الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمر لمولاه نافع وقد رآه يصلي حاسر الرأس {غط رأسك هل تخرج إلى الناس وأنت حاسر الرأس؟ قال لا. قال فالله أحق أن تتجمل له} (1) ، وهذا صحيح لمن عادتهم أنهم لا يحسرون عن رؤوسهم، إذا فالمسألة ليست ستر العورة فقط وإنما زيادة على ذلك الأمر بإتخاذ الزينة، فهذا هو الذي أمر الله به ودلت عليه السنة.
س14: وهل للثوب الساتر شروط؟ وما هي
؟
ج/ نعم، للثوب الساتر شروط، وهي:
1) ألا يصف البشرة أي لون البشرة من بياض أو سواد لأن الستر إنما يحصل بذلك، ودليله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجمة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسير كذا وكذا} (2) ، ومن معاني (عاريات) أن تلبس ثوباً رقيقاً يصف لون بدنها.
2) أن يكون مباحاً، ويخرج من هذا ما كان محرماً لعينه كالخرير للرجال، أو لكسبه كالمغصوب، أو لوصفه كالثوب الذي فيه إسبال، فبعض العلماء يرى عدم صحة الصلاة في ما كان محرماً لعينه أو لكسبه أو لوصفه.
والراجح: صحة الصلاة مع الإثم إذا كان متعمداً غير معذور.
3) أن يكون طاهراً، والدليل قوله تعالى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (3)} ، وسيأتي بيان هذا.
4) أن يكون غير مضر، فلو كان ستره لبدنه بثياب فيها ضرر على جسمه فلا نلزمه يلبس ذلك، لأن الله تعالى لم يوجب على عباده ما يشق عليهم.
س15: ما هي أقسام العورة في باب الصلاة
؟
ج/ أقسام العورة في باب الصلاة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
(1) أخرجه الطحأوي.
(2)
رواه مسلم.
(3)
(المدثر:4)
أولاً: عورة مغلظة: وهي عورة الحرة البالغة، فكلها عورة إلا وجهها في الصلاة ما لم تكن بحضرة رجال أجانب، فإن كانت بحضرتهم وجب عليها حتى تغطية وجهها.
وهنا مسألة فرعية وهي: هل يجب تغطية الكفين والقدمين في الصلاة أم لا؟
ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى (1): إلى أن الحرة عورة إلا ما يبدو منها في بيتها وهو الوجه والكفان والقدمان، وقال: إن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كن يلبسن القمص وليس لكل إمرأة ثوبان، ولهذا إذا أصاب دم الحيض الثوب غسلته وصلت فيه كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أسماء بنت أبي بكر.
وعلى هذا تكون القدمان والكفان ليسا عورة في الصلاة، وأما في النظر فهما عورة، وهذا القول يرجحه الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله قال:"فأنا أقلد شيخ الإسلام في هذه المسألة، وأقول إن هذا هو الظاهر وإن لم نجزم به، لأن المرأة حتى ولو كان ثوبها يضرب على الأرض فإنها إذا سجدت سوف يظهر باطن قدمها" أ. هـ (2).
ثانياً عورة مخففة: وهي عورة الذكر من سبع سنوات إلى عشر، فهذا إذا ستر القبل والدبر صحت صلاته. والأحوط أن يستتر كالبالغ لقوله تعالى {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (3).
ثالثاً عورة متوسطة: وهي عورة الرجل إذا بلغ عشراً فما فوق، فعورته ما بين السرة والركبة، والسرة والركبة ليستا من العورة، لحديث على رضي الله عنه في قصة قتل حمزة لشارفي علي رضي الله عنه وفيه {أن حمزة صعد النظر إلى ركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صعد النظر إلى سرته (4)} ، وكذلك الأمة عورتها في باب الصلاة من السرة إلى الركبة.
وأم الولد: وهي من وضعت من سيدها ما تبين فيه خلق الإنسان.
(1) مجموع الفتأوى 22/ 120 - 109، والاختيارات صـ40 - 41، وفقه ابن سعدي2/ 23 - 34.
(2)
الممتع 2/ 157.
(3)
(لأعراف: من الآية31)
(4)
رواه مسلم.
والمكاتبة: وهي التي اشترت نفسها من سيدها.
والمدبرة: وهي التي علق عتقها بموت سيدها.
قالوا إن هؤلا عورتهن في الصلاة ما بين السرة والركبة، ولكن هذا فيه نظر، قال ابن حزم رحمه الله:"لا فرق بين الحرة والأمة".
وقال في المحلي (1): "وأما الفرق بين الحرة والأمة فدين الله تعالى واحد، والخليفة والطبيعة واحدة، وكل ذلك في الحرائر والإماء سواء حتى يأتي النص بالفرق بينهما في شيء فيتوقف عنده" أ. هـ.
كذلك عورة المميزة وهي من تفهم الخطاب وترد الجواب.
كذلك المراهقة وهي التي قاربت البلوغ (وهذا التعريف عند الفقهاء خلاف ما يتعارف عليه الناس اليوم) ، فعورتها قالوا ما بين السرة والركبة، وذلك لعموم حديث عائشة رضي الله عنها {لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار (2)} ، فيفهم منه أن غير البالغة تصح صلاتها بلا خمار، ولكن الأحوط: في المراهقة أن تستتر كالحرة، لقوله تعالى {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ (3)} ، وما تقدم هذا حكم العورة في باب الصلاة، أما في باب النظر فبحث هذا في كتاب النكاح.
وهنا مسألة: إذا صلى الرجل البالغ وقد ستر ما بين السرة والركبة هل يلزمه ستر أحد عاتقيه أم لا؟
والعاتق: هو ما بين المنكب والرقبة، هذه المسألة على خلاف والراجح: أنه لا يجب ذلك أما قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة {لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء} (4) ، فهذا لا يدل على الوجوب لأن الأمر بستر العاتق فيه ليس لأن العاتق عورة، بل لأنه لا يُؤمن أن تنكشف عورته إذا لم يشده على عاتقه، ولئلا يخلو العاتق من شيء، لأنه أكمل في أخذ الزينة.
(1) 3/ 281.
(2)
رواه الخمسة إلا النسائي وصححه ابن خزيمة.
(3)
(لأعراف: من الآية31)
(4)
رواه البخاري ومسلم.