المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

رحلت إلى أوروبا ثلاث رحلات أبحث في دور كتبها عن - مجلة المقتبس - جـ ١

[محمد كرد علي]

فهرس الكتاب

- ‌محمد كرد علي علاّمة الشام

- ‌تراث ضخم بجميع المقاييس

- ‌موهبة واعدة ومبكرة

- ‌بين الأدب والصحافة

- ‌تجربة غنية في الديار المصرية

- ‌أبو المجامع

- ‌مجمع للعرب جميعاً

- ‌أهداف أساسية

- ‌بين الترجمة والمقالة والدراسة والتحقيق

- ‌شخصية منفردة

- ‌سيرة حافلة

- ‌التنوع والتميز

- ‌خطط الشام

- ‌في الجزء الأول

- ‌الجزء الثاني من خطط الشام

- ‌الجزء الثالث من خطط الشام

- ‌الجزء الرابع من خطط الشام

- ‌الجزء الخامس من خطط الشام

- ‌الجزء السادس من خطط الشام

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌انتقادات على محمد كرد علي

- ‌1 - من مشاركة (أبو مشاري) في ملتقى أهل الحديث

- ‌2 - من مشاركة (حسين بن محمد جمعة) منتدى مركز ودود

- ‌العدد 1

- ‌صدور المشارقة والمغاربة

- ‌الأمية والكتاتيب

- ‌سيئات القرن الماضي

- ‌تعليم اللغات

- ‌الأخلاق الفاضلة

- ‌ماهية الحياة

- ‌التمثيل في الإسلام

- ‌التناسل الغريب

- ‌التربية والتعليم

- ‌صحف منسية

- ‌نكات الوهراني

- ‌وصف الجرائد

- ‌الغزل المصري

- ‌تدبير الصحة

- ‌تدبير المنزل

- ‌مطبوعات ومخطوطات

- ‌سيرة العلم

- ‌مقالات المجلات

- ‌نفاضة الجراب

الفصل: رحلت إلى أوروبا ثلاث رحلات أبحث في دور كتبها عن

رحلت إلى أوروبا ثلاث رحلات أبحث في دور كتبها عن المخطوطات التي يرجى أن يكون أصحابها قد تعرضوا لحوادث هذا القطر. وزرت أصقاع الشام لأقابل بين حاضره وغابره، ولما نسجت بآخرة ما جمعت قدمت له مقدمة في بيان ما تشترك بلاد الشام عامة من المظاهر والأوضاع، وسميته (خطط الشام)، وأعني بالشام الأصقاع التي تتناول ما اصطلح العرب على تسميته بهذا الاسم، وهو القطر الممتد من سقي النيل إلى سقي الفرات، ومن سفوح طوروس إلى أقصى البادية، أي سورية وفلسطين في عرف المتأخرين، ويراد بالخطط كل ما يتناول العمران والبحث في تخطيط بلد بحث في تاريخه وحضارته.

ولا جرم أن موضوع الخطط موضوع جليل، تتعين الإحاطة به على كل من يحب أن يعرف أرضه ويخدمها، ويستفيد منها، وأحق الناس بمعرفة بلد أهله وجيرانه، ومن لم يرزق حظاً من الاطلاع على ما حوى موطنه من الخيرات وما أتاه أجداده من الأعمال لا ينهض بما يجب عليه ليؤثر الأثر النافع في المال والمآل، ومن أجدر من الأبناء والأحفاد بالرجوع إلى سجلات الآباء والأجداد، وكيف يحب المرء بلداً لا يعرفه ويحرص على سعادته ليسعد هو فيه، وهو لا علم عنده بما تعاقب عليه حتى صار إلى ماصار إليه، وهل يفهم الحاضر بغية الغابر، وهل تنشأ في الأمة روح وطنية إذا لم تدرس تاريخها حق الدراسة".

ص: 21

‌في الجزء الأول

خصص الباحث الجزء الأول من "خطط الشام" لعدة فصول أولها، "تقويم الشام" حيث عرض فيه تعريف الشام للأقدمين، ومعنى الشام وجمعه، وجه الشام قديماً وخاصة مع مصر قبل الانتقال إلى مساحة الشام وصورته ومدخل الفاتحين إلى الشام، واستعرض مدن الشام وقراه وطبيعته وبحيراته وهواءه وماءه وخصائصه

أما الفصل الثاني فقد خصصه لسكان الشام بجميع أجناسهم وشعوبهم، وبتركيز خاص على العرب في بلاد الشام، لينتقل في الفصل الثالث إلى لغات الشام: الآرامية والسريانية والعبرانية والفينيقية والعربية والبابلية والكنعانية والكلدانية والحثية والآرية واليونانية واللاتينية، وأعطى أهمية خاصة للغة العربية وانتشارها كلغة كاملة وفصيحة، ليصل إلى الشاميين من أمة واحدة لسانهم العربية فقط أما الفصل الأكثر أهمية في الجزء الأول فهو عن تاريخ الشام، وبدأه بمرحلة ما قبل الإسلام والغزوات التي تعرض لها الشام وخاصة من الفرس والرومان، لينتقل إلى الشام في الإسلام حتى عام 18 للهجرة والفتوحات الإسلامية لتبدأ مرحلة الدولة الأموية والدولة العباسية والدولة الطولونية ثم الفاطمية والسلجوقية وصولاً إلى الحروب الصليبية.

‌الجزء الثاني من خطط الشام

يشتمل على الدولة النورية وحملات نور الدين وصلاح الدين أي الدولة الصلاحية ثم الأيوبية ودولة المماليك وظهور التتار، وصولاً إلى وقائع تيمورلنك واجتياحه المدن السورية ودخوله دمشق لينتهي عهد المماليك الأخير وتبدأ مرحلة الدولة العثمانية بجميع تفاصيلها ومراحلها.

ص: 22

‌التربية والتعليم

العمل والعملة

في الحديث كلكم حارث وكلكم همام. والحارث الكارث واحتراث المال كسبه والإنسان لا يخلو الكسب طبعاً واختياراً. والهمام مشتق من هم بالأمر يهم إذا عزم عليه. قال الراغب الأصفهاني: العمل كله فعل يصدر من الحيوان يقصده فهو أخص من الفعل لأن الفعل قد ينسب إلى الحيوانات التي يقع منها فعل بغير قصد وقد ينسب إلى الجمادات والعمل قلما ينسب إلى ذلك ولم يستعمل في الحيوانات إلا في قولهم الإبل والبقر العوامل.

قال علماء اللغة: واعمله استعمله واعتمل اضطرب في العمل وقيل عمل لغيره ورجل عمِل وعمول ذو عمل ورجل عمول كسوب. والعُمالة رزق العامل الذي جعل له على ما قلد من العمل والعملة العاملون بأيديهم ضروباً من العمل في طين أو حفر أو غيره. والعامل هو الذي يتولى أمور الرجل في ماله وملكه وعمله. واستعمل غيره إذا سأله أن يعمل له واعمله أعطاه عمالته. قال باور:

يشكو بعض العملة من حظهم وسوء طالعهم ويقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما خلقنا عملة وما حالهم في شكواهم إلا حال من يشكو من كونه خلق إنساناً. فالعمل قانون الطبيعة البشرية وهو شريف بذاته في نظر العقل مقدس مبارك كيفما كانت الطرق التي يجري عليها والغاية التي يرمي إليها. والعملة صنفان: صنف يعمل ذكاؤهم فقط ويدعون عملة الفكر أو أرباب الصناعات الفكرية وهم الذين يتعاطون الأعمال الملقبة بالأعمال الحرة. والصنف الآخر طبقة العملة بأيديهم وأجسامهم وهم أوفر عدداً وأكثر سواداً. هؤلاء العملة هم الأولى يعملون في القرى والمدن ويتبارون في استخراج نتاج الطبيعة على اختلاف عناصرها ويكيفون تلك النتائج بحيث تصلح لما يتطلبه المجتمع من الحاجيات. وهذا الضرب من العملة قسمان أيضاً: زراع وصناع والفئة الثانية مفضلة إلا أن كلتيهما حريتان بالاعتبار والإكرام.

حياة العامل أضمن مراتب الحياة الإنسانية بأسرها لأن له من فكره رأس مال لا يسلبه إلا بفقد صحته وزوال كيانه. وليس هذا النوع من الثروة عرضة للأخطار كسائر أنواع الثروة إذ العمل للمجتمع البشري بمثابة التنفس في الحياة ولا يتأتى توقيف حركة العمل والتنفس

ص: 21

بدون أن يؤدي هذا الانقطاع إلى بحران عظيم قد يودي بصاحبه إلى الفناء إذا دام على أشده.

وإن حياة الصناع لتستدعي نشاطاً أكثر وحركة دائمة وإذا حدث في الأحيان أن فترت الصناعة موقتاً في بلاد فإن بلاداً غيرها تتطلب نزول أهلها فيها. ومن اعتاد أن يستخدم قواه الطبيعية مدفوعاً بعامل العقل والذكاء يجد له بسطة في الرزق حيث حل من أرض الله. قال أحد عقلاء الأقدمين ليس للقدر سبيل إلي فيسلبني مالي لأني حيثما رمت بي تصاريفه لا أخاف الفاقة ولا اضطر إلى سداد من عوز إذ أحمل ثروتي كلها معي وهو كلام يصدق على العالم كما يصدق على العامل كل الصدق. لأن العامل لا يعدم من يحتاج إليه في أي ناحية رمته فيها يد الأقدار وكيفما قلبته صروف الدهر فعيشه أكثر ضماناً من عيش العالم مادام له من عمله مهارة، ومن جسمه قوة، وما عليه أن يتعلم لغة قوم ينزل عليهم لأن عمل يديه ينوب في خطاب من يود خطابه.

وللعامل من الاستقلال ما يفوق به سائر طبقات الناس وإن لم يتأتَ لامرئ في العالم أن يستمتع بالاستقلال المطلق. وذلك لأن العامل في غنى عن التزلف والملق لا يحتاج إلى من يمد إليه يد المعونة إذ قلما يحاذر أن يكون له ممن يجاريه ما يحرمه التمتع بعمالته فإن من يعمل له محتاج للعامل الذي يفوق غيره في أمانته ومهارته. فكما أن العامل يحتاج لمن يعمل له فهذا محتاج للعامل أيضاً والحاجة بينهما متبادلة فليس في ذلك غضاضة على العملة البتة.

ص: 22