الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لك ذلك. فنزل من صومعته، فأكل ما أحب، وشرب، ثم دخل مع أبي بكر بيتاً، وغلق الباب عليهما، والصوفية والرهبان يرصدونهما لا يسمعون لهما بحس أربعين يوماً. فلما كان في اليوم الحادي والأربعين سمعوا خشخشة الباب وقد تعلق بحده، ففتحوا الباب، فإذا الراهب قد تلف جوعاً وعطشاً، وإذا هو يستغيث بهم إشارة، فسقوه، واتخذوا له حريرة، فصبوها في حلقه، وأبو بكر الفرغاني ينظر ليهم. فلما رجعت إليه نفسه قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ففرح أبو بكر، وجعل يتكلم على من في الدير من النصارى، حتى أسلموا عن آخرهم، وقدم بغداد، ومعه الراهب ومن أسلم من أولئك النصارى.
حدث أبو بكر الدقي قال: كان أبو بكر الفرغاني يأكل المنبوذ إلى أن ضعفت قوته. قال: فقال لنا: كنت جالساً يوماً بين الظهر والعصر، والناس يتنفلون، وليس يمكنني الصلاة قائماً، فأبكاني ذلك بكاءً شديداً أسفاً على الصلاة. ثم حملتني عيني، فإذا شخصان دخلا علي، فقال أحدهما لصاحبه: إن أبا بكر يبكي على الصلاة. فقال الآخر لي: يا أبا بكر لم تبكي؟ فقلت: أسفاً على الصلاة. قال: لا تبك فإن هذا الأمر ليس على هذا أسس. فقلت: يرحمك الله، فعلى ماذا أسس؟ فقال: على من أين؟ ولمن؟ يعني الورع.
مات أبو بكر الفرغاني سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة.
محمد بن الأشعث بن قيس بن معد يكرب
ابن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث بن معاوية أبو القاسم الكندي الكوفي وأمه أم فروة بنت أبي قحافة أخت أبي بكر.
حدث عن عائشة أنها قالت: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ استأذن رجل من اليهود، فأذن له، فقال: السام عليك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " وعليك " قالت: فهممت أن أتكلم. قالت: ثم دخل الثانية فقال مثل ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" وعليك " قالت: ثم دخل الثالثة فقال: السام عليكم، قالت: قلت: بل السام عليكم وغضب الله إخوان القردة والخنازير، تحيون رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم يحيه به الله! قالت: فنظر إلي فقال: " إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش، قالوا قولاً فرددناه عليهم، فلم يضرنا شيئاً، ولزمهم إلى يوم القيامة. إنهم لا يحسدونا على شيء كما حسدونا على الجمعة التي هدانا الله لها، وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها، وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين ".
قال يزيد بن سويد: أذن معاوية للأحنف، وكان يبدأ بإذنه، ثم دخل محمد بن الأشعث، فجلس بين معاوية والأحنف. فقال معاوية: إنا لم نأذن له قبلك فتكون دونه، وقد فعلت فعال من أحس من نفسه ذلاً، إنا كما نملك أموركم، نملك إذنكم، فأريدوا منا ما نريد منكم، فإنه أبقى لكم.
قال محمد بن سعد في الطبقة الأولى من أهل المدينة:
محمد بن الأشعث بن قيس بن معديكرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندي بن عفير. وأمه أم فروة بنت أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم.
قال يحيى بن معين: أربعة محمد أبو القاسم: محمد بن الحنفية، ومحمد بن طلحة، ومحمد بن حاطب، ومحمد بن الأشعث.
وقال إبراهيم: كان محمد بن الحنفية يكنى أبا القاسم، وكان محمد بن الأشعث يكنى أبا القاسم، وكان يدخل على عائشة فكانت تكنيه به.
حدث سليمان بن يسار: أن محمد بن الأشعث أخبره أن عمة له يهودية أو نصرانية توفيت، وأن محمد بن الأشعث ذكر ذلك لعمر بن الخطاب، وقال له: من يرثها؟ فقال له عمر: يرثها أهل دينها. ثم إنه سأل عثمان بن عفان عن ذلك، فقال له عثمان بن عفان: أتراني نسيت ما قال لك عمر؟! ثم قال: يرثها أهل دينها.
قتل محمد بن الأشعث سنة سبع وستين.
قال الزبير بن بكار في تسمية ولد علي بن أبي طالب: عبيد الله بن علي، قدم على المختار بن أبي عبيد الثقفي حين غلب المختار على الكوفة، فلم ير عند المختار ما يحب.. فخرج من عنده فقدم البصرة، فجمع جماعة، فبعث إليه مصعب بن الزبير من فرق جماعته، وأعطاه الأمان، فأتاه عبيد الله، فأكرمه مصعب، فلم يزل عبيد الله مقيماً عنده، حتى خرج مصعب بن الزبير إلى المختار، فقدم بين يديه محمد بن الأشعث، فضم عبيد الله إليه، فكان مع محمد في مقدمة مصعب، فبيته أصحاب المختار، فقتلوا محمداً، وقتلوا عبيد الله تحت الليل. فلما قتل المختار، قال مصعب للأحنف بن قيس: يا أبا بحر، إنه ليتنغص علي هذا الفتح أن لم يكن عبيد الله بن علي ومحمد بن الأشعث حيين فيسرا به. أما إنه قتل عبيد الله شيعة أبيه، وهم يعرفونه. وكان قتلهما في سنة سبع وستين.