المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الخامس والتسعون: عداوته وعقابها - محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - جـ ٣

[ابن المبرد]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌الباب الثامن والستون: صدقاته ووقفه وعتقه

- ‌الباب التاسع والستون: نبذ من مسائل إختارها

- ‌الباب السبعون: كلامه في أصول الدين

- ‌الباب الحادي والسبعون: من روى عنه

- ‌الباب الثاني والسبعون: مقالة من فضله على أبي بكر وردها

- ‌الباب الثالث والسبعون: قوله عليه السلام: "كان فيمن كان قبلكم مُحَدَّثُون، وإن يكن في أمتي منهم أحدٌ فَعُمَرُ

- ‌الباب الرابع والسبعون: قوله عليه السلام: "ما طلعت الشّمس على رجل خير من عمر

- ‌الباب الخامس والسبعون: قوله عليه السلام: "لو كان بعدي نبيّ لكان عمر

- ‌الباب السادس والسبعون: طلبه الشهادة وحبه لها

- ‌الباب السابع والسبعون: طلبه الموت خوفا من عجزه عن الرعية

- ‌الباب الثامن والسبعون: نعي الجن له

- ‌الباب التاسع والسبعون: مقتله

- ‌الباب الثمانون: وصاياه ونيه عن الندب

- ‌الباب الحادي والثمانون: إظهاره الذل عند موته

- ‌الباب الثاني والثمانون: تاريخ موته ومبلغ سنه

- ‌الباب الثالث والثمانون: غسله والصلاة عليه ودفنه

- ‌الباب الرابع والثمانون: بكاء الإسلام على موته

- ‌الباب الخامس والثمانون: عظم فقده عند الناس

- ‌الباب السادس والثمانون: نوح الجن عليه

- ‌الباب السابع والثمانون: تعظيم عائشة له بعد دفنهم

- ‌الباب الثامن والثمانون: كلام علي فيه

- ‌الباب التاسع والثمانون: المنامات التي رآها

- ‌الباب التسعون: المنامات التي رُئيت له

- ‌الباب الحادي والتسعون: أولاده وأزواجه

- ‌الباب الثاني والتسعون: ضربه لولده على شرب الخمر

- ‌الباب الثالث والتسعون: ثناء الناس عليه

- ‌الباب الرابع والتسعون: محبته وثوابها

- ‌الباب الخامس والتسعون: عداوته وعقابها

- ‌الباب السادس والتسعون: أنه من أعلى أهل الجنة منزلة

- ‌الباب السابع والتسعون: أنه أول من تنشق عنه الأرض

- ‌الباب الثامن والتسعون: أنه لم يبل في قبره

- ‌الباب التاسع والتسعون: رؤيته في النوم

- ‌الباب المئة: نبذ متفرقة عنه

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌الباب الخامس والتسعون: عداوته وعقابها

‌الباب الخامس والتسعون: عداوته وعقابها

الباب الخامس والتسعون: في ذكر عداوته وعقابها

روى التّرمذي عن أيوب عن محمّد بن سيرين قال: "ما أظن رجلاً ينتقص أبا بكر وعمر يحبّ النبي صلى الله عليه وسلم" وقال: "حديث حسن غريب"1.

وفي الصحيحين عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسُبّوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهباً ما أدرك مدّ أحدِهم ولا نصيفه"2.

وفي النسائي عن عبد الله بن الزبير أن عمر رضي الله عنه قام بالجابية خطيباً فقال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا مقامي فيكم فقال: "أكرموا أصحابي فإنهم خياركم" 3.

1 الترمذي: السنن 5/619، وقال الألباني:"صحيح الإسناد مقطوع". (صحيح سنن الترمذي 3/204) .

2 البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1343، مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1967، رقم:2540.

3 عبد الرزاق: المصنف 11/341، وعبد بن حميد كما في المنتخب من مسنده 1/64، 65، والنسائي: السنن الكبرى (عشرة النساء) ص 289، والحديث صحيح لغيره، فيه عبد الملك بن عمير وهو مدلس وقد عنعن.

وقد ورد من طرق منها:

عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة عن عمر، رواه عن عبد الملك: جرير بن حازم، وجرير بن عبد الحميد، وشعبة.

أ- فمن طريق جرير بن حازم:

أبو داود الطيالسي: المسند ص 7، والنسائي: السنن الكبرى (عشرة النساء) ص 287، 288، وأبو يعلى: المسند 1/131، 132، ابن حبان الصحيح كما في الإحسان 8/257، الذهبي: سير أعلام النبلاء 7/102.

ب- ومن جرير بن عبد الحميد:

أحمد: المسند 1/26، ابن ماجه: السنن 2/791، النسائي: السنن الكبرى (عشرة النساء) ص 287، أبو يعلى: المسند 1/133، ابن مندة: كتاب الإيمان 3/962، الذهبي: سير أعلام النبلاء 7/102. قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 7/103: "هذا حديث صحيح، اتفق الجريران على روايته عن عبد الملك بن عمير.

وقال البوصيري في مصباح الزجاجة 3/53: "وهذا الإسناد رجاله ثقات، إلا أن فيه عبد الملك بن عمير وهو مدلس، وقد رواه بالعنعنة". وصححه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم:177.

ج- ومن طريق شعبة بن عبد الملك بن عمير:

الطبراني: المعجم الكبير 1/89، الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 2/187، 4/319.

وقد روي هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير على وجوه أخر عن عمر ذكرها الدارقطني في كتابه العلل الواردة في الأحاديث النبوية 2/122، 125، ثم قال:"ويشبه أن يكون الاضطراب في هذا الإسناد من عبد الملك بن عمير لكثرة اختلاف الثقات عنه في الإسناد. والله أعلم".

ثانياً: وممن روى هذا الحديث عن عمر ابنه عبد الله، وسعد بن أبي وقاص.

أ- رواية ابن عمر:

أحمد: المسند1/18، والنسائي: السنن الكبرى (عشرة النساء) ص 291، الطحاوي: شرح معاني الآثار 4/150، 151، والبيهقي: السنن: 7/91، والحاكم: المستدرك 1/113، وصححه، ووافقه الذهبي. قال الألباني بعد أن نقل كلام الحاكم، وموافقة الذهبي:"هو كما قالا". (الصحيحة 1/717) .

ب- رواية سعد بن أبي وقاص عن عمر:

الحاكم: المستدرك 1/114، 115، وصححه.

ص: 925

وذكر الشيخ موفق الدين في "المنهاج" عن عبد الرحمن بن سالم ابن عويم بن ساعدة عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله اختارني واختار لي أصحاباً، فجعل لي منهم أصهاراً وأنصاراً، فمن سبّهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً"1.

1 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 12 / أ، وقد سبق تخريجه ص 241.

ص: 926

وروى الإمام أحمد وغيره عن عبد لله بن مُغَفَّل المزني1 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله اللهَ في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً2 بعدي، من أحبّهم فبحبّي أحبّهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن سبّهم فعليه لعنة الله"3.

قال الصابوني4: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن مغفل"5.

وذكر الشيخ موفق الدين بسنده عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله اختارني واختار لي أصحاباً فجعلهم أصحابي، وأصهاري، وأنصاري، وسيأتي قوم من بعدهم يسبّونهم، أو قال: يبغضونهم فلا

1 صحابي بايع تحت الشجرة، ونزل البصرة، توفي سنة خمسين. (التقريب ص 325) .

2 الغرض: الهدف، والمعنى: لا تتخذوهم هدفاً ترموهم بقبيح الكلام كما يرمى الهدف بالسهام. (النهاية 4/360، فيض القدير 2/98) .

3 أحمد: المسند 4/87، 5/54، 57، فضائل الصحابة 1/47، البخاري: التاريخ الكبير 5/131، الترمذي: السنن 5/696، وابن أبي عازم: السنة 2/465، وعبد الله ابن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/48، وابن حبان: الصحيح، كما في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 9/189، واللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 1247، 1248، وأبو نعيم: الحلية 8/287، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 9/123.

وهو ضعيف، لأجل عبد الله بن عبد الرحمن - على الخلاف في اسمه - لم يوثّقه غير ابن حبان. (الثقات 5/46) .

أما البخاري فقد ساق له هذا الحديث في ترجمته ثم قال: "فيه نظر". وقال يحيى: "لا أعرفه". وقال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه". وضعفه الشيخ الألباني في تخريجه لكتاب السنة لابن أبي عاصم 2/465، وضعيف الجامع الصغير وزيادته 1/352.

4 إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني الحافظ، مؤلف كتاب عقيدة السلف وأصحاب الحديث، توفي سنة أربع مئة وتسع وأربعين. (البداية والنهاية 12/76، العبر في خبر من غبر 3/219) .

5 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 12 / أ.

ص: 927

تجالسوهم، ولا تواكلهم، ولا تناكحوهم، ولا تصلوا عليهم، ولا تصلوا معهم" 1.

وروى الشيخ موفق الدين بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سبّ أصحابي فعليه لعنة الله الملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً"2.

وقال ابن عمر: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله من سبّ أصحابي" 3.

1 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 12 / أ، ب، وهو ضعيف، لأجل عمر ابن أبي حفص ذكره البخاري ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. (التاريخ الكبير 6/184) . وفيه عبد الرحمن بن محمّد بن زياد، قال الحافظ ابن حجر:"لا بأس به، وكان يدلس". وقد عنعن. الخلال: السنة ص 483، من هذا الطريق: والعقيلي: الضعفاء الكبير 1/126، عن حمزة بن رشيد الباهلي، ولم أجد له ترجمة.

والعقيلي: الضعفاء الكبير 1/126، وفي إسناده رجل مبهم، وفيه - أيضاً - أبان ابن عياش متروك وكذبه شعبة. (تهذيب التهذيب 1/97) . وابن حبان: المجروحين 1/187، عن بشر بن عبد الله عن أنس وقال عن بشر:"منكر الحديث". وقال عن هذا الخبر: "هذا خبر باطل". والذهبي: ميزان الاعتدال 1/319، وقال:"هذان منكران جدّاً"، يشير إلى هذا الحديث وآخر قبله. والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 2/99، وفي إسناده محمّد بشير الكندي، قال فيه يحيى بن معين:"ليس بثقة". (اللسان 5/94) . وضعّفه الألباني كما في ضعيف الجامع الصغير وزيادته 2/68) .

2 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 12 / ب. وإسناده ضعيف. فيه عليّ ابن يزيد وأبو شيبة الجوهري وكلاهما ضعيف. (التقريب رقم: 4816، 7855) . وعبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/52، وابن عدي كما في الميزان 2/162، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 14/241، جميعهم من طريق عليّ بن زيد عن أبي شيبة. وله شاهد عن ابن عباس. ذكره الهيثمي: مجمع الزوائد 10/21، وقال:"أخرجه الطبراني وفيه عبد الله بن خراش وهو ضعيف".

3 العقيلي: الضعفاء 2/264، والطبراني: المعجم الكبير 12/434، والأوسط. قال الهيثمي: مجمع الزوائد 10/21: "وفي إسناد الطبراني عبد الله بن سيف الخوارزمي، وهو ضعيف".

وذكر هذا الحديث السيوطي في الجامع الصغير من رواية الطبراني ورمز لصحته، فتعقبه المناوي في فيض القدير 5/274، بقول:"رمز لصحته وهو زلل كيف وفيه عبد الله بن سيف، أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: "لا يعرف وحديثه منكر". وقال العقيلي في الضعفاء 2/264: "حديثه غير محفوظ وهو مجهول بالنقل". وبنحوه الترمذي: السنن 5/697، والبزار كما في كشف الأستار 3/293، 294، وإسنادهما ضعيف لأجل سيف بن عمر، والنضر بن حماد، أما سيف فقال الحافظ: "ضعيف الحديث عمدة في التاريخ) . (التقريب رقم: 2724)، وأما النضر فقد ضعّفه أبو حاتم. (الجرح والتعديل 8/479) . قال الترمذي:"هذا حديث منكر لا نعرفه من حديث عبد الله بن عمر إلاّ من هذا الوجه. والنضر مجهول، وسيف مجهول". كذا قال الترمذي في حقّ النضر وسيف وحالهما معروفة. وقال الهيثمي: مجمع الزوائد 10/21: "وفي إسناد البزار سيف بن عمر، وهو متروك".

ص: 928

وقال ابن عمر: "لا تسبّوا أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة خير من عبادة أحدكم أربعين سنة"1.

وذكر الشيخ موفق الدين عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة قالوا: "يا رسول الله أوصنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوصيكم بالسابقين المهاجرين الأوّلين، وأبنائهم من بعدهم إن لا تفعلوا لا يُقبل منكم صرف ولا عدل" 2.

وروى الطبراني3 في "المعجم الكبير" عن سهل بن يوسف بن سهل بن

1 سبق تخريجه ص 242.

2 البزار: المسند كما في كشف الأستار 3/292، والطبراني: المعجم الأوسط 1/482، كلاهما من طريق حميد بن القاسم بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده عن عبد الرحمن بن عوف به. قال البزار:"لم يروه إلا عبد الرحمن بن عوف ولا له إلا هذا الإسناد". وقال الطبراني: "لا يروي هذا الحديث عن عبد الرحمن إلا بهذا الإسناد". وحميد وأبوه القاسم لم يوثّقهما غير ابن حبان. (الثقات 8/196، 7/331) .

3 سليمان بن أحمد اللخمي، صاحب المعاجم الثلاثة، توفي سنة ستّين وثلاث مئة. (سير أعلام النبلاء 15/119) .

ص: 929

مالك، عن أبيه عن جده1 سهل بن مالك2 قال:"لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إن أبا بكر لم يسؤني قطّ، فاعرفوا ذلك له، يا أيها الناس إني راضٍ عن عمر، وعثمان، وعليّ، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، والمهاجرين الأوّلين، فاعرفوا ذلك لهم، يا أيها الناس إن الله قد غفر لأهل بدرٍ والحديبية، يا أيها الناس لا تسؤوني في أختاني، وأصهاري، وأصحابي، يا أيها الناس لا يطالبنكم أحد منهم [بمظلمة] 3 فإنها لا توهب، يا أيها الناس ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين، وإذا مات الرجل فقولوا فيه خيراً" 4.

1 قال ابن عبد البر في سهل وأبيه وجده: "كلهم لا يعرف". وقال الحافظ ابن حجر في سهل: "مجهول الحال". (الاستيعاب 2/666، اللسان 3/122) .

2 اختلف في صحبته فأثبتها ابن حجر وقال في نسبه: سهل بن مالك بن أبي كعب الأنصاري". (الإصابة 3/142) . وقال ابن عبد البر: "ابن عبيد بن قيس، ويقال فيه: سهل بن عبيد بن قيس". ثم قال بعد ذلك: "ولا تثبت لأحدهما صحبة ولا رواية". (الاستيعاب 2/666) .

3 سقط من الأصل.

4 الطبراني: المعجم الكبير 6/126، 127، العقيلي: الضعفاء 4/147، 148، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 2/119، وبن عبد البر: الاستيعاب 2/666، وموفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 15 / أ.

وهو حديث ضعيف لأجل خالد بن عمرو بن محمّد بن عمرو بن محمّد بن عبد الله ابن سعيد الأموي، فقد رماه ابن معين بالكذب، ونسبه صالح جزره وغيره إلى الوضع. (التقريب رقم: 1660) . قال ابن عبد البر: الاستيعاب 2/666: "حديث منكرٌ موضوعٌ". وقال الحافظ ابن حجر في: الإصابة 3/142: "ووقع للطبراني فيه وهم، فإنه أخرجه من طريق المقدمي عن عليّ بن يوسف بن محمّد عن سهل بن يوسف، واغتر الضياء المقدسي بهذه الطريق، فأخرج الحديث في المختارة، وهو وهم لأنه سقط من الإسناد رجلان فإن عليّ بن يوسف بن محمّد إنما سمعه من قنان بن أبي أيوب عن خالد بن عمرو عن سهل". وقد روى هذا الحديث سيف بن عمر في أوائل الفتوح عن أبي همام سهل بن يوسف بن مالك عن أبيه عن جده. ذكر ذلك الحافظ، ورد دعوى الدارقطني في (الأفراد) ، أن خالد بن عمرو تفرد به عن سهل.

ص: 930

وروى الشيخ موفق الدين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد افترض عليكم حبّ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، كما افترض عليكم الصلاة والصيام، والحجّ، فمن أبغض أحداً منهم أدخله الله النار"1.

وروى الشيخ موفق الدين عن وهب بن منبه قال: "رأيت أسقف قيسارية في الطواف فسألته عن إسلامه فقال: / [137 / أ] 2 "ركبت سفينة أقصد بعض المدن في جماعة من الناس فانكسرت السفينة فوثبت على خشبة يضربني الموج ثلاثة أيام بلياليها، ثم قذف بيَ الموج إلى غيضة فيها أشجار لها ثمر مثل النَبِق، ونهر مطرد، فشربت الماء وأكلت من ذلك الثمر، فلما جنّ الليل صعد من الماء شخص عظيم، وحوله جماعة لم أرَ على صورتهم أحداً، فقال بأعلى صوته: "لا إله إلا الله الملك الجبار محمّد رسول الله النبي المختار، أبو بكر الصديق صاحب الغار، عمر بن الخطّاب فتاح الأمصار، عثمان بن عفان حسن الجوار، عليّ بن أبي طالب قاصم الكفار، على باغضيهم3 لعنة الله، ومأواه جهنم وبئست الدار، ثم غاب، فلما كان بعد مضي أكثر الليل صعد ثانياً في أصحابه فنادى: لا إله إلا الله القريب المجيب، محمّد رسول الله النبي الحبيب، أبو بكر الصديق الشفيق الرفيق، عمر بن الخطّاب ركن من حديد،

1 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 16 / أ، ب، وهو ضعيف لأجل إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدبري، قال الذهبي: "ما كان الرجل صاحب حديث، إنما أسمعه أبوه واعتنى به، سمع من عبد الرزاق تصانيفه وهو ابن سبع سنين أو نحوها، وسماعه من عبد الرزاق متأخر جداً بعدما تغير. (ميزان الاعتدال 1/181) . وهذا الحديث من رواية إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق.

2 ق 137 / أوردت في مكانها الصحيح، وقد أوردت الترتيب الصحيح كما بدا لي.

3 في منهج القاصدين: (باغضهم) .

ص: 931

عثمان بن عفان الحيي الحليم، عليّ بن أبي طالب الكريم المستقيم، ثم بصر بيَ أحدهم فدنا مني فقال:"أجني أم إنسي؟ "، فقلت:"إنسي". قال: "ما دينك؟ "، قلت:"النصرانية"، قال:"أسلم تسلم، أما علمت أن الدين عند الله الإسلام"، فقلت:"ما هذا الشخص العظيم الذي نادى؟ "، قال:"هو التيار ملك البحار، هذا دأبه كلّ ليلة في بحر من البحور"، ثم قال:"غداً يمر بك مركب، فصح بهم، وأشر إليهم يحملوك إلى بلد الإسلام"، فلما كان من الغدّ مرّ مركبٌ، فأشرت إليهم، وكانوا نصارى، فحملوني، وقصصت عليهم قصتي، فأسلموا كما أسلمت، وضمنت لله لا أكتم هذا الحديث"1.

وفي "فضائل الصحابة" لإبراهيم بن عبد الرحمن المقدسي عن الأعمش قال: "خرجت في البلد في ليلة مظلمة أريد الجامع، فإذا بشخص قد عارضني فاقشعررت منه، فقلت: أمن الإنس أنت أم الجنّ؟ قال: "بل من الجن". فقلت: "من مؤمنها أم من كافرها؟ "، قال: "بل من مؤمنها". قلت: "فيكم من هذه البدع شيئاً؟ "، فقال: "نعم. إلاّ أنه ليس منا شرٌّ من المرجئة، ولا أرعَنَ من القدرية، ولا أجهل من الرافضة"، ثم قال لي: "ألا أحدثك بحديث؟ "، قلت: "بلى". قال: "أعلمك أنه وقع بيني وبين عفريت من الجنّ اختلافٌ في أبي بكر وعمر، فقال العفريت:"إن أبا بكر وعمر ظلما عليّ بن أبي طالب واعتديا عليه، وأخذا ما ليس لهما بحقّ، فقال لي: بمن ترضى؟ ". فقلت: "بإبليس، فأتينا إبليس وهو جالس على ساحل البحر على سرير من

1 موفق الدين ابن قدامة: منهاج القاصدين ق 18 / ب، 19 / أ، وفي إسناده مجاهيل، وفضل الخلفاء الأربعة وعلوّ مكانتهم ومنزلتهم جاء فيه من الأحاديث الصحيحة الصريحة ما يغني عن مثل هذا الحكايات.

ص: 932

الخشب، فلما نظر إلينا ضحك وقهقه، وقال:"فيما جئتماني؟ "، فقصصنا عليه القصة، فقال:"ألا أحدثكم بحديث؟ "، قلنا:"بلى". قال: "أُعَلِّمُكُم أني عبدت الله عزوجل في السماء الدنيا ألف عام، فسميت فيها العابد، ورفعت إلى السماء الثانية، فعبدت الله فيها ألف عام، فسميت فيها الزاهد، ورفعت إلى السماء الثالثة، فعبدت الله فيها ألف عام، فسميت فيها الراغب، ثم رفعت إلى السماء الرابعة فرأيت فيها ألف صنف من الملائكة يستغفرون لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ثم رفعت إلى السماء الخامسة، فرأيت فيها ألف صنف من الملائكة يلعنون مُلْعِنِي أبي بكر وعمر، فهذا قد رأيت، فإن شئتما فأحباهما، وإن شِئْتُمَا فأبغضاهما"1. / [136 / ب] 2.

وذكر ابن الجوزي عن أبي المُحَيَّاة3 التيمي4 قال: حدّثني مؤذنعليّ5 قال: "خرجت أنا وعمي إلى مُكْرَان6، وكان معنا رجل يَسُبُّ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فنهيناه فلم ينتهِ، فقلنا: اعتزلنا، فلما دنا خروجنا نَدِمْنا، فقلنا: لو صحبنا حتى نرجع إلى الكوفة، فلقينا غلاماً له، فقلنا له: قل لمولاك يعود إلينا قال: "إن مولاي قد حدّث به أمر عظيم، قد مسخت

1 إبراهيم المقدسي: فضائل الصحابة ق 308 / ب، 309 / أوفيهاطمس.

2 ق 36/ ب وردت في مكانها الصحيح، وقد أوردت الترتيب الصحيح كما بدا لي.

3 في الأصل: (المحيا) .

4 يحيى بن يعلى التيمي، الكوفي، ثقة، من الثامنة. (التقريب ص 598) .

5 ابن أبي طالب.

6 في الأصل: (بكران)، وهو تحريف. قال ياقوت في معجم البلدان 5/180: "وهي ولاية واسعة تشتمل على مدن وقرى، وهذه الولاية بين كرمان من غربيّها وسجستان شماليها، والبحر جنوبيها والهند في شرقيها.

ص: 933

يداه يدا خنزير، قال: فأتيناه فقلنا له: ارجع إلينا، فقال:"إنه قد حدث بيَ أمر عظيم"، وأخرج ذراعيه / [137 / ب] فإذا هما ذراعاً خنزير، قال: فصحبنا حتى انتهينا إلى قرية من قرى السواد كثيرة الخنازير فلما رآها صاح صيحة ووثب فمسخ خنزيراً1، وخفي علينا فجئنا بغلامه ومتاعه إلى الكوفة"2.

قال أبو المحياة: وحدّثني رجل قال: "خرجنا في سفر ومعنا رجل يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فنهيناه، فلم ينته، فخرج لبعض حاجته، فاجتمع عليه الدبر - يعين: الزنابير3 - فاستغاث، فأغثناه، فحملت علينا حتى تركناه، فما أقلعت عنه حتى قطعته"4.

وعن خلف بن تميم5 قال: "سمعت بشيراً - ويكنى: أبا الخصيب6 قال: "كنت رجلاً تاجراً، وكنت موسراً، وكنت أسكن مدائنَ كسرى، وذلك

1 في الأصل: (خنزير) .

2 ابن الجوزي: مناقب ص 254، 255، وابن أبي الدنيا: مجابو الدعوة ص 108، والضياء المقدسي: النهي عن سبّ الأصحاب ص 92، وهو ضعيف لجهالة شيخ أبي المحياة، وفيه - أيضاً - سويد بن سعيد الهروي، قال فيه الحافظ ابن حجر: "صدوق في نفسه إلاّ أنه عمي، فصار يتلقن ما ليس من حديثه، فأفحش فيه ابن معين القول. (التقريب ص 2690) .

3 الزنبور: الدبر وهي تؤنث والزنابير لغة وربما سميت النحلة زنبوراً والجمع: الزنابير. (حياة الحيوان للدميري 2/9) .

4 ابن أبي الدنيا: مجابو الدعوة ص 109، وعبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/233، وإسنادهما ضعيف لإبهام شيخ أبي المحياة، وفيه سويد بن سعيد، وهو ضعيف. وابن الجوزي: مناقب ص 255، بدون إسناده.

5 أبو عبد الرحمن الكوفي، نزيل المصيصة، صدوق عابد، من التاسعة، توفي سنة ستّ ومئتين. (التقريب ص 194) .

6 لم أجد له ترجمة.

ص: 934

في زمن ابن هبيرة1 قال: فأتاني أجيري فذكر أن في بعض خانات2 المدائن رجلاً قد مات، ولم يوجد له كفن، فأقبلت حتى دخلت ذلك الخان، فدفعت إلى رجل مُسَجَّى، وعلى بطنه لبنةٌ، ومعه نفرٌ من أصحابه، فذكروا من عبادته وفضله، [قال:] 3 فبعثتُ يُشْتَرى4 الكفن وغيره، وبعثت إلى حافر يحفر له، وهيّأ له لبناً، وجلسنا نُسَخِّن له ماء لنغسّله، فبينا نحن كذلك، إذ وثب الميتُ وثبةً فندرت اللبنة عن بطنه، وهو يدعو بالويل والثُّبورِ والنار، فتصدّع أصحابه عنه، قال: فدنوتُ منه حتى أخذت بعضده وهَزَزته، ثم قلت: ما أنت5 وما حالك؟ فقال: "صحبت مَشْيَخة من أهل الكوفة، فأدخلوني في دينهم، أو في رأيهم الشكّ من أبي الخصيب في سبّ أبي بكر وعمر والبراءة منهما"، قال: قلت: اسْتَغْفِر الله، ثم لا تعد. قال: فأجابني: "وما ينفعني، وقد انطُلِقَ بيَ إلى مدخلي من النار، فرأيته، وقيل لي: إنك سترجع إلى أصحابك، فتُحَدِّثُهم بما رأيت، ثم تعود إلى حالك؟ "، قال: فما انقضت كلمتُه حتى مال ميتا على حاله الأوّل، فانتظرت حتى أُتيتُ بالكفن، فأخذته، ثم قمت، فقلت: لا كَفَّنْتُهُ، ولا غَسَّلْتُهُ، ولا صَلَّيتُ عليه، ثم انصرفت، فأُخبِرتُ بعد أن القوم الذين كانوا معه كانوا على رأيه،

1 عمرو بن هبيرة بن معاوية الفزاري الشامي، أمير العراقيين ووالد أميرها يزيد، كان ينوب ليزيد بن عبد الملك فعزله هشام، توفي سنة سبع مئة. تقريباً. (المعارف ص 408، سير أعلام النبلاء 4/562) .

2 الخان: الحانوت: فارسي معرب، وقيل: الخان الذي للتجار. (لسان العرب 13/146) .

3 سقط من الأصل.

4 في الأصل: (اشترى) ، وهو تحريف.

5 في المصادر: (ما رأيت) .

ص: 935

ولوا1 غسله، ودفنه، والصلاة عليه. وقالوا:"ما الذي أنكرتم من صاحبنا، إنما كانت خطفه من الشيطان تكلم بها على لسانه".

قال خلف: فقلت: "يا أبا الخصيب هذا الذي حدّثتني به شهدته؟ "، قال:"نظر عيني وسماع أذني، وأنا أؤدّيه إلى الناس"2.

وعن أبي الحُباب3 وهو عمّ عمار بن سيف الضبِي4 قال: "كنا في غزاةٍ في البحر وقائدنا موسى بن كعب5، ومعنا في المركب رجل من أهل الكوفة يكنى: أبا الحجاج، قال: فأقبل يشتمُ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فزجرناه فلم ينزجر، ونهيناه ولم ينته، فأرسينا إلى جزيرة في البحر، فتفرقنا فيها نتأهّبُ / [138 / أ] لصلاة الظهر، فأتانا صاحب لنا، فقال: "أدركوا أبا الحجاج فقد أكلتهُ النحلُ، فدفعنا إلى أبي الحجاج وهو ميت، وقد أكَلَتْهُ الدَّبْرُ - وهي: النحل -.

قال6: وزادني في هذا الحديث ابن المبارك7: قال أبو الحباب: "فحفرنا له لندفنه فاستوعرت علينا الأرض، قال: "وما استوعرت؟ "، قال: صلبت8، فلم نقدر على أن نحفر له، فألقينا عليه ورق الشجر والحجارة، وتركناه".

1 في النهي عن سبّ الأصحاب: (وولوا)، وفي مناقب عمر:(وتولوا) .

2 ابن أبي الدنيا: من عاش بعد الموت ص 25، وإسناده حسن إلى بشير أبي الخصيب. الضياء المقدسي: النهي عن سبّ الأصحاب ص 90، 91، واللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1256، وابن الجوزي: مناقب ص 255، 256.

3 لم أجد له ترجمة.

4 أبو عبد الرحمن الكوفي، ضعيف الحديث عابد، توفي بعد الستّين ومئة. (التقريب ص 407) .

5 التميمي المرائي أحد النقباء في دولة بني العباس.

6 القائل: خلف بن تميم.

7 نجدة بن المبارك السلمي. (شرح أصول أهل السنة 4/1255) .

8 الصُّلب: المكان الغليظ المُحَجَّر. (القاموس ص 153) .

ص: 936

قال خلف: "وكان صاحب لنا يبول، فوقعت نحلة على ذكره، فلم تضره فعلمنا أنها مأمورة"1.

وعن أبي الحسين أحمد بن عبد الله السوسنجردي2 قال: "كان في جوارنا رجل يقرأ القرآن، يعرف بأبي الحسن بن عرنة3، وكان يختلف إلى شيخنا أبي الحسن بن أبي عمر المقرئ4، فبات ليلة، وقد عمي، فسئل عن ذلك فقال: "كنت في مجلس في شارع باب الكوفة فذكر رجل بحضرة جماعة أبا بكر وعمر رضي الله عنهما بسوء، فما أنكرت، وكنت قادراً على الإنكار، فلما كان الليل رأيت عليّاً بن أبي طالب رضي الله عنه في النوم، فقال لي:"لم لا تنكر على من ذكرهما بسوء؟ "، فضرب رأسي بمرزبة فأصبحت أعمى"5.

وعن محمّد بن عليّ السمان6 قال: "سمعت رضوان السمان7 قال: "كان لي جار في منزلي وسوقي، وكان يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قال: فكثر الكلام بيني وبينه، فلما كان ذات ليلة شتمهما وأنا حاضر، حتى وقع بيني وبينه كلام، حتى تناولني وتناولته، فانصرفت إلى منزلي وأنا

1 ابن الجوزي: مناقب ص 256، والضياء المقدسي: النهي عن سبّ الأصحاب ص 97، 98، وفيه أبو الحباب، لم أجد له ترجمة. واللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1255، عن عمير أبي الحباب عن عمار بن سيف الضبي.

2 ثقة، حسن الاعتقاد، شديداً في السنة، توفي سنة اثنتين وأربع مئة. (تاريخ بغداد 4/237) .

3 لم أجد له ترجمة.

4 لم أجد له ترجمة.

5 ابن الجوزي: مناقب ص 256، بدون إسناد.

6 لم أجد له ترجمة.

7 لم أجد له ترجمة.

ص: 937

مغموم حزين، ألوم نفسي، قال: فنمت، وتركت العشاء من الغم، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي في ليلتي، فقلت له: يا رسول الله، فلان جاري في منْزلي وفي سوقي، هو يعيب أصحابك، قال:"من أصحابي؟ "، فقلت: أبا بكر وعمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خذ هذه المدية فاذبحه بها". قال: فأخذته فأضجعته فذبحته، فرأيت كأن يدي أصابها من دمه، قال: فألقيت المدية وأوهيت بيدي إلى الأرض أمسحها، فانتبهت، وأنا أسمع الصراخ من نحو داره، قلت: انظروا ما هذا الصراخ؟، قالوا: فلان مات فجأة، فلما أصبحنا نظرت إليه فإذا خطّ في موضع الذبح"1.

وقال أبو بكر بن عبيدة2: وحدّثني أبو بكر الصّيْرَفي3 قال: مات رجل كان يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ويرى رأي جهم4، فأريه رجل في النوم كأنه عريان على رأسه خرقة سوداء وعلى عورته أخرى، قال:"ما فعل الله بك؟ "، قال:"جعلني مع بكر القصّ، وعون بن الأعسر، وهما نصرانيان"5.

وعن المعافي بن عمران6 قال: "قال سفيان الثوري: "كنت امرءًا أغدو إلى الصلاة بغلسٍ، فغدوت ذات يوم، وكان لنا جار له كلب عقور،

1 عبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/299، وفي إسناده محمّد بن عليّ السمان، ورضوان السمان لم أجدهما. وابن الجوزي: مناقب ص 257.

2 لم أجد له ترجمة.

3 يعقوب بن أحمد النيسابوري، قال الذهبي: "كان صحيح الأصول مُحتَشِماً، توفي سنة ستّ وسّتين وأربع مئة. (تذكرة الحفاظ 3/1160، سير أعلام النبلاء 18/245) .

4 جهم بن صفوان السمرقندي، مولى بني راسب، أخذ الكلام عن الجعد بن درهم، أظهر مذهبه في ترمذ، وخرج مع اليمانية، فقتله سلم بن أحوز المازني التميمي. رحمه الله سنة128هـ (انظر البداية والنهاية9/364، 10/19، 28، تاريخ الجهمية ص7) .

5 ابن الجوزي: مناقب ص 257.

6 الأزدي الموصلي، ثقة عابد فقيه، توفي سنة خمس وثمانين ومئة. (التقريب ص 537) .

ص: 938

فجعلتُ أنظر حتى يتنحى، فقال الكلب:"جز يا أبا عبد الله فإنما أمرتُ بمن / [138 / ب] يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما"1.

وعن أبي روح2 رجل من الشيعة قال: "كنا بمكة في المسجد الحرام قعوداً3، فقدم رجل نصف وجهه أسود، ونصف وجهه أبيض، فقال: "أيها الناس اعتبروا بيَ، فإني كنت امرءاً أتناول4 الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما أسبهما، فبينا أنا ذات ليلة في منامي إذ أتاني آتٍ، فرفع يده فلطم حرّ وجهي وقال لي:"يا عدوّ الله، يا فاسق، أتسبّ الشيخين: أبا بكر وعمر رضي الله عنهما؟ فأصبحت وأنا على هذه الحال"5.

وعن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة6 قال: كان لنا جار طحان رافضي، وكان له بغلان، سمى أحدهما أبا بكر والآخر عمر، فرمحه ذات ليلة أحدهما فقلته، فأخبر أبو حنيفة فقال:"البغل الذي رمحه الذي سماه عمر، فنظروا فكان كذلك"7.

وعن يوسف بن إبراهيم بن الحسن الخياط8 شيخٌ صالح قال: "كان في

1 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1258، والضياء المقدسي: النهي عن سبّ الأصحاب ص 112.

2 لم أجد له ترجمة.

3 في الأصل: (قعود) .

4 في الأصل: (تناول) .

5 ابن الجوزي: مناقب ص 257، 258، بدون إسناد.

6 الكوفي القاضي، تكلموا فيه، من التاسعة. توفي في خلافة المأمون. (التقريب ص 107) .

7 ابن الجوزي: مناقب ص 258، بدون إسناد.

8 لم أجد له ترجمة.

ص: 939

الجانب الشرقي في وقت أبي الحسن بن بويه12، رجل ديلمي من قواده، ويسمى جبنه3 مشهور من وجوه عسكره، فبينا هو واقف يوماً في موسم الحجّ ببغداد، وقد أخذ الناس في الخروج إلى مكّة، إذ عبر به رجل يعرف بعليّ الدقاق، قال: يوسف: هو حدّثني بهذه القصة وشرحها، إذ كان هو صاحبها والمبتلى بها، وكنت أسمع غيره من الناس يذكرونها لشهرتها، إلا أنّي سمعته يقول: عبرت على جنبه فقال لي: "يا عليّ هو ذا الحجّ هذه السنة". فقلت: لم يتفق لي حجة إلى4 الآن، وأنا في طلبها، فقال لي جواباً عن كلامي:"أنا أعطيك حجة"، فقلت له: هاتها، فقال:"يا غلام مرّ إلى الصيرفي وقل له: يزن له عشرين ديناراً"، فمررت مع غلامه فوزن لي عشرين ديناراً فرجعت إليه، فقال لي:"أصلح أمورك، فإذا عزمت على الرحيل فأرني وجهك لأوصيك بوصية، فانصرفت عنه وهيأت أموري ورجعت إليه فقال لي: "أولا قد وهبت هذه الحجة لك ولا حاجة لي بها، ولكن أحملك رسالة إلى محمّد"، فقلت: ما هي؟. قال: "قل له: أنا بريء من صاحبيك أبي بكر وعمر اللذين معك"، ثم حلفني بالطلاق لتقولنها وتبلغن هذه الرسالة إليه، فورد عليّ مورد عظيم، وخرجت من عنده مهموماً حزيناً، وحججت ودخلت المدينة، وزرت قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرت متردداً في الرسالة أبلغها

1 في الأصل: (توبه) ، وهو تصحيف.

2 أحمد بن بويه الديلمي، معز الدولة، الذي أظهر الرفض، فلما أحسّ بالموت أظهر التوبة. ورد كثيراً من المظالم، ورجع إلى السنة ومتابعتها، توفي سنة ستّ وخمسين وثلاث مئة. (البداية والنهاية 6/279) .

3 في الأصل غير منقوط، والمثبت من شرح أصول أهل السنة.

4 في السنة، ومناقب عمر:(إلا) .

ص: 940

أم لا أبلغها. [و] 1 فكرت أني إن لم أبلغها طلقت امرأتي، وإن بلغتها عظمت عليّ مما أواجه به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستخرت الله عزوجل في القول وقلت: إن فلاناً بن فلان يقول كذا وكذا وأديت الرسالة بعينها، واغتممت غمّاً شديداً / [139 / أ] وتنحيت ناحية، فغلبتني عيناي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"قد سمعت الرسالة التي أديتها، فإذا رجعت فقل له: يا عدوّ الله أبشر بيوم التاسع والعشرين من قدومك بغداد، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك: أبشر بنار جهنم" وقمت، وخرجت، ورجعت إلى بغداد، فلما عبرت إلى الجانب الشرقي، فكرت أن هذا رجل سوء بلغت رسالته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أبلغ إليه رسالته، وما هو إلاّ أن أخبره، فيأمر بقتلي أو يقتلني بيده، وأخذت أقدم وأؤخر، وقلت: لأقولنّها ولو كان فيها قتلي، ولا أكتم رسالته صلى الله عليه وسلم وأخالف أمره، فدخلت عليه قبل الدخول على أهلي، فما هو إلاّ أن وقعت عينه عليّ، فقال:"يا دقاق ما عملت في الرسالة؟ "، قلت: أديتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن قد حملني جوابها، قال:"وما هو؟ "، فقصصت عليه رؤياي، فنظر إليّ وقال:"إن قتلَ مثلك عليّ هين وسبّ وشتم، وكان في يده زوبين2 فهزّه في جوهي ولكن لأتركنك إلى اليوم الذي ذكرته، ولأقتلنك بهذا الزوبين". ولامني الحاضرون، وقال لغلامه:"أحبسه في الإصطبل3 وقيده". فَحُبِست وقُيدت، وجاءني أهلي وبكوا عليّ ولاموني، فقلت: قضى الذي كان ولا أموت إلا بأجل، فلم تزل تمرّ الأيام والناس

1 سقط من الأصل.

2 هكذا في الأصل والسنة، وفي مناقب عمر:(زوتين) .

3 الإصطبل: موقف الدّواب. (القاموس ص 1242) .

ص: 941

يتفقدوني ويرحموني مما أنا فيه، حتى مضت سبعة وعشرون يوماً، فلما كانت الليلة الثامنة والعشرون اتخذ الديلمي دعوة عظيمة، وأحضر فيها وجوه قواد العسكر، وجلس معهم للشرب فلما كان نصف الليل جاءني السائس فقال لي:"يا دقاق القائد قد أخذته حمى عظيمة وقد تدثر1 بجميع ما في الدار وهو ينتفض". وكان على حالته اليوم الثامن والعشرين، وأمسى ليلة التاسع والعشرين، ودخل السائس نصف الليل وقال:"يا دقاق مات القائد". وحل عني القيد، فلما أصبحنا اجتمع الناس من كل وجه، وجلس القواد للعزاء، وأخرجت أنا، فاستعادني2 الناس فقصصت عليهم، فرجع جماعة كثيرة عن مذاهبهم الردية، وخليت أنا"3.

وعن زائدة بن قدامة4 قال: قلت لمنصور بن المُعْتَمِر5: "اليوم الذي أصومه أقع في الأمراء؟، قال: "لا". قلت: "فأقع فيمن يتناول أبا بكر وعمر؟ "، قال: "نعم"6.

وعن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: قلت لأبي: "لو سمعت رجلاً

1 تَدَثَّرَ: أي: تلفّف في الدّثار. (لسان العرب 4/276) .

2 استَعَدْتُه الشيء فأعادَه إذا سألته أن يفعله ثانياً. (لسان العرب 3/317) .

3 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1258، 1259، والضياء المقدسي: النهي عن سبّ الأصحاب ص 94، 95، ومداره على أبي بكر بن أبي الطيب ولم أجد له ترجمة. ابن الجوزي: مناقب ص 258، 259.

4 الثقفي، ثقة، ثبت، صاحب سنة، من السابعة. توفي سنة ستّين ومئة. وقيل: بعدها. (التقريب ص 213) .

5 السُّلمي الكوفي، ثقة ثبت، وكان لا يدلس، توفي سنة اثنتين وثلاثين ومئة. (التقريب ص 547) .

6 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1266، وفي إسناده إسحاق بن بشر، وهو متروك الحديث. (ميزان الاعتدال 1/184) .

ص: 942

يسبّ أبا بكر وعمر ما كنت تصنع؟ قال: "كنت أضرب عنقه"1.

وعن محمّد بن يحيى الواسطي، قال:"رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال: "ههنا قوم يشتمون أبا بكر وعمر وهما مني / [139 / ب] بمنزلة هاتين وقرن بين إصبعيه المسبحة والوسطى فمن شتمهما فقد شتمني"2.

وذكر أبو القاسم الأصفهاني في "سيرة السلف"، قال المهدي3:"ما فتشت رافضيّاً قطّ إلاّ وجدته زنديقاً"4.

وقال طلحة بن مُصَرِّف5: "لولا أني على وضوء لخبرتك ببعض ما [تقول] 6 الشيعة"7.

وعن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: قلت لأبي: "لو أتيت برجل يسبّ أبا بكر رضي الله عنه ما كنت صانعاً؟ قال: "أضرب عنقه". قلت: فعمر؟ قال: "أضرب عنقه"8.

وقال مسلم البطين9:

1 اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1261، بدون إسناد، وابن الجوزي: مناقب ص 260، بدون إسناد. وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 151، والضياء المقدسي: النهي عن سبّ الأصحاب ص 86، وإسناده حسن، وابن قتيبة: الصار المسلول ص 589.

2 ابن الجوزي: مناقب ص 260، بدون إسناد.

3 محمّد بن عبد الله العباسي الهاشمي الخليفة العباسي. (سير أعلام النبلاء 7/400) .

4 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 91، اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1267) .

5 اليامي الكوفي، ثقة قارئ فاضل، توفي سنة عشرة ومئة. (التقريب ص 283) .

6 مطموس في الأصل.

7 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص91، اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1269.

8 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 92، وقد سبق تخريجه ص 1117.

9 ابن عمران، ويقال: ابن أبي عمران، أبو عبد الله الكوفي، ثقة. (التقريب ص 530) .

ص: 943

أنى تعاتب لا أبا لك رفقة

علقوا الفِرَى وبروا من الصديق

وبروا سفاهاً من وزير نبيهم

تبّاً لمن يتبرأ من الفاروق1

وذكر أبو القاسم الأصفهاني قال: "بلغ عليّاً رضي الله عنه أن ابن السوداء ينتقص أبا بكر وعمر-رضي الله عنهما-فدعا به، ودعا له بالسيف، وهم بقتله، فكلم فيه، فقال: لا يساكني ببلدة أنا فيها، فسيره إلى المدائن"2.

وسمعت بعضهم يخبر: أن قيم حمام حلق رأس شخص ثم أراد أن يحك رجليه فوجد في أسفل رجله أبا بكر وعمر، فقال له:"ألا أحلق لك تحت لحيتك؟ "، ولم يكن في الحمام غيرهما، قال:"نعم". فذبحه، ثم فزع وخرج، فدخل شخص فوجده خنزيراً، فقال:"ما هذا الخنزير الذي في الحمام؟ "، فدخلوا إليه فوجدوه قد صار في صورة خنزيرٍ، أو ما هذا معناه".

وأُخْبِرْتُ: أنه قطّ ما قتل سني أحداً منهم ولا خاف إلاّ وحول الرافضي خنزيراً.

وأخبرت أن عامتهم يتحولون في قبورهم كذلك.

فصل

الرافضة لا يتركون على بدعتهم، ومن علم به منهم استتيب فإن تاب وإلاّ قتل، لأنهم كفار، وكفرهم بأشياء منها:

1 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 141، ابن أبي عاصم: السنة 2/484، 485، وإسناده صحيح. الطبري: تهذيب الآثار رقم: 1001، اللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1329، قال الألباني:"إسناده صحيح، ورجاله ثقات رجال الشيخين".

2 أبو القاسم الأصفهاني: سير السلف ص 162، والعشاري: فضائل الصديق ص 9، واللالكائي: شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4/1264.

ص: 944

تكذيبهم لله ورسوله، فيما أخبر به من فضل أبي بكر وعمر، ومن تركهم على بدعتهم فهو فاسق.

واختلف في تكفير من لم يكفرهم، وقد ذكرنا الكلام على هذا في "فضائل أبي بكر" وما شابهت الرافضة اليهود فيه1.

وفي "مسند الإمام أحمد" قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يظهر في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الإسلام"2. / ب 140 / أ] .

1 قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أما من اقترن بسبّه دعوى أن عليّاً إله، أو أنه كان هو النبي وإنما غلط جبريل في الرسالة، فهذا لا شكّ في كفره، بل لا شكّ في كفر من توقف في تكفيره. . .

وأما من سبّهم سبّاً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم، - مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم، أو عدم الزهد، ونحو ذلك - فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك. وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم.

وأما من لعن وقبّح مطلقاً فهذا محل الخلاف فيهم، لتردد الأمر بين لعن الغليظ ولعن الاعتقاد.

وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدّوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ نفراً قليلاً لا يبلغون بعضة عشر نفساً، أو أنّهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضاً في كفره؛ لأنه مكذّب لما نصّه القرآن في غير موضع: من الرضي عنهم والثناء عليهم، بل من يشكّ في كفر مثل هذا فإن كفره متعيّن، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب أو السنة كفار أو فساق، وأن هذه الآية التي هي:{كُنْتُم خيرَ أمَّةٍ أُخْرِجَت للنَّاس} وخيرها هو القرن الأوّل، كان عامتهم كفاراً أو فساقاً، ومضمونها أن هذه الأمّة شرّ الأمم وأن سابقي هذه الأمّة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام". (الصارم المسلول ص 586، خلق أفعال العباد ص 13) .

2 عبد الله بن أحمد في زيادته على المسند 1/103، والسنة 2/546، وإسناده ضعيف فيه يحيى بن المتوكل وكثير النواء، وهما ضعيفان. (التقريب رقم: 5605، 7633) ، وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم:808.

ص: 945