الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: في حكم صيام المريض والمسافر
والمريض على قسمين:
أحدهما: من كان مرضه لازماً مستمراَ لا يرجى زواله كالسرطان فلا يلزمه الصوم؛ لأنه ليس له حال يرجى فيها أن يقدر عليه، ولكن يطعم عن صيام كل يوم مسكيناً، إما بأن يجمع مساكين بعدد الأيام فيعشيهم أو يغديهم كما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعله حين كبر، وإما بأن يفرق طعاماً على مساكين بعدد الأيام لكل مسكين ربع صاع نبوي، أي ما يزن نصف كيلو وعشرة غرامات من البر الجيد، ويحسن أن يجعل معه ما يأدمه من لحم أو دهن، ومثل ذلك الكبير العاجز عن الصوم، فيطعم عن كل يوم مسكيناً.
الثاني: من كان مرضه طارئاً غير ميؤوس من زواله كالحمى وشبهها وله ثلاث حالات:
الحال الأولى: أن لا يشق عليه الصوم ولا يضره، فيجب عليه الصوم؛ لأنه لا عذر له.
الحال الثانية: أن يشق عليه الصوم، ولا يضره، فيكره له الصوم لما فيه من العدول عن رخصة الله تعالى مع الإشقاق على نفسه.
الحال الثالثة: أن يضره الصوم، فيحرم عليه أن يصوم لما فيه من جلب الضرر على نفسه، وقد قال تعالى:{وَلَا تَقْتُلُو"اْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} . وقال: {وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُو"اْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} . وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ضرر ولا ضرار» . أخرجه ابن ماجه، والحاكم، قال
النووي: وله طرق يقوي بعضها بعضاً، ويعرف ضرر الصوم على المريض إما بإحساسه بالضرر بنفسه، وإما بخبر طبيب موثوق به.
ومتى أفطر المريض في هذا القسم فإنه يقضي عدد الأيام التي أفطرها إذا عوفي، فإن مات قبل معافاته سقط عنه القضاء؛ لإن فرضه أن يصوم عدة من أيام أخر ولم يدركها.
والمسافر على قسمين:
أحدهما: من يقصد بسفره التحيل على الفطر، فلا يجوز له الفطر؛ لأن التحيل على فرائض الله لا يسقطها.
الثاني: من لا يقصد ذلك فله ثلاث حالات:
الحال الأولى: أن يشق عليه الصوم مشقة شديدة، فيحرم عليه أن يصوم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «كان في غزوة الفتح صائماً فبلغه أن الناس قد شق عليهم الصيام، وأنهم ينظرون فيما فعل فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشربه، والناس ينظرون، فقيل له: إن بعض الناس قد صاموا، فقال: «أولئك العصاة، أولئك العصاة» رواه مسلم.
الحال الثانية: أن يشق عليه الصوم مشقة غير شديدة، فيكره له الصوم لما فيه من العدول عن رخصة الله تعالى، مع الإشقاق على نفسه.
الحال الثالثة: أن لا يشق عليه الصوم فيفعل الأيسر عليه من الصوم والفطر، لقوله تعالى:{يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} والإرادة هنا بمعنى المحبة، فإن تساويا فالصوم أفضل؛ لأنه فعل النبي ئصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كما في صحيح مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان في حر شديد حتى إن كان أحدنا ليضع يده على