الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أرجو من الله جل وعلا أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، كما أرجو أن أكون بهذا الجهد قد ساهمت بما يجب المساهمة به في هذه الظروف في سبيل توعية المواطن السعودي بشكل عام والشباب بشكل خاص بما يجب عليهم في سبيل المحافظة على أمن واستقرار بلادهم، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الحقيل
[المطلب الأول التمسك بتطبيق الشريعة الإسلامية والمحافظة على مقاصدها]
وإقامة حدودها
المطلب الأول
التمسك بتطبيق الشريعة الإسلامية
والمحافظة على مقاصدها وإقامة حدودها
وعدم الالتفات لما يثار من شبهات حول تطبيقها
باسم حقوق الإنسان
من أهم الضمانات اللازمة للمحافظة على نعمة الأمن والاستقرار التي نعيشها التمسك بتطبيق الشريعة الإسلامية، والمحافظة على مقاصدها وتطبيق حدودها.
لقد كان تطبيق الشريعة الإسلامية والمحافظة على مقاصدها هو العامل الحاسم الذي اعتمد عليه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - في تحقيق وحدة هذه البلاد، وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار فيها، ونحن نرى أن هذا العامل كان وما زال وسيبقى هو العامل الحاسم، وأنه هو أساس الأسس التي يقام عليها نظام الحكم في المملكة العربية السعودية.
ونود أن نوضح هنا أن بعض مأجوري الأقلام ومحترفي الإشاعات يتهموننا بالقسوة في المملكة العربية السعودية؛ لأننا نرجم الزاني المحصن ونجلد الزاني غير المحصن، ونقتل القاتل عمدا، ونقطع يد السارق متى انطبقت عليه الشروط، ونطبق على البغاة والمفسدين في الأرض أحكام الله. . وفات مأجوري الأقلام ومحترفي الإشاعات أن ما نعمله هو تنفيذ لأمر الله الذي خلق الخلق وهو سبحانه وتعالى أعلم وأدرى بمصالحهم، وبسبب المحافظة على مقاصد الشريعة؛ عشنا فيما نحن فيه من أمن واستقرار وتقدم ورخاء، وفات هؤلاء أن ما تعانيه كثير من الأمم الشرقية والغربية من مشكلات الأمن والقلق الاجتماعي والضائقة الاقتصادية ناتج من عدم تطبيقها لشريعة الله.
إن على كل مواطن سعودي أن يكون على حذر من الأفكار الشريرة التي يبثها أعداء الشريعة باسم حقوق الإنسان، وليدرك المواطن السعودي أن
هذا البلد لم يُكتب له النصر والرخاء والاستقرار إلا في ظل شريعة الإسلام.
وعلينا أن نوضح لأبنائنا أن الإسلام عندما شرع إقامة الحدود على المجرمين كان يقصد الحفاظ على النفس والمال والعرْض والعقل والحفاظ على الدين أولا وآخرا.
ففي سبيل حفظ الدين حرّم الإسلام الردة، وهي الكفر بعد الإسلام، وجعل القتل عقوبة لكل مرتد معاند؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من بدل دينه فاقتلوه» (1) حتى يكون الردع كاملا وحاسما عند تبديل الدين الإسلامي وإضاعته.
وفي سبيل حفظ النفس حرم الله القتل وسفك الدماء وتوعد أشد الوعيد مَنْ يفعل ذلك بقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93](2) . والقتل كبيرة من الكبائر وهو أحد السبع الموبقات المهلكات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اجتنبوا السبع الموبقات» ، وذكر فيها قتل النفس التي حَرّم اللهُ إلا بالحق. . وقال صلى الله عليه وسلم «لا ترجعوا بعدي كفارا يضربُ بعضُكم رقابَ بعض» .
وفي سبيل حفظ الأنساب حَرم الله الزنا بقوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا} [الإسراء: 32](3) ويقول تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2](4) .
وفي سبيل حفظ الأعراض من الوقيعة فيها حَرّم الله قذف الأبرياء بالزنا، وتوعّد على ذلك بأشد الوعيد، قال جلّ من قائل: 13 {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ - يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النور: 23 - 24](5) .
ويقول تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ - إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 4 - 5](6) .
وفي سبيل حفظ العقول حرم اللهُ كُل مسكر وكل مخدر وكل مفترّ، كالخمر والمخدرات بأنواعها، قال تعالى. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90] (7) .
ومن هنا حافظَ الإسلام على العقل، جوهرة الحياة والمنظم لحركتها، فكيف نعطى النعمةَ ونحاولُ بالخمر تعطيلها!؟ .
وفي سبيل حفظ المال حُرمت السرقةُ، يقول تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38](8) .
إذا فإن إقامة الحدود هي الأمن على الدين والنفس والعقل والنسب والمال والعِرْض، فهل تستطيع القوانينُ الوضعية أن تحقق شيئا من هذا للناس؟ هل السجنُ والغراماتُ استطاعت أن تحقق ما حققته حدودُ الله للبشرية؟ فننظر إلى حال دولة لا تطبق ولا تقيم حدود الله، لا وازع ولا رادع، نهب وسلب، واعتداء على المال والعِرْض دون مبالاة، ودولة تطبق حدود الله فإنما تعيش في أمن وسلام واستقرار.
من هنا فأي وحشية في تطبيق حدود الله؟ وأي همجية وأين تكون الوحشية والهمجية؟ عندنا أم حيث لا تطبق الحدود الشرعية؟
(1) رواه البخاري.
(2)
سورة النساء آية: 93.
(3)
سورة الإسراء الآية: 32.
(4)
سورة النور الآية: 2.
(5)
سورة النور الآيتان: 23 - 24.
(6)
سورة النور الآيتان: 4، 5.
(7)
سورة المائدة الآية: 90.
(8)
سورة المائدة الآية: 38.