المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المطلب الخامس عشر صيانة عقول شبابنا من آثار الغزو الفكري المدمر] - متطلبات المحافظة على نعمة الأمن والاستقرار

[سليمان الحقيل]

فهرس الكتاب

- ‌[تقديم معالي الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري]

- ‌[المقدمة]

- ‌[المطلب الأول التمسك بتطبيق الشريعة الإسلامية والمحافظة على مقاصدها]

- ‌[المطلب الثاني السمع والطاعة لولي الأمر في المعروف]

- ‌[المطلب الثالث التزام الوسطية والاعتدال في شئون الحياة كلها]

- ‌[المطلب الرابع القيام بواجب النصيحة بالأسلوب الشرعي مع مراعاة التلازم]

- ‌[المطلب الخامس قيام المواطن السعودي بواجبه في المحافظة على الأمن]

- ‌[المطلب السادس قيام العلماء والمثقفين بملء الفراغ الذهني لدى بعض]

- ‌[المطلب السابع شكر النعم]

- ‌[المطلب الثامن القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ضوء]

- ‌[المطلب التاسع التماسك والتعاون على البر والتقوى بين المواطنين والابتعاد]

- ‌[المطلب العاشر قيام الأسرة السعودية بواجبها في تربية أولادها التربية]

- ‌[المطلب الحادي عشر سد وقت الفراغ لدى الطلاب ومحاربة انتشار البطالة]

- ‌[المطلب الثاني عشر تعميق الانتماء الوطني لدى المواطن السعودي وتبصيره]

- ‌[المطلب الثالث عشر المحافظة على طهر مجتمعنا وصيانته من انتشار الأخلاق]

- ‌[المطلب الرابع عشر التحلي بمقومات المواطنة الصالحة في ضوء تعاليم]

- ‌[المطلب الخامس عشر صيانة عقول شبابنا من آثار الغزو الفكري المدمر]

- ‌[المصادر والمراجع]

الفصل: ‌[المطلب الخامس عشر صيانة عقول شبابنا من آثار الغزو الفكري المدمر]

[المطلب الخامس عشر صيانة عقول شبابنا من آثار الغزو الفكري المدمر]

المطلب الخامس عشر

صيانة عقول شبابنا من آثار الغزو الفكري المدمر

ص: 133

ومن أهم الضمانات اللازمة لاستمرار نعمة الأمن والاستقرار التي نعيشها صيانة عقول الناشئة من الغزو الفكري.

وشبابنا بحمد الله أقل شباب العالم الإسلامي تعرضا لهذا الغزو لتمسكه بتعاليم دينه وفهمه العميق لدينه الذي يحث على الاعتدال في شئون الحياة. والغزو الثقافي الفكري صورة حديثة من صور الغزو - اتجه إليها المستعمرون الخبثاء بعد أنواع الغزو التي اقترفوها وتنبهت لها الشعوب وبذلت من أجل التخلص منها كل مرتخص وغال.

وهو نوع خطير من أنواع الغزو، يستطيع فيه المستمر أن يجند لمبادئه أعوانا من أبناء الوطن نفسه، يدينون بمبادئه ويعملون لحسابه أحيانا وهم يعلمون وأحيانا دون أن يعلموا.

وليس ما نشاهده في بعض بلدان العالم النامي والعالم الإسلامي من صراعات سياسية وعسكرية، ليس إلا نتيجة الغزو الفكري والثقافي، فباسم الشعارات الجوفاء استطاع الاستعمار أن يفرق كلمة أبناء الوطن الواحد فأحلوا بأوطانهم من المصائب ما لم يستطع المستعمر نفسه أن يفعل بالقوة العسكرية العادية، بذلك تظل الشعوب النامية والضعيفة خاضعة لنفوذ القوى المعادية لها، وتظل تلك القوى الكبرى تتعاون في

ص: 135

تقسيم النفوذ والسيطرة على مقدرات الشعوب، فتتبعها تبعية غير منظورة فتحس تلك الشعوب بالحرية والاستقلال بينما هي ترسخ في قيود الذل والتبعية، تدور في فلكها وهي واهمة ذاهلة تحسب أن لها الاستقلال في قراراتها ومقدراتها وما هي بذلك.

ويحول الغزو الفكري بين الأمة وتاريخها وتراثها، وماضي رجالها وثقافتها فلا ترى سوى تاريخ الغازي، ولا توضع أمثلة إلا من رجاله فتكون الطامة الكبرى عندما تضيع المثل العليا ويتم التعتيم الكامل على أمجاد الأمة.

وعندما تغالب وتزاحم لغة الغالب لغة المغلوب، فهي أيضا تراث حضاري ينبغي القضاء عليه حتى تسلم المغلوب إلى غيابات التيه الكامل عن تراثه وتضيع معالم شخصيته، وإن لم تستطع اللغة الغالبة هذا التزاحم فتضعفها بإحياء اللهجات الإقليمية والعامية.

ومن الغزو الفكري أن تسود أخلاق الغزاة في أخلاق الأمم المغزوة، والأخلاق هي مقياس تقاس به الأمم، فهي تنبع من القيمة الأصيلة للأمم تلك التي تحكم سلوكها وتوجهه فإذا ما استوردت مسخت شخصية المستورد متنكرا لأصالته وأصبح تابعا ذليلا لمن استورد منه، فالغزو الفكري إذا هو جهد كبير يبذله الغازي لكسب معارك الحياة ممن يغزوه وإذلال قيادته وتحويل مسار حياته مع ضمان استمرار هذا التحول حتى يذوب المغزو الغازي، وتلك هي أقسى مراحل الغزو الفكري، وسلاح الغزو الفكري هو الفكرة والكلمة والرأي والحيلة والنظريات والشبهات والمنطق في الخلاف والعرض البارع وشدة الجدل ولدادة الخصومة، وتحريف الكلم عن مواضعه وغير ذلك مما يقوم مقام السيف والصاروخ في أيدي الجندي، والفارق بينهما

ص: 136

هو نفس الفارق بين أساليب الغزو قديما وحديثا ".

بعض مظاهر الغزو الفكري خطط الغزاة في العالم الإسلامي: ويقوم الغزو الفكري في العالم الإسلامي على إثارة الشبهات والجدل حول القرآن والسنة وأحكام الإسلام وتشريعاته، ودس الأفكار الفاسدة وإغراء الجهلة وضعاف النفوس على اعتناقها، وكذلك اختلاق الأكاذيب على الإسلام وتاريخ المسلمين وتشويه غايات الفتح الإسلامي ومقابلة بعض أحكام الإسلام بالاستهزاء والسخرية، ووصف التمسك به بالرجعية والتعصب والجمود ونحو ذلك من عبارات مسمومة، ثم التحريض على علماء الدين وتقديم الجهلة المنحرفين إلى مراكز الصدارة ليعطوا صورة مشوهة عن التطبيق الإسلامي، كذلك بث النظريات الإلحادية في مختلف المجالات الاعتقادية والعلمية مما يتعلق بأحكام العبادات المحضة والمعاملات.

ولديهم خطة خبيثة تسمى التفريغ والملء وتتلخص في ثلاثة عناصر هي أخطر ما عرف الكون من عوامل هدم مقومات أمة ذات مجد عظيم، والتفريغ أو ما يسمى عملية غسل الدماغ هو تفريغ فكر الأجيال الناشئة وقلوبهم ونفوسهم من محتوياتها ذات الجذور العقلية والعاطفية والوجدانية وانتزاع آثارها ثم الملء، أي ملء الفراغ بالمعتقدات الفكرية المسمومة ويلي ذلك تسخير طوابير الجيش الجديد في هدم مقومات الأمة وعقائدها، وأخطر ما اتخذ الغزاة من وسائل هي وسيلة فصل الدين عن الدولة.

أولا: الإفساد الاجتماعي: وهو يتضمن كل خطة ترى حل التماسك وفك الروابط الاجتماعية بين

ص: 137

أفراد الأمة الوحدة حتى لا تكون شخصيه موحدة قوية تقف تجاه الغزاة. وعادة تلتقي الأمم على وحدة اعتقادية حول النفس والكون والحياة وسر الوجود والغاية من خلق الإنسان وعلى وحدة فكرية مع وحدة منهاج البحث والوحدة السلوكية النظرية والتطبيقية والوحدة العاطفية.

وتماسك الأمة المسلمة تماسك من نوع خاص في قوته، ومع ذلك فالاستعمار الفكري لا ييأس من محاولة فك هذا التماسك لينفرط عقد الجماعة ويتناثر ويحقق الغزو هدفه.

ثانيا: الإفساد الخلقي والسلوكي: فمحاولة إفساد أخلاق الشعوب والهبوط من قمة الكمال الإنساني إلى حضيض الرذيلة، ويتخذ الإفساد طرقا كالعبث بالمفاهيم والحقائق الخلقية، وحشد النظريات الفلسفية الأخلاقية المنحرفة عن الشرائع الإلهية ومنها تمجيد اللذة الفردية وغيرها، والاستغراق الطويل في الانحراف السلوكي من الوسائل الممهدة لتقبل الكفر والانتقال إليه.

ويستخدم الاستعمار الفكري للإفساد السلوكي عناصر النساء والخمر والمادية البحتة، وأنماط المعيشة التي تعتمد على الرفاهية والمتعة واللذة وعدم المبالاة إلا بما يمتص طاقات الفكر والجسد من متعة ولذة.

ركائز الغزو الفكري وأدواته كثيرة ومتعددة منها: - الصهيونية العالمية.

- التبشير بالنصرانية.

- الاستعمار المتحالف مع الصهيونية.

ص: 138

- المبادئ والنظريات المعادية للإسلام.

كالشيوعية.

والرأسمالية.

- الفلسفات الهدامة التي تحركها أو تتعاون معها في أغلب الأحيان ركيزة أو أكثر من تلك الركائز، وأهم تلك المذاهب والفلسفات هي: - الوجودية.

- الماسونية.

- العلمانية.

- الفوضوية.

- القاديانية.

- البابية والبهائية.

- التبشير.

- الاستشراق.

ولكل من هذه الركائز حديث يطول ونكتفي هنا بالقول إن الغزو الفكري هو أساس البلاء في كثير من البلاد الإسلامية، ويجب علينا أن نحمي بلادنا من آثاره المدمرة، حتى لا يحل بنا ما حل بالآخرين الذين فرقهم هذا الغزو ومزقهم شر ممزق، وزرع الفوضى والخراب والخوف في بلادهم.

نسأل الله جل وعلا أن يحفظ بلادنا من كيد الكائدين وحسد الحاسدين وتصرفات الحمقى والمغفلين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 139