الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما أسلوبه، فهو الذي وصفوه بالسهل الممتنع
…
إنه رقيق في التعبير، بليغ باللفظ، الكلمات فيه على قدر المعاني، والجمل تطول حيناً، وتقصر حيناً آخر، وهو في جميع الأحوال لا يتكلف، ولا يتصنع، بل يرسل كلماته على سجيتها، ويهدف إلى التركيز على المعنى، دون أن يعطي كبير اهتمام للمبنى، إنه نثر العالم المفكر، لا الأديب الذي تغريه الصنعة، ويسيطر عليه الأسلوب والمظهر.
ويتجلى أسلوبه هذا، في جميع كتبه ومقالاته
…
غير أن القلم يجمح به أحياناً، فيشتط الخيال، ويطيب له أن يعنى بالصنعة والعبارة، فيكثف جمله وعباراته، ويختصر في ألفاظه وكلماته. ومثل هذا فعله في كتابه "المذكرات" ولاسيما حين يتحدث عن الشباب، ويصف الشيخوخة، ويتوقع الرحيل، فيحاسب نفسه دون هوادة. لنستمع إليه يقول:
"يا نفس لا تغضبي، ولا تعتبي، فقد عمرت طويلاً، ومتعت كثيراً، وفتنت بجمال الوجود، وجلال الطبيعة، وهمت بصنع الخالق والمخلوق، واستكثرت من الخلان والمعارف، وسعدت، إذ كنت أقرب إلى التفاؤل من التشاؤم، وإلى الرجاء أدنى من القنوط، وإلى السرور أكثر من الغم. وعشت في سلطان الرضا طيبة الطعمة، لا يد لأحد عندك".
شخصية منفردة
تضافرت عدة معطيات في تكوين شخصية محمد كرد علي بهذا التميز، وكان للزمان والمكان بدورهما تأثير فعال في تشكيلها على هذه الحال من التفرد، فقد جاء إلى الدنيا في فترة كانت فيها البلاد العربية، وخاصة بلاد الشام ترزح تحت نير الاحتلال العثماني الذي فُرض عليها، بحيث كان الشرق العربي في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر غارقاً في بحر من الظلم والظلام.
وكانت سياسة التتريك المفروضة على العرب، تجعل من يتقن الكتابة والقراءة باللغة العربية إنساناً ذا شأن، ومن هنا انصرف محمد كرد علي إلى القراءة والكتابة في سن مبكرة كان أولى بدايات تكوين شخصيته المتفردة
…
وعن تلك المرحلة يقول:
"بدأت أقرأ في الجرائد العربية في الثالثة عشرة من عمري، وأنا في السنة الأخيرة من المدرسة الابتدائية. وبعد حين اشتركت بجريدتين. وأولعت بمطالعة "لسان الحال"، لأن فيها أخباراً طريفة مغرية عن الإنكليزية. واشتركت لما كنت في الثانية من المدرسة الثانوية بجريدة فرنسية أسبوعية تصدر في باريس اسمها "صديق الريف" فكنت أقرؤها قراءة تدبر، لا قراءة تفكه، وأطالع بعض الصحف التركية الصادرة عن الأستانة، ولاسيما المجلات الأدبية والتاريخية. وقد أقرأ بعض المقالات التي تروقني أكثر من مرة، ولاسيما مقالات كبار الكتاب والمفكرين في السياسة والاجتماع. وما بلغت السادسة عشرة، حتى أخذت أكتب أخباراً ومقالات في الجرائد"(1).
ولم يكن ظهور مجموعة كبيرة من رجال الفكر والأدب والمعرفة في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، مجرد مصادفة، فقد لعب هؤلاء الرواد دوراً قيادياً في مجابهة الظلم والاحتلال، والدعوة إلى التحرر والاستقلال في مرحلة عرفت بأنها مرحلة إرهاصات لمرحلة تالية هي مرحلة التنوير، وقد كان لانتساب هؤلاء الرواد إلى مختلف الجمعيات التي كانت تعمل في السر والعلن، ما أعطى تلك الجمعيات القدرة على المجابهة على الرغم مما تعرضت له من بطش واضطهاد كانت ذروتهما في سوق المفكرين العرب الأحرار إلى المشانق في دمشق وبيروت، بالإضافة إلى قوافل أخرى سابقة تعرضت للاعتقال والتعذيب والإغراق في البوسفور.
(1) ـ عبقريات شامية ـ مصدر مذكور.
وإذا كانت القرون الأربعة التي فرضها الاحتلال العثماني على المنطقة العربية قد اقترنت بمحاولات قمعية لإطفاء جذوة القومية العربية، فإن الرواد من قادة الفكر العرب كانوا يؤسسون لمرحلة الاستقلال عن النير العثماني، بإحياء أصول اللغة والتاريخ واستطلاع التراث، ولعل مساهمة محمد كرد علي كانت متميزة في هذا المجال من خلال الخطوة الجبارة التي حققها مع انتهاء الحكم العثماني، وهي إنشاء مجمع اللغة العربية الذي وقفنا على أهدافه الأساسية في هذه الدراسة عن حياة وعطاء العلامة الكبير ولم يكتفِ بتأسيس المجمع ومجلته التي كان كتابها من أبرز علماء وأدباء الوطن العربي بل تحققت في هذا المجال خطوات لاحقة مهمة منها:
1 ـ تفرغ أعضاء المجمع للبحث الأدبي والدراسات اللغوية والتاريخية.
2 ـ تأسيس دار كتب عامة في المدرسة الظاهرية، فاتخذ منها داراً للكتب، أصبحت فيما بعد ذات شهرة كبيرة نظراً لأهمية ثروتها من المخطوطات وأمهات الكتب والوثائق، وقد ظلت دار الكتب الظاهرية تؤدي رسالتها في إتاحة مجال مطالعة أهم المؤلفات. أمام كل متعطش للثقافة.
وقد أنشأ الملك الظاهر بيبرس عام /820/ للهجرة هذه المدرسة لتكون مدرسة للعلم وتربة تضم رفاته، وفي عام 1927 تحولت المدرسة الظاهرية إلى مدرسة ابتدائية وظلت في عهدة دائرة الأوقاف ثم ألحقت بالمجمع.
وكان فريق من علماء دمشق لاحظوا تفرق المخطوطات والكتب في المساجد وتعرضها للضياع، فقاموا بحملة لجمع ما تبقى منها، وماهو هام جداً، وثمين وأودعت في خزانة داخل قبة المدرسة الظاهرية، وكانت نواة دار الكتب الحالية. (1).
3 ـ حقق مجمع اللغة العربية مئات المخطوطات (وهي كتب ورسائل) من التراث ومن هذه المطبوعات:
(1) ـ وجيه الشربجي: أضواء على تاريخ مجمع اللغة العربية ـ مصدر مذكور.
اللغات الحية لا تعلم كاللغات الميتة بل أنه لابد في الأولى من المران على التكلم بها من أول وهلة وأنه ما من لغة مهما تراءى من صعوبتها على المتعلمين بادئ بدء سواء كانت اللغة الروسية أو الهندية أو العربية أو الصينية إلا ويتيسر إتقانها على طريقة برليتز في مدة تختلف باختلاف ذكاء المتعلم وصعوبة اللغة والله أعلم.
الأخلاق الفاضلة
نعمنْ بنفسي وأشقينني
…
فيا ليتهنَّ ويا ليتني
خلال نزلنْ بخصب النفو
…
س تروَّيتهن وأظمأنني
تعودنْ مني إباء الكريم
…
وصبر الحليم وتيه الغني
وعودتهنَّ نزال الخطوب
…
فما ينثنين وما أنثني
إذا ما لهوت بليل الشباب
…
أهبن بعزمي فنبهنني
فما زلت أمرح في قدهنَّ
…
ويمرحن مني بروض جني
إلى أن تولى زمان الشباب
…
وأوشك عودي أن ينحني
فيا نفس إن كنت لا توقنين
…
بمعقود أمرك فاستيقني
فهذي الفضيلة سجن النفوس
…
وأنت الجديرة أن تسجني
فلا تسأليني متى تنقضي
…
ليالي الأمسار ولا تحزني
القاهرة
حافظ إبراهيم
ماهية الحياة
للشاعر بيلي الإنكليزي
قدروا الحياة بأزمان وذا خطأٌ
…
إن الحياة هي الأعمال والفكر
إن الحياة شعور لا يراد بها
…
وسم الضياء ولا أنفاس تنحصر
لو فكروا جعلوها خفق أفئدةٍ
…
من التأثر لكن فاتهم نظر
وأطول الناس أعماراً أسدهم
…
رأياً وحساً وأعمالاً لها خطر
بيروت
عبد الرحمن شهبندر