الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب المئة: نبذ متفرقة عنه
…
الباب المائة: في نبذ متفرقة فيه
في الصحيح عن حذيفة: أن عمر بن الخطّاب قال: "أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ "، فقال حذيفة: أنا كما قال، قال:"هات إنك لجرئ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". قال: "ليست هذه، ولكن التي تموج كموج البحر". قال: يا أمير المؤمنين، لا بأس عليك منها، إن بينك وبينها باباً مغلقاً، قال:"يفتح الباب أو يكسر؟ "، قال: لا، بل يكسر، قال:"ذاك أحرى أن لا يُغلق"، قلنا:"علم عمر الباب؟ "، قال: نعم. كما أن دون غدٍ ليلة إني حدثته حديثاً ليس بالأغاليط، فهبنا أن نسأله، وأمرنا مسروقاً1 فسأله، فقال:"من الباب؟ "، فقال: عمر"2.
وعن أبي هريرة رضي الله غنه قال: "أصابني جهد شديد، فلقيت عمر بن الخطّاب رضي الله غنه فاسْتَقْرَأْتُهُ آيةً من كتاب الله، فَدَخَلَ داره وفَتَحَها عليَّ فمشيتُ غير بعيدٍ فخررتُ لوجهي من الجهدِ والجوع، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ على رأسي فقال: "أباهر؟ "، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، فأخذ بيدي فأقامني، وعرف / [141 / ب] الذي بيَ، فانطلق بيَ إلى رحله، وأمر لي بعُسٍّ من لبنٍ فشربتُهُ منه، ثم قال: "عُدْ"، فعدت فشربت منه
1 مسروق بن الأجدع.
2 البخاري: الصحيح، كتاب المناقب 3/1314، رقم: 3393، مسلم: الصحيح، كتاب الفتن وأشراط الساعة، 4/2218، رقم:144.
حتى استوى بطني فصار كالقدْحِ1، قال: فلقيت عمر فذكرت له الذي كان من أمري، فقلت له: تولّى ذلك من كان أحقَّ به منك يا عمرُ، والله لقد استقرأتُك الآية وأنا أقرأها لها منك، فقال عمر:"والله لأن أكون أدخلتك أحبّ إليَّ من أن يكون ليّ مثل حُمْر النَّعَم"2.
العسّ: هو القدح الضخم3.
وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن أبي بكر4 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن ربّي أعطاني سبعين ألفاً من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب". فقال عمر: "يا رسول الله فهلاّ استزدته؟ "5، قال:"قد استزدته فأعطاني مع كل رجل سبعين ألفاً"، قال عمر: فهلاّ استزدته. قال: "قد استزدته، فأعطاني مع كل رجل سبعين ألفاً"، قال عمر:"فهلاّ استزدته؟ "، قال:"قد استزدته فأعطاني هكذا"، وفرّج عبد الله بن بكر6 بين يديه، وقال عبد الله7:"وبسط باعيه، وحثا عبد الله8، وقال هشام9: "وهذا
1 القدح: السهمُ قبل أن يُراشَ ويُنصلَ. (القاموس ص 301) .
2 البخاري: الصحيح، كتاب الأطعمة 5/2055، رقم:5060.
3 انظر: القاموس ص 719.
4 الصّديق، شقيق عائشة، أسلم قبيل الفتح، توفي سنة ثلاث وخمسين فجاءة، وقيل: بعد ذلك. (التقريب ص 337) .
5 مطموس في الأصل، سوى (استزد) .
6 السهمي الباهلي البصري، نزيل بغداد، ثقة، توفي في المحرم سنة ثمان ومئتين. (التقريب ص 3234) .
7 ابن بكر.
8 ابن بكر.
9 ابن حسان الأزدي القُردُوسي، ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، من السادسة، توفي سنة سبع - أو ثمان - وأربعين ومئة. (التقريب ص 752) .
من الله يُدْرَى ما عدَدُه؟ "1.
وفيه عن عروة أن عبد الرحمن بن عوف قال: "أقطعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا، فذهب الزبير إلى آل عمر، فاشترى نصيبه منهم، فأتى عثمان بن عفان فقال: "إن عبد الرحمن بن عوف زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا، وإني اشتريت نصيب آل عمر". فقال عثمان بن عفان:" [عبد الرحمن] 2 جائز الشهادة له وعليه"3.
وفيه عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: "سمع عمر بن الخطّاب صوت ابن المُغْتَرف، أو ابن الغَرِف الحادي في جوف الليل، ونحن منطلقون إلى مكّة فأوضع عمر رضي الله عنه راحلته حتى دخل مع القوم، فإذا هو مع عبد الرحمن، لما طلع الفجر، قال عمر: "هيء الآن، اسكت اسكت الآن قد طلع الفجر، اذكروا الله". قال: ثم أبصر على عبد الرحمن خفين قال: "وخفان؟! "، فقال: "قد لبستهما مع من هو خير منك، أو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر:
1 أحمد: المسند 3/155، 156، وإسناده ضعيف، فيه القاسم بن مهران مجهول الحال. وقال الهيثمي:"رواه أحمد والبزار بنحوه، والطبراني بنحوه، وفي أسانيدهم القاسم بن مهران عن موسى بن عبيد وموسى بن عبيد هذا هو مولى خالد بن عبد الله بن أسيد، ذكره ابن حبان في الثقات، والقاسم بن مهران ذكره الذهبي في الميزان، وأنه لم يرو عنه إلاّ سليم بن عمرو النخعي، وليس كذلك. فقد روى عنه هذا الحديث هشام بن حسان، وباقي رجال إسناده محتج بهم في الصحيح". (مجمع الزوائد 10/411) .
2 سقط من الأصل.
3 أحمد: المسند 3/133، وإسناده صحيح. وصحّح أحمد شاكر إسناده في تخريجه لأحاديث المسند، رقم:1670.
"عزمت عليك إلا نزعتهما، فإني أخاف أن ينظر الناس فيقتدون بك"1.
وفيه عن طلحة بن عبيد الله أن عمر رآه كئيباً فقال له: "ما لك يا أبا محمّد كئيباً؟، لعلك ساءتك إمارة ابن عمك؟ "، - يعني: أبا بكر - قال: لا، وأثنى على أبي بكر، ولكني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا فرّج الله عنه كربته وأشرق لونه"، فما منعني أن أسأله عنها إلاّ القدرة عليها حتى مات، فقال له عمر:"إني لأعلمها"، فقال له طلحة:"وما هي؟ "، فقال له عمر:"هل تعلم كلمة هي أعظم من كلمة أمر بها عمّه: "لا إله إلاّ الله؟ "، فقال طلحة: "هي والله هي"2. / [142 / أ] .
فصل
ذكر جماعة أنّ كُتَّابَ عُمَرَ عَبْدُ الله بن خلف الخزاعي3، وزيدٌ بن ثابت، وعلى بيت المال عبد الله4 بن أرقم5، وأن قُضَاته يزيد بن أخت النمر بالمدينة، وأبو أمية شريح بن الحارث الكندي بالكوفة6.
ويقال: إن شريحاً أقام قاضياً خمساً وسبعين سنة، إلى أيام الحجاج، تعطل منها ثلاث سنين، وامتنع من الحكم، وذلك في فتنة ابن الزبير، ولما
1 سبق تخريجه ص 449.
2 أحمد: المسند 2/360 وإسناده صحيح. وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم:1386.
3 كان كاتب عمر على ديوان البصرة، وشهد وقعة الجمل مع عائشة، فقتل. (الإصابة4/62) .
4 في الأصل: (زيد) ، وهو تحريف.
5 خليفة: التاريخ ص 156، محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 55 / ب.
6 خليفة: التاريخ ص 155.
ولي الحجاج استعفاه فأعفاه1.
وقال أبو بشر الدّولابي2: "إنه أقام قاضياً ستّين سنة، ومات سنة سبع وثمانين وله مئة سنة"3.
وقال غيره: "مات سنة تسع وسبعين، وله مئة وعشرون سنة"4.
وروي عن شريح-رحمه الله-أنه كان إذا أحرم كأنّه حيّة صَمَّاء5.
وكان الأمير بمصر أبو عبد الله عمرو بن العاص السهمي، ثم صرف عن الصعيد وردت إمرته إلى عبد الله بن سعد6 بن أبي سرح العامري7. وكان القاضي بمصر قيس بن أبي العاص السهمي8، ثم كعب ابن يسار بن ضنة9، ثم عثمان بن قيس بن أبي العاص السهمي10"11.
1 انظر: وكيع: أخبار القضاء2/392، 397، محمّد بن سلامة: عيون المعارفق 56/ أ.
2 محمّد بن أحمد الأنصاري الدّولابي الرازي، توفي سنة عشر وثلاث مئة. (المنتظم 6/169، سير أعلام النبلاء 14/309) .
3 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 56 / أ.
4 البخاري: التاريخ 4/228، المزي: تهذيب أسماء الكمال 12/444، محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 56 / أ.
5 الذهبي: سير أعلام النبلاء 4/104.
6 في الأصل: (سعيد) ، وهو تحريف.
7 خليفة: التاريخ ص 155، 159.
8 أسلم عام الفتح وشهد حنيناً، توفي سنة ثلاث وعشرين. (الإصابة 5/259) .
9 العبسي صحابي شهد فتح مصر وتولى القضاء فيها. (الإصابة 5/308) .
10 شهد فتح مصر، وتولى القضاء فيها إلى سنة اثنتين وأربعين، وكان عابداً مجتهداً. (الإصابة 4/224) .
11 وكيع: أخبار القضاء 3/220، 221.
وكان حاجبه يرفأ مولاه1.
وأصحاب الشورى الذين جعل عمر رضي الله غنه الأمر بعده شورى فيهم ستة: عثمان، وعليّ، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وكان غائباً، وجعل عبد الله ابنه مشيراً وليس له من الأمر شيء"2.
فصل
وجدت بخط إبراهيم بن أبي الفرج3 قال: وجدت بخط ابن حجر الشافعي4 قال: وجدت بخط صاحبنا المحدّث الحافظ صلاح الدين خليل ابن محمّد الأفقهسي5 في ثبت مسموعاً به، ولم يذكر من أين نقله: قدامة ابن مقدام بن نصر بن فتح6 بن حديثه بن محمّد بن يعقوب بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن محمّد بن سالم بن عبد الله بن عمر الخطاب7.
1 خليفة: التاريخ ص 156، محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 56 / أ.
2 محمّد بن سلامة: عيون المعارف ق 56 / أ.
3 لم أجد له ترجمة.
4 الحافظ أحمد بن عليّ شهاب الدين ابن حجر العسقلاني الشافعي، إمام عصره، صاحب المصنفات المفيدة كـ:(فتح الباري) ، و (التلخيص الحبير) ، وغيرهما، توفي سنة اثنتين وخمسين وثمان مئة. (الأعلام 1/178) .
5 أبو الصفاء المعري الشافعي، محدّث، عارف بالآداب والفرائض، توفي سنة إحدى وعشرين وثمان مئة. (الدرر الكامنة 2/90، الأعلام 2/322) .
6 في الذيل على طبقات الحنابلة، ونزهة الخاطر:(عبد الله) .
7 انظر: الغزي: النعت الأكمل ص 67، وابن بدران: روضة الناظر مع شرحها: نزهة الخاطر العاطر 1/3.
قلت: وكان لقدامة، أحمد ومحمّد، ولأحمد عبد الله موفق الدين، ومحمّد الشيخ أبي عمر1، ومحمّد بن قدامة من ولده يوسف، ومن يوسف عبد الهادي، ومن ولد عبد الهادي: عبد الحميد، ومن ولد عبد الحميد: عبد الهادي.
وقد حصلت لنا بحمد الله اتصال بالفروع الثلاثة لمحمّد بن قدامة من جهة الرجال، فإن والدي حسن بن أحمد بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد، وبالشيخ أبي عمر من جهة الإناث فإن أم والدي حُسْن بنت جمال الدين الإمام ابن أحمد بن العز إبراهيم بن عبد الله بن الشيخ أبي عمر محمّد بن أحمد بن قدامة.
وسمعت جدي يذكر: أن له اتصالاً بالشيخ موفق الدين من جهة الإناث ولم أقف على ذلك. / [142 / ب] .
فصل
روى الإمام أحمد في المسند عن أبي ميسرة2 عن عمر بن الخطّاب قال: "لما نزل تحريم الخمر، قال: اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزلت الآية التي في البقرة: {يسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} [البقرة: 219] ، فدعى عمر فقرئت عليه، فقال: الله بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزلت الآية التي في النساء: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُم سُكَارى} [النساء: 143] . فكان منادي النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة نادى "أن لا يقربن الصلاة سكران"، فدعي عمر
1 محمّد بن أحمد المقدسي الحنبلي، الزاهد، واقف المدرسة العمرية، توفي سنة سبع وست ومئة. (سير أعلام النبلاء 22/5) .
2 عمرو بن شرحبيل الهمداني الكوفي، ثقة عابد، مخضرم، توفي سنة ثلاث وستّين. (التقريب ص 422) .
فقرئت عليه، فقال: اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزلت الآية التي في المائدة، فدعي عمر فقرئت عليه فما بلغ:{فَهَلْ أَنْتُم مُّنْتَهُونَ} ، [المائدة: 91] ، قال عمر:"انتهينا، انتهينا"1.
وعن جابر بن عبد الله عن عمر أنه قال: "هَششْتُ2 يوماً فقبلتُ وأنا صائم، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: صنعتُ اليوم أمراً عظيماً، قبلت وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرأيت لو تمضمضتَ بماءٍ وأنت صائم؟ "، فقلت: لا، بأس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَفِيمَ؟ " 3.
وفي الصحيحين والمسند وغيرهما عن ابن عمر أن عمر بن الخطّاب بينا هو قائم في الخطبة يوم الجمعة، إذ دخل رجل من المهاجرين الأوّلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنادى عمر: أيَّة ساعة هذه؟ قال: "إني شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين، فلم أزد أن توضّأت"، فقال:"والضوءَ أيضاً، وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل"4.
وفي الصحيح عن السائب بن يزيد: كان النداء يوم الجمعة أوّله إذا جل س
1 أحمد: المسند 1/316، وإسناده صحيح. وأبو داود: السنن 3/325، والترمذي: السنن 5/253، 254، وابن كثير: التفسير 1/327. والحديث وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 378، والألباني في صحيح سنن الترمذي 3/46.
2 هشِشتُ: أي: فرحت، واشتهيت. (لسان العرب 6/364) .
3 أحمد: المسند 1/215، 216، وأبو داود: السنن 2/311، والحاكم: المستدرك 1/431، وصحّحه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وصحّحه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم:138.
4 أحمد: المسند 1/241، رقم: 199، البخاري: الصحيح، كتاب الجمعة 1/300، رقم: 838، مسلم: الصّحيح، كتاب الجمعة 2/580، رقم:845.
الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر"1.
وعن ابن عباس قال: "شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، فكلُّهم كانوا يُصَلُّون قبل الخطبة"2.
وعن أنس بن مالك: أن عمر بن الخطّاب كان إذا قحطوا استقسى بالعباس بن عبد المطلب، فقال:"اللهم إنّا كُنّا نتوسَّل إليك بنبيّنا فتسقِينا، وإنّا نتوسّل إليكَ بِعَمِّ نبيّنا فأسقنا، قال: فَيُسْقُون"3.
وعن ربيعة بن عبد الله4 بن الهُدَير5، عمّا حضر6 ربيعة بن عمر ابن الخطاب قرأَ يومَ الجمعة على المنبر بِسُورة النّحل حتى جاءت السجدة نزل فسجد وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلةُ قرأ بها حتى إذا جاءت السجدة قال:"أيها الناس إنّما7 نَمُرُّ بالسجدة، فمن سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه". ولم يسجد عمر رضي الله غنه".
زاد نافع عن ابن عمر: "إن الله سبحانه لم يفرض علينا السجود إلاّ أن نشاء"8.
وعن مُوَرِّق9 قال: "قلت لابن عمر: تصلي الضحى؟، قال: "لا".
1 البخاري: الصحيح، كتاب الجمعة 1/309، رقم:870.
2 البخاري: الصحيح، كتاب العيدين 1/327، رقم:919.
3 البخاري: الصحيح، كتاب الاستسقاء 1/342، رقم:964.
4 في الأصل: (عبد الرحمن) ، وهو تحريف.
5 له رؤية، توفي سنة ثلاث وتسعين. (التقريب ص 207) .
6 عمّا حضر ربيعة: أي: أخبرني عن حضوره مجلس عمر.
7 في صحيح البخاري: (إنّا) .
8 البخاري: الصحيح، كتاب سجود القرآن 1/366، رقم:1027.
9 العجلي.
قلت: "فعمر؟ ". قال: "لا". قلت: "فأبو بكر؟ "، قال:"لا". قلت: "فالنبي صلى الله عليه وسلم؟ "، قال:"لا أخا له"1. / [143 / أ] .
وفي مسند الإمام أحمد عن رجل من قريش يقال له: ماجدة2 قال: "عارَمْتُ3 غلاماً فعضّ أذني فقطع منها، أو عضضت أذنه فقطعت منها، فلما قدم علينا أبو بكر رضي الله غنه حاجّاً رفعنا إليه، فقال: "انطلق4 بهما إلى عمر بن الخطّاب، فإن كان الجارح بلغ أن يُقتصّ منه فليَقتص. قال: فلما انتهى بنا إلى عمر نظر إلينا فقال: "نعم قد بلغ هذا أن يُقتص منه، ادعوا لي حجاماً". فلما ذكر الحجام، قال:"أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قد أعطيت خالتي غلاماً وأنا أرجو5 أن يبارك الله لها فيه، وقد نهيتها أن تجعله حجاماً، أو قصّاباً، أو صائغاً" 6.
وعن ربيعة بن دراج7: أن عليّ بن أبي طالب سَبَّحَ بعد العصر ركعتين في طريق مكّة، فرآه عمر فتغيظ عليه، ثم قال: "أما والله لقد علمت أن رسول الله
1 البخاري: الصحيح، كتاب التّطوّع 1/394، رقم:1121.
2 عليّ بن ماجدة - بالجيم - السهمي، مجهول، من الثالثة. (التقريب ص 404) .
3 عارمت: خاصمت وفاتنت، من العُرام - بضم العين - وهو الشدة والقوّة والشراسة. (النهاية 3/223) .
4 في المسند: (انطلقوا) .
5 في الأصل: (أرجوا) ، وهو تحريف.
6 أحمد: المسند 1/198، 199، وأبو داود: السنن 3/267، 268، وهو ضعيف لجهالة ماجدة القرشي، وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 102، والألباني في ضعيف سنن أبي داود ص 343.
7 الجمحي القرشي، صحابي، قتل يوم الجمل. (الإصابة 2/198) .
صلى الله عليه وسلم نهى عنها"1.
وعن عاصم بن عمرو البَجَلي2 عن رجل من3 القوم الذين سألوا عمر بن الخطّاب قالوا: "إنما أتيناك نسألك عن ثلاث: عن صلاة الرجل في بيته تطوّعاً، وعن الغسل من الجنابة، وعن الرجل ما يصلح له من امرأته إذا كانت حائضاً؟
فقال: "أَسُحَّار أنتم؟!، لقد سألتموني عن شيء ما سألني عنه أحد منذ سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم". فقال: "صلاة الرجل في بيته تطوّعاً نور فمن شاء نوّر بيته، وقال في الغسل من الجنابة: يغسل فرجه ثم يتوضّأ ثم يفيض على رأسه ثلاثاً، وقال في الحائض: له ما فوق الإزار"4.
وعن الأشعث بن قيس قال: "ضِفتُ عمر رضي الله غنه فتناول امرأته فضربها، وقال: "يا أشعث احفظ عني ثلاثاً حفظتهن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُسَأَلُ الرجل فيم ضربَ امرأته، ولا تَنَم إلاّ على وترٍ، ونسيت الثالثة"5.
1 أحمد: المسند 1/198، والبخاري: التاريخ الكبير 3/282، وإسنادهما ضعيف لانقطاعه بين الزهري وربيعة بن دراج. وقد أطال الحافظ الكلام على هذا الحديث وبَيَّن أنه منقطع ورجَح رواية أبي زرعة عن أبي صالح عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب أن ابن شهاب كتب إليه يذكر أن ابن محيريز أخبره عن ربيعة بن دراج". (الإصابة 1/198) .
2 الكوفي، صدوق، رمي بالتشيع. من الثالثة. (التقريب ص 286) .
3 في الأصل: (عن) ، وهو تحريف.
4 أحمد: المسند 1/190، وإسناده ضعيف لإبهام شيخ عاصم بن عمرو. وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 86، وقال:"إسناده ضعيف لانقطاعه بجهالة الرجل الذي روى عنه عاصم بن عمرو".
5 أحمد: المسند 1/209، أبو داود: السنن 2/246، ابن ماجه: 1/639، البيهقي: السنن 7/305، جميعهم عن عبد الرحمن المُسلي وهو ضعيف لأجله. قال الذهبي:"لا يعريف إلا في هذا الحديث، تفرد عنه داود بن عبد الله الأودي". (ميزان الاعتدال 2/602) . وقال الحافظ: "مقبول". (التقريب رقم: 4052) . وضعّفه أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند، رقم: 122، والألباني في ضعيف سنن ابن ماجه ص 151، وضعيف الجامع الصغير رقم:6281.
وعن حُمْرَة بن عبد كلالٍ1 قال: "سار عمر إلى الشام بعد مسيره الأوّل كان إليها وحتى إذا شارفها بلغه ومن معه أن الطاعون فاش فيها، فقال له أصحابه: "ارجع ولا تَقَحَّم عليه، فلو نزلتها وهو بها لم نر لك الشّخوصَ عنها". فانصرف راجعاً إلى المدينة، فعرّس2 من ليلته وأنا أقرب القوم منه، فلما انبعث انبعثت معه في أثره فسمعته يقول: "رَدُّوني عن الشام بعد أن شافرت عليه لأن الطاعون فيه، ألا وما مُنْصرفي عنه بمؤخر في أجلي وما كان قدوميه بِمُعجلي عن أجلي، ألا ولو قدمت المدينة ففرغتُ من حاجات لا بدّ لي منها3، لقد سِرتُ حتى أدخل الشام ثم أنزل حمص، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ليبعثن الله منها يوم القيامة سبعين ألفاً لا حساب عليهم ولا عذاب عليهم، مبعثهم فيما بين الزيتون وحائطها في البَرْث4 الأحمر منها "5.
وعن عثمان: أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي رسول الله
1 الرعيني، المصري، وثقه ابن حبان. (تعجيل المنفعة ص 71) .
2 التّعْرِيس: النزول في آخل الليل للاستراحة. (لسان العرب 6/136) .
3 قوله: "منها"، تكرر في الأصل.
4 البَرْث - بفتح الباء وسكون الراء -: الأرض اللينة، يريد بها أرضاً قريبة من حمص قُتِل بها جماعة من الشهداء والصالحين. (النهاية 1/112) .
5 أحمد: المسند 1/207، وإسناده ضعيف لأجل أبي بكر بن عبد الله، قال الحافظ:"ضعيف". (التقريب رقم: 7974) . والهيثمي: مجمع الزوائد 10/61، وقال:"رواه أحمد وفيه أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم، وهو ضعيف". والحاكم: المستدرك 3/88، 89، من طريق آخر وصحّحه. وتعقبه الذهبي بقوله: (بل منكر، وإسحاق هو ابن زيريق كذّبه محمّد بن عوف الطائي". وقال أبو داود:"ليس بشيء". وقال النسائي: "ليس بثقة".
صلى الله عليه وسلم / [143 / ب] حزنوا عليه حتى كاد بعضهم يوسوس، قال عثمان: وكنت منهم، فبينا أنا جالس في ظلّ أُطمِ من الآطام، مرّ عليَّ عمر - رحمة الله عليه - فسلم عليَّ، فلم أشعر أنه مرّ ولا سلم، فانطلق عمر حتى دخل على أبي بكر - رحمة الله عليه - فقال له:"ما يعجبك أني مررت على عثمان فسلمت عليه فلم يردّ عليَّ السلام؟ "، وأقبل هو وأبو بكر في ولاية أبي بكر رضي الله عنهما جميعاً حتى سلما جميعاً ثم قال أبو بكر:"جاءني أخوك عمر فذكر أنه مرّ عليك فسلم فلم ترد عليه السلام، فما الذي حملك على ذلك؟ "، قال: قلت: ما فعلت. فقال عمر: "بلى والله لقد فعلت، ولكنها عُبّيتُكم1 يا بني أمية". قال: قلت: والله ما شعرت أنك مررت ولا سلمتَ. قال أبو بكر: "صدق عثمان. وقد شغلك عن ذلك أمر". فقلت: أجل. قال: "ما هو؟ ". فقال عثمان: توفى الله عزوجل نبيّه صلى الله عليه وسلم قبل أن نسأله عن نجاة هذا الأمر، قال: أبو بكر: "قد سألته عن ذلك". قال: فقمت إليه فقلت له: بأبي أنت وأمي أنت أحقّ بها، قال أبو بكر: قلت: "يا رسول الله، ما نجاة هذا الأمر؟ "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من قبل مني الكلمة التي عرضت على عمّي فردّها عليَّ فهي له نجاة"2.
وعن ابن عمر قال: "رأى عمر على رجل حلة من استبرق، فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله اشتر هذه فألبسها لوفد الناس إذا قدموا عليك". قال: "إنما يلبس الحرير من لا خلاق له"، فمضى من ذلك ما مضى، ثم إن
1 العُبية - بضم العين وكسرها مع الباء المكسورة والياء المفتوحة المشددتين -: الكبر. (النهاية 3/169) .
2 أحمد: المسند 1/165، وإسناده ضعيف لإبهام شيخ الزهري.
النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليه بحلةٍ، فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"بعثت إلي بهذه، وقد قلت في مثلها أو قال في حُلّة عطارد1 ما قلت؟ ". قال: "إنما بعثت إليك لتصيب بها مالاً"2.
وفي رواية: "لتبعها أو لتلبسها"، فكساها عمر أخا له بمكّة قبل أن يسلم"3.
وعن صفية بنت أبي عبيد، قالت:"زلزلت الأ رض على عهد عمر حتى اصطفقت السرر، وابن عمر يصلي فلم يدر بها، ولم يوافق أحداً يصلي فدرى بها، فخطب عمر الناس فقال: أحدثتم لقد أعجلتم، قال: ولا أعلمه إلاّ قال: لئن عادت لأخرجن من بين ظهرانيكم". خرّجه البيهقي4 وخرّجه حرب الكرماني5 من رواية أيوب عن نافع مختصراً"6.
وذكر السُّرّمَرِّي7 بسند في المجلس الذي وضعه في الجرد عن جابر ابن عبد الله
1 التميمي الدارمي.
2 البخاري: الصحيح، كتاب الأدب 5/2258، مسلم: الصّحيح، كتاب اللباس والزينة 3/1638، رقم:2068.
3 البخاري: الصحيح، كتاب الأدب 5/2230، رقم: 5636، مسلم: الصّحيح، كتاب اللباس والزينة 3/1645، رقم:2072.
4 أحمد بن الحسين البيهقي، العلامة الحافظ، مؤلّف السنن والآثار، توفي سنة ثمانٍ وخمسين وأربع مئة. (سير أعلام النبلاء 18/163) .
5 حرب بن إسماعيل الكرماني الفقيه تلميذ أحمد بن حنبل، له:(مسائل حرب) . من أنفس كتب الحنابلة، توفي سنة ثمانين ومئتين. (طبقات الحنابلة 1/146، سير أعلام النبلاء 13/244) .
6 البيهقي: السنن 3/342.
7 يوسف بن محمّد العبادي العقيلي، الحنبلي، نزيل دمشق، حافظ للحديث له نحو مئة مصنف. منها:(إحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة) ، توفي سنة ستّ وسبعين وسبع مئة. (شذرات الذهب 6/249، والأعلام 8/250) .
قال: "قلّ الجراد في سنة من سني عمر بن الخطّاب رضي الله غنه فلم يخبر عنه بشيء فاغتمّ لذلك فأرسل راكباً إلى اليمن، وراكباً إلى الشام، وراكباً إلى العراق، يسألون هل رأوا من الجراد شيئاً أو لا؟ فأتاه الراكب الذي دخل اليمن بقفعة من الجراد فأفلقاه بين يديه، فلما رآه كبّر ثلاثاً، ثم قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خلق ألف أمة، منها ستّ مئة في البحر، وأربع مئة في البرّ وأوّل شيء يهلك من هذه الأمم الجراد، فإذا هلكت تتابعت مثل النظام إذ انقطع سلكه"1.
وعن ابن عمر: أن عمر سئل عن الجراد فقال: "ليت أن عندنا منه قفعة أو قفعتان نأكله"2.
وعن / [144 / أ] عثمان بن عبد الله الأنصاري3 قال: "سألت أنس بن مالك عن الجراد، فقال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، ومع عمر بن الخطّاب قفعة فيها جراد، قد أحقبها يده وراءه يأخذ منها4 فيناولنا ويأكل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر، قال أنس: "فرجعنا إلى المدينة فكنا نؤتى به فنشتريه، ونكثر ونجففه فوق الأجاجير5، فنأكل
1 لم أجده.
2 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 2/111، وإسناده صحيح. والبيهقي: السنن 9/258، وبنحوه عبد الرزاق: المصنف 4/530، وابن أبي شيبة: المصنف 8/326.
3 لم أجد له ترجمة. وفي سنن البيهقي الرواية عن سنان بن عبد الله الأنصاري. قال ابن حبان: "سنان بن عمرو الأنصاري، ويقال: سنان بن عبد الله، يروي عن أنس بن مالك، روى عنه حيوة بن شريح ونافع بن يزيد المصريان. (الثقات 4/336) .
4 في سنن البيهقي: (قد احتقبها وراءه فيرد يد وراءه فيأخذ) .
5 الأجاجير: جمع إجّار - بالكسر والتشديد -: السطح الذي ليس حوليه ما يردّ الساقط عنه. (النهاية 1/26) .
منه زماناً"1.
الفقعة: شيء شبيه بالزنبيل، يعمل من الخوص ليس بالكبير2.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن هشام3 قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطّاب، يعني: المصافحة"4.
وعن عبد الله بن عمر قال: "لما فتح هذان المصران5، أَتوا عمر فقالوا: "يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدّ لأهل نجدٍ قرناً6، وهو جوزٌ عن طريقنا، وإنّا إن أردنا قرناً شقّ علينا"، قال: "انظروا حذوها من طريقكم، فحدّ لهم ذات عرقٍ"78.
وعن أبي موسى قال: "بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى قومي باليمن، فجئت وهو بالبطحاء، فقال: "بما أهللتَ؟ "، قلت9: أهللت كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "هل معك من هدي؟ "، قلت: لا. فأمرني فطفت بالبيت وبالصفا والمروة،
1 البيهقي: السنن: 9/258، وفي إسناده سنان بن عبد الله لم يوثّقه غير ابن حبان.
2 انظر: ابن الأثير: النهاية 4/91، انظر: منظور: لسان العرب 8/289.
3 التيمي.
4 سبق تخريجه ص 221.
5 يريد: البصرة والكوفة.
6 قرن المنازن ميقات أهل نجد. وهو جبل أبيض ملموم الرأس بطرف ليّة. تراه وأنت تخرج من الطائف إلى نجد على مسافات بعيدة قد تصل إلى أربعين كيلاً. (معجم معالم الحجاز 7/119، 120) .
7 ذات عرقٍ: مهل أهل العراق وهو الحدّ بين نجد وتهامة. وعرق: هو الجبل المشرف على ذات عرق. (معجم معالم الحجاز 6/77.
8 البخاري: الصحيح، كتاب الحجّ 2/556، رقم:1458.
9 في الأصل: (قال) ، والمثبت من صحيح البخاري.
ثم أمرني فأحللتُ، فأتيت امرأة من قومي، فمشطتني، أو غسلت رأسي.
فقدم عمر فقال: "إن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام قال: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لله} ، [البقرة: 196] ، وإن نأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يحلّ حتى نحر الهدي"1.
وفي صحيح البخاري: أن عمر صلى ركعتي الطواف خارجاً من الحرم2.
وفيه: أن عمر طاف بعد صلاة الصبح فركب حتى صلَّى الركعتين بذي طُوَىً34.
وعن عبيد بن عمير: أن أبا موسى الأشعري، استأذن على أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب فلم يؤذن له، وكأنه كان مشغولاً فرجع أبو موسى ففزع5 أو قال: فَفَرَغَ عُمَرُ، فقال:"ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس؟ ائذنوا له". قيل: "قد رجع". فدعاه، فقال:"كنا نؤمر بذلك". فقال: "تأتيني على ذلك بالبينة"، فانطلق إلى مجلس الأنصار فسألهم، فقالوا:"لا يشهد لك على هذا إلا أصغرنا، أبو سعيد الخدري". فذهب بأبي سعيد الخدري، فقال
1 البخاري: الصحيح، كتاب الحجّ 2/564، رقم:1484.
2 البخاري: الصحيح، كتاب الحجّ باب من صلّى ركعتي الطواف خارجاً من المسجد 2/587.
3 ذو طُوىً: واد يخترقه الطريق بين ثنية كداء (الحجون) وبين الثنية الخضراء (ريع الكحل) . وهو اليوم في وسط عمران مكّة، ومن أحيائه العُتيبية، وجرول. (معجم معالم الحجاز 5/237) .
4 البخاري: الصحيح، كتاب الحج 2/588، تعليقاً، ووصله مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/502، وإسناده صحيح. وابن حجر: فتح الباري 3/489، وتغليق التعليق 3/78.
5 البخاري: الصحيح، كتاب الفتح 11/28.
عمر: "أخفي هذا عليَّ من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ "، ألهاني الصَّفْقُ بالأسواق. يعني: الخروج إلى التجارة"1.
وعن ابن عمر قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فكنت على بكر صعب2 لعمر، فكان يغلبني فيتقدم أمام القوم، فيزجره عمر ويرده، فقال النبي لعمر: "بعنيه". قال: "هو لك يا رسول الله". قال: "بعنيه"، فباعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هو لك يا عبد الله بن عمر تصنع به ما شئت" 3. / [144 / ب] .
وعن ابن شهاب عن مالك بن أوس أخبره أنه التمس صرفاً بمئة دينار فدعاني طلحة بن عبد الله فتراوضنا4 حتى اصطرف مني فأخذ الذهب يقلبها في يده ثم قال: "حتى يأتي خازني من الغابة"5. وعمر يسمع ذلك، فقال: "والله لا تفارقه حتى تأخذ منه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذهب بالذهب رباً إلاّ هَاء وهاء، والبُرُّ بالبرِّ رباً إلاّ هاء وهاء، والشعير بالشعير رباً إلاّ هاء وهاء، والتّمرُ بالتّمر رباً إلاّ هاء وهاء" 6.
وعن عبد الله بن أبي المجالد7 قال: "اختلف عبد الله بن شداد بن
1 البخاري: الصحيح، كتاب البيوع 2/727، رقم: 1956، مسلم: الصّحيح، كتاب الآداب 3/1696، رقم:2153.
2 صعب: غير منقاد ولا ذَلُول. (النهاية 3/29) .
3 البخاري: الصحيح، كتاب البيوع 2/745، رقم:2009.
4 المرواضة: أن تُوصَفَ الرجل بالسلعة ليست عندك. (القاموس ص 831) .
5 الغابة: موضع قرب المدينة من ناحية الشام فيه أموال لأهل المدينة. (معجم البلدان 4/182، معجم معالم الحجاز 6/215) .
6 البخاري: الصحيح، كتاب 2/761، رقم:2065.
7 مولى عبد الله بن أبي أوفى، ثقة، من الخامسة. (التقريب ص 320) .
الهاد1 وأبو بُردة2 في السَّلَفِ، فبعثوني إلى ابن أوفى3 فسألته فقال:"إنا كنا نُسْلِفُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر في الحنطة والشعير والزبيب والتمر، وسألت ابن أبزى4 فقال مثل ذلك"5.
وفي الصحيح عن محمّد بن حمزة بن عمرو الأسلمي6 عن أبيه أن عمر بعثه مصدّقاً، فوقع رجل على جارية امرأته، فأخذ حمزة من الرجل كفلاء7 حتى قدم على عمر، وكان عمر قد جلده مئة [جلدة] 8، فصدّقهم وعذرهم بالجهالة"9.
وفيه أن عمر وابن عمر وكَّلا في الصرف10.
وفيه: أن عمر عامل الناس على إن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر،
1 الليثي.
2 الأشعري.
3 الأسلمي، صحابي شهد الحديبية، توفي سنة سبع وثمانين، وهو آخر من مات بالكوفة من الصحابة. (التقريب ص 296) .
4 عبد الرحمن بن أبزى.
5 البخاري: الصحيح، كتاب السلم 2/782، رقم:2127.
6 المدني، مقبول، من الثالثة. (التقريب ص 475) .
7 في صحيح البخاري: (كفيلاً) .
8 سقط من الأصل.
9 البخاري: الصحيح، كتاب الكفالة2/801، تعليقاً، ووصله الطحاوي: شرح معاني الآثار3/147، وفي إسناده محمّد بن حمزة بن عمرو قال الحافظ فيه:"مقبول".
10 البخاري: الصحيح، كتاب الوكالة 2/808، تعليقاً، وقد وصلهما سعيد بن منصور في سننه كما في تغليق التعليق 3/293، 294، وإسنادهما صحيح. وحكم عليهما ابن حجر بالصحة وقال:"إسناد كل منهما صحيح". (فتح الباري4/481) .
وإن جاءوا بالبذر فلهم كذا وكذا"1.
وعن أنس: أنه حُلبت لرسول الله شاة داجن وهو في دار أنس بن مالك، وشيب لبنها بماءٍ من البئر التي في دار أنس بن مالك، فأُعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم القدح فشرب منه، حتى إذا نزع القَدَحَ من فيه، وعلى يساره أبو بكر وعمر وعن يمينه أعرابي، فقال عمر وخاف أن يعطيه الأعرابي أعط أبا بكر يا رسول الله عندك، فأعطاه الأعرابي الذي على يمينه ثم قال:"الأيمن فالأيمن"2.
وعن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلاّ أن يشترط المُبْتَاعُ، ومن ابتاعَ عبداً وله مال فماله للذي باعه إلاّ أن يشترطه المبتاع" 3.
وعن مالك4 عن نافع عن ابن عمر عن عمر في العبد5.
وعن جابر بن عبد الله: أن أباه تُوُفِّي وترك عليه ثلاثين وسقاً لرجل من اليهودِ، فاستنظره فأبى أن يُنظِره، فكلم جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشفعَ له إليه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلم اليهودي ليأخذ ثمر نخله بالذي له فأبى،
1 البخاري: الصحيح، كتاب المزارعة 2/820، تعليقاً، ووصله ابن أبي شيبة: المصنف 14/550، عن يحيى بن سعيد مرسلاً، والبيهقي: السنن: 6/135، عن عمر بن عبد العزيز مرسلاً، وأوردهما الحافظ ابن حجر في فتح الباري 5/12، وقال:"يتقوى أحدهما بالآخر".
2 البخاري: الصحيح، كتاب المساقاة 2/830، رقم:2225.
3 البخاري: الصحيح، كتاب المساقاة 2/838، رقم: 2250، مسلم: الصّحيح، كتاب البيوع 3/1172، رقم:1543.
4 قال الحافظ ابن حجر: قوله: "وعن مالك"، هو معطوف على قوله:"حدّثنا الليث"، فهو موصول، والتقدير: حدّثنا عبد الله بن يوسف عن مالك". (فتح الباري 5/51) .
5 البخاري: الصحيح، كتاب المساقاة 2/838 رقم:2250.
فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل فمشى فيها ثم قال لجابر: "جُدَّ له، فأوفِ له الذي له". فجده بعدما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوفاه ثلاثين وسقاً1، وفضلت / [145 / أ] له سبعة عشر وسقاً، فجاء جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره بالذي كان، فوجده يصلي العصر، فلما انصرف أخبره بالفضل، فقال:"أخبر بذلك ابن الخطاب"، فذهب جابر إلى عمر فأخبره فقال له عمر:"لقد علمت حين مشى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لَيُبَارَكَنَّ فيها"2.
وفي رواي ة: ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس فأخبرته بذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر:"اسمع - وهو جالس - يا عمر". فقال عمر: "ألا يكون؟ قد علمنا أنك رسول الله، والله إنك لرسول الله"3
وفي رواية قال: "إذا جددته فوضعته في المربد4 آذني ". فلما جددته ووضعته في المربد آذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه ومعه أبو بكر وعمر فجلس عليه فدعا بالبركة، ثم قال:"ادع غرماءك فأوفهم"، فما تركت أحداً له على أبي دين إلاّ قضيته، وفضل ثلاثة عشر وسقاً، سبعة عجوة وستة لون5، أو ستة عجوة وسبعة لون، فوافيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب فذكرت ذلك له فضحك، فقال:"ائت أبا بكر وعمر فأخبرهما"، فقالا:"لقد علمنا إذا صنع رسول الله ما صنع أن سيكون ذلك"6.
1 الوَسْقُ: ستون صاعاً. (القاموس ص 1199) .
2 البخاري: الصحيح، كتاب الاستقراض 2/844، رقم:2266.
3 البخاري: الصحيح، كتاب الهبة 2/919، رقم:2461.
4 مربد التمر: جرينه الذي يوضع فيه بعد الجداد لييبس. (لسان العرب 3/171) .
5 اللَّونُ: الدَّقل من النخل. (القاموس ص 1590) .
6 البخاري: الصحيح، كتاب الصلح 2/965، رقم:2562.
وفي الصحيح: أن عمر أخرج أختَ أبي بكر حين ناحت، - يعني: من البيت -1.
وفيه: أن نافع بن الحارث2 اشترى داراً للسجن بمكّة، من صفوان ابن أمية، على إن رضي عمر فالبيع بيعه، وإن لم يرض عمر فلصفوان أربع مئة دينار3.
وفيه: أن رجلاً ساوم شيئاً فغمزه4آخر فرآى عمر أن له شركه5.
وفيه عن موسى بن أنس6: أن سيرين سأل أنساً المكاتبة، وكان كثير المال فأبى فانطلق إلى عمر، فقال كاتبه فأبى، فضربه بالدّرّة ويتلو عمر:{فَكَاتِبُوهُم إِنْ عَلِمْتُم فِيهِم خَيْراً} [النور: 33] ، فكاتبه7.
1 البخاري: الصحيح، كتاب الخصومات 2/852، تعليقاً، ووصله ابن سعد: الطبقات 3/208، قال الحافظ ابن حجر: "وصله ابن سعد في الطبقات، بإسناد صحيح عن طريق الزهري عن سعيد بن المسيب) . (فتح الباري 5/74) .
2 الخزاعي، صحابي فتحي، وأمّره عمر على مكّة فأقام بها إلى أن مات. (التقريب ص558) .
3 البخاري: الصحيح، كتاب الخصومات2/853، تعليقاً، ووصله عبد الرزاق: المصنف 5/148، بإسنادين: الأوّل فيه عبد الرحمن بن فروخ، قال فيه الحافظ:"مقبول". والثاني فيه انقطاع يبن سعيد الثوري، ونافع بن الحارث. ووصله ابن أبي شيبة: المصنف 7/306، عن عبد الرحمن بن فروخ، وابن حجر تغليق التعليق 3/326.
4 فغمزه: أي: أشار له بعينه أن يشتريها.
5 البخاري: الصحيح، كتاب الشركة 2/884، تعليقاً، بصيغة التمريض. ووصله سعيد بن منصور: السنن كما في تغليق التعليق 3/337. قال الحافظ ابن حجر: "علته الانقطاع بين إياس وعمر، وعمر هو ابن الخطاب ولهذا لم يجزم به".
6 ابن مالك الأنصاري، قاضي البصرة، من الرابعة. (التقريب ص 549) .
7 البخاري: الصحيح، كتاب العتق 2/903، تعليقاً، ووصله عبد الرزاق: المصنف 8/372، وذكره الحافظ ابن حجر، وقال:"ووقع في رواية عبد الرزاق عن ابن جريح: "أخبرني مخبر أن موسى بن أنس أخبره". وقد عرف اسم المخبر من رواية روح، وظاهر سياقه الإرسال فإن موسى لم يذكر وقت سؤال ابن سيرين من أنس الكتابة، وقد رواه عبد الرزاق والطبراي من وجه آخر متصلاً من طريق سعد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس". (فتح الباري 5/186) .
وعن أبي الأسود1 قال: "أتيت المدينة، وقد وقع بها مرض، وهم يموتون موتاً ذريعاً، فجلست إلى عمر رضي الله غنه فمرت جنازة فأُثني خيراً، فقال عمر: "وجبت"، ثم مُرَّ بأُخرى فأثني خيراً، فقال: "وجبت"، ثم مُرَّ بالثالثة فأُثني شرّاً، فقال: "وجبت"، فقلت: وما "وجبت"، يا أمير المؤمينين؟ قال: قلت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما مسلم شهد له أربعةٌ بخير أدخله الله الجنة". قلنا: وثلاثة قال: "وثلاثة"، قلت: أو قال: قلنا: واثنان، قال: "واثنان". ثم لم نسأله عن الواحد"2.
وروى أبو العبا س الطوسي3 عن أنس بن مالك: أنه سمع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه سلم عليه رجل فردّ عليه السلام، ثم قال له عمر:"كيف أنت؟ "، فقال:"أحمد الله"، فقال عمر:"ذاك الذي أردت"4.
وفي "مسند الرُّوياني" عن عبد الله بن بريدة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعاهد الأنصار، ويأتيهم ويسأل عنهم، فبلغه عن امرأة منهم مات ابنها فجزعت عليه جزعاً شديداً، فأتاها يعزّيها فأمرها بتقوى الله والصبر، فقالت:"يا رسول الله، إني امرأة رَقوب، لا أَلِدُ، ولم يكن لي غيره". قال: / [145 / ب]"الرَّقُوب: التي5 يبقى ولدها6 ثم قال: "ما أعلم امرءً مسلماً ولا
1 الدُّؤَلي.
2 البخاري: الصحيح، كتاب الشهادات 2/935، رقم:2500.
3 لم أجد له ترجمة.
4 سبق تخريجه ص 859.
5 كذا في الأصل وجميع المصادر.
6 انظر: ابن منظور: لسان العرب 1/427.
مسلمة يموت بينهما ثلاثة أولاد إلاّ أدخلهما الله بهنّ الجنة"، قال عمر بن الخطّاب: "واثنان"، قال: "واثنان" 1.
وفيه عن ابن عباس قال "جاء رجل إلى عمر يسأله فجعل ينظر إلى رأسه مرة وإلى رجليه مرة، هل يرى عليه من البؤس شيئاً، فقال له عمر: "كم مالك؟ "، قال: "أربعون من الإبل"، قال ابن عباس فقلت: "صدق الله ورسوله: "لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى الثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب، ويتوب الله على من تاب"2. فقال عمر: "ما هذا؟ "، فقلت: هكذا أقرأنيها أبي بن كعب، فقال عمر: "قم بنا إليه"، فقام إليه، فقال: "ما يقول هذا؟ "3، فقال أبي: "هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فقال عمر: "نكتبها أو نثبتها؟ "، قال: "نعم. فاكتبها أو اثبتها"4.
وفيه عن سلمة بن عمرو بن الأكوع5 قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر الصديق برايته إلى بعض حصون خيبر، فقاتل فرجع ولم يكن فتح،
1 لم أجده فيما تبقى من مسند الرّوياني. والحديث أخرجه البزار كما في كشف الأستار 1/405، وإسناده حسن. وابن حجر: المطالب العالية 1/197، وعزاه لأبي يعلى. قال الهيثمي: مجمع الزوائد3/8: "رواه البزار ورجاله رجال الصحيح".
2 في صحيح البخاري عن أُبي قال: "كنا نرى هذا من القرآن حتى أنزلت: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر} . قال الحافظ: "وجه ظنهم أن الحديث المذكور من القرآن، ما تضمنه من ذمّ الحرص على الاستكثار من جمع المال، والتقريع بالموت الذي يقطع ذلك، ولا بدّ لكل أحد منه، فلما نزلت هذه السورة وتضمنت معنى ذلك مع الزيادة عليه علموا أن الأوّل من كلام النبي صلى الله عليه وسلم". (فتح الباري 11/253، 257) .
3 في الأصل: (هكذا)، والمثبت من المسند. وفي الهامش بخط المؤلف لعله:(هذا) .
4 لم أجد فيما تبقى من مسند الرّوياني. والحديث في أحمد: المسند 5/117، وإسناده صحيح.
5 قوله: "سلمة بن الأكوع" تكرر في الأصل.
وقد جُهِدَ، ثم بعث الغد عمر بن الخطاب فقاتل، ثم رجع ولم يكن فتح، وقد جُهِدَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لأعطين الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، يفتح الله على يده، ليس بفرار". قال سلمة: فدعا رسول الله عليّاً رضي الله غنه وهو أرمد فتفل في عينيه، ثم قال:"خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك"، قال يقول سلمة: فخرج والله بها يهرول هرولة وإنا لخلفه نبتع أثره حتى ركز رأيته في رَضْم1 من حجارة تحت الحصن، فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن، قال:"من أنت؟ "، قال:"أنا عليّ بن أبي طالب"، قال: فقال اليهودي: "غلبتم وما أنزل الله على موسى عليه السلام". أو كما قال، قال: فما رجع حتى فتح الله على يديه رضي الله غنه"2.
وفيه عن الوليد3: أن رجلاً من بني سليم كبير السن كان ممنأدرك أبا ذرّ بالربذة4 بيناهو قاعد يوماً في ذلك المجلس، وأبو ذر في المجلس، إذ ذكر
1 الرَّضْم: صخور عظام يُرضمُ بعضها فوق بعضٍ في الأبنية. (القاموس ص 1439) .
2 الروياني: المسند جـ 2 ق 200 / ب، 201 / أ، والحارث: المسند كما في بغية الباحث 2/708، وأبو نعيم: الحلية 1/62، من طريق الحارث، ومداره على سفيان ابن فروة الأسلمي ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. (الجرح 2/219) . قال أبو نعيم:"هذا حديث غريب من حديث بريدة عن أبيه في زيادات وألفاظ لم يتابع عليها، وصحّحه من حديث يزيد بن أبي عبيدة، عن سلمة بن الأكوع". وذكره البوصيري: الإتحاف 3/107، وسكت عليه، وابن حجر: المطالب العالية 4/240، وعزاه للحارث. وأخرجه مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1872، عن سلمة بن الأكوع وغيره، وذكره ابن حجر: التلخيص 4/106. وقال: "رواه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع مطولاً".
3 الوليد بن سويد يروي عن رجل من بني سليم عن أبي ذر، روى عن الزهري. (ابن حبان: الثقات 7/550) .
4 الربذة: قرية قديمة واقعة على طريق حاج بغداد القديم، وقد خربت هذه القرية وأصبحت خالية من السكان، وتسمى الآن البركة لوجود بركة عامر فيها، وتبعد عن المدينة مئة وخمسين كيلاً. (عالية نجد 2/570، معجم معالم الحجاز 4/2) .
عثمان بن عفان، فقال السلمي:"فأنا أظن في نفس أبي ذر على عثمان معتبه لإنزاله إياه بالرَّبَذَة1، فلما ذكر له عثمان عرض له بعض أهل العلم بذلك، وهو يظن أن في نفسه عليه معتبة، فلما ذكره قال: "لا تقل / [146 / أ] في عثمان إلاّ خيراً فإني أشهد لقد رأيت منه نظراً وشهدت منه مشهداً لا أنساه حتى أموت، كنت رجلاً ألتمس خلوات النبي صلى الله عليه وسلم لأسمع منه أو لآخذ منه، قال: فهجّرت2 يوماً من الأيام، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج من بيته، فسألت عنه الخادم فأخبرني أنه في بيتٍ، فأتيته فهو جالس ليس عند أحد من الناس، وكان حينئذٍ أرى أنه في وحي، فسلمت عليه فردّ السلام، وقال لي:"ما جاء بك؟ "، فقلت: الله ورسوله. فأمرني أن أجلس فجلست إلى جنبه لأسأله عن شيء ولا يذكره لي فمكثت غير كبير ثم جاء أبو بكر مسرعاً فسلم عليه فردّ عليه السلام، قال:"ما جاء بك؟ "، قال:"جاء بيَ الله ورسوله"، فأشار إليه أن اجلس، إلى ربوة مقابل النبي صلى الله عليه وسلم الطريق بينه وبينها حتى إذا استوى جالساً أشار بيده فجلس إلى جنبي عن يميني، ثم جاء عمر ففعل مثل ذلك، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، وجلس إلى جنب أبي بكر على تلك الربوة، ثم جاء عثمان فسلم فردّ السلام، وقال:"ما جاء بك؟ "، قال:"جاء بيَ الله ورسوله"، فأشار بيده وقعد3 إلى الربوة، ثم أشار بيده فجلس إلى جنب عمر، فتكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة ولم أفقه أوّلها غير أنه قال:"قليل ما تبقين". ثم قبض على حصيات سبع أو تسع أو قريباً من ذلك، فسبحن في يده"،
1 الصحيح أن أبا ذر نزل الربذة باختياره كما ثبت في الحديث.
2 التّهجير: التبكير والمباردة إلى كلّ شيء. (لسان العرب 5/255) .
3 في الأصل: (وفقعد) .
حتى سمع لها حنين كحنين النحل في كفّ النبي صلى الله عليه وسلم ثم ناولهن أبا بكر وجاوزني فسبّحن في كفّ أبي بكر كما سبّحن في كفّ النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخذهن منه فوضعهن1 إلى الأرض فخرسن، ثم ناولهن عمر فسبّحن في كفّه كما سبّحن في كفّ أبي بكر ثم أخذهن فوضعهن بالأرض فخرسن"2.
وفيه عن أبي وائل: أن عمر بن الخطّاب بعث بشر بن عاصم3 على الصدقات، فتخلف فخرج عمر رضي الله غنه بالمكيال والميزان ومعه درته، فلقي بشر بن عاصم فقال:"يا بشر ما ترى لنا عليك حقّ سمع ولا طاعة؟ "، قال:"بلى يا أمير المؤمنين"، قال:"ما يمنعك أن تخرج إلى سمعنا وطاعتنا؟ "، قال:"وكيف وهم يزعمون أنا نظلمهم؟ "، قال:"ولِمَ؟ "، قال: نحسب السَّخْلة4 ولا نأخذها منه"، قال: "نعم. فاحسبها وإن جاء بها الراعي يحملها على كفّه، وأعلمهم أنا نترك لهم الرُّبَّا5
1 في الأصل: (فوضهن) ، وهو تحريف.
2 ضعيف لجهالة الوليد بن سويد وشيخه. والحديث أخرجه من طريق آخر، خيثمة: فضائل الصحابة ق 248 / ب، 249 / أ، والبيهقي: دلائل النبوة 6/64، بنحوه وفي إسنادهما الكُديمي وصالح بن أبي الأخضر وهما ضعيفان. (التقريب رقم: 2844، 6419) ، وابن الجوزي: العلل المتناهية 1/201، 202، وقال:"هذا حديث لا يصحّ، قال يحيى بن معين: "صالح بن أبي الأخضر ليس بشيء"، قال الدارقطني: "وقد روي من طريق آخر والحديث مضطرب". وأورده السيوطي في الخصائص الكبرى 2/74، وعزاه للبزار والطبراني في الأوسط وأبي نعيم والبيهقي.
3 المخزومي: صحابي، كان عاملاً لعمر. (الإصابة 1/157) .
4 السَّخلة: تطلق على الذكر والأنثى من أولاد الضأن والمعز ساعة تولد. والجمع سخال. (لسان العرب 11/332) .
5 الرُّبَّا: التي تربي في البيت من الغنم لأجل اللبن. وقيل: هي الشاة القريبة العهد بالولادة، وجمعها: رباب - بالضم -. (النهاية 2/180) .
والمَاخِض1، والأكولة2، وفحل الغنم". قال:"يا عمر، وما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدّث: "من ولي للمسلمين سلطاناً أوقف يوم القيامة فإن كان محسناً نجا"، قال: فانصرف عنه عمر كئيباً حزيناً، فلقيه أبو ذر، فقال: "يا عمر، أراك كئيباً حزيناً؟ "، وقال: "وما يمنعني وقد سمعت بشر بن عاصم يحدّث بكذا وكذا، عن النبي صلى الله عليه وسلم". قال أبو ذر:"أو ما سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم؟ "، قال:"لا". قال: "أشهد / [146 / ب] لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "ما من والٍ يلي المسلمين سلطاناً إلاّ وقف يوم القيامة فإن كان محسناً نجا"، فأيّ الحديثين أوجع قلبك يا عمر؟ "، قال:"كلا [هما] 3 قد أحربني، فمن يأخذها بما فيها؟ "، قال:"من سلت الله أنفه وألصق خدّه بالأرض أما إنا لا نعلم إلاّ خيراً وعسى إن وليته من لا يقوم بما فيها لا تنجو من إثمها"4.
وفي أحاديث الرافقي5 عن عبد الله قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلم يرفعوا أيديهم إلاّ عند افتتاح الصلاة"6.
1 الماخض: كلّ حامل ضربها الطلق. (لسان العرب 7/228) .
2 في الأصل: (الأكلة)، وهو تحريف. وفي لسان العرب 11/21:(الأكولة: التي تسمن للأكل) .
3 سقط من الأصل.
4 لم أجده فيما تبقى من مسند الرّوياني. والحديث أخرجه الطبراني: المعجم الكبير 2/39، وفي إسناده سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف. (التقريب رقم: 2692) . وقال الهيثمي في: مجمع الزوائد 5/206: "رواه الطبراني وفيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك". وابن أبي شيبة: المصنف 12/217، من طريق آخر بنحوه، وإسناده منقطع بين محمّد الراسبي وبشر بن عاصم. وأورده ابن حجر في الإصابة 1/157.
5 محمّد بن أحمد الرّافقي، من القرن الرّابع. (المنتخب من مخطوطات الحديث ص285) .
6 الرافقي: جزء الرافقي ق 12 / أ، وفي إسناده محمّد بن جابر الحنفي، صدوق ذهبت كتبه فساء حفظه وخلط كثيراً، وعمي فصار يلقن. (التقريب رقم: 5776) .
وعن الأسود1 عن عمر: أنه رفع يديه في أوّل تكبيره ثم لم يعد2.
وعن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يستفتحون القراءة بـ: {الحَمْدُ لله ربِّ العَالمِين} 3.
وفي رواية: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم يجهروا بـ: {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 4.
وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يخفون {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 5.
وفي رواية: قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلّهم لا يقرأ6 {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 7.
وفي رواية: خلف النبي صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر خلف عمر خلف عثمان خلف عليّ فلم أسمع أحداً منهم يجهر بـ: {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 8.
1 الأسود بن يزيد النخعي، ثقة مكثر فقيه، توفي سنة أربع - أو خمس - وسبعين. (التقريب ص 111) .
2 الرافقي: جزء الرافقي ق 12 / أ، وفيه سيار بن نصر لم أجد له ترجمة.
3 الرافقي: جزء الرافقي ق 13 / أ - ب، والبخاري: الصحيح، كتاب صفة الصلاة 1/259، رقم: 710، ومسلم: الصّحيح، كتاب الصلاة 1/299، رقم:399.
4 الرافقي: جزء الرافقي ق 13 / ب، مسلم: الصّحيح، كتاب الصلاة 1/299، رقم: 399، والبيهقي: السنن: 2/51.
5 الرافقي: جزء الرافقي ق 13 / ب.
6 المراد: لا يقرأ بها جهراً.
7 الرافقي: جزء الرافقي ق 14 / أ، وإسناده ضعيف، فيه عمرو بن أبي عمر الكَلَاعي، ضعيف. (التقريب رقم: 4953) . والبيهقي: السنن: 2/51، 52، من طريق آخر عن أنس وإسناده صحيح.
8 الرافقي: جزء الرافقي ق15/أوفي إسناده انقطاع، وعامر بن شريح لم أجد له ترجمة.
وفي رواية: وكلهم قرأها: {مَالِكِ1 يَوْمِ الدِّينِ} 2.
وروي عن أبي وائل: أن عمر بن الخطّاب وعليّ بن أبي طالب كانا لا يجهران بـ: {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 3.
وعن ابن عبد الله بن مغفل4 قال: "كان أبي إذا سمع رجلاً يقرأ {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قال: "صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر فلم أسمع أحداً منهم يقرأ {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 5.
وروي عن أبي هريرة قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "دية المسلم واليهودي والنصراني سواء"، وكان على عهد أبي بكر كذلك، وكان على عهد عمر كذلك، فلما صار الأمر إلى معاوية صيره إلى النصف من دية المسلم".
قال الوليد6 عن الأوزاعي: "فلما استخلف عمر بن عبد العزيز ردّ الأمر
1 وقرأ بها من السبعة: عاصم والكسائي، ومن الثلاثة: يعقوب وخلف في اختياره.
والقراءة الثّانية: {مَلَكِ يَوْمِ الدِّينِ} قرأ بها الباقون. (البدور الزاهرة ص 13، إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر 1/363) .
2 الرافقي: جزء الرافقي ق 16 / أ، وإسناده ضعيف فيه خازم بن الحسين أبو إسحاق الحُميسي ضعيف. (التقريب رقم: 1614) .
3 الرافقي: جزء الرافقي ق 16 / ب، وإسناده ضعيف فيه سعيد بن المرزبان ضعيف مدلس وقد عنعن.
4 يزيد بن عبد الله بن مغفل المزني. (التقريب ص 695) .
5 الرافقي: جزء الرافقي ق 14 / ب، وعبد الرزاق: المصنف 2/88، وابن ماجه: السنن 1/267، والترمذي: السنن 1/12، 13، وحسنّه. وجميعهم عن ابن عبد الله بن مغفل. ذكره ابن أبي حاتم وسكت عنه. (الجرح والتعديل 3249) . قال الزيعلي في نصب الراية 1/332:"قال النووي في الخلاصة: "وقد ضعّف الحفاظ هذا الحديث وأنكروا على الترمذي تحسينه، كابن ماجه وابن عبد البرّ والخطيب، وقالوا:"إن مداره على ابن عبد الله بن مغفل، وهو مجهول". وضعّفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه ص 63، 64) .
6 الوليد بن مسلم القرشي مولاهم.
إلى القضاء الأوّل"1.
وفي أحاديث أحمد بن ملاك القطيعي2 عن زُهرة بن معبد3 عن جدّه4 قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطّاب فقال: "والله لأنت يا رسول الله أحبّ إليّ من كلّ نفس إلا نفسي". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من نفسه ". قال عمر رضي الله غنه: فأنت الآن والله أحبّ إليَّ من نفسي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فالآن يا عمر" 5. / [147 / أ] .
وفي (مسند الرّوياني) وغيره ع ن عمران بن حصين؛ "أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "إنها زنت وهي حُبْلَى"، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وليّها وقال: "أحسن إليها، فإذا وضعت فجئ بها"، فلما وضعت جاء بها فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فَشُكَّت6 عليها ثيابها، ثم أَمَرَ بها فرُجمت، ثم أمرهم فصلوا عليها، ثم دفنوها، فقال عمر بن الخطّاب: "يا نبي الله تُصَلِّي عليها وقد زنت؟ "، فقال: "لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعَتْهم وهل وجدت [توبة
1 الرافقي: جزء الرافقي ق20/ أ، ب، وفي إسناده الوليد بن مسلم مدلس وقد عنعن.
2 أحمد بن جفعر بن حمدان بن مالك القطيعي.
3 زهرة بن معبد بن عبد الله بن هشام القرشي التيمي، المدني، ثقة عابد، توفي سنة سبع وعشرين، ويقال: خمس وثلاثين ومئة. (التقريب ص 217) .
4 عبد الله بن هشام.
5 لم أجده فيما تبقى من أحاديث القطيعي. والحديث أخرجه أحمد: المسند 5/293، وفي إسناده عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف. وقد تابعه عليه متابعة تامة حيوة عند البخاري فيكون إسناده حسناً لغيره.
6 شكت: أي: جُمعت عليها ولُفّت لئلا تنكشف كأنها نُظِمَت وزُرّت عليها بشوكة أو خلال. (النهاية 2/495) .
أفضل] 1 من أن جادت بنفسها لله؟ " 2.
وفي الصحيح عن عبد الله بن هشام قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطّاب، فقال له عمر: "يا رسول الله لأنت أحبّ إليّ من كلّ شيء إلاّ نفسي". فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا، والذي نفسي بيده حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك". فقال له عمر:"فإنه الآن، والله لأنت أحبُّ إلى من نفسي"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"الآن يا عمر"3.
وفي أخبار عمر بن عبد العزيز للآجري4 عن مجاهد قال: "المهادي سبعة مضى خمسة وبقي اثنان". قال: خارجة5: "أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وعمر بن العزيز"6.
وقال سفيان الثوري: "الخلفاء خمسة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وعمر بن عبد العزيز"7.
وفي الصحيحين عن محمّد بن المنكدر قال: "رأيت جابر بن عبد الله
1 سقط من الأصل.
2 الرّوياني: المسند جـ 1 / ق 27 / ب، وإسناده صحيح، مسلم: الصّحيح، كتاب الحدود 3/1324، رقم:1696.
3 البخاري: الصحيح، كتاب الأيمان والنذور 6/2446، رقم: 6457، وانظر: ص 221، 1148، 1165
4 محمّد بن الحسين البغدادي الآجري الحنبلي، صاحب المصنفات المفيدة:(الشريعة) ، (الرؤية) ، وغيرهما، توفي سنة ستّين وثلاث مئة. (تاريخ بغداد 2/243، سير أعلام النبلاء 16/133) .
5 خارجة بن مُعصب السّرخسي، متروك، وكان يدلس عن الكذّابين، ويقال: إنّ ابن معين كذّبه، توفي سنة ثمان وستين ومئة. (التقريب ص 186) .
6 الآجري: أخبار عمر بن عبد العزيز ص 51.
7 أبو داود: السنن 4/206، 207.
يحلف بالله أن ابن صياد الدّجال فقلت: تحلف بالله؟ قال: "إني سمعت عمر رضي الله غنه يحلف على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم"1.
وفي (فضائل الصحابة) لإبراهيم بن عبد الرحمن المقدسي عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مكتوب على العرش: لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله أبو بكر الصّدّيق، عمر الفاروق، عثمان ذو النّورين، يقتل مظلوماً"2.
وفي جزء ابن الغوري3 عن ابن عباس: "ما في الجنة شجرة إلاّ مكتوب على ورقها4 لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، أبو بكر الصّدّيق، عمر الفاروق، عثمان ذو النّورين"5.
1 البخاري: الصحيح، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة 6/2677، رقم: 6922، مسلم: الصّحيح، كتاب الفتن وأشراط الساعة 4/2243، رقم:2929.
2 إبراهيم المقدسي: فضائل الصحابة ق 308 / أ، وابن الجوزي: الموضوعات 1/337، وقال:"هذا حديث لا يصحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصوفي ومحمّد ابن مجيب كذابان، قاله يحيى بن معين". وابن عراق: تنزيه الشريعة 1/351، وقال:"فيه أبو بكر عبد الرحمن ومحمّد بن مجيب، قلت: قال الحافظ ابن حجر: "المتهم به عبد الرحمن".
3 محمّد بن أحمد الغوري، له مجلس من أماليه، توفي سنة تسع وثلاثين ومئتين. (تبصير المنتبه 3/1061، توضيح المشتبه 6/444) .
4 في الأصل " وقها " وهو تحريف.
5 الطبراني: المعجم الكبير 11/76، ابن حبان: المجروحين 2/116، ابن الجوزي: الموضوعات 1/337، وقال:"قال أبو حاتم بن حبان: "هذا باطل موضوع وعليّ ابن جميل كان يضع الحديث لا تحلّ الرواية عنه بحال". وقال أبو أحمد بن عيد: "لم يأتِ بهذا الحديث عن جرير غير عليّ، وعلي يحدّث بالبواطيل عن ثقات الناس فيسرق السرق". وابن عراق: تنزيه الشريعة 1/350، وعزاه للطبراني وقال:"من طريق عليّ بن جميل، وسرقه منه معروف بن أبي معروف البلخي، أخرجه ابن عدي، وقال: "معروف هذا غير معروف".
وفي (فضائل الصحابة) لأبي خيثمة1 قال: أمر المغيرة بن شعبة صعصعة بن صوحان2 أن يخطب الناس قال: "فتكلم فحمد الله وأثنى عليه، فقال: "إن الله عزوجل بعث محمّداً صلى الله عليه وسلم حين درست الآثار، وتهدمت الجَوادّ3، فبلّغ ما أرسل به، قال: فذكر حين قبضه الله عزوجل واستخلف أبو بكر فأقام المصحف وورث الكلالة، وكان قويّا في أمر الله عزوجل / [147/ب] ثم قبض أبو بكر رحمه الله يعني4 فولي عمر فمصر الأمصار، وفرض العطاء فكان قويّا في أمر الله ثم قبض عمر، واجتمع الناس على عثمان فكانت5 خلافته فزراً6 وقبله مدراً7 رحمه الله. قال المغيرة:"انظروا ما يقول"، قال:"أنت أمرتني أن أخطب فخطبت، وأمرتني أن أجلس فجلست"8.
وفي حديث أبي الحارث الليث بن سعد عن عراك9 أن رجلاً انطلق
1 هكذا في الأصل، ولعله خيثمة بن سليمان القرشي الطرابلسي، مؤلف:(فضائل الصحابة) ، توفي سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة. (سير أعلام النبلاء 15/412، تذكرة الحفاظ 3/858) .
2 العبدي، تابعي كبير، مخضرم، ثقة، توفي في خلافة معاوية. (التقريب ص 276) .
3 في الأصل: (الجدار)، وهو تحريف. والجَوادّ: الطرق، واحدها: جادة. وهي سواء الطريق ووسطه. (النهاية 1/245) .
4 هكذا في الأصل.
5 في الأصل: (فكان) ، وهو تحريف.
6 الفزر: الشقوق، وتفزّر الثوب والحائط: تشقق وتقطع وبلي. (لسان العرب 5/53) .
7 المَدَر: قطع الطين اليابس، وفي حديث جابر:(ثم مداره)، أي: طيناه وأصلحاه بالمدر، وهو الطين المتماسك، لئلا يخرج منه الماء. (لسان العرب 5/162) .
8 لم أجده فيما تبقى من فضائل الصحابة لخيثمة.
9 عِراك بن مالك الغفاري، المدني، ثقة فاضل، من الثالثة، توفي في خلافة يزيد بن عبد الملك. (التقريب ص 388) .
إلى البحرين، فقالت له أمرأته:"انطلق بوليدتي هذه فبعها"، فأشهد على قولها نفراً من المسلمين، فلما قدم البحرين وقفها في السوق حتى إذا انتهى ثمنها أشهد نفراً من المسلمين أني قد أخذتها لنفسي بهذا الثمن، وأن الرجل لما قدم إلى أهله، وعلمت أنه قد اشتراها أتت عمر رضي الله غنه فقالت:"إن زوجي قد وقع على وليدتي"، قال:"والله لَئِنْ كنت صدقت لأرجمنَّه". فأقام البيّنة أنّها أمرأته ببيعها وأقام البيّنة أنه وقفها في السوق حتى انتهى ثمنها ثم ابتاعها، فجلدها الحدّ"1.
وفي مجلس أبي مخلد العطار2 عن جابر بن عبد الله قال: "رأيت نبي الله صلى الله عليه وسلم أكل طعاماً مما مسَّت النار ثم صلى ولم يتوضّأ، ثم رأيت أبا بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم أكل طعاماً مما مسّت النار ثم صلّى ولم يتوضّأ، ورأيت عمر بن الخطّاب من بعد أبي بكر - يعني: أكل طعاماً مما مست النار، ثم صلّى ولم يتوضّأ"3.
وفي (الأربعين) لصلاح الدين أبي بكر أحمد بن المُقرِّب4 عن ابن عباس
1 لم أجده.
2 محمّد بن مخلد بن حفص، الدوري ثم البغدادي، مأمون، توفي سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة. (تاريخ بغداد 3/310، سير أعلام النبلاء 15/256) .
3 ابن أبي شيبة: المصنف 1/47، وأحمد: المسند 3/307، وأبو داود: السنن 1/49، مختصراً، والترمذي: السنن 1/116، بنحوه، وقال:"حسن صحيح". وصحّحه أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي 1/116، رقم: 80، والألباني صحيح سنن الترمذي 1/25، وصحيح ابن أبي داود رقم:185.
4 أحمد بن المُقرّب البغدادي الكرخي، شيخ دين كيّس، صحيح السماع، نسخ الأجزاء، وله أصول حسنة، توفي سنة ثلاث وستّين وخمس مئة. (سير أعلام النبلاء 20/473، شذرات الذهب 4/208) .
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة ونظر إلى عمر بن الخطّاب رضي الله غنه فتبسم فقال: "يا عمر هل تدري لم تبسمت إليك؟ " قال: الله ورسوله أعلم، قال:"إن ربّك عزوجل باهى بأصحابي عشية عرفة وباهى بك خاصة"1.
وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن رباح2 عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى العصر، فقام رجل يصلّي فرآه عمر فقال له:"اجلس فإنما أهلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحسن ابن الخطاب"3.
وفي الصحيح: أن عمر أمر رجلاً ضرب/ [148/أ] الحدّ غائباً عنه4.
وقال ابن شهاب: "أخبرني عروة بن الزبير: أن عمر غرَّبَ - يعني: في الحدّ - ثم لم تزل تلك السنة"5.
1 الطبراني: المعجم الكبير 1/182، وإسناده ضعيف لأجل ارشدين بن سعد، كان صالحاً في دينه فأدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث". (التقريب رقم: 1942) ، قال الهيثمي: مجمع الزوائد 9/70: "وفيه رشدين بن سعد، وهو مختلف في الاحتجاج به". وابن الجوزي: العلل المنتاهية 1/192، وقال:"هذا حديث لا يصحّ، قال ابن حبان: "موسى بن عبد الرحمن دجال يضع الحديث".
2 الأنصاري، ثقة، من الثالثة، قتلته الأزارقة. (التقريب ص 302) .
3 أحمد: المسند 5/369، وإسناده صحيح.
4 البخاري: الصحيح، كتاب المحاربين 6/2515، تعليقاً، ووصله سعيد بن منصور في سننه كما في فتح الباري 12/186، قال الحافظ ابن حجر:"وقد ورد ذلك عن عمر في عدة آثار منها ما أخرجه سعيد بن منصور بسند صحيح".
5 البخاري: الصحيح، كتاب المحاربين 6/2507، رقم: 6444، قال الحافظ في فتح الباري 12/158:"قال ابن شهاب: هو موصول بالسند المذكور". أي: السند الذي قبله.
وقال البخاري: "لم يعاقب عمر صاحب الظبي"1.
وذلك أن رجلاً قتل ظبياً وهو محرم فاستفتى عمر، فأوجب عليه شاة ولم يعاقبه بشيء واسم الرجل: قبيصة بن جابر2.
وفي (الإخوة والأخوات)، لابن السُّنِّي عن عثمان بن مظعون قال:"كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرّ به عمر بن الخطّاب فقال: "هذا غلق الفتنة"، وأشار إليه بيده، وقال: "لا يزال بينكم وبين الفتنة باباً شديداً مغلقاً ما دام هذا بين أظهركم" 3.
وفي (الإخوة)، لابن السُّنِّي عن الصَّعْب بن جثّامة4: أنه كان تزوج امرأة أخيه محلم بن جثامة5 بعد أخيه ولها منه غلام فتوفي ابن أخيه في زمن عمر بن الخطّاب فاعتزل الصعب امرأته قال: فذكر لعمر بن الخطاب قال، فقال له عمر:"ما حملك على اعتزالك امرأتك مذ توفي ابنها؟ "، قال:"كرهت أن أدخل في رحمها6 من لا حق له في الميراث". قال له عمر: "أنت الرجل يهدى للرشد، وتوفق له"، ثم كتب بذلك إلى الأجناد من كان تحته امرأة ولها
1 البخاري: الصحيح، كتاب المحاربين 6/2500، تعليقاً ووصله سعيد بن منصور في سننه كما في فتح الباري 12/132، قال الحافظ:"ووصله سعيد بن منصور بسند صحيح".
2 ابن حجر: فتح الباري 12/132.
3 البزار: كما في كشف الأستار 3/176، والهيثمي: مجمع الزوائد 9/72، وقال:"رواه الطبراني والبزار وفيه جماعة لم أعرفهم، ويحيى بن متوكل ضعيف". وابن عساكر: تاريخ دمشق جـ 13/ ق 23.
4 الليثي، صحابي، عاش إلى خلافة عثمان. (التقريب ص 276) .
5 الليثي، قيل: إنه مات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ودفن فلفظته الأرض مرة بعد أخرى. (الإصابة 6/49) .
6 في الأصل: (حمها) ، وهو تحريف.
ولد من غيره ثم توفي ولدها فلا يقرّبنّها حتى يستبرئ رحمها"1.
وفي (جزء أبي الجهم) 2 عن ابن عباس قال: "خطبنا عمر بن الخطّاب فقال: "إن أخوف ما أخاف عليكم تغير الزمان، وزيغة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون يضلون الناس بغير علم"3.
وفي (صحيح البخاري) عن صفية بنت أبي عبيد: أن عبداً من رقيق الإمارة وقع على وليدة من الخمس، فاستكرهها حتى افْتَضَّها، فجلده عمر الحدَّ ونفاه، ولم يجلد الوليدة من أجل أنه استكرهها4.
وفي (مسند الرّوياني) عن عامر الشعبي قال: "كان رجلان من الأنصار أخوان في دارٍ، فغزا أحدهما في جيش من جيوش المسلمين وبقي الآخر، قال: فأتت الشاهد امرأته، فقالت: "هل لك في امرأة أخيك عندها رجل". فلم تزل به حتى رقته على سلم فاطلع فرأى رجلاً متكئاً تنتف له دجاجة وهو يقول:
وأشعث غره الإسلام مني
…
خلوت بعرسه ليل التمام
أبيت على ترائبها5 ويمسي
…
على أدماء6 مشرفة الحزام
1 لم أجده.
2 العلاءُ بن موسى الباهلي البغدادي، صاحب ذلك الجزء العالي، توفي سنة ثمان وعشرين ومئتين. (تاريخ بغداد 12/240، سير أعلام النبلاء 10/526) .
3 أبو الجهم: جزء الجهم ق 64 / أ، وإسناده ضعيف لأجل مجالد بن سعيد، وقد سبق تخريجه ص 850.
4 البخاري: الصحيح، كتاب الإكراه 6/2548، تعليقاً، ووصله أبو القاسم البغوي كما في فتح الباري 12/322.
5 الترائب: موضع القلادة من الصدر. (لسان العرب 1/230) .
6 الأدمة في الإبل: البياض الشديد. يقال: بعير آدم وناقة أدماء. (لسان العرب 12/12) .
كأن مجامع الرّبلات1 منها
…
ثمامٌ2 قد جمعن إلى ثمام
قال: فنَزل إليه فقتله قال: فقام عمر خطيباً حين أصبح فقال: "أنشد الله رجلاً كان عنده / [148 / ب] من هذا القتيل علم لما قام"، قال: فقام الرجل فقال: "يا أمير المؤمنين، عندي منه علم". قال: فقصّ عليه القصّة، فقال عمر:"أبعده الله"3.
وفيه عن صفية بنت بحرة4: أن خداش5 استوهب من رسول الله صلى الله عليه وسلم صحفة قالت: فكان عمر بن الخطّاب إذا جاءنا سألنا فأخرجناها له، وملأناها من ماء زمزم، فشرب منها وغسل وجهه، فعدا علينا سارق فسرقنا وسرقها فيما سرق، فجاءنا عمر فسألنا عنها فأخبرناه أنها سرقت فضرب بإحدى يديه على الأخرى وقال:"لله أبوه سرق6 صحفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. "قال: فسمعته ما سبه ولا لعنه حتى انصرف"7.
وفي (معجم أبي يعلى الموصلي) 8 وغيره عن محمّد بن كعب القرظي
1 الرّبلات: أصول الأفخاذ. (لسان العرب 11/263) .
2 الثّمام: نبت معروف في البادية ولا تجهده النعم إلاّ في الجدوبة. (لسان العرب 12/80) .
3 لم أجده في مسند الروياني، والأثر في ابن أبي شيبة: المصنف 9/404، وفيه انقطاع بين الشعبي وعمر، الشعبي لم يدرك خلافة عمر، ولم يصرح بمن روى عنه. وعبد الرزاق: المصنف 9/435، عن أبي عبد الله بن عبد مختصراً ومرسلاً.
4 روى عنها أيوب بن ثابت. (ابن حبان: الثقات 4/386) .
5 خداش بن أبي خداش المكي. (الإصابة 2/105) .
6 في الأصل: (سرقت) ، وهو تحريف.
7 لم أجده فيما تبقى من مسند الروياني، والأثر أورده ابن حجر في الإصابة 1/105، وعزاه لابن منده وأبي موسى، وقال:"قال ابن السكن: "ليس بمشهور روى عنه حديث في إسناده نظر".
8 الإمام الحافظ أحمد بن عليّ التميمي الموصلي، صاحب (المسند) ، و (المعجم) ، توفي سنة سبع وثلاث مئة. (سير أعلام النبلاء 14/174، والوافي بالوفيات 7/241) .
قال: "بينما عمر بن الخطّاب رضي الله غنه ذات يوم جالس إذ مرّ به رجل، فقيل: "يا أمير المؤمنين أتعرف هذا المار؟ "، قال: "ومن هذا؟ "، قالوا: "هذا سواد بن قارب1 الذي أتاه رئيّه2 بظهور النبي صلى الله عليه وسلم قال: فأرسل إليه عمر رضي الله غنه فقال له: "أنت سواد بن قارب؟ "، قال:"نعم". قال: "أنت الذي أتاك رَئيُّك بظهور النبي صلى الله عليه وسلم؟ "، قال:"نعم"، قال:"فأنت على ما كنت عليه من كهانتك؟ "، قال: فغضب، وقال:"ما استقبلني بهذا أحد منذ أسلمت يا أمير المؤمنين". قال عمر: "يا سبحان الله، ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك، فأخبرني بإتيانك رئيك بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم". قال: "نعم. يا أمير المؤمنين، بينا أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان إذ أتاني رَئي فضربني برجله، وقال: قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول الله من لؤي بن غالب يدعو إلى الله عزوجل وإلى عبادته، ثم أنشأ يقول:
عجبتُ للجنّ وتطلَابِها
…
وشدّهَا العيسَ بأقتَابها
تهوي إلى مكّة تبغى الهُدى
…
ما صادق الجنّ ككذابها
فارحل الصفوة من هاشم
…
ليس قُدَامَها كأذنابها
قال: قلت: دعني أنام، فإني أمسيت ناعساً، فلما كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي واعقل إن
1 الدوسي. قال البخاري: (له صحبة) . (الإصابة 3/148) .
2 رئيّه: يقال للتابع من الجنّ رَئيّ بوزن كميّ، وهو فعيل أو فعول، سُمِّي به لأنه يتراءى لمتبوعه، أو هو من الرّأي. (النهاية 2/178) .
كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو1 إلى الله عزوجل وإلى عبادته ثم أنشأ يقول:
عجبتُ للجنّ وتخبَارِها
…
وشدّها العيسَ بأكوراها / [149/أ]
تهوي إلى مكّة تبغى الهُدى
…
ما مؤمن الجنّ كَكُفَّارها
فارحل إلى الصفوة من هاشم
…
بين روابيها وأحجارها
يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي واعقل إن كنت تعقل، فإنه قد بعث رسول الله من لؤي بن غالب يدعو2 إلى الله عزوجل وإلى عبادته ثم أنشأ يقول:
عجبتُ للجنّ وتجساسها
…
وشدّها العيسَ بأحلاسها
تهوي إلى مكّة تبغى الهُدى
…
ما خير الجنّ كأنجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشمٍ
…
واسمُ بعينيك إلى راسها
فقمت فقلت: قد امتحن الله قلبي، فرحَّلتُ ناقتي، ثم أتيت المدينة فإذا رسول الله وأصحابه حوله فدنوت فقلت: اسمع مقالتي يا رسول الله، قال: هات فأنشأت أقول:
أتاني نجيبِي بين هدء ورقدة
…
ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاثُ ليالٍ قوله كلِّ ليلة
…
أتاك رسول من لؤيٍّ بن غالب
فشمَّرتُ عن ذيلي الإزار ووسطت
…
بيَ الذَّعِلبُ3 الوَجناءُ بين السَّباسِبِ4
1 في الأصل: (يدعوا) ، وهو تحريف.
2 في الأصل: (يدعوا) ، وهو تحريف.
3 جمل ذعْلِب: سريع باقٍ على السير. (لسان العرب 1/388) .
4 السََبْسَبُ: القفرُ والمفازة. (لسان العرب 1/460) .
فأشهد أن الله لا شيءَ غيرُهُ
…
وأنك مأمون على كلّ غائبٍ
وأنك أدنى المرسلين وسيلة
…
إلى الله يابن الأكرمينَ الأطايبِ
فمرنا بما يأتيك يا خيرَ من مشى
…
وإن كان فيما جاء شَيْبُ الذُّوائب
وكن لي شفيعاً يوم لا ذي شفاعة
…
سواك بمغن عن سواد بن قارب
فقال: ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بها فرحاً شديداً حتى رئي الفرح في وجوههم، قال: فوثب عمر بن الخطّاب فالتزمه وقال: "قد كنت أشتهي أن أسمع هذا الحديث منك، فهل يأتيك رَئِيُّك اليوم؟ "، قال: أما منذ قرأت القرآن فلا، ونعم العِوَضُ كتاب الله عزوجل من الجنّ، ثم أنشأ عمر يقول:"كنا يوماً في حيّ من قريش يقال له آل ذريح وقد ذبحوا عجلاً لهم فالجزار يعالجه إذ سمعنا صوتاً1 من جوف العجل ولا نرى شيئاً: يا آل ذريح، أمر نجيح، صائح يصيح بلسان فصيح، أشهد أن لا إله إلاّ الله"2. / [149 / ب] .
وفي (الموطّأ) عن ابن عمر: أن عمر بن الخطّاب قال: "أيّما وليدة ولدت من سَيِّدها، فإنه لا يبعها ولا يهبها، وهو يستمتع منها ما عاش فإذا مات فهي حرة"3.
وقال مالك: "إنه بلغه أن عمر أتَتْهُ وليدةٌ قد ضربها سيِّدُها، أو أصابها
1 في الأصل: (صواتاً) ، وهو تحريف.
2 أبو يعلى: المعجم ص 346، 350، وإسناده تالف لأجل عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي متروك وكذبه ابن معين. (التقريب رقم: 4493) . وفيه أيضاً انقطاع بين محمّد بن كعب وعمر، والبيهقي: دلائل النبوة 2/252، من طريق أبي يعلى، والحاكم: المستدرك 3/608، قال الذهبي في تلخيصه:"والإسناد منقطع".
3 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 2/403، وإسناده صحيح.
بنار فأعتقها"1.
وقال: "إنه بلغه أن عمر قال: "اتَّجِرُوا في أموال اليتامى، لا تأكلُها الزكاة"2.
وفيه عن سفيان بن عبد الله3: أن عمر بن الخطّاب بعثه مُصدِّقاً وكان يَعُدُّ على الناس بالسَّخْلِ، فقالوا:"تَعُدُّ علينا بالسَّخْلِ، ولا تأخذ منه شيئاً؟ فلما قدم على عمر بن الخطّاب ذكرَ ذلك له، فقال عمر بن الخطّاب: "نعم، نَعُدُّ عليهم بالسَّخْلَةِ يحمِلُها الرّاعي، ولا نأخُذُها، ولا نأخُذُ الأكولةَ ولا الرُّبَّاء ولا المَاخضَ، ولا فحل الغنم ونأخذ الجذعة والثنية، وذلك عدل بين غِذَاءِ4 المالِ وخياره"5.
وفيه عن زيد بن أسلم عن أخيه67: أن عمر بن الخطّاب أفطر ذات يومٍ في رمضان في يوم ذي غيمٍ، وَرَأى أنّه قد أمسى وغابتِ الشمس، فجاءه رجلٌ فقال:"يا أمير المؤمنين، قد طلعت الشمس". فقال عمر بن الخطّاب: "الخطب يسيرٌ، وقد اجتهدنا".
قال مالك بن أنس8: "يريد بذلك القضاء، ويسارة مؤونته وخفته فيما
1 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 2/403، وإسناده ضعيف لانقطاعه بين مالك وعمر.
2 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/257، وإسناده ضعيف لانقطاعه بين مالك وعمر.
3 الثقفي الطائفي، صحابي، وكان عامل عمر على الطائف. (التقريب ص 244) .
4 جمع غذي: أي: سخال. (القاموس ص 1698) .
5 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/272) وإسناده ضعيف لجهالة ابن عبد الله بن سفيان الثقفي.
6 في رواية أبي مصعب: (عن أبيه) .
7 خالدبن أسلم القرشي العدوي أخوزيد مولىعمر صدوق، من الخامسة. (التقريب ص186) .
8 في الأصل: (قال عمر بن الخطاب) ، والمثبت من الموطّأ.
يُرَى. والله أعلم"1.
وعن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطّاب قال: "كَرَمُ المرء تَقْوَاهُ، ودينُه حَسَبُهُ، ومُرُوءَتُه خُلُقُهُ، والجرُأَةُ والجبنُ غرائز يضعها الله حيث شاء، فالجبان يفرّ عن أبيه وأُمِّه، والجريء يُقَاتِلُ عَمَّا لا يبالي ولا يؤوب إلى رحلِهِ، والقتل حتفٌ من الحتُوفِ، والشهيد من احتسب نفسه على الله"2.
وعن زيد بن أسلم قال: "كتب أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر يذكر له جموعاً من الروم وما يتخوف منهم، فكتب إليه عمر بن الخطّاب: أما بعد، فإنه مَهْمَا ينزلِ بعبدٍ مؤمنٍ من منزلٍ شدَّةٍ يجعل الله من بعدها فرجاً، وإنه لن يغلبَ عسرٌ يُسْرَين، وإن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا واتَّقُوا الله لَعَلَّكُم تُفْلِحُون} "[آل عمر: 200]3.
وعن أسلم مولى عمر: أن عمر وجد ريح طيبٍ وهو بالشجرة4 فقال: "ممن ريحُ هذا الطيب؟ "، فقال معاوية بن أبي سفيان:"مني يا أمير المؤمنين". فقال عمر: "منكَ لَعَمْري" فقال معاوية: "إِنَّ أُمَّ حبيبة5 طيبتني يا أمير المؤمنين". فقال عمر: "عزمت عليك لترجعن فلتغسلنّه"6.
وعن الصّلت بن زُبَيْدٍ7 عن غير واحدٍ من أهله: أن عمر بن الخطّاب وجد
1 مالك: الموطّأ (رواية يحبى بن يحيى) ص 154، ورواية أبي مصعب1/316، وإسناده صحيح.
2 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/367، وهو ضعيف لانقطاعه بين يحيى بن سعيد وعمر. وانظر: ص 680.
3 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/379، وإسناده ضعيف لانقطاعه بين زيد بن أسلم وعمر.
4 الشّجرة: سَمُرة بذي الحليفة على ستّة أميال من المدينة. (معجم البلدان 3/325) .
5 رملة بنت أبي سفيان، أم المؤمنين، توفيت سنة اثنتين وأربعين. (التقريب ص747) .
6 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/417، وإسناده صحيح.
7 الصّلت بن زبِيد بن الصَلت الكندي المدني، يروى عن سليمان بن يسار، ورى يسار، روى عنه عبد العزيز بن أبي سلمة. (ابن حبان: الثقات 6/472) .
ريحَ طيبٍ هو بالشجرة، وإلى جنبه كثيرُ بن الصّلت، فقال عمر:"ممن ريح هذا الطيب؟ "، فقال كثير:"مني لبدت رأسي وأردتُ أن أحلق". فقال عمر: "اذهب إلى شَرَبَة1 فادلك رأسكَ حتى تنقيه ففعل كثيرُ بن الصّلت"2.
وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أن عمر بن الخطّاب قال: "يا أهل مكّة ما شأن الناس يأتون شُعثاً3 وأنتم مُدَّهنون4 أهلُّوا إذا رأيتم الهلال"5.
وعن عبد الله بن عمر: أن عمر بن الخطّاب قال: "افصلوا بين حجّكم وعمرتكم، فإنّه أتمّ لحجّ أحدكم، وأتمّ لعمرته، أن يعتمر في غير أشهر الحجّ"6.
وفي الصحيح: أن عمر لاعن عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم7.
وفيه: أن عمر قال لعبد الرحمن بن عوف: "لو رأيت رجلاً على حدٍّ، زناً أو سرقةٍ، وأنت أمير؟ ". فقال: "شهادتك شهادة رجل من المسلمين". قال: "صدقت"8. / [150 / أ] .
وفي (المختارة للضياء) 9 عن معاوية بن قرة المزني قال: "أتيت
1 في رواية يحيى ص 170: (قال مالك: الشربة: حفيرة تكون عند أصل النخلة) .
2 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/418، وإسناده ضعيف لإبهام شيوخ الصّلت بن زييد.
3 شعثاً: أي: مغبرين متلبدين. (القاموس ص 219) .
4 في الأصل: (مدهونون) .
5 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/429، وإسناده صحيح إلى القاسم.
6 مالك: الموطّأ (رواية أبي مصعب الزهري) 1/444، وإسناده صحيح.
7 البخاري: الصحيح، كتاب الأحكام 6/2621، تعليقاً.
8 البخاري: الصحيح، كتاب الأحكام 6/2622، تعليقاً.
9 محمّد بن عبد الواحد المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، صاحب التصانيف المفيدة:(الأحكام) ، (النهي عن سبّ الأصحاب) ، وغيرهما، توفي سنة ثلاث وأربعين وستّ مئة. (ذيل طبقات الحنابلة 2/236) .
المربد1 زمان الأقط والسمن، قال: والأعراب تجول بذلك، فإذا أنا برجل طامح2 بصره ينظر إلى الناس، فظننته غريباً فدنوت منه، فقال:"أمن أهل هذه أنت؟ "، قلت:"نعم". قال: "ألا أحدّثك حديثاً شهدته من عمر بن الخطّاب رضي الله غنه؟ "، قلت:"ومن أنت؟ "، قال:"كهمس3 رجل من بني هلال، أو من بني سلول، إني كنت عند عمر بن الخطّاب أتته امرأته فقالت: "يا أمير المؤمنين، إن زوجي قد كثر شرّه، وقلّ خيره". قال لها عمر:"ومن زوجك؟ "، قالت:"أبو سلمة"، قال: فعرفه عمر رضي الله غنه، فإذا رجل له صحبة، فقال لهاعمر:"ما نعلم من زوجك إلاّ خيراً"، ثم قال لرجل عنده:"ما تقول أنت؟ "، فقال:"يا أمير المؤمنين، لا نعلم إلاّ ذلك". فأرسل إلى زوجها وأمرها فقعدت خلف ظهره، فلم يلبث أن جاء الرجل مع زوجها، فقال له عمر:"أتعرف هذه؟ "، قال:"ومن هذه يا أمير المؤمنين؟ "، قال:"هذه امرأتك"، قال:"وتقول ماذا؟ "، قال:"تزعم أنه كثر شرُّكَ وقلَّ خيرُك"، قال:"بئسما قالت يا أمير المؤمنين، والله إنّها لأكثر نسائها كسوة، وأكثره رفاهية بيتٍ، ولكن بعلها بَكيء"4. فقال: "ما تقولين؟ "، قالت: "صدق". فأخذ
1 المربد: من أشهر محال البصرة، وكان سوق الإبل فيه قديماً، ثم صار محلة عظيمة سكنها الناس، وبه كانت مفاخرات الشعراء ومجالس الخطباء. (معجم البلدان 5/98) .
2 طمح بصره إليه: ارتفع. (القاموس ص 296) .
3 صحابي سكن البصرة. (الثقات لابن حبان 3/356، الإصابة 6/314) .
4 بكئءٌ وبكئيةٌ: الناقة والشاة إذا قلّ لَبَنُها. (النهاية 1/148) ، وكأنه يعني أن زوجها لا يستطيع الجماع.
الدّرَّة فقام إليها فتناولها وهو يقول: "يا عدوة نفسها أفنيت شبابه، وأكلت ماله، ثم أنشأت تشنين عليه ما ليس فيه". فقالت: "يا أمير المؤمنين، أقلني في هذه المرّة، والله لا تراني في هذا المقعد أبداً". فدعا بأثواب ثلاثة فقال لها: "اتّقي الله وأحسني صحبة هذا الشيخ". ثم أقبل عليه فقال: "لا يمنعك ما رأيتني صنعت بها أن تحسن صحبتها". قال: "أفعل يا أمير المؤمنين"، قال:"كأني أنظر إليها أخذت الأثواب منطلقة، ثم إني سمعت عمر رضي الله غنه يقول: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خير أمتي القرن الذي أنا فيه، ثم الذين يلونه، ثم الذين يلونه، ثم يجيء قوم تسبق شهادته أيمانهم، يشهدون قبل أن يستشهدوا لهم في أسواقهم لغط" 1، 2.
وفي أحاديث أبي عمر الزاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينادي منادي يوم القيامة من تحت العرش، أين أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم فيؤتى بأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ رضي الله عنهم فيقال لأبي بكر: قف على باب الجنة فأدخل من شئت برحمة الله عزوجل واردع3 من شئت بعلم الله عزوجل، ويقال لعمر بن الخطاب رضي الله غنه: قف على الميزان فثقّل من شئت برحمة الله عزوجل، وخفّف من شئت بعلم الله عزوجل، ويكسى
1 اللغط: الصوت والجلبة. (القاموس ص 885) .
2 الضياء المقدسي: المختارة 1/391، بأخصر، وإسناده صحيح. والطيالسي: المسند ص 8. ومن طريق أبي داود رواه البزار: المسند 15/22، وذكره الهيثمي: مجمع الزوائد 10/91، ونسبه للبزار وقال: "رجاله ثقات". وابن حجر: المطالب العالية 2/50، 4/151، وعزاه للطيالسي.
3 في الأصل: (وادرع) ، وهو تحريف.
عثمان رضي الله غنه [حُلتين] 1 ويقال له: البسهما فإني خلقتهما، أو ادخرتهما حين أنشأت خلق السموات الأرض، ويُعطي عليّ رضي الله غنه عصا عوسج من الشجرة التي غرسها الله عزوجل بيده في الجنة، ويقال:"ذد الناس عن الحوض".
فقال بعض أهل العلم: "لقد واسى الله عزوجل بينهم في الفضل والكرامة"2.
وفي أحاديث عفان بن مسلم الصفار عن سويد بن غَفَلَة، قال: قال عمر بن الخطّاب رضي الله غنه: "عجّلوا العِشاء قبل [أن] 3 ينام المريض ويكسل العامل"4.
وعن أنس بن مالك: أن عمر أُتي بسارق فقال: "والله ما سرقت قط قبلها"، فقال:"كذبت ما كان الله ليسلم عبده أوّل ذنبه". فقطعه رضي الله غنه"5.
فصل
وجدت أظن في "المنثورة" للضياء ثنا محمّد6 ثنا أبو عثمان
1 سقط من الأصل.
2 أبو عمر الزاهد: حديث أبي عمر الزاهد ق 65 / ب، وفي إسناده من لم أجد له ترجمة. وأبو بكر الشافعي: الفوائد ق 11 / أ، وورده ابن عراق: تنزيه الشريعة 1/369، وعزاه إلى أبي بكر الشافعي، وقال في إسناده جماعة مجهولون.
3 سقط من الأصل.
4 ابن أبي شيبة: المصنف 1/331، وإسناده صحيح.
5 لم أجده.
6 محمّد بن يزيد المُبَرَّد الأزدي البصري النحوي، صحاب (الكامل) ، إمام النحو، توفي سنة ستّ وثمانين ومئتين. (تاريخ بغداد3/380، سير أعلام النبلاء 13/576) .
المازني1 ثنا الأصمعي عن سلمة بن بلال2 عن مجالد بن سعيد الشعبي قال: "اصطرع عمر بن الخطّاب وخالد بن الوليد وهما غلامان، وكان خالدٌ بن خال3 عمر، فكسر خالد ساق عمر رضي الله عنهما فعولجت وجبرت، وكان ذلك سبب العداوة بينهما"4.
وذكر أهل التاريخ: أن خالد بن الوليد لما قتل مالك بن نويرة قدم أخوه إلى المدينة ودخل على عمر بن الخطّاب وأنشده ما قال فيه [من] 5 الشعر فقام معه ودخل على أبي بكر، وقام معه على خالد، فأرسل أبو بكر إلى خالد، فقدم وقد غرز أسهماً في رأسه، فدخل المسجد فرآه عمر بن الخطّاب فقام، فأخذ الأسهم من رأسه وكسرها، وقال:"قتلت رجلاً مؤمناً وزنيت بامرأته6، لأرجمنّك بأحجارك، فخاف خالد أن يكون أبو بكر الصّدّيق موافقه على ذلك فقام ودخل عليه واعتذر إليه فعذره، ثم قام فخرج فإذا عمر فقال: "هلم إليّ يا ابن أم عمر7 فعلم أن أبا بكر
1 بكر بن محمّد المازني البصري، صاحب (التصريف) ، إمام العربية، توفي سنة سبع وأربعين ومئتين. (أخبار النحويين البصريين ص74، سير أعلام النبلاء12/270) .
2 لم أجد له ترجمة.
3 في الأصل: (خالة) ، وهو تحريف.
4 ابن كثير: التاريخ 4/118، وهو ضعيف لانقطاعه، ومجالد ضعيف.
5 سقط من الأصل.
6 هذا القول غير ثابت عن أمير المؤمنين عمر، ولو صحّت هذه الرواية لاستحال أن يبقيه أبو بكر رضي الله غنه في قيادة الجيش، وأما ما يُحاك حول زواج خالد بامرأة مالك من الخيالات الشائنة فليس إلا صنع يد الكذّابين، ولم يذكر منه شيء بسند صحيح.
7 في الأصل: (عمرو) ، وهو تحريف.
رضي الله عنه، رضي عنه فقام ثم دخل على أبي بكر فكلمه في أمره، فقال: "هب أن خالداً اجتهد فأخطأ، قد اجتهد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأخطأ فوداهم النبي صلى الله عليه وسلم من عنده فوداه أبو بكر1.
ولما عزله عمر من إمرة الشام وأمّر أبا عبيدة كتب عمر إلى أبي عبيدة: إن أكذب خالد نفسه فاتركه فيها، فقام فدخل على أخته واستشارها فقالت:"تعلم أن عمر لا يحبك، ولا يتركك فيها وإن أكذبت نفسك"2.
ولم أدر تكذيب نفسه عماذا؟ وفحصت عن ذلك فلم أجده3. وسألت جماعة من شيوخنا وغيرهم، فما أخبرني أحد عنها بعلم4.
فصل
قويت شدّة عمر في الدين وصلُبت عزائمه، فلما حانت الهجرة سلك مسلك القضاء واختال في مِشْية الأسد، فقال عند خروجه:"هَا أنا أخرج إلى الهجرة فمن أراد لقائي فليلقنِي في بطن هذا الوادي".
لما ولي الخلافة شمَّر عن ساق جدّه، وكظم عن هوى نفسه، وحمل في الله فوق طاقته.
شعر:
تحدّث ولا تجزع بكلّ عجيبةٍ
…
عن البحر أو تلك الخِلال الزَّواهر
ولا عيبَ في أخلاقه غير أنّها
…
فرائد دُرٍّ ما لها من نظائر
1 الطبري: التاريخ 3/277، 280، ابن كثير: التاريخ 3/326، 327.
2 الطبري: التاريخ 3/436، ابن كثير: التاريخ 4/19.
3 في الأصل: (فلم جده) ، وهو تحريف.
4 لعل المراد: أن يقرّ بخطئه. فقد ثبت في مسند الإمام أحمد أن عمر قال: (
…
وإني أعتذر إليكم من خالد بن الوليد أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين فأعطاه ذا البأس، وذا الشرف وذا اللسان فنزعته وأمّرت أبا عبيدة بن الجراح". (المسند 3/475، 476)، وانظر: ق 70 / أ.
يقرّ له بالفضل كلّ منازعٍ
…
إذا قيل يوم الفخر هل من مفاخرٍ1
/ [151 / أ] .
ما زال الإسلام قرير العين، لما كان مفتوح العين، شمل الكلّ برّه وإحسانه، وقلا:"والله لئن بقيت ليأتين الراعي بجبل صنعاء حَظَّهُ من هذا المال، وهو يرعى مكانه". خاف التقصير فجد واصطبر، وقال:"لو مات جَدْيٌ بالفرات خشيت أن يحاسب به عمر". وكان من شدّة التشمير يرى فيه عمله القلة، فكان يقول عند موته:"الويل لعمر إن لم يغفر له".
شعر:
متيقظُ العَزماتِ مُذ نهضت به
…
عزماتُه نحو العُلَى لم يقعدِ
ويكاد من نور البصير أن يرى
…
في يومِه فعلَ العواقب في غدِ2
صايح الوفد في القوم جهراً: ما زلنا أعزّة منذ أسلم عمر، كأن أقدامه في الدّجى قائمة، وعينه ساهرة لا نائمة وهمته على الطاعة عازمة، هذه أفعل النفوس الحازمة، طالما غسل وجهه بالدموع، وأذلّ نفسه بالخشوع والخضوع، وأذاب نفسه ومهجته بالظما والجوع، خاطر بنفسه في المهالك، فأصبحت سالمة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ} [الغاشية: 8] ، يا لها من نفس أذعنت وذلّت، وألفت السجود فما ملت وتوجهت إلى الله وعن غيره تولت، وزالت عنها فترة الهجر وتجلت، فجلت، فأُدخلت دار الكرامة فحلّت غانمة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ} [الغاشية: 8] ، سهرت الليل إلى الصباح فصارت من الوجوه الصباح، وقنعت بالخبر الفقار والماء القراح، خافت من الاجتراح الجناح،
1 ابن الجوزي: التبصرة 1/426.
2 ابن الجوزي: التبصرة 1/426، 428.
فصيرها الخوف لمقصوص الجناح، وعلى الحقيقة فكلّ الأرواح من الخوف هائمة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ} [الغاشية: 8] 1.
شعر:
كلّ يومٍ مجدٌ وفخرٌ يشادُ
…
وطريفٌ من الثّنا وتِلَادُ
وكرامٌ من المساعي جسامٌ
…
عجزت عن صعابها الحسادُ
هممٌ دونها الكواكبُ تتلو
…
عزَماتٍ للنار فيها اتقادُ
كلما قيل قد دَجَى ليل خطب
…
فلرأي الفاروق فيه زِنادُ
مغرم بالمكارم الغُرِّ لما
…
ضمّ أبكارها إليه الولادُ
ساهرُ العين بالعزائم يقظا
…
ن وقد قيّد العيون الرّقادُ
قد كفَتْه المناقبُ المدحَ
…
إلاّ مدحاً من صفاته يستفادُ2
/ [151 / ب] .
اتّخذ الصّدق دأباً، فقال:"لا تجد المؤمن كذاباً".
وفي (الصمت) لابن أبي الدنيا عن أبي هريرة قال: "كان عمر بن الخطّاب يقول في خطبته: "ليس فيما دونَ الصّدق من الحديث خيرٌ، مَنْ يكذب يفجر، ومن يفجر يهلك"3.
1 انظر: ابن الجوزي: التبصرة 1/429.
2 ابن الجوزي: التبصرة 1/428.
3 ابن أبي الدنيا: الصمت ص 497، ومن طريقه البيهقي: السنن: 3/215، وإسناده ضعيف، فيه عبد العزيز بن عبد الله العامري، يرمى بالكذب. (اللسان 4/33)، وأورده الزبيدي: الإتحاف 7/521، وعزاه لابن أبي الدنيا.
وفي رواية: "فقد أفلح من حُفظ من ثلاث: الطمع والهوى والغضب"1.
وقال سفيان2: "بلغنا أن فتى كان يحضر مجلس عمر بن الخطّاب، فيستمع3 فيحسن الاستماع، ثم يقوم من قبلِ أن يتكلّم. قال: ففطن إلى ذلك منه عمر، فقال له: "أراك تحضرُ المجلسَ فتحسنُ الاستماع، ثم تقومُ من قبل أن تتكلّم مع القوم، ولا تدخل في حديثهم فمم ذاك؟ ". قال: فقال له الفتى: "إني والله أُحبُّ أن أحضر فأسمع فأحسن الاستماع، ثمَّ أَتَنَقَّى وأَتَوَقَّى وأصمتُ لعلي أسلم". قال: يقول عمر: يرحمك الله، وأَيُّنا4 يفعل هذا؟ "5.
وفي حديث أبي جعفر محمّد البختري6 الرّزّاز7 عن سفيان الثوري قال عمر: "إلى كم تزجرون كما تزجر البهائم، قد أتعبتم الواعظين"8.
وفي فوائد أبي القاسم الأزَجيّ9 عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرحم أمتي أبو بكر، وأشدّها في دين الله عمر"10.
1 ابن أبي الدنيا: الصمت ص499، وفي إسناده انقطاع بين أبي بكر بن عياش وعمر بن الخطاب.
2 الثوري.
3 في الأصل: (فسمع) ، وهو تحريف.
4 في الأصل: (الله، والله وأينا) .
5 ابن أبي الدنيا: الصمت ص 610، عن سفيان، وابن حبان: روضة العقلاء ص 45، عن محمّد بن يزيد بن خنيس عن وهيب بن الورد به. وفي إسنادها انقطاع.
6 محمّد بن عمرو بن البختري.
7 اسم لمن يبيع الرز.
8 لم أجده فيما تبقى من حديث أبي جعفر.
9 تميم بن أحمد الأزجي، مفيد الجماعة، كتب الكثير، وكان خبيراً بالمرويات وبالشيوخ، وله فهم، وليس بذاك المُتقن، توفي سنة سبع وتسعين وخمس مئة. (سير أعلام النبلاء 22/65، ذيل طبقات الحنابلة 1/399) .
10 أبو القاسم: الفوائد ق 99 / ب، وأحمد: المسند 3/184، وإسناده صحيح، والترمذي: السنن 5/664، 665، وابن ماجه: السنن 1/55، والطيالسي كما في منحه المعبود 2/140، والخطيب: الفقيه والمتفقه 2/139، جميعهم من طريق أبي قلابة، قال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح". وصحّحه الألباني في صحيح سنن الترمذي 3/227.
في أحاديث ابن شاذان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "نعم الرجل أبو بكر، ونعم الرجل عمر"1.
قال بعض أهل التفسير في قوله عزوجل: {مُحَمَّدٌ رّسولُ اللهِ والّذِينَ مَعَهُ} - أبو بكر – {أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّار} ِ - عمر – {رُحَمَاء بَيْنَهُم} ، عثمان"2. [الفتح: 29] .
وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن كعب بن مالك3 عن أبيه4 قال: "كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حُرِمَ عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد، فرجع عمر بن الخطّاب من عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وقد سهر عنده فوجد امرأته قد نامت، فأرادها فقالت: "إني قد نمت"، قال: "ما نمت"، ثم وقع عليها، وصنع كعب بن مالك مثل
1 البخاري: الأدب المفرد ص 123، والترمذي: السنن 5/666، وحسّنه، وعبد الله بن أحمد في زوائده على فضائل الصحابة 1/186، وإسناده حسن. والحاكم: المستدرك 3/233، 268، 246، وقال:"صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي. والنسائي كما في تحفة الأشراف 9/407، وصحّحه الألباني (صحيح سنن الترمذي 3/222، 228، وصحيح الأدب المفرد ص 136) .
2 ابن الجوزي: زاد المسير 7/446، عن مبارك بن فضالة عن الحسن، وهذا غير صحيح، لأن اللغة لا تحتمل هذا التأويل، وليس مع الحسن نقل يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبارك بن فضالة مدلس وقد عنعن.
3 الأنصاري المدني، ثقة، يقال له رؤية، توفي سنة سبع وتسعين. (التقريب ص 319) .
4 كعب بن مالك الأنصاري، صحابي، توفي في خلافة عليّ. (التقريب ص 461) .
ذلك فغدا عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأنزل الله عزوجل: {عَلِمَ الله أنَّكُم كُنْتُم تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُم فَتَابَ عَلَيْكُم وَعَفَا عَنْكُم} [البقرة: 187]1.
صابر بنفسه في الإسلام وصبر، فقارب من سبق، وفضل من غبر، فظهر له منشور خبر:"لو كان بعدي نبي لكان عمر"2. عظمت عليه المنة فأكثر الشكر، وأدام الحُنّة فقال بقول المصطفى: "عمر سراج أهل الجنة"3. / [152 / أ] .
شعر:
وقال الحكم بن معبد4 لنفسه:
منحتكم يا أهل ودّي نصيحتي
…
وإني بها في العالمين لمشتهر
وأظهرت قول الحقّ والسنة التي
…
عن المصطفى قد صحّ عندي بها الخبر
ألا إنّ خير النّاس بعد محمّد
…
عليه السلام بالعشي وبالبكر
أبو بكر الصّدّيق لله درّه
…
على رغم من عادى ومِن بعده عمر
وبعدهما عثمان ثمة بعده
…
أبو الحسن المرضي من أفضل البشر
أولئك أعلام الهدى ورؤوسه
…
وأفضل من في الأرض يمشي على العفر5
وحبّهم فرض على كلّ مسلمٍ
…
وحبّهم فخر الفخور إذا افتخر
1 أحمد: المسند 3/360، الطبري: التفسير 2/165، وفي إسناده موسى بن جبر الأنصاري، قال الحافظ:"مستور". (التقريب رقم: 6954) . وابن كثير: التفسير 1/318، وعزاه لابن جرير.
2 سبق تخريجه ص 788.
3 سبق تخريجه ص 201.
4 الخزاعي الفقيه، مصنف كاتب السنة بأصبهان، كان من كبار الحنفية وثقاتهم، توفي سنة خمس وتسعين ومئتين. (شذرات الذهب 2/218) .
5 العَفْرُ والعَفَرُ: ظاهر التراب. (لسان العرب 4/583) .
وحبّ الأولى قد هاجرواثم جاهدوا
…
ففرض ومن آوى النبي ومن نصر
وأشهد أنّ الله لا ربّ غيره
…
له الفضل والنّعماء والحمد والشّكر
سيبدو لنا يوم القيامة بارزاً
…
فتبصره جهراً كما تبصر القمر
وأنّ كلام الله ليس بمحدَثٍ
…
ومن قال مخلوق فبالله قد كفر
أدين بقول الهاشمي محمّدٍ
…
وما بقول1 الجهم2 دِنتُ ولا القدر
ولا الرفض الإرجاء ديني وإنني
…
لبان على التّنزيل ثم على الأثر
فديني دين قيم قد عرفته
…
أبوح به إن ملحد دينه ستر
بهذا أرجي من إلهي عفوه
…
وأرجو بهذا الفوز يا ربّ من سقر
أجرني يا رحمان إنّك سيدي
…
وجارك في أمن وفي أعظم الحبر3
آخره. والحمد له وحده، وصلّى الله على سيّدنا محمّدٍ وعلى آله وصحبه وسلّم. فرغ منه
…
4 مؤلّفه يوسف بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي، وذلك في شهر رمضان المعظَّم، من شهور سنة ستّ وستّين وثمان مئة، بصالحية دمشق المحروسة، بمنزله بالسّهم الأعلى. والحمد لله وحده وصّلى الله على سيّدنا محمّد وآله وصحبه وسلّم. / [152 / ب] .
1 في الأصل: "يقال) ، وهو تحريف.
2 الجهم بن صفوان.
3 لم أجد هذا النّصّ في المصادر الأخرى.
4 كلمة في الأصل لم أتبيّن قراءتها، وهذا رسمها:(هاته) .