الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي أصحمة
.
-التجأ المهاجرون الأولون إلى الحبشة فأكرمهم النجاشي وبقوا هنالك آمنين من اضطهاد قريش ولما هاجر رسول الله إلى المدينة عاد أربعون من المهاجرين والتحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وبقي منهم في الحبشة نحو خمسين أو ستين تحت حماية النجاشي وقد حمل عمرو بن الضمري رسالتين إليه يدعوه في إحداهما إلى الإسلام وفي الأخرى يأمره أن يزوجه أم حبيبة وهذه صورة كتابه صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي الذي يدعوه فيه إلى الإسلام:
(بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الَّرَّحِيمِ. مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله إلَى النَّجاشيّ الْأَصْحَمِ مَلِكِ الْحَبَشَةَ مسَلْمٌ أَنْتَ (1) فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ الله المَلِكَ الْقُدُّوسَ السلَّاَمَ الْمؤْمِنَ الْمُهَيْمِنَ وَأَشْهَدُ أَنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ رُوحُ اللهش وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْبَتُولِ الطَّيِّبَةِ الْحَصِنَةِ فَحَمَلَتْ بعِيسَى مَنْ رُوحِهِ وَنَفْخِهِ كَمَا خَلَقَ آدَمَ بيَدِهِ وَنَفْخِهِ وَإِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى الله وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ وَالْمُوَالَاةِ عَلَى طَاعَتِهِ وَأَنْ تَتَّبِعْنِي وَتُؤْمِنَ بالَّلذِي جَاءَني فَإِنّي رَسُولُ الله وَقَدْ بَعَثْتُ إلَيْكَ اُبْنَ عَمِّي جَعْفَراً وَنَفَراً مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإذَا جَاءَكَ فَاقْرِهِمْ وَدَعِ التَّجَبُّرَ فَإنّي أَدْعُوكَ وَجُنُودَكَ إلى الله فَقَدْ بَلَّغْتُ وَنَصَحْتُ فَاقْبَلُوا نُصْحِي وِالسَّلَامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى) .
فما وصل إليه الكتاب وضعه على عينيه ونزل عن سريره فجلس على الأرض ثم أسلم وكتب الجواب للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو:
"بسم الله الرحمن الرحيم. إلى محمد رسول الله. من النجاشي الأصحم بن أبجر. سلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركات الله الذي لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام. أما بعد فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى فورب السماء والأرض أن عيسى ما يزيد على ما ذكرت. وقد عرفنا ما بعثت به إلينا وقد قرينا ابن عمك وأصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقاً مصدقا وقد بايعتك وبايعت بن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين وارسلت إليك يا بني ارها بن الأصحم بن أبجر فأني لا أملك إلا نفسي وإن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله. (2)
قال ابن اسحاق "وذكر لي أن النجاشي بعث ابنه في ستين من الحبشة في سفينة فإذا كانوا في وسط البحر غرقت بهم سفينتهم فهلكوا".
اسلام النجاشي
-إن رواية ابن اسحاق صريحة بأن النجاشي أصحمة أسلم. وقد قرأ جعفر بن أبي طالب عليه سورة مريم وقول عيسى {قَالَ إنَّي عَبْدُ الله آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نبيّاً وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أينَمَا كُنْتُ} الآية. وفي هذه الآية نص عيسى عليه السلام على اثبات عبوديته وقال تعالى {ذَلِكَ عِيسَى بنُ مَرْيَمَ قَوْلُ الْحَقِّ الَّذي فِيهِ يَمْتَرُونَ مَا كَانَ الله أنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إذَا قَوْلُ الْحَقِّ الَّذي فِيهِ يَمْتَرُونَ مَاكَانَ الله أنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إذَا قَضَى أمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنّ فَيَكُونُ} وفي قوله عيسى بن مريم اشارة إلى أنه ولد هذه المرأة وابنها لا أنه ابن الله. وقال عز شأنه {وَإِنَّ رَبَّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هّذَا صِرَاطٌ مُسَقِيمٌ} .
وقد شك بعضهم في إسلام النجاشي لكن المصادر التاريخية المهمة تصرح بإسلامه (3) وفي قول عمرو بن العاص أنه بايع النجاشي على الإسلام وسيأتي ذكر ذلك في موضعه ومما يقوى اسلام النجاشي أنه كان مسيحياً نسطوريا (4) ومذهب نسطور قائم على التوحيد وينكر ألوهية المسيح فمن ذلك قوله (لا تقولوا مريم أم الله لأنها من البشر ويستحيل أن يولد الاله من البشر) .
وقد ذكرت أن بحيرا الراهب الذي أكرم النبي عليه الصلاة والسلام عندما رحل إلى الشام وعرفه بعلامات فيه، كان متبعاً هذا المذهب ونسطور هذا كان رجلا جليل القدر متبحراً في الديانة والذي يدل على مكانته الرفيعة في الدين المسيحي أنه كان بطريرك القسطنطينية من عام 428 إلى 431 م (5) وكان له أتباع كثيرون من القساوسة لكنه اضطهد لعقيدته ونفى. فإذا كانت عقيدة النجاشي كما علمت هي عقيدة نسطور فالراجح أنه أسلم عندما عرض عليه الإسلام رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأ عليه سورة مريم التي تنطبق على مذهبه ولأن الإسلام يحارب عبادة الأصنام ويدعو إلى التوحيد وينكر ألوهية عيسى عليه السلام ويقر نبوته.
وجاء في مسند الشافعي (من كتاب الجنائز والحدود) عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات. وهذا دليل على إسلام النجاشي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي الا على مسلم.
(1) أي أنت سالم لأن السلم بمعنى السلامة.
(2)
راجع ابن اسحاق.
(3)
راجع سيرة ابن هشام والطبري واسد الغابة ترجمة عمرو بن أمية الضمري.
(4)
راجع كتاب حياة محمد تأليف ايرفنج Irving وموير الجزء الرابع.
(5)
راجع دائرة المعارف الإنجليزية.