المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الرقاق 993 - حديث معاذ بن جبل: قلت: يا رسول الله، - مختصر تلخيص الذهبي لمستدرك الحاكم - جـ ٦

[ابن الملقن]

الفصل: ‌ ‌كتاب الرقاق 993 - حديث معاذ بن جبل: قلت: يا رسول الله،

‌كتاب الرقاق

993 -

حديث معاذ بن جبل:

قلت: يا رسول الله، أوصني، قال:"أخلص (دينك) (1) [يكفك] (2) العمل القليل"، فسأله لما بعثه إلى اليمن (3).

قال: صحيح.

قلت: لا.

(1) في (أ): (ذمتك)، ولم تنقط في (ب)، وهي محتملة للوجهين، لعدم وضوح ما بعد الدال، إن كان ميماً، أو ياء، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2)

في (أ) و (ب): (يكفيك)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(3)

قوله: (فسأله لما بعثه إلى اليمن) من (أ) فقط، وليس في (ب).

993 -

المستدرك (4/ 306): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني يحيى بن أيوب المصري، عن عبيد الله بن زحر، عن الوليد بن عمران، عن عمرو بن مرة الجملي، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين بعثه إلى اليمن: يا رسول الله، أوصني، قال:"أخلص دينك يكفك العمل القليل".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير =

ص: 2944

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (1/ 570) -، من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن يحيى، عن عبيد الله بن زحر، عن خالد بن أبي عمران، عن عمران، عن عمرو بن مرة، عن معاذ، به نحوه.

وأخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 244) من طريق يزيد بن موهب، عن ابن وهب، عن يحيى، عن عبيد الله بن زحر، عن ابن أبي عمران، عن عمرو بن مرة، عن معاذ به نحوه.

وذكره العراقي في "المغني عن حمل الأسفار"(4/ 365) وعزاه للديلمي في الفردوس، وقال:"إسناده منقطع".

وذكره الزبيدي في "إتحاف السادة المتقين"(10/ 45) وعزاه لابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، ورد الذهبي تصحيحه بقوله:"لا"، ولم يذكر سبب رده لتصحيح الحاكم، والظاهر أنه لأجل الِإشكال الواقع في إسناد الحاكم.

فالحديث عند الحاكم من رواية عبيد الله بن زحر، عن الوليد بن عمران، عن عمرو بن مرة، عن معاذ، ولم أجد في كتب الرجال راوياً باسم:(الوليد بن عمران)، وقد تصحف الوليد بن عمران عن:(خالد بن أبي عمران)، والصواب في الِإسناد هكذا:

(عبيد الله بن زحر، عن خالد بن أبي عمران، عن عمرو بن مرة، عن معاذ) والدليل على صحة التصويب ما يلي:

1 -

لم أجد أحداً من الرواة باسم الوليد بن عمران كما تقدم.

2 -

الحديث مداره على عبد الله بن وهب، يرويه عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، ومن هذه الطريق أخرجه ابن أبي حاتم، وأبو نعيم. =

ص: 2945

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقد جاء التصريح في رواية ابن أبي حاتم باسم شيخ ابن زحر، فسماه:(خالد بن أبي عمران)، وأما رواية أبي نعيم فهكذا:(ابن أبي عمران).

3 -

بالرجوع لترجمة عبيد الله بن زحر في تهذيب الكمال (2/ 876) ذكر من شيوخه: (خالد بن أبي عمران)، ولم يذكر الوليد.

هذا بالنسبة لما وقع في الإسناد من إشكال.

وتقدم أن العراقي أعل الحديث بالانقطاع، ويعني به بين عمرو بن مرة الجملي، ومعاذ رضي الله عنه، فإن عمراً لم يسمع من أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا من ابن أبي أوفي كما في المراسيل لابن أبي حاتم (ص 147) نقلاً عن أبيه.

وفي الِإسناد أيضاً عبيد الله بن زحر، وتقدم في الحديث (885) أنه صدوق يخطىء. وفيه أيضاً يحيى بن أيوب المصري، وتقدم في الحديث (519) أنه صدوق ربما أخطأ.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد لما تقدم ذكره من علل في دراسة الِإسناد، والله أعلم.

ص: 2946

994 -

حديث ابن عباس مرفوعاً:

"نعمتان مغبون فيهما".

قال: على شرط البخاري ومسلم.

قلت: ذا في البخاري.

994 - المستدرك (4/ 306): حدثنا بكر بن محمد الصيرفي بمرو، ثنا عبد الصمد بن الفضل البلخي، ثنا مكي بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن أبيه عن ابن عباس -رضى الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

"نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ".

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق مكي بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، فذكره، ثم قال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، فتعقبه الذهبي بقوله:"ذا في البخاري"، وهو كذلك.

فالحديث أخرجه البخاري في صحيحه (11/ 229رقم 6412) في الرقاق، باب ما جاء في الرقاق، وأن لا عيش إلا عيش الآخرة: حدثنا المكي بن إبراهيم، فذكره بمثل رواية الحاكم سواء، ثم قال:

"قال عباس العنبري: حدثنا صفوان بن عيسى، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن أبيه، سمعت ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله".

وأخرجه أحمد في المسند (1/ 258).

ومن طريقه الخطيب في الفقيه والمتفقه (2/ 87).

وأخرجه الدارمي في سننه (2/ 208رقم2710) في الرقاق، باب ما جاء في الصحة والفراغ. =

ص: 2947

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كلاهما من طريق مكي بن إبراهيم، به نحوه.

وأخرجه ابن المبارك في الزهد (ص 1 - 2 رقم 1): أخبرنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، فذكره بمثله.

ومن طريق ابن المبارك أخرجه:

الترمذي (6/ 589 رقم 2405) في أول الزهد.

والنسائي في الرقاق من الكبرى -كما في تحفة الأشراف (4/ 465رقم 5666).

وعبد بن حميد في مسنده (1/ 581رقم 683).

وأبو نعيم في الحلية (8/ 174).

والصيداوي في معجم الشيوخ (ص 194).

والبيهقي في الآداب (ص 498 - 499 رقم 1128).

والخطيب في اقتضاء العلم العمل (ص 100 رقم 169).

والبغوي في شرح السنة (14/ 223 رقم 4020).

والقضاعي في مسند الشهاب (1/ 196 - 197 رقم 295).

وأخرجه وكيع في الزهد (1/ 224 - 225 رقم 8): حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، فذكره بمثده، إلا أنه جعل "الفراغ" قبل "الصحة".

ومن طريق وكيع أخرجه:

أحمد في المسند (1/ 344).

وفي الزهد (ص 45).

وهناد في الزهد (2/ 356رقم 673).

وأخرجه الطبراني في الكبير (10/ 392 رقم 10786) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن سعيد، به نحوه.

وأما الرواية السابقة التي علقها البخاري عن عباس العنبري، حدثنا =

ص: 2948

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= صفوان بن عيسى، عن عبد الله بن سعيد، بمثله، فقد وصلها ابن ماجه (2/ 1396رقم4170) في الزهد، باب الحكمة.

ومن طريقه ابن حجر في تغليق التعليق (5/ 157).

وأخرجه الترمذي في الموضع السابق برقم (2406) من طريق يحيى بن سعيد، حدثنا عبد الله بن سعيد، نحوه، ثم قال:"هذا حديث حسن صحيح".

وللحديث طريقان آخران عن ابن عباس:

1 -

يرويها محمد بن عمر الواقدي، ثنا سفيان الثوري، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعمتان من نعم الله مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ". أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 2071 و 2246).

2 -

يرويها هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس يرفعه، بمثل لفظ الحاكم.

أخرجه أبو نعيم في الحلية (3/ 74).

دراسة الإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم والبخاري كلاهما من طريق مكي بن إبراهيم، وبيان حال رجال إسناد الحاكم إلى مكي كالتالي:

عبد الصمد بن الفضل تقدم في الحديث (608) أن ابن حبان ذكره في ثقاته، وقال عنه الذهبي: "صالح الحال -إن شاء الله-.

وشيخ الحاكم بكر بن محمد الصيرفي تقدم في الحديث (608) أيضاً أنه محدث رحال، إمام فاضل عالم.

الحكم على الحديث:

الحديث أخرجه كل من الحاكم والبخاري من طريق مكي، وإسناد الحاكم إلى من أخرج البخاري الحديث من طريقه فيه عبد الصمد بن الفضل وتقدم بيان حاله، وحيث لم ينفرد به فالحديث صحيح لغيره بما تقدم من طرق، والله أعلم.

ص: 2949

995 -

حديث سهل:

مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة (1)، فرأى شاة شائلة (2)(برجلها)(3)، فقال:" أترون هذه الشاة هينة على صاحبها؟ " قالوا: نعم، قال: "والذي نفسي بيده، (للدنيا)(4) أهون على الله من هذه

" (5) الحديث.

قال: صحيح.

قلت: فيه زكرياء بن منظور ضعفوه.

(1) ذو الحليفة: قرية بينها وبين المدينة ستة أميال، أو سبعة، ومنها ميقات أهل المدينة. / معجم البلدان (2/ 295).

(2)

شائلة برجلها: أي رافعة رجلها، يقال: شالت الناقة بذنبها: أي رفعته، وكل ما ارتفع شائل./ انظر لسان العرب (11/ 374 - 375).

(3)

في (أ): (رجلها).

(4)

في (أ): (الدنيا)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(5)

من قوله: (فقال: أترون) إلى هنا ليس في (ب).

995 -

المستدرك (4/ 306): حدثني محمد بن صالح بن هانئ، ثنا السري بن خزيمة، ثنا سعيد بن سليمان الواسطي، ثنا سعدويه، ثنا زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك، ثنا أبو حازم، عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذي الحليفة، فرأى شاة شائلة برجلها، فقال:"أترون هذه الشاة هينة على صاحبها؟ " قالوا: نعم، قال:

"والذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذه على صاحبها، ولو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء". =

ص: 2950

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= تخريجه:

الحديث يرويه أبو حازم، عن سهل بن سعد، وله عن أبي حازم أربع طرق:

1 -

طريق الحاكم هذه، ويرويها زكريا بن منظور، عن أبي حازم، عن سهل، به.

أخرجه ابن ماجه في سننه (6/ 1376 - 1377 رقم 4110) في الزهد، باب مثل الدنيا.

وابن أبي حاتم في العلل (2/ 109 و131رقم1823 و1884).

والطبراني في الكبير (6/ 194 رقم 5840).

وذكر ابن أبي حاتم أن أباه قال عن هذه الطريق: "هذا خطأ، رواه يعقوب الإسكندراني، عن أبي حازم، عن عبيد الله بن بولا، عن رجل من المهاجرين، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أشبه، وزكريا لزم الطريق"، قال: قلت: ما حال زكريا هذا؟

قال: "ليس بالقوي".

وأخرجه البغوي في شرح السنة (14/ 228 - 229 رقم 4027).

جميعهم من طريق زكريا، به، ولفظ ابن ماجه، والطبراني نحوه، ولفظ ابن أبي حاتم نحوه، ولم يذكر قوله: "لو كانت

"، وأما البغوي فأخرج قوله: "لو كانت الدنيا

" بنحوه، ولم يذكر القصة.

وقال البوصيري في الزوائد (4/ 213): "إسناده ضعيف لضعف زكريا".

2 -

يرويها عبد الحميد بن سليمان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، به.

أخرجه الترمذي في سننه (6/ 611رقم 2422) في الزهد، باب ما جاء في هوان الدنيا على الله. =

ص: 2951

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والعقيلي في الضعفاء (3/ 46).

وابن عدي في الكامل (5/ 1956).

وأبو نعيم في الحلية (3/ 253).

جميعهم من طريق عبد الحميد، به بلفظ:"لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء".

قال الترمذي عقبه: "هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه".

3 -

يرويها عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بشاة ميتة، فقال:

"ما ترون هوان هذه على أهلها؟ " قالوا: يا رسول الله، شاة ميتة، قال:"فوالله للدنيا أهون على الله من هذه على أهلها".

أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 193رقم 5838).

4 -

يرويها زمعة بن صالح، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لو عدلت الدنيا عند الله جناح بعوضة ما أعطى كافراً منها شيئاً".

أخرجه الطبراني أيضاً (6/ 219 - 220 رقم 5921).

دراسة الِإسناد:

الحديث أعله الذهبي بزكريا بن منظور، وهو زكريا بن منظور بن ثعلبة، ويقال: زكريا بن يحيى بن منظور، فنسب إلى جده، القرظي، أبو يحيى المدني، وهو ضعيف./ الكامل (3/ 1067 - 1069)، والتقريب (1/ 261 رقم 56)، والتهذيب (3/ 332 - 333 رقم 620).

ولم ينفرد زكريا هذا بالحديث، بل تابعه كما تقدم عبد الحميد بن سليمان، وعبد الله بن مصعب، وزمعة بن صالح. =

ص: 2952

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أما عبد الحميد بن سليمان الخزاعي الضرير، أبو عمر المدني، نزيل بغداد، أخو فليح، فهو ضعيف. / الكامل (5/ 1956)، والتقريب (1/ 468 رقم 816)، والتهذيب (6/ 116 رقم 232).

وأما عبد الله بن مصعب بن ثابت الزبيري فتقدم في الحديث (723) أنه: صدوق يخطيء.

وأما زمعة بن صالح فتقدم في الحديث (609) أنه: ضعيف.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لضعف زكريا بن منظور، وهو حسن لغيره بمجموع الطرق الأخرى المتقدمة، وتقدم أن الترمذي صححه.

وله شواهد من حديث جابر، والمستورد بن شداد، وابن عباس، وأنس، وأبي هريرة، وابن عمر، وعبد الله بن ربيعة، وأبي الدرداء، وأبي موسى، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين-، وله شاهدان مرسلان أحدهما للحسن البصري، والآخر لعمر بن مرّة.

أما حديث جابر رضي الله عنه فأخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2272 رقم 2) في أول الزهد والرقائق، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق داخلاً من بعض العالية، والناس كنَفَته، فمر بجدي أسكّ ميت، فتناوله، فأخذ بأذنه، ثم قال:"أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ " فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال:"أتحبون أنه لكم؟ ".

قالوا: والله لو كان حياً كان عيباً فيه، لأنه أسك، فكيف وهو ميت؟ فقال: فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم".

وقوله: (كنَفَته) معناه: جانبه وناحيته./ النهاية (4/ 204 - 205).

وقوله: (أسكّ) معناه: مقطوع الأذنين./ النهاية (2/ 384).

وحديث جابر هذا أخرجه أيضاً الِإمام أحمد في المسند (3/ 365). =

ص: 2953

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأبو داود في السنن (1/ 130 رقم 186) في الطهارة، باب ترك الوضوء من مس الميتة.

والحسين المروزي في زياداته على الزهد لابن المبارك (ص 349 رقم 983).

جميعهم عن جابر، به نحوه، ولفظ أبي داود مختصر.

وأما حديث المستورد بن شداد رضي الله عنه فأخرجه ابن المبارك في الزهد (ص 177 رقم 508): أخبرنا مجالد بن سعيد، عن قيس بن أبي حازم، عن المستورد بن شداد -أحد بني فهر- قال: كنت في الركب الذين وقفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السخلة الميتة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أترون هذه هانت على أهلها حتى ألقوها؟ " قالوا: من هوانها ألقوها يا رسول الله، قال:"فالدنيا أهون على الله من هذه على أهلها".

ومن طريق ابن المبارك أخرجه الترمذي في السنن (6/ 611 - 612 رقم 2423) في الزهد، باب ما جاء في هوان الدنيا على الله، وقال:"حديث المستورد حديث حسن".

وأخرجه الإِمام أحمد في المسند (4/ 229و 230 مرتين) من طريق مجالد بن سعيد، عن قيس، به نحوه.

وابن ماجه (2/ 1377 رقم 4111) في الزهد، باب مثل الدنيا، من طريق مجالد أيضاً، به نحوه.

ومجالد بن سعيد تقدم في الحديث (648) أنه ليس بالقوي، فالحديث ضعيف بهذا الِإسناد لأجله.

وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فأخرجه أحمد في المسند (1/ 329) من طريق محمد بن مصعب، ثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس قال:

مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة قد ألقاها أهلها، فقال:"والذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذه على أهلها". =

ص: 2954

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه البزار (4/ 269 رقم 3691) من طريق محمد بن مصعب، به نحو سياق أحمد، ثم قال:"لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه عن الأوزاعي إلا محمد بن مصعب، ولا نعلم أحداً تابعه عليه، ولم يكن به بأس، قد حدث عنه جماعة من أهل العلم".

وأخرجه أبو يعلى في مسنده (4/ 463 رقم 2593) من طريق محمد بن مصعب، به مثله. قال الهيثمي في المجمع (10/ 286 - 287):

"فيه محمد بن مصعب، وقد وثق على ضعفه، وبقية رجاله رجال الصحيح".

وأما حديث أنس رضي الله عنه فيرويه أبو كامل، حدثنا أبو إسماعيل القتاد، حدثنا قتادة، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر هو وأصحابه بسخلة ميتة، فقال لهم:"هل ترون هذه هانت على أهلها؟ " قالوا: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"والذي نفس محمد بيده للدنيا أهون على الله عز وجل من هذه على أهلها حين ألقوها".

أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على الزهد (ص 30).

والبزار في مسنده (4/ 269 رقم 3692) بنحوه.

وقال الهيثمي في المجمع (10/ 287): "رجاله وثقوا".

وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فلفظه نحو لفظ حديث أنس السابق.

أخرجه أحمد في المسند (2/ 338).

وهناد بن السري في الزهد (1/ 321 رقم 579).

والدارمي في سننه (2/ 216 رقم 2740) في الرقاق، باب في هوان الدنيا على الله. =

ص: 2955

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال الهيثمي في الموضع السابق: "فيه أبو المهزم وضعفه الجمهور، وبقية رجاله رجال الصحيح".

وأخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 2235).

والبزار في مسنده (4/ 269 - 270 رقم 3693).

والقضاعي في مسند الشهاب (2/ 317رقم 1440).

جميعهم من طريق صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما أعطى كافراً منها شيئاً"، وعند القضاعي:"ما سقى كافراً منها شربة"، وعند ابن عدي:"تعدل عند الله شيئاً".

قال الهيثمي في الجمع (10/ 288): "فيه صالح مولى التوأمة، وهو ثقة، ولكنه اختلط، وبقية رجاله ثقات".

وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما يرفعه، فلفظه:"لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء"، ولم يذكر القصة.

أخرجه الخطيب في تاريخه (4/ 92) من طريق أبي الحسن علي بن عيسى بن محمد بن المثنى بن حاجب بن هاشم الماليني، حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن أبي عون، حدثنا أبو مصعب، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره، وقال:"هذا غريب جداً من حديث مالك، لا أعلم رواه غير أبي جعفر بن أبي عون، عن أبي مصعب، وعنه علي بن عيسى الماليني، وكان ثقة".

قال الألباني في الصحيحة (2/ 660): "والسند مع غرابته صحيح".

وأخرجه أيضاً القضاعي في مسند الشهاب (2/ 316 - 317 رقم 1439).

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 287 - 288) من طريقين، وعزا الأولى للطبراني في الكبير والأوسط، وقال:"رجاله ثقات"، وعزا الأخرى للكبير، وقال:

"فيه يحيى بن عبد الله البابلتي؛ وهو ضعيف". =

ص: 2956

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأما حديث عبد الله بن ربيعة رضي الله عنه فلفظه: كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فسمع مؤذناً يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أشهد أن لا إله إلا الله"، قال: أشهد أن محمداً رسول الله"، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أشهد أني محمداً رسول الله"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تجدونه راعي غنم، أو عازباً عن أهله". فلما هبط الوادي، قال: مر على سخلة منبوذة، فقال: أترون هذه هينة على أهلها، للدنيا أهون على الله من هذه على أهلها.

أخرجه أحمد في المسند (4/ 336)، واللفظ له.

والفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 258/ 259).

والخطيب في الموضح (2/ 404).

وفي تلخيص المتشابه (1/ 18).

كلاهما بنحوه.

وجميعهم من طريق شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله، به.

قال الهيثمي في الموضع السابق: "رجاله رجال الصحيح".

وأما حديث أبي الدرداء رضي الله عنه فلفظه:

مر النبي صلى الله عليه وسلم بدمنة قوم فيها سخلة ميتة، فقال:"ما لأهلها فيها حاجة؟ " قالوا: يا رسول الله، لو كان لأهلها فيها حاجة ما نبذوها، فقال:"والله للدنيا أهون على الله من هذه السخلة على أهلها، فلا ألفينها أهلكت أحداً منكم".

أخرجه البزار (4/ 268 - 269 رقم 3690) وقال: "قد روي هذا الحديث من وجوه، وأكل من رواه أبو الدرداء، وإسناده صحيح شاميون، وفيه زيادة: فلا ألفينها أهلكت أحداً منكم". =

ص: 2957

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال الهيثمي في الموضع السابق: "رجاله ثقات".

وأما حديث أبي موسى رضي الله عنه فلفظه نحو لفظ حديث أنس.

ذكره الهيثمي في الموضع السابق، وقال:"رواه الطبراني في الكبير، والأوسط وفيه وهب بن يحيى بن زمام العلّاف، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات".

وأما حديث الجماعة من الصحابة فأخرجه ابن المبارك في الزهد (ص 178 رقم 509): أخبرنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثني عثمان بن عبيد الله بن رافع، أن رجالًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حدثوا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لو أن الدنيا كانت تعدل عند الله جناح بعوضة في الخير، ما أعطى منها كافراً شيئاً".

وأما مرسل الحسن البصري رحمه الله فأخرجه وكيع في الزهد (1/ 295 - 296 رقم 69): حدثنا مبارك، والربيع، عن الحسن، أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على سخلة منبوذة على ظهر الطريق، فقال:"أترون هذه هيّنة على أهلها؟ فوالله للدنيا أهون على الله من هذه على أهلها".

وأخرجه ابن المبارك في الزهد (ص 219) رقم (620): أخبرنا حريث بن السائب الأسيدي، قال: حدثنا الحسن، قال: حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم في فور له بثلاثة أحاديث، ثم ذكر منها:"لو أن الدنيا تعدل عند الله جناح ذباب ما أعطى كافراً منها شيئاً".

وأما مرسل عمرو بن مرة رحمه الله فأخرجه هنّاد بن السَّريّ في الزهد (2/ 411 - 412 رقم 800) -في جزء من حديث، وفيه-:"فوالذي نفسي بيده، لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها كأساً".

وعليه فالحديث بمجموع هذه الطرق يكون صحيحاً لغيره، والله أعلم.

ص: 2958

996 -

حديث النعمان بن بشير مرفوعاً:

"ألا إنه لم يبق من الدنيا إلا مثل الذبابة تَمُور (1) في جَوِّها، فالله الله في إخوانكم من أهل القبور، فإن أعمالكم تعرض عليهم"(2).

قال: صحيح.

قلت: فيه مجهولان.

(1) أي تذهب وتجيء، يقال: مار الشيء يمور موراً: إذا جاء وذهب. / النهاية (4/ 371).

(2)

من قوله: (تمور في جوها) إلى هنا ليس في (ب).

996 -

المستدرك (4/ 307): أخبرنا أبو النضر الفقيه، وإبراهيم بن إسماعيل القاري، قالا: ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا يحيى بن صالح الوحاظي، ثنا أبو إسماعيل السكوني، قال: سمعت مالك بن أَدَّى يقول: سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما يقول وهو على المنبر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول، فذكره بلفظه.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في "المنامات"(ل: أ) من طريق يحيى الوحاظي به مثله:

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، فتعقبه الذهبي بقوله:"فيه مجهولان"، ويقصد: أبا إسماعيل السكوني، ومالك بن أَدَّى.

أما مالك بن أَدَّى -بفتح الهمزة، وتشديد الدال، مع سكون المثناة تحت-، ويقال ابن أدنان، شامي، حمصي، فقد ذكره البخاري في تاريخه (7/ 309 رقم 1316)، وسكت عنه، وابن أبي حاتم (8/ 203 رقم =

ص: 2959

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 899) وبيض له، وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 388) وإلى ذلك أشار الذهبي بعد أن ذكره في الميزان (3/ 424 رقم 7006) بقوله:"وثِّق"، بعد أن قال:"مجهول"، ونقل عن الأزدي أنه قال:"لا يصح إسناده"، وانظر المشتبه للذهبي (1/ 16).

وأما أبو إسماعيل السكوني، فقال عنه الذهبي في الميزان (4/ 491رقم 9961):"مجهول"، وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 656)، وانظر اللسان (7/ 10 رقم 52).

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لجهالة السكوني، وشيخه مالك بن أدّى، والله أعلم.

ص: 2960

997 -

حديث أبي عبيدة بن الجراح مرفوعاً:

"إن قلب (1) ابن آدم مثل العصفور يتقلب في اليوم سبع مرات".

قال: على شرط مسلم.

قلت: فيه انقطاع.

(1) في (ب) بعد قوله: (قلب)، قال:(المؤمن) وشطب عليها.

977 -

المستدرك (4/ 307): أخبرنا أبو عبد الله الصفار، ثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني سويد بن سعيد، حدثني بقية بن الوليد، عن بحير بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال، فذكره بلفظه.

تخريجه:

الحديث ذكره السيوطي في الجامع الصغير (2/ 475 رقم 2342)، وعزاه لابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص، والبيهقي في الشعب، بالإضافة للحاكم، ورمز له بالضعف.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي بأن فيه انقطاعاً، ويقصد به بين خالد بن معدان، وأبي عبيدة بن الجراح، فقد قال ابن أبي حاتم في المراسيل (ص 53):"قال أبو زرعة: خالد بن معدان عن أبي عبيدة بن الجراح مرسل".

وفي جامع التحصيل (ص 206) قال العلائي: "خالد بن معدان الحمصي يروي عن أبي عبيدة بن الجراح، ولم يدركه".

وفي سند الحديث بقية بن الوليد، وتقدم في الحديث (736) أنه مدلس من الرابعة، وكثير التدليس عن الضعفاء، وقد عنعن هنا. =

ص: 2961

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وفي سنده أيضاً سويد بن سعيد بن سهل الهروي، الحَدَثاني، الأنباري، وهو صدوق في نفسه، إلا أنه عمي، فصار يتلقن ما ليس من حديثه. / الكامل (3/ 1263 - 1265) والتقريب (1/ 340 رقم 596)، والتهذيب (4/ 272 - 275 رقم 470).

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد للأمور المتقدم ذكرها في دراسة الإسناد.

ص: 2962

998 -

حديث أبي موسى الأشعري مرفوعاً:

"من أحب دنياه أضرّ بآخرته (1)، ومن أحب آخرته أضرّ بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى".

قال: على شرط البخاري ومسلم.

قلت: فيه انقطاع.

(1) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب)، وبعده قوله:(الحديث) إشارة لاختصار متنه.

998 -

المستدرك (4/ 308): أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي بن بكير العدل، ثنا الفضل بن محمد بن المسيب الشعراني، ثنا إبراهيم بن المنذر، ثنا عبد العزيز ابن محمد، ثنا عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال، فذكره بلفظه.

تخريجه:

الحديث أعاده الحاكم (4/ 319): حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا علي بن الحسين بن الجنيد، ثنا أبو معمر، ثنا إسماعيل بن جعفر، عن عمرو، فذكره بمثله، وقال:"حديث صحيح"، وأقرّه الذهبي.

والحديث أخرجه أحمد في المسند (4/ 412 مرتين).

وعبد بن حميد في المسند (1/ 497 رقم 566).

وابن حبان في صحيحه (ص612 رقم 2473).

والبيهقي في الزهد (ص 217 رقم 448)، وفي الآداب (ص500 - 501 رقم 1132).

والقضاعي في مسند الشهاب (1/ 258 - 259 رقم 418). =

ص: 2963

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والبغوي في شرح السنة (14/ 238 - 239 رقم 4038).

جميعهم من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب، به مثله.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 249) وعزاه أيضاً للبزار والطبراني، ثم قال:"ورجالهم ثقات".

وذكر التبريزي في مشكاة المصابيح (3/ 1431) أن البيهقي أخرجه في شعب الِإيمان.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخبن، وتعقبه الذهبي بقوله:"فيه انقطاع" ويعني به بين المطلب بن عبد الله بن حنطب، وأبي موسى الأشعري.

وتقدم في الحديث (828) أن المطلب لم يدرك أحداً من الصحابة، إلا سهل بن سعد، وأنساً، وسلمة بن الأكوع، ومن كان قريباً منهم، وأن عامة روايته مرسلة، ونصوا على أنه لم يسمع من أبي هريرة الذي توفي سنة (58 هـ) -كما في التهذيب (12/ 266) -، وأبو موسى الأشعري توفي سنة اثنتين وأربعين، وقيل: أربع وأربعين، وقيل: خمسين، وقيل: إحدى وخمسين، وأكثر ما قيل: سنة ثلاث وخمسين -كما في التهذيب (5/ 363) -، ومن هنا يتضح أن المطلب لم يدرك أبا موسى الأشعري رضي الله عنه، ولذا قال الحافظ المنذري في الترغيب (4/ 103):"المطلب لم يسمع من أبي موسى".

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد للانقطاع بين المطلب وأبي موسى.

ص: 2964

999 -

حديث عقبة بن عامر مرفوعاً:

"ليس من عمل يوم إلا وهو يختم (1)

" الحديث.

قال: صحيح.

قلت: فيه رشدين، وهو واه.

(1) في (ب): (يختم عليه).

999 -

المستدرك (4/ 308 - 309): أخبرني الحسن بن حكيم المروزي، أنبأ أبو الموجه، أنبأ عبدان، أنبأ عبد الله، أخبرني رشدين، عن عمرو بن الحارث، أخبرني يزيد بن أبي حبيب، أن أبا الخير حدثه، أنه سمع عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:

"ليس من عمل يوم إلا وهو يختم، فإذا مرض المؤمن قالت الملائكة: يا ربنا، عبدك فلان قد حبسته، ليقول الرب تعالى: اختموا له على مثل عمله حتى يبرأ أو يموت".

تخريجه:

الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (4/ 146).

والطبراني في الكبير (17/ 284 رقم 782).

والبغوي في شرح السنة (5/ 240 رقم 1428).

ثلاثتهم من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به نحوه.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي برشدين بن سعد، وتقدم في الحديث (751)، أنه: ضعيف، غير أنه لم ينفرد بالحديث، بل تابعه ابن لهيعة كما تقدم في التخريج، وابن لهيعة تقدم في الحديث (614) أنه ضعيف ومدلس من الخامسة، غير أنه صرح بالتحديث في رواية الإمام أحمد. =

ص: 2965

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لضعف رشدين، وهو حسن لغيره بمتابعة ابن لهيعة له. ويشهد لمعناه أيضاً ما أخرجه البخاري في صحيحه (6/ 136 رقم 2996) في الجهاد، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الِإقامة، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مرض العبد، أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً".

ويشهد له أيضاً ما أخرجه أحمد في المسند (2/ 194و 198 و 203) والدارمي في سننه (2/ 224 رقم 2773) في الرقاق، باب المرض والكفارة والحاكم في المستدرك (1/ 348).

والبغوي في شرح السنة (5/ 240 - 241 رقم 1429).

جميعهم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد من المسلمين يصاب ببلاء في جسده إلا أمر الله تعالى الحفظة الذين يحفظونه، قال: اكتبوا لعبدي في كل يوم وليلة مثل ما كان يعمل من الخير ما دام محبوساً في وثاقي"، واللفظ لأحمد، والباقون بنحوه.

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وعليه فالحديث صحيح لغيره بهذه الشواهد، وانظر الحديث رقم (1007).

ص: 2966

1005 -

حديث زيد بن أرقم، قال:

كنا مع أبي بكر، فدعى بشراب، فأتي (1) بماء وعسل، فلما أدناه من فيه بكى، وبكى أصحابه

الخ.

قال: صحيح.

قلت: فيه عبد الواحد، تركه البخاري، وغيره (2).

(1) قوله: (بشراب، فأتي) ليس في أصل (ب)، ومعلق بهامشها مع الإشارة لدخوله في الصلب.

(2)

في التلخيص المخطوط والمطبوع: (قلت: عبد الصمد تركه البخاري وغيره)، والصواب ما أثبته من (أ) و (ب)، ومصادر الترجمة.

وعبارة البخاري: "تركوه" كما في الضعفاء له (ص 76 رقم 230).

1000 -

المستدرك (4/ 309): أخبرنا أحمد بن عبد الله المزني، حدثنا عبد الله بن محمد ابن ناجية، ثنا عبيد الله بن عمر القواريري، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا عبد الواحد بن زيد، حدثني أسلم الكوفي، عن مرّة الطيّب، عن زيد بن أرقم، قال: كنا مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فدعا بشراب، فأتي بماء، وعسل فلما أدناه من فيه بكى، وبكى، حتى أبكى أصحابه، فسكتوا، وما سكت، ثم عاد فبكى حتى ظنوا أنهم لمن يقدروا على مسألته، قال: ثم مسح عينيه، فقالوا يا خليفة رسول الله، ما أبكاك؟ قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فرأيته يدفع عن نفسه شيئاً، ولم أر معه أحداً، فقلت: يا رسول الله، ما الذي تدفع عن نفسك؟ قال:"هذه الدنيا مثلت لي، فقلت لها: إليك عني، ثم رجعت، فقالت: إن أفلتّ مني، فلن ينفلت مني من بعدك".

تخريجه:

الحديث أخرجه أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر الصديق"(ص 92 - 93 رقم 52)، وابن أبي الدنيا -كما في الميزان (2/ 673) -. =

ص: 2967

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كلاهما من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن عبد الواحد بن زيد، به نحوه.

وذكر الشيخ شعيب الأرناؤوط في حاشيته على مسند أبي بكر أن ابن عساكر أخرجه في تاريخه (9/ 350).

قال الذهبي في الموضع السابق من الميزان: "ومن مناكيره" يعني عبد الواحد بن زيد، ثم ساق له هذا الحديث.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بأن في سنده عبد الواحد، وأنه تركه البخاري وغيره.

وعبد الواحد هذا هو ابن زيد البصري أبو عبيدة، الزاهد، شيخ الصوفية وواعظهم، وهو: ضعيف، قال عنه ابن معين: ليس بشيء. وقال البخاري: تركوه. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الجوزجاني: سيء المذهب، ليس من معادن الصدق. وذكره الساجي، والعقيلي، وابن شاهين، وابن الجارود في الضعفاء، وقال -أي ابن الجارود-: كان ممن يقلب الأخبار من سوء حفظه، وكثرة وهمه، فلما كثر ذلك منه استحق الترك. وذكره أيضاً في الثقات، وانتقده ابن حجر بقوله: فما أجاد، ثم قال ابن الجارود -يعني في الثقات-: كنيته أبو عبيدة، له حكايات كثيرة في الزهد والرقائق .. يعتبر بحديثه إذا كان دونه ثقة، وفوقه ثقة، ويجتنب ما كان من حديثه من رواية سعيد بن عبد الله بن دينار، فإن سعيداً يأتي بما لا أصل له عن الأثبات. اهـ. كلام ابن الجارود. وقال يعقوب بن شيبة: صالح متعبد، وأحسبه كان يقول بالقدر، وليس له علم بالحديث، وهو ضعيف، وقد دلّس بشيء. اهـ. من الكامل (5/ 1935 - 1936)، والميزان (2/ 672 - 673 رقم 5288)، واللسان (4/ 80 - 81 رقم 137).

وفي سند الحديث أيضاً أسلم الكوفي، وهو مجهول، قال البزار: ليس =

ص: 2968

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بالمعروف، وذكره ابن القطان في حديث آخر، وقال: لا يعرف بغير هذا، وضعف عبد الحق لأجله حديث:"ملعون من ضارّ مسلماً، أو مكر به". اهـ. من اللسان (1/ 388 رقم 1218).

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف عبد الحميد بن زيد، وجهالة شيخه أسلم الكوفي.

ص: 2969

1001 -

حديث ابن عمر مرفوعاً:

"من طلب ما عند الله كانت السماء ظلاله، والأرض فراشه، لم يهتمّ بشيء من أمر الدنيا"(1)

الحديث.

قال. صحيح.

قلت: بل منكر، أو موضوع، إذ عمرو بن بكر المذكور في سنده متهم عند ابن حبان (2). وإبراهيم ابنه قال (3) الدارقطني: متروك (4).

(1) من قوله: (والأرض فراشه) إلى هنا ليس في (ب).

(2)

في المجروحين (2/ 78 - 79).

(3)

قوله: (ابنه قال) ليس لا أصل (ب)، ومعلق بهامشها مع الإِشارة لدخوله في الصلب.

(4)

الضعفاء والمتروكون، (ص 106 رقم 19).

1001 -

المستدرك (4/ 310): حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، وأبو الحسن علي بن بندار الزاهد، قالا: أنبأ أبو العباس محمد بن الحسن العسقلاني، ثنا إبراهيم بن عمرو السكسكي، ثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من طلب ما عند الله كانت السماء ظلاله، والأرض فراشه، لم يهتم بشيء من أمر الدنيا، فهو لا يزرع الزرع، وهو يأكل الخبز، وهو لا يغرس الشجر، ويأكل الثمار، توكُّلًا على الله تعالى، وطلباً لمرضاته، فضَمَّن الله السموات السبع، والأرضين السبع رزقه، فهم يتعبون فيه، ويأتون به حلالاً، ويستوفي هو رزقه بغير حساب عند الله تعالى حتى أتاه اليقين".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن حبان في المجروحين (1/ 112 - 113) من طريق =

ص: 2970

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= إبراهيم بن عمرو به نحوه، وفيه زيادة، ثم قال:"وإن كان عبد العزيز، وعمرو بن بكر ليسا في الحديث بشيء، فإن هذا ليس من عملهما، وهذا شيء تفرد به إبراهيم بن عمرو، وهو ما عملت يداه، لأن هذا كلام ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ابن عمر، ولا نافع، وإنما هو شيء من كلام الحسن"، وكان قال قبل الحديث عن إبراهيم هذا:"يروي عن أبيه الأشياء الموضوعة التي لا تعرف من حديث أبيه، وأبوه أيضاً لا شيء في الحديث، فلست أدري، أهو الجاني على أبيه أو أبوه الذي كان يخصه بهذه الموضوعات؟! ".

دراسة الإسناد:

الحديث في سنده عمرو بن بكر بن تميم السكسكي، وتقدم في الحديث (930) أنه: متروك.

وابنه إبراهيم اتهمه ابن حبان بالوضع كما سبق، وقال الدارقطني في الضعفاء والمتروكين (ص 106 رقم 19):"متروك"، وانظر اللسان (1/ 87رقم 247).

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد لشدة ضعف إبراهيم وأبيه، وتقدم أن ابن حبان حكم عليه بالوضع، والله أعلم.

ص: 2971

1002 -

حديث أنس (مرفوعاً)(1):

أربع لا يصبن إلا بعجب: الصمت، وهو أول العبادة، والتواضع، وذكر الله، وقلة الشيء (2).

قال: صحيح.

قلت: فيه العوام، قال ابن حبان (3): يروي الموضوعات (4).

(1) ما بين المعكوفين ليس في (أ) و (ب)، وما أثبته من التلخيص، ويؤيده المستدرك.

(2)

من قوله: (الصمت) إلى هنا ليس في (ب).

(3)

قوله: (قال ابن حبان) ليس في (ب).

(4)

المجروحين (2/ 196).

1002 -

المستدرك (4/ 311): أخبرني إبراهيم بن عصمة بن إبراهيم العدل، ثنا أبي، ثنا يحيى بن يحيى، أنبأ أبو معاوية، عن العوام بن جويرية، عن الحسن، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أربع لا يصبن إلا بعجب: الصمت، وهو أول العبادة، والتواضع، وذكر الله تعالى، وقلة الشيء".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي حاتم في العلل (2/ 114 رقم 1836).

وابن حبان في المجروحين (2/ 196).

والطبراني في الكبير (1/ 229 رقم 741).

وابن عدي في الكامل (2/ 697).

ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (3/ 134 - 135). =

ص: 2972

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه البيهقي في كتاب "الآداب"(ص 236 رقم 403).

وفي شعب الِإيمان -كما في اللآليء (2/ 320) -.

جميعهم من طريق أبي معاوية، عن العوام بن جويرية، به مثله، إلا أن لفظ الطبراني فيه:"الصبر" بدلًا من: "الصمت".

قال ابن أبي حاتم: "قال أبي: إنما يروي عن الحسن فقط، وقال بعضهم: الحسن، عن أنس، قوله".

وفي إسناد ابن عدي أيضاً حميد بن الربيع، يرويه عن أبي معاوية، وقال ابن عدي عقبه:"وهذا الحديث الأصل فيه موقوف من قول أنس، وقد روي عن أسد بن موسى، عن أبي معاوية مرفوعاً، وقد رفعه أيضاً عن أبي معاوية بعض الضعفاء، وحميد أضعف من ذلك الضعيف الذي رفع هذا الحديث".

وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن حبان: كان العوام يروي الموضوعات عن الثقات، وكان يأتي بالشيء على التوهم، لا التعمد، فلا يحتج به. قال ابن عدي: الأصل في هذا أنه موقوف على أنس، وقد رفعه بعض الضعفاء عن أبي معاوية -يعني حميد بن الربيع-، قال يحيى: حميد كذاب".

قلت: وتعقبه السيوطي بذكره لطريق الحاكم هذه التي ليست من رواية حميد، ثم قال:"فزالت تهمة حميد"، ولكنه لم يرد على تهمة العوام.

وقد روى الحديث ابن أبي الدنيا في كتاب "الصمت وآداب اللسان"(ص 530 - 531 رقم 560) من طريق علي بن الجعد، ومحمد بن يزيد الآدمي، كلاهما عن أبي معاوية، به موقوفاً على أنس.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي بوجود العوّام بن جُوَيْرية في سنده، وتقدم نقل الذهبي، وابن الجوزي لكلام ابن حبان عنه، وعبارته =

ص: 2973

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في المجروحين (2/ 196) قال: "كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات، على صلاح فيه، كان يهم، ويأتي بالشيء على التوهم من غير أن يتعمد، فاستحق ترك الاحتجاج به، لما ظهر عليه من أمارات الجرح". اهـ.

قلت: مقتضى كلام ابن حبان أنه ضعيف، وروايته للموضوعات عن غير تعمد منه لها.

الحكم على الحديث:

الحديث موضوع بهذا الإسناد لما تقدم ذكره من إعلال الأئمة لرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولوجود العوام في سنده، وكذا حكم عليه الألباني في سلسلته الضعيفة (2/ 197 رقم 781).

ص: 2974

1003 -

حديث أبي جحيفة:

أكلت لحماً كثيراً، وثريداً، ثم جئت، فقعدت حيال النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أتجشّأ، فقال: "أقصر عنا من جشائك

" الحديث (1).

قال: صحيح.

قلت: فيه فهد بن عوف كذّبه ابن المديني (2).

(1) من قوله: (ثم جئت) إلى هنا ليس في (ب).

(2)

قوله: (كذبه ابن المديني) ليس في (ب)، وجرح ابن المديني لفهد في الميزان (3/ 366).

1003 -

هذا الحديث ليس في المستدرك المطبوع، وهو في المطبوع من التلخيص (4/ 311) على عادة الذهبي بسياق بعض المسند، وساق متنه بكماله.

وبالرجوع إلى المخطوط من المستدرك وجدت الحديث بالسياق الآتي:

حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، ثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا أبو ربيعة فهد بن عوف، ثنا عمر بن الفضل الأزدي، عن رقبة بن مصقلة، عن علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة قال: أكلت لحماً كثيراً، وثريداً، ثم جئت، فقعدت حيال النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلت أتجشأ، فقال:"أقصر من جشائك، فإن أكثر الناس شبعاً في الدنيا أكثرهم جوعاً في الآخرة". هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه.

أقول: وهذا الحديث سبق أن أخرجه الحاكم (4/ 121)، وتقدم برقم (881)، وهو هناك من طريق فهد بن عوف، ثنا فضل بن أبي الفضل الأزدي، أخبرني عمر بن موسى، أخبرني علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة، بنحوه، وتقدم هناك أن عمر بن موسى كذاب وضاع، وأن =

ص: 2975

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فهد بن عوف متروك، والحديث هنا وإن اختلف سنده عن السابق بعض الشيء، إلا أنه من طريق فهد بن عوف نفسه، غير أن الحديث ثبت من طرق أخرى حيث تقدم في الحديث (881) أنه حسن لغيره بمجموع طرقه بما يغني عن الإعادة هنا، والله أعلم.

ص: 2976

1004 -

حديث بريدة مرفوعاً:

"إذا قال الرجل للمنافق: يا سيّد، فقد أغضب ربه".

قال: صحيح.

قلت: فيه عُقْبة الْأصَمّ، وهو ضعيف.

1004 - المستدرك (4/ 311): أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمرويه البزاز ببغداد، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا الحسن بن موسى الأشيب، ثنا عقبة بن عبد الله الأصم، ثنا عبد الله بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا قال الرجل للمنافق: يا سيد، فقد أغضب ربه تبارك وتعالى".

تخريجه:

الحديث أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 198).

والخطيب في تاريخه (5/ 454).

أما الخطيب فمن طريق شيخ الحاكم، بمثله، وأما أبو نعيم فمن طريق حاتم بن عبيد الله، ثنا عقبة بن عبد الله الأصم، به بلفظ:"إذا قال الرجل للفاسق، يا سيدي، فقد أغضب ربه".

وأخرجه الِإمام أحمد في المسند (5/ 346 - 347).

والبخاري في الأدب المفرد (2/ 230 رقم 760).

وأبو داود في سننه (5/ 257 رقم 4977) في الأدب، باب لا يقول المملوك: ربي، وربتي.

والنسائي في عمل اليوم والليلة (ص 248 رقم 244).

ومن طريق ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص 105 رقم 391).

جميعهم من طريق معاذ بن هشام، حدثني أبي عن قتادة، عن عبد الله بن =

ص: 2977

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بريدة، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقولوا للمنافق سيدنا، فإنه إن يك سيدكم، فقد أسخطتم ربكم عز وجل، وهذا لفظ أحمد، ولفظ النسائي مثله، ولفظ البخاري، وأبي داود نحوه.

وأخرجه نعيم بن حماد في زوائد الزهد (ص 51 رقم 186): أنا ابن حوط، عن قتادة، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا قال الرجل للمنافق: سيداً، فقد أهان الله".

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي بعقبة الأصم، وعقبة هذا تقدم في الحديث (932) أنه: ضعيف، غير أنه لم ينفرد به، بل تابعه قتادة -كما سبق في التخريج- وقتادة تقدم في الحديث (729) أنه: ثقة ثبت، ولكنه مدلس من الثالثة، وقد عنعن في جميع الروايات السابقة.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لضعف عقبة الأصم، والطريق الأخرى التي رواها قتادة ضعيفة أيضاً لتدليسه، وبمجموع هذين الطريقين يرتفع الحديث إلى درجة الحسن لغيره، وقد صححه الألباني في سلسلته الصحيحة برقم (371).

ص: 2978

1005 -

حديث عائشة:

"يا عائشة، إن أردت اللحوق بي (1) فليكفك من الدنيا كزاد الراكب، لا تستخلقي ثوباً حتى ترقعيه، وإياك ومجالسة الأغنياء".

قال: صحيح.

قلت: فيه سعيد بن محمد الوراق، وهو عدم.

(1) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب)، وبعده قال:(الحديث) إشارة لاختصار متنه.

1005 -

المستدرك (4/ 312): حدثنا جعفر بن محمد الخلدي، ثنا أبو العباس عن مسروق، ثنا شريح بن يونس، ثنا سعيد بن محمد الوراق، حدثني صالح بن حسان، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

، الحديث بلفظه.

تخريجه:

الحديث أخرجه الترمذي (5/ 475 رقم 1839) في اللباس، باب ما جاء في ترقيع الثوب.

وابن السني في "القناعة"(ص 39 - 40 رقم 54).

كلاهما من طريق سعيد بن محمد الوراق، به نحوه.

وأخرجه الترمذي أيضاً مقروناً بالرواية السابقة.

وابن السني في الموضع السابق برقم (55).

وابن عدي في الكامل (4/ 1370).

ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (3/ 139 - 140). =

ص: 2979

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= جميعهم من طريق أبي يحيى الحماني، عن صالح بن حسان، به، ولفظ ابن السني، نحوه، ولفظ ابن عدي قال فيه:"إن سرك اللحوق بي فلا تخالطين الأغنياء، ولا تستبدلي بثوب حتى ترقعيه".

وأخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 89) من طريق حفص بن غياث، ثنا صالح بن حسان فذكره بنحوه.

وأخرجه ابن السني في الموضع السابق برقم (56) من طريق إبراهيم بن عيينة، عن صالح بن حسان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به نحوه، ولم يذكر:

"ولا تستخلقي ثوباً حتى ترقعيه"، ورواه هكذا بزيادة هشام بن عروة في الِإسناد، وتطرق لهذه الزيادة ابن عدي، والدارقطني.

أما ابن عدي فقال عقب روايته السابقة: وهذا رواه بعضهم عن أبي يحيى الحماني، من صالح بن حسان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، ومن قال: عن صالح، عن عروة أصح".

وفي العلل للدارقطني (5/ ل 45 ب): أنه سئل عن هذا الحديث، فقال:

"يرويه صالح بن حسان، واختلف عنه، فرواه إبراهيم بن عيينة، عن صالح بن حسان، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، وخالفه سعيد بن محمد الوراق، وأبو يحيى الحماني، وخالد بن عمرو القرشي، فرووه عن صالح بن حسان، عن عروة، عن عائشة، لم يذكروا بينهما أحداً، وصالح بن حسان ضعيف".

والحديث أخرجه أيضاً أبو سعيد الأعرابي في الزهد -كما في كنز العمال (3/ 730 - 731 رقم 8598).

وأخرجه أيضاً البيهقي في الشعب، والطحاوي في مشكل الآثار -كما في اللآليء (2/ 323) -.

وقال الترمذي عقب روايته للحديث: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صالح بن حسان. =

ص: 2980

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= سمعت محمداً (يعني البخاري) يقول: صالح بن حسان منكر الحديث، وصالح بن أبي حسان الذي روى عنه ابن أبي ذئب ثقة".

وقال ابن الجوزي عقبه: "هذا حديث لا يصح، قال يحيى بن معين: صالح بن حيان (كذا، والصواب: حسان) ليس حديثه بشيء. وقال النسائي: متروك الحديث.

وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات".

وتعقبه السيوطي في الموضع السابق من اللآليء بقوله: "قلت: الحديث أخرجه الترمذي من طريقه، وهو ضعيف، لكن لم يتهم بكذب".

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي بسعيد بن محمد الوراق، وسعيد تقدم في الحديث (565) أنه: ضعيف، غير أنه لم يتفرد به كما سبق في التخريج، وليس هو علة الحديث، وكان الأولى بالحافظ الذهبي أن ينتقده بمثل ما انتقده به العلماء المتقدم نقل عباراتهم كالترمذي، والدارقطني، وابن الجوزي، وذلك بجعلهم علة الحديث تفرد صالح بن حسان به، وصالح تقدم في الحديث (975) أنه: متروك.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بإسناد الحاكم لشدة ضعف صالح بن حسان، وضعف سعيد الوراق، ولم ينفرد به سعيد، بل تابعه آخرون كما تقدم، فيكون الحديث ضعيفاً جداً لحال صالح بن حسان الذي عليه مدار الحديث، والله أعلم.

ص: 2981

1006 -

حديث سعد بن طارق، عن أبيه مرفوعاً:

"نعمت الدار الدنيا لمن تزوّد منها لآخرته

" الحديث (1)

قال: صحيح.

قلت: بل منكر، وفيه عبد الجبار بن وهب لا يُعرف.

(1) قوله: (الحديث) ليس في (ب).

1006 -

المستدرك (4/ 312 - 313): حدثنا أحمد بن كامل القاضي، ثنا جعفر بن أبي عثمان الطيالسى، ثنا يحيى بن أيوب، ثنا عبد الجبار بن وهب، أنبأ سعد بن طارق، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "نعمت الدار الدنيا لمن تزود منها لآخرته حتى يرضى ربه عز وجل، وبئست الدار لمن صدّته عن آخرته، وقصرت به عن رضا ربه. وإذا قال العبد: قبّح الله الدنيا، قالت الدنيا: قبّح الله أعصانا لربه".

تخريجه:

الحديث أخرجه العقيلي في الضعفاء (3/ 89) من طريق يحيى بن أيوب، عن عبد الجبار، به نحوه، إلا أنه قال:"صرعته"، بدلاً من:"صدته".

ومن طريق العقيلي أخرجه ابن الجوزي في العلل (2/ 312 - 313 رقم 1332).

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي بجهالة عبد الجبار بن وهب، وهو كذلك، فقد قال العقيلي في الموضع السابق:"مجهول، وحديثه غير محفوظ"، وقال ابن معين: لا أعرفه. / اللسان (3/ 390 رقم 1550).

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لجهالة عبد الجبار بن وهب.

وأما قول الذهبي عن الحديث: "منكر"، فيعني به: تفرّد عبد الجبار هذا به، والله أعلم.

ص: 2982

1007 -

حديث أبي أمامة مرفوعاً:

"إن العبد إذا مرض أوحى الله لملائكته: أنا قيدت عبدي بقيدين من قيودي، فإن أقبضه أغفر له، وإن (أعافه) (1) فحينئذ يقعد لا ذنب له"(2).

قال: صحيح.

قلت: فيه عُفَيْر بن مَعْدان واه (3).

(1) في (أ): (أعافيه)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2)

من قوله: (أوحى الله) إلى هنا ليس في (ب).

(3)

قوله: (قلت: فيه

) الخ في (ب)، والتلخيص:(قلت: عفير واه).

1007 -

المستدرك (4/ 313): حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد الحافظ بهمدان، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا أبو اليمان، ثنا عفير بن معدان، عن سليم بن عامر، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن العبد إذا مرض أوحى الله إلى ملائكته: يا ملائكتي، أنا قيدت عبدي بقيد من قيودي، فإن أقبضه أغفر له، وإن أعافه فحيئذ يقعد ولا ذنب له".

تخريجه:

الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 196 رقم 7701) من طريق أبي اليمان، به نحوه.

قال الهيثمي في المجمع (2/ 291): "فيه عفير بن معدان، وهو ضعيف". دراسه الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي بعفير بن معدان، وهو:

عُفَير بن معدان الحمصي المؤذن ضعيف./ الكامل (5/ 2016 - 2018)، والتقريب (2/ 25 رقم 227)، وتهذيب الكمال (2/ 942 - =

ص: 2983

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 943)، وإنما صار العزو لتهذيب الكمال لأن هذا الراوي ليس له ترجمة في تهذيب التهذيب.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف عفير بن معدان.

ويشهد له حديث عقبة المتقدم برقم (999)، ولفظه:

"ليس من عمل يوم إلا وهو يختم، فإذا مرض المؤمن قالت الملائكة: يا ربنا، عبدك فلان قد حبسته، فيقول الرب تعالى:(اختموا له على مثل عمله حتى يبرأ أو يموت)، وتقدم هناك أنه حسن لغيره من حديث عقبة بن عامر، وصحيح لغيره بشواهده، ومها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"ما من أحد من المسلمين يصاب ببلاء في جسده إلا أمر الله تعالى الحفظة الذين يحفظونه، قال: اكتبوا لعبدي في كل يوم وليلة مثل ما كان يعمل من الخير ما دام محبوساً في وثاقي".

ولحديث أبي أمامة شاهد آخر من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه.

أخرجه الِإمام أحمد في المسند (4/ 123).

والطبراني في الكبير (7/ 336 رقم 7136).

كلاهما من طريق إسماعيل بن عياش، عن راشد بن داود الصنعاني، عن أبي الأشعت الصنعاني، أنه راح إلى مسجد دمشق، وهجّر بالرواح، فلقي شداد بن أوس، والصنابحي معه، فقلت: أين تريدان يرحمكما الله؟ قالا: نريد ههنا إلى أخ لنا مريض نعوده، فانطلقت معهما حتى دخلا على ذلك الرجل، فقالا له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت بنعمة، فقال له شداد: أبشر بكفارات السيئات، وحط الخطايا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله عز وجل يقول: إني إذا ابتليت عبداً من عبادي مؤمناً، فحمدني على ما ابتليته، فإنه يقوم من مضجعة =

ص: 2984

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا، ويقول الرب عز وجل: أنا قيدت عبدي، وابتليته، وأجروا له كما كنتم تجرون له وهو صحيح".

والحديث ذكره الهيثمي في المجمع (2/ 303 - 304)، وعزاه أيضاً للطبراني في الأوسط، وقال:"كلهم من رواية إسماعيل بن عياش، عن راشد الصنعاني، وهو ضعيف في غير الشاميين"، وتعقبه الألباني في السلسلة الصحيحة (4/ 145) بقوله:"فيه ذهول عن أن الصنعاني هذا ليس نسبة إلى صنعاء اليمن، وإنما هو منسوب إلى صنعاء دمشق -كما في التقريب- فهو شامي، وإسماعيل صحيح الحديث عنهم، فثبت الحديث، والحمد لله". اهـ.

قلت: وهذا تنبيه مهم في التفريق بين النسبة إلى صنعاء اليمن، وصنعاء دمشق، قال السمعاني رحمه الله في الأنساب (8/ 331):

"صنعاء بلدة باليمن قديمة معروفة، ورد ذكرها في الحديث، وصنعاء قرية على باب دمشق خربت الساعة، وبقيت مزارعها، وهي على نهر الخلخال". اهـ.

وراشد هذا الذي روى عنه إسماعيل بن عياش ممن نسب إلى صنعاء دمشق، وهو راشد بن داود الصنعاني، أبو المهلب، أو أبو داود البَرْسَمي، صدوق له أوهام./ سؤالات البرقاني للدارقطني (ص 30 رقم 157)، والتقريب (1/ 240 رقم 2)، والتهذيب (3/ 225 رقم 431).

وأما إسماعيل بن عياش فتقدم في الحديث (768) أنه: صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلط في غيرهم، وهو هنا يروي عن راشد بن داود، وهما شاميان، وشيخ راشد هو أبو الأشعث الصنعاني، واسمه شراحيل بن آدة -بالمدّ، وتخفيف الدال-، وهو ثقة روى له مسلم./ ثقات ابن حبان (4/ 365 - 366) والتهذيب (4/ 319 رقم 548)، والتقريب (1/ 348 رقم 35).

وعليه فالحديث صحيح لغيره بمجموع هذه الطرق، والله أعلم.

ص: 2985

1008 -

حديث "حذيفة"(1) مرفوعاً:

"النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة، فمن تركها من خوف الله أثابه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه"(2).

قال: صحيح.

قلت: فيه إسحاق بن عبد الواحد (3) القرشي، وهو واه، وعبد الرحمن الواسطي، وقد ضعفوه.

(1) في (أ) و (ب): (أبي هريرة)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2)

من قوله: (فمن تركها) إلى هنا ليس في (ب).

(3)

قوله: (ابن عبد الواحد) ليس في (ب).

1008 -

المستدرك (4/ 313 - 314): حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أنبأ محمد بن غالب، ثنا إسحاق بن عبد الواحد القرشي، ثنا هشيم، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن محارب بن دثار، عن صلة بن زفر، عن حذيفة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة، فمن تركها من خوف الله أثابه الله جل وعز إيماناً يجد حلاوته في قلبه".

تخريجه:

الحديث أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (1/ 195 رقم 292).

وابن الجوزي في "ذم الهوى"(ص 139).

كلاهما من طريق إسحاق بن عبد الواحد، عن هشيم، به نحوه.

وخالف إسحاق أرطاةُ بن حبيب، فرواه عن هشيم، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر، رفعه به نحوه.

أخرجه القضاعي في الموضع السابق برقم (293). =

ص: 2986

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي بإسحاق بن عبد الواحد القرشي، وعبد الرحمن الواسطي.

أما عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، أبو شيبة فتقدم في الحديث (937) أنه: ضعيف.

وأما إسحاق بن عبد الواحد القرشي الموصلي فهو محدث مكثر مصنف، إلا أنه تكلم فيه أبو علي الحافظ النيسابوري فيما نقل عنه ابن الجوزي، فقال: متروك الحديث. وقال النسائي: لا أعرفه. وقال أبو زكريا الموصلي: كثير الحديث، رحال

، وصنف، وكتب الناس عنه. وذكره ابن حبان في الثقات. وروى الخطيب من طريق عبد الرحمن بن أحمد الموصلي، عن إسحاق هذا، عن مالك خبراً باطلاً، ثم قال -أي الخطيب-: الحمل فيه على عبد الرحمن، وإسحاق بن عبد الواحد لا بأس به، فتعقبه الذهبي بقوله: بل هو واه، وقال في موضع آخر:"متروك". اهـ. من الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/ 102 رقم 323)، والميزان (1/ 194 رقم 773)، والديوان (ص 18 رقم 341)، والتهذيب (1/ 242 رقم 451)، والتقريب (1/ 59 رقم 417) قلت: والذهبي رحمه الله اعتمد على عبارة أبي علي النيسابوري، والأليق بحال الرجل أنه صدوق حسن الحديث لتوثيق ابن حبان والخطيب له، وثناء الموصلي عليه، وعدم تفسير جرح من جرحه.

وأما الرواية الأخرى التي أخرجها القضاعي وفيها جعل الحديث من مسند ابن عمر، لا حذيفة ففي سندها أرطأة بن حبيب، ولم أجد من ذكره سوى ابن حبان في الثقات (8/ 137)، ولم يذكر أنه روى عنه سوى إبراهيم بن سليمان بن حيان الكوفي، وهو الراوي لهذا الحديث عنه، ولم أجد من ذكره، فهذه المخالفة لا يعتدّ بها إلى أن تتبين حال هذين الراويين.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف عبد الرحمن الواسطي، =

ص: 2987

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأما إسحاق بن عبد الواحد فلا يعل به الحديث، لما تقدم من أنه حسن الحديث.

وله شاهد من حديث ابن عمر، وابن مسعود، وأبي أمامة، وعلي بن أبي طالب، وأنس بن مالك، وعائشة رضي الله عنهم أجمعين-.

1 -

أما حديث ابن عمر رضي الله عنهما يرفعه فلفظه:

"النظرة الأولى خطأ، والثانية عمد، والثالثة تدمر، نظر المؤمن إلى محاسن المرأة سهم من سهام إبليس مسموم، من تركها من خشية الله، ورجاء ما عنده أثابه الله بذلك عبادة تبلغه لذتها".

أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 101).

ومن طريقه ابن الجوزي في ذم الهوى (ص 139).

وهو من طريق أبي مهدي، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر، به.

وسنده ضعيف جداً، فيه أبو مهدي هذا واسمه سعيد بن سنان الحنفي، ويقال: الكندي الحمصي، وهو متروك./ الكامل (3/ 1196 - 1199)، والتقريب (1/ 298 رقم 192)، والتهذيب (4/ 46 - 47 رقم 74).

2 -

أما حديث ابن مسعود رضي الله عنه فأخرجه الطبراني في الكبير (10/ 214 رقم 10362) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، رفعه بنحوه.

وسنده ضعيف، لأنه من طريق عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي راوي حديث حذيفة هذا، وتقدم أنه ضعيف.

3 -

وأما حديث أبي أمامة رضي الله عنه يرفعه فلفظه: =

ص: 2988

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة أول مرة، ثم يغض بصره، إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها".

أخرجه الِإمام أحمد في المسند (5/ 264)، واللفظ له.

والطبراني في الكبير (8/ 247 رقم 7842).

وابن عدي في الكامل (5/ 1800) كلاهما به نحوه.

وابن الجوزي في ذم الهوى (ص 138 و139 و140) من طريق الإمام أحمد بمثله، وطريق أخرى بنحوه.

جميعهم من طريق عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، به.

قال ابن عدي: "هذا بهذا الِإسناد غير محفوظ".

وقال الهيثمي في المجمع (8/ 63): "فيه علي بن يزيد الألهاني وهو متروك".

قلت: علي بن يزيد ضعيف فقط -كما تقدم في الحديث (885) -، وفي سنده أيضاً عبيد الله بن زحر، وتقدم في الحديث (885) أيضاً أنه: صدوق يخطيء، فالحديث بهذا الإسناد ضعيف لأجلهما.

وحديث أبي أمامة هذا أخرجه أيضاً الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الِإيمان -كما في الدر المنثور (6/ 178) -.

4 -

وأما حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه يرفعه فلفظه بنحوه.

أخرجه ابن الجوزي في المرجع السابق (ص 140) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي أيضاً، عن النعمان بن سعد، عن علي، به. =

ص: 2989

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وعبد الرحمن بن إسحاق تقدم أنه: ضعيف، وشيخه النعمان بن سعد لم يرو عنه سواه قال ذلك أبو حاتم، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب (10/ 453):"الراوي عنه ضعيف كما تقدم، فلا يحتج بخبره"، ولخص الحكم عليه في التقريب (2/ 304 رقم 1140) بقوله:"مقبول"، وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف لأجلهما.

5 -

وأما حديث أنس رضي الله عنه فأخرجه ابن الجوزي في الموضع السابق أيضاً (ص 90 - 91) من طريق عبد العزيز بن عبد الرحمن القرشي، عن خصيف، عن أنس، رفعه بلفظ:"نظر الرجل إلى محاسن المرأة سهم مسموم من سهام إبليس".

وفي سنده عبد العزيز بن عبد الرحمن القرشي البالسي، الجزري، وهو متروك، اتهمه الإمام أحمد، وضرب على حديثه. وقال النسائي وغيره: ليس بثقة. وقال ابن حبان: يأتي بالمقلوبات عن الثقات فيُكثر، والملزقات بالأثبات فيُفحش، وذكر حديثاً من طريقه، وقال: كتبناه عن عمر بن سنان، عن إسحاق بن خالد البالسي، عنه بنسخة، شبيهاً بمائة حديث مقلوبة، منها ما لا أصل له، ومنها ما هو ملزق بإنسان لم يرو ذلك البتَّة، لا يحل الاحتجاج به بحال. اهـ. من المجروحين (2/ 138)، والميزان (2/ 631 رقم 5112)، واللسان (4/ 34 رقم 89).

قلت: وعليه فالحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد لأجله.

6 -

وأما حديث عائشة رضي الله عنها.

فأخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 2009).

وأبو نعيم في الحلية (2/ 187).

ومن طريقه ابن الجوزي في الموضع السابق (ص 140).

كلاهما من طريق ابن عفير الأنصاري، ثنا شعيب بن سلمة، ثنا عصمة بن محمد، ثنا موسى بن عقبة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: قال =

ص: 2990

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يكف بصره عن محاسن امرأة، ولو شاء أن ينظر إليها نظر، إلا أدخل الله تعالى قلبه عبادة يجد حلاوتها".

والحديث بهذا الإسناد موضوع، فيه عصمة بن محمد بن فضالة بن عبيد الأنصاري، وتقدم في الحديث (575) أنه: كذاب يضع الحديث.

وعليه فالحديث حسن لغيره بمجموع الطرق الصالحة للاعتبار مما تقدم، والله أعلم.

ص: 2991

1009 -

حديث عمرو بن العاص:

أنه قال على المنبر: والله ما رأيت قوماً قط أرغب فيما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزهد فيه منكم، ترغبون (في الدنيا)(1)، وكان يزهد فيها

الحديث (2).

قال: على شرط البخاري (3).

قلت: صحيح (4)، وليس على شرط واحد منهما.

(1) في (أ): (فيها)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2)

من قوله: (والله ما رأيت) إلى هنا ليس في (ب).

(3)

في (ب): (على شرط البخاري ومسلم).

(4)

في (أ) معلق بهامشها ما نصه: "تأمل هذا الكلام فإن فيه شبه التناقض، وهو كذلك في الأصل الذي نقلت منه، ولعل أصل العبارة: قلت غير صحيح".

أقول: وليس في الكلام شيء من التناقض، لأن الحديث قد يكون صحيحاً، لكن ليس على شرط أحد من الشيخين.

1009 -

المستدرك (4/ 315): أخبرنا أبو النضر الفقيه، وأبو الحسن العنزي، قالا: ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا عبد الله بن صالح، ثنا الليث، حدثني يزيد بن أبي حبيب، أن علي بن رباح أخبره، أنه سمع عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول على المنبر: والله ما رأيت قوماً قط أرغب فيما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزهد فيه منكم، ترغبون في الدنيا، وكان يزهد فيها، والله ما مر برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث من الدهر إلا والذي عليه أكثر من الذي له.

تخريجه:

الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (4/ 204): ثنا يحيى بن إسحاق، =

ص: 2992

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال: ثنا ليث بن سعد، فذكره بنحوه، وفيه: ما أتت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من دهره إلا كان الذي عليه أكثر مما له، فقال له بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسلف.

قال أحمد: وقال غير يحيى: والله ما مر برسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الدهر، إلا والذي عليه أكثر من الذي له.

وأخرجه ابن حبان في صحيحه (ص 526 رقم 2144) من طريق أبي هانئ، أنه سمع علي بن رباح يقول: سمعت عمرو بن العاص يخطب الناس يقول: يا أيها الناس، كان نبيكم صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا، وأصبحتم أرغب الناس فيها.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط البخاري، فوافقه الذهبي على الصحة، وخالفه في كونه على شرط أحد من الشيخين، وبيان حال رجال الإسناد كالتالي:

علي بن رباح بن قصير اللخمي، أبو عبد الله البصري ثقة روى له مسلم./ ثقات العجلي (ص 346 رقم 1184)، والتقريب (2/ 36 - 37 رقم 339)، والتهذيب (7/ 318 - 319 رقم 540).

ويزيد بن أبي حبيب سويد، المصري، أبو رجاء تقدم في الحديث (768) أنه ثقة فقيه روى له الجماعة.

والليث بن سعد تقدم في الحديث (489) أنه: إمام مشهور ثقة ثبت فقيه.

وكاتبه عبد الله بن صالح تقدم في الحديث (587) أنه: صدوق كثير الغلط، ولم يرو له أحد من الشيخين.

وعثمان بن سعيد الدارمي تقدم في الحديث (811) أنه: إمام حافظ حجة، وهو في طبقة الشيخين. =

ص: 2993

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وشيخا الحاكم هما: أبو النضر الفقيه، وأبو الحسن العنزي.

أما أبو النضر الفقيه فاسمه: محمد بن محمد بن يوسف الطوسي، وتقدم في الحديث (811) أنه: إمام حافظ فقيه علامة قدوة.

وأما أبو الحسن العنزي فاسمه: أحمد بن محمد بن عبدوس بن سلمة العنزي الطَّرائفي وهو صدوق -كما في السير (15/ 519 - 520 رقم 297) -.

ولم ينفرد عبد الله بن صالح عن الليث بالحديث، بل تابعه شيخ الإمام أحمد يحيى بن إسحاق، عن الليث، به.

واسمه يحيى بن إسحاق البجلي، أبو زكريا، ويقال: أبو بكر السِّيلَحيني -بمهملة ممالة، وقد تصير ألفاً ساكنة، وفتح اللام، وكسر المهملة، ثم تحتانية ساكنة، ثم نون-، وهو صدوق روى له مسلم./ الجرح والتعديل (9/ 126 رقم 532)، والتهذيب (11/ 176 - 177 رقم 303)، والتقريب (2/ 342 رقم 10).

وهذه المتابعة بالإضافة لرواية ابن حبان لبعض من الحديث من طريق أخرى، عن علي بن رباح، عن عمرو بن العاص رضي الله عنه.

الحكم علي الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم فيه عبد الله بن صالح وهو ضعيف الحديث، ولكنه لم ينفرد به، فيكون الحديث حسناً لغيره بمتابعة يحيى بن إسحاق له، والحديث من طريق الحاكم ليس على شرط أحد من الشيخين على مراد الذهبي، لأنهما لم يخرجا لعبد الله بن صالح، والله أعلم.

ص: 2994

1010 -

حديث أنس مرفوعاً:

"يكون لي آخر الزمان عباد جهال، وقرّاء فسقة".

قلت: فيه يوسف بن عطية هالك.

1010 - المستدرك (4/ 315): حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثني أبو الفضل محمد بن الحسين القطان، ثنا محمد بن مقاتل المروزي، ثنا يوسف بن عطية -وكان من أهل السنة- عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فذكره بلفظه.

تخريجه:

الحديث أخرجه الآجري في "أخلاق العلماء"(ص 72 رقم 130).

وابن حبان في المجروحين (3/ 135).

وابن عدي في الكامل (7/ 2610).

وأبو نعيم في الحلية (2/ 331 - 332).

جميعهم من طريق يوسف بن عطية، به، ولفظ الآجري نحوه، ولفظ الباقين مثله، إلا أن لفظ أبي نعيم فيه: "سيكون

" والباقي مثله.

قال أبو نعيم عقبه: "هذا حديث غريب من حديث ثابت، لم نكتبه إلا من حديث يوسف بن عطية، وهو قاضي بصري في حديثه نكارة".

دراسة الإسناد:

الحديث سكت عنه الحاكم، وأعله الذهبي بيوسف بن عطية الصفار، وتقدم في الحديث (878) أنه: متروك.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد لشدة ضعف يوسف بن عطية، وقد حكم عليه الألباني بالوضع في سلسلته الضعيفة (1/ 445رقم 447).

ص: 2995

1011 -

حديث أبي بكر بن أبي مريم: حدثنا ضمرة بن حبيب، عن أبي الدرداء مرفوعاً:"إن الله يحب على قلب حزين".

قال: صحيح.

قلت: مع ضعف أبي بكر: منقطع.

1011 - المستدرك (4/ 315): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن عوف الطائي، ثنا المغيرة، ثنا أبو بكر بن أبي مريم، ثنا ضمرة بن حبيب، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال، فذكره بلفظه.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 471).

والطبراني في مسند الشاميين (ص 294).

ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (6/ 90).

وأخرجه القضاعي في مسند الشهاب (2/ 149 - 150 رقم 1075).

جميعهم من طريق أبي بكر بن أبي مريم، به مثله.

ومن هذه الطريق أخرجه أيضاً ابن أبي الدنيا في كتاب "الهم والحزن"، وابن عساكر في تاريخه، وأبو محمد المخلدي في "الفوائد" كما في الضعيفة للألباني (1/ 493) -.

وأخرجه البزار في مسنده (4/ 240 رقم 3624).

والطبراني في مسند الشاميين (ص 401).

كلاهما من طريق عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن ضمرة بن حبيب، به مثله، وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 309 - 310)، وعزاه أيضاً للطبراني في الكبير، وقال:"إسنادهما حسن". =

ص: 2996

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= دراسه الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي بالانقطاع، وضعف أبي بكر بن أبي مريم.

أما الانقطاع فيقصد به بين ضمرة بن حبيب، وأبي الدرداء، لأن أبا الدرداء توفي في خلافة عثمان رضي الله عنهما سنة اثنتين وثلاثين.

أما ضمرة بن حبيب بن صهيب الزُّبيدي، أبو عتبة الحمصي، فإنه ثقة، وكانت وفاته سنة ثلاثين ومائة، فالفرق بين وفاته ووفاة أبي الدرداء يقرب من مائة عام، ومثل هذا الفرق يستبعد معه أن يكون سمع منه، خاصة إذا ما أضيف إليه سِنّ التحمل، إلا أن يكون من المعمرين. ولم أجد من وصفه بذلك./ انظر الجرح والتعديل (4/ 467 رقم 2051)، والتهذيب (4/ 459 رقم 792)، و (8/ 176)، والتقريب (1/ 374 رقم 25).

وأما أبو بكر بن أبي مريم فتقدم في الحديث (712) أنه ضعيف، غير أنه لم ينفرد بالحديث كما سبق، بل تابعه معاوية بن صالح.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد للانقطاع المتقدم بيانه، وأما أبو بكر بن أبي مريم فتقدم أنه لم ينفرد بالحديث، والله أعلم.

ص: 2997

1012 -

حديث أسماء بنت عُمَيْس مرفوعاً:

"بئس العبد (عبد)(1) تخيّل (و)(1) اختال، ونسي الكبير المتعال

" الحديث.

قال: صحيح.

قلت: إسناده مظلم.

(1) ما بين القوسين ليس في (أ).

1012 -

المستدرك (4/ 316): حدثنا علي بن بندار الزاهد، حدثني أبو بكر محمد بن سليمان بن يوسف السليطي، ثنا علي بن سعيد النسوي، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا هاشم بن سعيد الكوفي، ثنا زيد بن عبد الله الخثعمي، عن أسماء بنت عميس الخثعمية رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "بئس العبد عبد تخيل واختال، ونسي الكبير المتعال. بئس العبد عبد سهى، ولهى، ونسي المبدأ والمنتهى. بئس العبد عبد بنى وعتا، ونسي المقابر والبُلى. بئس العبد عبد يختل الدنيا بالدين. بئس العبد يختل الدين بالشبهات. بئس العبد عبد يصده الرعب عن الحق. بئس العبد عبد طَمَع يقوده. بئس العبد عبد هوى "يضله".

قال الحاكم عقبه: "هذا حديث ليس في إسناده أحد منسوب إلى نوع من الجرح، وإذا كان هكذا، فإنه صحيح، ولم يخرجاه".

تخريجه:

الحديث أخرجه الترمذي في سننه (7/ 142 - 144 رقم 2565) في صفة القيامة، باب منه.

وابن أبي عاصم في السنة (1/ 10 - 11 رقم 10).

والطبراني في الكبير (24/ 156 - 157 رقم 401). =

ص: 2998

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (1/ 455).

جميعهم من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن هاشم بن سعيد، به، ولفظ ابن أبي عاصم مختصر، ولفظ الترمذي والطبراني نحوه، وعندهما زيادة:

"بئس العبد عبد تجبّر واعتدى، ونسي الجبار الأعلى".

قال الترمذي عقبه: "هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بالقوي".

وذكر التبريزي في "مشكاة المصابيح"(3/ 1415) أن البيهقي أخرجه أيضاً في شعب الِإيمان، وقال -أي البيهقي-:"ليس إسناده بالقوي".

ثم أخرجه المزي في الموضع السابق من طريق شاذ بن فياض، عن هاشم، عن زيد بن عطية السلمي، عن أسماء، به نحوه.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"إسناده مظلم".

وفي سنده زيد الخثعمي، كذا عند الترمذي، وابن أبي عاصم، والطبراني، وفي المستدرك وتلخيصه: زيد بن عبد الله الخثعمي، وفي رواية شاذ بن فياض المتقدمة عند المزي في تهذيب الكمال نسبه: هكذا: زيد بن عطية السلمي، وعلى هذا جرى في التهذيب (3/ 418 - 419 رقم 767)، والتقريب (1/ 276 رقم 197) فقال: زيد بن عطية الخثعمي، أو السلمي، وقال في التقريب:"مجهول".

وفي سنده أيضاً هاشم بن سعيد، أبو إسحاق الكوفي، ثم البصري، وهو: ضعيف. / الكا مل (7/ 2573 - 2574)، والتقريب (2/ 314 رقم 37)، والتهذيب (11/ 17 - 18 رقم 37).

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لجهالة زيد الخثعمي، وضعف هاشم بن سعيد. =

ص: 2999

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وله شاهد من حديث نعيم بن همار الغطفاني.

أخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 1429).

وابن أبي عاصم في السنة (1/ 10 رقم 9).

كلاهما من طريق طلحة بن زيد الرقي، عن ثور بن يزيد، عن يزيد، عن يزيد بن شريح، عن نعيم بن همار الغطفاني، رفعه، ولفظ ابن عدي نحوه، ولفظ ابن أبي عاصم مختصر.

وذكره السيوطي في الجامع الصغير (3/ 211 - 212 رقم 3179) وعزاه للطبراني، والبيهقي في شعب الإيمان، ورمز له بالضعف.

قلت: والحديث بهذا الإسناد موضوع، في سنده طلحة بن زيد الرقي، وتقدم في الحديث (520) أنه: يضع الحديث، والله أعلم.

ص: 3000

1013 -

حديث بلال مرفوعاً:

"يا بلال، إلق الله فقيراً، (ولا تلقه)(1) غنياً

" الحديث.

قال: صحيح.

قلت: واه.

(1) في (أ) و (ب): (ولا تلقاه)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

1013 -

المستدرك (4/ 316): حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، ثنا أبو عبد الله الحسين بن موسى بن خلف الرسعي، ثنا أبو فروة يزيد بن محمد الرهاوي، ثنا أبي، عن أبيه، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي سعيد الخدري، عن بلال رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

"يا بلال إلق الله فقيراً، ولا تلقه غنيا"، قال: قلت: وكيف لي بذلك يا رسول الله؟ قال: "إذا رزقت فلا تخبأ، وإذا سئلت فلا تمنع"، قال: قلت: وكيف لي بذلك يا رسول الله؟ قال: "هو ذاك، وإلا فالنار".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن السني في القناعة (ص 38 رقم 53) من طريق أبي فروة يزيد بن محمد، به مثله، وقرن معه طريقاً أخرى يرويها يزيد بن سنان، ثنا أبي، ثنا عطاء، عن بلال، به. وأخرجه الطبراني في الكبير (1/ 323 - 324 رقم 1021) من طريق طلحة بن زيد، عن يزيد بن سنان، عن أبي المبارك، عن أبي سعيد الخدري، عن بلال رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بلال مت فقيراً، ولا تمت غنياً"، قلت: وكيف بذاك؟ قال: "ما رزقت فلا تخبأ، وما سئلت فلا تمنع"، فقلت: يا رسول الله، كيف لي بذاك؟ فقال:"هو ذاك، أو النار".

وأخرجه أيضا برقم (1022) بإسناده عن أبي سعيد، عن بلال، قال: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي شيء من تمر، فقال: =

ص: 3001

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "ما هذا؟! " فقلت: ادخرناه لشتائنا، فقال:"أما تخاف أن ترى له بخاراً في جهنم".

وأخرجه أيضاً أبو الشيخ في كتاب "الثواب" -كما في الترغيب (2/ 40) -.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي بقوله:"واه"، والحديث هنا من طريق أبي فروة يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي، ويروي الحديث عن أبيه محمد، وأبوه يرويه عن أبيه يزيد بن سنان الرهاوي الذي تقدم في الحديث (594) أنه: ضعيف.

وابنه محمد ليس بالقوي./ الكامل (6/ 2263 - 2264)، والتهذيب (9/ 524 - 525 رقم 860)، والتقريب (2/ 219 رقم 825).

ورواية الطبراني للحديث من طريق يزيد بن سنان أيضاً، إلا أن فيها اختلافاً عن رواية الحاكم، فيزيد عند الحاكم يروي الحديث عن عطاء بن أبي رباح، وعند الطبراني يرويه عن أبي المبارك، لكن الراوي للحديث عنه عند الطبراني هو طلحة بن زيد القرشي، ولا يعوّل على روايته لأنه يضع الحديث كما تقدم بيان ذلك في الحديث رقم (520).

وأما رواية ابن السني الأخرى التي فيها رواية يزيد بن سنان للحديث عن أبيه، عن عطاء، عن بلال، فلست أدري هل الاختلاف من يزيد مع ضعفه، أو من شيخ ابن السني، أو شيخ شيخه، فإني لم أجد لهما ترجمة.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لضعف يزيد بن سنان، وابنه محمد.

وأما رواية الطبراني ففي سندها طلحة بن زيد وهو يضع الحديث كما تقدم، مع مخالفته لرواية الحاكم هذه.

وأما رواية ابن السني فمدارها أيضاً على يزيد بن سنان، وسواء كان الاختلاف منه، أو ممن دونه فهي ضعيفة أيضاً، والله أعلم.

ص: 3002

1014 -

حديث حذيفة مرفوعاً:

" (من أصبح و)(1) الدنيا أكبر همّه فليس من الله في شيء، ومن لم يتق الله فليس من الله في شيء

" الحديث.

قلت: فيه إسحاق بن بشر الجاري، وهو (عدم)(2)، وأحسب الخبر موضوعاً.

(1) في (أ): (من جعل)، وفي (ب) بياض بقدرها، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

(2)

في (أ) و (ب): (عقيم)، وما أثبته من التلخيص المخطوط والمطبوع.

1014 -

المستدرك (4/ 317): حدثنا جعفر بن محمد الخلدي، ثنا الحسن بن علي القطان، ثنا إسماعيل بن العطار، ثنا إسحاق بن بشر، ثنا سفيان الثوري، عن الأعمش عن شقيق (بن) سلمة، عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:

"من أصبح والدنيا أكبر همه فليس من الله في شيء، ومن لم يتق الله فليس من الله في شيء، ومن لم يهتم للمسلمين عامة فليس منهم".

تخريجه:

الحديث أخرجه الخطيب في تاريخه (9/ 373) من طريق إسحاق بن بشر، به مختصراً بلفظ:"من أصبح وهمه الدنيا فليس من الله في شيء".

ومن طريق الخطيب أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (3/ 132)، وقال:

"هذا حديث لا يصح والمتهم به إسحاق، قال الدارقطني: كذاب، متروك، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات، لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب": وتعقبه السيوطي بطريقين آخرين للحديث عن حذيفة، وبطرق أخرى عن غير حذيفة سيأتي ذكرها، ثم قال: "فبان بهذا =

ص: 3003

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= براءة إسحاق من عهدته"./ اللآليء (2/ 317)، ولم يتعقبه ابن عراق بشيء.

وأما الطريقان اللذان ذكرهما السيوطي عن حذيفة فهما:

1 -

قال: هناد بن السري في الزهد: حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن أبان، عن أبي العالية، عن حذيفة -أراه قد رفعه- قال:"من أصبح وأكبر همه في الله فليس من الله في شيء".

قلت: وهذا الحديث ليس في المطبوع من الزهد لهناد.

2 -

قال السيوطي أيضاً: قال ابن لال في "مكارم الأخلاق": أنبأنا أحمد بن عبيد، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا الجعفري، حدثنا (عبد الله) بن سلمة بن أسلم، (عن عقبة) بن شدّاد الجُمَحي، عن حذيفة بن اليمان رفعه:"من أصبح والدنيا أكبر همه فليس من الله في شيء".

دراسة الِإسناد:

الحديث أخرجه الحاكم، ولم يتكلم عنه بشيء، وأعلّه الذهبي بإسحاق بن بشر، ثم قال:"وأحسب الخبر موضوعاً".

وإسحاق هذا هو: ابن بشر البخاري، أبو حذيفة، وقد كذّبه ابن المديني، وابن أبي شيبة، والدارقطني، وقال ابن حبان، والنقّاش: يضع الحديث.

وقال ابن الجوزي: أجمعوا على أنه كذاب./ انظر المجروحين (1/ 135)، والميزان (1/ 184 رقم 739)، واللسان (1/ 354 - 355 رقم 1096).

والتقريب (1/ 31 رقم 164)، والتهذيب (1/ 97 - 101 رقم 174).

وأما الطريق التي رواها هناد، وذكرها عنه السيوطي، ففي سندها أبان بن أبي عيّاش فيروز البصري، أبو إسماعيل العبدي، وهو متروك. / الكامل (1/ 372 - 378)، والتقريب (1/ 31 رقم 164)، والتهذيب (1/ 97 - 101 رقم 174). =

ص: 3004

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأما الطريق الأخرى التي ذكر السيوطي أن ابن لال أخرجها في مكارم الأخلاق، ففي سندها عبد الله بن سلمة بن أسلم، وقد ضعّفه الدارقطني وغيره، وقال أبو نعيم: متروك. اهـ. من الميزان (2/ 431 رقم 4362).

وشيخ ابن سلمة هو عقبة بن شداد لا يعرف، قاله الذهبي في الميزان (3/ 85 رقم 5687)، وقال في هذا الموضع عن عبد الله بن سلمة:"منكر الحديث".

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم موضوع لنسبة إسحاق بن بشر إلى الكذب ووضع الحديث. والِإسنادان الآخران اللذان أخرجهما هناد، وابن لال ضعيفان جدا؛ لما تقدم في دراسة الِإسناد عنهما، وكذا قال الشيخ الألباني في سلسلته الضعيفة (1/ 320 - 321 رقم 309).

وللحديث شاهد من حديث أبي ذر، وأنس، وابن مسعود رضي الله عنهم.

أما حديث أبي ذر رضي الله عنه، فأخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 294 رقم 474) من طريق يزيد بن ربيعة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي ذر قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"من أصبح وهمه الدنيا، فليس من الله في شيء، ومن لم يهتمّ بالمسلمين، فليس منهم، ومن أعطى الذُّلَّ من نفسه طائعاً غير مكره، فليس منا".

قال الهيثمي في المجمع (10/ 248): "فيه يزيد بن ربيعة الرحبي، وهو متروك".

وأما حديث أنس رضي الله عنه، فذكره السيوطي في اللآليء (2/ 316 و316 - 317) من طريقين، أخرج الأولى منهما: ابن النجار، والثانية: المُخَلِّص، ومن طريقه ابن النجار، وفي الطريق الأولى أبان بن =

ص: 3005

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبي عياش وتقدم قريباً أنه: متروك، وفي الأخرى وهب بن راشد الرّقي وهو متروك، قال ذلك الدارقطني، وقال أبو حاتم: منكر الحديث حدث بأحاديث بواطيل. وقال العقيلى: منكر الحديث. وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به بحال. وقال ابن عدي: ليس حديثه بالمستقيم، أحاديثه كلها فيها نظر. اهـ. من الكامل (7/ 2529 - 2530)، واللسان (6/ 230 - 231 رقم 823).

وأما حديث ابن مسعود فهو الآتي بعد حديثين برقم (1018)، وهو: موضوع.

وبالجملة فالحديث لا يثبت بشيء من هذه الطرق لأن أمثلها ضعفه شديد كما تقدم والله أعلم.

ص: 3006

1015 -

حديث أبي ذر مرفوعاً:

"من (شان)(1) على مسلم

" الحديث.

قال: صحيح.

قلت: سنده مظلم.

(1) في (أ): (سل)، وفي (ب):(سال)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.

1015 -

المستدرك (4/ 318): حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، ثنا محمد بن أحمد بن برد الأنطاكي، ثنا محمد بن عيسى بن الطباع، ثنا أبو معاوية، ثنا عبد الله بن ميمون، عن موسى بن مسكين، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من شأن على مسلم كلمة يشينه بها بغير حق أشانه الله بها في النار يوم القيامة".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب "الصمت"(ص 360 رقم 258) من طريق علي بن الجعد، عن أبي معاوية، به نحوه، إلا أنه قال:"من أشاد".

وذكره الحافظ العراقي في تخريج الِإحياء (3/ 151)، وعزاه أيضاً للطبراني في مكارم الأخلاق، ولم أجده في المطبوع، ثم قال العراقي:"فيه عبد الله بن ميمون، فإن يكن القداح، فهو متروك".

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"سنده مظلم"، على عادته في الإسناد الذي يوجد فيه مجاهيل.

وهذا الِإسناد فيه موسى بن مسكين الذي يروي الحديث عن أبي ذر، ولم أجد من ذكره حتى ابن حبان في كتاب الثقات برغم شموله لكثير من المتقدمين من أمثاله إلا أني لم أجده قد ذكره. =

ص: 3007

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والراوي عنه عبد الله بن ميمون، فإن كان القداح فقد تقدم في الحديث (563) أنه منكر الحديث متروك، وإن كان غيره فلم أستطيع تمييزه عن سواه لأن في طبقته رواة آخرين بهذا الاسم./ انظر التهذيب (6/ 49)، واللسان (3/ 368 - 369).

الحكم على الحديث:

الحديث تقدم أن في سنده موسى بن مسكين ولم أجد من ترجمه، وعبد الله بن ميمون ولم أستطع تمييزه عن غيره، والحكم على الحديث متوقف على معرفة حاليهما، والله أعلم.

ص: 3008

1016 -

حديث أبي بن كعب مرفوعاً:

"بشر أمتي بالسناء، والرفعة، والتمكين في البلاد، ما لم يطلبوا الدنيا بعمل الآخرة

" الحديث (1).

قال: صحيح.

قلت: فيه من الضعفاء محمد بن أَشْرس السلمي، وغيره.

(1) من قوله: (والتمكين) إلى هنا ليس في (ب).

1016 -

المستدرك (4/ 318): حدثنا أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن القاري، حدثني خالي محمد بن الأشرس السلمي، ثنا عبد الصمد بن حسان، ثنا سفيان الثوري، حدثني أبو سلمة الخراساني، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

"بشر أمتي بالسناء، والرفعة، والتمكن في البلاد، ما لم يطلبوا الدنيا بعمل الآخرة، فمن طلب الدنيا بعمل الآخرة لم يكن له في الآخرة من نصيب".

تخريجه:

الحديث أعاده الحاكم هنا، وكان قد رواه (4/ 311): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا زيد بن الحباب، ثنا سفيان الثوري، عن المغيرة الخراساني (وهو أبو سلمة)، فذكره بنحوه، وقال:"صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه"، وأقره الذهبي.

والحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 134مرتين).

وابنه عبد الله في زوائده على المسند في الموضع نفسه.

ومن طريق أحمد أخرجه الخطيب في الموضح (2/ 418).

وأخرجه أبو نعيم في الحلية (10/ 290). =

ص: 3009

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والخطيب في الموضح أيضاً (2/ 417).

والبغوي في شرح السنة (14/ 335 رقم 4145).

جميعهم من طريق سفيان، به نحوه، إلا أن الربيع بن أنس سقط من إسناد البغوي.

وأخرجه أحمد أيضاً في الموضع السابق.

ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (9/ 42).

وأخرجه ابن حبان (ص 618 رقم 2501).

والدولابي في الكنى (1/ 180).

وأبو نعيم في الحلية (1/ 255).

والبغوي في شرح السنة (4/ 334 - 335 رقم 4144).

جميعهم من طريق عبد العزيز بن مسلم، عن الربيع بن أنس، به نحوه.

وأخرجه أحمد في الموضع السابق من طريق قبيصة، عن سفيان، عن أيوب، عن أبي العالية، به نحوه.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"فيه من الضعفاء محمد بن أشرس السلمي، وغيره".

ومحمد بن أشرس السلمي النيسابوري متروك -كما قال الذهبي في ديوان الضعفاء (ص 266 رقم 3606).

وقال في الميزان (3/ 485 - 486 رقم 7246): "متهم في الحديث"، وذكر أنه تركه ابن الأخرم الحافظ، وغيره، وذكر عن أبي الفضل السليماني أنه قال: لا بأس به. وفي اللسان (5/ 84 رقم 273) ذكر أن الدارقطني ضعفه. =

ص: 3010

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأما قول الذهبي: "وغيره" فيقصد به عبد الصمد بن حسان المروزي، ويقال: المروروذي، الذي روي عن الِإمام أحمد أنه تركه، لكن دافع عنه الذهبي في الميزان (2/ 620 رقم 5071) بقوله:"لم يصح هذا" يعني النقل عن الإمام أحمد وقال: "هو صدوق -إن شاء الله-"، ونقل عن البخاري أنه قال: كتبت عنه، وهو مقارب، وذكر في اللسان (4/ 20 رقم 53) أن ابن حبان وثقه، وعليه فيكون الذهبي قد تراجع عن تضعيفه بما سبق نقله عنه من الحكم عليه بقوله:"صدوق". ولم ينفرد محمد بن أشرس بالحديث، فإنه روي من طرق أخرى تقدم ذكرها، ومنها الطريق التي أخرجها الحاكم نفسه، وصححها، وأقره الذهبي.

والحديث كما تقدم يرويه الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب رضي الله عنه.

وأبو العالية اسمه رُفَيع -بالتصغير-، ابن مهران الرياحي، وهو ثقة كثير الِإرسال، من رجال الجماعة./ الجرح والتعديل (3/ 510 رقم 2312)، والتقريب (1/ 252 رقم 105)، والتهذيب (3/ 284 رقم 539).

والربيع بن أنس البكري، -أو- الحنفي صدوق، قال أبو حاتم: صدوق، وهو أحب إلي في أبي العالية من أبي خلدة، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال العجلي: بصري صدوق، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: الناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر عنه، لأن في أحاديثه عنه اضطراباً كثيراً، وقال ابن معين: كان يتشيع فيفرط. اهـ. من الجرح والتعديل (3/ 454 رقم 2054).

والتهذيب (3/ 238 - 239 رقم461).

قلت: وقد دفع تهمة التشيع هذه الشيخ عبد العزيز التخيفي في رسالته عن المتكلم فيهم من رجال التقريب (1/ 397 - 400)، وشكك في ثبوت هذا القول عن ابن معين، ورجح أن هذا الراوي صدوق. =

ص: 3011

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والحديث رواه عن الربيع اثنان أخوان هما: عبد العزيز بن مسلم، وأبو سلمة المغيرة بن مسلم، الخراسانيان.

أما عبد العزيز بن مسلم القَسْمَلي -بفتح القاف، وسكون المهملة، وفتح الميم مخففاً-، أبو زيد المروزي، ثم البصري، فهو ثقة، وثقه ابن معين، وأبو حاتم والعجلي، وغيرهم، وروى له الشيخان./ الجرح والتعديل (5/ 394 - 395 رقم 1831)، والتهذيب (6/ 356 - 357 رقم 680).

وأما أخوه المغيرة فهو صدوق./ الجرح والتعديل (8/ 229 رقم 1031)، والتقريب (2/ 270 رقم 1327)، والتهذيب (10/ 268 - 269 رقم 481).

وعن المغيرة رواه سفيان الثوري وتقدم في الحديث (657) أنه: ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة.

وعن عبد العزيز رواه عبد الرحمن بن مهدي، وتقدم في الحديث (657) أيضاً أنه: ثقة ثبت حافظ، عارف بالرجال والحديث.

وعن سفيان رواه عبد الرزاق وغيره، وعبد الرزاق تقدم في الحديث (984) أنه: ثقة حافظ عمي فتغير، ورواه عن عبد الرزاق وعبد الرحمن: الِإمام أحمد في المسند كما تقدم.

وقد تابع الربيع عليه أيوب السختياني عند الإمام أحمد كما تقدم.

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم هذا ضعيف جداً لشدة ضعف محمد بن أشرس، وأما عبد الصمد بن حسان فلا يثبت جرحه كما تقدم تفصيله، والحديث صحيح لغيره كما يتضح من دراسة الِإسناد، والله أعلم.

ص: 3012

1017 -

حديث عبد الله مرفوعاً:

"تحفة المؤمن: الموت".

قال: صحيح.

قلت: فيه (ابن)(1) زياد، وهو الِإفريقي، وهو ضعيف (2).

(1) ما بين القوسين ليس في (أ).

(2)

في (ب): (قلت: ابن زياد الإفريقي ضعيف)، وما أثبته من (أ).

1017 -

المستدرك (4/ 319): أخبرنا الحسن بن حكيم المروزي، أنبأ أبو الموجه، أنبأ عبدان، أنبأ عبد الله، أخبرني يحيى بن أيوب، عن بكر بن عمرو، عن عبد الرحمن بن زياد، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال، فذكره بلفظه.

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق عبد الله بن المبارك، عن يحيى بن أيوب، به.

وابن المبارك أخرجه في الزهد (ص 212 رقم 599) بمثل لفظه هنا.

وأخرجه عبد بن حميد في مسنده (1/ 308 رقم 347).

وأبو نعيم في الحلية (8/ 185).

والقضاعي في مسند الشهاب (1/ 120 - 121 رقم 150).

والبغوي في شرح السنة (5/ 271 رقم 1454).

جميعهم من طريق ابن المبارك، به مثله.

وذكره في مشكاة المصابيح (1/ 505) وعزاه للبيهقي في الشعب.

وذكره المنذري في الترغيب (4/ 168) وقال: "رواه الطبراني بإسناد جيد". =

ص: 3013

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وذكره الهيثمي في المجمع (2/ 320) وقال: "رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات".

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي بضعف الإِفريقي، وهو عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، الإِفريقي ضعيف في حفظه، وكان رجلًا صالحاً./ الكامل (4/ 1590 - 1591)، والتقريب (1/ 480 رقم 938)، والتهذيب (6/ 173 - 176 رقم 355).

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإِسناد لضعف الإِفريقي في حفظه، وأما طريق الطبراني التي تقدم كلام المنذري والهيثمي عنها فإن كانت من طريق الِإفريقي فهي ضعيفة، وإلا فتنظر، والله أعلم.

ص: 3014

1018 -

حديث ابن مسعود مرفوعاً:

"من أصبح وهمه غير الله، فليس من الله في شيء

" الحديث.

قلت: فيه إسحاق بن بشر، ومقاتل بن سليمان (1)، وليسا بثقتين، ولا صادقين.

(1) قوله: (ابن سليمان) ليس في (ب).

1018 -

المستدرك (4/ 320): حدثنا عبد الباقي بن قانع الحافظ ببغداد، ثنا عبيد الله بن أحمد بن الحسن المروزي، ثنا إسحاق بن بشر، ثنا مقاتل بن سليمان، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعهد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:"من أصبح وهمه غير الله، فليس من الله في شيء، ومن لم يهتم للمسلمين، فليس منهم".

تخريجه:

الحديث أخرجه أبو القاسم بن بشران في أماليه -كما في اللآليء للسيوطي (2/ 317) - من طريق عبد الباقي بن قانع، به نحوه.

دراسة الِإسناد:

الحديث سكت عنه الحاكم، وأعله الذهبي بإسحاق بن بشر، ومقاتل بن سليمان.

أما إسحاق بن بشر فتقدم في الحديث (1014) أنه كذاب يضع الحديث.

وأما مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي، الخراساني، أبو الحسن البلخي، فقد كذبوه، وهجروه، ورمي بالتجسيم./ الكامل (6/ 2427 - 2431)، والتقريب (2/ 272 رقم 1346)، والتهذيب (10/ 279 - 285 رقم 501). =

ص: 3015

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الحكم على الحديث:

الحديث موضوع بهذا الإِسناد لنسبة إسحاق ومقاتل إلى الكذب.

وللحديث شواهد تقدم ذكرها في الحديث رقم (1014)، لكن لا يثبت الحديث بشيء منها، لأن أمثلها شديد الضعف كما مر هناك، والله أعلم.

ص: 3016

1019 -

حديث ابن عباس مرفوعاً:

"هكذا الِإخلاص" -يشير بإصبعه التي تلي الِإبهام

الحديث (1).

قال: صحيح.

قلت: ذا منكر بمرّة.

(1) من قوله: (يشير) إلى هنا ليس في (ب).

1019 -

المستدرك (4/ 320): حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أنبأ الحسن بن علي بن زياد، ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، ثنا سليمان بن بلال، عن عباس بن عبد الله بن معبد بن عباس، عن أخيه إبراهيم، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:"هكذا الإخلاص"، يشير بإصبعه التي تلي الإبهام، "وهذا الدعاء"، فرفع بديه حذو منكبيه، "وهكذا الابتهال" فرفع يديه مدّاً.

دراسة الإسناد:

الحديث أعله الذهبي بالنكارة، وذلك لتفرد الحسن بن علي بن زياد به، حيث لم أجد من تابعه عليه، وهو الحسن بن علي بن زياد السُّرِّي، ذكره المزي في تهذيب الكمال (2/ 839) في الرواة عن عبد العزيز الأويسي، وذكره السمعاني في الأنساب (7/ 136)، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وترجمته عنده هكذا:"والحسن بن علي بن زياد السُّرِّي، يروي عن أحمد بن الحسن اللهبي، حدث عنه أبو بكر بن إسحاق الصِّبغي النيسابوري"، وعليه فهو مجهول.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لجهالة الحسن بن علي بن زياد، وتقدم بيان أن النكارة التي ذكرها الذهبي لتفرد الحسن هذا بالحديث، والله أعلم.

ص: 3017

1025 -

حديث علي مرفوعاً:

"إن أهل المعروف في الدنيا، هم أهل المعروف في الآخرة"(1).

قال: صحيح.

قلت: فيه الأصْبَغ بن نُباتة، وهو واه، وحِبّان بن علي، وقد ضعفوه (2).

(1) من قوله: (في الدنيا) إلى هنا ليس في (ب).

(2)

في (ب): (قلت: فيه الأصبغ بن نباتة واه).

1020 -

المستدرك (4/ 321): حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، ثنا جعفر بن محمد بن سوار، ثنا عبد الرحمن بن القاسم الكوفي بمصر، ثنا حبان بن علي، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا علي، اطلبوا المعروف من رحماء أمتي تعيشوا في أكنافهم، ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم، فإن اللعنة تنزل عليهم. يا علي، إن الله تعالى خلق المعروف، وخلق له أهلًا، فحببه إليهم، وحبب إليهم فعاله، ووجه إليهم طلابه كما وجّه الماء في الأرض (الجدبة) لتحيى به، ويحيى بها أهلها. يا علي، إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة".

تخريجه:

الحديث أخرجه الخطيب في تاريخه (2/ 244) و (11/ 326) من طريق أبي عمر محمد بن الحسين بن عمران البغدادي، سمعت محمد بن عبد الله بن خليس، ومن طريق أبي هاشم أيوب بن محمد، كلاهما يرويه عن أبي عثمان بكر بن محمد المازني، عن سيبويه، عن الخليل بن أحمد العروضي، عن ذر الهمداني، عن الحارث العكلي، عن علي بن أبي طالب قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: =

ص: 3018

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة".

ومن طريق الخطيب أخرجه ابن الجوزي في العلل (2/ 16 رقم 836 و 837).

قال الخطيب عن الطريق الأولى: "محمد بن الحسين هذا هو الذي يسمي نفسه: لا حقاً، وكان يضع الحديث"، وقال ابن الجوزي عن الطريق الأخرى:"أيوب بن محمد مجهول الحال".

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي بالأصبغ بن نباتة، وحبان بن علي.

أما الأصبغ بن نباتة فقد تقدم في الحديث (552) أنه: متروك، ورمي بالوضع.

وأما حبان بن علي العَنَزي، أبو علي الكوفي فإنه ضعيف./ الجرح والتعديل (3/ 270 رقم 1208)، والكامل (2/ 833 - 835)، والتهذيب (2/ 173 - 174 رقم 314)، والتقريب (1/ 147 رقم 98).

وفي الِإسناد من هو أشد ضعفاً من حبان بن علي، ولم يذكره الذهبي، وهو سعد بن طريف الذي يروي الحديث عن الأصبغ، وتقدم في الحديث (552) أيضاً أنه: متروك، رافضي، ورماه ابن حبان بالوضع.

وأما الطريقان اللذان أخرجهما الخطيب كما سبق، فتقدم النقل عن الخطيب أنه قال عن محمد بن الحسين بن عمران البغدادي:"يضع الحديث".

وأما الطريق الأخرى فتقدم أن ابن الجوزي أعلها بجهالة حال أبي هاشم أيوب بن محمد.

ومدار كلا الطريقين على أبي عثمان بكر بن محمد المازني، عن سيبويه، =

ص: 3019

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن الخليل بن أحمد، عن ذر الهمداني، عبد الحارث العكلي، عن علي رضي الله عنه.

أقول: والحارث بن يزيد العكلي لم يسمع من أحد من الصحابة، فهو من أتباع التابعين -كما في ثقات ابن حبان (6/ 170)، والتهذيب (2/ 163 رقم 287).

وأبو عثمان بكر بن محمد بن عدي بن حبيب المازني لم أجد من وثقه، وله ترجمة في لسان الميزان (2/ 57 رقم 214)، وقال عنه الحافظ ابن حجر:"كان شيعياً إمامياً على رأي ابن هيثم، ويقول بالإرجاء".

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم موضوع لما تقدم في دراسة الإسناد، وأحد طريقي الخطيب موضوع أيضاً لنسبة البغدادي إلى الموضع، والأخرى ضعيفة جداً للعلل المذكورة في دراسة الِإسناد، وبعض الحديث ثبت من طرق أخرى، حيث روي من حديث عمر، وسلمان، وأبي موسى، وابن عمر، وأبي الدرداء، وابن عباس، وأبي هريرة، وأبي أمامة، وقبيصة بن برمة، وأم سلمة رضي الله عنهم أجمعين-، وروي مرسلاً من طريق ابن المسيب، ولبعضه الآخر شاهد من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه.

1 -

أما حديث عمر، وسلمان، وأبي موسى رضي الله عنهم فهو حديث واحد، مداره على أبي عثمان النهدي، وعنه عاصم الأحول، واختلف عليه فيه، فرواه بعضهم عن عمر مرفوعاً، وبعضهم وقفه على عمر، وبعضهم أرسله، وبعضهم رواه عن سلمان مرفوعاً، وبعضهم وقفه، ورواه بعضهم عن أبي موسى.

وقد تطرق لهذا الاختلاف الدارقطني في العلل، والأفراد، فسئل في العلل من المطبوع (2/ 244 - 246) عن حديث أبي عثمان النهدي، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أهل المعروف في الدنيا =

ص: 3020

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة".

فقال -رحمه الله تعالى-: "يرويه عاصم بن سليمان الأحول، واختلف عنه. فرواه مؤمل، عن الثوري، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه هشام بن لاحق، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن سلمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وكلاهما وهم.

والصواب: ما رواه حماد بن زيد، وغيره، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن عمر من قوله، غير مرفوع.

ورواه علي بن مسهر، وغيره، عن عاصم، عن أبي عثمان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرسلاً.

حدثنا أبو علي المالكي، ثنا زيد بن أخزم، قال: ثنا عبد القاهر بن شعيب، قال: ثنا هشام (يعني ابن حسان)، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان، سمعت عمر على المنبر يقول: إن أهل المعروف

، الحديث.

ورواه علي بن بحر بن بري، عن عمرو بن حمران، عن هشام بن حسان، فقال فيه "أحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم". اهـ.

وفي أطراف الأفراد (ل 141 أ) في مسند سلمان، قال: "حديث: أهل المعروف في الدنيا

الحديث.

تفرد به هلال بن لاحق، عن عاصم الأحول عنه (يعني عن سلمان).

وكذلك رواه أحمد بن حنبل، عن هشام بن لاحق.

وقال مؤمّل: عن الثوري، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أبي موسى.

وتفرد به مؤمل، عن الثوري، عن عاصم، فأسنده عن أبي موسى. =

ص: 3021

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ورواه هشام بن حسان، عن عاصم، عن أبي عثمان، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول، أراه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل المعروف

" الحديث.

تفرد به عمرو بن حمران، عن هشام بهذا الإسناد، ولم يروه عنه غير علي بن بحر. ورواه شعبة، عن خارجة بن مصعب، وقيس، عن عاصم الأحول، عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلاً، وتفرد به شبابة، عن شعبة، بالجمع بين هؤلاء، وأرسله عنهم". اهـ.

قلت: والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (8/ 549 رقم 5481) من طريق أبي معاوية.

وابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج"(ص 76 رقم 16) من طريق أبي شهاب.

والبخاري في الأدب المفرد (1/ 315 رقم 223) من طريق عبد الواحد وعبد الله بن أحمد في زوائده على الزهد (ص 478) من طريق إسماعيل بن إبراهيم.

جميعهم عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره هكذا مرسلاً، بلفظ:"أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة"، والبخاري روى شطره الأول، وفيه: "إن أهل

" الحديث.

وأخرجه الطبراني في الصغير (1/ 73 - 74)، والأوسط -كما في مجمع البحرين (ص 414/ النسخة المكية).

وابن عدي في الكامل (7/ 2568).

وابن الجوزي في العلل (2/ 16 - 17 رقم 838).

ثلاثتهم من طريق أحمد بن شيبان الرملي، عن مؤمل بن إسماعيل، عن =

ص: 3022

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= سفيان الثوري، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى الأشعري، قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره بمثل لفظه السابق.

وأخرجه العقيلي في الضعفاء (4/ 337).

والطبراني في الكبر (6/ 301 - 302 رقم 6112).

كلاهما قالا: حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا هشام بن لاحق، حدثنا عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره مثل سابقه، إلا أنه قال:"إن أهل".

ورواه ابن عدي في الكامل (7/ 2568) من طريق أحمد بن هشام بن بهرام المدائني، ثنا هشام بن لاحق، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكره هكذا بجعله من مسند أبي موسى.

وبالجملة فقد رجح الحافظ الدارقطني رواية من رواه عن عمر موقوفاً كما سبق.

2 -

وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما فلفظه مثل اللفظ السابق.

أخرجه البزار في مسنده (4/ 102).

والخطيب في الموضح (2/ 85)، وفي تلخيص المتشابه (1/ 490).

وابن الجوزي في العلل (2/ 15 - 16 رقم 835).

ثلاثتهم من طريق خازم بن مروان أبو محمد الكوفي، عن عطاء بن السائب عن نافع، عن ابن عمر، به.

رواه الخطيب من طريقين عن خازم، وأحد لفظيه بمثله، لكن بشطره الأول فقط، والآخر مثله، إلا أنه قال:"إن أهل"، وفيه زيادة.

قال البزار عقبه: "لا نعلم أسند عطاء، عن نافع إلا هذا".

وقال الهيثمي في المجمع (7/ 262): "فيه خازم أبو محمد، قال أبو حاتم: مجهول". =

ص: 3023

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 3 - وأما حديث أبي الدرداء رضي الله عنه فلفظه مثل سابقه.

أخرجه الخطيب في تاريخه (10/ 420).

ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (2/ 17 رقم 840).

وفي سنده هيذام بن قتيبة، قال ابن الجوزي:"مجهول".

4 -

وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فله عنه ثلاث طرق:

(أ) يرويه عبد الله بن هارون الفروي، ثنا محمد بن منصور، حدثني أبي، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم، فذكره بمثل سابقه.

وأخرجه الطبراني في الكبير (11/ 190 - 191 رقم 11460).

وقال الهيثمي في المجمع (7/ 263): "في إسناد الكبير عبد الله بن هارون الفروي وهو ضعيف".

قلت: وابن جريج تقدم في الحديث (587) أنه مدلس من الثالثة، وقد عنعن هنا، فالحديث ضعيف بهذا الِإسناد لهاتين العلتين.

وأخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 46) من طريق أبي الحسن بن أبان، ثنا أبو بكر بن عبيد، ثنا محمد بن عمرو أبو أحمد البلخي، ثنا عبد الله بن منصور الحراني، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصبهاني، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة"، قيل: وكيف ذاك؟ قال: "إذا كان يوم القيامة جمع الله أهل المعروف، فقال: قد غفرت لكم على ما كان منكم، وصانعت عنكم عبادي، ووهبت لكم حسناتكم، فهبوها اليوم لمن شئتم، لتكونوا أهل المعروف في الدنيا، وأهل المعروف في الآخرة".

وبنحو هذا السياق أخرجه ابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج"(ص 76 رقم 18)، من طريق محمد بن عمرو أبي أحمد البلخي، به. =

ص: 3024

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (ب) أخرجه الطبراني في الكبير أيضاً (11/ 71 رقم 11078) من طريق مصعب بن سعيد، ثنا موسى بن أعين، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، فذكره بمثل الشطر الأول للفظ عبد الله بن أحمد السابق.

قال الهيثمي في المجمع بعد أن ذكر قوله السابق: "وفي الآخر ليث بن أبي سليم".

قلت: ليث تقدم في الحديث (492) أنه اختلط، فلم يتميز حديثه، فتُرك. وفي سنده أيضاً مصعب بن سعيد، أبو خيثمة المصيصي، وهو ضعيف. قال ابن عدي: يحدث عن الثقات بالمناكير، ويصحف

والضعف على رواياته بيّن.

وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: "ربما أخطأ، يعتبر حديثه إذا روى عن ثقة، وبَيّن السماع في حديثه، لأنه كان مدلساً، وقد كف في آخر عمره.

وقال صالح جزرة: شيخ ضرير لا يدري ما يقول. اهـ. من الكامل (6/ 2362)، واللسان (6/ 43 - 44 رقم 167).

وعليه فالحديث ضعيف أيضاً من هذه الطريق.

(جـ) أخرجه ابن الجوزي في العلل (2/ 17 - 18 رقم 841) من طريق أحمد بن يحيى بن خالد الرقي، قال: نا عبد الله بن عبد الملك بن مروان، قال: نا أبي، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن ابن عباس، فذكره بمثل لفظ ابن أبي شيبة، والبخاري، وغيرهما.

قال ابن الجوزي عقبه: "تفرد به أحمد بن يحيى بهذا الِإسناد".

قلت: وأحمد بن يحيى هذا، وعبد الله بن عبد الملك بن مروان لم أجد من ذكرهما.

5 -

وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فله عنه طريقان:

(أ) يرويه المسيب بن واضح، عن علي بن بكار، عن هشام بن حسان، =

ص: 3025

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر بمثل سابقه.

أخرجه الطبراني في الصغير (1/ 262 - 263)، ومكارم الأخلاق (ص 78 - 79 رقم 114).

والأوسط -كما في الموضع السابق من مجمع البحرين-.

وأبو نعيم في الحلية (9/ 319).

والقضاعي في مسند الشهاب (1/ 199 - 200 رقم 301).

(ب) أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 135رقم 156) من طريق شيخه أحمد بن يحيى بن خالد بن حيّان الرقي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن يونس، عن الحسن، عن أبي هريرة، رفعه بمثل سابقه.

قال الهيثمي في المجمع (7/ 263): "رواه الطبراني في الصغير والأوسط بإسنادين في أحدهما يحيى بن خالد بن حيان الرقي، ولم أعرفه، ولا ولده أحمد، وبقية رجاله رجال الصحيح. وفي الأخير المسيب بن واضح. قال أبو حاتم:

يخطيء كثيراً، فإذا قيل له لم يرجع".

6 -

وأما حديث أبي أمامة رضي الله عنه يرفعه فلفظه:

"إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وإن أول أهل الجنة دخولاً الجنة: أهل المعروف".

أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 312 - 313 رقم 8015).

وقال الهيثمي في الموضع السابق: "فيه من لم أعرفه".

7 -

وأما حديث قبيصة بن برمة رضي الله عنه فلفظه مثل لفظ ابن أبي شيبة وغيره. =

ص: 3026

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1/ 313رقم 221).

والبزار في مسنده (4/ 102 رقم 3294) ولفظه: "إن أهل".

والطبراني في الكبر (18/ 375 - 376 رقم 960).

ومن طريقه أبو نعيم في المعرفة (2/ ل 152 أ).

قال الهيثمي في المجمع (7/ 262 - 263): "فيه علي بن أبي هاشم، قال أبو حاتم: هو صدوق، إلا أنه ترك حديثه من أجل أنه يتوقف في القرآن، وفيه من لم أعرفه".

8 -

وأما حديث أم سلمة رضي الله عنها فلفظه مثل لفظ سابقه، لكنه جزء من حديث ذكره الهيثمي في المجمع (3/ 115)، وعزاه للطبراني في الأوسط، وقال:"فيه عبيد الله بن الوليد الوصافي، وهو ضعيف".

9 -

وأما مرسل ابن المسيب رحمه الله فأخرجه البيهقي في سننه (10/ 109). في آداب القاضي، باب مشاورة الوالي والقاضي في الأمر، من طريق أشعث، أنبأ علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأس العقل بعد الإيمان بالله: التودد إلى الناس، وما يستغني رجل عن مشورة، وإن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وإن أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة".

وسنده ضعيف لإرساله، وضعف علي بن زيد بن جدعان كما تقدم في الحديث (492). وبالجملة فقوله:"إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة" صحيح لغيره بمجموع هذه الطرق.

وأما بقية الحديث فيشهد له حديث أبي بن كعب رضي الله عنه الذي أخرجه الطبراني في مكارم الأخلاق (ص 80 رقم 118) من طريق حفص بن عمر الحبطي، ثنا أبو مطرف السلمي، عن زياد النميري، عن عبد الله بن عمر، عن أبي بن كعب، فذكر حديثاً فيه قصة، وفيه أن =

ص: 3027

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله جعل للمعروف وجوهاً من خلقه حبّب إليهم المعروف، وحبب إليهم فعاله، فيسّر على طلاب المعروف طلبه إليهم، ويسر عليهم عطاءه، فهم كالغيث يرسله الله عز وجل إلى الأرض الجدبة، فيحييها، ويحيي به أهلها

" الحديث.

وحفص بن عمر الحبطي الرملي متروك، قاله الأزدي، وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال مرة: ليس بثقة، ولا مأمون، أحاديثه كذب. اهـ. من الكامل (2/ 795 - 796)، والميزان (1/ 562رقم 2133).

وعليه فبقية الحديث ضعفها شديد، فلا تثبت، والله أعلم.

ص: 3028

1021 -

حديث ابن مسعود مرفوعاً:

"اقتربت الساعة، ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصاً

" الحديث.

قال: صحيح.

قلت: هذا منكر، وفيه (بشير)(1) بن زاذان ضعفه الدارقطني، واتهمه ابن الجوزي (2).

(1) في (أ) و (ب): (بشر)، وما أثبته من المستدرك، وتلخيصه، ومصادر الترجمة.

(2)

لم أجد الدارقطني تكلم عن بشير هذا في شيء من السؤالات المطبوعة، ولا في الضعفاء والمتروكين، والنقل عنه، وعن ابن الجوزي في الميزان (1/ 238).

هذا وقد جاء التعقيب في (ب) هكذا: (قلت: ذا منكر، وفيه بشر بن زاذان).

1021 -

المستدرك (4/ 323 - 324): أخبرني محمد بن المؤمل بن الحسن، ثنا الفضل بن محمد الشعراني، ثنا النفيلي، ثنا مخلد بن يزيد، ثنا بشير بن زاذان، عن سيار أبي الحكم، عن طارق بن شهاب، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اقتربت الساعة، ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصاً، ولا يزدادون من الله إلا بعداً".

تخريجه:

الحديث مداره على مخلد بن يزيد، واختلف عليه في اسم شيخه.

فرواه الحاكم هنا من طريق النفيلي عنه، وسمي شيخه بشير بن زاذان. =

ص: 3029

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ولم أجد من أخرجه من طريق النفيلي.

لكن أخرجه الهيثم بن كليب في مسنده (ل 85 أ).

والطبراني في الكبير (10/ 15 رقم 9787).

ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (8/ 315).

وأخرجه أيضاً القضاعي في مسند الشهاب (1/ 349 رقم 597).

جميعهم من طريق هارون بن معروف، ثنا مخلد بن يزيد، عن بشير بن سلمان، عن سيار أبي الحكم، به هكذا بتسمية شيخ مخلد بشير بن سلمان.

ولفظ الهيثم والقضاعي مثل لفظ الحاكم، إلا أن آخره فيه:"ولا تزداد منهم إلا بعداً"، بدلاً من قوله:"ولا يزدادون من الله إلا بعداً".

وأما لفظ الطبراني فقال فيه: "اقتربت الساعة، ولا تزداد منهم إلا بعداً".

والحديث أخرجه الدولابي في الكنى (1/ 155) من طريق شيخه أحمد بن شعيب النسائي، قال: أنبأ عبد الحميد بن محمد، قال: حدثنا مخلد، قال: حدثنا بشير أبو إسماعيل، عن سيار أبي الحكم، فذكره مثله، ولم يذكر قوله: "ولا يزدادون

"، فرواية النسائي للحديث هنا، عن عبد الحميد بن محمد موافقة لرواية هارون بن معروف في جعل شيخ مخلد، بشير بن سلمان أبا إسماعيل.

وقد خالف النسائي في هذا راو آخر وهو: عبد الله بن محمد بن مسلم، فرواه عن عبد الحميد، وسمى شيخ مخلد مسعر بن كدام.

أخرجه أبو نعيم في الحلية (7/ 242 و8/ 315): حدثنا أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم بن موسى السهمي، ثنا عبد الله بن محمد بن مسلم، ثنا أبو عمر عبد الحميد بن محمد بن (المستام)، ثنا مخلد بن يزيد، ثنا مسعر، عن سيار أبي الحكم، فذكره بمثل لفظ الهيثم والقضاعي. =

ص: 3030

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وذكر الشيخ الألباني في سلسلته الصحيحة (4/ 15) أن الحديث أخرجه أيضاً:

المخلص في الفوائد المنتقاة (1/ 38/ 2).

وابن أبي الدنيا في العقوبات (78/ 1).

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي بـ: بشير بن زاذان.

وبشير هذا ضعيف، تقدم أن الدارقطني ضعفه، واتهمه ابن الجوزي، وقال عنه ابن معين: ليس بشيء، وذكره الساجي، وابن الجارود، والعقيلي في الضعفاء. وقال ابن عدي: أحاديثه ليس لها نور، وهو ضعيف غير ثقة، يحدث عن جماعة ضعفاء، وهو بيِّن الضعف. وقال ابن حبان: غلب الوهم على حديثه حتى بطل الاحتجاج به./ اهـ. من الكامل (2/ 453)، والميزان (2/ 328 رقم 1235)، واللسان (2/ 37 رقم 127).

والحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق مخلد بن يزيد ثنا بشير بن زاذان، وبيان حال رجاله إلى مخلد كالتالي:

النفيلي عبد الله بن محمد بن علي تقدم في الحديث (793) أنه: ثقة حافظ.

والفضل بن محمد الشعراني تقدم في الحديث (831) أنه: إمام حافظ.

وشيخ الحاكم محمد بن المؤمل بن الحسن بن ماسرجس تقدم في الحديث (831) أيضاً أن الذهبي قال عنه: "الإمام رئيس نيسابور".

وفي إسناد الحاكم تصحيف بسببه انتقد الذهبي الإسناد، وذلك بجعل شيخ مخلد هو بشير بن زاذان، بينما رواه هارون بن معروف، وعبد الحميد بن محمد، كلاهما عن مخلد، عن بشير بن سلمان أبي إسماعيل، وهو الراجح. =

ص: 3031

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فهارون بن معروف المروزي، أبو علي الخزّار، الضرير ثقة روى له الشيخان./ الجرح والتعديل (9/ 96 رقم 398)، والتهذيب (11/ 11 - 12 رقم 25)، والتقريب (2/ 313رقم 25).

وعبد الحميد بن محمد بن المستام، أبو عمر الحراني إمام مسجد حران ثقة أيضاً./ ثقات ابن حبان (8/ 401)، والتهذيب (6/ 121 رقم 247)، والتقريب (1/ 469 رقم 830).

وأما الرواية التي أخرجها أبو نعيم في الحلية من طريق عبد الله بن محمد بن مسلم، عن عبد الحميد بن محمد بن المستام بتسمية شيخ مخلد: مسعر بن كدام، فالصواب ما تقدم، لأنه من رواية أحمد بن شعيب النسائي صاحب السنن، عن عبد الحميد، والنسائي إمام حافظ ثبت./ انظر سير أعلام النبلاء (14/ 125 رقم 67)، وتذكرة الحفاظ (2/ 698 رقم 719).

أما المخالف له فهو عبد الله بن محمد بن مسلم، وعنه أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم السهمي.

وعبد الله بن محمد بن مسلم لم أجد من ترجم له، وله ذكر في مواضع من تاريخ جرجان للسهمي، ومنها ذكره في شيوخ يوسف بن إبراهيم السهمي (ص 494) والد صاحب تاريخ جرجان، وكذا في تاريخ الخطيب (14/ 325) في ترجمة يوسف أيضاً، وزاد الخطيب فقال: عبد الله بن محمد بن مسلم الإِسفراييني، ولم يتكلم عنه بجرح أو تعديل.

أما يوسف بن إبراهيم بن موسى، أبو يعقوب السهمي، فقد وثقه الخطيب في الموضع السابق.

وبيان حال بقية رجال الإسناد كالتالي:

طارق بن شهاب البجلي تقدم في الحديث (510) أنه ثقة رأى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسمع منه.

وسيار أبو الحكم العنزي الواسطي، ويقال: البصري ثقة روى له =

ص: 3032

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الجماعة./ ثقات ابن حبان (6/ 421)، والتهذيب (4/ 291 - 292 رقم 501)، والتقريب (1/ 343 رقم 627). وبشير بن سلمان الكندي، أبو إسماعيل الكوفي ثقة يغرب، روى له مسلم./ الجرح والتعديل (2/ 374 رقم 1451)، والتهذيب (1/ 465 رقم 858)، والتقريب (1/ 103 رقم 88).

ومخلد بن يزيد القرشي الحراني تقدم في الحديث (646) أنه صدوق.

وللحديث علّة خفيت على الشيخ الألباني، فصحح الحديث في الموضع السابق من السلسلة الصحيحة.

وذلك أن بشير بن سلمان أخطأ في اسم شيخه، فقال: سيار أبو الحكم، وإنما هو سيار أبو حمزة، وهو الذي يروي عن طارق بن شهاب، وأبو الحكم ثقة كما سبق، وأما أبو حمزة فمقبول./ ثقات ابن حبان (6/ 421)، والتهذيب (4/ 293 رقم 502)، والتقريب (1/ 343 رقم 628).

وقد نبّه على وهم بشير بن سلمان غير واحد من الأئمة، قال الحافظ المزي في تهذيب الكمال (1/ 565) في ترجمة سيار أبي حمزة: "روى عنه إسماعيل بن أبي خالد، وبشير أبو إسماعيل، وكان يقول فيه: سيار أبو الحكم، وهو وهم منه

، قال أبو داود في حديث سيار عن طارق، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسدّ فاقته: هو سيار أبو حمزة، ولكن بشير كان يقول: سيار أبو الحكم، وهو خطأ، وقال أحمد بن حنبل: هو سيّار أبو حمزة، وليس قولهم: سيّار أبو الحكم بشيء، أبو الحكم ما له ولطارق بن شهاب؟ إنما هو سيار أبو حمزة. وقال الدارقطني: قول البخاري -يعني في ترجمة سيار أبي الحكم-: سمع طارق بن شهاب وهم منه، وممن تابعه على ذلك، والذي يروي عن طارق هو سيّار أبو حمزة، قال ذلك أحمد، ويحيى، وغيرهما".اهـ. =

ص: 3033

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب (4/ 292) -بعد أن ذكر الكلام السابق-: "وقد تبع ابنُ حبان البخاري، فقال في الثقات: سيار بن أبي سيار، أبو الحكم الواسطي، العنزي، أخو مساور الورّاق لأمه، واسم أبي سيار: وردان، روى عن طارق بن شهاب، والشعبي، وعنه: بشير بن سلمان، وهشيم، والعراقيون. وتبع البخاري أيضاً أنه يروي عن طارق: مسلم في الكنى، والنسائي، والدولابي، وغير واحد، وهو وهم كما قال الدارقطني". اهـ.

الحكم على الحديث:

من خلال ما تقدم في دراسة الإسناد يتضح أن الحديث ضعيف بهذا الإسناد لجهالة حال سيار أبي حمزة، وأما بشير بن زاذان فالصواب أنه ليس له ذكر في إسناد هذا الحديث، وإنما هو بشير بن سلمان الثقة، والله أعلم.

ص: 3034

1022 -

حديث أبي أمامة:

لما بعث نبي الله صلى الله عليه وسلم أتت إبليس جنوده، فقالوا: قد بعث نبي (1)

الحديث.

قال: صحيح.

قلت: فيه كلثوم بن (جَبْر)(2) ضعيف.

(1) قوله: (فقالوا: قد بعث نبي) ليس في (ب).

(2)

في (أ) و (ب): (جبير)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.

1022 -

المستدرك (4/ 324): أخبرني جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، ثنا موسى بن هارون، ثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم الهذلي، ثنا أبو أسامة، ثنا كلثوم بن جبر، ثنا سليمان بن حبيب المحاربي، قال: سمعت أبا أمامة الباهلي رضي الله عنه يقول: لما بعث نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم أتت إبليس جنوده، فقالوا: قد بعث نبي الله، وخرجت أمته، فقال إبليس: أيحبون الدنيا؟ قالوا: نعم، قال: لئن كانوا يحبونها ما أبالي أن لا يعبدوا الأوثان، إنهم لن ينفلتوا مني، وأنا أغدو عليهم وأروح بثلاث: أخذ المال من غير حقه، وإنفاقه في غير حقه، وإمساكه عن حقه، والشر كله لهذا تبع.

تخريجه:

الحديث لم أجد من أخرجه من حديث أبي أمامة.

لكن أخرج ابن الجوزي في "تلبيس إبليس"(ص 43) من طريق أبي بكر القرشي، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت رضي الله عنه قال: لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم جعل ابليس -لعنه الله- يرسل شياطينه إلى أصحاب النبي -صلى اله عليه وسلم-، فيجيئون إليه بصحفهم ليس فيها شيء، فيقول لهم: ما لكم لا تصيبون منهم شيئاً؟ فقالوا: ما صحبنا صبحنا قوماً مثل هؤلاء، فقال: رويداً بهم، فعسى أن تفتح لهم الدنيا، هنالك تصيبون حاجتكم منهم. =

ص: 3035

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي بكلثوم بن جبر، فقال عنه:"ضعيف"، بينما تقدم في الحديث رقم (900) وقد سكت عنه الحاكم، فتعقبه الذهبي بقوله:"على شرط مسلم"، مع أنه من طريق كلثوم بن جبر هذا، وتقدم هناك بيان أن كلثوم بن جبر ثقة، وثقه الأكثرون، منهم أحمد، وابن معين، والعجلي، وابن حبان، ولم يجرحه سوى النسائي، ولم يفسّر جرحه، ولعل الذهبي أخذ به هنا فذكر ما ذكره.

وأما بقية رجال الإسناد فبيان حالهم كالتالي:

سليمان بن حبيب المحاربي تقدم في الحديث (855) أنه: ثقة.

وأبو أسامة حماد بن أسامة تقدم في الحديث (643) أنه: ثقة ثبت.

وإسماعيل بن إبراهيم الهذلي أبو معمر ثقة مأمون من رجال الشيخين. / الجرح والتعديل (2/ 157 رقم 527)، والتقريب (1/ 65رقم 475)، والتهذيب (1/ 273 رقم 511).

وموسى بن هارون بن عبد الله بن مروان، أبو عمران البزاز، المعروف والده بـ: الحمال ثقة عالم حافظ، أحد المشهورين بالحفظ، والثقة، ومعرفة الرجال. / تاريخ بغداد (13/ 50 - 51 رقم 7019).

وشيخ الحاكم جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، شيخ الصوفية، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد (7/ 226 - 231 رقم 3715) وقال:"ثقة صادق دين فاضل".

الحكم علي الحديث:

من خلال ما تقدم في دراسة الإسناد يتضح أن الحديث صحيح بهذا الإسناد كما قال الحاكم، وأن تضعيف الذهبي لكلثوم بن جبر في غير محله، والحديث له حكم الرفع، لأن أبا أمامة رضي الله عنه لا يمكن أن يقول مثل هذا من قبل رأيه، والله أعلم.

ص: 3036

1023 -

حديث علي بن أبي طالب مرفوعاً:

"إذا أبغض المسلمون علماءهم (1)، وأظهروا عمارة أسواقهم، وتناكحوا على جمع الدراهم، رماهم الله بأربع خصال: بالقحط من الزمان، وجور السلطان، والخيانة من ولاة الأحكام، والصَّوْلهَ من العدو".

قال: صحيح.

قلت: بل منكر، منقطع، ومحمد بن عبد ربه المذكور فيه، لا يعرف.

(1) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب)، وبعده قوله:(الحديث) إشارة لاختصار متنه.

1023 -

المستدرك (4/ 325): حدثني علي بن بندار الزاهد، ثنا أبو جعفر محمد بن أبي عون النسوي، ثنا محمد بن عبد ربه أبو تميلة، ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن ابن أبي مليكة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا أبغض المسلمون علماءهم، وأظهروا عمارة أسواقهم، وتناكحوا على جمع الدراهم، رماهم الله عز وجل بأربع خصال:

بالقحط من الزمان، والجور من السلطان، والخيانة من ولاة الأحكام، والصولة من العدو".

وقال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح الِإسناد، إن كان عبد الله بن أبي مليكة سمع من أمير المؤمنين عليه السلام".

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم بالقيد المتقدم ذكره، وتعقبه الذهبي بقوله:"بل منكر، منقطع، وابن عبد ربه لا يعرف". =

ص: 3037

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أما النكارة فيقصد بها تفرد محمد بن عبد ربه بالحديث، حيث لم أجد من تابعه عليه.

وأما الانقطاع فيقصد به نفي ما اشترطه الحاكم لصحة الحديث وهو سماع ابن أبي مليكة من علي رضي الله عنه.

ولم أجدهم نصوا على أن ابن أبي مليكة سمع من علي رضي الله عنه، أو نفوا ذلك عنه.

وفي المراسيل لابن أبي حاتم (ص 113 رقم 186) ذكر عن أبي زرعة أن رواية ابن أبي مليكة عن عمر، وعثمان مرسلة.

وفي جامع التحصيل (ص 260)، نقل عن الترمذي: أن ابن أبي مليكة لم يدرك طلحة بن عبيد الله، وطلحة رضي الله عنه قتل سنة (36 هـ) -كما في التهذيب (5/ 20 - 22) -.

وابن أبي مليكة رحمه الله مات سنة سبع عشرة ومائة، وقيل ثمان عشرة -كما في التهذيب (5/ 307) -.

وعلي رضي الله عنه قتل سنة أربعين -كما في التهذيب (7/ 338) -.

فالفرق بين وفاتيهما حوالي سبع وسبعين سنة، أو ثمان وسبعين، ومثل هذا لا يتهيأ له سماع في الغالب، إلا أن يكون ممن عُمِّر، والذهبي رحمه الله من الأئمة الذين لهم دراية بتواريخ الرواة، وقد نص هنا على الانقطاع في الإسناد ولم أجد له مخالفاً، وبكل حال فالحديث معلول بغير ذلك.

فإن محمد بن عبد ربه بن سليمان المروزي أبو تميلة الذي قال عنه الذهبي هنا: "لا يعرف"، ذكره ابن حبان في ثقاته (9/ 107) وقال:"يخطيء ويخالف".

وفي اللسان (5/ 244 رقم 846) ذكره الحافظ، وقال: "روى له البيهقي =

ص: 3038

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في الشعب حديثاً منكراً من روايته عن الفضل بن موسى السيناني، وعنه صالح بن كامل وضعفه".

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد للانقطاع الذي ذكره الذهبي، وتقدم بيانه في دراسة الِإسناد، ولضعف محمد بن عبد ربه.

ص: 3039

1024 -

حديث أنس:

أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل خشناً، ولبس خشناً، لبس الصوف، واحتذى المخصوف (1)

الحديث.

قال: صحيح.

قلت لم يصح، فيه نوح بن ذَكْوان، واه، ويوسف بن أبي كثير مجهول.

(1) من قوله: (لبس الصوف) إلى هنا ليس في (ب).

1024 -

المستدرك (4/ 326): أخبرنا مكرم بن أحمد القاضي، ثنا محمد بن إسماعيل السلمي، ثنا حيوة بن شريح الحضرمي، ثنا بقية بن الوليد، حدثني يوسف بن أبي كثير، عن نوح بن ذكوان، عن الحسن، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكل خشناً، ولبس خشناً، لبس الصوف، واحتذى المخصوف.

قيل للحسن: ما الخشن؟ قال: غليظ الشعير، ما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسيغه إلا بجرعة من ماء.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن ماجه في سننه (2/ 1111 و1178 رقم 3348 و 3556) في الأطعمة، باب خبز الشعير، وفي اللباس، باب لباس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وابن حبان في المجروحين (3/ 47).

وابن عدي في الكامل (7/ 2508و 2509) وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (ص 122).

جميعهم من طريق بقية بن الوليد، به، وإحدى روايتي ابن ماجه مختصرة، والأخرى ورواية الباقين بنحو رواية الحاكم إلا أنهم قالوا:"أكل بشعاً"، وسؤال الحسن:"ما البشع". =

ص: 3040

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال البوصيري في الزوائد (4/ 29 - 30): "هذا إسناد ضعيف، نوح بن ذكوان متفق على ضعفه، قال الحاكم أبو عبد الله: يروى عن الحسن على معضلة".

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"لم يصح، نوح واه، ويوسف مجهول".

ونوح هو ابن ذكوان البصري، وهو ضعيف./ الكامل (7/ 2508 - 2509)، والتقريب (2/ 308رقم 165)، والتهذيب (10/ 484 رقم 872)، وفيه ذكر أن الحاكم قال عن نوح:"يروي عن الحسن كل معضلة"، وهنا يصحح حديثه عن الحسن!!.

ويوسف بن أبي كثير مجهول./ التقريب (2/ 382 رقم 447)، والتهذيب (11/ 421 رقم 819).

الحكم على الحديث:

الحديث تقدم تضعيف الذهبي له، وكذا البوصيري، وهو من الأحاديث المنتقدة على نوح، رواه ابن حبان، وابن عدي في ترجمته ضمن الأحاديث المنتقدة عليه، ومن خلال ما تقدم في دراسة الِإسناد يتضح أن الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف نوح، وجهالة يوسف بن أبي كثير، والله أعلم.

ص: 3041

1025 -

حديث معاذ مرفوعاً:

"اليسير من الرياء شرك

" الحديث.

قال: صحيح.

قلت: فيه عيسى بن عبد الرحمن بن فروة (1) تركه النسائي (2).

(1) قوله: (ابن فروة) ليس في (ب).

(2)

قوله: (قلت

) الخ ليس في التلخيص المطبوع، ولا في المخطوط أيضاً.

وعبارة النسائي في الضعفاء (ص 76 رقم 442): "متروك الحديث".

1025 -

المستدرك (4/ 328): حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن سلمة العنزي، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا سعيد بن أبي مريم، أنبأ نافع بن يزيد، حدثني (عياش بن عباس)، عن عيسى بن عبد الرحمن، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا هو بمعاذ بن جبل رضي الله عنه عند قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبكي، فقال: ما يبكيك يا معاذ؟ قال: يبكيني شيء سمعته من صاحب هذا القبر، قال: وما سمعته؟ قال: سمعته يقول: "إن اليسير من الرياء شرك، وإن من عادى ولي الله فقد بارز الله تعالى بالمحاربة، وإن الله يحب الأتقياء الأخفياء الذين إن غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا، ولم يعرضوا، قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل غبراء مظلمة".

تخريجه:

الحديث له عن معاذ رضي الله عنه طريقان:

1 -

طريق أسلم العدوي مولى عمر، وهي طريق الحاكم هذه التي يرويها عياش بن عباس القتباني. =

ص: 3042

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقد اختلف فيه على عياش.

فرواه نافع بن يزيد، عن عياش، عن عيسى بن عبد الرحمن بن فروة، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، به.

وخالفه الليث بن سعد، فرواه عن عياش، عن زيد بن أسلم، به، ولم يذكر عيسى.

وأما رواية نافع فهي هذه التي أخرجها الحاكم هنا.

وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (2/ 317).

وابن أبي الدنيا في كتاب "الأولياء"(ص 101 - 102 رقم 6).

والطبراني في الكبير (20/ 153 - 154 رقم 321).

ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (1/ 5).

ثلاثتهم من طريق سعيد بن أبي مريم، عن نافع، به نحوه.

وأما رواية الليث بن سعد، فأخرجها الحاكم في المستدرك (1/ 4).

والطحاوي في الموضع السابق.

والطبراني في الموضع السابق أيضاً برقم (322).

أما الحاكم، والطحاوي فمن طريق عبد الله بن وهب، وأما الطبراني فمن طريق عبد الله بن صالح، كلاهما عن الليث بن سعد، عن عياش بن عباس القتباني، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، فذكره بنحوه.

قال الحاكم عقبه: "هذا إسناد مصري صحيح، ولا يحفظ له علة"، وأقره الذهبي. وتابع عبد الله بن وهب نافعاً متابعة قاصرة.

فأخرجه ابن ماجه (2/ 1320 - 1321 رقم 3989) في الفتن، باب من ترجى له السلامة من الفتن، حدثنا حرملة بن يحيى، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني ابن لهيعة، عن عيسى بن عبد الرحمن، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، فذكره بنحوه. =

ص: 3043

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 2 - طريق شاذ بن فياض، ثنا أبو قحذم النضر بن معبد، عن أبي قلابة، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مرّ عمر بمعاذ بن جبل رضي الله عنهما، وهو يبكي، فذكره بنحوه، وتقدم تخريجه برقم (677) وهو حديث ضعيف كما تقدم.

دراسة الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتُعُقِّب بأن: فيه عيسى بن عبد الرحمن بن فروة تركه النسائي، وتقدم ذكر عبارة النسائي، وعيسى هذا هو ابن عبد الرحمن بن فروة، أبو عبادة الزُّرقي، وتقدم في الحديث (521) أنه متروك.

ومخالفة الليث بن سعد لعياش مرجوحة، لأن عياش بن عباس القتباني ثقة، ولم يوصف بالتدليس./ انظر الجرح والتعديل (7/ 6 رقم 29)، والتقريب (2/ 95 رقم 849)، والتهذيب (8/ 197 - 198 رقم 361).

وفي ترجمته في تهذيب الكمال (2/ 1075) نص المزي على أنه سمع من عيسى بن عبد الرحمن بن فروة، ولم يذكر أنه روى عن زيد بن أسلم، وانظر ترجمة زيد بن أسلم في تهذيب الكمال أيضاً (1/ 448).

وسماعه منه ممكن فإنه كما في التهذيب توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائة.

وزيد توفي سنة ست وثلاثين ومائة كما في التهذيب (3/ 396).

والليث بن سعد، ونافع بن يزيد كلاهما ثقتان، إلا أن الليث أوثق من نافع.

فالليث بن سعد تقدم في الحديث (489) أنه: إمام مشهور ثقة ثبت فقيه.

ونافع بن يزيد الكلاعي، أبو يزيد المصري تقدم في الحديث (768)، أنه ثقة عابد.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد، لأن الراجح أنه من رواية عيسى بن عبد الرحمن بن فروة، وهو شديد الضعف.

وهو ضعيف فقط بالطريق للتقدمة برقم (677)، والله أعلم.

ص: 3044

1026 -

حديث ابن عمر مرفوعاً:

"من جعل الهموم هماً واحداً كفاه الله (1) ما أهمه من أمر الدنيا، والآخرة

الحديث (2).

قال: صحيح.

قلت: فيه يحيى بن المتوكل ضعفوه.

(1) في (ب): (الله تعالى).

(2)

قوله: (الحديث) ليس في (ب).

1062 -

المستدرك (4/ 328 - 329): أخبرني أبو النضر الفقيه، وأبو عمرو بن صابر البخاري، قالا: ثنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا أبو عقيل يحيى بن المتوكل، ثنا عمر بن محمد العمري، عن نافع، عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

"من جعل الهموم هماً واحداً كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة.

ومن تشاعبت به الهموم لم يبال الله في أي أودية الدنيا هلك".

تخريجه:

الحديث أعاده الحاكم هنا، وكان قد رواه (2/ 443): حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنبأ محمد بن إسحاق الفقيه، أنبأ محمد بن غالب، ثنا سعيد بن سليمان الواسطي، ثنا أبو عقيل يحيى بن المتوكل، عن عمر بن محمد بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من جعل الهموم هماً واحداً كفاه الله هم دنياه، ومن تشعبت به الهموم لم يبال الله في أي أودية الدنيا هلك".

قال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، وأقره الذهبي مع أنه من طريق يحيى بن المتوكل. =

ص: 3045

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في الزهد (ص 91 - 92 رقم 16).

وفي الآداب (ص 495 رقم 1120).

وأخرجه في الزهد أيضاً من طريق آخر عن يحيى، ثنا عمر بن محمد بن زيد العمري، عن نافع، وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر، به نحوه.

وأخرجه ابن أبي عاصم في الزهد (ص 76 رقم 166): أنا الحلواني، أنا يزيد بن هارون، أنا عاصم بن محمد، عن أخيه عمر بن محمد، عن عبد الله بن دينار، أو نافع، عن ابن عمر، به نحوه.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:

"يحيى ضعفوه".

وهو يحيى بن المتوكل العمري، المدني، أبو عقيل، تقدم في الحديث (926) أنه: ضعيف.

ولم ينفرد يحيى بالحديث، بل تابعه عاصم بن محمد عند ابن أبي عاصم -كما تقدم-.

وعاصم هو ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العمري، المدني، ثقة من رجال الجماعة./ الجرح والتعديل (6/ 350 رقم1931)، والتقريب (1/ 385 رقم 28)، والتهذيب (5/ 57 رقم 92).

وباقي رجال إسناد ابن أبي عاصم بيان حالهم كالتالي:

نافع مولى ابن عمر تقدم في الحديث (656) أنه: ثقة ثبت فقيه مشهور.

وعمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ثقة من رجال الشيخين./ الجرح والتعديل (6/ 131 - 132 رقم 718)، والتقريب (2/ 62 رقم 505)، والتهذيب (7/ 495 - 496 رقم 822). =

ص: 3046

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ويزيد بن هارون تقدم في الحديث (585) أنه: ثقة متقن عابد.

وشيخ ابن أبي عاصم: الحلواني اسمه الحسن بن علي بن محمد الهذلي، الخلال، أبو علي، وقيل: أبو محمد، الحلواني نزيل مكة: ثقة حافظ، له تصانيف، من رجال الشيخين./ الجرح والتعديل (3/ 21 رقم 86)، والتقريب (1/ 168 رقم 296)، والتهذيب (2/ 302 - 303 رقم 530).

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لضعف يحيى بن المتوكل، وهو صحيح لغيره بالطريق الأخرى التي أخرجها ابن أبي عاصم كما يتضح من دراسة الِإسناد.

وللحديث شاهد من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وشاهد مرسل عن حديث محمد بن المنكدر.

أما حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

فأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد (ص 29).

وابن ماجه في سننه (1/ 95 رقم 257) في المقدمة، باب الانتفاع بالعلم، والعمل به، و (2/ 375 رقم 4106) في الزهد، باب الهم بالدنيا.

وابن أبي عاصم في الزهد (ص 136 رقم 274).

وابن أبي حاتم في العلل (2/ 122 رقم 1859).

وأبو نعيم في الحلية (2/ 105).

والآجري في "أخلاق أهل القرآن"(ص 130 - 131 رقم 59).

وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(1/ 229).

جميعهم من طريق ابن نمير، عن معاوية النصري، عن نهشل بن سعيد، عن الضحاك، عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود، يرفعه، =

ص: 3047

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بنحوه، وعندهم زيادة في أول الحديث من قول ابن مسعود، عدا ابن أبي عاصم لم يذكرها.

قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبي يقول: هذا حديث منكر، ونهشل بن سعيد متروك الحديث".

وأما مرسل ابن المنكدر فأخرجه أبو نعيم في الحلية (3/ 151)، ولفظه نحوه أيضاً. وبكل حال فالحديث ثابت من الطريق الصحيحة التي أخرجها ابن أبي عاصم، والله أعلم.

ص: 3048

1027 -

حديث شداد مرفوعاً:

"الرياء شرك".

قال: صحيح.

قلت: فيه عبد الواحد متروك.

1027 - المستدرك (4/ 330): حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان، ثنا عبد الصمد بن الفضل، ثنا مكي بن إبراهيم، ثنا عبد الواحد بن زيد، عن عبادة بن نسي، قال: دخلت على شداد بن أوس رضي الله عنه في مصلاه، وهو يبكي، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، ما الذي أبكاك؟ قال: حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: وما هو؟ قال: بينما أنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ رأيت بوجهه أمراً ساءني، فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله، ما الذي أرى بوجهك؟ قال:"أمر أتخوّفه على أمتي من بعدي"، قلت: وما هو؟ قال: "الشرك، وشهوة خفية"، قال: قلت: يا رسول الله، أتشرك أمتك من بعدك؟ قال:"يا شداد، أما أنهم لا يعبدون شمساً، ولا قمراً، ولا وثناً، ولا حجراً ولكن يراءون الناس بأعمالهم"، قلت: يا رسول الله، الرياء شرك هو؟ قال:"نعم"، قلت: فما الشهوة الخفية؟ قال: "يصبح أحدكم صائماً، فتعرض له شهوة من شهوات الدنيا، فيفطر".

تخريجه:

الحديث يرويه شداد بن أوس رضي الله عنه.

ورواه عن شداد كل من عبادة بن نسي، وعبد الرحمن بن غنم.

1 -

أما رواية عبادة بن نسي فلها عنه ثلاث طرق.

(أ) طريق الحاكم هذه التي يرويها عبد الواحد بن زيد.

وأخرجه الإمام أحمد في المسند (4/ 124). =

ص: 3049

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والطبراني في الكبير (7/ 341 و341 - 342 رقم 7144و 7145).

ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (1/ 268).

كلاهما من طريق عبد الواحد بن زيد، عن عبادة، به نحوه.

(ب) يرويها الحسن بن ذكوان.

أخرجه ابن ماجه في سننه (2/ 1406 رقم 4205) في الزهد، باب الرياء والسمعة من طريق عامر بن عبد الله، عن الحسن بن ذكوان، عن عبادة بن نسي، عن شداد بن أوس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن أخوف ما أتخوف على أمتي: الِإشراك بالله، أما إني لست أقول: يعبدون شمساً، ولا قمراً، ولا وثناً، ولكن أعمالًا لغير الله، وشهوة خفية".

قال البوصيري في الزوائد (4/ 237): "هذا إسناد فيه مقال: عامر بن عبد الله لم أر من تكلم فيه بجرح، ولا غيره، وباقي رجال الِإسناد ثقات".

(جـ) يرويها خالد بن محمود بن الربيع:

أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 268) من طريق عطاء بن عجلان، عن خالد بن محمود بن الربيع، عن عبادة بن نسي، فذكره بنحوه، ولم يفسر الشهوة بالصوم والِإفطار. وحديث عبادة بن نسي هذا أخرجه ابن عساكر في تاريخه -كما في تهذيبه (6/ 292) -.

2 -

وأما رواية عبد الرحمن بن غنم:

فيرويها عبد الحميد بهرام، عن شهر بن حوشب، أنه سمع عبد الرحمن بن غنم يقول: لما دخلنا مسجد الجابية أنا وأبو الدرداء لقينا عبادة بن الصامت، قال: فبينا نحن كذلك إذ طلع علينا شداد بن أوس، =

ص: 3050

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وعوف بن مالك، فجلس إلينا، فقال شداد: إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرك والشهوة الخفية. فقال عبادة، وأبو الدرداء:

اللهم غفرا! أو لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حدثنا: "إن الشيطان قد أيس أن يعبد في جزيرة العرب"؟! أما الشهوة الخفية فقد عرفناها، وهي: شهوات الدنيا، من نسائها، وشهواتها، فما هذا الشرك الذي تخوفنا به يا شداد؟ قال شداد: أرأيتكم لو رأيتم رجلاً يصلي لرجل، أو يصوم لرجل، أو يتصدق لرجل، أترون أنه قد أشرك؟ قالا: نعم، والله إنه من تصدق لرجل أو صام لرجل، أو صلى لرجل فقد أشرك. فقال عوف بن مالك عند ذلك: أفلا يعمد الله عز وجل إلى ما يبتغى به وجهه من ذلك العمل فيتقبل منه ما خلص، ويدع ما أشرك به؟ فقال شداد: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى: أنا خير قسيم لمن أشرك بي، من أشرك بي شيئاً فإن جسده، وعمله، وقليله، وكثيره لشريكه الذي أشرك به، أنا عنه غني".

أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 268 - 269)، واللفظ له.

وأحمد في المسند (4/ 125 - 126) بنحوه.

ورواه الطيالسي (ص 152 - 153 رقم 1120).

ومن طريقه الطبراني في الكبير (7/ 337 - 338 رقم 7139).

وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 329).

كلاهما مختصراً، ولم يذكروا القصة.

وسكت عنه الحاكم، والذهبي.

وأخرجه ابن عساكر في تاريخه (ص 8 - 9 من جزء عبادة بن أوفى - عبد الله بن ثوب) بنحوه. =

ص: 3051

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي بقوله:

"عبد الواحد متروك".

وعبد الواحد هذا هو ابن زيد البصري، أبو عبيدة الزاهد، وتقدم في الحديث (1000) أنه: ضعيف.

ولم ينفرد عبد الواحد هذا بالحديث.

بل تابعه الحسن بن ذكوان عند ابن ماجه، وخالد بن محمود بن الربيع عند أبي نعيم. أما متابعة الحسن بن ذكوان فيرويها عنه عامر بن عبد الله، وتقدم أن البوصيري قال: لم أر من تكلم فيه بجرح، ولا غيره، وقال عنه ابن حجر في التقريب (1/ 388 رقم 57):"مجهول"، ورجح أنه: عامر بن عبد الله بن يساف اليمامي، وينسب إلى جده، وهو بها أشهر، وأنه:"لين الحديث"، وانظر التهذيب (5/ 76 رقم 122).

وأما متابعة خالد بن محمود بن الربيع فيرويها عنه عطاء بن عجلان الحنفي، أبو محمد البصري، العطار، وهو متروك./ الكامل (5/ 2002 - 2003)، والتقريب (2/ 22 رقم 193) والتهذيب (7/ 208 - 209 رقم 387).

وأما الطريق الأخرى التي يرويها عبد الرحمن بن غنم، عن شداد، ففي سندها شهر بن حوشب، وهو كثير الأوهام كما تقدم في الحديث (614).

الحكم على الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم ضعيف، لضعف عبد الواحد بن زيد، وهو حسن لغيره بالطرق المتقدمة، عدا الطريق التي رواها عطاء بن عجلان فلا تصلح للاستشهاد لشدة ضعفه. هذا وتفسير الشهوة الخفية بقوله: "يصبح أحدكم صائماً

" إلخ باق على ضعفه لعدم المتابع لعبد الحميد عليه، والله أعلم.

ص: 3052

1028 -

حديث أبي ذر:

قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"زر (القبور) (1) تذكر بها الآخرة".

قلت (2): فيه يعقوب بن إبراهيم، وهو واه، ويحيى بن سعيد لم يلحق أبا مسلم الخولاني، رأيت ذلك في حاشية (3).

(1) ما بين القوسين ليس في (أ).

(2)

قوله: (قلت) ليس في (ب).

(3)

التعقيب يظهر أنه من ابن الملقن، لأن الحاكم قال عن الحديث: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وأقره الذهبي في تلخيصه.

1028 -

المستدرك (4/ 330): أخبرني أبو جعفر محمد بن علي الشيباني بالكوفة، ثنا أحمد بن حازم الغفاري، ثنا موسى بن داود الضبي، ثنا يعقوب بن إبراهيم، عن يحيى بن سعيد، عن أبي مسلم الخولاني، عن عبيد بن عمير، عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

"زر القبور تذكر بها الآخرة، واغسل الموتي، فإن معالجة جسد خاو موعظة بليغة، وصل على الجنائز لعل ذلك يحزنك، فإن الحزين في ظل الله يوم القيامة".

تخريجه:

الحديث ذكره السيوطي في جمع الجوامع (1/ 537) وعزاه أيضاً للبيهقي في الشعب، ونقل عن البيهقي أنه قال:"هذا متن منكر، وفيه يعقوب بن إبراهيم أظنه المدني المجهول".

وذكر الحديث الحافظ في اللسان (6/ 302) في ترجمة يعقوب بن إبراهيم، وعزاه للبيهقي في الشعب أيضاً. =

ص: 3053

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه ابن الملقن بقوله:"فيه يعقوب بن إبراهيم، وهو واه. ويحيى بن سعيد لم يلحق أبا مسلم الخولاني، رأيت ذلك في حاشية". اهـ. ولم يذكر الحاشية التي رأى فيها النص على عدم سماع يحيى بن سعيد من أبي مسلم الخولاني.

وأبو مسلم اسمه عبد الله بن ثُوَب، وتوفي بأرض الروم في غزوة زمن معاوية، وعلى الناس يومئذ بسر بن أرطأة، وقيل إن ذلك كان سنة أربع وأربعين، وقيل سنة إحدى وخمسين -كما في تاريخ ابن عساكر (ص 523 جزء عبادة بن أوفي -عبد الله بن ثوب) -.

وقال المفضل بن غسان إنه مات سنة اثنتين وستين، وحكم عليه بالوهم ابن عساكر في الموضع السابق (ص 525).

وأما يحيى بن سعيد الأنصاري فقيل إنه مات سنة ثلاث، وقيل: أربع، وقيل: ست وأربعين ومائة -كما في التهذيب (11/ 323)، يذكر المزي في تهذيب الكمال (3/ 1500 - 1502) أن يحيى روى عن أبي مسلم، والفارق بين وفاتيهما كبير يقرب من خمس وتسعين عاماً، وقد يزيد أو ينقص قليلاً بحسب الاختلاف في سنة الوفاة، ومثل هذا الفارق في السن، بالإضافة لسن التحمل يستبعد معه أن يسمع يحيى من أبي مسلم، إلا إذا كان من المعمَّرين، ولم أجدهم نصوا على ذلك.

وأما يعقوب بن إبراهيم الزهري، المدني فإنه: مجهول، قال ذلك عنه البيهقي كما تقدم، وقال ابن عدي في الكامل (7/ 2604):"ليس بالمعروف"، وانظر ديوان الضعفاء للذهبي (ص 345 رقم 4764).

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإسناد لجهالة يعقوب بن إبراهيم، والانقطاع بين يحيى بن سعيد، وأبي مسلم الخولاني.

وقوله: "زر القبور تذكر بها الآخرة" صح من حديث بريدة -رضي الله =

ص: 3054

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عنه-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها"، زاد في لفظ:"فإنها تُذكِّر الآخرة".

الحديث أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 672 رقم 106) في الجنائز، باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه، واللفظ الأول له.

والترمذي (4/ 158 - 159 رقم 1060) في الجنائز، باب ما جاء في الرخصة في زيارة القبور، بنحو لفظ مسلم، والزيادة له، وقال:"حديث حسن صحيح".

وأبو داود (3/ 558 رقم 2235) في الجنائز، باب في زيارة القبور، ولفظه مثل لفظ مسلم، والزيادة نحو لفظ الترمذي.

والنسائي (4/ 89) في الجنائز، باب زيارة القبور بمثل لفظ مسلم، والله أعلم.

ص: 3055

1029 -

حديث ابن (مسلمة)(1):

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعى إلى القصاص من نفسه

الحديث.

قال: تفرّد به أحمد بن عبيد بن ناصح، عن محمد بن مصعب.

قلت: قال ابن عدي: أحمد بن عبيد صدوق له مناكير (2)، ومحمد ضعيف.

(1) في (أ): (ابن أبي مسلمة).

(2)

الكامل (1/ 192)، وعبارته: "أحمد بن عبيد بن ناصح أبو جعفر النحوي، يعرف بأبي عصيدة، كان بسر من رأى، يحدث عن الأصمعي، ومحمد بن مصعب ما لا يحدث به غيره

، وأبو عصيدة عندي مع هذا كله من أهل الصدق"، وانظر التهذيب (1/ 60).

1029 -

المستدرك (4/ 331): حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن يزيد القاري الآدمي ببغداد، ثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح النحوي، ثنا محمد بن مصعب القرقساني، حدثني عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، حدثني مكحول، عن زياد بن جارية، عن حبيب بن مسلمة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا إلى القصاص من نفسه في خدشة خدشها أعرابياً لم يتعمده، فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام، فقال: يا محمد، إن الله لم يبعثك جباراً، ولا متكبراً، فدعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأعرابي، فقال:"إقتص مني"، فقال الأعرابي: قد أحللتك بأبي أنت وأمي، وما كنت لأفعل ذلك أبداً، ولو أتيت على نفسي، فدعا له بخير.

قال الحاكم: "تفرد به أحمد بن عبيد، عن محمد بن مصعب، ومحمد بن مصعب ثقة".

ص: 3056

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= دراسة الِإسناد:

الحديث تقدم كلام الحاكم عنه، وتعقبه الذهبي في تلخيصه بقوله:"قال ابن عدي: أحمد بن عبيد صدوق له مناكير، ومحمد ضعيف".

أما أحمد بن عبيد بن ناصح، أبو جعفر النحوي، المعروف بأبي عصيدة، فإنه لين الحديث./ الكامل (1/ 192)، والتقريب (1/ 21 رقم 89)، والتهذيب (1/ 60 رقم 103).

وأما محمد بن مصعب القرقساني فتقدم في الحديث (614) أنه: صدوق كثير الغلط.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لما تقدم عن حال أحمد بن عبيد، ومحمد بن مصعب، وله شاهد مرسل من حديث عبد الله بن جبير الخزاعي، وشاهد من حديث أبي سعيد الخدري، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وشاهدان مرسلان من حديث سعيد بن المسيب، والحسن البصري -رحمهما الله-، وشاهد آخر في قصة سواد بن غزية رضي الله عنه.

1 -

أما حديث عبد الله بن جبير الخزاعي، فلفظه:

طعن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً في بطنه، أما بقضيب، وإما بسواك، فقال: أوجعتني، فأقدني، فأعطاه العود الذي كان معه، فقال:"استقد"، فقبل بطنه، ثم قال: بل أعفو لعلك أن تشفع لي بها يوم القيامة.

ذكره الهيثمي في المجمع (6/ 289) وعزاه للطبراني، وقال:"رجاله ثقات".

قلت: عبد الله بن جبير الخزاعي اختلف في صحبته، والراجح أنه ليس له صحبة، ولذا قال عنه الحافظ في التقريب (1/ 406 رقم 223):"مجهول"، وانظر التهذيب (5/ 168 رقم 289).

ص: 3057

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 2 - وأما حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فأخرجه عبد الرزاق في المصنف (9/ 465 - 466 رقم 18037): عن معمر، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من منزله يريد الصلاة، فأخذ رجل بزمام ناقته، فقال: حاجتي يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"دعني، فستدرك حاجتك"، ففعل ذلك ثلاث مرات، والرجل يأبى، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم عليه السوط، فضربه، وقال:"دعني، ستدرك حاجتك"، فصلى بالناس، فلما فرغ قال:"أين الرجل الذي جلدت آنفاً؟ " قال: فنظر الناس بعضهم إلى بعض، وقالوا: من هذا الذي جلده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء الرجل من آخر الصفوف، فقال أعوذ بالله من غضب الله، وغضب رسوله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:

"ادن، فاقتصّ"، فرمى إليه بالسوط، قال: بل أعفو، قال:"أو تعفو؟ " فقال: إني قد عفوت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده لا يظلم مؤمن مؤمناً، فلا يعطيه مظلمته في الدنيا، إلا انتقم الله له منه يوم القيامة".

وللحديث بقية، وهذا موضع الشاهد منه، وهو حديث موضوع، فيه أبو هارون العبدي، واسمه عمارة بن جُوَيْن -بجيم، مصغراً-، وهو شيعي كذاب، كذبه: حماد بن زيد، وابن عُلَيّة، وابن معين، وعثمان بن أبي شيبة، والجوزجاني./ الكامل (5/ 1732 - 1734)، والتهذيب (7/ 412 - 414 رقم 670).

3 -

وأما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأخرجه عبد الرزاق في المصنف أيضاً (9/ 468 رقم 18040): عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار قال:

لما قدم عمر الشام جاءه رجل يستأدي على بعض عماله، فأراد أن يقيده، =

ص: 3058

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فقال له عمرو بن العاص: إذن لا يعمل لك، قال: وإن، بالا نقيده (كذا! وفي الحاشية قال: لعل الصواب: أنا لا أقيده)، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي القَوَد من نفسه، قال عمرو: فهلا غير ذلك، ترضيه، قال: أو أرضيه. قلت: وسنده ضعيف، عمرو بن دينار لم يدرك عمر، فإن عمر بن الخطاب توفي سنة ثلاث وعشرين كما في التهذيب (7/ 441)، وعمرو بن دينار توفي سنة خمس، وقيل: ست وعشرين ومائة، وقد جاوز السبعين، كما في التهذيب (8/ 30) ومقتضاه أنه لم يبلغ الثمانين، والفرق بين وفاته ووفاة عمر يربو على المائة، فالانقطاع ظاهر.

4 -

وأما حديث سعيد بن المسيب رحمه الله فأخرجه عبد الرزاق أيضاً (9/ 469 رقم 18042): أخبرنا محمد بن مسلم، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة، عن سعد بن إبراهيم، عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقاد من نفسه، وأن أبا بكر رضي الله عنه أقاد رجلاً من نفسه، وأن عمر أقاد سعداً من نفسه.

والحديث بالِإضافة لِإرساله، ففي سنده شيخ عبد الرزاق محمد بن مسلم بن سوسن الطائفي، وهو صدوق، إلا أنه يخطيء./ الكامل (6/ 2138 - 2139)، والتقريب (7/ 202 رقم 701)، والتهذيب (9/ 444رقم 729).

5 -

وأما حديث الحسن البصري رحمه الله فأخرجه عبد الرزاق أيضاً (9/ 466 - 467 و 467 رقم 18038و 18039) من طريقين عن الحسن قال:

كان رجل من الأنصار يقال له سوادة بن عمرو يتخلّق كأنه عرجون، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رآه يعض له، قال: فجاء يوماً وهو يتخلّق، فأهوى له النبي صلى الله عليه وسلم بعود كان في يده، فجرحه، فقال: القصاص يا رسول الله، فأعطاه العود، وكان على =

ص: 3059

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= النبي صلى الله عليه وسلم قميصان، قال: فجعل يرفعهما، قال: فنهره الناس، قال: فكشف عنه حتى انتهى إلى المكان الذي جرحه، فرمى بالقضيب، وعلقه يقبله، وقال: يا نبي الله، بل أدعها لك تشفع لي بها يوم القيامة.

وهذا لفظ أحد الطريقين، والآخر نحوه، إلا أنه لم يسم صاحب القصة.

وسند أحد الطريقين إلى الحسن رجاله ثقات، يرويه عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن عمرو وهو ابن دينار، عن الحسن.

وعمرو بن دينار تقدم في الحديث (739) أنه: ثقة ثبت.

وسفيان بن عيينة تقدم في الحديث (510) أنه: ثقة حافظ إمام حجة.

6 -

وأما قصة سواد بن غزية فأخرجها ابن إسحاق، وعبد الرزاق.

أما ابن إسحاق فقال -كما في السيرة لابن هشام (2/ 278) -: حدثني حبان بن واسع بن حبان، عن أشياخ من قومه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدّل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قِدْح يعدّل به القوم، فمر بسواد بن غزية -حليف بني عدي بن النجار- قال ابن هشام: يقال: سوّاد، مثقلة، وسواد في الأنصار غير هذا، مخفف-، وهو مُسْتَنْتِل من الصف -قال ابن هشام: ويقال: مُسْتَنْصِل من الصف- فطعن في بطنه بالقِدْح، وقال:"استَوِ يا سواد"، فقال: يا رسول الله، أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل، قال: فأقدني، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه، وقال:"اسْتَقِد"، قال: فاعتنقه، فقبل بطنه، فقال:"ما حملك على هذا يا سواد؟ " قال: يا رسول الله، حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدَك، فدعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بخير، وقاله له. وأما عبد الرزاق فرواه -كما في الإِصابة (3/ 218) - عن ابن جريج، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتخطّى بعرجون، فأصاب به سواد بن غزية الأنصاري، فذكر القصة. اهـ. =

ص: 3060

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلت: وسند القصة عند ابن إسحاق ضعيف جداً، حبان بن واسع من أتباع التابعين -كما في ثقات ابن حبان (6/ 244) -، ولم يذكر اسم أشياخه، فإن كان سمع منهم فأقل ما هنالك أنهم أرسلوه.

وأما إسناد عبد الرزاق فإنه مرسل، والد جعفر بن محمد هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو من التابعين -كما يتضح من ترجمته في التهذيب (9/ 350 رقم 580).

ومع ذلك ففي الإسناد ابن جريج وتقدم في الحديث (587) أنه مدلس من الثالثة، وقد عنعن، فالحديث من هذه الطريق ضعيف لهاتين العلتين، وهو بمجموع طرقه صالح للاستشهاد ويدل على صحة معنى الحديث الذي معنا، والله أعلم.

ص: 3061