الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم
.
-قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أراد ارسال كتبه إلى الملوك يدعوهم فيها إلى الإسلام أنهم لا يقرءون الكتاب إلا إذا كان مختوماً فاتخذ صلى الله عليه وسلم خاتما من فضة وكان ينقشه ثلاثة أسطر (محمد) سطر (رسول) سطر (الله) سطر. والأسطر الثلاثة تقرأ من أسفل إلى فوق فمحمد آخر الأسطر. ورسول في الوسط. والله فوق. وكانت الكتابة مقلوبة لتكون على الأستواء إذا ختم به فكان ذلك الخاتم في يده صلى الله عليه وسلم ثم في يد أبي بكر ثم في يد عمر ثم في يد عثمان بن عفان رضي الله عنهم حتى وقع في بئر أريس في السنة التي قتل فيها عثمان بن عفان رضي الله عنه فالتمسوه ثلاثة أيام فلم يجدوه.
-1- كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل (Heraclius) .
-كان ارسال الكتاب إلى هرقل سنة ست من الهجرة بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من الحديبية وكان وصوله إليه في المحرم سنة سبع وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم دحية بن خليفة الكلبي أن يدفعه إلى عظيم بصري وهو الحارث ملك غسان ليدفعه إلى هرقل وكان هرقل قد نذر أنه إذا ظهر على الفرس وأخرجهم من بلادهم زار القدس حاجا ماشيا على قدميه. فخرج في خريف 628 م (السنة الرابعة من الهجرة) وفاء بنذره. وفي أثناء سفره سلم إليه حاكم بصرى كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان دحية لما انتهى إلى الحارث أرسل معه عدي بن حاتم ليوصله إلى هرقل.
وهذا نص الكتاب
(بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم. السلام على من اتبع الهدى أما بعد. أسلم تسلم. وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين وأن تتول فإن إثم الاكارين عليك (1)) عن عبد الله بن عباس قال: (2) "حدثني أبو سفيان بن حرب قال: كنا قوماً تجاراً وكانت الحرب بيننا وبين رسول الله قد حصرتنا حتى نهكت أموالنا فلما كانت الهدنة بيننا وبين رسول الله لم نأمن أن لا نجد أمنا فخرجت في نفر من قريش تجار إلى الشام وكان وجه متجرنا منها غزة فقدمناها حين ظهر هرقل على من كان بأرضه من فارس وأخرجهم منها وانتزع له منهم صليبه الأعظم وكانوا قد استلبوه اياه فلما بلغ ذلك منهم وبلغه أن صليبه قد استنقذ له وكانت حمص منزله خرج منها يمشي على قدميه متشكرا لله حين رد عليه ما رد ليصلي في بيت المقدس تبسط له البسط وتلقى عليها الرياحين. فلما انتهى إلى ايلياء وقضى فيها صلاته ومعه بطارقته وأشراف الروم. أصبح ذات غداة مهموماً يقلب طرفه إلى السماء فقال له بطارقته والله لقد أصبحت أيها الملك الغداة مهموماً. قال أجل. أريت في هذه الليلة إن ملك الختان ظاهر. قالوا أيها الملك ما نعلم أمة تختتن إلا اليهود وهم في سلطانك وتحت يدك فابعث إلى كل من لك عليه سلطان في بلادك فمره فليضرب أعناق كل من تحت يده من يهود واسترح من هذا الهم. فوالله إنهم لفي ذلك من رأيهم يديرونه إذ أتاه رسول صاحب بصرى برجل من العرب يقوده وكانت الملوك تهادي الأخبار بينها. فقال أيها الملك إن هذا الرجل من العرب من أهل الشاء والإبل يحدث عن أمر عجب حدث ببلادهم فسله عنه. فلما انتهى به رسول صاحب بصرى إلى هرقل قال هرقل لترجمانه: سله ما كان هذا الحدث الذي كان ببلاده؟ فسأله: فقال خرج بين أظهرنا رجل يزعم أنه نبيّ قد اتبعه ناس وصدقوه وخالفه ناس. وقد كانت بينهم ملاحم في مواطن كثيرة فتركتهم على ذلك. قال فلما أخبره الخبر، قال جردوه فجردوه فإذا هو مختون. فقال هرقل هذا والله الذي أريت، لا ما تقولون. أعطوه ثوبه. ثم دعا صاحب شرطته فقال له قلب لي الشام ظهراً وبطناً حتى تأتيني برجل من قوم هذا الرجل يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو سفيان: فوالله إنا لبغزة إذ هجم علينا صاحب شرطته فقال أنتم من قوم هذا الرجل الذي بالحجاز؟ قلنا نعم. قال انطلقوا بنا إلى الملك. فانطلقنا معه فلما انتهينا إليه قال أنتم من رهط هذا الرجل؟ قلنا نعم. قال فأيكم أمس به رحماً؟ قلت أنا. قال أبو سفيان: وايم الله ما رأيت من رجل أرى أنه كان أنكر من ذلك الاغلف يعني هرقل. فقال: ادنه فاقعدني بين يديه وأقعد أصحابي خلفي. ثم قال: اني سأسأله فإن كذب فردوا عليه، فوالله لو كذبت ماردوا على ولكني كنت أمرأ سيداً أتكرم عن الكذب وعرفت أن أيسر ما في ذلك إن أنا كذبته أن يحفظوا ذلك عليّ ثم يحدثوه به عني، فلم أكذبه. فقال أخبرني عن هذا الرجل الذي خرج بين أظهركم يدعى ما يدعى. قال فجعلت أزهد له شأنه وأصغر له أمره. وأقول له أيها الملك ما يهمك من أمره؟ إن شأنه دون ما يبلغك فجعل لا يلتفت إلى ذلك. ثم قال: انبئني عما أسألك عنه من شأنه. قلت سل عما بدالك. قال كيف نسبه فيكم؟ قلت محض أوسطنا نسباً. قال فأخبرني هل كان من أهل بيته يقول مثل ما قال فهو يبشبه به؟ قلت لا. قال: فهل كان له فيكم ملك فاستلبتوه اياه فجاء بهذا الحديث لتردوا عليه ملكه؟ قلت لا. قال. قال فأخرني عن أتباعه منكم من هم؟ قال قلت الضعفاء والمساكين والأحداث والغلمان والنساء. وأما ذوو الأسنان والشرف من قومه فلم يتبعه منهم أحد. قال: أخبرني عن من تبعه أيحبه ويلزمه أم يقليه ويفارقه؟ قال قلت ماتبعه رجل ففارقه. قال: أخبرني كيف الحرب بينكم وبينه؟ قال قلت سجال يدال علينا وندال عليه. قال فأخبرني هل يغدر؟ فلم أجد شيئا مما سألني عنه أغمزه فيه غيرها. قلت لا ونحن منه في هدنة ولا نأمن غدره. قال فوالله ما التفت إليها منى ثم كر علي الحديث.
قال سألتك كيف نسبه فيكم فزعمت أنه محضٌ من أوسطكم نسباً وكذلك يأخذ الله النبي إذا أخذه لا يأخذه الا من أوسط قومه نسباً. وسألتك هل كان أحدٌ من أهل بيته يقول بقوله فهو يتشبه به فزعمت أن لا. وسألتك هل كان له فيكم ملك فاستلبتموه اياه فجاء بهذا الحديث يطلب به ملكه فزعمت أن لا. وسألتك عن اتباعه فزعمت أنهم الضعفاء والمساكين والأحداث والنساء وكذلك أتباع الأنبياء في كل زمان. وسألتك عمن يتبعه أيحبه ويلزمه أن يقليه ويفارقه. فزعمت أن لا يتبعه أحد فيفارقه وكذلك حلاوة الإيمان لا تدخل قلبا فتخرج منه. وسألتك هل يغدر فزعمت أن لا. فلئن كنت صدقتني عنه ليغلبني على ما تحت قدميَّ هاتين ولوددت أني عنده فأغسل قدميهز انطلق لشأنك. قال فقمت من عنده وأنا أضرب إحدى يدي بالأخرى وأقول أي عباد الله لقد أمِرَ أمرُ ابن أبي كبشة (3) أصبح ملوك بني الأصغر يهابونه في سلطانهم بالشام. قال وقدم عليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخذ الكتاب فجعله بين فخذيه وخاصرته.
وفي البخاري أن قيصر لما صار إلى حمص أذن لعظماء الروم في دسكرة له ثم أمر بأبوابها فغلقت ثم اطلع فقال: يا معشر الروم له لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم فتتابعوا هذا النبي فحاصوا حيصة حمر الوحض إلى الأبواب فوجدوها قد أغلقت وقالوا له أتدعونا أن نترك النصرانية ونصير عبيد الأعرابي. فلما رأى نفرتهم وأيس من إيمانهم قال ردوهم عليّ وقال أني قلت مقالتي أختبر بها شدتكم على دينكم فقد رأيت. فسجدوا له ورضوا عنه. اه فلم يسلم هرقل.
(1) الاكار هو الفلاح والمراد أثم رعاياك يتبعونك وينقادون لامرك عليك.
(2)
راجع الطبري الجزء الثالث.
(3)
أمر أمرا بن أبي كبشة أي عظم أمره هذا. وفي رواية مازلت مرعوبا من محمد حتى أسلمت وقوله ابن أبي كبشة قيل أنه جد لآمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم كان يكنى أبا كبشة.
_________
-2- كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر الغساني.
-بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني وكان أميراً بدمشق من جهة قيصر ومعه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا نصه:
(بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى الحارث بن أبي شمر. سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله فأني أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يبقى ملكك) وختم الكتاب
قال شجاع فانتهيت فوجدته مشغولا بتهيئة الضيافة لقيصر وقد جاء من حمص إلى ايليا حيث كشف الله عنه جنود فارس شكراً لله تعالى.
قال شجاع فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة فقلت لحاجبه أني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال حاجبه لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا وكذا وجعل حاجبه يسألني عنه صلى الله عليه وسلم وما يدع إليه فكنت أحدثه فيرق حتى يغلبه البكاء ويقول أني قرأت في الأنجيل وأني أجد صفة هذا النبي بعينه وكنت أظنه يخرج بالشام فأراه خرج بأرض القرظ فأنا أومن به وأصدقه وأنا أخاف من الحارث بن أبي شمر أن يقتلني. وكان هذا الحاجب رومياً اسمه مرى.
قال شجاع وكان يكرمني ويحسن ضيافتي ويخبرني باليأس من الحارث ويقول وهو يخاف قيصر. قال فخرج الحارث يوماً فوضع التاج على رأسه فأذن لي عليه فدفعت إليه الكتاب فقرأه ثم رمى به وقال من ينتزع مني ملكي أنا سائر إليه ولو كان باليمن جئته عليّ بالناس. فلم يزل جالساً حتى الليل وأمر الخيل أن تنعل ثم قال أخبر صاحبك بما ترى. وكتب إلى قيصر يخبره بخبري فصادف قيص بايليا وعنده دحية رضي الله عنه وقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما قرأ قيصر كتاب الحارث كتب إليه أن لاتسر إليه واله عنه ووافني بايليا.
ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبره قال "باد ملكه" ويفهم من هذا أنه لم يسلم.
-3- كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى عظيم الفرس
(Chosroses Eparwiz) .
-كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى بن هرمز وبعث بالكتاب مع عبد الله بن حذافة السهمي لأنه كان يتردد على كسرى كثيراً وهذا نص الكتاب:
(بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس. سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلى الناس كافة لينذر من كان حياً. أسلم تسلم فإن أبيت فعليك اثم المجوس) .
فمزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله "مزق ملكه".
ثم كتب كسرى إلى أمير له باليمن يقال له "باذان" أن أبعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جَلْدين فليأتياني به فبعث "باذان" قهرمانه وهو "بابويه". وكان كاتبا حاسباً بكتاب فارس وبعث معه رجلا من الفرس يقال له "خرخسر" وكتب معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى وقال لبابويه أئت بدل هذا الرجل وكلمه وأتني بخبره فخرجا حتى قدما الطائف فوجدا رجالا من قريش بنخب من أرض الطائف فسألاهم عنه فقالوا هو بالمدينة. واستبشروا بهما وفرحوا وقال بعضهم لبعض أبشروا فقد نصب له كسرى ملك الملوك. كفيتم الرجل فخرجا حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه بابويه. فقال إن شاهنشاه ملك الملوك كسرى قد كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث اليك من يأتيه بك وقد بعثني إليك لتنطلق معي فإن فعلت كتب فيك إلى ملك الملوك ينفعك ويكفه عنك وأن أبيت فهو من قد علمت فهو مهلكك ومهلك قومك ومخرب بلادك. ودخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما فكره النظر إليهما. ثم أقبل عليهما فقال: ويلكما من أمركما بهذا؟ قال ربنا. يعنيان كسرى فقال رسول الله: لكن ربي أمرني باعفاء لحيتي وقص شاربي. ثم قال لها ارجعا حتى تأتياني غداً وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء أن الله قد سلط على كسرى ابنه (شيرويه) فقتله في شهر كذا وكذا ليلة كذا وكذا من الليل بعدما مضى من الليل سلط عليه ابنه شيرويه فقتله.
قال الواقدي: "قتل شيرويه أباه كسرى ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادى الأولى من سنة سبع ساعات مضت منها".
فدعاهما فأخبرهما فقالا هل تدري ما تقول أنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر من هذا أفنكنب هذا عنك ونخبره الملك؟ قال نعم أخبراه ذلك عني وقولا له إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ ملك كسرى وينتهي إلى منتهى الخف والحافر وقولا له إنك إن أسلمت أعطيتك ماتحت يديك وملكتك على قومك من الأبناء. ثم أعطى "خرخسرة" منطقة فيها ذهب وفضة كان أهداها له بعض الملوك فخرجا من عنده حتى قدما على باذان فقال والله ما هذا بكلام ملك وأني لأرى الرجل نبياً كما يقول ولتنظرن ما قد قال فلئن كان هذا حقا ما فيه كلام، أنه لنبي مرسل. وإن لم يكن فسنرى فيه رأينا.
اسلام باذان
لم ينشب باذان أن قدم عليه كتاب شيرويه وهو:
"أما بعد فأني قد قتلت كسرى ولم أقتله الاغضباً لفارس لما كان استحل من قتل أشرافهم وتجميرهم في ثغورهم فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممن قبلك وانظر الرجل الذي كان كسرى كتب فيه إليك فلا تهجه حتى يأتيك أمري فيه"
فما انتهى كتاب شيرويه إلى باذان قال إن هذا الرجل لرسول فأسلم وأسلمت الايناء معه من فارس من كان منهم باليمن فكانت حمير تقول لخرخسرة ذو المعجزة للمنطقة التي أعطاه أياها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمنطقة بلسان حمير المعجزة فينوه اليوم ينسبون إليها خرخسرة ذو المعجزة. وقد قال بابويه لباذان ما كلمت رجلا قط أهيب عندي منه. فقال له باذان هل معه شرط؟ قال لا.
ثم ملكّ الله المسلمين ملك كسرى وخزائنهم وأموالهم في خلافة عمر رضي الله عنه ومزقهم الله كل ممزق تحقيقا لدعوته صلى الله عليه وسلم.
-4- كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس عظيم القبط (1) .
-بعث صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه إلى المقوقس. وذلك أنه صلى الله عليه وسلم عند منصرفه من الحديبية قال أيها الناس أيكم ينطلق بكتابي هذا إلى صاحب مصر وأجره على الله؟ فوثب إليه حاطب وقال أنا يا رسول الله فقال بارك الله فيك يا حاطب وهذا نص الكتاب:
(بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ عَبْدِ الله وَرَسُولِهِ إلى الْمُقَوْقِسِ عَظِيمِ الْقِبْطِ. سَلَامٌ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى. أمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أدْعُوكَ بِدِعَايَة الْإِسلَامِ، أسْلِمْ تِسْلَمْ يُؤْتِكَ الله أجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَعَلَيْكَ إثْمُ كلّ الْقِبْطِ يأَهْلِ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أنَّ لَا نَعْبُدَ إلَاّ الله وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شيئا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أرْبَاباً مِنْ دُونِ الله فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهدُوا بَأَنَّا مُسْلِمُونَ) .
وهذا الكتاب محفوظ بدار الآثار في الأستانة قيل عثر عليه عالم فرنسي في دير بمصر قرب أخميم في زمن سعيد باشا.
فسار حاطب بالكتاب حتى قدم على المقوقس إلى مصر فلم يجده فذهب إلى الاسكندرية وأعطاه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فضمه إلى صدره وجعله في حق عاج ودعا كاتباً له يكتب بالعربية فكتب:
(إلى النبي صلى الله عليه وسلم. بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط. سلام عليك. أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعوا إليه وقد علمت أن نبياً قد بقي وقد كنت أظن أنه يخرج بالشام) وذكر له ما كان من اكرامه لحاطب وقيل أنه دفع له مائة دينار وخمسة أثواب ودعا رجلا عاقلا فلم يجد بمصر أحسن ولا أجمل من مارية (مريم) وأختها سيرين وهما من أهل حَفن من كورة أنصا، قرية بصعيد مصر (2) فبعث بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهدى له بغلة وعسلا من عسل بنها. وقيل بعث له غير ذلك عشرين ثوباً من قباطي مصر وطيباً وعوداً ومسكا. ولكنه لم يسلم وقد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الهدايا فأخذ مارية لنفسه وأهدى سيرين لحسان بن ثابت وهي أم عبد الرحمن بن حسان والبغلة تسمى "الدلدل" وكانت شهباء ولم يكن في العرب يومئذ بغلة غيرها ودعا في عسل بنها بالبركة.
وقد ذكر المرحوم حفني ناصف بك أصناف الهدايا التي أرسلها المقوقس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي (3) :
-1- مارية بنت شمعون وكانت أمها رومية.
-2- جارية أخرى يقال لها سيرين ولكنها أقل جمالا من مارية.
-3- جارية أخرى يقال لها قيسر.
-4- جارية سوداء يقال لها بريرة.
-5- غلام أسود يقال له هابو.
-6- بغلة شهباء وهي التي سميت بدلدل.
-7- فرس مسرج ملجم وهو الذي سمى بميمون.
-8- حمار أشهب وهو الذي سمى بيعفور.
-9- مريعة فيها مكحلة ومرآت ومشط وقارورة دهن ومقص وسواك.
-10- جانب من عسل بنها.
-11- ألف مثقال من الذهب.
-12- عشرون ثوباً من قباطي مصر.
-13- جانب من العود والند (4) والمسك.
-14- قدح من قوارير.
ويقال أنه كان من ضمن الهدية طبيب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "أرجع إلى أهلك نحن قوم لان نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع".
وقد أسلمت مارية قبل أن تصل إلى المدينة هوي وسيرين بدعوة حاطب بن أبي بلتعة.
(1) اسم المقوقس باللغة القبطية Pkauchios ومعنى المقوقس مطول البناء. وهذا لقب كل من ملك مصر وكان اسم هذا المقوقس جريج بن ميناء.
(2)
جاء في الحديث الشريف "أهدى المقوقس إلى النبي صلى الله عليه وسلم مارية من حفن من رستاق أنصنا" وفي كتاب الانتصار لابن دقماق: "وأنصنا بلدة قديمة بها آثار عظيمة وكان بها مقياس صغير يقاس فيه ماء النيل وبعضه باق إلى الآن وهي على ضفة النيل الشرقية قبالة الأشمونين وقال: إن الأشمونين ذات كيمان عظيمة وأن بانيها أشموم بن مصر ونقل عن القبط أن أشموم بني سردابا تحت الأرض من الأشمونين إلى أنصنا" وقرية الأشمونين بمديرية أسيوط.
(3)
راجع مجلة الهلال السنة 41 الجزء الأول ص 78.
(4)
الند: الطيب، غير عربي.