المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: من أكل شاكا في غروب الشمس - التعليق على رسالة حقيقة الصيام وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌فصل فيما يفطر الصائم وما لا يفطره

- ‌فصل في الكحل والحقنة وما يقطر في إحليله ومداواة المأمومة والجائفة

- ‌فصل: صوم رمضان فرض

- ‌فصل: وإن رئي الهلال نهارا

- ‌فصل: وإن ثبتت رؤيته بمكان قريب أو بعيد

- ‌فصل: ويقبل في هلال رمضان قول عدل واحد

- ‌فصل: ومن صام بشاهدين ثلاثين يوماً

- ‌فصل: وإذا اشتبهت الأشهُرُ على الأسير والمطمور ومن بمفَازَةٍ ونحوهم

- ‌فصل: يكره الصوم وإتمامه لمريض يخاف زيادة مرضه أو طوله

- ‌فصل: للمسافر الفطر

- ‌فصل: من عجز عن الصوم لكبر

- ‌باب نية الصوم وما يتعلق بها

- ‌باب ما يفسد الصوم، ويوجب الكفارة وما يحرم فيه أو يكره أو يجب أو يسن أو يباح

- ‌فصل: وإنما يفطر بجميع ما سبق إذا فعله عامداً ذاكراً لصومِهِ مختاراً

- ‌فصل: ولا كفارة بغير جماع ومباشرة

- ‌فصل: وإن طار إلى حلقِهِ غبار طريقٍ أو دقيقٍ أو دخان لم يفطر

- ‌فصل: يكره للصائم أن يجمع ريقه ويبلعه

- ‌فصل: قال أحمد رحمه الله تعالى ينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه

- ‌فصل: يسن تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس

- ‌فصل: من أكل شاكا في غروب الشمس

- ‌فصل: من جامَعَ في صوم رمضان بلا عذر

- ‌باب حكم قضاء الصوم وغيره وما يتعلق بذلك

- ‌باب صوم التطوع وذكر ليلة القدر وما يتعلق بذلك

- ‌فصل: يُكْرَهُ صوم الدهر

- ‌فصل: يكره الوصال

- ‌فصل: يُكْرَهُ استقبال رمضان بيوم أو يومين

- ‌فصل: يكره إفراد رجب بالصوم

- ‌فصل: يكره أن يتعمد إفراد يوم الجمعة بصوم

- ‌فصل: وكذا إفراد يوم السبت بالصوم

- ‌فصل: وكذا يكره إفراد يوم النيروز

- ‌فصل: ولا يحرم صوم ما سبق من الأيام

- ‌فصل: قال إسحاق بن إبراهيم

- ‌فصل: يوم الشك إذا لم يكن في السماء علة، ولم يتراءى الناس الهلال

- ‌فصل: يحرم صوم يومي العيدين

- ‌فصل: وكذا صوم أيام التشريق نفلا

- ‌فصل: وهل يجوز لمن عليه صوم فرض أن يتطوع بالصوم

- ‌فصل: من دخل في صوم تطوعٍ استحب له إتمامه، ولم يجب، وإن أفسده لم يلزمه قضاء

- ‌فصل: هل يثاب على العبادة على وجه محرم أو مكروه

- ‌فصل: من دخل في واجب موسع

- ‌فصل: ليلة القدر شريفة معظمة

- ‌فصل: وليلة القدر أفضل الليالي

- ‌باب الاعتكاف

- ‌فصل: ولا يجوز أن يعتكف العبد بلا إذن سيده، ولا المرأة بلا إذن زوجها

- ‌فصل: ولا يصح من رجل تلزمه الصلاة جماعة في مدة اعتكافه إلا في مسجد تقام فيه الجماعة

- ‌فصل: ويصح بغير صوم

- ‌فصل: من قال لله علي أن اعتكف صائم

- ‌مسائل مختارة من كتاب الصيام من الفروع

- ‌المسألة الأولى:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌المسألة السابعة في النية:

- ‌المسألة الثامنة:

- ‌المسألة التاسعة: المفطرات:

- ‌الخلاف في المفطرات (من الفروع)

الفصل: ‌فصل: من أكل شاكا في غروب الشمس

‌فصل: من أكل شاكا في غروب الشمس

من أكل شاكا في غروب الشمس (1) ودام شكه، أو أكَلَ يظن بقاء النهار، قضى (ع)(2) ، وإن بان ليلاً، لم يقض، وعبارة بعضهم: صح صومه. وإن أكل يظن الغروب، ثم شك ودام شكه، لم يقض. وإن أكل شاكّاً في طلوع الفجر. ودام شكه، لم يقض (م)، وزاد: ولو طَرَأ شكه؛ لما سبق في الفصل قبله، ولأن الأصل بقاء الليل، فيكون زمان الشك منه، وإن أكل يظن طلوع الفجر، فبان ليلاً، ولم يجدد نية صومه الواجب، قضى، كذا جزم به بعضهم، وما سبق من أن له الأكل حتى يتيقن طلوعه، يدل على أنه لا يمنع نية الصوم وقصده غير اليقين، والمراد - والله أعلم - اعتقاد طلوعِهِ، ولهذا فرض صاحب «المحرر» هذه المسألة فيمن اعتقده نهاراً، فبان ليلاً؛ لأن الظَّانَّ شاك، ولهذا خصوا المنع باليقين، واعتبروه بالشك في نجاسة طاهر، ولا أثر للظن فيه، وقد يحتمل أن الظن والاعتقاد واحد، وأنه يأكل مع الشك والتردُّدِ ما لم يظن ويعتقد النهار.

(1) قوله: «من أكل شاكاً في غروب الشمس» هنا يقضي بالإجماع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبل الليل من هاهنا» وأشار إلى المشرق، «وأدبر النهار من هاهنا» وأشار إلى المغرب، «وغربت الشمس» [سبق تخريجه] ، أما قبل غروبها فلا يجوز مع الشك، والظن درجة فوق الشك.

(2)

قوله: «أو أكل يظن بقاء النهار» هنا يقضي، وفيه مسائل: من أكل وهو يظن بقاء النهار، فهذا لاشك أنه يقضي، ومن أكل وهو يجزم ببقاء النهار، فهذا يقضي، وإذا أكل شاكاً في بقاء النهار أيضاً يقضي، وإذا أكل جازماً بزوال النهار لا يقضي، وإذا أكل ظاناً زوال النهار، لا يقضي على القول الراجح، حتى وإن تبين له أنه في النهار.

ص: 167

وإن أكل يظن أو يعتقد أنه ليل، فبان نهاراً في أوله أو آخره، فعليه القضاء (و) ؛ لأن الله أمر بإتمام الصيام، ولم يتمه، وقالت أسماء: أفطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم غيم، ثم طلعت الشمس. قيل لهشام بن عروة - وهو راوي الخبر -: أمروا بالقضاء؟ قال: لا بُدَّ من قضاء. رواه أحمد والبخاري، ولأنه جهل وقت الصوم فهو كالجَهْلِ بأول رمضان (1) ، وصوم المطمور ليلاً بالتحري، بل أولى؛ لأن إمكان التحرز من الخطأ هنا أظهر، والنسيان لا يمكنه التحرُّزُ منه، وكذا سهو المصلي بالسلام عن نَقْصٍ، ولا علامة ظاهرة، ولا أمارة سوى عِلمِ المصلي، وهنا علامات، ويمكن الاحتياط والتحفُّظُ، وتأتي رواية (2) : لا قضاء على من جامع جاهلاً بالوقت، واختاره شيخنا، وقال: هو قياس أصول أحمد وغيره.

(1) قوله: «بد من قضاء» أي: لا بد من القضاء، هذا رأي هشام بن عروة، وأبوه أعلم منه؛ لأن أباه عروة أحد الفقهاء السبعة في المدينة، قال: إنهم لم يقضوا، وقول هشام رحمه الله:«بد من قضاء» واضح أنه قاله تفقهاً من عنده، ولكن الصحيح أنهم لم يأمروا بالقضاء، وأن صيامهم صحيح؛ لأنه داخل في عموم قوله سبحانه وتعالى:{ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} [البقرة: 286]، فقال الله تعالى:«قد فعلت» [سبق تخريجه] .

(2)

وهذه رواية عن الإمام أحمد رحمه الله، وهو أنه لا قضاء على من جامع جاهلاً بالوقت، مع أن الجماع هو أشد أنواع المفطرات، وهذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله هي الصواب بلا شك، الموافقة لظاهر الكتاب والسنة.

ص: 168

وسبق قوله فيمن أفْطَرَ، فبان رمضان، واختار صاحب «الرعاية» : إن أكل يظن بقاء الليل، فأخطأ، لم يقض؛ لجهلِهِ، وإن ظن دخوله، فأخطأ، قَضَى، وصح عن عمر رضي الله عنه في الصورة الثانية روايتان، إحداهما: القضاء والأمر به. والثانية: لا نقضي ما تجانَفْنا لإثمٍ. وقال: قد كنا جاهلين. فعلى هذا: لا قضاء في الصورة الأولى. وقاله فيهما الحسن، وإسحاق، والظاهرية. وقاله في الأولى مجاهد، وعطاء، وبعض الشافعية، والله أعلم.

ولو أكل ناسياً، فظن أنه قد أفطر، فأكل عمداً، فيتوجه أنها مسألة الجاهل بالحكم، فيه الخلاف السابق. وقال صاحب «الرعايةِ» : يصح صومه، ويحتمل ضِدُّه، كذا قال (1) .

(1) هذه المسألة تقع، وهي: من أكل ناسياً فظن أنه فسد صومه، فاستمر في الأكل، في الصورة الأولى ليس عليه القضاء، بنص الحديث:«من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه» [أخرجه البخاري في الصوم/باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا (1933) ؛ ومسلم في الصيام/باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (1155) .] ، لكن من أكل وهو يظن أنه أفطر فهنا لا يفسد صومه بالأكل الثاني، وتأتي مسألة الجهل بالحكم، والصواب أنه لا فطر مع الجهل بالحكم، وعلى هذا فلا فطر عليه، وحكى لنا أُناس صورة شبه هذه في زمن سبق، وهي: أن شخصاً اشترى عنباً لأهله في رمضان، وحمله على رأسه وهو صائم، وجعل يأكل ويأكل، فانتهت العناقيد، فلما بقي حبة واحدة، قال: إن كنت أفطرت بما سبق فهذه تكمل الفطر، وإن كنت لم أفطر فهذه لن تضر بالصيام، فأكلها! فهذا حكمه أنه جاهل، جاهل، فعلى القول بأن الجهل بالحكم لا يكون به فطر نقول: إن هذا صيامه صحيح، لكن قد يقال: إن هذا أخطأ من وجه، وفرط، ويجب عليه أن يسأل، فيكون هذا الاجتهاد في غير موضعه.

ص: 169