الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: محمد نجيب الغرابلي
عمر بن الخطاب
رضي الله تعالى عنه
كنت ليلاً مع أمير المؤمنين
…
عمر الفارق ذي القدر المكين
صاحب الدرة ثاني الراشدين
…
مَن به الله أعز المسلمين
فقووا حتى أذلوا المشركين
…
وإذا نار أضاءت سحرا
…
قال يا أسلم قم ماذا أرى
علَّهم ركب يريدون القِرى
…
فخرجنا وهو كالسهم انبرى
ودنونا من خِبَاء المصطلين
…
فإذا بامرأة قد نصبت
…
قدرها بين عيال أعولت
ثم حيينا فردت واستوت
…
قال هل أدنو فقالت إن أردت
فبخير أودع القلب الحزين
…
قال ما بال العيال تصرخ
…
قالت الجوع وإني أنفخ
أُوهِم الصبية أني أطبخ
…
علَّهم من بعد ذا أن يفرخوا [1]
ويناموا حول قِدري جائعين
…
يالنار أُضرمت في الأضلع
…
أحرقت قلبي وأجرت مدمعي
بيننا الله وبين الأصلع
…
هاأنا من فرط جوعي لا أعي
بين نَوْح وصياح وأنين
…
قال يا أماه مَن أدرى عمر
…
بك قالت ذاك أدهى وأمر
من تولى أمرنا لا يستقر
…
ينبري للناس في قر وحر
يسمع الشاكي ويؤوي البائسين
…
وَيْ لعمري كيف يرعى وينام
…
ليس هذا من قوانين الأنام
من سها عن نوقه جنح الظلام
…
يتولى رعيها راعي الحمام
إنما هذا جزاء الغافلين
…
ولقد أصغى لها من غير ضيق
…
وهو بالإصغاء للشكوى خليق
فمضى بي ذلك الشيخ الشفيق
…
يسرع الخطو إلى دار الدقيق
وأتى منها بدهن وطحين
…
ثم قال احمل عليَّ قلت وي
…
بل أنا أحمل قال احمل علي
قلت عفوًا قال هل منكم فتي
…
يحمل الأوزار عني يا أُخي
يوم يُؤتى بي لرب العالمين
…
وسرى الفاروق خوف النقمة
…
في الدجى يحمل قوت الصبية
وهو ممن بشروا بالجنة
…
لا يرى في حمله من حطة
بل قيامًا بحقوق المسلمين
…
فمضى بي مسرعًا نحو الصغار
…
فأتيناهم وهم في الانتظار
ولفرط الجوع بين الجنب نار
…
في استعار ما لهم منها قرار
ورأونا فاشرأبُّوا قائمين
…
قالت الأم اصبروا قد جاءنا
…
ذلك الشيخ بما فيه المنى
ولقد يسره الله لنا
…
والأمير غافل عن حقنا
في كتاب الله بالنصر المبين
…
فدنا منها برفق وابتسام
…
ودموع العين منها في انسجام
قال قومي هيئي هذا الطعام
…
معنا إن اليتامى لا تنام
بالطوى والله خير الرازقين
…
رحم الله أبا حفص عمر
…
وسقى بقعته صوب المطر
فلقد أبصرت أسلاك الشرر
…
تلفح اللحية منه بالسحر
وهو مهتم بإنضاج العجين
…
قالت الأم وقد رُمنا القيام
…
وتركنا عندها فضل الطعام
يا رعاك الله يا ساري الظلام
…
تحمل الأقوات للغرثى الصيام
أنت أولى من أمير المؤمنين
…
قال إي يرحمك الله اعدلي
…
واذكري خيرًا ولا تستعجلي
فإذا جئتِ الأمير فادخلى
…
تجديني قاعدًا في المنزل
وعليَّ الجد في ما تطلبين
…
وتنحى عنهم مستترا
…
رابضًا مربض آساد الشرى
وأنا أطلب تعجيل السرى
…
فإذا هو مقبل مستبشرا
شاكرًا لله رب العالمين
…
قال يا أسلم قد أسهرهم
…
قارس الجوع بل استعبرهم
ولذا أحببت أن أبصرهم
…
في سرور وكذا غادرهم
فلقد ناموا جميعًا باسمين
…
هكذا كانوا عبيد الأمة
…
لا غرانيق العلى والعزة
مزجوا شدتهم بالرحمة
…
ولذا شادوا صروح الرفعة
ومضوا شرقًا وغربًا فاتحين
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
... محمد نجيب الغرابلي
…
...
…
...
…
...
…
بمدرسة الحقوق
_________
(1)
فرخ الرجل: أي زال اضطرابه واطمأنَّ.