الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الأيمان والنذور
(1)
989 -
حديث أبي هريرة مرفوعاً:
"من حلف على يمين (2)، فهو كما حلف، إن قال: هو يهودي، فهو يهودي، وإن قال: هو نصراني، فهو نصراني
…
" الحديث (3).
قال: صحيح (4).
قلت: (عُبَيْس)(5) بن ميمون ضعفوه، والخبر منكر.
(1) الذي يلي كتاب "الأدب" في (أ) هو كتاب: "تعبير الرؤيا"، واعتمدت في ترتيب الكتب على (ب)، والمستدرك، وتلخيصه، وانظر الكلام على ذلك عند الحديث (916).
(2)
قوله: (يمين) ليس في (ب).
(3)
من قوله: (إن قال: هو يهودي) إلى هنا ليس في (ب).
(4)
قوله: (قال: صحيح) ليس في التلخيص المخطوط، ولا المطبوع، وما أثبته من (أ)، و (ب) ويؤيده ما في المستدرك.
(5)
في (أ): (عيسي)، وفي (ب):(عيسى)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 989 - المستدرك (4/ 298): حدثني علي بن حمشاذ العدل، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا عبيس بن ميمون، ثنا يحيى بن أبي بكر، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من حلف على يمين فهو كما حلف، إن قال: هو يهودي، فهو يهودي، وإن قال: هو نصراني، فهو نصراني، وإن قال: هو بريء من الإسلام فهو بريء من الِإسلام، ومن ادعى بدعوى الجاهلية فإنه من جُثَا جهنم"، قالوا: يا رسول الله، وإن صام وصلى؟ قال:"وإن صام وصلى". اهـ.
وقوله: (جُثَا جهنم)، الجُثا جمع جُثْوة -بالضم-، وهو الشيء المجموع./ النهاية (1/ 239)، فيكون المعنى: من جمع جهنم.
تخريجه:
الحديث أخرجه أبو يعلى -كما في المجمع (4/ 177) -، ولفظه:
"من حلف على يمين فهو كما قال، إن قال: إني يهودي، فهو يهودي، وإن قال: إني نصراني، فهو نصراني، وإن قال: إني مجوسي، فهو مجوسي"، قال الهيثمي عقبه:"فيه عنبس (كذا) بن ميمون، وهو متروك".
دراسة الِإسناد:
الحديث في سنده عبيس بن ميمون الخزاز، كذا جاء اسمه في الكمال لابن عدي (5/ 2011)، وتهذيب الكمال (2/ 899)، والميزان (3/ 26 رقم 5463)، وديوان الضعفاء (ص208 رقم 2739)، والمغني في الضعفاء (2/ 422 رقم 3988)، والكاشف (2/ 242 رقم 3702).
وأما في التهذيب (7/ 88 رقم 190)، والتقريب (1/ 548 رقم 1603)، والخلاصة (ص 257) فاسمه هكذا: عبيدة بن ميمون، وبالرجوع إلى من روى له من أصحاب الكتب الستة وجدت ابن حجر ينص على أن ابن ماجه أخرج له حديثاً واحداً، وبالرجوع إلى الحديث في سنن ابن ماجه (2/ 28 - 29 بحاشية السندي) في كتاب التجارات، باب الأسواق =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ودخولها، وجدت اسمه موافقاً للمراجع الأولى هكذا:(عُبَيْس)، وكذا في تحفة الأشراف (4/ 32 - 33 رقم 4504)، وقد تحرف الاسم في السنن التي بتحقيق الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي (2/ 751 رقم 2234) هكذا:(عيسى)، فتبين أن الصواب في اسمه: عبيس -بالسين-، وهو ابن ميمون الرقاشي، التيمي، أبو عبيدة الخزاز، البصري، العطار، وهو ضعيف -كما في المراجع السابقة-.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف عبيس بن ميمون، وأما قول الذهبي:"الخبر منكر"، فلعله يقصد تفرد عبيس بهذا السياق حيث لم أجد من تابعه عليه، وأما متن الحديث فله شواهد.
فقوله: "من حلف على يمين
…
" إلى قوله "فهو بريء من الِإسلام" يشهد له ما أخرجه الحاكم نفسه عقب هذا الحديث من طريق الحسين بن واقد، ثنا عبد الله بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من قال: أنا بريء من الإسلام، فإن كان كاذباً فهو كما قال، وإن كان صادقاً فلن يرجع إلى الِإسلام سالماً".
قال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الِإمام أحمد في المسند (5/ 355و 355 - 356).
ومن طريقه أبو داود في السنن (3/ 574رقم 3258) في الأيمان والنذور، باب ما جاء في الحلف بالبراءة، وبملة غير الِإسلام.
والنسائي (7/ 6) في الأيمان والنذور، باب الحلف بالبراءة من الِإسلام.
وابن ماجه (1/ 679 رقم 2100) في الكفارات، باب من حلف بملة غير الِإسلام.
والبيهقي (10/ 30) في الأيمان، باب من حلف بغير الله، ثم حنث. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= جميعهم من طريق الحسين بن واقد، به نحو.
وأما قوله: "ومن ادعى بدعوى الجاهلية فإنه من جُثا جهنم"، فيشهد له ما أخرجه البخاري (3/ 163و 166 رقم 1294 و1297 و1298) في الجنائز، باب ليس منا من شق الجيوب، وباب ليس منا من ضرب الخدود، وباب ما ينهى عنه من الويل ودعوى الجاهلية عند المصيبة، و (6/ 546 رقم 3519) في المناقب، باب ما ينهى عنه من دعوى الجاهلية.
ومسلم (1/ 99و100 رقم 165 و 166) في الأيمان، باب تحريم ضرب الخدود
…
كلاهما من طريق مسروق، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ليس منّا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية".
وعليه فمتن الحديث بهذه الشواهد يكون صحيحاً لغيره، والله أعلم.
990 -
حديث زيد، قال:
بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه، إذ قام، فدخل، (فقام زيد، فجلس في مجلس)(1) النبي صلى الله عليه وسلم، وجعل يحدثهم
…
الخ (2).
قال: صحيح.
قلت: فيه إسماعيل بن قيس ضعفوه.
(1) في (أ): (زيد زيد فجلس لمجلس)، وليس في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(2)
من قوله: (فقام زيد) إلى هنا ليس في (ب).
990 -
المستدرك (4/ 299): أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار العدل الزاهد، ثنا أحمد بن محمد بن نصير، ثنا أبو نعيم، حدثنا إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت الأنصاري، حدثني أبي، عن خارجة بن زيد، عن زيد رضي الله عنه، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس مع أصحابه يحدثهم، إذ قام، فدخل، فقام زيد، فجلس في مجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجعل يحدثهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذ مُرَّ بلحم هدية إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال القوم لزيد، وكان أحدثهم سناً: يا أبا سعيد، لو قمت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأقرأته منا السلام، وتقول له: يقول لك أصحابك: إن رأيت أن تبعث إلينا من هذا اللحم، فقال:"ارجع إليهم، فقد أكلوا لحماً بعدك"، فجاء زيد، فقال: قد بلغت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال:"ارجع إليهم، فقد أكلوا لحماً بعدك"، فقال القوم: ما أكلنا لحماً، وإن هذا الأمر حدث، فانطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نسأله: ما هذا، فجاؤا إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وسلم-، فقالوا: يا رسول الله، أرسلنا إليك في اللحم الذي جاءك، فزعم زيد أنهم قد أكلوا لحماً، فوالله ما أكلنا لحماً؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"لإني أنظر إلى خضرة لحم زيد في أسنانكم"، فقالوا: أي رسول الله، فاستغفر لنا، قال: فاستغفر لهم.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"إسماعيل ضعفوه".
قلت: إسماعيل هذا هو ابن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت، وتقدم في الحديث (700) أنه منكر الحديث.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف إسماعيل بن قيس.
991 -
حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً:
"من طلق (ما لا)(1) يملك، فلا طلاق له
…
" الحديث (2).
قال: صحيح.
قلت: فيه عبد الرحمن بن الحارث، قال أحمد: متروك، وقال أبو حاتم: شيخ (3).
(1) في (أ): (من لا).
(2)
في (ب): (الخ) بدل قوله: (الحديث).
(3)
الجرح والتعديل (5/ 224 رقم 1057)، والتهذيب (6/ 155 - 156 رقم 317).
991 -
المستدرك (4/ 300): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، ثنا أبو أسامة، ثنا الوليد بن كثير، حدثني عبد الرحمن بن الحارث، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
"من طلق ما لا يملك، فلا طلاق له، ومن أعتق ما لا يملك، فلا عتاق له، ومن نذر فيما لا يملك، فلا نذر له، ومن حلف على معصية، فلا يمين له، ومن حلف على قطيعة رحم، فلا يمين له".
تخريجه:
حديث عمر بن شعيب هذا له عنه تسع طرق:
1 -
طريق عبد الرحمن بن الحارث المخزومي، وله عنه أربع طرق:
(أ) طريق الحاكم هذه، ويرويها أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن عبد الرحمن، به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه أبو داود في سننه (2/ 641 رقم 2191) في الطلاق، باب في الطلاق قبل النكاح.
والدارقطني (4/ 15 رقم 44) في الطلاق.
والبيهقي (10/ 33) في الأيمان، باب شبهة من زعم أن لا كفارة في اليمين إذا كان حنثها طاعة
جميعهم من طريق أبي أسامة، به، فلفظ الدارقطني، والبيهقي مثله، إلا أن عند الدارقطني:"من يطلق"، بدلاً من قوله:"من طلق"، وأما لفظ أبي داود فنحوه.
وأخرجه ابن حزم في المحلى (8/ 401 - 402) من طريق أبي أسامة أيضاً، به بمثل لفظه الأخير:"من حلف على معصية".
(ب) طريق يحيى بن عبد الله بن سالم، عن عبد الرحمن، به.
أخرجه أبو داود في الموضع السابق برقم (2192)، ولفظه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذا الخبر، زاد:"ولا نذر إلا فيما ابتغي وجه الله تعالى ذكره".
(جـ) طريق حاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن، به، مختصراً بلفظ:"لا طلاق فيما لا يملك".
أخرجه ابن ماجه (1/ 660 رقم 2047) في الطلاق، باب لا طلاق قبل النكاح.
(د) طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث، به بلفظ:
"لا نذر إلا فيما أبتغي به وجه الله عز وجل، ولا يمين في قطيعة رحم".
أخرجه أحمد في المسند (2/ 185).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
2 - طريق عامر الأحول، عن عمرو، به، بلفظ:
"لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق لابن آدم فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك، ولا يمين فيما لا يملك".
أخرجه أحمد في المسند (2/ 190) واللفظ له.
وعبد الرزاق في المصنف (6/ 417 رقم 11456) بذكر الطلاق والعتق فقط.
وسعيد بن منصور في سننه (1/ 247 رقم 1020) بنحوه، ولم يذكر اليمين.
وابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 15 - 16) بلفظ: "لا طلاق إلا بعد النكاح".
والترمذي (4/ 355 رقم 1191) في الطلاق، باب ما جاء "لا طلاق قبل النكاح".
بنحو لفظ أحمد، ولم يذكر: "ولا يمين
…
".
وابن ماجه مقروناً برواية حاتم السابقة.
وابن الجارود (ص 247 - 248 رقم 743).
والطحاوي في مشكل الآثار (1/ 280 - 281)
والدارقطني (4/ 15رقم 43).
ثلاثتهم بذكر الطلاق، والعتق فقط.
وأخرجه الحاكم (2/ 204 - 205) بنحو لفظ أحمد، ولم يذكر اليمين.
قال الترمذي: "حديث عبد الله بن عمرو حديث حسن صحيح، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب، وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم، روي ذلك عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وسعيد بن المسيب، والحسن، وسعيد بن جبير، وعلي بن الحسين، وشريح، وجابر بن زيد، وغير واحد من فقهاء التابعين". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 3 - طريق مطر الوراق، عن عمرو، به بلفظ:
"ليس على الرجل طلاق فيما لا يملك، ولا عتاق فيما لا يملك، ولا بيع فيما لا يملك".
أخرجه أحمد في المسند (2/ 189) واللفظ له.
وابن أبي شيبة في المصنف (14/ 224 رقم 18161) بلفظ: "لا طلاق إلا بعد ملك".
وأبو داود في الموضع السابق برقم (2190) من طريقين عن مطر، وفي أحدهما زيادة:"ولا وفاء نذر إلا فيما تملك".
والطحاوي في الموضع السابق.
وكذا الدارقطني برقم (42).
والبيهقي (7/ 318) في الخلع والطلاق، باب الطلاق قبل النكاح.
جميعهم بنحوه.
4 -
طريق حبيب المعلم، عن عمرو، به بلفظ:
"لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك".
أخرجه الطيالسي في مسنده (ص 299 رقم 2265).
ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق.
5 -
طريق حسين المعلم، عن عمرو به، بلفظ:"لا طلاق قبل نكاح".
أخرجه الحاكم (2/ 204 - 205).
ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق.
6 -
طريق عبيد الله بن الأحنس، عن عمرو، به بلفظ:
"لا نذر، ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم، ولا في معصية الله عز وجل، ولا في =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قطيعة رحم، ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليدعها، وليأت الذي هو خير، فإنَّ تركها كفارتها".
أخرجه أحمد في المسند (2/ 212).
وأبو داود في سننه (3/ 582 رقم 3274) في الأيمان والنذور، باب اليمين في قطيعة الرحم، واللفظ لهما.
ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي (10/ 33) في الأيمان، باب شبهة من زعم أن لا كفارة في اليمين إذا كان حنثها طاعة.
وأخرجه النسائي (7/ 12) في الأيمان والنذور، باب اليمين فيما لا يملك، بنحو لفظ أبي داود السابق، ولم يذكر قوله: "ومن حلف
…
" الخ.
7 -
طريق محمد بن إسحاق، عن عمرو، به بلفظ:
"لا طلاق فيما لا تملكون، ولا عتاق فيما لا تملكون، ولا نذر فيما لا تملكون، ولا نذر في معصية الله".
أخرجه أحمد في المسند (2/ 207).
8 -
طريق أبي إسحاق الشيباني، عن عمرو، به بلفظ:
"لا طلاق لما لا تملكون، ولا عتق فيما لا تملكون، ولا نذر فيما لا تملكون، ولا نذر في قطيعة رحم".
أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 295).
9 -
طريق المغيرة بن عبد الرحمن، حدثني أبو عبد الرحمن، عن عمرو بن شعيب، فذكره بلفظ:
"لا نذر إلا فيما أبتغي به وجه الله، ولا يمين في قطيعة رحم".
أخرجه أبو داود (3/ 582 رقم 3473) في الأيمان والنذور، باب اليمين في قطيعة الرحم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= دراسة الإسناد:
الحديث أعله الذهبي بعبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش، ابن أبي ربيعة المخزومي، أبو الحارث المدني، وذكر أن الِإمام أحمد قال عنه: متروك، وأن أبا حاتم قال: شيخ، وقد قالا ذلك، إلا أن عبارة أبي حاتم لا تفيد جرحاً بل هي إلى التعديل أقرب، وأما عبارة الِإمام أحمد فمشكلة في هذا الموضع، لأن عبد الرحمن هذا وثقه ابن سعد، والعجلي، وقال ابن معين: صالح، وقال مرة: ليس به بأس. وقال ابن نمير: لا أقدم على ترك حديثه، وعده ابن حبان في الثقات، وقال: كان من أهل العلم. وأما ابن المديني فضعفه، وقال النسائي: ليس بالقوي، ولخص ابن حجر القول فيه بقوله:"صدوق له أوهام"، وهو الأليق بحاله./ الجرح والتعديل (5/ 224 رقم 1057)، والتهذيب (6/ 155 - 156 رقم 317)، والتقريب (1/ 476 رقم 899).
وأما إسناد عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، فتقدم في الحديث (901) بيان أنه حسن لذاته.
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لما تقدم عن حال عبد الرحمن بن الحارث، ولم ينفرد به عبد الرحمن كما سبق، فيكون حسناً لغيره بمجموع طرقه، وقد حسنه بعض الأئمة، فتقدم أن الترمذي قال عنه: حسن صحيح، وأنه أحسن شيء روي في هذا الباب.
ونقل المنذري في "مختصر سنن أبي داود"(3/ 117) عن الترمذي أنه قال:
"سألت محمد بن إسماعيل، فقلت: أي شيء أصح في الطلاق قبل النكاح؟ فقال: حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده".
وقال الخطابي في "معالم السنن" في الموضع السابق: "أسعد الناس بهذا الحديث من قال بظاهره، وأجراه على عمومه، إذ لا حجة مع من فرق بين حال وحال، والحديث حسن".
وقد حسن إسناده الشيخ الألباني في الِإرواء (6/ 173)، والله أعلم.
992 -
حديث أبي هريرة مرفوعاً:
"يمينك على ما يصدقك به صاحبك".
قال: صحيح -إن شاء الله-.
قلت: رواه مسلم، وفيه عبد الله بن أبي صالح، وهو صالح (1).
(1) في التلخيص المخطوط: (قلت: رواه مسلم، وابن أبي صالح صالح)، وقوله:(صالح) سقط من التلخيص المطبوع.
992 -
المستدرك (4/ 303): حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أنبأ محمد بن عيسى بن السكن الواسطي، ثنا (عمرو) بن عون، ثنا هشيم، أنبأ عبد الله بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
…
، الحديث بلفظه.
قلت: وقد سقط من المستدرك المطبوع كلام الحاكم عن هذا الحديث، وحديث آخر بعده سيأتي ذكره، وفي المستدرك المخطوط قال الحاكم:"هذا حديث صحيح الِإسناد -إن شاء الله-، فإن الشيخين لم يحتجا بعبد الله بن (أبي) صالح، على أن له شاهداً من حديث عبد الله بن سعيد المقبري، وأمره يقرب من أمر عبد الله بن أبي صالح". اهـ. ثم ذكر الحديث وسيأتي.
تخريجه:
الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق هشيم، عين عبد الله بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، ثم قال:"صحيح -إن شاء الله-"، فتعقبه الذهبي بقوله:
"رواه مسلم
…
"، وهو كذلك.
فالحديث أخرجه مسلم (3/ 1274 رقم 20) في الأيمان، باب يمين الحالف =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= على نية المستحلف، من طريق يحيى بن يحيى، وعمرو الناقد، كلاهما عن هشيم، به، ولفظ عمرو مثل لفظ الحاكم هنا سواء، ولفظ يحيى هكذا:"يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك".
ثم أخرجه مسلم عقبه من طريق يزيد بن هارون، عن هشيم، عن عباد بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"اليمين على نية المستحلِف". اهـ.
وعباد هذا هو عبد الله بن أبي صالح كما قال أبو داود حيث أخرج الحديث في سننه (3/ 572 رقم 3255) في الأيمان والنذور، باب المعاريض في اليمين، من طريق عمرو بن عون، ومسدد، كلاهما عن عباد بن أبي صالح، وقال مسدد: عبد الله بن أبي صالح، به نحوه.
قال أبو داود: هما واحد: عبد الله بن أبي صالح، وعباد بن أبي صالح.
وأخرجه الترمذي (4/ 587 رقم 1365) في الأحكام، باب ما جاء في أن اليمين على ما يصدقه صاحبه.
وابن ماجه (1/ 685و 686 رقم 2120 و2121) في الكفارات، باب من روى في يمينه.
وأحمد في المسند (2/ 228).
ومن طريقه الطحاوي في "مشكل الآثار"(2/ 353).
وأخرجه الدارمي في سننه (8/ 102 رقم 2354) في النذور والأيمان، باب الرجل يحلف على الشيء.
وبحشل في تاريخ واسط (ص 249).
والبخاري في تاريخه الكبير (5/ 83).
والعقيلي في الضعفاء (2/ 251). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وابن حبان في المجروحين (2/ 164).
وابن عدي في الكامل (4/ 1650).
وأبو نعيم في الحلية (9/ 225) و (10/ 127).
والبيهقي في سننه (10/ 65) في الأيمان، باب اليمين على نية المستحلف.
والبغوي في شرح السنَّة (10/ 140 - 141 رقم 2514 و2515).
وابن حزم في المحلى (8/ 405) إجازة.
والقضاعي في مسند الشهاب (1/ 178رقم 259).
والمزي في تهذيب الكمال (2/ 695 - 696) من طريق أحمد بن حنبل.
جميعهم في طرق، عن هشيم، به، ولفظ أحمد، والدارمي، والبخاري، وأبي نعيم، وأحد لفظي كل من ابن ماجه، والبيهقي جميعها مثله، والباقي نحوه.
وأخرجه الخطيب في "الموضح"(1/ 267و 268) من طريق مسدد، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن العلاء، وعمرو بن زرارة، وأحمد بن منيع، ومحمد بن هشام المروزي، جميعهم عن هشيم، يرويه عن عبد الله بن أبي صالح، به مثله.
وأخرجه أيضاً من طريق عمرو بن عون، عن هشيم، عن عبد الله، به نحوه.
وأخرجه أيضاً من طريق يزيد، عن هشيم، عن عباد بن أبي صالح، به نحوه.
وللحديث طريقان آخران:
1 -
طريق عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن جده، عن أبي هريرة، فذكره بنحوه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه الِإمام أحمد في المسند (2/ 331).
والحاكم عقب هذا الحديث، وسقط من المطبوع.
وذكره المزي في تحفة الأشراف (9/ 432)، وأخرجه في تهذيب الكمال (2/ 696).
2 -
طريق يحيى بن أبي الحجاج، ثنا عوف، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، فذكره بنحوه.
أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 2677).
دراسة الِإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم من طريق هشيم، أنبأ عبد الله بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة.
ومن هذه الطريق أخرجه مسلم كما تقدم بمثله.
وإسناد الحاكم إلى هشيم هذا الذي مدار الحديث عليه بيان حال رجاله كالتالي:
عمرو بن عون بن أوس الواسطي: أبو عثمان البزار، البصري ثقة ثبت من رجال الجماعة./ الجرح والتعديل (6/ 252 رقم 1393)، والتقريب (2/ 76 رقم 647)، والتهذيب (8/ 86 - 87 رقم 129).
ومحمد بن عيسى بن السكن الواسطي لم أجده.
وشيخ الحاكم هو: الِإمام العلامة الفقيه المحدث أبو بكر أحمد بن إسحاق الصَّبْغي كما في الحديث المتقدم برقم (510).
وأما قول الذهبي عن عبد الله بن أبي صالح: "هو صالح"، فلأن عبد الله هذا تكلم فيه بعضهم، فقال ابن المديني: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث، ووثقه ابن معين، وأخرج له مسلم هذا الحديث احتجاجاً، وحسن له الترمذي، وقال الساجي، وتبعه الأزدي: ثقة، إلا أنه روى عن أبيه ما لم يتابع عليه./ انظر التهذيب (5/ 263 - 264 رقم 450).
وذكره العقيلي في الضعفاء (2/ 251)، ونقل عبارة البخاري السابقة، وساق =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= له هذا الحديث، ثم قال:"لا يحفظ إلا عنه، وتابعه عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، وهو دونه".
وذكره ابن عدي في الكامل (4/ 1649)، ونقل عبارة ابن المديني السابقة، ولم يتكلم عنه بشيء، وساق في ترجمته هذا الحديث.
وذكره ابن حبان في المجروحين (2/ 164) باسم: "عباد"، وقال:"يتفرد عن أبيه بما لا أصل له من حديث أبيه، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد"، ثم ساق له هذا الحديث، وقال:"وهذا خبر مشهور لعبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن جده، عن أبي هريرة، وعبد الله بن سعيد يقال له: عباد أيضاً".
قلت: وقد تأثر ابن حجر بما قيل عن عبد الله هذا، ما سبق من الكلام في عبد الله هذا القدح في حديث في صحيح مسلم فقال في التقريب (1/ 423 رقم 383):"لين الحديث"، ويترتب على ما سبق من الكلام في عبد الله هذا القدح في حديث في صحيح مسلم لم يخرجه مسلم إلا من طريقه، ولو كان كذلك لكان من جملة الأحاديث التي انتقدها الدارقطني على مسلم، ولم أجد الدارقطني ذكره في تتبعه لمسلم، والترمذي رحمه الله من الأئمة الذين لهم قدم في بيان علل الأحاديث، ومع ذلك فإنه حسن هذا الحديث، فقال (4/ 587 - 588):"هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث هشيم، عن عبد الله بن أبي صالح، وعبد الله هو أخو سهيل بن أبي صالح، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول أحمد، وإسحاق. وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا كان المستحلف ظالماً فالنية نية الحالف، وإذا كان المستحلف مظلوماً فالنية نية الذي استحلف".
وقال البغوي في شرح السنة (10/ 141): "هذا حديث صحيح لا يعرف إلا من حديث هشيم".
والحديث ذكره ابن حزم في المحلى (8/ 405) في معرض الاستدلال، ومقتضى صنيعه كون الحديث محتجاً به عنده.
وصححه الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على المسند (12/ 86 رقم 7119)، وكذا الشيخ الألباني في صحيح الجامع (6/ 360 رقم 8019). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأحسن ما قيل عن حال عبد الله بن أبي صالح ما حكم به الذهبي عليه في غير التلخيص، حيث ذكره في "من تكلم فيه وهو موثق" (ص 105 رقم 174) وقال في المغني (1/ 325 رقم 3036):"صدوق: قال ابن المديني: ليس بشيء"، وقال في الكاشف (2/ 97 رقم 2809):"مختلف في توثيقه، وحديثه حسن"، وهذا هو القول الوسط الذي يمكن أن يحكم به على عبد الله هذا، وأما ما ذكره ابن حبان وغيره من انفراده ببعض الأحاديث، فيمكن حمله على خفة ضبطه، وبذلك ينزل حديثه من درجة الصحيح إلى الحسن كما تقدم.
ولم ينفرد عبد الله بالحديث، بل تابعه عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن جده سعيد، عن أبي هريرة، وتابعه يحيى بن أبي الحجاج، عن عوف، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة كما تقدم.
أما عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري فتقدم في الحديث (871) أنه: متروك.
وأما يحيى بن أبي الحجاج عبد الله، الأهتمي، أبو أيوب البصري فهو: لين الحديث./ الجرح والتعديل (9/ 139 رقم 588)، والكامل (7/ 2676 - 2677)، والتقريب (2/ 345 رقم 39)، والتهذيب (11/ 196 رقم 331).
الحكم على الحديث:
الحديث أورده الحاكم في مستدركه بناء على أن الشيخين أو أحدهما لم يخرج الحديث، وتقدم أن مسلماً أخرجه من نفس الطريق، وبنفس السياق، وإسناد الحاكم إلى من أخرج مسلم الحديث من طريقه يتوقف الحكم عليه على معرفة حال محمد بن عيسى بن السكن الواسطي، فإن كان ثقة فالِإسناد إليه صحيح، وإلا فبحسب حاله، وتقدم أيضاً الكلام عن حال عبد الله بن أبي صالح بما يدفع النقد عن هذا الحديث خاصة وأنه يزداد قوة بالطريق الأخرى التي رواها يحيى بن أبي الججاج، وأما التي رواها عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري فضعيفة جداً لشدة ضعفه، وتقدم أيضاً ذكر من صحح الحديث من العلماء، والله أعلم.