخسرو شاهي ساهر مع السلطان يتحدثان، فقال: إلى الساعة وأنت تسبح في المنارة؟ فقلت: نعم. فقال: بت تناجي الرحمن، وبت أناجي الشيطان.
وأيضًا (2)، فما ذكره (3) أن المعتزلة تصدهم عن طرد الدليل في هذه المسألة أنه إذا لم يتمنع تجدد أحكام الذات (4) من غير أن يدل على الحدث لم يبعد مثل ذلك في اعتوار (5) الأعراض على الذات، يلزمه مثله في تجدد حكم السمع والبصر، فإنه إنما يتعلق بالموجود دون المعدوم، وإما أن يكون الرب بعد أن خلق الموجودات، كحاله قبل وجودها في السمع والبصر، أو (6) لا يكون، فإن كان حاله قبل كحاله بعد، وهو قبل لم يكن يسمع شيئًا ولا يراه، فكذلك بعد لاستواء الحالين، فإن قيل: إن حاله بعد ذلك خلاف حاله قبل، فهذا قول بتجدد الأحوال (7) والحوادث ولا حيلة في ذلك، ولا يمكن أن يقال في ذلك ما قيل في
(1) هو: محمد بن عبد القوي بن بدران المرداوي -نسبة إلى مردا من قرى نابلس- المقدسي، فقيه حنبلي، بارع في العربية واللغة، حسن الديانة دمث الأخلاق كثير الإفادة، توفي سنة 699 هـ.
انظر: الوافي بالوفيات -للصفدي- 3/ 278. وشذرات الذهب -لابن العماد- 5/ 452، 453. والأعلام -للزركلي- 7/ 83.
(2)
وأيضًا: كررت في الأصل.
(3)
يعني: الجويني- في الإرشاد ص: 45.
(4)
في س: اللذات.
(5)
في الأصل: الاعتوار. والمثبت من: س، ط، والإرشاد.
(6)
في الأصل: ولا، والمثبت من: س، ط.
(7)
في س: الأحول.
العلم، وأن (1) العلم يتعلق بالمعدوم، فأمكن المفرق أن يقول: حاله قبل وجود المعلوم (2) وبعده سواء.
وقد ذكر هذا الإلزام أبو عبد الله الرازي (3)، والتزم قول الكرامية بعد أن أجاب بجواب ليس بذاك (4)، فإن المخالف احتج عليه بأن السمع والبصر يمتنع أن يكون قديمًا، لأن الإدراك لا بد له من متعلق، وهو لا يتعلق بالمعدوم، فيمتنع ثبوت (5) السمع والبصر للعالم قبل وجوده، إذ هم لا يثبتون أمرًا في ذوات الله، به يسمع ويبصر، بل السمع والبصر نفس الإدراك عندهم، ويمتنع أن يكون حادثًا، لأنه يلزم أن يكون محلًا للحوادث، ويلزم أن يتغير، وكلاهما محال.
وقال (6) في الجواب: "لم لا يجوز أن يكون الله سميعًا بصيرًا بسمع قديم وبصر قديم، ويكون ذلك (7) السمع والبصر يقتضيان التعلق بالمرئي والمسموع بشرط حضورهما ووجودهما (8).
قال (9): وهذا هو (10) المعنى بقول أصحابنا في السمع والبصر:
(1) في س: وان.
(2)
في الأصل: العلوم. والمثبت من: س، ط.
(3)
في كتابه "نهاية العقول في دراية الأصول" - مخطوط- أحمد الثالث 1874 اللوحة: 153.
(4)
في الأصل: بذلك. والمثبت من: س، ط. وسوف يورد الشيخ رحمه الله جوابه بعد أن يذكر حجة مخالفة.
(5)
في س: بثبوت.
(6)
أي: فخر الدين الرازي في المصدر السابق- اللوحة: 153، 154.
(7)
ذلك: ساقطة من: س، ط.
(8)
في س: ووجودها.
(9)
قال: إضافة من الشيخ، والكلام متصل بما قبله في: نهاية العقول.
(10)
هو: ساقطة من: نهاية العقول.
إنه صفة متهيئة لدرك ما عرض عليه، فإن قال قائل (1): فحينئذ يلزم تجدد التعلقات.
قلنا: وأي بأس بذلك إذا لم يثبت أن التعلقات أمور (2) وجودية في الأعيان، فهذا هو تقرير المذهب، ثم لئن سلمنا فساد هذا القسم فلم لا يجوز [أن يكون (3) محدثًا (4) في ذاته على ما هو مذهب الكرامية؟
قوله (5): يلزم أن يكون محلًا للحوادث.
قلنا: إن عنيتم (6) حدوث هذه الصفات في ذاته تعالى بعد أن لم تكن حادثة فيها (7)، فهذا هو المذهب، فلم قلتم إنه محال؟ وإن عنيتم شيئًا (8) آخر فبينوه لنتكلم عليه، وهذا هو الجواب عن قوله: يلزم وجود التغيير في ذات الله (9) ".
قلت: وقد اعترف في هذا الموضع بضعف الجواب الأول، وذلك قول القائل: صفة متهيئة لدرك ما عرض عليه، وضده نفي السمع والبصر هو الإدراك (10)، فما الفرق بين الصفة وبين هذا المدرك؟ ثم عند وجود
(1) قائل: ساقطة من: نهاية العقول.
(2)
في نهاية العقول: إذا لم يثبت التعلقات أمورًا.
(3)
ما بين المعقوفتين زيادة من: ط. ونهاية العقول.
(4)
في الأصل: تحدثا. وفي س: أن محدثًا. والمثبت من: ط. ونهاية العقول.
(5)
أي: قول المخالف لأبي عبد الله الرازي -كما تقدم- والكلام متصل بما قبله في "نهاية العقول".
(6)
في نهاية العقول: عنيت.
(7)
في نهاية العقول: بعد أن يكون حادثًا فيها.
(8)
في نهاية العقول: به شيئًا.
(9)
في نهاية العقول: يلزم دخول التغير في صفاته.
(10)
في هامش ط: ورد "قوله: وضده نفي السمع والبصر هو الإدراك كذا بالأصل فليحرر".
هذا الدرك هل يكون سامعًا مبصرًا لما لم يكن قبل ذلك سامعا [له](1) مبصرًا أم لا يكون؟ فإن لم يكن [كذلك لزم نفي أن يسمع ويبصر، وإن كان سمع ورأى ما لم يكن](2) سمعه ورآه.
فمن المعلوم بالاضطرار أن هذا أمر وجودي قائم بذات السامع الرائي وأنه ليس أمرًا عدميًّا، ولا واسطة بين الوجود والعدم، ولو كان عدميًّا لكان سلبه وجوديًّا إذا قيل: لم يسمع ولم يبصر، وإن كان سلبه وجوديًّا لا متنع (3) وصف المعدوم به، فإن المعدوم لا يوصف بوجود، ومذهب هؤلاء إنما تشكل على الناس لاشتراك اللفظ، فإن السمع والبصر يطلق بمعنى ما به يسمع ويبصر، وليس الله عندهم سميعًا بصيرًا بهذا الاعتبار، وإن كان أهل الإثبات يقولون بذلك، وإنما هو عندهم مجرد الإدراك فقط فكيف يقال: كان ثابتًا في العدم غير متعلق، وأنه لا يتعلق إلا بالموجود وأن تعلقه بالموجود عدم محض؟ هذه أقوال معلومة (4) الفساد بالضرورة، وقد بسطنا الكلام في مسألة الأفعال الاختيارية بسطًا عظيمًا في غير هذا الموضع (5).
(1) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من: س.
(3)
في س: لا أمتنع.
(4)
في الأصل: معلوم والمثبت من: س، ط.
(5)
انظر كلام الشيخ رحمه الله على مسألة الأفعال الاختيارية القائمة بالله، وأقوال السلف فيها بتوسع وتفصيل في كتابه "درء تعارض العقل والنقل" 2/ 3 - 156، 164 - 304، 324 - 344.
وقد تكلمنا على هذه المسألة في الدراسة وبينا أن ابن كلاب والأشعري وغيرهما ينفونها، وعلى ذلك بنوا قولهم في مسألة القرآن.
وكان المقصود هنا أولًا الكلام في اسم الله الواحد وأن له ثلاثة معان (1):
أحدها: أنه الذي لا ينقسم ولا يتجزأ ولا يتبعض ولا يتعدد ولا يتركب وربما قال بعضهم: هذا تفسير الاسم الأحد، وهذه الوحدانية هي التي ذكروها هنا، إذ ليس مرادهم بأنه لا ينقسم ولا يتبعض أنه لا ينفصل بعضه عن بعض، وأنه لا يكون إلهين اثنين، ونحو ذلك مما يقول نحوًا منه النصارى والمشركون، فإن هذا مما لا ينازعهم فيه المسلمون، وهو حق لا ريب فيه، وكذلك كان علماء السلف ينفون التبعيض عن الله بهذا المعنى، وإنما مرادهم بذلك أنه لا يشهد ويرى (2) منه شيء دون شيء، ولا يدرك منه شيء دون شيء، ولا يعلم منه شيء دون شيء، ولا يمكن أن يشار إلى شيء منه (3) دون شيء، بحيث أنه ليس [له](4) في نفسه حقيقة عندهم قائمة بنفسها يمكنه هو أن يشير منها إلى شيء دون شيء، أو يَرَى عباده منها شيئًا دون شيء، بحيث إذا تجلى لعباده يريهم من نفسه المقدسة ما شاء، فإن ذلك غير ممكن عندهم، ولا يتصور عندهم أن يكون العباد محجوبين عنه بحجاب منفصل عنهم يمنع أبصارهم رؤيته (5)، فإن الحجاب لا يحجب إلا ما هو جسم منقسم، ولا يتصور عندهم أن الله يكشف عن وجهه الحجاب ليراه المؤمنون، ولا أن يكون على وجهه حجاب (6) أصلًا، ولا أن يكون
(1) في س: معاني.
(2)
في ط: ولا يرى.
(3)
في س، ط: يشار منه إلى شيء.
(4)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(5)
في ط: عن رؤيته.
(6)
في الأصل وبسبب تمزق فيه صارت الكلمة (لا حجاب). والمثبت من: س، ط.