الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمد كرد علي علاّمة الشام
(1) 1876 ـ 1953 [جان الكسان]
من الأيام المشهودة في تاريخ دمشق، يوم الخميس، الثاني من نيسان لعام ثلاثة وخمسين وتسعمائة وألف، عندما خرجت المدينة عن بكرة أبيها لتشيع وتودع علامة الشام محمد كرد علي، حيث ووري الثرى بجوار قبر معاوية بن أبي سفيان مؤسس الدولة الأموية، ليقف على القبر الأديب العالم الدكتور منير العجلاني يودعه بكلمة رثاء بليغة قال فيها:"إن ثمة إمارتين معقودتين في العالم العربي: إمارة الشعر، وكانت معقودة اللواء للمرحوم أحمد شوقي، وإمارة العلم وكانت معقودة اللواء لفقيدنا العلامة محمد كرد علي"
…
كانت كلمة إنصاف للراحل الكبير إذ يندر أن نجد بين أعلام العلم والأدب والبحث والمعرفة والترجمة في الوطن العربي. في القرنين التاسع عشر والعشرين من يتميز بمثل هذا التفرد الذي كان عليه علامة الشام محمد كرد علي، وقد أغنى المكتبة العربية بنتاجه الغزير من كتب مترجمة ومعربة وموضوعة، ومن أدب المقالة، والدراسات التاريخية والأدبية، وتحقيق الكتب والمخطوطات، كما كان أول رئيس لمجمع اللغة العربية في دمشق، الذي كان بدوره أول مجمع علمي عربي (أنشئ عام 1919) في البلاد العربية حيث أطلق عليه (أبو المجامع) اعترافاً بأسبقيته من الناحية التاريخية (2).
(1) ـ الدراسة الفائزة بالجائزة الأولى مناصفة في المسابقة التي أعلنتها "الموقف الأدبي" عام /2002/.
(2)
ـ كانت تجربة مجمع دمشق حافزاً لقيام مجامع في بقية الأقطار العربية، فأسس مجمع القاهرة عام 1932، والمجمع العراقي عام 1947، ومجمع الأردن في وقت لاحق.
بسم الله الرحمن الرحيم
رب إليك المفزع، وفيك الرجاء، ومنك الهداية، فاحلل اللهم عقدة من لساني، وعلمني بالقلم ما لا أعلم، كما علمت عبادك المخلصين، واهدني صراطك المستقيم.
وبعد فهذه نشرة تصدر على رأس كل شهر عربي تقتبس ما تتمثل فيه فائدة صالحة من كلام الثقات الأثبات من مشارقة ومغاربة ومحدثين. وقد سُميت المقتبس ولكل شيء من اسمه نصيب. وستتنكب في مسطورها مذاهب المذاهب والنحل، وتتجافى عن طرق طرق السياسات والدول، حتى تصفو مواردها من النزعات والنزغات، ولا يستهويها في جانب ما تعتقده الحق وازع ولا منازع. تتمحض للعلم المحض فلا يتحرج من تلاوتها الموافق والمخالف، ولا يتبرم بها العارف والعازف، وتنطلق في الفكر، وتتجوز في الاقتباس والنشر، وتدرج في مطاويها، ما يوافق أغراضها ومغازيها.
فليتفضل من أوتوا حظاً من العلم فكان همهم نفع الإنسان من حيث هو إنسان، وخدمة المعارف لأنها مشاعة في الأمم نافعة للعمران، ويمنوا عليها من فيض قرائحهم وثمرات أبحاثهم بما تتألف منه ندوة علمية حافلة بالمطالب الممتعة الموجزة، ومجلس علم يختلف إليه العالم والمتعلم فيعود كل منهما ببغيته منه، ومعرض حكمة تعرض في أصونته ما يلائم أذواق أهل كل جيل وأفق من ضروب البضائع والأعلاق، وديوان إخوان تسوده أقلام المنوّرين والمفكرين، وتقرهم عليه طائفة العالمين والعاملين.
والله المسؤول أن يربأ بهذا المقتبس عن أن يكون جعبة مشاغبة وأهواء، وصحيفة تبجح ورياء، وأن يبرئه من آفات التطويل والتكرار، ويدفع عنه عوادي المعايب والمعاير، ويجعله خير ذخر إذا الصحف نشرت، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه سبحانه وسعدانه.