الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَال بِتَصْدِيق قَول الْحق الْملك الديَّان {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} ومناسبة أَسْمَائِهِ الْحسنى تبارك وتعالى إِذْ من جُمْلَتهَا الْقَابِض الباسط الْخَافِض الرافع الْمعز المذل المحيي المميت الْمُقدم الْمُؤخر وَقَوله عز وجل {إِن مَعَ الْعسر يسرا} وتأكيد ذَلِك بِإِعَادَة اللَّفْظ ثَانِيًا لتأكد وُقُوعه لَا محَالة وَتَحْقِيق الْعلم بنفوذ علم الْقَضَاء السَّابِق المطابق للحكمة الْبَالِغَة بذلك واستمرار هَذِه الْحَالة حَتَّى علم ذَلِك بالاستقراء وَأنْشد فِيهِ الشُّعَرَاء من ذَلِك قَول بَعضهم
(إِذا مَا رماك الدَّهْر يَوْمًا بنكبة
…
فهيئ لَهَا صبرا ووسع لَهَا صَدرا)
(فَإِن مقادير الزَّمَان عَجِيبَة
…
فيوما نرى يسرا وَيَوْما نرى عسرا)
وَقَول آخر
(دع الْمَقَادِير تجْرِي فِي أعنتها
…
وَلَا تبيتن إِلَّا خَالِي البال)
(مَا بَين غمضة عين وانتباهها
…
يقلب الدَّهْر من حَال إِلَى حَال)
وَقَول آخر
(وَلما وقفنا للسلام تبادرت
…
دموع إِلَى أَن كدت بالدمع أغرق)
(فَقلت لعَيْنِي هَل مَعَ الْوَصْل عِبْرَة
…
فَقَالَ أَلسنا بعده نتفرق)
حِكَايَة
قلت وَمن هَذَا مَا سَمِعت من بعض شُيُوخنَا قدس الله أَرْوَاحهم يحْكى أَنه مر إِنْسَان فِي الْأَزْمَان على راعي غنم فِي بعض البراري
وَهُوَ طرب يُغني وَالْأَرْض مُجْدِبَة وَالنَّاس فِي ضيق وحزن فتعجب مِنْهُ ثمَّ غَابَ وَرجع فَوجدَ تِلْكَ الأَرْض مخصبة وَالنَّاس فِي سَعَة وَفَرح وَهُوَ يبكي فازداد عجبا مِنْهُ ثمَّ سَأَلَهُ عَن فرحه وَعَن حزن النَّاس وحزنه وَقت فَرَحهمْ فَقَالَ أما فرحي فِيمَا مضى فَكَانَ استبشارا بِهَذَا الخصب الَّذِي ترى وَأما حزني الْآن فلتوقع الجدب فِيمَا يَأْتِي من الزَّمَان
قلت وَمن هَذَا وَأَمْثَاله مَا يطول ذكره من الشواهد والبرهان على وحدانية إِلَه لَيْسَ لَهُ ثَان ومطابقة مَا قدمنَا من تَصْدِيق قَوْله تَعَالَى {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن}
وَكَذَلِكَ يشْهد على وحدانية الْإِلَه المعبود وعظيم مَا اتّصف بِهِ من الْقُدْرَة وَالْعلم وَالْفضل والجود وجود الْوُجُود على أكمل نظام وَأحسنه وأحكمه وأتقنه وَإِلَى شَيْء من الشواهد أَشرت حَيْثُ قلت فِي بعض القصائد
(لَهُ كل ذرات الْوُجُود شَوَاهِد
…
على أَنه الْبَارِي الْإِلَه المصور)
(دجن الأَرْض والسبع السَّمَاوَات شادها
…
وأتقنها للْعَالمين لينظروا)
(وأبدع حسن الصنع فِي ملكوتها
…
وَفِي ملكوت الأَرْض كي يتفكروا)
(وأوتدها بالراسيات فَلم تمد
…
وشقق أَنهَارًا بهَا تتفجر)
(وَأخرج مرعاها وَبث دوابها
…
وللكل يَأْتِي مِنْهُ رزق مُقَدّر)
(من الْحبّ ثمَّ الْأَب والعشب الكلا
…
ونخل وأعناب فواكه مثمر)
(فاضحت بِحسن الزهور تزهو رياضها
…
وَفِي حلل نَسِيج الرّبيع تتبختر)
(وزان سَمَّاهَا بالمصابيح أَصبَحت
…
وأمست تباهي الْحسن تزهو وتزهر)
(ترَاهَا إِذا جن الدجا قد تقلدت
…
قلائد دري لدر تحقر)
(فيا نَاظرا زهر الْبَسَاتِين دونهَا
…
أَظُنك أعمى لَيْسَ لِلْحسنِ تبصر)