الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: عبد الرحيم مصطفى قليلات
سوانح وبوارح [*]
حضارة الإسلام
لا تعد بي إلى ربوع الخيام
…
بل أنِخْها عند القصور الفخام
عند صرح الحمرا وفسطاط مصر
…
عند نادي الفيحا ودار السلام
وقفة يا مطي قرب ثراها
…
لأحيي عظام أهل عظام
لأحيي الأرواح والعهد قد حـ
…
ـلّ مداه عناصر الأجسام
نحن منهم وسوف تجمعنا في
…
ساحة الموت جامعات الرّغام
ما شذذنا بالخلق عنهم ولكن
…
بشذوذ الأخلاق والأفهام
هم أباحوا ولوج باب اجتهاد
…
هو نبراس دين خير الأنام
كان نور الهدى لكل إمام
…
سار بالقوم في طريق الأمام
فانبرينا نقضي على ذلك الفضـ
…
ـل بأحمى سهم وأردى حسام
سهم حب الأفحام عن قول حق
…
وحسام الإبهام والإيهام
وسددنا الأبواب في كل وجه
…
غير وجه التقليد والإلهام
فالمنايا نصيب كل اجتهاد
…
والأماني تئن تحت الرّجام
والبلايا لناهض والرزايا
…
لفهيم والويل للمقدام
والعطايا لجامد والتحايا
…
لخمول والخير للمتعامي
آه واحسرة السلام على ما
…
مضى من حضارة الإسلام
ذهب الراشدون والشرع باك
…
لذهاب الأئمة الأعلام
وتولى على الجديدين عهد
…
حال دون الإحكام في الأحكام
فبدا الدين كالعروس بأهدا
…
ـم ولا بزة ولا هندام
وتبدّت للشامتين ثغور
…
باسمات باللوم والإيلام
أيها اللائمون مهلاً وعدلاً
…
نحن لا الدين باب هذا الملام
نحن لا الدين ـ وهو بدر تمام
…
سر هذا الإعتام والإظلام
قد تعاف الأنعام سوقًا وإنا
…
بعمانا نساق كالأنعام
وتعاف الأرسان هذي ونرضى
…
بخطام الشقا وذل اللجام
حسبنا عار ما جرى من خلاف
…
حسبنا عيب ما مضى من خصام
لا صديق للخلق يا خلق إلا
…
صادق القول صادق الأحلام
فأصيخوا وليت لي من أداة
…
غير هذي الطروس والأقلام
أجمود وقد قضت شرعة الدهـ
…
ـر على الجامدين بالإعدام
نقض هذي الأحكام حان فهيا
…
نتهيَّا للنقض والإبرام
بالتآخي نحيا وبالودّ نهنا
…
وننال المرام بعد المرام
إن في الدين فسحة هكذا
…
قال نبي الأعراب والأعجام
يسروا لا تعسروا كلُّ يسر
…
هو للصالحات أقوى قوام
بشروا لا تنفروا فلقول الـ
…
ـعرف فعلٌ يُزري بفعل المدام
واعملوا مثلما الفرنج بجدٍ
…
وثبات وهمة واهتمام
راقبوهم وراقبوا كيف سادوا
…
باحتمال الصعاب والإقدام
وافهموا كيف أنهم آخذونا
…
بسنام ومقود وزمام
أسمَعوا الكائناتِ شرقًا وغربًا
…
واستمعنا للهو والأنغام
أظهروا المعجزات برًّا وبحرًا
…
وظهرنا بالعجز والانقسام
سَبَحوا في الفضاء طولاً وعرضًا
…
وسبحنا في عالم الأوهام
بضليع التحصيل سادوا وسدنا
…
قبل فك الحروف والأرقام
هم لأوطانهم غيوث ولسنا
…
في سماء الأوطان غير جهام
كرم الدين بالتساهل فيه
…
والمداراة مصدر الإكرام
والتآخي مقام كل مقال
…
والتراضي مقال كل مقام
فخذوا شارة السماح شعارًا
…
إنما السمح زينة الأقوام
واكتساب القلوب باللين شرط
…
في مجاراة حكمة الأيام
لا تحلوا الحرام، لا بارك الله
…
بمن يستحل أي حرام
ما بأسيافنا القصار الدوامي
…
قد غدا مجدنا طويل الدوام
بل بعدل وحكمة واتحاد
…
واقتصاد وألفة ووئام
وصلاة طهورة الوِرد تنهى
…
عن شرور الفحشاء والآثام
هي للعبد صحة ونشاط
…
وهي لله طاعة باحترام
وصيام اللسان والقلب والجوف
…
عفافًا وفهم سر الصيام
فلئن لم نصم عن الشر قطعًا
…
غير مُجد صيامنا عن طعام
وزكاة تأتي على عوز المسكين
…
فينا وشقوة الأيتام
لو درى الاشتراك ما في جداها
…
من جزيل الإحسان والإنعام
وبنوالبلشفيك لو عرفوا ما
…
للصعاليك من زكاة العام
لرموا بالنظام واتخذوها
…
لحياة الرفاق خير نظام
أين أعياننا الكرام وأين
…
البر منهم وأين جود الكرام
أين أهل السخا ومن هو فيهم
…
دافع الفقر والطوى والأوام
أين أهل الحجى ومن هو منهم
…
ناصر الحق رافع الآلام
قيدوا سعينا وناموا ولا من
…
حسنات لهم سوى في المنام
وإذا حاول الفكاك حميم
…
هدَّدوه وصحبه بالحمام
ورموه بالكفر آنًا وبالإلحاد
…
حينًا، وتارة بالذام
ولو أن الطبيب أغضى لقالوا
…
فيه مس الشيطان والسر سام
راقب الله يا موارب واعلم
…
أن علم القلوب للعلام
أنا أشكو سقمي إلى الله لكن
…
أنت والله أصل هذا السقام
ما هيامي إلا بربي وقومي
…
ولساني أفخر به من هيام
أمتي، ملتي، بلادي وضادي
…
هن قصدي وقصد كل همام
كنت عبد الرحيم قبل غرامي
…
وأنا اليوم عبد هذا الغرام
أنا عند الأنساب ذاك العظاميّ
…
وعند الألقاب ذاك العصامي
حسنيّ الصفات جَدًّا وجِدًّا
…
عربي الأخوال والأعمام
ليس لي في البلاد خصم وأخصا
…
ـم بلادي دون الورى أخصامي
ليس لي في القضاء حكم ولا لي
…
أي رأي في قصة الإدغام
ولإدغام آل عيسى بآل الـ
…
... ـمصطفى كل خاطري وذمامي
إن في ذا السبل سهل مسيري
…
إن في ذا الحديث حلو كلامي
إن في ذا التمام خير تمام
…
إن في ذا الختام حسن الختام
فسلام على الشفيعين مني
…
وسلام على محب السلام
_________
(*) من نظم الأديب البيروتي المشهور السيد عبد الرحيم مصطفى قليلات.