المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيان الاستدلال والاستشهاد على خلق الله تعالى أفعال العباد - مرهم العلل المعضلة في الرد على أئمة المعتزلة

[اليافعي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌رب يسر واعن يَا كريم

- ‌منزلَة الْغَزالِيّ رضي الله عنه

- ‌اقتراح السَّائِل بِالْجَوَابِ والإعراض عَنهُ

- ‌مدح عقيدة أهل السّنة

- ‌مدح كتاب إحْيَاء عُلُوم الدّين

- ‌الْجَواب

- ‌حِكَايَة

- ‌مَا أنكرهُ بعض النَّاس على حجَّة الْإِسْلَام أبي حَامِد الْغَزالِيّ وَالرَّدّ عَلَيْهِم

- ‌الْعَالم لَا يَخْلُو من حوادث

- ‌معرفَة الْعقل

- ‌الْعلم والمعرفة والفروق بَينهمَا

- ‌صفة الْعَارِف

- ‌شُبُهَات الْمُعْتَزلَة وَالرَّدّ عَلَيْهَا

- ‌الْجَواب عَن هَذِه الشُّبْهَة

- ‌من مهام الرَّسُول صلى الله عليه وسلم

- ‌الْعقل باعث

- ‌ذكر الْعقل فِي الْقُرْآن فِي معرض الْمَدْح

- ‌الطَّبْع قَابل

- ‌بسط الْكَلَام فِي مَعَاني كَلِمَات أبي حَامِد يَسْتَدْعِي تصنيف كتاب كَامِل

- ‌طَرِيق الْهدى فِي اتِّبَاع السّنة

- ‌تعقيب

- ‌الشُّبْهَة الثَّانِيَة

- ‌الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة على عدم نسب الْقبْح إِلَى الله

- ‌الْأَدِلَّة النقلية على إِجْمَاع الْأمة بِأَن أَفعَال الْعباد وَاقعَة بقدرة الله تَعَالَى وإرادته

- ‌الْأَدِلَّة من الْقُرْآن الْكَرِيم

- ‌الْأَدِلَّة النقلية من السّنة على أَن أَفعَال الْعباد وَاقعَة بقدرة الله تَعَالَى وإرادته

- ‌إِيضَاح وتعقيب

- ‌من هم رُوَاة أَحَادِيث الْقدر من الصَّحَابَة

- ‌القَوْل فِي الْهدى والضلال والختم والطبع

- ‌الدَّلِيل على اسْتِحَالَة بَقَاء جَمِيع الْأَعْرَاض

- ‌مَا يفرضه هَذَا الدَّلِيل فِي الْقَدَرِيَّة

- ‌علاقَة الْقُدْرَة بالحدوث

- ‌مَا تمسك بِهِ أَئِمَّة أهل السّنة

- ‌مَا عرضت لَهُ هَذِه الْآيَة

- ‌أَبُو بكر وَعمر خير الْأمة الإسلامية بعد نبيها

- ‌مَا الْمَسِيح ابْن مَرْيَم إِلَّا عبد الله وَرَسُوله

- ‌لَا يُؤمن النَّصَارَى من أَربع خِصَال

- ‌من هُوَ الْكَافِر

- ‌بَيَان إِجْمَاع الصَّحَابَة على إِثْبَات الْقدر بِمَا صَحَّ من الدَّلِيل واشتهر

- ‌بَيَان الِاسْتِدْلَال والاستشهاد على خلق الله تَعَالَى أَفعَال الْعباد

- ‌بَيَان معنى الِاسْتِطَاعَة الْقَائِمَة بالعباد الَّتِي يصدر عَنْهَا أفعالهم على وَجه الصّلاح أَو الْفساد وَبَيَان التَّوْفِيق والخذلان وَالْهدى والضلال

- ‌بَيَان كسب العَبْد لأفعاله ونسبتها إِلَيْهِ مَعَ خلق الله لَهَا وتقديرها عَلَيْهِ

الفصل: ‌بيان الاستدلال والاستشهاد على خلق الله تعالى أفعال العباد

‌بَيَان الِاسْتِدْلَال والاستشهاد على خلق الله تَعَالَى أَفعَال الْعباد

الدَّلِيل على ذَلِك مَعَ مَا قدمنَا من الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول من الْآيَات وَأَحَادِيث الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وبلغه من أمته نِهَايَة السُّؤَال قَوْله عز وجل {فَلم تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِن الله قَتلهمْ وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} {أَفَرَأَيْتُم مَا تمنون أأنتم تخلقونه أم نَحن الْخَالِقُونَ} {أَفَرَأَيْتُم مَا تَحْرُثُونَ أأنتم تزرعونه أم نَحن الزارعون} سلب عَنْهُم الْقَتْل وَالرَّمْي وَالزَّرْع مَعَ مباشرتهم لذَلِك وَأثبت فعل الْمَذْكُورَات لنَفسِهِ وَأخْبر أَنه خلق الَّذِي تمنون وَدخل فِي ذَلِك مَا يمنى فِي الطَّاعَة وَالْمَعْصِيَة مَعًا

فَمَا تَقول أَيهَا المعتزلي فِي مني الزَّانِي وشهوته للزِّنَا وَقدرته عَلَيْهِ خلق ذَلِك كُله أم لَا وَكَذَلِكَ ولد الزِّنَا وَهل كَانَ الْأَصْلَح لَهُ

ص: 157

أَن يكون ولد زنا أَو ولد حَلَال وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَأَنه هُوَ أضْحك وأبكى} من أضْحك الْكَافِر عِنْد سروره بقتْله للْمُسلمِ وَحُصُول غَرَضه فِي جَمِيع فجوره وَمن أبكى الْمُسلم حزنا عِنْد قتل الْكَافِر أَبَاهُ وأخاه وَهل المضحك والمبكي إِلَّا من صدر عَنهُ الإضحاك والإبكاء وَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك وَلَا سَبِيل إِلَى أَن تَقول غير ذَلِك ألزمتك مَا لَا تَجِد عَنهُ محيصا وَلَا ترى لَك مِنْهُ خلاصا وَهُوَ أَن أَقُول فِي تَقْدِير ذَلِك الْقَتْل سَبَب لضحك الْقَاتِل وَالسَّبَب مُتَوَقف على مسبب يوجده ومتوقف عَليّ مسبب بِالْفَتْح يصدر عَنهُ ينْسب ذَلِك الْمُسَبّب تَارَة إِلَى الْمُسَبّب وَتارَة إِلَى السَّبَب

تَقول أَحْيَا الله الأَرْض وأحياها الْمَطَر وأضحك الله سنك وأضحكتك نعْمَة الله فالمسبب بِالْفَتْح هُوَ الضحك وَالسَّبَب هُوَ النِّعْمَة والمسبب هُوَ خَالِقهَا

ثمَّ الْمُسَبّب بِالْفَتْح مُتَوَقف على السَّبَب المتوقف على الْمُسَبّب من حَيْثُ الْجُمْلَة

والمتوقف على المتوقف على شَيْء مُتَوَقف على ذَلِك الشَّيْء فالمسبب مُتَوَقف على الْمُسَبّب والمتوقف على شَيْء لَا يُوجد إِلَّا بذلك الشَّيْء ومسبب الْأَسْبَاب هُوَ رب الأرباب

فَجَمِيع الْأَسْبَاب والمسببات لَا تُوجد إِلَّا بِهِ وَالْقَتْل فِي الصُّورَة الْمَذْكُورَة سَبَب والضحك مسبب فَلَا يُوجد إِلَّا بِهِ هُوَ الْمَطْلُوب وَالْحَمْد لله

وَأَقُول أَيْضا مسبب الْأَسْبَاب موجدها والموجد هُوَ الْخَالِق ومسبب الْأَسْبَاب هُوَ الله فخالق الْأَسْبَاب هُوَ الله وَالْقَتْل الْمَذْكُور سَبَب للضحك فخالقه هُوَ الله وَهُوَ فعل العَبْد فَفعل العَبْد خالقه الله فَثَبت مَا ذكرنَا من كَون أَفعَال الْعباد خلق الله وَهُوَ الْمَطْلُوب وَالْحَمْد لله

ص: 158

وَأَقُول أَيْضا أَفعَال الْعباد موجدها هُوَ الْمولى لقَوْله جلّ وَعلا {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} فنص الله تَعَالَى على أَنه هُوَ الرَّامِي والرامي موجد الرَّمْي وَالرَّمْي فعل العَبْد فصح وَثَبت مَا ذكرنَا من خلقه تَعَالَى أَفعَال الْعباد وَذَلِكَ هُوَ الْمَطْلُوب وَالْمرَاد وَالْحَمْد لله الَّذِي من يهده فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَمَا لَهُ من هاد

ثمَّ أَفعَال الْعباد مُشْتَمِلَة على طاعات ومعاصي كَمَا قررت لَك فِي الْقَتْل وَكَذَلِكَ لَك الضحك الْمُرَتّب عَلَيْهِ وَهُوَ المضحك تَعَالَى بِالدَّلِيلِ الْقَاطِع من الْعقل وَالنَّقْل

فخالق الْكل هُوَ الله الحكم الْعدْل القَاضِي بذلك والخالق لَهُ بِالْقُدْرَةِ الْمُقَارنَة للْفِعْل الَّتِي بهَا قدر العَبْد عَلَيْهِ والناهي عَنهُ حكمه وابتلاء المعاقب للمخالف إِن شَاءَ على كَسبه يَوْم رُجُوعه إِلَيْهِ ولغير الموجد فَلَا بُد لقَوْله الصدْق فِي الْقُرْآن الْمجِيد {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه تَنْزِيل من حَكِيم حميد} حَيْثُ قَالَ سبحانه وتعالى {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء}

فَإِن قلت قَوْله تَعَالَى {أضْحك وأبكى} مَحْمُول على غير مَا ذكرت فَفِي تَفْسِيره أَقْوَال مشهورات مِنْهَا مَا قيل أبكى السَّمَاء بالمطر وأضحك الأَرْض بالنبات وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ الْقَائِل بقوله

(أما ترى الأَرْض قد أعطتك زهرتها

مخضرة واكتسى بِالنورِ عاريها)

(وللسماء بكاء فِي جوانبها

وللربيع ابتسام فِي نَوَاحِيهَا)

قلت الضحك والبكاء حَقِيقَة فِي المعروفين بَين النَّاس الْمَشْهُورين

ص: 159

والحقيقة هِيَ الأَصْل الَّذِي عَلَيْهِ التعويل وَلَا يعدل عَنهُ إِلَّا بِدَلِيل وَذَلِكَ أَيْضا هُوَ الظَّاهِر وَإِلَيْهِ الْفَهم مبادر

فَإِن سلمت ذَلِك وادعيب التَّخْصِيص فِيهِ قلت خلاف الأَصْل

فَإِن قلت لَا نسلم أَن الضحك يكون مَعْصِيّة قلت من زعم أَن الضحك للسرور بِحُصُول الْغَرَض من الشرور كَالْقَتْلِ وَسَائِر الْفُجُور لَيْسَ هُوَ من الْمَحْذُور فَهُوَ فِي جحد القطعيات يسْعَى فَإِن السرُور بالمعصية مَعْصِيّة قطعا وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وجعلناهم أَئِمَّة يدعونَ إِلَى النَّار}

وَقَوله سُبْحَانَهُ {هُوَ الَّذِي يسيركم فِي الْبر وَالْبَحْر} وَالسير قد يكون فِي الْمُصِيبَة

وَقَوله تَعَالَى {وَخلق كل شَيْء فقدره تَقْديرا}

وَقَوله سُبْحَانَهُ {من يضلل الله فَلَا هادي لَهُ} {سَوَاء عَلَيْهِم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لَا يُؤمنُونَ} {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس} {وَمَا جعلنَا عدتهمْ إِلَّا فتْنَة للَّذين كفرُوا} {فَثَبَّطَهُمْ وَقيل اقعدوا مَعَ القاعدين} {فريقا هدى وفريقا حق عَلَيْهِم الضَّلَالَة}

قلت وَالْكتاب الْعَزِيز مشحون بِالْآيَاتِ الكريمات والمصرحات بخلقه تَعَالَى لأفعال الْعباد وإرادته لَهَا وتعداد ذَلِك يطول وَآيَة وَاحِدَة تَكْفِي أولي الْعُقُول

ص: 160

وَقد اسْتدلَّ أَصْحَابنَا بقوله تَعَالَى {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} قَالُوا وَمَا مَصْدَرِيَّة أَي خَلقكُم وَأَعْمَالكُمْ

وَقَول الْمُعْتَزلَة إِنَّهَا مَوْصُولَة وَمَعْنَاهَا وَالَّذِي تَعْمَلُونَ مُخَالف للظَّاهِر ومحتاج إِلَى إِضْمَار أَي وَالَّذِي تَعْمَلُونَ فِيهِ الْبَحْث من الْحِجَارَة والاضمار خلاف للْأَصْل

وَلَو فتحنا بَاب حمل الْأَدِلَّة على خلاف ظواهرها أَو على زِيَادَة الْإِضْمَار فِيهَا لأزيلت الظَّوَاهِر كلهَا وَبَطل الِاسْتِدْلَال بهَا

وَقَول الْمُعْتَزلَة إِن إِبْرَاهِيم عليه السلام احْتج على الْكفَّار بِأَن العابد والمعبود جَمِيعًا خلق الله ومعبودهم هُوَ الْحِجَارَة مَمْنُوع

قلت وَتَقْرِير الْمَنْع أَنهم كَانُوا يحدثُونَ فِيهَا تصويرا وتمثالا لأَجله اتَّخذُوا الْأَصْنَام آلِهَة وعبدوها وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَول إِبْرَاهِيم عليه الصلاة والسلام {مَا هَذِه التماثيل الَّتِي أَنْتُم لَهَا عاكفون} فَأخْبر أَن عكوفهم إِنَّمَا هُوَ التماثيل

والتماثيل تصاوير فِي الْحِجَارَة لَا صُورَة الْحِجَارَة الَّتِي خلقت عَلَيْهَا

والتماثيل عَمَلهم فمعبودهم الَّذِي عكفوا عَلَيْهِ عَمَلهم ومعبودهم خلق الله إِجْمَاعًا فعملهم خلق الله وَهُوَ الْمَطْلُوب وَالْحَمْد لله فَإِن قيل يمْتَنع أَن يكون التَّمْثِيل آلِهَة لِأَن التَّمْثِيل عمل وَالْعَمَل عرض وَالْعرض لَا يتَصَوَّر اتِّخَاذه آلِهَة قلت الْجَواب من وَجْهَيْن أَحدهمَا منع امْتنَاع اتِّخَاذ الْأَعْرَاض آلِهَة بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى {أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ} والهواء عرض بالِاتِّفَاقِ

ص: 161

وَالثَّانِي أَن التماثيل والتصويرية صَارَت الْحِجَارَة على صُورَة غير صورتهَا المخلوقة عَلَيْهَا لَوْلَا تِلْكَ الصُّورَة مَا عبدوها فمعبودهم هُوَ الصُّورَة الَّتِي مثلوها وَهُوَ عَمَلهم فمعبودهم عَمَلهم ومعبودهم خلق الله كَمَا تقدم فعملهم خلق الله وَهُوَ الْمَطْلُوب وَالله أعلم

وَيُؤَيّد مَا ذكرنَا من أَن الْأَعْمَال خلق الله عز وجل مَا روى البُخَارِيّ عَن حُذَيْفَة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (إِن الله يصنع كل صانع وصنعته) وتلا بعض الروَاة عِنْد ذَلِك {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} قَالَ البُخَارِيّ فَأخْبر أَن الصناعات وَأَهْلهَا مخلوقة قَالَ وَسمعت عبد الله بن سعيد يَقُول سَمِعت يحيى بن سعيد يَقُول مَا زلت أسمع أَصْحَابنَا يَقُولُونَ أَفعَال الْعباد مخلوقة

وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْقدر وَلَفظه إِن الله خلق كل صانع وصنعته وَقَالَ هَذَا إِسْنَاد صَحِيح

وَرُوِيَ فِي كتاب الِاعْتِقَاد بِسَنَد صَحِيح إِلَى قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} قَالَ خَلقكُم وَخلق مَا تَعْمَلُونَ بِأَيْدِيكُمْ قلت وعَلى الْجُمْلَة فقد قَالَ أَئِمَّتنَا من الْأَوْلِيَاء وَالْعُلَمَاء أثبت الله تَعَالَى الْخلق لنَفسِهِ ونفاه عَن غَيره بقوله عز وجل {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر}

وَلما قُرِئت هَذِه الْآيَة بَين يَدي الشَّيْخ الْكَبِير الْعَارِف بِاللَّه عمر النهاري الشهير قَالَ تَعَالَوْا نقتسم مَا بَقِي قلت يَعْنِي أَنه لم يُغير الله تَعَالَى شَيْء من الْخلق وَالْأَمر

ص: 162

وَالْأَحَادِيث الدَّالَّة على مَا ذكرنَا من خلق الْأَفْعَال وَالْهِدَايَة والإضلال وَسبق الْمَقَادِير فِي أزل الآزال خَارِجَة عَن الْحصْر والتعداد مَشْهُورَة صَحِيحَة الْإِسْنَاد وَقد قدمت مِنْهَا مَا فِيهَا الْكِفَايَة لمن وفْق للهداية

وَقد روينَا فِي صَحِيح مُسلم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ (الْحَمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ) الحَدِيث

وروينا فِي سنَن أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ علمنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خطْبَة الْحَاجة (الْحَمد لله نستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا من يهده الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ) قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن

وروينا فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يتَعَوَّذ من جهد الْبلَاء ودرك الشَّقَاء وَسُوء الْقَضَاء وشماتة الْأَعْدَاء

وروينا فِي صَحِيح مُسلم أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْم بدر (اللَّهُمَّ إِنَّك إِن تشأ لَا يعبد فِي الأَرْض قَالَ الْعلمَاء فِيهِ التَّسْلِيم لقدر الله تَعَالَى وَالرَّدّ على غلاة الْقَدَرِيَّة الزاعمين أَن الشَّرّ غير مُرَاد وَلَا مَقْدُور لله تَعَالَى عَن قَوْلهم

قَالَ أَئِمَّتنَا وَقد اتّفق سلف الْأمة وَخَلفهَا من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ من الْعلمَاء السّلف الصَّالِحين رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ على أَن الْخَالِق الْمُبْدع هُوَ الله لَا خَالق سواهُ وَلَا مبدع إِلَّا إِيَّاه خلق الْخلق وصنعهم وأوجد قدرتهم وحركتهم فَلَا يكون شَيْء إِلَّا بخلقه وإبداعه وإرادته وقضائه

ص: 163