الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فما أنا بالداعي لعزة بالجوى
…
ولا شامتٍ إن نعل عزة زلت
أصاب الردى من كان يهوى لك الردى
…
وجن اللواتي قلن عزة جنت
بلغ كثيراً أن عزة مريضةً بمصر وأنها تشتاقه، فخرج يريدها، فلما صار ببعض الطريق إذا غراب بانةٍ ينتف ريشه، فتطير من ذلك، فبينا هو يسير لقي رجلاً عائفاً زاجراً، فأخبره بما صد له وما رأى في طريقه فقال له: لقد ماتت هذه المرأة أو استبدلت بديلاً. فقدم مصر فوجد الناس منصرفين من جنازتها فأنشأ يقول:
فما أعيف النهدي لا در درة
…
وأعلمه بالزجر لا عز ناصره
رأيت غراباً واقعاً بين بانةٍ
…
ينتف أعلى ريشه ويطايره
فأما غرابٌفاغترابٌ من النوى
…
وبانٌ فبينٌ من حبيبٍ تعاشره
عفراء بنت عقال بن مهاصر العذرية
صاحبة عروة بن حزام بن مهاصر وابنة عمه قدمت الشام ونزلت البلقاء، وكانت بنواحي بصرى، وهي شاعرة.
مر ركب بوادي القرى يريدون البلقاء، فوجدوا جنازةٌ، فسألوا: من الميت؟ فقالوا: عروة بن حزام، فقال بعضهم لبعض: لنأتين عفراء بما يسوؤها. فساروا حتى مروا بمنزلها ليلاً، فصاح صائح بأعلى صوته: من الطويل
ألا أيها القصر المغفل أهله
…
إليكم نعينا عروةً بن حزام
فسمعت عفراء الصوت ففهمته ونادت بهم: من الطويل
ألا أيها الركب المخبون ويحكم
…
أحقاً نعيتم عروة بن حزام
فقال بعضهم:
نعم قد دفناه بارضٍ بعيدةٍ
…
مقيم بها في سبسبٍ وإكام
فقالت:
فإن كان حقاً ما تقولون فاعلموا
…
بأن قد نعيتم بدر كل ظلام
نعيتم فتى يسقى الغمام بوجهه
…
إذا هي أمست غير ذات غمام
فلا نفع الفتيان بعدك لذةٌ
…
ولا مالقوا من صحةٍ وسلام
ولا لبس الطيقان بعدك لابسٌ
…
ولا جممت بعد الحبيب جمام
وقل للحبالى لا يرجين غائباً
…
ولا فرحاتٍ بعده بغلام
ثم أقبلت على زوجها فقالت: يا هناه! إنه قد كان من أمر ذلك الرجل ما بلغك، والله ما كان إلا على الحسن الجميل، وقد بلغني أنه مات قبل أن يصل إلى أهله، فإن رأيت أن تأذن لي فأخرج في نسوةٍ من قومه فنندبه ونبكي عليه فعلت. فإذن لها، فخرجت تنوح بهذه الأبيات حتى ماتت.
وعن ابن أبي الزناد قال: قال عمر بن الخطاب: لو أدركت عفراء وعروة جمعت بينهما.
قال معاذ بن يحيى الصنعاني: خرجت من مكة إلى صنعاء، فلما كان بيننا وبين صنعاء خمس مراحل رأيت الناس ينزلون عن محاملهم ويركبون دوابهم، فقلت: أين تريدون؟ قالوا: نريد أن ننظر إلى قبر عفراء وعروة، فنزلت عن محملي وركبت حماري واتصلت بهم، فانتهيت إلى