الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دع من سواهم.
السادس: تسمية الأخبار التي أخبر بها الرسول عن ربه أخبارًا متشابهة، كما يسمون آيات الصفات متشابهة، وهذا كما يسمي المعتزلة الأخبار المثبتة للقدر متشابهة، وهذه حال أهل البدع والأهواء، الذين يسمون ما وافق آراءهم من الكتاب والسنة محكمًا، وما خالف آراءهم متشابهًا، وهؤلاء كما قال تعالى:{وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} (1). وكما قال تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} (2)، وكما قال تعالى (3):{فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (4).
السابع: قياسه لما سماه المتشابه في الأخبار على المتشابه في آي الكتاب، ليلحقه به في الإعراض عن ذكره وعدم الاشتغال [به]
(5) -وحاشا الله (6) - أن يكون في كتاب الله ما أمر المسلمون بالإعراض عنه
= شيخ الحرم، عارف بالسنة، وكان ممن يذم الآراء والأهواء، توفي سنة 471 هـ.
انظر: تذكرة الحفاظ -للذهبي- 3/ 1174 - 1178. والوافي بالوفيات -للصفدي- 15/ 180. وشذرات الذهب -لابن العماد- 3/ 339، 340.
(1)
سورة النور، الآيات 47 - 50.
(2)
سورة البقرة، الآية:85.
وقد جاء في جميع النسخ {يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض} وهو خطأ.
(3)
تعالى: ساقطة من: س.
(4)
سورة المؤمنون، الآية:53.
(5)
ما بين المعقوفتين زيادة رأيت أن الكلام يستقيم بها.
(6)
في س، ط: لله.
وعدم التشاغل به، أو أن يكون سلف الأمة وأئمتها أعرضوا عن شيء من كتاب الله، لا سيما الآيات المتضمنة لذكر أسماء الله وصفاته، فما منها آية إلا وقد روى الصحابة فيما يوافق معناها ويفسره (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم وتكلموا في ذلك بما لا يحتاج معه إلى مزيد، كقوله تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ} (2).
فإن المتأخرين، وإن كان فيهم من حرف، فقال: بقبضته، بقدرته، ويمينه (3): بقوته، أو بقسمه أو غير ذلك، فقد استفاضت الأحاديث الصحيحة التي رواه خيار الصحابة وعلماؤهم، وخيار التابعين وعلماؤهم، بما يوافق ظاهر الآية، ويفسر المعنى، كحديث أبي هريرة المتفق عليه (4)، وحديث عبد الله بن عمر -المتفق عليه (5) - وحديث ابن مسعود في قصة الحبر (6) -المتفق عليه- وحديث ابن عباس الذي رواه
(1) في ط: يفسروه.
(2)
سورة الزمر، الآية:67.
(3)
في ط: قبضته قدرته وبيمينه.
(4)
ولفظه: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يقبض الله الأرض ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض".
صحيح البخاري 6/ 33 - كتاب التفسير- تفسير سورة الزمر- باب قوله: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. .} الآية.
(5)
روى مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك. أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله. ثم يقول: أنا الملك. أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ".
صحيح مسلم 4/ 2148 - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم- كتاب صفة القيامة والجنة والنار- الحديث / 24.
(6)
في الأصل، ط: الخبر. وهو تصحيف. والمثبت من: س، وصحيح البخاري. فقد أخرج البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: =
الترمذي وصححه (1) وغير ذلك، وكذلك أنه خلق آدم بيديه (2) وغير
= "جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع، فيقول: أنا الملك. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقًا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} .
صحيح البخاري 6/ 33 - كتاب التفسير. تفسير سورة الزمر. باب قوله {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} .
(1)
روى الترمذي عن عبد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا محمد بن الصلت، حدثنا أبو كدينة عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس قال: مر يهودي بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا يهودي حدثنا" فقال: كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السموات على ذه، والأرض على ذه، والماء على ذه، والجبال على ذه، وسائر الخلق على ذه، وأشار محمد بن الصلت بخنصره أولًا، ثم تابع حتى بلغ الإبهام، فأنزل الله {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه.
سنن الترمذي 5/ 371، 372 - كتاب تفسير القرآن- باب ومن سورة الزمر الحديث / 3240.
(2)
في س: بيده.
ويدل على ذلك قوله تعالى: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} الآية: 75.
وقد استفاضت الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يوافق ظاهر هذه الآية وغيرها ويفسر المعنى، ولا يتسع المقام لذكرها، ولكن أكتفي بالإحالة على بعضها.
انظر: صحيح البخاري 8/ 172، 173 - كتاب التوحيد- باب قول الله تعالى:{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} . صحيح مسلم 4/ 2043 - كتاب القدر- باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام الحديث / 15.
سنن الترمذي 4/ 444 - كتاب القدر- باب ما جاء في حجاج آدم وموسى عليهما السلام الحديث / 2134.
ذلك (1).
الثامن: قوله: " [و] (2) الدليل عليه أن أئمة السنة وأخيار الأمة بعد صحب النبي صلى الله عليه وسلم لم يودع أحد منهم كتابه الأخبار المتشابهات، فلم يورد مالك رضي الله عنه في الموطأ منها شيئًا، كما أورده الآجري وأمثاله، وكذلك الشافعي، وأبو حنيفة، وسفيان، والليث، والثوري، ولم يعتنوا بنقل المشكلات".
فإن هذا الكلام لا يقوله إلّا من كان من أبعد الناس عن معرفة هؤلاء الأئمة، وما نقلوه وصنفوه، وقوله رجم بالغيب من كان بعيدًا، فإن نقل هؤلاء الأئمة وأمثالهم لهذه الأحاديث، مما يعرفه من له أدنى نصيب من معرفة هؤلاء [الأئمة](3) وهذه الأحاديث من (4) هؤلاء وأمثالهم أخذت، وهم الذين أدوها إلى الأمة، والكذب في هذا الكلام أظهر من أن يحتاج إلى بيان، لكن قائله لم يتعمد الكذب، ولكنه كان قليل المعرفة بحال هؤلاء، وظن أن نقل هذه الأحاديث لا يفعله إلّا الجاهل، الذين يسميهم المشبهة (5) أو الزنادقة، وهؤلاء برآء عنده من ذلك، فتركب من قلة علمه بالحق، ومن هذا الظن الناشئ عن الاعتقاد الفاسد هذا الكلام، الذي فيه من الفرية والجهل والضلال ما لا يخفى على أدنى الرجال.
التاسع: قوله لم يورد مالك في الموطأ منها شيئًا، وقد ذكر أحاديث النزول، وأحاديث الضحك فيما أنكره، ومن المعلوم أن حديث
= مسند الإمام أحمد 2/ 392.
(1)
في س، ط: وغير ذلك من الآيات.
(2)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط، والأسنى.
(3)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(4)
في س، ط: عن.
(5)
في الأصل، س: مشبهة. والمثبت من: ط. ولعله المناسب.
النزول من أشهر حديث في موطأ مالك رواه عن (1) أجل شيوخه ابن شهاب (2) عمن هو من أجل شيوخه أبي سلمة (3) بن عبد الرحمن، وأبي عبد الله الأغر (4) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ " (5)، وقد رواه أهل الصحاح كالبخاري ومسلم من طريق مالك وغيره، وأحاديث النزول متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم رواها أكثر من عشرين نفسًا من الصحابة بمحضر بعضهم من بعض، والمستمع لها [منهم](6) يصدق المحدث بها ويقره، ولم ينكرها منهم أحد، ورواه [أئمة](7) التابعين، وعامة
(1) في الأصل: من. والمثبت من: س، ط. ولعله المناسب للسياق.
(2)
هو: أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، تقدم التعريف به. روى عنه مالك في الموطأ (132) حديثًا.
انظر: تجريد التمهيد -لابن عبد البر- ص: 116.
(3)
في س: مسلمة.
هو: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، اسمه كنيته، من كبار أئمة التابعين، وأحد فقهاء المدينة الثقات الأثبات، غزير العلم. توفي سنة 94 هـ.
انظر: تذكرة الحفاظ -للذهبي- 1/ 63. وتهذيب التهذيب -لابن حجر 12/ 115 - 118. والتمهيد- بن عبد البر- 7/ 57، 58.
(4)
هو: أبو عبد الله عبيد الله بن سليمان الأغر، وثقه أبو داود والنسائي وابن معين.
انظر: تهذيب التهذيب -لابن حجر- 7/ 18. وخلاصة تهذيب الكمال -لصفي الدين الأنصاري- ص: 250.
(5)
تقدم تخريجه، وانظره في: موطأ مالك ص: 149، 150. كتاب القرآن- باب ما جاء في الدعاء- الحديث / 30.
(6)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(7)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
الذين سماهم من الأئمة رووا ذلك، وأودعوه كتبهم، وأنكروا على من أنكره.
قال شارح الموطأ، الشرح الذي لم يشرح [أحد] (1) مثله الإمام أبو عمر بن عبد البر (2):(هذا حديث ثابت من (3) جهة النقل، صحيح الإسناد، لا يختلف أهل الحديث في صحته".
قال (4): (هو حديث منقول من طريق سوى هذه من أخبار (5) العدول عن النبي صلى الله عليه وسلم).
(وفيه (6) دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش من فوق سبع سماوات، كما قالت الجماعة، وهو من حجتهم على المعتزلة (7) في قولهم: إن الله في كل مكان، وليس على العرش)، وبسط الكلام في ذلك.
وكذلك أحاديث الضحك متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد رواها (8) [الأئمة، وروى مالك في الموطأ (9) منها حديثه عن أبي الزناد (10) عن
(1) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(2)
التمهيد -لابن عبد البر- 7/ 128.
(3)
في ط: فمن.
(4)
ابن عبد البر، والكلام بعد سطرين في: التمهيد.
(5)
في التمهيد: من طرق متواترة، ووجوه كثيرة من أخبار. . .
(6)
هذا النقل في التمهيد 7/ 129 ويفصله عن النقل المتقدم سبعة أسطر تقريبًا.
(7)
في التمهيد: المعتزلة والجهمية.
(8)
في س: روا. وهو تصحيف.
(9)
الموطأ ص: 285 - كتاب الجهاد- باب الشهداء في سبيل الله- الحديث / 28 ولم يرد فيه قوله: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الثانية.
(10)
هو: أبو عبد الرحمن عبد الله بن ذكوان، القرشي المدني، المعروف بأبي الزناد الإمام الثبت، وأحد الفقهاء، أجمع العلماء على توثيقه، روى عنه الإمام مالك وغيره. توفي سنة 130 هـ.
قال البخاري: أصح أحاديث أبي هريرة رضي الله عنه أبو الزناد عن الأعرج =
الأعرج (1) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) قال: "يضحك الله إلى رجلين، يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخل الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل، ثم يتوب الله على القاتل، فيقاتل في سبيل الله، فيستشهد"، وقد أخرجه أهل الصحاح من حديث مالك، وغير مالك (3)، ورواه
= عن أبي هريرة.
انظر: تاريخ الثقات -للعجلي- ص: 254. وميزان الاعتدال -للذهبي - 2/ 418 - 420. وتهذيب التهذيب -لابن حجر- 5/ 203 - 205.
(1)
هو: أبو صفوان حميد بن قيس الأعرج المكي، أحد الثلاثة الذين أخذ عنهم أهل مكة القراءة، وثقه أحمد وغيره، روى عنه السفيانان ومالك وأبو حنيفة وغيرهم. توفي سنة 130 هـ.
انظر: الجرح والتعديل -لابن أبي حاتم- 1/ 2 / 227، 228. وميزان الاعتدال -للذهبي- 1/ 615. وتهذيب التهذيب -لابن حجر- 2/ 46، 47.
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من: س.
(3)
فأخرجه البخاري عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بهذا اللفظ دون ذكر اللفظ (كلاهما) و (فيقاتل في سبيل الله).
صحيح البخاري 3/ 210 كتاب الجهاد- باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل.
وأخرجه مسلم عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بهذا اللفظ ولكن بزيادة: فقالوا: كيف يا رسول الله؟ بعد قوله عليه السلام "كلاهما يدخل الجنة" وزيادة: (فيسلم) بعد قوله عليه السلام: "يتوب الله على القاتل".
وأخرج مسلم -أيضًا- مع اختلاف في اللفظ عن عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
صحيح مسلم 3/ 1504، 1505، كتاب الجهاد- باب بيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر ويدخلان الجنة. الحديثان / 128، 129.
وأخرجه النسائي بهذا اللفظ في سننه 6/ 32. كتاب الجهاد- باب اجتماع القاتل والمقتول في سبيل الله في الجنة. عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
ورواه بلفظ آخر عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
وأخرجه ابن ماجة في سننه 1/ 68 - المقدمة- باب فيما أنكرت الجهمية =
-أيضًا- سفيان الثوري الإمام عن أبي الزناد وحدث به (1).
وقد روى صاحبا الصحيحين منها قطعة مثل هذا الحديث، ومثل حديث أبي هريرة وحديث أبي سعيد الطويل المشهور (2)، وفيه:"فلا يزال يدعو الله حتى يضحك الله منه (3)، فإذا ضحك الله منه قال: ادخل (4) الجنة"(5) ورواه أعلم التابعين بإجماع المسلمين سعيد بن المسيب (6) عن
= - الحديث / 191 عن سفيان عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، مع زيادة في بعض الألفاظ.
(1)
تقدمت الإشارة إلى رواية سفيان أثناء تخريج الحديث.
(2)
وهو حديث الرؤية والشفاعة الطويل، وهو في حقيقته من مسند أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما معًا، لأنه ثبت في آخره أن أبا سعيد جالس مع أبي هريرة ولا يغير عليه شيئًا من حديثه، حتى انتهى إلى قوله (هذا لك ومثله معه) فقال أبو سعيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هذا لك وعشرة أمثاله" قال أبو هريرة: حفظت "مثله معه".
انظر: المسند للإمام أحمد -شرح أحمد محمد شاكر- 14/ 136، 137.
(3)
في الأصل، س: عنه. وهو تصحيف. والمثبت من: ط، ومصادر التخريج.
(4)
في س، ط: قال له: ادخل.
(5)
الحديث بهذا اللفظ أخرجه مسلم عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة أخبرهما: أن الناس قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟
صحيح مسلم 1/ 163 - 167. كتاب الإيمان- باب معرفة طريق الرؤية. الحديث / 99.
وأخرجه مع اختلاف في اللفظ عن الزهري عن سعيد وعطاء، البخاري في صحيحه 7/ 205، 206. كتاب الرقاق. باب: الصراط جسر جهنم.
ورواه الإمام أحمد في مسنده 2/ 533، 534 عن الزهري عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(6)
هو: أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب القرضي المخزومي. عالم المدينة وسيد التابعين في زمانه. توفي سنة 94 هـ.
يقول قتادة: ما رأيت أحدًا قط أعلم بالحلال والحرام منه.
انظر: الطبقات الكبرى -لابن سعد- 5/ 119 - 143. وسير أعلام النبلاء =
أبي هريرة، وغير سعيد -أيضًا- ورواه عنه الزهري، وعنه أصحابه، وفي هذا الحديث:"فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه (1)، فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون"(2).
وهذا الحديث في الصحيحين من طريق آخر (3)، عن أبي سعيد من رواية الليث بن سعد (4) -إمام المسلمين- وغيره، الذي زعم أنه لم يكن يروي هذه الأحاديث، وفيه ألفاظ عظيمة أبلغ من الحديث الأول كقوله:"فيرفعون رؤوسهم، وقد تحوّل في صورته التي رأوه (5) فيها أول مرة"(6)، وقوله فيه:. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= -للذهبي- 4/ 217 - 246. وتهذيب التهذيب -لابن حجر- 4/ 84 - 88.
(1)
في س: عرفنا. وهو سهو من الناسخ.
(2)
جاء في صحيح مسلم، بعد قوله:(غير صورته التي يعرفون، قوله: (فيقول: أنا ربكم). وكذا في صحيح البخاري والمسند.
(3)
في س، ط: أخرى.
الحديث مع اختلاف في الألفاظ أخرجه البخاري في صحيحه من الطريق الذي ذكره الشيخ رحمه الله 8/ 181 - 183. كتاب التوحيد. باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} .
ومسلم في صحيحه 1/ 167 - 171. كتاب الإيمان. باب معرفة طريق الرؤية. الحديث / 302.
(4)
هو: أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن النهمي، شيخ الديار المصرية وعالمها، كان كثير العلم، ثقة ثبتًا، استقل بالفتوى في زمانه، توفي سنة 175 هـ.
انظر تاريخ بغداد -للخطيب- 13/ 3 - 14. ووفيات الأعيان -لابن خلكان - 4/ 129 - 132. وتذكرة الحفاظ -للذهبي- 1/ 224 - 226.
(5)
في الأصل: رواه. وفي س: رواوه. وكلاهما تصحيف. والمثبت من: ط، وصحيح مسلم.
(6)
هذا لفظ مسلم، لكن ورد فيه:(ثم يرفعون. . .).
"فيكشف عن ساق"(1)، وقوله:"فيقول الجبار بقيت شفاعتي فيقبض قبضة من النار فيخرج (2) أقوامًا قد امتحشوا"(3).
وقد روى مالك (4) -أيضًا- عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لما قضى الله الخلق كتب عنده فوق عرشه إن رحمتي سبقت غضبي"(5)، وقد أخرجه أصحاب الصحيح كالبخاري من طريقه وطريق غيره.
وروى البخاري في صحيحه عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن (6) رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يقبض يوم القيامة الأرضين وتكون
(1) هذا لفظ البخاري.
(2)
في ط: يخرج. بدون الفاء.
(3)
أي: احترقوا. وهذا لفظ البخاري.
(4)
ذكر ابن عبد البر في تجريد التمهيد ص: 92: أن لمالك عن أبي الزناد في الموطأ أربعة وخمسين حديثًا كلها مسندة، وقد تتبعتها فلم أقف على هذا الحديث، الذي ذكره الشيخ رحمه الله.
وقد أخرجه البخاري من طريق مالك عن أبي الزناد- كما سيأتي في تخريج الحديث.
(5)
الحديث بهذا اللفظ أخرجه البخاري في صحيحه 8/ 187، 188 - كتاب التوحيد. باب:(ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين) عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
ورواه من هذا الطريق ومن طريق آخر وبألفاظ مختلفة: البخاري في صحيحه 8/ 171 كتاب التوحيد- باب قول الله تعالى {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} ، وص 176 باب وكان عرشه على الماء. . . ومسلم في صحيحه 4/ 2107، 2108 كتاب التوبة- باب في سعة رحمة الله، وأنها سبقت غضبه. الأحاديث / 14، 15، 16. وابن ماجة في سننه 2/ 1435.- كتاب الزهد- باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة- الحديث / 4295. والإمام أحمد في المسند 2/ 466. وغيرهم.
(6)
في ط: أن.
السماوات بيمينه ثم يقول: أنا الملك" (1).
قال (2): رواه سعيد عن مالك.
وقد روى مالك في موطئه (3) عن زيد بن أسلم، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، أنه أخبره عن مسلم بن يسار الجهني، أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه (4) الآية:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} (5). . . الآية، فقال عمر بن الخطاب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله تبارك وتعالى خلق آدم، ثم مسح ظهره بيمينه، فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون". فقال رجل: يا رسول الله ففيم العمل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تبارك وتعالى إذا خلق العبد للجنة، استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة (6)، وإذا خلق العبد للنار، استعمله بعمل أهل النار، حتى
(1) صحيح البخاري 8/ 173.-كتاب التوحيد- باب قول الله تعالى: {لما خلقت بيدي} وجاء فيه (الأرض) بدلًا من (الأرضين).
(2)
قال: ساقطة من: ط. وقد شطبها في: س.
والقائل هو: البخاري رحمه الله.
(3)
الموطأ -كتاب القدر- باب النهي عن القول بالقدر- ص: 560 - الحديث / 2.
(4)
عن هذه: كررت في الأصل. وهو سهو من الناسخ.
(5)
سورة الأعراف، الآية:172.
وفي س: وذريتهم. وهو تصحيف.
وجاء في الموطأ بعد قوله (شهدنا) قوله: (أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين).
(6)
في الموطأ: سنن الترمذي وأبي داود: "أهل الجنة فيدخله الجنة".
يموت على عمل من أعمال أهل النار" (1).
وهذا الحديث إنما رواه أهل السنن والمساند، كأبي داود والترمذي والنسائي، وقال (2): حديث حسن.
وقد قيل: إن إسناده منقطع، وأن واوية مجهول (3)، ومع هذا فقد رواه مالك في الموطأ (4)، مع أنه أبلغ من غيره لقوله:(ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية).
(1) في الموطأ وسنن الترمذي وأبي داود: "أهل النار فيدخله به النار".
وانظر الحديث في سنن أبي داود 5/ 79، 80.- كتاب السنة- باب في القدر - الحديث / 4703. وسنن الترمذي 5/ 266 - كتاب تفسير القرآن- باب: ومن سورة الأعراف الحديث / 3075. ومسند الإمام أحمد 1/ 44.
(2)
أي: الترمذي.
(3)
قال الترمذي: "هذا حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر، وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يسار وبين عمر رجلًا مجهولًا".
وهذا الرجل هو نعيم بن ربيعة، وقد ذكره أبو داود -المصدر السابق-. يقول ابن كثير في تفسيره 2/ 263: "الظاهر أن الإمام مالكًا إنما أسقط ذكر نعيم بن ربيعة عمدًا لما جهل حال نعيم ولم يعرفه، فإنه غير معروف إلا في هذا الحديث، ولذلك يسقط ذكر جماعة ممن لا يرتضيهم، ولهذا يرسل كثيرًا من المرفوعات، ويقطع كثيرًا من الموصولات.
وقد ذكر أحمد محمد شاكر- شارح المسند 1/ 290 - أن نعيم بن ربيعة ذكره ابن حبان في الثقات، وترجم له البخاري في التاريخ الكبير فلم يذكر فيه جرحًا.
فائدة: المنقطع: هو كل ما لم يتصل إسناده. والمقطوع: هو ما أضيف إلى التابعي من قول أو فعل.
فالمقطوع غير المنقطع، لأن المنقطع من صفات الإسناد، والمقطوع من صفات المتن.
انظر: الباعث الحثيث -لابن كثير- ص: 24، 28.
ومنهج النقد في علوم الحديث- د. نور الدين عتر- ص: 327، 367.
(4)
كما تقدم.
ومن العجب أن الآجري يروي كتاب الشريعة (1) له من طريق مالك والثوري والليث وغيوهم، فلو تأمل (2) أبو المعالي وذووه (3) الكتاب الذي أنكروه لوجدوا فيه ما يخصمهم، ولكن أبو (4) المعالي، مع فرط ذكائه، وحرصه على العلم، وعلو قدره في فنه، كان قليل المعرفة بالآثار النبوية (5)، ولعله لم يطالع الموطأ بحال حتى يعلم ما فيه، فإنه لم يكن له بالصحيحين البخاري ومسلم وسنن أبي داود والنسائي والترمذي، وأمثال هذه السنن علم أصلًا، فكيف بالموطأ ونحوه؟ وكان مع حرصه على الاحتجاج في مسائل الخلاف في الفقه، إنما عمدته سنن أبي الحسن الدارقطني (6)، وأبو الحسن مع تمام إمامته في الحديث، فإنه إنما صنف هذه السنن كي يذكر فيها الأحاديث المستغربة في الفقه، ويجمع طرقها، فإنها هي التي يحتاج فيها إلى مثله، فأما الأحاديث
(1) أبو الحسن الآجري يروي من طريق هؤلاء في كتابه الشريعة في غير موضع.
انظر مثلًا: روايته عن مالك في باب الإيمان بأن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا ص: 308.
وعن الثوري في نفس الباب ص: 309. وعن الليث بن سعد في باب الإيمان بأن لله عز وجل يدين، وكلتا يديه يمين ص: 322.
(2)
في الأصل: تأول. وهو تصحيف. والمثبث من: س، ط.
(3)
في جميع النسخ: وذويه. ولعل الصواب ما أثبته.
(4)
هكذا في جميع النسخ على الحكاية. والمشهور: ولكن أبا.
(5)
تقدم قول الذهبي في أبي المعالي الجويني، وأنه مع فرط ذكائه وإمامته في الفروع وأصول المذهب، وقوة مناظرته لا يدري الحديث كما يليق به، لا متنًا ولا إسنادًا.
وانظر: سير أعلام النبلاء -للذهبي- 18/ 471.
(6)
ذكر ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص: 285، أنا أبا المعالي الجويني سمع سنن الدارقطني من أبي سعد بن عليك وكان يعتمد تلك الأحاديث في مسائل الخلاف.
المشهورة في الصحيحين وغيرهما فكان يستغني عنه (1) في ذلك، فلهذا كان مجرد الاكتفاء بكتابه في هذا الباب، يورث جهلًا عظيمًا بأصول الإسلام، واعتبر ذلك بأن كتاب أبي (2) المعالي الذي هو نخبة عمره:"نهاية المطلب في دراية المذهب"(3) ليس فيه حديث واحد معزو إلى صحيح البخاري، إلّا حديث واحد في البسملة، وليس ذلك الحديث في البخاري -كما ذكره- ولقلة علمه وعلم أمثاله بأصول الإسلام، اتفق أصحاب الشافعي على أنه ليس لهم وجه في مذهب الشافعي، فإذا لم يسوغ أصحابه أن يعتد بخلافهم في مسألة من فروع الفقه، كيف يكون حالهم في غير هذا؟! وإذا اتفق أصحابه على أنه لا يجوز أن يتخذ (4) إمامًا في مسألة واحدة من مسائل الفروع، فكيف يتخذ إمامًا في أصول الدين؟! مع العلم بأنه [إنما](5) نبل قدره عند الخاصة والعامة، بتبحره في مذهب الشافعي رضي الله عنه لأن مذهب الشافعي مؤسس على الكتاب والسنة، وهذا الذي ارتفع به عند المسلمين، غايته فيه أن يوجد منه نقل جمعه أو بحث تفطن له لا (6) يجعل إمامًا فيه، كالأئمة الذين لهم وجوه، فكيف بالكلام الذي نص الشافعي وسائر الأئمة (7) على أنه ليس
(1) في ط: عنها.
(2)
في جميع النسخ: أبا. ولعل ما أثبته الصواب.
(3)
تقدم الكلام عليه ص:.
(4)
أن يتخذ: ساقطة من: س.
(5)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(6)
في ط: فلا.
(7)
في الأصل: الشارع وسائر الأمة. والمثبت من: س، ط. ولعله المناسب.
أخرج ابن عبد البر في "الانتقاء" ص: 78: عن يونس بن عبد الأعلى أن الشافعي رحمه الله قال له: "واعلم -والله- أني اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننته قط، ولأن يبتلي الله المرء بكل ما نهى الله عنه ما عدا الشرك به خير له من أن ينظر في الكلام".
بعد الشرك بالله ذنب أعظم منه؟ وقد بينا أن ما جعله أصل دينه في الإرشاد والشامل وغيرهما، هو بعينه من الكلام الذي نصت عليه الأئمة.
ولهذا روى عنه ابن طاهر (1) أنه قال وقت الموت (2): "لقد خضت البحر الخضم، وخليت أهل الإسلام وعلومهم، ودخلت في الذي نهوني عنه، والآن إن لم يدركني (3) ربي برحمته فالويل لابن الجويني، وهأنذا (4) أموت على عقيدة أمي أو عقائد عجائز نيسابور".
وقال (5) أبو عبد الله الحسن بن العباس الرستمي (6)، حكى لنا الإمام أبو الفتح محمد بن علي الطبري (7) الفقيه قال: "دخلنا على الإمام
(1) هو: أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي الظاهري الصوفي، المعروف بابن القسراني. توفي سنة 507 هـ.
يقول الذهبي: "له انحراف عن السنة إلى تصوف غير مرضي، وهو في نفسه صدوق لم يتهم، وله حفظ ورحلة واسعة".
انظر: وفيات الأعيان -لابن خلكان- 4/ 287، 288. وميزان الاعتدال -للذهبي- 3/ 587. والوافي بالوفيات -للصفدي- 3/ 166 - 168.
(2)
انظر قول الجويني مع اختلاف في الألفاظ في: المنتظم -لابن الجوزى - 9/ 19. والعقود الدرية -لابن عبد الهادي- ص: 74. وسير أعلام النبلاء -للذهبي- 18/ 471. وطبقات الشافعية -للسبكي- 5/ 185.
(3)
في الأصل: يداركني. والمثبت من: س، ط، والمصادر التي ورد فيها الخبر.
(4)
في ط: وها أنا.
(5)
أورده مع اختلاف يسير: الذهبي في سير أعلام النبلاء- 18/ 474. والسبكي في طبقات الشافعية- 5/ 191.
(6)
هو: أبو عبد الله الحسن بن العباس بن علي بن الحسن الرستمي الأصبهاني أحد الأئمة الفقهاء على مذهب الشافعي ومن الورعين الخاشعين. توفي سنة 561 هـ.
انظر: المنتظم -لابن الجوزي- 10/ 219. وطبقات الشافعية -للسبكي- 7/ 64، 65. والبداية والنهاية -لابن كثير- 12/ 268.
(7)
في الأصل، س: الطنزي. وهو تصحيف. والمثبت من: ط، وسير أعلام النبلاء، وطبقات الشافعية. ولم أقف له على ترجمة.
أبي المعالي الجويني، نعوده في مرضه الذي مات فيه بنيسابور فأقعد، فقال لنا: اشهدوا على أني قد (1) رجعت عن كل مقالة قلتها أخالف فيها ما قال السلف الصالح عليهم السلام وأني أموت على ما يموت عليه عجائز نيسابور".
وعامة المستأخرين (2) من أهل الكلام، سلكوا خلفه من تلامذته، وتلامذة تلامذته، وتلامذة تلامذة تلامذته، ومن بعدهم، ولقلة علمه بالكتاب والسنة [وكلام سلف الأمة يظن أن أكثر الحوادث ليس (3) في الكتاب والسنة](4) والإجماع ما يدل عليها، وإنما يعلم حكمها بالقياس، كما يذكر ذلك في كتبه (5)، ومن كان له علم بالنصوص ودلالتها على الأحكام، علم أن قول أبي محمد بن حزم وأمثاله أن النصوص تستوعب جميع الحوادث، أقرب إلى الصواب من هذا القول، وإن كان في طريقه هؤلاء من الإعراض عن بعض الأدلة الشرعية ما قد يسمى قياسًا جليًّا (6)، وقد يجعل من دلالة اللفظ، مثل فحوى الخطاب
(1) قد: ساقطة من: س، ط.
(2)
في ط: المتأخرين.
(3)
في ط: ليست.
(4)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(5)
انظر مثلًا: كتابه الكافي الجدل ص: 345. والبرهان في أصول الفقه 2/ 743.
(6)
القياس الجلي: ما كانت العلة فيه منصوصة، اْو غير منصوصة غير أن الفارق بين الأصل والفرع مقطوع بنفي تأثيره. انظر: إحكام الأحكام- للآمدي 4/ 3.
وابن حزم يرى أنه لا يحل القول بالقياس في الدين ولا بالرأي لأن أمر الله تعالى عند التنازع بالرد إلى كتابه وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم قد صح، فمن رد إلى قياس وإلى تعليل يدعيه، أو إلى رأي، فقد خالف أمر الله تعالى المعلق بالإيمان ورد إلى غير من أمر الله تعالى بالرد إليه، وفي هذا ما فيه.
ولا يخفى أن هذا قول بلا برهان، فالقياس في الشريعة الإسلامية ثابت عقلًا وشرعًا، وبه قال عامة الفقهاء والمتكلمين.=
والقياس في معنى الأصل وغير ذلك، ومثل الجمود على الاستصحاب الضعيف، ومثل الإعراض عن متابعة أئمة من الصحابة ومن بعدهم ما هو معيب عليهم، وكذلك القدح في أعراض الأئمة، لكن الغرض أن قول هؤلاء في استيعاب النصوص للحوادث، وأن الله ورسوله قد بين للناس دينهم، هو أقرب إلى العلم والإيمان الذي هو الحق، ممن يقول: إن الله لم يبين للناس حكم أكثر ما يحدث لهم من الأعمال، بل وكلهم فيها إلى الظنون المتقابلة والآراء المتعارضة.
ولا ريب أن هذا سببه (1) كله ضعف العلم بالآثار النبوية والآثار السلفية، وإلا فلو كان لأبي المعالي وأمثاله بذلك علم راسخ، وكانوا قد عضوا عليه بضرس قاطع، لكانوا ملحقين بأئمة المسلمين، لما كان فيهم من الاستعداد لأسباب الاجتهاد، ولكن اتباع (2) أهل الكلام المحدث والرأي الضعيف للظن وما تهوى الأنفس، ينقص (3) صاحبه إلى حيث جعله الله مستحقًا لذلك، وإن كان له من الاجتهاد في تلك الطريقة ما ليس لغيره، فليس الفضل بكثرة الاجتهاد، ولكن بالهدى والسداد، كما جاء في الأثر:"ما ازداد مبتدع اجتهادًا إلا ازداد من الله بعدًا"(4).
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج: "يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القرآن
= وقد عقد ابن قدامة المقدسي رحمه الله فصلًا في إثبات القياس والرد على منكريه في "روضة الناظر" ص: 147 - 153.
(1)
في س، ط: سبب. وهو تصحيف.
(2)
في س، ط: اتبع. وهو تصحيف.
(3)
في ط: الذي ينقص.
(4)
أخرجه أبو نعيم في الحلية 3/ 9 بسنده عن أيوب السختياني قال: "ما ازداد صاحب بدعة اجتهادًا. . ".
وانظره في "الاعتصام" للشاطبي 1/ 83 - عن أيوب السختياني.
لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية " (1).
ويوجد لأهل البدع من أهل القبلة لكثير من الرافضة والقدرية الجهمية وغيرهم، من الاجتهاد ما لا يوجد لأهل السنة في العلم والعمل، وكذلك لكثير من أهل الكتاب والمشركين، لكن إنما يراد الحسن (2) من ذلك، كما قال الفضيل بن عياض (3) في قوله تعالى:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (4) قال (5): "أخلصه وأصوبه. فقيل
(1) الحديث بهذا اللفظ أخرجه البخاري في صحيحه ولم يرد فيه قوله: "وقراءته مع قراءتهم"، وأوله: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقسم قسمًا إذ أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله اعدل، فقال:"ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل؟ قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل". فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه، فقال:"دعه فإن له أصحابًا يحقر أحدكم. . ".
صحيح البخاري 4/ 179. كتاب المناقب. باب علامات النبوة في الإسلام 8/ 52. كتاب استتابة المرتدين. باب من ترك قتال الخوارج للتألف.
ومسلم في صحيحه 2/ 744. كتاب الزكاة. باب ذكر الخوارج وصفاتهم الحديث / 148.
وأخرجه مع اختلاف يسير في اللفظ ابن ماجة في سننه 1 / المقدمة. باب في ذكر الخوارج. الحديثين / 169، 172. والإمام أحمد في المسند 3/ 33، 34.
(2)
في س: الجنس. وهو تصحيف.
(3)
هو: أبو علي الفضيل بن عياض بن مسعود التميمي اليربوعي المروزي، شيخ الحرم المكي، العابد الصالح الثقة، روى عنه ابن المبارك والشافعي وغيرهما. توفي سنة 187 هـ.
انظر: تاريخ الثقات -للعجلي- ص: 384. وتذكرة الحفاظ -للذهبي - 1/ 245، 246. وتهذيب التهذيب -لابن حجر- 8/ 294 - 296.
(4)
سورة هود، الآية:7. وسورة الملك، الآية: 2.
(5)
أخرجه أبو نعيم في "الحلية" 8/ 95 عن إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول في قوله تعالى. . . =
له: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا [لم يقبل، وإن (1) كان صوابًا، ولم يكن خالصًا لم يقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا](2) والخالص أن يكون لله، والصواب (3) أن يكون على السنة".
وأما الشافعي رضي الله عنه فقد روى الأحاديث التي تتعلق بغرض كتابه (4)، مثل حديث النزول، وحديث معاوية بن الحكم السّلمي الذي فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للجارية:"أين الله؟ " قالت: في السماء. قال: "من أنا؟ " قالت: أنت محمد رسول الله. قال: "أعتقها فإنها مؤمنة"(5). وقد رواه مسلم في صحيحه.
= وانظر ما ذكره ابن كثير في تفسيره 2/ 438 من أن العمل لا يكون حسنًا حتى يكون خالصًا لله عز وجل على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمتى فقد العمل واحدًا من هذين الشرطين حبط وبطل.
(1)
في ط: وإذا.
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من: س.
(3)
أن يكون لله والصواب: كرر في: س. وهو سهو من الناسخ.
(4)
في الأصل: يتعلق غرض عرض كتابه. وفي س: يتعلق غرض كتابه. والمثبت من: ط. ولعله المناسب.
(5)
أخرجه مسلم وأبو داود وأحمد وغيرهم عن معاوية في حديث طويل جاء فيه أنه معاوية قال: "وكانت لي جارية ترعى غنمًا لي قبل أحد والجوانية، فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون -أي أغضب كما يغضبون- لكني صككتها صكة -أي: ضربتها بيدي مبسوطة- فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي. قلت: يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال: "ائتني بها" فأتيته بها فقال لها: "أين الله؟ ". . الحديث.
صحيح مسلم 1/ 382. -كتاب المساجد- باب تحريم الكلام في الصلاة. . الحديث / 33. سنن أبي داود 1/ 572، 573 - كتاب الصلاة- باب تشميت العاطس في الصلاة. الحديث / 930. المسند -للإمام أحمد- 5/ 448.
وانظره -مختصرًا- في السنن المأثورة للإمام الشافعي رحمه الله رواية أبي =
بل روى في كتابه الكبير (1) الذي اختصر منه مسنده من الحديث ما هو من أبلغ أحاديث الصفات، ورواه بإسناد فيه ضعف (2)، فقال:
[أخبرنا](3) إبراهيم بن محمد، قال: حدثني موسى بن عبيدة، حدثني (4) أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة، عن عبيد الله بن
= جعفر الطحاوي عن خاله إسماعيل بن يحيى المزني تلميذ الشافعي ص: 405. والرسالة -للإمام الشافعي- ص: 75.
(1)
أي الشافعي رحمه الله في كتابه "الأم" 1/ 208، 209. وانظره في "مسند الشافعي" 1/ 126، 127. والمقابلة عليهما.
(2)
فيه إبراهيم بن محمد الأسلمي المدني، متكلم فيه.
نقل الذهبي في "ميزان الاعتدال" 1/ 57، 58: أن مالكًا سئل عنه أكان ثقة في الحديث؟. فقال: لا، ولا في دينه.
وقال الإمام أحمد: تركوا حديثه، قدري معتزلي، يروي أحاديث ليس لها أصل. وقال البخاري: كان يرى القدر، وكان جهميًّا. وقال النسائي والدارقطني وغيرهما: متروك. وقال العجلي في "الثقات" ص: 55، 56:"إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي مدني رافضي جهمي لا يكتب حديثه روى عنه الشافعي".
أما كيف روى عنه الشافعي رحمه الله وهو بهذه الدرجة من الكذب؟. . فيقول ابن حبان في "المجروحين" 1/ 107: "وأما الشافعي فإنه كان يجالسه في حداثته، ويحفظ منه حفظ الصبي، والحفظ في الصغر كالنقش في الحجر، فلما دخل مصر في آخر عمره فأخذ يصنف الكتب المبسوطة احتاج إلى الأخبار، ولم تكن معه كتبه، فأكثر ما أودع الكتب من حفظه، فمن أجله ما روى عنه، وربما كنى عنه ولا يسميه في كتبه".
ونقل الذهبي في "الميزان" 1/ 58: أن الربيع قال: "سمعت الشافعي يقول: كان قدريًّا، قال يحى بن زكريا بن حيوية، فقلت للربيع: فما حمل الشافعي على الرواية عنه؟ قال: كان يقول: لأن يخر من السماء -أو قال من بعد- أحب إليه من أن يكذب، وكان ثقة في الحديث".
(3)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط، والأم، والمسند.
(4)
في الأم: قال: حدثني.
عمير (1) أنه سمع أنس بن مالك يقول: أتى جبرائيل بمرآة بيضاء فيها وكتة (2) إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال [النبي](3) صلى الله عليه وسلم: "ما هذه؟ " قال (4): هذه الجمعة فضلت بها أنت وأمتك، فالناس لكم فيها تبع اليهود والنصارى، ولكم فيها خير، وفيها ساعة لا يوافقها عبد (5) مؤمن يدعو [الله بخير](6) إلا استجيب له، وهو عندنا يوم المزيد، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا جبرائيل وما يوم (7) المزيد؟ " قال: إن ربك اتخذ في الفردوس واديًا أفيح (8)، فيه كثب (9) مسك، فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله عز وجل ما شاء من ملائكته، وحوله منابر من نور عليها مقاعد للنبيين (10)، وحفت تلك
(1) في الأم: عبد الله بن عبيد بن عمير.
وعبد الله بن عبيد بن عمير الليثي المكي، قال فيه أبو حاتم: ثقة يحتد بحديثه.
انظر: الجرح والتعديل -لابن أبي حاتم- 2/ 2 / 101.
(2)
في الأصل: وكنه. بدون نقط. وفي ط: نكته. والمثبت من: س، والأم، والمسند.
والوكت: الأثر اليسير في الشيء. والوكتة: كالنقطة في الشيء.
انظر: لسان العرب -لابن منظور- 2/ 108 (وكت).
(3)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط، والأم، والمسند.
(4)
في الأم، والمسند: فقال.
(5)
عبد: ساقطة من: الأم والمسند.
(6)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط، والأم، والمسند.
(7)
في المسند: ما يوم. بدون واو.
(8)
أفيح: ساقطة من: س.
والمعنى: واسعًا.
انظر: المصباح المنير -للفيومي- ص: 485 (فاح).
(9)
الكثب: التلال.
انظر: لسان العرب -لابن منظور- 1/ 702 (كثب).
(10)
في الأصل: نزل الله عز وجل على كرسيه، وحف الكرسي بمنابر من نور ويقعد عليها النبيون، وحفت. . والمثبت من: س، ط، والمسند، والأم، =
المنابر بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد، عليها الشهداء والصديقون فجلسوا من ورائهم (1) على تلك الكثب، فيقول الله عز وجل لهم: أنا ربكم قد (2) صدقتكم وعدي، فاسألوني أعطكم، فيقولون: ربنا نسألك رضوانك فيقول: قد رضيت عنكم، ولكم علي ما تمنيتم، ولدي مزيد، فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من خير (3)، وهو اليوم الذي استوى ربكم (4) على العرش فيه، وفيه خلق آدم، وفيه تقوم الساعة" (5).
وأما ما رواه الثوري، والليث بن سعد، وابن جريج، والأوزاعي
= ولكن جاء فيه: "النبيين والصديقين".
(1)
في الأصل: ويجلس من وراءهم. وفي س، ط: ويجلس من ورائهم.
والمثبت من: الأم، والمسند.
(2)
في المسند: وقد.
(3)
في الأم، والمسند: الخير.
(4)
في الأم: فيه ربك تبارك اسمه. . . وفي المسند: فيه ربكم.
(5)
الحديث بهذا اللفظ أخرجه الشافعي في "الأم"، و"المسند"، وتقدمت الإشارة إليهما.
وأخرجه مع اختلاف في الألفاظ عن أنس بن مالك، ابن أبي شيبة في "المصنف" 2/ 150، 151. وابن جرير الطبري في "تفسيره" 26/ 175. والآجري في "الشريعة" ص: 265، 266.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 421. وقال: "رواه البزار، والطبراني في "الأوسط" بنحوه، وأبو يعلى باختصار، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح وأحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وقد وثقه غير واحد، وضعفه غيرهم، وإسناد البزار فيه خلاف".
وذكر السيوطي في "الدر المنثور" 7/ 605 أن هذا الحديث أخرجه -بالإضافة إلى من تقدم ذكرهم- ابن أبي الدنيا في صفة الجنة، وابن المنذر، وابن مردوية، والبيهقي في "الرؤية"، وأبو نصر السجزي في "الإبانة" من طرق جيدة عن أنس بن مالك.
وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وسفيان بن عيينة ونحوهم، من هذه الأحاديث فلا يحصيه إلَّا الله، بل هؤلاء عليهم مدار هذه الأحاديث من جهتهم أخذت، وحماد بن سلمة الذي قال: إن مالكًا احتذى موطأه على كتابه، هو قد جمع أحاديث الصفات (1) لما أظهرت الجهمية إنكارها، حتى إن حديث خلق آدم على صورته، أو صورة الرحمن، قد رواه هؤلاء الأئمة، رواه الليث بن سعد عن ابن عجلان (2)، ورواه سفيان (3) بن عيينة عن أبي الزناد، ومن طريقه رواه مسلم في صحيحه (4)، ورواه الثوري عن حبيب بن أبي (5) ثابت، عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1) في ص: 160 كلام الشيخ رحمه الله في حماد بن سلمة، وأنه صنف كتابه في الصفات، كما صنف كتبه في سائر أبواب العلم.
وانظر ما ذكرته عن هذا الكتاب في ت: (3) من الصفحة المذكورة.
(2)
أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" 1/ 229 عن الليث بن سعد عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يقولن أحدكم: قبح الله وجهك، ولا وجه من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورته".
يقول الألباني: إسناده حسن صحيح، ورجاله ثقات على كلام في ابن عجلان وابن مصفي.
والحديث أخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" ص: 36. ولفظه: ". . ووجهًا أشبه وجهك. . ".
(3)
في الأصل: سفيان الثوري بن عيينة. وهو تصحيف. والمثبت من: س، ط. وتقدم التعريف به. وقد أخرجه الإمام أحمد في مسنده 2/ 244، عن سفيان عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا ضرب أحدكم الوجه فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته".
يقول شارح المسند -أحمد محمد شاكر- 13/ 44: إسناده صحيح.
(4)
رواه مسلم 4/ 2016 - كتاب البر والصلة- باب النهي عن ضرب الوجه - الحديث / 112. من طريق سفيان بن عيينة مختصرًا.
(5)
أبي: ساقطة من: س.
هو: أبو يحيى حبيب بن أبي ثابت قيس بن دينار، ويقال: قيس بن هند، =
مرسلًا (1)، ولفظه:"خلق آدم على صورة الرحمن" مع أن الأعمش رواه مسندًا (2)، فإذا كان الأئمة يروون مثل هذا الحديث وأمثاله مرسلًا، فكيف يقال: إنهم كانوا يمتنعون عن روايتها؟!
والحديث هو في الصحيحين (3) من حديث معمر عن همام عن أبي هريرة، وفي صحيح مسلم (4). . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الكوفي من ثقات التابعين، روى عن ابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وغيرهم توفي سنة 119 هـ.
قال ابن حبان في "الثقات" فيما نقله عنه ابن حجر: كان مدلسًا. انظر: ميزان الاعتدال -للذهبي- 1/ 451. وتهذيب التهذيب -لابن حجر- 2/ 178 - 180.
(1)
أخرجه ابن خزيمة في التوحيد ص: 38، وذكر أن الثوري روى هذا الخبر مرسلًا غير مسند، ولفظه:"لا يقبح الوجه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن".
(2)
فقد رواه عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقبحوا الوجه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن" إسناده ضعيف. أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" 228، 229، ولفظه:"لا تقبحوا الوجوه. . " وابن خزيمة في "التوحيد" ص: 38، وقال: إن في الخبر عللًا ثلاثًا:
إحداهن: أن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده، فأرسل الثوري، ولم يقل عن ابن عمر.
الثانية: أن الأعمش مدلس، لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت.
والثالثة: أن حبيب بن أبي ثابت -أيضًا- مدلس، لم يعلم أنه سمعه من عطاء.
والآجري في "الشريعة" ص: 315. والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص: 291 بلفظ: ". . فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن".
(3)
صحيح البخاري 7/ 125 - كتاب الاستئذان- باب بدء السلام.
صحيح مسلم 4/ 2183 - كتاب الجنة- باب يدخل الجنة أقوام، أفئدتهم مثل أفئدة الطير- الحديث / 28.
(4)
صحيح مسلم 4/ 2017 - كتاب الاستئذان- باب النهي عن ضرب الوجه. - الحديث / 115.
من حديث قتادة عن أبي أيوب عن أبي هريرة.
وقد روى ابن القاسم (1) قال: سألت مالكًا عن من يحدث الحديث: "إن الله خلق آدم على صورته"، والحديث:"إن الله يكشف عن ساقه يوم القيامة" وأنه يدخل في النار يده حتى يخرج (2) من أراد، فأنكر ذلك إنكارًا شديدًا ونهى أن يتحدث به أحد (3).
قلت: هذان الحديثان كان الليث بن سعد يحدث بهما، فالأول حديث الصورة حدث به عن ابن عجلان (4)، والثاني هو في حديث أبي
(1) في س، ط: عن ابن القاسم.
هو: أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي، الإمام الثقة، وفقيه الديار المصرية، سمع مالك بن أنس وتفقه به، توفي سنة 191 هـ.
انظر: ترتيب المدارك -للقاضي عياض- 3/ 244 - 261. وتذكرة الحفاظ -للذهبي- 1/ 356، 357. ورواية ابن القاسم في التمهيد -لابن عبد البر - 7/ 150.
(2)
في الأصل: يدخل. وهو خطأ. والمثبت من: س، ط، والتمهيد. وتقدم تخريج الحديث:". . إن الله يكشف عن ساقه"، وعلق محقق كتاب التمهيد: عبد الله بن الصديق -في المصدر السابق- على قوله: وإنه يدخل في النار يده حتى يخرج من أراد" بقوله: "لم يأت ذلك في حديث مرفوع مقطوع به.
(3)
ذكر ابن عبد البر في التمهيد 7/ 150: أن مالكًا إنما كره ذلك خشية الخوض في التشبيه بكيف.
(4)
كما تقدم لفظه وتخريجه.
أقول: وحديث "إن الله خلق آدم على صورته، أو صورة الرحمن" تكلم فيه الأئمة وأطالوا.
فمنهم من ذهب إلى تأويل ظاهره وما شابهه من الأحاديث التي جاء بها ذكر الصورة، ونفى أن يكون لله عز وجل صورة على ما يليق به. وممن ذهب إلى هذا ابن خزيمة وابن حجر وغيرهما.
ومنهم من أثبت ما جاء في هذا الحديث وأمثاله على ما يليق بجلاله وعظمته من غير تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل، وممن قال بهذا الإمام أحمد رحمه الله =
سعيد الخدري الطويل، وهذا الحديث قد أخرجاه في الصحيحين (1) من حديث الليث، والأول قد أخرجاه في الصحيحين (2) من حديث غيره.
وابن القاسم إنما سأل مالكًا لأجل تحديث الليث بذلك، فيقال: إما أن يكون ما قاله مالك مخالفًا لما فعله الليث ونحوه، أو ليس بمخالف بل يكره أن يتحدث بذلك لمن (3) يفتنه ذلك ولا يحمله عقله كما قال ابن مسعود: ما من رجل يحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلّا كان فتنة لبعضهم (4)، وقد كان مالك يترك رواية أحاديث كثيرة
= وإسحاق بن راهوية، وابن قتيبة وغيرهم، وهذا هو الواجب اعتقاده في مثل هذا الحديث.
ولفضيلة الدكتور عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان تعليق جيد على هذا الحديث أحيل عليه في "التوحيد" لابن خزيمة 1/ 88 - 91.
وانظر ما ذكره الشيخ حمود بن عبد الله التويجري في كتابه "عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن- اطلعت أخيرًا على خطاب من فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رقم 380 / خ في 30/ 3 / 1408 هـ مفاده تأييد ما ورد في كتاب فضيلة الشيخ حمود الآنف الذكر- وأن الضمير في الحديث الصحيح في خلق آدم على صورته يعود إلى الله عز وجل وهو موافق لما جاء في حديث ابن عمر إن الله خلق آدم على صورة الرحمن وقد صححه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والآجري وابن تيمية وغيرهم.
(1)
تقدم تخريجه فيهما من طريق الليث بن سعد.
(2)
تقدم تخريجه -أيضًا- فيهما.
(3)
في الأصل: لما. والمثبت من: س، ط، وهو ما يستقيم به الكلام.
(4)
أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه 1/ 11 عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة".
وأخرجه السمعاني بسنده إلى ابن مسعود بلفظ: "إن الرجل ليحدث بالحديث فيسمعه من لا يبلغ عقله فهم ذلك الحديث، فيكون عليهم فتنة". راجع: أدب الإملاء والاستملاء -للسمعاني- ص: 60.
وأورده الشيخ رحمه الله في "درء تعارض العقل والنقل" 1/ 50، 51، وكذا قول علي رضي الله عنه: "حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا=
لكونه (1) لا يأخذ بها ولم يتركها غيره، فله في ذلك مذهب.
فغاية ما يعتذر لمالك أن يقال: كره أن يتحدث بذلك حديثًا يفتن المستمع الذي لا يحمل عقله ذلك، وأما أن يقال (2): إنه كره التحدث بذلك مطلقًا، فهذا مردود على من قاله، فقد حدث بهذه الأحاديث من هم أجل من مالك عند نفسه وعند المسلمين، كعبد الله بن عمر، وأبي هريرة، وابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، وقد حدث بها نظراؤه (3) كسفيان الثوري، والليث بن سعد، وابن عيينة، والثوري أعلم من مالك بالحديث وأحفظ (4) له، وهو أقل غلطًا فيه من مالك، وإن كان مالك (5) ينقي (6) من يتحدث عنه. وأما الليث، فقد قال فيه الشافعي "كان أفقه من مالك إلّا أنه ضيعه أصحابه"(7).
ففي الجملة هذا الكلام (8) في حديث مخصوص، أما أن يقال: إن الأئمة أعرضوا عن هذه الأحاديث مطلقًا، فهذا بهتان عظيم.
العاشر: إن هؤلاء الذين سماهم وسائر أئمة الإسلام، كانوا كلهم مثبتين لموجب الآيات والأحاديث الواردة في الصفات، مطبقين على ذم الكلام الذي بنى عليه أبو المعالي أصول دينه، وزعم أنه أول ما أوجبه الله
= ما ينكرون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله".
(1)
في الأصل، س: لكونها. والمثبت من: ط. ولعله المناسب.
(2)
في س، ط: قيل.
(3)
في الأصل، س: نظراءه. والمعنى يختلف بهذا. والمثبت من: ط. ولعله المناسب للسياق.
(4)
في ط: أحفظه.
(5)
في الأصل: مالكًا. وهو خطأ. والمثبت من: س، ط.
(6)
في الأصل: ينفي. والمثبت من: س، ط. وهو المناسب للمعنى.
(7)
أورده ابن حجر في ترجمة الليث -الرحمة الغيثية بالترجمة الليثية- ضمن مجموعة الرسائل المنيرية 2/ 243.
(8)
في س، ط: كلام.
على العبد بعد البلوغ، وهو ما استدل به على حدوث الأجسام بقيام الأعراض (1) بها، حتى إن شيخه أبا الحسن الأشعري ذكر اتفاق الأنبياء وأتباعهم، وسلف هذه الأمة على تحريم هذه الطريقة التي ذكر أبو المعالي أنها أصل الإيمان، وبها وبنحوها عارض هذه الأحاديث، وقد كتبنا كلام الأشعري وغيره في ذلك في كتاب بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم [الكلامية](2) لما استدل الرازي بالحركة على حدوث ما قامت به في إثبات حجته الدالة على نفي التحيز عندهم، ولكن علمه بحالهم كعلمه بمذهبهم في آيات الصفات وأحاديث الصفات، حيث اعتقد أن مذهبهم: إمرار (3) حروفها مع نفي دلالتها على ما دلت عليه من
(1) تقدم أن أبا المعالي الجويني يبني حدث الجواهر على أربعة أصول:
الأول: إثبات الأعراض.
الثاني: إثبات حدثها.
الثالث: إثبات استحالة تعري الجواهر عن الأعراض.
الرابع: إثبات استحالة حوادث لا أول لها.
وانظر: الإرشاد -للجويني- ص: 17 - 27. ولمع الأدلة- للجويني -أيضًا- ص: 77 - 80.
(2)
ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
وانظر: بيان تلبيس الجهمية -لابن تيمية- 1/ 621، 622.
وأشار الشيخ رحمه الله في "درء تعارض العقل والنقل" 2/ 13 إلى أن أبا الحسن الأشعري صرح بأن تصديق الرسول عليه السلام ليس موقوفًا على دليل الأعراض، وأن الاستدلال به على حدوث العالم من البدع المحرمة في دين الرسل.
(3)
في الأصل: أن إمرار. والكلام يستقيم بدون "أن"، كما في: س، ط. وانظر: معتقده هذا في "العقيدة النظامية" ص: 32 حيث قال: "وذهب أئمة السلف إلى الإنكناف عن التأويل، وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الرب تعالى، والذي نرتضيه رأيًا، وندين الله به عقلًا اتباع سلف الأمة. . ".
والسلف رحمهم الله بريئون من هذا المذهب، وقد تواترت الأقوال عنهم =