الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَيَان إِجْمَاع الصَّحَابَة على إِثْبَات الْقدر بِمَا صَحَّ من الدَّلِيل واشتهر
روى الإِمَام الطَّبَرِيّ بِسَنَدِهِ إِلَى سعيد بن أبي مَرْيَم وَهُوَ عَنهُ احْتج بِهِ البُخَارِيّ وَمُسلم قَالَ أخبرنَا مَالك وَابْن أبي الزِّنَاد عَن عمر وَعَن طَاوس قَالَ أدْركْت ثَمَانمِائَة من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ كل شَيْء بِقدر قلت هَكَذَا هُوَ فِي الأَصْل الْمَنْقُول مِنْهُ ثَمَان مائَة بِحَذْف الْيَاء الَّتِي بعد النُّون
وروى أَيْضا بِسَنَدِهِ إِلَى أبي الْأسود الدؤَلِي أَنه قَالَ مَا رَأَيْت أحدا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا مُثبت الْقدر
وروى الإِمَام مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن طَاوس أَنه قَالَ أدْركْت نَاسا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ كل شَيْء بِقدر حَتَّى الْعَجز والكيس
أَو الْكيس وَالْعجز هَكَذَا رَوَاهُ يحيى بن يحيى وَابْن مُصعب وَغَيرهمَا عَن مَالك
وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسلم قَالَ الإِمَام بن عبد الْبر وَرَوَاهُ ابْن وهب والقعنبي أدْركْت أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ كل شَيْء بِقدر
وروى الإِمَام الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدِهِ الصَّحِيح إِلَى حَمَّاد بن زيد قَالَ أدْركْت النَّاس وَمَا كَلَامهم إِلَّا أَن قضى وَقدر
وَقد ثَبت فِي الصِّحَاح عَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه أَنه قَالَ نفر من قدر الله إِلَى قدر الله بِمحضر جُمْهُور الْمُهَاجِرين الْأَنْصَار فأقروه على ذَلِك من غير إِنْكَار
وَكَذَلِكَ صَحَّ عَنهُ مَا قدمت بعضه وَهُوَ مَا روى الإِمَام الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدِهِ الصَّحِيح إِلَى حَمَّاد عَن خَالِد الْحذاء عَن عبد الْأَعْلَى بن عبد الله بن عَامر بن عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل قَالَ خَطَبنَا عمر ابْن الْخطاب بالجابية فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ فَلَمَّا أَتَى على {من يهده الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ} قَالَ لَهُ الجاثليق إِن الله لَا يهدي وَلَا يضل فَقَالَ عمر كذبت يَا عَدو الله بل الله خلقك وَهُوَ أضلك وَهُوَ يدْخلك النَّار إِن شَاءَ الله وَالله لَوْلَا لوث عَهْدك لضَرَبْت عُنُقك
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الإِمَام الطَّبَرِيّ بِسَنَدِهِ الصَّحِيح إِلَى الإِمَام سُفْيَان الثَّوْريّ وَغَيره عَن خَالِد الْحذاء بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور وَقَالَ فِيهِ بل الله خلقك وَالله أضلك ثمَّ يُمِيتك فيدخلك النَّار إِن شَاءَ الله وَذكر مَا تقدم
ثمَّ قَالَ إِن الله تَعَالَى خلق الْخلق وَكتب أَو قَالَ حِين خلق الْخلق أَو قَالَ حِين خلق آدم كتب أهل الْجنَّة وَمَا هم عاملون وَكتب أهل النَّار وَمَا هم عاملون ثمَّ قَالَ هَؤُلَاءِ لهَذِهِ وَهَؤُلَاء لهَذِهِ فَيُفَرق النَّاس وَمَا تخلف فِي الْقدر اثْنَان
وَكَذَلِكَ مَا قدمت عَنهُ بِسَنَد الإِمَام الْبَيْهَقِيّ أَنه كَانَ كثيرا مَا يَقُول على الْمِنْبَر وخفض عَلَيْك فَإِن الْأُمُور بكف الْإِلَه مقاديرها مَعَ الْبَيْت الثَّانِي
وَكَذَلِكَ مَا قدمت بِسَنَد الإِمَام مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن ابْن الزبير أَنه كَانَ يَقُول فِي خطبَته إِن الله هُوَ الْهَادِي والفاتن وكل هَذَا الْمَذْكُور وَاقع فِي مجامع الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار ومستفيض بَينهم من غير إِنْكَار وَكَذَلِكَ إِجْمَاع السّلف وَالْخلف مُطلقًا على قَول مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن وكل هَذَا على وَجه الْإِجْمَال والتعميم
وَقد قدمت أَنه روى أَحَادِيث إِثْبَات الْقدر فَوق ثَلَاثِينَ صحابيا مَعَ التَّسْمِيَة لَهُم وَالتَّابِعِينَ وَذكرت كَلَام جمَاعَة مِنْهُم فِي إثْبَاته على وَجه التَّفْصِيل والتبيين من أجلائهم وكبارهم من أهل الْبَيْت وَغَيرهم
قلت وَإِذا علم مَا روينَا وتقرر علم أَن مَذْهَب الْحق الأنور ومنهج السّنة الْأَزْهَر أَن كل خير وَشر ونفع وضر بِقَضَاء وَقدر
وَمن ذَلِك أَن كل طَاعَة وعصيان وإساءة وإحسان وَسَائِر أَفعَال الْعباد وأقوالهم وعلمهم وأعمالهم ونياتهم وعقيداتهم وَسَائِر حركاتهم وسكناتهم وَكلما قدر الله تَعَالَى مقدوره من أجر وثواب وحساب وعقاب فَهُوَ الحكم الْحق اللَّائِق بِحِكْمَتِهِ وَالسَّابِق فِي علمه الْجَارِي فِي طريقي الْفضل وَالْعدْل إِلَى جَمِيع خلقه وَلَا ظلم وَلَا جور إِلَّا فِيمَا وَقع مُخَالفا لأَمره وَنَهْيه
وَقد قدمت الْكَلَام فِي بَيَان ذَلِك وَتَقْرِيره وتحريره وتحقيقه وكل أَفعَال الله تَعَالَى مُتَسَاوِيَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الحكم الإلهية وَإِنَّمَا يخْتَلف مراتبها بِالْإِضَافَة إِلَى الْبَريَّة
قَالَ نقاد الأنظار وأستاذ النظار فَحل الْمُتَكَلِّمين إِمَام الْحَرَمَيْنِ رضي الله عنه وَلَوْلَا أَنه شاع فِي أَلْفَاظ عصبَة الْحق أَنه تَعَالَى خَالق الْخَيْر
وَالشَّر لَكَانَ سر التَّوْحِيد يُوجب أَن يُقَال لَيْسَ فِي أَفعَال الله خير وَشر بِالْإِضَافَة إِلَى العَبْد قَالَ وَقد نبه على هَذَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَيْثُ قَالَ (خلق الله آدم ثمَّ أَخذ الْخلق من ظَهره فَقَالَ هَؤُلَاءِ فِي الْجنَّة وَلَا أُبَالِي وَهَؤُلَاء فِي النَّار وَلَا أُبَالِي
قلت وَهَذَا الحَدِيث روينَاهُ فِي صَحِيح أبي حَاتِم بن حبَان كَمَا قدمت